سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله الجزء ١

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله8%

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله مؤلف:
المحقق: مؤسسة النشر الإسلامي
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
الصفحات: 694

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 694 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 365770 / تحميل: 9250
الحجم الحجم الحجم
سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

٢ ـ ويُعرضُ عليها الماء إذا مَرَّ به.

٣ ـ ولا يضرب وجهها فإنها تسبِّحُ بحمدِ ربّها.

٤ ـ ولا يقفْ على ظهرها إلا في سَبيل اللّه عزّوجلّ.

٥ ـ ولا يحمّلها فوق طاقتها.

٦ ـ ولا يكلّفها من المشي إلا ما تطيقُ(١) .

كما رُوي أنه نهى رسولُ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن أن توسَم البهائمُ في وجهها ، وأن تضرَب في وجوهها فانها تسبّح بحمد ربها.

ومن هنا ندركُ ان التعاليم في مجال الرفق بالحيوان ، وحمايته ، على النقيض من العادات الجاهلية السائدة في البيئة العربية آنذاك.

واما بالنسبة إلى التمائم والأَشياء الّتي كانت تعلّقها العربُ على أعناق وصدور رجالها ، وأولادها ، من الأحجار والخَرَز ، وَعظام الموتى ، ومعالجة المرضى والمصابين وغيرهم بها أحياناً فقد حاربَها الإسلامُ ، بعد أن ابطلها كما ابطل الافاعيل الّتي سبق أن ذكرناها قبل هذا.

فلما جاءت جماعات من الأعراب إلى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسألوه عن الرّقى والقلائد الّتي كانوا يتداوون بها أو يسترقونها بدلا عن التداوي بالعقاقير والأدوية قائلين يا رسول اللّه : انتداوى؟

قال رسولُ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « تداووا فإنَّ اللّه لَمْ يَضَعْ داء إلا وَضَعَ لَهُ دَواء »(٢) .

بل نجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمر سعد بن أبي وقاص عندما اُصيب بمرض في فؤاده أن يعالج نفسَه عِند طبيب إذ قال له لما عادَه وعرف بحاله : « إنَك رجلٌ مفودٌ ، إئتِ الحارثَ بن كلْدة أخا ثقيف فإنَهُ رَجَلٌ يتطبَّب »(٣) .

__________________

١ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ، ص ٢٨٦ ، وراجع للوقوف على أحاديث حقوق الحيوان كتاب الشؤون الاقتصادية : ص ١٣٠ ـ ١٥٩ أيضاً.

٢ ـ التاج الجامع للاُصول : ج ٣ ، ص ١٧٨.

٣ ـ التاج الجامع للاُصول : ج ٣ ، ص ١٧٩.

٨١

هذا مضافاً إلى أنه وردت أحاديث كثيرة تصرّح ببطلان التمائم السحريّة الّتي لا تنفع ولا تضرّ أبداً ، وها نحنُ نشير في ما يلي إلى نموذجين من هذه الأحاديث :

١ ـ يقول أحدُهُم : دخلتُ على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بابن لي قد علقت عليه من العُذرة ( وهي قلادة سحرية جاهلية ) فقال : علام تدغَرْن أولادَكنَّ بهذا العِلاق ، عليكنَّ بهذا العُود الهِنْديّ » وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقصد عصارة هذا العود(١) .

٢ ـ رُوي عن الإمام جعفر بن محمَّد الصادقعليه‌السلام أنه قال : « إنَّ كثيراً مِنَ التمائم شِرْكٌ »(٢) .

هذا مضافاً إلى أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأوصياءه الكرام ـ بارشادهمُ الناس إلى ما ينبغي أن يتداووا به من العقاقير والأدوية وما أعطوْه من تعاليم قيمة كثيرة في هذا المجال ممّا جمعه المحدثون الكبار تحت عنوان : « طبّ النبيّ » و « طب الرضا » و وقد وجهوا ضربة قوية اُخرى إلى تلك الأوهام والتخيّلات ، والخرافات والاساطير الّتي كان يعاني منها المجتمعُ العربي الجاهلي قبل الإسلام(٣) .

وأما الغول ، والطيرة ، والتشاؤم ، والهامّة والنَوء فقد حاربها النبي بصراحة إذ قال :صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « لا هامَّة ولا نَوء ولا طِيرَة ، ولا غول »(٤) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « العِيافَةُ والطِيَرةُ والطَرْق مِن الجبْت »(٥) .

__________________

١ ـ التاج الجامع للاُصول : ج ٣ ، ص ١٨٤.

٢ ـ سفينة البحار : ج ١ ، مادة رقي.

٣ ـ وقد فتح المحدّثون من الفريقين أبواباً خاصّة لأحاديث الطبّ النبويّ في كتب الحديث أيضاً.

٤ ـ التاج الجامع للاُصول : ج ٣ ، ص ١٩٦ و ١٩٧ الفصل الرابع باب نفي مزاعم الجاهلية ، قال مؤلف التاج : الهامّة طائر أو البوم إذ سقط في مكان تشاءم أهلُه ، أو دابّة تخرجُ من راس القتيل أو من دمه فلا تزالُ تصيح حتّى يؤخدَ بثاره ، والنَوء نجمٌ يأتي بالمطر وآخر يأتي بالريح ( حسب عقيدة الجاهلية )!!

٥ ـ التاج الجامع للاُصول : ج ٣ ص ٢٠١. قال مؤلّف التاج العيافة زجر الطّيْر والتفاؤل بأسمائها وأصواتها كالتفاؤل بالعُقاب على العِقاب ، وبالغُراب على الغُربة ، وبالهُدْهُدْ على الهُدى ، وكذا بافعالها ، وكيفية طيرانها فكانت العرب تزجر الطيرَ وتثيره فما اخذ منها ذات اليمين تبركوا به

٨٢

وعن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضاً أنه قال : « إنَّ الرقى والتمائم والتولَة شركٌ »(١) .

وعن أحدهم قال : قلتُ يا رسولَ اللّه اموراً كنّا نصنعها في الجاهلية ، كنّا نأتي الكهّان ، قال : فلا تأتوا الكهّانَ ، قلت : كنّا نتطيّر قال : ذاك شيء يجدُهُ أحدُكُمْ في نفسِه فلا يَصُدَّنكم ».

إن وجودَ النهي الشديد والمكرّر في الاحاديث الكثيرة عن الطيرة والتشاؤم ، والزجر والعيافة والتمائم والتولة والهامّة والنوء والغول ، والكهانة ، وايذاء الحيوانات وكيهنّ ، وتعذيبهن ، وماشابه ذلك يدل بوضوح وقوة على مدى رسوخ هذه العادات الباطلة في الحياة العربيّة الجاهلية ، يكشف عن مبلغ اعتقادهم بها ، ونزوعهم اليها وهو بالتالي يكشف عن مغزى قوله تعالى : «ويضَعُ عنَهُمْ إصْرَهُمْ والأَغْلال الَّتي كانَت عَلَيهِمْ »(٢) فأيّة سلاسل وأَغلال أثقل وأسوء عاقبة وأشدّ وطئة ، من هذه الأغلال أغلال الخرافة والوهم ، وسلاسل التخيلات والاساطير؟!!

أوضاع العرب الإجتماعية قبيل ظهور الإسلام :

إن اُولى خطوة خطاها البَشَر باتّجاه النمط الإجتماعي كانت عندما أقْبَل على تاسيس وإقامة الحياة القبلية ، فالقبيلة تتكون من إجتماع عدة عوائل واُسر مترابطة فيما بينها بوشائج القربى والنسب تحت زعامة شيخ القبيلة ، وبهذا يتحقق

__________________

وتيمَّنوا وما تياسر منها تشاء موابه ( كما في بلوغ الارب في معرفة أحوال العرب : ج ٣ ، ص ٢١٢ تحت عنوان كيفية الزجر عند العرب ).

و « الطرق » : الضرب بالحصى ( للإستدلال على اُمور غيبيّة باعتقاد الجاهليين ). والجبت هو الباطل.

١ ـ التاج الجامع للاُصول : ج ٣ ، ص ٢٠٣. قال مؤلِّف الجامع : « التولة » : نوع من السحر يحبّب الرجلَ إلى زوجته ، وهو من عمل المشركين ( أي في الجاهلية ).

٢ ـ سورة الاعراف : ١٥٧.

٨٣

أبسط نمط من أنماط الحياة الإجتماعية.

وقد كانت الحياةُ العربية ـ آنذاك ـ من هذا القبيل ، فكلُ مجموعة من العوائل المترابطة نسبياً تتجمع في شكل قبيلة ، وتشكل بذلك مجتمعاً صغيراً يخضع فيه الجميع لأوامر رئيس القبيلة وزعيمها ، ولقد كان الجامع بين افراد القبيلة هو الرابطة القومية ، والوشيجة النسبية ، وكانت هذه القبائل تختلف في عاداتها ورسومها ، وتقاليدها وأعرافها ، اختلافاً كبيراً ، وإذ كانت كل قبيلة تعتبر القبائل الاخرى غريبة عنها لذلك كانت لا تقيم للآخرين وزناً ولا قيمة ، ولا تعترف لهم باي حق أو حرمة.

ولهذا كانت ترى الإغارة على الآخرين وقتلهم ، ونهب أموالهم ، وسلب ممتلكاتهم وسبي نسائهم من حقوقها القانونية المشروعة ، اللّهم إلاّ أن يكون بين القبيلة ، والقبيلة الاُخرى حلف أو معاهدة.

هذا من جانب.

ومن جانب آخر كانت القبيلة الّتي تتعرض للإغارة من جانب قبيلة اُخرى ترى من حقها أن تردَّ الصاع صاعين ، تقتل كل أفراد القبيلة المغيرة ، لأن الدّم ـ في نظرهم ـ لا يغسله الا الدّم!!!

ولقد تبدلت أخلاقيةُ العرب هذه بعد انضوائهم تحت لواء الإسلام الحنيف ، بل تحوَّلوا من نمط الحكومة القبلية المتخلفة والنظام العشائري الضيّق هذا ، إلى حكومة عالميّة ، واستطاع رسولُ الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان يؤلف من القبائل العربية المتفرقة اُمّة واحدة.

ولا شك أن تأليف اُمة واحدة من قبائل وجماعات اعتادت طوال سنين مديدة من التاريخ على التناحر والتنازع ، والتخاصم والتقاتل ، والتهاجم والإغارة في ما بينها ، واستمرأت سفك الدماء ، وإزهاق الارواح ، وذلك في مدة قصيرة ، عملٌ عظيم جداً ، ومعجزة اجتماعية لا نظير لها ، لأن مثلَ هذا التحوُّل العظيم إذا اُريدَ لَهُ أن يتمَّ عبر التحوُّلات والتطورات العاديّة لاحتاج إلى تربية طويلة الامد ، ووسائل لا تحصى كثرة.

