مرآة العقول الجزء ٢

مرآة العقول8%

مرآة العقول مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 462

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 462 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 66854 / تحميل: 5313
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

قائماً على رأس الرضاعليه‌السلام بخراسان وعنده عدّة من بني هاشم وفيهم إسحاق بن موسى بن عيسى العبّاسيّ فقال :يا إسحاق بلغني أنّ الناس يقولون إنا نزعم أنّ الناس عبيد لنا لا وقرابتي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما قلته قط ولا سمعته من آبائي قاله ولا بلغني عن أحدّ من آبائي قاله ولكني أقول الناس عبيد لنا في الطاعة موال لنا في الدين فليبلّغ الشاهد الغائب.

١١ - عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديّ، عن جعفر بن بشير، عن أبي سلمة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول نحن الذين فرض الله طاعتنا لا يسع الناس إلّا معرفتنا ولا يعذر الناس بجهالتنا من عرّفنا كان مؤمناً ومن أنكرنا كان

________________________________________________________

« عبيد لنا » أيّ أرقّاء يجوز لنا بيعهم ونحو ذلك، أو نحن آلهتهم « لا وقرابتي » يدلّ على جواز القسم بغير الله، فما ورد من النّهي فلعلّه محمول على ما إذا كان يمين صبر في الدعاوي الشرعية « ولا سمعته » أيّ مشافهة « عبيد لنا في الطّاعة » أي كالأرقّاء في أنّ فرض الله عليهم طاعتنا ليسوا أرقّاء حقيقة وليست طاعتهم لنا عبادة، لأنّه بإذن من هو الأعلى و « موال لنا » بفتح الميم جمع مولى « في الدين » والمولى هنا بمعنى الناصر أو التابع أو المعتق بالفتح، فأنّه بسبب موالاتهم أعتقهم الله من النار، فكلمة « في » للسببية والأوّل أظهر « فليبلغ » على التفعيل أيّ أنا راض بذلك ولا أرى فيه مفسدة، أو لا بد من ذلك لتصحيح عقائد الشيعة ودفع افتراء المفترين.

الحديث الحادي عشر (١) :

« ومن أنكرنا » أيّ حكم وجزم بعدم وجوب ولايتنا وإمامتنا، فالثالث من شكّ في ذلك من المستضعفين كما سيأتي تحقيقه في كتاب الإيمان والكفر، فقوله: من طاعتنا الواجبة، أيّ القول بوجوب طاعتنا أو المراد بالثالث الفسّاق من الشيعة فإنّهم ناقصون في المعرفة، وإلّا لم يخالفوا إمامهم، فان ماتوا على ذلك يفعل الله بهم ما يشاء من العذاب أو العفو، ويؤيدّه ظاهر قوله: من طاعتنا الواجبة، وقيل: المراد بقوله: من أنكرنا،

__________________

(١) كذا في النسخ.

٣٤١

كافراً ومن لم يعرّفنا ولم ينكرنا كان ضإلّا حتّى يرجع إلى الهدى الّذي افترض الله عليه من طاعتنا الواجبة فإن يمت على ضلالته يفعل الله به ما يشاء.

١٢ - عليٌّ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن الفضيل قال سألته عن أفضل ما يتقرَّب به العباد إلى الله عزّ وجلَّ قال أفضل ما يتقرّب به العباد إلى الله عزّ وجلَّ طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمرّ قال أبو جعفرعليه‌السلام حبّنا إيمان وبغضنا كفر.

١٣ - محمّدُ بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن فضالة بن أيّوب

________________________________________________________

من جحدنا بعد الاطّلاع على قول الله وقول الرّسول فينا، فالجحود بعد وضوح الامر فينا ردّ على الله وعلى الرّسول، والرادّ عليهما كافر، والضّالون علي قسمين أسوأهما المتهاونون بأمر الدّين، التاركون لطلب المعرفة بلا استضعاف « فأنّ يمت على ضلالته يفعل الله به ما يشاء » من عقابه ونكاله، وأمّا المستضعفون الّذين استثناهم الله تعالى «إلّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدأنّ » فمن يمت على حدّ ضلاله يفعل الله به ما يشاء من العفو والخذلان.

الحديث الثاني عشر: مجهول، بل صحيح إذ الظّاهر أنّ محمّد بن الفضيل هو محمّد بن القاسم بن الفضيل، فضمير سألته راجع إلى الرّضاعليه‌السلام ، وقيل: راجع إلى الصّادقعليه‌السلام وهو بعيد، وقيل: إلى محمّد بن الفضيل فيكون كلام يونس وهو أبعد.

« حبّنا إيمان » يطلق حبّهم في الأخبار كثيراً على اعتقاد إمامتهم، فأنّ من ادعى حبّهم وأنكر إمامتهم فهو عدوّ مخلّط، إذ يفضل أعداءهم عليهم، وبغضهم إنكار إمامتهم كما عرفت، فالشاك والمستضعف متوسّط بينهما والحمل فيهما على الحقيقة، ويحتمل أنّ يكون الحب والبغض على معناهما، والحمل على المجاز أيّ حبّهم يدعو إلى الإيمان لأنّه إذا أحبّهم أطاعهم في القول والفعل، وهو يستلزم الإيمان وكذا البغض، وأنّ كان بغضهم في نفسه أيضاً كفراً.

الحديث الثالث عشر: ضعيف على المشهور.

٣٤٢

عن أبان، عن عبد الله بن سنان، عن إسماعيل بن جابر قال قلت لأبي جعفرعليه‌السلام أعرض عليك ديني الّذي أدين الله عزّ وجلَّ به ؟ قال فقال هات قال فقلت أشهد أنّ لا إله إلّا الله وحدّه لا شريك له وأنّ محمّداً عبده ورسوله والإقرار بما جاء به من عندّ الله وأنّ عليّاً كان إماماً فرض الله طاعته ثمّ كان بعدّه الحسن إماماً فرض الله طاعته ثمّ كان بعدّه الحسين إماماً فرض الله طاعته ثمّ كان بعده عليّ بن الحسين إماماً فرض الله طاعته حتّى انتهى الأمرّ إليه ثمّ قلت أنت يرحمك الله قال فقال هذا دين الله ودين ملائكته.

١٤ - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن أبي إسحاق، عن بعض أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام اعلموا أنّ صحبة العالم وإتّباعه دين يدان الله به وطاعته مكسبة للحسنات ممحاة للسيّئات وذخيرة للمؤمنين ورفعة فيهم في حياتهم وجميل بعد مماتهم.

________________________________________________________

« والإقرار » بالرّفع أي ديني الإقرار، وهو مبتدأ وخبره محذوف، وقيل: بالنّصب على المفعول معه وعامله فعل معنويّ، لأنّ معنى أشهد يكون منّي الشهادة وهذا يؤيّد مذهب أبي علي الفارسي حيث جوّز نحو هذا لك وأيا لك خلافاً لسيبويه، حيث ذهب إلى أنّه لا بد للمفعول معه من تقدّم جملة ذات فعل عامل أو اسم فيه معنى الفعل « حتّى انتهى » متعلّق بقوله « قلت ».

« هذا دين الله » يمكن أنّ تكون الإضافة في الموضعين على نهج واحد، أيّ دين ارتضاه الله وملائكته أو في الأوّل بمعنى الدين الّذي قرره الله تعالى للعباد وكلفهم به، والثاني بمعنى الدّين الّذي كلفت الملائكة به وأخذ منهم الميثاق عليه كما يظهر من بعض الأخبار، أو المعنى دين فرض الله التديّن به ودين نزلت به ملائكته.

الحديث الرابع عشر: مجهول.

قولهعليه‌السلام : أنّ صحبة العالم أيّ الكامل في العلم، وهو الإمامعليه‌السلام أو الأعمّ منه ومن سائر العلماء الربّانييّن، والمكسبة بالفتح: اسم مكان أو مصدر ميميّ أو بالكسر اسم آلة وكذا الممحاة « وجميل » أيّ ذكر أو أجر جميل.

٣٤٣

١٥ - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إنّ الله أجلُّ وأكرم من أنّ يعرف بخلقه بل الخلق يعرفون بالله قال صدقت ، قلت : إنَّ من عرف أنَّ له ربّاً فقد ينبغي له أنّ يعرف أنّ لذلك الرب رضا وسخطا وأنّه لا يعرف رضاه وسخطه إلّا بوحيٌّ أو رسول فمن لم يأته الوحيٌّ فينبغي له أنّ يطلب الرُّسل فإذا لقيهم عرف أنّهم الحجّة وأنّ لهم الطاعة المفترضة فقلت للناس أليس تعلمون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان هو الحجّة من الله على خلقه قالوا بلى قلت فحين مضىصلى‌الله‌عليه‌وآله من كان الحجّة قالوا القران فنظرت في القران فإذا هو يخاصم به المرجيُّ والقدريُّ والزنديق الّذي لا يؤمن به حتّى يغلب الرجال بخصومته فعرفت أنّ القران لا يكون حجّة إلّا بقيّم فما قال فيه من شيء كان حقّاً فقلت لهم من قيم القران قالوا ابن مسعود قد كان يعلم وعمر يعلم وحذيفة يعلم قلت : كلّه ؟ قالوا : لا ، فلم أجد أحداً يقال أنّه يعلم القران كلّه إلّا عليّاً صلوات الله عليه وإذا كان الشيء بين القوم فقال هذا لا أدري وقال هذا لا أدري وقال هذا لا أدري وقال هذا أنا أدري فأشهد أنّ عليّاًعليه‌السلام كان قيم القران وكانت طاعته مفترضة وكان الحجّة على الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّ ما قال في القران فهو حق فقال رحمك الله فقلت أنّ عليّاًعليه‌السلام لم يذهب حتّى ترك حجّة من بعده كما ترك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّ الحجّة بعد عليّ الحسن بن عليّ وأشهد على الحسن أنّه لم يذهب حتّى ترك حجّة من بعده كما ترك أبوه وجدّه وأنّ الحجّة بعد الحسن الحسين وكانت طاعته مفترضة فقال رحمك الله فقبلت رأسه وقلت وأشهد على الحسينعليه‌السلام أنّه لم يذهب حتّى ترك حجّة من بعده - عليّ بن الحسين وكانت طاعته مفترضة فقال رحمك الله فقبلت رأسه وقلت وأشهد على عليِّ بن الحسين أنّه لم يذهب حتّى ترك حجّة من بعده - محمّد بن عليّ أبا جعفر وكانت

________________________________________________________

الحديث الخامس عشر: مجهول كالصحيح، وقد مرّ شرح صدر الخبر في باب الاضطرار إلى الحجة.

٣٤٤

طاعته مفترضة ، فقال : رحمك ، الله قلت : أعطني رأسك حتّى أقبله فضحك قلت أصلحك الله قد علمت أنّ أباك لم يذهب حتّى ترك حجّة من بعده كما ترك أبوه وأشهد بالله أنك أنت الحجّة وأنَّ طاعتك مفترضة فقال كف رحمك الله قلت أعطني رأسك أقبله فقبلت رأسه فضحك وقال سلني عمّا شئت ، فلا أنكرك بعد اليوم أبداً.

١٦ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقيّ، عن القاسم بن محمّد الجوهريّ، عن الحسين بن أبي العلاء قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الأوصياء طاعتهم مفترضة ؟ قال: نعم هم الذين قال: الله عزّ وجلَّ «أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمرّ مِنْكُمْ »(١) وهم الذين قال: الله عزّ وجلَّ «إنّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ »(٢) .

١٧ - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن حمّاد، عن عبد الأعلى قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول السمع والطاعة أبواب الخير السامع المطيع لا حجّة عليه والسامع العاصي لا حجّة له وإمام المسلمين تمّت حجّته واحتجاجه يوم يلقى الله عزّ وجلَّ ثمّ قال: يقول الله تبارك وتعالى: «يَوْمَ نَدْعُوا كلّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ »(٣) .

