مرآة العقول الجزء ٢

مرآة العقول4%

مرآة العقول مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 462

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 462 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 66514 / تحميل: 5283
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

٣ - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أبيه قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول اجعلوّاً أمركم لله ولا تجعلوه للناس فأنّه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى الله ولا تخاصموا الناس لدينكم فإنَّ المخاصمة ممرضة للقلب أنّ الله تعالى قال لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله «إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ

________________________________________________________

أنّ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً » فقال: قد يكون ضيقا وله منفذ يسمع منه ويبصر والحرج هو الملتئم الّذي لا منفذ يسمع به ولا يبصر منه.

الحديث الثالث: حسن.

قولهعليه‌السلام : اجعلوّاً أمركم، أيّ دينكم قولاً وفعلاً خالصا « لله » طالبين لمرضاته « ولا تجعلوه للناس » رياء وسمعة، وللغلبة عليهم وإظهارا للفضل والكمال « فأنّه ما كان لله فهو لله » أيّ يصل إليه ويقبله، وقيل: ما كان لله في الدنيا فهو في الآخرة أيضاً لله يطلب الثواب منه « وما كان للناس فلا يصعد إلى الله » أيّ لا يقبله، أو لا يصعد به ليكتب في ديوان المقربين كما قال سبحانه: «أنّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ »(١) وقال: «إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ »(٢) فأنّ صعودهما إليه مجاز عن قبوله إياهما، أو صعود الكتبة بصحيفتهما « فأنّ المخاصمة ممرضة » بفتح الميم والراء، اسم مكان أو بضم الميم وكسر الراء اسم فاعل، أيّ موجبة لحدوث أمراض الشكّ والشبهة والأخلاق الذميمة من الحقد والحسد وغيرهما في القلب، والقلب المستعد لقبول الحقّ يكفيه أدنى تنبيه، والقلب المطبوع على الباطل لا تنجع(٣) فيه أعلى مدارج الخصومات من العالم النبيه بل يضره ويصيّر سبباً لمزيد رسوخه فيما هو فيه، ثمّ أيدعليه‌السلام ما ذكره بقوله تعالى لنبيه صلوات الله عليه في عدم ترتب الهداية على مبالغته ومجادلته:

«إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ » قال الطبرسيّرحمه‌الله أيّ أحببت هدايته أو

__________________

(١) سورة المطففين: ١٨.

(٢) سورة فاطر: ١٠.

(٣) أيّ لا تؤثر ولا تدخل.

٢٦١

وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ »(١) وقال «أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حتّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ »(٢)

________________________________________________________

أحببته لقرابته، والمراد بالهداية هنا اللطف الّذي يختار عنده الإيمان، فأنّه لا يقدر عليه إلّا الله لأنّه إمّا أنّ يكون من فعله خاصّة أو بإعلامه، ولا يعلم ما يصلح المرء في دينه إلّا الله تعالى، فأنّ الهداية الّتي هي الدعوة والبيان قد أضافه سبحانه إليه في قوله: «وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ »(٣) .

وقيل: أنّ المراد بالهداية في الآية الإجبار على الاهتداء أيّ أنت لا تقدر على ذلك، وقيل: معناه ليس عليك اهتداؤهم وقبولهم الحقّ «وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ » بلطفه، وقيل: على وجه الإجبار.

وقالرحمه‌الله في قوله تعالى «وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كلّهم جميعاً »(٤) معناه الأخبار عن قدرة الله تعالى على أنّ يكره الخلق على الإيمان، كما قال: «أنّ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ »(٥) ولذا قال بعد ذلك «أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حتّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ » ومعناه أنّه لا ينبغي أنّ تريد إكراههم على الإيمان، مع أنك لا تقدر عليه، لأنّ الله تعالى يقدر عليه ولا يريده لأنّه ينافي التكليف، وأراد بذلك تسلية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وتخفيف ما يلحقه من التحسر والحرص على إيمانهم عنه « انتهى ».

وروى الصّدوقرحمه‌الله في كتاب العيون بإسناده عن الرّضاعليه‌السلام أنّه قال له المأمون: ما معنى قول الله جلَّ ثناؤه: «وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كلّهم جميعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حتّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ، وَما كان لِنَفْسٍ أنّ تُؤْمِنَ إلّا بِإِذْنِ اللهِ » فقال الرّضاعليه‌السلام : حدثني أبي عن آبائه عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال: أنّ المسلمين

__________________

(١) سورة القصص:٥٦.

(٢-٤) سورةيونس:٩٩.

(٣) سورة الشوري:٥٢.

(٥) سورة الشعراء:٤.

٢٦٢

ذروا الناس فإنّ الناس أخذوا عن الناس وإنكم أخذتم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إني سمعت أبيعليه‌السلام يقول أنّ الله عزّ وجلَّ إذا كتب على عبد أنّ يدخل في هذا الأمرّ كان أسرع

________________________________________________________

قالوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو أكرهت يا رسول الله من قدرت عليه من الناس على الإسلام لكثر عددنا، وقوينا على عدونا؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما كنت لألقى الله ببدعة لم يحدث إلى فيها شيئاً وما أنا من المتكلّفين، فأنزل الله تبارك وتعالى يا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله «وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كلّهم جميعاً » على سبيل الإلجاء والاضطرار في الدنيا كما يؤمن عندّ المعاينة ورؤية البأس في الآخرة، ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقوا مني ثواباً ولا مدحاً ولكني أريد منهم أنّ يؤمنوا مختارين غير مضطرين ليستحقوا مني الزلفى والكرامة، ودوام الخلود في جنة الخلد أفأنت تكره الناس حتّى يكونوا مؤمنين، وإمّا قوله عزّ وجل: «وَما كان لِنَفْسٍ أنّ تُؤْمِنَ إلّا بِإِذْنِ اللهِ » فليس على تحريم الإيمان عليها، ولكن على أنها ما كانت لتؤمن إلّا بإذن الله، وإذنه أمره لها بالإيمان، ما كانت مكلفة متعبدة وإلجاؤه إيّاها إلى الإيمان عندّ زوال التكليف والتعبد عنها، فقال المأمون: فرجت عنّي يا أبا الحسن فرج الله عنك.

