الفضائل

الفضائل0%

الفضائل مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 206

الفضائل

مؤلف: لأبى الفضل سديد الدين شاذان بن جبرائيل بن إسماعيل ابن أبي طالب القمّي
تصنيف:

الصفحات: 206
المشاهدات: 62675
تحميل: 6629

توضيحات:

الفضائل
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 206 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 62675 / تحميل: 6629
الحجم الحجم الحجم
الفضائل

الفضائل

مؤلف:
العربية

هذه المدّة وقد مسّنا وأهلنا الضرّ فاستسقِ لنا يا وارث عِلم محمّد فعند ذلك قام في الحال وأشار بيده إلى السماء فإذا الغيث قد انسجم وهمَل مُزناً وسال الغيث حتى صارت الكوفة غدرانا، فقالوا: يا أمير المؤمنين كُفينا من الماء وروينا، فتكلّم بكلام فمضى الغيث وانقطع المطر وطلعت الشمس، فلعن الله الشاك في فضل عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).

١٨١

رؤية إبراهيم أنوار النبيّ والأئمّة

(وبالإسناد) يرفعه إلى عبد الله بن أبي وقّاص عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: (لمّا خلق الله إبراهيم الخليل كشف له عن بصره فنظر في جانب العرش نوراً، فقال: إلهي وسيّدي ما هذا النور؟ قال: يا إبراهيم، هذا محمّد صفيّي، فقال: إلهي وسيّدي إنّي أرى بجانبه نوراً آخر قال: يا إبراهيم هذا عليّ ناصر ديني، قال: إلهي وسيّدي إنّي أرى بجانبهما نوراً آخر ثالثا يلي النورين، قال: يا إبراهيم هذه فاطمة تلي أباها وبعلها فَطمت محبّيها من النار، قال: إلهي وسيّدي إني أرى نورَين يليان الأنوار الثلاثة، قال: يا إبراهيم، هذان الحسن والحسين يليان أباهما وأُمّهما وجدّهما، قال إلهي وسيّدي إنّي أرى تسعة أنوار قد أحدقوا بالخمسة الأنوار، قال: يا إبراهيم هؤلاء الأئمّة مِن ولدهم، قال الهي وسيّدي وبمَن يعرفون؟

قال: يا إبراهيم، أولهم عليّ بن الحسين، ومحمّد ولد عليّ، وجعفر ولد محمّد، وموسى ولد جعفر، وعليّ ولد موسى، ومحمّد ولد علي، وعليّ ولد محمّد، والحسَن ولد عليّ، ومحمّد ولد الحسن القائم المهدي، قال: إلهي وسيّدي وأرى عدّة أنوار حولهم لا يُحصي عدّتهم إلاّ أنت، قال: يا إبراهيم، هؤلاء شيعتهم ومحبّوهم، قال: إلهي وسيّدي بمَ يُعرف شيعتهم ومحبّوهم؟ قال: يا إبراهيم بصلاة الإحدى والخمسين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، والقنوت قبل الركوع، وسجدَتيّ الشكر، والتختّم باليمين، قال إبراهيم: اجعلني يا إلهي مِن شيعتهم ومحبّيهم، قال: قد جعلتك منهم فأنزل تعالى فيه: ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) ) صدق الله تعالى ورسوله (قال: المفضّل ابن عمر إنّ إبراهيم (عليه السلام) لما أحسّ بالممات روى هذا الخبَر وسجَد فقُبِض في سجدته.

١٨٢

خبر إبليس في سبّ عليّ

(وبالإسناد يرفعه إلى عبد الله بن عبّاس) قال: لمّا رجعنا من حجّ بيت الله مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فجلسنا حوله وهو في مسجده إذ ظهر الوحي عليه فتبسّم (صلّى الله عليه وآله) تبسمّاً شديداً حتى بانت ثناياه فقلنا: يا رسول الله، ممّ تبسّمت؟ قال: (من إبليس اجتاز بنفر وهُم يتلون علينا، فوقف أمامهم فقالوا: مَن ذا الذي أمامنا؟ فقال: أنا أبو مرّة فقالوا: تسمع كلامنا؟ فقال: نعم سوءة لوجوهكم ويلَكم أتسبّون مولاكم عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)؟ فقالوا له: أبا مرّة، من أين علمت أنّه مولانا؟ فقال: ويلكم أنسيتم قول نبيّكم بالأمس: (مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه).

فقالوا: يا أبا مرّة، أنت من شيعته ومواليه؟ فقال ما أنا من شيعته ومواليه، ولكنّي أحبّه لأنّه ما أبغضه أحدٌ منكم إلاّ شاركته في ولده وماله، وذلك قول الله تعالى: ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ ) ، فقالوا: يا أبا مرّة، أتقول في عليّ شيئاً؟ قال وما تريدون أنْ أقول فيه؟ اسمعوا ويلكم منّي، اعلموا أنّي عبدت الله تعالى في الجان اثني عشر ألف سنة فلمّا أهلك الله الجان شكوت إلى الله تعالى عزّ وجل الوحدة فأوتي بي إلى السماء الدنيا، فعبدت الله تعالى فيها أثني عشر ألف سنة أُخرى مع الملائكة فبينا نحن كذلك نسبّح الله تعالى ونقدّسه إذ مرّ علينا نور شعشعاني فخرّت الملائكة عند ذلك سُجّداً فقلنا نور نبيٍّ مرسل أو نور ملًكٍ مقرّب، فإذا النداء من قِبل عزّ وجل لا نبيّ مرسل ولا ملَك مقرّب هذا نور عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أخي محمّد).