________________________________________________________

قوله: فضحك، لعلّ الضحك لتكرار التقبيل واهتمامه في ذلك والأمر بالكفّ والإمساك عن ذكره بالإمأمّة للتقيّة والخوف عليه في زمأنّه « فلا أنكرك » من الإنكار بمعنى عدم المعرفة، أيّ لا أجهل حقّك واستحقاقك لأنّ يجاب في كلّ مسألة بحق جوابها من غير تقيّة.

الحديث السادس عشر: ضعيف، وقد مرّ عن الحسين باختلاف في وسط السّند.

الحديث السابع عشر: مجهول كالحسن.

قوله: السّمع والطّاعة، أيّ لـمّا قاله الإمام « والطاعة » له « أبواب الخير » أيّ موجب للدخول في جميع الخيرات « يوم يلقى الله » متعلّق بقوله: « تمت » أو خبر « واحتجاجه » مبتدأ وقوله تعالى: «يَوْمَ نَدْعُوا كلّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ » أيّ باسم إمامهم وعلى التقديرين، إمّا المراد كلّ من كان في عصر إمام أو من اتبعه من أصحابه فالإمام أعمّ من إمامهم

__________________

(١) سورة النساء: ٥٩.

(٢) سورة المائدة: ٥٥.

(٣) سورة الإسراء: ٧١.

٣٤٥

( باب )

( في أن الأئمة شهداء الله عزّ وجلَّ على خلقه )

١ - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القنديّ، عن سماعة قال: قال: أبو عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزّ وجل: «فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِ

________________________________________________________

الهدى وإمام الضّلالة.

ويؤيّد الأوّل ما روي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: بإمامهم الّذي بين أظهرهم وهو قائم أهل زمانه، وروى عليّ بن إبراهيم عن الباقرعليه‌السلام في تفسيرها قال: يجيء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في قومه وعليّعليه‌السلام في قومه، والحسنعليه‌السلام في قومه، والحسينعليه‌السلام في قومه، وكلّ من مات بين ظهراني قوم جاءوا معه، وروى العيّاشي مثله بأسانيد.

ويؤيدّ الثاني ما رواه الصّدوق في المجالس عن الحسينعليه‌السلام أنّه سئل عن هذه الآية؟ فقال: إمام دعا إلى هدى فأجابوه إليه، وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها، هؤلاء في الجنّة وهؤلاء في النار، وهو قوله تعالى: «فَرِيقٌ فِي الجنّة وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ »(١) وروى العياشي عن الصادقّعليه‌السلام : سيدعى كلّ أناس بإمامهم، أصحاب الشمس بالشمس، وأصحاب القمرّ بالقمر، وأصحاب النّار بالنّار، وأصحاب الحجارة بالحجارة، وفي المحاسن عنهعليه‌السلام أنتم والله على دين الله ثمّ تلا هذه الآية، ثمّ قال: على إمامنا، ورسول الله إمامنا، كم إمام يجيء يوم القيامة يلعن أصحابه ويلعنونه، فعلى الأوّل الاستشهاد بالآية لأنّه إذا دعي يوم القيامة كلّ أهل عصر باسم إمامهم فثبت حينئذ كونه إماماً لهم، أو يدعون معه ليتمّ عليهم حجّته، وعلى الثاني لأنّ كلّ قوم إذا دعوا مع رئيسهم وإمامهم فإمام الحقّ يتمّ حجّته حينئذ على الرّؤساء والمرؤوسين.

باب في أنّ الأئمة شهداء الله عزّ وجلَّ على خلقه

الحديث الأوّل: ضعيف.

«فَكَيْفَ » قال: الطبرسيّ - ره -: أيّ فكيف حال الأمم وكيف يصنعون «إِذا جِئْنا

__________________

(١) سورة الشورى: ٧.

٣٤٦

أمّة بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً »(١) قال: نزلت في أمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله خاصّة ، في كلّ قرن منهم إمام منّا شاهد عليهم ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله شاهد علينا.

٢ - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن عمر بن اُذينة، عن بريد العجليّ قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلَّ

________________________________________________________

مِنْ كلّ أمّة » من الأمم «بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ » يا محمّد «عَلى هؤُلاءِ » يعنّي قومه «شَهِيداً » ومعنى الآية: أنّ الله تعالى يستشهد يوم القيامة كلّ نبيّ على أمّته، ويستشهد نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله على أمّته، انتهى.

قولهعليه‌السلام : « خاصّة » يمكن أن يكون المراد تخصيص الشاهد والمشهود عليهم جميعاً بهذه الأمّة، فالمراد بكلّ أمّة كلّ قرن من هذه الأمّة، أو المراد تخصيص الشاهد فقط، أيّ في كلّ قرن يكون أحدّ من الأئمّة شاهداً على من في عصرهم من هذه الأمة، وعلى جميع من مضي من الأمم، وقيل: لعلّ المراد أنّ الآية نزلت فيهم خاصّة لا أنّ الحكم مخصوص بهم، فأنّ الآية شاملة لأمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله والسلام ولسائر الأمم.

الحديث الثاني: ضعيف.

قوله تعالى: «وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ » قال: الطّبرسيقدس‌سره الوسط العدل، وقيل: الخيار، قال: صأحبّ العين: الوسط من كلّ شيء أعدله وأفضله، ومتى قيل: إذا كان في الأمّة من ليست هذه صفته فكيف وصف جماعتهم بذلك؟ فالجواب: أنّ المراد به من كان بتلك الصّفة، لأنّ كلّ عصر لا يخلو من جماعة هذه صفتهم، وروى بريد عن الباقرعليه‌السلام قال: نحن الأمّة الوسط، ونحن شهداء الله على خلقه، وحجته في أرضه، وفي رواية أخرى قال: إلينا يرجع الغالي وبنا يلحق المقصر، وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني في كتاب شواهد التنزيل بإسناده عن سليم بن قيس عن عليّعليه‌السلام أنّ الله

__________________

(١) سورة النساء: ٤١.

٣٤٧

«وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أمّة وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ »(١) قال: نحن الأمّة الوسطى ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه قلت قول الله عزّ وجل: «مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ »(٢)

________________________________________________________

تعالى إيّانا عنى بقوله: «لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ » فرسول الله شاهد علينا، ونحن شهداء الله على خلقه وحجّته في أرضه، ونحن الّذين قال: الله: «وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أمّة وَسَطاً » وقوله: «لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ » فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: لتشهدوا على النّاس بأعمالهم الّتي خالفوا فيها الحقّ في الدنيا والآخرة، كما قال: تعالى: «وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ »(٣) .

والثاني: لتكونوا حجّة على الناس فتبيّنوا لهم الحقّ والدين، ويكون الرّسول شهيداً مؤدّياً للدين إليكم.

والثالث: أنّهم يشهدون للأنبياء على أمهم المكذبين لهم بأنهم قد بلغوا ويكون الرسول عليكم شهيداً، أيّ شاهداً عليكم بما يكون من أعمالكم، وقيل: حجّة عليكم، وقيل: شهيداً لكم بأنكم قد صدقتم يوم القيامة فيما تشهدون به، ويكون على بمعنى اللام كقوله: «وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ »(٤) انتهى.

وأقول: في بعض الرّوايات أنّها نزلت: أئمة وسطا، والحاصل أنّ الخطاب إنّما توجه إلى الأئمةعليه‌السلام أو إلى جميع الأمّة باعتبار اشتمالهم عليّ الأئمة، فكان الخطاب توجه إليهم فقولهعليه‌السلام : نحن الأمّة الوسطى، أنّ الأمّة(٥) إنّما اتصفوا بهذه الصفة بسببنا وهذا أظهر بالنظر إلى لفظ الآية، والثاني أظهر بالنظر إلى الأخبار. « ونحن شهداء الله » أيّ في الآخرة أو الأعم منها ومن الدنيا « وحججه في أرضه » في الدنيا.

قوله تعالى: «مِلَّةَ أَبِيكُمْ » أقول: قبله: «يا أيّها الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا

__________________

(١) سورة البقرة: ١٤٣.

(٢) سورة الحج: ٧٨.

(٣) سورة الزمر: ٦٩.

(٤) سورة المائدة: ٣.

(٥) وفي نسخة « الأئمة » بدل « الأمة ».

٣٤٨

قال: إيّانا عنى خاصّة «هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ » في الكتب الّتي مضت وفي هذا القران «لِيَكُونَ الرَّسُولُ شهيداً عَلَيْكُمْ » فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الشهيد علينا بما بلغنا عن الله عزّ وجلَّ ونحن الشهداء على الناس فمن صدقّ صدَّقناه

________________________________________________________

وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعلوّاً الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ، وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ » وقال: البيضاوي: ملة منتصب على المصدر لفعل دل عليه مضمون ما قبلها بحذف المضاف، أيّ وسع دينكم توسعة ملة أبيكم، أو على الإغراء أو على الاختصاص، وإنّما جعله أباهم لأنّه أبو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو كالأب لأمته من حيث أنّه سبب لحياتهم الأبديّة ووجودهم على الوجه المعتدّ به في الآخرة، أو لأنّ أكثر العرب كانوا من ذريّته فغلبوا على غيرهم، انتهى.

قولهعليه‌السلام : إيّانا عنى، أي هم المقصودون بخطاب: «يا أيّها الَّذِينَ آمَنُوا » لكما لهم في الإيمان، ولا يخفى أنّ الأمر بالجهاد والاجتباء بهم أنسب وكذا «مِلَّةَ أَبِيكُمْ » لا يحتاج إلى ما تكلفوا في تصحيحه، وكذا سائر أجزاء الآية، أو هم المقصودون بالذّات بهذا الخطاب وأنّ دخل غيرهم فيه بالتبع، أو هم العاملون بهذا الخطاب أو خطاب الأمّة به لاشتمالهمعليهم‌السلام ، فيرجع إلى أنهم المقصودون بالذّات به.

«هُوَ سَمَّاكُمُ » الضّمير راجع إلى الله، وقيل: إلى إبراهيم وهو بعيد، «لِيَكُونَ الرَّسُولُ » عليكم شهيداً » في الآية «شهيداً عَلَيْكُمْ » ولعلّه من النساخ أو هو نقل بمعنى، أو كان في قراءتهمعليهم‌السلام هكذا.

وقال: الطبرسيّ - ره - أيّ بالطاعة والقبول، فإذا شهد لكم به صرتم عدولا تشهدون عليّ الأمم الماضية بأنّ الرسل قد بلغوهم رسالة ربهم وأنهم لم يقبلوا فيوجب لكافرهم النار ولمؤمنهم الجنّة بشهادتهم، وقيل: معناه ليكون الرسول شهيداً عليكم في إبلاغ رسالة ربه إليكم وتكونوا شهداء عليّ الناس بعده بأن تبلّغوا إليهم ما بلّغه الرّسول إليكم، انتهى.

وما ذكرهعليه‌السلام أظهر وأحقّ بالقبول « فمن صدقّ » بالتشديد ويحتمل التخفيف،

٣٤٩

يوم القيامة ، ومن كذّب كذّبناه يوم القيامة.

٣ - وبهذا الإسناد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أحمد بن عمر الحلّال قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ: «أَفَمَنْ كان عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ »(١)

________________________________________________________

وكذا قوله: « كذّب كذّبناه » أي في دعوى التّصديق يوم القيامة.

الحديث الثالث: ضعيف، لكن مضمونه مرويّ بطرق مستفيضة بل متواترة من طرق الخاص، أوردت أكثرها في الكتاب الكبير، ورواه صأحبّ كشف الغمّة وابن - بطريق في المستدرك، والسيّد بن طاوس في الطرائف، والعلامة في كشف الحقّ بطرق متعدّدة من كتب المخالفين.

وقال: السيّد في كتاب سعد السّعود: وقد روي أنّ المقصود بقوله جلَّ جلاله: « وشاهد منه » هو عليّ بن أبي طالب، محمّد بن العبّاس بن مروان في كتابه من ستة وستين طريقاً بأسانيدها.

