سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله الجزء ١

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله8%

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله مؤلف:
المحقق: مؤسسة النشر الإسلامي
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
الصفحات: 694

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 694 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 366509 / تحميل: 9287
الحجم الحجم الحجم
سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

[ ٢٦٨٤٥ ] ٢ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: لا يجوز طلاق العبد إذا كان هو وامرأته لرجل واحد إلّا أن يكون العبد لرجل والمرأة لرجل وتزوجها بإذن مولاه وباذن مولاها، فإن طلق وهو بهذه المنزلة فإن طلاقه جائز.

ورواه الكلينيّ كما يأتي في الطلاق(١) .

[ ٢٦٨٤٦ ] ٣ - وعنه، عن صفوان بن يحيى، عن عبدالله بن مسكان، عن عبد الرحمن ابن أبي عبدالله قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : الرجل يزوّج جاريته من رجل حرّ أو عبد، أله أن ينزعها بغير طلاق؟ قال: نعم، هي جاريته ينزعها متى شاء.

أقول: حمله الشيخ على أن له ذلك، بأن يبيعها فيكون بيعه تفريقا بينهما لما تقدّم(٢) .

[ ٢٦٨٤٧ ] ٤ - وعنه، عن النضر بن سويد، عن موسى بن بكر، عن محمّد بن علي، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: إذا تزوّج المملوك حرّة فللمولى أن يفرق بينهما، فإن زوجه المولى حرّة فله أن يفرّق بينهما.

أقول: تقدّم الوجه في مثله(٣) .

[ ٢٦٨٤٨ ] ٥ - وعنه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبيّ، عن أبي

____________________

٢ - التهذيب ٧: ٣٣٨ / ١٣٨٥، والاستبصار ٣: ٢٠٥ / ٧٤١، وأورد صدره في الحديث ٦ من الباب ٤٥ من هذه الأبواب.

(١) يأتي في الحديث ١ من الباب ٤٣ من أبواب مقدمات الطلاق.

٣ - التهذيب ٧: ٣٣٩ / ١٣٨٦، والاستبصار ٣: ٢٠٦ / ٧٤٣.

(٢) تقدم في الحديث ١ من هذا الباب.

٤ - التهذيب ٧: ٣٣٩ / ١٣٨٧.

(٣) تقدم في الحديث ٣ من هذا الباب.

٥ - التهذيب ٧: ٣٣٩ / ١٣٨٨، وأورد صدره في الحديث ٤ من الباب ٤٥ من هذه الأبواب.

١٨١

عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: سألته عن رجل يزوّج أمته من رجل حرّ أو عبد لقوم آخرين، أله أن ينزعها منه؟ قال: لا، إلّا أن يبيعها فإن باعها فشاء الذي اشتراها أن يفرّق بينهما فرّق بينهما.

[ ٢٦٨٤٩ ] ٦ - وعنه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن رجل كان له جارية فزوّجها من رجل آخر، بيد من طلاقها؟ قال: بيد مولاها(١) ، وذلك لأنّه تزوّجها وهو يعلم أنّها كذلك.

أقول: حمله الشيخ أيضاً على البيع فانّ البيع كالطلاق لما تقدّم(٢) ويأتي(٣) ، وجوّز حمله على كون المولى قد اشترط على الزوّج عند العقد أن بيده الطلاق لما يأتي(٤) .

[ ٢٦٨٥٠ ] ٧ - وعنه، عن حمّاد بن عيسى، عن حرّيز، عن محمّد قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : طلاق الأمة بيعها.

[ ٢٦٨٥١ ] ٨ - وعنه، عن حمّاد بن عيسى، عن حرّيز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل ينكح أمته من رجل، أيفرّق بينهما إذا شاء؟ فقال: إن كان مملوكه فليفرّق بينهما إذا شاء، إنّ الله تعالى يقول:( عبداً مملوكا لا يقدر على شيء ) (٥) فليس للعبد شيء من الامر، وإن كان زوّجها حرّاً فانّ طلاقها صفقتها.

____________________

٦ - التهذيب ٧: ٣٣٩ / ١٣٨٩، والاستبصار ٣: ٢٠٧ / ٧٤٦.

(١) في المصدر: مولاه.

(٢) تقدم في الحديث ٥ من هذا الباب.

(٣) يأتي في الحديث ٧ من هذا الباب.

(٤) يأتي في الحديث ٩ من هذا الباب.

٧ - التهذيب ٧: ٣٤٠ / ١٣٩٠، والاستبصار ٣: ٢٠٧ / ٧٤٧.

٨ - التهذيب ٧: ٣٤٠ / ١٣٩٢، والاستبصار ٣: ٢٠٧ / ٧٤٩.

(٥) النحل ١٦: ٧٥.

١٨٢

[ ٢٦٨٥٢ ] ٩ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن أحمد قال: كتب إليه الريان بن شبيب: رجل أراد أن يزوّج مملوكته حرّاً ويشترط عليه أنّه متى شاء فرّق بينهما، أيجوز له ذلك جعلت فداك أم لا؟ فكتب: نعم، إذا جعل إليه الطلاق.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه هنا(٢) وفي الطلاق(٣) ، إن شاء الله.

٦٥ - باب أن الأمة لا ترث زوجها ولا يرثها وان كانت مدبرّة قد علق تدبيرها على موت ال زوّج

[ ٢٦٨٥٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن حكيم قال: سألت أبا الحسن موسى( عليه‌السلام ) عن رجل زوّج أمته من رجل حرّ(٤) ثمّ قال لها: إذا مات زوجك فأنت حرّة، فمات الزوج، قال: فقال: إذا مات الزوّج فهي حرّة تعتد منه عدّة الحرّة المتوفّى عنها زوجها، ولا ميراث لها منه لأنّها صارت حرّة بعد موت الزوج.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب(٥) .

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في الميراث(٦) .

____________________

٩ - التهذيب ٧: ٣٤١ / ١٣٩٣، والاستبصار ٣: ٢٠٨ / ٧٥٠.

(١) تقدم في البابين ٤٥ و ٤٧ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الحديث ٤ من الباب ٦٦ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في البابين ٤٣ و ٤٤ من أبواب مقدمات الطلاق.

الباب ٦٥

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٨: ٢١٣ / ٧٦٠، وأورده في الحديث ٢ من الباب ١١ من أبواب التدبير.

(٤) في المصدر: آخر.

(٥) الفقيه ٣: ٣٠٢ / ١٤٤٥.

(٦) يأتي في الباب ١٦ من أبواب موانع الارث.

١٨٣

٦٦ - باب أن العبد اذا تزوّج بأمة مولاه لم يصح طلاقه لها إلّا باذن مولاه

[ ٢٦٨٥٤ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي إبراهيم( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الرجل يزوّج عبده أمته ثمّ يبدو له فينزعها منه بطيبة نفسه، أيكون ذلك طلاقاً من العبد؟ فقال: نعم، لأنّ طلاق المولى هو طلاقها ولا طلاق للعبد إلّا باذن مواليه.

[ ٢٦٨٥٥ ] ٢ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن شعيب بن يعقوب العقرقوفي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سئل وأنا عنده أسمع عن طلاق العبد قال: ليس له طلاق ولا نكاح، أما تسمع الله تعالى يقول:( عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء ) (١) قال: لا يقدر على طلاق ولا نكاح إلّا باذن مولاه.

[ ٢٦٨٥٦ ] ٣ - وعنه، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: المملوك إذا كانت تحته مملوكة فطلّقها ثمّ أعتقها صاحبها كانت عنده على واحدة.

أقول: حمله الشيخ على أمة غير مولاه لما مضى(٢) ويأتي(٣) .

____________________

الباب ٦٦

فيه ٥ أحاديث

١ - التهذيب ٧: ٣٤٧ / ١٤٢٠، والاستبصار ٣: ٢١٤ / ٧٨١.

٢ - التهذيب ٧: ٣٤٧ / ١٤٢١، والاستبصار ٣: ٢١٥ / ٧٨٢.

(١) النحل ١٦: ٧٥.

٣ - التهذيب ٧: ٣٤٧ / ١٤٢٢، والاستبصار ٣: ٢١٦ / ٧٨٤.

(٢) مضى في الحديث ١ و ٢ من هذا الباب.

(٣) يأتي في الحديث ٤ من هذا الباب.

١٨٤

[ ٢٦٨٥٧ ] ٤ - وبإسناده عن عليّ بن إسماعيل الميثمي، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن المفضّل بن صالح، عن ليث المرادي قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن العبد، هل يجوز طلاقه؟ فقال: إن كانت أمتك فلا، إن الله تعالى يقول:( عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء ) (١) وإن كانت أمة قوم آخرين أو حرّة جاز طلاقه.

[ ٢٦٨٥٨ ] ٥ - وبإسناده عن الصفّار، عن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن سليمان قال: كتبت إليه: رجل له غلام وجارية زوّج غلامه جاريته ثمّ وقع عليها سيّدها، هل يجب في ذلك شيء؟ قال: لا ينبغي له أن يمسّها حتّى يطلقها الغلام.

قال: الشيخ: يعني حتّى تبين من الغلام وتعتد وتصير في حكم المطلقة، وذلك يكون بالتفريق الذي قدمناه.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٧٦ - باب حكم تزويج الأمة بغير اذن سيدها بدعوى الحرّية أو غيرها، وحكم المهر والولد

[ ٢٦٨٥٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، وعن عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن محبوب، عن العبّاس بن الوليد،

____________________

٤ - التهذيب ٧: ٣٤٨ / ١٤٢٣، والاستبصار ٣: ٢١٦ / ٧٨٥، وأورده عن الكافي في الحديث ٢ من الباب ٤٣ من أبواب مقدمات الطلاق.

(١) النحل ١٦: ٧٥.

٥ - التهذيب ٧: ٤٥٧ / ١٨٢٧، والاستبصار ٣: ٢١٥ / ٧٨٣.

