سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الجزء ٢

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله7%

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله مؤلف:
تصنيف: الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
الصفحات: 778

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 778 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 469024 / تحميل: 10054
الحجم الحجم الحجم
سيد المرسلين صلى الله عليه وآله

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

وهكذا أخرجه مسلم ، وأبو داود ، والنسائي من طريق حبّان بن واسع ، وليس لعبد الله بن زيد عمّ اسمه عاصم ، بل عاصم اسم جده. وليست له صحبة.

٦٥٧٢ ـ عامر بن جعفر بن كلاب.

ذكره الدّار الدّارقطنيّ هكذا. استدركه الذهبي في التجريد ، وهو غلط نشأ عن سقط ، وإنما هو عند الدّار الدّارقطنيّ عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب ، وهو المعروف بملاعب الأسنة.

وقد مضى على الصواب في القسم الأول.

٦٥٧٣ ز ـ عامر بن حديدة الأنصاري.

ذكره ابن عبد البرّ فيمن يكنى أبا زيد من الصحابة ، وهو خطأ نشأ من عدم تأمل ، وذلك أن الّذي في كتاب الكنى لأبي أحمد : أبو زيد قطبة بن عمرو ، أو عامر بن حديدة ، فالصحبة لقطبة ، والتردّد في اسم أبيه : هل هو عمرو أبو عامر ، وسيأتي بيانه في حرف القاف إن شاء الله تعالى.

٦٥٧٤ ـ عامر بن الطفيل : بن مالك بن جعفر [بن كلاب] العامري الفارس المشهور.

ذكره جعفر المستغفريّ في الصحابة ، وهو غلط ، وموت عامر المذكور على الكفر أشهر عند أهل السير أن يتردّد فيه ، وإنما اغترّ جعفر برواية أخرجها البغوي يسنده إلى عامر بن الطفيل ـ أن عامر بن الطفيل أهدى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرسا ، وكتب إليه : إني قد ظهرت فيّ دبيلة ، فابعث إليّ دواء من عندك. فردّ الفرس ، لأنه لم يكن أسلم ، وأرسل إليه عكّة من عسل.

وهو خطأ نشأ عن تغيير ، وإنما هو عامر بن مالك ، وهو ملاعب الأسنة ، وفي ترجمته أورده البغوي ، وقد تظافرت الرواية بذلك كما ذكرته في ترجمته ، وأسند جعفر أيضا إلى الحديث الّذي ذكرته في القسم الأول في ترجمة عامر بن الطّفيل ، وقد بينت أنه آخر غير العامري ، وقد أورد الطبراني قصة موت عامر بن الطفيل كافرا من حديث سهل بن سعد.

٦٥٧٥ ـ عامر بن عبد الله (١): أبو عبد الله.

ذكره ابن شاهين في الصّحابة ، وهو خطأ نشأ عن تصحيف سمعي ، فأورد من طريق أبي أمية الطّرسوسي ، عن أبي داود الطّيالسي بسنده إلى أبي مصبح ، قال : كنا نسير في أرض الروم في صائفة وعلينا مالك بن عبد الله الخثعميّ ، إذ مرّ بعامر بن عبد الله وهو يقود بغلا له

__________________

(١) أسد الغابة ت (٢٧١١).

١٤١

وهو يمشي ، فقال : يا أبا عبد الله ، ألا تركب فذكر الحديث : «من اغبرّت قدماه في سبيل الله حرّمه الله على النّار».

وهذا الحديث قد أخرجه أبو داود الطّيالسي في مسندة بسنده المذكور ، فقال فيه : إذ مر عامر بن عبد الله ، وكذا أخرجه ابن المبارك في كتاب الجهاد عن عتبة بن حكيم شيخ الطيالسي فيه ، وهو في مسند أحمد ، وصحيح ابن حبان ، من طريق ابن المبارك.

٦٥٧٦ ـ عامر بن عبد الله بن أبي ربيعة (١).

ذكره ابن شاهين ، وأخرج من طريق بشر بن عمر ، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عامر بن عبد الله بن أبي ربيعة ، عن أبيه ، عن جده ـ مرفوعا : «إنّما جزاء السّلف الوفاء والحمد».

وهذا خطأ نشأ عن زيادة اسم في النسب ، فقد أخرجه إسحاق بن راهويه في مسندة ، عن بشر بن عمر ، عن إسماعيل ، وليس في نسبه عامر ، وكذلك أخرجه إسحاق أيضا ، وابن أبي شيبة ، وأحمد جميعا ، عن وكيع ، والنسائي من طريق سفيان الثوري ، والطبراني ، من طريق حاتم بن إسماعيل ، كلّهم عن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي ربيعة. عن أبيه ، عن جده ، وأورده أصحاب المسانيد في مسند عبد الله بن أبي ربيعة.

٦٥٧٧ ـ عامر بن عبدة (٢).

روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الشّيطان يأتي القوم في صورة الرّجل يعرفون وجهه ولا يعرفون نسبه ، فيحدّثهم ، فيقولون : حدّثنا فلان».

حديثه عند الأعمش ، عن المسيّب بن رافع ، عنه ، كذا أورده ابن عبد البر ، وهذا إنما هو عامر بن عبدة ، عن عبد الله بن مسعود موقوفا ليس فيه ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كذا أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه من طريق الأعمش.

وقد ذكر ابن عبد البرّ عامر بن عبد الله هذا في كتاب الكنى ، فقال : أبو إياس عامر ابن عبدة تابعي ثقة. انتهى.

وقد وثّقه أيضا ابن معين ، وذكر ابن ماكولا أنه روى عنه مع المسيب بن رافع ، وأبو إسحاق السّبيعي.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٢٧١٠).

(٢) أسد الغابة ت (٢٧١٦) ، الاستيعاب ت (١٣٤٣).

١٤٢

واختلف في عبدة ، فقيل بالسكون وقيل بالتحريك.

٦٥٧٨ ـ عامر (١)بن لدين (٢): بالدال مصغّرا ، الأشعري ، أبو سهل. ويقال أبو بشر.

ويقال اسمه عمرو.

وذكره ابن شاهين في «الصحابة» وقال أبو نعيم : مختلف في صحبته ، وهو معدود في تابعي أهل الشام ، ذكره بعض المتأخرين.

قلت : ولم أره في كتاب ابن مندة فكأنه عنى ببعض المتأخرين غيره.

ذكره أبو موسى في «الذيل» ، قال أسد بن موسى عن معاوية بن صالح ، عن أبي (٣) بشر مؤذن مسجد دمشق ، عن عامر بن لدين الأشعري : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «إنّ الجمعة يوم عيدكم ، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم ...» الحديث.

هكذا أورده ابن شاهين من طريقه ومن تبعه ، وهو خطأ نشأ عن سقط ، وإنما رواه معاوية بن صالح بهذا السند عن عامر ، عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه ، قال : سمعت. هكذا أخرجه ابن خزيمة في صحيحه من طريق عبد الرحمن بن مهدي ، ومن طريق زيد بن الحبّاب ، وهكذا رويناه في نسخة حرملة ، وفي زيادات للنيسابوري ، من طريق يونس بن عبد الأعلى ، كلاهما عن ابن وهب ، ثلاثتهم عن معاوية بن صالح به.

ورواه عبد الله بن صالح كاتب اللّيث ، عن معاوية بن صالح ، عن أبي بشر ، عن عامر بن لدين ـ أنه سأل أبا هريرة عن صيام يوم الجمعة ، فقال : على الخبير سقطت ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكره.

وقال البخاريّ في «التاريخ» : عامر بن لدين سمع أبا هريرة ، وروى معاوية بن صالح عن أبي بشر عنه ، وكذا قال ابن أبي حاتم عن أبيه ، وقال ابن سميع : عامر بن لدين الأشعري قاض لعبد الملك سمع أبا هريرة.

وقال العجليّ : شامي تابعي ، ثقة. وقال ابن عساكر : ولى القضاء لعبد الملك ، وحدّث عن بلال ، وأبي هريرة ، وأبي ليلى الأشعري.

روى عنه أبو بشر المؤذن ، وعروة بن رويم ، والحارث بن معاوية.

قلت : وروايته عن أبي ليلى ستأتي في ترجمته ، وحديثه عن بلال ذكره الدّولابي في الكنى. وقال غيره : إنه أرسل عن بلال (٤).

__________________

(١) أسد الغابة ت (٢٧٢٧).

(٢) في أ : لذين بالذال.

(٣) في أ : ابن.

(٤) في أ : هلال.

١٤٣

٦٥٧٩ ـ عامر بن مالك الكعبي (١): هو القشيري.

استدركه أبو موسى ظانا أنه غيره فلم يصب.

٦٥٨٠ ـ عامر بن مالك بن صفوان (٢).

ذكره ابن قانع ، وأخرج من طريق سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، عن عامر بن مالك ، عن صفوان ـ رفعه : «الطّاعون شهادة والغرق شهادة».

وهذا غلط نشأ عن تصحيف ، وذلك أنّ الحديث معروف من هذا الوجه ، لكن عن عامر بن مالك ، عن صفوان ، وهو ابن أمية الجمحيّ ، فتصحّفت عن فصارت ابن.

وقد أخرجه البخاريّ في «تاريخه» على الصواب ، وكذا هو عند أحمد والنسائي ، وقد استدركه ابن الدباغ وخفيت علّته ، وقد تنبه له ابن فتحون ، فقال : أحسب أن ابن قانع وهم فيه ، بل أقطع بذلك ، وعامر بن مالك ذكره ابن حبان في الثقات.

٦٥٨١ ـ عامر المزني (٣): أبو هلال ، هو عامر بن عمرو الّذي تقدم.

فرّق بينهما ابن مندة ، فوهم ، والحديث واحد : وهو من رواية هلال بن عامر ، عن أبيه. وقد اختلف على هلال فيه كما بينته في رافع بن عمرو.

٦٥٨٢ ـ عامر أبو هشام (٤): هو عامر بن أمية جد سعد بن هشام الّذي تقدم.

فرق بينهما ابن مندة أيضا ، فوهم ، والحديث واحد ، وهو من رواية سعد بن هشام ، عن عائشة ـ أنها قالت لسعد بن هشام : رحم الله ، هشاما ، قتل يوم أحد.

العين بعدها الباء

٦٥٨٣ ـ عباد (٥)بن عمرو (٦). (٧)

له ذكر في القسم الأول في ترجمة عائذ بن قرط.

٦٥٨٤ ز ـ عباد بن أحمر المازني.

ذكره أبو محمّد بن قتيبة في «غريب الحديث» ، فقال : ومنه قول عباد بن أحمر

__________________

(١) أسد الغابة ت (٢٧٣٦).

(٢) أسد الغابة ت (٢٧٣٤).

(٣) أسد الغابة ت (٢٧٤٠).

(٤) أسد الغابة ت (٢٧٤٥).

(٥) في أعائد.

(٦) في ت : عمر.

(٧) أسد الغابة ت (٢٧٧٨).

١٤٤

المازني ، قال : كنت في إبلي أرعاها ، فأغارت علينا خيل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فركبت الفحل ، فجئت صباح تبوك.

قال ابن عساكر : وهم فيها ابن قتيبة. والصواب عمارة بن أحمر ، كما تقدم.

٦٥٨٥ ـ عباد بن الحسحاس.

كذا ذكره أبو عمر ، فصحفه ، والصّواب عبادة ، بضم أوله والتخفيف وزيادة هاء في آخره.

٦٥٨٦ ـ عباد بن المطلب.

له ذكر في المهاجرين ، ولا يعرف له رواية ، قاله ابن مندة ، وساق من طريق يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق في ذكر المهاجرين ، قال : ونزل عبيدة بن الحارث ، وعباد بن المطلب ، وذكر جماعة سمّاهم.