٨٤

يقول « توماس كارليل » في هذا الصدد : لقد اخرج اللّه العرب بالإسلام من الظلمات إلى النور ، وأحيى به منها امة خاملة لا يُسمعُ لها صوتٌ ولا يُحسُّ فيها حركة ، حتّى صار الخمولُ شُهرة والغموض نباهة والضعة رفعة والضعف قوة ، والشرارة حريقاً ، وشمل نورُه الأَنحاء وعمَّ ضوؤه الأرجاء ما هُو إلا قرنٌ بعد إعلان هذا الدين حتّى أصبح للعرب ( المسلمين ) قدمٌ في الهند واخرى في الاندلس(١) .

وإلى هذه الحقيقة يشير ايضاً مؤلف تاريخ اللغات السامية الشهير « رينان » قائلا : « لا مكان لبلاد العرب في تاريخ العالم السياسيّ والثقافي والدينيّ قبل ذلك الانقلاب المفاجئ الخارق للعادة الّذي صار به العربُ اُمّة فاتحة مُبدعة ولم يكن لجزيرة العرب شأنٌ في القرون الاُولى مِنَ الميلاد ، حين كانت غارقة في دياجير ما قبل التاريخ »(٢) .

أجل إنّ هذه القبائل العربية الجاهلية المختلفة المتناحرة لم تكن تعيش أية حضارة ، ولم تمتلك أية تعاليم وقوانين ، وأنظمة وآداب قبل مجيء الإسلام ، لقد كانت محرومة من جميع المقومات الإجتماعية الّتي توجبُ التقدم والرقي ، ولهذا لم يكن من المتوقع ابداً ان تصل إلى تلك الذرى الرفيعة من المجد والعظمة ، ولا أن تنتقل من نمط الحياة القبلية الضيقة إلى عالم الإنسانية الواسع ، واُفق الحضارة الرحيب بمثل هذه السُرعة الّتي وَصَلت إليه والزمن القصير الّذي انتقلت فيه.

إنَّ مَثَل الشعوب والاُمم البشرية مثل المباني والعمارات تماماً.

فكما أن البناء القوي الراسخ يحتاج إلى موادّ انشائية قوية معدَّة باتقان ومحضّرة باحكام حتّى يستطيع البناء المصنوع من هذه الموادّ ، والمؤسس بعناية وهندسة متقَنة من الوقوف في وجه الأعاصير ، والأمطار الغزيرة كذلك يحتاج كيانُ كل اُمة رشيدة من الاُمم إلى اُسس وقواعد محكمة ( وهي الاُصول والآداب الكاملة ، والأخلاق الإنسانية العالية ) لتستطيع من البقاء والتقدم.

__________________

١ ـ الخطط الاستعمارية لمكافحة الإسلام : ص ٣٨ ، والإسلام والعلم الحديث : ص ٣٣.

٢ ـ حضارة العرب : ص ٨٧.

٨٥

ولهذا السبب لابد من التأمل في أمر وسرّ هذه الظاهرة العجيبة ولابد أن نتساءل :

كيف تحقق ذلك التطورُ العظيم ، وذلك التحول العميق للعرب الجاهلية ، ومن اين نشأ؟؟

كيف امكن ان تتحول جماعة متشتتة ، متعادية ، متناحرة ، متباغضة ، في ما بينها ، بعيدة عن النظم الإجتماعية ، بمثل هذه السرعة إلى اُمّة متآلفة متاخية متعاونة متسالمة متحابة ، وتشكل دولة قوية كياناً سياسياً شامخاً أوجب أن تخضع لها دول العالم وشعوبه ، وتطيعها ، وتحترم مبادءها واخلاقها وآدابها آنذاك.

حقاً لو كان في مقدور العرب أن يحرزوا ذلك التقدم الهائل بفعل عامل ذاتي فلماذا لم تستطع عربُ اليمن الّذين كانوا يمتلكون شيئاً كبيراً من الثقافة والحضارة ، والذين عاشوا الانظمة الملكية سنيناً عديدة ، بل وربَّت في احضانها ملوكاً وقادة كباراً ، أن تصل إلى مثل هذه النهضة العظيمة الشاملة ، وتقيم مثل هذه الحضارة العريضة الخالدة.

لماذا لم تستطع العربُ الغساسنَة الذين كانوا يجاورون بلادَ الشام المتحضرة ، ويعيشون تحت ظلّ حضارة « الروم » أن يصلوا إلى هذه الدرجة من الرشد؟

لماذا لم تستطع عربُ الحيرَة الذينَ كانُوا ـ وإلى الامس القريب ـ يعيشون في ظلّ الامبراطورية الفارسية أن ينالوا مثل هذا الرقي والتقدم؟ وحتّى لووصلوا إلى هذه الدرجة من التقدم وحققوا هذه القفزة فانه لم يكن أمراً يثير العجب لأنهم كانوا يعيشون في أحضان مدنيات كبرى ، ويتغذون منها ، ولكن الّذي يثير الدهشة ، والعجب هو أن تستطيع عرب الحجاز من تحقيق هذه النهضة الباهرة ، ويرثوا الحضارة الإسلامية العظمى وهم الذين كانوا يفتقرون إلى أبسط مقوّمات الحضارة الذاتية ، ولم يكن لهم عهدٌ بأيَّ تاريخ حضاريّ مشرق ، بل كانُوا كما عرفت يرزحون تحت أغلال الوَهْم والتخَيُّل ، ويسيرون في ظلمات الخرافات والأساطير.

* * *

٨٦

دُوَل الحيرة وغسّان :

على العموم كانت المناطقُ ذاتُ المناخ الجيّد من الجزيرة العربية حتّى آخر قرن قبل الإسلام تحت سيطرة ثلاث دول كبرى هي : « ايران » ، « الروم » ، « والحبشة ».

فالشرق والشمال الشرقي من هذه المنطقة كانت تحت حماية « ايران ».

والشمال الغربي كان تابعاً للروم.

والمناطق المركزية والجنوب كانت تحت نفوذ « الحبشة ».

وعلى أثر مجاورة هذه المناطق للدول المتحضّرة المذكورة ، وما كان بينها من نزاع وتنافس دائمين ظهرَت في المناطق الحدودية للجزيرة العربية دول شبه متحضرة ، وشبه مستقلة كان كلُ واحدة منها تابعة في حضاراتها لدولة متمدنة عظمى تجاورها.

وقد كانت دول « غسان » ، و « الحيرة » « وكنده » من هذه الدول شبه المستقلة وشبه المتمدنة ، وكانت كلُ واحدة منها تابعة لاحدى الدول العظمى آنذاك : « ايران » ، « الروم » ، « الحبشة ».

الحيرة : يتبيَّن من الآثار والأخبار أنه هاجرت ـ في أوائل القرن الثالث بعد الميلاد ـ بعضُ الطوائف العربية ، وذلك في نهايات الحكم الأشكناني ، إلى الأراضي المجاورة للفرات ، وسيطروا على قسم من أراضي العراق ، وقد أوجدت هذه الجماعةُ المهاجرةُ القرى والقلاع هناك ، شيئاً فشيئاً ، وأحدثت المدنَ الّتي مِن أهمّها : « الحيرة » الّتي كانت تقعُ على حافة صحراء بالقرب مِن مدينة الكوفة الحالية.

وقد كانت هذه المدينة ـ وكما يظهر من إسمها ـ في بداية أمرها قلعة ( لأن الحيرة تعني في اللغة السريانية : الدير وما يشبهه ) يسكنها العرب ثم تطورت شيئاً فشيئاً إلى مدينة.

وقد ساعد مناخها الجميل ، والمياهُ الوافرة الّتي تأتي اليها من الفرات ، وجودة

٨٧

الأحوال الطبيعية الاُخرى إلى أن تجتذب اليها أصحاب الصحراء ، وسكان البوادي ، والقفار ، كما واستطاعت هذه المدينة وبفضل مجاورتها للحضارة الفارسية إن تكتسب من ثقافتها ومدنيتها ما أفاض عليها لوناً من الحضارة والمدنية ، وقد بُنيت بالقرب من « الحيرة » قصورٌ مثل « الخورنق » الّذي اضاف إلى هذه المدينة جمالا وبهاء خاصّين ، وقد تعرَّف العربُ الساكنون في هذه المنطقة على الخط والكتابة ، ويمكن ان تكون الكتابة والقراءة قد سرتا منها إلى بقية مناطق الحجاز ومُدُنها(١) .

ولقد كان ملوك « الحيرة » وأمرأوها من اللخميين العرب يؤيّدون من قِبَل الدولة الإيرانية بقوة ، وسبب هذا التأييد ، والحماية الايرانية لاُمراء الحيرة وملوكها كان يكمن في أن ملوك إيران ـ آنذاك ـ كانوا يُريدون أن تكونَ الحيرة سَدّاً ، وحاجزاً بينهم وبين عرب البادية ، يدفعون بهم خطرَ الغزاة من أهل الصحارى على الحدود الإيرانية.

ولقد سجَّلَ التاريخُ أسماء هؤلاء الاُمراء ؛ وقد نظم « حمزة الاصفهاني » فهرستاً بأسمائهم ، وجدولا بأعمارهم ومُدد حكوماتهم ، ومن كان يعاصرهم من ملوك بني ساسان الإيرانيين(٢) .

ومهما يكن الأمر فإن دولة اللخميين العرب كانت من أكبر الحكومات العربية شبه المتحضرة في منطقة الحيرة ، وكان آخر ملوك هذه السلسلة هو « النعمان بن المنذر » صاحب القصة التاريخية الّتي تتضمن خلعه من الحكم ، وقتله بواسطة الملك الايراني : « خسرو برويز »(٣) .

غَسّان : في أوائل القرن الخامس أو اوائل القرن السادس الميلادي هبط جماعة من المهاجرين اليمنيين في الشمال الغربي ـ أقصى نقاط الجزيرة العربية ـ وفي جوار الإمبراطوريّة الروميّة ، وأسسوا دولة الغساسنة ، وقد كانت هذه الدولة

__________________

١ ـ فتوح البلدان للبلاذري : ص ٤٥٧.

٢ ـ سِنيِّ ملوك الأرض : ص ٧٣ ـ ٧٦.

٣ ـ الأخبار الطوال : ص ١٠٩.

٨٨

تحت حماية الروم ، وكان مُلوكُها يُنصبون من جانب إمبراطوريات « قسطنطينية » مباشرة ، تماماً كما كان مُلُوك « الحيرة » يُنصبون من جانب ملوك ايران.

ولقد كانت دولة الغساسنة متحضرة نوعاما ، وحيث أن مراكز حكمها كانت قريبة من ناحية إلى « دمشق » ومجاورة ل‍ : « بُصرى » مركز القسم الرومي من الجزيرة العربية من ناحية اُخرى ، لذلك تأثرت بحضارة الروم تأثراً كبيراً وبالغاً.

ولقد كان الغساسنة متحالفين مع الروميين بسبب ما كان بينهم وبين ملوك الحيرة اللخميين العرب والايرانيين من الاختلاف والنزاع ، ولقد حكم في دولة الغساسنة تسعة أو عشرة من الاُمراء والملوك تباعاً.

الدين في أرض الحجاز :

لقد كان الدينُ الرائج في الحجاز هو الوثنية ، وعبادة الاصنام.

نعم كانت هناك أقليّات دينية يهودية تقطن في يثرب ( المدينة فيما بعد ) وخيبر ، كما انه كان هناك من يتبع المسيحية وهم سكّان نجران ، البلد الحدودي لليمن والحجاز.