« ذروا الناس » أيّ اتركوا المخالفين ولا تتعرّضوا لمعارضتهم ومجادلتهم، أو لدعوتهم أيضاً تقيّة فإنّهم أخذوا دينهم من الناس واتّبعوهم وظنوا أنّ فعلهم وقولهم حجة، فلا يتركون دينهم بقولكم، وأنتم أخذتم دينكم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بواسطة المعصومين من أهل بيتهعليه‌السلام ، والغرض إمّا بيان المباينة بين المسلكين والبعد بين الطريقتين لبيان أنّ حجّة الشيعة لا يؤثر فيهم فلا ينبغي لهم التعرض للمهالك لذلك أو هو تسلية للشيعة بأننّكم لـمّا كنتم على الحقّ فلا تبالوا بمخالفة من خالفكم، أو الغرض أنّه أنّ كان غرضكم هدايتهم فقد سبق أنّه من الله، وأنّ كان لتبيّن حجّية مذهبكم فحجّتكم واضحة لا نحتاج إلى ذلك.

وقيل: المعنى ذروا مخالطة الناس وموافقتهم، فإنّكم على الحق وإنّهم على الباطل، ولا يخفى بعده.

٢٦٣

إليه من الطير إلى وكره.

٤ - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن محمّد بن مروان، عن فضيل بن يسار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ندعو الناس إلى هذا الأمرّ فقال لا يا فضيل أنّ الله إذا أراد بعبد خيراً أمرّ ملكاً فأخذ بعنقه فأدخله في هذا الأمرّ طائعاً أو كارهاً.

تمَّ كتاب العقل والعلم والتّوحيد من كتاب الكافي ويتلوه كتاب الحجّة في الجزء الثاني من كتاب الكافي تأليف الشيخ أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمة الله عليه.

________________________________________________________

« إذا كتب على عبد » أيّ علم إيمأنّه وكتبه في اللوح، ووكر الطائر: عشّه.

الحديث الرابع: مجهول.

والنهي عن الدعوة إمّا للتقيّة أو محمول على ترك المبالغة فيها لمن لا يرجى نفعها فيه « طائعاً أو كارهاً » أيّ سواء كان في أول الأمرّ راغبا فيه أم لا، إذ كثيراً ما نرى رجلاً في غاية التعصّب في خلاف الحق، ثمّ يدخل فيه بلطف من ألطافه تعالى كالأحلام الصادقة أو غيرها، وقيل: إشارة إلى اختلاف مراتب الألطاف، وقيل: أيّ أدخله في معرفة هذا الأمرّ والعلم بحقيته بالاطلاع على دلائله، سواء كان راغباً فيه أو كارها له، فأنّ عندّ الاطلاع على الدلائل، والانتقال إلى وجه الدلالة يحصل العلم بالمدلول، وأنّ لم يكن المطّلع راغباً وكان كارهاً.

إنتهى ما وفّق الله سبحانه لتعليقه على كتاب التّوحيد من كتاب الكافي: أفقر العباد إلى عفو ربه الغني محمّد باقر بن محمّد تقي الملقب بالمجلسي عفا الله عن جرائمهما في سابع شهر ربيع الثاني من سنة ثمأنّ وتسعين بعد ألف الهجرية على غاية الاستعجال وتوزع البال ووفور الأشغال، والحمد لله على كلّ حال والصلاة على سيد المرسلين محمّد وآله خير آل.

٢٦٤

كتاب الحجة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(باب الاضطرار إلى الحجة)

[ قال أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكلينيّ مصنّف هذا الكتابرحمه‌الله حدَّثنا ]

١ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن العبّاس بن عمرّ الفقيميّ، عن هشام بن

________________________________________________________

الجزء الثاني من شرح الصول الكافي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى محمّد وآله خيرة الورى

إمّا بعد فهذا هو المجلد الثاني من كتاب مرآة العقول في شرح أخبار الرسول صلى الله عليه وعليهم أجمعين من كتاب الكافي.

كتاب الحجة

باب الاضطرار إلى الحجة

أيّ لا بدّ في كلّ زمان من حجّة معصوم، عالم بما يحتاج إليه الخلق إمّا نبيّ أو وصيّ نبيّ، وهذا المطلوب مبيّن في كتب الكلام بالبراهين العقلية والنقلية.

الحديث الأوّل مجهول، وهو جزء من حديث طويل أوردناه في الكتاب الكبير وقد مضى بعض أجزائه في كتاب التوحيد.

٢٦٥

الحكم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال للزنديق الّذي سأله من أين أثبتَّ الأنبياء والرسل قال إنّا لـمّا أثبتنا أنَّ لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنّا وعن جميع ما خلق وكان ذلك الصانع حكيماً متعالياً لم يجز أنّ يشاهده خلقه ولا يلامسوه فيباشرهم ويباشروه ويحاجّهم ويحاجّوه ثبت أنّ له سفراء في خلقه يعبرون عنه إلى خلقه وعباده ويدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم - فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه والمعبّرون عنه جلَّ وعزّ وهم الأنبياءعليهم‌السلام وصفوته من خلقه حكماء مؤدبين بالحكمة مبعوثين بها غير مشاركين للناس على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب في شيء من أحوالهم مؤيّدين

________________________________________________________

« من أين أثبتّ » على صيغة المخاطب وربّما يقرأ على بناء المفعول وهو بعيد « متعاليا عنا » أيّ عن مشابهتنا والاشتراك معنا في الحقيقة والصفة، وقوله: متعاليا ثانياً أريد به تعاليه عن العبث واللغو، أو عن أنّ يشاهده الخلق ويلامسوه، فقوله: « لم يجز » صفة موضحة، وعلى الأوّل يحتمل أنّ يكون خبراً بعد خبر لكان، ثمّ أنّه يحتمل أنّ يكون المراد بالملامسة والمباشرة معنييهما الحقيقيين، أو إدراكه بحقيقته فأنّه يستلزم حصول حقيقته سبحانه في الذهن، أو إدراكه على وجه الكمال، والمراد بالخلق أكثرهم، أو إدراك كلّ أحدّ على ما ينبغي ويليق به بالمعنى بلا واسطة.

