مرآة العقول الجزء ٢

مرآة العقول4%

مرآة العقول مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 462

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 462 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 66773 / تحميل: 5300
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

تستكملوا أمر دينكم وتؤمنوا بالله ربّكم.

٧ - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الحسين بن صغير عمّن حدَّثه، عن ربعيّ بن عبد الله، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال أبى الله أنّ يجري الأشياء إلّا بأسباب فجعل لكلّ شيء سبباً وجعل لكلّ سبب شرحاً وجعل لكلّ شرح علـماً وجعل لكلّ علم باباً ناطقاً عرفه من عرفه وجهله من جهله

________________________________________________________

والشبهات والفتن الّتي صارت حجاباً بين الناس وفهم الحقّ « الآثار » أيّ آثار الهداية ودلائلها، وهم الأئمةعليهم‌السلام ، أو دلائل إمامتهم أو المعنى أنّ لم يتيسّر لكم الوصول إلى الإمام فاطلبوا آثاره وأخباره من رواتها وحملتها، أو اطلبوا الإمام المحجوب بحجاب التقيّة والخوف حتّى تصلوا إليه، فإذا فعلتم ما ذكر فقد أكملتم أمرّ دينكم بمعرفة الأئمةعليهم‌السلام ومتابعتهم، وآمنتم بالله حق الإيمان وإلّا فلستم بمؤمنين.

الحديث السابع: مجهول.

« أبي الله أن يجري الأشياء إلّا بالأسباب »(١) أيّ جرت عادته سبحانه على وفق قانون الحكمة والمصلحة أنّ يوجد الأشياء بالأسباب، كإيجاد زيد من الآباء والمواد والعناصر، وأنّ كان قادراً على إيجاده من كتم العدم دفعة بدون الأسباب، وكذا علوم أكثر العباد ومعارفهم، جعلها منوطة بشرائط وعلل وأسباب، كالمعلم والإمام والرّسول، والملك واللوح والقلم، وأنّ كان يمكنه إفاضتها بدونها، وكذا سائر الأمور الّتي تجري في العالم، ففيما هوعليه‌السلام بصدد بيانه من الحاجة إلى الإمام « الشيء » حصول النجاة والوصول إلى درجات السعادات الأخروية أو الأعم « والسبب » المعرفة والطاعة و « الشرح » الشريعة المقدسة و « العلم » بالتحريك أيّ ما يعلم بالشرع، أو بالكسر أيّ سبب علم وهو القران والباب الناطق الّذي به يوصل إلى القران النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في زمأنّه والأئمة صلوات الله عليهم بعده.

فظهر أنّه لا بدّ في حصول النجاة والوصول إلى الجنّة الصوريّة والمعنويّة من

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المتن « الأسباب ».

٣٢١

ذاك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن.

٨ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول كلّ من دأنّ الله عزّ وجلَّ بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول وهو ضالُّ متحيّرٌ والله شانيءٌ لأعماله ومثله كمثل شاة ضلّت عن راعيها وقطيعها فهجمت ذاهبة وجائية يومها فلمّا

________________________________________________________

معرفة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والإمامعليه‌السلام ، ويحتمل أنّ يكون العلم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والباب الإمام، فقوله: « ذاك » راجع إليهما معاً، والأوّل أظهر.

الحديث الثامن: صحيح.

قولهعليه‌السلام : كلّ من دأنّ الله، أيّ أطاع الله بزعمه أو عبد الله أو عامل الله « يجهد فيها نفسه » أيّ يجد ويبالغ فيها ويحمل على نفسه فوق طاقتها، قال في المغرب: جهده حمله فوق طاقته من باب منع وأجهد لغة قليلة، والجهد المشقّة « ولا إمام له من الله » أيّ منصوب من قبل الله بأنّ لا يعتقد إمامته، ولا يكون عمله بالأخذ عنه « وهو ضالّ متحيّر » حيث لم يأخذها عن مأخذها الموجب لصحة المعرفة، فعمله لم يكن لله « والله شانئ » سبحانه مبغض لأعماله، بمعنى أنها غير مقبولة عندّ الله وصاحبها غير مرضي عنده سبحانه « ومثله » أيّ في أعماله وحيرته.

وقال الفيروزآبادي: هجم عليه هجوماً: انتهى إليه بغتة، أو دخل بغير إذن، وفلاناً: أدخله كما هجمه، والشيء: سكن وأطرق، وفلاناً طرده « انتهى ».

فهو على بناء المعلوم أيّ دخلت في السعي والتعب بلا رويّة ولا علم.

« ذاهبة وجائية » متحيّرة في جميع يومها، فأنّ ذلك العامل لـمّا لم يكن على ثقة من المعرفة بالعمل، يكون في معرض الشكّ والحيرة.

« فلـمّا جنّها اللّيل » أيّ حأنّ حين خوفه وأحاطت ظلمة الجهل به ولم يعرف من يحصل له الثقة به، وطلب من يلحق به لحق على غير بصيرة لجماعة يراهم مجتمعين على من لا يعرف حاله وحنّ إليهم واغترّ بهم ظنّاً منه أنّهم على ما هو عليه.

٣٢٢

جنّها الليّل بصرت بقطيع غنم مع راعيها فحنت إليها واغترت بها فباتت معها في مربضها فلـمّا أنّ ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها فهجمت متحيّرة تطلب راعيها وقطيعها فبصرت بغنم مع راعيها فحنّت إليها واغترَّت بها فصاح بها الراعي الحقي براعيك وقطيعك فأنت تائهة متحيّرة عن راعيك وقطيعك فهجمت ذَعرة متحيّرة

________________________________________________________

قوله: مع غير راعيها، أي الشاة وفي بعض النّسخ « مع راعيها » فالضّمير راجع إلى الغنم.