وكان الدين الرائج في المناطق الشمالية من الحجاز ( إي الشام حالياً ) هو المسيحية بسبب مجاورة هذه المناطق للروم وخوضعها للسيادة الرومية.

ولو أننا استثنينا من الحجاز هذه المناطق الحساسة الثلاث لما وجدنا في بقية مناطق الحجاز إلاّ الوثنية في أشكال مختلفة ، واعتقادات متنوعة ، اللّهم إلاّ بضع افراد كان عددهم لا يتجاوز عدد أصابع اليد ممن يُسمّون بالاحناف كانوا على دين التوحيد ، وكان عددهم بالنسبة إلى الاكثرية الساحقة من العرب الوثنيين قليلا جدّاً(١) .

فمنذ زمن النبي « إبراهيم » الخليل وابنه « اسماعيل »عليهما‌السلام دخل

__________________

١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ١٢٢ و ١٢٣.

٨٩

التوحيد ، ودخلت بعض التعاليم الأخلاقية والدينية إلى أرض الحجاز ، وكان الحج وأداء مناسكه إحتراماً للكعبة الشريفة هو أحدُ هذه التعاليم والسنن الّتي دخلت مع « الخليل » إلى هذه المنطقة ، ثم إن رجلا من قبيلة « خزاعة » يسمى « عمرو بن لحي » الّذي كانت زعامة مكة قد عهدت إليه ، أدخل عبادة الاوثان في مكة في ما بعد ، وذلك عندما سافر هذا الخزاعي إلى بلاد الشام فوجد قوماً من العمالقة يعكفون على تماثيل جميلة النقش والمنظر يعبدونها ، ويؤلّهونها ، فقال لهم : ما هذه الأصنام الّتي اراكُم تعبدون؟؟ قالوا له : هذه اصنامٌ نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ، ونستنصرها فتنصرنا ، فقال لهم : أفلا تعطونني منها صنماً فاسير به إلى ارض العرب فيعبدوه؟؟ فأعطوه صنماً ، وهكذا استحب عملهم ، وجلب معه إلى مكة صنماً جميلُ النقش والنحت يدعى « هُبَل » فنصبه ودعا الناس إلى عبادته ، وتعظيمه.

وهكذا دخلت الوثنية إلى « مكة » المكرمة ، واصبحت عبادة الاوثان والاصنام عبادة رائجة في تلك الديار(١) .

واشهر اصنام العرب هي :

١ ـ هبل وكانت أعظم اصنام العرب الّتي في جوف الكعبة.

٢ ـ اساف.

٣ ـ نائلة وكانت هي واساف على موضع زمزم ينحرون عندهما.

٤ ـ اللات وكانت لثقيف بالطائف.

٥ ـ العُزّى وكانت بنخلة الشامية ، وكانت لقريش وبني كنانة.

٦ ـ منات وكانت للاوس والخزرج ومن ذهب مذهبهم من أهل يثرب.

٧ ـ عميانس وكان بأرض خولان يقسمون له من أنعامهم وحروثهم.

٨ ـ سعد.

__________________

١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٧٨ ـ ٨١ ، والعمالقة هم طائفة من العرب عاشوا وسادوا ثمّ بادوا قبل الإسلام.

٩٠

٩ ـ ذوالخلصة وكانت لدوس وخثعم وبجيلة.

١٠ ـ مناف(١) .

ولقد كانت هذه هي أشهر أصنام العرب علاوة على الأَصنام الاُخرى غير المعروفة الّتي كانت تختصُّ بطائفة دونَ اُخرى ، أو بعائلة دون عائلة.

العلم والثقافة في الحجاز :

كان أهلُ الحجاز يوصَفون بالاُميّين ، والاُميّ هو من لم يتعلم القراءة والكتابة فهو كمن ولدتهُ اُمُه ، أو هو باق في عَدم العلم بالقراءة والكتابة على الحالة الّتي وُلد فيها من اُمه.

ولأجل أن نعرف مدى ما كان عليه العلمُ والثقافة عند العرب من القيمة يكفي أن نعلم بأن عدد الذين كانوا يعرفون القراءة والكتابة بين قريش إلى ما قبل ظهور الإسلام لم يكن يتجاوز ( ١٧ ) شخصاً في مكة و ( ١١ ) نفراً فقط من بين الأوس والخزرج في المدينة(٢) .

إذا لاحظنا هذا التخلف والانحطاط في مجال العلم والثقافة في البيئة العربية الجاهلية يتضح لنا مدى تأثير الإسلام ، وادركنا عظمة التعاليم الإسلامية في جميع الحقول الاعتقادية والاقتصادية والأخلاقية والثقافية ، ولابدّ في تقييم الحضارات أن نطالع وندرس الحلقة السابقة ، ثم نقيم الحلقة التالية في ضوء ذلك ، وفي هذه الصورة نقف على عظمة تلك الحضارة الحقيقية(٣) .

____________

١ ـ راجع الأصنام للكلبي ، والمحبر : ص ٣١٥ ـ ٣١٩.

٢ ـ فتوح البلدان : ص ٤٥٧ ـ ٤٥٩.

٣ ـ للوقوف على معلومات أوسع واكثر حول عقائد مختلف طوائف المجتمع العربي الجاهلي ، وثقافتها وتقاليدها راجع الكتابين التاليين :

ألف : « بلوغ الارب في معرفة أحوال ال عرب » تأليف السيد محمود الآلوسي المتوفى عام ١٢٧٠ هجري قمري.

باء : « المفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام » تأليف الاُستاذ جواد علي ، وهذا الكتاب اُخرجَ في ( ١٠ ) مجلدات ، وقد بُحثَ فيها كل ما يرتبط بحياة العرب في العهد الجاهلي.

٩١

الإمام عليّ يصف العهد الجاهليّ:

وقد وصف الإمامُ عليّ أميرُ المؤمنينعليه‌السلام تلك الحالة في خطبه ، وحيث أنه عاصر ذروة ذلك الوضع المأساوي ووصفه وصفاً دقيقاً لذلك ينبغي أنْ نقف عند كلامه قليلا ليتبين لنا جيداً ما كان عليه العربُ إبّان عهد الرسالة الإسلامية المباركة :

قالعليه‌السلام في الخطبة ( الثانية ) من نهج البلاغة :

« وأشْهَدُ أنَّ مُحمَّداً عَبدَهُ وَرَسوله أرْسَلَهُ بالدينِ المَشْهُور والعِلَم الماثور والكِتاب المَسْطُور والنُّور الساطِع ، والضِياء اللامع ، والأمر الصادع إزاحة للشُبهات واحتجاجاً بالبَّيِنات وَتَحْذيراً بالآيات ، وتَخْويفاً بالمُثلات(١) والناسُ في فتن انْجَذَم(٢) فيها حَبْلُ الدِّينِ ، وتزَعْزَعتْ سَواري(٣) اليَقْينِ واْختَلَفَ النَجْرُ(٤) ، وتَشتَّتَ الأمرُ وَضاقَ الَمخْرَجُ ، وعَمِيَ المَصْدَرُ فالهُدى خامِلٌ ، والعَمى شامِلٌ ، عُصِيَ الرَّحْمانُ ونصِرَ الشَيْطانُ وَخُذِلَ الإيْمانُ فَانْهارَت دَعائِمهُ ، وتَنكَّرَتْ مَعالِمُهُ وَدَرَست(٥) سُبُلُه وعَفَت شُركه(٦) أطاعُوا الشَيْطانَ فَسلكُوا مسالِكه ، وورَدُوا مناهِلَه(٧) بِهِمْ سارتْ أعلامُه ، وقامَ لِواؤُهْ في فِتَن داستْهُمْ بأَخْفافِها(٨) ووَطئَتْهُمْ بِأَظْلافِها(٩) وقامَتْ عَلى سَنابِكِها(١٠) فَهُمْ فيها تئهون حائرُونَ جاهِلُونَ مَفْتُونُونَ في خَيْر دار وَشَرِّ جِيْران نُومُهُمْ سُهُودٌ وَكُحْلُهمْ دُمُوعٌ بأَرْض عالِمُهْا مُلْجَمٌ وجاهِلُها مُكرَمٌ.

وقال في الخطبة ( التاسعة والثمانين ) أيضاً :

« أرْسَلَهُصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عَلى حِين فَتْرَة مِنَ الرُّسُلِ وَطُول هَجْعة من الاُمَم واعْتزام(١١) مِنَ الفِتَن وانْتِشار مِن الاُمور وَتلظٍّ(١٢) مِنَ الحرُوب والدُّنْيا

__________________

١ ـ المثلات : العقوبات.

٢ ـ انجذم : انقطع.

٣ ـ السواري : الدعائم.

٤ ـ النجر : الأصل.

٥ ـ درست : انطمست.

٦ ـ الشُرك : الطُرق.

٧ ـ المنهل : مورد النهر.

٨ ـ الخف : هو للبعير كالقدم للإنسان.

٩ ـ الظلف : للبقر والشاة كالخفّ للبعير والقدم للإنسان.

١٠ ـ السنابك : طرف الحافر.

١١ ـ اعتزم الفرس : إذا مرّ جامحاً.

١٢ ـ تلظٍّ : تَلَهُّب.

٩٢

كاسِفَةُ النُّور ظاهِرَةُ الغُرُور عَلى حينِ اْصفِرار مِنَ وَرَقها وأَياس مِنْ ثَمَرها واغْورار(١) مِنْ مائها قَد دَرَسَت مَنارُ الْهُدى وَظَهَرَتْ أَعلامُ الرَّدى فَهِيَ مُتَجَهِّمَة(٢) لأهْلِها عابِسةٌ فيْ وَجْه طالِبها ثَمَرُها الفِتْنَةِ وَطَعامُها الجيْفَةُ(٣) وشعارُها الخوفُ وَدثارُها السَيْفُ ».

وَقالَ في الخطبة ( السادسة والعشرين ) : « إنَّ اللّه بَعَث مُحمَّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نَذيراً لِلعالَمِين وأمِيْناً عَلى التَّنْزيْل وَانتُم مَعشَر العَرَب عَلى شَرِّ دين وَفي شَرِّ دار مُنِيخُونَ(٤) بَيْنَ حِجارَة خَشِن(٥) وحَيّات صُمٍّ(٦) تَشربُونَ الكَدِرَ وَتَأَكُلُونَ الجَشِبَ(٧) وَتَسْفِكُونَ دِماءكُمْ وتقطعُونَ أَرْحامَكُمْ الاْصنامُ فيكُم مَنْصوبَة وَالآثامُ بِكُمْ مَعْصُوبَة(٨) ».

وقالعليه‌السلام في الخطبة ( الثالثة والثلاثين ) : « إنَّ اللّه بعثَ مُحمَّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولَيسَ اَحدٌ مِنَ العَرب يقراُ كِتاباً ولا يدّعي نُبوة فساق الناس حتّى بوَّأَهُمْ محلَّتهُمْ(٩) وَبلَّغهُمْ مَنجاتَهُمْ فَاستقامَتْ قَناتُهُمْ(١٠) واطمأَنَّت صفاتُهُمْ ».