(٢) تقدم في الباب ٤٥ وفي الحديث ٢ من الباب ٦٤ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الباب ٤٥ من أبواب مقدمات الطلاق.

الباب ٦٧

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٤٠٤ / ١، التهذيب ٧: ٣٤٩ / ١٤٢٦، الاستبصار ٣: ٢١٦ / ٧٨٨.

١٨٥

عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل تزوّج امرأة حرّة فوجدها أمة قد دلست نفسها له؟ قال: إن كان الذي زوّجها إيّاه من غير مواليها فالنكاح فاسد، قلت: فكيف يصنع بالمهر الذي أخذت منه؟ قال: إن وجد ممّا أعطاها شيئاً فليأخذه، وإن لم يجد شيئاً فلا شيء له، وإن كان زوّجها إيّاه ولي لها ارتجع على وليها بما أخذت منه ولمواليها عليه عشر ثمنها إن كانت بكراً، وإن كانت غير بكر فنصف عشر قيمتها بما استحلّ من فرجها، قال: وتعتدّ منه عدّة الأمة قلت: فان جاءت منه بولد؟ قال: أولادها منه أحرّار إذا كان النكاح بغير اذن الموالي.

ورواه الشيخ بإسناده عن البزوفريّ، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن الحسن بن محبوب(١) .

أقول: قوله: أولادها منه أحرّار محمول على الإِنكار دون الاخبار بقرينة الشرط ومفهومه والتصريح الآتي(٢) ، وحمله الشيخ على أن يكون أراد أحد شيئين أن يكون قد شهد لها شاهدان أنّها حرّة، أو يكون الوالد قد ردّ ثمنهم لما يأتي(٤) .

[ ٢٦٨٦٠ ] ٢ - وعنه، عن أحمد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة، عن سماعة قال: سألته عن مملوكة قوم أتت قبيلة غير قبيلتها وأخبرّتهم أنّها حرّة فتزوّجها رجل منهم فولدت له؟ قال: ولده مملوكون إلّا أن يقيم البيّنة أنّه شهد لها شاهدان(٥) أنّها حرّة فلا يملك ولده ويكونون أحراراً.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله وكذا الذي قبله.

____________________

(١) التهذيب ٧: ٤٢٢ / ١٦٩٠.

(٢) يأتي في الحديث ٢ و ٣ من هذا الباب.

(٣) يأتي في الاحاديث ٢ و ٣ و ٥ و ٦ و ٧ و ٨ من هذا الباب.

٢ - الكافي ٥: ٤٠٥ / ٢.

(٤) في المصدر: شاهد.

(٥) التهذيب ٧: ٣٤٩/ ١٤٢٧، والاستبصار ٣: ٢١٧/ ٧٨٨.

١٨٦

[ ٢٦٨٦١ ] ٣ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عبدالله بن يحيى، عن حرّيز، عن زرارة قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : أمة أبقت من مواليها فأتت قبيلة غير قبيلتها فادّعت أنّها حرّة فوثب عليها حينئذ رجل فتزوّجها فظفر بها مولاها(١) بعد ذلك وقد ولدت أولاداً، قال: إن أقام البينة الزوّج على أنه تزوّجها على أنّها حرّة أعتق ولدها، وذهب القوم بأمتهم، وإن ليقم البيّنة أوجع ظهره واسترقّ ولده.

ورواه الكلينيّ عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، مثله(٢) .

[ ٢٦٨٦٢ ] ٤ - وبإسناده عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن عبد الرحمن وسندي بن محمّد، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ( عليه‌السلام ) قال: قضى عليّ( عليه‌السلام ) في امرأة أتت قوماً فخبرّتهم أنّها حرّة فتزوّجها أحدهم وأصدقها صداق الحرّة ثمّ جاء سيّدها، فقال: تردّ إليه وولدها عبيد.

[ ٢٦٨٦٣ ] ٥ - وبإسناده عن البزوفريّ، عن أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمّد، عن أبي أيّوب، عن سماعة قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن مملوكة أتت قوما وزعمت أنّها حرّة فتزوّجها رجل منهم وأولدها ولداً ثمّ إن مولاها أتاهم فأقام عندهم البيّنة أنّها مملوكة، وأقرّت الجارية بذلك، فقال: تدفع إلى مولاها هي وولدها، وعلى مولاها أن يدفع ولدها إلى أبيه بقيمته يوم يصير إليه، قلت: فان لم يكن لابيه ما يأخذ ابنه به؟ قال: يسعى أبوه في ثمنه حتّى يؤديّه ويأخذ ولده، قلت: فان أبى الاب أن يسعى في ثمن ابنه، قال:

____________________

٣ - التهذيب ٧: ٣٥٠ / ١٤٢٨، والاستبصار ٣: ٢١٧ / ٧٨٩.

(١) في التهذيب: مواليها.

(٢) الكافي ٥: ٤٠٥ / ٣.

٤ - التهذيب ٧: ٣٤٩ / ١٤٢٥، والاستبصار ٣: ٢١٦ / ٧٨٦. ويأتي في الباب ٧ من العيوب بزيادة.

٥ - التهذيب ٧: ٣٥٠ / ١٤٢٩، والاستبصار ٣: ٢١٧ / ٧٩٠.

١٨٧

فعلى الإِمام ان يفتديه ولا يملك ولد حرّ.

[ ٢٦٨٦٤ ] ٦ - وعنه، عن أحمد بن أدريس، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل ظن أهله أنه قد مات أو قتل فنكحت امرأته وتزوّجت سريّته فولدت كل واحدة منهما من زوّجها ثمّ جاء الزوّج الاول وجاء مولى السرية فقضى في ذلك أن يأخذ الأوّل امرأته فهو أحقّ بها ويأخذ السيّد سريته وولدها إلّا أن يأخذ من( رضا من الثمن له ثمن الولد) (١) .

[ ٢٦٨٦٥ ] ٧ - وبإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابرّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قلت له: رجل كان يرى امرأة تدخل إلى قوم وتخرج فسأل عنها، فقيل له: أنّها أمتهم واسمها فلانة، فقال لهم: زوّجوني فلانة، فلما زوّجوه عرفوا أنّها أمة غيرهم، قال: هي وولدها لمولاها، قلت: فجاء فخطب إليهم أن يزوّجوه من أنفسهم فزوّجوه وهو يرى أنّها من أنفسهم، فعرفوا بعدما أولدها أنّها أمة، فقال: الولد له وهم ضامنون لقيمة الولد لمولى الجارية.

[ ٢٦٨٦٦ ] ٨ - محمّد بن عليّ بن الحسين، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) في رجل تزوّج جارية على أنّها حرّة ثمّ جاء رجل فأقام البيّنة على أنّها جاريته، قال: يأخذها ويأخذ قيمة ولدها.

أقول: ويأتي ما يدلّ على بعض المقصود(٢) .

____________________

٦ - التهذيب ٧: ٣٥٠ / ١٤٣٠، والاستبصار ٣: ٢١٨ / ٧٩١.

(١) في نسخة: رضاه من الثمن ثمن الولد ( هامش المخطوط ).

٧ - التهذيب ٧: ٤٧٦ / ١٩١١، والاستبصار ٣: ٢١٨ / ٧٩٢.

٨ - الفقيه ٣: ٢٦٢ / ١٢٤٦.

(٢) يأتي في الباب ٧ من أبواب العيوب والتدليس.

١٨٨

٦٨ - باب تحرّيم الأمة على مولاها اذا كان له فيها شريك

[ ٢٦٨٦٧ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن هارون بن مسلم، عن مسعدّة بن زياد قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : يحرّم من الإِماء عشر: لا تجمع بين الأُمّ والبنت - إلى أن قال: - ولا أمتك ولك فيها شريك.

ورواه الصدوق بإسناده عن هارون بن مسلم(١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

٦٩ - باب جواز شراء المشركة من المشرك وان كان أباها أو زوجها، ويحلّ وطؤها، وكذا يحلّ الشراء ممّا يسبيه المشرك والمخالف والتسري منهما

[ ٢٦٨٦٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبدالله اللحام قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يشتري امرأة الرجل من أهل الشرك يتّخذها، قال: لا بأس.

____________________

الباب ٦٨

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٨: ١٩٨ / ٦٩٥، أخرجه بتمامه في الحديث ١ من الباب ١٩ من هذه الأبواب، وقطعة منه في الحديث ٩ من الباب ٨ من أبواب ما يحرّم بالرضاع، وصدره في الحديث ٥ من الباب ٢١ وقطعة منه في الحديث ٨ من الباب ٢٩، وقطعة منه في الحديث ١ من الباب ٥٠ من أبواب ما يحرّم بالمصاهرة.

(١) الفقيه ٣: ٢٨٦ / ١٣٦٠.

(٢) تقدم في الباب ١٧ من أبواب بيع الحيوان، وفي الحديث ١ من الباب ١ من أبواب ما يحرّم بالمصاهره.

الباب ٦٩

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٨: ٢٠٠ / ٧٠٢، وأورده في الحديث ٨ من الباب ٤٧ من هذه الأبواب.

١٨٩

[ ٢٦٨٦٩ ] ٢ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن أيّوب، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عبدالله بن بكير، عن عبدالله اللحام قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل يشتري من رجل من أهل الشرك ابنته فيتّخذها أمة؟ قال: لا بأس.

[ ٢٦٨٧٠ ] ٣ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن سبي الاكراد إذا حاربوا ومن حارب من المشركين، هل يحلّ نكاحهم وشراؤهم؟ قال: نعم.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) .

٧٠ - باب أن أحد الشريكين اذا زوّج الأمة كان جواز النكاح موقوفاً على رضا الاخر

[ ٢٦٨٧١ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد العلويّ، عن العمركي، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن مملوكة بين رجلين زوّجها أحدهما والاخر غائب، هل يجوز النكاح؟ قال: إذا كره الغائب لم يجز النّكاح.

ورواه الحميريّ في( قرب الإِسناد) عن عبدالله بن الحسن، عن جده عليّ بن جعفر (٢) .

