مرآة العقول الجزء ٢

مرآة العقول4%

مرآة العقول مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 462

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 462 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 66791 / تحميل: 5304
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

وتعالى ذكره وجلّ ثناؤه سبحانه وتقدّس وتفرّد وتوحّد ولم يزل ولا يزال و «هُوَ الأوّل وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ » فلا أول لأوليته رفيعا في أعلى علوه شامخ الأركان رفيع البنيأنّ عظيم السلطان منيف الآلاء سني العلياء الّذي عجز الواصفون عن كنه صفته ولا يطيقون حمل معرفة إلهيته ولا يحدون حدوده لأنه

________________________________________________________

« وتعالى ذكره » عن الوصف بما يليق بالإمكان، وجلَّ ثناؤه سبحانه عن إحصار الألسن وإحاطة الأذهان، وتقدّس عن الاتصاف بما في بقعة الإمكان، وتفرّد بقدرته عن مشاركة الأعوان، وتوحّد بعزّ جلاله عن مجاورة الأمثال، واتخاذ الأزواج والولدأنّ وهو بذاته لم يزل ولا يزال لا بإحاطة الدُّهور والأزمان، وهو الأوّل الّذي يبتدأ منه وجود كلّ موجود والآخر الّذي ينتهي إليه أمد كلّ معدود، وهو باق بعد فناء كلّ موجود، والظاهر الغالب على الأشياء والمحيط بها بقدرته وعلمه الشامل، والباطن الّذي لا يصل إليه ولا يحيط به إدراك الأوهام والعقول الكاملة، فلا أول لأوليته أيّ لأزليته وقوله: رفيعا، منصوب على الحالية أو على المدح.

« في أعلى علوه » أيّ في علوه الأعلى من الوصف والبيان، أو الأعلى من كلّ علو يصل إليه ويدركه الأوهام، والأذهأنّ أو يعبر عنه بالعبارة واللسان.

« شامخ الأركان » أيّ أركان خلقه أو مخلوقاته العظيمة أو صفاته الّتي هي بمنزلة الأركان، أو استعارة تمثيلية بتشبيه المعقول بالمحسوس، إيضاحا لعلوه ورفعته وكذا قولهعليه‌السلام : رفيع البيان يحتمل الوجوه والأوّل فيه أظهر.

« منيف الآلاء » أيّ مشرفها على الخلق بالفيضأنّ من بحر جوده أو زائدها من أناف عليه أيّ زاد « سنيّ العليا » رفيعة والعليا السماء ورأس الجبل والمكان المرتفع وكلّ ما علا من شيء، ولعلّ المراد هنا كلّ مرتفع يليق بأنّ ينسب إليه، لا يحدّون حدوده أيّ حدود الرب سبحانه، أيّ لا يقدرون على تحديده لأنّهم إنّما يقدرون على التحديد بالكيفيات وأشباهها وهو سبحانه متعال عن الكيفيات والصّفات الزائدة وقال السيّد الداماد (ره): الضمير في حدوده يعود إلى الحمل، يعني: لا يحدّون

١٠١

بالكيفيّة لا يتناهى إليه.

٣ - عليُّ بن إبراهيم، عن المختار بن محمّد بن المختار ومحمّد بن الحسن، عن عبد الله بن الحسن العلويٌ جميعاً، عن الفتح بن يزيد الجرجانيّ قال ضمّني وأبا الحسنعليه‌السلام الطريق في منصرفي من مكّة إلى خراسأنّ وهو سائر إلى العراق فسمعته يقول من اتّقى الله يتّقى ومن أطاع الله يطاع فتلطّفت في الوصول إليه فوصلت فسلمت عليه فردّ عليّ السّلام ثمّ قال يا فتح من أرضى الخالق لم يبال بسخط المخلوق ومن أسخط الخالق فقمن أنّ يسلط الله عليه سخط المخلوق وأنّ الخالق لا يوصف إلّا بما وصف به نفسه وأنى يوصف الّذي تعجز الحواسُّ أنّ تدركه والأوهام أنّ تناله والخطرات أنّ تحدَّه والأبصار عن الإحاطة به جلَّ عمّا وصفه الواصفون وتعالى عمّا ينعته الناعتون نأى في قربه وقربٌ في نأيه فهو في نأيه قريب وفي قربه بعيد كّيف الكيف فلا يقال : كيف ؟ وأيّن الأين فلا يقال أين إذ هو منقطع

________________________________________________________

حدود حمل معرفته إذ بالوصف لا يدرك إلى مداه، وبالصفة لا يدرك منتهاه، وبالكيفيّة لا يتناهى إلى حده ولا يخفى بعده.

الحديث الثالث: مجهول وأبو الحسن الثاني كما يظهر من العيون أو الثالث كما يظهر من كشف الغمة وغيره، « يتّقى » أيّ يخافه كلّ شيء « يطاع »: أيّ يجعل الله الخلق مطيعاً له.

قولهعليه‌السلام : فلطفت، أيّ وصلت إليه بلطف ورفق، أو بحيل لطيفة، وقال في المغرب هو قمن بكذا وقمين به أيّ خليق، والجمع قمنون وقمناء، وأمّا قمن بالفتح فيستوي فيه المذكر والمؤنث والاثنأنّ والجمع.

قولهعليه‌السلام : إذ هو منقطع الكيفوفية، أيّ عنده تعالى ينقطع الكيف والأين، وقيل: يحتمل أنّ يكون من قبيل الوصف بحال المتعلق، وعلى صيغة اسم الفاعل أيّ الكيفوفية والأينونيّة منقطعة عنه، ويحتمل أنّ يكون على صيغة اسم المفعول أيّ هو منقطع فيه وعنده الكيفوفيّة والأينونيّة، أو اسم مكان أيّ مرتبته مرتبة انقطع

١٠٢

الكيفوفيّة والأينونيّة.

٤ - محمّد بن أبي عبد الله رفعه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال بينا أمير المؤمنينعليه‌السلام يخطب على منبر الكوفة إذ قام إليه رجلَّ يقال له: ذعلب ذو لسان بليغ في الخطب شجاع القلب فقال يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك قال ويلك يا ذعلب ما كنت أعبد ربّاً لم أره فقال يا أمير المؤمنين كيف رأيته قال ويلك يا ذعلب لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ويلك يا ذعلب أنّ ربّي لطيف اللطافة - لا يوصف باللطف عظيم العظمة لا يوصف بالعظم كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ قبل كلّ شيء لا يقال شيء قبله وبعد كلّ شيء لا يقال له بعد شاء الأشياء لا بهمّة درّاك لا بخديعة في

________________________________________________________

فيها الكيفوفيّة والأينونيّة.

الحديث الرابع: مرفوع، وذعلب اليماني ضبطه الشهيد في قواعده بكسر الذال المعجمة وسكون العين المهملة وكسر اللام.

