مرآة العقول الجزء ١

مرآة العقول11%

مرآة العقول مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 358

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 358 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39873 / تحميل: 5966
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

قضيت حاجتك يا روح الله فقام فغسل أقدامهم فقالوا كنا نحن أحق بهذا يا روح الله فقال إن أحق الناس بالخدمة العالم إنما تواضعت هكذا لكيما

________________________________________________________

خاصتي من أصحابي وناصري، ومنه الحواريون: أصحاب عيسىعليه‌السلام أي خلصائه وأنصاره وأصله من التحوير: التبييض، قيل: إنهم كانوا قصارين يحورون الثياب أي يبيضونها، قال الأزهري: الحواريون خلصان الأنبياء، وتأويله: الّذين أخلصوا ونقوا من كلّ عيب.

قولهعليه‌السلام قضيت: على بناء المجهول رعاية للأدب وقيل: يحتمل الدعاء، ثمّ اعلم أنهعليه‌السلام أدى في فعله ذلك أقصى مراتب التواضع، حيث أراد غسل الأقدام أو تقبيلها على اختلاف النسخ، ثمّ جعل ذلك مطلوباً له وسماه حاجة، ثمّ استأذن فيهعليه‌السلام ثمّ صنع مثل ذلك بتلامذته وتابعيه، ثمّ قال: إنه أحق بذلك، وقد ذكر لفعله غايتين متعدية ولازمة، ومثل لأحدهما تمثيلا جميلا حيث شبه المتواضع بالسهل والمتكبر بالجبل، وبين فضل السهل على الجبل وكونه أكثر منفعة.

قولهعليه‌السلام إن أحق الناس لأنّه أعرف بحسنها وثمرتها، والعمل بالمكارم أوجب على العالم، وقيل: ذلك لشدة استعداده للفيضان من المبدأ ولفضله وشرفه وعزه بالعلم، فبتواضعه وتذلله بالخدمة يفاض عليه ما يليق به، ويتزين عزه وشرفه بالتواضع، ولا يلحقه ذل بذلك، بخلاف الجاهل فإنه لقلة استعداده إنما يفاض عليه ما يليق به، ولذلة ومنقصته بالجهل يكون مناسباً للخدمة، فلا يكون في خدمته تواضعا، فلا يزداد به إلا ذلا وقيل: لأنّ نسبة العالم إلى الناس كنسبة الراعي إلى القطيع، وكما أن الراعي حقيق بخدمة الغنم، وأكمل الرعاة من هو أكثر خدمة لها، كذلك العالم حقيق بخدمة الناس، بأن يصلح أمور معادهم ومعاشهم بتعليمهم وإرشادهم إلى الحقّ فأكمل العلماء أشفقهم بالناس، وكمال الشفقة يفضيه إلى الخدمة العرفية أيضا، فهو أحق الناس بالخدمة، أو لأنّه لما كان العالم يقتدي به الناس في أفعاله الحسنة فكلما فعله يصير عادة مستمرة متبعة بخلاف غيره، و

١٢١

تتواضعوا بعدي في الناس كتواضعي لكم ثمّ قال عيسىعليه‌السلام بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبر وكذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل.

٧ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد عمن ذكره، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول يا طالب العلم إن للعالم ثلاث علامات العلم والحلم والصمت وللمتكلف ثلاث علامات ينازع من فوقه بالمعصية ويظلم من دونه بالغلبة ويظاهر الظلمة.

________________________________________________________

الخدمة من الأفعال الحسنة فهو أولى وأحق بها من الجاهل، ليتبعه الناس ويؤيده قولهعليه‌السلام لكيما تتواضعوا بعدي، وذلك لا ينافي كونه أحق بالمخدومية من جهة أخرى، أو يقال: يجب للعالم زرع بذر الحكمة في قلوب الناس وإرشادهم وهدايتهم إلى الحق، وذلك لا يؤثر حق التأثير غالباً في قلوبهم القاسية، لغلبة قوتي الشهوية والغضبية، فينبغي له أولا أن يرقق قلوبهم بالتواضع والخدمة والملاطفة، ثمّ يرشدهم إلى الحقّ وهذا مجرب.

الحديث السابع مرسل.

قولهعليه‌السلام إن للعالم: المراد بالعالم العالم العامل الكامل الّذي استقر العلم في قلبه، ومن جملة علاماته العلم الظاهر والعمل به، والمراد بالمتكلف من يدعي مثل هذا العلم تكلفا، وليس به متصفا، والمراد بمن فوقه كلّ من هو فوقه شرعا، ويجب عليه إطاعته كالواجب تعالى والأنبياء والأئمّة والعلماء والأب والمالك وغيرهم، والمراد بالمعصية إمّا معصية الله تعالى أو معصية من فوقه، والأخير أظهر وإن كان الأول أفيد.

قولهعليه‌السلام بالغلبة أي بأن يغلب ويستولي عليه أو بسبب غلبته عليه، وهذا يشمل ما إذا كان المعلم أقوى في المناظرة من المتعلم، فلا يقبل منه الحقّ لاستيلائه عليه في قوة المناظرة، وما إذا كانت غلبته عليه للعزة الدنيوية، والمظاهرة المعاونة أي يعاونهم بالفتاوى الفاسدة، والتوجيهات لأعمالهم الباطلة.

١٢٢

باب حق العالم

١ - علي بن محمّد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن محمّد بن خالد، عن سليمان بن جعفر الجعفري عمن ذكره، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول إن من حق العالم أن لا تكثر عليه السؤال ولا تأخذ بثوبه وإذا دخلت عليه وعنده قوم فسلم عليهم جميعاً وخصه بالتحية دونهم واجلس بين يديه ولا تجلس خلفه ولا تغمز بعينك ولا تشر بيدك ولا تكثر من القول قال فلان وقال فلان خلافا لقوله

________________________________________________________

باب حق العالم

الحديث الأول مرسل.

قولهعليه‌السلام وأن لا تكثر عليه السؤال: قال بعض الأفاضل: يحتمل أن يكون المراد بالإكثار عليه، الإكثار المتضمن للضرر بأن يكثر لينفد ما عنده ليظهر خطاءه أو عجزه، ويحتمل أن يكون المراد بالإكثار الزيادة على القدر الّذي يعمل به، أو يحفظه ويضبطه، ويحتمل أن يكون الظرف متعلّقاً بالسؤال، ويكون المراد بالسؤال عليه الإيراد والرد عليه أو لا يراد بعلى مفادها، ويراد به السؤال منه كما في احتمال الثاني « انتهى ».

قولهعليه‌السلام ولا تأخذ بثوبه: كأنه كناية عن الإلحاح في الطلب ويحتمل أن يكون المراد عدم النظر إلى ثوبه ولباسه في إكرامه كما قيل، ولا يخفى بعده.

قولهعليه‌السلام واجلس بين يديه: أي حيث تواجهه ولا يحتاج في الخطاب والمواجهة إلى انحراف، والمراد بالجلوس خلفه ما يكون بخلاف ذلك، ويحتمل أن يكون المراد بالجلوس بين يديه ما يقابل الجلوس خلفه، فيشمل اليمين واليسار، ويحتمل أن يكون المراد بكل منهما معناه الحقيقي، ولا يكون اليمين واليسار داخلين في المأمور به ولا في المنهي عنه.

قولهعليه‌السلام ولا تغمز: الغمز بالعين الإشارة بها، ولعل في حذف المفعول إشارة

١٢٣

ولا تضجر بطول صحبته فإنما مثل العالم مثل النخلة تنتظرها حتّى يسقط عليك منها شيء والعالم أعظم أجراً من الصائم القائم الغازي في سبيل الله.

باب فقد العلماء

١ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيوب الخزاز، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما من أحد يموت من المؤمنين أحب إلى إبليس من موت فقيه.

٢ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا مات المؤمن الفقيه ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء

________________________________________________________

إلى أن الغمز إلى المعلم وإلى غيره مناف لحقه، وأمّا الإشارة باليد فتحتمل التعميم للعلة المذكورة، والتخصيص بالمعلم بأن يبسط يده إليه عند مناظرته كما هو المتعارف، أو يشير إليه بيده إذا تكلم مع غيره لتعيينه، وكل ذلك من سوء الأدب.

قولهعليه‌السلام من الصائم أي في نهاره، القائم أي في ليله بالعبادة طول دهره وإنما كان أفضل منهما لأنّ الصائم إنما يكف نفسه عمّا أمر بالكف عنه في زمان يسير، وكذا القائم إنما ينفع نفسه في بعض الأزمان، والعالم يكف نفسه ونفوس أصحابه ومن اتبعه مدى الأعصار، عن الاعتقادات الباطلة والآراء الفاسدة بالدلائل القاطعة، ويوجب إقدام جم غفير في الأزمان المتطاولة بالصيام والقيام وغيرهما من الطاعات، والمجاهد يدفع غلبة الكفار على أبدان الخلق في زمان قليل والعالم يدفع استيلاء الشياطين وأهل الضلال على أديانهم إلى يوم القيامة فلذا كان العالم الرباني الهادي للخلق إلى الحقّ والصواب أعظم أجراً من الصائم القائم الغازي في سبيل الله.

باب فقد العلماء

الحديث الأول موثق.

الحديث الثاني حسن.

قولهعليه‌السلام ثلمة: هي بالضم: فرجة المكسور والمهدوم.

١٢٤

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة قال سمعت أبا الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام يقول إذا مات المؤمن بكت عليه الملائكة وبقاع الأرض الّتي كان يعبد الله عليها وأبواب السماء الّتي كان يصعد فيها بأعماله وثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء لأنّ المؤمنين الفقهاء حصون الإسلام كحصن سور المدينة لها.

________________________________________________________

الحديث الثالث: ضعيف على المشهور وربما يعد موثقا.

قولهعليه‌السلام بكت عليه الملائكة أي الموكلون به أو الأعم، وقولهعليه‌السلام : يعبد الله على بناء المعلوم وما قيل: من احتمال بناء المجهول بعيد، وبكاء البقاع إمّا على المجاز والتمثيل كما هو الشائع بين العرب والعجم حيث يعبرون عن شدة المصيبة بأنه بكى لها السماء والأرض، أو بحذف المضاف أي بكى عليه أهل البقاع من الملائكة والجن والأرواح والمؤمنون، وكذا بكاء أبواب السماء يحتمل الوجهين ويحتمل أن يكون كناية عن أن يفقده بسوء حال العالم، وحال أجزائه، إذ به نظام العالم، وبفقده تنقص بركات السماء والأرض، لا سيما ما يتعلّق من العالم بالمؤمن نفسه من الملائكة الّتي كانت مسرورة بخدمته وحفظه، والبقاع الّتي كانت معمورة بحركاته وسكناته، وأبواب السماء كانت مفتوحة لصعود أعماله وحسناته، وقيل: لعل المراد بأبواب السماء ما يوصل الأعمال إلى مقرها من العلويات، ويكون وسيلة لوصولها ودخولها وانضباطها فيها،ملكاً كان أو روحا أو نفوسا كاملة شريفة قدسية، أو قوة أو نفسا علوية، وبالجملة يراد بالبكاء الحزن الموجب لجري الدموع فينا، سواء كان هناك مع الحزن جرى الدموع أو لا « انتهى ».