وقوله: ثبت، جواب لما، والسفراء: جمع سفير من سفر بين القوم أيّ أصلح، أو من السفر بمعنى الكشف والأيضاًح « على مصالحهم ومنافعهم » أيّ الدنيوية والأخروية « وما به بقاؤهم » من أمور المعاش، أو الأعم منها ومن العبادة والمعرفة، فأنّ بقاء الخلق بهما « غير مشاركين للناس » أيّ في التقدّس والقرب والكمالات.

ثمّ اعلم أنّهعليه‌السلام أشار بذلك إلى براهين شتى على اضطرار الناس إلى الرسل نذكر منها وجهين جامعين:

الأوّل: أنّه لـمّا ثبت وجود الصانع تعالى وحكمته وأنّه لا يفعل العبث، ولو لم يكن الخلق مكلفين بمعرفته وعبادته ليفوزوا بهما بالمثوبات الأخروية والكمالات النفسانية، لكان خلقهم عبثا، إذ يعلم كلّ عاقل أنّ اللذات الدنيوية المشوبة

٢٦٦

________________________________________________________

بأنواع المحن والآلام لا تصلح علّة لهذا الخلق والنظام، وإمّا معرفته سبحانه فلا يمكن حصولها للخلق إلّا بوحيه سبحانه، لتعاليه عن مشاركة الخلق في حقائقهم، ومشابهته لهم حتّى يعرفوا حقيقته بذلك كما تعرف سائر الخلق به، وهو متعال عن أنّ يدرك بالحواسّ أيضاً حتّى يعرف بذلك، وكذا معلوم أنّ ما يوجب القرب والكمال من الأخلاق والأعمال ممّا لا تفي بها القوي البشرية والعقول الإنسانية فلا بد في معرفة جميع ذلك من وحيٌّ من الله سبحانه وتلقى الوحيٌّ منه تعالى لا يتيسّر لجميع الخلق، إذ لا بد من نوع مناسبة بين الموحيٌّ والموحى إليه حتّى يفهم ما يلقى إليه فلذا أرسل الله تعالى من عباده أقوإمّا من جهة روحانيتهم وتقدسهم وتنزههم عن الأدناس البشرية يناسبون الملإ الأعلى وبهذه الجهة يتلقون الوحيٌّ من ربهم جلَّ وعلا، ومن جهة بشريّتهم وتجسمّهم ومشاكلتهم للخلق في صورهم وأجسامهم ومعاشرتهم لهم في ظواهر أحوالهم، يلقون الوحيٌّ إليهم.

وأيضاً لو كان الله تعالى يلقي الوحيٌّ إلى سائر الخلق كما ألقى إلى نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله في ليلة المعراج وغيرها، وإلى موسى عندّ الشجرة، لم تتمّ الحجّة عليهم، لأنّه لم تكن لهم قابليّة أنّ يعرفوا أنّ ذلك الوحيٌّ من قبله سبحانه وليس من الشياطين، بخلاف ما إذا سمعوا من بشر مثلهم يأتي بما لا يقدرون على الإتيان بمثله، فثبت أنّه لا بد من سفراء بينه سبحانه وبينهم، ولا بد أنّ يكونوا من نوع البشر، وأنّ يكونوا مع مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب مباينين لهم في سائر أحوالهم وأطوارهم وأخلاقهم مقدسين منزهين روحانييّن ليضاهئوا الملإ الأعلى كما مرّ ذكره فيما مضى، ومعصومين مؤيدين بالمعجزات ليكونوا حجة على غيرهم.

وهذا ممّا خطر ببالي القاصر، وهو بيان شاف، وبرهأنّ كاف لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

الثاني: ما ذكره السالكون مسلك الحكماء وهو مبنيّ على مقدّمات عقلية:

أوليها: أنّ لنا خالقاً صانعاً قادراً على كلّ شيء.

٢٦٧

________________________________________________________

والثانية: أنّ الله جلَّ اسمه متعال عن التجسّم والتعلّق بالموادّ والأجسام، وعن أنّ يكون مبصرا أو محسوساً بإحدى الحواسّ خلافاً للكراميّة ومن يحذو حذوهم.

والثالثة: أنّه تعالى حكيم عالم بوجوه الخير والمنفعة في النظام، وسبيل المصلحة للخلائق في المعيشة والقوام والبقاء والدوام.

والرابعة: أنّ الناس محتاجون في معاشهم ومعادهم إلى من يدبر أمورهم ويعلمهم طريق المعيشة في الدنيا، والنجاة من العذاب في العقبى وذلك لأنّه من المعلوم أنّ الإنسان لا تتمشى معيشته لو انفرد وحدّه شخصاً واحداً كغيره من أنواع الحيوان يتولى أمره من غير شريك يعاونه على ضروريات حاجاته، وأنّه لا بد من أنّ يكون مستغنياً بآخر من نوعه يكون ذلك أيضاً مستغنياً مكفياً به وبنظيره، فيكون هذا يزرع لهذا وهذا يطحن لذاك، وذلك يخبز لآخر وآخر يخيط لغيره، وهذا يبني وهذا يتّخذ الحديد، وهذا ينجر وعلى هذا القياس، حتّى إذا اجتمعوا كان أمرهم مكفياً ولهذا اضطّروا إلى عقد المدن والاجتماعات للمعاملات والمناكحات وسائر المعاونات والمشاركات.

وبالجملة لا بدّ في وجود الإنسان وبقائه من المشاركة، ولا تتمّ المشاركة إلّا بالمعاملة، ولا بد في المعاملة من سنة وقانون عدل، ولا بد للسنة والعدل من سان ومعدل، ولا يجوز أنّ يترك الناس وآراءهم وأهواءهم في ذلك، فيختلفون، فيرى كلّ أحدّ منهم ما له عدلا وما عليه ظلـماً وجوراً، ولا بد أنّ يكون هذا المعدل والإنسان بشراً لا ملكاً، لأنّ الملك لا يراه أكثر الناس إلّا أنّ يتشكلّ بشراً، لأنّ قواهم لا تقوى على رؤيته على صورة الملكيّة، وإنّما رآهم الأفراد من الأنبياء بقوّتهم القدسيّة.

