مرآة العقول الجزء ١

مرآة العقول16%

مرآة العقول مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 358

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 358 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39791 / تحميل: 5950
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

قضيت حاجتك يا روح الله فقام فغسل أقدامهم فقالوا كنا نحن أحق بهذا يا روح الله فقال إن أحق الناس بالخدمة العالم إنما تواضعت هكذا لكيما

________________________________________________________

خاصتي من أصحابي وناصري، ومنه الحواريون: أصحاب عيسىعليه‌السلام أي خلصائه وأنصاره وأصله من التحوير: التبييض، قيل: إنهم كانوا قصارين يحورون الثياب أي يبيضونها، قال الأزهري: الحواريون خلصان الأنبياء، وتأويله: الّذين أخلصوا ونقوا من كلّ عيب.

قولهعليه‌السلام قضيت: على بناء المجهول رعاية للأدب وقيل: يحتمل الدعاء، ثمّ اعلم أنهعليه‌السلام أدى في فعله ذلك أقصى مراتب التواضع، حيث أراد غسل الأقدام أو تقبيلها على اختلاف النسخ، ثمّ جعل ذلك مطلوباً له وسماه حاجة، ثمّ استأذن فيهعليه‌السلام ثمّ صنع مثل ذلك بتلامذته وتابعيه، ثمّ قال: إنه أحق بذلك، وقد ذكر لفعله غايتين متعدية ولازمة، ومثل لأحدهما تمثيلا جميلا حيث شبه المتواضع بالسهل والمتكبر بالجبل، وبين فضل السهل على الجبل وكونه أكثر منفعة.

قولهعليه‌السلام إن أحق الناس لأنّه أعرف بحسنها وثمرتها، والعمل بالمكارم أوجب على العالم، وقيل: ذلك لشدة استعداده للفيضان من المبدأ ولفضله وشرفه وعزه بالعلم، فبتواضعه وتذلله بالخدمة يفاض عليه ما يليق به، ويتزين عزه وشرفه بالتواضع، ولا يلحقه ذل بذلك، بخلاف الجاهل فإنه لقلة استعداده إنما يفاض عليه ما يليق به، ولذلة ومنقصته بالجهل يكون مناسباً للخدمة، فلا يكون في خدمته تواضعا، فلا يزداد به إلا ذلا وقيل: لأنّ نسبة العالم إلى الناس كنسبة الراعي إلى القطيع، وكما أن الراعي حقيق بخدمة الغنم، وأكمل الرعاة من هو أكثر خدمة لها، كذلك العالم حقيق بخدمة الناس، بأن يصلح أمور معادهم ومعاشهم بتعليمهم وإرشادهم إلى الحقّ فأكمل العلماء أشفقهم بالناس، وكمال الشفقة يفضيه إلى الخدمة العرفية أيضا، فهو أحق الناس بالخدمة، أو لأنّه لما كان العالم يقتدي به الناس في أفعاله الحسنة فكلما فعله يصير عادة مستمرة متبعة بخلاف غيره، و

١٢١

تتواضعوا بعدي في الناس كتواضعي لكم ثمّ قال عيسىعليه‌السلام بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبر وكذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل.

٧ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد عمن ذكره، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول يا طالب العلم إن للعالم ثلاث علامات العلم والحلم والصمت وللمتكلف ثلاث علامات ينازع من فوقه بالمعصية ويظلم من دونه بالغلبة ويظاهر الظلمة.

________________________________________________________

الخدمة من الأفعال الحسنة فهو أولى وأحق بها من الجاهل، ليتبعه الناس ويؤيده قولهعليه‌السلام لكيما تتواضعوا بعدي، وذلك لا ينافي كونه أحق بالمخدومية من جهة أخرى، أو يقال: يجب للعالم زرع بذر الحكمة في قلوب الناس وإرشادهم وهدايتهم إلى الحق، وذلك لا يؤثر حق التأثير غالباً في قلوبهم القاسية، لغلبة قوتي الشهوية والغضبية، فينبغي له أولا أن يرقق قلوبهم بالتواضع والخدمة والملاطفة، ثمّ يرشدهم إلى الحقّ وهذا مجرب.

الحديث السابع مرسل.

قولهعليه‌السلام إن للعالم: المراد بالعالم العالم العامل الكامل الّذي استقر العلم في قلبه، ومن جملة علاماته العلم الظاهر والعمل به، والمراد بالمتكلف من يدعي مثل هذا العلم تكلفا، وليس به متصفا، والمراد بمن فوقه كلّ من هو فوقه شرعا، ويجب عليه إطاعته كالواجب تعالى والأنبياء والأئمّة والعلماء والأب والمالك وغيرهم، والمراد بالمعصية إمّا معصية الله تعالى أو معصية من فوقه، والأخير أظهر وإن كان الأول أفيد.

قولهعليه‌السلام بالغلبة أي بأن يغلب ويستولي عليه أو بسبب غلبته عليه، وهذا يشمل ما إذا كان المعلم أقوى في المناظرة من المتعلم، فلا يقبل منه الحقّ لاستيلائه عليه في قوة المناظرة، وما إذا كانت غلبته عليه للعزة الدنيوية، والمظاهرة المعاونة أي يعاونهم بالفتاوى الفاسدة، والتوجيهات لأعمالهم الباطلة.

١٢٢

باب حق العالم

١ - علي بن محمّد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن محمّد بن خالد، عن سليمان بن جعفر الجعفري عمن ذكره، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول إن من حق العالم أن لا تكثر عليه السؤال ولا تأخذ بثوبه وإذا دخلت عليه وعنده قوم فسلم عليهم جميعاً وخصه بالتحية دونهم واجلس بين يديه ولا تجلس خلفه ولا تغمز بعينك ولا تشر بيدك ولا تكثر من القول قال فلان وقال فلان خلافا لقوله

________________________________________________________

باب حق العالم

الحديث الأول مرسل.

قولهعليه‌السلام وأن لا تكثر عليه السؤال: قال بعض الأفاضل: يحتمل أن يكون المراد بالإكثار عليه، الإكثار المتضمن للضرر بأن يكثر لينفد ما عنده ليظهر خطاءه أو عجزه، ويحتمل أن يكون المراد بالإكثار الزيادة على القدر الّذي يعمل به، أو يحفظه ويضبطه، ويحتمل أن يكون الظرف متعلّقاً بالسؤال، ويكون المراد بالسؤال عليه الإيراد والرد عليه أو لا يراد بعلى مفادها، ويراد به السؤال منه كما في احتمال الثاني « انتهى ».

قولهعليه‌السلام ولا تأخذ بثوبه: كأنه كناية عن الإلحاح في الطلب ويحتمل أن يكون المراد عدم النظر إلى ثوبه ولباسه في إكرامه كما قيل، ولا يخفى بعده.

قولهعليه‌السلام واجلس بين يديه: أي حيث تواجهه ولا يحتاج في الخطاب والمواجهة إلى انحراف، والمراد بالجلوس خلفه ما يكون بخلاف ذلك، ويحتمل أن يكون المراد بالجلوس بين يديه ما يقابل الجلوس خلفه، فيشمل اليمين واليسار، ويحتمل أن يكون المراد بكل منهما معناه الحقيقي، ولا يكون اليمين واليسار داخلين في المأمور به ولا في المنهي عنه.

قولهعليه‌السلام ولا تغمز: الغمز بالعين الإشارة بها، ولعل في حذف المفعول إشارة

١٢٣

ولا تضجر بطول صحبته فإنما مثل العالم مثل النخلة تنتظرها حتّى يسقط عليك منها شيء والعالم أعظم أجراً من الصائم القائم الغازي في سبيل الله.

باب فقد العلماء

١ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيوب الخزاز، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما من أحد يموت من المؤمنين أحب إلى إبليس من موت فقيه.

٢ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا مات المؤمن الفقيه ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء

________________________________________________________

إلى أن الغمز إلى المعلم وإلى غيره مناف لحقه، وأمّا الإشارة باليد فتحتمل التعميم للعلة المذكورة، والتخصيص بالمعلم بأن يبسط يده إليه عند مناظرته كما هو المتعارف، أو يشير إليه بيده إذا تكلم مع غيره لتعيينه، وكل ذلك من سوء الأدب.

قولهعليه‌السلام من الصائم أي في نهاره، القائم أي في ليله بالعبادة طول دهره وإنما كان أفضل منهما لأنّ الصائم إنما يكف نفسه عمّا أمر بالكف عنه في زمان يسير، وكذا القائم إنما ينفع نفسه في بعض الأزمان، والعالم يكف نفسه ونفوس أصحابه ومن اتبعه مدى الأعصار، عن الاعتقادات الباطلة والآراء الفاسدة بالدلائل القاطعة، ويوجب إقدام جم غفير في الأزمان المتطاولة بالصيام والقيام وغيرهما من الطاعات، والمجاهد يدفع غلبة الكفار على أبدان الخلق في زمان قليل والعالم يدفع استيلاء الشياطين وأهل الضلال على أديانهم إلى يوم القيامة فلذا كان العالم الرباني الهادي للخلق إلى الحقّ والصواب أعظم أجراً من الصائم القائم الغازي في سبيل الله.

باب فقد العلماء

الحديث الأول موثق.

الحديث الثاني حسن.

قولهعليه‌السلام ثلمة: هي بالضم: فرجة المكسور والمهدوم.

١٢٤

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة قال سمعت أبا الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام يقول إذا مات المؤمن بكت عليه الملائكة وبقاع الأرض الّتي كان يعبد الله عليها وأبواب السماء الّتي كان يصعد فيها بأعماله وثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء لأنّ المؤمنين الفقهاء حصون الإسلام كحصن سور المدينة لها.