قولهعليه‌السلام كحصن: لعل المراد بالحصن أجزاء السور والمراد بالسور سور البلد وبالحصن الموضع الّذي يتحصن فيه أهل البلد، وحمله على المعنى المصدري لا يخلو من بعد لفظا ومعنى.

١٢٥

٤ - وعنه، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما من أحد يموت من المؤمنين أحب إلى إبليس من موت فقيه.

٥ - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن داود بن فرقد قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن أبي كان يقول إنّ الله عز وجل لا يقبض العلم بعد ما يهبطه ولكن يموت العالم فيذهب بما يعلم فتليهم الجفاة فيضلون ويضلون ولا خير في شيء ليس له أصل.

٦ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمّد بن علي عمن ذكره، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كان علي بن الحسينعليه‌السلام يقول إنه يسخي

________________________________________________________

الحديث الرابع: صحيح.

الحديث الخامس: ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام لا يقبض العلم: أي إذا أفاض الله العلم الحقيقي على العالم الرباني لا يسلبه منه، فلا يكون فقد العلم بذهابه وبقاء محله، بل إنما يذهب بذهاب محله وبذلك ظهر أن ذهاب العالم أعظم المصائب لا هل العالم، إذ به يذهب العلم من بينهم.

قولهعليه‌السلام فتليهم الجفاة: أي تتصرف في أمورهم، من الولاية بالكسر وهي الإمارة، والجفاة البعداء عن الآداب الحسنة وأهل النفوس الغليظة، والقلوب القاسية الّتي ليست قابلة لاكتساب العلم والكمال.

قولهعليه‌السلام ولا خير: أي لما كان بناء الولاية والسياسة على العلم ولا خير في ولاية لا علم لصاحبها ولم يؤمر الناس بمتابعته وأخذ العلم عنه، أو المراد أن علومهم كلها جهل لا أصل لها أو أعمالهم بغير علم باطلة لا حقيقة لها.

الحديث السادس: مرسل.

قولهعليه‌السلام يسخى: في بعض النسخ يسخى من باب التفعيل، وفي بعضها تسخى من المجرد، وعلى النسخة الأولى فاعله: قول الله ومفعوله نفسي، وقوله: فينا متعلّق بسرعة

١٢٦

نفسي في سرعة الموت والقتل فينا قول الله -( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها ) وهو ذهاب العلماء.

باب مجالسة العلماء وصحبتهم

١ - علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس رفعه قال قال لقمان لابنه يا بني اختر المجالس على عينك فإن رأيت قوماً يذكرون الله جل وعز فاجلس معهم فإن تكن عالماً نفعك علمك وإن تكن جاهلاً علموك ولعل الله أن يظلهم برحمته فيعمك معهم وإذا رأيت قوماً لا يذكرون الله فلا تجلس معهم فإن تكن

________________________________________________________

الموت والقتل، ويحتمل تعلّقه بالقول، وعلى الثانية فاعله نفسي وقوله « فينا » خبر لقوله قول الله، فعلى الأول كان المراد التهديد والتخويف، بأن الأمة صاروا مستحقين لقبائح أعمالهم لا ذهابنا من بينهم ووقوع العذاب عليهم، وعلى الثاني الظاهر أن المراد إنا لا نخاف من الموت والقتل، لكن لا نطلبه من الله تعالى، لأنّه سبب لعذاب الناس وسلب الرحمة منهم، فيكون تقدير الكلام لكن فينا قول الله، ويحتمل أن يكون على هذا الوجه أيضاً تعليلاً للتسخية.

باب مجالسة العلماء وصحبتهم

الحديث الأول: مرفوع.

قولهعليه‌السلام على عينك: أي على بصيرة منك أو بعينك، فإن على قد تأتي بمعنى الباء كما صرح به الجوهري، أو المراد رجحه على عينك، أي ليكن المجالس أعز عندك من عينك.

قولهعليه‌السلام نفعك علمك: إمّا بأن تعلمهم أو تستفيد منهم تذكيراً وتأييداً لما تعلم، وما قيل: إن علمك بدل من الضمير البارز في نفعك، أي نفع الجلوس معهم علمك، تكلف مستغنى عنه.

قولهعليه‌السلام أن يظلهم: قال الفيروزآبادي: أظلني الشيء أي غشيني، والاسم

١٢٧

عالما لم ينفعك علمك وإن كنت جاهلاً يزيدوك جهلا ولعل الله أن يظلهم بعقوبة فيعمك معهم.

٢ - علي بن إبراهيم، عن أبيه ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعا، عن ابن محبوب، عن درست بن أبي منصور، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام قال محادثة العالم على المزابل خير من محادثة الجاهل على الزرابي.

٣ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قالت الحواريون لعيسى يا روح الله من نجالس قال من يذكركم الله رؤيته ويزيد في علمكم منطقه ويرغبكم في الآخرة عمله.

٤ - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة.

٥ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد الأصبهاني، عن سليمان

________________________________________________________

الظل أو دنا مني حتّى ألقى على ظله.

الحديث الثاني: ضعيف.

وقال في القاموس: الزرابي النمارق والبسط، أو كلّ ما بسط واتكأ عليه، الواحد زربي بالكسر ويضم.

الحديث الثالث: ضعيف.

الحديث الرابع: مجهول كالصحيح.

قولهعليه‌السلام أهل الدين: أي العلماء العاملين بعلمهم، ويحتمل شموله للعباد والزهاد أيضا.

الحديث الخامس ضعيف.

١٢٨

بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن مسعر بن كدام قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول لمجلس أجلسه إلى من أثق به أوثق في نفسي من عمل سنة.

باب سؤال العالم وتذاكره

١ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن مجدور أصابته جنابة فغسلوه فمات قال قتلوه ألا سألوا فإن دواء العي السؤال.

________________________________________________________

ومسعر بكسر الميم وفتح العين بين السين الساكنة والراء غير المعجمات وقد يفتح ميمه تفألا، وكدام بالكاف المكسورة والدال الغير المعجمة الخفيفة، ومسعر شيخ السفيانيين سفيان الثوري وسفيان بن عيينة.

قولهعليه‌السلام : لمجلس، وفي بعض النسخ المجلس ويحتمل أن يكون مصدراً ميميا، ويكون المنصوب في أجلسه في موضع المفعول المطلق كما قيل، ويحتمل أن يكون اسم مكان وتقدير الكلام أجلس فيه، وإلى بمعنى مع، أي مع من أثق به أو فيه تضمين والوثوق بعدم التقية، وكونه محلا للإسرار حافظا لها.

باب سؤال العالم وتذاكره

الحديث الأول: حسن.

قولهعليه‌السلام عن مجدور ...هو من به الجدري وهو بفتحتين وبضم الجيم داء معروف.

قولهعليه‌السلام قتلوه: إذ كان فرضه التيمم فمن أفتى بغسله أو تولى ذلك منه فقد أعان على فتله، وقولهعليه‌السلام ألا سئلوا؟ بتشديد اللام حرف تحضيض، وإذا استعمل في الماضي فهو للتوبيخ واللوم، ويحتمل أن يكون بالتخفيف استفهاما إنكاريا، والعي بكسر المهملة وتشديد الياء: الجهل وعدم الاهتداء لوجه المراد والعجز عنه، وفي بعض النسخ بالغين المعجمة ولعله تصحيف.

١٢٩

٢ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة ومحمد بن مسلم وبريد العجلي قالوا قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لحمران بن أعين في شيء سأله إنما يهلك الناس لأنهم لا يسألون.

٣ - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال إن هذا العلم عليه قفل ومفتاحه المسألة.

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله.

٤ - علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي جعفر الأحول، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يسع الناس حتّى يسألوا ويتفقهوا ويعرفوا إمامهم ويسعهم أن يأخذوا بما يقول وإن كان تقية.

٥ - علي، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عمن ذكره، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام

________________________________________________________

الحديث الثاني: صحيح.

الحديث الثالث: ضعيف على المشهور وسنده الثاني أيضاً ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : هذا العلم إمّا إشارة إلى مطلق العلم أو إلى العلم الّذي يحتاج الناس إليه من علوم الدين ولعله أظهر.

الحديث الرابع: صحيح.

قولهعليه‌السلام : أن يأخذوا، أي قولا واعتقاداً في كلّ زمان بما يقول الإمام في ذلك الزمان وإن كان تقية فإن ما يقوله الإمام تقية يسع السائل أن يعتقده ويقول به، إذا لم يتنبه للتقية وأمّا العمل به والأمر بالعمل به مع التنبه للتقية أيضاً لازم عند التقية، ولا يسعهم ولا يكفيهم أن يأخذوا بما لم يتفقهوا فيه، ولم يعرفوه عن إمامهم وإن وافق الحقّ الصريح الّذي لا تقية فيه.

الحديث الخامس: مرسل.

١٣٠

قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أف لرجل لا يفرغ نفسه في كلّ جمعة لأمر دينه فيتعاهده ويسأل عن دينه وفي رواية أخرى لكل مسلم.

٦ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّ الله عز وجل يقول تذاكر العلم بين عبادي مما تحيا عليه القلوب الميتة إذا هم انتهوا فيه إلى أمري.

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام أف لرجل: أف بضم الهمزة وكسر الفاء المشددة منونا والتنوين للتكثير، وقيل للتنكير، ويجوز حذف التنوين ويجوز أيضاً فتح الفاء مع التنوين وبدونه، ويجوز الضم بالوجهين وهو كلمة تكره وتضجر، وقوله: لا يفرغ إمّا من المجرد ونفسه فاعله، أو على بناء التفعيل ونفسه مفعوله، والمراد بالجمعة أمّا اليوم المعهود، أو الأسبوع بتقدير يوماً، والأول أظهر، والمراد بالتفريغ ترك الشواغل الدنيوية والضمير في قوله فيتعاهده إمّا راجع إلى اليوم أو إلى الدين وعلى الأول المراد بتعاهده الإتيان بالصلاة والوظائف المقررة فيه، ومن جملتها تعلم المسائل واستماع المواعظ من الإمامعليه‌السلام أو نائبه الخاص أو نائبه العام.