قوله: بحقائق الإيمان، أيّ بحقائق هي الإيمان أو بمحقّقاته أو بالتصديقات الّتي هي أركان الإيمان، أو بالأنوار الّتي حصلت في القلب من الإيمان، أو بالإذعانات الحقة الثابتة، أو بما هو حق الإيمان به « لطيف اللطافة » أيّ لطافته تعالى خفيّة لا تصل إليها العقول، ولا يوصف باللطف الجسماًني « لا يوصف بالعظم » أيّ لا يمكن وصف عظمته أو لا يوصف بعظمته الجسم « لا يوصف بالغلظ » أيّ ليس جلالته تعالى بمعنى الغلظ في الجثة، أو ليس جلالته مقرونة بالغلظ في الخلق كما في المخلوقين، « قبل كلّ شيء أيّ » بالعليّة وسائر أنواع التقدّم « لا يقال شيء قبله » بنحو من أنحاء القبليّة وأقسامها الأزليّة « وبعد كلّ شيء » فينتهي وجود كلّ شيء إليه، وهو الباقي بعده « لا يقال له بعد » ينتهي وجوده سبحانه إليه، وقيل: أيّ لا يقال له بعد على الإطلاق ومنفردا عن ذكر القبل كما يقال: هو الأوّل والآخر، ولا يقال له الآخر منفرداً عن ذكر الأوّل « شاء » اسم فاعل أو فعل ماض.

« لا بهمّة » أيّ إرادة وخطور بال، « لا بخديعة » أيّ لا بحيلة في إدراكها في

١٠٣

الأشياء كلّها غير متمازج بها ولا بائن منها ظاهرٌ لا بتأويل المباشرة متجلَّ لا باستهلال رؤية ناء لا بمسافة قريب لا بمداناة لطيف لا بتجسّم موجودٌ لا بعد عدم فاعلٌ لا باضطرار مقدّرٌ لا بحركة مريد لا بهمامة سميع لا بآلة بصيرٌ لا بأداة لا تحويه الأماكن ولا تضمّنه الأوقات ولا تحدَّه الصّفات ولا تأخذه السنات

________________________________________________________

الأشياء كلّها بعلمه بها وتدبيره لها « غير متمازج بها » بالمجاورة والخلط « ولا بائن منها » مفارقاً عنها بالبعد، فأنّ القرب والبعد المكانيّين وما بحكمهما لا يليقان به سبحانه « ظاهر » أيّ غالب، أو بين، وليس غلبته بكونه سبحانه راكباً فوقها، أو ليس تبينه بأنّ يكون ملموساً أو مدركاً بحس « متجلَّ » أيّ ظاهر غير خفي على عباده بالآيات والأدلة، لا بظهور وانكشاف من رؤية.

وقال في المغرب أهلّ الهلال واستهلّ مبنيّاً للمفعول فيهما إذا أبصر ناء من الأشياء بعيد عنها لعجزها عن الوصول إلى معرفة ذاته وحقيقته، لا ببعد مسافة، قريب من الأشياء لعلمه بجميعها لا بمداناة ومقارنة « لطيف » أيّ يدقّ عن إدراك المدارك، لا بدقة جسماًنية « لا باضطرار » أيّ بكونه مجبوراً على ما يفعله، بل إنّما يفعل بعلمه ومشيته « مقدر » للأشياء محدد ومصوّر لها « لا بحركة » أيّ حركته أو حركة جوارحه أو بحركة ذهنية كما في المخلوقين « لا بهمامة » أيّ لا بقصد وخطور بال « ولا تحدَّه الصّفات » أيّ توصيفات الناس أو صفات المخلوقين، والسنة مبدء النوم « سبق الأوقات » بالنصب « كونه » بالرفع، إذ هو علّة لها أو المعنى لم تصل الأزمان إليه بأنّ تتقدر بها « والعدم وجوده » قيل: المراد أنّه علّة لإعدام الممكنات كما أنّه تعالى علّة لوجوداتها لأنّ عدم العالم قبل وجوده كان مستنداً إلى عدم الداعي إلى إيجاده المستندّ إلى وجوده فوجوده سبق عدم الممكنات أيضاً، أو المراد أزليّته أيّ كلّ عدم ممكن تفرض أيّ عدمه السابق المقارن للوجود فهو مقدم عليه، أو المراد سبق وجوده على عدمه تعالى، لأنّ وجوده لـمّا كان واجباً كان عدمه ممتنعاً، فكان وجوده سابقاً على عدمه، وغالباً عليه

١٠٤

سبق الأوقات كونه والعدم وجوده والابتداء أزله بتشعيره المشاعر عرف أنّ لا مشعر

________________________________________________________

وقيل: الأعدام تابعة للملكات، والملكات مصنوعة له، فالأعدام كذلك.

« والإبتداء أزله » أيّ أزليته أزليّة لا تجتمع مع الابتداء وتنافيه، فكلـمّا جعلت له ابتداء فهو موجود لأزليّته قبله، أو أنّ أزليّته سبقت بالعليّة كلّ ابتداء ومبتدإ، « بتشعيره المشاعر » أيّ بإيجادها وإفاضة وجوداتها وكونها ممكنة موجودة بالإيجاد عرف أنها مخلوقة له فلا يستكمل بها، ولا يكون مناط علمه الذّاتي، فلا يكون مشاعر له أو لأنا بعد إفاضة المشاعر علمنا احتياجنا في الإدراك إليها، فحكمنا بتنزهه سبحانه عنها لاستحالة احتياجه تعالى في كماله إلى شيء، أو لـمّا يحكم به العقل من المباينة بين الخالق والمخلوق في الصّفات.

وقال ابن ميثمرحمه‌الله في شرح النهج: لأنّه لو كان له مشاعر لكان وجودها له إمّا من غيره وهو محال، وإمّا منه وهو أيضاً محال، لأنها أنّ كانت من كمالات ألوهيته كان موجداً لها من حيث هو فاقد كما لا، فكان ناقصاً بذاته وهذا محال وأنّ لم تكن كمإلّا كان إثباتها له نقصاً، لأنّ الزيّادة على الكمال نقصان، فكان إيجاده لها مستلزماً لنقصأنّه وهو محال.

واعترض عليه بعض الأفاضل بوجوه: أحدها بالنقض لأنّه لو تمّ ما ذكره يلزم أنّ لا تثبت له تعالى صفة كماليّة كالعلم والقدرة ونحوهما، وثانيها: بالحلّ باختيار شق آخر، وهو أنّ يكون ذلك المشعر عين ذاته سبحانه كالعلم والقدرة، وثالثها: أنّ هذا الكلام على تقدير تمامه استدلّ ال برأسه لم يظهر فيه مدخلية قولهعليه‌السلام بتشعيره المشاعر في نفي المشعر عنه تعالى، وأنّ ما استعمله لم تثبت به وقد ثبتت بغيره ثمّ قال: فالأوّلى أنّ يقال قد تقرر أنّ الطبيعة الواحدة لا يمكن أنّ يكون بعض أفرادها علّة لبعض آخر لذاته، لأنّه لو فرض كون نار مثلاً علّة لنار فعلية هذه ومعلوليّته تلك إمّا لنفس كونهما ناراً فلا رجحان لأحدهما في العليّة، وللأخرى في المعلوليّة، بل يلزم أنّ يكون كلّ نار علّة للأخرى، بل علّة لذاتها ومعلولاً لذاتها،

١٠٥

له وبتجهيره الجواهر عرف أنّ لا جوهر له وبمضادّته بين الأشياء عرف أنّ لا ضدّ له

________________________________________________________

وهو محال وأنّ كانت العليّة لانضمام شيء آخر فلم يكن ما فرضناه علّة علّة بل العلّة حينئذ ذلك الشيء فقط، لعدم الرجحأنّ في أحدهما للشرطية والجزئية أيضا، لاتحادهما من جهة المعنى المشترك، وكذلك لو فرض المعلوليّة لأجلَّ ضميمة.

