مرآة العقول الجزء ١

مرآة العقول16%

مرآة العقول مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 358

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 358 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 42499 / تحميل: 6352
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

من لم يتفقه منكم في الدين فهو أعرابي إنّ الله يقول في كتابه -( لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (١) .

٧ - الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِالتَّفَقُّهِ فِي دِينِ اللهِ وَلَا تَكُونُوا أَعْرَاباً فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِي دِينِ اللهِ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَمْ يُزَكِّ لَهُ عَمَلاً.

٨ - مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام قَالَ لَوَدِدْتُ أَنَّ أَصْحَابِي ضُرِبَتْ رُءُوسُهُمْ بِالسِّيَاطِ حَتَّى يَتَفَقَّهُوا.

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام فهو أعرابي: أي كالأعراب في عدم التفقه وقد ذمهم الله تعالى بقوله( الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ ) (٢) وقال الجوهري الأعراب سكان البادية خاصة من العرب، والنسبة إلى الأعراب أعرابي لأنّه لا واحد له.

قولهعليه‌السلام إنّ الله يقول لعله استدل بأنه تعالى أوجب الخروج للتفقه ولو لم يكن التفقه واجباً لم يكن الخروج له واجبا.

الحديث السابع ضعيف.

قولهعليه‌السلام لم ينظر الله إليه: النظر هيهنا كناية عن الاختيار والرأفة والعطف، لأنّ النظر في الشاهد دليل المحبة وترك النظر دليل البغض والكراهة.

قولهعليه‌السلام ولم يترك له عملا: التزكية الثناء والمدح وهنا كناية عن قبول العمل، ويحتمل أن يكون من الزكاة بمعنى النمو.

الحديث الثامن مجهول ولكنه في قوة الصحيح لكون محمّد بن إسماعيل من مشايخ الإجازة ولا تضر جهالته.

قوله بالسياط: هو بكسر السين جمع السوط.

__________________

(١) سورة التوبة: ١٢٢.

(٢) سورة التوبة: ٩٧.

١٠١

٩ - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى عمن رواه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال له رجل جعلت فداك رجل عرف هذا الأمر لزم بيته ولم يتعرف إلى أحد من إخوانه قال فقال كيف يتفقه هذا في دينه.

باب

صفة العلم وفضله وفضل العلماء

١ - محمّد بن الحسن وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن درست الواسطي، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المسجد فإذا جماعة قد أطافوا برجل فقال ما هذا فقيل علامة فقال وما العلامة فقالوا له أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها وأيام الجاهلية والأشعار العربية قال فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ذاك علم لا يضر من جهله ولا ينفع من علمه ثمّ قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إنما العلم ثلاثة:

________________________________________________________

الحديث التاسع ضعيف.

قولهعليه‌السلام ولم يتعرف، أي اعتزل الناس ولم يخالطهم أو لم يسأل عنهم، قال الجوهري: تعرفت ما عند فلان أي تطلبت حتّى عرفت.

باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء.

الحديث الأول ضعيف.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما هذا؟ لم يقل من هذا تحقيراً أو إهانة وتأديباً له.

قوله: علامة، العلامة صيغة مبالغة أي كثير العلم، والتاء للمبالغة.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما العلامة؟ أي ما حقيقة علمه الّذي به اتصف بكونه علامة؟

وهو أي نوع من أنواع العلامة، والتنوع باعتبار أنواع صفة العلم، والحاصل ما معنى العلامة الّذي قلتم وأطلقتم عليه؟

قوله صلوات الله عليه: إنما العلم: أي العلم النافع ثلاثة، آية محكمة أي

١٠٢

آية محكمة أو فريضة عادلة أو سنة قائمة وما خلاهن فهو فضل.

٢ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد، عن أبي البختري، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إنّ العلماء ورثة الأنبياء وذاك أن الأنبياء

________________________________________________________

واضحة الدلالة، أو غير منسوخة، فإن المتشابه والمنسوخ لا ينتفع بهما كثيراً من حيث المعنى، أو فريضة عادلة قال في النهاية: أراد العدل في القسمة أي معدلة على السهام المذكورة في الكتاب والسنة من غير جور، ويحتمل أن يريد أنها مستنبطة من الكتاب والسنة، فتكون هذه الفريضة تعدل بما أخذ عنهما « انتهى » والأظهر أن المراد مطلق الفرائض أي الواجبات، أو ما علم وجوبه من القرآن، والأول أظهر لمقابلة الآية المحكمة ووصفها بالعادلة، لأنها متوسطة بين الإفراط والتفريط، أو غير منسوخة، وقيل: المراد بها ما اتفق عليه المسلمون، ولا يخفى بعده، والمراد بالسنة المستحبات أو ما علم بالسنة وإن كان واجبا، وعلى هذا فيمكن أن يخص الآية المحكمة بما يتعلّق بالأصول أو غيرهما من الأحكام، والمراد بالقائمة الباقية غير المنسوخة، وما خلاهن فهو فضل، أي زائد باطل لا ينبغي أن يضيع العمر في تحصيله أو فضيلة وليس بضروري(١) .

الحديث الثاني ضعيف.

قولهعليه‌السلام العلماء ورثة الأنبياء: أي يرثون منهم العلوم والمعارف والحكم، إذ هذه عمدة ما يتمتعون به في دنياهم، ولذا علله بقوله: إنّ الأنبياء لم يورثوا درهما ولا ديناراً، أي لم يكن عمدة ما يحصلون في دنياهم وينتفع الناس به منهم في حياتهم

__________________

(١) والحاصل أن المراد بالآية إمّا مطلق ما يسنبط من التنزيل الحكيم أصولا وفروعاً وبالفريضة: الواجبات المستنبطة من غيرها، وبالسنة النوافل كذلك، أو المراد بالآية المحكمة البراهين العقلية المستنبطة من القرآن على أصول الدين فإنها محكمة لا تزول بالشكوك والشبهات وبالفريضة ساير الأحكام الواجبة وبالسنة الأحكام المستحبة سواء أخذنا من القرآن أو من غيرها، أو بالفريضة الأحكام الخمسة المستفادة من السنة المطهرة ( منه ره ).

١٠٣

لم يورثوا درهما ولا ديناراً وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظا وافراً فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه فإن فينا

________________________________________________________

وبعد وفاتهم الدينار والدرهم، ولا ينافي أن يرث وارثهم الجسماني منهم ما يبقى بعدهم من الأموال الدنيوية، أو يقال وارثهم من حيث النبوة المختصة بهم العلماء فلا ينافي ذلك كون وارثهم من جهة الأنساب الجسمانية يرث أموالهم الظاهرة، فأهل البيتعليه‌السلام ورثوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الجهتين معا، على أنه يحتمل أن يكون الأنبياءعليهم‌السلام لم يبق منهم خصوص الدينار والدرهم بعد وفاتهم، لكن الظاهر أنه ليس المراد حقيقة هذا الكلام، بل المراد ما أومأنا إليه من أن عمدة أموالهم وما كانوا يعتنون به ويورثونه هو العلم، دون المال وذكر الدينار والدرهم على المثال.

ويخطر بالبال وجه آخر وهو أن يكون المراد بقولهعليه‌السلام : أن الأنبياء لم يورثوا بيان الموروث فيه، لأنّهعليه‌السلام لما قال إنّ العلماء ورثة الأنبياء فكأن سائلا يسأل أي شيء أورثوا لهم؟ فأجاب بأنه لم يورثوا لهم الدرهم والدينار ولكن أورثوا لهم الأحاديث، ولذا قال أحاديث من أحاديثهم، لأنّ جميع علومهم لم يصل إلى جميع العلماء، بل كلّ عالم أخذ منها بحسب قابليته واستعداده، ففي الكلام تقدير: أي لم يورثوا لهم، فيشعر بأن لهم ورثة يرثون أموالهم ولكن العلماء من حيث العلم لا يرثون إلا أحاديثهم، وهذا وجه وجيه وإن كان قريباً مما مر.

قولهعليه‌السلام فقد أخذ حظا وافرا: أي فقد أخذ أمراً عظيماً شريفا على سياق قوله سبحانه( وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) أو فليأخذ حظا وافراً [ منهم ] لما قد تبين أنه شيء شريف، وينبغي الإكثار من مثل هذا الشيء والمبالغة في طلبه، والتفريع في قوله: فانظروا [ في ] علمكم هذا إمّا لأنّه أمر شريف عظيم فينبغي التفكّر والتدبّر في مأخذه حتّى لا يكون ما يؤخذ منه ناقصاً أو مشوباً بغيره، أو لأنّه لما تبين أنه ميراث الأنبياء فينبغي أن يؤخذ ممّن يكون علمه مأخوذا منهم، ويكون وارثهم وأحق الخلق بهم، وهم أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

١٠٤

أهل البيت في كلّ خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين

________________________________________________________

فيهم: إني تارك فيكم الثقلين، وغير ذلك مما قال فيهم، ولذا علله بقولهعليه‌السلام : فإن فينا أهل البيت في كلّ خلف عدولا أي في كلّ قرن فإن الخلف للمرء من يكون بعده، وكل قرن خلف للقرن السابق، قال في النهاية: فيه: يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدول ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأول الجاهلين، الخلف بالتحريك والسكون: كلّ من يجيء بعد من مضى إلا أنه بالتحريك في الخير، وبالتسكين في الشر، يقال: خلف صدق وخلف سوء، ومعناهما جميعاً القرن من الناس، والمراد من الحديث المفتوح، وقال الجوهري: الخلف القرن، وقال: الخلف والخلف ما جاء من بعد، يقال: هو خلف سوء من أبيه وخلف صدق من أبيه بالتحريك إذا قام مقامه، انتهى، ويحتمل أن يكون المراد بالخلف كلّ طبقة من أولاد الأئمّةعليه‌السلام وبالعدول الأئمّةعليه‌السلام باعتبار الأزمان، فإنهم فسروا الخلف بالقرن، والقرن قد يطلق على أربعين سنة وعلى ثمانين سنة وعلى مائة سنة كما روي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسح رأس غلام، وقال: عش قرنا فعاش مائة سنة كما ذكره في النهاية ومعلوم أن كلّ مائة من الأزمان بعده صلوات الله عليه كان مشتملا على اثنين وأكثر من الأئمّةعليه‌السلام إلى الغيبة الكبرى، ويمكن توسيع القرن بحيث يشمل زمان العسكريين إلى انقراض العالم فإنه أيضاً جزء من الزمان فيدل على أن القائمعليه‌السلام في غيبته الكبرى يهدي الناس إلى مراشدهم ويسدد الدين ويقومه بما يصل من فيوضه إلى خواص شيعته ورواة أحاديث آبائه الطاهرين وأحاديثه أو يكون المراد بالعدول العدل للمبالغة أو باعتبار بعض القرون، أو يراد بالعدول كلّ إمام مع الصادقين من أصحابه، ويحتمل أن يكون المراد بالعدول الصادقين من رواتهم وحملة علومهم، فتكون كلمة في بمعنى اللام، أي لنا أهل البيت في كلّ خلف عدول، أو يقدر مضاف أي في شيعتنا، والتحريف: صرف الكلام عن وجهه، والغالين المجاوزين الحد والانتحال أن يدعى لنفسه ما لغيره، كان يدعي الآية أو الحديث الوارد في

١٠٥

وتأويل الجاهلين.