ثمّ لو فرض أن يتشكلّ بحيث يراه سائر الخلق كجبرئيل في صورة دحية كان ملتبساً عليهم كالبشر كما قال تعالى: «وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ

٢٦٨

من عند الحكيم العليم بالحكمة ثمّ ثبت ذلك في كلّ دهر وزمان ممّا أتت به الرُّسل

________________________________________________________

ما يَلْبِسُونَ »(١) فلا بدّ أنّ يكون السانّ له خصوصيّة ليست لسائر الناس حتّى يستشعر الناس فيه أمراً لا يوجد لهم، فيتميّز به منهم، فيكون له المعجزات الّتي أخبرنا بها والحاجة إلى هذا الإنسان في أنّ يبقى نوع البشر، ويتحصل وجوده أشدّ من كثير من المنافع الّتي لا ضرورة فيها للبقاء كإنبات الشعر على الحاجبين، وتقعير الأخمص للقدمين، وما يجري مجراهما من منافع الأعضاء الّتي بعضها للزينة وبعضها للسهولة في الأفعال والحركات، كما يظهر من علم التشريح، ووجود هذا الإنسان الصالح لأنّ يسن ويشرح ممكن وتأييده بالآيات والمعجزات الموجبة لإذعأنّ الخلق له أيضاً ممكن فلا يجوز أنّ تكون الغاية الأوّلى(٢) تقتضي تلك المنافع، ولا تقتضي هذه الّتي هي أصلها وعمدتها.

فإذا تمهّدت هذه المقدّمات فثبت وبيّن أنّه واجب أنّ يوجد نبيّ وأن يكون إنساناً، وأنّ تكون له خصوصية ليست لسائر الناس وهي الأمور الخارقة للعادات، ويجب أنّ يسن للناس سننا بإذن الله وأمره ووحيه، وإنزال الملك إليه، ويكون الأصل الأوّل فيما يسنه تعريفه إياهم أنّ لهم صانعاً قادراً واحداً لا شريك له، وأنّ النبي عبده ورسوله، وأنّه عالم بالسر والعلانية وأنّه من حقه أنّ يطاع أمره، وأنّه قد أعد لمن أطاعه الجنة، ولمن عصاه النار، حتّى يتلقى الجمهور أحكامه المنزلة على لسأنّه من الله والملائكة بالسمع والطاعة.

ففي هذا الحديث الشريف تصريح وتلويح إلى جميع ذلك كما لا يخفى على المتأمّل.

قوله: « ثمّ ثبت ذلك » أقول: يحتمل هذا الكلام وجوهاً:

الأوّل: أنّ يكون المعنى أنّ الدليل المتقدّم إنّما يدّل على وجوب النبيّ

__________________

(١) سورة الأنعام: ٩.

(٢) في نسخة « المنامة » بدل « الغاية ».

٢٦٩

والأنبياء من الدلائل والبراهين لكيلا تخلو أرض الله من حجّة يكون معه علمٌ

________________________________________________________

أو الحجّة في كلّ عصر، وأمّا تعيين الأشخاص المعيّنة فإنّما يثبت بما أتوا به من الدلائل والبراهين، أيّ الآيات والمعجزات وخوارق العادات، وغلبتهم في العلوم على أهل عصرهم، وقولهعليه‌السلام : « لكيلا يخلو » تعليل لقوله: ثمّ ثبت، ووجه التعليل أنّه ما دامت الأرض باقية والناس موجودين فيها لا بدّ لهم من حجّة لله عليهم يقوم بأمرهم، ويهديهم إلى سبيل الرشاد مؤيدا بما يدّل على صدقه وعدالته ووجوب متابعته.

الثاني: أنّ يكون ذلك إشارة إلى وجود الآمرين والناهين الموصوفين بالأوصاف المذكورة، والمراد أنّ الدليل السابق إنّما دل على وجوب إقامة الحجّة في الأرض في الجملة، وإمّا عدم خلو دهر طويل أو زمان قصيّر من حجّة فإنّما ثبت بقول الأنبياء والرسل، فأنّ كلامهم وأخبارهم عن الله دليل وبرهان حيث أخبروا أنّ أرض الله لا تخلو من حجّة فمن في قوله « ممّا » للسببية، والظرف متعلّق بقوله: ثمّ ثبت، أو بكلّ من « فثبت » و « ثمّ ثبت » على التنازع.

الثالث: أنّ يكون المقصود بالدليل أوّلاً إثبات الأنبياءعليهم‌السلام ، وبقوله: ثمّ ثبت إثبات الأوصياء، وهذا يحتمل وجهين: « أحدهما » أنّه قد ثبت الأوصياء في كلّ دهر بما أتت به الأنبياء من قبل الله من النصّ عليهم، فيكون ثبوت الأنبياءعليهم‌السلام بالعقل والأوصياء بالنقل « وثانيهما » أنّ يكون المراد أنّ الأوصياء بعد الأنبياء أيضاً ثبت إمامتهم بما أتت به الأنبياء من المعجزات، وفي بعض النسخ: ممّا أثبت، ولا يخفى توجيهه على الوجوه أنّ قرأ معلوماً أو مجهولاً.

ويزيد على الأخير أنّه يمكن تعميمه بحيث يشمل الدليل العقلي المتقدّم الدّال على وجوب الأنبياءعليه‌السلام .

قولهعليه‌السلام : تكون معه علم، بفتحتين أيّ علامة ودليل، وربّما يقرأ بكسر الأوّل وسكون الثاني.

٢٧٠

يدلُّ على صدق مقالته وجواز عدالته.

٢ - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أنّ الله أجلٌّ وأكرم من أنّ يعرف بخلقه بل الخلق يعرفون بالله قال صدقت ، قلت : إنَّ من عرف أنَّ له ربّاً فينبغي له

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : على جواز عدالته، أيّ جريأنّ حكمه العدل.

الحديث الثاني: مجهول كالصحيح.

قوله: من أن يعرف بخلقه، قد سبقت الوجوه المحتملة في هذه الفقرة، وحاصلها: أنّه تعالى أجلَّ من أنّ يعرف بتعريف خلقه، إذ المعرفة موهبيّة وعلى الخلق إراءة السبيل، والموصل هو الله سبحانه « بل الخلق يعرفون بالله » على بناء المعلوم أيّ إنّما يعرفونه بإفاضته وهدايته وتوفيقه، أو من أنّ يعرف بصفات خلقه ومشابهتهم بل إنّما يعرفونه بما عرف به نفسه من الصّفات اللائقة، أو بل الخلق يعرفون الحقائق الممكنة وأحوالها بالله، أيّ بسبب خلقه لها أو بسبب فيضان معرفتها منه عليهم على قدر عقولهم.