قال أبو نعيم : هذا وهم شنيع ، وخطأ قبيح ، وإنما هو مسطح بن أثاثة بن المطلب ، ثم ساق من طريق إبراهيم ، عن سعد بن إسحاق في قدوم المهاجرين المدينة ، قال : ونزل عبيدة بن الحارث وأخواه : الطفيل ، وحصين ، ومسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب ، وسويبط بن سعد بن حرملة ، وطليب بن عمرو ـ علي بن عبد الله بن سلمة العجلاني ، وهو كما قال أبو نعيم.

وسبب الوهم أن لفظة ابن تصحّفت واوا فصار الواحد اثنين : مسطح بن أثاثة ، وعباد بن المطلب ، وعباد إنما هو جدّه مسطح. وقد وقع في رواية غير ابن مندة كما وقع عنده ، فليس التصحيف منه ، لكن ما كان يليق بسعة حفظه ومعرفته أن يمشي عليه مثل هذا.

وأغرب منه ما ذكر الذّهبيّ في «التجريد» ، فقال : عباد له هجرة ، ولا رواية له ، وهو مجهول ، فمشى على الوهم ، وزاد الوهم لبسا بترك ذكر أبيه.

٦٥٨٧ ـ عباد بن تميم.

ذكر الكرمانيّ شارح البخاري أنه رأى بعض نسخ البخاري في حديث عائشةرضي‌الله‌عنها : سمع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صوت عبّاد يصلّي في المسجد ، فقال : «رحم الله عبّادا» ، قال في بعض النسخ : عباد بن تميم ، كذا قال ، والمعروف أنه عباد بن بشر ، كما وقع في مسند أبي يعلى.

٦٥٨٨ ـ عبادة بن سليمان : مولى العباس.

١٤٥

له في النكاح ، قاله ابن سعد ، واستدركه الذهبي. والصواب عبّاد ، بفتح أوله وتشديد الموحدة ، وهو كما تقدم في الأول.

٦٥٨٩ ـ عباس بن جمهان : أو جهمان.

ذكره أبو أحمد العسكريّ ، وقال : حديثه مرسل ، ولا تصح له صحبة حكى عنه إسماعيل بن رافع ، وكذا ذكره البخاري في «التاريخ» وقال : حديثه مرسل.

٦٥٩٠ ـ عبد الأعلى (١)بن عدي البهراني (٢).

تابعي أرسل حديثا ، فذكره محمد بن عثمان بن أبي شيبة في الصحابة ، نقله أبو نعيم ، وقال : لا تصح له صحبة.

وجزم بأنّ حديثه مرسل البخاري ، وأبو داود.

وقد روى عن ثوبان ، وعتبة بن عبد السلمي ، وعبد الله بن عمرو ، وغيرهم. روى عنه حريز بن عثمان ، والأحوص بن حكيم ، وصفوان بن عمرو ، وغيرهم.

وحديثه في مراسيل أبي داود عند النسائي وابن ماجة.

وذكره ابن حبّان في «ثقات التابعين» ، وقال يزيد بن عبد ربّه : مات سنة أربع ومائة.

٦٥٩١ ز ـ عبد الله : بن إبراهيم الأنصاري.

أرسل شيئا فذكره بعضهم في الصحابة ، وقال ابن أبي حاتم : مجهول أرسل عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، روى فضالة بن حصن ، عن الخطاب بن سعيد ، عن سليمان بن محمد بن إبراهيم ، عنه واستدركه ابن فتحون ، ونسبه لابن أبي حاتم.

٦٥٩٢ ـ عبد الله بن أبي الأسد.

استدركه ابن فتحون لحديث أورده الخطيب من طريق محمد بن العباس صاحب السامة (٣) ، عن محمد بن بشر ، عن عبيد الله (٤) العمري ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن أبي الأسد ، قال : رأيت (٥) النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلّي في ثوب واحد قد خالف بين طرفيه ، وهو خطأ نشأ عن سقط وتحريف ، والصواب ما رواه أبو أسامة عن العمري ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد. وسيأتي في عمر بن أبي الأسد فيه خطأ آخر.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٢٨٠٦).

(٢) المهداني في أ.

(٣) في أ : الشامة.

(٤) في أ : عن عبد الله.

(٥) في أ : رأيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

١٤٦

٦٥٩٣ ز ـ عبد الله بن الأسود المزني (١).

ذكره أبو موسى في «الذيل» ، فوهم ، فإنه هو السدوسي ، والرواية التي نسب فيها مزنيا ضعيفة. وقد بينت ذلك في ترجمة الحجاج.

٦٥٩٤ ـ عبد الله بن أنيسة الأسلمي (٢).

ذكره ابن مندة ، وأخرج في ترجمته حديث جابر عنه في القصاص ، ولم يقع في روايته منسوبا ، إنما فيه عبد الله بن أنيس فقط. قال ابن مندة : فرق ابن أبي حاتم بينه وبين الجهنيّ ، وأراهما واحدا.

قلت : والحديث معروف للجهني ، وقد أشرت إلى ذلك في ترجمته ، وجمعهما أبو نعيم في ترجمة ، وعاب على ابن مندة التفرقة ، ولا ذنب لابن مندة فيه. وقد تقدم في الأول عبد الله بن أنس ، أو ابن أنيس الأسلمي ، وذكر من جوز أنه الجهنيّ.

٦٥٩٥ ـ عبد الله بن أبي أنيسة (٣).

ذكره محمّد بن الرّبيع الجيزي في الصحابة الذين دخلوا مصر ، وأخرج من طريق ابن المبارك ، عن داود بن عبد الرحمن العطار ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر ، قال : سمعت حديثا في القصاص لم يبق أحد يحفظه إلا رجل بمصر يقال له عبد الله بن أبي أنيسة ، فذكر رحلته إليه.

أورده الخطيب في «كتاب الرحلة» في الحديث ، وهذا هو عبد الله بن أنيس الجهنيّ. وقد ذكرت في ترجمته من أخرجه ، ومداره على عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر. واستدركه الذهبي في التجريد على من تقدمه ، وهو خطأ نشأ عن تحريف في اسم أبيه.

٦٥٩٦ ـ عبد الله بن بشر الحمصي.

ذكره البغويّ. وقد تقدم في الأول.

٦٥٩٧ ـ عبد الله بن بغيل (٤): بموحدة ومعجمة مصغّرا.

تقدم التنبيه عليه في عبد الله بن نفيل ، بنون وفاء.

٦٥٩٨ ـ عبد الله بن جبر بن عتيك الأنصاري (٥).

__________________

(١) أسد الغابة ت (٢٨١٦).

(٢) أسد الغابة ت (٢٨٢٣).

(٣) أسد الغابة ت (٢٨٢٤).

(٤) أسد الغابة ت (٢٨٤١).

(٥) أسد الغابة ت (٢٨٥٥).

١٤٧

أرسل حديثا ، فذكره أبو موسى في «ذيل الصّحابة» ، وهو عند النسائي من رواية جعفر بن عون ، عن أبي العميس ، عن عبد الله بن عبد الله بن جبر بن عتيك ، عن أبيه ـ أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عاد جبر بن عتيك الحديث.

وأخرجه ابن ماجة من طريق وكيع ، عن أبي العميس ، فزاد فيه بعد قوله : عن أبيه ـ عن جده ، وهو الصواب.

وعبد الله بن عبد الله من شيوخ مالك ، وقد أخرج الحديث عنه في الموطأ ، لكن قال : عن عبد بن جابر بن عتيك ، عن عتيك بن الحارث ـ أن جابر بن عتيك أخبره.

وقد تقدم في ترجمة جابر بن عتيك مفصّلا.

وعبد الله بن جابر المذكور هنا لم أر له ترجمة عند أحد ممن صنّف في الرجال.

٦٥٩٩ ـ عبد الله بن جبير الخزاعي.

تابعي أرسل حديثا فذكره أبو نعيم وأبو عمر في الصحابة ، قال أبو نعيم : مختلف في صحبته. وقال أبو عمر : قيل : إن حديثه مرسل. وقال أبو حاتم الرازيّ : شيخ مجهول روى عن أبي الفيل أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجم

وذكره ابن حبّان في «ثقات التابعين» ، روى عنه سماك بن حرب وحده.

٦٦٠٠ ز ـ عبد الله بن جزء الزّبيدي (١).

ذكره ابن أبي عليّ ، واستدركه أبو موسى ، وهو عبد الله بن الحارث بن جزء ، نسب لجده ، فلا وجه لاستدراكه.

٦٦٠١ ـ عبد الله بن الحارث : أبو إسحاق.

روى عنه قتادة ، واستدركه أبو موسى ، وهو عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الملقب ببّة. وقد ذكره ابن مندة فلا وجه لاستدراكه. وقد تقدم في القسم الثاني.

٦٦٠٢ ـ عبد الله بن الحارث : بن أوس الثقفي (٢).

__________________

(١) أسد الغابة ت (٢٨٦٣) ، طبقات ابن سعد ٧ / ٤٩٧ ، طبقات خليفة ٩٤٥ ، ٢٧١٥ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٢٦٨ ، الجرح والتعديل ٥ / ٣٠ ، المستدرك ٣ / ٦٣٣ ـ الحلية ٢ / ٦ ، تهذيب الكمال ٦٧٢ ، تاريخ الإسلام ٣ / ٢٦٣ ، العبر ١ / ١٠١ ، تذهيب التهذيب ٢ / ١٣٦ ، مرآة الجنان ١ / ١٧٧ ، تهذيب التهذيب ٥ / ١٧٨ ، حسن المحاضرة ١ / ٢١٢ ، خلاصة تذهيب الكمال ١٦٤ ، شذرات الذهب ١ / ٩٧.

(٢) أسد الغابة ت (٢٨٧١).

١٤٨

ذكره ابن شاهين ، وأخرج من طريق عارم ، عن ابن المبارك ، عن الحجاج بن أرطاة ، عن عبد الملك بن المغيرة ، عن عبد الرحمن السلماني ، عن أوس ، عنه ـ في طواف الوداع.

وفي هذا السند خبط في مواضع. وقد رواه غيره عن ابن المبارك ، عن حجاج ، عن ابن السلماني ، عن عمرو بن أوس ، عن الحارث بن عبد الله بن أوس ، وهو الصواب ، وكذا هو عند الترمذي من طريق عبد الرحمن المحاربي ، عن حجاج بن أرطاة. وأخرجه أبو داود والنسائي من وجه آخر عن الحارث بن عبد الله بن أوس. ومضى على الصواب.

٦٦٠٣ ـ عبد الله بن الحارث : بن أبي ربيعة المخزومي (١).

ذكره ابن عبد البرّ ، فقال : روى ابن خديج عن عبد الله بن أبي أمية ، عن عبد الله بن الحارث بن أبي ربيعة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قطع السارق ، قال : وأظنه هو عبد الله بن الحارث بن عبد الله بن عيّاش (٢) بن أبي ربيعة ، أخو عبد الرحمن بن الحارث ، فإن كان هو فحديثه مرسل لا شك فيه. انتهى كلام أبي عمر.

فأما عبد الرحمن بن الحارث فقد ذكر ابن أبي حاتم ، قال : إنه روى عن أخيه عبد الله بن الحارث ، وحديث عبد الرحمن عند البخاري في الأدب المفرد والسنن الأربعة.

وذكره العجليّ ، فقال : تابعي ثقة ، ووثّقه ابن سعد ، وقال : مات في خلافة المنصور وقيل : كان مولده سنة ثمانين من الهجرة ، وأما أخوه عبد الله فهو أكبر منه. وقال النسائي : ليس بالقوي.