____________________

٢ - التهذيب ٨: ٢٠٠ / ٧٠٥.

٣ - التهذيب ٨: ٢٠٠ / ٧٠٣.

(١) تقدم في الحديث ١ من الباب ١٦ من أبواب ما يكتسب به.

الباب ٧٠

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٨: ٢٠٠ / ٧٠٤.

(٢) قرب الاسناد: ١٠٩.

١٩٠

ورواه عليّ بن جعفر في كتابه(١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

٧١ - باب حكم من اشترى أمة فأعتقها وتزوجها وأولدها ومات ولم يخلف شيئاً

[ ٢٦٨٧٢ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير قال: سئل أبو عبدالله( عليه‌السلام ) وأنا حأضرّ عن رجل باع من رجل جارية بكراً إلى سنة، فلمّا قبضها المشتري أعتقها من الغد وتزوّجها وجعل مهرها عتقها، ثمّ مات بعد ذلك بشهر؟ فقال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : إن كان للذي اشتراها إلى سنّة مال أو عقدة يوم اشتراها وأعتقها تحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها فان عتقه( وتزويجها) (٣) جائز، وإن لم يكن للّذي اشتراها وتزوّجها مال ولا عقدة(٤) يوم مات تحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها فانّ عتقه ونكاحه باطل لانه أعتق مالاً يملك، وأرى أنّها رقّ لمولاها الأوّل، قيل له: فان كانت قد علقت من الذي أعتقها وتزوّجها ما حال ما في بطنها؟ فقال: الذي في بطنها مع أُمّه كهيئتها.

____________________

(١) مسائل علي بن جعفر: ١٢٤ / ٨٧.

(٢) تقدم في البابين ٢٩ و ٤١ من هذه الأبواب.

الباب ٧١

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٨: ٢٠٢ / ٧١٤، و ٨: ٢١٣ / ٧٦٢، وأخرجه عن الكافي والتهذيب بإسناده عن هشام عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) في الحديث ١ من الباب ٢٥ من أبواب العتق.

(٣) في الموضع الاول من التهذيب: ونكاحه.

(٤) العقدة: بالضم الضيعة والعقار ( القاموس المحيط ١: ٣١٦ ) ( هامش المخطوط ).

١٩١

٧٢ - باب أن أم الولد اذا مات ولدها قبل سيدها ولها زوّج عبد ثمّ مات سيدها فلا خيار لها

[ ٢٦٨٧٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن وهب بن عبد ربه عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل زوّج أمّ ولد له عبداً له ولا ولد( لها من السيد) (١) ثمّ مات السيّد، قال: لا خيار لها على العبد، هي مملوكة للورثة.

٧٣ - باب حكم إباق العبد وله زوجة

[ ٢٦٨٧٤ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم وغيره، عن عمّار الساباطي قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل أذن لعبده في تزويج امرأة فتزوّجها، ثمّ إن العبد أبق( من مواليه فجاءت امرأة العبد تطلب نفقتها من مولى العبد) (٢) ؟ فقال: ليس لها على مولاه نفقة وقد بانت عصمتها منه، فإن إباق العبد طلاق امرأته هو بمنزلة المرتدّ عن الإِسلام، قلت: فان رجع إلى مواليه ترجع إليه امرأته؟ قال: إن كان قد انقضت عدّتها منه ثمّ تزوجت غيره فلا سبيل له عليها، وإن لم تتزوّج ولم تنقض العدّة فهي امرأته على النكاح الأوّل.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن حكم الاعمى

____________________

الباب ٧٢

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٨: ٢٠٦ / ٧٢٨، وأخرجه عنه وعن الفقيه في الحديث ٤ من الباب ٥ من أبواب الاستيلاد.

(١) ما بين القوسين في نسخة ( هامش المخطوط ).

الباب ٧٣

فيه حديثان

١ - التهذيب ٨: ٢٠٧ / ٧٣١. ورواه في الباب ٣٥ من أقسام الطلاق، وليس في آخره: « ولم تنقص العدّة ».

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

١٩٢

وهشام بن سالم، عن عمّار، نحوه(١) .

[ ٢٦٨٧٥ ] ٢ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من كتاب مسائل الرجال عن أبي الحسن عليّ بن محمّد ( عليهما‌السلام ) ، أنّه سأله داود الصرميّ عن عبد كانت تحته زوجة حرّة ثمّ إن العبد أبق، تطلق امرأته(٢) من أجل إباقه؟ قال: نعم إن أرادت ذلك هي.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٣) .

٧٤ - باب أن من زنى بأمة ثمّ اشتراها لم يلحق به الولد السابق ولم يرثه

[ ٢٦٨٧٦ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: أيّما رجل وقع على وليدة قوم حرّاما ثمّ اشتراها فادّعى ولدها فانّه لا يورث منه، فانّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر، ولا يورث ولد الزنا إلّا رجل يدّعي ابن وليدته.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٤) .

____________________

(١) الفقيه ٣: ٢٨٨ / ١٣٧٢.

٢ - مستطرفات السرائر: ٦٧ / ٩.

(٢) في المصدر: زوجته.

(٣) يأتي في الباب ٣٥ من أبواب أقسام الطلاق.

الباب ٧٤

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٨: ٢٠٧ / ٧٣٤، وأخرجه باسناد آخر عنه وعن الكافي في الحديث ١ من الباب ٨ من أبواب ميراث ولد الملاعنة.

(٤) يأتي في الباب ١٠١ من أبواب أحكام الأوّلاد، وفي الباب ٨ من أبواب ميراث ولد الملاعنة.

١٩٣

٧٥ - باب جواز وطء الأمة وفي البيت من يرى ذلك ويسمع على كراهية

[ ٢٦٨٧٧ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن عبدالله بن أبي يعفور، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في الرجل ينكح الجارية من جواريه ومعه في البيت من يرى ذلك ويسمعه، قال: لا بأس.

أقول: وتقدّم في مقدّمات النكاح ما يدلّ على الكراهة هنا وعلى الجواز أيضاً(١) .

٧٦ - باب تحرّيم أمة الزوجة على زوّجها اذا لم يكن عقد أو تحليل

[ ٢٦٨٧٨ ] ١ محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن النضر بن سويد وفضّالة بن أيّوب، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهماعليهما‌السلام قال: إذا جامع الرجل وليدة امرأته فعليه ما على الزاني.

[ ٢٦٨٧٩ ] ٢ - وبإسناده عن عبدالله بن جعفر قال: قضى أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في رجل فجر بوليدة امرأته بغير إذنها أن عليه ما على الزاني ولا يرجم ولا يكون حد الزاني إلّا إذا زنى بمسلمة حرّة.

____________________

الباب ٧٥

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٨: ٢٠٨ / ٧٣٥.

(١) تقدم في الباب ٦٧ من أبواب مقدمات النكاح.

الباب ٧٦

فيه حديثان

١ - التهذيب ٨: ٢٠٨ / ٧٣٧، وأخرجه عن الفقيه في الحديث ١ من الباب ٨ من أبواب حد الزنا.

٢ - التهذيب ٨: ٢٠٨ / ٧٣٨.

١٩٤

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٧٧ - باب أن من وطئ أمة أو باشرها بشهوة أو نظر إلى عورتها حرّمت على أبيه وابنه

[ ٢٦٨٨٠ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن البزوفريّ، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن الحسين بن هاشم وابن رباط، عن صفوان، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: أدنى ما تحرّم به الوليدة تكون عند الرجل على ولده إذا مسّها أو جردّها.

[ ٢٦٨٨١ ] ٢ - وعنه، عن حميد، عن الحسن بن سماعة، عن محمّد بن زياد يعني ابن أبي عمير، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في الرجل يكون(٣) عنده الجارية فتنكشف فيراها أو يجرّدها لا يزيد على ذلك، قال: لا تحلّ لابنه.

[ ٢٦٨٨٢ ] ٣ - وعنه، عن حميد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن أبي حمزة، عن عليّ بن يقطين، عن العبد الصالح( عليه‌السلام ) عن الرجل يقبّل الجارية يباشرها من غير جماع داخل أو خارج، أتحلّ لابنه أو لابيه؟ قال: لا بأس.

أقول: حمله الشيخ على التقبيل من غير شهوة لما مضى(٤) ويأتي(٥) .

____________________

(١) تقدم في الباب ٢٩ و ٣٢ من هذه الأبواب، وفي الحديث ١ من الباب ١ من أبواب ما يحرّم بالمصاهرة.

(٢) يأتي في الباب ٨ من أبواب حدّ الزنا.

الباب ٧٧

فيه ٤ أحاديث

١ - التهذيب ٨: ٢٠٨ / ٧٣٩، والاستبصار ٣: ٢١١ / ٧٦٥.

٢ - التهذيب ٨: ٢٠٨ / ٧٤٠، والاستبصار ٣: ٢١١ / ٧٦٦.

(٣) في المصدر: تكون.

٣ - التهذيب ٨: ٢٠٩ / ٧٤١، والاستبصار ٣: ٢١٢ / ٧٦٨.

(٤) مضى في الحديث ١ و ٢ من هذا الباب.

(٥) يأتي في الحديث ٤ من هذا الباب.

١٩٥

[ ٢٦٨٨٣ ] ٤ - وبإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن صالح وعبيس بن هشام، عن ثابت بن شريح، عن داود الأبزاريّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن رجل اشترى جارية فقبّلها؟ قال: تحرّم على ولده، وقال: إن جرّدها فهي حرام على ولده.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك هنا(١) وفي المصاهرة(٢) .

٧٨ - باب أن المهر يلزم السيّد اذا تزوّج عبده باذنه فان باعه قبل الدخول لزمه نصف المهر

[ ٢٦٨٨٤ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) في رجل يزوّج مملوكاً له امرأة حرّة على مائة درهم ثمّ إنّه باعه قبل أن يدخل عليها، فقال: يعطيها سيده من ثمنه نصف ما فرض لها، إنّما هو بمنزلة دين له استدانه بأمر سيّده.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب(٣) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود(٤) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٥) .