١٨٣

خبر المفلوج الذي أبرأه عليّ (عليه السلام)

(وبالإسناد يرفعه إلى ابن عبّاس) أنّه قال: صلّى بنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) صلاة الغداة واستند إلى محرابه والناس حوله منهم المقداد، وحذيفة وأبو ذر وسلمان الفارسي، وإذا أصوات عالية قد ملأت المسامع فعند ذلك قال (صلّى الله عليه وآله): (يا حذيفة، يا سلمان، انظروا ما الخبر)، قال: فخرجنا فإذا هما بنفرٍ وهُم على رواحلهم وهم أربعون رجلاً بأيديهم الرماح الخطية، وعلى رؤوس الرماح أسنّة من العقيق الأحمر، وعلى كلّ واحد منهم بُدنة من اللؤلؤ وعلى رؤوسهم قلانس مرصّعة بالدرّ يقدمهم غلام لا نبات بعارضيه كأنّه فلقة قمر وهم

١٨٤

ينادون الحذار الحذار البدار يا آل محمّد المختار، المنعوت في الأقطار (قال حذيفة): فأخبرت النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بذلك فقال: (يا حذيفة، انطلق إلى حجرة كاشف الكروب وعبدِ علاّم الغيوب الليث الهصور واللسان الشكور والهزبر الغيور، والبطل الجسور، العالم الصبور الذي جرى اسمه في التوراة والإنجيل والفرقان والزبور، انطلق إلى حجرة ابنتي فاطمة وأتني ببعلها عليّ بن أبي طالب (عليه السلام))، قال: فمضيت وإذا به قد تلقّاني وقال: (يا حذيفة، قد جئت تخبرني عن قومٍ أنا عالمٌ بهم منذ خُلقوا ومنذ وُلدوا، وفي أيّ شيء جاؤوا).

فقال حذيفة: زادك الله تعالى يا مولاي علماً وفهماً، ثمّ أقبل (عليه السلام) إلى المسجد والقوم مُحدقون برسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فلمّا رأوا الإمام (عليه السلام) نهضوا قياماً على أقدامهم فقال لهم النبيّ (صلّى الله عليه وآله): (كونوا على مجالسكم)، فقعدوا.

فلمّا استقرّ بهم المجلس قام الغلام الأمرد قائماً دون أصحابه وقال: أيّها الناس أيّكم الراهب إذ أسدل الظلام؟ أيّكم المنزّه من عبادة الأوثان والأصنام؟ أيّكم الساتر عورات النسوان؟ أيّكم الشاكر لما أولاه الرحمان؟ أيّكم الصابر يوم الضرب والطعان؟ أيّكم منكّس الأقران والفرسان؟ أيّكم أخو محمّد (صلّى الله عليه وآله) معدن الإيمان؟ أيّكم وصيّه الذي نصَر به دينه على ساير الأديان؟ أيّكم عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)؟

فعند ذلك قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله): (يا عليّ، أجب الغلام الذي هو في وصفِك علاّم، وقم بحاجته)، فقال عليّ (عليه السلام): (ادن منّي يا غلام، إنّي أعطيك سؤالك والمرام وأشفيك من الأسقام والآلام بعون الله العلاّم، فأنطق بحاجتك فإنّي أُبلغك أُمنيتك؛ ليعلم المسلمون أنّي سفينة النجاة، وعصا موسى والكلمة الكبرى، والنبأ العظيم والصراط المستقيم)، فقال الغلام: إنّ معي أخاً لي، وكان مولعاً بالصيد فخرَج في بعض أيّامه متصيّداً فعارضته بقرات وحش عشر، فرمى إحداهن فقتلها فانفلج من نصّه في الوقت والحال، وقلّ كلامه حتى لا يكلّمنا إلاّ بالإيماء، قد بلغنا أنّ صاحبكم يدفع عنه ما يجد وما قد نزل به، فإنْ شفى صاحبُكم علّته آمنّا به، ففينا النجدة والبأس والقوّة والشدّة والمِراس ولنا الخيول والإبل والفضّة

١٨٥

والذهب والمضارب العالية ونحن سبعون ألف فارس، بخيولٍ جياد وسواعد شِداد ونحن بقايا قومِ عاد، فعند ذلك قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (أين أخوك يا عجاج بن الجلال ابن أبى الغضَب بن سعد بن المقنّع بن عملاق بن ذهل بن صعب العادي)، قال: فلمّا سمع الغلام نسبه قال: ها هو في هودج سيأتي مع جماعة منّا، يا مولاي، إنْ شفيت علّته رجعنا عن عبادة الأوثان واتّبعنا ابن عمّك صاحب البُردة والقضيب والحُسام، قال: فبينا هم في الكلام وإذا قد أقبلت امرأة عجوز بجنب محمل على جمَل فأبركته بباب المسجد، فقال الغلام: جاء آخي يا فتى، فنهض أمير المؤمنين (عليه السلام) ودنا من المحمل، فإذا فيه غلام له وجه صبيح ففتح عينه ونظر إلى وجه عليّ المرتضى فبكى وقال بلسان ضعيف وقلب حزين: إليكم المشتكى والمُلتجأ يا أهل العبا.