________________________________________________________

الحديث الثالث: ضعيف على المشهور وربما يعد موثقا.

قولهعليه‌السلام بكت عليه الملائكة أي الموكلون به أو الأعم، وقولهعليه‌السلام : يعبد الله على بناء المعلوم وما قيل: من احتمال بناء المجهول بعيد، وبكاء البقاع إمّا على المجاز والتمثيل كما هو الشائع بين العرب والعجم حيث يعبرون عن شدة المصيبة بأنه بكى لها السماء والأرض، أو بحذف المضاف أي بكى عليه أهل البقاع من الملائكة والجن والأرواح والمؤمنون، وكذا بكاء أبواب السماء يحتمل الوجهين ويحتمل أن يكون كناية عن أن يفقده بسوء حال العالم، وحال أجزائه، إذ به نظام العالم، وبفقده تنقص بركات السماء والأرض، لا سيما ما يتعلّق من العالم بالمؤمن نفسه من الملائكة الّتي كانت مسرورة بخدمته وحفظه، والبقاع الّتي كانت معمورة بحركاته وسكناته، وأبواب السماء كانت مفتوحة لصعود أعماله وحسناته، وقيل: لعل المراد بأبواب السماء ما يوصل الأعمال إلى مقرها من العلويات، ويكون وسيلة لوصولها ودخولها وانضباطها فيها،ملكاً كان أو روحا أو نفوسا كاملة شريفة قدسية، أو قوة أو نفسا علوية، وبالجملة يراد بالبكاء الحزن الموجب لجري الدموع فينا، سواء كان هناك مع الحزن جرى الدموع أو لا « انتهى ».

قولهعليه‌السلام كحصن: لعل المراد بالحصن أجزاء السور والمراد بالسور سور البلد وبالحصن الموضع الّذي يتحصن فيه أهل البلد، وحمله على المعنى المصدري لا يخلو من بعد لفظا ومعنى.

١٢٥

٤ - وعنه، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما من أحد يموت من المؤمنين أحب إلى إبليس من موت فقيه.

٥ - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن داود بن فرقد قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن أبي كان يقول إنّ الله عز وجل لا يقبض العلم بعد ما يهبطه ولكن يموت العالم فيذهب بما يعلم فتليهم الجفاة فيضلون ويضلون ولا خير في شيء ليس له أصل.

٦ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمّد بن علي عمن ذكره، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كان علي بن الحسينعليه‌السلام يقول إنه يسخي

________________________________________________________

الحديث الرابع: صحيح.

الحديث الخامس: ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام لا يقبض العلم: أي إذا أفاض الله العلم الحقيقي على العالم الرباني لا يسلبه منه، فلا يكون فقد العلم بذهابه وبقاء محله، بل إنما يذهب بذهاب محله وبذلك ظهر أن ذهاب العالم أعظم المصائب لا هل العالم، إذ به يذهب العلم من بينهم.

قولهعليه‌السلام فتليهم الجفاة: أي تتصرف في أمورهم، من الولاية بالكسر وهي الإمارة، والجفاة البعداء عن الآداب الحسنة وأهل النفوس الغليظة، والقلوب القاسية الّتي ليست قابلة لاكتساب العلم والكمال.

قولهعليه‌السلام ولا خير: أي لما كان بناء الولاية والسياسة على العلم ولا خير في ولاية لا علم لصاحبها ولم يؤمر الناس بمتابعته وأخذ العلم عنه، أو المراد أن علومهم كلها جهل لا أصل لها أو أعمالهم بغير علم باطلة لا حقيقة لها.

الحديث السادس: مرسل.

قولهعليه‌السلام يسخى: في بعض النسخ يسخى من باب التفعيل، وفي بعضها تسخى من المجرد، وعلى النسخة الأولى فاعله: قول الله ومفعوله نفسي، وقوله: فينا متعلّق بسرعة

١٢٦

نفسي في سرعة الموت والقتل فينا قول الله -( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها ) وهو ذهاب العلماء.

باب مجالسة العلماء وصحبتهم

١ - علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس رفعه قال قال لقمان لابنه يا بني اختر المجالس على عينك فإن رأيت قوماً يذكرون الله جل وعز فاجلس معهم فإن تكن عالماً نفعك علمك وإن تكن جاهلاً علموك ولعل الله أن يظلهم برحمته فيعمك معهم وإذا رأيت قوماً لا يذكرون الله فلا تجلس معهم فإن تكن

________________________________________________________

الموت والقتل، ويحتمل تعلّقه بالقول، وعلى الثانية فاعله نفسي وقوله « فينا » خبر لقوله قول الله، فعلى الأول كان المراد التهديد والتخويف، بأن الأمة صاروا مستحقين لقبائح أعمالهم لا ذهابنا من بينهم ووقوع العذاب عليهم، وعلى الثاني الظاهر أن المراد إنا لا نخاف من الموت والقتل، لكن لا نطلبه من الله تعالى، لأنّه سبب لعذاب الناس وسلب الرحمة منهم، فيكون تقدير الكلام لكن فينا قول الله، ويحتمل أن يكون على هذا الوجه أيضاً تعليلاً للتسخية.

باب مجالسة العلماء وصحبتهم

الحديث الأول: مرفوع.

قولهعليه‌السلام على عينك: أي على بصيرة منك أو بعينك، فإن على قد تأتي بمعنى الباء كما صرح به الجوهري، أو المراد رجحه على عينك، أي ليكن المجالس أعز عندك من عينك.

قولهعليه‌السلام نفعك علمك: إمّا بأن تعلمهم أو تستفيد منهم تذكيراً وتأييداً لما تعلم، وما قيل: إن علمك بدل من الضمير البارز في نفعك، أي نفع الجلوس معهم علمك، تكلف مستغنى عنه.

قولهعليه‌السلام أن يظلهم: قال الفيروزآبادي: أظلني الشيء أي غشيني، والاسم

١٢٧

عالما لم ينفعك علمك وإن كنت جاهلاً يزيدوك جهلا ولعل الله أن يظلهم بعقوبة فيعمك معهم.

٢ - علي بن إبراهيم، عن أبيه ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعا، عن ابن محبوب، عن درست بن أبي منصور، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام قال محادثة العالم على المزابل خير من محادثة الجاهل على الزرابي.

٣ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قالت الحواريون لعيسى يا روح الله من نجالس قال من يذكركم الله رؤيته ويزيد في علمكم منطقه ويرغبكم في الآخرة عمله.

٤ - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة.

٥ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد الأصبهاني، عن سليمان

________________________________________________________

الظل أو دنا مني حتّى ألقى على ظله.

الحديث الثاني: ضعيف.

وقال في القاموس: الزرابي النمارق والبسط، أو كلّ ما بسط واتكأ عليه، الواحد زربي بالكسر ويضم.

الحديث الثالث: ضعيف.

الحديث الرابع: مجهول كالصحيح.

قولهعليه‌السلام أهل الدين: أي العلماء العاملين بعلمهم، ويحتمل شموله للعباد والزهاد أيضا.

الحديث الخامس ضعيف.

١٢٨

بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن مسعر بن كدام قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول لمجلس أجلسه إلى من أثق به أوثق في نفسي من عمل سنة.

باب سؤال العالم وتذاكره

١ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن مجدور أصابته جنابة فغسلوه فمات قال قتلوه ألا سألوا فإن دواء العي السؤال.

________________________________________________________

ومسعر بكسر الميم وفتح العين بين السين الساكنة والراء غير المعجمات وقد يفتح ميمه تفألا، وكدام بالكاف المكسورة والدال الغير المعجمة الخفيفة، ومسعر شيخ السفيانيين سفيان الثوري وسفيان بن عيينة.

قولهعليه‌السلام : لمجلس، وفي بعض النسخ المجلس ويحتمل أن يكون مصدراً ميميا، ويكون المنصوب في أجلسه في موضع المفعول المطلق كما قيل، ويحتمل أن يكون اسم مكان وتقدير الكلام أجلس فيه، وإلى بمعنى مع، أي مع من أثق به أو فيه تضمين والوثوق بعدم التقية، وكونه محلا للإسرار حافظا لها.

باب سؤال العالم وتذاكره

الحديث الأول: حسن.

قولهعليه‌السلام عن مجدور ...هو من به الجدري وهو بفتحتين وبضم الجيم داء معروف.

قولهعليه‌السلام قتلوه: إذ كان فرضه التيمم فمن أفتى بغسله أو تولى ذلك منه فقد أعان على فتله، وقولهعليه‌السلام ألا سئلوا؟ بتشديد اللام حرف تحضيض، وإذا استعمل في الماضي فهو للتوبيخ واللوم، ويحتمل أن يكون بالتخفيف استفهاما إنكاريا، والعي بكسر المهملة وتشديد الياء: الجهل وعدم الاهتداء لوجه المراد والعجز عنه، وفي بعض النسخ بالغين المعجمة ولعله تصحيف.

١٢٩

٢ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة ومحمد بن مسلم وبريد العجلي قالوا قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لحمران بن أعين في شيء سأله إنما يهلك الناس لأنهم لا يسألون.

٣ - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال إن هذا العلم عليه قفل ومفتاحه المسألة.

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله.

٤ - علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي جعفر الأحول، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يسع الناس حتّى يسألوا ويتفقهوا ويعرفوا إمامهم ويسعهم أن يأخذوا بما يقول وإن كان تقية.

٥ - علي، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عمن ذكره، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام

________________________________________________________

الحديث الثاني: صحيح.

الحديث الثالث: ضعيف على المشهور وسنده الثاني أيضاً ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : هذا العلم إمّا إشارة إلى مطلق العلم أو إلى العلم الّذي يحتاج الناس إليه من علوم الدين ولعله أظهر.