____________________

٤ - التهذيب ٨: ٢٠٩ / ٧٤٢، والاستبصار ٣: ٢١٢ / ٧٦٧.

(١) تقدم في الاحاديث ٥ و ٦ و ٨ من الباب ٤٠ من هذه الأبواب.

(٢) تقدم في الباب ٥ من أبواب ما يحرّم بالمصاهرة.

الباب ٧٨

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٨: ٢١٠ / ٧٤٥، وأخرجه عن التهذيب في الباب ٦٠ من أبواب المهور.

(٣) الفقيه ٣: ٢٨٩ / ١٣٧٥.

(٤) تقدم في الباب ٤٣ من هذه الأبواب.

(٥) يأتي في الباب ٥٨ من أبواب المهور.

١٩٦

٧٩ - باب حكم تزويج المكاتبة

[ ٢٦٨٨٥ ] ١ محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) قلت له: الرجل المسلم له أن يتزوّج المكاتبة التي قد أدت نصف مكاتبتها؟ قال: فقال: ان كان سيدها حين كاتبها شرط عليها إن عجزت فهي ردّ في الرقّ فلا يجوز نكاحها حتّى تؤدّي جميع ما عليها.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٨٠ - باب جواز وطء الرجل أمة أمته وأمة وهبها لام ولده

[ ٢٦٨٨٦ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الصفّار، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن الريان(٣) قال: سألته عن الرجل يكون له مملوكة ولمملوكته مملوكة وهبها لها أبوها، يحلّ له أن يطأها؟ قال: فقال: لا بأس.

[ ٢٦٨٨٧ ] ٢ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، قال: سألت الرضا( عليه‌السلام ) عن الرجل يأخذ من

____________________

الباب ٧٩

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٨: ٢١٤ / ٧٦٥، وأورده في الحديث ٦ من الباب ٦ من أبواب المكاتبة.

(١) تقدم في الباب ٤١ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ٦ من أبواب المكاتبة.

الباب ٨٠

فيه حديثان

١ - التهذيب ٨: ٢١٥ / ٧٦٦.

(٣) في نسخة: الزيات - الدقاق ( هامش المخطوط )، وفي المصدر: الدقاق.

٢ - التهذيب ٨: ٢٠٦ / ٧٢٩، وأورده في الحديث ٢ من الباب ١ من أبواب الاستيلاد.

١٩٧

أمّ ولده شيئاً وهبه لها(١) من خدم أو متاع، أيجوز ذلك له؟ قال: نعم إذا كانت أم ولده.

٨١ - باب جواز وطء الأمة التي تشترى بمال حرّام إلّا أن تشترى بعين المال

[ ٢٦٨٨٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن العبّاس بن معروف، عن اليعقوبي، عن موسى بن عيسى، عن محمّد بن ميسرة، عن أبي الجهم عن السكوني، عن أبي عبداًلله، عن أبيه، عن عليّ( عليهم‌السلام ) قال: لو أنّ رجلاً سرق ألف درهم فاشترى بها جارية أو أصدقها امرأته فإن الفرج له حلال وعليه تبعة المال.

أقول: وتقدّم في بيع الحيوان ما ظاهره المنافاة(٢) وأنّه محمول على الشراء بعين المال.

٨٢ - باب تحرّيم الأمة المسروقة على السارق والمشتري ان علم وإلّا لم تحرّم وحكم المهر

[ ٢٦٨٨٩ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن طلحة بن زيد، عن

____________________

(١) في المصدر زيادة: بغير طيب نفسها.

الباب ٨١

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٨: ٢١٥ / ٧٦٧، وأخرجه عنه وعن الاستبصار بسند آخر في الحديث ٢ من الباب ٣ من أبواب ما يكتسب به.

(٢) تقدم في الحديث ١ من الباب ٣، وفي الحديثين ٩ من الباب ٩٦ من أبواب ما يكتسب به.

الباب ٨٢

فيه حديثان

١ - الفقيه ٣: ٣٦٦ / ١٢٦٥، وأخرجه عنه وعن التهذيب في الحديث ٣ من الباب ٣ من أبواب النكاح المحرّم، وأخرج مثله في الحديث ٢ من الباب ٤٥ من أبواب المهور، وأخرج مثله في الحديث ٥ من الباب ٣٩ من أبواب حد الزنا.

١٩٨

جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما‌السلام ) انّ عليّاً( عليه‌السلام ) قال: إذا اغتصبت أمة فاقتضّت فعليه عشر ثمنها، فإذا كانت حرّة فعليه الصداق.

[ ٢٦٨٩٠ ] ٢ - عليّ بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن رجل سرق جارية ثمّ باعها، هل يحلّ فرجها لمن اشتراها؟ قال: إذا( علم) (١) أنّها سرقة فلا يحلّ له، وإن لم يعلم فلا بأس.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٨٣ - باب تحرّيم قذف العبيد والإِماء وان كانوا مجوسا ً

[ ٢٦٨٩١ ] ١ - محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن سنان قال: قذف رجل رجلاً مجوسياً عند أبي عبدالله( عليه‌السلام ) فقال: مه، فقال الرجل: إنه ينكح أمه وأخته، فقال: ذلك عندهم نكاح في دينهم.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٤) .

[ ٢٦٨٩٢ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن الحسين، عن وهيب(٥) بن حفص، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله( عليه

____________________

٢ - مسائل عليّ بن جعفر: ١٣٢ / ١٢٦، وأخرجه عن قرب الإِسناد في الحديث ٢ من الباب ٢٣ من أبواب بيع الحيوان.

(١) في المصدر: أتهم.

(٢) تقدّم في الحديث ١ من الباب ٢٣ من أبواب بيع الحيوان، وفي الباب ٨ من أبواب النكاح المحرّم

(٣) يأتي في الباب ١٧ و ٣٩ من أبواب حد الزنا.

الباب ٨٣

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٥٧٤ / ١.

(٤) التهذيب ٧: ٤٨٦ / ١٩٥٦.

٢ - التهذيب ٧: ٤٧٢ / ١٨٩١.

(٥) في المصدر: وهب.

١٩٩

السلام) يقول: نهى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أن يقال للإِماء: يا بنت كذا وكذا، فانّ لكلّ قوم نكاحاً.

[ ٢٦٨٩٣ ] ٣ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الوشاء، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كل قوم يعرفون النكاح من السفاح فنكاحهم جائز.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في الحدود(١) .

٨٤ - باب جواز النوم بين أمتين وحرّتين، واستحباب الوضوء لمن أتى أمة ثمّ أراد اتيان أخرى

[ ٢٦٨٩٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا بأس أن ينام الرجل بين أمتين والحرتين، إنّما نساؤكم بمنزلة اللعب.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٢) .

[ ٢٦٨٩٥ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي نجران، عمن ذكره عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا أتى الرجل جاريته ثمّ أراد أن يأتي الأُخرى توضّأ.

____________________

٣ - التهذيب ٧: ٤٧٥ / ١٩٠٧.

(١) يأتي في الباب ١ و ٤ من أبواب حدّ القذف.

وتقدم ما يدلّ على ذلك في الباب ٧٣ من أبواب جهاد النفس.

الباب ٨٤

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٥٦٠ / ١٦.

(٢) التهذيب ٧: ٤٨٦ / ١٩٥٣.

٢ - التهذيب ٧: ٤٥٩ / ١٨٣٧ وأورده في الحديث ١ من الباب ١٥٥ من أبواب مقدّمات النكاح وآدابه.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

للسعادة ، وحيث أنه كان يحبُّ الحقيقة ، ويعشق الكمالَ والحقّ ، لذلك كان من الطبيعيّ أن يدافع عن الحق والحقيقة ، وينصرهما بكل وجوده ، وبكل قواه.

وهذا المعنى هو المستفاد من قصائد « أبي طالب » وأشعاره ، فهو يصرح بأن « محمّداً » رسولٌ كموسى وعيسى إذ يقول :

لِيَعلَم خِيارُ النّاسِ أَنَّ مُحمَّداً

نبيّاً كَمُوسى وَالمَسيحِ بنِ مَريَمِ

أَتانا بِهَدي مِثلَ ما أتيا بهِ

فَكُلٌّ بِأمرِ اللّهِ يَهدي وَيَعصِمِ(١)

ويقول في قصيدة اُخرى :

ألَم تَعلَمُوا أَنَّا وَجَدنا محمّداً

نَبِيّاً كَمُوسى خطّ في أوّل الكُتب(٢)

هذا وتعتبر ابياته الّتي سبق أن أشرنا اليها والمئات من أمثالها مما جاء ذكره في ديوان أبي طالب ، وفي ثنايا التاريخ والتفسير والحديث شواهد حيّة وقوية على أن محرك « أبي طالب » الواقعي ودافعه الحقيقي إلى الدفاع عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان هو اعتقاده الخالص ، واسلامه الواقعي ولم يكن له أي دافع آخر سوى الايمن والعقيدة.

ونحن هنا نكشف النقابَ عن بعض مواقفه في الدفاع عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحمايته بعد اضطلاعه بعبء الرسالة ، ونترك لك أيها القارئ بأن تدقّق في مثل هذه المواقف الفدائية ثم تقضي بنفسك : هل تنبع مثل هذه التضحية ، ومثل هذا التفاني ، والفداء إلاّ من الايمان والاعتقاد؟؟

* * *

لمحات من تضحيات أبي طالب

إجتمع أسياد قريش واشرافها في بيت أبي طالب والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حاضر ، وتبودلت بين الجانبين أحاديث حول رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

١ ـ مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٣٧ ، الحجّة : ص ٥٦ ـ ٥٧ ، مستدرك الحاكم : ج ٢ ، ص ٦٢٣ و ٦٢٤.

٢ ـ مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٣٦ ، وقد نقل ابن هشام في السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣٥٢ و ٣٥٣ خمسة عشر بيتاً من هذه القصيدة.