وقال في الخطبة ( الخامسة والتسعين ) أيضاً :

« بَعَثَهُصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والنّاسُ ضُلالٌ في حَيْرَة وَحاطِبُونَ في فِتْنَة قَد اسْتَهْوَتْهُمْ الأَهْواء وَاسْتَزَلَّتْهُمْ الْكِبْرياء وَاسْتَخَفَّتْهُمْ(١١) الجاهِليَّةُ الجَهْلاء حُيارى في زلْزال مِنَ الأَمْر وَبَلاء مِنَ الْجَهْلِ فَبالَغَصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في النَّصِيْحَةِ وَمَضى عَلى الطَّريْقَةِ وَدَعا إلى الْحِكْمَةِ وَالْمَوعِظَةِ الْحَسَنَةِ ».

وقالعليه‌السلام : في الخطبة ( السادسة والتسعين ) أيضاً :

« مُسْتَقَرُّهُ خَيْرُ مُسْتَقَرٍّ وَمَنْبَتُهُ أشْرَفُ مَنْبَت في مَعادِنِ الْكَرامَة وَمَماهِدِ(١٢) السَّلامَةِ قَدْ صُرفَتْ نَحْوَهُ أَفْئدةُ الأَبرار وَثُنِّيَتْ إلَيْهِ أزمَّةِ الأَبْصار دَفَنَ

__________________

١ ـ اغورار الماء : ذهابه.

٢ ـ تجهّمه : استقبله بوجه كريه.

٣ ـ إشارة إلى أكل العرب للميتة من شدة الاضطرار.

٤ ـ منيخون : مقيمون.

٥ ـ الخُشّن : جمع خشناء من الخشونة.

٦ ـ الُصمّ : الّتي لا تسمع لعدم انزجارها بالاصوات.

٧ ـ الجشِب : الطعام الغليظ.

٨ ـ معصوبة : مشدودة.

٩ ـ بَوّأهم محلَّهُمْ : أنزلَهم منزلتهم.

١٠ ـ القناة : العود كناية عن القوة.

١١ ـ استخفتّهم : طيّشَتْهُمْ.

١٢ ـ الممهَد : ما يُبسَط فيه الفراش.

٩٣

اللّه بِهِ الضَّغائِنَ وَأطْفأَ بِهِ الثَّوائرَ(١) أَلَّف بِه إخْواناً وَفَرَّقَ بِهِ أقْراناً اَعزَّ بِهِ الذّلة وَأَذَلِّ بِهِ الْعِزَّة كَلامُهُ بَيانٌ وَصَمْتُهُ لِسان ».

وقالعليه‌السلام في الخطبة (١٥١) أيضاً :

« أضاءتْ بِهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم البلاد بَعْدَ الضَّلالَةِ المُظْلِمَةِ والْجهالَةِ الغالِبَةِ والْجَفْوَة الْجافِيَةِ وَالنّاسُ يسْتَحِلُّونَ الْحَريمَ وَيَسْتَذِلُّونَ الْحَكِيْمَ يَحْيونَ عَلى فَتْرَة(٢) وَيَمُوتُونَ عَلى كَفْرّة ».

وقال في الخطبة (١٩٨) :

« ثُمَّ إنَّ اللّه سُبْحانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بِالْحَقِّ حِيْن دَنا مِنَ الدُّنْيا الإنْقِطاعُ وَأقْبَلَ مِنَ الاخِرَة الإطّلاع(٣) وَاَظْلَمَتْ بَهْجَتُها بَعْدَ إشْراق وَقامَتْ بأهْلِها عَلى ساق وَخَشُنَ مِنها مِهادٌ(٤) وَأَزفَ(٥) منها قيادٌ في انْقِطاع مِنْ مدّتها وَاقْتِراب مِنْ أَشْراطِها(٦) وَتَصَرُّم(٧) مِنْ أَهْلِها وانْفِصام(٨) مِنْ حَلْقَتِها وَانْتِشار(٩) مِنْ سببها وَعَفاء(١٠) مِنْ أعْلامِها وَتَكَشُّف مِنْ عَوْراتِها وَقِصَر مِنْ طُولِها ».

وقالعليه‌السلام في الخطبة (٢١٣) :

« اَرْسَلَهُ بِالضِّياء وَقَدَّمَهُ في الاْصْطِفاء فَرتَقِّ(١١) به المَفاتِقَ(١٢) وَساوَرَ(١٣) بِه المُغالِبَ وَذَلَّلَ بِه الصُّعُوبَة وَسَهِّل بِهِ الحُزُونَةَ(١٤) حَتّى سَرَّحَ الضَّلالَ عَنْ يمين وَشِمال ».

وقال في الخطبة (١٩١) :

« وَاشهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُه ابْتَعَيْه وَالنّاسُ يَضربُون في غَمْرة(١٥) وَيَمُوجُونَ في حَيْرَة قَدْ قادَتْهُمْ أزمَّةُ الحَيْنِ(١٦) وَاستَغْلَقَتْ عَلى أَفْئدَتِهِمْ أقْفالُ الرَّيْنِ »(١٧) .

__________________

١ ـ الثائرة : العدواة.

٢ ـ على فترة : على خلوّ من الشرائع.

٣ ـ الاطّلاع : الإتيان.

٤ ـ خشونة المهاد : كناية عن شدّة آلام الدنيا.

٥ ـ ازف : قرب.

٦ ـ الشَرط : العلامة.

٧ ـ التصرّم : التقطّع.

٨ ـ الانفصام : الانقطاع.

٩ ـ انتشار الأسباب : تبدّدها حتّى لا تُضبّط.

١٠ ـ عفاء الأعلام : اندراسها.

١١ ـ رتق : سدّ به الفتقَ.

١٢ ـ المفاتق : مواضع الفتق.

١٣ ـ ساور : ثاوبَ.

١٤ ـ الحزونة : غلظ في الارض.

١٥ ـ الغَمرة : الماء الكثير.

١٦ ـ الحين : الهلاك.

١٧ ـ الرين : التغطية.

٩٤

فاطمة الزهراء تصف الوضع الجاهلي :

وقد وصفت السيّدة فاطمة الزهراء بنتُ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العهدَ الجاهلي بمثلِ ذلك إذ قالت في خطبتها أمام أبي بكر والمسلمين(١) :

« فَبَلَّغَ ( اي رسولُ اللّه ) بالرِّسالة صادِعاً بالنَّذارة(٢) مائلا عَلى مَدْرَجَةِ المُشْركيْن ضارباً ثَبَجَهُمْ(٣) آخِذاً بأَكْظامِهمْ داعِياً إلى سَبِيْل رَبِّه بِالحِكْمَةِ وَالْمَوْعظَةِ الْحَسَنَةِ يَكْسِرُ الاَْصْنامَ وينْكُثُ الهامَ(٤) حتّى انْهَزَمَ الجَمْعُ وَوَلُّوا الدُّبُر حَتى تَفَرّى الليلُ عَنْ صُبْحِهِ وَاَسْفَرَ الحَقُ عَنْ محْظِهِ(٥) وَنَطَقَ زَعيمُ الدين وَخَرستْ شَقاشقُ(٦) الشَّياطين وأطاحَ وَشِيظُ(٧) النَّفاقِ وانَّحَلَّتْ عُقَدُ الْكُفْر والشِّقاقِ وَفُهْتُمْ بِكَلِمَةِ الاخْلاص في نفَر مِنَ البيض الْخِماص وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَة مِنَ النّار مُذْقَةَ(٨) الشّارب وَنُهْزَة(٩) الطامِع وقَبْسَةِ العِجْلان(١٠) وَمَوطىءَ الأَقْدامِ تَشْرَبُونَ الطَرقَ(١١) . وَتَقْتاتُونَ القِدَّ(١٢) وَالوَرق أذِلَّةً خاسِئينَ تَخافُونَ اَنْ يَتخَطَّفَكُم النّاسُ مِنْ حَوْلِكُمْ فَأَنْقَذكُمُ اللّه تَعالى بِمُحَمَّد بَعْدَ اللُّتَيّا وَالَّتي بَعْدَ أن مُنِيَ بِبُهْم(١٣) الرجال وَذُؤبانِ الْعَرَب وَمَرَدة أهْلِ الْكِتاب(١٤) كُلَّما أوْقَدُوا ناراً لِلْحَرب أطْفأَها اللّه ، أوْ نجَمَ(١٥) قَرْنُ الشَّيْطانِ أوْ فَغرَتْ(١٦) فاغِرَةً مِنَ الْمُشركيْن ، قَذَفَ أخاهُ في لَهواتِها(١٧) فَلا يَنْكَفِئُ(١٨) حَتّى يَطَأ صِماخَها بَأخْمصِهِ ».

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد وبلاغات النساء وغيرهما.

٢ ـ النذار : الأنذار.

٣ ـ الثبج : الكاهل.

٤ ـ الهامة : الرأس.

٥ ـ المحض : الخالص.

٦ ـ الشقشقة : شيء يشبه الرئة يخرج من فم البعير أذا هاج.

٧ ـ الوشيظ : الأتباع والخدم.

٨ ـ المذقة : شربة من اللبن الممزوج بالماء.

٩ ـ النهزة : الفرصة.

١٠ ـ قبسة العجلان : الشعلة من النار الّتي يأخذها الرجل العاجل.

١١ ـ الطرق : الماء الّذي خوضته الابل وبوّلت فيه.

١٢ ـ القد : قطعة جلد غير مدبوغ.

١٣ ـ البهمة : الشجاع الذي لا يهتدي من أن يؤتى.

١٤ ـ المارد : العاتي.

١٥ ـ نجم : طلع.

١٦ ـ فَغرت : فتحت.

١٧ ـ اللهاة : اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى الفم.

١٨ ـ ينكفئ : يرجع.

٩٥

جعفر بن ابي طالب يصف العهد الجاهلي :

ويشهد بذلك أيضاً ما قاله جعفر بن أبي طالب عند النجاشي ملك الحبشة عندما اراد مَبعوثاً قريش استعادتَهما إلى مكة :

أيّها الملك ، كُنّا قوماً أهلَ جاهِليَّة ، نعبدُ الاصنام ، ونأكلُ الميتة ، ونأتي الفواحِشَ ، ونقطعُ الأرْحام ، ونسيء الجوارِ ويأكلُ القويُ مِنّا الضعيف ، فكنّا على ذلك ، حتّى بعث اللّه إلينا رسولا منّا نعرف نسبَه وصدقَه وأمانَتَه وعفافَه ، فدعانا إلى اللّه لنوحِّده ونعبده ، ونخلعُ ما كنّا نعبدُ نحنُ وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرَنا بصدق الحديث وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحُسْنِ الجوار ، والكفِّ عن المحارم والدّماء ، ونَهانا عنِ الفَواحِش وقول الزُور ، وأكل مالِ اليَتيمِ ، وقذفِ المحصَناتِ ، وأمَرنا أنْ نَعبُدَ اللّه وَحدَهُ لا نشركُ بِهِ شيئاً ، وأمَرَنا بالصّلاةِ والزّكاةِ والصِيام قالت : فعدّد عليه امور الإسلام حتّى قال : وصدّقناهُ ، واَمَنّا به واتَّبْعناهُ على ما جاء به من اللّه فعبدنا اللّه وحدَه فلم نشرك به شيئاً وحرَّمنا ما حرّمَ عَلَيْنا وأحللنا ما أحلَّ لنا ، فَعدا علينا قومَنا فَعذَّبُونا وفتنونا عن ديننا ليردُّونا إلى عبادة الأَوثان مِنْ عِبادَة اللّه تعالى ، وأنْ نَسْتَحِلَّ ما كنا نَستحِلَّ من الخَبائث(١) .