فقد تبيّن أنّ جاعل الشيء يستحيل أنّ يكون مشاركاً لمجعوله، وبه يعرف أنّ كلّ كمال وكلّ أمرّ وجوديّ يتحقق في الموجودات الإمكانيّة فنوعه وجنسه مسلوب عنه تعالى، ولكن يوجد له ما هو أعلى وأشرف منه، إمّا الأوّل فلتعاليه عن النقص وكلّ مجعول ناقص وإلّا لم يكن مفتقراً إلى جاعل، وكذا ما يساويه في المرتبة كآحاد نوعه وأفراد جنسه، وإمّا الثاني فلأنّ معطي كلّ كمال ليس بفاقد له، بل هو منبعه ومعدنه وما في المجعول رشحه وظله « انتهى ».

وقيل: المراد مشاعر العبادة « وبتجهيره الجواهر » أيّ بتحقيق حقائقها عرف أنها ممكنة، وكلّ ممكن محتاج إلى مبدء، فمبدأ المبادئ لا يكون حقيقة من هذه الحقائق « وبمضادته بين الأشياء » المتضادة من الحقائق النوعية(١) الصورية الجوهرية أو العرضية وجعلها حقائق متضادة لتحدّدها بتحديدات من جاعلها لها، لا يجامع بعضها بعضا لتخالف حقائقها المتحددة بالحدود المتباينة المتنافية، وكلّ حقائق مخلوقة بالحدود متحددة، والإحدى المقدّس عن التحددات لا يضاده المحدود المتنزل عن مرتبته، وكيف يضاد المخلوق خالقه والفائض مفيضه كذا قيل.

وأقول: المراد بالضدّ إمّا المعنى المصطلح أيّ موجودأنّ متعاقبأنّ على موضوع أو محل واحد، أو المعنى العرفي الّذي هو المساوي للشيء في القوة، فعلى الأوّل نقول: لـمّا خلق الأضداد في محالها، ووجدناها محتاجة إليها، علمنا عدم كونه ضدّ الشيء، للزوم الحاجة إلى المحل المنافية لوجوب الوجود، أو لأنا لـمّا وجدنا كلا من الضدين يمنع وجود الآخر ويدفعه وينفيه، فعلمنا أنّه تعالى منزّه من ذلك، وإمّا الثاني فلأنّ المساوي في القوّة للواجب يجب أنّ يكون واجباً، فيلزم تعدّد الواجب وقد مرّ بطلانه

__________________

(١) وفي نسخة « الناعية » بدل « النوعية » وهو خلاف الظاهر.

١٠٦

وبمقارنته بين الأشياء عرف أنّ لا قرين له ضادّ النور بالظلمة واليبس بالبلل والخشن باللين والصرد بالحرور مؤلف بين متعادياتها ومفرّقٌ بين متدانياتها دالّةٌ بتفريقها على مفرقها وبتأليفها على مؤلفها وذلك قوله تعالى: «وَمِنْ كلّ شَيْءٍ خَلَقْنا

________________________________________________________

« وبمقارنته بين الأشياء » أيّ بجعل بعضها مقارناً لبعض كالأعراض ومحالّها، والممكنات وأمكنتها، والملزومات ولوازمها « عرف أنّ لا قرين له » مثلها، لدلالة كلّ نوع منها على أنواع النقص والعجز والافتقار.

وقيل: أيّ بجعلها متحددة بتحددات متناسبة موجبة للمقارنة، عرف أنّ لا قرين له، وكيف يناسب المتحدّد بتحدّد خاص دون المتحدّد بتحدّد آخر من لا تحدّد له، فأنّ نسبة اللاتحدّد إلى التحددات كلّها سواء « ضاد النور بالظّلمة » بناء على كون الظلمة أمراً وجوديا، وعلى تقدير كونها عدم ملكة ففي تسميتها بالضدّ تجوز ولعلّ المراد بالضدّ غير ما هو المصطلح.

والصرد بفتح الراء وسكونها: البرد « فارسي معرّب » والحرور بالفتح: الريح الحارّة « مؤلف بين متعادياتها » كما ألف بين العناصر المختلفة الكيفيات، وبين الروح والبدن، وبين القلوب المتشتتّة الأهواء وغير ذلك « مفرق بين متدانياتها » كما يفرق بين أجزاء العناصر وكلياتها للتركيب، وكما يفرق بين الروح والبدن، وبين أجزاء المركبات عندّ انحلالها، والأبدان بعد موتها، وبين القلوب المتناسبة [ المتلاصقة ] لحكم لا تحصى، فدل التأليف والتفريق المذكوران الواقعأنّ على خلاف مقتضى الطبائع على قاسر يقسرها عليهما، وكونهما على غاية الحكمة ونهاية الإتقأنّ على علم القاسر وقدرته وحكمته وكماله.

قولهعليه‌السلام : « وذلك قوله » يحتمل أنّ يكون ذكر الآية استشهادا بكون المضادة والمقارنة دليلين على عدم اتّصافه بهما، كما فسّر بعض المفسرين الآية بأنّ الله تعالى خلق من كلّ جنس من أجناس الموجودات نوعين متقابلين، وهما زوجان لأنّ كلّ واحد منهما مزدوج بالآخر كالذكر والأنثى، والسواد والبياض، والسماء والأرض،

١٠٧

زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ »(١) ففرّق بين قبل وبعد ليعلم أنّ لا قبل له ولا بعد له شاهدة

________________________________________________________

والنور والظلّمة، والليل والنهار، والحارّ والبارد، والرطب واليابس، والشمس والقمر، والثوابت والسيارات، والسهل والجبل، والبحر والبر، والصيف والشتاء، والجنّ والإنس، والعلم والجهل، والشجاعة والجبن، والجود والبخل، والإيمان والكفر، والسعادة والشقاوة، والحلاوة والمرارة، والصحة والسقم، والغناء والفقر، والضحك والبكاء، والفرح والحزن، والحياة والموت إلى غير ذلك ممّا لا يحصى، خلقهم كذلك ليعلم أنّ لهم موجداً ليس هو كذلك.