٥٢١

ودينه وما خلق من مشكلات في مكة ، وحاول القرشيون اثناء النبيّ عن دعوته وعمله ولكن دون جدوى فلما يئسوا من الحصول على النتيجة الّتي كانوا يريدونها نهضوا من مكانهم ليتركوا بيت « أبي طالب » قال « عقبة ابن أبي معيط » غاضباً مهدداً : لا نعود إليه أبداً ، وما خير من أن نغتال محمّداً!!

فغضب « أبو طالب » من هذه الكلمة ، ولكنه ماذا عساه أن يفعل فهم ضيوفه ، وفي بيته. واتفق أن خرج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من البيت في ذلك اليوم ولم يعد ، وجاء « أبو طالب » وعمومته إلى منزله فلم يجدوه ، فجمع فتياناً من بني هاشم وبني المطلب ، ثم قال ـ وهو يظن ان قريشاً كادت برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليأخذ كل واحد منكم حديدة صارمة ثم ليتبعني إذا دخلت المسجد ، فلينظر كل فتى منكم ، فليجلس إلى عظيم من عظمائهم فيهم ابن الحنظلية ـ يعنى أبا جهل ـ فانه لم يغب عن شر ان كان محمّداً قد قتِل ، فقال الفتيان : نفعل فجاء زيد بن حارثة فوجد أبا طالب على تلك الحال فقال : يا زيد أحسست ابن أخي؟ قال : نعم كنت معه آنفاً.

فقال أبو طالب : لا ادخل بيتي أبداً حتّى أراه.

فخرج زيد سريعاً حتّى اتى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو في بيت عند الصفا ومعه أصحابه يتحدثون فاخبره الخبر ، فجاء رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أبي طالب فقال : يا ابن أخي : اين كنت؟ اكنتَ في خير؟ قال : نعم ، قال : ادخل بيتك ، فدخل رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلما اصبح أبو طالب غدى على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاخذ بيده فوقف على اندية قريش ومعه الفتيان الهاشميون والمطلبيون فقال : يا معشر قريش هل تدرون ما هممتُ به؟

قالوا : لا ، فاخبرهم الخبر ، وقال للفتيان اكشفوا عما في ايديكم ، فكشفوا ، فاذا كل رجل منهم معه حديدة صارمة. فقال : واللّه لو قتلتموه ما بقّيت منكم أحداً حتّى نتفانى نحن وانتم ، فانكسر القوم وكان اشدَّهم انكساراً أبو جهل(١) .

__________________

١ ـ الطبقات الكبرى : ج ١ ، ص ١٦٨ ، الطرائف : ص ٨٥.

٥٢٢

لو لاحظت أيها القارئ الكريم هذه الصفحات وغيرها من تاريخ « أبي طالب » ، ودرستَ حياته لرأيت كيف ان « أبا طالب » ظلّ طوال اثنين وأربعين سنة بأيامها ولياليها يحدب على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويدافع عنه ، ويحاميه ، وبخاصة في السنوات العشر الاخيرة من حياته الّتي صادفت بعثة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعوته ، فقد أظهر من الدفاع عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والحرص على حياته ، وحماية هدفه اكثر مما يُتصور.

ولقد كان العامل الوحيد الّذي دفعه إلى مثل هذا الموقف الراسخ العظيم في هذا السبيل هو : عمق الايمان برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقوة الاعتقاد الخالص برسالته.

ولو أننا ضممنا إلى تضحياته الشخصية تضحيات ولده العزيز « عليّ » لأدركنا مغزى البيتين الذين انشدهما « ابن ابي الحديد » المعتزلي الشافعي إذ قال :

ولو لا أبو طالب وابنُه

لما مَثُلَ الدِّينُ شخصاً وقاما

فذاك بمكّة آوى وَحامى

وَهذا بِيَثربَ جَسَّ الحماما(١)

قضيّةٌ ذات بواعث سياسيّة :

ليس من ريب في أنه لو ثبت عُشر هذا القدر من الشواهد الدالّة على اسلام « أبي طالب » وإيمانه بالرسالة المحمّدية ، لغيره ممّن هو بعيدٌ عن قضايا السياسة ، وخارج عن دائرة الحقد والبغض لا تفق الجميع سنةً وشيعةً على إسلامه وايمانه ، ولكن كيف ذهب فريقٌ إلى تكفير « أبي طالب » مع كلّ هذه الشواهد القويّة القاطعة على إيمانه؟ حتّى أنّ فريقاً من الكتاب ذهب إلى أن بعض الآيات المشعرة بالعذاب نزلت في شأنه.

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة : ج ١٤ ص ٨٤ يقول ابن أبي الحديد : صنف بعض الطالبيين في هذا العصر كتاباً في اسلام أبي طالب ، وبعثه اليّ ، وسألني ان اكتب عليه بخطي نظماً أو نثراً اشهد فيه بصحة ذلك ، وبوثاقة الأدلة عليه ( إلى ان قال ) فكتبت على ظاهر المجلد هذه الابيات.

٥٢٣

بينما توقّف في هذا الأمر ، وذهب أفراد معدودون من علماء السنة إلى الحكم باسلامه وايمانه ، ومنهم « زيني دحلان » مفتي مكة المتوفّى سنة ١٣٠٤ من الهجرة.

ولكن الانصاف هو ان يقال : أن الهدف من طرح هذه المسألة والتوقف في ايمان « أبي طالب » أو تكفيره لم يكن إلاّ الطعن في أبنائه ، وبخاصة أمير المؤمنين الامام عليّعليه‌السلام .

ولقد جرّ بعض كتّاب السنّة ـ لتبرير تكفير أبي طالب ـ هذه المسألة إلى غير ابي طالب ووسع دائرة التكفير هذه حتّى شملت آباء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضاً حيث ذهب إلى أن أبوي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ماتا كافرين أيضاً.

ونحن لا يهمنا هنا أن نعلم بأنّ تكفير والدي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مخالفٌ لاجماع الامامية والزيدية ، وكذا جماعة من علماء السنة ، ومحقّقيهم ، إنما الكلام هو حول من اتّهموا ببساطة متناهية حامي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوحيد والمدافع عنه بلا منازع.

الأدِلّة على إيمان أبي طالب

إن التعرّف على عقيدة أحد ، ومعرفة نمط تفكيره ، يمكن عن ثلاث طرق هي :

١ ـ دراسة ما ترك من آثار علميّة وأدبية.

٢ ـ اُسلوب عمله ، وتصرفاته في المجتمع.

٣ ـ رأي أقربائه ، وأصدقائه غير المغرضين فيه.

ونحن نستطيع أن نتعرَّف على إيمان « أبي طالب » وعقيدته من خلال هذه الطرق.

فان أشعار « أبي طالب » تدل بجلاء لالُبس فيه على ايمانه وإخلاصه ، وكذا تكونُ خدماته القيمة في السنوات العشر الاخيرة من عمره شاهداً قوياً على إيمانه العميق.

٥٢٤

كما وأنَّ رأي أقربائه المنصفين متفق على أنَّ « أبا طالب » كان مسلماً مؤمناً ولم يقل أحدٌ من أقربائه ، في حقه بغير هذا أبداً.

وإليك إثبات هذا الموضوع عن هذه الطرق الثلاث على وجه التفصيل :

آثار أبي طالب العلميّة والأدبية

نحن نختار هنا من بين قصائد « أبي طالب » المطوَّلة ، بعض الأبيات الّتي تثبت ايمانه برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واعتقاده بالاسلام ، في غير ابهام.

١ ـ لِيَعلَم خِيارُ النّاسِ أنَّ مُحمَّداً

نَبيّ كَمُوسى وَالمَسيحِ بنِ مَريَمِ

أتانا بَهَدي مِثلَ ما أَتيابه

فَكُلُّ بِأمرِ اللّه يَهدِي وَيَعصِمِ(١)

٢ ـ تمنيتمو أن تَقتُلُوهُ وإنّما

أمانيُّكُم هذي كَأحلامِ نائِم

نَبيٌّ أتاهُ الوحىُ من عِندِ رَبّهِ

وَمَن قالَ لا يَقرَع بِها سنَّ نادِم(٢)

٣ ـ ألَم تَعلَمُوا أنّا وَجَدنا محمّداً

رَسُولاً كَمُوسى خُطَّ في أوّلِ الكُتُب

وَ أنَّ عَلَيهِ في العِبادِ محبةً

وَلا حيفَ في من خصَّهُ اللّه بالحُبّ(٣)

٤ ـ وَاللّهِ لَن يَصِلّوا إلَيكَ بِجَمعِهم

حَتّى اُوسَّدَ في التّراب دَفينا

فَاصدَع بِأمرِك ما عَلَيْكَ غَضاضةٌ

وَابشِر بِذاكَ وَقرَّ مِنكَ عُيُونا

وَدَعوتَني وعلمتُ أنّكَ ناصِحٌ

وَلَقَد دَعَوت وَكُنت ثمَّ أمِينا

وَلَقَد عَلِمتُ بأن دِينَ مُحمّد

مِن خَير أديان البَريّة دينا(٤)

٥ ـ أوتُؤمنوا بكتاب منزل عَجَب

عَلى نَبيّ كمُوسى أوكذِي النون(٥)

٦ ـ لَقَد عَلِمُوا أنَّ ابنَنا لا مُكذَّبٌ

لَدَينا وَلا يَعني بِقولِ الأباطِل

فايّده رَبُّ العِبادِ بِنَصرِهِ

وَاظهَرَ ديناً حَقُّهُ غيرُ باطل(٦)

__________________

١ ـ مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٣٧ ، الحجة : ص ٥٧ ، مستدرك الحاكم : ج ٢ ، ص ٦٢٣.

٢ و ٣ ـ ديوان أبي طالب : ص ٣٢ ، السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣٥٣.

٤ ـ تاريخ ابن كثير : ج ٣ ، ص ٤٢.

٥ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٤ ، ص ٧٤ ، ديوان أبي طالب : ص ١٧٣.