__________________

١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣٣٥ و ٣٣٦. والحديث عن اُمّ سلمة.

٩٦

٣

إمبراطوريّتا الرُوم وإيران

إبّان عهدِ الرِّسالةِ

للوقوف على أهمية النهضة الإسلامية المباركة الّتي تحققت على يدي النبيّ الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد ارساله من جانب اللّه تعالى وقيمتها ، تكتسبُ دراسة بيئتين إجتماعيّتين اهمية قصوى ، وتانِك البيئتان هما :

١ ـ بيئةُ نزول القرآن الكريم ، أي البيئة الّتي ظهر فيها الإسلامُ ، وترعرع ونمى.

٢ ـ البيئة العالمية ( خارج الجزيرة العربية ) ، ويعرف ذلك بدراسة عقائد الناس وافكارهم في اكثر مناطق العالم ـ يومَذاكَ ـ مدنية وحضارة ، ومطالعة آدابهم وأخلاقهم وتقاليدهم ، وأعرافهم ، ومدنيّاتهم الّتي كانت تعتبرُ أفضل الأفكار والمدنيّات ، وأرقى الحضارات ، والأوضاع آنذاك.

ولقد كانت بيئتا : الامبراطورية الرومانية ، والإمبراطورية الإيرانية ألمع نقطة في ذلك اليوم ـ كما يدلنا التاريخ على ذلك. ولابدَّ أستكمالا لهذا البحث من دراسة الأَوضاع في هاتين الإمبراطوريتين ، في مناطقها ، ومن نواحيها المختلفة ، لنقف من هذا الطريق على قيمة الحضارة الّتي اتى بها الإسلام ، ونعرف ذلك بوجه أفضل.

* * *

٩٧

أوضاع الروم إبّان عهد الرسالة :

ان أوضاع الروم لم تكن بأقل سوءً من أوضاع منافستها « ايران » فالحروب الداخلية من جانب والمعارك الخارجية المستمرة مع « ايران » وصراعها الدائم المستمر مع الاخيرة على منطقة « ارمينية » وغيرها كل ذلك كان يهيء الناس في تلك البلاد للقبول بثورة جديدة يضع حداً لمآسيهم ومحنهم.

ولقد كان للاختلافات والمنازعات الطائفية والمذهبية النصيب الاكبر والأَوفر في توسيع رقعة هذه الاختلافات ، والمنازعات.

فالحربُ لم تتوقَفْ أبداً بين الوثنيين والمسيحيين ولم تنطفئ شرارتها يوماً ابداً.

فكان إذا غَلَب رجالُ الكنيسة على دست الحكم وأخذوا بمقاليده مارسوا أشدّ أنواع الضغط والأضطهاد بحقِّ خصومهم ومنافسيهم الأمر الّذي كان يساعد على إيجاد أقلية ناقمة من جهة ، كما ويمكن اعتبار ذلك عاملا مساعداً من جهة اُخرى على تهيئة الشعب الروماني لاحتضان الدعوة الإسلامية ، وتقبلها.

لقد كان حرمانُ طوائف كثيرة ومختلفة ناشئاً من ممارسات رجال الكنيسة الخشنة ومواقفهم المتزمتة.

هذا مضافاً إلى أن اختلاف القساوسة والرهبان النصارى فيما بينهم من جهة ، وتعدّد المذاهب من جهة اخرى كان يعمل على التقليل من هيبة الامبراطورية الرومانية وجرّها إلى الضعف والوهن المتزايد يوماً بعد يوم.

هذا بغضّ النظر عن أنَ البيض والصُفر من سُكّان الشمال والمشرق كانوا يفكّرون في السيطرة على المناطق الغنية من اُوربة ، وربما ألحق أحدُهما بالآخر خسائر فادحة وباهضة في الصرعات والمصادمات الّتي كانت تقع بينهما. وكان هذا هو نفسُه السبب في أن تنقسم الامبراطوريةُ الرومية إلى معسكرين : المعسكر ( أو القسم الشرقي ) والمعسكر ( أو القسم الغربي ).

ويعتقد المؤرخون أن أوضاع الروم السياسية ، والاجتماعية والاقتصادية في القرن السادس كانت مضطربة ، ومتدهورة جداً ، حتّى أنهم لا يرون في غلبة

٩٨

الروم وتفوّقها على إيران شاهداً على قدرتها العسكرية ، وتفوّقها النظامي ، بل يرون أن هزيمة إيران كانت بسبب الفوضى الّتي كان سائدة انذاك في جهاز الحكم الايراني.

إن هاتين الدولتين اللتين كانتا تتربَّعان على عرش السيادة والسياسة العالمية في مطلع ظهور الإسلام كانتا تعيشان حالة سيئة من الفوضى ، والهرج والمرج ، ومن البديهيّ أنَّ مثل هذه الأَوضاع كان من شأنها أن توجد حالة من التهيّؤ الكبير والظمأ الشديد إلى دين صحيح يضع حَدّاً ونهاية لتلك الحالة ، ويعيد تنظيم حياتهم.

ظاهرة الجدل العقيم في المجتمع الرومي :

المتعارف أن يعمد جماعةُ مِنَ البطّالين والفسقة إلى طرح سلسلة من القضايا والمسائل الخاوية والنقاش حولها بهدف التوصُّل إلى أغراض فاسدة ، فيستهلكون بذلك أوقات الناس ، ويهدرون أعمارهم على منحر الجدل العقيم.

وهي حالة لها مصاديق كثيرة وشواهد عديدة في كثير من بلاد المشرق ، ولسنا بصدد التوسّع فيه فعلا.

وقد كانت « الروم » تعاني يومئذ من مثل هذه الحالة اكثر من اي مكان آخر.

فقد كان ملوك الروم ورجال الحكم والسياسة تبعاً لمذاهب دينية كنسيّة يعتقدون بأن المسيح ذو طبيعتين ومشيئتين ، ولكن طائفة اُخرى من النصارى وهم « اليعقوبية » كانوا يقولون بانه : ذو طبيعة ومشيئة واحدة.

وقد وجهت هذه المسألة الباطلة نفسها ، والجدل الواهي حولها ضربة شديدة إلى وحدة الروم ومن ثم استقلالها ، واحدثت في صفوفها انشقاقاً عميقاً حيث كانت السلطات الحاكمة تضطر إلى الدفاع عن معتقداتها ، ولذلك كانت تضطهد معارضيها ، وتلاحقهم وهذا الاضطهادُ والضغطُ الروحيّ سبَّب في لجوء البعض إلى الدولة الايرانية ، كما كان هؤلاء همُ الذين تركوا المقاومة عند

٩٩

مواجهة الجيش الإسلامي ، وألقوا السلاح ، واستقبلوا جنود الإسلام بالاحضان.

كانت الرومُ تمرُّ آنذاك بظروف اشبه ما تكون بظروف القرون الاُوربية الوسطى الّتي ينقل عنها « فلاماريون » الفلكيّ الشهير القضايا التالية الّتي تدل على المستوى الفكريّ والثقافيّ لاُورُبة في القرون الوسطى :

لقد كان كتابُ « المجموعة اللاهوتية » المظهر الكامل للفلسفة المدرسية في القرون الوسطى ، وقد بقي هذا الكتاب يُدرَّس في أوربة خلال أربعمائة سنة ككتاب رسمي ومعترف به.

وقد كان من الأبحاث المطروحة في هذا الكتاب البحث حول عدد الملائكة الّتي يمكنها ان تستقر على راس إبرَة؟! أو عدد الفراسخ بين العين اليسرى والعين اليمنى للاب الخالد؟! إلى غير ذلك من القضايا التافهة!!

إن الامبراطورية الرومية السيئة الحظ فيما كانت تعاني من الحروب الخارجية الكثيرة ، كانت تعاني كذلك من النزاعات والاختلافات الداخلية ـ الّتي كانت ـ على الاغلب ـ تتصف بالصبغة المذهبية والطائفية ـ وكانت تدفع بالبلاد إلى حافة الهاوية ، وتزيدها قربا إليها يوماً بعد يوم.

ولما رأى اليهود ( وهي الزمرة الشريرة المتآمرة على الشعوب دائماً ) تصاعد الاضطهاد والضغط الّذي يمارسه الامبراطور المسيحي الرومي خطّطت لاسقاط ذلك النظام ، فاحتلت مدينة انطاكية ذات مرة ، ومثلت بأسقف أنطاكية الاكبر فصلموا اُذنه ، وجدعوا أنفه ، فانتقمت حكومة الروم لهذه الجناية بعد مدة ، وقتلت اليهود في انطاكية في مذبحة عامة.

وقد تكرَّرت هذه الجرائم الفضيعة وهذه المذابح ، والمذابح الانتقامية المضادة بين اليهود والنصارى عدة مرات ، وربما سرت موجة الروح الانتقامية أحياناً إلى خارج البلاد ، فمثلا اشترى اليهود من ايران ذات مرة ثمانين الف مسيحي ثم حزوا رؤوسهم انتقاماً وتشفياً.

من هذا يستطيع القارئ الكريم أن يقف على الصورة القاتمة للوضع السيء والمتردّي الّذي كان عليه العالم إبان بزوغ شمس الإسلام ، ويذعن ـ مع

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

[ ٢٢٤٢٨ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن صفوان، عن معلّى أبي عثمان عن معلّى بن خنيس قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يسافر فيركب البحر فقال: إنّ أبي( عليه‌السلام ) كان يقول: إنّه يضر بدينك، هوذا الناس يصيبون أرزاقهم ومعيشتهم.

وبإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن صفوان بن يحيى نحوه(١) .

ورواه الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن صفوان مثله(٢) .

[ ٢٢٤٢٩ ] ٤ - وعنه، عن عبدالله بن جبلة، عن ابن بكير، عن عبيد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان أبي يكره ركوب البحر للتجارة.

[ ٢٢٤٣٠ ] ٥ - وعنه، عن عبدالله بن جبلة، ومحمّد بن العباس، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) أنّه كره ركوب البحر للتجارة.

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن مسلم مثله(٣) .

[ ٢٢٤٣١ ] ٦ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم رفعه قال: قال عليّ( عليه‌السلام ) : ما أجمل في الطلب من ركب البحر للتجارة.

____________________

٣ - التهذيب ٦: ٣٨٨ / ١١٦٠.

(١) التهذيب ٦: ٣٨٠ / ١١١٩.

(٢) الكافي ٥: ٢٥٧ / ٥.