فقال عليّ (عليه السلام): (لا بأس عليك بعد اليوم) ثمّ نادى: (أيّها الناس اخرجوا الليلة إلى البقيع فسترون مِن عليٍّ عجبا)، قال حذيفة بن اليمان فأجتمع الناس في البقيع من العصر إلى أنْ هدأ الليل فخرج إليهم أمير المؤمنين (عليه السلام) ومعه ذو الفقار وقال: (اتبعوني حتى أُريكم عجباً) فتبعوه فإذا هو بنارين متفرّقتين نارٌ قليلة ونارٌ كثيرة فدخل (عليه السلام) في النار القليلة وقلَبها على النار الكثيرة (قال حذيفة): فسمِعت زمجرة كزمجرة الرعد، فقلب النار بعضها على بعض ثمّ دخل فيها ونحن بالبُعد عنه، وقد تداخلنا الرعب من كثرة زمجرة النار، ونحن ننظر ما يصنع بالنار ولَم يزل كذلك إلى أنْ أسفر الصبح، ثمّ خمَدت النار ثمّ طلع منها وقد كنّا قد أيسنا منه، فوصل إلينا وبيده رأس ذروته إحدى عشر إصبعاً له عينٌ واحدة في جبهته، وهو ماسك بشعره وله شعر مثل شعر الدب، فقلنا له: عين الله تعالى عليك ثمّ أتى به إلى المحمل الذي فيه الغلام وقال: (قلما يأذن الله تعالى يا غلام)، فما بقيَ عليك بأس فنهض الغلام ويداه صحيحتان ورجلاه سليمتان، فأنكبّ على رِجل الإمام (عليه السلام) يُقبّلها وهو يقول: مدّ يدك فأنا أشهد أنّ لا إله إلاّ الله وأشهد أنّ محمّداً رسول الله وأنّك وليّ الله وناصر

١٨٦

دينه، ثمّ أسلم القوم الذين كانوا معه، قال: فبقيَ الناس متحيّرين لا يتكلّمون وقد بُهتوا لمّا رأوا الرأس وخلقته فألتفت (عليه السلام) وقال: (يا أيّها الناس، هذا رأس عمرو بن الأخبل بن الأقيس بن إبليس اللعين، وكان في أثني عشَر ألف فيلق من الجن، وهو الذي فعل بالغلام ما شاهدتموه فضربتهم بسيفي هذا وقاتلتهم بقلبي هذا فماتوا كلّهم باسم الله الذي كان في عصا موسى بن عمران، الذي ضرب البحر فانفلق اثنى عشر فريقاً فاعتصموا بطاعة الله وطاعة رسوله ترشدوا).

(وبالإسناد) يرفعه إلى محمّد بن عليّ الباقر (عليه السلام) أنّه قال: سُئل جابر بن عبد الله الأنصاري عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: (ذلك والله أمير المؤمنين، ومُخزي المنافقين، وبَوار الكافرين وسبب الله على القاسطين والناكثين والمارقين، ولقد سمِعت بأذني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: علي بعدى خيرُ البشر فمَن شكّ فيه فقد كفر).

(وبالإسناد) يرفعه الحسين العسكر عن النسَب الطاهر إلى الحسين أنّه قال: (كنت مع أبي عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) يوماً على الصفا، وإذا هو بدرّاج على وجه الأرض في الصفا، فوقف مولاي بإزائه فقال: السلام عليك أيّها الدرّاج فأجابه يقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أمير المؤمنين، فقال له أمير المؤمنين: أيّها الدرّاج ما تصنع في هذا المكان؟ فقال يا أمير المؤمنين، أنا في هذا المكان منذ أربعمِئة عام أُسبّح الله تعالى وأُقدّسه وأحمده وأُهلّله وأُكبّره وأعبده حقّ عبادته فقال (عليه السلام): إنّ هذا الصفا لا مطعم فيه ولا مشرَب فمن أين مطعمك ومشربك؟ فقال له: يا مولاي، وحق من بعث ابن عمّك بالحقّ نبيّاً وجعلَك وصيّاً إنّي كلّما جعت دعوت الله لشيعتك ومحبّيك فأشبّع، وإذا عطشت دعوت الله على مبغضيك وظالميك فأروي:

أيّها السائل عمّا دونه النجم العلي

خير خلق الله مِن بعد النبيّين عليّ

١٨٧

هكذا أخبرنا عن ربّه الهادي النبيّ

إنْ ما استخيرت عنه واضح الأمرُ جليّ

وبه فاز الموالي وبه ضلّ الغوي

لم يمل عنه وعن أبنائه إلاّ الشقي

  (وبالإسناد) عن أنَس بن مالك أنّه قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (اتبعوا الشمس حتى تغرب فإذا غربت فاتبعوا الزهرة حتى تغرب، فإذا غربت فاتبعوا الفرقَدين) قيل: يا رسول الله، وما الشمس والزهرة؟ وما الفرقدان؟ قال (صلّى الله عليه وآله): (الشمس أنا، والقمر عليّ والزهرة ابنتي والفرقدان الحسَن والحسين).

(وبالإسناد) يرفعه إلى سلمان الفارسي (رضي الله عنه) أنّه قال: صلّى بنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) صلاة الصبح، فلمّا سلّم قام وقال: (أين ابن عمّي عليّ والذي يقضي ديني وينجز عِدتي؟)، فأجابه: (لبّيك لبّيك يا رسول الله، ها أنا بين يديك) ، قال: (يا عليّ، أتريد أنْ أُعرّفك بفضلك من الله عزّ وجل؟).