٣ - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا أراد الله بعبد خيراً فقهه في الدين.

٤ - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن رجل، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال الكمال كلّ الكمال التفقه في الدين والصبر على النائبة وتقدير المعيشة.

٥ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل

________________________________________________________

غيره أنه فيه أو يدعي العلم ولم يكن عالماً، أو يدعي التقوى ولم يكن متقيا، أو يظهر الصدق وكان كاذبا، والمبطلين: الّذين جاءوا بالباطل، وقرروه وذهبوا بالحق وضيعوه وأخفوه.

« وتأويل الجاهلين » التأويل: تنزيل الكلام على غير الظاهر وتبيين مرجعه، وهذا إنما يجوز ويصح من العالم بل الراسخ في العلم.

الحديث الثالث ضعيف على المشهور.

الحديث الرابع مرسل.

قولهعليه‌السلام على النائبة: أي الصبر على نوازل الدهر وحوادثه، وقد يطلق(١) على تحمل ما يلزم القوم من الديات وغيرها، والأول أظهر قال الجزري: النائبة هي ما ينوب الإنسان أي ينزل به من المهمات والحوادث.

قولهعليه‌السلام وتقدير المعيشة: أي ترك الإسراف والتقتير ولزوم الوسط أي جعلها بقدر معلوم يوافق الشرع والعقل، وقد يطلق التقدير على التقتير كما قال تعالى( وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ) (٢) وحمله عليه هيهنا بعيد.

الحديث الخامس ضعيف على المشهور بمحمد بن سنان ومعتبر عندي.

__________________

(١) أي الصبر على النائبة لا نفس النائبة.

(٢) سورة الطلاق: ٧.

١٠٦

ابن جابر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال العلماء أمناء والأتقياء حصون والأوصياء سادة.

وفي رواية أخرى العلماء منار والأتقياء حصون والأوصياء سادة.

٦ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن حسان، عن إدريس بن الحسن، عن أبي إسحاق الكندي، عن بشير الدهان قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لا خير فيمن لا يتفقه من أصحابنا يا بشير إنّ الرجل منهم إذا لم يستغن بفقهه احتاج إليهم فإذا احتاج إليهم أدخلوه في باب ضلالتهم وهو لا يعلم.

٧ - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن آبائه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا خير في العيش إلا لرجلين

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام أمناء: أي ائتمنهم الله على ما آتاهم من علومه ومعارفه، وأمرهم بأن يحفظوها عن التضييع ويوصلوها إلى مستحقها.

قولهعليه‌السلام والأتقياء حصون: أي بهم يدفع الله العذاب عن الأمة، كما أن بالحصون يدفع البلايا عن أهلها كما سيأتي في الأخبار الكثيرة إنشاء الله تعالى قيل: أي إنهم حصون للشريعة يدفعون عنها الفساد، لأنّ بمشاهدة أحوالهم واستعمال أقوالهم يرتدع أهل المعاصي عنها ويميلون إلى الطاعات والأول أظهر.

قولهعليه‌السلام سادة: السيد: الجليل العظيم الّذي له الفضل على غيره، وهو الرئيس الّذي يعظم ويطاع في أمره ونواهيه، ولم يكن لأحد الخروج من طاعته.

قولهعليه‌السلام منار: هي موضع النور وعلم الطريق والمراد به المهتدي به.

الحديث السادس ضعيف.

قولهعليه‌السلام احتاج إليهم: أي إلى المخالفين.

قوله في باب ضلالتهم: أي في دينهم أو يضلونه في خصوص تلك المسألة فيفتونه بما يوافق مذهبهم، والأول أظهر.

الحديث السابع ضعيف على المشهور.

١٠٧

عالم مطاع أو مستمع واع.

٨ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي حمزة، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد.

٩ - الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام رجل راوية لحديثكم يبث ذلك في الناس ويشدده في قلوبهم وقلوب شيعتكم ولعل عابداً من شيعتكم ليست له هذه الرواية أيهما أفضل قال الراوية لحديثنا يشد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد.

________________________________________________________

الحديث الثامن صحيح.

الحديث التاسع مجهول على المشهور بسعدان وربما يعد حسنا لأنّ الشيخ قال: له أصل.

قوله راوية الراوية كثير الرواية والتاء للمبالغة والمراد ببث الحديث في الناس نشره بينهم بإيصاله إليهم.

قولهعليه‌السلام ويشدده أي يوثقه ويجعله مستحكما في قلوبهم، وفي بعض النسخ بالسين المهملة من السداد وهو الاستقامة وعدم الميل أي يقرره سديداً بتضمين معنى التقرير في قلوب الناس، وقلوب شيعتكم من عطف الخاص على العام لزيادة الاهتمام أو المراد بالناس العامة كما يطلق عليهم كثيراً في الأخبار.

قولهعليه‌السلام يشد به: قيل فيه إشعار بأن الفضيلة باعتبار النشر بين الشيعة وإخبارهم به، لا بالنشر بين غيرهم وإن لم يكن فيه الإخلال بالواجب من التقية.

قولهعليه‌السلام من ألف عابد: لعل اختلاف مراتب الفضل باعتبار اختلاف العلماء والعباد في مراتبهم ومنازلهم، ويؤيده أنه بينعليه‌السلام في هذا الحديث النسبة بين الراوي والعابد، وفي الحديث السابق النسبة بين العالم والعابد، وقد يكون الراوي غير عالم بما يرويه، فرب حامل فقيه غير فقيه، ورب حامل فقيه إلى من هو

١٠٨

 ( باب أصناف الناس )

١ - علي بن محمد، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي أسامة، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن أبي إسحاق السبيعي عمن حدثه ممّن يوثق به قال سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول إنّ الناس آلوا - بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ثلاثة آلوا إلى عالم على هدى من الله قد أغناه الله بما علم عن علم غيره وجاهل مدع للعلم لا علم له معجب بما عنده قد

________________________________________________________

أفقه منه، فيفهم منهما أن العالم بعلمه أفضل من سبعين راوية للحديث، يشد به قلوب الشيعة، ويمكن أن يكون المراد بذكر هذه الأعداد بيان البون البعيد بينهما، لا خصوص تلك الأعداد والأول أظهر.

باب أصناف الناس

الحديث الأول مجهول.

قولهعليه‌السلام آلوا: أي رجعوا.

قوله على هدى ...تمثيل لتمكنه من الهدى واستقراره عليه بحال من اعتلى الشيء وركبه.

قولهعليه‌السلام قد أغناه الله: أي علمه موهبي وليس بكسبي والمراد بهذا القسم الإمامعليه‌السلام ، وبالقسم الثاني أعداء الإمام ومخالفوه، ومن استبد برأيه ولم يرجع إليه فيما التبس عليه وبالثالث أتباع الإمام ومن يأخذ العلم منه إمّا بواسطة أو بغير واسطة، والمستضعفون إمّا داخلون في القسم الثاني بنوع تكلف، أو خارجون عن المقسم بأن يكون المراد بالناس من له أهلية الفهم والتميز بين الحقّ والباطل، فقولهعليه‌السلام : ثمّ هلك من ادعى، بيان لهلاك القسم الثاني من الأقسام الثلاثة فإنه الّذي ادعى العلم وليس بعالم، أو الإمامة وليس بأهل لها، وخاب بافترائه على الله في بيان علم ما لم يعلم، أو ادعاء الرئاسة والإمامة، ولعل كلّ واحد من أتباع أئمّة الضلال

١٠٩

فتنته الدنيا وفتن غيره ومتعلم من عالم على سبيل هدى من الله ونجاة ثمّ هلك من ادعى و( خابَ مَنِ افْتَرى ) .

٢ - الحسين بن محمّد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة سالم بن مكرم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الناس ثلاثة عالم ومتعلم وغثاء.

________________________________________________________

داخل في هذا القسم إذ هو أيضاً مدع للعلم بما تعلمه من إمام الضلال ومعجب به، ويدعو الناس أيضاً إلى هذا التقليد الباطل أو يقال: اكتفىعليه‌السلام بذكر ضلالتهم من ذكر ضلال أتباعهم، فإن الأئمّة أيضاً إذا كانوا ضالين فأتباعهم كذلك بالطريق الأولى، مع أنهعليه‌السلام أومأ إليهم بقوله: وفتن غيره، وربما يوجه الخبر بوجه آخر وهو أن الناس اتبعوا ورجعوا في دينهم بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى ثلاثة أصناف فبعضهم اتبعوا أئمّة الهدىعليه‌السلام ، وبعضهم اتبعوا أئمّة الضلال، وبعضهم اتبعوا العلماء المحقة من الفرقة الناجية، فالفرقة الثانية هالكة لهلاك أئمتهم، والفرقتان الباقيتان ناجيتان لانتهاء علمهم إلى إمام الحقّ بواسطة أو بدونها والأول أظهر.

الحديث الثاني ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام غثاء: الغثاء بضم الغين المعجمة والثاء المثلثة والمد ما يجيء فوق السيل مما يحمله من الزبد والوسخ وغيره، وتشبيه غير العالم والمتعلم به إمّا من جهة عدم الانتفاع به وعدم الاعتناء بشأنه كما أن الغثاء لا ينتفع به ولا يعتنى بشأنه، أو من جهة أنه في أعماله وأفعاله لا يدري إلى ما يؤول أمره، كما أن الغثاء يتحرك فوق الماء ولا يدري مئال أمره أو من جهة أنه يتحرك بتحريك الشهوات النفسانية والتسويلات الشيطانية، كالغثاء الّذي يتحرك بحركة الماء من غير اختيار للامتناع منها، أو من جهة أن وجوده بالعرض والتبع، وليس مقصوداً بالذات في الإيجاد، كما أن الغثاء ليست حركته إلا بتبعية حركة السيل وبالعرض، ويحتمل أن يكون التشبيه من جميع تلك الجهات فيكون أتم وأكمل.

١١٠

٣ - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي حمزة الثمالي قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام اغد عالماً أو متعلما أو أحب أهل العلم ولا تكن رابعاً فتهلك ببغضهم.

٤ - علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن جميل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول يغدو الناس على ثلاثة أصناف عالم ومتعلم وغثاء فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء.