وقيل: إشارة إلى ما ذكره المحقّقون من أنّ المقرّبين يعرفون الحقّ بالحقّ لا بالإستدلال بمخلوقاته عليه، ويمكن أنّ يقرأ « يعرفون » على بناء المجهول بل هو أظهر، أيّ الأنبياء والحججعليه‌السلام إنّما تعرف حقيقتهم ورسالتهم وحجّيتهم بما أتاهم من المعجزات والبراهين، أو به يعرف جميع الخلق بما أشرق منه عليهم من نور الوجود.

« قال صدقت » بالتخفيف، وربّما يقرأ بالتشديد، إذ كلامه مأخوذ منهمعليهم‌السلام كما مرّ ولا يخفى بعده، وقوله: فقد ينبغي لأنّ يعرف(١) أنّ لذلك الربّ رضاً وسخطاً أيّ ينبغي له أنّ يعرفه بصفات كماله وتنزّهه عن النقائص، ومنها حكمته وعلمه وقدرته

__________________

(١) وفي المتن « فينبغي له أنّ يعرف » وكأنّه نقله بالمعنى أو من تصحيف الناسخ أو من جهة اختلاف النسخ وقد مرّ ويأتي أيضاً نظائر هذا الاختلاف في موارد كثيرة.

٢٧١

أن يعرف أنَّ لذلك الرب رضا وسخطاً وأنّه لا يعرف رضاه وسخطه إلّا بوحي أو رسول فمن لم يأته الوحيٌّ فقد ينبغي له أنّ يطلب الرُّسل فإذا لقيهم عرف أنهم الحجّة وأنَّ لهم الطاعة المفترضة.

وقلت للناس تعلمون أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان هو الحجّة من الله على خلقه قالوا بلى قلت فحين مضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من كان الحجّة على خلقه فقالوا القران فنظرت في القران فإذا هو يخاصم به المرجئٌ والقدريٌّ والزنديق الّذي لا يؤمن به

________________________________________________________

وإرادته للخير، وكراهته للشرّ والقبيح، وأنّه لا يخلّ بالحسن، ولا يأتي بالقبيح، فلا يخلّ باللطف إلى عباده، وإنّما يتمّ بالأمرّ بالحسن والنهي عن القبيح الموجبين للرضا بالطاعة، والسّخط على المعصية، وإنّما يعرف أمره ونهيه وإرادته وكراهته بالوحي، أو بإرسال الرسول، فمن لم يأته الوحيٌّ فعليه طلب الرسول، فإذا طلب إطّلع عليه بالآيات والحجج الدّالة على رسالته.

قوله: وقلت للناس، أيّ للعامّة مناظراً لهم في الإمامة « فقالوا القران » أيّ هو كاف لرفع حاجة الخلق، ولا حاجة إلى غيره كما قال إمامهم: حسبنا كتاب الله « فنظرت » في نفسي بدون أنّ أقول لهم، أو بتقدير القول « في القران فهو إذا يخاصم به المرجئيُّ » أيّ لا يغني عن المبين له، إذ يخاصم به الفرق المختلفة حتّى يغلب كلّ منهم خصمه بما يجدّه في القران لإجماله وإغلاقه، وكونه ذا وجوه ومحامل.

وفي النهاية: المرجئة فرقة من فرق الإسلام، يعتقدون أنّه لا يضر مع الإيمان معصية كما أنّها لا ينفع مع الكفر طاعة، سمّوا مرجئة لاعتقادهم أنّ الله أرجأ تعذيبهم عن المعاصي أيّ أخره عنهم، والمرجئة تهمز ولا تهمز، وكلاهما بمعنى التأخير، يقال: أرجأت الأمرّ وأرجأته إذا أخّرته فتقول من الهمز رجلَّ مرجىء، وهم المرجئة وفي النسب مرجئيّ مثل مرجع ومرجعة ومرجعيّ، وإذا لم تهمز قلت رجلَّ مرج ومرجئة ومرجي، مثل معط ومعطية ومعطي، انتهى.

وقد تطلق المرجئة على كلّ من أخّر أمير المؤمنين عن مرتبته، وقد عرفت

٢٧٢

حتّى يغلب الرجال بخصومته فعرفت أنّ القران لا يكون حجّة إلّا بقيم فما قال فيه من شيء كان حقّاً فقلت لهم من قيم القران فقالوا ابن مسعود قد كان يعلم وعمرّ يعلم وحذيفة يعلم قلت كله قالوا لا فلم أجد أحداً يقال أنّه يعرف ذلك كلّه إلّا عليّاًعليه‌السلام وإذا كان الشيء بين القوم فقال هذا لا أدري وقال هذا لا أدري وقال هذا لا أدري وقال هذا أنا أدري فأشهد أنّ عليّاًعليه‌السلام كان قيّم

________________________________________________________

إطلاق القدريّ على الجبريّ والتفويضيّ، والزنديق هو النافي للصانع أو الثنوي.

قوله: إلّا بقيّم، في الفائق: قيّم القوم: من يقوم بسياسة أمورهم، والمراد هنا من يقوم بأمرّ القران ويعرف ظاهره وباطنه ومجمله ومؤولة ومحكمة ومتشابهه وناسخه ومنسوخه بوحي إلهيّ أو بإلهام ربّاني، أو بتعليم نبويّ، فلـمّا سألهم عن القيم ذكروا جماعة لم يكونوا يعرفون من القران إلّا أقله، والقيّم لا بد أنّ يكون عالماً بجميع القران وسائر الأحكام، ويكون منصوصاً عليه، معصوماً عن الخطإ والزلل حتّى تجب متابعته وقبول قوله، وأيضاً لم يدع أحدّ منهم سماع جميع ذلك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإنّما ادّعوا سماع مسائل قليلة ممّا يحتاج إليه الناس فيما سمعوا تفسيره عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يذهب أحد إلى كون أحدّ منهم عالماً بجميعه بالنقل، أو العلم المقرون بالعصمة إلّا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، حيث كان يدّعي ذلك على رؤوس الأشهاد، ومجامع جماهير المسلمين، وإذ لا بدّ من عالم ولم يدّع غيره، بل علم عدمه في غيره، وهو كان يدّعيه ويبيّنه بدلائل نقلية وعقلية، وآيات وعلامات إعجازيّة، علم أنّه قيّم القرآن، وكونهعليه‌السلام أعلم الأمّة متّفق عليه بين فرق المسلمين، حتّى قال الآبي في كتاب الإكمال وهو من أعاظم علماء المخالفين ومتعصّبيهم لقد كان: في عليّعليه‌السلام من الفضل والعلم وغيرهما من صفات الكمال ما لم يكن في جميع الأمة حتّى أنّه لو لم يقدم عليه طائفة من الأمة أبا بكر لكان هو أحقّ بالخلافة، انتهى.