٦ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٢٧٢ ـ ٢٨٠.

٥٢٥

إِن كلّ واحدة من هذه المقطوعات الشعريّة الّتي تشكل قسماً صغيراً من قصائد مفصّلة لأبي طالب ، تشهد بايمانه بدين ابن اخيه « محمّد »صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وخلاصة القول : أنَّ بيتاً واحداً من هذه الأبيات كاف في اثبات ايمان صاحبها وقائلها ، ولو أنّ أحداً قالها وهو خارج عن فلك الصراعات السياسية ، وبعيد عن دوائر التعصبات والأغراض لحكم الجميعُ ـ بالاتفاق ـ باسلام قائله وايمانه الخالص العميق.

ولكن لما كان « أبو طالب » هو قائلها ، وكانت الأجهزة الدعائية في الحكومات الاموية والعباسيّة تعمل بكلّ جهدها ضدّ آل « أبي طالب » من هنا أبى فريقٌ من الناس أن يُثبتوا مِثل هذه الفضيلة الكبرى لأبي طالبعليه‌السلام .

هذا من جانب.

ومن جانب آخر فانّ أبا طالب والد « علي » الّذي كانت سلطات الخلفاء تعمل ضدّه على الدوام ، وتستغل كل الوسائل للحط من شأنه ، كان إسلام أبيه وإيمانه بالرسالة المحمدية يُعدُّ فضيلة بارزة من فضائلهعليه‌السلام في حين أن كفر آباء الخلفاء وشركهم يعدُّ مثلبة توجب الحط من شأنهم ، وقيمتهم.

وعلى كل حال قام جماعة بتكفير أبي طالب رغم كلِّ هذه الأشعار والأقوال ، والمواقف الصادقة ، بل لم يكتفوا بذلك ، فادعوا نزول آيات من القرآن تدل على كفره ، وشركه!!!

الطريق الثاني لا ثبات إيمان أبي طالب

إنّ الطريق الثاني للبرهنة والتدليل على إيمان « أبي طالب » هو مواقفه من رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكيفية دفاعه وذبه عنه وحمايته له ، وحدبه عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما قام به من خدمات جليلة في هذا الطريق.

ان كل واحدة من هذه الخدمات تستطيع بمفردها ان تكون المرآة الصادقة

٥٢٦

التي تعكس فكر « أبي طالب » وعقيدته وما كان يحمله بين جوانحه من إيمان بالرسالة والرسول ، واخلاص للّه تعالى.

لقد كان « أبو طالب » هو ذلكم الشخصية الّتي لم يرض لنفسه بان ينكسر قلب ابن أخيه لتركه في مكة ، واصطحبه معه إلى الشام في الرحلة التجارية الّتي سبق ذكرها ، رغم الموانع الكثيرة ، وفقدان الوسائل اللازمة ، ورغم ما تَرتب على اصطحابه معه من متاعب.

إن ايمانه بابن أخيه كان عميقاً إلى درجة أنه أخذه إلى المصلّى واستسقى به ، مقسماً به على اللّه تعالى أن يكشف العذاب عن قومه ، ويرسل رحمته عليهم ، فيستجيب اللّه دعاءه ، وينزل عليهم غيثاً وافراً ممرعاً ، بقيت قصته في ذاكرة التاريخ.

إنه ذلك الرجل الّذي لم يفتأ عن الحفاظ على حياة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحظة واحدة ، فهو الّذي تحمل في سبيله ثلاثة أعوام عجاف من الحصار الاقتصادي والاجتماعي الصعب ، مؤثراً العيش في الشعب وفي شغاف الجبال والوديان القاحلة على زعامة قريش ، ورئاسة مكة إلى ان أعيته تلك المحن والمتاعب ففقد بذلك صحته ، وانحرف بذلك مزاجه ، وتوفّي متأثراً بتلك المتاعب والمصاعب ، والمشاق والمحن بعد نقض الصحيفة ، وانتهاء الحصار ، والعودة إلى المنازل بأيام معدودة!!

لقد كان إيمان « أبي طالب » برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوياً وراسخاً إلى درجة أنه رضى بأن يتعرّض كل ابنائه لخطر القتل والاغتيال ليبقى « محمّد » ولا يمسُّه من أعدائه أي سوء ، فكان يُضجِع ولده علياً في موضعه ، حتّى إذا أرادوا إغتياله لا يصيبه شيء وهذا يعني أنه كان يقيه بنفسه وبأولاده.

وفوق هذا كلّه استعدَّ في يوم من الايام لأن يقتل كل زعماء قريش وأسيادها انتقاماً لمحمّد ، وكان من الطبيعي أن يقتل في هذا العملية بنو هاشم كلُّهم أيضاً(١) .

__________________

١ ـ راجع الصفحة ٥٢٢ من هذا الكتاب.

٥٢٧

وصية أبي طالب عند وفاته

وعند وفاته قال لأولاده :

« اُوصيكم بمحمّد خيراً فانّه الأمينُ في قُريش وهو الجامعُ لكلّ ما اُوصيكم به ، وقد جاءَ بأمر قبله الجَنان ، وانكره اللِسان مخافة الشنئان ، وأيم اللّه لكأنّي انظرُ إلى صعاليك العرب ، وأهل البرّ في الاطراف ، والمستضعفين من الناس ، قد أجابوا دعوته ، وصدّقوا كلمته ، وعظّموا أمره فخاض بهم غمرات الموت ، فصارت رؤساء قريش وصناديدها أذناباً ، ودُورُها خراباً ، وضُعفاؤها أرباباً ، وإذا أعظمهم عليه أحوجهم إليه ، وأبعدهم منه أحظاهم عنده ».

ثم ختم وصيته هذه بقوله :

يا معشر قريش كونوا له ولاةً ، ولحزبه حماةً ، واللّه لا يسلك أحدٌ منكم سبيله الارشد ، ولا يأخذ أحد بهديه الاّ سعد(١) .

نحن لا نشك في أن « أبا طالب » كان صادقاً في اُمنيّته هذه لأن خدماته الكبرى وتضحياته المتواصلة خلال عشر سنوات من بداية عهد الرسالة شاهدة على صدق مقاله ، كما كان صادقاً في الوعد الّذي قطعه على نفسه لابن أخيه ( محمّد ) في مبدأ البعثة عندما جمع رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعمامه وعشيرته الأقربين ودعاهم إلى الإسلام فقال له ابو طالب :

« اُخرج يا ابن أخي فانّكَ الرفيعُ كعباً ، والمنيع حزباً ، والأعلى أباً.

واللّهِ لا يَسلِقُك لسانٌ الاسلَقتهُ ألسن حِداد ، واجتذَبته سيوفُ حداد.

واللّهِ لَتَذلَنَّ لَكَ العربُ ذلَّ البُهم لحاضِنها »(٢) .

* * *

__________________

١ ـ السيرة الحلبية : ج ١ ، ص ٣٥١ و ٣٥٢.

٢ ـ الطرائف تأليف السيد ابن طاووس : ص ٨٥ ، نقلا عن كتاب غاية السؤول في مناقب آل الرسول تأليف ابراهيم بن علي الدينوري.

٥٢٨

آخر الطُرق لا ثبات ايمان أبي طالب

ويحسن بنا أخيراً ان نسأل عن أبي طالب وعن ايمانه واخلاصه ، اقاربَه غير المغرضين لأن « أهل البيت ادرى بما في البيت ».

١ ـ لما مات أبو طالب جاء عليٌعليه‌السلام إلى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فآذنه بموته ، فتوجع توجعاً عظيماً ، وحزن حزناً شديداً ، ثم قال له امض فتولّ غسله فاذا رفعته على سريره فاعلمني ، ففعل فاعترضه رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو محمول على رؤوس الرجال : قال : « وصلتك رحم يا عم ، وجزيت خيراً فلقد ربّيت وكفلت صغيراً ، ونصرت وآزرت كبيراً ».

ثم تبعه إلى حضرته ، فوقف عليه فقال :

« أما واللّه لاستغفرنَّ لك ، ولا شفعنَّ فيك شفاعةً يعجبُ لها الثقلان »(١) .

٢ ـ روي ان علي بن الحسينعليهما‌السلام سئل عن ايمان أبي طالب. فقال :

« واعجباً! ان اللّه تعالى نهى رسوله ان يقرّ مسلمة على نكاح كافر ، وقد كانت فاطمة بنت اسد من السابقات إلى الإسلام ، ولم تَزَل تحتَ أبي طالب حتّى مات »(٢) .

٣ ـ روي عن علي بن محمّد الباقرعليهما‌السلام أنه قال :

« لو وُضِعَ إيمان أبي طالِب في كفّة ميزان ، وإيمانُ هذا الخلقِ في الكفّة الاُخرى لرجح إيمانه ».

ثم قال :

« ألم تَعلَموا أنَّ أميرَالمؤمنين عليّاًعليه‌السلام كانَ يأمر أن يُحجَّ عن عَبدِاللّه وَأبيه »(٣) .

٤ ـ قال الامام جعفر بن محمّد الصادقعليهما‌السلام :

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٤ ، ص ٧٦.

٢ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٤ ، ص ٦٩.

٣ ـ المصدر السابق : ص ٦٨.

٥٢٩

« إنَّ مَثَل أبي طالِب مَثَلُ أصحاب الكَهف أسَرُّوا الإيمان ، وأَظهَروا الشركَ فآتاهُمُ اللّهُ اَجرَهم مرّتين ، وأن أبا طالِب أسرّ الإيمان ، وأظهر الشرك ، فآتاه اللّه أجرَه مَرّتين »(١) .