( باب ثواب العالم والمتعلم )

١ - محمّد بن الحسن وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعا، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح

________________________________________________________

الحديث الثالث مجهول.

قولهعليه‌السلام اغد عالماً أي كن في كلّ غداة إمّا عالماً أو طالباً للعلم وإن لم تكن كذلك فأحب العلماء فإن حبك لهم سيدعوك إلى التعلم منهم، ولا تبغضهم فإن بغض العلماء سبب للهلاك في نفسه، وأيضا يصير سبباً لترك السؤال عنهم والتعلم منهم، وبذلك تستقر في الجهالة، وتكون من الهالكين، وقوله: فتهلك ببغضهم إضافة إلى المفعول، ويحتمل الإضافة إلى الفاعل أي من لم يحب العلم وأهله يبغضهم العلماء وهو سبب لهلاكك، وقيل: يحتمل أن يكون المراد بالمتعلم من يكون التعلم كالصنعة له، ومن لم يكن عالماً من الله ولا متخذ التعلم صنعة له وأحب أهل العلم يأخذ منهم، ويدخل في المتعلم بالمعنى الأعم ولا يخفى بعده.

الحديث الرابع صحيح على الأظهر.

والمراد بالمتعلم هنا ما هو أعم مما ذكر في الخبر السابق كما لا يخفى.

باب ثواب العالم والمتعلم

الحديث الأول له سندان: الأول مجهول، والثاني حسن أو موثق لا يقصران عن الصحيح.

١١١

وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن القداح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من سلك طريقاً يطلب فيه علما سلك الله به طريقاً إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به وإنه يستغفر

________________________________________________________

قوله صلوات الله عليه: من سلك طريقاً أي للوصول إلى العالم والأخذ منه، أو الوصول إلى موضع يتيسر له فيه طلب العلم، وقيل: الطريق إلى الشيء: ما الدخول فيه وطيه يوصل إليه ومن طرق العلم الفكرة ومنها الأخذ من العالم ابتداء أو بواسطة أو وسائط.

قوله صلوات الله عليه: يطلب فيه علماً، الجملة صفة أو حال والضمير فيها للطريق أو السلوك، والباء في قوله: سلك الله به للتعدية أي أسلكه الله في طريق موصل إلى الجنة في الآخرة أو في الدنيا بتوفيق عمل من أعمال الخير يوصله إلى الجنة، وفي طرق العامة سهل الله له طريقاً من طرق الجنة.

قولهعليه‌السلام لتضع أجنحتها: أي لتكون وطأ له إذا مشى، وقيل: هو بمعنى التواضع تعظيما لحقه أو التعطف لطفا له، إذ الطائر يبسط جناحيه على أفراخه، وقال تعالى( وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) (١) وقال سبحانه( وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ) (٢) وقيل: المراد نزولهم عند مجالس العلم وترك الطيران، وقيل: أراد به إظلالهم بها، وقيل: معناه بسط الجناح لتحمله عليها وتبلغه حيث يريد من البلاد، ومعناه المعونة في طلب العلم ويؤيد الأول ما رواه في كتاب غوالي اللئالي عن المقدادرضي‌الله‌عنه أنه قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم حتّى يطأ عليها رضي به، ويؤيد الثالث ما رواه الشيخ في أماليه عن الرضا عن آبائهمعليه‌السلام أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: في فضائل طلبة العلم وترغب الملائكة في خلتهم وبأجنحتها تمسحهم، وفي صلاتها تبارك عليهم، الخبر، وما رواه ابن

__________________

(١) سورة الحجر: ٨٨.

(٢) سورة الإسراء: ٢٤.

١١٢

 لطالب العلم من في السماء ومن في الأرض حتّى الحوت في البحر وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر وإن العلماء ورثة الأنبياء إن

________________________________________________________

جمهور في الغوالي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال: من خرج من بيته ليلتمس باباً من العلم لينتفع به ويعلمه غيره كتب الله له بكل خطوة ألف سنة صيامها وقيامها، وحفته الملائكة بأجنحتها « الخبر ».

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رضا به: مفعول لأجله ويحتمل أن يكون حالا بتأويل: أي راضين غير مكرهين، وأمّا ما ذكره بعض الأفاضل حيث قال: لأنّه يرتضيه أو لإرضائه فلا يخفى عدم استقامته إلا بتكلف بعيد.

قوله صلوات الله عليه: من في السماء ومن في الأرض، يحتمل أن يكون المراد بالموصول جميع الحيوانات كما يظهر من بعض الأخبار: أن لسائر الحيوانات تسبيحا وتقديسا ويمكن أن يكون الله تعالى ألهمهم الاستغفار لطالب العلم، ويحتمل أن يكون المراد ما يشمل الجمادات أيضاً بأن يكون لها شعور ضعيف، كما يدل عليه بعض الآيات والأخبار، لكن السيد المرتضىرضي‌الله‌عنه ادعى إجماع المسلمين على خلافه فعلى عدم القول بشعورها يمكن أن يوجه بوجوه:

الأول: أن يكون استعارة تمثيلية لبيان رفعة شأنه وعلو أمره وانتشار ذكره في السماء والأرض، فكأنه يستغفر له كلّ شيء كما يقال: بلغ صيته الآفاق ويقال: بكت عليه السماء والأرض، وأمثال ذلك كثيرة.

الثاني: أن يكون كناية عن أنه تعالى يعطيه الثواب بعدد كلّ شيء ويغفر له من السيئات بعددها، إذ له مدخلية في وجودها، لأنّه هو المحصل لغاية الإيجاد وثمرته.

الثالث: أن يكون إسناد ذلك إلى غير ذوي العقول بتبعية ذوي العقول، ويكون المراد بها ذوي العقول فقط.

الرابع، ما ذكره بعض المحققين من المعاصرين، وهو أن الاستغفار طلب ستر

١١٣

الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهما ولكن ورثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر

________________________________________________________

الذنوب وطالب العلم يطلب ستر ذنب جهله الّذي هو رئيس جنود المعاصي بنور العلم ويشركه في هذا الطلب كلّ من في السماء والأرض وما بينهما، لأنّ عقله وفهمه وإدراكه لا يقوم إلا ببدنه، وبدنه لا يقوم إلا بالغذاء والغذاء لا يقوم إلا بالأرض والسماء والغيم والهواء وغير ذلك، إذ العالم كله كالشخص الواحد يرتبط البعض منه بالبعض، فالكل مستغفر له، ويحتمل وجوها وتعبيرات أخرى، لا نطيل الكلام بذكرها(١) وعلى التقادير التعبير بلفظة « من » لتغليب ذوي العقول، أو لأنّ ما أسند إليها وهو الاستغفار مما يسند إلى ذوي العقول.

__________________

(١) كما قيل إنه يستغفر له الملائكة الموكلة بالسماء والأرض والبحار وحيتانها، أو يقرأ يستغفر على البناء للمفعول ويقدر قبل « من في السماء » « بعدد » أي بعدد من فيها، أو يقال لما كانت غاية وجود الإنس والجن المعرفة أو العبادة المستلزمة لها ولو لم يكن التعليم وو التعلم لما بقوا طرفة عين كما دلت عليه الآيات والأخبار وكان بقاء سائر الحيوانات ببركة بقاء العالمين العابدين كما يظهر من الأخبار وكل ذي شعور سواء كان عاقلاً أم لا، يريد بقائه وصلاح حاله وسقوط ما ينجرّ إلى زواله وسوء حاله وكلما يتوقف عليه ذلك المطلوب يكون مراداً ومطلوباً له سواء كان مشعوراً به له أم لا فطلب ذلك المطلوب ورغبته وإرادته من الجن والإنس وساير الحيوانات متضمن لطلب ما يتوقف عليه حصول ذلك المطلوب لهم من إبقاء طالب العلم وإصلاح حاله وإن كان من حيث لا يشعر فظهر من هذا أن كلّ ذي شعور يطلب المغفرة يعني إصلاح الحال الحاصل من ستر الزلات والتجاوز عن السيئات والتثبت على الصراط المستقيم المفضي إلى البقاء والنجاة لطالب العلم وإن كان طلب بعضهم بل كلهم في بعض الأوقات من حيث لا يدرى ثمّ الملائكة أيضاً يستغفرون له بأمره تعالى ولحبهم العلماء ولإرادتهم بقاء ذلك الأنواع، فكل عاقل كامل من ذوي العقول علويّاً كان أو سفلياً يطلب العلم من حيث يدري، وكل جاهل ناقص العقل من ذوي العقول وكل ما لا يعقل من حيث لا يدري ( منه ره ).

١١٤

٢ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إنّ الّذي يعلم العلم منكم له أجر مثل أجر المتعلم وله الفضل عليه فتعلموا العلم من حملة العلم وعلموه إخوانكم كما علمكموه العلماء.

٣ - علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول من علم خيراً فله مثل أجر من عمل به قلت فإن علمه غيره يجري ذلك له قال إن علمه الناس

________________________________________________________

الحديث الثاني صحيح.

قولهعليه‌السلام مثل أجر المتعلم: أي له مثل أجره مع زيادة أو له بسبب التعليم مثل أجره وإن كان له بسبب التعلم أجر آخر والأول أظهر.

قولهعليه‌السلام كما علموكم العلماء: العلماء بدل من ضمير الجمع، والكاف إمّا للتعليل أو للتشبيه بأن يكون المراد عدم التغيير في النقل أو في كيفية التعليم وآدابه أو فيهما معا.

الحديث الثالث ضعيف على المشهور وربما يعد موثقا.

قولهعليه‌السلام فإن علمه: يحتمل وجوها:

الأول: أن يكون المراد أن التعليم هل يجري فيه ما يجري في العمل فيكون له مثل علمه كما أن له مثل أجر من عمل به، فالجواب أن له مثل أجر تعليم المتعلم كما أن له مثل أجر عمله.

الثاني: أن يكون السؤال عن العمل بتعليم غيره من متعلميه، أي عمل المتعلم بواسطة فأجابعليه‌السلام بأنه يجري له ذلك فيه لكونه بتعليمه ولو بواسطة.

الثالث: أن يكون المراد إن علم المعلم ذلك الخير غير من عمل به يجري له ذلك الأجر أي أجر التعلم فقط للمعلم أو مخصوص بالعمل فأجاب بأنه لو علم المعلم ذلك الخير كلّ الناس، وظاهر أن من جملتهم من لا يعمل به جرى باعتبار تعليم كلّ واحد

١١٥

كلهم جرى له قلت فإن مات قال وإن مات.

٤ - وبهذا الإسناد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن العلاء بن رزين، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من علم باب هدى فله مثل أجر من عمل به ولا ينقص أولئك من أجورهم شيئاً ومن علم باب ضلال كان عليه مثل أوزار من عمل به ولا ينقص أولئك من أوزارهم شيئا.