فقال: (نعم يا حبيبي)، فقال: (يا عليّ اخرج إلى صحن المسجد فإذا طلعت الشمس فكلّمها حتى تكلّمك)، قال سلمان فخرج علي (عليه السلام) إلى صحن المسجد فلمّا طلعت الشمس قال لها: (السلام عليك أيّتها الشمس) قالت: (وعليك السلام يا أوّل يا آخر، يا ظاهر يا باطن، يا مَن هو بكل شيء عليم).

قال: فضجّت الصحابة بأجمعهم وقالوا: يا رسول الله، بالأمس تقول لنا: الأوّل والأخر صفات الله تعالى، قال: (نعم تلك صفات الله وهو الله وحده لا شريك له، يُحيي ويُميت وهو حيٌّ لا يموت بيده الخير وهو على كل شيءٍ قدير)، قالوا فما لنا سمعنا الشمس تقول لعليّ هذا الكلام، أصار عليّ ربّاً يعهد؟ فقال: (استغفر الله، لا حول ولا قوّة إلاّ بالله، لكلّ مقامٍ مقالاً فاستغفروا الله وتوبوا إليه، أمّا قولها: يا أوّل فهو أوّل مَن آمن بي وصدّقني، وأمّا قولها يا آخر فهو والله آخر من يواريني ويُلحدني، وأمّا قولها يا ظاهر، فهو والله أظهر دين الله بالسيف، وأمّا قولها يا باطن فهو والله باطنٌ لعلمي، وأمّا قولها يا مَن هو بكل شيء عليم فوعزّة ربّي ما علّمني ربّي شيئاً إلاّ علّمته عليّاً وأنّه

١٨٨

بطرق السماء أعرف منه بطرق الأرض)، ثمّ قال: (يا عليّ، ادخل وافتخر) فدخَل وهو ينشد ويقول:

أنا للحرب إليها وبنفسي أصطليها

نعمةً من خالق العرش بها قد خصّنيها

وأنا مخمد نار الحرب في يوم اجبها

ولي السبقة في الإسلام طفلاً ووجيها

لي الفضل على الناس بزوجي وبنيها

ثمّ فخري برسول الله إذ زوّجنيها

فإذا أنزل ربّي آيةً علّمنيها

ولقد أورثني العلم وقد صرت فقيها

(وبالإسناد) يرفعه إلى أبي سعيد الخدري أنّه قال: قال رسول الله: (بُني الإسلام على شهادة أنْ لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان والحجّ إلى بيت الله الحرام، والجهاد وولاية عليّ بن أبي طالب)، قال الراوي: قلت لأبي سعيد: ما أظنّ القوم إلاّ هلَكوا إذ تركوا الولاية، قال: فما يصنع أبو سيعد إذا هلكوا.

١٨٩

خبر البساط وأصحاب الكهف

(وبالإسناد) يرفعه إلى سالم بن أبي جعدة أنّه قال: حضرت مجلس أنس ابن مالك بالبصرة، وهو يُحدّث، فقام إليه رجلٌ من القوم فقال: يا صاحب رسول الله، ما هذه النمشة التي أراها بك؟ فإنّي حدّثني أبى، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: (البرَص والجذام لا يبلو الله تعالى به مؤمناً)، قال: فعند ذلك أطرَق أنَس بن مالك إلى الأرض وعيناه تذرفان بالدمع، ثمّ قال: دعوة العبد الصالح عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) نفذت فيّ، فعند ذلك قام الناس من حوله وقصدوه وقالوا: يا أنَس، حدّثنا ما كان السبب؟

فقال لهم: الهوا من هذا، فقالوا لا بدّ أنْ تخبرنا بذلك، فقال: اجلسوا مواضعكم واسمعوا منّي حديثاً كان هو السبب لدعوة عليّ (عليه السلام)، اعلموا أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) كان قد أُهدي إليه بساط شَعر من قريةِ كذا وكذا من قُرى المشرق يقال لها هندف، فأرسلني رسول الله إلى أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمان بن عوف الزهري، فأتيته بهم وعنده أخوه وابن عمّه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، ثمّ قال: (يا أنس، ابسط البساط واجلس حتى تخبرني بما يكون، ثمّ قال: (يا عليّ، قل: يا ريح احملينا).

١٩٠

قال: فقال الإمام عليّ (عليه السلام): (يا ريح احملينا)، فإذا نحن في الهواء، فقال: (سيروا على بركة الله)، قال: فسرنا ما شاء الله تعالى ثمّ قال: (يا ريح، ضعينا)، فوضعتنا فقال: (أتدرون أين أنتم؟) فقلنا: الله ورسوله ووليّه أعلم، فقال: (هؤلاء أصحاب الكهف والرقيم الذين كانوا من آيات الله عجباً، قوموا بنا يا أصحاب رسول الله، حتى نسلّم عليهم)، فعند ذلك قام أبو بكر وعمر وقالا: السلام عليكم يا أهل الكهف والرقيم، فلَم يُجبهما أحد قال: فقام طلحة والزبير فقالا: السلام عليكم يا أصحاب الكهف والرقيم، قال: فلَم يُجبهما أحد، قال أنَس: فقمت أنا وعبد الرحمان بن عوف وقلت: أنا أنس خادم رسول الله (عليه السلام) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا أصحاب الكهف والرقيم فلم يجيبنا أحد.