الحديث السادس: حسن.

قولهعليه‌السلام تذاكر العلم أي تذاكر العباد وتشاركهم في ذكر العلم، بأن يذكر كلّ منهم للآخر شيئاً من العلم ويتكلم فيه مما يحيى القلوب الميتة، حالكونها ثابتة عليه وحاصله أنه من الأحوال الّتي تحيي عليها القلوب الميتة ويحتمل أن يكون على بمعنى الباء، وعلى التقديرين تحيي إمّا من المجرد المعلوم أو المزيد فيه المجهول، وقوله تعالى: إذا هم انتهوا فيه إلى أمري، يحتمل أن يكون المراد بالأمر فيه مقابل النهي، أي إذا كان تذاكرهم على الوجه الّذي أمرت به من أخذ العلم من معدنه والاقتباس من مشكاة النبوة، ويحتمل أن يكون المراد بالأمر مطلق الشأن فيكون المراد بالانتهاء إلى أمره الوصول إلى صفاته وأسمائه وأو أمره ونواهيه، بالمعرفة والإطاعة والانقياد، وقيل: يحتمل أن يكون المراد بالأمر الّذي كان مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّةعليه‌السلام

١٣١

٧ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول رحم الله عبداً أحيا العلم قال قلت وما إحياؤه قال أن يذاكر به أهل الدين وأهل الورع.

٨ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن محمّد الحجال، عن بعض أصحابه رفعه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تذاكروا وتلاقوا وتحدثوا فإن الحديث جلاء للقلوب إنّ القلوب لترين كما يرين السيف جلاؤها الحديث.

________________________________________________________

كما قال تعالى( وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ) (١) فيكون الانتهاء إليه عبارة عن استناد ما يتذاكرونه من العلوم الدينية إليهمعليه‌السلام ولا يخفى بعده.

الحديث السابع: ضعيف.

قولهعليه‌السلام أن يذاكر به أهل الدين: لعل التخصيص بأهل الدين وأهل الورع لأنّ غيرهم مظنة أن يغيروه ويفسدوه، فلا يوجب الذكر لهم والنقل عنهم حفظا، ولا يكون فيه إحياء، وقيل: إنما قيد بأهل الورع لأنّ العلم المحيي إنما هو علم الدين وطهارة القلب بالورع والتقوى شرط لحصوله، كما قال سبحانه:( وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ ) (٢) .

الحديث الثامن: مرفوع.

قولهعليه‌السلام تذاكروا: قيل أمرعليه‌السلام بتذاكر العلم، ولما لم يكن صريحا في المراد وهو التحديث بالعلم عقبه بقوله وتلاقوا وتحدثوا، أي بالعلم بيانا للمراد من التذاكر أقول: ويحتمل أن يكون المعنى تذاكروا العلماء وبعد تحقيق الحقّ تلاقوا سائر الناس وعلموهم، والجلاء بالكسر هو الصقل مصدر، وقد يستعمل لما يجلي به وهو المراد هيهنا، أو حمل على الحديث مبالغة، والرين الدنس والوسخ، وقوله جلاؤه الحديد أي جلاء السيف، وفي بعض النسخ وجلاؤها الحديث وهو أظهر.

__________________

(١) سورة الشورى: ٥٢.

(٢) سورة البقرة: ٢٨٢.

١٣٢

٩ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبان، عن منصور الصيقل قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول تذاكر العلم دراسة والدراسة صلاة حسنة.

باب بذل العلم

١ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن حازم، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قرأت في كتاب عليعليه‌السلام إنّ الله لم يأخذ على الجهال عهداً بطلب العلم حتّى أخذ على العلماء عهداً ببذل العلم للجهال لأنّ العلم كان قبل الجهل.

________________________________________________________

الحديث التاسع: مجهول.

قولهعليه‌السلام دراسة: أي تعهد له وحفظ له عن الاندراس، وقال الجزري في الحديث: تدارسوا القرآن أي اقرءوه وتعهدوه لئلا تنسوه « انتهى » وقوله: والدراسة صلاة حسنة، يعني أن ثوابها ثواب صلاة حسنة كاملة، وقيل: المراد بالصلاة الدعاء أي يترتب عليها ما يترتب على أكمل الأدعية، وهو الدعاء الّذي يطلب فيه جميع الخيرات من المطالب الدنيوية والأخروية فيستجاب [ ولا يخفى بعده ].

باب بذل العلم

الحديث الأول: ضعيف كالموثق.

قولهعليه‌السلام لأنّ العلم كان قبل الجهل: هذا دليل على سبق أخذ العهد على العالم ببذل العلم على أخذ العهد على الجاهل بطلبه، أو بيان لصحته وإنما كان العلم قبل الجهل مع أن الجاهل إنما يكتسبه بعد جهله بوجوه:

الأول: أن الله سبحانه قبل كلّ شيء، والعلم عين ذاته فطبيعة العلم متقدمة على طبيعة الجهل.

والثاني: أن الملائكة واللوح والقلم وآدم لهم التقدم على الجهال من أولاد آدم.

١٣٣

٢ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة ومحمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في هذه الآية -( وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ) (١) قال ليكن الناس عندك في العلم سواء.

________________________________________________________

والثالث: أن العلم غاية الخلق والغاية متقدمة على ذي الغاية لأنها سبب له.

والرابع: أن الجهل عدم العلم والإعدام إنما تعرف بملكاتها وتتبعها، فالعلم متقدم على الجهل بالحقيقة والماهية.

والخامس: أنه أشرف فله التقدم بالشرف والرتبة.

والسادس: أن الجاهل إنما يتعلم بواسطة العالم وتعليمه، يقال علمه فتعلم.

وقال بعض الأفاضل ونعم ما قال: لو حمل القبلية على الزمانية حيث كان خلق الجاهل من العباد بعد وجود العالم كالقلم واللوح والملائكة وآدم بالنسبة إلى أولاده، فيصح كون الأمر بالطلب بعد الأمر ببذل العلم، حيث يأمر الله تعالى بما تقتضيه حكمته البالغة وبما هو الأصلح عند وجود من يستحق أن يخاطب به، ولأن من لم يسبق الجهل على علمه يعلم باطلاع منه سبحانه حسن أن يبذل العلم ومطلوبيته له تعالى، وهذا أخذ العهد ببذل العلم، ولو حمل على القبلية بالرتبة والشرف فيمكن توجيهه بأن يقال: العلم لما كان أشرف من الجهل والعالم أقرب من جنابه سبحانه في الرتبة، ولا يصل العهد منه سبحانه إلى الجاهل إلا بوساطة يعلم العالم من ذلك أن عليه البذل عند الطلب، أو يقال من جملة علمه وجوب البذل عند الطلب.

الحديث الثاني: ضعيف كالموثق.

قوله تعالى( وَلا تُصَعِّرْ ) تصعير الخد إمالته تكبراً، ومعنى الآية لا تعرض بوجهك عن الناس تكبراً، ولعل معنى الحديث أن العالم إذا رجح بعض تلامذته على بعض في النظر وحسن المعاشرة، أو تكبر واستنكف عن تعليم بعضهم أو نصحه، فكأنه مال بوجهه عنه أو تكبر، ويؤيده أن هذا الخطاب كان من لقمانعليه‌السلام لابنه

__________________

(١) سورة لقما: ١٨.

١٣٤

٣ - وبهذا الإسناد، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال زكاة العلم أن تعلمه عباد الله.

٤ - علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن عمن ذكره، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قام عيسى ابن مريمعليه‌السلام خطيباً في بني إسرائيل فقال يا بني إسرائيل لا تحدثوا الجهال بالحكمة فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم

________________________________________________________

وأصحابه لم يكونوا إلا طلاب العلوم، فكأنه نصحه أن يسوي بينهم في الإفادة والإرشاد وقيل: إنما أولها بذلك لأنّ المقصد الأقصى من بعثة الرسل تبليغ الشريعة القويمة، وتعليم الدين المبين، فالظاهر كونه نهياً عمّا يخل بما هو المقصود الأصلي والأول أوجه.

الحديث الثالث: ضعيف.

قولهعليه‌السلام زكاة العلم.

التشبيه من وجوه:

الأول: أن الزكاة حق الله تعالى في المال بإزاء الإنعام به فكذا التعلم.

الثاني: أن الزكاة يوجب نمو المال فكذا تعليم العلم يوجب نموه وزيادته لأنّه شكر لنعمة العلم، وقد قال تعالى:( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ) (١) ولذا سمي زكاة لأنّ أحد معانيها النمو.

الثالث: أن الزكاة توجب طهارة المال عن الشبهات، فكذا تعليم العلم يوجب طهارته عن الشكوك والشبه بفضله سبحانه، مع أن مذاكرة العلم توجب قوته وزيادة اليقين فيه.

الرابع: أن الزكاة توجب حفظ المال عن التلف وكذا التعليم يوجب حفظه عن الزوال، فإن الضنة بالعلم يوجب أن يسلب الله علمه.

الحديث الرابع: مرسل.

قولهعليه‌السلام لا تحدثوا الجهال: لعل المراد بالجهال من لا يحب العلم ولا يطلبه ولا يرغب فيه أو المراد بالجهل ما يقابل العقل كما مر.

__________________

(١) سورة سورة إبراهيم: ٧.

١٣٥

باب النهي عن القول بغير علم

١ - محمّد بن يحيى، عن أحمد وعبد الله ابني محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن مفضل بن يزيد قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام أنهاك عن خصلتين فيهما هلاك الرجال أنهاك أن تدين الله بالباطل وتفتي الناس بما لا تعلم.

٢ - علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام إياك وخصلتين ففيهما هلك من هلك إياك أن تفتي الناس برأيك أو تدين بما لا تعلم.

________________________________________________________

باب النهي عن القول بغير علم

الحديث الأول مجهول.

قولهعليه‌السلام أن تدين الله بالباطل، أي تتخذ الباطل دينا بينك وبين الله تعبد الله عز وجل به، سواء كان في القول والاعتقاد أو في العمل، والمراد بالباطل ما لم يؤخذ من مأخذه الّذي أمر الله تعالى بالأخذ منه، والمراد بالإفتاء بما لا يعلم، الإفتاء بما لم يؤخذ من الكتاب والسنة على وجه يجوز الأخذ منهما على هذا الوجه، أو إفتاء من لا يكون أهلا لاستنباط ذلك منهما.

الحديث الثاني: صحيح.

قولهعليه‌السلام برأيك: أي لا بالأخذ من الكتاب والسنة على منهاجه.