وفي القاموس: الحنن: الشوق، وتوقأنّ النفس، والذّعر: الفزع والخوف، والحاصل أنّهعليه‌السلام ذكر هذا التشبيه على سبيل التمثيل، وهو عبارة عن تشبيه هيئة منتزعة من أشياء متعدّدة بهيئة أخرى، ولا بدّ من اشتماله على تشبيهات متعدّدة للأجزاء بالإجزاء، ففي هذا التمثيل شبّهعليه‌السلام الإمام بالرّاعي، والأمّة بالغنم، والجاهل الّذي لا إمام له بالشاة الّتي ضلت عن راعيها وقطيعها، وشبه عبادته وسعيه لطلب الإمام من غير بصيرة بتهجّم تلك الشاة ذاهبة وجائية، لاشتراكهما في الضّلال والتحيّر مع السّعي والتردّد ولحوقه كلّ يوم بطائفة لتحيّره في أمره بلحوق الشاة الضّالة بالقطيع، وتنفّره عمّا يرى منهم من سوء العقائد والأعمال، وأشياء يخالف ما في يده منهما بإنكار الشّاة راعيها وقطيعها، وتنفّر طائفة عنه محقّين كانوا أو مبطلين، لـمّا يرون منه من رسوخه في الضلال وعدم استعداده لقبول ما هم عليه، إمّا للتقيّة أو لعدم تجويز تأثير النّصح فيه، بصياح الراعي بالشّاة النافرة: الحقي براعيك وقطيعك الشيطان الّذي يجعله ثابتاً في الضّلالة، بالذئب المهلك.

فالتشبيه والتمثيل في غاية الحسن والتّمام، وهو وصف لحال الفرق الشاذّة عن الشيعة الإماميّة كالزيديّة والفطحيّة والواقفيّة وأمثالهم، فإنّهم لـمّا تركوا الإمام الحق، وضلّوا عنه ذهبوا إلى عبد الله الأفطح وأمثاله، فسألوهم عن مسائل ووجدوهم مخالفين لـمّا وصل إليهم من أئمة الحقّ قولاً وفعلاً، فتركوهم وذهبوا إلى طائفة أخرى من فرق الشيعة الضّالة فلم يقبلوهم، أو إلى الفرقة الإماميّة فلم يثقوا بهم وردّ وهم لعدم خلوص

٣٢٣

تائهة ، لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردُّها فبينا هي كذلك إذا اغتنم الذئب ضيعتها فأكلّها وكذلك والله يا محمّد من أصبح من هذه الأمّة لا إمام له من الله عزّ وجلَّ ظاهر عادل أصبح ضالاً تائهاً ، وأنّ مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق واعلم يا محمّد أنَّ

________________________________________________________

نيّتهم واستعدادهم لقبول الحقّ، فاغتنم الشيطان ضلالهم وحيرتهم ووسوس إليهم أنّ هذه الفرق كلّهم ضالّة فالحقّ بالمخالفين، فهلك هلاكاً لا يرجو النجاة، وكالمخالفين الذين تركوا أمير المؤمنين وتحيروا في خلافته فذهبوا إلى خلفاء الجور فلـمّا رأوا منهم خلاف سيرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وطريقته ذهبوا إلى أهل الحقّ امتحانا من غير بصيرة فردوهم تقيّة أو لغير ذلك، فوسوس إليهم الشيطان وردوهم إلى الكفر الأصلي، أوسدّ عليهم الحقّ حتّى هلكوا في الحيرة والضلالة، أو تركوا جميع المذاهب وذهبوا إلى الإلحاد.

كما روي أنّ ابن أبي العوجاء كان من تلامذة الحسن البصري، فانحرف عن التوحيد، فقيل له: تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة؟ فقال: أنّ صاحبي كان مخلّطاً كان يقول بالقدر، وطورا بالجبر، وما أعلمه اعتقد مذهبا دام عليه.

قولهعليه‌السلام : إذا اغتنم الذّئب ضيعتها، أيّ ضياعها وكونها بلا راع وحافظ فيكون مصدراً، وقيل: الضّمير راجع إلى قطيع الغنم، أيّ ما ضاع منها وقيل: إنّما اكتفي براعيين وقطيعين للإشارة إلى أنّ كلّ طريق من طرق الضّلالة إمّا مشتمل على الإفراط أو على التفريط، والوسط هو الحق.

قوله: ظاهر، أيّ بين حجيّته بالبرهان وإن كان غائباً، وقال الفاضل التستري (ره): الظّاهر أنّه بالطاّء المهملة، ويؤيّده ما في بعض الرّوايات: إنّ الله طهّرنا وعصمنا « انتهى ».

وقال الجوهري: الميتة بالكسر: كالجلسة والركبة يقال: مات فلان ميتة حسنة « انتهى ».

٣٢٤

أئمّة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلّوا وأضلّوا فأعمالهم الّتي يعملونها كَرَماد اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ ممّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ

٩ - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن الهيثمّ بن واقد، عن مقرن قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول جاء ابن الكوّاء إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: يا أمير المؤمنين «وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلّاً

________________________________________________________

أقول: وهذا الخبر صريح في كفر المخالفين لإنكارهم أصلاً عظيماً من أصول الدّين، ونفاقهم لأنهم يقرّون ظاهراً بما جاء به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وينكرون في القلب عمدتها وأضلّوا، « فأعمالهم » إلى آخره، تضمين للآية الكريمة، وهي قوله تعالى: «مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بربّهم أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ » أيّ حملته وطيرته «فِي يَوْمٍ عاصِفٍ » أيّ شديدة ريحه، ووصف اليوم بالعصف للمبالغة «لا يَقْدِرُونَ » أيّ يوم القيأمّة «ممّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ » لحبوطه «ذلِكَ » أيّ ضلالهم مع حسبانهم أنّهم يحسنون «هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ » لكونهم في غاية البعد عن طريق الحقّ.

الحديث التاسع: ضعيف.

قوله تعالى: «وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ » إعلم أنّ للمفسرّين أقوالاً شتّى في تفسير الأعراف وأصحابه، قإمّا تفسير الأعراف فلهم فيه قولان:

الأوّل: أنّها سور بين الجنّة والنّار، أو شرفها وأعاليها.

والثاني: أنّ المراد على معرفة أهل الجنّة والنّار رجال، والأخبار تدلّ عليهما، وربّما يظهر من بعضها أنّه جمع عريف كشريف وأشراف، فالتقدير على طريقة الأعراف رجال، أو عليّ التجريد، أو معنى الأعراف العارفون بالله تعالى وبحججهعليهم‌السلام ، وتكرار كلمة على للاستعلاء كما في قولهم فلان مهيمن على قومه وحفيظ عليهم، فالأعراف جمع عارف كناصر وأنصار، وطاهر وأطهار.

