مرآة العقول الجزء ٢

مرآة العقول12%

مرآة العقول مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 462

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 462 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 66701 / تحميل: 5298
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

أرد ذلك فسقط في البئر فمات فعلى من دية هذا فقال ديته على القوم الذين استنجدوا الرجل فأنجدهم وأنقذ أموالهم ونساءهم وذراريهم أما إنه لو كان آجر نفسه بأجرة لكانت الدية عليه وعلى عاقلته دونهم وذلك أن سليمان بن داودعليه‌السلام أتته امرأة عجوز تستعديه على الريح فقالت يا نبي الله إني كنت قائمة على سطح لي وإن الريح طرحتني من السطح فكسرت يدي فأعدني على الريح فدعا سليمان بن داودعليه‌السلام الريح فقال لها ما دعاك إلى ما صنعت بهذه المرأة فقالت صدقت يا نبي الله إن رب العزة جل وعز بعثني إلى سفينة بني فلان لأنقذها من الغرق وقد كانت أشرفت على الغرق فخرجت في سنني وعجلتي إلى ما أمرني الله عز وجل به فمررت بهذه المرأة وهي على سطحها فعثرت بها ولم أردها فسقطت فانكسرت يدها قال فقال سليمان يا رب بما أحكم على الريح فأوحى الله عز وجل إليه يا سليمان احكم بأرش كسر يد هذه المرأة على أرباب السفينة التي أنقذتها الريح من الغرق فإنه لا يظلم لدي أحد من العالمين.

٢ ـ عنه ، عن محمد بن أسلم ، عن هارون بن الجهم ، عن محمد بن مسلم قال قال أبو

قوله عليه‌السلام : « ديته على القوم الذين استنجدوا » لم أر من الفقهاء من تعرض لمضمون الخبر نفيا وإثباتا.

وفي القاموس : استنجدني فأنجدته : أي استعان بي فأعنته.

قوله عليه‌السلام : « فقالت صدقت » يمكن أن يكون المراد بالريح الملك الموكل بها مجازا ، ويحتمل أن يكون مخاطبة الريح استعارة تمثيلية لبيان استعلام سليمانعليه‌السلام سبب ما أرسل له الريح ، ولا يبعد أن يكون الله تعالى أعطى الريح في ذلك الوقت الحياة لظهور هذا الأمر على نبيه ، وليكون معجزة له إن لم نقل بنوع شعور للجمادات مطلقا كما قيل. والله يعلم.

وقال في القاموس :سنن الطريق مثلثة وبضمتين نهجه وجهته ، وجاءت الريح سناسن على طريقة واحدة.

الحديث الثاني : ضعيف.

٢٠١

جعفرعليه‌السلام أيما ظئر قوم قتلت صبيا لهم وهي نائمة فانقلبت عليه فقتلته فإن عليها الدية من مالها خاصة إن كانت إنما ظاءرت طلب العز والفخر وإن كانت إنما ظاءرت من الفقر فإن الدية على عاقلتها.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي العباس قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما للرجل يعاقب به مملوكه فقال على قدر ذنبه قال فقلت فقد عاقبت حريزا بأعظم من جرمه فقال ويلك هو مملوك لي وإن حريزا شهر السيف وليس مني من شهر السيف.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم بن أبي

وقال في الشرائع : لو انقلبت الظئر فقتلته لزمها الدية في مالها إن طلبت بالمظائرة الفخر ، ولو كان للضرورة فديته على عاقلتها.

وقال في المسالك : في سند الرواية ضعف وجهالة يمنع من العمل بمضمونها مع مخالفتها للأصل من أن فعل النائم خطاء محض ، لعدم القصد فيه إلى الفعل أصلا ، وطلب الفخر لا يخرج الفعل عن وصفه بالخطاء وغيره ، فكأن القول بوجوب ديته على العاقلة مطلقا أقوى وهو خيرة أكثر المتأخرين.

الحديث الثالث : حسن.

وكان شهر السيف في قتال الخوارج بسجستان ، وروى الكشي عن حمدويه ، ومحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج « قال : استأذن فضل البقباق لحريز على أبي عبد اللهعليه‌السلام فلم يأذن له فعادوه فلم يأذن له ، فقال له : أي شيء للرجل أن يبلغ من عقوبته غلامه؟ قال : على قدر جريرته ، فقال : قد عاقبت حريزا بأعظم مما صنع ، فقال : ويحك أنا فعلت ذلك إن حريزا جرد السيف ، قال :

ثم قال : لو كان حذيفة ما عاودني فيه بعد أن قلت له : لا. انتهى.

أقول : ولعلهعليه‌السلام إنما حجبه للتقية من خلفاء الجور ، ولعدم اجترائه بعد ذلك على مثله ، ويدل على قلة معرفة أبي العباس بالآداب.