الحديث الرابع: صحيح.

قولهعليه‌السلام : أن يأخذوا، أي قولا واعتقاداً في كلّ زمان بما يقول الإمام في ذلك الزمان وإن كان تقية فإن ما يقوله الإمام تقية يسع السائل أن يعتقده ويقول به، إذا لم يتنبه للتقية وأمّا العمل به والأمر بالعمل به مع التنبه للتقية أيضاً لازم عند التقية، ولا يسعهم ولا يكفيهم أن يأخذوا بما لم يتفقهوا فيه، ولم يعرفوه عن إمامهم وإن وافق الحقّ الصريح الّذي لا تقية فيه.

الحديث الخامس: مرسل.

١٣٠

قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أف لرجل لا يفرغ نفسه في كلّ جمعة لأمر دينه فيتعاهده ويسأل عن دينه وفي رواية أخرى لكل مسلم.

٦ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّ الله عز وجل يقول تذاكر العلم بين عبادي مما تحيا عليه القلوب الميتة إذا هم انتهوا فيه إلى أمري.

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام أف لرجل: أف بضم الهمزة وكسر الفاء المشددة منونا والتنوين للتكثير، وقيل للتنكير، ويجوز حذف التنوين ويجوز أيضاً فتح الفاء مع التنوين وبدونه، ويجوز الضم بالوجهين وهو كلمة تكره وتضجر، وقوله: لا يفرغ إمّا من المجرد ونفسه فاعله، أو على بناء التفعيل ونفسه مفعوله، والمراد بالجمعة أمّا اليوم المعهود، أو الأسبوع بتقدير يوماً، والأول أظهر، والمراد بالتفريغ ترك الشواغل الدنيوية والضمير في قوله فيتعاهده إمّا راجع إلى اليوم أو إلى الدين وعلى الأول المراد بتعاهده الإتيان بالصلاة والوظائف المقررة فيه، ومن جملتها تعلم المسائل واستماع المواعظ من الإمامعليه‌السلام أو نائبه الخاص أو نائبه العام.

الحديث السادس: حسن.

قولهعليه‌السلام تذاكر العلم أي تذاكر العباد وتشاركهم في ذكر العلم، بأن يذكر كلّ منهم للآخر شيئاً من العلم ويتكلم فيه مما يحيى القلوب الميتة، حالكونها ثابتة عليه وحاصله أنه من الأحوال الّتي تحيي عليها القلوب الميتة ويحتمل أن يكون على بمعنى الباء، وعلى التقديرين تحيي إمّا من المجرد المعلوم أو المزيد فيه المجهول، وقوله تعالى: إذا هم انتهوا فيه إلى أمري، يحتمل أن يكون المراد بالأمر فيه مقابل النهي، أي إذا كان تذاكرهم على الوجه الّذي أمرت به من أخذ العلم من معدنه والاقتباس من مشكاة النبوة، ويحتمل أن يكون المراد بالأمر مطلق الشأن فيكون المراد بالانتهاء إلى أمره الوصول إلى صفاته وأسمائه وأو أمره ونواهيه، بالمعرفة والإطاعة والانقياد، وقيل: يحتمل أن يكون المراد بالأمر الّذي كان مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّةعليه‌السلام

١٣١

٧ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول رحم الله عبداً أحيا العلم قال قلت وما إحياؤه قال أن يذاكر به أهل الدين وأهل الورع.

٨ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن محمّد الحجال، عن بعض أصحابه رفعه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تذاكروا وتلاقوا وتحدثوا فإن الحديث جلاء للقلوب إنّ القلوب لترين كما يرين السيف جلاؤها الحديث.

________________________________________________________

كما قال تعالى( وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ) (١) فيكون الانتهاء إليه عبارة عن استناد ما يتذاكرونه من العلوم الدينية إليهمعليه‌السلام ولا يخفى بعده.

الحديث السابع: ضعيف.

قولهعليه‌السلام أن يذاكر به أهل الدين: لعل التخصيص بأهل الدين وأهل الورع لأنّ غيرهم مظنة أن يغيروه ويفسدوه، فلا يوجب الذكر لهم والنقل عنهم حفظا، ولا يكون فيه إحياء، وقيل: إنما قيد بأهل الورع لأنّ العلم المحيي إنما هو علم الدين وطهارة القلب بالورع والتقوى شرط لحصوله، كما قال سبحانه:( وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ ) (٢) .

الحديث الثامن: مرفوع.

قولهعليه‌السلام تذاكروا: قيل أمرعليه‌السلام بتذاكر العلم، ولما لم يكن صريحا في المراد وهو التحديث بالعلم عقبه بقوله وتلاقوا وتحدثوا، أي بالعلم بيانا للمراد من التذاكر أقول: ويحتمل أن يكون المعنى تذاكروا العلماء وبعد تحقيق الحقّ تلاقوا سائر الناس وعلموهم، والجلاء بالكسر هو الصقل مصدر، وقد يستعمل لما يجلي به وهو المراد هيهنا، أو حمل على الحديث مبالغة، والرين الدنس والوسخ، وقوله جلاؤه الحديد أي جلاء السيف، وفي بعض النسخ وجلاؤها الحديث وهو أظهر.

__________________

(١) سورة الشورى: ٥٢.

(٢) سورة البقرة: ٢٨٢.

١٣٢

٩ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبان، عن منصور الصيقل قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول تذاكر العلم دراسة والدراسة صلاة حسنة.

باب بذل العلم

١ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن حازم، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قرأت في كتاب عليعليه‌السلام إنّ الله لم يأخذ على الجهال عهداً بطلب العلم حتّى أخذ على العلماء عهداً ببذل العلم للجهال لأنّ العلم كان قبل الجهل.

________________________________________________________

الحديث التاسع: مجهول.

قولهعليه‌السلام دراسة: أي تعهد له وحفظ له عن الاندراس، وقال الجزري في الحديث: تدارسوا القرآن أي اقرءوه وتعهدوه لئلا تنسوه « انتهى » وقوله: والدراسة صلاة حسنة، يعني أن ثوابها ثواب صلاة حسنة كاملة، وقيل: المراد بالصلاة الدعاء أي يترتب عليها ما يترتب على أكمل الأدعية، وهو الدعاء الّذي يطلب فيه جميع الخيرات من المطالب الدنيوية والأخروية فيستجاب [ ولا يخفى بعده ].

باب بذل العلم

الحديث الأول: ضعيف كالموثق.

قولهعليه‌السلام لأنّ العلم كان قبل الجهل: هذا دليل على سبق أخذ العهد على العالم ببذل العلم على أخذ العهد على الجاهل بطلبه، أو بيان لصحته وإنما كان العلم قبل الجهل مع أن الجاهل إنما يكتسبه بعد جهله بوجوه:

الأول: أن الله سبحانه قبل كلّ شيء، والعلم عين ذاته فطبيعة العلم متقدمة على طبيعة الجهل.

والثاني: أن الملائكة واللوح والقلم وآدم لهم التقدم على الجهال من أولاد آدم.

١٣٣

٢ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة ومحمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في هذه الآية -( وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ) (١) قال ليكن الناس عندك في العلم سواء.

________________________________________________________

والثالث: أن العلم غاية الخلق والغاية متقدمة على ذي الغاية لأنها سبب له.

والرابع: أن الجهل عدم العلم والإعدام إنما تعرف بملكاتها وتتبعها، فالعلم متقدم على الجهل بالحقيقة والماهية.

والخامس: أنه أشرف فله التقدم بالشرف والرتبة.

والسادس: أن الجاهل إنما يتعلم بواسطة العالم وتعليمه، يقال علمه فتعلم.

وقال بعض الأفاضل ونعم ما قال: لو حمل القبلية على الزمانية حيث كان خلق الجاهل من العباد بعد وجود العالم كالقلم واللوح والملائكة وآدم بالنسبة إلى أولاده، فيصح كون الأمر بالطلب بعد الأمر ببذل العلم، حيث يأمر الله تعالى بما تقتضيه حكمته البالغة وبما هو الأصلح عند وجود من يستحق أن يخاطب به، ولأن من لم يسبق الجهل على علمه يعلم باطلاع منه سبحانه حسن أن يبذل العلم ومطلوبيته له تعالى، وهذا أخذ العهد ببذل العلم، ولو حمل على القبلية بالرتبة والشرف فيمكن توجيهه بأن يقال: العلم لما كان أشرف من الجهل والعالم أقرب من جنابه سبحانه في الرتبة، ولا يصل العهد منه سبحانه إلى الجاهل إلا بوساطة يعلم العالم من ذلك أن عليه البذل عند الطلب، أو يقال من جملة علمه وجوب البذل عند الطلب.

الحديث الثاني: ضعيف كالموثق.

قوله تعالى( وَلا تُصَعِّرْ ) تصعير الخد إمالته تكبراً، ومعنى الآية لا تعرض بوجهك عن الناس تكبراً، ولعل معنى الحديث أن العالم إذا رجح بعض تلامذته على بعض في النظر وحسن المعاشرة، أو تكبر واستنكف عن تعليم بعضهم أو نصحه، فكأنه مال بوجهه عنه أو تكبر، ويؤيده أن هذا الخطاب كان من لقمانعليه‌السلام لابنه

__________________

(١) سورة لقما: ١٨.

١٣٤

٣ - وبهذا الإسناد، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال زكاة العلم أن تعلمه عباد الله.

٤ - علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن عمن ذكره، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قام عيسى ابن مريمعليه‌السلام خطيباً في بني إسرائيل فقال يا بني إسرائيل لا تحدثوا الجهال بالحكمة فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم

________________________________________________________

وأصحابه لم يكونوا إلا طلاب العلوم، فكأنه نصحه أن يسوي بينهم في الإفادة والإرشاد وقيل: إنما أولها بذلك لأنّ المقصد الأقصى من بعثة الرسل تبليغ الشريعة القويمة، وتعليم الدين المبين، فالظاهر كونه نهياً عمّا يخل بما هو المقصود الأصلي والأول أوجه.