وقال: إمامهم الرازي في تفسيره: قد ذكروا في تفسير الشاهد وجوها: « أحدها » أنّه جبرئيلعليه‌السلام يقرأ القران عليّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله « وثانيها » أنّ ذلك الشاهد لسان محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله « وثالثها » أنّ المراد هو عليّ بن أبي طالب والمعنىّ أنّه يتلو تلك البينة وقوله: « منه » أيّ هذا الشاهد من محمّد وبعض منه، والمراد منه تشريف هذا الشاهد بأنّه بعض من محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انتهى.

وروى السيوطي من مشاهير علماء المخالفين أيضاً في الدّر المنثور عن ابن أبي حاتم وابن مردويه وأبي نعيم في المعرفة عن عليّعليه‌السلام قال: ما من رجلَّ من قريش إلّا نزلت فيه طائفة من القران فقال: رجل: ما نزل فيك؟ قال: إمّا تقرأ سورة هود: «أَفَمَنْ كان عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ » رسول الله على بينة من ربه، وأنا شاهد منه.

قال: الطبرسيّ (ره) في مجمع البيان: المراد بالبينة القران وبمن كان على

__________________

(١) سورة هود: ١٧.

٣٥٠

فقال: أمير المؤمنين صلوات الله عليه الشاهد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على بيّنة من ربّه.

٤ - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن ابن اُذينة، عن بريد العجليّ قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام قول الله تبارك وتعالى: «وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أمّة وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شهيداً »(١) قال: نحن الأمّة الوسط ونحن شهداء الله تبارك وتعالى على خلقه وحججه في أرضه قلت قوله تعالى «يا أيّها الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعلوّاً الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ »(٢) قال: إيّانا عنى ونحن

________________________________________________________

بيّنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقيل: المعنى به كلّ محقّ يدين بحجّة وبيّنة، وقيل: هم المؤمنون من أصحاب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله «وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ » أيّ ويتبعه من يشهد بصحّته منه، واختلف في معناه فقيل: الشاهد جبرئيل يتلو القران على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من الله، وقيل: محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقيل: لسأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أيّ يتلو القران بلسأنّه وقيل: الشاهد منه عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يشهد للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو المروّي عن أبي جعفر وعليّ بن موسى الرّضاعليهما‌السلام ، ورواه الطبري بإسناده عن جابر بن عبد الله عن عليّعليه‌السلام ، وقيل: الشاهد ملك يسدده ويحفظه، وقيل: بينة من ربه حجّة من عقله، وأضاف البينة إليه تعالى لأنّه ينصب الأدلة العقلية والشرعية «وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ » يشهد بصحته وهو القرآن، انتهى.

قولهعليه‌السلام : الشاهد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أيّ في تبليغه إلى الأمّة ما أمرّ بتبليغه، أو « على » بمعنى اللام أيّ المصدقّ له أو هوعليه‌السلام شاهد بعلومه ومعجزاته وكمالاته إلى حقية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا يخفى أنّ « يتلوه » يدّل على أنّه المبلغ والخليفة بعده على أمته و « منه » يدّل على غاية الاختصاص بينهما كما قال:صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ مني وأنا منه.

__________________

(١) سورة البقرة: ١٤٣.

(٢) سورة الحج: ٧٨ - ٧٧.

٣٥١

المجتبون ، ولم يجعل الله تبارك وتعالى «فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ » فالحرج أشدّ من الضيق «مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ » إيّانا عنى خاصّة و «سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ » الله سمانا المسلمين من قبل في الكتب الّتي مضت وفي هذا القرآن: «لِيَكُونَ الرَّسُولُ شهيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ » فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الشهيد علينا بما بلغنا عن الله تبارك وتعالى ونحن الشهداء على الناس فمن صدَّق يوم القيامة صدقناه ومن كذب كذبناه.

٥ - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمرّ اليماني، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: أنّ الله تبارك وتعالى طهرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه وحجته في أرضه وجعلنا مع القران وجعل القران معنا لا نفارقه ولا يفارقنا.

________________________________________________________

قوله: « من حرج »(١) في بعض النسخ « من ضيق » فعلى الأوّل المراد بقوله: فالحرج أشدّ من الضيق أنّه ليس المراد نفي الضيق مطلقاً إذ في بعض التكاليف الشرعية صعوبة وعسر، وعلى الثاني فالمعنى بنفي الحرج هنا نفي الضيق مطلقاً، لا معناه المتبادر فأنّه الضيق الشديد، كما هو المراد به في قوله تعالى: «ضَيِّقاً حَرَجاً »(٢) أو المعنى أنّه وأنّ نفى الله سبحانه هنا الحرج لكن مطلق الضيق منفي واقعا وإنّما خص الحرج هنا بالنفي لحكمة الله عزّ وجلَّ « سمّانا » الضمير راجع إليه تعالى.

الحديث الرابع (٣) مختلف فيه وحسن عندي.

« أنّ الله تعالى طهّرنا » أيّ من الشرك والعقائد الفاسدة، والأخلاق الرديّة « وعصمنا » أيّ من المعاصي والذنوب « وجعلنا مع القران » حيث تعمل بما فيه أو يدّل على فضلنا ووجوب طاعتنا « وجعل القران معنا » لأنّه عندهم لفظاً ومعنى كما سيأتي في الأخبار.

__________________

(١) كذا في النسخ ولا يخفى أنّ قوله « من حرج » في الحديث الرابع وكان المؤلّفرحمه‌الله جعله من تتمّة الحديث الثالث وذلك من جهة وقوع السقط في النسخ الّتي بيده أو غير ذلك، والله أعلم.

(٢) سورة الأنعام: ١٢٥.

(٣) كذا في النسخ والصحيح « الخامس » بدل « الرابع ».

٣٥٢

( باب )

( أنّ الأئمة عليهم‌السلام هم الهداة )

١ - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد وفضالة بن أيّوب، عن موسى بن بكر، عن الفضيل قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجل: «وَلِكلّ قَوْمٍ هادٍ »(١) فقال: كلّ إمام هاد للقرن الّذي هو فيهم.

٢ - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن ابن اُذينة، عن بريد العجلي، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله عزّ وجل: «إنّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكلّ قَوْمٍ هادٍ » فقال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنذر ولكلّ زمان منّا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبي الله

________________________________________________________

باب أن الأئمةعليهم‌السلام هم الهداة

الحديث الأول: ضعيف كالموثق.

الحديث الثاني: حسن.

وقال: الطبرسي قدّس الله روحه عندّ تفسير هذه الآية: فيه أقوال: « أحدها » أنّ معناه إنّما أنت منذر، أيّ مخوف وهاد لكلّ قوم، وليس إليك إنزال الآيات، فأنت مبتدأ ومنذر خبره، وهاد عطف على منذر، وفصل بين الواو والمعطوف بالظرف « والثاني » أنّ المنذر محمّد والهادي هو الله « والثالث » أنّ معناه إنّما أنت منذر يا محمّد ولكلّ قوم نبي وداع يرشدهم « والرابع » أنّ المراد بالهادي كلّ داع إلى الحق، وروي عن ابن عباس أنّه قال: لـمّا نزلت الآية قال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا المنذر وعليّ الهادي، يا عليّ بك يهتدى المهتدون، وعلى هذه الأقوال الثلاثة يكون « هاد » مبتدأ « ولكلّ قوم » خبره على قول سيبويه ويكون مرتفعاً بالظرف على قول الأخفش، انتهى.

« رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنذر » أيّ لكلّ أمّة من أولهم إلى آخرهم، ولكلّ قرن

__________________

(١) سورة الرعد: ٧.

٣٥٣

صلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ الهداة من بعده عليّ ثمّ الأوصياء واحدٌ بعد واحد.

٣ - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلّى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن محمّد بن إسماعيل، عن سعدان، عن أبي بصيّر قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام «إنّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكلّ قَوْمٍ هادٍ » فقال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنذر وعليُّ الهادي ، يا أبا محمّد هل من هاد اليوم قلت بلى جعلت فداك ما زال منكم هاد بعد هاد حتّى دفعت إليك فقال: رحمك الله يا أبا محمّد لو كانت إذا نزلت آيةٌ على رجل ثمَّ مات ذلك الرّجلَّ ماتت الآية مات الكتاب ولكنّه حيٌّ يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى.

________________________________________________________

ووقت من الزمان « هاد » أو هوصلى‌الله‌عليه‌وآله كان منذراً لأهل عصره ولكلّ عصر بعده هاد، فتسميتهصلى‌الله‌عليه‌وآله منذراً والإمام هادياً لعلّه إشارة إلى أنّ الأنبياءعليهم‌السلام يتقدّمونهم أوّلا من الشرك وما يوجب دخول النّار وشدائد العقوبات، والأوصياءعليهم‌السلام يكمّلونهم ويهدونهم إلى ما يستحقّون به أرفع الدرّجات، بل يجعلهم النبيّ ظاهراً من المسلمين ويميّز الوصيّ المؤمنون من المنافقين.

الحديث الثالث: ضعيف.

« وعليّ الهادي » أي أوّل الهداة عليّعليه‌السلام .

« حتّى دفعت » عليّ بناء المجهول أيّ الهداية والإمأمّة والخلافة.

« ثمّ مات ذلك الرّجل » أيّ الرسول الّذي نزلت عليه الآية « ماتت الآية » أيّ فات بيانها وبقيت مجهولة « مات الكتاب » المنزل عليّ الرّسول وفات بيانه وصار كالميت لعدم الانتفاع به، ولعدم إمكان العمل بموجبه ولكنّه لا يجوز فوات بيانه مع وجود المكلف به، إذ حكمه وتكليف العمل به باق إلى يوم القيامة، أو المراد بموت الكتاب سقوط التكليف بالعمل به، فالمعنى أنّه لو نزلت آية على رسول وبعد موت ذلك الرّجلَّ لم يكن مفسّر لها فصارت مبهمّة عليّ الأمة، لزم سقوط العمل بالكتاب، إذ تكليف الجاهل محال، لكن الكتاب حي، أيّ حكمه باق غير ساقط عن المكلفين ضرورة واتفاقا، يجري حكمه على الباقين كجريانه عليّ الماضين، وعلى التقديرين الكلام مشتمل على قياس استثنائي ينتج رفع التالي رفع المقدم.

٣٥٤

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن منصور، عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى «إنّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكلّ قَوْمٍ هادٍ » فقال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنذر وعليُّ الهادي أما والله ما ذهبت منّا وما زالت فينا إلى الساعة.

( باب )

( أن الأئمة عليهم‌السلام ولاة أمرّ الله وخزنة علمه )

١ - محمّد بن يحيى العطّار، عن أحمد بن أبي زاهر، عن الحسن بن موسى، عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرحمن بن كثير قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول نحن ولاة أمرّ الله وخزنة علم الله وعيبة وحيٌّ الله.

________________________________________________________

الحديث الرابع: مجهول.

« ما ذهبت » أي الهداية أو الآية يعني حكمها باق « إلى السّاعة » أي الآن أو إلى يوم القيامة.

باب أن الأئمةعليهم‌السلام ولاة أمر الله وخزنة علمه

الحديث الأول: ضعيف.

« ولاة أمر الله » أيّ أمرّ الخلافة والإمامة، وقال: الفيروزآبادي: العيبة: زبيل من أدم وما يجعل فيه الثياب، ومن الرّجل موضع سرّه، وفي النّهاية: العرب تكنّي عن القلوب والصدور بالعياب، لأنّها مستودع السرائر كما أنّ العياب مستودع الثياب، انتهى.

فالمراد بعيبة وحي الله أنّ كلّ وحي نزل من السماء على نبيّ من الأنبياء فقد وصل إليهم وهو محفوظ عندهم.

٣٥٥

٢ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عليّ بن أسباط، عن أبيه أسباط، عن سورة بن كليب قال: قال: لي أبو جعفرعليه‌السلام والله إنّا لخزَّان الله في سمائه وأرضه لا على ذهب ولا على فضّة إلّا على علمه.