قولهعليه‌السلام : أو تدين بما لا تعلم: قال بعض الأفاضل أي أن تعبد الله بما لا تعلمه بثبوته بالبراهين والأدلة العقلية، أو بالكتاب والسنة، والأدلة السمعية، ويحتمل أن يكون من دان به أي اتخذه دينا، يعني إياك أن تتخذ ما لا تعلم دينا، وأن يكون تدين من باب التفعل أي تتخذ الدين متلبسا بالقول فيه بما لا تعلم، والدين اسم لجميع ما يتعبد الله به والملة.

١٣٦

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من أفتى الناس بغير علم ولا هدى لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ولحقه وزر من عمل بفتياه.

٤ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبان الأحمر، عن زياد بن أبي رجاء، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال ما علمتم فقولوا وما لم تعلموا فقولوا الله أعلم إنّ الرجل لينتزع الآية من القرآن يخر فيها أبعد ما بين السماء والأرض.

________________________________________________________

الحديث الثالث صحيح.

قولهعليه‌السلام بغير علم: أي من الله كما للنبي والأئمّةعليه‌السلام أو هدي من ذي العلم كالعلماء من شيعتهم.

قولهعليه‌السلام : لعنته ملائكة الرحمة: لأنّه جعل الناس محرومين عن رحمة الله، وملائكة العذاب لأنّه جعلهم مستحقين لها.

قولهعليه‌السلام ولحقه وزر من عمل بفتياه: سواء كان العامل وازراً أو معذوراً، ولا ينقص من وزر الوازر شيء، والفتيا والفتوى ويفتح: ما أفتى به الفقيه.

الحديث الرابع موثق.

قولهعليه‌السلام ما علمتم: هذا خطاب مع العلماء من شيعته وأصحابه، وهم العالمون بكثير من المسائل أو أكثرها بالفعل أو بالقوة القريبة منه.

قولهعليه‌السلام إنّ الرجل: هو كالتعليل لما تقدم وقولهعليه‌السلام لينزع(١) الآية، أي يستخرجها ليستدل بها على مطلوبه، وقولهعليه‌السلام يخر إمّا حال من الضمير في ينزع أو خبر بعد خبر، والمعنى أنه يبعد عن رحمة الله أبعد مما بين السماء والأرض، أو يتضرر به أكثر من الضرر الّذي يصل إلى من سقط من السماء إلى الأرض، وقيل: المعنى أنه يقع في الآية أي في تفسيرها ساقطا على ما هو أبعد عن المراد منها مما بين السماء والأرض.

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المتن « لينتزع » كما هو بعينك.

١٣٧

٥ - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال للعالم إذا سئل عن شيء وهو لا يعلمه أن يقول الله أعلم وليس لغير العالم أن يقول ذلك.

٦ - علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا سئل الرجل منكم عمّا لا يعلم فليقل لا أدري ولا يقل الله أعلم فيوقع في قلب صاحبه شكاً وإذا قال المسئول لا أدري فلا يتهمه السائل.

٧ - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن جعفر بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان، عن زرارة بن أعين قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام

________________________________________________________

الحديث الخامس: مجهول كالصحيح.

قولهعليه‌السلام وليس لغير العالم: وذلك لأنّ مقتضى صيغة التفضيل أن يكون للمفضل عليه شركة فيما فيه الفضل وليس للجاهل ذلك، وأمّا العالم فلما كان له نصيب من جنس العلم صح له هذا القول وإن كان حكمه حكم الجاهل فيما سئل عنه، وهذا لا ينافي الخبر السابق إذ حملناه على العالم، والمراد بالعالم ما فسرناه في ذلك الخبر، ويعبر عنه في هذه الأعصار بالمجتهد.

الحديث السادس صحيح.

قولهعليه‌السلام : فليقل لا أدري، يمكن حمله على غير العالم لئلا ينافي الخبر السابق وحينئذ يحتمل أن يكون المراد بالشك الشك في كونه عالماً إذ قول الله أعلم من شأن العلماء كما مر ويمكن أن يعم العالم وغيره ويكون المراد بإيقاع الشك الشك في كونه عالماً بالمسؤول عنه معرضا عن الجواب لضنته ويخص النهي بهذه الصورة، وذلك في العالم نادر، وفي غيره يكون غالبا، فإن العالم همه في نشر العلم وإذا عته، كما أن الجاهل همه في إخفاء ما اطلع عليه وإضاعته.

الحديث السابع ضعيف.

١٣٨

ما حق الله على العباد قال أن يقولوا ما يعلمون ويقفوا عند ما لا يعلمون.

٨ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي يعقوب إسحاق بن عبد الله، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إنّ الله خص عباده بآيتين من كتابه أن لا يقولوا حتّى يعلموا ولا يردوا ما لم يعلموا وقال عز وجل( أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَ ) (١) وقال( بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ) (٢)

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : ما حق الله على العباد؟ أي فيما آتاهم من العلم وأخذ عليهم من الميثاق، وإلا فحقوقه تعالى عليهم كثيرة، وقيل: أي الحقّ الواجب الثابت الّذي يطالب به صاحبه، وسؤاله عن الحقيق بهذا الاسم من بين الفرائض والواجبات.

الحديث الثامن حسن على الظاهر.

قولهعليه‌السلام إنّ الله خص: في بعض النسخ بالمعجمة بعد المهملة من الحض بمعنى الحث والترغيب، فيقدر كلمة على في أن لا يقولوا أي حث عباده بالآيتين على أن لا يقولوا قبل العلم، ولا يردوا إلا بعد العلم، ويحتمل أن يكون أن لا يقولوا تفسيراً لحثه تعالى و « لا » في الموضعين حينئذ للنهي، وعلى الأول للنفي وفي أكثر النسخ خص بالمهملة بعد المعجمة أي خص هذه الأمة، والتعبير عنهم بوصف العبودية مضافاً إليه سبحانه لتشريفهم وتعظيمهم من بين الأمم بإنزال آيتين من كتابه وإعلامهم بمضمونها، دون سائر الأمم، وقوله: أن لا يقولوا بدل من آيتين وعطف قوله وقال عز وجل على « خص » من عطف أحد التعبيرين عن الشيء على آخر، لمغايرة بينهما على بعض الوجوه، ويحتمل أن يكون الباء في قوله: بآيتين للسببية، وحرف الصلة في أن لا يقولوا مقدراً، وعلى التقديرين لا يخلو من تكلف، ويحتمل تقدير اللام في أن لا يقولوا، ولعله أظهر، ثمّ اعلم أن الظاهر أن المراد بالرد التكذيب والإنكار، لما لم يبلغ علمهم إليه مما وصل إليهم من الله تعالى، أو من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّةعليه‌السلام وحمله على رد الجواب بعيد.

__________________

(١) سورة الأعراف: ١٦٩.

(٢) سورة يونس: ٣٠.

١٣٩

٩ - علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن داود بن فرقد عمن حدثه، عن ابن شبرمة قال ما ذكرت حديثاً سمعته عن جعفر بن محمّدعليه‌السلام إلا كاد أن يتصدع قلبي قال حدثني أبي عن جدي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال ابن شبرمة وأقسم بالله ما كذب أبوه على جده ولا جده على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عمل بالمقاييس فقد هلك وأهلك ومن أفتى الناس بغير علم وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك.

باب من عمل بغير علم

١ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن طلحة بن زيد قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق لا يزيده سرعة السير إلا بعدا.

________________________________________________________

الحديث التاسع ضعيف وابن شبرمة هو عبد الله بن شبرمة الضبي الكوفي بضم المعجمة وسكون الموحدة وضم الراء كان قاضياً لأبي جعفر المنصور على سواد الكوفة، والانصداع: الانشقاق، والتصدع التفرق.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالمقائيس: قال بعض الأفاضل المقياس ما يقدر به الشيء على مثال والمراد به ما جعلوه معيار إلحاق الفرع بالأصل، من الاشتراك في المظنون عليته للحكم وعدم الفارق، والمراد من العمل به اتخاذه دليلاً شرعياً معولا عليه، واستعماله في استخراج الحكم الشرعي والقول بموجبه ومقتضاه، وقولهعليه‌السلام : ومن أفتى الناس. أي بما يأخذه عن الكتاب والسنة.

باب من عمل بغير علم

الحديث الأول ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : على غير بصيرة: أي على غير معرفة بما يعلمه بما هو طريق المعرفة في العمليات.

١٤٠

٢ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن حسين الصيقل قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لا يقبل الله عملا إلا بمعرفة ولا معرفة إلا بعمل فمن عرف دلته المعرفة على العمل ومن لم يعمل فلا معرفة له ألا إنّ الإيمان بعضه من بعض.

٣ - عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال عمن رواه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح.

________________________________________________________

الحديث الثاني ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : إلا بمعرفة: أي معرفة أصول العقائد، فلا يقبل أعمال المشركين والمخالفين، ومن لا يؤمن بالمعاد والمجسمة والمجبرة وأشباههم أو الأعم منها ومن معرفة طريق العمل، وكيفيته وشرائطه بالاجتهاد أو التقليد، وقولهعليه‌السلام : ولا معرفة إمّا معطوف على عملا و « لا » مؤكدة للنفي أو معطوف على قوله: لا يقبل الله و « لا » لنفي الجنس.

قولهعليه‌السلام فمن عرف: أي أصول الدين بالعلم اليقيني، دلته أي حثته على العمل ورغبته فيه أو فروعه، فتدله على كيفية العمل أو الأعم منهما، ومن لم يعمل فلا معرفة له بالأصول، لأنّ العلم اليقيني يبعثه لا محالة على العمل كما عرفت، أو كمال اليقين إنما يكون بالعمل كما ورد: من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم، بل يذهب عنه العلم الحاصل مع ترك العمل كما سيأتي.

قولهعليه‌السلام إنّ الإيمان إمّا أن يراد بالإيمان نفس المعرفة، أي كلّ مرتبة من مراتب الإيمان في القوة والكمال يحصل من مرتبة أخرى منه سابقه لأجل العمل بها، أو مجموع العلم والمعرفة والعمل والطاعة كما هو المستفاد من أكثر الأخبار فالمراد أن كلا من جزئية العلمي والعملي يحصل من الآخر ولعله أظهر.

الحديث الثالث مرسل.

قولهعليه‌السلام كان ما يفسد: قيل أي كان الفساد في عمله الّذي لم يكن من علم أكثر من الصلاح فيه، وكلما كان كذلك كان قبيحا غير مطلوب للحكيم.