الحديث الثالث: ضعيف.

قولهعليه‌السلام زكاة العلم.

التشبيه من وجوه:

الأول: أن الزكاة حق الله تعالى في المال بإزاء الإنعام به فكذا التعلم.

الثاني: أن الزكاة يوجب نمو المال فكذا تعليم العلم يوجب نموه وزيادته لأنّه شكر لنعمة العلم، وقد قال تعالى:( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ) (١) ولذا سمي زكاة لأنّ أحد معانيها النمو.

الثالث: أن الزكاة توجب طهارة المال عن الشبهات، فكذا تعليم العلم يوجب طهارته عن الشكوك والشبه بفضله سبحانه، مع أن مذاكرة العلم توجب قوته وزيادة اليقين فيه.

الرابع: أن الزكاة توجب حفظ المال عن التلف وكذا التعليم يوجب حفظه عن الزوال، فإن الضنة بالعلم يوجب أن يسلب الله علمه.

الحديث الرابع: مرسل.

قولهعليه‌السلام لا تحدثوا الجهال: لعل المراد بالجهال من لا يحب العلم ولا يطلبه ولا يرغب فيه أو المراد بالجهل ما يقابل العقل كما مر.

__________________

(١) سورة سورة إبراهيم: ٧.

١٣٥

باب النهي عن القول بغير علم

١ - محمّد بن يحيى، عن أحمد وعبد الله ابني محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن مفضل بن يزيد قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام أنهاك عن خصلتين فيهما هلاك الرجال أنهاك أن تدين الله بالباطل وتفتي الناس بما لا تعلم.

٢ - علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام إياك وخصلتين ففيهما هلك من هلك إياك أن تفتي الناس برأيك أو تدين بما لا تعلم.

________________________________________________________

باب النهي عن القول بغير علم

الحديث الأول مجهول.

قولهعليه‌السلام أن تدين الله بالباطل، أي تتخذ الباطل دينا بينك وبين الله تعبد الله عز وجل به، سواء كان في القول والاعتقاد أو في العمل، والمراد بالباطل ما لم يؤخذ من مأخذه الّذي أمر الله تعالى بالأخذ منه، والمراد بالإفتاء بما لا يعلم، الإفتاء بما لم يؤخذ من الكتاب والسنة على وجه يجوز الأخذ منهما على هذا الوجه، أو إفتاء من لا يكون أهلا لاستنباط ذلك منهما.

الحديث الثاني: صحيح.

قولهعليه‌السلام برأيك: أي لا بالأخذ من الكتاب والسنة على منهاجه.

قولهعليه‌السلام : أو تدين بما لا تعلم: قال بعض الأفاضل أي أن تعبد الله بما لا تعلمه بثبوته بالبراهين والأدلة العقلية، أو بالكتاب والسنة، والأدلة السمعية، ويحتمل أن يكون من دان به أي اتخذه دينا، يعني إياك أن تتخذ ما لا تعلم دينا، وأن يكون تدين من باب التفعل أي تتخذ الدين متلبسا بالقول فيه بما لا تعلم، والدين اسم لجميع ما يتعبد الله به والملة.

١٣٦

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من أفتى الناس بغير علم ولا هدى لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ولحقه وزر من عمل بفتياه.

٤ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبان الأحمر، عن زياد بن أبي رجاء، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال ما علمتم فقولوا وما لم تعلموا فقولوا الله أعلم إنّ الرجل لينتزع الآية من القرآن يخر فيها أبعد ما بين السماء والأرض.

________________________________________________________

الحديث الثالث صحيح.

قولهعليه‌السلام بغير علم: أي من الله كما للنبي والأئمّةعليه‌السلام أو هدي من ذي العلم كالعلماء من شيعتهم.

قولهعليه‌السلام : لعنته ملائكة الرحمة: لأنّه جعل الناس محرومين عن رحمة الله، وملائكة العذاب لأنّه جعلهم مستحقين لها.

قولهعليه‌السلام ولحقه وزر من عمل بفتياه: سواء كان العامل وازراً أو معذوراً، ولا ينقص من وزر الوازر شيء، والفتيا والفتوى ويفتح: ما أفتى به الفقيه.

الحديث الرابع موثق.

قولهعليه‌السلام ما علمتم: هذا خطاب مع العلماء من شيعته وأصحابه، وهم العالمون بكثير من المسائل أو أكثرها بالفعل أو بالقوة القريبة منه.

قولهعليه‌السلام إنّ الرجل: هو كالتعليل لما تقدم وقولهعليه‌السلام لينزع(١) الآية، أي يستخرجها ليستدل بها على مطلوبه، وقولهعليه‌السلام يخر إمّا حال من الضمير في ينزع أو خبر بعد خبر، والمعنى أنه يبعد عن رحمة الله أبعد مما بين السماء والأرض، أو يتضرر به أكثر من الضرر الّذي يصل إلى من سقط من السماء إلى الأرض، وقيل: المعنى أنه يقع في الآية أي في تفسيرها ساقطا على ما هو أبعد عن المراد منها مما بين السماء والأرض.

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المتن « لينتزع » كما هو بعينك.

١٣٧

٥ - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال للعالم إذا سئل عن شيء وهو لا يعلمه أن يقول الله أعلم وليس لغير العالم أن يقول ذلك.

٦ - علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا سئل الرجل منكم عمّا لا يعلم فليقل لا أدري ولا يقل الله أعلم فيوقع في قلب صاحبه شكاً وإذا قال المسئول لا أدري فلا يتهمه السائل.

٧ - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن جعفر بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان، عن زرارة بن أعين قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام

________________________________________________________

الحديث الخامس: مجهول كالصحيح.

قولهعليه‌السلام وليس لغير العالم: وذلك لأنّ مقتضى صيغة التفضيل أن يكون للمفضل عليه شركة فيما فيه الفضل وليس للجاهل ذلك، وأمّا العالم فلما كان له نصيب من جنس العلم صح له هذا القول وإن كان حكمه حكم الجاهل فيما سئل عنه، وهذا لا ينافي الخبر السابق إذ حملناه على العالم، والمراد بالعالم ما فسرناه في ذلك الخبر، ويعبر عنه في هذه الأعصار بالمجتهد.

الحديث السادس صحيح.

قولهعليه‌السلام : فليقل لا أدري، يمكن حمله على غير العالم لئلا ينافي الخبر السابق وحينئذ يحتمل أن يكون المراد بالشك الشك في كونه عالماً إذ قول الله أعلم من شأن العلماء كما مر ويمكن أن يعم العالم وغيره ويكون المراد بإيقاع الشك الشك في كونه عالماً بالمسؤول عنه معرضا عن الجواب لضنته ويخص النهي بهذه الصورة، وذلك في العالم نادر، وفي غيره يكون غالبا، فإن العالم همه في نشر العلم وإذا عته، كما أن الجاهل همه في إخفاء ما اطلع عليه وإضاعته.

الحديث السابع ضعيف.

١٣٨

ما حق الله على العباد قال أن يقولوا ما يعلمون ويقفوا عند ما لا يعلمون.

٨ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي يعقوب إسحاق بن عبد الله، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إنّ الله خص عباده بآيتين من كتابه أن لا يقولوا حتّى يعلموا ولا يردوا ما لم يعلموا وقال عز وجل( أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَ ) (١) وقال( بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ) (٢)

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : ما حق الله على العباد؟ أي فيما آتاهم من العلم وأخذ عليهم من الميثاق، وإلا فحقوقه تعالى عليهم كثيرة، وقيل: أي الحقّ الواجب الثابت الّذي يطالب به صاحبه، وسؤاله عن الحقيق بهذا الاسم من بين الفرائض والواجبات.

الحديث الثامن حسن على الظاهر.

قولهعليه‌السلام إنّ الله خص: في بعض النسخ بالمعجمة بعد المهملة من الحض بمعنى الحث والترغيب، فيقدر كلمة على في أن لا يقولوا أي حث عباده بالآيتين على أن لا يقولوا قبل العلم، ولا يردوا إلا بعد العلم، ويحتمل أن يكون أن لا يقولوا تفسيراً لحثه تعالى و « لا » في الموضعين حينئذ للنهي، وعلى الأول للنفي وفي أكثر النسخ خص بالمهملة بعد المعجمة أي خص هذه الأمة، والتعبير عنهم بوصف العبودية مضافاً إليه سبحانه لتشريفهم وتعظيمهم من بين الأمم بإنزال آيتين من كتابه وإعلامهم بمضمونها، دون سائر الأمم، وقوله: أن لا يقولوا بدل من آيتين وعطف قوله وقال عز وجل على « خص » من عطف أحد التعبيرين عن الشيء على آخر، لمغايرة بينهما على بعض الوجوه، ويحتمل أن يكون الباء في قوله: بآيتين للسببية، وحرف الصلة في أن لا يقولوا مقدراً، وعلى التقديرين لا يخلو من تكلف، ويحتمل تقدير اللام في أن لا يقولوا، ولعله أظهر، ثمّ اعلم أن الظاهر أن المراد بالرد التكذيب والإنكار، لما لم يبلغ علمهم إليه مما وصل إليهم من الله تعالى، أو من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّةعليه‌السلام وحمله على رد الجواب بعيد.

__________________

(١) سورة الأعراف: ١٦٩.

(٢) سورة يونس: ٣٠.