٣ - عليُّ بن موسى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ومحمّد بن خالد البرقيّ، عن النضر بن سويد رفعه، عن سدير، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قلت له جعلت فداك ما أنتم قال: نحن خزَّان علم الله ونحن تراجمة وحيٌّ الله ونحن الحجّة البالغة على من دون السماء ومن فوق الأرض.

________________________________________________________

الحديث الثاني: مجهول.

قولهعليه‌السلام : لخزّانّ الله في سمائه وأرضه، أيّ خزنة العلوم المكتوبة في الألواح السّماويّة والعلوم الكائنة في الأرض من الكتب المنزلة، وخزنة علوم حقائق الأجرام السّماويّة والملائكة وأحوالهم، وحقائق ما في الأرض من الجمادات والنباتات وأحوالها، أو المراد: نحن الخزنة من بين أهل السّماء وأهل الأرض أو نحن المعروفون بذلك عندّ أهلهما.

« إلّا علي علمه » الاستثناء منقطع.

الحديث الثالث: مجهول.

قوله: ما أنتم؟ أي من جهة الفضل والخواصّ الّتي بها تمتازون من سائر المخلوقات، والتراجمة بفتح التاء وكسر الجيم جمع ترجمأنّ بضم التاء وكسر الجيم وفتحهما، وفتح التاء وصمّ الجيم، وهو من يفسّر الكلام بلسان آخر، وقد يكون الجمع بغير هاء، والمراد هنا مفسّر جميع ما أوحى الله تعالى إلى الأنبياء ومبيّنها.

« نحن الحجة البالغة » أي التأمّة الكاملة « على من دون السماء » التخصيص بهم لظهور كونهم مكلّفين بذلك، ولنقص عقول المخاطبين عمّا ورد في كثير من الأخبار أنّهم الحجّة على جميع أهل السماء والأرض، أو المراد دون كلّ سماء فيشمل أكثر الملائكة، وأراد نوعا من الحجّة يختص بغير الملائكة.

٣٥٦

٤ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول قال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: الله تبارك وتعالى استكمال حجّتي على الأشقياء من أمتّك من ترك ولاية عليّ والأوصياء من بعدك فأنّ فيهم سنّتك وسنّة الأنبياء من قبلك وهم خزاني على علمي من بعدك ثمّ قال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لقد أنبأني جبرئيلعليه‌السلام بأسمائهم وأسماء آبائهم.

٥ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن خالد، عن فضالة بن أيّوب، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: قال: أبو عبد اللهعليه‌السلام يا ابن أبي يعفور إنَّ

________________________________________________________

الحديث الرابع: مجهول.

« استكمال حجّتي » أي كمال احتجاجي يوم القيامة مبالغة « على الأشقياء » متعلّق بحجّتي أو باستكمال، أو خبر إستكمال « من ترك » من للسببية والظرف خبر على غير الاحتمال الأخير، ومتعلّق بالظرف المتقدّم عليه، ويمكن أن يقرأ من ترك، بالفتح اسم موصول فيكون بدلا من الأشقياء « من بعدك » حال عن الأوصياء « فأنّ فيهم » أي في عليّ والأوصياء « سنّتك » أي سيرتك والطّريقة والشريعة الّتي جئت بها والسّيرة والطريقة والشريعة الّتي جاءوا بها من قبلك وهم حفظتها وحملتها.

« وهم خزّاني على علمي » تتمّة للتعليل أيّ على العلم الّذي أنزلتها عليك وعليّ الأنبياء من قبلك، وهذا إمّا تعليل لاستكمال الحجّة على من ترك ولايتهم، فانّ من هيّئ له جميع الأسباب وترك المراجعة إليها والأخذ منها كانت الحجّة عليه كاملة غاية الاستكمال، أو تعليل لشقاوة تارك ولايتهم، فأنّ من ترك ولاية من فيه سنن جميع الأنبياء كان تاركاً لجميعها وترك جميع الأنبياء وسننهم أعلى مراتب الشقاوة.

الحديث الخامس: صحيح.

« انّ الله واحد » لا شريك له أو بسيط مطلق ليس فيه تركيب أصلا، ولا صفات

٣٥٧

الله واحدٌ متوحّد بالوحدانيّة متفرّدٌ بأمره فخلق خلقاً فقدَّرهم لذلك الأمر فنحن هم يا ابن أبي يعفور فنحن حجج الله في عباده وخزّانه على علمه والقائمون بذلك.

٦ - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم بن معاوية ومحمّد بن يحيى، عن العمركيّ بن عليّ جميعاً، عن عليّ بن جعفر، عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال: قال: أبو عبد اللهعليه‌السلام إنَّ الله عزَّ وجلَّ خلقنا فأحسن خلقنا وصورَّنا فأحسن صورنا

________________________________________________________

زائدة « متوحّد » أي متفرّد في الوحدانيّة أو في الخلق والتدبير بسبب الوحدانيّة « متفرّد بأمره » أيّ بأمرّ الخلق أو في جميع أموره أو أمرّ تعيين الخليفة والأوسط أظهر، وعلى الأوّلين المراد بذلك الأمر غير هذا الأمر، وعليّ الأخير المراد أنّه لم يدع أمر تعيين الخليفة إلى أحد من خلقه كما زعمه المخالفون، بل هو المتفرّد بنصب الخلفاءِ.

ويحتمل أن يكون المعنى أنّه تعالى قبل خلق الخلق كان متفرّداً بالامر والتدبير، فلـمّا أراد الخلق خلق أوّلا خلقاً مناسباً للخلافة وقدّرهم لها، ففيه إشارة إلى تقدّمهم على ما سواهم من الخلق، وقوله: « فقدّرهم » أيّ جعلهم بعد خلقهم على أحسن خلق وأفضل صورة ليناسبوا « لذلك الأمرّ » والولاية « فنحن » أيّ الأوّلياء، ليشمل الرّسل والأنبياء، أي الخلق المقدّرون لذلك الأمر، أو الأولياء من أهل البيت أو مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله « هم » أيّ خلق مقدّرون لذلك من غير إدّعاء الانحصار على أوّل هذين الاحتمالين، أو بادّعائه بحسب سبق الخلق وتقدّمه على ثانيهما، لـمّا روي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: أوّل ما خلق الله نوري، وأنّه قال:صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا وعليّ من نور واحد، ويؤيّد الوجه الأخير أخبار كثيرة أوردتها في كتاب بحار الأنوار في أبواب بدو خلقهمعليهم‌السلام وباب حدوث العالم. « والقائمون بذلك » أيّ بذلك الأمر المتقدّم.

الحديث السادس: صحيح، وقد مرّ شرح أكثر الفقرات في باب النوادر من كتاب التوحيد.

٣٥٨

وجعلنا خزانه في سمائه وأرضه ، ولنا نطقت الشجرة وبعبادتنا عبد الله عزَّ وجلَّ ، ولولانا ما عبد الله.

( باب )

( أن الأئمة ( ع ) خلفاء الله عزّ وجلّ في أرضه وأبوابه التي منها يؤتى )

١ - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلّى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن أبي مسعود، عن الجعفريّ قال: سمعت أبا الحسن الرّضاعليه‌السلام يقول الأئمّة خلفاء الله عزَّ وجلَّ في أرضه.

٢ - عنه، عن معلّى، عن محمّد بن جمهور، عن سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي بصيّر قال: قال: أبو عبد اللهعليه‌السلام الأوصياء هم أبواب الله عزّ و

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : ولنا نطقت الشجرة، أي يمكننا استنطاقها بكلّ ما نريد بالإعجاز كما ورد في معجزات كلّ من النبي والأئمة صلوات الله عليهم كثير منها، أو المعنى إنا نستنبط من الأشجار وأوراقها علوماً جمّة لا يعلمها غيرنا، وهذا أيضاً وارد في بعض الأخبار.

باب أن الائمةعليهم‌السلام خلفاء الله عزّ وجلَّ في أرضه وأبوابه

الّتي منها يؤتى.

الحديث الأوّل: ضعيف.

والجعفريّ كأنّه القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، أو ابنه داود أبو هاشم الجعفري، وكونهم خلفاء الله لأنّه تعالى فرض طاعتهم وجعل أمرهم أمره، ونهيهم نهيه، وطاعتهم طاعته، ومعصيتهم معصيته.

الحديث الثاني: ضعيف.

ووصفواعليهم‌السلام بكونهم أبواباً لأنّهم طرق إلى معرفة الله وعبادته، ولا يمكن الوصول إلى قربه تعالى ورضوانه إلّا بهم.

٣٥٩

جلَّ الّتي يؤتى منها ولولاهم ما عرف الله عزّ وجلَّ وبهم احتجّ الله تبارك وتعالى على خلقه.

٣ - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله جلَّ جلاله «وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا

________________________________________________________

قال: الفاضل الأسترآبادي: فيه تصريح بأنّه لا يمكن معرفة الله حقّ معرفته في صفاته وأفعاله إلّا من طريق أصحاب العصمةعليهم‌السلام ، فعلم أنّ فنّ الكلام المبنيّ على مجرّد الأحكام العقليّة غير نافع.

الحديث الثالث: ضعيف. على المشهور لكن مضمونه مروّي بأسانيد كثيرة.

فالمراد بالذين آمنوا الذين صدّقوا بالله ورسوله وبجميع ما يجب التصديق به حقّ التصديق، وعملوا جميع الأعمال الصّالحة، ولم يخلّو بشيء منها، وهم الأئمّةعليهم‌السلام «لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ » أي يجعلهم خلفاءه فيها، وقيل: يخلفون من قبلهم، «كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ » من أنبياء بني إسرائيل جعلهم خلفاءه في الأرض، أو المعنى لنورثنّهم أرض الكفّار من العرب والعجم فنجعلهم سكّانها وملوكها، كما استخلف بني إسرائيل إذا هلك الجبابرة بمصر، وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم، وقال: تعالى بعد ذلك «وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الّذي ارْتَضى لَهُمْ » يعني دين الإسلام الّذي أمرهم أنّ يدينوا به «وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً » في الدنيا والآخرة «يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شيئاً » قيل: أيّ لا يخافون غيري، وقيل: أيّ لا يراؤون بعبادتي أحداً.

قال: الطبرسي (ره): إختلف في الآية فقيل: أنّها واردة في أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقيل: هي عامّة في أمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والمروي عن أهل البيتعليهم‌السلام أنّها في المهدي من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وروى العياشي بإسناده عن عليّ بن الحسينعليه‌السلام أنّه قرأ الآية وقال: هم والله شيعتنا أهل البيت يفعل الله ذلك بهم على يد رجل منّا وهو مهدي هذه الأمّة، وهو الّذي قال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو لم يبق من الدّنيا إلّا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتّى يلي رجلَّ من عترتي، إسمه إسمي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت

٣٦٠

الصالحاًتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ »(١) قال: هم الأئمّة.

( باب )

( أن الائمة عليهم‌السلام نور الله عز وجل )

١ - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن عليّ بن مرداس قال: حدَّثنا صفوان بن يحيى والحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي خالد الكابليّ قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله عزَّ وجلَّ: «فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الّذي أَنْزَلْنا »(٢) فقال

________________________________________________________

ظلـماً وجوراً.

وروي مثل ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام .

فعلى هذا يكون المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات النّبي وأهل بيته، وتضمّنت الآية البشارة لهم بالاستخلاف والتمكن في البلاد، وارتفاع الخوف عنهم عندّ قيام المهدي منهم، فيكون المراد بقوله «كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ » هو أنّ جعل الصالح للخلافة خليفة مثل آدم وداود وسليمان، ويدل على ذلك قوله: «إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً »(٣) و «يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً »(٤) وقوله: «فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عظيماً »(٥) وعلى هذا إجماع العترة الطاهرة، وإجماعهم حجة، لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إني تارك فيكم الثقلين، وأيضاً فان التمكن في الأرض على الإطلاق، ولم يتفق فيما مضى فهو منتظر، لأنّ الله عزّ اسمه لا يخلف وعده.

باب ان الائمةعليهم‌السلام نور الله عز وجل في أرضه(٦)

الحديث الاول: ضعيف على المشهور.