١٤١

باب استعمال العلم

١ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي قال سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يحدث، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال في كلام له العلماء رجلاًن رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناج وعالم تارك لعلمه فهذا هالك وإن أهل النار ليتأذون من ريح العالم التارك لعلمه وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبداً إلى الله فاستجاب له وقبل منه فأطاع الله فأدخله الله الجنة وأدخل الداعي النار بتركه علمه واتباعه الهوى وطول الأمل أمّا اتباع الهوى فيصد عن الحقّ وطول الأمل ينسي الآخرة.

٢ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال العلم مقرون إلى العمل فمن علم عمل ومن عمل علم و

________________________________________________________

باب استعمال العلم

الحديث الأول ضعيف على المشهور، معتبر عندي.

الحديث الثاني ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : مقرون إلى العمل: أي قرن العلم مع العمل في كتاب الله كقوله تعالى( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) وعلق المغفرة والنجاة عليهما، فمن علم عمل، ومن عمل علم، أمر في صورة الخبر أي يجب أن يكون العلم مع العمل بعده، والعمل مع العلم، وقوله: والعلم يهتف، بالعمل أي يصيح ويدعو صاحبه بالعمل على طبقه، فإن أجابه وعمل استقر فيه، وتمكن، وإلا ارتحل عنه بدخول الشك والشبهة عليه أو بنسيانه، ويحتمل أن يكون المراد بمقرونية العلم مع العمل عدم افتراق الكامل من العلم عن العمل بحسب مراتب كما له وعدم افتراق بقاء العلم واستكماله عن العمل على وفق العلم، فقوله: فمن علم. أي علما كاملا باقياً عمل، ومن عمل علم

١٤٢

العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل عنه.

٣ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن علي بن محمّد القاساني عمن ذكره، عن عبد الله بن القاسم الجعفري، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إنّ العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل المطر عن الصفا.

٤ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن علي بن هاشم بن البريد، عن أبيه قال جاء رجل إلى علي بن الحسينعليه‌السلام فسأله عن مسائل فأجاب ثمّ عاد ليسأل عن مثلها فقال علي بن الحسينعليه‌السلام مكتوب في الإنجيل لا تطلبوا علم ما لا تعلمون ولما تعملوا بما علمتم فإن العلم إذا لم يعمل به

________________________________________________________

أي أبقى علمه واستكمله، تفصيل لما أجمل قبله، وقوله: والعلم يهتف، أي مطلقاً فإن أجابه وعمل قوي واستقر وتمكن في قلبه وإلا ضعف وزال عن قلبه، ذكرهما بعض الأفاضل والأخير أظهر.

الحديث الثالث ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام عن الصفا، هو مقصوراً جمع الصفاة وهي الحجر الصلد الّذي لا ينبت، شبه العلم والموعظة بماء المطر وعدم تأثيره وثباته في القلوب بعدم استقرار المطر في الحجر الأملس، ولعله محمول على عدم التأثير التام غالباً لئلا ينافي ما مر من شدة حسرة من دعا إلى خير ولم يعمل به، أو على ما عرف السامع من حاله عدم العمل به، والسابق على عدمه، ويمكن حمل السابق على ما إذا كان عاملا وقت الدعوة فترك بعده والأول أظهر.

الحديث الرابع ضعيف.

قولهعليه‌السلام ولما تعلموا: الواو للحال، أي إذا كان من شأن علمكم وعرفتم ذلك من أنفسكم بترك العمل بما علمتم، فالأصلح لكم ترك طلب العلم، فإن ترك العمل مع العلم جحود بما عرفه وكفر به، والجاهل لا يلزمه الإنكار ولا يكون منه الجحود، كذا قيل، ولعلهعليه‌السلام إنما قال ذلك للمخالفين الّذين كانوا في زمانهعليه‌السلام ، وكانوا

١٤٣

لم يزدد صاحبه إلا كفراً ولم يزدد من الله إلا بعدا.

٥ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له بم يعرف الناجي قال من كان فعله لقوله موافقاً فأثبت له الشهادة ومن لم يكن فعله لقوله موافقاً فإنما ذلك مستودع.

٦ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه رفعه قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في كلام له خطب به على المنبر أيها الناس إذا علمتم فاعملوا

________________________________________________________

لا ينفعهم العلم ولا العمل لكفرهم وضلالهم، وأول العلوم الّتي كانت حصلت لهم العلم بأحقية أهل البيتعليه‌السلام للخلافة ولم يعملوا به، ويحتمل أن يكون الغرض الحث على العمل والإخلاص في طلب العلم لا ترك التعلم، فإنه واجب، والعمل واجب آخر مكمل للأول، والله يعمل.

الحديث الخامس ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام فأبث له الشهادة: في بعض النسخ هكذا بالباء الموحدة والثاء المثلثة من البث بمعنى النشر، ويمكن أن يقرأ بصيغة المضارع المعلوم وبصيغة الأمر وبصيغة الماضي المعلوم، وفي بعضها بالموحدة أولا ثمّ المثناة من البت بمعنى القطع، وفي بعضها فأثبت بالمثلثة ثمّ الموحدة ثمّ المثناة من الإثبات، ويحتمل الوجوه الثلاثة أيضاً كسابقه، وفي بعضها فإنما بث له الشهادة، وسيأتي هذا الحديث في باب المستودع والمعار، وفيه فأتت له الشهادة بالنجاة، وهو أظهر.

قولهعليه‌السلام فإنما ذلك مستودع: أي إيمانه غير مستقر وثابت في قلبه، بل يزول بأدنى شبهة، فهو كالوديعة عنده يؤخذ عنه، أو أنه مع عدم العمل بالعلم يحكم بإيمانه ظاهراً بمقتضى إقراره، لكن لا ينفعه في الآخرة كثيراً لأنّه كالمنافق، فكأنه سلب عنه في الآخرة لزوال حكمه عنه.

الحديث السادس مرفوع.

١٤٤

بما علمتم لعلكم تهتدون إنّ العالم العامل بغيره كالجاهل الحائر الّذي لا يستفيق عن جهله بل قد رأيت أن الحجة عليه أعظم والحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه منها على هذا الجاهل المتحير في جهله وكلاهما حائر بائر لا ترتابوا فتشكوا ولا تشكوا فتكفروا ولا ترخصوا لأنفسكم فتدهنوا ولا تدهنوا في الحق

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : العامل بغيره: أي بغير العلم أو بغير ما علم وجوب العمل به من الأعمال، والباء صلة والحائر هو الّذي لا يهتدي لجهة أمره، والاستفاقة الرجوع إلى ما شغل عنه وشاع استعماله في الرجوع عن السقم إلى الصحة، ومنه استفاقة المريض والمجنون والمغمى عليه، وفيه إشعار بأن الجهل كالجنون والسكر والمرض.

قولهعليه‌السلام والحسرة أدوم: مبتدأ وخبر ويحتمل أن يكون عطفا على قوله الحجة عليه أعظم، ويكون قوله هذا العالم بدلا من قوله عليه، والضمير في منها راجعاً إلى الحجة والحسرة جميعاً باعتبار كلّ واحدة منهما، والأول أولى، والبائر الهالك.

قولهعليه‌السلام لا ترتابوا: أي لا تمكنوا الريب والشك من قلوبكم، بل ادفعوه عن أنفسكم لكيلا تعتادوا به وتصيروا من أهل الشك والوسواس، فتكونوا من الكافرين، والحاصل النهي عن التفكّر في الشكوك والشبهات فإنها توهن اليقين وينتهي إلى حد الشك، قال بعض الأفاضل: الريب مصدر رابني الشيء إذا حصل فيك الريبة وحقيقة الريبة فلق النفس واضطرابها، والارتياب الوصول إلى الريبة والوقوع فيها، وليس الريب في هذا الحديث مستعملا في الشك أو التهمة أو غيرهما من لوازم معناه الأصلي أو ملزوماته الّتي شاع استعماله فيها، والمراد لا توقعوا أنفسكم في القلق والاضطراب بالتوغل في الشبهات، أو بمعارضة العلم في مقتضاه من العمل فينتهي أمركم إلى أن تشكوا في المعلوم، والمتيقن لكم، وقوله: لا تشكوا أي لا توقعوا أنفسكم في الشك واحذروا من طريانه على العلم فيوصلكم إلى الكفر وينتهي إلى الشك فيما يكون الشك فيه كفرا.

قولهعليه‌السلام ولا ترخصوا لأنفسكم: أي لا تسهلوا لأنفسكم أمر الإطاعة والعصيان

١٤٥

فتخسروا وإن من الحقّ أن تفقهوا ومن الفقه أن لا تغتروا وإن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه وأغشكم لنفسه أعصاكم لربه ومن يطع الله يأمن ويستبشر ومن يعص الله يخب ويندم.

٧ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه عمن ذكره، عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول إذا سمعتم العلم فاستعملوه ولتتسع قلوبكم فإن العلم إذا كثر في قلب رجل لا يحتمله قدر

________________________________________________________

ولا تخففوا عليها من الحقوق، فتقعوا في المداهنة في أمر الدين والمساهلة في باب الحقّ واليقين، فتكونوا من الخاسرين، أو لا ترخصوا لأنفسكم في ارتكاب المكروهات وترك المسنونات، والتوسع في المباحات فإنها طرق إلى المحرمات، ويؤيده بعض الروايات وهذا في باب العمل كما أن سابقه كان في باب العلم.

قولهعليه‌السلام وإن من الحقّ أن تفقهوا: أي من حقوق الله الواجبة عليكم أن تتفقهوا والتفقه تحصيل المعرفة بجميع ما هو معدود من العلوم الشرعية، أصولها وفروعها.

قولهعليه‌السلام أن لا تغتروا: أي بعلمكم وعملكم أو تنخدعوا من النفس والشيطان والنصيحة إرادة الخير للمنصوح له، والغش إظهار خلاف ما أضمر، والاسم منه الغش بالكسر كما ذكره في مصباح اللغة، والخيبة: الحرمان والخسران، وفي بعض النسخ بالجيم من الوجوب بمعنى السقوط أو من الوجيب بمعنى الخوف، والحاصل أن من يطع الله يأمن من العقوبات، ويستبشر بالمثوبات، ومن يعص الله يخب من الدرجات العلى ويندم على تفويت الفريضة وتضييع العمر.

الحديث السابع: ضعيف.