٥ - الحسين بن محمد، عن علي بن محمّد بن سعد رفعه، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال لو يعلم الناس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج

________________________________________________________

منهم ذلك الأجر.

الرابع: أن يكون مراد السائل أن الشركة في ثواب العالمين والمعلمين سواء كان بواسطة أو بدونها هل هو مخصوص بأول معلم أو يجري ذلك في الوسائط أيضا، فأجاب بالجريان.

قوله: قلت: فإن مات.

يعني إن مات المعلم وعمل المتعلم أو علمه غيره بعد موته يجري له ذلك الأجر؟ قال: وإن مات يجري له الثواب إلى يوم القيامة.

الحديث الرابع : صحيح.

قولهعليه‌السلام باب هدى: لعل المراد بباب الهدى وباب الضلالة نوعان منهما وقبل: المراد بهما تعليم طريق السلوك إلى أحدهما والدخول فيه، ويجري في هذا الحديث ما ذكر في الحديث السابق من الحمل على المعلم ابتداء ويكون له مثل ما لكل عامل ولو لم يكن بتعليمه، والحمل على كلّ معلم ويكون له مثل ما لكل عامل ينتهي عمله إلى تعليمه ولو بواسطة.

الحديث الخامس : مرفوع.

قوله: ولو بسفك المهج ...هو جمع مهجة وهي الدم، أو دم القلب خاصة، أي بما يتضمن إراقة دمائهم.

١١٦

وخوض اللجج إنّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى دانيال أن أمقت عبيدي إلي الجاهل المستخف بحق أهل العلم التارك للاقتداء بهم وأن أحب عبيدي إلي التقي الطالب للثواب الجزيل اللازم للعلماء التابع للحلماء القابل عن الحكماء.

٦ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام من تعلم العلم وعمل به وعلم لله دعي في ملكوت السماوات عظيماً فقيل تعلم لله وعمل لله وعلم لله

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام وخوض اللجج: أي دخولها، واللجة معظم الماء.

قولهعليه‌السلام الطالب للثواب الجزيل: يدل على أن العبادة إذا كان المقصود فيها الثواب لا ينافي كمالها، وإن أمكن أن يكون المراد تحصيل أمر يوجب الثواب وإن لم يكن غرضه ذلك لكنه بعيد، ويحتمل أن يعم الثواب بحيث يشتمل ما هو مقصود المقربين من قربه سبحانه وحبه ومعرفته ووصاله والعلوم الحقة النافعة.

قولهعليه‌السلام للحلماء: أي العقلاًء ومتابعتهم سلوك طريقتهم الّتي سلكوها، والقابل عن الحكماء هو الأخذ عنهم ولو بواسطة أو وسائط وقيل: أي ينعكس فيه صفاتهم فيقبلها، كأنه مرآة لها، والمراد بالحكماء العدول الآخذون بالحق والصواب قولا وعملا، والظاهر أن المراد بالعلماء والحكماء الأنبياء والأوصياء ومن قرب منهم في الكمال، فإن كمال العقل والحكمة لهم، والعلماء يشمل غيرهم من أهل العلم.

الحديث السادس : ضعيف.

قولهعليه‌السلام وعلم لله: الظرف متعلّق بالأفعال الثلاثة بقرينة ما بعده.

قولهعليه‌السلام دعي في ملكوت السماوات: أي سمي عظيماً وذكر بالعظمة بين أهل السماوات، وملكوت السماوات ملكها أو الملائكة والأرواح المخلوقون فيها.

١١٧

باب صفة العلماء

١ - محمّد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول اطلبوا العلم وتزينوا معه بالحلم والوقار وتواضعوا لمن تعلمونه العلم وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم ولا تكونوا علماء جبارين فيذهب باطلكم بحقكم.

٢ - علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن حماد بن عثمان، عن الحارث بن المغيرة النصري، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل -( إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ) (١) قال يعني بالعلماء من صدق فعله قوله ومن لم يصدق

________________________________________________________

باب صفة العلماء

الحديث الأول: صحيح.

قولهعليه‌السلام لمن تعلمونه العلم: أي في أوان اشتغاله بالطلب كما قيل ويحتمل الأعم.

قولهعليه‌السلام لمن طلبتم منه العلم، أي عند الطلب وبعده.

قولهعليه‌السلام جبارين.

أي متكبرين.

قولهعليه‌السلام فيذهب باطلكم: أي تكبركم بحقكم أي بعلمكم ولا يبقى العلم عندكم أو بفضلكم وشرفكم بالعلم، أو بثوابكم على التعليم والتعلم ولعل الأوسط أظهر

الحديث الثاني: صحيح.

قوله تعالى( إِنَّما يَخْشَى اللهَ ) صريح الآية أن الخشية لا يصدر من غير العالم لكن يدل بحسب السياق أن الخشية من لوازم العلم لا تنفك عنه وعليه بناء الخبر كما تدل عليه الأخبار.

قولهعليه‌السلام : من صدق فعله، قيل: المراد بمن صدق فعله قوله من يكون

__________________

(١) سورة فاطر: ٢٨.

١١٨

فعله قوله فليس بعالم.

٣ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي سعيد القماط، عن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله ولم يؤمنهم من عذاب الله ولم يرخص لهم في معاصي الله ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبّر ألا لا خير في عبادة

________________________________________________________

ذاعلم ومعرفة ثابتة مستقرة، استقراراً لا يغلبه معه هواه والمعرفة الثابتة المستقرة كما تدعو إلى القول والإقرار باللسان تدعو إلى الفعل والعمل بالأركان، والعالم بهذا المعنى له خشية من ربه تؤديه إلى الإطاعة والانقياد قولاً وفعلا.

الحديث الثالث : صحيح.

قولهعليه‌السلام حق الفقيه: هو إمّا بدل من الفقيه أو صفة له، وما بعده خبر مبتدإ محذوف أو مبتدأ وما بعده خبره، وقيل: أو منصوب بتقدير أعني.

قولهعليه‌السلام : من لم يقنط الناس: أي لا يبالغ في ذكر آيات العذاب وأخبار الوعيد مقتصراً عليها والفقرة الثانية بعكس ذلك وقيل: الفقرة الأولى إشارة إلى إبطال مذهب المعتزلة القائلة بإيجاب الوعيد وتخليد صاحب الكبيرة في النار، ومذهب الخوارج المضيقين في التكاليف الشرعية، والثانية إشارة إلى إبطال مذهب المرجئة ومن يجري مجراهم من المغترين بالشفاعة، وصحة الاعتقاد، والثالثة إلى إبطال مذهب الحنابلة والأشاعرة ومن يشبههم كأكثر المتصوفة، والرابعة إلى إبطال مذهب المتفلسفة الّذين أعرضوا عن القرآن وأهله، وحاولوا اكتساب العلم والعرفان من كتب قدماء الفلاسفة ومذهب الحنفية الّذين عملوا بالقياس وتركوا القرآن.

قولهعليه‌السلام ليس فيه تفهم: كالعلم الظني والتقليدي، أو مجرد حفظ الأقوال والروايات.

١١٩

ليس فيها تفكّر وفي رواية أخرى ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبّر ألا لا خير في عبادة لا فقه فيها ألا لا خير في نسك لا ورع فيه.

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان النيسابوري جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال إن من علامات الفقه الحلم والصمت.

٥ - أحمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن بعض أصحابه رفعه قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لا يكون السفه والغرة في قلب العالم.

٦ - وبهذا الإسناد، عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن سنان رفعه قال قال عيسى ابن مريمعليه‌السلام يا معشر الحواريين لي إليكم حاجة اقضوها لي قالوا:

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : ليس فيها تفكّر، أي لا يتفكّر في أسرار العبادة وفي معاني ما يتكلم به من الدعاء والتلاوة، وقيل: المراد عدم التفكّر في مأخذ العبادة وما تستنبط من الكتاب والسنة، والأول أظهر والمراد بالنسك مطلق العبادة، وكثيراً ما يطلق على أعمال الحج وعلى الهدى(١) .

الحديث الرابع صحيح.

الحديث الخامس مرفوع.

قولهعليه‌السلام لا يكون السفه: السفه قلّة الحلم والغرة بكسر الغين المعجمة: الغفلة أو الاغترار بالأعمال الفاسدة والآراء الباطلة، أو الانخداع من النفس والشيطان وفي بعض النسخ، والعز بالعين المهملة والزاي المعجمة، أي التكبر.

الحديث السادس ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام يا معشر الحواريين: قال في النهاية: وحواريي من أمتي أي

__________________

(١) يحتمل أن يكون قولهعليه‌السلام « ألا لا خير في علم » إشارة إلى الفقرات الثلاثة الأول فإن التقنيط وأخويه إمّا ينشأ من عدم التفهم في العلم، وقوله « ألا لا خير في قراءة » إلى قوله: ولم يترك القرآن فإن عدم التمسك بالقرآن إنما ينشأ من عدم التدبّر فيه وما مرّ كان باعتبار العلم، وقوله « ألا لا خير في عبادة » إشارة إلى صفات الفقيه باعتبار العمل ( منه ره ).

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

٢٠٥ ـ رواية الحسن بن كثير :

وقد روى الحسن بن كثير وعبد خير ، قالا : لما وصل عليعليه‌السلام إلى كربلا وقف وبكى ، وقال : بأبي أغيلمة يقتلون ههنا. هذا مناخ ركابهم ، هذا موضع رحالهم ، هذا مصرع الرجل.

ـ رواية أخرى :(شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٣ ص ١٧١)

عن الحسن بن كثير ، عن أبيه ، أن علياعليه‌السلام أتى كربلاء ، فوقف بها ، فقيل له :

يا أمير المؤمنين ، هذه كربلاء. فقال : ذات كرب وبلاء. ثم أومأ بيده إلى المكان ، فقال : ههنا موضع رحالهم ومناخ ركابهم.

ثم أومأ بيده إلى مكان آخر ، فقال : ههنا مهراق دمائهم. ثم مضى إلى ساباط.

٢٠٦ ـ شهداء كربلاء مثل شهداء بدر (رض):

(أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ، ج ٤ ص ١٤٣)

في منتخب كنز العمال عن الطبراني في الكبير ما لفظه عن شيبان بن محرم ، قال :إني لمع عليعليه‌السلام إذ أتى كربلاء ، فقال : يقتل في هذا الموضع شهداء ليس مثلهم إلا شهداء بدر.

ـ شهداء كربلاء لا يسبقهم سابق :(المنتخب للطريحي ، ص ٨٧)

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : مر أمير المؤمنينعليه‌السلام بكربلاء ، فبكى حتى اغرورقت عيناه بالدموع ، وقال : هذا مناخ ركابهم ، هذا ملقى رحالهم ، ههنا تراق دماؤهم. طوبى لك من تربة عليها يراق دم الأحبة. مناخ ركاب ومنازل شهداء ، لا يسبقهم من كان قبلهم ولا يلحقهم من كان بعدهم.