الحديث الرابع : مرفوع.

٢٠٢

البلاد ، عن بعض أصحابه رفعه قال كانت في زمن أمير المؤمنينعليه‌السلام امرأة صدق يقال لها أم قيان فأتاها رجل من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام فسلم عليها قال فرآها مهتمة فقال لها ما لي أراك مهتمة فقالت مولاة لي دفنتها فنبذتها الأرض مرتين فدخلت على أمير المؤمنينعليه‌السلام فأخبرته فقال إن الأرض لتقبل اليهودي والنصراني فما لها إلا أن تكون تعذب بعذاب الله ثم قال أما إنه لو أخذت تربة من قبر رجل مسلم فألقي على قبرها لقرت قال فأتيت أم قيان فأخبرتها فأخذوا تربة من قبر رجل مسلم فألقي على قبرها فقرت فسألت عنها ما كانت حالها فقالوا كانت شديدة الحب للرجال لا تزال قد ولدت فألقت ولدها في التنور.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام فإن جاء أولياء المقتول ببينة وإلا خلى سبيله.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال إذا مات ولي المقتول قام ولده من بعده مقامه بالدم.

٧ ـ علي بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن محمد بن سليمان ، عن سيف بن عميرة ، عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي الحسنعليه‌السلام إن الله عز وجل يقول في كتابه : «وَمَنْ

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

وقال في الشرائع : إذا اتهم والتمس الولي حبسه حتى يحضر بينة ففي إجابته تردد ، ومستند الجواز رواية السكوني ، وفيه ضعف.

وقال في المسالك : القول بحبس المتهم بالدم ستة أيام للشيخ وأتباعه استنادا إلى الرواية المذكورة ، وإطلاق الدم يشمل الجرح والقتل ، وتقييد المصنف بالتماس الولي خلاف إطلاق الرواية وفتوى الشيخ ، وفي المختلف اختار الحبس مع وجود التهمة في نظر الحاكم ، والأصح عدم الحبس قبل الثبوت مطلقا.

الحديث السادس : مرسل كالحسن.

الحديث السابع : ضعيف.

٢٠٣

قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً » فما هذا الإسراف الذي نهى الله عز وجل عنه قال نهى أن يقتل غير قاتله أو يمثل بالقاتل قلت فما معنى قوله : «إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً » قال وأي نصرة أعظم من أن يدفع القاتل إلى أولياء المقتول فيقتله ولا تبعة تلزمه من قتله في دين ولا دنيا.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال دخل أمير المؤمنينعليه‌السلام المسجد فاستقبله شاب يبكي وحوله قوم يسكتونه فقال عليعليه‌السلام ما أبكاك فقال يا أمير المؤمنين إن شريحا قضى علي بقضية ما أدري ما هي إن هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في السفر فرجعوا ولم يرجع أبي

قوله عليه‌السلام : « فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ » قال المحقق الأردبيلي (ره) : أي ولي الدم لا يتجاوز حد ما شرع له في الشرع ، فإنه لو تجاوز فقد جعل من تعدى عليه منصورا بشرع التعويض له ، مثل أن مثل الولي بقاتل أبيه ثم أراد قتله فجعل الله القاتل منصورا بشرع القصاص في المثلة ثم القصاص ، ونحو ذلك ، وبالجملة لا يجوز له أن يتعدى الشرع بأن يقتل اثنين بواحد ، وحرا بعبد ، ومسلما بكافر ، ولا يتجاوز في طريق القتل عما حد له ، ويحتمل كون الضمير للولي ، يعني حسبه أن الله تعالى قد نصره بأن أوجب له القصاص والتعويض ، فلا يستزد على ذلك ، ويحتمل للمظلوم بأن الله تعالى ناصره حيث أوجب القصاص بقتله وينصره في الآخرة بالثواب.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « هكذا تحكم » قال الوالد العلامة (ره) : أي كان يجب عليك أن تسألني في أمثال تلك الوقائع حتى أحكم بالواقع كما اشترطت عليك في القضاء ، أو لما كان موضع التهمة كان يجب عليك السؤال والتفتيش ، أو لما ادعوا موته وأنه ما خلف مالا كان يمكنك طلب الشهود والتفريق حتى يتبين الحق ، أو لما خرج معهم كان يجب عليهم أن يردوه أو يثبتوا موته ، وأنه لم يخلف شيئا كما تدل عليه أخبار كثيرة.