ويحتمل أنّ يكون استشهاداً لكون التأليف والتفريق دالين على الصانع، لدلالة خلق الزوجين على المفرق والمؤلف لهما لأنّه خلق الزوجين من واحد بالنوع فيحتاج إلى مفرق بجعلهما متفرقين، وجعلهما مزاوجين مؤتلفين ألفه لخصوصهما، فيحتاج إلى مؤلف بجعلهما مؤتلفين.

وقيل: كلّ موجود دون الله فيه زوجان اثنأنّ كالمهية والوجود، والوجوب والإمكان، والمادة والصورة، والجنس والفصل، وأيضاً كلّ ما عداه يوصف بالمتضايفين كالعليّة والمعلوليّة، والقرب والبعد، والمقارنة والمباينة، والتآلف والتفرق والمعاداة والموافقة، وغيرها من الأمور الإضافية.

وقال بعض المفسرين: المراد بالشيء الجنس، وأقل ما يكون تحت الجنس نوعان، فمن كلّ جنس نوعان كالجوهر منه المادي والمجرد، ومن المادي الجماد والنامي، ومن النامي النبات والمدرك، ومن المدرك الصامت والناطق، وكلّ ذلك يدّل على أنّه واحد لا كثرة فيه، فقوله: «لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ » أيّ تعرفون من اتصاف كلّ مخلوق بصفة التركيب والتضايف والزوجية، أنّ خالقهما واحد أحدّ لا يوصف بصفاتها.

قولهعليه‌السلام : ليعلم أنّ لا قبل له، ظاهره نفي كونه سبحانه زمانيّاً ويحتمل أنّ يكون المعنى عرفهم معنى القبليّة والبعديّة، ليحكموا بأنّ ليس شيء قبله ولا

__________________

(١) سورة الذاريات: ٤٩.

١٠٨

بغرائزها أن لا غريزة لمغرّزها مخبرة بتوقيتها أنّ لا وقت لموقتها حجب بعضها عن بعض ليعلم أنّ لا حجاب بينه وبين خلقه كان ربّاً إذ لا مربوب وإلها إذ لا مألوه وعالماً إذ لا معلوم وسميعاً إذ لا مسموع.

٥ - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن شباب الصيرفي واسمه محمّد بن الوليد، عن عليّ بن سيف بن عميرة قال حدثني إسماعيل بن قتيبة قال دخلت أنا وعيسى شلقان على أبي عبد اللهعليه‌السلام فابتدأنا فقال عجباً لأقوام يدّعون على أمير المؤمنينعليه‌السلام ما لم يتكلم به قطٌّ خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام الناس بالكوفة فقال الحمد لله الملهم عباده حمده وفاطرهم على معرفة ربوبيّته الدّال على وجوده بخلقه

________________________________________________________

بعده، والغرائز: الطبائع ومغرّزها موجد غرائزها ومفيضها عليها، ويمكن حملها وأمثالها على الجعل البسيط أنّ كان حقّاً.

وقيل: إنّما تشهد لتعاليه عن التحدّد الّذي إنّما يكون بها الطبيعة والغريزة لأنّه تحدّد يلحقه الوجود، والمتحدّدة به خالية في ذاتها عن الوجود، أو لتعاليه عن التحدّد مطلقاً، وربّما تحمل الغرائز على الملكات والصّفات النفسانية كالشجاعة والسخاوة والشهامة وأمثالها، وتوقيتها تخصيص حدوث كلّ منهما بوقت، وبقائها إلى وقت، و « حجب بعضها عن بعض » أيّ بالحجب الجسماًنية، أو الأعم ليعلم أنّ ذلك نقص وعجز وهو منزّه عن ذلك، بل ليس لهم عن الرب حجاب إلّا أنفسهم، لإمكانهم ونقصهم « كان ربّاً » أيّ قادراً على التربية، إذ هو الكمال، وفعليتها منوطة بالمصلحة، « وإلها إذ لا مألوه » أيّ من له الآلة، أيّ كان مستحقّاً للمعبودية إذ لا عابد.

الحديث الخامس: ضعيف.

قولهعليه‌السلام : ما لم يتكلم، من تشبيه الله تعالى وادعاء ألوهيته وأمثال ذلك.

قولهعليه‌السلام : الملهم عباده، أيّ خواصهم « حمده » أيّ حمدا يليق به أو الأعم على حسب قابليتهم واستعدادهم « وفاطرهم على معرفة ربوبيّته » بإقدارهم على المعرفة واطلاعهم عليها بالعلم بالمقدمات الدّالة عليه بالفعل أو بالقوّة القريبة منه، أو بما ألقى عليهم من الإقرار به في الميثاق، كما يظهر من الأخبار الدّال على وجوده بخلقه

١٠٩

وبحدوث خلقه على أزله وباشتباههم على أنّ لا شبه له المستشهد بآياته على قدرته الممتنعة من الصّفات ذاته ومن الأبصار رؤيته ومن الأوهام الإحاطة به لا أمد لكونه ولا غاية لبقائه لا تشمله المشاعر ولا تحجبه الحجب والحجاب بينه وبين خلقه خلقه إياهم لامتناعه ممّا يمكن في ذواتهم ولإمكان ممّا يمتنع منه ولافتراق الصانع من المصنوع والحاد من المحدود والرب من المربوب الواحد بلا تأويل عدد والخالق لا بمعنى حركة والبصيّر لا بأداة والسميع لا بتفريق آلة والشاهد لا بمماسة

________________________________________________________

لإمكانهم واحتياجهم إلى المؤثّر « وبحدوث خلقه على أزله » وفي التّوحيد أزليّته يدّل على أنّ الحدوث علّة الحاجة إلى العلة، وعلى حدوث ما سواه « وباشتباههم » إذ تلك المشابهات في الأمور الممكنة ولوازم الإمكان، وقيل: المراد اشتراكهم في المهيات ولوازمها، إذ الاشتراك يدّل على التركيب، وقيل: المراد اشتباههم في الحاجة إلى المؤثر والمدبر.

« لا أمد » في الأزل « ولا غاية » أيّ في الأبد « والحجاب بينه وبين خلقه » أيّ إنّما الحجاب بينه وبين خلقه كونه خالقاً بريئا عن الإمكان، وكونهم مخلوقة ممكنة قاصرة عن نيل البريء بذاته وصفاته عن الإمكان، فالحجاب بينه وبين خلقه قصورهم وكماله، وهذا هو المراد بقوله: لامتناعه ممّا يمكن في ذواتهم.

« ولا مكان » بالتنوين عوض المحذوف أيّ لا مكان ذواتهم أو ما في ذواتهم ممّا يمتنع منه ذاته تعالى، وقيل: أيّ يمكن له بالإمكان العام ما يمتنع منه ذواتهم كالوجوب والأزلية، ولا يخفى ما فيه.

« بلا تأويل عدد » بأنّ يكون له تعالى ثأنّ من نوعه أو يكون مركبا فيطلق عليه الواحد بتأويل أنّه واحد من نوع مثلاً « لا بمعنى حركة » أيّ جسمانيّة أو نفسانيّة.