قولهعليه‌السلام إذا سمعتم العلم: المراد بالعلم المذعن به لا نفس التصديق، والمقصود أنه بعد حصول العلم ينبغي الاشتغال بأعماله والعمل على وفقه عن طلب علم آخر، وقولهعليه‌السلام : ولتتسع قلوبكم، أي يجب أن يكون طلبكم للعلم بقدر تتسعه قلوبكم، ولا تستكثروا منه، ولا تطلبوا ما لا تقدرون على الوصول إلى كنهه، فإنه حينئذ يستولي

١٤٦

الشيطان عليه فإذا خاصمكم الشيطان فأقبلوا عليه بما تعرفون فـ( إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً ) فقلت وما الّذي نعرفه قال خاصموه بما ظهر لكم من قدرة الله عز وجل.

باب المستأكل بعلمه والمباهي به

١ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن

________________________________________________________

الشيطان عليكم ويوقعكم في الشبهات، وقيل: يعني ينبغي أن يكون اهتمامكم بالعمل لا بكثرة السماع والحفظ إلى حد يضيق قلوبكم عن احتماله، وذلك إنما يكون بترك العمل، لأنّ العالم إذا عمل بعلمه لا يضيق قلبه عن احتمال العلم، وقولهعليه‌السلام فإذا خاصمكم، تنبيه على دفع ما يتوهم من أن القناعة من العلم بما يسعه القلب يؤدي إلى العجز عن مخاصمة الشيطان بأن الإقبال على الشيطان بما تعرفون من العقائد المعتبرة في أصل الإيمان يكفي في رفعه، فإن كيد الشيطان كان ضعيفا، والمراد بقوله: خاصموا(١) بما ظهر لكم من قدرة الله عز وجل: خاصموه بآثار قدرته الظاهرة في الرسول أو على يده الدالة على رسالته وبآثار قدرته الظاهرة في الوصي من فطانته وعلمه وصلاحه بعد تنصيص النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على عينه أو صفاته وبما ظهر من قدرته تعالى في كلّ شيء، فإنه يدل على قدرته علي إنشاء النشأة الآخرة وأثابه المطيع وتعذيب العاصي، فإن بهذه المعرفة تنبعث النفس على فعل الطاعات وترك السيئات ثمّ كلما ازداد عملا وسيعاً ازداد بصيرة ويقينا.

باب المستأكل بعلمه والمباهي به

أقول: أراد بالمستأكل بعلمه من يجعل العلم(٢) وسيلة لتحصيل الدنيا، والأكل هنا أعم من الأكل بالمعنى اللغوي وهذا مجاز شائع.

الحديث الأول: ضعيف على المشهور، معتمد عندي.

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المتن « خاصموه »، والأمر سهل.

(٢) في نسخة: علمه.

١٤٧

قيس قال سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منهومان لا يشبعان طالب دنيا وطالب علم فمن اقتصر من الدنيا على ما أحل الله له سلم ومن تناولها من غير حلها هلك إلا أن يتوب أو يراجع ومن أخذ العلم من أهله وعمل بعلمه نجا ومن أراد به الدنيا فهي حظه.

٢ - الحسين بن محمّد بن عامر، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أراد الحديث لمنفعة

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام منهومان: النهمة بالفتح إفراط الشهوة وبلوغ الهمة في الشيء وقد نهم بكذا فهو منهوم أي مولع به حريص عليه، وقيل: ليس في الحديث دلالة على أن الحرص في تحصيل العلم والإكثار منه مذموم، وأن المراد به غير علم الآخرة كما ظن، بل المراد من صدره أن من خاصية الدنيا والعلم أن من ذاق طعمهما لا يشبع منهما، ثمّ بين الممدوح من ذلك والمذموم منه، وذكر أن من اقتصر على الحلال من الدنيا فهو ناج أكثر منه أو أقل، ومن تناولها من غير حلها فهو هالك أكثر منها أو أقل، وكذلك من أخذ العلم من أهله وعمل به فهو ناج أكثر من تحصيله أو أقل، ومن أراد به الدنيا فليس له في الآخرة نصيب أكثر منه أو أقل، وقيل: المراد بطالب العلم من يكون شهوته في طلب العلم لحصول العلم له، فلذا ذم حرصه، والأول أظهر.

قولهعليه‌السلام أو يراجع: في بعض نسخ الحديث ويراجع، فالمعنى إلا أن يتوب إلى الله ويراجع الناس فيؤدي الحقوق إلى أهلها وهنا أيضاً يحتمل أن تكون أو بمعنى الواو وربما يقال الترديد من الراوي، ويحتمل تخصيص التوبة بما إذا لم يقدر على رد المال الحرام إلى صاحبه، والمراجعة بما إذا قدر عليه، وقرأ هنا يراجع على بناء المجهول أي يراجعه الله بفضله أو على بناء الفاعل أي يراجع الله ذلك المتناول من غير الحل في الجملة، كثيراً بالطاعات وترك أكثر الكبائر من المعاصي، فيرجع الله عليه بفضله واستحقاقه له بمراجعته إلى الله والأول أظهر.

الحديث الثاني ضعيف على المشهور لكنه معتبر.

١٤٨

الدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب ومن أراد به خير الآخرة أعطاه الله خير الدنيا والآخرة.

٣ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد الأصبهاني، عن المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب.

٤ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم، عن المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا رأيتم العالم محباً لدنياه فاتهموه على دينكم فإن كلّ محب لشيء يحوط ما أحب وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله أوحى الله إلى داودعليه‌السلام لا تجعل بيني وبينك عالماً مفتونا بالدنيا فيصدك عن طريق محبتي فإن أولئك قطاع طريق عبادي المريدين إن أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة مناجاتي عن قلوبهم.

٥ - علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا قيل يا رسول الله

________________________________________________________

الحديث الثالث ضعيف.

الحديث الرابع ضعيف.

قولهعليه‌السلام يحوط ما أحب: أي يحفظ ويتعهد من هذا الشيء ومن مقابله ما أحب، ومحبة المقابل للشيء المنافي له لا يجامع حبّ ذلك الشيء فمن أحب الدنيا لم يحب الآخرة.

قولهعليه‌السلام لا تجعل بيني وبينك: أي لا تجعل المفتون بالدنيا المعجب بها وسيلة بيني وبينك إلى حصول معرفتي ومعرفة ديني وشريعتي، فيمنعك عن طريق محبتي أي عن الطريق إلى حصول معرفتي ومعرفة ديني وشريعتي، فيمنعك عن طريق محبتي أي عن الطريق إلى ما أحبه أو يمنعك عن الوصول إلى درجة محبتي لك أو محبتك لي.

الحديث الخامس ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام أمناء الرسل: لأنهم مستودعو علومهم، وقد أمروا بأخذ علومهم

١٤٩

وما دخولهم في الدنيا قال اتباع السلطان فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم.

٦ - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله عمن حدثه، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من طلب العلم ليباهي به

________________________________________________________

منهم، واتباع السلطان يشمل قبول(١) الولاية منهم على القضاء ونحوه، والخلطة بهم والمعاشرة معهم اختياراً والرضا بها.

قولهعليه‌السلام فاتهموه على دينكم، أي لا تعتمدوا على فتاويهم وقضاياهم في الدين ولا تسألوهم عن شيء من المسائل.

الحديث السادس مرسل.

قولهعليه‌السلام ليباهي: المباهاة والمماراة: المجادلة، والمراد أن من طلب العلم لتحصيل الرئاسة ومن وجوهها الّتي يناسب طلب العلم المفاخرة وادعاء الغلبة به وذلك مع العلماء لا يصل إلى النزاع والجدال، حيث لا يمارون لعلمهم بقبحه ومع الجهال المتلبسين بلباسهم يورث النزاع والجدال، ومنها صرف وجوه الناس إليه من العالم الرباني فتحصل له الرئاسة(٢) .

قولهعليه‌السلام فليتبوأ مقعده من النار: أي يتخذها منزلاً والأمر للتهكم قال الجزري معناه لينزل منزله في النار، يقال: بوأه الله منزلاً أسكنه إياه وتبوأت منزلا: اتخذته، وقولهعليه‌السلام : إنّ الرئاسة لا تصلح إلا لأهلها دليل لما قبله، وأهل الرئاسة من أوجب الله على عباده المراجعة إليهم، والأخذ عنهم والتسليم لهم من أئمّة الحقّ صلوات الله عليهم.

وروى الصدوق في كتاب معاني الأخبار بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام يقول: رحم الله عبداً أحيى أمرنا، فقلت له: وكيف يحيي أمركم؟ قال: يتعلم علومنا ويعلمه الناس فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لا تبعونا، قال: فقلت له: يا بن رسول الله فقد روي لنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام

__________________

(١) في نسخة: قبوله الولاية.

(٢) وفي نسخة: لتحصل به الرياسة.

١٥٠

العلماء أو يماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار إنّ الرئاسة لا تصلح إلا لأهلها.

باب

لزوم الحجة على العالم وتشديد الأمر عليه

١ - علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال يا حفص يغفر للجاهل سبعون ذنباً قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد

________________________________________________________

أنه قال: من تعلم علما يماري به السفهاء أو يباهي به العلماء أو ليقبل بوجوه الناس إليه فهو في النار! فقالعليه‌السلام : صدق جدي أفتدري من السفهاء؟ فقلت: لا يا بن رسول الله قال: هم قصاص مخالفينا، وتدري من العلماء؟ فقلت: لا يا بن رسول الله، قال: هم آل محمد، الّذين فرض الله طاعتهم وأوجب مودتهم، ثمّ قال: وتدري ما معنى قوله أو ليقبل بوجوه الناس إليه؟ قلت: لا، قال: يعني بذلك والله ادعاء الإمامة بغير حقها، ومن فعل ذلك فهو في النار.

وبإسناده عن حمزة بن حمران قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: من استأكل بعلمه افتقر، فقلت له: جعلت فداك إن في شيعتك ومواليك قوماً يتحملون علومكم ويبثونها في شيعتكم ولا يعدمون على ذلك منهم البر والصلة والإكرام فقالعليه‌السلام : ليس أولئك المستأكلين إنما المستأكل بعلمه الّذي يفتي بغير علم ولا هدى من الله عز وجل ليبطل به الحقوق طمعاً في حطام الدنيا.

أقول: يمكن حمل الخبرين على بيان الفرد الكامل منها لكن لا ضرورة تدعو إليه.

باب لزوم الحجة على العالم وتشديد الأمر عليه

الحديث الأول ضعيف.

ولعل للعالم ههنا بحسب ما يعلمه من المسائل كما أو كيفا كاليقيني والظني والاجتهادي والتقليدي مراتب لا يتناهى، وكذا الجاهل يقابله بحسب تلك المراتب،

١٥١

٢ - وبهذا الإسناد قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام قال عيسى ابن مريم على نبينا وآله وعليه‌السلام ويل للعلماء السوء كيف تلظى عليهم النار.