٢٠٤

فسألتهم عنه فقالوا مات فسألتهم عن ماله فقالوا ما ترك مالا فقدمتهم إلى شريح فاستحلفهم وقد علمت يا أمير المؤمنين أن أبي خرج ومعه مال كثير فقال لهم أمير المؤمنينعليه‌السلام ارجعوا فرجعوا والفتى معهم إلى شريح فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام يا شريح كيف قضيت بين هؤلاء فقال يا أمير المؤمنين ادعى هذا الفتى على هؤلاء النفر أنهم خرجوا في سفر وأبوه معهم فرجعوا ولم يرجع أبوه فسألتهم عنه فقالوا مات فسألتهم عن ماله فقالوا ما خلف مالا فقلت للفتى هل لك بينة على ما تدعي فقال لا فاستحلفتهم فحلفوا فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام هيهات يا شريح هكذا تحكم في مثل هذا فقال يا أمير المؤمنين فكيف فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام والله لأحكمن فيهم بحكم ما حكم به خلق قبلي إلا داود النبيعليه‌السلام يا قنبر ادع لي شرطة الخميس فدعاهم فوكل بكل رجل منهم رجلا من الشرطة ثم نظر إلى وجوههم فقال ما ذا تقولون أتقولون إني لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتى إني إذا لجاهل ثم قال فرقوهم وغطوا رءوسهم قال ففرق بينهم وأقيم كل رجل منهم إلى أسطوانة من أساطين المسجد ورءوسهم مغطاة بثيابهم ثم دعا بعبيد الله بن أبي رافع كاتبه فقال هات صحيفة ودواة وجلس أمير المؤمنين صلوات الله عليه في مجلس القضاء وجلس الناس إليه فقال لهم إذا أنا كبرت فكبروا ثم قال للناس اخرجوا ثم دعا بواحد منهم فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ثم قال لعبيد الله بن أبي رافع اكتب إقراره وما يقول ثم أقبل عليه بالسؤال فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام في أي يوم خرجتم من منازلكم وأبو هذا الفتى معكم فقال الرجل في يوم كذا وكذا قال وفي أي شهر قال في شهر كذا وكذا قال في أي سنة قال في سنة كذا وكذا قال وإلى أين بلغتم في سفركم حتى مات أبو هذا الفتى قال إلى موضع كذا وكذا قال وفي منزل من مات قال في منزل فلان بن فلان قال وما كان مرضه قال كذا وكذا قال وكم يوما مرض قال كذا و

وقال في القاموس :الشرطة بالضم واحدة الشرط ، وهم أول كتيبة تشهد الحرب وتتهيأ للموت وواحد(١) من أعوان الولاة ، وقال : «الخميس : الجيش لأنه خمس فرق المقدمة ، والقلب والميمنة ، والميسرة ، والساقة ، وقال في الصحاح :الإجالة : الإدارة يقال في الميسر : أجل السهام.

__________________

(١) في المصدر : « طائفة ».

٢٠٥

كذا قال ففي أي يوم مات ومن غسله ومن كفنه وبما كفنتموه ومن صلى عليه ومن نزل قبره فلما سأله عن جميع ما يريد كبر أمير المؤمنينعليه‌السلام وكبر الناس جميعا فارتاب أولئك الباقون ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقر عليهم وعلى نفسه فأمر أن يغطى رأسه وينطلق به إلى السجن ثم دعا بآخر فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ثم قال كلا زعمتم أني لا أعلم ما صنعتم فقال يا أمير المؤمنين ما أنا إلا واحد من القوم ولقد كنت كارها لقتله فأقر ثم دعا بواحد بعد واحد كلهم يقر بالقتل وأخذ المال ثم رد الذي كان أمر به إلى السجن فأقر أيضا فألزمهم المال والدم فقال شريح يا أمير المؤمنين وكيف حكم داود النبيعليه‌السلام فقال إن داود النبيعليه‌السلام مر بغلمة يلعبون وينادون بعضهم بيا مات الدين فيجيب منهم غلام فدعاهم داودعليه‌السلام فقال يا غلام ما اسمك قال مات الدين فقال له داودعليه‌السلام من سماك بهذا الاسم فقال أمي فانطلق داودعليه‌السلام إلى أمه فقال لها يا أيتها المرأة ما اسم ابنك هذا قالت مات الدين فقال لها ومن سماه بهذا قالت أبوه قال وكيف كان ذاك قالت إن أباه خرج في سفر له ومعه قوم وهذا الصبي حمل في بطني فانصرف القوم ولم ينصرف زوجي فسألتهم عنه فقالوا مات فقلت لهم فأين ما ترك قالوا لم يخلف شيئا فقلت هل أوصاكم بوصية قالوا نعم زعم أنك حبلى فما ولدت من ولد جارية أو غلام فسميه مات الدين فسميته قال داودعليه‌السلام وتعرفين القوم الذين كانوا خرجوا مع زوجك قالت نعم قال فأحياء هم أم أموات قالت بل أحياء قال فانطلقي بنا إليهم ثم مضى معها فاستخرجهم من منازلهم فحكم بينهم بهذا الحكم بعينه وأثبت عليهم المال والدم وقال للمرأة سمي ابنك هذا عاش الدين ثم إن الفتى والقوم اختلفوا في مال الفتى كم كان فأخذ أمير المؤمنينعليه‌السلام خاتمه وجميع خواتيم من عنده ـ ثم قال أجيلوا هذا السهام فأيكم أخرج خاتمي فهو صادق في دعواه لأنه سهم الله وسهم