١٣٩

٩ - علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن داود بن فرقد عمن حدثه، عن ابن شبرمة قال ما ذكرت حديثاً سمعته عن جعفر بن محمّدعليه‌السلام إلا كاد أن يتصدع قلبي قال حدثني أبي عن جدي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال ابن شبرمة وأقسم بالله ما كذب أبوه على جده ولا جده على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عمل بالمقاييس فقد هلك وأهلك ومن أفتى الناس بغير علم وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك.

باب من عمل بغير علم

١ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن طلحة بن زيد قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق لا يزيده سرعة السير إلا بعدا.

________________________________________________________

الحديث التاسع ضعيف وابن شبرمة هو عبد الله بن شبرمة الضبي الكوفي بضم المعجمة وسكون الموحدة وضم الراء كان قاضياً لأبي جعفر المنصور على سواد الكوفة، والانصداع: الانشقاق، والتصدع التفرق.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالمقائيس: قال بعض الأفاضل المقياس ما يقدر به الشيء على مثال والمراد به ما جعلوه معيار إلحاق الفرع بالأصل، من الاشتراك في المظنون عليته للحكم وعدم الفارق، والمراد من العمل به اتخاذه دليلاً شرعياً معولا عليه، واستعماله في استخراج الحكم الشرعي والقول بموجبه ومقتضاه، وقولهعليه‌السلام : ومن أفتى الناس. أي بما يأخذه عن الكتاب والسنة.

باب من عمل بغير علم

الحديث الأول ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : على غير بصيرة: أي على غير معرفة بما يعلمه بما هو طريق المعرفة في العمليات.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

أوس وجارية بن قدامة السعدى ، إنهما حضرا علي بن أبي طالب عليه السلام يخطب وهو يقول : سلونى قبل أن تفقدونى ، فإني لا اسأل عن شيء دون العرش إلا أخبرت عنه ، قال : أخرجه ابن النجار.

[أقول] وسيأتي في الباب الآتي حديث عن كنز العمال عن أبي الطفيل عامر بن وائلة قال : شهدت علي بن أبي طالب عليه السّلام يخطب فقال في خطبته : سلوني فو اللّه لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم (الخ).

[كنز العمال ج ٦ ص ١٥٣] قال : علي عليه السلام عيبة (١) علمى ، قال : أخرجه ابن عدى عن ابن عباس ـ يعني عن النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ـ (أقول) وذكره المناوي أيضاً في فيض القدير (ج ٤ ص ٣٥٦) وقال في الشرح : «قال ابن دريد : وهذا من كلامه الموجز الذي لم يسبق ضرب المثل به في إرادة اختصاصه بأموره الباطنة التي لا يطلع عليها أحد غيره وذلك غاية في مدح علي عليه السلام ، وقد كانت ضمائر أعدائه منطوية على اعتقاد تعظيمه».

[تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج ٤ ص ١٥٨] روى بسنده عن أنس قال : قيل : يا رسول اللّه عمن نكتب العلم؟ قال : عن علي وسلمان.

[تاريخ بغداد أيضاً ج ٦ ص ٣٧٩] روى حديثاً طويلاً قال فيه علي عليه السلام لكميل : ألا إن ها هنا ـ وأشار إلى صدره ـ لعلماً جماً لو أصبت له حملة ، بلى أصبت لقنا غير مأمون يستعمل آلة الدين للدنيا.

[الفخر الرازي في تفسيره الكبير] في ذيل تفسير قوله تعالى :( وَأَمّٰا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) في سورة والضحى ، ذكر حديثاً قال فيه :

_______________

(١) العيبة : بفتح العين المهملة ـ ما تجعل فيه الثياب كالصندوق ، والعيبة ـ أيضاً ـ من الرجل موضع سره.

٢٦١

فقالوا له ـ يعني لعلي عليه السلام ـ فحدثنا عن نفسك فقال : مهلاً فقد نهى اللّه عن التزكية فقيل له : أليس اللّه تعالى يقول :( وَأَمّٰا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) ؟ فقال : إني أحدث ، كنت إذا سئلت أعطيت ، وإذا سكت ابتديت ، وبين الجوامح علم جم فاسألوني.

[حلية الأولياء لأبي نعيم ج ١ ص ٦٥] روى بسنده عن أبي صالح الحنفى عن علي عليه السلام قال : قلت : يا رسول اللّه أوصنى ، قال : قل ربي اللّه ثم استقم ، قال : قلت : اللّه ربي وما توفيقى إلا باللّه عليه توكلت واليه أنيب فقال : ليهنك العلم أبا الحسن لقد شربت العلم شربا ونهلته نهلا (أقول) وذكره المحب الطبري أيضاً في الرياض النضرة (ج ٢ ص ٢٢١) وقال : أخرجه ابن البخترى والرازى.

[حلية الأولياء أيضاً ج ٧ ص ٣٤] روى بسنده عن عطاء بن مسلم قال : سمعت سفيان يقول : ما حاج علي عليه السلام أحداً إلا حجه.

[طبقات ابن سعد ج ٢ القسم ٢ ص ١٠١] روى بسنده عن ابن عباس قال : إذا حدثنا ثقة عن علي عليه السلام تياً لا نعدوها ، (أقول) وذكره ابن حجر أيضاً في إصابته (ج ٤ القسم ١ ص ٢٧٠) وابن عبد البر أيضاً في استيعابه (ج ٢ ص ٤٦٢) وابن الأثير أيضاً في أسد الغابة (ج ٤ ص ٢٣) باختلاف في اللفظ.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ١٩٤] قال : وعن ابن عباس ـ وقد سأله الناس فقالوا : أي رجل كان على عليه السلام؟ ـ قال : كان ممتلئاً جوفه حكماً وعلماً وبأساً ونجده مع قرابته من رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم قال : أخرجه أحمد في المناقب.

[ذخائر العقبى ص ٧٨] قال : عن ابن عباس ـ وقد سئل عن علي عليه السلام ـ فقال : رحمة اللّه على أبي الحسن ، كان واللّه علم

٢٦٢

الهدى ، وكهف التقى ، وطود النهى ، ومحل الحجى ، وغيث الندى ، ومنتهى العلم للورى ونوراً أسفر في الدجى ، وداعياً إلى المحجة العظمى ، مستمسكا بالعروة الوثقى أتقى من تقمص وارتدى ، وأكرم من شهد النجوى ، بعد محمد المصطفى صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ، وصاحب القبلتين ، وأبا السبطين ، وزوجته خير النساء ، فما يفوقه أحد ، لم تر عيناي مثله ، ولم أسمع بمثله ، فعلى من بغضه لعنة اللّه ، ولعنة العباد إلى يوم التناد (قال) أخرجه أبو الفتح القواس.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٢١] قال : وعن أبي الزهراء عن عبد اللّه ـ يعني ابن مسعود ـ قال : علماء الأرض ثلاثة ، عالم بالشام ، وعالم بالحجاز وعالم بالعراق ، فأما عالم الشام فهو أبو الدرداء ، وأما عالم أهل الحجاز فهو علي بن أبي طالب عليه السلام ، وأما عالم العراق فأخ لكم ـ يعني به نفسه ـ وعالم أهل الشام وعالم أهل العراق يحتاجان إلى عالم أهل الحجاز ، وعالم أهل الحجاز لا يحتاج اليهما ، قال : أخرجه الحضرمى.

[تهذيب التهذيب لابن حجر ج ٧ ص ٣٣٨] قال : وقال سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص ، قال : قلت لعبد اللّه بن عياش بن أبي ربيعة : لم كان صغو الناس ـ يعني ميل الناس ـ إلى علي بن أبي طالب عليه السلام؟ قال : يابن أخي إن علياً كان له ما شئت من ضرس قاطع في العلم ، وكان له البسطة في العشيرة ، والقدم في الإسلام ، والظهر برسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ، والفقه في السنة ، والنجدة في الحرب ، والجود في الماعون ، (أقول) وذكره المحب الطبري أيضاً في ذخائره (ص ٧٩).

[كنز العمال ج ٨ ص ٢١٥] قال : عن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن عن أبيه قال : كان علي عليه السلام يخطب ، فقام اليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى من أهل الجماعة ومن أهل الفرقة ومن

٢٦٣

أهل السنة ومن أهل البدعة؟ فقال : ويحك أما إذا سألتني فافهم عنى ، ولا عليك أن تسأل عنها أحداً بعدي (فساق الحديث إلى أن قال) وتنادى الناس من كل جانب أصبت يا أمير المؤمنين أصاب اللّه بك الرشاد والسداد ، فقام عمار فقال : يا أيها الناس إنكم واللّه إن اتبعتموه وأطعتموه لم يضل بكم عن منهاج نبيكم قيس شعرة ـ يعني به قدر شعرة ـ وكيف لا يكون ذلك وقد استودعه رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم المنايا والوصايا وفصل الخطاب على منهاج هارون بن عمران ، إذ قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، فضلا خصه اللّه به إكراماً منه لنبيه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم حيث أعطاه ما لم يعطه أحداً من خلقه (الحديث).