٦٦٠٤ ـ عبد الله بن : الحارث بن زيد بن صفوان الضبي (٣).

تقدم في الأول في عبد الله بن زيد بن صفوان ، ذكره أبو عمر ، فزاد في نسبه الحارث ، وعزاه لابن الكلبي وابن حبيب ، وليس عندهما الحارث.

٦٦٠٥ ـ عبد الله بن الحارث : بن زيد بن صفوان الضبي.

ذكره أبو عمر هكذا.

وقد تقدم في الأول أنه وهم ، وأن الحارث بين عبد الله وزيد زيادة ، وسببها ما ذكر في عبد الله بن زيد أنه كان اسمه عبد الحارث بن زيد فسمّاه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبد الله ، فرآه أبو عمر عبد الحارث بن زيد ، فظنه عبد الله بن الحارث بن زيد.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٢٨٧٤) ، الاستيعاب ت (١٥١٠).

(٢) في أ : عباس.

(٣) أسد الغابة ت (٢٨٧٦) ، الاستيعاب ت (١٥١٢).

١٤٩

٦٦٠٦ ز ـ عبد الله بن الحارث العبديّ.

تقدمت الإشارة في القسم الأول.

٦٦٠٧ ز ـ عبد الله بن الحجاج : الثمالي (١).

أورده الذّهبيّ ، وقال ذكره الثلاثة ، وقال (٢) ، بعد عبد الله : أبو الحجاج.

قلت : ما رأيت في «أسد الغابة» شيئا من ذلك ، بل قال : عبد الله أبو الحجاج الثمالي ، قيل اسمه عبد الله بن عبد ، أخرجه الثلاثة. نعم رأيته في «ذيل» أبي موسى كما قال الذّهبيّ. وأخرجه ابن مندة في موضع ثالث فقال : عبد الله الثمالي.

٦٦٠٨ ـ عبد الله بن حرام (٣).

ذكره أبو موسى ، وأبو بكر بن علي ، وذكره من طريق إبراهيم بن أبي عبلة ، قال : رأيت على رأس عبد الله بن حرام [كساء] (٤) قال : صليت إلى القبلتين ، قال أبو موسى : إنما هو عبد الله بن عمرو ابن أم حرام ، وهو كمال قال.

وقد ذكره ابن مندة على الصّواب في عبد الله ابن أم (٥) حرام ، وأبوه اسمه عمرو بن قيس.

٦٦٠٩ ز ـ عبد الله بن أبي حرام.

قال ابن الأثير : رأيته بخطي وعليه علامة الثلاثة ، ولم أجده عندهم.

قلت : إنما هو الّذي قبله ، وهو عبد الله ابن أم حرام ، فتغيرت أداة الكنية من أم إلى أبي.

٦٦١٠ ـ عبد الله بن حزابة (٦): بضم المهملة بعدها زاي منقوطة وبعد الألف موحدة.

ذكره ابن مندة ، فقال : عبد الله بن خزابة ، وعبد الله بن حكل ذكر في الصحابة ، وهما من تابعي أهل الشام ، روى عنهما خالد بن معدان.

٦٦١١ ـ عبد الله بن الحسن. (٧)

ذكره عليّ بن سعيد العسكريّ ، واستدركه أبو موسى من طريقه ، ثم من رواية داود بن

__________________

(١) أسد الغابة ت (٢٨٨٩).

(٢) في أ : بين.

(٣) أسد الغابة ت (٢٨٩٢).

(٤) سقط من أ.

(٥) في أ : أبي.

(٦) أسد الغابة ت (٢٨٩٦).

(٧) أسد الغابة ت (٢٨٩٧).

١٥٠

عبد الرحمن العطار ، حدثنا عبد الله بن الحسن ـ رفعه : لو كانت عندي ثالثة لزوجتها لعثمان.

قال أبو موسى : هذا مرسل أو معضل ، وهو عبد الله بن الحسن بن علي ، وهو تابعي صغير.

قلت : روى عن أبيه ، وعن أمه فاطمة بنت الحسين ، وابن عم جدّه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وعمه (لأمه) (١) إبراهيم بن محمد بن طلحة ، وعن الأعرج ، وعكرمة وغيرهم.

روى عنه ابناه : موسى ، (ويحيى) (٢) ، ومالك ، والثوري ، وابن أبي الموالي ، وابن عليّة ، وآخرون.

وثّقه ابن معين والرازيان والنسائي والعجليّ ، وغيرهم. وذكره ابن حبان في الطبقة الثالثة من الثقات ، فكأنه لم تصحّ عنده روايته عن عبد الله بن جعفر.

وكان لسان بني حسن في زمانه ، قال مصعب الزبيري : ما رأيت علماءنا يكرمون ، أحدا ما يكرمونه ، وكانت له منزلة عند عمر بن عبد العزيز.

مات في حبس المنصور سنة خمس وأربعين ومائة ، وهو ابن خمس وسبعين سنة.

٦٦١٢ ـ عبد الله بن حكل الأزدي (٣).

قال أبو عمر : شامي ، روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «عقر دار الإسلام الشّام». روى عنه خالد بن معدان.

ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه ، وقال : هو مرسل ، وقد مضى كلام ابن مندة فيه في عبد بن حرام. وقال ابن حبّان في «ثقات التابعين» : عبد الله بن حكل روى عن رجل من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) خالد بن معدان.

٦٦١٣ ـ عبد الله بن حكيم الجهنيّ. (٥)

قال ابن الأثير : ذكره البخاريّ ، فقال : أدرك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال أبو حاتم الرازيّ (٦) : هو ابن عكيم ، بالعين المهملة ، وهو كما قال.

__________________

(١) في أ : سقط.

(٢) في أ : سقط.

(٣) أسد الغابة ت (٢٨٩٩) ، الاستيعاب ت (١٥٢٩).

(٤) في أ : روى عنه خالد.

(٥) أسد الغابة ت (٢٩٠٠).

(٦) في أ : الرازيّ إنما.

١٥١

٦٦١٤ ـ عبد الله بن حكيم (١): بصيغة التصغير.

ذكره ابن عبد البرّ ، فقال : سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول في حجة الوداع : «اللهمّ اجعلها حجّة لا رياء فيها ولا سمعة». وهذا وهم نشأ عن سقط ، وذلك أنه سقط منه الصحابي ، وهو بشر بن قدامة كما مضى في الموحدة في القسم الأول على الصواب ، وهو حديث انفرد بروايته سعيد بن بشير ، عن عبد الله بن حكيم ، عن بشر ، وما رواه عن سعيد إلا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، ولا يعرف عبد الله بن حكيم ولا شيخه إلا في هذا الحديث.

٦٦١٥ ز ـ عبد الله بن خليفة.

قال ابن فتحون في «الذيل» : ذكره الطّبريّ ، وأخرج له حديثا في صفة العرش.

قلت : وهو خطأ نشأ عن سقط ، وإنما يروى الحديث المذكور من طريق عبد الله بن خليفة (٢) ، هكذا أخرجه ابن خزيمة في كتاب التوحيد ، وأبو يعلى ، وابن أبي عاصم ، والطبراني في كتاب السنة ، كلّهم من طريق أبي إسحاق السّبيعي (٣) ، وذكره البخاري وغيره في التابعين.

٦٦١٦ ـ عبد الله بن رئاب (٤).

روي عن ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وحديثه عندي مرسل ، رواه معمر عن كثير بن يزيد عنه ، كذا قال ابن عبد البرّ.

وقال ابن أبي حاتم : عبد الله بن رئاب روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرسلا ، ويقال ابن زبيب ـ يعني بزاي وموحدتين مصغرا.

روى عن كثير بن يزيد عنه ، فأخذ أبو عمر كلامه ، ونسب الحكم بإرساله إلى نفسه ، وحذف الفائدة في ذكر الاختلاف في اسم أبيه ، وهو الّذي بعده.

٦٦١٧ ـ عبد الله بن زبيب الجندي.

قال ابن مندة : ذكر في الصحابة ، ولا يصح.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٢٩٠٣) ، الاستيعاب ت (١٥٣١).

(٢) ابن خليفة عن عمر.

(٣) في أ : السبيعي عنه.

(٤) أسد الغابة ت (٢٩٤٤) ، الاستيعاب ت (١٥٤٩).

١٥٢

روى حديثه عبد الله بن المبارك ، عن معمر بن كثير بن عطاء عنه ، ثم ساق من طريق عبد الرزاق ، عن معمر ، عن كثير بن عطاء الجندي ، حدثني عبد الله بن زبيب الجندي ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا عبادة بن الصّامت ، يا أبا الوليد ، إذا رأيت الصّدقات قد كتمت ، واستؤجر على الغزو ، ورأيت الرّجل يتمرّس بأمانته كما يتمرّس البعير الشّجرة ، وخرب العامر ، وعمر الخراب ، فإنّك والسّاعة كهاتين ـ وأخذ إصبعيه السّبابة والّتي تليها».

وقال أبو نعيم : مختلف في صحبته ، ثم ساق الحديث من وجه آخر عن عبد الرزاق.

قلت : لو لا جزم ابن أبي حاتم بأنه هو والّذي قبله واحد ، وأن الحديث مرسل لأوردته في القسم الأول.

٦٦١٨ ـ عبد الله بن زهير (١).

ذكره عليّ بن سعيد العسكريّ في الصحابة ، وتبعه أبو موسى في الذيل ، وأخرج من طريقه عن إبراهيم بن الفضل الرخاني (٢) ، عن كامل بن طلحة ، عن حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن عبد الله بن زهير ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «النّفقة في الحجّ كالنّفقة في سبيل الله».

قلت : وهو خطأ نشأ عن سقط وقلب وتصحيف ، والصواب : عن عطاء بن أبي زهير الضبعي ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، كذا رواه منصور عن أبي الأسود ، وأبو عوانة عن عطاء بن السائب ، ورواه علي بن عاصم عن عطاء فخبط فيه ، قال : عن عطاء بن السائب ، عن زهير بن عبد الله ، عن أبيه ، أخرجه ابن مندة. ونبّه على أنه وهم ، وهو كما قال ، إلا أنه لم يبيّن جهة الوهم ، وقد بينتها ولله الحمد.

٦٦١٩ ـ عبد الله بن زيد الجهنيّ (٣).

ذكره ابن مندة. وقال : في إسناد حديثه نظر ، ثم ساق من طريق محمد بن يحيى المأربي ، بالراء والموحدة ، عن حرام بن عثمان ، أحد المتروكين ، عن معاذ عن عبد الله بن زيد الجهنيّ ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إذا سرق فاقطع يده ...» الحديث. وفي آخره : «ثمّ إذا سرق فاضرب عنقه». قال ابن مندة : كذا قال حرام ، وخالفه غيره. انتهى.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٢٩٥٣).

(٢) في أ : الرحافي.

(٣) أسد الغابة ت (٢٩٥٦).

الإصابة/ج٥/م١٠

١٥٣

وقال أبو نعيم : الصواب أنه عن معاذ بن عبد الله بن حبيب ، عن عبد الله بن زيد الجهنيّ ، وساقه في ترجمة عبد الله بن بدر من طريق حفص بن ميسرة ، عن حرام بن عثمان ، عن معاذ كذلك ، فظهر منه أن الوهم من الراويّ عن حرام بن عثمان بخلاف ما يفهمه كلام ابن مندة.

٦٦٢٠ ـ عبد الله بن زيد بن عمرو بن مازن الأنصاري.

ذكره البغويّ ، وابن مندة ، وهو وهم ، فأما البغوي فقال : سكن المدينة روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الأذان ، ثم ساق الحديث من طريق الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن عبد الله بن زيد ، قال : «رأيت في المنام رجلا نزل من السّماء عليه بردان أخضران ...» الحديث.