ثمّ القائلون بالأوّل اختلفوا في أنّ الذين على الأعراف من هم؟ فقيل: إنّهم الأشراف من أهل الطاّعة والثواب، وقيل: إنّهم أقوام يكونون في الدّرجة السّافلة

٣٢٥

بِسِيماهُمْ »(١) ؟ فقال نحن على الأعراف ، نعرف أنصارنا بسيماهم ونحن الأعراف الّذي

________________________________________________________

من أهل الثواب، فالقائلون بالأوّل منهم من قال أنّهم ملائكة يعرفون أهل الجنّة والنار، ومنهم من قال: إنهم الأنبياء وأجلسهم الله على أعالي ذلك السّور تمييزاً لهم عن سائر أهل القيامة، ومنهم من قال: إنّهم الشهداء، والقائلون بالثاني، منهم من قال: إنّهم أقوام تساوت حسناتهم وسيئاتهم، ومنهم من قال: إنهم قوم خرجوا إلى الغزو بغير إذن إمامهم، وقيل: إنّهم مساكين أهل الجنّة، وقيل: إنهم الفساق من أهل الصّلاة، ويظهر من الأخبار الّتي أوردتها في الكتاب الكبير الجمع بين القولين، وأنّ الأئمّةعليهم‌السلام يقومون على الأعراف ليميّزوا شيعتهم من مخالفيهم، ويشفعوا الفسّاق محبيّهم وأنّ قوماً من المذنبين أيضاً يكونون فيها إلى أن يشفع لهم.

وفي هذا الخبر أيضاً إشارة إلى إطلاقات الأعراف ومعانيها، وأنّ الرّجال همعليهم‌السلام كما قيل: أنّ الأعراف مأخوذ من العرفان، وهو يطلق على الموضع المشرف المعيّن بإشرافه على إطلّاع من عليه.

فبهذه الجهة قالعليه‌السلام : نحن على الأعراف، ويطلق على حامل المعرفة المتأمّل فيها، الّذي إنّما يعرف غيره بوساطته كالحجج من الرّسل والأنبياء، وولاة الأمرّعليهم‌السلام ، وعلى هذا الإطلاق قال: ونحن الأعراف الذين لا يعرف الله تعالى إلّا بسبيل معرفتنا.

ويطلق على المعرّف الّذي إنّما يتمّ المقصود بمعرفته، وعلى هذا قال: نحن الأعراف يعرّفنا الله يوم القيامة على الصّراط، فان أريد ظاهر الآية فالأعراف هو المعبر عنه بالسور بين الجنّة والنار، ومن عليه من الرّجال الحججعليهم‌السلام الذين يعرفون كلّا بسيماهم، وإنّما ينال المقصود بمعرفتهم، وهم الحافظون لها المحيطون بأطرافها ويستحقّون أن يطلق عليهم الأعراف لاشتمالهم عليها وإحاطتهم بها.

__________________

(١) سورة الأعراف: ٤٦.

٣٢٦

لا يُعرف الله عزّ وجلَّ إلّا بسبيل معرفتنا ، ونحن الأعراف يعرّفنا الله عزّ وجلّ يوم القيامة على الصراط فلا يدخل الجنّة إلّا من عرفنا وعرفناه ، ولا يدخل النار إلّا من أنكرنا وأنكرناه.

________________________________________________________

فقوله: ونحن الأعراف كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا كلام الله الناطق، ولعلّ قولهعليه‌السلام : ونحن الأعراف الذين لا يعرف الله إلّا بسبيل معرفتنا، بالنظر إلى أحوال الدّنيا، وقوله: ونحن الأعراف يعرّفنا الله تعالى، بالنظر إلى أحوال العقبى.

وقوله: « وعرفناه » الظّاهر أنّه من المجرّد أيّ مناط دخول الجنّة معرفتهم بنا بالحجيّة والولاية، ومعرفتنا إيّاهم بكونهم أنصارنا وموالينا، وربّما يقرأ من باب التفعيل، أيّ مناط دخول الجنّة معرفتهم بنا وبإمامتنا وتعريفنا ما يحتاجون إليه.

وقيل في تأويل الآية: أنّ قوله تعالى: «وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ » بيان لحال المقرّبين والحجج في الدّنيا، فانّ معرفة الطائفتين والتميز بينهما بالسيماء والعلأمّة إنّما تكون في الدنيا، وإمّا في الآخرة فالامتياز بين الفريقين في غاية الظهور لا يحتاج إلى أنّ يعرف بالسيماء، وكذا قوله: «لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ » يناسب حالهم في الدنيا وكذا قوله: «وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا ربّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ » يعنّي إذا أرادوا أهل النار الذين عرفوهم بسيماهم وما هم عليه من الكفر أو الفسق ظاهراً كان أو باطناً استعاذوا بالله ودعوا الله أنّ لا يجعلهم من القوم الظالمين. وإمّا قوله تعالى: «وَنادَوْا أَصْحابَ الجنّة أنّ سَلامٌ عَلَيْكُمْ » فيحتمل الوقوع في الدارين، وكذا قوله: «وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجإلّا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ » الآية وأنّ كان الظاهر فيه كونه حكاية قولهم في الآخرة، بأنّ يكون معناه: ونادى أصحاب الآخرة رجالاً كانوا يعرفونهم في الدّنيا بسيماهم وقالوا ذلك القول ولكن يجوز حمله عليّ الوقوع في الدّنيا، أو على ما هو أعمّ.