[كنز العمال ج ١ ص ١٠٣] قال : عن الأصبغ بن نباتة قال : كنا جلوساً عند علي بن أبي طالب عليه السلام فأتاه يهودي فقال : يا أمير المؤمنين متى كان اللّه؟ فقمنا اليه فلهزناه حتى كدنا نأتى على نفسه ، فقال علي عليه السلام : خلوا عنه ، ثم قال : إسمع يا أخا اليهود ما أقول لك فاسمعه بأذنك ، واحفظه بقلبك ، فانما أُحدثك عن كتابك الذي جاء به موسى بن عمران ، فان كنت قد قرأت كتابك وحفظته فانك ستجده كما أقول ، إنما يقال متى كان لمن لم يكن ثم كان ، فأما من لم يزل بلا كيف يكون كان بلا كينونة كائن ، لم يزل قبل القبل وبعد البعد ، لا يزال بلا كيف ولا غاية ولا منتهى ، اليه غاية انقطعت دونه الغايات فهو غاية كل غاية ، فبكى اليهودى وقال : واللّه يا أمير المؤمنين إنها لفي التوراة هكذا حرفاً ، وإني أشهد أن لا إله إلا اللّه ، وأن محمداً صلى اللّه عليه (وآله) وسلم عبده ورسوله ، قال : أخرجه الاصبهاني في الحجة ، (أقول) وقد نقله قبل هذا مختصراً عن ابن عساكر وبعده مفصلاً عن أبي نعيم في الحلية وذكره ابن حجر أيضاً في

٢٦٤

فى صواعقه (ص ٧٨) مختصراً.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٢٢] قال : وعن محمد بن قيس قال : دخل ناس من اليهود على علي بن أبي طالب عليه السلام فقالوا له : ما صبرتم بعد نبيكم إلا خمساً وعشرين سنة حتى قتل بعضكم بعضاً ، قال : فقال علي عليه السلام : قد كان صبر وخير ، قد كان صبر وخير ولكنكم ما جفت أقدامكم من البحر حتى قلتم : يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ، قال : أخرجه أحمد في المناقب.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٢٢] قال : عن ابن عباس قال : ما انتفعت بكلام بعد النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم إلا شيء كتب به إليّ علي بن أبي طالب عليه السلام ، فانه كتب : باسم اللّه الرحمن الرحيم أما بعد يا أخي فانك تسر بما يصل اليك مما لم يكن يفوتك ، ويسوؤك ما لم تدركه فما نلت ـ يا أخي ـ من الدنيا فلا تكن به فرحاً ، وما فاتك فلا تكن عليه حزناً وليكن عملك لما بعد الموت والسلام ، قال : أخرجه المخلص.

٢٦٥

باب

في علم علي (ع) بالقرآن وما في الصحف الأولى

[حلية الأولياء لأبي نعيم ج ١ ص ٦٥] روى بسنده عن عبد اللّه ابن مسعود قال : إن القرآن أُنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا له ظهر وبطن ، وإن علي بن أبي طالب عليه السلام عنده علم الظاهر والباطن.

[حلية الأولياء أيضاً ج ١ ص ٦٧] روى بسنده عن علي عليه السلام قال : واللّه ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم أنزلت وأين أنزلت ، إن ربي وهب لي قلباً عقولاً ، ولساناً سؤولاً (أقول) ورواه ابن سعد أيضاً في طبقاته (ج ٢ القسم ٢ ص ١٠١) وقال فيه : لسانا طلقا ، وذكره المتقي أيضاً في كنز العمال (ج ٦ ص ٣٩٦) وقال : أخرجه ابن سعد وابن عساكر وقال : طلقا سؤولاً.

[طبقات ابن سعد ج ٢ القسم ٢ ص ١٠١] روى بسنده عن أبي الطفيل قال : قال علي عليه السلام : سلوني عن كتاب اللّه فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار ، في سهل أم في جبل ،

٢٦٦

(أقول) وذكره ابن حجر أيضاً في تهذيب التهذيب (ج ٧ ص ٣٣٧) وقال فيه : سلونى فو اللّه لا تسألونى عن شيء إلا أخبرتكم ، وسلونى عن كتاب اللّه ، فو اللّه ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار (الخ) ، وذكره ابن حجر في إصابته أيضاً (ج ٤ القسم ١ ص ٢٧٠) وابن عبد البر أيضاً في استيعابه (ج ٢ ص ٤٦٣).

[تفسير ابن جرير ج ٢٦ ص ١١٦] روى بسنده عن أبي الطفيل قال : سمعت علياً عليه السلام يقول : لا تسألونى عن كتاب ناطق ولا سنة ماضية إلا حدثتكم ، فسأله ابن الكوا عن الذاريات فقال : هي الرياح.

[تفسير ابن جرير ج ٢٦ ص ١١٦] روى بسنده عن أبي الصهباء البكرى عن علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال ـ وهو على المنبر ـ لا يسألنى أحد عن آية من كتاب اللّه ألا أخبرته ، فقام ابن الكوا (إلى أن قال) فقال ما الذاريات ذروا؟ قال : الرياح.

[كنز العمال ج ١ ص ٢٢٨] قال : عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال : شهدت علي بن أبي طالب عليه السلام يخطب فقال في خطبته : سلوني فو اللّه لا تسألونى عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم ، سلوني عن كتاب اللّه فو اللّه ما من آية إلا أنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أم في سهل نزلت أم في جبل ، فقام اليه ابن الكواء فقال : يا أمير المؤمنين ما الذاريات ذروا؟ فقال له : ويلك سل تفقهاً ولا تسأل تعنتا ، (والذاريات ذروا) الرياح (فالحاملات وقراً) السحاب (فالجاريات يسراً) السفن (فالمقسمات أمراً) الملائكة ، فقال : فما السواد الذي في القمر؟ فقال : أعمى يسأل عن عمياء ، قال اللّه تعالى :( وَجَعَلْنَا اَللَّيْلَ وَاَلنَّهٰارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنٰا آيَةَ اَللَّيْلِ وَجَعَلْنٰا آيَةَ اَلنَّهٰارِ مُبْصِرَةً ) فمحو آية الليل السواد الذي في القمر ، قال : فما كان ذو القرنين أنبياً أم ملكاً؟ فقال : لم يكن واحداً منهما ، كان عبداً للّه أحب اللّه وأحبه

٢٦٧

اللّه وناصح اللّه فنصحه اللّه ، بعثه اللّه إلى قوم يدعوهم إلى الهدى فضربوه على قرنه الأيمن ثم مكث ما شاء اللّه ثم بعثه اللّه إلى قومه يدعوهم إلى الهدى فضربوه على قرنه الأيسر ولم يكن له قرنان كقرنى الثور ، قال : فما هذه القوس؟ قال : هي علامة كانت بين نوح وبين ربه وهى أمان من الغرق ، قال : فما البيت المعمور؟ قال : بيت فوق سبع سماوات تحت العرش يقال له الضراح يدخله كل يوم سبعون الف ملك ثم لا يعودون اليه إلى يوم القيامة ، قال : فمن الذين بدلوا نعمة اللّه كفراً؟ قال : هم الأفجران من قريش قد كفيتموه يوم بدر قال : فمن( اَلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي اَلْحَيٰاةِ اَلدُّنْيٰا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) قال : قد كان أهل حروراء منهم ، قال : أخرجه ابن الأنبارى في المصاحف وابن عبد البر في العلم (اقول) وذكره العسقلاني أيضاً في فتح الباري ج ١٠ ص ٢٢١ وقال أخرجه عبد الرزاق.

[كنز العمال ج ٦ ص ٣٩٣] روى بسنده عن المأمون عن الرشيد عن المهدي عن المنصور عن أبيه عن عبد اللّه بن عباس قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : كفوا عن ذكر علي بن أبي طالب عليه السلام ، فلقد رأيت من رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم فيه خصالاً لأن تكون لي واحدة منهن في آل الخطاب أحب إلي مما طلعت عليه الشمس (فساق الحديث وقد تقدم تمامه في باب علي عليه السلام أول من آمن (ج ١ ص ١٩٠) إلى أن قال ابن عباس في آخره : ولقد فاز علي عليه السلام بصهر رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ، وبسطة في العشيرة ، وبذلاً للماعون ، وعلماً بالتنزيل ، وفقها للتأويل ، ونيلا للأقران.

[الهيثمي في مجمعه ج ٩ ص ١٥٨] قال : وعن ربعي بن حراش قال : استأذن عبد اللّه بن عباس على معاوية ـ وقد علقت عنده بطون قريش وسعيد ابن العاص جالس عن يمينه ـ فلما رآه معاوية مقبلاً قال :

٢٦٨

يا سعيد واللّه لألقين على ابن عباس مسائل يعيا بجوابها ، فقال له سعيد : ليس مثل ابن عباس يعيا بمسائلك ، فلما جلس قال له معاوية (وساق الحديث) إلى أن قال فما تقول في علي بن أبي طالب؟ قال : رحم اللّه أبا الحسن كان واللّه علم الهدى وكهف التقى ، ومحل الحجى ، وطود البها ، ونور السرى ، في ظلم الدجى وداعياً إلى المحجة العظمى ، عالماً بما في الصحف الأولى ، وقائماً بالتأويل والذكرى ، متعلقاً بأسباب الهدى ، وتاركاً للجور والأذى ، وحائداً عن طرقات الردى ، وخير من آمن واتقى ، وسيد من تقمص وارتدى وأفضل من حج وسعى ، وأسمح من عدل وسوى ، وأخطب أهل الدنيا إلا الأنبياء والنبي المصطفى ، وصاحب القبلتين ، فهل يوازيه موحد؟ وزوج خير النساء ، وأبو السبطين لم تر عيني مثله ولا ترى إلى يوم القيامة واللقا ، من لعنه فعليه لعنة اللّه والعباد إلى يوم القيامة (الحديث).

[الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٢١] قال : وعن سعيد بن عمر بن سعيد ابن العاص ، قال : قلت لعبد اللّه بن عياش بن أبي ربيعة : ألا تخبرنى عن أبي بكر وعلي؟ فان أبا بكر كان له السن والسابقة مع النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ثم إن الناس صاغية ـ يعني مائلة ـ إلى علي عليه السلام ، فقال : أي ابن أخي كان له واللّه ما شاء من ضرس قاطع ، والبسطة في النسب وقرابته من رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ، ومصاهرته ، والسابقة في الإسلام ، والعلم بالقرآن ، والفقه والسنة ، والنجدة في الحرب ، والجود في الماعون ، كان له واللّه ما يشاء من ضرس قاطع ، قال : أخرجه المخلص الذهبي ، (أقول) قال المناوي في فيض القدير (ج ٣ ص ٤٦) في الشرح ما هذا لفظه : قال الغزالى : قد علم الأولون والآخرون أن فهم كتاب اللّه منحصر إلى علم علي ومن جهل ذلك فقد ضل عن الباب الذي من ورائه يرفع اللّه عن القلوب الحجاب ، حتى يتحقق اليقين الذي لا يتغير بكشف الغطاء.

٢٦٩

[مشكل الآثار للطحاوى ج ٢ ص ٢٧٣] روى بسندين عن عبيد ابن أبي رفاعة الأنصاري قال : تذاكر أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم عند عمر بن الخطاب العزل(١) فاختلفوا فيه ، فقال عمر : قد اختلفتم وأنتم أهل بدر الأخيار فكيف بالناس بعدكم؟ إذ تناجى رجلان فقال عمر : ما هذه المناجاة؟ قال : إن اليهود تزعم أنها الموؤدة الصغرى ، فقال علي عليه السلام : إنها لا تكون موؤدة حتى تمر بالتارات السبع في( وَلَقَدْ خَلَقْنَا اَلْإِنْسٰانَ مِنْ سُلاٰلَةٍ مِنْ طِينٍ ) إلى آخر الآية ، فتعجب عمر من قوله وقال : جزاك اللّه خيراً ، (أقول) والآية الشريفة هي في سورة المؤمنون وتمامها هكذا( وَلَقَدْ خَلَقْنَا اَلْإِنْسٰانَ مِنْ سُلاٰلَةٍ مِنْ طِينٍ ، ثُمَّ جَعَلْنٰاهُ نُطْفَةً فِي قَرٰارٍ مَكِينٍ ، ثُمَّ خَلَقْنَا اَلنُّطْفَةَ عَلَقَةً ، فَخَلَقْنَا اَلْعَلَقَةَ مُضْغَةً ، فَخَلَقْنَا اَلْمُضْغَةَ عِظٰاماً ، فَكَسَوْنَا اَلْعِظٰامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنٰاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبٰارَكَ اَللّٰهُ أَحْسَنُ اَلْخٰالِقِينَ ) فالمراد من التارات السبع هو : الطين ، والنطفة ، والعلقة ، والمضغة ، والعظام ، واللحم والخلق الآخر.

______________

(١) قال ابن الأثير الجزرى في نهاية غريب الحديث ـ بمادة عزل ـ : في الحديث سأله رجل من الأنصار عن العزل ، يعني عزل الماء عن النساء حذر الحمل ، يقال : عزل الشيء يعزله عزلاً إذا نحاه وصرفه ، وقد تكرر في الحديث.

٢٧٠

باب

إن علياً (ع) أعلم الناس وأحلمهم وأفضلهم

[مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ٤٩٩] روى بسنده عن قيس بن أبي حازم قال : كنت بالمدينة فبينا أنا أطوف في السوق إذ بلغت أحجل الزيت فرأيت قوما مجتمعين على فارس قد ركب دابة وهو يشتم علي بن أبي طالب والناس وقوف حواليه ، إذ أقبل سعد بن أبي وقاص فوقف عليهم فقال : ما هذا؟ فقالوا : رجل يشتم علي بن أبي طالب فتقدم سعد فأفرجوا له حتى وقف عليه فقال : يا هذا على م تشتم علي بن أبي طالب؟ ألم يكن أول من أسلم؟ ألم يكن أول من صلى مع رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم؟ ألم يكن أعلم الناس؟ وذكر حتى قال : ألم يكن ختن رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم على ابنته؟ ألم يكن صاحب راية رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم في غزواته؟ ثم استقبل القبلة ورفع يديه وقال : اللهم إن هذا يشتم ولياً من أوليائك فلا تفرق هذا الجمع حتى تريهم قدرتك ، قال قيس : فو اللّه ما تفرقنا حتى ساخت به دابته فرمته على هامته في تلك الأحجار فانفلق دماغه فمات (قال الحاكم) هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

[مسند الإمام أحمد بن حنبل ج ٥ ص ٢٦] روى بسنده عن معقل بن

٢٧١

يسار قال : وضأت النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ذات يوم فقال : هل لك في فاطمة تعودها؟ فقلت : نعم فقام متوكئاً عليّ فقال : أما إنه سيحمل ثقلها غيرك ويكون أجرها لك ، قال : فكأنه لم يكن عليّ شيء حتى دخلنا على فاطمة (سلام اللّه عليها) فقال لها : كيف تجدينك؟ قالت : واللّه لقد اشتد حزني وطال سقمي ، قال : أبو عبد الرحمن ـ وهو عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ـ وجدت في كتاب أبي بخط يده في هذا الحديث قال : أو ما ترضين إني زوجتك أقدم أمتي سلما ، وأكثرهم علما ، وأعظمهم حلما ، (أقول) وذكره المتقي أيضاً في كنز العمال (ج ٦ ص ١٥٣) وقال : أخرجه أحمد بن حنبل والطبراني (انتهى) وذكره الهيثمي أيضاً في مجمعه (ج ٩ ص ١٠١ وص ١١٤) وقال : رواه أحمد والطبراني برجال وثقوا.

[أُسد الغابة لابن الأثير ج ٥ ص ٥٢٠] روى بسنده عن الحارث عن علي عليه السلام قال : خطب أبو بكر وعمر ـ يعني فاطمة عليها السلام ـ إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم فأبى رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم عليهما ، فقال عمر : أنت لها يا علي ، فقلت : ما لي من شيء إلا درعي أرهنها فزوجه رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم فاطمة عليها السلام فلما بلغ ذلك فاطمة بكت ، قال : فدخل عليها رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم فقال : ما لك تكبين يا فاطمة؟ فو اللّه لقد أنكحتك أكثرهم علماً ، وأفضلهم حلماً ، وأولهم سلماً (أقول) وذكره المتقي أيضاً في كنز العمال (ج ٦ ص ٣٩٢) وقال : أخرجه ابن جرير وصححه ، والدولابى في الذرية الطاهرة.

[كنز العمال ج ٦ ص ١٥٣] قال : أما ترضين إني زوجتك أول المسلمين إسلاماً ، وأعلمهم علماً ، فانك سيدة نساء أمتي كما سادت مريم قومها أما ترضين يا فاطمة أن اللّه أطلع على أهل الأرض فاختار منهم رجلين فجعل أحدهما أباك والآخر بعلك ، قال : أخرجه الحاكم وتعقب عن أبي هريرة وأخرجه الطبراني والحاكم وتعقب ، والخطيب عن ابن عباس.

٢٧٢

[كنز العمال ج ٦ ص ١٥٣] قال : زوجتك خير أهلي ، أعلمهم علماً وأفضلهم حلما ، وأولهم سلماً ، قاله لفاطمة سلام اللّه عليها ، قال : أخرجه الخطيب في المتفق والمفترق عن بريدة (أقول) وذكره في (ص ٣٩٨) أيضاً.

[كنز العمال ج ٦ ص ١٥٣] قال : عن أبي اسحاق إن علياً عليه السلام لما تزوج فاطمة سلام اللّه عليها قال لها النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم : لقد زوجتكه وإنه لأول أصحابى سلماً ، وأكثرهم علماً ، وأعظمهم حلما ، قال : أخرجه الطبراني (أقول) وذكره الهيثمي أيضاً في مجمعه (ج ٩ ص ١٠١).

[كنز العمال ج ٦ ص ١٥٦] قال : أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب ، قال : أخرجه الديلمي عن سلمان ـ يعني عن النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ـ (أقول) وذكره المناوي أيضاً في كنوز الحقائق (ص ١٨).

[كنز العمال ج ٦ ص ١٥٦] قال ما لفظه : علي بن أبي طالب أعلم الناس باللّه والناس (الحديث) قال : أخرجه أبو نعيم عن علي عليه السلام يعني عن رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم.

[كنز العمال ج ٦ ص ٣٩٦] قال : عن أبي الزعراء قال : كان علي ابن أبي طالب عليه السلام يقول : إني وأطايب أرومتي وأبرار عترتي أحلم الناس صغاراً ، وأعلم الناس كباراً ، بنا ينفى اللّه الكذب ، وبنا يعقر اللّه أنياب الذئب الكلب ، وبنا يفك اللّه عنوتكم ، وينزع ربق أعناقكم ، وبنا يفتح اللّه ويختم ، قال : أخرجه عبد الغنى بن سعد في إيضاح الإشكال.

[الهيثمي في مجمعه ج ٩ ص ١١٣] قال : وعن سلمان قال : قلت : يا رسول اللّه إن لكل نبي وصياً فمن وصيك؟ فسكت عنى فلما كان بعد رآني فقال : يا سلمان فأسرعت اليه قلت : لبيك قال : تعلم من وصىّ موسى؟ قال : نعم يوشع بن نون ، قال : لِمَ؟ قلت : لأنه كان أعلمهم يومئذ ، قال : فان وصيي وموضع سرى وخير من أترك بعدي وينجز عدتي ويقضى ديني علي ابن أبي طالب ، قال : رواه الطبراني ، (أقول) وتفريع النبي صلى

٢٧٣

اللّه عليه (وآله) وسلم قوله الشريف : فإن وصيي (إلى أن قال) علي بن أبي طالب على تعليل سلمان وصاية يوشع لموسى بأنه كان أعلمهم ، هو دليل واضح على أن علياً عليه السلام كان أعلمهم ، وأنه لذلك صار وصياً للنبى صلى اللّه عليه (وآله) وسلم.