قوله عليه‌السلام : « لأنه سهم الله » أي القرعة أو خاتمهعليه‌السلام ، ولعله حكم في واقعة لا يتعداه ، وعلى المشهور بين الأصحاب ليس هذا موضع القرعة ، بل عندهم أن القول قول المنكر مع اليمين.

٢٠٦

الله لا يخيب.

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن إسحاق بن إبراهيم الكندي قال حدثنا خالد النوفلي ، عن الأصبغ بن نباتة قال لقد قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام فاستقبله شاب يبكي وحوله قوم يسكتونه فلما رأى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال يا أمير المؤمنين إن شريحا قضى علي قضية ما أدري ما هي فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام ما هي فقال الشاب إن هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في سفر فرجعوا ولم يرجع فسألتهم عنه فقالوا مات فسألتهم عن ماله فقالوا ما ترك مالا فقدمتهم إلى شريح فاستحلفهم وقد علمت أن أبي خرج ومعه مال كثير فقال لهم ارجعوا فرجعوا وعليعليه‌السلام يقول :

أوردها سعد وسعد يشتمل

ما هكذا تورد يا سعد الإبل

الحديث التاسع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « أوردها سعد » هذا مثل ضربه صلوات الله عليه لبيان أن شريحا لا يتأتى منه القضاء ولا يحسنه ، والاشتمال بالثوب إدارته على الجسد كله ، وإيراد الإبل إحضارها الماء لتشرب.

قال الميداني في مجمع الأمثال في شرح هذا البيت : هذا سعد بن زيد بن مناة أخو مالك بن زيد ، ومالك هذا هو سبط تميم بن مرة وكان يحمق إلا أنه كان إبل أهل زمانه ، ثم إنه تزوج وبنى بامرأته فأورد الإبل أخوه سعد ولم يحسن القيام عليها والرفق بها ، فقال مالك :

« أوردها سعد وسعد مشتمل

ما هكذا تورد يا سعد الإبل »

ويروى يا سعد لا تروى بهذاك(١) الإبل ، فقال سعد مجيبا له :

« تظل يوم وردها مزعفرا

وهي خناطيل تجوس الخضراء »

قالوا : يضرب لمن أدرك المراد بلا تعب ، والصواب أن يقال : يضرب لمن قصر في طلب الأمر انتهى كلامه.

يقال :فلان إبل الناس أي أعلمهم برعي الإبل ، والمزعفر المصبوغ بالزعفران

__________________

(١) في المصدر « بهذاك ».

٢٠٧

ما يغني قضاؤك يا شريح ثم قال والله لأحكمن فيهم بحكم ما حكم أحد قبلي إلا داود النبيعليه‌السلام يا قنبر ادع لي شرطة الخميس قال فدعا شرطة الخميس فوكل بكل رجل منهم رجلا من الشرطة ثم دعا بهم فنظر إلى وجوههم ثم ذكر مثل حديث الأول إلى قوله سمي ابنك هذا عاش الدين فقلت جعلت فداك كيف تأخذهم بالمال إن ادعى الغلام أن أباه خلف مائة ألف أو أقل أو أكثر وقال القوم لا بل عشرة آلاف أو أقل أو أكثر فلهؤلاء قول ولهذا قول قال فإني آخذ خاتمه وخواتيمهم وألقيها في مكان واحد ثم أقول أجيلوا هذه السهام فأيكم خرج سهمه فهو الصادق في دعواه لأنه سهم

والأسد والخناطيل قطعان البقر ، والجوس الطلب أي تصير تلك يوم ورودها على الماء كالأسد ، أو كجماعة البقر تطلب الخضر في المراعى لقوتها ، وقيل : إن سعدا أورد الإبل الماء للسقي من دون احتياط منه في إيرادها الماء ، حتى تزاحمت ونزع منها ما غلق عليها الذي يقال له الشمال ، فقوله « سعد مشتمل » إشارة إلى هذا.