«وَالنُّورِ الّذي أَنْزَلْنا » المشهور بين المفسّرين أنّ المراد بالنّور هنا القرآن، سمّاه نوراً لـما فيه من الأدلّة والحجج الموصلة إلى الحقّ، فشبّه بالنّور الّذي يهتدى به إلى الطّريق.

__________________

(١) سورة النور: ٥٥.

(٢) سورة التغابن: ٨.

(٣) سورة البقرة: ٣٠.

(٤) سورة ص: ٢٦.

(٥) سورة النساء: ٥٤.

(٦) كذا في النسخ ولعل جملة « في ارضه » زائدة من النساخ.

٣٦١

يا أبا خالد النور والله الأئمّة من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى يوم القيامة وهم والله نور

________________________________________________________

وأقول: لـمّا كان النّور في الأصل ما يصير سبباً لظهور شيء فسمّي الوجود نوراً لأنّه يصيّر سبباً لظهور الأشياء في الخارج، والعلم نوراً لأنّه سبب لظهور الأشياء عندّ العقل، وكلّ كمال نوراً لأنّه يصيّر سبباً لظهور صاحبه وأنوار النيرين(١) والكواكب نوراً لكونها أسبابا لظهور الأجسام وصفاتها للحس، وبهذه الوجوه يطلق على الرب تعالى النور، ونور الأنوار، لأنّه منبع كلّ وجود وعلم وكمال، فإطلاقه على الأنبياء والأئمةعليهم‌السلام لأنهم أسباب لهداية الخلق وعلمهم وكمالهم بل وجودهم، لأنهم العلل الغائية لوجود جميع الأشياء.

وأمّا نسبة الإنزال إليهم، فإمّا لإنزال أرواحهم المقدسة إلى أجسادهم المطهرة، أو أمرهم بتبليغ الرسالات ودعوة الخلق ومعاًشرتهم بعد كونهم روحانيين في غاية التقدّس والتنزّه كما قال: تعالى: «أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رسولاً »(٢) وفي بعض الأخبار أنّ الله أنزل نورهم فأسكنه في صلب آدم، وقيل: إنزال النور إيقاع ولائهم وحبّهم في قلوب المؤمنين، وقيل: لـمّا كان المراد بالنور ما يهتدى به من العلم والكاشف عنه المبيّن أو المثبت فيه، الحافظ له من النفوس الزكيّة الّتي هي ينابيع العلوم والكتاب المشتمل عليها، أو الروح الّذي أنزل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويكون مع الأئمة بعده وهو مناط المعارف الحقيقيّة، والمراد بقوله: « إنا أنزلنا » على تقدير حمل النور على النفوس القدسيّة: أنزلنا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كونها أنوارا، وأنّ متابعتهم واقتفاءهم مناط الاهتداء، وهم الأئمة من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله على الحقيقة من غير تجوز، وعلى سائر التقادير فقوله: « أنزلنا » أيّ أنزلناه وهو منزل عليه حقيقة علـماً كان أو كتاباً، أو روحاً، والأئمّةعليهم‌السلام هم حملته وحفظته وذووه.

وإطلاق النور عليهم كاطلاق كتاب الله وكلامه في قول أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنا

__________________

(١) كذا في الأصل وفي المخطوطتين « النيران » بدل « النيرين » والظاهر هو المختار.

(٢) سورة الطلاق: ١٠.

٣٦٢

الله الّذي أنزل وهم والله نور الله في السماوات وفي الأرض والله يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم والله ينوّرون قلوب المؤمنين ويحجب الله عزَّ وجلَّ نورهم عمّن يشاء فتظلم قلوبهم ؛ والله يا أبا خالد لا يحبّنا عبدٌ ويتولاًنا حتّى يطهّر الله قلبه ولا يطهّر الله قلب عبد حتّى يسلّم لنا ويكون سلـماً لنا ، فإذا كان سلـماً لنا سلّمه الله من شديد الحساب وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر.

٢ - عليُّ بن إبراهيم بإسناده، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله تعالى : «الَّذِينَ

________________________________________________________

كتاب الله الناطق، لكونه حامل علم الكتاب وحافظه، ولكونه مستكملا به وموصوفاً به ومتّحداً معه، فكأنّه هو، وقوله: « لنور الإمام » أيّ هدايته، وتعريفه المعارف الإلهيّة أو ولايته ومعرفته، وقيل: الإضافة للبيان أيّ هم أنور وأكشف من الشمس « وهم والله ينورون قلوب المؤمنين » بتعريف المعارف إياهم وتثبيتها في قلوبهم « ويحجب الله نورهم عمّن يشاء » أنّ لا يطهره عن دنس الخباثة لشقاوته وسوء اختياره فيظلم قلوبهم، ولا تتنور بنور معرفتهم لحجاب خباثتهم عن التنّور به.

وقوله: حتّى يسلم لنا، من الإسلام أو التسليم، والسّلم بالكسر خلاف الحرب أي سالـماً محبّاً لنا.

الحديث الثاني: مرسل.

«الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَ » قال: الطبرسيّرحمه‌الله : أيّ يؤمنون به ويعتقدون نبوّته وفي « الأميّ » أقوال:

أحدها: أنّه الّذي لا يكتب ولا يقرء.

وثانيها: أنّه منسوب إلى الأمّة، والمعنى أنّه على جبلّة الأمّة قبل استفادة الكتابة، وقيل: أنّ المراد بالأمّة: العرب لأنها لم تكن تحسن الكتابة.

٣٦٣

يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الّذي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ

________________________________________________________

وثالثها: أنّه منسوب إلى الأمّ، والمعنى أنّه على ما ولدته أمّه قبل تعلّم الكتابة.

ورابعها: أنّه منسوب إلى أمّ القرى وهو مكّة، وهو المرويّ عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام « انتهى ».

وأقول: إختلفوا في أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هل كان يقدر أنّ يقرأ ويكتب أم لا؟

والّذي يقتضيه الجمع بين الأخبار أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن تعلّم الخط والقراءة من أحدّ من البشر، لكنّه كان قادراً على الكتابة وعالماً بالمكتوب بما علم به سائر الأمور من قبل الله تعالى، ولم يكن يقرء ويكتب ليكون حجّته علي قومه أتمّ وأكمل.

«الّذي يَجِدُونَهُ » قال: الطبرسي: معناه يجدون نعته وصفته ونبوّته مكتوباً في الكتابين، لأنّه مكتوب في التوراة في السفر الخامس: « إني سأقيم لهم نبيّاً من إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فيه، فيقول لهم كلـمّا أوحيته به » وفيها أيضاً مكتوب: « وإمّا ابن الأمّة فقد باركت عليه جدا جدا، وسيلد اثنا عشر عظيماً وأؤخره لأمّة عظيمة » وفيها أيضاً: « أتانا الله من سيناء وأشرق من ساعير واستعلن من جبال فارأنّ ».

وفي الإنجيل بشارة بالفارقليط في مواضع، منها: « نعطيكم فارقليط آخر يكون معكم آخر الدهر كله » وفيه أيضاً قول المسيح للحواريين: « أنا أذهب وسيأتيكم الفارقليط روح الحقّ الّذي لا يتكلّم من قبل نفسه، أنّه نذيركم بجميع الحقّ ويخبركم بالأمور المزمعة ويمدحني ويشهد لي ».

«وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ » هذا من تتمة المكتوب أو ابتداء من قول الله تعالى للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله «وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ » أيّ ثقلهم، شبه ما كان على بني إسرائيل من التكليف الشديد بالثقل «وَالْأَغْلالَ الّتي كانَتْ عَلَيْهِمْ » أيّ العهود الّتي كانت في ذمتهم،

٣٦٤

- إلى قوله -وَاتَّبَعُوا النُّورَ الّذي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ »(١) قال: النور في هذا الموضع [ عليٌّ ] أمير المؤمنين والأئمّةعليهم‌السلام .

٣ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام لقد آتى الله أهل الكتاب خيراً كثيراً ، قال: وما ذاك قلت قول الله تعالى: «الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ

________________________________________________________

جعل تلك العهود بمنزلة الأغلال الّتي تكون في الأعناق للزومها، وقيل: يريد بالأغلال ما امتحنوا به من قبل نفوسهم في التوبة وفرض ما يصيبه البول من أجسادهم وما أشبه ذلك من تحريم السبت، وتحريم العروق والشحوم، وقطع الأعضاء الخاطئة، ووجوب القصاص دون الدية.

«وَعَزَّرُوهُ » أيّ عظموه ووقروه «وَاتَّبَعُوا النُّورَ » قال:(٢) معناه: القران الّذي هو نور في القلوب كما أنّ الضياء نور في العيون، ويهتدى به في أمور الذين كما يهتدون بالنور في أمور الدنيا «الّذي أُنْزِلَ مَعَهُ » أيّ عليه وقد تقوم « مع » مقام « على » وقيل: في زمأنّه وعلى عهده، وقال: البيضاوي: معه، أيّ مع نبوته، وإنّما سماه نوراً لأنّه بإعجازه ظاهر أمره، مظهر غيره، أو لأنّه كاشف الحقائق مظهر لها، ويجوز أنّ يكون معه متعلقا باتبعوا، أيّ واتبعوا النور المنزل مع اتباع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيكون إشارة إلى اتباع الكتاب والسنة، انتهى.

أقول: على ما فسّرهعليه‌السلام لا حاجة إلى التكلف في المعيّة، والتجوز في الإنزال مشترك كما عرفت، على أنّه يحتمل أنّ يكون المراد أنهم القران لانتقاش ألفاظه ومعانيه في أرواحهم المقدسة واتصافهم بصفاته المرضيّة، واجتنابهم عمّا فيه من الرذائل المنهية.

الحديث الثالث: ضعيف.

والمراد بأهل الكتاب الذين آمنوا بموسى ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله كعبد الله بن سلام وأضرابه، والضمير في قوله: « من قبله » وفي قوله: « به » للقران كالمستكنّ في قوله

__________________

(١) سورة الأعراف: ١٥٧.

(٢) أيّ قال: الطبرسيّرحمه‌الله .

٣٦٥

يُؤْمِنُونَ - إلى قوله -أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا »(١) قال: فقال: قد آتاكم الله كما آتاهم ثمَّ تلا: «يا أيّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نوراً تَمْشُونَ بِهِ »(٢) يعني إماماً تأتمّون به.

٤ - أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنيّ، عن عليّ بن أسباط والحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي خالد الكابليّ قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله تعالى: «فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الّذي أَنْزَلْنا »(٣) فقال: يا أبا

________________________________________________________

تعالى «وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ » أيّ بأنّه كلام الله «أنّه الحقّ مِنْ ربّنا » استئناف لبيان ما أوجب إيم ا نهم به «إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ » استئناف آخر للدلالة عليّ أنّ إيمانهم به ليس ممّا أحدثوا حينئذ بل تقادم عهده لـمّا رأوا ذكره في الكتب المتقدّمة «أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ » مرّة على إيمانهم بكتابهم، ومرّة على إيمانهم بالقران «بِما صَبَرُوا » بصبرهم وثباتهم على الإيمانين، أو على الإيمان بالقران قبل النزول وبعده، أو على أذى المشركين وأذى من هاجرهم من أهل دينهم.

«يا أيّها الَّذِينَ آمَنُوا » قال: الطبرسيّ (ره): أيّ اعترفوا بتوحيد الله وصدّقوا بموسى وعيسى «اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ » محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ابن عباس، وقيل: معناه يا ايها الذين آمنوا ظاهراً آمنوا باطناً «يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ » أي يعطكم نصيبين «مِنْ رَحْمَتِهِ » نصيباً لأيمانكم من تقدّم من الأنبياء، ونصيبا لأيمانكم بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله «وَيَجْعَلْ لَكُمْ نوراً تَمْشُونَ بِهِ » أيّ هدى تهتدون به، وقيل: النور القرآن، انتهى.

وأقول: عليّ تأويلهعليه‌السلام لعلّ المراد آمنوا برسوله فيما أتى به من ولاية الأئمةعليهم‌السلام ، وسيأتي تأويل الكفلين بالحسنينعليهما‌السلام .