وهذا هو عبد الله (١) بن عبد ربه الماضي في الأول ، أخطأ في نسبه وفي جعله اثنين.

وقد أخرج حديث الأذان من طريق الأعمش ، بهذا السند ، ابن خزيمة وغيره من مسند عبد الله بن زيد بن عبد ربه. وأخرج الترمذي بعضه من هذا الوجه ، ومن رواية محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمرو بن مرة كذلك.

وأما ابن مندة ، فقال : ذكره ابن إسحاق في المغازي ، وأنه كان على النفل يوم بدر ، ثم ساق ذلك ، وهو خطأ أيضا ، وإن الّذي عند ابن إسحاق إنما هو عبد الله بن كعب بن زيد ، من بني عمرو بن مازن بن النجار ، وعمرو بن مازن جدّه الأعلى لا والد أبيه ، وسقط كعب بين عبد الله وزيد ، فخرج منه هذا الوهم.

وقد تعقبه أبو نعيم ، فقال : وهم فيه وصحّف ، فأما الوهم ففي إسقاط كعب ، وأما التصحيف ففي قوله ثقل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمثلثة والقاف ، وإنّما كان على النفل بالنون والفاء ، جعل إليه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القيام على النفل الّذي هو الغنائم مقفله من بدر إلى المدينة.

وقد ذكره ابن مندة في عبد الله بن كعب على الصواب.

٦٦٢١ ـ عبد الله بن أبي سديد بن عبد الله بن ربيعة الثقفي.

له حديث في قطع السدر ، رواه ابن قانع ، هكذا استدركه الذهبي فصحّف أباه وقد مضى في حرف الشين المعجمة في الآباء من القسم الأول على الصواب.

__________________

(١) في أ : عبد الله بن زيد بن عبد ربه.

١٥٤

٦٦٢٢ ـ عبد الله بن سعد الأزدي (١)السامي.

غاير ابن عبد البرّ بينه وبين عبد الله بن سعد عمّ حرام بن حكيم ، وهو واحد وقد جاء حديثه من عدة طرق لم ينسب فيها أزديا. والله أعلم.

٦٦٢٣ ـ عبد الله بن سعد بن مري (٢).

تقدم ذكره في الأول ، وأن الذهبي أفرده ، وكأنه وهم.

٦٦٢٤ ز ـ عبد الله بن سعد بن الأطول.

ذكره البغويّ ، فقال : سكن البصرة ، وأخرج له الحديث الّذي أورده في ترجمة أبيه ، وليس له فيه ما يدلّ على أن له صحبة أصلا ، وإنما فيه (٣) أنه كان يزور أصحابه بتستر فيقيم يوم الدخول واليوم الثاني ويخرج في اليوم الثالث ، فإذا سألوه عن ذلك يقول : سمعت أبي يحدّث عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه نهى عن التناوة (٤) ويقول : من أقام في أرض الخراج فقدتنا. انتهى.

والتناوة : بالمثناة الفوقانية بعدها نون.

٦٦٢٥ ز ـ عبد الله بن أبي سلمة.

روى حديثه عبد الحميد بن سليمان عن ابن شهاب عنه في لبس الثوب.

وقد تقدم بيان الصواب في عبد الله بن أبي الأسد.

٦٦٢٦ ـ عبد الله بن سهيل بن عمرو : أخو أبي جندل.

شهد بدرا وذكره ابن مندة ، ثم قال : عبد الله بن سهيل (٥) من مهاجرة الحبشة ، هكذا غاير بينهم ، وأبو جندل هو ابن سهيل بن عمرو بن عبد شمس ، فما أدري كيف خفي عليه هذا.

وقد تعقبه أبو نعيم فقال : جعله ترجمتين ، وهما واحد. وقال ابن الأثير : بل جعله ثلاث تراجم ، والجميع واحد : وهو كما قال.

__________________

(١) في أ : الشامي.

(٢) في أ : بري.

(٣) في أ : فيه عنه.

(٤) التّناوة : المراد بها : التّناية وهي الفلاحة والزراعة فقلب الياء واوا. النهاية : ١ / ١٩٩.

(٥) في أ : سهيل.

١٥٥

قلت : لكن ابن مندة قال في الثالث : يقال إنه غير الأوّل ، وهو محتمل وأبو نعيم معذور.

٦٦٢٦ (م) ـ عبد الله بن صائد : وهو الّذي يقال له ابن صياد.

ذكره ابن شاهين ، والباوردي. وابن السكن ، وأبو موسى في الذيل ، قال ابن شاهين : كان أبوه من اليهود ، ولا يدري من أي قبيلة هو ، وهو الّذي يقال إنه الدجال ، ولد على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعور مختونا ، ومن ولده عمارة بن عبد الله بن صيّاد ، وكان من خيار المسلمين من أصحاب سعيد بن المسيّب.

روى عنه مالك وغيره ، ولم يزد أبو موسى على هذا.

وأما ابن السّكن فقال في آخر العبادلة «ذكر الدجال» : رأيت في كتاب بعض أصحابنا كأنه يعني الباوردي في أسماء من ولد على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : ومنهم عبد الله بن صياد وأورد ابن الأثير في ترجمته حديث ابن عمر الّذي في الصحيح أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرّ بابن صياد وهو يلعب مع الغلمان عند أطم بني مغالة وهو غلام لم يحتلم الحديث. وفيه سؤاله عن الدخ (١) ، وحديث ابن عمر أيضا في دخول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النخيل الّذي فيه ابن صياد ، وهو نائم ، وهو قول أمه له : يا صاف ، هذا محمد ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لو تركته بين» ، وفيه قوله : «أتشهد أني رسول الله؟ فقال : أشهد أنّك رسول الأمّيين ...» الحديث.

وفيه : أن (٢) عمر استأذن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قتله ، فقال : «إن يكنه فلن تسلّط عليه ، وإن يكن غيره فلا خير لك في قتله» قال بعض العلماء : لأنه كان من أهل العهد.

وفي «الصحيحين» عن جابر أنه كان يحلف أن ابن صياد الدّجال. وذكر أنّ عمررضي‌الله‌عنه كان يحلف بذلك عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وفي «صحيح مسلّم» عن أبي سعيد ، قال : صحبني ابن صياد في طريق مكة ، فقال : لقد هممت أن آخذ حبلا وأوثقه إلى شيء فأختنق به مما يقول الناس لي ، أرأيت من خفي عليه حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكيف يخفى عليكم يا معشر الأنصار ، ألم يقل إنه لا يولد له ، وقد ولد لي ، ألم يقل إنه لا يدخل المدينة ولا مكة ، فها أنا من المدينة ،

__________________

(١) الدّخّ والدّخّ : الدّخان. اللسان ٢ / ١٣٣٩.

(٢) في أ : أن ابن عمر.

١٥٦

وهو ذا انطلق إلى مكة ، قال : فو الله ما زال يخبر بهذا حتى خفي.

قلت : فلعله يكون مكذوبا عليه ، ثم قال : والله يا أبا سعيد لأخبرنك خبرا حقا ، إني لأعرفه ، وأعرف والده وأين هو الساعة من الأرض. فقلت (١) : تبّا لك سائر اليوم.

ثم وجدت في بعض حديث أبي سعيد زيادة ، فروينا في الجزء الثاني من أمالي المحاملي

رواية الأصبهانيين عنه ، قال : حدثنا أحمد بن منصور بن سراج (٢) ، حدثنا النصر ، حدثنا عوف ، عن أبي نضرة ، قال : قال أبو سعيد : أقبلت في جيش من المدينة قبل المشرق ، وكان في الجيش عبد الله بن صائد. وكان لا يسايره أحد ولا يرافقه ولا يؤاكله أحد ولا يسارّه ، ويسمونه الدجال ، قال : فبينما أنا ذات يوم نازل فجاء عبد الله بن صياد حتى جلس معي ، فقال : [يا أبا سعيد ، ألا ترى ما صنع هؤلاء الناس لا يسايرونني فذكر ما تقدم ، وقال : قد علمت] (٣) يا أبا سعيد أن الدجال لا يدخل المدينة ، وأنا ولدت بالمدينة وائتدلت ، وقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «إنّ الدجّال لا يولد له ، وقد ولد لي ، والله لقد هممت مما يصنع بي هؤلاء النّاس أن آخذ حبلا فأختنق حتّى أستريح ، والله ما أنا بالدّجّال ، والله لو شئت لأخبرتك باسمه واسم أبيه وأمّه ، والقرية التي يخرج منها». ورجال هذا السند موثقون ، لكن محاضر في حفظه شيء ، وإن كان قوله : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالرفع ، ولم يثبت أنه أسلّم في عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يدخل في حدّ الصحابي ، وقد أمعنت القول في ذلك في كتاب الفتن من فتح الباري في شرح البخاري ، وفي صحيح مسلّم أن ابن عمر غضب منه فضربه بعصا ثم دخل على حفصة. فقالت : ما لك وله! إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إنّ الدّجّال يخرج من غضبة يغضبها».

وفي الجملة لا معنى لذكر ابن صيّاد في الصحابة ، لأنه إن كان الدجال فليس بصحابي قطعا ، لأنه يموت كافرا ، وإن كان غيره فهو حال لقيه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن مسلما ، لكنه إن كان مات على الإسلام يكون كما قال ابن فتحون على شرط كتاب الاستيعاب.

٦٦٢٧ ـ عبد الله بن عبد الله (٤): بن أبي مالك.

ذكره ابن مندة ، وقال : شهد بدرا ذكره يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، وأسنده من طريقه.

__________________

(١) في أ : قال فقلت له تبّا.

(٢) في أ : براح.

(٣) سقط في أ.

(٤) أسد الغابة ت (٣٠٤٠).

١٥٧

وتعقّبه أبو نعيم بأنه سقط من نسخته ابن بين أبي ومالك ، والصواب ابن أبيّ بن مالك ، فأبيّ ومالك اسمان ، وليسا كنية لشخص واحد ، وأبيّ بفتح الموحدة والتشديد ، وعبد الله المذكور ، وهو ولد عبد الله بن أبيّ ، المعروف بابن سلول رأس النفاق.

وقد مضت ترجمته في ترجمته في القسم الأول ، ووقع في رواية سلمة بن الفضل وزياد البكائي وغيرهما عن ابن إسحاق على الصواب.

٦٦٢٨ ـ عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي (١).

ذكره ابن أبي هاشم في «الصحابة» ، وساق بسند صحيح إلى (عمر بن أبي) عمرو مولى (٢) المطلب ، حدثني سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر ـ أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما دفع عشية عرفة سمع وراءه زجرا شديدا وضربا ، فالتفت إليهم ، فقال : «يا أيّها النّاس ، السّكينة ، فإنّ البرّ ليس بالإيضاع» ، ثم نقل عن يزيد بن هارون أنه قال : كان عبد الله بن عبد الله بن عمر أكبر ولد ابن عمر.

قلت : نعم ذكر الزبير أن ابن عمر أوصى إليه ، وقال الزبير : كان من وجوه قريش وأشرافها. انتهى.

ولا يلزم من ذلك أن يكون له صحبة ولا رؤية : فقد قال الزبير بن بكار : إن أمه صفية بنت أبي عبيد رضيعته كانت في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صغيرة ، فلم يولد إلا بعد موت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فليست له صحبة ولا رؤية. وحديثه عن أبيه في الصحيحين ، ولم أجد له رواية عن أحد من كبار الصحابة كجدّه عمر فمن بعده ، وإنما له رواية عن أبي هريرة ، ومن دونه.