وقال الفيروزآبادي : الشمال ككتاب شيء كمخلاة يغطي بها ضرع الشاة إذا ثقلت ، وشملها يشملها علق عليها الشمال وشده انتهى.

وفي روايات العامة أنهعليه‌السلام قال بعد هذا البيت : « إن أهون السقي التشريع » قال في النهاية : أشرع ناقته أدخلها في شريعة الماء ، ومنه حديث عليعليه‌السلام : « إن أهون السقي التشريع » هو إيراد أصحاب الإبل إبلهم شريعة لا يحتاج معها إلى الاستقاء من البئر ، وقيل : معناه إن سقي الإبل هو أن تورد شريعة الماء أولا ثم يستقى لها ، يقول : فإذا اقتصر على أن يوصلها إلى الشريعة ويتركها فلا يستقي لها فإن هذا أهون السقي وأسهله ، مقدور عليه لكل أحد ، وإنما السقي التام أن ترويها انتهى.

وقال الميداني أيضا : أهون هنا من الهون ، والهوينا بمعنى السهولة ، والتشريع : أن تورد الإبل ماء لا تحتاج إلى متحه(١) ، بل تشرع فيه الإبل شروعا. يضرب لمن يأخذ الأمر بالهوينا ولا يستقصي ، يقال : فقد رجل فاتهم أهله أصحابه فرفع إلى شريح

__________________

(١) متح الماء نزعه.

٢٠٨

الله وسهم الله لا يخيب.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال خرج رجل من المدينة يريد العراق فأتبعه أسودان أحدهما غلام لأبي عبد اللهعليه‌السلام فلما أتى الأعوص نام الرجل فأخذا صخرة فشدخا بها رأسه فأخذا فأتي بهما محمد بن خالد وجاء أولياء المقتول فسألوه أن يقيدهم فكره أن يفعل فسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن ذلك فلم يجبه قال عبد الرحمن فظننت أنه كره أن يجيبه لأنه لا يرى أن يقتل اثنان بواحد فشكا أولياء المقتول محمد بن خالد وصنيعه إلى أهل المدينة فقال لهم أهل المدينة إن أردتم أن يقيدكم منه فاتبعوا جعفر بن محمدعليه‌السلام فاشكوا إليه ظلامتكم ففعلوا فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام أقدهم فلما أن دعاهم ليقيدهم اسود وجه غلام أبي عبد اللهعليه‌السلام حتى صار كأنه المداد فذكر ذلك لأبي عبد اللهعليه‌السلام فقالوا أصلحك الله إنه لما قدم ليقتل اسود وجهه حتى صار كأنه المداد فقال إنه كان يكفر بالله جهرة فقتلا جميعا.

١١ ـ أحمد بن محمد العاصمي ، عن علي بن الحسن الميثمي ، عن علي بن أسباط ، عن عمه يعقوب بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كانت امرأة بالمدينة تؤتى فبلغ ذلك عمر

فسألهم البينة في قتله ، فارتفعوا إلى عليعليه‌السلام وأخبروه بقول شريح ، فقالعليه‌السلام :

أوردها سعد وسعد مشتمل

يا سعد لا تروى إلى(١) هذا الإبل

ثم قال : « أهون السقي التشريع » ثم فرق بينهم ، وسألهم فاختلفوا ثم أقروا بقتله انتهى.

الحديث العاشر : حسن. وفي القاموس :الأعوص قرب المدينة ، وواد بديار بأهله ، وفي النهاية :الشدخ كسر الشيء الأجوف تقول : شدخت رأسه فانشدخ.

الحديث الحادي عشر : موثق على الظاهر ، إذ الظاهر أنالميثمي هو ابن الفضال التيمي.

قوله عليه‌السلام : « تؤتى » أي يأتيها الرجالقوله « وما هذا » قاله على سبيل التحقير.

قوله عليه‌السلام : « لئن كنتم اجتهدتم » أي استنبطتم من النصوص ما أصبتم في الاستنباط

__________________

(١) في المصدر : على.

٢٠٩

فبعث إليها فروعها وأمر أن يجاء بها إليه ففزعت المرأة فأخذها الطلق فانطلقت إلى بعض الدور فولدت غلاما فاستهل الغلام ثم مات فدخل عليه من روعة المرأة ومن موت الغلام ما شاء الله فقال له بعض جلسائه يا أمير المؤمنين ما عليك من هذا شيء وقال بعضهم وما هذا قال سلوا أبا الحسن فقال لهم أبو الحسنعليه‌السلام لئن كنتم اجتهدتم ما أصبتم ولئن كنتم