٤ - التهذيب ٦: ٣٨١ / ١١٢٠، وأورد مثله عن الفقيه في الحديث ١ من الباب ٦٠ من أبواب آداب السفر.

٥ - التهذيب ٦: ٣٨٠ / ١١١٨.

(٣) الفقيه ١: ٢٩٣ / ١٣٣٣.

٦ - الكافي ٥: ٢٥٦ / ٢.

٢٤١

[ ٢٢٤٣٢ ] ٧ - وعنه، عن أبيه، عن عليّ بن أسباط قال: حملت معي متاعاً إلى مكة فبار عليّ، فدخلت به المدينة على أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) وقلت له: إنّي حملت متاعاً قد بار عليّ وقد عزمت إنّ أصير إلى مصر فأركب براً أو بحراً، فقال: مصر الحتوف يقيض لها أقصر الناس أعماراً.

وقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ما أجمل في الطلب من ركب البحر الحديث.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في آداب السفر(١) .

٦٨ - باب كراهة التجارة في أرض لا يصلى فيها إلّا على الثلج

[ ٢٢٤٣٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) إنّ رجلاً أتى أبا جعفر( عليه‌السلام ) فقال: أصلحك الله إنّا نتّجر إلى هذه الجبال فنأتي منها على أمكنة لا نقدر أن نصلّي إلّا على الثلج، فقال: أفلا ترضى إنّ تكون مثل فلان؟ يرضى بالدون، ثمّ قال لا تطلب التجارة في أرض لا تستطيع أن تصلّي إلا على الثلج.

ورواه الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله،

____________________

٧ - الكافي ٥: ٢٥٦ / ٣، وأورد نحوه في الحديث ٥ من الباب ١ من أبواب صلاة الاستخارة، وقطعة منه عن قرب الإِسناد في الحديث ٨ من الباب ٢٠، واُخرى في الحديث ٧ من الباب ٦٠ من أبواب آداب السفر.

(١) تقدم في الباب ٦٠ من أبواب آداب السفر.

الباب٦٨

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٦: ٣٨١ / ١١٢١.

٢٤٢

عن محمّد بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) نحوه(١) .

٦٩ - باب استحباب اختيار الإِنسان التجارة وطلب المعيشة في بلده إنّ امكن

[ ٢٢٤٣٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد ابن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن بعض أصحابه قال: قال عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) : إنّ من سعادة المرء إنّ يكون متجره في بلاده، ويكون خلطاؤه صالحين، ويكون له ولد يستعين بهم.

ورواه الصدوق مرسلاً(٢) .

[ ٢٢٤٣٥ ] ٢ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن عثمان بن عيسى مثله، وزاد: ومن شقاء المرء إنّ يكون عنده امرأة هو معجب بها وهي تخونه.

[ ٢٢٤٣٦ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحسن

____________________

(١) الكافي ٥: ٢٥٧ / ٦.

الباب ٦٩

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٢٥٧ / ١، وأورده في الحديث ٧ من الباب ١ من أبواب أحكام الأولاد، وعن الفقيه والخصال في الحديث ١ من الباب ٥٩ من أبواب آداب التجارة.

(٢) الفقيه ٣: ٩٩ / ٣٨٥.

٢ - الكافي ٥: ٢٥٨ / ٣.

٣ - الكافي ٥: ٢٥٨ / ٢.

٢٤٣

التيمي(١) ، عن جعفر بن بكر، عن عبدالله بن أبي سهل، عن عبدالله بن عبد الكريم(٢) قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) ثلاثة من السعادة: الزوجة المواتية، والاولاد البارّون، والرجل يرزق معيشته ببلده يغدو إلى أهله ويروح.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد نحوه(٣) .

[ ٢٢٤٣٧ ] ٤ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة، عن عبد الحميد بن عواض الطائي قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّي اتخذت رحى فيها مجلسي ويجلس إلي فيها أصحابي، فقال: ذلك رفق الله.

٧٠ - باب تحريم أكل مال اليتيم ظلما ً

[ ٢٢٤٣٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن عجلان أبي صالح قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن أكل مال اليتيم؟ فقال: هو كما قال الله عزّوجلّ:( إِنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أَموالَ اليَتَامى ظُلماً إِنَّمَا يَأكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصلَونَ سَعِيراً ) (٤) ثمّ قال من غير إنّ أسأله: من عال يتيماً حتّى ينقطع يتمه أو يستغني بنفسه أوجب الله عزّوجلّ له الجنة كما أوجب النار لمن أكل

____________________

(١) في المصدر: عليّ بن الحسين التيمي.

(٢) في نسخة: حمّاد، عن عبد الكريم ( هامش المخطوط ) وكذا في التهذيب.

(٣) التهذيب ٧: ٢٣٦ / ١٠٣٢.

٤ - الكافي ٥: ٣١٠ / ٢٦.

الباب ٧٠

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٥: ١٢٨ / ٢.

(٤) النساء ٤: ١٠.

٢٤٤

مال اليتيم.

[ ٢٢٤٣٩ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : أوعد الله عزّوجلّ في أكل مال اليتيم بعقوبتين: احداهما عقوبة الآخرة النار، وأمّا عقوبة الدنيا فقوله عزّوجلّ:( وَليخشَ الَّذِينَ لَو تَرَكُوا مِنْ خَلفِهِم ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِم ) (١) الآية - يعني ليخش أن اخلفه في ذريّته - كما صنع بهؤلاء اليتامى.

ورواه الصدوق بإسناده عن زرعة بن محمّد الحضرمي، عن سماعة(٢) .

ورواه في( عقاب الأعمال) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة (٣) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٤) .

[ ٢٢٤٤٠ ] ٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: من ألفاظ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : شرّ المآكل أكل مال اليتيم ظلماً.

[ ٢٢٤٤١ ] ٤ - قال: وقال الصادق( عليه‌السلام ) : إنّ أكل مال اليتيم يخلفه(٥) وبال ذلك في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فإنّ الله تعالى يقول:

____________________

٢ - الكافي ٥: ١٢٨ / ١، وأورده في الحديث ١ من الباب ٤ من أبواب الغصب.

(١) النساء ٤: ٩.

(٢) الفقيه ٣: ٣٧٣ / ١٧٥٩.

(٣) عقاب الأعمال: ٢٧٨ / ٢.

(٤) لم نعثر عليه في التهذيب المطبوع.

٣ - الفقيه ٤: ٢٧٢ / ٨٢٨.

٤ - الفقيه ٣: ١٠٦ / ٤٣٩.

(٥) في المصدر: سليحقه.

٢٤٥

( وَليخشَ الَّذِينَ لَو تَرَكُوا مِنْ خَلفِهِم ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِم فَليَتَّقُوا اللهَ ) (١) وأمّا في الآخرة فإنّ الله عزّوجلّ يقول:( إِنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أَموالَ اليَتَامى ظُلماً إِنَّمَا يَأكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصلَونَ سَعِيراً ) (٢) .

[ ٢٢٤٤٢ ] ٥ - وبإسناده عن محمّد بن سنان، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) فيما كتب إليه من جواب مسائله: وحرّم الله أكل مال اليتيم ظلماً لعلل كثيرة من وجوه الفساد: أول ذلك أنه إذا أكل الإنسان مال اليتيم ظلماً فقد أعإنّ على قتله، إذ اليتيم غير مستغن ولا محتمل لنفسه ولا قائم(٣) بشأنه، ولا له من يقوم عليه ويكفيه كقيام والديه فإذا أكل ماله فكأنّه قتله وصيره إلى الفقر والفاقة مع ما حرّم(٤) الله عليه وجعل له من العقوبة في قوله عزّوجلّ:( وَليخشَ الَّذِينَ لَو تَرَكُوا مِنْ خَلفِهِم ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِم فَليَتَّقُوا اللهَ ) (٥)

ولقول أبي جعفر( عليه‌السلام ) : إنّ الله أوعد في أكل مال اليتيم عقوبتين: عقوبة في الدنيا، وعقوبة في الآخرة، ففي تحريم مال اليتيم استبقاء(٦) اليتيم واستقلاله بنفسه والسلامة للعقب إنّ يصيبهم ما أصابه لما أوعد الله من العقوبة مع ما في ذلك من طلب اليتيم بثأره إذا أدرك وقوع الشحناء والعداوة والبغضاء حتّى يتفانوا.

ورواه في( العلل) و( عيون الأخبار) بأسانيد تأتي في آخر

____________________

(١) النساء ٤: ٩.

(٢) النساء ٤: ١٠.

٥ - الفقيه ٣: ٣٧٠ / ١٧٤٨.

(٣) في عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ولا عليم ( هامش المخطوط ).

(٤) في العلل: ما خوف ( هامش المخطوط ).

(٥) النساء ٤: ٩.

(٦) في العيون: استغناء ( هامش المخطوط ).

٢٤٦

الكتاب(١) .

[ ٢٢٤٤٣ ] ٦ - وفي( عقاب الأعمال) عن أبيه، عن عبدالله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ في كتاب عليّ( عليه‌السلام ) إنّ أكل مال اليتيم سيدركه(٢) ذلك في عقبه من بعده في الدنيا ويلحقه وبال ذلك في الآخرة، أما في الدنيا فإنّ الله يقول:( وَليخشَ الَّذِينَ لَو تَرَكُوا مِنْ خَلفِهِم ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِم فَليَتَّقُوا اللهَ وَليَقُولُوا قَولاً سَدِيداً ) (٣) وأمّا في الآخرة فإن الله عزّوجلّ يقول:( إِنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أَموالَ اليَتَامى ظُلماً إِنَّمَا يَأكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصلَونَ سَعِيراً ) (٤) .

[ ٢٢٤٤٤ ] ٧ - وعن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عامر بن حكيم، عن معلّى بن خنيس، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من أكل مال اليتيم سلّط الله عليه من يظلمه أو على عقبه فإنّ الله يقول في كتابه:( وَليخشَ الَّذِينَ لَو تَرَكُوا مِنْ خَلفِهِم ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِم فَليَتَّقُوا اللهَ وَليَقُولُوا قَولاً سَدِيداً ) (٥) .

____________________

(١) علل الشرائع: ٤٨٠ / ١ وعيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٩٢وتأتي أسانيده في الفائدة الاولى / ٣٨٢ من الخاتمة.

٦ - عقاب الأعمال: ٢٧٧ / ١.

(٢) في المصدر زيادة: وبال.

(٣) النساء ٤: ٩.

(٤) النساء ٤: ١٠.

٧ - عقاب الأعمال: ٢٧٨ / ٣.

(٥) النساء ٤: ٩.

٢٤٧

[ ٢٢٤٤٥ ] ٨ - عليّ بن إبراهيم في( تفسيره) عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : لما أسري بي إلى السماء رأيت قوماً تقذف في أجوافهم النار، وتخرج من أدبارهم، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً.

وروى العياشي أحاديث كثيرة في هذا المعنى(١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٧١ - باب جواز الاكل من طعام اليتيم إذا كان في مقابله نفع له بقدره أو يطعمه عوضه كذلك

[ ٢٢٤٤٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد ابن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبدالله بن يحيى الكاهلي قال: قيل لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّا ندخل على أخ لنا في بيت أيتام

____________________

٨ - تفسير القمي ١: ١٣٢.