وما في الخبر بعد تنقيحه وتفصيله يرجع إلى الدلائل المفصّلة في كتب الكلام، على وجوب نصب الإمام وعصمته لحفظ الشرائع والأحكام.

وقوله: فأشهد أنّ عليّاًعليه‌السلام « اه » لازم لجزاء مقدّر أقيم مقامه والتقدير

٢٧٣

القران وكانت طاعته مفترضة وكان الحجّة على الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّ ما قال في القران فهو حقُّ ؟ فقال رحمك الله

٣ - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن إبراهيم، عن يونس بن يعقوب قال كان عندّ أبي عبد اللهعليه‌السلام جماعة من أصحابه منهم حمرأنّ بن أعين ومحمّد بن النعمان وهشام بن سالم والطيّار وجماعة فيهم هشام بن الحكم وهو شابّ فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام يا هشام إلّا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته فقال هشام يا ابن رسول الله إنّي أجلّك وأستحييك ولا يعمل لساني بين يديك فقال أبو عبد الله إذا أمرتكم بشيء فافعلوا.

قال هشام : بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة فعظم ذلك عليَّ فخرجت إليه ودخلت البصرة يوم الجمعة فأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة فيها عمرو بن عبيد وعليه شملةٌ سوداء متّزر بها من صوف وشملةٌ مرتد بها والناس يسألونه فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ثمّ قعدت في آخر القوم على ركبتي ثمّ قلت أيها العالم إنّي رجلٌ غريب تأذن لي في مسألة فقال لي نعم

________________________________________________________

اعلم أنّ القائل أنا أدري هو القيّم دونهم فأشهد اه

الحديث الثالث: مجهول.

وعمرو بن عبيد من رؤساء المعتزلة، والإجلال: التعظيم « إذا أمرتكم » الأمرّ مفهوم من إلّا التحضيضيّة، والمراد أنّ إطاعة الأمرّ أوجب من رعاية الإجلال والاستحياء.

وفي النهاية: الحلقة: الجماعة من الناس مستديرين كحلقة الباب وغيره، والشملة بالفتح: كساء يشتمل به « فاستفرجت » أيّ طلبت الفرجة وهي الخلل بين الشيئين، أو طلبت منهم الإفراج عن الطريق أيّ انكشافهم عنه فانكشفوا عنه لأجلي، « أيّها العالم » أيّ بزعم الناس، ووصف المسألة بالحمق على سبيل التجوّز مبالغة، وربّما يقرأ حمقاء بضم الحاء وسكون الميم بدون إلف مصدراً وإنّما لم يذكر اللمس

٢٧٤

فقلت له ألك عينٌ ؟ فقال : يا بنيَّ أيّ شيء هذا من السؤال وشيء تراه كيف تسأل عنه فقلت هكذا مسالّتي فقال يا بني سل وأنّ كانت مسألتك حمقاء قلت أجبني فيها قال لي سل.

قلت ألك عينٌ ؟ قال نعم قلت فما تصنع بها قال أرى بها الألوان والأشخاص قلت فلك أنف قال نعم قلت فما تصنع به قال أشمُّ به الرائحة قلت ألك فمٌ ؟ قال نعم قلت فما تصنع به قال أذوق به الطعم قلت فلك أذن قال نعم قلت فما تصنع بها قال أسمع بها الصوت قلت ألك قلب قال نعم قلت فما تصنع به قال أميز به كلّ ما ورد على هذه الجوارح والحواسّ قلت أوليس في هذه الجوارح غنى عن القلب فقال لا قلت وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة قال يا بنيَّ إنَّ الجوارح إذا شكت في شيء شمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته ردته إلى القلب فيستيقن اليقين ويبطل الشكّ قال هشام فقلت له:

________________________________________________________

لأنّه ليست له جارحة مخصوصة ظاهرة، أو لقلّة الاشتباه فيه، مع أنّه يعرف بالمقايسة، والمراد بالقلب النفس الناطقة المتعلّقة أوّلاً وبالذّات بالروح الحيواني المنبعث عن القلب الصنوبري الّذي نسبته إلى أعضاء الحسّ والحركة كنسبة النفس إلى قوي الحس والحركة في أنّه ينبعث منه الدم والروح البخاري إلى سائر الأعضاء، فالنفس رئيس القوي وإمامها، والقلب وهو مستقرّها وعرش استوائها بإذن الله رئيس سائر الأعضاء وإمامها، أو المراد بالقلب القوّة العقليّة الّتي للنفس الإنسانية أو ما يشمل القوي الحسيّة الباطنة الّتي هي كالآلات للقوّة العقليّة في فكرتها وسائر تصرّفاتها كما قيل.

وإمّا شكّ الحواسّ وغلطها فقيل: معناه أنّ العقل والوهم المشوب بالحس يغلط، أو يشكّ بسبب من الأسباب، ثمّ يعلم النفس بقوّة العقل ما هو الحقّ المتيقّن كما يرى البصر العظيم صغيراً لبعده، والصغير كبيراً لقربه، والواحد اثنين لحول في العين، والشجرة الّتي في طرف الحوض منكوسة لانعكاس شعاع البصر من الماء إليها

٢٧٥

فإنّما أقام الله القلب لشكّ الجوارح قال نعم قلت لا بد من القلب وإلّا لم تستيقن الجوارح قال نعم فقلت له يا أبا مروان فالله تبارك وتعالى لم يترك جوارحك حتّى جعل لها إماماً يصحّح لها الصحيح ويتيقّن به ما شكّ فيه ويترك هذا الخلق كلّهم في حيرتهم وشكهم واختلافهم لا يقيم لهم إماما يردون إليه شكهم وحيرتهم ويقيم لك إماماً لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك قال فسكت ولم يقل لي شيئاً.