وإن قلتم بمحض الرأي والاستحسانات العقلية فقد أخطأتم ، وإنما أمرهعليه‌السلام « بالدية » مع أن خطاء الولاة وما يترتب على أحكامهم على بيت المال ، لأنه لم يكن أهلا للحكم ، وكان غاصبا ، أو لأنه أخطأ في طلبها على وجه روعها ، مع أنه يحتمل أن يكون المراد أن عليك دية الصبي من بيت المال ، وقال العلامة (ره) في المختلف : إذا ذكرت امرأة عند الحاكم بسوء فأرسل إليها فأسقطت ما في بطنها فزعا منه فخرج الجنين ميتا فعلى الحاكم الضمان ، لما روي من قصة المجهضة وأين يكون الضمان قال الشيخ في المبسوط : على ما مضى وعنى به أنه على بيت المال ، لأنه خطاء الحاكم وقال ابن إدريس : الذي يقتضيه مذهبنا أن دية الجنين على عاقلة الإمام والحاكم ، لأن هذا بعينه قتل الخطإ المحض ، وهو أن يكون غير عامد في فعله ولا قصده ، وكذلك هنا ، لأنه لم يقصد الجنين بفعل ولا قصد قتل ، وإنما قصد شيئا آخر ، فالدية على عاقلته والكفارة في ماله والمسألة منصوصة لنا ، فقد وردت في فتياء أمير المؤمنينعليه‌السلام في قصة المجهضة أوردها شيخنا المفيد في الإرشاد في قضايا أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث سأل عن جماعة من الصحابة عن ذلك فأخطأوا وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام جالسا فقال له عمر : ما عندك في هذا فتنصل من الجواب فعزم عليه ، فقال : إنه إن كان القوم قاربوك فقد غشوك ، وإن كانوا قد ارتأوا فقد قصروا ، والدية على عاقلتك ، لأن قتل الصبي خطاء تعلق به ، فقال : أنت والله نصحتني من بينهم ، والله لا تبرح حتى تجري الدية على بني عدي ، ففعل ذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام وإنما نظر شيخنا إلى ما ذكره المخالفون ، والمعتمد ما قاله الشيخ ، لأنه خطاء الحاكم ، وخطاء الحاكم في الأحكام مضمون على بيت المال ، وقصة عمر لا حجة فيها ، لأنه لم يرسل لها بعد ثبوت ما ذكر عنها ، ولأنه لم يكن

٢١٠

قلتم برأيكم لقد أخطأتم ثم قال عليك دية الصبي.

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صالح بن سعيد ، عن يونس ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل أعنف على امرأته أو امرأة أعنفت على زوجها فقتل أحدهما الآخر قال لا شيء عليهما إذا كانا مأمونين فإن اتهما ألزما اليمين بالله أنهما لم يريدا القتل.

١٣ ـ محمد بن يحيى رفعه في غلام دخل دار قوم فوقع في البئر فقال إن كانوا متهمين ضمنوا.

١٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن بريد العجلي قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن مؤمن قتل رجلا ناصبا معروفا بالنصب على دينه غضبا لله تبارك وتعالى أيقتل به فقال أما هؤلاء فيقتلونه به ولو رفع إلى إمام عادل ظاهر لم يقتله به قلت فيبطل دمه قال لا ولكن إن كان له ورثة فعلى الإمام أن يعطيهم الدية من بيت المال لأن قاتله إنما قتله غضبا لله عز وجل وللإمام ولدين المسلمين.

حاكما عند عليعليه‌السلام انتهى كلامه ولنعم ما أفادرحمه‌الله .

الحديث الثاني عشر : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « ألزما اليمين » لعله على المشهور محمول على القسامة.

الحديث الثالث عشر : مرفوع.

الحديث الرابع عشر : صحيح.

قوله : « رجلا ناصبا » إن كان المراد بالناصب ، المبغض المعاند لأهل البيتعليهم‌السلام كما هو الأظهر فهو كافر ، ودمه هدر ، فلعل المراد بالدية أنه إذا كان له أولياء وورثة من المؤمنين يعطيهم الإمام الدية من بيت المال استحبابا ، ولا يمكن حمله على التقية كما لا يخفى ، وإن كان المراد المخالف المتعصب في مذهبه إذ قد يطلق الناصب على هذا أيضا في الأخبار فظاهر إطلاق كلام الأصحاب لزوم القود في العمد ، وظاهر كثير من الأخبار عدمه ، ويمكن القول بلزوم الدية من بيت المال وعدم القود ،