٢٠٧ ـ إخبار عليعليه‌السلام أن الحسينعليه‌السلام يقتل وموضع ذلك ، وما في ذلك من معجزات :(مدينة المعاجز لهاشم البحراني ، ص ١٢٠)

روى الشيخ الصدوق بسنده عن ابن عباس ، قال : كنت مع عليعليه‌السلام في خروجه من صفين. فلما نزلنا نينوى ـ وهي بشط الفرات ـ قال بأعلى صوته : يابن عباس أتعرف هذا الموضع؟ قلت : لا أعرفه يا أمير المؤمنين. فقال عليعليه‌السلام : لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي لبكائي. قال فبكىعليه‌السلام طويلا حتى اخضلت لحيته وسالت الدموع على صدره ، وبكينا معه ، وهو يقول : أوه أوه ، مالي

٢٢١

ولآل أبي سفيان مالي ولآل حزب الشيطان وأولياء الكفر. صبرا صبرا يا أبا عبد الله ، فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم. ثم دعا بماء فتوضأ وضوء الصلاة ، فصلى ما شاء الله أن يصلي.

وذكر نحو كلامه ، إلا أنه نعس عند انقضاء صلاته وكلامه ساعة ، ثم انتبه فقال :يابن عباس. قلت : ها أنذا. فقال : ألا أحدثك عما رأيت في منامي آنفا عند رقدتي؟ فقلت : نامت عينك ورأيت خيرا يا أمير المؤمنين. قالعليه‌السلام : رأيت كأني برجال قد نزلوا من السماء ، معهم أعلام بيض ، قد تقلدوا سيوفهم ، وهي بيض تلمع ، وقد خطّوا حول هذه الأرض خطة. ثم رأيت كأن النخيل قد ضربت بأغصانها الأرض ، تضرب بدم عبيط (أي طري) ، وكأني بالحسين سخلي وفرخي ومضغتي ومخي ، قد غرق فيه ، يستغيث فلا يغاث. وكأن الرجال البيض (الذين) نزلوا من السماء ، ينادونه ويقولون : صبرا آل الرسول ، فإنكم تقتلون على يدي شرار الناس ، وهذه الجنة يا أبا عبد الله مشتاقة إليك. ثم يعزّونني ويقولون : يا أبا الحسن أبشروا فقد أقرّ الله عينك يوم يقوم الناس لرب العالمين. ثم انتبهت هكذا.

والذي نفس علي بيده ، لقد حدثني الصادق المصدق أبو القاسمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أني سأمر بها في خروجي إلى أهل البغي علينا. وهي أرض كرب وبلاء ، يدفن فيها الحسينعليه‌السلام وسبعة عشر رجلا من ولدي وولد فاطمةعليها‌السلام . وإنها لفي السموات معروفة تذكر أرض كرب وبلاء ، كما تذكر بقعة الحرمين وبقعة بيت المقدس. ثم قال : يا بن عباس ، اطلب حولها بعر الظباء ، فو الله ما كذبت ولا كذبت ، وهي مصفرة ، لونها لون الزعفران. فطلبتها فوجدتها مجتمعة. فناديته : يا أمير المؤمنين قد أصبتها على الصفة التي وصفتها لي. فقال عليعليه‌السلام : صدق الله ورسوله.

ـ قصة مرور عيسىعليه‌السلام بكربلاء :

ثم قام عليعليه‌السلام يهرول حتى جاء إليها فحملها وشمها ، وقال : هي هي ، أتعلم يابن عباس ما هذه الأبعار؟ هذه قد شمها عيسى بن مريم ، وذلك أنه مرّ بها ومعه الحواريون ، فرأى ههنا ظباء مجتمعة وهي تبكي ، فجلس عيسىعليه‌السلام وجلس الحواريون. فبكى وبكى الحواريون ، وهم لا يدرون لم جلس ولم بكى. فقالوا : يا روح الله وكلمته ما يبكيك؟ قال : أتعلمون أي أرض هذه ، هذه أرض من يقتل فيها

٢٢٢

فرخ رسول الله أحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفرخ الحرة الطاهرة البتول ، شبيهة أمي ، ويلحد فيها أطيب من المسك ، لأنها طينة الفرخ المستشهد ، وهكذا تكون طينة الأنبياء وأولاد الأنبياء. فهذه الظباء تكلمني وتقول : انها ترعى هذه الأرض شوقا إلى تربة الفرخ المبارك ، وزعمت أنها آمنة في هذه الأرض.

ثم ضرب بيده البعيرات فشمها ، وقال : هذه بعر الظباء على هذا الطيب لمكان حشيشها. اللهم فأبقها أبدا حتى يشمها أبوه ، فتكون له عزاء وسلوة. فبقيت إلى يومنا هذا وقد اصفرت لطول زمنها ، وهذه أرض كرب وبلاء.

ثم قال بأعلى صوته : يا رب عيسى بن مريم ، لا تبارك في قتلته والمعين لهم والخاذل له. ثم بكى طويلا وبكينا معه حتى سقط لوجهه وغشي عليه طويلا. ثم أفاق فأخذ البعر فصّره في ردائه وأمرني أن أصرها كذلك.

ثم قال : يابن عباس ، إذا رأيتها تتفجر دماء عبيطا ويسيل منها دم عبيط ، فاعلم أن أبا عبد اللهعليه‌السلام قد قتل بها ودفن.

قال ابن عباس : فوالله لقد كنت أحفظها أشد من حفظي لما افترض اللهعزوجل علي ، وأنا لا أحلها من طرف كمي. فبينا أنا نائم في البيت فإذا هي تسيل دما عبيطا ، وان كمي قد امتلأ دما عبيطا. فجلست وأنا باك ، وقلت : قتل والله الحسين ، والله ما كذبني قط في حديث ، ولا أخبر بشيء أن يكون إلا كان كذلك ، لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخبره بأشياء لا يخبر بها غيره. ففزعت وخرجت وذلك عند الفجر ، فرأيت والله المدينة كأنها ضباب لا يستبين منها أثر عين. ثم طلعت الشمس فرأيت كأنها منكسفة ، ورأيت كأن حيطان المدينة عليها دم عبيط. فجلست وأنا باك ، وقلت قتل والله الحسينعليه‌السلام .

وسمعت صوتا من ناحية البيت ، وهو يقول : اصبروا آل الرسول قتل الفرخ النحول ، نزل الروح الأمين ببكاء وعويل. ثم بكى بأعلى صوته وبكيت. فأثبتّ عندي تلك الساعة ، وكان شهر محرم يوم عاشور لعشر مضين منه ، فوجدته قتل يوم ورد علينا خبره ، وتاريخه كذلك. فحدثت بهذا الحديث الذين كانوا معه فقالوا :والله لقد سمعنا ما سمعت ونحن في المعركة ، ولا ندري ما هو. قلت : أترى أنه الخضرعليه‌السلام .

٢٢٣

٢٠٨ ـ إخبار الإمام عليعليه‌السلام حين مر بكربلاء وهو سائر إلى صفين :

(وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص ١٤٠ ط ٢)

قال نصر بن مزاحم : حدثني مصعب بن سلام عن هرثمة بن سليم ، قال :غزونا مع علي بن أبي طالبعليه‌السلام غزوة صفين. فسار حتى انتهى إلى كربلاء ، فنزل إلى شجرة فصلى إليها ، فلما سلم رفع إليه من تربتها فشمها ، ثم قال : واها لك أيتها التربة ، ليحشرن منك (وفي رواية : ليقتلن بك) قوم يدخلون الجنة بغير حساب.

فلما رجع هرثمة من غزوته إلى امرأته ـ وهي جرداء بنت سمير ، وكانت شيعة لعليعليه‌السلام ـ فقال لها زوجها هرثمة : ألا أعجّبك من صديقك أبي الحسن؟ لما نزلنا كربلا رفع إليه من تربتها فشمها ، وقال : «واها لك يا تربة ، ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب». وما علمه بالغيب؟! فقالت : دعنا منك أيها الرجل ، فإن أمير المؤمنين لم يقل إلا حقا.

فلما بعث عبيد الله بن زياد البعث الذي بعثه إلى الحسين بن عليعليه‌السلام وأصحابه ، قال هرثمة : كنت فيهم في الخيل التي بعث إليهم ، فلما انتهيت إلى القوم وحسين وأصحابه ، نظرت إلى الشجرة ، فذكرت الحديث وعرفت المنزل الذي نزلنا فيه مع عليعليه‌السلام ، والبقعة التي رفع إليه من ترابها ، والقول الذي قاله ، فكرهت مسيري. فأقبلت على فرسي حتى وقفت على الحسينعليه‌السلام ، فسلمت عليه وحدثته بالذي سمعت من أبيه في هذا المنزل.

فقال الحسينعليه‌السلام : فأنت معنا أم علينا؟ فقلت : يابن رسول الله لا معك ولا عليك. تركت أهلي وولدي وعيالي ، أخاف عليهم من ابن زياد.

فقال الحسينعليه‌السلام : فولّ في الأرض هربا حتى لا ترى لنا مقتلا ، فو الذي نفس محمد بيده لا يرى مقتلنا اليوم رجل ولا يغيثنا إلا أدخله الله النار. قال هرثمة :فأقبلت في الأرض هاربا حتى خفي علي مقتله.

ملاحظة : هذه الفقرة هي جمع عدة روايات مع بعض ، إحداها وردت في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ٣ ص ١٦٩ ط مصر ـ تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم.

٢٠٩ ـ إخبار الإمام عليعليه‌السلام بما سيحدث في كربلاء :

(المصدر السابق ، ص ١٤١)

حدّث نصر بن مزاحم عن مصعب بن سلام عن سعيد بن وهب ، قال : بعثني

٢٢٤

مخنف بن سليم إلى عليعليه‌السلام عند توجهه إلى صفين. فأتيته بكربلاء ، فوجدته يشير بيده ويقول : ههنا! فقال له رجل : وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال : ثقل آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينزل ههنا ، فويل لهم منكم ، وويل لكم منهم!.

فقال له الرجل : ما معنى هذا الكلام يا أمير المؤمنين؟ قال (ويل لهم منكم) تقتلونهم ، (وويل لكم منهم) يدخلكم الله بقتلهم إلى النار.