٣ - علي بن إبراهيم، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إذا بلغت النفس هاهنا وأشار بيده إلى حلقه لم يكن للعالم توبة.

________________________________________________________

فلكل عالم شدة تكليف بالنسبة إلى الجاهل الّذي يقابله.

الحديث الثاني ضعيف.

قولهعليه‌السلام للعلماء السوء: قال الجوهري: ساءه يسوؤه سوءا بالفتح نقيض سره والاسم السوء بالضم، وتقول: هذا رجل سوء بالإضافة، ثمّ تدخل عليه الألف واللام، فتقول: هذا رجل السوء قال الأخفش: ولا يقال: الرجل السوء، ولا هذا رجل السوء بالضم « انتهى » والظاهر أن السوء هنا بالفتح مجروراً بالإضافة كالضارب الرجل، وليس السوء في مثل هذا الموضع صفة بل مضاف إليه، لكن الإضافة ههنا في معنى التوصيف، أي المضاف موصوف بما أضيف إليه والمشتق منه محمول على المضاف، وقوله: كيف تلظى أي تتلهب وتشتعل.

الحديث الثالث: حسن كالصحيح.

قولهعليه‌السلام : إذا بلغت النفس قيل: المراد بالنفس الروح الحيواني فإنه قد يطلق عليه كما يطلق على النفس الناطقة، وقيل: المراد ببلوغ النفس إلى الحلق قطع تعلّقها عن الأعضاء، والانتهاء في قطع التعلّق إلى الحلق والرأس، وهو في آخر ساعة من الحياة الدنيوية، قال بعض المفسرين: من لطف الله بالعباد أن أمر قابض الأرواح بالابتداء في نزعها من أصابع الرجلين، ثمّ يصعد شيئاً فشيئاً إلى أن يصل إلى الصدر، ثمّ ينتهي إلى الحلق ليتمكن في هذه المهلة من الإقبال بالقلب على الله تعالى والوصية والتوبة، ما لم يعاين، والاستحلال من أرباب الحقوق وذكر الله سبحانه، فيخرج روحه وذكر الله على لسانه فيرجى بذلك حسن خاتمته رزقنا الله ذلك بمنه وفضله.

قولهعليه‌السلام لم يكن للعالم: أي العالم بأمور الآخرة فيكون المراد بعد ظهور

١٥٢

ثم قرأ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ) (١) .

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن

________________________________________________________

أحوال الآخرة، لأنّه حينئذ عالم بعلم العيان لا ينفعه التوبة، ويحتمل أن يكون المراد قبل ظهور أحوال الآخرة، وبالعالم العالم مطلقاً لا بهذا الأمر المخصوص، ويكون المراد أن الجاهل تقبل توبته في هذه الساعة بخلاف العالم، فإنه لا بد له من تدارك لما فاته في الجملة، وهو خلاف المشهور إلا أن تحمل على التوبة الكاملة.

قولهعليه‌السلام « إنما التوبة » أي قبول التوبة الّذي أوجبه الله على نفسه بمقتضى وعده، والتوبة هي الرجوع والإنابة، إذا نسبت إلى الله سبحانه تعدت بعلى، وإذا نسبت إلى العبد تعدت بإلى، ومعنى التوبة من العبد رجوعه إلى الله بالطاعة والانقياد بعد عصيانه، والتوبة من الله رجوعه بالعطف على عبده بإلهامه التوبة أولا ثمّ قبوله إياها منه آخراً، فلله توبتان وللعبد واحدة بينهما، قال الله تعالى( ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ) (٢) فالتوبة في قوله سبحانه( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ ) من تاب عليه إذا قبل توبته، إلا أن « على » هذه ليست هي « على » في قولهم: تاب عليه، وقوله تعالى( بِجَهالَةٍ ) أي متلبسين بها، قيل: المراد بالجهالة هنا هي السفاهة الّتي تلزم المعصية ولذا قيل: من عصى الله فهو جاهل، وأمّا قوله سبحانه( ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ ) فيعني به من قبل أن يشرب في قلوبهم حبه فيتعذر عليهم الرجوع، وأمّا الحصر المدلول بلفظة « إنما » فلا ينافي قبولها ممّن أخرها إلى قبيل المعاينة كما ورد في الأخبار لأنّ وجوب القبول غير التفضل به كذا قيل، ويحتمل أن يكون المراد بقوله( مِنْ قَرِيبٍ ) قبل حضور الموت كما يومئ إليه آخر الرواية.

الحديث الرابع ضعيف.

__________________

(١) سورة النساء: ١٧.

(٢) سورة التوبة: ١١٨.

١٥٣

النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله عز وجل -( فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ ) (١) قال هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثمّ خالفوه إلى غيره.

باب النوادر

١ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري رفعه قال كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول روحوا أنفسكم ببديع الحكمة فإنها

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام فكبكبوا: يقال كبه على وجهه أي صرعه فأكب، والكبكبة: تكرير الكب، جعل التكرير في اللفظ دليلاً على التكرير في المعنى، وقولهعليه‌السلام : هم قوم، تفسير لضمير « هم » أو للغاوون، والأول أظهر، وذكر أكثر المفسرين أن ضمير « هم » راجع إلى الآلهة، ولا يخفى أن ما ذكرهعليه‌السلام أنسب لفظا ومعنى، والعدل كلّ أمر حق يوافق العدل والحكمة من العقائد الحقة والعبادات والأخلاق الحسنة.

باب النوادر

أي أخبار متفرقة مناسبة للأبواب السابقة ولا يمكن إدخالها فيها، ولا عقد باب لها لأنها لا يجمعها باب، ولا يمكن عقد باب لكل منها.

الحديث الأول مرفوع.

قولهعليه‌السلام روحوا: من الروح بمعنى الراحة أو بمعنى نسيم الريح ورائحتها الطيبة، والأول أظهر أي صيروا أنفسكم في راحة طيبة ببديع الحكمة، أي ما يكون مبتدعاً غير متكرر من الحكمة بالنسبة إلى أنفسكم فإن النفوس تكل وتعيا بالمتكرر من المعرفة، وتكرار تذكرها، كما تكل الأبدان بالمتكرر من الفعل، ويحتمل أن يكون المراد ببديع الحكمة نفائسها وجلائلها، وبكلال النفوس ما يحصل

__________________

(١) سورة الشعراء: ٩٤.

١٥٤

تكل كما تكل الأبدان.

٢ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن نوح بن شعيب النيسابوري، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن درست بن أبي منصور، عن عروة ابن أخي شعيب العقرقوفي، عن شعيب، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول يا طالب العلم إنّ العلم ذو فضائل كثيرة فرأسه التواضع وعينه

________________________________________________________

لها من الفتور عن الطاعات وعدم الرغبة إلى الحقّ بسبب الاشتغال بالشهوات، أو الكسل الّذي يحصل لها بكثرة الطاعات، فإن نفائس الحكمة ينبه النفس وينشطها بل يحييها بعد موتها كما هو المجرب.

الحديث الثاني ضعيف.

قولهعليه‌السلام إنّ العلم ذو فضائل كثيرة: أقول: لما أرادعليه‌السلام التنبيه على فضائل العلم شبهه بشخص كامل روحاني له أعضاء وقوي كلها روحانية بعضها ظاهرة وبعضها باطنة، فالظاهرة كالرأس والعين والأذن واللسان واليد والرجل، والباطنة كالحفظ والقلب والعقل والهمة والحكمة، وله مستقر روحاني ومركب وسلاح وسيف وقوس وجيش ومال وذخيرة وزاد ومأوى ودليل ورفيق كلها معنوية روحانية ثمّ إنهعليه‌السلام بين انطباق هذا الشخص الروحاني بجميع أجزائه على هذا الهيكل الجسماني إكمالا للتشبيه، وإيماء إلى أن العلم إذا استقر في قلب إنسان يملك جميع جوارحه، ويظهر آثاره من كلّ منها، فرأس العلم وهو التواضع يملك هذا الرأس الجسداني ويخرج منه التكبر والنخوة الّتي هو مسكنها، ويستعمله فيما يقتضيه التواضع من الانكسار والتخشع وكما أن الرأس البدني بانتفائه ينتفي حياة البدن فكذا بانتفاء التواضع عند الخالق والخلائق تنتفي حياة العلم فهو كجسد بلا روح لا يصير مصدراً لأثر وهاتان الجهتان ملحوظتان في جميع الفقرات، وذكره يوجب الإطناب وما ذكرناه كاف لأولي الألباب.

قولهعليه‌السلام وعينه البراءة من الحسد: لأنّ العالم إذا حسد يخفى علمه عن

١٥٥

البراءة من الحسد وأذنه الفهم ولسانه الصدق وحفظه الفحص وقلبه حسن النية وعقله معرفة الأشياء والأمور ويده الرحمة ورجله زيارة العلماء وهمته السلامة

________________________________________________________

غيره، وذلك يوجب عدم تذكره ونقص علمه، وكذا يوجب عدم استعلامه ما لا يعلمه عمن يعلمه لأنّه يبغضه بحسده ولا يريد أن يعلم الناس أنه قابل للتعليم، فالحاسد علمه أعمى، ولما كان الحسد بالعين نسب إليها، « وأذنه الفهم » أي فهم المراد والمقصود، لأنّ الذهن إذا لم يفهم المعنى المقصود كان كالذي يخاطب بما لا يسمع، وأيضا الأذن آلة للفهم فناسبه « ولسانه الصدق » لأنّه إذا لم يكن مع العلم الصدق كان كالأبكم، إذ كما أن الأبكم لا ينتفع الناس بمنطقة فكذا العالم الكاذب لا ينتفع الناس بإفاداته، لعدم اعتمادهم عليه « وحفظه الفحص » هو البحث والكشف عن الشيء والعلم بدون الفحص كالذي لا حفظ له فيغفل عن كثير وينسى كثيرا.

« وقلبه حسن النية » وهو أن لا يكون له مقصود في طلب العلم وبذله إلا رضى الرب سبحانه، حتّى يترتب عليه الحياة الأبدية، فالعلم العاري عن ذلك كمن لا قلب له فلا حياة له، والمناسبة ظاهرة، و « عقله » أي ما هو فيه بمنزلة النفس للبدن، أو بمنزلة القوة المميزة بين الحسن والقبيح، والمراد بمعرفة الأشياء والأمور إمّا معرفة جميع الأمور الّتي لا بد من معرفتها أو معرفة الدنيا وفنائها، وما يوجب الزهد فيها والإعراض عنها والتوجه إلى جناب الحقّ تعالى ومعرفة من يجب متابعته، ويجوز أخذ العلم عنه، فإن معرفة هذه الأشياء يوجب حصول العلم الكامل، وتحصيله من معدنه وإفاضة العلوم الربانية عليه، فهي بالنسبة إلى مجموع العلم كالنفس أو كالقوة المميزة في أن العلم لا يحصل إلا بها، ولها تعلّق تام بالقلب المتقدم ذكره، ويمكن حمله على معرفة مبادئ العلوم الحقة وما يتوقف تحصيلها عليه، والأوسط أظهر.