وعلى أيّ تقدير لا ينافي كون ما سبق من المذكورات إخباراً عن حال العارفين في الدنيا، فقولهعليه‌السلام : نحن على الأعراف، تنبيه على أنّ معنى «عَلَى الْأَعْرافِ » عليّ المعرفة، وأنّ كلمة « على » هنا للاستعلاء المعنوي لا المكاني، وفيه إشارة إلى أن

٣٢٧

إنّ الله تبارك وتعالى لوشاء لعرّف العباد نفسه ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الّذي يؤتى منه فمن عدل عن ولايتنا أو فضّل علينا غيرنا ، فإنّهم عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ ، فلا سواء من اعتصم الناس به ولا سواء حيث ذهب الناس إلى عيون

________________________________________________________

أنصارهم أهل الجنّة، وأعداءهم أهل النّار، وهم يعرفون الفريقين في الدّنيا بسيماهم، لا بظواهر أعمالهم وقولهعليه‌السلام : « ونحن الأعراف الّذي لا يعرف الله إلّا بسبيل معرفتنا » أراد بالأعراف ما يعرف به الشيء سواء كان ما به المعرفة ذاتا أو صفة من باب تسمية الشيء باسم سببه. إمّا قوله: ونحن الأعراف يعرّفنا الله، فأراد بالأعراف هاهنا نفس المعروف بالذّات، كما يطلق العلم على الصّورة العلميّة، وهي المعلومة بالذّات فأنّه تعالى بهم يعرف أمتهم وأتباعهم إلى آخر ما حقّقه ولا نطيل الكلام بإيراده.

قولهعليه‌السلام : « ولكن جعلنا أبوابه » أيّ أبواب معرفته وعلمه « وصراطه » الّذي يعرف طريق عبادته « وسبيله » الّذي به يعرف الوصول إلى قربه وجنّته، والحاصل أنّه تعالى كان قادراً على أنّ يعرف العباد جميع ذلك بنفسه، لكن كانت المصلحة مقتضية لأنّ يجعلنا وسيلة فيها « ولا سواء » أيّ ليس بمستو من اعتصم الناس أيّ المخالفون به ولا سواء من اعتصمهم به، نظير قوله تعالى: «وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ »(١) وفيه مبالغة في نفي التساوي، أو الثاني تكرار للأول والشقّ الآخر محذوف فيهما، أيّ لا سواء من اعتصموا به ومن اعتصمتم به، ولا يستوي صنع الناس وصنعكم(٢) في الاعتصام.

أقول: ويحتمل أنّ يكون المراد بالنّاس جميعهم من المحقّين والمبطلين، وكذا من اعتصموا به، أيّ ليس الذين يعتصم النّاس بهم متساوين، ولا سواء المعتصمون بهم أو ما ينتفعون به منهم.

وفيه: أنّه لا بدّ من حمل النّاس ثانياً على المخالفين، وكونه في كلّ من الموضعين بمعنى آخر بعيد، ثمّ بيّنعليه‌السلام عدم المساواة على الوجوه كلّها فقال: « حيث ذهب النّاس

__________________

(١) سورة فاطر: ٢٢.

(٢) وفي بعض النسخ « منع الناس ومنعكم » والظاهر هو المخطار.

٣٢٨

كدرة يفرغ بعضها في بعض وذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربّها ، لا نفاد لها ولا انقطاع.

١٠ - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن عليّ بن محمّد، عن بكر بن صالح، عن الريان بن شبيب، عن يونس، عن أبي أيّوب الخزاز، عن أبي حمزة قال قال أبو جعفرعليه‌السلام يا أبا حمزة يخرج أحدكم فراسخ فيطلب لنفسه دليلاً وأنت بطرق السماء أجهل منك بطرق الأرض فاطلب لنفسك دليلاً.

________________________________________________________

إلى عيون كدرة يفرغ » على بناء المجرد المعلوم أو الأفعال معلوماً أو مجهولاً « بعضها في بعض » أو من بعض، قال الجوهري: فرغ الماء بالكسر يفرغ فراغاً مثل سمع يسمع سماعاً أي إنصبّ وأفرغته أنا « انتهى ».

والحاصل أنّهعليه‌السلام شبّه العلم بالماءِ لأنّه سبب للحياة الروحاني، كما أنّ الماء سبب للحياة البدني، وقد شبّه به في كثير من الآيات الفرقانية، وشبّه علوم علماءِ المخالفين وخلفائهم بالمياه النابعة من العيون القليلة الماء المكدرّة بالطيّن وغيره، ينقطع ينعها وينفد ماؤها بأخذ شيء قليل منها، لأنّهم خلطوا شيئاً قليلا وصل إليهم من الحكم والشرائع، بالشبّه الباطلة والأوهام الفاسدة، وأنّ أجابوا عن قليل من المسائل ينتهي علمهم، ولا يجيبون فيما سواها، ويفرغ بعضها في بعض، أيّ يأخذ هذا عن هذا وهذا عن هذا ولا ينتهي علمهم إلى من يستغني بعلمه عن علم غيره، فهي قاصرة كمّاً وكيفاً، وشبّه علوم أهل البيتعليهم‌السلام بالمياه الجارية عن عيون صافية تجري بأمر ربّها، لا نفاد لها ولا انقطاع، إذ بحار العلوم والحكم فائضة أبداً على قلوبهم من منابع الوحي والالهام، ولا تشوب بالآراء والأوهام.

الحديث العاشر: ضعيف.

والمراد بطرق السماء، الطّرق المعلومة بالوحي، النّازل من السّماء، أو الطرق الموصلة إلى الجنّة الّتي في السّماء، أو الطرق المؤدّية إلى سماء المعرفة والكمال، والأعرفيّة ظاهرة إذ الأمور المحسوسة أوضح من الأمور المعقولة.

٣٢٩

١١ - عليٌّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أيّوب بن الحرّ، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلَّ «وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كثيراً »(١) فقال طاعة الله ومعرفة الإمام.

١٢ - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن أبي بصيّر قال قال لي أبو جعفرعليه‌السلام هل عرفت إمامك قال قلت أيّ والله قبل أنّ أخرج من الكوفة فقال حسبك إذاً.

١٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن بريد قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول في قول الله تبارك وتعالى: «أَوَمَنْ كان مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ »(٢) فقال « ميت » لا يعرف شيئاً و «نُوراً

________________________________________________________

الحديث الحادي عشر: صحيح.

قولهعليه‌السلام : طاعة الله، قيل: لـمّا كانت الحكمة استكمال النفس الإنسانيّة بحسب قوّتيه العلميّة، والعمليّة وإنّما إستكمالها بالمعارف الحقّة والتحلّي بالفضائل من الصّفات، والإتيان بالحسنات، والسلامة عن الرذائل وارتكاب السيّئات، وقد أمرّ الله سبحانه عباده بجميعها، وبيّن لهم منهجها وسبيلها، وتجمعها طاعة الله المنوطة بمعرفة الإمام، ففسّرها بطاعة الله ومعرفة الإمام.