رأي علماء الشيعة في أبي طالب

ولقد اتّفقَ علماءُ الاماميّة والزيديّة تبعاً لأهل بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على : أن « أبا طالب » كان من أبرز المؤمنين برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يخرج من الدنيا إلاّ بقلب يفيض إيماناً بالاسلام ، وإخلاصاً للّه تعالى ، وحبّاً للمسلمين ، وقد اُلِّفَت في هذا المجال كتب ورسائل ، ودراسات عديدة ، يمكن الوقوف عليها لمن اراد ، ولمزيد التوسع في هذا المجال يراجع المجلد ٧ ، ص ٤٠٢ ـ ٤٠٤ من موسوعة الغدير للعلامة الأميني طبعة النجف ، أو ج ٧ ، ص ٣٣٠ ـ ٤٠٩ طبعة لبنان.

نظرة إلى حديث « الضحضاح »

واستكمالا لهذا الحديث ينبغي أن نلقي نظرة إلى رواية تشكك في ايمان أبي طالب فقد روى بعض الكتّاب مثل البخاري(٢) ، ومسلم عن رواة نظير سفيان بن سعيد الثوري ، عبدالملك بن عمير ، عبدالعزيز بن محمّد الدراوردي حديثاً نسبوه إلى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال عن أبي طالبرحمه‌الله :

« وجدتُه في غمرات من النّارِ فأخرجتُه إلى ضحضاح ».

« لعلّهُ تنفعُه شفاعَتي يومَ القيامة فيجعَلُ في ضَحضاح منَ النّار يبلغُ كعبَيه ، يغلي منهُ دماغُهُ »(٣) .

إنّ هذه الرواية وان كانت تكذبها عشرات الأحاديث والروايات الإسلامية ،

__________________

١ ـ اصول الكافي : ج ١ ، ص ٤٤٨.

٢ ـ صحيح البخاري : ج ١ ، ص ٣٣ و ٣٤ من أبواب المناقب.

٣ ـ صحيح مسلم : كتاب الايمان.

٥٣٠

والدلائل القاطعة الساطعة ، وتثبت بطلانها وتفاهتها ، ولكننا بهدف الوصول إلى مزيد من التوضيح نعمد إلى دراسة أمرين مرتبطين بهذا الحديث.

١ ـ ضعف أسناد هذه الرواية

إنّ رواة هذه الرواية ـ كما أسلفنا ـ هم عبارة عن سفيان بن سعيد الثوري وعبدالملك بن عمير وعبدالعزيز بن محمّد الدراوردي الذين سندرس أحوالهم واحداً واحداً ـ في ضوء أقوال علماء الرجال المعترف بهم عند أهل السنة ـ عنهم :

الف : سفيان بن سعيد الثوري

قال أبوعبد اللّه محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ـ وهو من علماء الرجال عند اهل السنة ـ في سفيان الثوري : كان يدلّس عن الضعفاء(١) .

إن هذا الكلام شاهد قوي على وجود التدليس عند الثوري ، وعلى روايته عن الضعفاء أو المجهولين ، وهو وصف يُسقطه عن درجة الاعتبار.

باء : عبدالملك بن عمير

قال عنه الذهبيّ المذكور : طال عُمره وساء حفظُه قال أبو حاتم : ليس بحافظ ، تغيّر حفظه ، وقال أحمد : ضعيف يغلط ، وقال ابن معين : مخلط وقال ابن خراش : كان شعبة لا يرضاه ، وذكر الكوسج عن احمد بن حنبل : انه ضعيف جداً(٢)

فمن مجموع هذه العبارات نعرف ان عبدالملك كان يتصف بصفات عديدة هي أنه :

١ ـ سيء الحفظ.

٢ ـ ضَعيف.

٣ ـ كثير الغلط.

__________________

١ ـ ميزان الاعتدال : ج ٢ ، ص ١٦٩.

٢ ـ المصدر السابق ، ج ٢ ، ص ٦٦٠.

٥٣١

٤ ـ مخلط.

ومن الواضح ان كل واحدة من الصفات والحالات المذكورة كافية لأن تبطلَ الاحاديث الّتي يرويها عبدالملك بن عمير ، والحال انه قد اجتمعت جميع نقاط الضعف هذه في هذا الرجل.

جيم : عبدالعزيز بن محمد الدراوردي

ولقد وصفَهُ علماء الرجال عند اهل السنة بالنسيان ، وقلة الحفظ فلا يمكن الاستناد إلى مروياته.

فقد قال أحمد بن حنبل عنه : إذا حدّث من حفظه جاء بأباطيل(١) .

وقال أبو حاتم عنه : لا يُحتَجُّ به(٢) .

وقال أبو زرعة أيضاً : سئ الحفظ(٣) . ومن مجموعة هذه العبارات يتضح بجلاء ان الرواة الاصليين لحديث الضحضاح ضعفاء في غاية الضعف ، إلى درجة لا يمكن الاعتماد على مروياتهم.

٢ ـ نص حديث الضحضاح يخالف الكتاب والسنة

لقد نُسِب إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه الرواية أنه أخرج أبا طالب من نار جهنم إلى ضحضاح وبهذا خفَّفَ عنه العذاب ، أو أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تمنى أن يشفع له ، فيخفِّفَ اللّهُ عنه العذابَ ، على حين نفى القرآنُ الكريم والسنة النبوية الشريفة تخفيف العذاب عن الكفار كما ونفيا شفاعة احد في حقهم.

وعلى هذا الاساس فلو كان ابو طالب كافراً ، لم يجز للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان يخفف عنه العذاب أو يتمنى له الشفاعة في يوم الجزاء.

وبهذا يظهر بطلان محتوى حديث الضحضاح.

واليك فيما يأتي ادلة ما قلناه من الكتاب والسنة :

__________________

١ ـ المصدر السابق ، ص ٦٣٤.

٢ و ٣ ـ المصدر السابق.

٥٣٢

الف : القرآن الكريم

يقول القرآن الكريم في هذا الصدد : «وَالَّذينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّم لا يُقضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا ولا يُخَفَّفُ عنْهُمْ مِن عَذابِها ، كَذلِكَ نَجْزي كُلَّ كَفُور »(١) .

ب : السنة النبوية

ان السنة النبوية الطاهرة تنفي أيضاً الشفاعة للكفار ، ونذكر من باب النموذج بعض تلك الأحاديث :

١ ـ روى أبوذر الغفاري عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال :

« اُعطيت الشفاعة وهي نائلة من اُمتي من لا يشرك باللّه شيئاً »(٢) .

٢ ـ روى أبو هريرة عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال :

« وشفاعتي لمن شهد أن لا اله الا اللّه مخلصاً ، وأنَّ محمّداً رسول اللّه يصدِّق لسانُه قلبَه ، وقلبُه لسانَه »(٣) .

إن الآيات والروايات المذكورة تثبت بوضوح بطلان نص حديث الضحضاح عند من يقول بأن أبا طالب مات كافراً.

ونتيجة البحث أنه تبين مما ذكر ان حديث الضحضاح لا أساس له من الصحة لا من جهة السند والطريق ، ولا من جهة المتن والنص ، ولا يمكن الاستدلال به.

وبهذا ينهار أقوى حصن يتمسكُ به البعض للخدشة في ايمان أبي طالب الثابت المسلّم.

__________________

١ ـ فاطر : ٣٦.

٢ ـ الترغيب والترهيب : ج ٤ ، ص ٤٣٣.

٣ ـ المصدر السابق : ص ٤٣٧.

٥٣٣

٥٣٤

٢٢

المعراج

المعراج في نظر القرآن والسنة والتاريخ

كان الليل يخيم على الافق ، ويسودُ الظلام على كل مكان.

فقد حان الأوانُ لان ترقدَ جميع الاحياء في مساكنها ، وتستريح في جحورها وأعشاشها ، وتغمض الأجفان لبعض الساعات عن مظاهر الطبيعة ، لتستعيد نشاطها من أجل العمل في يوم جديد حافل بالنشاط والحركة والسعي.

فذلك قانون الطبيعة في كلِّ ليل ونهار.

ولم يكن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمستثنى عن هذا الناموس الطبيعي.

فهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مضى ليستريح بعد أن صلّى صلاة العتمة أيضاً.

ولكنه فجأةً سمع صوتاً مألوفاً مأنوساً له ، وكان ذلك هو صوت أمين الوحي « جبرئيل » وهو يخبره بأن أمامه الليلة سفراً بعيداً ورحلة طويلة ، وانه سيرافقه في هذا الرحلة إلى مختلف نقاط الكون ، وسيسافر على متن دابة فضائية تدعى « البراق ».

لقد بدأ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رحلته الفضائية العظيمة من بيت اخت علي بن أبي طالب(١) « اُم هاني » ، وتوجه على متن تلك الدابة إلى « بيت

__________________

١ ـ مجمع البيان : ج ٦ ، ص ٣٩٥ و ٣٩٦ ، السيرة النبويّة : ج ١ ، ص ٣٩٦ ـ ٤٠٢.

٥٣٥

المقدس » في الأردن وفلسطين والّذي يسمى « المسجد الأقصى » أيضاً ، وهبط في تلك النقطة بعد مدة قصيرة جداً ، وزار مواضع عديدة من ذلك المسجد ، وتفقّد « بيت لحم » مسقط رأس « السيد المسيح » ومنازل الأنبياء وآثارهم ومحاريبهم ، وصلّى عند كل محراب من بعض تلك المحاريب ركعتين.

ثم بدأ بعد ذلك القسم الثاني من رحلته ، حيث عرج من ذلك إلى السماوات العلى ، وشاهد النجوم والكواكب ، واطّلع على نظام العالم العلوي ، وتحدث مع ارواح الأنبياء ، والملائكة السماويين ، واطّلع على مراكز الرحمة والعذاب ( الجنة والنار )(١) ورأى درجات أهل الجنة ، وأشباح أهل النار عن كثب ، وبالتالي تعرف على أسرار الوجود ، ورموز الطبيعة ، ووقف على سعة الكون ، وآثار القدرة الالهيّة المطلقة ، ثم واصل رحلته حتّى بلغ إلى سدرة المنتهى(٢) ، فوجَدها مسربلة بالعظمة المتناهية والجلال العظيم وعندها انتهى برنامج رحلتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فامر بأن يعود من حيث أتى فعاد ، بعدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومرّ في عودته على بيت المقدس ثانية ، ثم توجّه منه إلى « مكة » ، ومرّ خلال الطريق على قافلة تجارية لقريش وقد ضلّ بعير لهم في البيداء وكانوا يبحثون عنه ، ثم وجد في رحلهم قعباً مملوء من الماء فشرب منه وصبَّ بقيته على الأرض أو غطاه كما كان بناء على رواية. وترجّل عن مركبته الفضائية العجيبة في بيت « اُم هاني » قبيل طلوع الفجر ، وأخبرها بالخبر قبل اي أحد ، ثم كشف عن هذا الحادث في أندية قريش صباح نفس تلك الليلة.