الحديث الرابع: ضعيف.

__________________

(١) سورة القصص: ٥٤.

(٢) سورة الحديد: ٢٨.

(٣) سورة التغابن: ٨.

٣٦٦

خالد النور والله الأئمّةعليهم‌السلام يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم الّذين ينوّرون قلوب المؤمنين ويحجب الله نورهم عمّن يشاء فتظلم قلوبهم ويغشاهم بها.

٥ - عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل الهمدانيّ قال: قال: أبو عبد اللهعليه‌السلام في قول الله تعالى: «اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ »(١) فاطمةعليها‌السلام «فِيها مِصْباحٌ » الحسن «الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ » الحسين

________________________________________________________

« ويغشاهم بها » أي بالظلمة.

الحديث الخامس: ضعيف بالسنّد الأوّل، صحيح بالسندّ الثاني.

«اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » أيّ منورهما بنور الوجود والعلم والهداية، والأنوار الظاهرة، وقيل: أيّ ذو نور السماوات والأرض، والنور الأئمةعليهم‌السلام ، فهم نور السماوات حين كانوا محدقين بالعرش، والأرض بعد ما أنزلوا صلب آدم «مَثَلُ نُورِهِ » أيّ صفة نور الله العجيبة الشأنّ «كَمِشْكاةٍ » أيّ مثل مشكاة وهي الكرة الغير النافذة الّتي يوضع فيها المصباح وقيل: المشكاة الأنبوبة(٢) في وسط القنديل، والمصباح: الفتيلة المشتعلّة «فِيها مِصْباحٌ » الحسن.

أقول: في تفسير عليّ بن إبراهيم هكذا «فِيها مِصْباحٌ » الحسن و «الْمِصْباحُ » الحسين «فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ » كان فاطمة كوكب « إلخ ».

فالمصباح المذكور في الآية ثانياً المراد به غير المذكور أوّلاً وهو الحسينعليه‌السلام ، ولعلّ فيه إشارة إلى وحدة نوريهما، وشبّهت فاطمةعليها‌السلام مرة بالمشكاة ومرة بالقنديل من الزجاجة، ووجه التشبيه فيهما متّحد وعند كونهاعليها‌السلام ظرفا لنور الحسينعليه‌السلام شبّهت بالزجاجة، لزيادة نوره باعتبار كون سائر الأئمة من ولدهعليه‌السلام ،

__________________

(١) سورة النور: ٣٥.

(٢) الأنبوبة: ما بين العقدتين من القصب أو الرمح، ويستعار لكلّ أجوف مستدير كالقصب.

٣٦٧

«الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ » فاطمة كوكبٌ درّيٌّ بين نساء أهل الدُّنيا «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » إبراهيمعليه‌السلام «زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ » لا يهوديّة ولا نصرانيّة

________________________________________________________

فلذا غيّر التشبيه.

وعلى ما في الكتاب قد يتوّهم أنّ المراد بالزجاجة الحسينعليه‌السلام ، فيوجّه بما ذكره بعض الأفاضل حيث قال: مثّل النور الحقيقي الّذي هو من عالم الأمر بالنور الظاهري الّذي هو من عالم الخلق، والنور ضياء بنفسه ومضيء لـمّا يطلع عليه ويشرق عليه، فمثّل الجوهر الرّوحاني المناط للانكشافات العقليّة بالمصباح، وحامله بالمشكاة، والحامل لمادته والمشتمل عليها الّتي منها مدده وحفظه عن الانقطاع والنفاد بالزجاجة الّتي هي وعاء مادة نور المصباح الّتي هي الزيت، ففي الأنوار الحقيقيّة الّتي هي النفوس القدسية والأرواح الزكية للأئمة من أهل البيتعليهم‌السلام الحسنعليه‌السلام مصباح، وفاطمةعليه‌السلام مشكاة فيها المصباح، والحسينعليه‌السلام الزجاجة فيها مادة نور المصباح، ويجيء منها مدده، والزجاجة كوكب دري والمراد به فاطمةعليها‌السلام ، فأنّ الزجاجة يعنّي الحسينعليه‌السلام مجمع النور الفائض من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الواصل إليه ابتداء ووساطة، كما كانتعليها‌السلام مجمع ذلك والمعنىّ عنها بالمشكاة كوكب دري لإحاطتها بالنور كله، والزجاجة أيضاً لإحاطتها بجميع النور كأنها كوكب درّي «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » إبراهيم أيّ المشبه بالشجرة فيما ضرب له المثل إبراهيم، لأنّ ابتداء ظهور ذلك النور منه، ومواد العلوم من أثمار تلك الشجرة.

قال: البيضاوي «دُرِّيٌ » مضيء متلألئ كالزّهرة في صفائه وزهرته منسوب إلى الدر، أو فعيل كمريق من الدرء فأنّه يدفع الظلام بضوئه، أو بعض ضوئه بعضاً من لمعاًنّه إلّا أنّه قلبت همزته ياءا «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » أيّ ابتداء ثقوب المصباح من شجرة الزيتون المتكاثرة نفعه بأنّ رويت ذبالته بزيتها «لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ » يقع

٣٦٨

«يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ » يكاد العلم ينفجر بها «وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ » إمامٌ منها

________________________________________________________

الشمس عليها حينا دون حين، بل بحيث تقع عليها طول النّهار كالتي تكون على قلة جبل أو صحراء واسعة، فانّ ثمرته تكون أنضج وزيتها أصفى أو نابتة في شرق المعمورة وغربها بل وفي وسطها وهو الشّام، فأنّ زيتونة أجود الزيتون، أوّلاً في مضحيٌّ تشرق الشمس عليها دائما فتحرقها، أو في مقناة تغيب عنها دائماً فتتركها نيا « انتهى ».

وأقول: هذا ما يتعلّق بالمشبّه به، وإمّا تطبيقه على المشبّه فأنّ إبراهيمعليه‌السلام لكونه أصل عمدة الأنبياء وهمعليهم‌السلام أغصانه وتشعبت منه الغصون المختلفة من الأنبياء والأوصياء من بني إسرائيل وبني إسماعيل، واستنارت منهم أنوار عظيمة في الفرق الثلاث من أهل الكتب من اليهود والنصارى والمسلمين، فكان إبراهيمعليه‌السلام كالشجرة الزيتونة من جهة تلك الشعب والأنوار، ولـمّا كان تحقق ثمار تلك الشجرة وسريأنّ أنوار هذه الزيتونة في نبينا وأهل بيته صلوات الله عليهم أكمل وأكثر وأتم، لكونهم الأئمة الفضلي، وأمتهم الأمّة الوسطى وشريعتهم وسيرتهم وطريقتهم أعدل السير وأقومها كما قال: تعالى: «وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أمّة وَسَطاً »(١) كما أنّ اليهود كانوا يصلون إلى المغرب والنصارى إلى المشرق، فجعل قبلتهم وسط القبلتين، وكذا في حكم القصاص والديات وسائر الأحكام جعلوّاً وسطا فشبه إبراهيمعليه‌السلام من جهة تشعب هذه الأنوار العظيمة منه بزيتونة لم تكن شرقية ولا غربية، أيّ غير منحرفة عن الاعتدال إلى الإفراط والتفريط، المتحققين في الملتين والشريعتين، وأومأ بالشرقية إلى النصارى، وبالغربية إلى اليهود لقبلتيهم، ويمكن أنّ يكون المراد بالآية الزيتونة الّتي تكون في وسط الشجرة في شرقها، فلا تطلع الشمس عليها بعد العصر، ولا غربية لا تطلع الشمس عليها في أول اليوم، فيكون التشبيه أتمّ وأكمل «يَكادُ زَيْتُها » أيّ زيت الشجرة أو الزيتونة، والمراد بالزيتونة في المشبّه المادّة البعيدة للعلم، وهي الإمأمّة والخلافة الّتي منبعهما إبراهيم حيث قال: سبحانه: «إِنِّي جاعِلُكَ

__________________

(١) سورة البقرة: ١٤٣.

٣٦٩

بعد إمام «يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ » يهدي الله للأئمّة من يشاء «وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ

________________________________________________________

لِلنَّاسِ إماماً » وسرى في ذريّته المقدسة، وبالزيت الموادّ القربية من الوحيٌّ والإلهام، وإضاءة الزيت انفجار العلم من تلك المواد «وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ » أيّ وحيٌّ أو تعليم من البشر أو سؤال، فأنّ السؤال ممّا يقدح نار العلم.

«نُورٌ عَلى نُورٍ » قال: البيضاوي أيّ نور متضاعف فأنّ نور المصباح زاد في إنارته صفا الزيت وزهرة القنديل، وضبط المشكاة لأشعته « انتهى » وفي المشبّه كلّ إمام يتلو إماماً يزيد في إنارة علم الله وحكمته بين الناس.

أقول: ويؤيّد هذا التأويل ما رواه ابن بطريق (ره) في العمدة والسيّد ابن طاوسرضي‌الله‌عنه في الطرائف من مناقب ابن المغازلي الشافعي بإسناده عن الحسن البصري أنّه قال: المشكاة فاطمة، والمصباح الحسن والحسينعليهم‌السلام و «الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ » فاطمةعليها‌السلام كوكباً درياً بين نساء العالمين «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » الشجرة المباركة إبراهيمعليه‌السلام «لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ » لا يهوديّة ولا نصرانيّة «يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ » قال: يكاد العلم أنّ ينطق منها «وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ » قال: منها إمام بعد إمام «يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ » قال: يهدي لولايتهم من يشاء.

وذكر الطّبرسيقدس‌سره في تأويلها أقوالا:

أحدها: أنّه مثل ضربه الله لنبيه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فالمشكاة صدره، والزجاجة قلبه، والمصباح فيه النبوة «لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ » أيّ لا يهودية ولا نصرانية «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » يعنّي شجرة النبوة وهي إبراهيمعليه‌السلام « يكاد » محمّد يتبين للناس ولو لم يتكلّم به، كما أنّ ذلك الزيت يضيء «وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ » أيّ تصيبه النار، وقد قيل: أيضاً أنّ المشكاة إبراهيمعليه‌السلام ، والزجاجة إسماعيل، والمصباح محمّد كما سمّي سراجا في موضع آخر «مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » يعنّي إبراهيم لأنّ أكثر الأنبياء من صلبه «لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ » لا نصرانية ولا يهودية لأنّ النّصارى تصلي إلى المشرق، واليهود تصلي إلى المغرب «يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ » أيّ يكاد محاسن محمّد تظهر قبل أنّ يوحى إليه «نُورٌ عَلى نُورٍ » أي نبيّ من نسل نبيّ وقيل: أنّ المشكاة عبد المطلب،

٣٧٠

لِلنَّاسِ » قلت «أَوْ كَظُلُماتٍ » قال: الأوّل وصاحبه «يَغْشاهُ مَوْجٌ » الثالث «مِنْ فَوْقِهِ

________________________________________________________

والزجاجة عبد الله، والمصباح هو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا شرقيّة ولا غربيّة بل مكيّة، لأنّ مكّة وسط الدّنيا، وروي عن الرّضاعليه‌السلام أنّه قال: نحن المشكاة، والمصباح محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يهدي الله لولايتنا من أحب، وفي كتاب التّوحيد لأبي جعفر ابن بابويه (ره) بالإسناد عن عيسى بن رأشدّ عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام في قوله: «كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ » قال: نور العلم في صدر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله «الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ » الزجاجة صدر عليّعليه‌السلام صار علم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى صدر على، علم النبي عليّاً «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » نور العلم «لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ » لا يهودية ولا نصرانية «يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ » قال: يكاد العالم من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله يتكلّم بالعلم قبل أنّ يسأل «نُورٌ عَلى نُورٍ » أيّ إمام مؤيد بنور العلم والحكمة في أثر إمام من آل محمّد، وذلك من لدن آدم إلى أنّ تقوم السّاعة « الخبر ».