قال: فعند ذلك قام الإمام (عليه السلام) وقال: (السلام عليكم يا أصحاب الكهف والرقيم الذين كانوا من آيات الله عجباً)، فقالوا: وعليك السلام يا وصيّ رسول الله ورحمة الله وبركاته، فقال: (يا أصحاب الكهف لم لا رددتم على أصحاب رسول الله؟)، فقالوا بأجمعهم: يا خليفة رسول الله، إنّنا فتيةٌ آمنوا بربّهم وزادهم الله هدى، وليس معنا إذن أنْ نردّ السلام إلاّ إلى نبيّ أو وصيّ نبيّ، فأنت وصيّ خاتم النبيّين وأنت سيّد الوصيّين، ثمّ قال: (أسمعتم يا أصحاب رسول الله؟)، قالوا: نعم يا أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: (فخذوا مواضعكم واقعدوا في مجالسكم).

قال: فقعدنا في مجالسنا ثمّ قال: (يا ريح احملينا) فحملتنا فسرنا ما شاء الله إلى أنْ غربت الشمس، ثمّ قال: (يا ريح ضعينا) فإذا نحن في روضة كالزعفران ليس بها حسيس ولا أنيس، نباتها القيصوم والشيح وليس فيها ماء، فقلنا: يا أمير المؤمنين دنَت الصلاة وليس عندنا ماء نتوضّأ به، فقام وجاء إلى موضع من تلك الأرض فرفس برجله فنبعت عين ماء عذب، فقال: (دونكم وما طلبتم ولولا طلبتكم لجاء جبرئيل (عليه السلام) بماء من الجنّة)، قال فتوضّأنا به وصلّينا ووقف يصلّي (عليه السلام) إلى أنْ انتصف الليل، ثمّ قال: (خذوا مواضعكم ستدركون الصلاة مع رسول الله أو بعضها)، ثمّ قال: (يا ريح احملينا) فإذا نحن في الهواء ثمّ سرنا ما شاء الله فإذا نحن بمسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقد صلّى

١٩١

صلاة الغداة ركعةً واحدة فقضينا ما كان قد سبقنا بها رسول الله، ثمّ التفت إلينا وقال لي: (يا أنَس تحدّثني أم أنا أُحدّثك بما وقع من المشاهدة التي شاهدتها أنت؟) قلت: بل مِن فيك أحلى يا رسول الله، قال: فابتدأنا الحديث من أوّله إلى آخره كأنّه كان معنا، قال: (يا أنَس تشهد لابن عمّي بها إذا استشهدك بها؟)، قلت: نعم يا رسول الله، قال: فلمّا ولّيَ أبو بكر الخلافة أتى عليّ (عليه السلام) إليّ وكنت حاضراً عند أبي بكر والناس حوله، فقال: (يا أنَس، ألست تشهد لي بفضيلةِ البساط، ويوم العين)، فقلت له: يا عليّ، قد نسيت لكبري، فعندها قال لي: (يا أنَس، إنْ كنت كتمته مداهنة بعد وصيّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لك فرماك ببياض في وجهك ولظىً في جوفك وعمي في عينيك)، فما قمت من مقامي حتى برصت وعميت، وأنا الآن لا أقدر على الصيام في شهر رمضان ولا غيره؛ لأنّ الزاد لا يبقى في جوفي، ولم يزَل على ذلك حتى مات بالبصرة.

خبر الأئمة الاثني عشر

(وبالإسناد) يرفعه إلى عليّ بن موسى الرضا، يرفعه إلى النسب الطاهر الزكيّ إلى سيّد الشهداء الحسين بن عليّ (عليه السلام) قال: (قال لي أبي: قال أخي رسول الله (صلّى الله عليه وآله): مَن سرّه أنْ يلقى الله تعالى مُقبلاً عليه غير مُعرض عنه، فليوال عليّاً، ومَن سرّه أنْ يلقى الله تعالى وهو عنه راضٍ فليوال ابنه الحسَن (عليه السلام)، ومَن أحبّ أنْ يلقى الله تعالى وهو لا خوفٌ عليه فليُوال ابنه الحُسين (عليه السلام)، ومَن أحبّ أنْ يلقى الله وهو يُمحّص عنه ذنوبه فليوال عليّ ابن الحسين (عليه السلام) السجّاد، ومَن أحبّ أنْ يلقى الله وهو قرير عين فليوال محمّد الباقر (عليه السلام)، ومَن أحبّ أنْ يلقى الله وهو خفيف الظهر فليوال جعفر الصادق (عليه السلام)، ومن أحبّ أنْ يلقى الله وهو طاهرٌ مطهّر فليوال موسى الكاظم (عليه السلام)، ومَن أحبّ أنْ يلقى الله وهو ضاحكٌ مستبشر فليوال عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام)، ومَن أحبّ أنْ يلقى الله وقد رُفِعت درجاته وبُدِّلت سيّئاته حسنات فليوال محمّد الجواد (عليه السلام)، ومَن أحبّ أنْ يُحاسبه الله حساباً يسيراً فليوال عليّ الهادي، ومَن أحبّ أنْ يلقى الله وهو

١٩٢

مِن الفائزين فليوال الحسن العسكري، ومَن أحبّ أنْ يلقى الله وقد كَمُل إيمانه وحسُن إسلامه فليوال الحجّة صاحب الزمان القائم المنتظر المهدي م ح م د بن الحسن؛ فهؤلاء مصابيح الدجى وأئمّة الهدى وأعلام التُّقى فمَن أحبّهم وتولاّهم كنت ضامناً له على الله الجنّة).