فاستبعد السامعون قصة المعراج والحركة السريعة هذه ، واعتبروه أمراً محالا وانكروه ، وفشا هذا الخبر في جميع الأوساط وغضب بسببه أشراف قريش وساداتهم اكثر من غيرهم.

وكعادتها بادرت قريش إلى تكذيب هذه القصّة وقالوا : هذا واللّه الامر البيّن

__________________

١ ـ مجمع البيان : سورة الاسراء ، ج ٦ ، ص ٣٩٥.

٢ ـ لتوضيح معنى سدرة المنتهى راجع كتب التفسير.

٥٣٦

( العجيب المنكر ) واللّه إن العير لتطّرد شهراً من مكة إلى الشام مدبرة ، وشهراً مقبلة ، أفيذهب ذلك « محمّدٌ » في ليلة واحدة؟

وقالوا : إن صدقَتَ فصف لنا بيتَ المقدس ، فإن فينا من شاهدهُ.

فلم يصف لهم رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيت المقدس فحسب بل اخبرهم بكل ما مرّ به وفعله ورآه في طريق عودته من بيت المقدس إلى « مكّة » وقال : وآية ذلك أنّي مررت على بعير بني فلان بوادي كذا وكذا ، وقد ضلّ لهم بعير وقد همّوا في طلبه ، وشربت من ماء في آنية لهم مغطاة بغطاء وثم غطّيت عليها كما كان ، ثم مررتُ على بعير فلان وقد نفّرت لهم ناقة وانكسرت يدها.

فقالت قريش : أخبرنا عن عير قريش.

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّها الآن في التنعيم ( وهو مبدأ الحرم ) يتقدمها جمل أورق ( أبيض مائل إلى السواد ) عليه غرارتان وستدخل الآن مكة.

فغضب قريش من هذه الأخبار القاطعة وقالت : سنعلمنَّ الآن صِدقه أو كِذبه.

ثم لم تمض لحظاتٌ إلاّ وطلعت العير عليهم ، وحدَّثهم أبو سفيان بكل ما أخبرهم به رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ضياع بعير لهم في الطريق وهمّهم في طلبه ، وأنهم وضعوا ماء مملوء فغطوه ولما رجعوا وجدوه مغطى كما غطوه ولكن لم يجدوا فيه ماءً.

هذه هي خلاصة ما جاء في كتب التفسير ، والتاريخ ، والحديث حول المعراج.

وإذا أراد القارئ الكريم أن يقف على تفاصيل أكثر في هذا المجال فما عليه إلاّ أن يراجع بحار الأنوار باب « المعراج »(١) .

هل للمعراج جذور قرآنية؟

لقد جاءَ ذكر « المعراج » النبوي وسيره العجيبصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج ١٨ ، ص ٢٨٣ ـ ٤١٠.

٥٣٧

العالم العلوي ، والفضاء غير المتناهي في سورتين من القرآن الكريم بشكل واضح وصريح كما واشير اليها في سور اُخرى أيضاً.

ونحن نكتفي هنا باستعراض الآيات الّتي ذكرت هذه القضيّة بصورة واضحة ، ونقف عند بعض النقاط الجديدة بالدراسة فيها :

يقول اللّه تعالى في سورة الأسراء : «سُبحانَ الّذي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرام إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الّذي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَه مِن آياتِنا ، إنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصير »(١) .

ويستفاد من ظاهر هذه الآية اُمور :

١ ـ لكي نعلم بأنَّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يطو تلك المسافات ، ولم يقم برحلته إلى تلك العوالم بقوّة بشرية ، بل تسنى له كلُ ذلك بقوة غيبيّة ، فبها استطاع أن يطوي تلك المسافات البعيدة في زمن قصير جداً بدأ اللّه تعالى حديثه عن الاسراء بقوله : « سُبْحانَ الّذي » وهو اشارة إلى تنزيه اللّه عن كلِّ نقص وعيب.

ولم يكتف بذلك بل وصف نفسَه بوضوح بأنه هو تعالى سبب هذه الرحلة والمسيّرُ فيها إذ قال : « أسرى » أي إنَّ اللّه تعالى هو الّذي سرى برسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأخذه إلى تلك الرحلة.

وهذه العناية لأجل أن لا يتصور الناس بأنّ هذه الرحلة تحققت بالوسائل العادية ، وحسب القوانين الطبيعية ليتسنّى لهم إنكارها ، إِنما تحققت بقدرة اللّه وعنايته الربوبية الخاصة.

٢ ـ إن هذه الرحلة تحققت برمّتها خلال الليل ، ويستفاد هذا المطلب ـ علاوة على كلمة ليلا ـ من كلمة « أسرى » أيضاً لأنّ العرب كانت تستعمل اللفظة المذكورة في السير ليلا.

٣ ـ مع أنّ هذه الرحلة بدأت من بيت « اُم هاني » ابنة أبي طالب ، فإن الآية صرّحت بأنها تَمَّت من المسجد الحرام ، ولعل هذا لأنّ العرب كانت تعتبر

__________________

١ ـ الاسراء : ١.

٥٣٨

كل مكة حرماً إلهياً ، ومن هنا كان كل مكان من مكة يتمتع عندهم بحكم الحرم والمسجد الحرام ، فيكون المراد بالمسجد الحرام هنا مكّة ، ومكّة والحرم كلها مسجد ، فصحَّ أن يقول : « من المسجد الحرام ».

وتَذهب بعض الروايات إلى أنَّ المعراج كان من نَفس المسجد الحرام.

ثم إنَّ هذه الآية وان كانت تصرّح بأنَّ المعراج بدأ من « المسجد الحرام » وانتهى ب‍ : « المجسد الأقصى » إلاّ أن ذلك لا ينافي أن يكون للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رحلة اُخرى إلى العالم العُلوي لأنّ هذه الاّية تبيّن فقط قسماً من هذه الرحلة ، وأما القسم الآخر من برنامج هذه الرحلة فتتعرض لذكره آيات في مطلع سورة « النجم ».

٤ ـ إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عرج بجسمه وروحه معاً ، لا بالروح فقط.

ويدلُّ على ذلك قوله تعالى « بعبده » الّذي يُستَعمل في « الجسم والروح معاً » ولو كان المعراج بالروح فقط لزم أن يقول : « بروحه ».

٥ ـ إنَّ الغرض من هذا السير العظيم وهذه الرحلة العجيبة هو إيقاف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على مراتب الوجود ، وإطلاعه على الكون العظيم ، وهذا ما سنشرحه فيما بعد.

وأما السورة الاُخرى الّتي تعرض لبيان حادثة المعراج بوضوح وصراحة هي سورة « النجم ».

والآيات الّتي سندرجها هنا من هذه السورة نزلت على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندما قال لقريش : « رأيت جبرئيلَ أوّل ما اُوحي التي على صورته الي خُلِقَ عليها » جادلته قريش في ذلك ، فنزلتِ الآيات التالية تجيب على اعتراضهم : «أفَتُمارُوْنَهُ عَلى ما يَرى. وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً اُخْرى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى. عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى. إذْ يَغْشى السِدْرَة ما يَغْشى. ما زاغَ البَصَرُ وَما طَغى. لَقَدْ رَأى مِنْ آيات رَبّه الكُبرى »(١) .

__________________

١ ـ النجم : ١٢ ـ ١٨.

٥٣٩

أحاديث المعراج :

روى المفسرون والمحدّثون أخباراً وروايات كثيرة حول معراج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما شاهده في هذه الرحلة العظيمة ، ليست برمتها صحيحة مُسَلَّمة مقطوعاً بها.

ولقد قسّم المفسر الشيعيُ الكبير المرحومُ « العلامة الطبرسيّ » هذه الاخبار إلى أصناف أربعة إذ قال :

وتنقسم جملتها إلى أربعة اوجه :

أحدها : ما يقطع على صحته لتواتر الأخبار به ، واحاطة العلم بصحته مثل أصل المعراج.

وثانيها : ما ورد في ذلك مما تجوِّزه العقول ولا تأباه الاصول مثل طوافه في السماء ورؤيته أرواح الأنبياء وتحدّثه معهم ورؤيته للجنة والنار ، فنحن نجوّزه ثم نقطع على أن ذلك كان في يقظته ، دون منامه.

وثالثها : ما يكون ظاهره مخالفاً لبعض الاُصول ، إلاّ أنه يمكن تأويلها على وجه يوافق المعقول فالأولى أن نؤوّله على ما يطابق الحق والدليل. مثل أنّه راى أهل الجنة وأهل النار وتحدّث معهما الّذي يجب أن يؤوّل فيُحمل على انه : رأى أشباحهم وصورَهُم وَصفاتهم.

ورابعها : ما لا يصحّ ظاهره ولا يمكن تأويله ، وهي ما اُلصِق واُلحق بهذه الحادثة من الأساطير والخرافات ، مثل ما روي من أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلّم اللّه سبحانه جهرةً ورآه وقعد معه على سريره أو سمع صرير قلمه ، ونحو ذلك ممّا يوجب ظاهره التشبيه والتجسيم واللّه سبحانه يتقدّس عن ذلك كلّه ، فالأولى أن لا نقبله(١) .

* * *

__________________

١ ـ مجمع البيان : ج ٦ ، ص ٣٩٥.

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694