[طبقات ابن سعد ج ٦ ص ١٦٧] روى بسنده عن جبلة بنت المصفح عن أبيها ، قال : قال لي علي عليه السلام : يا أخا بني عامر سلني عما قال اللّه ورسوله فانا نحن أهل البيت أعلم بما قال اللّه ورسوله ، قال : والحديث طويل.

[أُسد الغابة لإبن الأثير ج ٦ ص ٢٢] قال : وروى يحيى بن معين عن عبدة بن سليمان عن عبد الملك بن سليمان قال : قلت لعطاء : أكان في أصحاب محمد صلى اللّه عليه (وآله) وسلم أعلم من على عليه السلام؟ قال : لا واللّه لا أعلم (أقول) وذكره ابن عبد البر أيضاً في استيعابه (ج ٢ ص ٤٦٢) وذكره المناوي أيضاً في فيض القدير (ج ٣ ص ٤٦) في الشرح ، والمحب الطبري أيضاً في الرياض النضرة (ج ٢ ص ١٩٤) وقال : أخرجه القلعى.

[الاستيعاب لابن عبد البر ج ٢ ص ٤٦٢] ذكر حديثاً مسنداً عن جبير ، قال : قالت عائشة : من أفتاكم بصوم عاشوراء؟ قالوا : علي عليه السلام قالت : أما إنه لأعلم الناس بالسنة (أقول) وذكره المتقي أيضاً في كنز العمال (ج ٤ ص ٣٤٣) وقال : أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار.

[الاستيعاب أيضاً ج ٢ ص ٤٦٢] روى بسنده عن سعيد بن وهب قال : قال عبد اللّه : أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب عليه السلام (أقول) ورواه أيضاً بطريق عن المغيرة قال : ليس أحد منهم أقوى قولاً في الفرائض من علي عليه السلام ، قال : وكان المغيرة صاحب الفرائض (أقول) وذكرهما المحب الطبري أيضاً في الرياض النضرة (ج ٢ ص ١٩٤) وقال : أخرجهما القلعي.

٢٧٤

[سنن البيهقي ج ٥ ص ٥٩] روى بسنده عن عمرو عن أبي جعفر قال : أبصر عمر بن الخطاب على عبد اللّه بن جعفر ثوبين مضرجين وهو محرم فقال : ما هذه الثياب؟ فقال علي بن أبي طالب عليه السلام ما أخال أحداً يعلمنا السنة ، فسكت عمر (أقول) وقول علي عليه السلام ذلك لعمر هو دليل على رضائه بما فعل عبد اللّه بن جعفر وأن ذلك جائز شرعاً ، كما أن سكوت عمر بعد قول علي عليه السلام هو دليل واضح على تسليمه أن علياً عليه السلام هو أعلم الناس بالسنة ولا ينبغى أن يعلمه أحد.

[الهيثمي في مجمعه ج ٩ ص ١١٦] قال : عن عبد اللّه ـ يعني ابن مسعود ـ قال : كنا نتحدث أن أفضل أهل المدينة علي بن أبي طالب عليه السلام قال : رواه البزار (أقول)(١) وذكره المحب الطبري أيضاً في الرياض النضرة (ج ٢ ص ٢٠٩) وقال : أخرجه أحمد في المناقب.

[ذخائر العقبى ص ٦١] قال : عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم : ما اكتسب مكتسب مثل فضل علي عليه السلام يهدي صاحبه إلى الهدى ، ويرده عن الردى ، قال : أخرجه الطبراني.

[الاستيعاب لابن عبد البر ج ٢ ص ٤٥٦] قال : وروى عن سلمان وأبي ذر والمقداد وخباب وجابر وأبي سعيد وزيد بن الأرقم أن علي بن أبي طالب عليه السلام أول من أسلم وفضله هؤلاء على غيره ، (أقول) وقد تقدم في الباب السابق قول ابن عباس بعد ما سأله معاوية عن علي بن أبي طالب عليه السلام وقد علقت عنده بطون قريش : رحم اللّه أبا الحسن كان واللّه علم الهدى ، وكهف التقى ، ومحل الحجى ، وطود البها ، ونور السرى (إلى أن قال) وأفضل من حج وسعى ، وأسمح من عدل وسوى (الخ).

[الهيثمي في مجمعه ٩ ص ١٣١] قال : وبسنده ـ يعني بسند

_____________

(١) وذكره العسقلاني أيضاً في فتح الباري ج ٨ ص ٥٩ وقال رجاله موثوقون.

٢٧٥

الطبرانى ـ أن رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم قال لعلي عليه السلام : والذي نفسي بيده لو لا أن يقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى ابن مريم لقلت فيك اليوم مقالاً لا تمر بأحد من المسلمين إلا أخذ التراب من أثر قدميك يطلب به البركة (أقول) وهذا الحديث الشريف وإن لم يدل بالمطابقة على كون علي عليه السلام أفضل من غيره ولكن دلالته عليه بالالتزام أوضح من أن يخفى.

٢٧٦

باب

إن علياً (ع) لم يسبقه الاولون

بعلم ولا يدركه الآخرون

[مسند الإمام أحمد بن حنبل ج ١ ص ١٩٩] قال : حدثنا وكيع عن شريك عن أبي اسحاق عن هبيرة قال : خطبنا الحسن بن على عليهما السلام فقال : لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم يبعثه بالراية جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله لا ينصرف حتى يفتح له (أقول) ثم رواه ثانياً باختلاف يسير سنداً ومتناً ، فقال : حدثنا وكيع عن اسرائيل عن أبي اسحاق عن عمرو ابن حبشي قال : خطبنا الحسن بن على عليهما السلام بعد قتل علي عليه السلام فقال : لقد فارقكم رجل بالأمس ما سبقه الأولون بعلم ، ولا أدركه الآخرون إن كان رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ليبعثه ويعطيه الراية فلا ينصرف حتى يفتح له ، وما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم لأهله (انتهى) ، ورواه أبو نعيم أيضاً في حليته (ج ١ ص ٦٥) وقال فيه : لم يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون بعلم (الخ) وذكره المتقي أيضاً في كنز العمال (ج ٦ ص ٤١٢) فقال : عن عاصم بن ضمرة قال : خطب الحسن بن على عليهما السلام حين قُتل علي عليه السلام

٢٧٧

فقال : يا أهل العراق لقد كان فيكم بين أظهركم رجل قتل الليلة وأصيب اليوم لم يسبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون ، كان النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم إذا بعثه في سرية كان جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره فلا يرجع حتى يفتح اللّه عليه ، قال : أخرجه ابن أبي شيبة.

٢٧٨

باب

في قول النبي (ص) أنا دار الحكمة وعلي (ع) بابها

[صحيح الترمذي ج ٢ ص ٢٩٩] روى بسنده عن سويد بن غفلة عن الصنابجى عن علي عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم : أنا دار الحكمة وعلى بابها ، قال الترمذي : وفي الباب عن ابن عباس (أقول) ورواه أبو نعيم أيضاً (ج ١ ص ٦٤) ثم قال : رواه الأصبغ بن نباتة والحارث عن علي عليه السلام نحوه ، ومجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم مثله (انتهى) ، وذكره المناوي أيضاً في فيض القدير في المتن وقال : أخرجه الترمذي ، ثم قال في الشرح : وفي رواية أنا مدينة الحكمة (الخ) وقال أيضاً في شرح (علي بابها) ما لفظه : أي علي بن أبي طالب عليه السلام هو الباب الذي يدخل منه إلى الحكمة ، فناهيك بهذه المرتبة ما أسناها ، وهذه المنقبة ما أعلاها ، ومن زعم أن المراد بقوله : وعلي بابها أنه مرتفع من العلو وهو الارتفاع فقد تنحل لغرضه الفاسد بما لا يجزيه ، ولا يسمنه ولا يغنيه.

[تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج ١١ ص ٢٠٤] روى بسنده عن مجاهد عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم :

٢٧٩

أنا مدينة الحكمة وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأتِ الباب.

[كنز العمال ج ٦ ص ٤٠١] قال : قال الترمذي وابن جرير معاً : حدثنا اسماعيل بن موسى (إلى أن قال) عن علي عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها ، قال : أخرجه أبو نعيم في حليته (ثم قال) وقال ابن جرير : هذا خبر عندنا صحيح سنده (إلى أن قال) ابن جرير : وقد وافق علياً عليه السلام في رواية هذا الخبر عن النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم غيره.

[ثم] إن ها هنا حديثين آخرين يناسب ذكرهما في خاتمة هذا الباب (أحداهما) ما رواه أبو نعيم في حليته (ج ١ ص ٦٤) بسنده عن عبد اللّه قال : كنت عند النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم فسئل عن علي عليه السلام فقال : قُسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزء واحدا (أقول) وذكره المتقي أيضاً في كنز العمال (ج ٦ ص ١٥٤) و (ص ٤٠١) وقال في آخره : وعلي أعلم بالواحد منهم ، ثم قال : أخرجه أبو نعيم في حليته والأزدي ، وأبو على الحسين بن على البردعي في معجمه ، وابن النجار ، وابن الجوزي عن ابن مسعود (ثانيهما) ما ذكره المحب الطبري في الرياض النضرة (ج ٢ ص ٢٠٠) قال : وعن جميل بن عبد اللّه بن يزيد المدني قال : ذكر عند النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم قضاء قضى به علي عليه السلام فأعجب النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم فقال : الحمد للّه الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت قال : أخرجه أحمد في المناقب (أقول) وذكره علي بن سلطان أيضاً في مرقاته في الشرح (ج ٥ ص ٦٠٠) وقال أيضاً : أخرجه أحمد في المناقب.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358