روى عنه ابنه عبد العزيز ونافع مولاهم ، والزهري ، ومحمد بن عباد بن جعفر ، وعبد الرحمن بن القاسم (٣) ، ومحمد بن أبي بكر. وآخرون من أهل المدينة.

قال وكيع والعجليّ وابن سعد وأبو زرعة والنّسائي : ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : مات سنة خمس ومائة.

٦٦٢٩ ـ عبد الله بن عبد الرحمن الأشهلي. (٤)

__________________

(١) أسد الغابة ت (٣٠٤١) ، الاستيعاب ت (١٦١٠).

(٢) في أ : بسند صحيح إلى عمرو مولى ابن أبي عمرو مولى المطلب.

(٣) في أ : ابن.

(٤) الاستيعاب ت (١٦١٢).

١٥٨

ذكره ابن حبّان في «الصحابة» وقال ابن عبد البر : له صحبة ورواية : من حديثه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه صلّى في بني عبد الأشهل.

روى عنه إسماعيل بن أبي حبيبة. انتهى.

وكلامه يشعر بأن لعبد الله هذا أحاديث هذا منها.

وقال ابن أبي حاتم : روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . روى عنه إسماعيل بن أبي حبيبة.

قلت : وحديثه المذكور عند ابن ماجة ، وابن أبي عاصم ، ولعله جاءنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مسجد بني عبد الأشهل ، ولكن عبد الله ليس صحابيا ، وإنما سقط من رواية هؤلاء قوله في السند : عن أبيه ، عن جده.

وقد مضى في الثاء المثلثة أن اسم جده ثابت بن الصامت بن عدي ، ويقال : إن ثابتا مات في الجاهلية ، وإنّ الصحبة لولده عبد الرحمن ، وقد بينت ذلك في القسم الأول في ترجمة ثابت.

٦٦٣٠ ز ـ عبد الله بن عبد الرحمن بن سابط : أبي حميضة الجمحيّ.

ذكره ابن شاهين ، وأسند من طريق يحيى بن عبد الحميد ، عن أبي بردة ، عن علقمة بن مرثد ، عن ابن سابط ، عن أبيه حديث : إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي ، أورده من وجهين عن يحيى ولم يسمّه فيهما ، ولا الراويّ عنه ، والّذي عند غيره : عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط. والصحبة لجدّه سابط. واختلف في عبد الله بن سابط كما تقدم في القسم الأول.

٦٦٣١ ـ عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر (١)الصديق.

أورده ابن مندة مختصرا ، وقال : قتل يوم الطائف ، وذكره ابن شاهين ، وأورده في ترجمته من طريق عمرو بن الحارث أنّ بكيرا حدثه أن أبا ثور حدّثه عن عبد الرحمن بن أبي بكر ، وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر ـ أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «لا تحلّ الصدقة لغنيّ ولا لذي مرّة سويّ».

فأما دعوى ابن مندة فإنّها غلط ، نبّه عليه ابن الأثير قال : وللذي قتل يوم الطائف من ولد أبي بكر هو عبد الله بن أبي بكر أخو عبد الرحمن بن أبي بكر لا ولده. وقد تقدم في القسم الأول.

__________________

(١) الاستيعاب ت (٣٠٤٩).

١٥٩

وأما دعوى ابن شاهين فأوهى منها ، وذلك أنه نقل عن أبي بكر بن أبي داود أن أبا ثور الفهميّ صحابي ، فظنّ أنه راوي هذا الحديث ، وأنه روى عن صحابيين مثله ظنّا من ابن شاهين أنّ عبد الرحمن بن أبي بكر هو ابن الصديق. وأن عبد الله بن عبد الرحمن المذكور معه ولده ، فترجم هنا لولده ، وهو ظنّ فاسد ، فإن عبد الرحمن بن أبي بكر هو عبد الرحمن بن أبي بكر عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، وعبد الله بن عبد الرحمن هو ولده ، والحديث من روايتهما مرسل ، وأبلغ من ذلك في الغفلة أنّ ابن شاهين أورد في هذه الترجمة قول موسى بن عقبة : لا نعلم أربعة أدركوا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في نسق إلا محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة ، وهذا الحصر يردّ عليه إثباته عبد الله بن عبد الرحمن في الصحابة ، فإن كان عنده أنه أخو أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن ، فكان ينبغي أن يفصح بإيراده على موسى بن عقبة وإلّا فعبد الله بن عبد الرحمن هذا إنما هو حفيد محمد بن عبد الرحمن الّذي ذكره موسى بن عقبة ، وليس صحابيا ، بل هو تابعي مشهور ، وأمّه من ولد أبي بكر أخت أم المؤمنين أم سلمة ، وحديثه عن أم سلمة في الصحيحين.

قال النووي : قلت : الظاهر المختار الجاري على التواعد أنه إذا لم يتوهما لا تطليق إلا لأحدهما أو أحدهن ، لأن الاسم يصدق عليه فلا يلزمه زيادة ، وقد صرح بهذا جماعة من المتأخرين ، وهذا إذا نوى بحلال الله ـ تعالى ـ حرام طلاق وإن جعلناه صريحا ، والله أعلم.

٦٦٣٢ ـ عبد الله بن عبس.

شهد بدرا ، ولم ينسبوه ، بل قالوا : هو من حلفاء بني الحارث بن الخزرج ، هكذا ذكره ابن عبد البرّ ، قال ابن الأثير : أفرده أبو عمر بترجمة ، وهو الأول ـ يعني عبد الله بن عبس ، ويقال ابن عبيس ، وقد تقدم في القسم الأول ، قال : وإنما اشتبه على أبي عمر حيث رأى في هذا أنه حليف ، ولم يذكر في الأول أنه حليف ، لكنهم كثيرا ما يختلفون في الواحد يذكر تارة من القبيلة وتارة من حلفائها.

٦٦٣٣ ـ عبد الله بن عبيد الله (١)بن عتيق.

قال أبو موسى في «الذيل» : أورده علي بن سعيد العسكري في الأفراد ، وأخرج أبو بكر بن أبي علي من طريقه عن العطاردي ، عن يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، حدثني محمد بن إبراهيم التيمي ، عن محمد بن عبد الله بن عبيد الله بن عتيق ، عن أبيه : سمعت

__________________

(١) أسد الغابة ت (٣٠٥٨).

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

قال : لا والله ما أحبّ أنّي رجعت عن الاسلام وأنّ لي ما في الأرض جميعا.

فقالوا : أمّا واللات والعزّى لئن لم تفعل لنقتلنّك!

فقال : إن قتلي في الله لقليل ، فلمّا أبى عليهم وقد جعلوا وجهه من حيث جاء ( أي نحو المدينة ) ، قال : أما صرفكم وجهي عن القبلة ، فان الله يقول : «فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ » ثم قال : اللهم إني لا أرى إلاّ وجه عدوّ ، اللهم أنه ليس هاهنا أحد يبلّغ رسولك السلام عنّي فبلّغه أنت عنّي السلام.

ثم دعا على القوم وقال : اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ، ولا تغادر منهم أحدا.

ثم دعوا أبناء من أبناء من قتل ببدر فوجدوهم أربعين غلاما ، فأعطوا كل غلام رمحا ، ثمّ قالوا هذا الّذي قتل آباءكم ، فطعنوه برماحهم طعنا خفيفا فاضطرب على الخشبة فانقلب ، فصار وجهه الى الكعبة ، فقال : الحمد لله الّذي جعل وجهي نحو قبلته التي رضي لنفسه ولنبيه وللمؤمنين!!

فأثارت روحانيته الكبرى ، وطمأنينته العظيمة غيض أحد المشركين الحاضرين ، وهو « عقبه بن الحارث » وتملكه غضب شديد من إخلاصه للاسلام فأخذ حربته وطعن بها خبيبا طعنة قاضية ، قتلته ، وهو يوحّد الله ويشهد أن محمّدا رسول الله.

ويروي ابن هشام أن خبيبا أنشد قبل مقتله أبياتا عظيمة نذكر هنا بعضها :

إلى الله أشكو غربتي ثمّ كربتي

وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي

فذا العرش صبّرني على ما يراد بي

فقد بضّعوا لحمي وقد ياس مطمعي

وذلك في ذات الاله وأن يشأ

يبارك على أوصال شلو ممزّع

وقد خيّروني الكفر والموت دونه

وقد هملت عيناي من غير مجزع

وما بي حذار الموت أني لميّت

ولكن حذاري جحم نار ملفّع

فو الله ما أرجو إذا متّ مسلما

على أي جنب كان في الله مصرعي

فلست بمبد للعدوّ تخشعا

ولا جزعا إنّي إلى الله مرجعي

٢٠١

وقد أحزنت هذه الحادثة الاليمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكذا جميع المسلمين.

وأنشد فيهم « حسان بن ثابت » أبياتا ذكرها ابن هشام في سيرته ، كما أنه هجا هذيلا في أبيات اخرى لارتكابهم هذه الجريمة النكراء(١) .

ولقد خشي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن تتكرر مثل هذه الجريمة النكراء ، وبذلك يواجه رجال التبليغ والدعوة الذين كان يعدهم بصعوبة بالغة مصاعب في سبيلهم ، ويتعرضوا لخسائر لا تجبر ، وعمليات غدر واغتيال اخرى.

وقد بقي جثمان هذا المسلم المجاهد على الخشبة مدة من الزمن ، يحرسه جماعة من المشركين حتى قام رجلان قويّان شجاعان من المسلمين بانزاله من فوق الصليب ليلا ، ومن ثم دفنه بأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) .

جريمة بئر معونة :

وفي شهر صفر من السنة الرابعة وقبل أن يصل نبا مصرع الدعاة المذكورين واستشهادهم على أيدي المشركين في منطقة الرجيع الى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قدم أبو براء العامري المدينة فدعاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى الاسلام فلم يسلم ولكنّه قال للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا محمّد إني ارى أمرك حسنا ، فلو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل « نجد » فدعوهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك فان هم اتبعوك فما أعز أمرك.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّي اخشى عليهم أهل نجد.

قال أبو براء : لا تخف ، أنا لهم جار ، فابعثهم فليدعو الناس الى أمرك.

فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعين رجلا من خيار المسلمين من أصحابه ممن حفظوا القرآن وعرفوا احكام الاسلام ، وأمّر عليهم « المنذر بن

__________________

(١) المغازي : ج ١ ص ٣٥٤ ـ ٣٦٢ ، السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٦٩.

(٢) سفينة البحار : ج ١ ص ٣٧٢.

٢٠٢

عمرو » ، فساروا حتى نزلوا ببئر معونة وهي بين أرض بني عامر وحرّة بني سليم وهم يحملون من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتابا إلى عامر بن الطفيل أحد زعماء « نجد » ، وكلّف أحد المسلمين بايصال ذلك الكتاب إلى عامر ، فلما أتاه الكتاب لم ينظر فيه حتى عدا على الرجل ( حامل الكتاب ) فقتله ، ثم استصرخ بني عامر على المبلّغين ، فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم إليه ، وقالوا : لن ننقض عهد أبي براء ، وقد عقد لهم عقدا وجوارا.

فاستصرخ عليهم قبائل بني سليم فأجابوه إلى ذلك فخرجوا حتى نزلوا حيث نزل جماعة الدعاة ، فأحاطوا بهم في رحالهم ، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم ، ثم قاتلوهم حتى قتلوا عن آخرهم بعد أن أبدوا مقاومة كبرى ، وبسالة عظيمة ، ولم يكن يتوقع منهم غير ذلك.