الحديث الثاني عشر: مجهول.

قولهعليه‌السلام : « حسبك إذاً » فانّ من عرف إمامه وتمسّك به قولاً وفعلاً فقد استكمل بواعث النجاة.

الحديث الثالث عشر: موثق.

وفسّر الميّت بالجاهل، ويعلم منه تفسير الحيّ بالعالم، « ونوراً يمشي به في الناس » بإمام يأتمّ به بعد معرفته ومن « مثله » وصفته أنّه «فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها » بالّذي لا يعرف الإمام فأنّ من لا يعرفه لا يمكنه الخروج من ظلمات الجهل.

__________________

(١) سورة البقرة: ٢٦٩.

(٢) سورة الأنعام: ١٢٣.

٣٣٠

يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ » إماماً يؤتمّ به «كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها » قال الّذي لا يعرف الإمام.

١٤ - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن محمّد بن أورمة ومحمّد بن عبد الله، عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أبو جعفرعليه‌السلام دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين فقالعليه‌السلام يا أبا عبد الله إلّا اُخبرك بقول الله عزّ وجلّ: «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ *وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إلّا ما

________________________________________________________

وقوله: «يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ » المراد به المشي العقلاني والسعي الرّوحاني في درجات المعارف الإلهيّة، والمراد بالنّاس المقرّبون، وسائر النّاس نسناس أو الأعمّ، أي كائناً بين النّاس معدوداً منهم، أو المراد بالمشي فيهم المعاملة والمعاشرة معهم بهدايتهم ورعايتهم والتقيّة منهم، وسائر ما يجري بينه وبينهم، ومن كان عالماً حيّاً لا يعرف الإمام فهو في الظلمات كالأموات لا يتخلّص منها ولا ينتفع بعلمه.

الحديث الرابع عشر: ضعيف، لكن هذا المضمون مرويّ بطرق كثيرة مستفيضة.

ورواه الثعلبي في تفسيره عن أبي عبد الله الجدلي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ورواه الطبرسيّ عن مهدي بن نزار عن أبي القاسم الحسكاني بإسناده عن أبي جعفرعليه‌السلام ، وقال في قوله تعالى: «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ » أيّ بكلمة التّوحيد والإخلاص عن قتادة، وقيل: بالإيمان «فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها » قال ابن عباس: أيّ فمنها يصل الخير إليه، والمعنىّ فله من تلك الحسنة خير يوم القيامة وهو الثواب والأمان من العقاب، فخير هيهنا اسم وليس بالّذي هو بمعنى الأفضل، وهو المرويّ عن الحسن وعكرمة وابن جريج، وقيل: معناه فله أفضل منها في عظم النفع، فأنّه يعطى بالحسنة عشراً، وقيل: هو رضوان الله ورضوان من الله أكبر «وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ » قرئ فزع بالتنوين ويومئذ بفتح الميم وبغير تنوين بكسر الميم وبفتحها، قال الكلبي: إذا أطبقت النار على أهلها فزعوا فزعة لم يفزعوا مثلها وأهل الجنّة آمنون من ذلك الفزع «وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ » أيّ بالمعصية الكبيرة الّتي هي الكفر والشرك، عن ابن عباس وأكثر المفسّرين «فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ »

٣٣١

كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ »(١) قال بلى يا أمير المؤمنين جعلت فداك فقال الحسنة معرفة الولاية وحبّنا أهل البيت والسيّئة إنكار الولاية وبغضنا أهل البيت ثمّ قرأ عليه هذه الآية.

( باب فرض طاعة الأئمة )

١ - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال ذروة الأمرّ وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرحمن تبارك وتعالى الطاعة للإمام بعد معرفته ثمَّ قال أنَّ الله تبارك وتعالى يقول:

________________________________________________________

أي ألقوا في النّار منكوسين «هَلْ تُجْزَوْنَ إلّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ » أيّ هذا جزاء فعلكم وليس بظلم « انتهى ».

والحاصل: أنّه لـمّا كانت معرفة الولاية والإمأمّة مناط الحسنة لأنها إنّما تكون حسنة بالأخذ عن مأخذها المنتهى إلى الله سبحانه، حتّى يكون الإتيان بها طاعة له وبدونه تكون سيئة، وطاعة للطّواغيت وأهل الغيّ والضّلال، فسّر الحسنة بمعرفة الولاية وحبّ أهل البيتعليهم‌السلام الدّاعي إلى متابعتهم والأخذ عنهم، والسيئة بإنكار ولايتهم وبغضهمعليهم‌السلام مع أنّ الإقرار بإمامتهم وحبهم من أعظم أركان الإيمان، والشرط الأعظم لقبول جميع الأعمال.

باب فرض طاعة الأئمةعليهم‌السلام

الحديث الأوّل: حسن.

وذروة الأمر بالضمّ والكسر: أعلاه، والأمر الإيمان أو جميع الأمور الدّينيّة أو الأعم منها ومن الدنيويّة « وسنامه » بالفتح أيّ أشرفه وأرفعه مستعاراً من سنام البعير لأنّه أعلى عضو منه، « ومفتاحه » أيّ ما يفتح ويعلم به سائر أمور الدّين، « وباب الأشياء » أيّ سبب علمها أو ما ينبغي أنّ يعلم قبل الدخول فيها، أو ما يصيّر سبباً للدّخول في منازل الإيمان، وعلى بعض الوجوه تعميم بعد التخصيص.

« ورضا الرّحمن » بالكسر والقصر بمعنى ما يرضى به « بعد معرفته »

__________________

(١) سورة النمل: ٩٠ - ٨٩.

٣٣٢

«مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً »(١) .

٢ - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن أبي الصباح قال أشهد أنّي سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول أشهد أنّ عليّاً إمام فرض الله طاعته وأنّ الحسن إمام فرض الله طاعته وأنّ الحسين إمام فرض الله طاعته وأنّ عليّ بن الحسين إمام فرض الله طاعته وأنّ محمّد بن عليّ إمام فرض الله طاعته.