« لا بتفريق آلة » أيّ لا بآلة مغايرة لذاته أو بإدخال شيء فيها، فانّه يتضمّن التفريق، وفي التوحيد: السميع لا بأداة البصر، لا بتفريق آلة، أيّ بفتح العين

١١٠

والباطن لا باجتنأنّ والظاهر البائن لا بتراخي مسافة أزله نُهية لمجاول الأفكار ودوامه ردع لطامحات العقول قد حسر كنهه نوافذ الأبصار وقمع وجوده جوائل الأوهام فمن وصف الله فقد حده ومن حدّه فقد عدّه ومن عدّه فقد أبطل أزله ومن قال:

________________________________________________________

أو بعث الأشعة وتوزيعها على المبصرات، على القول بالشعاع، أو تقليب الحدقة وتوجيهها مرة إلى هذا المبصر، ومرة إلى ذلك كما يقال فلان مفرق الهمة والخاطر إذا وزع فكره على حفظ أشياء متباينة ومراعاتها « لا باجتنأنّ » الاجتنان: الاستتار، أيّ أنّه باطن بمعنى أنّ العقول والأفهام لا تصل إلى كنهه لا باستتاره بستر وحجاب، أو علم البواطن لا بالدخول فيها والاستتار بها.

والنهية بضم النون وسكون الهاء وفتح الياء اسم من نهاه ضدّ أمره، والمجاول بالجيم جمع مجول بفتح الميم، وهو مكان الجولأنّ وزمانه، أو مصدر، والردع: المنع والكف، والحسر: الإعياء يتعدى ولا يتعدى، والمراد هنا المتعدي، والقمع: القلع والجوائل جمع جائل أو جائلة من الجولان.

قولهعليه‌السلام : فمن وصف الله، بالصورة والكيف فقد جعله جسماً ذا حدود ومن جعله ذا حدود فقد جعله ذا أجزاء، وكلّ ذي أجزاء محتاج حادث، أو من وصف الله وحاول تحديد كنهه فقد جعله ذا حدّ مركّب من جنس وفصل، فقد صار حقيقته مركبة محتاجة إلى الأجزاء حادثة، أو من وصف الله بالصّفات الزائدة فقد جعل ذاته محدودة بها، ومن حده كذلك فقد جعله ذا عدد، إذ اختلاف الصّفات إنّما تكون بتعدّد أجزاء الذّات، أو قال: بتعدّد الآلهة، إذ يكون كلّ صفة لقدمها إلها غير محتاج إلى علة، ومن كان مشاركاً في الإلهية لا يكون قديماً فيحتاج إلى علّة أو جعله مع صفاته ذا عدد، وعروض الصّفات المغايرة الموجودة ينافي الأزلية، لأنّ الاتصاف نوع علاقة توجب احتياج كلّ منهما إلى الآخر، وهو ينافي وجوب الوجود والأزلية، أو المعنى أنّه على تقدير زيادة الصّفات يلزم تركب الصانع إذ ظاهر أنّ الذّات بدون ملاحظة الصّفات ليست بصانع للعالم، فالصانع المجموع، فيلزم تركبه

١١١

أين فقد غيّاه ومن قال علام فقد أخلى منه ومن قال فيم فقد ضمنه

٦ - ورواه محمّد بن الحسين، عن صالح بن حمزة، عن فتح بن عبد الله مولى بني هاشم قال كتبت إلى أبي إبراهيمعليه‌السلام أسأله عن شيء من التّوحيد فكتب إلي بخطّه الحمد لله الملهم عباده حمده _ وذكر مثل ما رواه سهل بن زياد إلى قوله وقمع وجوده جوائل الأوهام - ثمّ زاد فيه -: أول الديانة به معرفته وكمال معرفته توحيده وكمال توحيده نفي الصّفات عنه بشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف وشهادة الموصوف أنّه غير الصفة وشهادتهما جميعاً بالتثنية الممتنع منه الأزل فمن وصف الله

________________________________________________________

المستلزم للحاجة والإمكان.

وقيل: المعنى فقد عدّه من المخلوقين « ومن قال: أين فقد غياه » أيّ جعل له نهاية ينتهي لها إلى أينه أو جعله جسماً ذا غايات ونهايات « ومن قال على م؟ » أيّ على ما وعلى أيّ شيء هو « فقد أخلى منه » غير ما جعله سبحانه عليه « ومن قال: فيم؟ » أيّ فيما هو « فقد ضمنه » أيّ حكم بكونه في شيء محيطة به.

الحديث السادس: مجهول والديانة مصدر دأنّ يدين، وفي المصادر الديانة « دين دار گشتن » ويعدي بالباء، والمعنىّ أول التدين بدين الله معرفته، أيّ العلم بوجوده وكماله والتقدّس عمّا لا يليق به وأوليتها ظاهرة لكونها أشرف المعارف، وتوقف سائر المعارف وصحة جميع الأعمال عليه « وكمال معرفته توحيده » أيّ اعتقاد كونه متوحّداً غير مشارك لغيره في إلهيته وفي صفاته الذاتيّة فضلا عن المشاركة في الذّاتي وكمال توحيده نفي الصّفات الزائدة عنه، لشهادة كلّ من الصفة والموصوف بمغايرته للآخر، وفيه رد على الأشاعرة القائلين أنّ صفاته سبحانه لا عينه ولا غيره.

والمغايرة موجب لأحدّ أمور: إمّا كونهما قديمين فيلزم تعدّد الواجب، واحتياج كلّ من الواجبين إلى الآخر كما مر، أو حدوث الصفة، فيلزم كونه تعالى محلا للحوادث، وكونه ناقصاً في ذاته وهو أيضاً ينافي الأزلية، ولو قيل: الصانع هو المجموع فيلزم تركبه وافتقاره مع لزوم تعدّد الواجب أيضا، فمن قال

١١٢

فقد حدّه ومن حدّه فقد عدّه ومن عدّه فقد أبطل أزله ومن قال كيف فقد استوصفه ومن قال فيم فقد ضمّنه ومن قال علام فقد جهله ومن قال أين فقد أخلى منه ومن قال ما هو فقد نعته ومن قال إلام فقد غاياه عالم إذ لا معلوم وخالق إذ لا مخلوق ورب إذ لا مربوب وكذلك يوصف ربّنا وفوق ما يصفه الواصفون.