فانّ مبعوثي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكونوا مجرد رجال فكر وعلم فقط ، بل كانوا رجال حروب ، وأبطال معارك ، ولذا رفضوا الاستسلام للمعتدين ، واعتبروا ذلك عارا لا يليق بالمسلم الحرّ الأبيّ ، فقاتلوهم حتى استشهدوا جميعا ، إلاّ كعب بن زيد ، فانه جرح فعاد بجراحه الى المدينة ، وأخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما جرى لأصحابه على أيدي قبائل بني سليم المشركة الغدرة.

فحزن رسول الله والمسلمون جميعا لهاتين الحادثتين ، المفجعتين اشد الحزن بل ولم يجد على قتلى مثل ما وجد عليهم ، وبقي رسول الله يذكر شهداء بئر معونة ردحا من الزمان(١)

هذا ولقد كانت هاتان الحادثتان المؤسفتان المؤلمتان جميعا من نتائج النكسة التي أصابت المسلمين في « احد » والتي جرّأت القبائل خارج المدينة على قتل رجال المسلمين ودعاتهم غدرا ومكرا.

كيد المستشرقين وجفاؤهم :

إن المستشرقين الذين دأبوا على نقد أبسط سوء يتعرض له مشرك على أيدي

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٨٣ ـ ١٨٧ امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٧٠ ـ ١٧٣.

٢٠٣

المسلمين فينالون من الاسلام والمسلمين أشدّ نيل ، ويصرّون على أن يؤكّدوا على أن الاسلام لم ينتشر إلاّ بالسيف والقهر ، التزموا صمتا عجيبا تجاه هاتين الحادثتين المؤلمتين المفجعتين ، ولم ينبسوا في هذا المقام ببنت شفة أبدا ، وكأن شيئا من هذا لم يقع ، وكأن ما وقع لا يستأهل اهتماما وحديثا.

ترى أيّ نظام من أنظمة العالم القديم والجديد يجيز أن يقتل الدعاة والمبشرون ورجال العلم والفكر ، والتعليم والتثقيف.

إذا كان الاسلام قد تقدّم بالسيف ـ كما يدّعي رجال الاستشراق ـ فلما ذا تخاطر جماعات التبليغ والدعوة هذه بأنفسها وتزهق أرواحها في سبيل نشر الاسلام ، والدعوة السلمية الفكرية إليه.

إنّ هاتين الحادثتين تنطويان على نقاط حيوية ، وعبر مفيدة جدا ، فان قوة الايمان لدى تلك الجماعات ، وعمق تفانيها ، وتضحيتها ، وبسالتها تستحق إعجاب المسلمين ، واكبارهم. كما وتعتبر من أفضل الدروس وابلغها لهم.

المؤمن لا يلدغ من جحر مرّتين :

لقد أثارت حادثتا « الرجيع » و « بئر معونة » المفجعتان اللتان جرتا إلى مصرع مجموعة كبيرة من خيرة الدعاة والمبلّغين موجة من الحزن والأسى في المسلمين وتركت أثرا مؤلما في أوساطهم.

وهنا يتساءل القارئ : لما ذا أقدم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على إرسال المجموعة الثانية من المبلّغين الى « نجد » مع أنه حصل على تجربة مرّة؟! ألم يقل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« لا يلدغ المؤمن من جحر مرّتين ».

إن الإجابة على هذا السؤال تتضح من خلال مراجعة النصوص التاريخية لأن المجموعة الثانية قد بعثت في جوار من أبي براء ( عامر بن مالك بن جعفر ) والذي كان رئيسا لقبيلة بني عامر ، ولم تفعل قبيلته ما خالف جوار رئيسهم ولم يشتركوا في تلك الجريمة وقد بقي أبو براء نفسه في المدينة تأكيدا لجواره ، ريثما

٢٠٤

يرجع فريق التبليغ إلى المدينة.

لقد كانت خطة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطة مدروسة وصحيحة لأن جماعة المبلّغين الثانية لم تقتل على يد قبيلة أبي براء ، ومع أن ابن أخيه عامر بن الطفيل قد استصرخ قبيلة أبي براء التي كانت قبيلته أيضا ، ضدّ جماعة المبلّغين إلاّ أن قبيلة أبي براء أبت أن تنفر معه ، ولم يستجب لندائه أحد منهم بل قالوا : لن يخفر جوار أبي براء. ولما أيس منهم استصرخ قبيلة اخرى لا تمتّ إلى قبيلة أبي براء بصلة ، فاقدمت تلك القبائل على محاصرة الدعاة الأربعين ومقاتلتهم.

ثم إن جماعة المبلّغين المذكورة كانت قد بعثت عند مغادرتها المدينة وتوجهها الى منطقة أبي براء رجلين من رجالها هما : عمرو بن أميّة و « حارث بن الصمة »(١) ليرعيا إبل الجماعة ويحافظا عليها ، وبينما كان الرجلان يقومان بواجبهما اذ أغار عليهما « عامر بن الطفيل ». فقتل حارث بن الصمة ، واطلق سراح عمرو بن اميّة.

فعاد عامر الى المدينة ، في اثناء الطريق التقى رجلين من العامريين فرافقهما وأمهلهما حتى اذا ناما وثب عليهما فقتلهما ، وهو يرى بأنه انتقم لزملائه من المسلمين من بني عامر ، وقد أخطأ في تصوره هذا لأن بني عامر لم تخفر جوار سيدها أبي براء ولم تنقض أمانة كما أسلفنا ، ولم يشترك في جريمة قتل الدعاة الأربعين.

فلما قدم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخبره الخبر ، حزن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لذلك وقال لعمرو :

« بئس ما صنعت ، قتلت رجلين كان لهما مني أمان وجوار ، لا دفعن ديتهما ».

ولكن الاجابة الاكثر وضوحا على هذا الاعتراض ( او السؤال ) هو ما يذكره ابن سعد صاحب الطبقات إذ يقول : وجاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خبر أهل بئر معونة ، وجاءه تلك الليلة أيضا مصاب خبيب بن عديّ ومرثد بن أبي مرثد(٢) .

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٦٨ وصاحب السيرة يرى انه المنذر بن محمد.

(٢) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٥٢ و ٥٣.

٢٠٥

٣٤

غزوة « بني النضير »

لقد فرح منافقو المدينة ويهودها بانتكاسة المسلمين في معركة « أحد » كما فرحوا أيضا بمصرع رجال التبليغ والدعوة ، فرحا بالغا وباتوا يتحيّنون الفرصة لإثارة القلاقل والفتن في المدينة لإفهام القبائل خارجها بأنه لا توجد أية وحدة سياسيّة وانسجام اجتماعيّ في مركز الاسلام ، وعاصمة الحكومة الاسلامية ، وأن في مقدور الأعداء الخارجيين أن يجهزوا على حكومة الاسلام الفتية ، ويقضوا عليها بسهولة!!

ولكي يقف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على نوايا ودخائل يهود بني النضير مشى في جماعة من أصحابه إلى حصنهم.

على أن الهدف الظاهري المعلن عنه كان هو الاستعانة بهم في دية العامريّين اللذين قتلا خطأ على يد « عمرو بن أميّة » كما أسلفنا ، وذلك بموجب الاتفاقيّة المعقودة بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين اليهود وكذا بني عامر وغيرهم والقاضية بالتعاون معا في تسديد الدية في مثل هذه الموارد.

فلما وصل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى حيث يسكن بنو النضير ، وكلّمهم في أن يعينوه في تلك الدية ، رحبوا به ظاهرا ، ووعدوا بأن يلبّوا مطلبه ، ثم إنهم خاطبوه قائلين : يا أبا القاسم نعينك على ما احببت. ثم دعوه إلى أن يدخل في بيوتهم ، ويقضي يومه فيها ، قائلين : قد آن لك أن تزورنا ، وأن تأتينا ، اجلس حتى نطعمك ، فلم يقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتلبية مطلبهم ، بل

٢٠٦

جلس مستندا الى جدار بيت من بيوتهم واخذ يكلمهم(١) .

ثم إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم احسّ بشرّ من ذلك الترحيب الحارّ الذي قابلته به رجال بني النضير ، والذي رافق حركات مشبوهة منهم!!

هذا مضافا إلى أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شاهدهم وقد خلا بعضهم إلى بعض يتناجون ويتهامسون الأمر الذي يدعو الى الشك ، ويورث سوء الظن!!

وقد كان سوء الظن هذا في محله ، فقد قرر سادة يهود ـ لمّا أتاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رهط قليل من أصحابه ـ أن يتخلصوا منه باغتياله والغدر به على حين غفلة منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فانتدبوا أحدهم وهو « عمرو بن جحاش » لتنفيذ هذه الجريمة ، وذلك بأن يعلو على البيت الذي استند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى جداره فيلقى عليه صخرة تقتله.

إلاّ أنّ هذه المؤامرة انكشفت ـ ولحسن الحظ ـ قبل تنفيذها ، إما من خلال حركات اولئك اليهود الخبثاء ، المشبوهة ، أو بخبر أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من السماء ، كما يروي ابن هشام والواقدي في مؤلفيهما.

فنهض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سريعا ، كأنه يريد حاجة ، وتوجه من توّه إلى المدينة دون أن يخبر أصحابه الذين أتوا معه ، بقصده.

وبقي أصحابه هناك ينتظرون عودته من حاجته دون جدوى.

وندمت يهود على ما صنعت ، واضطربت لذلك اضطرابا شديدا ، واصابتها حيرة شديدة فيما يجب أن تقوم به.

فمن جهة خشيت أن يكون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد علم بمؤامرتهم وتواطئهم ، فيقدم على تأديبهم لنقضهم ميثاق التعايش السلميّ ، ولتواطئهم القبيح ، ومكرهم السيئ.

ومن ناحية اخرى أخذت تفكّر في أن تنتقم من أصحابه الموجودين هنا إن هو فاتهم ، ولكنها خشيت أن يؤدي ذلك إلى مزيد من تأزّم الموقف ، وان ينتقم

__________________

(١) يقول صاحب المغازي : إن النبيّ جاء بني النضير في ناديهم ج ١ ص ٣٦٤.

٢٠٧

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حينئذ منهم قطعا ويقينا.

وفيما هم في هذه الحالة من الاضطراب والتحيّر قرر أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العودة إلى المدينة بعد أن يئسوا من رجعته إليهم من حاجته ، فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : رأيته داخلا المدينة ، فأقبلوا حتى انتهوا إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعرفوا بمؤامرة اليهود إذ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهم لما قالوا : يا رسول الله قمت ولم نشعر :

« همّت اليهود بالغدر بي ، فأخبرني الله بذلك فقمت »(١) .

بما ذا يجب أن تقابل هذه الجريمة؟

والآن ما ذا يجب أن يقوم به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تجاه هذه الزمرة الخائنة المتآمرة؟ تلك الزمرة التي تنعم بما وفّرتها لهم الحكومة الاسلامية من أمن وحرية ، ويحافظ جنود الاسلام على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم ، كما يفعلون الفعل ذاته بالنسبة إلى أنفسهم وأموالهم وأعراضهم على حد سواء.

تلك الزمرة التي كانت ترى كل آثار النبوة ودلائلها في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأعماله ، وأقواله تماما على نحو ما قرأت عنه في كتبها وأسفارها ، ولكنها بدل أن تردّ الجميل بالجميل وتقابل الاحسان بالاحسان ، وبدل أن تحسن ضيافته وقد نزل عليهم ضيقا تتآمر لقتله غيلة وغدرا دون ما خجل ولا حياء!!

ما هو ترى ما تقتضيه العدالة في هذا الصعيد وفي هذه الحال؟

وما ذا يجب أن يفعل المرء حتى يمنع من تكرار مثل هذه الحوادث ، ويستأصل جذور مثل هذه الجرائم؟

إن الطريق المنطقي هو ما أختاره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفعله.