٢١٠ ـ حديث الإمام الحسنعليه‌السلام عن مصرع أخيه الحسينعليه‌السلام :

(مناقب ابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٣٨ ط نجف)

روى الإمام الصادق عن آبائهعليهم‌السلام قال : دخل الحسين على أخيه الحسنعليهما‌السلام يوما ، فلما نظر إليه بكى. فقال له الحسنعليه‌السلام : ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال :أبكي لما يصنع بك. فقال له الحسنعليه‌السلام : إن الذي يؤتى إليّ سم يدس إلي فأقتل به(١) ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله. يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل يدّعون أنهم من أمة جدك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وينتحلون بك الإسلام ، فيجتمعون على قتلك وسفك دمك ، وانتهاك حرمتك ، وسبي ذراريك ونسائك ، وانتهاب ثقلك ، فعندها تحلّ ببني أمية اللعنة ، وتمطر السماء دما ورمادا ، ويبكي عليك كل شيء ، حتى الوحوش في الفلوات ، والحيتان في البحار.

٢١١ ـ إخبار الحسينعليه‌السلام بمقتله :

عن معاوية بن قرة قال : قال الحسينعليه‌السلام : والله ليعتدن عليّ كما اعتدت بنو اسرائيل في السبت.

قال : وأنبأنا علي بن محمد ، عن جعفر بن سليمان الضبعي ، (قال) قال الحسينعليه‌السلام : والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي ، فإذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من فرم الأمة.

__________________

(١) اللهوف على قتلى الطفوف ، ص ١٤.

٢٢٥

أخبار أخرى

٢١٢ ـ ورود سلمان (رض) كربلاء :

(وسيلة الدارين في أنصار الحسين للسيد إبراهيم الزنجاني ، ص ٧١)

في الخبر عن المسيب بن نجبة الفزاري ، قال : خرجت أستقبل سلمان الفارسي حين أقبل من المدينة إلى المدائن. فلما وصل إلى كربلاء تغير حاله وبكى ، وقال :هذه مصارع إخواني. هذا موضع رحالهم ، وهذا مناخ ركابهم ، وهذا مهراق دمائهم. يقتل بها خير الأولين وابن خير الآخرين.

٢١٣ ـ إخبار أبي ذر الغفاري بمقتل الحسينعليه‌السلام ونتائج ذلك :

(الإرشاد للشيخ المفيد ، ص ٢٣٦)

في (كامل الزيارة) عن عروة بن الزبير ، قال : سمعت أبا ذر ، وهو يومئذ قد أخرجه عثمان إلى الربذة ، فقال له الناس : يا أبا ذر أبشر ، فهذا قليل في الله. فقال ما أيسر هذا ، ولكن كيف أنتم إذا قتل الحسين بن عليعليه‌السلام قتلا (أو قال : ذبح ذبحا)؟. والله لا يكون في الإسلام بعد قتل الخليفة (يعني علي بن أبي طالب) أعظم قتيلا منه. وإن الله سيسل سيفه على هذه الأمة لا يغمده أبدا. ويبعث ناقما من ذريته فينتقم من الناس. وإنكم لو تعلمون ما يدخل على أهل البحار ، وسكان الجبال في الغياض والآكام ، وأهل السماء من قتله ، لبكيتم والله حتى تزهق أنفسكم. وما من سماء يمر بها روح الحسينعليه‌السلام إلا فزع له سبعون ألف ملك ، يقومون قياما ترعد مفاصلهم إلى يوم القيامة. وما من سحابة تمر وترعد وتبرق إلا لعنت قاتله. وما من يوم إلا وتعرض روحه على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيلتقيان.

٢١٤ ـ ملازمة رجل من بني أسد أرض كربلاء :

(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ٢١٢)

قال العريان بن الهيثم : كان أبي يتبدى فينزل قريبا من الموضع الذي كانت فيه معركة الحسينعليه‌السلام . فكنا لا نبدو إلا وجدنا رجلا من بني أسد هناك. فقال له أبي : أراك ملازما هذا المكان!. قال : بلغني أن حسيناعليه‌السلام يقتل ههنا ، فأنا أخرج إلى هذا المكان ، لعلي أصادفه فأقتل معه.

قال ابن الهيثم : فلما قتل الحسينعليه‌السلام قال أبي : انطلقوا بنا ننظر ، هل الأسدي فيمن قتل مع الحسينعليه‌السلام . فأتينا المعركة وطوّقنا ، فإذا الأسدي مقتول.

٢٢٦

(أقول) لعل هذا الشهيد هو أنس بن الحرثرحمه‌الله . وهذا درس يعلمنا أن المؤمن النبيه يسعى نحو الحق حتى يدركه ، فينال أعلى درجات السعادة والكرامة ، كما فعل أنس بن الحرث الأسدي.

٤ ـ أخبار بمن يقتل الحسينعليه‌السلام

٢١٥ ـ الحسينعليه‌السلام يخبر بأن عمر بن سعد سيقتله :

(كشف الغمة ٢ / ٩ وإرشاد المفيد ص ٢٨٢ والبحار ٤٤ / ٢٦٣)

روى سالم بن أبي حفصة ، (قال) قال عمر بن سعد للحسينعليه‌السلام : يا أبا عبد الله ، إن قبلنا أناسا سفهاء يزعمون أني أقتلك. فقال له الحسينعليه‌السلام : إنهم ليسوا سفهاء ، ولكنهم حلماء. أما إنه يقر عيني أن لا تأكل من برّ العراق بعدي إلا قليلا.

٢١٦ ـ إخبار الإمام عليعليه‌السلام بأن عمر بن سعد يقتل ابنه الحسينعليه‌السلام :

عن الأصبغ بن نباتة ، قال : بينا أمير المؤمنينعليه‌السلام يخطب الناس ، وهو يقول :سلوني قبل أن تفقدوني ، فو الله لا تسألوني عن شيء مضى ولا شيء يكون إلا أنبأتكم به. فقام إليه سعد بن أبي وقاص ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني كم في رأسي ولحيتي من شعرة. فقال : أما والله لقد سألتني عن مسألة حدثني خليلي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنك ستسألني عنها. وما في رأسك ولحيتك من شعرة إلا وفي أصلها شيطان جالس ، وإن في بيتك لسخلا يقتل ابني الحسينعليه‌السلام . وكان عمر بن سعد يومئذ يدرج بين يديه.

(أقول) : فلما كان من أمر الحسينعليه‌السلام ما كان ، تولى عمر بن سعد قتل الحسينعليه‌السلام ، وكان الأمر كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وفي رواية (الإرشاد) للمفيد ص ٢٠ قال له عليعليه‌السلام :

وآية ذلك مصداق ما خبّرتك به. ولو لا أن الذي سألت عنه يعسر برهانه لأخبرتك به ، ولكن آية ذلك ما أنبأتك به من لعنتك وسخلك الملعون.

قال ابن سيرين : وقد ظهرت كرامات علي بن أبي طالبعليه‌السلام في هذا ، فإنه لقي قاتل الحسينعليه‌السلام وهو شاب ، فقال : ويحك ، كيف بك إذا قمت مقاما تخير فيه بين الجنة والنار ، فتختار النار؟

وسيرد هذا الخبر عند الحديث عن عمر بن سعد ، الذي تولى قيادة الجيش لقتال

٢٢٧

الحسينعليه‌السلام ، وقد نصحه الحسينعليه‌السلام كثيرا ، ولكن حب الدنيا أعمى قلبه.

تنبيه حول السائل :ذكر فخر الدين الطريحي في (المنتخب) ص ١٦٦ : أن الذي سأل الإمامعليه‌السلام : كم شعرة في رأسي ، هو يزيد والد خولي بن يزيد الأصبحي.ولعل بعض الروايات تشير إلى أنه سنان بن أنس ، والله أعلم.

يقول العلامة المجلسي في البحار ، ج ٤٤ ص ٢٥٧ : لا يخفى ما في الحديث من تسمية الرجل السائل المتعنت بأنه سعد بن أبي وقاص ، حيث أن سعد بن أبي وقاص اعتزل عن الجماعة وامتنع عن بيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فاشترى أرضا واشتغل بها ، فلم يكن ليجيء إلى الكوفة ويجلس إلى خطبة الإمام عليعليه‌السلام .ومن جهة أخرى إن عمر بن سعد قد ولد في السنة التي مات فيها عمر بن الخطاب وهي سنة ٢٣ ه‍ فكان عمره حين خطب الإمامعليه‌السلام هذه الخطبة بالكوفة غلاما بالغا أشرف على العشرين ، لا أنه سخل في بيته.

ولما كان أصل القصة مسلمة مشهورة ، عدل الشيخ المفيد في (الإرشاد) عن تسمية الرجل ، وتبعه الطبرسي في (إعلام الورى) ص ١٨٦. ولعل الصحيح ما ذكره ابن أبي الحديد ، حيث ذكر الخطبة في شرحه على النهج ، ج ١ ص ٢٥٣ عن كتاب (الغارات) لابن هلال الثقفي عن زكريا بن يحيى العطار عن فضيل عن محمد الباقرعليه‌السلام وقال في آخره : والرجل هو سنان بن أنس النخعي.

٢١٧ ـ إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يزيد هو قاتل الحسينعليه‌السلام :

أخرج الطبراني عن معاذ بن جبل ، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يزيد ، لا بارك الله في يزيد. نعي إليّ الحسينعليه‌السلام وأتيت بتربته ، وأخبرت بقاتله. والذي نفسي بيده لا يقتل بين ظهراني قوم لا يمنعونه ، إلا خالف الله بين صدورهم وقلوبهم ، وسلط عليهم شرارهم وألبسهم شيعا (أي جماعات متفرقين).

وأخرجه ابن عساكر عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا بلفظ : يزيد ، لا بارك الله في يزيد ، الطّعان اللعّان ، أما إنه نعي إلي حبيبي وسخلي حسين ، أتيت بتربته ورأيت قاتله. أما إنه لا يقتل بين ظهراني قوم فلا ينصرونه ، إلا عمّهم الله بعقاب.

وأخرج أبو يعلى عن أبي عبيدة (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يزال أمر أمتي قائما بالقسط حتى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية ، يقال له : يزيد.

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو يعلى والروياني والحافظ أبوبكر محمد بن اسحق ابن

٢٢٨

خزيمة السلمي النيسابوري والبيهقي وابن عساكر والضياء ، عن أبي ذر ، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية. وزاد الروياني : يقال له يزيد.

٢١٨ ـ رواية أخرى :

(معجم الطبراني ص ١٣٠ ومقتل الخوارزمي ص ١٦٠ وكنز العمال ١٣ / ١١٣ وأمالي الشجري ص ١٦٩)

في معجم الطبراني عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن معاذ بن جبل أخبره قال :خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متغير اللون ، فقال : أنا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوتيت فواتح الكلام وخواتمه ، فأطيعوني ما دمت بين أظهركم ، فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب اللهعزوجل ، أحلوا حلاله وحرموا حرامه ، (فإذا) أتتكم الموتة أتتكم بالروح والراحة.كتاب الله من الله سبق ، أتتكم فتن كقطع الليل المظلم ، كلما ذهب رسل جاء رسل ، تناسخت النبوة فصارت ملكا. رحم الله من أخذها بحقها ، وخرج منها كما دخلها.