٧ - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن أحمد بن النضر وغيره عمّن ذكره، عن عمرو بن ثابت، عن رجل سمّاه، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الأعور قال خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام خطبة بعد العصر فعجب الناس من حسن صفته وما ذكره من تعظيم الله جلَّ جلاله قال أبو إسحاق فقلت للحارث أوما حفظتها قال قد كتبتها فأملاها علينا من كتابه الحمد لله الّذي لا يموت ولا تنقضي عجائبه لأنّه كلّ يوم في شان من إحداث بديع لم يكن الّذي لم يلد فيكون

________________________________________________________

كيف؟ فقد طلب وصفه بصفات المخلوقين، وقد نفيناه عنه « ومن قال على م؟ فقد حمله » أيّ جعله محمولاً ومحتاجاً إلى ما يحمله(١) « ومن قال أين؟ فقد أخلى منه » أيّ جعله مخصوصا بأين خاص، وأخلى منه سائر الأيون، والحال أنّ نسبته إلى الأيون على السواء « فقد نعته » أيّ بما يقع في جواب ما هو من مهية وحقيقة كلية أو بصفات المخلوقين، فلذا سأل عن كنهه « ومن قال إلى م؟ » أيّ إلى أيّ زمأنّ يكون موجودا، « فقد غاياه » أيّ جعل لوجوده غاية ولا غاية له أزلا وأبدا.

الحديث السابع: مرسل.

قولهعليه‌السلام : ولا تنقضي عجائبه، أيّ كلـمّا تأمل الإنسان يجد من آثار قدرته وعجائب صنعته ما لم يكن وجدّه قبل ذلك ولا ينتهي إلى حد، أو أنّه كلّ يوم يظهر من آثار صنعه خلق عجيب وطور غريب يحار فيه العقول والأفهام، والثاني بالتعليل أنسب، وفيه رد على اليهود حيث قالوا: يد الله مغلولة « فيكون في العزّ مشاركاً » لمشاركة أنسب، وفيه رد على اليهود حيث قالوا: يد الله مغلولة « فيكون في العزّ مشاركاً » لمشاركة الولد لوالده في العزّ واستحقاق التعظيم، أو المعنى أنّه ولد فيشاركه في الحقيقة

__________________

(١) كذا في النسخ ومنه يظهر أنّ نسخة الشارح (ره) « فقد حمله » بدل « فقد جهله ».

١١٣

في العزّمشاركاً وَلَم يولد فيكون موروثا هالكا ولم تقع عليه الأوهام فتقدره شبحاً ماثلاً ولم تدركه الأبصار فيكون بعد انتقالها حائلا الّذي ليست في أوّليّته نهاية ولا

________________________________________________________

الأحديّة صارت سبباً لعزّته لأنّ التوالد عبارة عن كون الشيء مبدء لـمّا هو مثله في نوعه وجنسه، فيلزم مشاركته معه في الحقيقة، فيلزم تركبه سبحانه وكونه ممكناً محتاجاً، فينافي عزته ووجوب وجوده « فيكون موروثا » أيّ يرثه ولده بعد موته كما هو شأنّ كلّ والد.

والحاصل أنّ كلّ مولود معلول حادث، وكلّ حادث بمعرض الهلاك والفناء. وأيضاً السبب الحقيقي للتوالد والتناسل حفظ بقاء النوع الّذي لا يمكن له البقاء وأيضاً السبب الحقيقي للتوالد والتناسل حفظ بقاء النوع الّذي لا يمكن له البقاء الشخصي، فكلّ مولود لا بد أنّ يكون كوالده موروثا حادثا هالكا في وقت وأنّ كان وارثاً موجوداً في وقت آخر.

« فتقدره شبحاً مائلا » أيّ قائماً أو مماثلاً ومشابها للممكنات، إذ الوهم رئيس القوي الحسية والخيالية، فكلّ ما يدركه من الذوات يصوره بقوّته الخيالية شخصا متقدرا كأنّه يشاهده شبحاً حاضرا عنده، ماثلاً بين يديه فأنّ كان تصوره للرب سبحانه على هذا الوجه مطابقا للواقع يلزم كونه تعالى جسماً مقداريا محدوداً وهو محال، وأنّ كان كاذبا فلم يكن أدركه بل أدرك أمراً آخر، فهو تعالى منزّه من أنّ يقع عليه وهم.

« فيكون بعد انتقالها حائلا » أيّ متغيراً، من حال الشيء يحول إذا تغيّر أيّ لا تدركه الأبصار، وإلّا لكان بعد انتقالها عنه متغيراً ومنقلباً عن الحالة الّتي كانت له عندّ الإبصار من المقابلة والمحاذاة والوضع الخاص وغير ذلك، أو عن حلوله في الباصرة بزوال صورته الموافقة له في الحقيقة عنها، وقيل: المراد بانتقالها عنه مرور الأزمنة عليه سبحانه، وفناء الرائين وحدوث جماعة أخرى متغيراً من حال إلى حال كما هو شأنّ المبصرات.

وبعض الأفاضل قرأ بعد مضمومة الباء مرفوعة الإعراب، على أنّ يكون اسم كان، والحائل بمعنى الحاجز أيّ كان بعد انتقال الأبصار إليه حائلا من رؤيته، ومنهم

١١٤

لآخريّته حدّ ولا غاية الّذي لم يسبقهُ وقتٌ ولم يتقدّمه زمانٌ ولا يتعاوره زيادة ولا نقصان ولا يوصف بأين ولا بم ولا مكان الّذي بطن من خفيّات الأمور وظهر في العقول بما يرى في خلقه من علامات التدبير الّذي سئلت الأنبياء عنه فلم تصفه بحدّ ولا ببعض بل وصفته بفعاله ودلت عليه بآياته لا تستطيع عقول المتفكرين جحدّه لأنّ من كانت السماوات والأرض فطرته وما فيهنّ وما بينهنَّ وهو الصانع لهنِّ فلا مدفع لقدرته الّذي نأى من الخلق فلا شيء كمثله الّذي خلق خلقه لعبادته وأقدرهم على طاعته بما جعل فيهم وقطع عذرهم بالحجج فعن بيّنة هلك

________________________________________________________

من قرأ خائلا بالخاء المعجمة أيّ ذا خيال وصورة متمثّلة في المدرك، والتعاور: الورود على التناوب « لم يوصف بأين » أيّ بمكان فيكون نفي المكان تأكيداً أو بجهة مجازاً « ولا بما؟ »(١) إذ ليست له مهية يمكن أنّ تعرف حتّى يسأل عنها بما هو.

قولهعليه‌السلام : بطن من خفيّات الأمور، أيّ أدرك الباطن من خفيّات الأمور ونفذ علمه في بواطنها، أو المراد أنّ كنهه تعالى أبطن وأخفى من خفيّات الأمور مع أنّ وجوده أجلى من كلّ شيء في العقول « بما يرى في خلقه » من آثار تدبيره بحدّ « ولا ببعض » أيّ بكونه محدوداً بحدود جسماًنية أو عقلانية أو بأجزاء وأبعاض خارجية أو عقلية وقيل: أيّ لم يحسبوا بحدّ ولا ببعض حدّ وهو الحدّ الناقص كالجواب بالفصل القريب دون الجنس القريب، بل عدلوا عن الوصف بالحدّ تإمّا أو ناقصاً إلى الرسوم الناقصة وهو الوصف له تعالى بفعاله كما قال الكليمعليه‌السلام في جواب «وَما رَبُّ الْعالَمِينَ » «رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا »(٢) الآيات.