فقد أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسلمين بالتهيّؤ لحربهم ، والسير إليهم ،

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٥٧ ، امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٧٨.

٢٠٨

ثم دعا محمد بن مسلمة وأمره بأن يذهب إلى بني النضير ، ويبلغ سادتهم ، من قبله رسالة.

فخرج محمد بن مسلمة الأنصاري الاوسي(١) الى بني النضير وقال لسادتهم : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أرسلني إليكم يقول :

« قد نقضتم العهد الّذي جعلت لكم بما هممتم به من الغدر بي.

اخرجوا من بلادي فقد أجّلتكم عشرا فمن رئي بعد ذلك ضربت عنقه ».

فأحدثت هذه الرسالة الشديدة اللهجة والساخنة المضمون انكسارا عجيبا في يهود بني النضير ، وأخذوا يتلاومون ، وأخذ يحمّل كل واحد منهم الآخر مسئولية هذه القضية.

فاقترح عليهم أحد سادتهم أن يعتنقوا الاسلام ، ويؤمنوا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولكن عنادهم منعهم من القبول بهذا الاقتراح. وعمتهم حالة يرثى لها من الحيرة ، والانقطاع ، فقالوا لمبعوث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا محمّد ما كنّا نرى أن يأتي بهذا رجل من الاوس.

ويقصدون أنه كان بيننا وبين الأوس حلف فما بالك تريد حربنا الآن.

فقال محمد بن مسلمة : تغيّرت القلوب.

وقد كان هذا الاجراء متطابقا مع ما جاء في ميثاق التعايش الذي عقده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع يهود يثرب ابان دخوله المدينة ، وقد وقع عليه عن اليهود بني النضير حيي بن أخطب ، وقد نقلنا في ما سبق النصّ الكامل لهذا الميثاق وها نحن ندرج هنا قسما منه ليتضح ما ذكرناه.

جاء في أحد بنود الميثاق ( العهد ) :

« ألاّ يعينوا ( أي بنو النضير وبنو قريظة وبنو قينقاع ) على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا على أحد من أصحابه بلسان ولا يد ولا بسلاح ولا بكراع في السرّ والعلانية لا بليل ولا بنهار والله بذلك عليهم شهيد ، فان فعلوا فرسول الله في حل

__________________

(١) المغازي : ج ١ ص ٣٦٦.

٢٠٩

من سفك دمائهم ، وسبي ذراريهم ، ونسائهم ، وأخذ أموالهم »(١) .

المستشرقون ودموع التماسيح :

لقد أبدى المستشرقون حزنهم وأسفهم لما جرى في هذه القضية ، وذرفوا دموع تماسيح ، وأبدوا دقّة وشفقة أكثر مما تبديه والدة تجاه وليدها ، على اليهود الخونة الناقضين العهد ، الناكثين للايمان ، واعتبروا الإجراء الذي اتخذه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحقهم بعيدا عن روح الانصاف وسنن العدل!!

والحق أن هذه الاعتراضات والانتقادات لا تنبع من منطلق السعي لمعرفة الحقيقة ، لأننا عند مراجعتنا لنص الميثاق الذي أدرجناه للقارئ الكريم نرى الحقيقة على غير ما يتصورون ويصورون فاننا نعرف أن الجزاء الذي جازى به رسول الله يهود بني النضير هو في الحقيقة أقلّ من الجزاء المنصوص عليه في ذلك الميثاق بدرجات.

إن هناك اليوم مئات الجرائم والمظالم التي يرتكبها أسياد هؤلاء المستشرقين في الشرق والغرب دون أن يعترض عليها أي واحد من هؤلاء المستشرقين الرحماء ، أدعياء الدفاع عن حقوق الانسان!!!

أما عند ما يقوم رسول الاسلام بتنفيذ عقوبة ـ هي في الحقيقة ـ اقل بكثير من ما هو منصوص عليه في الميثاق بحق زمرة خائنة متآمرة ناقضة للعهد تتعالى أصوات حفنة من الكتاب المدفوعين بأغراض معينة ودوافع خاصة بالاعتراض ، والانتقاد.

دور حزب النفاق أيضا :

كان خطر المنافقين ـ وكما أسلفنا ـ أكبر من خطر اليهود لأن المنافق يطعن من الخلف وتحت غطاء من الصداقة ، ويتستر وراء قناع الصحبة والزمالة.

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ١٩ ص ١١١.

٢١٠

وقد كان رأس هذا الحزب هو « عبد الله بن أبي » و « مالك بن أبي » و و ..

ولمّا سمع هؤلاء المنافقون بما يلقاه بنو النضير من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أرسلوا إليهم من يقول لهم : لا تخرجوا من دياركم وأموالكم ، وأقيموا في حصونكم ، فان معي ألفين من قومي وغيرهم من العرب ، يدخلون معكم حصنكم فيموتون من آخرهم قبل أن يوصل إليكم وتمدكم قريظة فانه لن يخذلونكم ، ويمدّكم حلفاؤكم من غطفان؟!

ولقد جرّات هذه الوعود بني النضير ، فانصرفوا عن فكرة الرضوخ لمطلب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأغلقوا أبواب حصونهم ، وأعدّوا عدة الحرب ، وعزموا على أن يقاوموا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مهما كلّف الثمن ، ولا يسمحوا للمسلمين بأن يسيطروا على بساتينهم وممتلكاتهم دون عوض.

فنصحهم أحد كبرائهم وهو « سلام بن مشكم » وشكك في وعود عبد الله بن أبي ، واعتبرها وعودا جوفاء ، وقال : ليس رأي ابن أبيّ بشيء ، فهو والله جلاؤنا من أرضنا ، وذهاب أموالنا ، أو سباء ذرارينا مع قتل مقاتلينا.

إلاّ أن « حيي بن أخطب » أبي إلاّ محاربة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحث الناس على المقاومة والصمود ، وأرسل الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنا لا نبرح من دارنا وأموالنا فاصنع ما أنت صانع!!

فعرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برسالة « عبد الله بن ابي » إلى بني النضير ، وو عوده لهم ، فاستخلف ابن أمّ مكتوم على المدينة ، وسارصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أصحابه مكبّرا لمحاصرة بني النضير فصلّى صلاة العصر بفضائهم واستقر في الطريق بين « بني النضير » وبين « بني قريظة » ليقطع بذلك سبيل الاتصال بين هذين الفريقين ، وحاصر بني النضير ست ليال ـ حسب رواية ابن هشام ـ(١) أو خمسة عشر يوما حسب روايات آخرين ، ولكن اليهود تحصنوا منه في الحصون ، وأظهروا المقاومة ، والإصرار على الامتناع ، فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٩١ ، وهذا من التكتيكات العسكرية التي كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستعملها ليقطع خطوط الارتباط بين الجماعات المتعاونة.

٢١١

بقطع النخيل المحيطة بتلك الحصون ، وإلقاء النار لييأس اليهود من البقاء في تلك المنطقة ما دامت بساتينهم أعدمت ، وافنيت.

فتعالت نداءات اليهود تقول : يا محمّد ، قد كنت تنهى عن الفساد ، وتعيبه على من صنعه ، فما بال قطع النخل وتحريقها؟!

فردّ الله تعالى عليهم بقوله :

«ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ »(١) .

هذا من جهة ومن جهة اخرى خذلهم عبد الله بن أبيّ ، فلم يأتوهم ، كما اعتزلتهم قريظة فلم تعنهم بسلاح ولا رجال.

وقد ذكر القرآن الكريم هذا الخذلان إذ قال تعالى :

«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ. لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ. لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ »(٢) .

وقد كشفت الآيات الحاضرة ـ إلى جانب ما ذكر ـ عن نفسية اليهود الجبانة ، والتي انهارت أيضا بسبب معنويات المسلمين القوية حتى أنهم رغم اجتماعهم وعددهم الكبير يخافون من مواجهة المسلمين فلا يقاتلونهم إلاّ من وراء أسوار الحصون ، وجدران القلاع القوية خائفين مذعورين ، ومرعوبين ، وهم الى جانب كل ذلك يعانون من اضطراب وقلق وتفرق كلمة في الواقع.

وأخيرا رضخ اليهود لمطلب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسألوه أن يجليهم ، ويكفّ عن دمائهم على أن يكون لهم ما حملت الابل من أموالهم إلاّ السلاح

__________________

(١) الحشر : ٥.

(٢) الحشر : ١١ ـ ١٤.

٢١٢

والدروع ، فرضي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك.

فاحتملوا من أموالهم أكبر قدر ممكن ، حتى أن الرجل منهم يقلع باب بيته فيضعه على ظهر بعيره ، ثم يخرب بيته بيديه!!

فخرج جماعة منهم إلى خيبر ، وسارت جماعة اخرى منهم الى الشام.

وقد خرجت تلك الزمرة الذليلة المسكينة وهم يضربون بالدفوف ، ويزمّرون بالمزامير ، وقد البسوا نساءهم الثياب الراقية ، وحليّ الذهب ، مظهرين بذلك تجلّدا ليغطوا على هزيمتهم ، ويروا المسلمين أنهم غير منزعجين من مغادرتهم تلك الديار!!

مزارع بني النضير تقسّم بين المهاجرين فقط :

إن ما يغنمه جنود الاسلام دون قتال وهو ما يسمى بالفيء يعود أمره الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصة يضعه حيث يشاء ويصرفه فيما يرى من مصالح الاسلام لقوله تعالى :

«ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ »(١) .

وقد رأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن من الصالح أن يقسم المزارع والممتلكات التي غنمها من بني النضير على المهاجرين دون الأنصار ، لحرمانهم من ممتلكاتهم وثروتهم في مكة بسبب الهجرة منها الى المدينة ، وكانوا في الحقيقة ضيوفا على الأنصار طوال هذه المدة ، وقد أيّد « سعد بن معاذ » و « سعد بن عبادة » هذا الرأي ، ومن هنا قسّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جميع تلك المزارع والممتلكات على المهاجرين خاصّة ، ولم يصب أحد من الأنصار منها شيئا الا رجلان كانا محتاجين هما : « سهل بن حنيف » ، و « أبو دجانة » ، الانصاريين وحصل بذلك انفراج في أحوال المسلمين عامة ، وأعطى « سعد بن معاذ » سيف

__________________

(١) الحشر : ٧.

٢١٣

رجل من زعماء بني النضير وكان سيفا معروفا.

يقول المقريزي :

فلما غنم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بني النضير بعث ثابت بن قيس بن شماس فدعا الانصار كلّها ـ الاوس والخزرج ـ فحمد لله وأثنى عليه ، وذكر الانصار وما صنعوا بالمهاجرين وانزالهم اياهم في منازلهم ، وآثرتهم على أنفسهم ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« ان أحببتم قسمت بينكم وبين المهاجرين ما أفاء الله عليّ من بني النضير وكان المهاجرون على ما هم عليه من السكنى في مساكنكم وأموالكم ، وان أحببتم أعطيتهم وخرجوا من دوركم »؟

فقال سعد بن عبادة وسعد بن معاذ : رضينا وسلّمنا يا رسول الله.

فقسّم رسول الله ما أفاء الله عليه ، على المهاجرين دون الانصار إلاّ رجلين كانا محتاجين الخ(١) .

وقد وقعت هذه الحادثة في شهر ربيع الأول في السنة الرابعة من الهجرة ونزلت سورة الحشر في هذا الشأن ، والتي جاء في مطلعها قوله تعالى :

«هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ »(٢) .