وثانيها: أنها مثل ضربه الله للمؤمن، والمشكاة نفسه والزجاجة صدره والمصباح الإيمان والقرآن، في قلبه «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » هي الإخلاص لله وحدّه لا شريك له، فهي خضراء ناعمة كشجرة التفت بها الشجرة فلا يصيبها الشمس على أيّ حال كانت، لا إذا طلعت ولا إذا غربت، وكذلك المؤمن قد اختزن من(١) أين يصيبه شيء من الفتن فهو بين أربع خلال، أنّ أعطي شكر، وأنّ ابتلي صبر، وأنّ حكم عدل، وأنّ قال: صدق، فهو في سائر الناس كالرجل الحيّ يمشي بين قبور الأموات «نُورٌ عَلى نُورٍ » كلامه نور وعلمه نور ومدخله نور ومخرجه نور، ومصيره إلى نور يوم القيامة عن أبي بن كعب.

وثالثها: أنّه مثل القران في قلب المؤمن فكما أنّ هذا المصباح يستضاء به وهو كما هو لا ينقص، فكذلك القران تهتدي به ويعمل به كالمصباح فالمصباح هو القران والزجاجة قلب المؤمن، والمشكاة لسانه وفمه، والشجرة المباركة شجرة الوحيٌّ «يَكادُ

__________________

(١) اختزن الطريق: أخذ أقربه. وفي المصدر: قد احترز.

٣٧١

مَوْجٌ » ظلمات الثاني «بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ » معاوية لعنه الله وفتن بني اُميّة «إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ »

________________________________________________________

زَيْتُها يُضِيءُ » يكاد حجج القران تتضّح وإن لم يقرء، وقيل: تكاد حجج الله على خلقه تضيء لمن تفكر فيها وتدبرها ولو لم ينزل القران «نُورٌ عَلى نُورٍ » يعني أنّ القران نور مع سائر الأدلة قبله فازدادوا نوراً على نور «يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ » أيّ يهدي الله لدينه وإيمانه من يشاء أو لنبوته وولايته « انتهى ».

وأقول: لـمّا ضرب الله الأمثال للمؤمنين وأئمّتهمعليهم‌السلام ضرب مثلين للكافرين والمنافقين وأئمّتهم، فالمثل الأوّل قوله: «وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْأنّ ماءً حتّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجدّه شيئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ » والثاني قوله: «أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ » فقوله «أَوْ كَظُلُماتٍ »، عطف على قوله «كَسَرابٍ »، وأو للتخيير، فأنّ أعمالهم لكونها لاغية كالسراب، ولكونها خالية عن نور الحقّ كالظلمات، فأنّ شئت شبهتهم بذلك أو للتنويع فأنّ الظلمات في الدنيا والسراب في الآخرة.

«فِي بَحْرٍ لُجِّيٍ » أيّ عميق منسوب إلى اللجج وهو معظم الماء «يَغْشاهُ » أيّ يغشى البحر «مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ » مترادفة متراكمة «مِنْ فَوْقِهِ » أيّ من فوق الموج الثاني سحاب تغطي النجوم وتحجب أنوارها.

وامّا تأويلهعليه‌السلام فيحتمل وجهين:

الأوّل: أنّ المعنى أنّ الظلمات المذكورة في الآية أوّلاً أبو بكر، ويغشاه موج: إشارة إلى صاحبه يعنّي عمر، فأنّه أتم بدع الأوّل وأكملها، وزاد على الظلمة ظلمة، وعلى الحيرة حيرة، ومن فوقه موج: عبارة عن عثمأنّ وهو الثالث، حيث زاد على بدعهما وإضلال الناس عن الحق، وقوله: ظلمات الثاني، أيّ لفظ الظلمات الواقع ثانياً في الآية، الموصوف فيها بأنّ بعضها فوق بعض إشارة إلى معاوية وفتن بني أمية.

وقوله: إذا أخرج يده المؤمن، بيان للثمرة المترتبة على تلك الظلمات، المتراكمة من حيرة المؤمنين واشتباه الأحكام الظاهرة عليهم، فأنّ اليد أظهر أجزاء

٣٧٢

المؤمن في ظلمة فتنتهم «لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نوراً » إماماً من ولد فاطمة

________________________________________________________

الإنسان له، ويحتمل ان يكون فتن بني أميّة مبتدأ، خبره: إذا أخرج يده، أيّ قوله إذا أخرج يده، إشارة إلى فتن بني أمية، ويحتمل أيضاً أنّ يكون المراد بالثاني عمر، والظلمات مضافاً إليه، أيّ ظلمات عمرّ فتنة بعضها فوق بعض، فيكون قوله: ومعاوية ابتداء كلام آخر، أيّ إذا أخرج يده إشارة إلى معاوية وفتن بني أمية، وإنّما كرر عمرّ لأنّه رأس الفتنة ورئيس النفاق، ولا يخفى بعد هذين الوجهين.

والثاني أن يكون المراد أنّ قوله تعالى: «أَوْ كَظُلُماتٍ » إشارة إلى الأوّل وصاحبه الأوّلين، ويغشاه موج إلى الثالث يعنّي عثمأنّ الّذي من فوقه موج، يعنّي من بعده، إشارة إلى ما وقع بعده من عشائره من بني أمية وظلمات الثاني بعضها فوق بعض بالإضافة، أيّ كظلمات عمر، وتكراره لـمّا مرّ فقوله: معاوية وفتن بني أمية، ابتداء كلام آخر، ويحتمل أنّ يكون « من » في قوله «مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ »، إلى قوله: فتن بني أمية كلاماً واحدا، فالمراد بالموج معاوية وبالظلمات فتن بني أمية، وعبر عنهم بظلمات الثاني لأنهم كانوا من ثمرات ظلمه وجوره على أهل البيتعليهم‌السلام .

أقول: ويؤيّد الثاني أنّ عليّ بن إبراهيم أورد في تفسيره هذا الخبر هكذا: أيّ كظلمات فلان وفلان «فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ » يعنّي نعثل وفوقه موج طلحة والزبير «ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ » معاوية وفتن بني أمية إلى آخر الخبر، ونعثل كناية عن عثمان.

قال: ابن الأثير في النهاية: كان أعداء عثمأنّ يسمونه نعثلا تشبيهاً له برجلَّ من مصر كان طويل اللحية اسمه نعثل، وقيل: النعثل: الشيخ الأحمق.

وذكر الضباع: وروى صأحبّ كتاب تأويل الآيات الظاهرة بإسناده عن الحكم بن حمرأنّ قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قوله عزّ وجل: «أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍ » قال: فلان وفلان «يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ » قال: أصحاب الجمل وصفين والنهروان

٣٧٣

عليها‌السلام «فَما لَهُ مِنْ نُورٍ »(١) إمام يوم القيامة.

وقال: في قوله «يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ »(٢) أئمة المؤمنين يوم القيامة تسعى بين يدي المؤمنين وبأيمانهم حتّى ينزلوهم منازل أهل الجنة.

عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم البجلي ومحمّد بن يحيى، عن العمركيّ بن عليّ جميعاً، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسىعليه‌السلام مثله.

٦ - أحمدُ بن إدريس، عن الحسين بن عبيد الله، عن محمّد بن الحسين وموسى بن عمر، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن قول الله تبارك وتعالى «يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ »(٣) قال: يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام بأفواههم قلت قوله تعالى «وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ » قال: يقول والله متم الإمأمّة والإمأمّة هي النور وذلك قوله عزّ وجلَّ «فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الّذي أَنْزَلْنا »(٤) قال: النور هو الإمام.

________________________________________________________

«مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ » قال: بنو أمية «إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها » قال: بنو أمية إذا أخرج يده يعنّي أمير المؤمنينعليه‌السلام في ظلماتهم «لَمْ يَكَدْ يَراها » أيّ إذا نطق بالحكمة بينهم لم يقبلها منهم أحدّ إلّا من أقر بولايته ثمّ بإمامته «وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ » أيّ من لم يجعل الله له إماماً في الدنيا فما له في الآخرة من نور، إمام يرشده ويتبعه إلى الجنّة.

الحديث السادس: مجهول.

«يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ » قال: الطبرسيّ (ره): أيّ يريدون إذهاب نور الإيمان والإسلام بفاسد الكلام، الجاري مجرى تراكم الظلام، فمثلهم فيه كمثل من حاول إطفاء نور الشمس بفيه «وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ » أيّ مظهر كلمته ومؤيد نبيه ومعلّى دينه وشريعته.

__________________

(١) سورة النور: ٤٠.

(٢) سورة الحديد: ١٢.

(٣) سورة الصف: ٨.

(٤) سورة التغابن: ٨.

٣٧٤

( باب أن الأئمة هم أركان الأرض )

١ - أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما جاء به عليّعليه‌السلام آخذ به وما نهى عنه أنتهي عنه جرى له من الفضل مثل ما جرى لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ولمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله الفضل على جميع من خلق الله عزّ وجلَّ المتعقب عليه في شيء من أحكامه كالمتعقب على الله وعلى رسوله والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حدّ الشرك بالله

________________________________________________________

باب ان الائمة هم أركان الأرض

الحديث الاول: ضعيف بسنديه على المشهور.

« ما جاء به على آخذ به » لأنّه واجب الإطاعة من الله ومن رسوله، ولأنّ ما جاء به ممّا جاء به رسول الله وما نهى عنه ممّا نهى عنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله « ولمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله الفضل » إمّا بيان لـمّا جرى لهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الفضل، فكما أنّ لهصلى‌الله‌عليه‌وآله الفضل على جميع الخلق، كذا لعليّعليه‌السلام الفضل على الجميع، وإمّا بيان للفرق بين ما لهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الفضل وبين ما لعليّعليه‌السلام منه بفضلهصلى‌الله‌عليه‌وآله على الجميع حتّى على عليّعليه‌السلام ، وفضل عليّعليه‌السلام على غيرهصلى‌الله‌عليه‌وآله « والمتعقب عليه في شيء من أحكامه » أيّ الطالب لعثرته والمعيب عليه في شيء منها كالطالب لعثرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والمعيب عليه، و « على » للإضرار، والمراد المتقدّم عليه في شيء بأنّ يجعله عقبه وخلفه، وأراد التقدّم عليه، أو يجعل حكمه عقبه وينبذه وراء ظهره، فلا يعمل به، أو تعقبه بمعنى أنّه تأخر عنه ولم يلحق به ولم يقبل أحكامه، أو المراد به شكّ في شيء من أحكامه، والأوّل أظهر ثمّ الأخير.

وكلمة « على » على بعض الوجوه بمعنى عن، وعلى بعضها بتضمين معنى يتعدّى به، قال: الفيروزآبادي: تعقبه أخذه بذنب كان منه، وعن الخبر شكّ فيه وعاد السؤال عنه، واستعقبه وتعقبه طلب عورته أو عثرته.

« في صغيرة أو كبيرة » صفتأنّ للكلمة أو الخصلة أو المسألة أو نحو ذلك « على حدّ

٣٧٥

كان أمير المؤمنينعليه‌السلام باب الله الّذي لا يؤتى إلّا منه وسبيله الّذي من سلك بغيره هلك وكذلك يجري الأئمّة الهدى واحداً بعد واحد جعلهم الله أركان الأرض أنّ تميد بأهلها وحجته البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كثيراً ما يقول : أنا قسيم الله بين الجنّة والنار وأنا الفاروق

________________________________________________________

الشرك بالله » أيّ في حكمه إذ لا واسطة بين الإيمان والشرك، والكائن عليه مشرف على الدّخول في الشرك كما ترى في كثير منهم كالمجسّمة والمصوّرة والصّفاتية وأضرابهم، فإنّهم أشركوا من حيث لا يعلمون.

« أنّ تميد » أيّ كراهية أنّ تميد أو من أنّ تميد، بتضمين الأركان معنى الموانع، وفي القاموس ماد يميد ميداُ: تحرك وزاغ « انتهى ».