٣ - وبهذا الإسناد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ قال حدَّثنا حمّاد بن عثمان، عن بشير العطّار قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول نحن قوم فرض الله طاعتنا

________________________________________________________

أي الإمام أو الرّحمن تعالى شأنّه والأوّل أظهر « ومن تولّى » أي عن طاعته « حفيظاً » أي تحفظ عليهم أعمالهم وتحاسبهم عليها، إنّما عليك البلاغ وعلينا الحساب، والاستشهاد بالآية إمّا لأنّ طاعة الرّسولعليه‌السلام إنّما كانت تجب من حيث الخلافة والإمامة الّتي هي رئاسة عامة، فأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إماماً على الناس في زمأنّه مع رسالته، فبهذه الجهة تجب طاعة الإمام بعده، أو لعلمهعليه‌السلام بأنّ المراد بالرسول فيها أعم من الإمام، أو لأنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أمرّ بطاعة الأئمةعليهم‌السلام بالنصوص المتواترة، فطاعتهم طاعة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وطاعته طاعة الله، فطاعتهم طاعة الله، أو علمعليه‌السلام أنّ المراد بطاعة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله طاعة الله، فطاعتهم طاعة الله، أو علم عليه أنّ المراد بطاعة الرسول طاعته في تعيين أولي الأمرّ بعدّه وأمره بطاعتهم، أو لأنهمعليهم‌السلام لـمّا كانوا نواب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وخلفاءه فحكمهم حكمه في جميع الأشياء، إلّا ما يعلم اختصاصه بالرسالة وهذا ليس منه.

الحديث الثاني: ضعيف.

الحديث الثالث: ضعيف على المشهور.

« فرض الله طاعتنا » أيّ بالآيات الكريمة كقوله تعالى «وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمرّ مِنْكُمْ » وبما جرى من ذلك على لسان رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله « بمن لا يعذر النّاس » أي

__________________

(١) سورة النساء: ٨٠.

٣٣٣

وأنتم تأتمّون بمن لا يعذر الناس بجهالته.

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله عزّ وجل: «وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عظيماً »(١) قال الطاعة المفروضة.

٥ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن أبي خالد القمّاط، عن أبي الحسن العطّار قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول أشرك بين الأوصياء والرُّسل في الطاعة.

٦ - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكنانيّ قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام نحن قوم فرض الله عزّ وجل طاعتنا لنا الأنفال و

________________________________________________________

المخالفون أو الأعمّ « بجهالته » لوضوح الأمرّ وأنّ خفي عليهم فبتقصيرهم أو لكونه من أعظم أركان الإيمان وربّما يخصّ بغير المستضعفين.

الحديث الرابع: مرسل.

قوله: الطّاعة المفروضة، أيّ الإمامة الّتي هي رياسة عامّة على النّاس، وفرض الطّاعة من الله والانقياد لهم، فأنّه خلافة من الله، وملك وسلطنة عظيمة لا يدانيه شيء من مراتب الملك والسّلطنة.

الحديث الخامس: ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : « أشرك » على صيغة الأمرّ أو الماضي المجهول أو المعلوم، والفاعل الضمير الراجع إلى الله بقرينة المقام، والأوسط أظهر، أيّ وجوب الطاعة غير مختص بالأنبياء بل الأوصياء أيضاً مشتركون معهم.

الحديث السادس صحيح.

والأنفال جمع نفل بالفتح وبالتحريك وهو الزيادة، والمراد هنا ما جعله الله تعالى للنبيّ في حياته وبعده للإمام زائداً على الخمس وغيره ممّا اشترك فيه معه غيره، قال في مجمع البيان: قد صحّت الرواية عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام أنّهما قالا: الأنفال

__________________

(١) سورة النساء: ٥٤.

٣٣٤

لنا صفو المال ونحن الرّاسخون في العلم ونحن المحسودون الذين قال الله «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ »(١) .

٧ - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال ذكرت لأبي عبد اللهعليه‌السلام قولنا في الأوصياء أنَّ طاعتهم مفترضة قال فقال نعم هم الذين قال الله تعالى «أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمرّ مِنْكُمْ »(٢) وهم الذين قال الله

________________________________________________________

كلّ ما أخذ في دار الحرب بغير قتال، وكلّ أرض انجلى أهلها عنها بغير قتال، وميراث من لا وارث له، وقطائع الملوك إذا كانت في أيديهم بغير غصب، والآجام وبطون الأودية، والأرضون الموات وغير ذلك ممّا هو مذكور في مواضعه.

وقالاعليهما‌السلام : هي لله وللرّسول، وبعدّه لمن قام مقامه، يصرفه حيث شاء من مصالح نفسه، ليس لأحدّ فيه شيء « انتهى ».

« ولنا صفو المال » أيّ خالصة ومختاره، من صفا يا ملوك أهل الحرب وقطائعهم وغير ذلك ممّا يصطفي من الغنيمة، كالفرس الجواد والثوب المرتفع، والجارية الحسناء والسّيف الفاخر وأضرابها ونحن «الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ » الممدوحون في القران كما سيأتي وكذا يأتي ذكر المحسودين إنشاء الله.

الحديث السابع: حسن كالصحيح.

«وَأُولِي الْأَمرّ مِنْكُمْ » قال الطبرسيّرحمه‌الله : للمفسّرين فيه قولان: أحدهما أنّهم الأمراء، والآخر أنّهم العلماء، وأمّا أصحابنا فانهّم رووا عن الباقر والصّادقعليهما‌السلام أنّ أولي الأمر هم الأئمّة من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أوجب الله طاعتهم بالإطلاق، كما أوجب طاعته وطاعة رسوله، ولا يجوز أنّ يوجب الله طاعة أحدّ على الإطلاق إلّا من ثبتت عصمته، وعلم أنّ باطنه كظاهره وأمن منه الغلط والأمرّ بالقبيح، وليس ذلك بحاصل في الأمراء ولا العلماء سواهم، جلَّ الله سبحانه أن يأمر بطاعة من يعصيه، وبالانقياد للمختلفين بالقول والفعل، لأنّه محال أن يطاع المختلفون كما أنّه محال

__________________

(١) سورة النساء: ٥٤.

(٢) سورة النساء: ٥٩.