« ويده الرحمة » أي الرحمة على المحتاجين إليه من العلم أو الأعم منه ومن غيره، والعلم مع عدمها كالذي لا يدله، وكذا زيارة العلماء كالرجل له، إذ لولاها لما انتقل

١٥٦

وحكمته الورع ومستقره النجاة وقائده العافية ومركبه الوفاء وسلاحه لين الكلمة وسيفه الرضا وقوسه المداراة وجيشه محاورة العلماء وماله الأدب

________________________________________________________

العلم من أحد إلى آخر، والمراد بالسلامة إمّا سلامته من المعاصي أو سلامة الناس من شره.

قولهعليه‌السلام : وحكمته، أي ما به اختياره للصدق والصواب، والورع اجتناب المحرمات والشبهات، أي ما به يختار الصدق والصواب، وهو التحرز عن ارتكاب ما لا يليق من القول والاعتقاد والفعل والنية ويمكن أن يراد بالحكمة ما تقتضيه حكمته، وربما يقرأ بفتح الحاء والكاف، وهو المحيط من اللجام بحنك الدابة، أي المانع لمركبه من الخروج عن طريقه والتوجه إلى خلاف مقصده « ومستقره » أي محل استقراره ومسكنه الّذي إذا وصل إليه سكن، واستقر فيه النجاة والتخلص عن الشكوك والشبهات، فإن العلم والعالم لا يستقران ولا يطمئنان إلا إذا وصلا إلى حد اليقين، أو لا يترك الحركة والسعي في تحصيل النجاة إلا مع حصولها بعد الموت، فما دام في الدنيا لا يفتر عن السعي، لتحصيل النجاة الأخروية، ويحتمل أن يكون المستقر مصدراً ميميّاً أي استقراره في قلب العالم يوجب النجاة عن الجهل والعقوبات والحمل على المبالغة.

« وقائده » أي ما يقوده ويجره نحو مستقره الّذي هو النجاة: العافية من الآفات والعاهات والأمراض النفسانية « وسيفه الرضا » أي الرضا بالقضاء، أو بما وقع من العدو بالنسبة إليه، وعدم التعرض لدفعه، ولعلهعليه‌السلام إنما شبه الرضا بالسيف والمداراة بالقوس لأنّ بالسيف يدفع العدو القريب، وبالقوس يدفع العدو البعيد، والرضا والصبر يدفعان المضرة العاجلة، والمداراة وحسن الخلق يدفعان المضرات المتوقعة، ومحاورة العلماء: مكالمتهم ومجاوبتهم، فإنها تقوية وتعينه كتقوية الأعوان والأنصار، والمراد بالمال البضاعة الّتي يتجر بها، وبالذخيرة ما يحرز لوقت الحاجة، فالأدب كالبضاعة للعلم، واجتناب الذنوب كالذخيرة له لتقوي العلم به

١٥٧

وذخيرته اجتناب الذنوب وزاده المعروف وماؤه الموادعة ودليله الهدى - ورفيقه محبة الأخيار.

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نعم وزير الإيمان العلم ونعم وزير العلم الحلم ونعم وزير الحلم الرفق ونعم وزير الرفق الصبر.

٤ - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام قال جاء رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال يا رسول الله ما العلم قال الإنصات قال ثمّ مه قال:

________________________________________________________

يوما فيوماً، وينتفع به عند الحاجة.

« ودليله » أي ما يدله ويرشده إلى الحقّ والنجاة الهدي أي هدى الله تعالى بتوسط الأنبياء والأوصياءعليه‌السلام ، وتوفيقه وتسديده، « ورفيقه » أي ما يؤمن بمرافقته من قطع طريقه إلى النجاة « محبة الأخيار » وفي تحف العقول « صحبة الأخيار » ولعله أنسب.

الحديث الثالث صحيح.

قولهعليه‌السلام نعم وزير الإيمان: الوزير الّذي يلتجئ الأمير إلى رأيه وتدبيره، ويحمل عنه ما حمله من الأثقال، والمراد بالإيمان التصديق بإلهيته سبحانه ووحدانيته وصفاته الكمالية، وبالرسول وبما جاء به، وبالعلم معرفة المعارف بأدلتها معرفة يوجب مراعاتها اضمحلال الشبه والشكوك وبالحلم الأناة، وأن لا يزعجه هيجان الغضب وهي حالة نفسانية توجب ترك المراء والجدال، وأن لا يستفزه الغضب، والرفق الميل إلى التلطف، وتسهيل الأمر والإعانة، ويحتمل أن يكون المراد بالرفق إعمال الحلم، والعبرة هي العبور العلمي من الأشياء إلى ما يترتب عليها وتنتهي إليه، وتقوية كلّ سابق مما ذكر بلا حقه لا يحتاج إلى البيان.

الحديث الرابع ضعيف على المشهور.

قوله: ما العلم؟ لعل سؤال السائل كان عمّا يوجب العلم أو عن آداب طلبه أو

١٥٨

الاستماع قال ثمّ مه قال الحفظ قال ثمّ مه قال العمل به قال ثمّ مه يا رسول الله قال نشره.

٥ - علي بن إبراهيم رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال طلبة العلم ثلاثة فاعرفهم بأعيانهم وصفاتهم صنف يطلبه للجهل والمراء وصنف يطلبه للاستطالة والختل

________________________________________________________

عما يدل على حصوله، ويحتمل أن يكون غرضه استعلام حقيقته فأجابهعليه‌السلام ببيان ما يوجب حصوله أو يدل على ثبوته، لأنّه الّذي ينفعه، فالحمل على المبالغة، والإنصات السكوت عند الاستماع فإن كثرة المجادلة عند العالم يوجب الحرمان عن علمه.

قوله: ثمّ مه؟ أصلها « ما » قلبت الألف هاء أو حذفت وزيدت الهاء للسكت.

الحديث الخامس مرفوع، وسنده الثاني مجهول، ورواه الصدوق (ره) في الأمالي عن جعفر بن محمّد بن مسرور، عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن محمّد بن عبد الجبار عن محمّد بن زياد، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة عن ابن عباس، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام بأدنى تغيير، ورواه أيضاً في الخصال عن محمّد بن موسى بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود عن سعيد بن علاقة عنهعليه‌السلام مثله.

قولهعليه‌السلام بأعيانهم: أي بخواصهم وأفعالهم المخصوصة بهم، أو بالشاهد والحاضر من أفعالهم كما قيل، وقال في القاموس: العين الحاضر من كلّ شيء، فالمراد بصفاتهم ما عداً أفعالهم من صفاتهم المتصفين بها، وقيل: فاعرفهم بأعيانهم أي أقسامهم ومفهومات أصنافهم، وهي ما ذكره بقولهعليه‌السلام : صنف، إلى قوله: والعقل وصفاتهم أي علاماتهم الّتي يعرف بها كلّ صنف من غيره، وهو ما ذكره بقوله: فصاحب الجهل إلى آخره، وقيل: المراد بأعيانهم مناظرهم من هيئاتهم وأوضاعهم كالتسربل بالخشوع والتخلي من الورع، قال في القاموس: العين منظر الرجل، وبصفاتهم علاماتهم من أفعالهم وهو قريب من الأول، وقيل: المعنى أعرفهم بسبب الحاضر من أفعالهم وعلاماتهم و

١٥٩

وصنف يطلبه للفقه والعقل فصاحب الجهل والمراء موذ ممار متعرض للمقال في أندية الرجال بتذاكر العلم وصفة الحلم قد تسربل بالخشوع وتخلى من الورع فدق الله من

________________________________________________________

يكون الواو في قوله: وصفاتهم بمعنى مع، أي مع صفاتهم وخواصهم الّتي خصهم الله تعالى بها مما فعله بهم من العقاب على الأولين، والإثابة على الثالث على الوجه الّذي ذكرهعليه‌السلام بعد ذكر علامة كلّ واحد من الأصناف الثلاثة، وحينئذ يكون الكلام على سياقة اللف والنشر المرتب أو بالعكس، بأن يكون المراد بأعيانهم خواصهم الّتي خصهم الله تعالى بها من العقاب والثواب، وبصفاتهم علاماتهم، والباء للإلصاق، والواو بمعنى مع أو للعطف، واللف على خلاف ترتيب النشر، والجهل السفاهة وترك الحلم، وقيل: ضد العقل، والمراء المجادلة من غير غرض ديني والاستطالة: العلو والترفع والختل بالمعجمة المفتوحة والمثناة الفوقانية الساكنة: الخداع كما ذكره في النهاية، في شرح هذا الخبر، والفقه: معرفة الأمور الدينية، والمراد بالعقل تعقل الأمور وفهمها، أو المعنى أنه يطلب العلم ليستعمله العقل، ويعمل بمقتضاه أو لتكميل العقل الفطري، والأندية جمع النادي وهو مجتمع القوم ومجلسهم ومتحدثهم ما داموا فيه مجتمعين، فإذا تفرقوا فليس بنادي، وقولهعليه‌السلام : بتذاكر العلم متعلّق بالمقال، أي يصف العلم والحلم، ولا يتصف بهما، أو يصف نفسه بهما مع خلوه عنهما، ويذكر المسائل المشكلة ويتكلم فيها، ليظهر علمه وليس بعالم، ويظهر الحلم أحيانا وليس بحليم، والتسربل تفعلل من السربال وهو القميص أي أظهر الخشوع للتشبه بالخاشعين والتزيي بزيهم مع خلوه عنه لخلوه من الورع اللازم له.

قولهعليه‌السلام فدق الله من هذا: دعاء عليه أو خبر عمّا سيلحقه، وكذا نظائره وقوله من هذا: أي بسبب كلّ واحدة من تلك الخصال، ويحتمل أن تكون الإشارة إلى الشخص فكلمة « من » تبعيضية، والمراد بدق الخيشوم وهو أعلى الأنف وأقصاه: إذلاله وإبطال أمره، ورفع الانتظام عن أحواله وأفعاله، وبقطع الحيزوم بفتح الحاء المهملة وضم الزاء المعجمة، وهو ما استدار بالظهر والبطن، أو ضلع الفؤاد أو ما اكتنف

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358