وفيه إيماء إلى أنّ المراد بالرّواسي في قوله تعالى: «وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أنّ تَمِيدَ بِهِمْ »(١) الأئمةعليهم‌السلام في بطن القرآن، والمراد بالميد إمّا ذهاب نظام الأرض واختلال أحوال أهلها كما يكون عندّ فقد الإمام قبل القيامة، أو حقيقته بالزلازل الحادثة فيها.

وقيل: المراد بمن فوق الأرض الأحياء، بمن تحت الثرى الأموات، لأنهم الأشهاد يوم القيامة، وقد مرّ منا الكلام فيهما.

قولهعليه‌السلام : كثيراً ما يقول، أيّ حينا كثيراً وما زائدة للتأكيد عندّ جميع البصريين، وقيل: اسم نكرة صفة لكثير أو بدل منه، وعلى التقادير يفهم منها التفخيم بالإبهام « أنا قسيم الله » أيّ القسيم المنصوب من قبل الله للتميز بين أهل الجنّة وأهل النار بسبب ولايته وتركها، أو هو الّذي يقف بين الجنّة والنار فيقسمهما بين أهلهما بسبب ولايته وعداوته كما دلت عليه صحاح الأخبار، والأخبار بذلك متواترة من طرق الخاصّة والعامة. قال: في النهاية في حديث عليّعليه‌السلام : أنا قسيم النار، أراد أنّ الناس فريقأنّ فريق معي، فهم على هدى، وفريق على فهم ضلال، فنصف معي في الجنّة ونصف عليّ في النار، وقسيم: فعيل بمعنى فاعل كالجليس والسمير « انتهى » « وأنا الفاروق » أي

__________________

(١) سورة الأنبياء: ٣١.

٣٧٦

الأكبر وأنا صاحب العصا والميسمّ ولقد أقرت لي جميع الملائكة والروح والرسل

________________________________________________________

الّذي فرّق بين الحقّ والباطل كما ذكره الفيروزآبادي، أو الفارق بين أهل الجنّة وأهل النار « وأنا صاحب العصا والميسمّ » قال: في النهاية: الميسمّ هي الحديدة الّتي يوسم بها، وأصله موسم فقلبت الواو ياءاً لكسرة الميم « انتهى ».

وهذا إشارة إلى أنّهعليه‌السلام الدابّة الّتي أخبر بها في القران بقوله: «وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أنّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ »(١) وروي عن ابن عباس وابن جبير وغيرهما قراءة تكلمهم بالتخفيف وفتح التاء وسكون الكاف من الكلم بمعنى الجراحة.

وقال: الطّبرسي روح الله روحه: هي دابة تخرج بين الصفا والمروة فتخبر المؤمن بأنّه مؤمن والكافر بأنّه كافر، وعند ذلك يرتفع التكليف ولا تقبل التوبة، وهو علم من أعلام الساعة، وروى محمّد بن كعب القرظي قال: سئل عليّعليه‌السلام عن الدابة؟ فقال: إمّا والله ما لها ذنب وأنّ لها اللحية، وفي هذا إشارة إلى أنها من الإنس، وعن حذيفة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله السلام قال: دابة الأرض طولها ستون ذراعاً لا يدركها طالب ولا يفوتها هارب، فتسم المؤمن بين عينيه وتكتب بين عينيه مؤمن، وتسم الكافر بين عينيه وتكتب بين عينيه كافر، ومعها عصا موسى وخاتم سليمانعليهما‌السلام ، فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتحطم أنف الكافر بالخاتم، حتّى يقال: يا مؤمن ويا كافر « انتهى ».

وروى علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: انتهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وهو نائم في المسجد قد جمع رملا ووضع رأسه عليه فحركه برجله ثمّ قال: له: قم يا دابة الله، فقال: رجلَّ من أصحابه: يا رسول الله أيسمّي بعضنا بعضاً بهذا الاسم؟ فقال: لا والله ما هو إلّا له خاصّة، وهو الدابة الّتي ذكرها الله في كتابه: «وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ » الآية، ثمّ قال: يا عليّ إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ومعك ميسمّ تسم به أعداءك، فقال: رجل

__________________

(١) سورة النمل: ٨٢.

٣٧٧

________________________________________________________

لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أنّ العامّة يقولون أنّ هذه الدابة إنّما تكلمهم فقال: أبو عبد اللهعليه‌السلام : كلمهم الله في نار جهنم إنّما هو يكلمّهم من الكلام.

وقال: أبو عبد اللهعليه‌السلام : قال: رجلَّ لعمار بن ياسر: يا أبا اليقظأنّ آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي وشككتني؟ قال: عمار: أيّة آية هي؟ قال: قوله: «وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ » الآية، فأية دابة هذه؟ قال: عمار: والله ما أجلس ولا آكلّ ولا أشرب حتّى أريكها فجاء عمار مع الرّجلَّ إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وهو يأكلّ تمرا وزبدا، فقال: له: يا أبا اليقظان هلم، فجلس عمار وأقبل يأكلّ معه، فتعجب الرّجلَّ منه، فلـمّا قام عمّار قال: له الرجل: سبحان الله يا أبا اليقظأنّ حلفت أنك لا تأكلّ ولا تشرب ولا تجلس حتّى ترينيها؟ قال: عمار: قد أريتكها أنّ كنت تعقل.

وروى الحسن بن سليمان من كتاب البصائر لسعد بن عبد الله بإسناده عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال: أمير المؤمنين في خطبة طويلة: أنا دابّة الأرض، وأنا قسيم النار، وأنا خازن الجنان، وأنا صاحب الأعراف « الخبر ».

وفي كتاب سليم بن قيس الهلالي عن أبي الطّفيل قال: سألت أمير المؤمنينعليه‌السلام عن الدابّة؟ فقال: يا أبا الطّفيل إله عن هذا(١) فقلت: يا أمير المؤمنين أخبرني به جعلت فداك! قال: هي دابّة تأكل الطّعام وتمشي في الأسواق وتنكح النّساء، فقلت: يا أمير المؤمنين من هو؟ قال: ربّ الأرض الّذي يسكن الأرض قلت: يا أمير المؤمنين من هو؟ قال: الّذي قال: الله: «وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ »(٢) والّذي «عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ »(٣) والّذي «صَدقّ بِهِ »(٤) قلت: يا أمير المؤمنين فسمّه لي، قال: قد سمّيته لك يا أبا الطّفيل « الخبر ». وأقول: الأخبار في ذلك كثيرة أوردتها في كتاب البحار.

وقيل: « أنا صاحب العصا والميسمّ » أيّ الرّاعي لكلّ الأمّة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومميّز من يطيعه ويكون من قطيعة، بالميسم الّذي يعرفون به عن المتخلّف عنه و

__________________

(١) أي أعرض عنه ولا تسئل، من لهى عنه: ترك ذكره وأعرض عنه.

(٢) سورة هود: ١٧.

(٣) سورة الرعد: ٤٣.

(٤) سورة الزمر: ٣٣.

٣٧٨

بمثل ما أقرُّوا به لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ولقد حملت على مثل حمولته وهي حمولة الربّ وإنَّ

________________________________________________________

الخارج عنهم، ولا يخفى ما فيه.

« ولقد أقرّت لي » أيّ أذعنت لي بالولاية والفضل كما أذعنت لهصلى‌الله‌عليه‌وآله « ولقد حملت على مثل حمولته » على بناء المجهول، والحمولة بالفتح ما يحمل عليه من الدّوابّ أي حملني الله على ما حمل عليه نبيه من التبليغ والهداية والخلافة، أو يكون خبراً عن المستقبل، أتى بالماضي لتحقّق وقوعه، أيّ يحملني الله في القيامة على مثل مراكبه من نوق الجنّة وخيولها، فتناسب الفقرة التالية لها، وشهد كثير من الأخبار بها أو في الرّجعة، كما رواه الراوندي في الخرائج بإسناده عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال: الحسين بن عليّعليهما‌السلام لأصحابه قبل أنّ يقتل: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: لي: يا بنيّ إنّك لتساق إلى العراق وهي أرض قد التقى فيها النبيون وأوصياء النبيين، وعلى أرض تدعي غموراً و أنّك لتشهد بها ويستشهد معك جماعة من أصحابك، لا - يجدون ألم مسّ الحديد، وتلا «يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلإمّا »(١) يكون الحرب عليك وعليهم برداً وسلاماً، فأبشروا فو الله لئن قتلونا فإنّا نردّ إلى نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ أمكث ما شاء الله فأكون أول من تنشق الأرض عنه فأخرج خرجة توافق ذلك خرجة أمير المؤمنين وقيام قائمنا وحياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ لينزلن عليّ وفد من السماء من عندّ الله لم ينزلوا إلى الأرض قط، ولينزلن عليّ جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وجنود من الملائكة، ولينزلن محمّد وعليّ وأنا وأخي وجميع من من الله عليه في حمولات من حمولات الرب، خيل بلق من نور لم يركبها مخلوق، ثمّ ليبرزن محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله لواءه وليدفعنّه إلى قائمناعليه‌السلام مع سيفه، ثمّ أنا أمكث بعد ذلك ما شاء الله « الخبر ».

ويمكن أن يقرأ على بناء المعلوم، أيّ حملت أحمالي على مثل ما حملصلى‌الله‌عليه‌وآله أحماله عليه في ولاية الأمرّ الجاري على وفق أحكام الله وحكمه، أو حملت اتباعي وشيعتي على ما حملصلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه عليه من أحكام القرآن، ويمكن أن يقرأ على

__________________

(١) سورة الأنبياء: ٦٩.

٣٧٩

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يدعى فيكسى وأدعى فأكسى ويستنطق وأستنطق فأنطق على حدّ منطقه ولقد أعطيت خصإلّا ما سبقني إليها أحد قبلي علمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب فلم يفتني ما سبقني ولم يعزب عنّي ما غاب عنّي أبشّر بإذن الله و

________________________________________________________

بناء المجهول الغائب وعليّ بالتشديد، والقائم مقام الفاعل مثل حمولته، والتأنيث باعتبار المضاف إليه، فالحمولة بمعنى الحمل لا المحمول عليه، أيّ حمل الله عليّ من أعباء الإمأمّة وأسرار الخلافة مثل ما حمل عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: الفيروزآبادي: الحمولة ما احتمل عليه القوم من بعير وحمار ونحوه كانت عليه أثقال: أو لم تكن، والأحمال بعينها، والحمول بالضمّ: الهوادج أو الإبل عليها الهودج والواحد حمل بالكسر ويفتح « انتهى ».

وقوله: وهي حمولة الربّ، على كلّ من المعاني ظاهر.

« يدعى » بصيغة المجهول أيّ في القيامة « وادعى وأكسى » أيّ مثل دعائه وكسائه « ويستنطق » بصيغة المجهول أيّ للشهادة أو للشفاعة أو للاحتجاج على الأمّة أو الأعم « على حدّ منطقه » أيّ على نهجه وطريقته في الصواب والنفاذ، والمنطق بكسر الطاء مصدر ميمي « خصإلّا » أيّ فضائل « ما سبقني إليها أحدّ » أيّ من الأوصياء أو من الرسل أيضاً، فالمراد بقوله « قبلي » قبل ما أدركته من الأعصار « علمت المنايا » أيّ آجال الناس « والبلايا » أيّ ما يمتحن الله به العباد من الشرور والآفات أو الأعم منها ومن الخيرات « والأنساب » أيّ أعلم والد كلّ شخص فأميز بين أولاد الحلال والحرام « وفصل الخطاب » أيّ الخطاب الفاصل بين الحقّ والباطل أو الخطاب المفصول الواضح الدلالة على المقصود، أو ما كان من خصائصه صلوات الله عليه من الحكم المخصوص في كلّ واقعة، والجوابات المسكتة للخصوم في كلّ مسألة، وقيل: هو القرآن، وفيه بيان الحوادث من ابتداء الخلق إلى يوم القيامة.

« فلم يفتني ما سبقني » أيّ علم ما سبق من الحوادث أو العلوم النازلة على الأنبياء أو الأعم « ولم يعزب » كينصر ويضرب أيّ لم يغب عنّي علم ما غاب عن مجلسي

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462