(١) راجع العياشي ١: ٢٢٣ - ٢٢٥.

(٢) تقدم في الحديثين ١ و ٣ من الباب ٥ من هذه الأبواب ، وفي الحديث ١٤ من الباب ٢ من ابواب مقدّمة العبادات، وفي الحديثين ٤، ٥ من الباب ٢ من أبواب الأنفال، وفي الباب ٤٦، وفي الحديث ٨ من الباب ٧٧ من أبواب جهاد النفس، وفي الحديثين ٦، ٨ من الباب ٤١ من أبواب الأمر والنهي.

(٣) يأتي في الحديث ١ من الباب ٧١، وفي الأحاديث ٢، ٣، ٤، ٥ من الباب ٧٦ من هذه الأبواب ، وفي الحديث ٢ من الباب ١١ من أبواب كيفّية الحكم، وفي الباب ٥ من أبواب بقية الحدود.

الباب ٧١

فيه حديثان

١ - الكافي ٥: ١٢٩ / ٤.

٢٤٨

ومعه(١) خادم لهم فنقعد على بساطهم ونشرب من مائهم ويخدمنا خادمهم، وربما طعمنا فيه الطعام من عند صاحبنا وفيه من طعامهم، فما ترى في ذلك؟ فقال: إنّ كان في دخولكم عليهم منفعة لهم فلا بأس، وإن كان فيه ضرر فلا، وقال( عليه‌السلام ) :( بَلِ الإِنسانُ على نَفسِهِ بَصِيرةً ) (٢) فأنتم لا يخفى عليكم وقد قال الله عزّوجلّ:( واللهُ يَعلَمُ الـمُفسِدَ مِنَ الـمُصلحِ ) (٣) .

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(٤) .

[ ٢٢٤٤٧ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ذبيان بن حكيم الاودي، عن عليّ بن المغيرة قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّ لي ابنة أخ يتيمة فربما أُهدي لها الشيء فآكل منه ثمّ اطعمها بعد ذلك الشيء من مالي فأقول: يا رب هذا بذا فقال( عليه‌السلام ) : لا بأس.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٥) ويأتي ما يدلّ عليه(٦) .

____________________

(١) في المصدر: ومعهم.

(٢) القيامة ٧٥: ١٤.

(٣) البقرّة ٢: ٢٢٠.

(٤) التهذيب ٦: ٣٣٩ / ٩٤٧.

٢ - الكافي ٥: ١٢٩ / ٥.

(٥) تقدم ما يدلّ على تحريم أكل مال اليتيم ظلماً في الباب ٧٠ من هذه الأبواب

(٦) يأتي في الحديث ٤ من الباب ٧٣ من هذه الأبواب

٢٤٩

٧٢ - باب انه يجوز مال اليتيم والوصي إنّ يتناول منه اجرة مثله مع الحاجة

[ ٢٢٤٤٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل ابن زياد، وأحمد بن محمّد جميعاً، عن ابن محبوب، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قول الله عزّوجلّ:( فَليأكُل بِالمعرُوفِ ) (١) قال: المعروف هو القوت، وإنّما عنى الوصي أو القيم في أموالهم وما يصلحهم.

[ ٢٢٤٤٩ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد ابن إسماعيل، عن حنان بن سدير قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) سألني عيسى بن موسى عن القيّم للايتام في الإبل وما يحلّ له منها، فقلت له: إذا لاط حوضها وطلب ضالتها، وهنأ(٢) جرباها فله إنّ يصيب من لبنها في غير نهك لضرع، ولا فساد لنسل.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد(٣) ، والّذي قبله بإسناده عن ابن محبوب مثله.

ورواه الحميريّ في( قرب الإسناد) عن محمّد بن عبد الحميد، وعبد الصمد بن محمّد جميعاً، عن حنان بن سدير نحوه، إلّا أنه نقل

____________________

الباب ٧٢

فيه ١١ حديثاً

١ - الكافي ٥: ١٣٠ / ٣، التهذيب ٦: ٣٤٠ / ٩٥٠.

(١) النساء ٤: ٦.

٢ - الكافي ٥: ١٣٠ / ٤.

(٢) هَنَأْت البعير: إذا طليته بالقطران والقطران دواء للجرب. ( الصحاح - هنأ - ١: ٨٤ ).

(٣) التهذيب ٦: ٣٤٠ / ٩٥١.

٢٥٠

الجواب عن ابن عبّاس(١) .

[ ٢٢٤٥٠ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قول الله عزّ وجلّ:( وَمَن كانَ فقيراً فَليأكُل بِالمـَعروف ) (٢) فقال: ذلك رجل يحبس نفسه عن المعيشة فلا بأس أن يأكل بالمعروف إذا كان يصلح لهم أموالهم، فإنّ كان المال قليلا فلا يأكل منه شيئاً الحديث.

[ ٢٢٤٥١ ] ٤ - وعنهم، عن أحمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قول الله عزّوجلّ:( وَمَن كانَ فقيراً فَليأكُل بِالمـَعروف ) (٣) قال: ومن كان يلي شيئاً لليتامى وهو محتاج ليس له ما يقيمه فهو يتقاضى أموالهم ويقوم في ضيعتهم فليأكل بقدر ولا يسرف فإنّ كانت ضيعتهم لا تشغله عمّا يعالج بنفسه فلا يرزإنّ من أموالهم شيئاً.

محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(٤) ، وكذا الّذي قبله.

[ ٢٢٤٥٢ ] ٥ - وبإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن عليّ بن السندي، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عمّن تولّى مال اليتيم ماله إنّ يأكل منه؟ فقال: ينظر إلى ما كان غيره يقوم به من الاجر لهم فليأكل بقدر ذلك.

____________________

(١) قرب الإسناد: ٤٧.

٣ - الكافي ٥: ١٣٠ / ٥، والتهذيب ٦: ٣٤١ / ٩٥٢، وأورد ذيله في الحديث ١ من الباب ٧٣ من هذه الأبواب

(٢) النساء ٤: ٦.

٤ - الكافي ٥: ١٢٩ / ١.

(٣) النساء ٤: ٦.

(٤) التهذيب ٦: ٣٤٠ / ٩٤٨.

٥ - التهذيب ٦: ٣٤٣ / ٩٦٠.

٢٥١

[ ٢٢٤٥٣ ] ٦ - الفضل بن الحسن الطبرسي في( مجمع البيان) عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما ( عليهما‌السلام ) قال: سألته عن رجل بيده ماشية لابن أخ له يتيم في حجره، أيخلط أمرها بأمر ماشيته؟ قال: إنّ كان يليط حوضها ويقوم على مهنتها ويردّ نادتها(١) فيشرب من ألبانها غير منهك للحلاب، ولا مضر بالولد.

[ ٢٢٤٥٤ ] ٧ - قال الطبرسي:( وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَليَأكُل بِالْمَعْرُوفِ ) (٢) معناه من كان فقيراً فليأخذ من مال اليتيم قدر الحاجة من الكفاية على جهة القرض، ثمّ يردّ عليه ما أخذ إذا وجد، وهو المروي عن الباقر( عليه‌السلام ) .

[ ٢٢٤٥٥ ] ٨ - والظاهر من روايات أصحابنا: إنّ له اجرة المثل سواء كان قدر الكفاية أو لم يكن.

محمّد بن مسعود العياشي في( تفسيره) عن محمّد بن مسلم نحوه (٣) .

وعن أبي حمزة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) نحوه(٤) .

[ ٢٢٤٥٦ ] ٩ - وعن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قول الله:( وَمَنْ كَانَ غَنِيَاً فَليستَعفف وَمَن كَانَ فَقِيراً

____________________

٦ - مجمع البيان ٢: ٩.

(١) النادّة: الشاردة. ( الصحاح - ندد - ٢: ٥٤٣ ).

٧ - مجمع البيان ٢: ٩.

(٢) النساء ٤: ٦.

٨ - مجمع البيان ٢: ١٠.

(٣) تفسير العياشي ١: ٢٢١ / ٢٨.

(٤) لم نعثر عليه في تفسير العياشي المطبوع.

٩ - تفسير العياشي ١: ٢٢٢ / ٣١.

٢٥٢

فَليَأكُل بِالـمَعرُوفِ ) (١) فقال: هذا رجل يحبس نفسه لليتيم على حرث أو ماشية ويشغل فيها نفسه فليأكل منه بالمعروف وليس له ذلك في الدنانير والدراهم التي عنده موضوعة.

[ ٢٢٤٥٧ ] ١٠ - وعن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن قول الله:( وَمَن كَانَ فَقِيراً فَليَأكُل بِالـمَعرُوفِ ) (٢) قال: ذلك إذا حبس نفسه في أموالهم فلا يحترف لنفسه فليأكل بالمعروف من مالهم.

[ ٢٢٤٥٨ ] ١١ - وعن رفاعة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قوله:( فَليَأكُل بِالـمَعرُوفِ ) (٣) قال: كان أبي يقول: إنّها منسوخة.

أقول: النسخ هنا بمعنى التخصيص، وله نظائر كثيرة في الاحاديث(٤) يعني: أنّها مخصوصة بما إذا عمل لهم عملاً فيأخذ اجرته لما مر(٥) أو الاباحة منسوخة بما دلّ على الكراهة دون التحريم، وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٦) .

____________________

(١) النساء ٤: ٦.

١٠ - تفسير العياشي ١: ٢٢٢ / ٣٢.

(٢) النساء ٤: ٦.

١١ - تفسير العياشي ١: ٢٢٢ / ٣٣.

(٣) النساء ٤: ٦.

(٤) له نظائر في الحديث من الباب ٩، وفي الحديث ٢٣ من الباب ١٣، وفي الحديثين ١، ٣ من الباب ١٤ من أبواب صفات القاضي.

(٥) مر في أحاديث نفس الباب.

(٦) تقدم في الباب ٧١ من هذه الأبواب

ويأتي ما يدلّ عليه في الحديث ٥ من الباب ٧٥ من هذه الأبواب

٢٥٣

٧٣ - باب جواز مخالطة اليتيم ومؤاكلته إذا لم تستلزم أكل ماله بغير عوض

[ ٢٢٤٥٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: قلت: أرأيت قول الله عزّوجلّ:( وَإِن تُخَالِطُوهُم فَإخوانُكُم ) (١) قال: تخرج من أموالهم قدر ما يكفيهم، وتخرج من مالك قدر ما يكفيك، ثمّ تنفقه.

قلت: أرأيت إنّ كانوا يتامى صغاراً وكباراً وبعضهم أعلى كسوة من بعض وبعضهم آكل من بعض ومالهم جميعاً، فقال: أما الكسوة فعلى كل إنسان منهم ثمن كسوته وأمّا الطعام فاجعلوه جميعاً، فإنّ الصغير يوشك إنّ يأكل مثل الكبير.

ورواه العياشي في( تفسيره) عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) مثله(٢) .

وعن محمّد الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) وعن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) مثلهُ إلى قوله( عليه‌السلام ) : ثمّ تنفقه(٣) .