(وبالإسناد) يرفعه عنهم (عليهم السلام) قال: إنّ ثوراً قتل حماراً على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فرُفِع ذلك إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وكان في جماعة من أصحابه منهم أبو بكر وعمر والزبير وسلمان وحذيفة، فالتفت النبيّ (صلّى الله عليه وآله) إلى أبي بكر وقال: (يا أبا بكر، اقض بينهم)، قال: بأيّ شيءٍ أحكم بين الدواب؟ ثمّ قال: يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، بهيمة قتلت بهيمة فما عليها شيء، قال: فالتفت إلى عمر فقال: (يا عمر، احكم بينهم)، قال: بأيّ شيءٍ أحكم بين الدواب؟

فالتفت إلى عليّ (عليه السلام) وقال: (يا أبا الحسن، احكم بينهم)، فقال: (أجل يا رسول الله، إنْ كان الثور دخَل على الحمار في مستراحة فلا ضمان على صاحب الثور، وإنْ كان الحمار دخل على الثور في مستراحه فلا ضمان على صاحب الثور)، فرفع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يده إلى السماء وقال: (الحمد لله الذي لم يُخرجني من الدنيا حتى رأيتك تقضي بقضاء النبيّين).

(وبالإسناد) يرفعه صعصة بن صوحان أنّه قال: أمطرت المدينة مطراً شديداً، ثمّ صحت فخرج النبيّ (صلّى الله عليه وآله) إلى صحرائها ومعه أبو بكر فلمّا خرجا وإذا بعليّ مقبل، فلمّا رآه النبيّ (صلّى الله عليه وآله) قال: (مرحباً بالحبيب القريب ثمّ تلا هذه الآية: ( وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ) أنت يا عليّ منهم)، ثمّ رفع رأسه إلى السماء وأومئ بيده إلى الهواء، وإذا برمّانة تهوي إليه من السماء أشدّ بياضا من الثلج وأحلى من العسَل وأطيب رائحة من المسك فأخذها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ومصّها حتى روى ثمّ ناولها لعليّ (عليه السلام) ومصّها حتى روى ثمّ التفت إلى أبي بكر وقال: (يا أبا بكر لولا أنّ طعام أهل الجنّة لا يأكله إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ لأطعمناك، فإنّ طعام الجنّة لا يأكله أهل النار).

(وبالإسناد) يرفعه إلى أبي الحمراء أنّه قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لمّا

١٩٣

أُسريَ بي إلى السماء رأيت مكتوباً على قائمة العرش: (أنا الله لا إله إلاّ أنا فاعبدني وحدي، خلقت جنّة عدنٍ بيدَي، محمّد صفوتي مِن خلقي أيّدته بعليّ ونصرته به).

(وبالإسناد) يرفعه إلى عبد الله بن مسعود وابن عبّاس أنّهما قالا: سمعنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: (أعطاني الله عزّ وجل خمساً وأعطى عليّاً مثلها، أعطاني جوامع الكَلِم وأعطاني العِلم وجعلني نبيّاً وجعله وصيّاً، وأعطاني الكوثر وأعطاه السلسبيل وأعطاني الوحي وأعطاه الإلهام، وأسرى بي إليه وفتَح لعليّ (عليه السلام) أبواب السماء حتى نظرت إليه)، قال: ثمّ بكى رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقلنا له: فداك أبي وأُمّي يا رسول الله، ما يبكيك؟

قال: (يابن عبّاس، أوّل ما كلّمني به ربّي عزّ وجل قال: يا محمّد انظر إلى ما تحتك، فنظرت وإذا بالحُجُب قد اختُرقت وأبواب السماء قد فُتحت حتى نظرت إلى عليّ وهو رافع رأسه إلى السماء، فكلّمني وكلّمته، فقال: يا رسول الله، اخبرني بما قال، قال: إنّي جعلت عليّاً وصيّك وخليفتك مِن بعدِك، فاعلمه بذلك فعند ذلك أمر الله الملائكة فحططت رأسي إلى علي (عليه السلام) وأعلمته بما قال لي ربّي فسجد لله عزّ وجل وقال (عليه السلام): قد قبلت ذلك.

فعند ذلك أمر الله الملائكة أنْ تسلّم على عليّ ففَعَلت فردّ عليهم السلام وجعَلَت الملائكة يتباشرون ثمّ ما مررت بصفٍّ من الملائكة إلاّ وهم يهنّوني ويقولون: يا محمّد والذي بعثك بالحقّ نبيّاً لقد دخل السرور علينا بابن عمّك، ورأيت حمَلَة العرش قد نكّسوا رؤوسَهم فقلت يا جبرئيل، مالي أرى حمَلَة العرش قد نكّسوا رؤوسهم؟

قال: يا محمّد، لم يبقَ في السموات ملَك إلاّ وسلّم على عليّ (عليه السلام) إلاّ حمَلَة العرش، فاستأذَنت الله عزّ وجل في المنظر الأعلى للنظر إلى عليّ (عليه السلام) فأذِن لهم لينظروا إلى عليّ (عليه السلام)، قال: فلمّا هبَطت إلى الأرض جعلت أُعلمه بذلك وهو يخبرني به، فعلمت أنّي ما وطئت موطئاً إلاّ قد كُشِف له حتى نظر إليه.