أمسك يا معاذ واحص!. قال : فلما بلغت خمسة ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يزيد ، لا بارك الله في يزيد. ثم ذرفت عيناه. ثم قال : نعي إلي حسين ، وأوتيت بتربته ، وأخبرت بقاتله. والذي نفسي بيده لا يقتل بين ظهراني قوم لا يمنعونه ، إلا خالف الله بين صدورهم وقلوبهم ، وسلط عليهم شرارهم وألبسهم شيعا.

ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : واها لفراخ آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خليفة مستخلف مترف ، يقتل خلفي وخلف الخلف.

أمسك يا معاذ. فلما بلغت عشرة ، قال : الوليد(١) اسم فرعون ، هادم شرائع الاسلام ، يبوء بدمه رجل من أهل بيته ، يسل الله سيفه فلا غماد له ، ويختلف الناس فكانوا هكذا ، وشبك بين أصابعه.

ثم قال : وبعد العشرين والمائة موت سريع وقتل ذريع ، فيه هلاكهم ، ويلي عليهم رجل من ولد العباس.

__________________

(١) لعل المقصود به الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، وهو الذي مزّق القرآن وقال :

تهددني بجبار عنيد

فها أنا ذاك جبار عنيد

إذا ما جئت ربك يوم حشر

فقل : يا ربّ مزّقني الوليد

٢٢٩
٢٣٠

الفصل السادس

المآتم الحسينيّة

١ ـ إقامة ذكرى الحسينعليه‌السلام والحزن عليه

ـ إقامة العزاء على الحسينعليه‌السلام

٢ ـ فضل البكاء والحزن على الحسينعليه‌السلام

٣ ـ إقامة ذكرى الحسينعليه‌السلام ومراسم الحزن يوم عاشوراء

ـ اتخاذ بني أمية يوم عاشوراء يوم عيد وفرح

ـ أحاديث موضوعة في فضل يوم عاشوراء وأنه عيد

ـ هل يجوز صيام يوم عاشوراء؟

٤ ـ فلسفة المآتم الحسينية

٢٣١
٢٣٢

الفصل السادس

المآتم الحسينيّة

* مقدمة الفصل :

لا يخفى أن مصيبة الحسينعليه‌السلام الكبيرة قد أقضّت مضجع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستحوذت عليه كل اهتمامه. فلا عجب إذا رأيناه يقيم المأتم على الحسينعليه‌السلام منذ مولده ، وفي عدة مناسبات من حياته. وعلى ذلك سار الأئمة الأطهار ودعوا كل من شايع الحسينعليه‌السلام إلى إقامة الحزن والعزاء عليه في كل مكان وزمان ، ولا سيما يوم العاشر من المحرم ، حتّى صار شعارهم :

«كل أرض كربلا ، وكل يوم عاشورا»

في حين كان بعض المسلمين عمدا أو جهلا يقيمون الفرح في ذلك اليوم ، جريا على السنّة التي اختطها لهم بنو أمية من غابر الزمان.

وسوف نتكلم في هذا الفصل حول إقامة المآتم الحسينية ، ثم فضل الحزن والبكاء على الحسينعليه‌السلام ، ثم إقامة مراسم العزاء والحزن والحداد يوم العاشر من المحرم كل عام. ونتعرض إلى بعض خصوصيات يوم عاشوراء ، والمحاولات المغرضة لتغيير مفهومه وصرفه عن حقيقته. ثم ننهي الفصل بفلسفة المآتم الحسينية ، وتتضمن أهداف ذكرى الحسينعليه‌السلام والفوائد التي تحققها المجالس الحسينية ، وأن هدفها ليس فقط الحزن والبكاء ، وإنما العظة واليقظة والاعتبار ، وتبديل السلوك وتعديل المسار ، والخروج من مستنقع الخطايا والأوزار ، إلى رياض الأخيار وجنان الأبرار.

١ ـ مآتم الحسينعليه‌السلام

مرت في الفصل السابق روايات مستفيضة حول إخبار جبرئيل للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنبأ استشهاد الحسينعليه‌السلام ، ثم إخبار محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهله وأصحابه بذلك. وكان في

٢٣٣

تلك الأحوال يضع الحسين الطفل في حضنه ، ويبكي بكاء شديدا ، ويقبّله من فمه ونحره ، ويشمّه ويضمه إلى صدره ، فكانت تلك المشاهد أول المآتم المقامة على الحسينعليه‌السلام في حياته وقبل مماته. وعلى هذا الهدي المحمدي سار شيعة الحسينعليه‌السلام من بعده ، يقيمون المآتم والعزاء عليه ، بعد موته واستشهاده ، اقتداء بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومشاركة له في محنته ومصيبته.

٢١٩ ـ مأتم الحسينعليه‌السلام في دار فاطمةعليها‌السلام :

(قادتنا : كيف نعرفهم؟ ، ج ٦ ص ١٢٠)

روى الخوارزمي عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال : زارنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعملنا له حريرة ، وأهدت لنا أم أيمن قعبا من لبن وزبدا وصفحة من تمر. فأكل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأكلنا معه. ثم وضّأت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقام فاستقبل القبلة ، فدعا الله ما شاء. ثم أكبّ على الأرض بدموع غزيرة مثل المطر. فهبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن نسأله!.

فوثب الحسينعليه‌السلام فقال : يا أبتي رأيتك تصنع ما لم أرك تصنع مثله!.فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا بني إني سررت بكم اليوم سرورا لم أسرّ بكم مثله. وإن حبيبي جبرئيل أتاني فأخبرني أنكم قتلى ، وأن مصارعكم شتى ، فدعوت الله لكم ، وأحزنني ذلك.

فقال الحسينعليه‌السلام : يا رسول الله ، فمن يزورنا على تشتّتنا ، ويتعاهد قبورنا؟.قال : طائفة من أمتي ، يريدون برّي وصلتي. فإذا كان يوم القيامة شهدتها بالموقف ، وأخذت بأعضادها ، فأنجيتها والله من أهواله وشدائده.

٢٢٠ ـ في دار أم سلمة :

(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ١٧٦)

وروى ابن عساكر بإسناده عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن أبيه (قال) قالت أم سلمة : كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نائما في بيتي ، فجاء الحسينعليه‌السلام . قالت : فقصد الباب ، فسبقته على الباب مخافة أن يدخل فيوقظه. قالت : ثم غفلت في شيء ، فدبّ فدخل ، فقعد على بطنه.

قالت : فسمعت نحيب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فجئت فقلت : يا رسول الله ، والله ما علمت به. فقال : إنما جاءني جبرئيلعليه‌السلام وهو على بطني قاعد ، فقال لي :

٢٣٤

أتحبّه؟. فقلت : نعم. قال : إن أمتك ستقتله. ألا أريك التربة التي يقتل بها؟.(قال) فقلت : بلى. قال : فضرب بجناحه فأتى بهذه التربة. قالت : فإذا في يده تربة حمراء ، وهو يبكي ويقول : يا ليت شعري من يقتلك بعدي؟!.

وفي رواية أخرى للخوارزمي : (قادتنا ـ ج ٦ ص ١٢٦)

قال : ثم أخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تلك القبضة التي أتاه بها الملك ، فجعل يشمّها ويبكي ، ويقول في بكائه : الله م لا تبارك في قاتل ولدي ، وأصله نار جهنم.

ثم دفع تلك القبضة إلى أم سلمة ، وأخبرها بقتل الحسينعليه‌السلام بشاطئ الفرات ، وقال : يا أم سلمة خذي هذه التربة إليك ، فإنها إذا تغيرت وتحولت دما عبيطا ، فعند ذلك يقتل ولدي الحسينعليه‌السلام .

إقامة العزاء على الحسينعليه‌السلام

٢٢١ ـ إقامة العزاء على الحسينعليه‌السلام :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٩٣)

يقول الفاضل الدربندي : اعلم أن من تأمل في الأخبار المروية من طرق العامة في فضل الحسن والحسينعليه‌السلام ومناقبهما ، علم أن البكاء على الحسينعليه‌السلام وإقامة تعزيته في كل سنة ، بل في كل شهر ، بل في كل أسبوع ، بل في كل ليلة ، من أفضل العبادات وأشرف الطاعات والقربات. فلعنة الله على كل متعصب من المخالفين ، الذين يأخذون يوم عاشوراء عيدا ، ويسمّون الاجتماع للعزاء والبكاء على سيد الشهداء بدعة ، وذلك كابن حجر العسقلاني ومن مثله.

٢٢٢ ـ ثواب إقامة العزاء على الحسينعليه‌السلام :

(المنتخب للطريحي ، ص ٢٨ ط ٢)

روي أنه لما أخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ابنته فاطمة بقتل ولدها الحسينعليه‌السلام وما يجري عليه من المحن ، بكت فاطمةعليه‌السلام بكاء شديدا ، وقالت : يا أبتي متى يكون ذلك؟. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : في زمان خال مني ومنك ومن عليعليه‌السلام . فاشتد بكاؤها ، وقالت : يا أبة فمن يبكي عليه؟. ومن يلتزم بإقامة العزاء له؟. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :يا فاطمة إن نساء أمتي يبكون على نساء أهل بيتي ، ورجالهم يبكون على رجال

٢٣٥

أهل بيتي ، ويجددون العزاء جيلا بعد جيل في كل سنة. فإذا كان يوم القيامة تشفعين أنت للنساء ، وأنا أشفع للرجال. وكل من بكى على مصاب الحسينعليه‌السلام أخذنا بيده وأدخلناه الجنة.

يا فاطمة ، كل عين باكية يوم القيامة ، إلا عين بكت على مصاب الحسينعليه‌السلام ، فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة.

٢ ـ فضل البكاء والحزن على الحسينعليه‌السلام

٢٢٣ ـ البكاء على أمناء الرحمن :

(المنتخب للطريحي ، ص ١٦ ط ٢)

يقول فخر الدين الطريحي : فيا إخواني ، كيف لا نبكي على أمناء الرحمن ، وسادات أهل الزمان؟. وكيف لا نجدد النوح والأحزان ، في كل آن ومكان؟. على الشهيد العطشان ، النائي عن الأهل والأوطان ، المدفون بلا غسل ولا أكفان؟.فعلى الأطائب من أهل بيت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فليبك الباكون ، وإياهم فليندب النادبون ، ولمثلهم تذرف الدموع من العيون.