[ ٢٢٤٦٠ ] ٢ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن

____________________

الباب ٧٣

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٥: ١٣٠ / ٥، التهذيب ٦: ٣٤١ / ٩٥٢، وأورد صدره في الحديث ٣ من الباب ٧٢ من هذه الأبواب

(١) البقرّة ٢: ٢٢٠.

(٢) تفسير العياشي ١: ١٠٧ / ٣١٨.

(٣) تفسير العياشي ١: ١٠٨ / ٣٢٢ و ٣٢٣.

٢ - الكافي ٥: ١٢٩ / ٢.

٢٥٤

سماعة قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن قول الله عزّوجلّ( وَإِن تُخَالِطُوهُم فَإخوانُكُم ) (١) فقال: يعني: اليتامى إذا كان الرّجل يلي لأيتام في حجره فليخرج من ماله على قدر ما يحتاج إليه، على قدر ما يخرجه لكلّ إنسان منهم فيخالطهم ويأكلون جميعاً، ولا يرزان من أموالهم شيئاً، إنما هي النار.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد نحوه(٢) ، وكذا الّذي قبله.

[ ٢٢٤٦١ ] ٣ - محمّد بن مسعود العياشي في( تفسيره) عن علي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن قول الله في اليتامى:( وَإِن تُخَالِطُوهُم فَإخوانُكُم ) (٣) قال: يكون لهم التمر واللبن، ويكون لك مثله على قدر ما يكفيك ويكفيهم، ولا يخفى على الله المفسد من المصلح.

[ ٢٢٤٦٢ ] ٤ - وعن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي الحسن موسى( عليه‌السلام ) قال: قلت له: يكون لليتيم عندي الشيء وهو في حجري أنفق عليه منه، وربمّا أصيب ممّا يكون له من الطعام، وما يكون مني إليه أكثر، قال: لا بأس بذلك(٤) .

[ ٢٢٤٦٣ ] ٥ - عليّ بن إبراهيم في( التفسير) عن أبيه، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لما نزلت( إِنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أَموالَ اليَتَامى ظُلماً إِنَّمَا يَأكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصلَونَ سَعِيراً ) (٥)

____________________

(١) البقرّة ٢: ٢٢٠.

(٢) التهذيب ٦: ٣٤٠ / ٩٤٩.

٣ - تفسير العياشي ١: ١٠٨ / ٣٢٤.

(٣) البقرّة ٢: ٢٢٠.

٤ - تفسير العياشي ١: ١٠٨ / ٣٢٥.

(٤) في المصدر زيادة: إن الله يعلم من المفسد من المصلح.

٥ - تفسير علي بن إبراهيم ١: ٧٢.

(٥) النساء ٤: ١٠.

٢٥٥

اخرج كل من كان عنده يتيم، وسألوا رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) في إخراجهم فأنزل الله:( ويسْألُونَكَ عَن اليَتَامى قُل إِصلَاحُ لَهُم خَيرٌ وَإِنْ تُخالِطوُهُم فَإِخوَانُكُم والله يعلَمُ الـمُفسِدَ مِنَ الـمُصلِح ) (١) .

[ ٢٢٤٦٤ ] ٦ - قال: وقال الصادق( عليه‌السلام ) : لا بأس بإنّ تخلط طعامك بطعام اليتيم فإنّ الصغير يوشك إنّ يأكل كما يأكل الكبير، وأما الكسوة وغيرها فيحسب على كل رأس صغير وكبير يحتاج إليه.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٧٤ - باب أنه لا يلزم التقتير في الانفاق على اليتيم من ماله، بل تجوز التوسعة واستحباب التبرع بنفقته

[ ٢٢٤٦٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي عليّ الاشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن بعض أصحابنا، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن اليتيم تكون غلّته في الشهر عشرين درهماً، كيف ينفق عليها منها؟ قال: قوته من الطعام والتمر.

وسألته أنفق عليه ثلثها؟ قال: نعم ونصفها.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود هنا(٤) ، وفي فعل المعروف(٥) .

____________________

(١) البقرة ٢: ٢٢٠.

٦ - تفسير علي بن إبراهيم ١: ٧٢.

(٢) تقدم ما يدل على بعض المقصود في البابين ٧٠، ٧١ من هذه الأبواب

(٣) يأتي ما يدل على بعض المقصود في الباب ٧٦ من هذه الأبواب

الباب ٧٤

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٥: ١٣٠ / ٦.

(٤) تقدم في الباب ٧٣ من هذه الأبواب

(٥) يأتي في الأحاديث ١، ٢، ٤ من الباب ١٩ من أبواب فعل المعروف.

٢٥٦

٧٥ - باب جواز التجارة بمال اليتيم مع كون التاجر وليا ً مليّاً، ووجود المصلحة وحكم الربح والزكاة

[ ٢٢٤٦٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أسباط بن سالم قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : كان لي أخ هلك فأوصى(١) إلى أخ أكبر منّي وأدخلني معه في الوصيّة، وترك ابناً له صغيراً وله مال، أفيضرب به أخي؟ فما كان من فضل سلمه لليتيم، وضمّن له ماله؟ فقال: إنّ كان لاخيك مال يحيط بمال اليتيم إنّ تلف فلا بأس به، وإنّ لم يكن له مال فلا يعرض لمال اليتيم.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(٢) .

[ ٢٢٤٦٧ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في مال اليتيم، قال: العامل به ضامن، ولليتيم الربح إذا لم يكن للعامل مال، وقال: إنّ عطب أدّاه.

[ ٢٢٤٦٨ ] ٣ - وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان(٣) ، عن ابن أبي عمير، عن ربعي بن عبدالله، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: في رجل عنده مال اليتيم فقال: إنّ كان محتاجا وليس له مال فلا

____________________

الباب ٧٥

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٥: ١٣١ / ١.

(١) في نسخة: فوصىّ ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٦: ٣٤٢ / ٩٥٧.

٢ - الكافي ٥: ١٣١ / ٢، التهذيب ٦: ٣٤٢ / ٩٥٦.

٣ - الكافي ٥: ١٣١ / ٣، التهذيب ٦: ٣٤١ / ٩٥٥.

(٣) كان في الأصل: إسماعيل بن شاذان.

٢٥٧

يمسّ ماله، وإن هو أتجر به فالربح لليتيم وهو ضامن.

[ ٢٢٤٦٩ ] ٤ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن اسباط، عن اسباط بن سالم قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) فقلت: أخي أمرني إنّ أسألك عن مال اليتيم في حجره يتجّر به؟ فقال: إنّ كان لاخيك مال يحيط بمال اليتيم إنّ تلف او أصابه شيء غرمه له، وإلّا فلا يتعرض لمال اليتيم.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(١) ، وكذا الحديثان قبله.

[ ٢٢٤٧٠ ] ٥ - العياشي في( تفسيره) عن زرارة ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: مال اليتيم إنّ عمل به الّذي وضع على يديه ضمن ولليتيم ربحه، قالا: قلنا له: قوله:( وَمَن كَانَ فَقِيراً فَليأكُل بِالـمَعرُوفِ ) (٢) قال: إنما ذلك إذا حبس نفسه عليهم في اموالهم فلم يجد لنفسه فليأكل بالمعروف من مالهم.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الزكاة(٣) .

٧٦ - باب جواز القرض من مال اليتيم بنية الاداء مع ضرورة المقترض أو مصلحة اليتيم

[ ٢٢٤٧١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي عليّ الاشعري، عن محمّد بن

____________________

٤ - الكافي ٥: ١٣١ / ٤.

(١) التهذيب ٦: ٣٤١ / ٩٥٤.

٥ - تفسير العياشي ١: ٢٢٤ / ٤٣.

(٢) النساء ٤: ٦.

(٣) تقدم في الباب ٢ من أبواب من تجب عليه الزكاة.

ويأتي ما يدلّ على بعض المقصود في الحديث ٥ من الباب ٣٦ من أبواب الوصايا.

الباب ٧٦

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٥: ١٣١ / ٥.

٢٥٨

عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل وليّ مال يتيم أيستقرض منه؟ فقال: إن علي بن الحسين( عليه‌السلام ) قد كان يستقرض من مال أيتام كانوا في حجره فلا بأس بذلك.

وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن علي، عن أبان بن عثمان، عن منصور بن حازم نحوه(١) .

وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) نحوه(٢) .

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله(٣) .

[ ٢٢٤٧٢ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن الرجل يكون في يده مال لايتام فيحتاج إليه، فيمدّ يده فيأخذه وينوي أن يردّه، فقال: لا ينبغي له إنّ يأكل إلّا القصد ولا يسرف، فإنّ كان من نيّته أن لايرّده عليهم فهو بالمنزل الّذي قال الله عزّوجلّ:( إِنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أَموَالَ اليَتَامى ظُلماً ) (٤) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٥) .

____________________

(١) الكافي ٥: ١٣١ / ٦.

(٢) الكافي ٥: ١٣٢ / ٨.

(٣) التهذيب ٦: ٣٤١ / ٩٥٣.

٢ - الكافي ٥: ١٢٨ / ٣.

(٤) النساء ٤: ١٠.

(٥) التهذيب ٦: ٣٣٩ / ٩٤٦.

٢٥٩

[ ٢٢٤٧٣ ] ٣ - العياشي في( تفسيره) عن أحمد بن محمّد مثله، وزاد قال: قلت له: كم أدنى ما يكون من مال اليتيم إذا هو أكلّه وهو لا ينوي رده حتّى يكون يأكل في بطنه ناراً؟ قال: قليله وكثيره واحد إذا كان من نيّته أنس لا يرده إليهم.

[ ٢٢٤٧٤ ] ٤ - وعن بن مسلم، عن احدهما (عليهما‌السلام ) قال: قلت له: في كم يجب لاكل مال اليتيم النار؟ قال: في درهمين.

أقول: هذا كناية عن القلّة ومفهومه غير مراد لما مرّ(١) ، أو تحديد لما يوجب النار، ويكون من الكبائر، فلعل ما دونه من الصغائر.

[ ٢٢٤٧٥ ] ٥ - وعن سماعة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أو أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل أكل من مال اليتيم هل له توبة؟ قال: يردّ إلى أهله، ذلك بإنّ الله يقول:( إِنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أَموَالَ اليَتَامى ظُلماً ) (٢) الآية.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه عموماً في الوديعة(٤) .

____________________

٣ - تفسير العياشي ١: ٢٢٤ / ٤٢.

٤ - تفسير العياشي ١: ٢٢٣ / ٤٠.

(١) مر في الحديث ٣ من هذا الباب.

٥ - تفسير العياشي ١: ٢٢٤ / ٤١.

(٢) النساء ٤: ١٠.

(٣) تقدم في الباب ٧١، وفي الحديث ٧ من الباب ٧٢، وفي الحديث ٥ من الباب ٧٣، وفي الباب ٧٥ من هذه الأبواب

(٤) يأتي في الباب ٨ من أبواب الوديعة، ويأتي ما يدلّ عليه في الحديث ١ من الباب ٧٧ من هذه الأبواب ، وفي الحديث ٢ من الباب ١١ من أبواب القرض.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694