فعند ذلك قال ابن عبّاس: يا رسول الله، أحبّ أنْ توصيني بشيء قال: (يا ابن عبّاس اعلم إنّ الله عزّ وجل لا يتقبّل من أحد حسنة حتى يسأله عن حبّ عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وهو أعلم بذلك فإنْ كان من

١٩٤

أهل ولايته قبل عملَه على ما كان فيه، وإنْ لم يكن من أهل ولايته فمَا يسأل عن شيء حتى يؤمر به إلى النار لأشد غضباً على مبغضي عليّ ممّن زعَم أنّ لله ولداً، يابن عبّاس، لو أنّ الملائكة والأنبياء والمرسلين اجتمعوا على بغضه لعذّبهم الله تعالى في جهنّم وما كانوا ليفعلوا)، قلت: يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فكيف يبغضونه؟

قال: (يابن عبّاس، يأتون قومٌ يذكرون أنّهم من أُمّتي لم يجعل الله تعالى لهم في الإسلام نصيباً يفضّلون غيره عليه، فو الذي بعثني بالحقّ نبيّاً ما خلق الله نبيّاً أكرم على الله منّي ولا وصيّاً أكرم على الله من عليّ (عليه السلام)).

(قال ابن عبّاس): فلم أزل له محبّاً كما أمرني رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

(وبالإسناد) يرفعه إلى ابن عبّاس أنّه قال: لمّا حضرت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الوفاة أتيت إليه وسلّمت عليه وقلت له: ما تأمرني به يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقال: (يا ابن عبّاس خالِف مَن خالَف عليّاً ولا تكن لهم وليّاً)، قلت: يا رسول الله، لِم لا تأمر الناس بترك مخالفته، قال: فبكى حتى أُغميَ عليه ثمّ أفاق وقال: (يابن عبّاس، سبق فيهم عِلم ربّي، فوَالله لا يخرج أحد من الدنيا وقد خالفه وأنكر حقّه حتى يغيّر الله خلقه، يابن عبّاس، إذا أردت أنْ تلقى الله تعالى وهو عنك راض فاسلك طريقة عليّ ومِل معه حيث مال، وارض به إماماً وعادِ مَن عاداه ووالِ مَن والاه، ولا يداخلك فيه شك فإنّ اليسير من الشك فيه كُفر).

(وبالإسناد) يرفعه إلى عائشة أنّها قالت: كنت عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فذكر عليّاً فقال: (يا عائشة، لَم يكن قط في الدنيا أحدٌ أحبّ إلى الله منه، وأحبّ إليّ منه ومِن زوجته فاطمة ابنتي، ومن ولَدَيه الحسَن والحسين (عليهما السلام) يا عائشة، تعلمين أيّ شيء رأيت لابنتي فاطمة ولبَعلها؟)، قالت: لا، فاخبرني يا رسول الله.

قال: (يا عائشة، إنّ ابنتي سيّدة نساء العالمين، وإنّ بعلها لا يُقاس بأحدٍ من الناس وإنّ ولديه الحسن والحسين هما ريحانتاي في الدنيا والآخرة، يا عائشة، أنا وفاطمة والحسن والحسين وابن عمّي عليّ في غرفةٍ

١٩٥

من درّةٍ بيضاء أساسها من رحمة الله تعالى وأطرافها من عفو الله تعالى ورضوانه، وهي تحت عرش الله تعالى وبين عليّ وبين نور الله بابٌ ينظر إلى الله وينظر الله إليه، وعلى رأسه تاجٌ قد أضاء نوره ما بين المشرق والمغرب، وهو يرفل في حلّتين حمراوين يا عائشة، خُلقت ذرّية محبّينا من طينة تحت العرش، وخلقت ذرّية مبغضينا من طينةٍ الخبال وهي في جهنّم).

١٩٦

خبر كلام السبع مع عليّ (عليه السلام)

(وبالإسناد) يرفعه إلى منقذ بن الأبقع وكان رجلاً من خواصّ مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: كنت مع مولانا عليّ (عليه السلام) في النصف من شعبان، وهو يريد أنْ يمضي إلى موضعٍ له كان يأوي إليه بالليل، فمضى وأنا معه حتى أتى الموضع ونزَل عن بغلته ومضى لشأنه، قال: فحمْحَمَت البغلة ورفَعت أذنيها قال: فحسّ مولاي فقال لي: (ما وراك يا أخا بني أسد ما دهاها) قال: فنظر أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى البر فقال: هو سبعٌ وربّ الكعبة فقام من محرابه متقلّداً ذا الفقار، وجعل يخطو نحو السبع ثمّ صاح به، فخاف ووقف يضرب بذنبه خواصره.

قال: فعند ذلك استقرّت البغلة، فقال له: (يا ليث وأبو الأشبال وأنّي قسوَر وحيدر فما جاء بك أيّها الليث؟ ثمّ قال: اللهمّ انطِق لسانه)، فعند ذلك قال السبع: يا أمير المؤمنين، ويا خير الوصيّين، ويا وارث عِلم النبيّين إنّ لي سبعة أيّام ما افترست شيئاً وقد أضرّ بي الجوع، وقد رأيتكم من مسافة فرسَخين فدنوت منكم، فقلت: اذهب وانظر ما هؤلاء القوم ومَن هم، فإنْ كان لي بهم مقدرة أخذت منهم نصيبي.

فقال (عليه السلام) مجيباً: (له يا ليث، إنّي أبو الأشبال الأحدَ عشَر)، ثمّ مدّ الإمام (عليه السلام) إليه يده فقبض بيده صوف قفاه وجذبه إليه فامتدّ السبع بين يديه فجعل (عليه السلام) يمسَح عليه من هامته إلى كتفيه ويقول:

(يا ليث، أنت كلب الله في أرضه)، فقال له السبع: الجوع يا مولاي فقال الإمام: (اللهم ائتيه برزقه بحقّ محمّد وأهل بيته)، قال: فالتفت وإذا بالأسد يأكل شيئاً على هيئة الحمل حتى أتى على آخره، فلمّا فرغ من أكله قام بين يديه وقال: يا أمير المؤمنين نحن معاشر الوحوش لا نأكل لحم

١٩٧

محبّيك ومحبّي عترتك فنحن أهل بيت نتّخذ محبّة الهاشميّين وعترتهم، فقال له: (أيّها السبع أين تأوي وأين تكون؟) قال: يا مولاي إنّي مسلّط على أعدائك كلاب أهل الشام، أنا وأهل بيتي وهُم فريستنا ونحن نأوي النيل.