٢١١

١٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن علي بن الحسن بن رباط ، عن ابن مسكان ، عن أبي مخلد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كنت عند داود بن علي فأتي برجل قد قتل رجلا فقال له داود بن علي ما تقول قتلت هذا الرجل قال نعم أنا قتلته قال فقال له داود ولم قتلته قال فقال إنه كان يدخل على منزلي بغير إذني فاستعديت عليه الولاة الذين كانوا قبلك فأمروني إن هو دخل بغير إذن أن أقتله فقتلته قال فالتفت داود إلي فقال يا أبا عبد الله ما تقول في هذا قال فقلت له أرى أنه قد أقر بقتل رجل مسلم فاقتله قال فأمر به فقتل ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن أناسا من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان فيهم سعد بن عبادة فقالوا يا سعد ما تقول لو ذهبت إلى منزلك فوجدت فيه رجلا على بطن امرأتك ما كنت صانعا به قال فقال سعد كنت والله أضرب رقبته بالسيف قال فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهم في هذا الكلام فقال يا سعد من هذا الذي قلت أضرب عنقه بالسيف قال فأخبره بالذي قالوا وما قال سعد قال فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند ذلك يا سعد فأين الشهود الأربعة الذين قال الله عز وجل فقال سعد يا رسول الله بعد رأي عيني وعلم الله فيه أنه قد فعل فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إي والله يا سعد بعد رأي عينك وعلم الله عز وجل إن الله عز وجل قد جعل لكل

والمسألة في غاية الإشكال ، ولم أر في كلامهم تحقيق هذا المبحث والله يعلم.

الحديث الخامس عشر : مجهول.

وقال في المختلف : قال الشيخ في النهاية : من قتل رجلا ثم ادعى أنه وجده مع امرأته وفي داره قتل به أو يقيم البينة على ما قال ، وقال ابن إدريس : الأولى أن يقيد ذلك بأن الموجود كان يزني بالمرأة وكان محصنا فحينئذ لا يجب على قاتله القود ولا الدية ، لأنه مباح الدم ، فأما إن قام البينة أنه وجده مع المرأة لا زانيا بها أو زانيا بها ولا يكون محصنا ، فإنه يجب على من قتله القود ، ولا ينفعه بينته ، وهذا النزاع لفظي ، ومقصود الشيخ سقوط القود في القتل المستحق ، أو يقال : جاز أن يكون وجدانه مع امرأته وفي داره شبهة مسوغة لقتله ، فلهذا سقط القود ، ولا يلزم

٢١٢

شيء حدا وجعل على من تعدى حدود الله حدا وجعل ما دون الشهود الأربعة مستورا على المسلمين.

١٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي الصباح الكناني قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن لنا جارا من همدان يقال له الجعد بن عبد الله وهو يجلس إلينا فنذكر عليا أمير المؤمنينعليه‌السلام وفضله فيقع فيه أفتأذن لي فيه فقال لي يا أبا الصباح أفكنت فاعلا فقلت إي والله لئن أذنت لي فيه لأرصدنه فإذا صار فيها اقتحمت عليه بسيفي فخبطته حتى أقتله قال فقال يا أبا الصباح هذا الفتك وقد نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الفتك يا أبا الصباح إن الإسلام قيد الفتك ولكن دعه فستكفى بغيرك قال أبو الصباح فلما رجعت من المدينة إلى الكوفة لم ألبث بها إلا ثمانية عشر يوما فخرجت إلى المسجد فصليت الفجر ثم عقبت فإذا رجل يحركني برجله فقال يا أبا الصباح البشرى فقلت بشرك الله بخير فما ذاك فقال إن الجعد بن عبد الله بات البارحة في داره التي في الجبانة فأيقظوه للصلاة فإذا هو مثل الزق المنفوخ ميتا فذهبوا يحملونه فإذا لحمه يسقط عن عظمه فجمعوه في نطع فإذا تحته أسود فدفنوه.

محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب مثله.

منه سقوط الضمان ،قوله عليه‌السلام « مستورا » أي لا يجوز إفشاؤه.

الحديث السادس عشر : مرسل بسنديه.

قوله : « فإذا صار فيها » أي في البقعة التي رصدته فيها ، وقال في القاموس :قحم في الأمر كنصر قحوما : رمى بنفسه فيه فجأة بلا روية ، وقحمه تقحيما وأقحمته فانقحم واقتحم ، وقال :خبطه يخبطه ضربه شديدا والقوم بسيفه جلدهم ، وقال في النهاية في باب القاف : فيه « قيد الإيمان الفتك » أي إن الإيمان يمنع عن القتل ، كما يمنع القيد عن التصرف ، فكأنه جعل القتل مقيدا وقال في باب الفاء : فيه « الإيمان قيد الفتك »الفتك أن يأتي الرجل صاحبه وهو غار غافل ، فيشد عليه فيقتله انتهى وفي القاموس :الأسود : الحية العظيمة.