٣٣٥

عزّ وجلّ: «إنّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا »(١) .

________________________________________________________

أن يجتمع ما اختلفوا فيه.

وممّا يدّل على ذلك أيضاً أنّ الله سبحانه لم يقرن طاعة أولي الأمرّ بطاعة رسوله، كما قرن طاعة رسوله بطاعته إلّا وأولو الأمر فوق الخلق جميعاً، كما أنّ الرسول فوق أولي الأمر وفوق سائر الخلق، وهذه صفة أئمّة الهدى من آل محمّدعليهم‌السلام الذين ثبتت إمامتهم وعصمتهم، واتّفقت الأمّة على علوّ رتبتهم وعدالتهم « انتهى ».

قوله تعالى: «إنّما وَلِيُّكُمُ اللهُ » الآية، أقول: هذه الآية عمدة ما استدلّ به أصحابنا رضي الله عنهم على إمأمّة أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وتقريره يتوقّف على بيان أمور:

الأوّل: أنّ الآية خاصّة وليست بعامّة لجميع المؤمنين، وبيانه أنّه تعالى خصّ الحكم بالولاية بالمؤمنين المتّصفين باقامة الصّلاة وإيتاءِ الزكاة في حال الركوع، ومعلوم أنّ تلك الأوصاف غير شاملة لجميع المؤمنين، وليس لأحد أن يقول: أنَّ المراد بقوله: «وَهُمْ راكِعُونَ » أنّ هذه شيمتهم وعادتهم، ولا يكون حالاً عن إيتاء الزكاة، وذلك لأنّ قوله: «يُقِيمُونَ الصَّلاةَ » قد دخل فيه الركوع فلو لم يحمل على الحالية لكان كالتكرار، والتأويل المفيد أولى من البعيد الّذي لا يفيد، وإمّا حمل الركوع على غير الحقيقة الشرعيّة بحمله على الخضوع من غير داع إليه سوى العصبيّة لا يرضى به ذو فطنة سويّة، مع أنّ الآية على أيّ حال تتأدّى بسياقها على الاختصاص.

وقد قيل فيه وجه آخر: وهو أنّ قوله: «إنّما وَلِيُّكُمُ اللهُ » خطاب عام لجميع المؤمنين ودخل في الخطاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وغيره، ثمّ قال: «وَرَسُولُهُ » فأخرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من جملتهم لكونهم مضافين إلى ولايته ثمّ قال: «وَالَّذِينَ آمَنُوا » فوجب أنّ يكون الّذي خوطب بالآية غير الّذي جعلت له الولاية وإلّا أدّى إلى أن يكون المضاف هو المضاف إليه بعينه، وإلى أنّ يكون كلّ واحد من المؤمنين ولي نفسه وذلك محال، وفيه: بعض المناقشات والأوّل أسلم منها.

__________________

(١) سورة المائده: ٥٥.

٣٣٦

________________________________________________________

الثاني: أنّ المراد بالوليّ هنا الأوّلى بالتصرّف، والّذي يلي تدبير الأمر، كما يقال: فلان وليّ المرأة ووليّ الطفل، ووليّ الدم، والسّلطان وليّ أمر الرعيّة ويقال لمن يقيمه بعده: هو وليّ عهد المسلمين، وقال الكميت يمدح عليّاًعليه‌السلام :

ونعم وليّ الأمر بعد وليّه

ومنتجع التقوى ونعم المؤدّب

وقال المبرّد في كتاب العبارة عن صفات الله: أصل الوليّ الّذي هو أولى أي أحقّ، والوليّ وأنّ كان يستعمل في معان آخر كالمحبّ والنّاصر لكن لا يمكن إرادة غير الأولى بالتصرف والتدبير هيهنا، لأنّ لفظة إنّما تفيد التخصيص، ولا يرتاب فيه من تتّبع اللّغة وكلام الفصحاء أنّ التخصيص ينافي حمله على المعاني الأخر، إذ ساير المعاني المحتملة في بادئ الرأيّ لا يختص شيء منها ببعض المؤمنين دون بعض، كما قال تعالى: «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ » وبعض الأصحاب استدلّ على ذلك بأن الظّاهر من الخطاب أن يكون عامّاً لجميع المكلّفين من المؤمنين وغيرهم، كما في قوله تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ »(١) وغير ذلك، فإذا دخل الجميع تحته استحال أنّ يكون المراد باللفظة الموالاة في الدّين، لأنّ هذه الموالاة يختصّ بها المؤمنون دون غيرهم، فلا بدّ إذاً من حملها على ما يصحّ دخول الجميع فيه، وهي معنى الإمامة ووجوب الطّاعة وفيه كلام.

الثالث: أنّ الآية نازلة فيهعليه‌السلام ، والأخبار في ذلك متواترة من طرق الخاصّة والعامّة، وعليه إجماع المفسّرين، وقد رواها الزمخشري والبيضاوي وإمامهم الرّازي في تفاسيرهم مع شدّة تعصبّهم وكثرة اهتمامهم في إخفاء فضائله، إذ كان هذا في الاشتهار كالشّمس في رائعة النّهار.

قال محمّد بن شهرآشوب في مناقبه: أجمعت الأمّة على أنّ هذه الآية نزلت في عليّعليه‌السلام لـمّا تصدقّ بخاتمه وهو راكع، لا خلاف بين المفسّرين في ذلك، ذكره الثعلبي

__________________

(١) سورة البقرة: ١٨٣.