قال: (فما جاء بك إلى الكوفة؟)، قال: يا أمير المؤمنين، أتيت الكوفة لأجلك فلم أُصادفك فيها وقطعت الفيافي القفار حتى وفّقت بك، ولك شوقي وأنا منصرف ليلتي هذه إلى القادسية إلى رجلٍ يقال له سنان بن مالك بن وائل، وهو ممّن انفلت من حرب صفّين، وهو من أهل الشام ثمّ همَهَم وولّى.

قال منقذ بن الأبقع الأسدي فعجبت من ذلك فقال لي عليّ (عليه السلام): (أتعجب من هذا؟ فالشمس أعجب من رجوعها آم العين في نبعها، أم الكواكب في انقضاضها أم الجمجمة أم سائر ذلك، فو الذي فلَق الحبّ وبرئ النسمة لو أحببت أنْ أُري الناس ما علّمني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من الآيات العجائب والمعجزات لكانوا يرجعوا كفّاراً).

ثمّ رجَع إلى مصلاّه ووجّه بي من ساعتي إلى القادسية فوصلت قبل أنْ يتم مؤذّن الصلاة فسمِعت الناس يقولون افترس سنان السبع فأتيت إليه مع مَن ينظر إليه فرأيت لم يترك السبع منه سوى أطراف أصابعه وانبوبى الساق ورأسه، فحملوا عظامه ورأسه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فبقيَت متعجّباً فحدّثت بحديث السبع وما كان منه مع أمير المؤمنين (عليه السلام)، فجعل الناس يرمون التراب تحت قدميه فيأخذونه ويتشرّفون به قال: فلمّا رأى ذلك قام خطيباً فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثمّ قال:

(معاشر الناس ما أحبّنا رجل ودخل النار، وأبغضنا رجل ودخل الجنّة، وأنا قسيم الجنّة والنار هذا إلى الجنّة يميناً وهُم مَن يحبّني وهذا إلى النار شمالاً وهم من يبغضني، ثمّ إنّ يوم القيامة أقول لجنّهم هذا لي وهذا لك حتى تجوز شيعتي على الصراط كالبرق الخاطف والرعد العاصف والطير المُسرع والجواد السابق) قال: فعند ذلك قام الناس بأجمعهم وقالوا: الحمد لله الذي فضّلك على كثير من خلقه، ثمّ تلا هذه الآية: ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ

١٩٨

الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ) .

١٩٩

خبر السارق الذي قطعت يده

(وبالإسناد) يرفعه عن الأصبغ بن نباتة قال: كنت جالساً عند أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يقضي بين الناس، إذ أقبل جماعة ومعهم أسوَد مشدود الأكتاف فقالوا: هذا سارق يا أمير المؤمنين فقال (عليه السلام): (يا أسود، سرقت؟)، قال: نعم يا مولاي، قال: (ويلك انظر ماذا تقول أسرقت؟)، قال، نعم.

فقال له: (ثكلتك أُمّك إنْ قلتها ثانية قطعتُ يدَك، سرقت؟) قال: نعم فعند ذلك قال (عليه السلام): (اقطعوا يده فقد وجب عليه القطع)، قال: فقطع يمينه فأخذها بشماله وهي تقطر فاستقبله رجلٌ يقال له ابن الكوّاء فقال له: يا أسود من قطع يمينك؟

قال له: قطع يميني سيّد المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين وأولى الناس باليقين، سيّد الوصيّين أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) إمام الهدى وزوج فاطمة الزهراء ابنة محمّد المصطفى، أبو الحسن المجتبى وأبو الحسين المرتضى، السابق إلى جنّات النعيم مصادم الأبطال المنتقم من الجهّال زكيّ الزكاة منيع الصيانة من هاشم القمقام ابن عم رسول الأنام الهادي إلى الرشاد الناطق بالسداد، شجاع كميّ جحجاح وفيّ فهو أنور بطين أنزع أمين مِن حم ويس وطه والميامين، محلّ الحرمين ومصلّى القبلتين خاتم الأوصياء لصفوة الأنبياء القسورة الهمام والبطل الضرغام، المؤيّد بجبرائيل والمنصور بمكيائيل المبين، فرض ربّ العالمين المطفي نيران الموقدين وخيرُ مَن مشى من قريش أجمعين المحفوف بجندٍ من السماء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) على رغم أنف الراغمين ومولى الخلق أجمعين.

قال: فعند ذلك قال له ابن الكوّاء: ويلك يا أسود، قطع يمينك وأنت تثني عليه هذا الثناء كلّه، قال: وما لي لا أُثني عليه وقد خالَط حبّه لحمي ودمي والله ما قطَع يميني إلاّ بحقٍّ أوجبه الله تعالى عليّ، قال ابن الكوّاء: فدخلت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وقلت له: يا سيّدي رأيت عجباً فقال: (وما رأيت؟) قلت صادفت الأسود وقد قطعتَ يمينه وقد أخذها بشماله وهي تقطر دماً فقلت:

٢٠٠