قولهعليه‌السلام : بما جعل فيهم، أيّ من الأعضاء والجوارح والقوّة والاستطاعة « بالحجج » أيّ الباطنة وهي العقول، والظاهرة وهي الأنبياء والأوصياء « فعن بينة » أيّ بسبب بينة واضحة أو معرضا ومجاوزا عنها، أو عن بمعنى بعد أيّ بعد وضوح بينة

__________________

(١) وفي المتن « ولا بم ».

(٢) سورة الشعراء: ٢٣.

١١٥

من هلك وبمنّه نجا من نجا ولله الفضل مبدءاً ومعيداً ثمّ أنّ الله وله الحمد افتتح الحمد لنفسه وختم أمرّ الدُّنيا ومحلّ الآخرة بالحمد لنفسه فقال : «وقضى بَيْنَهُمْ بِالحقّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ »(١) .

الحمد لله اللابس الكبرياء بلا تجسيد والمرتدي بالجلال بلا تمثيل والمستوي

________________________________________________________

« وبمنّه نجا من نجا » أيّ بلطفه وتوفيقه وإعداد الآلات وهدايته في الدنيا وبعفوه ورحمته وتفضله في الثواب بلا استحقاق في الآخرة نجا الناجون، فقوله: ولله الفضل(٢) وفي التّوحيد وعن بينة نجا من نجا فالثاني لا يجري فيه « مبدء ومعيداً » مترتب على ذلك أيّ حال التكليف في الدنيا وحال الجزاء في الآخرة، ويحتمل أنّ يكون المراد حال إبداء الخلق وإيجادهم في الدنيا وحال إرجاعهم وإعادتهم بعد الفناء أو مبدءاً حيث بدء العباد مفطورين على معرفته قادرين على طاعته ومعيداً حيث لطف بهم ومن عليهم بالرسل والأئمة الهداة.

« وله الحمد » الجملة اعتراضية « افتتح الحمد لنفسه » أيّ في التنزيل الكريم أو في بدو الإيجاد بإيجاد الحمد، أو ما يستحق الحمد عليه، وفي التوحيد: افتتح الكتاب بالحمد، وهو يؤيد الأوّل « ومحل الآخرة » أيّ حلولها وربّما يقرأ بسكون الحاء وهو الجدب وانقطاع المطر والمجادلة والكيد، أو بالجيم وهو أنّ يجتمع بين الجلد واللحم ماء من كثرة العمل وشدته، وعلى التقديرين كناية عن الشدة والمصيبة أيّ ختم أمرّ الدنيا وشدائد الآخرة وأهوالها بالحمد لنفسه على القضاء بالحقّ فعلم أنّ الافتتاح والاختتام بحمده من محاسن الآداب.

وفي التوحيد: ومجيء الآخرة، أيّ ختم أول أحوال الآخرة وهو الحشر والحساب ويمكن أنّ يقدر فعل آخر يناسبه، أيّ بدء مجيء الآخرة « وقضى بينهم » أيّ بإدخال بعضهم الجنة وبعضهم النار، ويظهر من الخبر أنّ القائل هو الله، ويحتمل أنّ يكون الملائكة بأمره تعالى.

« بلا تمثيل » أيّ بمثال جسمانيّ، وهذا وما تقدّمه دفع لـمّا يتوّهم من أنّ

__________________

(١) سورة الزمر: ٧٥.

(٢) كذا في النسخ، وكأنّه سقط هنا شيء وكذا فيما بعده.

١١٦

على العرش بغير زوال والمتعالي على الخلق بلا تباعد منهم ولا ملامسة منه لهم ليس له حدُّ ينتهى إلى حدّه ولا له مثلٌ فيعرف بمثله ذلّ من تجبّر غيره وصغر من

________________________________________________________

الكبر والعظم والجلالة ونحوها لا تكون إلّا في الأجساد والأشباح ذوات المقادير والأوضاع، ولا شكّ أنّه سبحانه منزّه عن الجسمانيات وصفاتها، فنبه على أنّ كبريائه وجلاله على وجه أعلى وأشرف ممّا يوجد في المحسوسات والمتمثّلات.

قوله: بلا زوال(١) أيّ بغير استواء جسماني يلزمه إمكان الزوال أو لا يزول اقتداره واستيلاؤه أبدا « المتعالي عن الخلق » بالشرف والعليّة والتنزه عن صفاتهم، لا بما يتوّهم من تراخي مسافة بينهما كالفلك بالنسبة إلى الأرض أو بمماسة كالماء والهواء بالنسبة إليهما أو قولهعليه‌السلام : ولا ملامسة نفي لـمّا يتوّهم من نفي التباعد من تحقق الملامسة ونحوها، قضية للتقابل بينهما قياسا على الجسمانيات، فأنّ المتقابلين كليهما منفيأنّ عنه وإنّما يتّصف بأحدهما ما يكون قابلا للاتصاف بهما، كما يقال: الفلك ليس بحار ولا بارد، والجدار ليس بأعمى ولا بصيّر « ليس له حدّ ينتهي إلى حدّه » أيّ الحدود الجسمانية فينتهي هو إلى حدّه على بناء الفاعل أو الحدّ المنطقي فينتهي على بناء المفعول إلى تحديده به أو لأحدّ لتوصيفه ونعته، بل كلـمّا بالغت فيه فأنت مقصر.

« ذل من تجبر غيره » قوله: غيره، حال عن فاعل تجبر وكذا قوله: دونه، حال عن فاعل تكبر والضميرأنّ راجعأنّ إليه سبحانه، أيّ ذل له كلّ من تجبر غيره، فأنّ كلّ ما يغايره ممكن مخلوق ذليل للخالق الجليل.

« وصغر » كلّ « من تكبر دونه » فأنّ جميع ما سواه موصوف بالصغار أو الصغر لدى خالقه الكبير المتعال، أو المعنى أنّ عزّ المخلوق ورفعته إنّما يكون بالتذلل والخضوع اللائقين به، وبهما يكتسب إفاضة الكمال من خالقه فإذا تجبر وتكبر استحق الحرمأنّ والخذلأنّ فيزداد صغرا إلى صغره، وذلا إلى ذلة، فلا يرتفع من درجة

__________________

(١) كذا في النسخ، لكن في المتن « بغير زوال » ولعلّه موافق لنسخة الشارح (ره) كما في نظائره.

١١٧

تكبّر دونه وتواضعت الأشياء لعظمته وانقادت لسلطانه وعزته وكلت عن إدراكه طروف العيون وقصرت دون بلوغ صفته أوهام الخلائق الأوّل قبل كلّ شيء ولا قبل له والآخر بعد كلّ شيء ولا بعد له الظاهر على كلّ شيء بالقهر له والمشاهد لجميع الأماكن بلا انتقال إليها لا تلمسه لامسةولا تحسه حاسة هُوَ الّذي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ أتقن ما أراد من خلقه من الأشباح كلّها لا بمثال سبق إليه ولا لغوب دخل عليه في خلق ما خلق لديه ابتدأ ما أراد ابتداءه وأنشأ ما أراد إنشاءه على ما أراد من الثقلين الجنّ والإنس ليعرفوا بذلك ربوبيّته وتمكن فيهم طاعته.