٣٣٧

________________________________________________________

والماوردي والقشيري والقزويني والرازي والنيسابوري والفلكي والطّوسي والطبّرسي في تفاسيرهم، عن السدّي والمجاهد والحسن والأعمش وعتبة بن أبي حكيم وغالب بن عبد الله وقيس بن ربيع وعباية بن ربعي وعبد الله بن العبّاس وأبي ذر الغفاري، وذكره ابن البيع في معرفة أصول الحديث عن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، والواحدي في أسباب نزول القران عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، والسّمعاني في فضائل الصّحابة عن حميد الطّويل عن أنس، وسلمان بن أحمد في معجمه الأوسط عن عمار، وأبو بكر البيهقي في المصنف ومحمّد بن الفتال في التنوير وفي الروضة عن عبد الله بن سلام وأبي صالح والشعبي ومجاهد، والنطنزي في الخصائص عن ابن عباس، والإبانة عن الفلكي عن جابر الأنصاري وناصح التميمي وابن عباس والكلبي في روايات مختلفة الألفاظ متفقة المعاني، وفي أسباب النزول عن الواحدي أنّ عبد الله بن سلام أقبل ومعه نفر من قومه وشكوا بعد المنزل عن المسجد، وقالوا: أنّ قومنا لـمّا رأونا صدقنا الله ورسوله رفضونا ولا يكلموننا ولا يجالسوننا ولا يناكحوننا، فنزلت هذه الآية، فخرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المسجد فرأى سائلا فقال: هل أعطاك أحدّ شيئاً؟ قال: نعم خاتم فضة، وفي رواية: خاتم ذهب، قال: من أعطاكه؟ قال: أعطانيه هذا الراكع « انتهى ».

وأقول: روى الثعلبي في تفسيره بإسناده عن عباية بن ربعي عن أبي ذر الغفاري قال: إنّي صلّيت مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوما من الأيام الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئاً ورفع السّائل يده إلى السّماء وقال: الّلهمَّ أشهد أني سألت في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يعطني أحدّ شيئاً وكان عليّ في الصّلاة راكعاً، فأومأ إليه بخنصره اليمنى، وكان يتختم فيها، فأقبل السّائل فأخذ الخاتم من خنصره، وذلك بمرأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يصلي، فلـمّا فرغ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال: الّلهم إنّ أخي موسى سئلك فقال: «رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي، وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي، وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي

٣٣٨

________________________________________________________

وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي »(١) فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: «سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا » الّلهمَّ وأنا محمّد نبيّك وصفيّك اللّهم فاشرح لي صدري ويسرّلي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي عليّاً اشدد به ظهري، قال أبوذر: فما استتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كلامه حتّى نزل جبرئيلعليه‌السلام من عندّ الله عزّ وجلَّ فقال:يا محمّد اقرأ قال: وما أقرأ؟ قال: اقرأ: «إنّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » الآية.

وقال السيّد بن طاوس في كتاب سعد السعود: رأيت في تفسير محمّد بن العبّاس بن عليّ بن مروان أنّه روى نزل آية «إنّما وَلِيُّكُمُ اللهُ » في عليّعليه‌السلام من تسعين طريقاً بأسانيد متصلة كلّها أو جلها من رجال المخالفين لأهل البيتعليه‌السلام « انتهى ».

وأقول: روى السيوطي في تفسيره الدر المنثور أخبارا كثيرة في ذلك أوردتها مع سائر ما ورد في ذلك في كتابنا الكبير.

وأمّا إطلاق لفظ الجمع على الواحد تعظيماً فهو شائع ذائع في اللّغة والعرف، وقد ذكر المفسّرون هذا الوجه في كثير من الآيات الكريمة كما قال تعالى: «وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ »(٢) و «إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً »(٣) و «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ »(٤) وقوله: «الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ أنّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ »(٥) مع أنّ القائل كان واحداً وأمثالها ومن خطاب الملوك والرؤساء: فعلنا كذا، وأمرنا بكذا، ومن الخطاب الشائع في عرف العرب والعجم إذا خاطبوا واحدا: فعلتم كذا، وقلتم كذا، تعظيما.

وقال الزمخشري: « فأنّ قلت »: كيف صح أنّ يكون لعليّعليه‌السلام واللفظ لفظ جماعة؟ « قلت »: جيء به على لفظ الجمع وأنّ كان السبب فيه رجلا واحداً ليرغّب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه، ولينبّه على أنّ سجيّة المؤمنين تجب أنّ تكون على هذه الغاية من الحرص على البر والإحسان وهم في الصّلاة، لم يؤخّروه إلى الفراغ منها « انتهى ».

__________________

(١) سورة طه: ٣٢.

(٢) سورة الذاريات: ٤٧.

(٣) سورة النوح: ١.

(٤) سورة الحجر: ٩.

(٥) سورة آل عمران: ١٧٣.

٣٣٩

٨ - وبهذا الإسناد، عن أحمد بن محمّد، عن معمرّ بن خلاد قال سأل رجلَّ فارسي أبا الحسنعليه‌السلام فقال طاعتك مفترضة فقال نعم قال مثل طاعة عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فقال نعم.

٩ - وبهذا الإسناد، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الأئمة هل يجرون في الأمرّ والطاعة مجرى واحد قال نعم.

١٠ - وبهذا الإسناد، عن مروك بن عبيد، عن محمّد بن زيد الطبريّ قال: كنت

________________________________________________________

على أنّه يظهر من بعض روايات الشيعة أنّ المراد به جميع الأئمةعليهم‌السلام ، وأنّهم جميعاً قد وفّقوا لمثل تلك القضيّة كما سيأتي بعضها في باب: ما نص الله عزّ وجلَّ على رسوله وعلى الأئمّة، وأيضاً كلّ من قال بأنّ المراد بالوليّ في هذه الآية ما يرجع إلى الإمأمّة قائل بأنّ المقصود بها عليّعليه‌السلام ، ولا قائل بالفرق، فإذا ثبت الأوّل ثبت الثاني، هذا ملخص إستدلال القوم، وإمّا تفصيل القوم فيه ودفع الشبه الواردة عليه فموكول إلى مظّانه كالشافي وغيره.

الحديث الثامن: صحيح.

قوله: مثل طاعة عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، أيّ في كون الافتراض بالنصّ من الله تعالى أو في عموم الافتراض لجميع الخلق أو في التأكيد والقدر والمنزلة وترتب الآثار عليها وجوداً وعدماً.

الحديث التاسع: ضعيف على المشهور.

« هل يجرون » بصيغة المجهول ومن باب الأفعال، أو المعلوم من المجرّد « في الأمرّ » أي أمر الخلافة والوصاية أو في كونهم أولي الأمر، أو في وجوب طاعة الآمرّ فقوله: « والطّاعة » عطف تفسير « مجرى » اسم مكان من المجرّد أو من باب الأفعال، أو مصدر ميميّ من أحدهما.

الحديث العاشر (١) :

__________________

(١) كذا في النسخ.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462