٢٢٤ ـ فضيلة البكاء من خشية الله :

(أخبار الدول للقرماني ص ١١١)

قال الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام : ما اغرورقت عين بمائها من خشية الله ، إلا وحرّم اللهعزوجل وجه صاحبها على النار. فإن سالت على الخدين دموعه ، لم يرهق وجهه قتر ولا ذلّة. وما من شيء إلا له جزاء إلا الدمعة ، فإن الله تعالى يكفّر بها بحور الخطايا. ولو أن باكيا بكى في أمة ، لحرّم الله تلك الأمّة على النار.

(أقول) : ومن هذا القبيل بكاء المؤمن على الإمام الحسينعليه‌السلام .

٢٢٥ ـ البكاء من خوف الله وخشيته :

(أسرار الشهادة ، ص ٤٨)

يقول الفاضل الدربندي : ومنها أن البيت المبني من الطين إذا انهدم أمكن إصلاحه بقرب من الماء ، فكذلك الإنسان المخلوق أصله من الطين ، إذا فسد أمره بارتكاب المعصية ، أمكنه تداركه بإرسال العبرات على الحسرات. كما قال أمير

٢٣٦

المؤمنين ، وسيد الموحدين ، وتاج رؤوس البكّائينعليه‌السلام : أمحوا المثبّتات من العثرات بالمرسلات من العبرات.

٢٢٦ ـ البكاء على الحسينعليه‌السلام هو من خشية الله :

(المصدر السابق ، ص ٤٩)

ويقول الفاضل الدربندي : واعلم أن البكاء على مصاب أهل بيت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا سيما على مصاب سيد الشهداء روحي له الفداء ، ليس أمرا مغايرا للبكاء من خوف الله تعالى. حتّى يتمشّى سؤال : أهل البكاء من خوف الله تعالى أفضل ، أم البكاء على سيد الشهداءعليه‌السلام ؟. بل إن البكاء عليه هو البكاء في محبة الله ، والبكاء المنبعث عن التقرب إلى الله.

٢٢٧ ـ البكاء من خوف الله قسمان :

(المصدر السابق)

ثم يقول الفاضل الدربندي : فإن شئت أن توضّح المطلب في غاية الإيضاح فقل :إن البكاء من خوف الله تعالى ينحلّ إلى نوعين وينقسم إلى قسمين :

الأول : أن يكون منشأ البكاء معاصي الإنسان ، وتذكّره لحالة الاحتضار وأهوال البرزخ والمحشر والعقوبات التي يستحقها. فهذا البكاء وإن كان يطلق عليه أيضا أنه بكاء من خوف الله وقسم منه ، إلا أنه في الحقيقة يرجع إلى بكائه على نفسه وعلى ذنبه.

الثاني : أن يكون ذلك البكاء في مقام محبة الله تعالى ، وملاحظة عظمة صفاته وكبريائه وجبروته ، وفي مقام التفكر في التقصير في عبادته. وهذا في مقام ذوق حلاوة مناجاته ومحبته التي انبعثت عنها المحبة والموالاة لأوليائه وحججه ، فلا يلاحظ في هذا القسم أصلا رجاء الثواب ولا الخوف من العقاب. فلا شك أن هذا القسم من البكاء هو أفضل من القسم الأول. ومما لا شك فيه أن البكاء على مصاب آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هذا القسم ، إذ قد عرفت أن المحبة والموالاة لهم مما يرجع إلى محبة الله وموالاته. ويتضح هذا المطلب عند الفطن المتدبر ، إذا لا حظ عوم الأئمة الطاهرين ، وسباحة حجج الله المعصومين ، في بحار البلايا وقواميس المصائب ، لأجل محبة الله تعالى.

شرح : القواميس : جمع قاموس ، وهو البحر العظيم.

٢٣٧

٢٢٨ ـ ثواب البكاء عامة على الحسين ومصيبة سائر الأئمةعليه‌السلام :

(الخصال الأربعمائة ٢ / ٦٣٥ والبحار ٤٤ / ٢٨٧)

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى اطّلع إلى الأرض فاختارنا ، واختار لنا شيعة ينصروننا ، ويفرحون لفرحنا ، ويحزنون لحزننا ، ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا ، أولئك منا وإلينا.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كل عين باكية إلا عين بكت على مصاب الحسينعليه‌السلام ، فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة».

وقال الإمام الرضاعليه‌السلام للريان بن شبيب : إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان ، فاحزن لحزننا ، وافرح لفرحنا ، وعليك بولايتنا. فلو أن رجلا تولّى حجرا حشره الله معه يوم القيامة.

وقال الإمام عليعليه‌السلام : كل عين يوم القيامة باكية ، وكل عين يوم القيامة ساهرة ، إلا عين من اختصه الله بكرامته ، وبكى على ما ينتهك من الحسين وآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . (راجع مقتل العوالم ص ٥٢٥).

٢٢٩ ـ من قطرت عينه قطرة على الحسينعليه‌السلام :

(مجالس المفيد ، ص ٣٤٠ وأمالي الطوسي ١ / ١١٦ والبحار ٤٤ / ٢٧٩)

عن الإمام الحسينعليه‌السلام قال : ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة ، أو دمعت عيناه فينا دمعة ، إلا بوّأه الله تعالى بها في الجنة (غرفا يسكنها) حقبا. (وفي رواية) : أحقابا أحقابا.

شرح : الحقبة من الدهر : مدة لا وقت لها ، جمعها : حقب. وهي كناية عن الدوام.

٢٣٠ ـ فضيلة البكاء على الحسينعليه‌السلام :

(مقتل العوالم ، ج ١٧ ص ٥٢٦)

في (تفسير علي بن إبراهيم) عن الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام قال : كان علي ابن الحسينعليه‌السلام يقول : أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن عليعليه‌السلام دمعة ، حتّى تسيل على خده ، بوّأه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا. وأيما مؤمن دمعت عيناه (دمعا) حتّى يسيل دمعه على خده ، لأذى مسّنا من عدونا في الدنيا ، بوّأه الله مبوّأ صدق في الجنة. وأيما مؤمن مسّه أذى فينا ، فدمعت عيناه حتّى يسيل

٢٣٨

دمعه على خديه ، من مضاضة ما أوذي فينا ، صرف الله عن وجهه الأذى ، وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار.

٢٣١ ـ البكاء على الحسينعليه‌السلام يحطّ الذنوب :

(بحار الأنوار للمجلسي ، ج ٤٤ ص ٢٨٢)

عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال لفضيل : تجلسون وتتحدثون؟. قال : نعم جعلت فداك. قال : إن تلك المجالس أحبّها ، فأحيوا أمرنا يا فضيل ، فرحم الله من أحيا أمرنا.

يا فضيل ، من ذكرنا أو ذكرنا عنده ، فخرج من عينه مثل جناح الذباب ، غفر الله له ذنوبه ، ولو كانت أكثر من زبد البحر.

٢٣٢ ـ حديث : نفس المهموم لظلمنا تسبيح :

(مجالس المفيد ، ص ٣٣٨ وأمالي الطوسي ١ / ١١٥ والبحار ٤٤ / ٢٧٨)

عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال : نفس المهموم لظلمنا تسبيح ، وهمهّ لنا عبادة ، وكتمان سرّنا جهاد في سبيل الله.

ثم قالعليه‌السلام : يجب أن يكتب هذا الحديث بالذهب.

٢٣٣ ـ حديث : من دمعت عينه فينا دمعة :

(مجالس المفيد ، ص ١٧٤ وأمالي الطوسي ١ / ٩٧ والبحار ٤٤ / ٢٧٩)

عن محمّد بن أبي عمارة الكوفي ، قال : سمعت جعفر بن محمّدعليه‌السلام يقول :من دمعت عينه فينا دمعة ، لدم سفك لنا ، أو حقّ لنا أنقصناه ، أو عرض انتهك لنا أو لأحد من شيعتنا ، بوّأه الله تعالى بها في الجنة حقبا.

٢٣٤ ـ حديث : من ذكرنا عنده :

(كامل الزيارات ، ص ١٠٤ والبحار ٤٤ / ٢٨٥)

عن فضيل بن فضالة ، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال : من ذكرنا عنده ففاضت عيناه ، حرّم الله وجهه على النار.

وروي عن الصادقعليه‌السلام قال : لكل سرّ ثواب ، إلا الدمعة فينا.

٢٣٩

٢٣٥ ـ حديث الإمام الصادقعليه‌السلام لمسمع كردين :

(كامل الزيارات ، ص ١٠١ والبحار ٤٤ / ٢٨٩)

سأل الإمام الصادقعليه‌السلام مسمع كردين ، وهو من أهل العراق : هل يبكي على الحسينعليه‌السلام ؟ فقال : بلى

قال : ثم استعبر واستعبرت معه. فقالعليه‌السلام : الحمد لله الّذي فضّلنا على خلقه بالرحمة ، وخصّنا أهل البيت بالرحمة.

يا مسمع ، إن الأرض والسماء لتبكي منذ قتل أمير المؤمنين رحمة لنا. وما بكى لنا من الملائكة أكثر. وما رقأت دموع الملائكة منذ قتلنا. وما بكى أحد رحمة لنا ولما لقينا ، إلارحمه‌الله قبل أن تخرج الدمعة من عينيه. فإذا سالت دموعه على خده غفر الله ذنوبه ، ولو كانت مثل زبد البحر. فلو أن قطرة من دموعه سقطت في جهنم ، لأطفأت حرّها حتّى لا يوجد لها حرّ. وإن الموجع لنا قلبه ليفرح يوم يرانا عند موته ، فرحة لا تزال تلك الفرحة في قلبه حتّى يرد علينا الحوض. وإن الكوثر ليفرح بمحبّنا إذا ورد عليه ، حتّى أنه ليذيقه من ضروب الطعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه.

٢٣٦ ـ حديث : من تذكر مصابنا وبكى :

(أمالي الصدوق ، ص ٦٨ وبحار الأنوار ٤٤ / ٢٧٨)

قال الإمام الرضاعليه‌السلام : من تذكّر مصابنا وبكى لما ارتكب منا ، كان معنا في درجاتنا يوم القيامة. ومن ذكّر بمصابنا فبكى وأبكى ، لم تبك عينه يوم تبكي العيون. ومن جلس مجلسا يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.

٢٣٧ ـ الحسينعليه‌السلام قتيل العبرة :

(أمالي الطوسي ، ص ١٢١)

عن الإمام الصادقعليه‌السلام (قال) قال الحسين بن عليعليه‌السلام : أنا قتيل العبرة ، قتلت مكروبا ، وحقيق على الله أن لا يأتيني مكروب قط ، إلا ردّه الله وأقلبه إلى أهله مسرورا.

وعن الحسينعليه‌السلام قال : أنا قتيل العبرة ، لا يذكرني مؤمن إلا استعبر.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358