نحمده بجميع محامده كلّها على جميع نعمائه كلّها ونستهديه لمراشد أمورنا

________________________________________________________

النقص إلى الكمال، ولا يزال في الدارين هابطاً في دركات النقص والوبال.

« لعظمته » أيّ عندّ عظمته أو عنده بسبب عظمته، والاحتمالأنّ جاريأنّ فيما بعدّه « طروف العيون » جمع طرف وهو تحريك الجفن بالنظر أو جمع طارف بمعنى طامح، وفي الفائق: طرفت عينه أيّ طمحت « والظاهر على كلّ شيء » أيّ الغالب عليه بالقهر له على الإيجاد والإفناء، وإجراء كلّ ما أراد فيه.

«هُوَ الّذي فِي السَّماءِ إِلهٌ » أيّ مستحقّ لأن تعبده وتخضع له السماوات وما فيها وتتواضع لعظمته وتنقاد لسلطانه وعزته لربوبيّته لها «وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ » أيّ مستحق لأنّ تخضع له وتعبده الأرض وما فيها وما عليها وتنقاد لسلطانه وعزته « أتقن » أيّ أحكم ما أراد من خلقه متعلّق بأراد أو بيان لـمّا « من الأشباح » بيان لـمّا على الأوّل ولخلقه على الثاني، ويحتمل أنّ تكون من الأوّلى تبعيضيّة، والأشباح: الأشخاص المتغايرة والصوّر المتباينة النوعية والشخصيّة.

« لا بمثال » في التّوحيد بلا مثال، أيّ لا في الخارج ولا في الذهن « سبق » أيّ ذلك المثال « إليه » تعالى، أو سبق الله إلى ذلك المثال، وربّما يقرأ على بناء المفعول أيّ سبق غيره تعالى إلى خلق ذلك المثال، « ولا لغوب » أيّ تعب، ويمكن إرجاع ضمير

١١٨

ونعوذ به من سيّئات أعمالنا ونستغفرهللذنوب الّتي سبقت منا ونشهد أنّ لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله بعثه بالحقّ نبيا دإلّا عليه وهاديا إليه فهدى به من الضلالة واستنقذنا به من الجهالة مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عظيماً ونال ثواباً جزيلاً ومن يعص الله ورسوله فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً واستحق عذاباً أليما فأنجعوا بما يحق عليكم من السمع والطاعة وإخلاص النصيحة وحسن المؤازرة

________________________________________________________

لديه إليه تعالى وإلى الخلق، فالظرف على الأوّل متعلّق بخلق، وعلى الثاني بدخل « ويمكن » على التفعيل أيّ بإيجاد القوّة والقدرة عليها وتركيب العقول المميزة فيهم، وفي بعض النسخ بالتاء من باب التفعل بحذف إحدى التائين، والمحامد جمع محمّدة وهي ما يحمد به من صفات الكمال، وقال الفيروزآبادي: المراشد مقاصد الطرق.

« دالاً عليه » أيّ على الله أو على الحقّ الّذي بعث به، والأوّل أظهر.

«وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ » وضع الظاهر موضع الضمير لتعظيمها، والالتذاذ بذكرهما أو ليعلم تقديم الله على الرسول، ولا يتوّهم كونهما في درجة واحدة.

ولعلّ أحدّ هذه الوجوه علّة الذم فيما رواه مسلم عن عدّي بن حاتم أنّ رجلا خطب عندّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى فقال رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى مع أنّه قد ورد في كثير من الخطب بالضمير أيضا.

« فأنجعوا » في بعض النسخ بالنون والجيم من قولهم أنجع أيّ أفلح، أيّ أفلحوا بما يجب عليكم من الأخذ سمعاً وطاعة، أو من النجعة بالضم وهي طلب الكلاء من موضعه، وفي بعضها بالباء الموحّدة فالخاء المعجمة، قال الجزري: فيه: أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوبا وأبخع طاعة، أيّ أبلغ وأنصح في الطاعة من غيرهم كأنهم بالغوا في بخع أنفسهم أيّ قهرها وإذلالها بالطاعة، وقال الزمخشري في الفائق: أيّ أبلغ طاعة من بخع الذبيحة إذا بالغ في ذبحها، وهو أنّ يقطع عظم رقبتها، هذا أصله ثمّ كثر حتّى استعمل في كلّ مبالغة، فقيل: بخعت له نصحيٌّ وجهدي وطاعتي.

« وإخلاص النصيحة » أيّ لله ولكتابة ولرسوله وللأئمة ولعامة المسلمين

١١٩

وأعينوا على أنفسكم بلزوم الطريقة المستقيمة وهجر الأمور المكروهة وتعاطوا الحقّ بينكم وتعاونوا به دوني وخذوا على يد الظالم السفيه ومروا بالمعروف وانهوا عن المنكر واعرفوا لذوي الفضل فضلهم عصمنا الله وإيّاكم بالهدى وثبّتنا وإيّاكم على التقوى وأستغفر الله لي ولكم.

( باب النوادر )

١ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن النعمان، عن سيف بن عميرة عمّن ذكره، عن الحارث بن المغيرة النصريّ قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى: «كلّ شَيْءٍ هالِكٌ إلّا وَجْهَهُ »(١) فقال ما يقولون فيه؟

________________________________________________________

وإخلاصها تصفيتها من الغشّ، والموازرة المعاونة أيّ المعاونة الحسنة على الحق.

« وأعينوا على أنفسكم » أيّ على أصلاًحها أو ذلّلوها وأقهروها فالمراد النّفس الأمّارة بالسّوء، وفي التّوحيد أعينوا أنفسكم أيّ على الشيطان.

« وتعاطوا الحقّ » أيّ تناولوه بأنّ يأخذه بعضكم من بعض ليظهر ولا يضيع « دوني » أيّ عندي وقريبا مني أو قبل الوصول إلى أو حالكون الحقّ عندي.

« وخذوا على يد الظالم » أيّ امنعوه عن الظلم وأقهروه على تركه، والسفيه من يتبع الشهوات النفسانية، وذو الفضل: العترة الطاهرة، أو يشمل غيرهم من العلماء والصلحاء والذرية الطيبة والوالدين وأرباب الإحسأنّ على قدر مراتبهم، عصمنا الله وإياكم عن اتباع الباطل بالهدي إلى الحق.

باب النوادر

الحديث الأوّل: مرسل.

قوله تعالى إلّا وَجْهَهُ ، قيل فيه وجوه:

الأوّل: أنّ المعنى كلّ شيء فأنّ بائد إلّا ذاته، وهذا كما يقال هذا وجه الرأي

__________________

(١) سورة القصص: ٨٨.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462