________________________________________________________

والسمع يسمع الصوت الواحد عندّ الجبل ونحوه ممّا فيه صلابة أو صقالة صوتين، لانعكاس الهواء المكيف بكيفيّة السمع إلى الصماخ تارة أخرى، ويقال للصوت الثاني: الصداء، وكما تجد الذائقة الحلو مرّاً لغلبة المرة الصفراء على جرم اللسان، وكذا تشمئّز الشامّة من الروائح الطيّبة بالزكام، فهذه وأمثالها أغلاط حسيّة يعرف القلب حقيقة الأمرّ فيها.

وقيل: معناه أنّ النفس مع هذه القوي الحسيّة الظاهرة، تحتاج إلى قوّة حاكمة عليها، إذ من شأنها من حيث هذه القوي هذه الإدراكات التصوريّة دون التصديقات واليقينيات، فلا يستيقن إلّا بقوّة أخرى هي الحاكمة باليقينيات، وهي القوّة الّتي بها تخرج عن الشكّ إلى اليقين، فإنّما أقام الله القلب بإعطاء هذه القوّة لتخرج بها النفس عن تلك المرتبة الّتي شأنها بحسبها الشكّ وعدم الاستيقأنّ إلى مرتبة اليقين، ثمّ إذا كان بحكمته لا يخلّ بإعطاء ما تحتاج إليه نفسك في وصولها إلى كمالها القابلة، كيف يخلّ بما يحتاج إليه الخلق كلّهم، لخروجهم عن حيرتهم وشكهم إلى الاستيقان بما فيه بقاؤهم ونجاتهم عن الضلال والهلاك، فأوّل هذا الكلام تنبيه على حكمته المقتضية للصلاح والخير وإعطاء ما يحتاج إليه المستكمل في الخروج من النقصان إلى الكمال، والوصول إلى النجاة عن الضلال، وآخره الإستدلال من تلك الحكمة على إقامة الإمام الّذي إنّما يحصل نجاة الخلق عن حيرتهم وشكّهم بمعرفته، والأخذ عنه، والاهتداء بهداه.

٢٧٦

ثمَّ التفت إليَّ فقال لي أنت هشام بن الحكم فقلت لا قال أمن جلسائه قلت لا قال فمن أين أنت قال قلت من أهل الكوفة قال فأنت إذا هو ثمّ ضمني إليه وأقعدني في مجلسه وزال عن مجلسه وما نطق حتّى قمت قال فضحك أبو عبد اللهعليه‌السلام وقال يا هشام من علمك هذا قلت شيء أخذته منك وألفته فقال هذا والله مكتوب في صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى.

٤ - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عمّن ذكره، عن يونس بن يعقوب قال كنت عندّ أبي عبد اللهعليه‌السلام فورد عليه رجلٌ من أهل الشام فقال إنّي رجل صأحبّ كلام وفقه وفرائض وقد جئت لمناظرة أصحابك فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام كلامك من كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو من عندك فقال من كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن عندي فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام فأنت إذا شريك رسول الله قال لا قال فسمعت الوحي عن الله عزَّ

________________________________________________________

قوله: فقلت لا، قال ذلك تورية للمصلحة، ويمكن أنّ يكون غرضه لا - أخبرك به.

الحديث الرابع: مرسل.

وذكر الفرائض بعد الفقه تخصيص بعد التعميم لغموض مسائلها بالنسبة إلى سائر أبواب الفقه، وكون اختلاف الأمّة فيها أكثر من غيرها، وشدّة اعتناء المخالفين بها، ومدخليّة علم الحساب فيها، وهو [ غير ] مأخوذ من الشارع، وربّما يقال: المراد بالفرائض الواجبات وهو بعيد « لمناظرة أصحابك » إنّما نسب المناظرة إلى الأصحاب رعاية للأدب و « من » في قوله: « من كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » للابتداء أو للتعليل أو للتبعيض.

قولهعليه‌السلام : فأنت إذاً شريك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يدّل على بطلان الكلام الّذي لم يكن مأخوذاً من الكتاب والسنّة، وأنّه لا يجوز الاعتماد في أصول الدين على الأدلّة العقليّة، وقيل: لـمّا كان مناظرته في الإمامة والمناط فيها قول الشارع قال له ذلك، لأنّه إذا بني أمراً لا بدّ فيه من الرجوع إلى الشارع على قول الرسول وقوله

٢٧٧

وجلَّ يخبرك قال لا قال فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لا فالتفت أبو عبد اللهعليه‌السلام إلي فقال يا يونس بن يعقوب هذا قد خصم نفسه قبل أنّ يتكلّم ثمّ قال : يا يونس لو كنت تحسن الكلام كلمته قال يونس فيا لها من حسرة فقلت جعلت فداك إنّي سمعتك تنهى عن الكلام وتقول ويل لأصحاب

________________________________________________________

معاً، فيلزمه أن يجعل نفسه شريكهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رسالته وفي شرعه للدين، فلـمّا نفى الشركة « قالعليه‌السلام فسمعت الوحيٌّ عن الله » أيّ المبيّن لأصول الدين، على الأوّل، أو للإمامة على الثاني، إعلام الله بها أو بتبيين وتعيين ممّن أوجب الله طاعته كطاعة رسول الله أو إعلام الله إمّا بوساطة الرسول أو بالوحيٌّ بلا واسطة، وما بوساطة الرسول فهو من كلامه لا من عندك، فتعين عليك في قولك من عندي أحدّ الأمرين إمّا الوحيٌّ إليك بسماعك عن الله بلا واسطة، أو وجوب طاعتك كوجوب طاعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلـمّا نفاهما بقوله « لا » في كليهما لزمه نفي ما قاله ومن عندي، ولذا قالعليه‌السلام هذا خاصم نفسه قبل أنّ يتكلم، وقيل: مخاصمة نفسه من جهة أنّه اعترف ببطلان ما يقوله من عنده، لأنّ شيئاً لا يكون مستندا إلى الوحيٌّ ولا إلى الرسول، ولا يكون قائله في نفسه واجب الإطاعة لا محالة، بل يكون باطلا.