هذا ويعتقد أكثر المؤرخين المسلمين أنه لم يسفك في هذه الحادثة ، أي دم ، ولكن المرحوم الشيخ المفيد يكتب في ارشاده : انه وقع ليلة فتح حصون بني النضير قتال محدود قتل فيه عشرة من اليهود وكان ذلك هو السبب في فتح تلكم الحصون(٣) .

__________________

(١) امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٨٢ و ١٨٣.

(٢) الحشر : ٢.

(٣) الارشاد : ص ٤٧ و ٤٨.

٢١٤

وقال المقريزي : وفقد عليرضي‌الله‌عنه في بعض الليالي فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انه في بعض شأنكم ، فعن قليل جاء برأس « عزوك » وقد كمن له حتى خرج في نفر من اليهود يطلب غرّة من المسلمين وكان شجاعا راميا فشدّ عليه عليرضي‌الله‌عنه ، فقتله وفرّ اليهود(١) .

__________________

(١) امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٨٠.

٢١٥

٣٥

تحريم الخمر

ذات الرقاع ، بدر الصغرى

١ ـ تحريم الخمر :

كانت الخمور ، وعلى العموم جميع المسكرات ولا تزال من أشد الاوبئة الاجتماعية التي تهدد أمن وسلامة المجتمعات البشرية وتجر إليها أكبر الأخطار ويكفي في خطورة هذا السمّ القاتل أنه يعادي أكبر ما يميّز البشر عن ما سواه من الاحياء ، ذلكم هو العقل ، فان الخمرة هو العدوّ الأول لهذه الموهبة الالهية التي في سلامتها ضمان سعادة الانسان.

إن الفارق بين الانسان وبين سائر الاحياء هو القوة العاقلة التي يمتلكها الانسان دون غيره ، وتكون المسكرات من أعدى أعداء هذه القوة ، من هنا كان المنع من تعاطي الخمور والمسكرات من أبرز البرامج التي جاء بها الأنبياء ، وكانت الخمور محرمة في جميع الشرائع السماوية(١) .

__________________

(١) عام ١٣٣٩ هجري زار الدكتور آرشه تونك رئيس منظمة مكافحة الخمور ايران ، وقد سرّ لما سمع أن الاسلام يحرم تعاطي المسكرات.

وقد كان يحبّ أن يلتقي بزعيم المذهب الشيعي يومئذ : ( آية الله السيد البروجردي ) ليتعرف على رأي الاسلام في الخمور والمسكرات ، فاصطحبه أحد الدكاترة المعروفين في طهران إلى منزل السيد البروجردي في مدينة « قم » ، وبعد الاستئذان تشرف بلقاء السيد ، وقد حضر العلامة الطباطبائي في ذلك المجلس وكنت أنا ووالدي حاضرين هناك كذلك.

فكان أول سؤال طرحه الدكتور هو : لما ذا حرم الاسلام المسكرات؟

فقال الامام البروجردي : يكفي أن أشير لك من بين العلل الكثيرة إلى علة واحدة وهي أن الخمرة تحطّم العقل الذي به يمتاز الانسان عن سائر الاحياء ، ويتميز عليهم. كما اوضحناه اعلاه.

٢١٦

ولقد كانت معاقرة الخمور من الآفات التي كانت متفشية ومتجذرة في المجتمع العربي في شبه الجزيرة العربيّة بحيث كانت معالجتها تحتاج الى وقت طويل ، واسلوب مدروس ، ولم تكن الظروف والاحوال في ذلك العهد لتسمح بأن يعلن رسول الاسلام عن تحريم الخمر دفعة واحدة ومن دون آية مقدمات ، وممهّدات لذلك ، بل كان يتحتم عليه أن يعالج هذا الوباء الاجتماعيّ من خلال إعداد الناس لمرحلة التحريم النهائي والقطعي تماما كما يفعل الطبيب بالنسبة إلى المرضى الذين طال بهم المرض ، وتجذر.

من هنا حرّمت الخمر في أربع مراحل تدريجية ضمن آيات أربع أظهرت الاستياء من الخمر لكن لا على نمط واحد ، بل بدأت من مرحلة مخفّفة حتى انتهت إلى مرحلة الاعلان عن التحريم القطعي.

إنّ التمعن في هذه الآيات تكشف لنا عن كيفيّة الاسلوب النبويّ في التبليغ والإرشاد ، والدعوة والهداية ، وينبغي للخطباء ، والكتاب أن يتبعوا هذا الاسلوب المؤثر والمفيد في معالجة الأدواء الاجتماعية المزمنة ، ويكافحها بهذا الشكل حتى يحصلوا على أفضل النتائج.

إن الشرط الاساسي لمكافحة ناجحة لأيّ خلق وسلوك فاسد هو إيقاظ المجتمع وإيقافه أوّلا على أضرار ذلك السلوك ، ومفاسده ، وتذكيره بآثاره السيئة ليحصل لدى المجتمع ـ بذلك ـ الاستعداد الروحي بل والدافع الباطني إلى خوض معركة أساسية وجذرية ضدّ ذلك السلوك الفاسد ، والخلق الذميم ، ويكون الناس هم الضمانة لا نجاح هذه المهمة. وذلك لأن ردّ المعتاد عن عادته كالمعجز كما في الحديث الشريف(١) .

كيف والعرب كانوا يعشقون الخمرة حتى أن الرجل منهم ربما كان يوصي بأن يدفن الى جنب كرمة لتسقى عظامه بالخمر.

يقول أحدهم :

__________________

(١) مفاتيح الغيب : ج ٢ ص ٢٦٣.

٢١٧

اذا مت فادفني الى جنب كرمة

تروّي عظامي بعد موتي عروقها(١)

من هنا اعتبر القرآن الكريم اتخاذ الخمر من التمور والاعناب ـ في مجتمع كان تعاطي الخمر جزء أساسيا من حياته ـ مخالفا للرزق الحسن ، وبذلك ايقظ العقول العافية ، إذ قال :

«وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً »(٢) .

إنّ القرآن أعلن ـ في المرحلة الاولى من مراحل النهي عن تعاطي الخمر ـ أن اتخاذ المسكر من التمر والعنب لا يعد من الارتزاق الحسن بل الارتزاق الحسن هو تناول التمر والعنب على حالتهما الطبيعية.

إن هذه الآية : أعطت هزة ذكيّة للعقول وهيّأت الطبائع المنحرفة لمرحلة أقوى في مسيرة تحريم الخمر حتى يتسنى لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يشدد من نبرته ، ويعلن عن طريق آية اخرى أنّ النفع المادي القليل ، الذي تعود به الخمر ويأتي به القمار ، ليس بشيء بالقياس الى أضرارهما الكبرى وأخطارهما العظيمة ، وقد تم الكشف عن هذه الحقيقة في قوله تعالى :

«يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما »(٣) .

ولا ريب أن مجرد المقارنة بين النفع والضرر ، وكذا الوقوف على زيادة الضرر على النفع كاف لايجاد النفور والاشمئزاز لدى العقلاء ، والداعين من الخمر وما شاكلها ، وشابهها.

إلاّ أن جماهير الناس وعامتهم لن يقلعوا عن هذه العادة الشريرة المتجذرة ما لم يسمعوا نهيا صريحا وقاطعا عنها.

فها هو عبد الرحمن بن عوف رغم نزول هذه الآية قد استضاف جماعة من الصحابة وأحضر على المائدة خمرا ، فأكلوا ، وشربوا الخمر ، ثم قاموا الى الصلاة ، فأخطأ أحدهم في القراءة وهو سكران خطأ غيّر من مراد الله تعالى في ما قرأ من

__________________

(١) أي ما يسكر.

(٢) النحل : ٦٧.

(٣) البقرة : ٢١٩.

٢١٨

الآية ، فقد تلا سورة « الكافرون » ، وبدل أن يقول : « لا أعبد ما تعبدون » قرأ : « أعبد ما تعبدون ». فاضطربت تلك الجماعة لهذا الأمر ، وخشيت أن تكون ارتكبت بذلك أمرا عظيما!!

وقد هيّأ هذا الحادث الناس ليحرّم تعاطي الخمر في ظروف وحالات خاصة على الاقل.

من هنا جاء الاعلان عن حرمة تعاطي الخمر قبل الصلاة ، وأعلن القرآن الكريم بصراحة أنه لا يجوز لمسلم أن يصلّي في حالة السكر ، وقد أعلن عن هذا التشريع الالهيّ في قول الله تعالى :

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ »(١) .

ولقد بلغ من تأثير هذه الآية ، وفاعليتها أن هجر جماعة من المسلمين تعاطي الخمر بالمرّة بحجة أن ما يضرّ بالصلاة يجب ان يطرد من حياة المسلم نهائيا.

ولكن البعض بقي يتعاطاها حتى أنّ رجلا من الأنصار دعا جماعة الى مائدة أحضر فيها الخمر ـ رغم نزول الآية الحاضرة ـ فلما شربوا وأسكروا حمل بعضهم على بعض ، وجرح بعضهم بعضا فشكوا أمرهم إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان الخليفة الثاني لم يزل يشرب الخمر إلى ذلك معتقدا عدم كفاية الآية الحاضرة في التحريم القطعيّ لها ولهذا رفع يديه إلى السماء وقال : اللهم بيّن لنا بيانا شافيا في الخمر.

ولا يخفى أن هذه الحوادث والوقائع المؤسفة قد هيّأت الارضية بشكل رائع لتقبّل مسألة تحريم الخمر تحريما كاملا وقاطعا ، من هنا نزل قوله تعالى يعلن عن هذه الحرمة القطعية :

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ »(٢) .

__________________

(١) النساء : ٤٣.

(٢) المائدة : ٩٠.

٢١٩

وقد دفع هذا البيان البليغ القاطع أن يقلع عن الخمر نهائيا من كان يشربها حتى تلك الساعة بحجة عدم وجود نهي صريح وقاطع عنها.

وقد جاء في كتب السنة والشيعة أن الخليفة الثاني قال بعد سماع هذه الآية : انتهينا يا ربّ(١) !!

وقفة عند « البيان الشافي » :

قلنا إن الخليفة الثاني لم يقتنع بعد سماع الآيات الثلاث بحرمة الخمر ، بل بقي ينتظر بيانا شافيا يكشف عن التحريم القطعي ، حتى اقنعته الآية الرابعة بحرمة الخمور والمسكرات ، وقد كان حكم الله تعالى في هذه الآية هو : أنّ الخمر « رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلّكم تفلحون » ولكن المتغربين ، وهواة المادية الغربية في عصرنا لم تقنعهم كل هذه الآيات بحرمة الخمر ، حتى الآية الرابعة الصريحة في هذا الأمر ، فيقولون لا بدّ أن يعلن عن هذا التحريم بلفظة : حرام أو حرّمت ، والاّ لم يمكن القطع بحرمة الخمر!!

إن هذه الزمرة التابعة لأهوائها ، الأسيرة لشهواتها الحرام ، لا تريد في الحقيقة إلاّ أن تظل عاكفة على الخمر أبدا ، ومن هنا تطرح مثل المعاذير وتتوسل بمثل هذه التحججات الجوفاء.

على أن القرآن الكريم قد استعمل لفظ الحرام بشكل ما في شأن الخمر إذ قال : « وإثمهما أكبر من نفعهما »(٢) .

وقد حرّم تعالى جميع أنواع الإثم في آية اخرى إذ قال :

«قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ »(٣) .

وبعبارة اخرى : لقد بين الله تعالى في آية اخرى الموضوع ، وهو أن الخمر ( التي تسمّى إثما أيضا ) قد حرّمت.

__________________

(١) مستدرك الوسائل : ج ٤ ص ١٤٣ ، روح المعاني : ج ٧ ص ١٥.

(٢) البقرة : ٢١٩.

(٣) الاعراف : ٣٣.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778