وأقول: يحتمل أن يكون الكلام الّذي رددعليه‌السلام الحال فيه بين الأمرين الكلام في الفروع من الفقه والفرائض، لأنّه لا مدخل العقل فيها، ولا بدّ من استنادها إلى الوحي، فمن حكم فيها برأيه يكون شريكاً للرسول في تشريع الأحكام، والتعميم أظهر.

« لو كنت تحسن الكلام » أيّ تعلمه كما ورد: قيمة المرء ما يحسنه « يا لها من حسرة » النداء للتعجّب والمنادي محذوف، ولام التعجّب متعلّق باعجبوا، و « من حسرة » تميز من الضمير المبهم بزيادة من، والحسرة أشدّ التلهفّ على الشيء الفائت، وقوله: فقال يونس، إمّا عليّ الالتفات أو بتقدير « قلت » بعده، أو قال ذلك عندّ الحكاية للراوي.

٢٧٨

الكلام يقولون هذا ينقاد وهذا لا ينقاد وهذا ينساق وهذا لا ينساق وهذا نعقله وهذا لا نعقله فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام إنّما قلت فويلٌ لهم أنّ تركوا ما أقول وذهبوا إلى ما يريدون.

ثمَّ قال لي اخرج إلى الباب فانظر من ترى من المتكلّمين فأدخله قال فأدخلت حمران بن أعين وكان يحسن الكلام وأدخلت الأحول وكان يحسن الكلام وأدخلت هشام بن سالم وكان يحسن الكلام وأدخلت قيس بن الماصر وكان عندي أحسنهم كلاماً وكان قد تعلّم الكلام من عليّ بن الحسينعليه‌السلام فلـمّا استقر بنا المجلس وكان أبو عبد اللهعليه‌السلام قبل الحجّ يستقرُّ أيّاماً في جبل في طرف الحرم في فازة له مضروبة قال فأخرج أبو عبد اللهعليه‌السلام رأسه من فازته فإذا هو ببعير يخبُّ

________________________________________________________

وقوله: « هذا ينقاد وهذا لا ينقاد » أي إنّهم يزنون ما ورد في الكتاب والسنة بميزان عقولهم وقواعدهم الكلامية، فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، فإنّهم كثيراً ما يتركون ظواهر الكتاب والسنة لمناقضة آرائهم إياها، فيقولون: هذا ينقاد لـمّا وافق عقولهم، وهذا لا ينقاد لـمّا خالفها، وهو المراد أيضاً بقوله: « هذا ينساق وهذا لا ينساق ».

وقيل: المعنى هذا ينجرّ إلى أمرّ كذا من محال أو تناقض أو دور أو تسلسل، وهذا لا ينساق، أيّ لا ينجرّ إليه، وقيل: هذا ينقاد وهذا لا ينقاد، إشارة إلى ما يقوله أهل المناظرة في مجادلاتهم: سلمنا هذا ولكن لا نسلم ذلك، وهذا ينساق وهذا لا ينساق إلى قولهم للخصم: أنّ يقول كذا وليس له أنّ يقول كذا.

« وهذا نعقله » أيّ تقبله عقولنا « أنّ تركوا ما أقول » أيّ ما ثبت من الشارع في الدين « فلـمّا استقرّ بنا المجلس » الباء إمّا بمعنى في، والمعنىّ على القلب، أيّ استقررنا فيه أو الإسناد على المجاز، وإمّا للمصاحبة أو للتعدية، وعلى الوجوه: المعنى كنّا لم ننتظر حضور غيرنا، والفازة بالفاء والزاي مظلّة بعمودين، والخبب: ضرب من العدو

٢٧٩

فقال هشامٌ وربّ الكعبة قال فظننّا أنَّ هشاماً رجلٌ من ولد عقيل كان شديد المحبّة له.

قال فورد هشام بن الحكم وهو أوَّل ما اختطّت لحيته وليس فينا إلّا من هو أكبر سنا منه قال فوسّع له أبو عبد اللهعليه‌السلام وقال ناصرنا بقلبه ولسانه ويده ثمّ قال يا حمرأنّ كلم الرّجلَّ فكلمه فظهر عليه حمران ثمّ قال يا طاقي كلمه فكلمه فظهر عليه الأحول ثمّ قال يا هشام بن سالم كلمه فتعارفا ثمّ قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لقيس الماصر كلّمه فكلّمه فأقبل أبو عبد اللهعليه‌السلام يضحك من كلامهما ممّا قد أصاب الشاميّ.

فقال للشامي كلّم هذا الغلام يعنّي هشام بن الحكم فقال نعم فقال لهشام يا غلام سلني في إمامة هذا فغضب هشام حتّى ارتعد ثمّ قال للشامي يا هذا أربّك أنظر لخلقه أم خلقه لأنفسهم فقال الشاميُّ : بل ربّي أنظر لخلقه قال ففعل بنظره لهم ما ذا قال أقام لهم حجّة ودليلاً كيلا يتشتّتوا أو يختلفوا يتألفهم ويقيم أودهم

________________________________________________________

ذكرهما الجوهري « هو شديد المحبّة له » أيّ هشام لهعليه‌السلام أو بالعكس، قال الجوهري: اختطّ الغلام أيّ نبت عذاره « فتعارفا » في أكثر النسخ بالعين والراء المهملتين والفاء، أيّ تكلـمّا بما عرف كلّ منهما صاحبه وكلامه بلا غلبة لأحدهما على الآخر، وفي بعضها بالواو والفاء أي تعوّق كلّ منهما عن الغلبة وفي بعضها بالفاء والراء والقاف وهو ظاهر، وفي بعضها بالعين والراء والقاف أيّ وقعاً في العرق كناية عن طول المناظرة ممّا قد أصاب الشاميّ بالنصب أيّ من المغلوبية والخجلة، أو بالرفع فما مصدرية أيّ إصابة الشاميّ وخطىء قيس، فالضحك لعجز قيس « فغضب هشام » لسوء أدب الشاميّ بالنسبة إلى جنابهعليه‌السلام « أربك أنظر » يقال: نظر له كضرب وعلم نظراً: أعانه، والنظرة بالفتح الرحمة « كيلا يتشتّتوا » أيّ لا يتفرّقوا في مذاهبهم ومسالكهم وآرائهم، والأود: بالتحريك الاعوجاج، أيّ يزيل اعوجاجهم وانعطافهم عن الحقّ بإقامتهم.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462