٢١٣

١٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه رفعه ، عن بعض أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام أظنه أبا عاصم السجستاني قال زاملت عبد الله بن النجاشي وكان يرى رأي الزيدية فلما كنا بالمدينة ذهب إلى عبد الله بن الحسن وذهبت إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام فلما انصرف رأيته مغتما فلما أصبح قال لي استأذن لي على أبي عبد اللهعليه‌السلام فدخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام وقلت إن عبد الله بن النجاشي يرى رأي الزيدية وإنه ذهب إلى عبد الله بن الحسن وقد سألني أن أستأذن له عليك فقال ائذن له فدخل عليه فسلم فقال يا ابن رسول الله إني رجل أتولاكم وأقول إن الحق فيكم وقد قتلت سبعة ممن سمعته يشتم أمير المؤمنينعليه‌السلام فسألت عن ذلك عبد الله بن الحسن فقال لي أنت مأخوذ بدمائهم في الدنيا والآخرة فقلت فعلام نعادي الناس إذا كنت مأخوذا بدماء من سمعته يشتم علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام فكيف قتلتهم قال منهم من جمع بيني وبينه الطريق فقتلته ومنهم من دخلت عليه بيته فقتلته وقد خفي ذلك علي كله قال فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام يا أبا خداش عليك بكل رجل منهم قتلته كبش تذبحه بمنى لأنك قتلتهم بغير إذن الإمام ولو أنك قتلتهم بإذن الإمام لم يكن عليك شيء في الدنيا والآخرة.

١٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن مروك بن عبيد ، عن بعض أصحابنا ، عن منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام كنت أخرج في الحداثة إلى المخارجة مع شباب أهل الحي وإني بليت أن ضربت رجلا

الحديث السابع عشر : مرفوع.

قوله عليه‌السلام : « كبش تذبحه » لم أر قائلا من الأصحاب بوجوب هذه الكفارة ، بل ولا بوجوب استيذان الإمام في ذلك ، ولعلهما على الاستحباب ، وقال في الشرائع : من سب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاز لسامعه قتله ما لم يخف الضرر على نفسه أو ماله أو غيره من أهل الإيمان ، وكذا من سب أحد الأئمة وقال في المسالك : هذا الحكم موضع وفاق وبه نصوص.

الحديث الثامن عشر : ضعيف على المشهور ، والسند الآخر مرسل.

وقال في القاموس :المخارجة : أن يخرج هذا من أصابعه ما شاء ، والآخر

٢١٤

ضربة بعصا فقتلته فقال أكنت تعرف هذا الأمر إذ ذاك قال قلت لا فقال لي ما كنت عليه من جهلك بهذا الأمر أشد عليك مما دخلت فيه.

محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن مروك بن عبيد مثله.

١٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من اقتص منه فهو قتيل القرآن.

٢٠ ـ وبهذا الإسناد قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله البئر جبار والعجماء جبار والمعدن

مثل ذلك ، ويدل الخبر على أن الإيمان يجب ما قبله كالإسلام ، ولم أظفر بذلك في كلام الأصحاب.

الحديث التاسع عشر : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « فهو قتيل القرآن » لعل المراد أن سراية القصاص غير مضمون على أحد ، لأنه وقع بحكم القرآن فكأنه قتيل القرآن وعليه الفتوى ، ويحتمل أن يكون المعنى أن من قتل قصاصا فكأن القرآن قتله ، فعلى القرآن وصاحبه تداركه ، أو الغرض رفع الحرج عمن فعل ذلك ، بأنه لم يفعل حقيقة بل القرآن فعله.

الحديث العشرون : ضعيف على المشهور.

وقال في النهاية فيه : « جرح العجماء جبار »الجبار : الهدر ، والعجماء الدابة ومنه الحديث « السائمة جبار » أي الدابة المرسلة في رعيها ، وقال : وفيه « البئر جبار » قيل : هي العادية القديمة لا يعلم لها حافر ولا مالك ، فيقع فيها الإنسان أو غيره فهو جبار أي هدر وقيل : هو الأجير الذي ينزل إلى البئر فينقيها ويخرج شيئا وقع فيها فيموت.

وقال الجوهري : الجبار : الهدر ، يقال : ذهب دمه جبارا.

وفي الحديث « المعدن جبار » أي إذا انهار على من يعمل فيه فهلك لم يؤخذ به مستأجره انتهى.

أقول : لعل المعنى أن الدابة في الرعي إذا جنى فلا شيء على مالكها ، وكذا الدابة التي انفلتت من غير تفريط من مالكها كما مر ، والمرادبالبئر إما البئر الذي

٢١٥

جبار.

٢١ ـ وبهذا الإسناد قال رفع إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه رجل داس بطن رجل حتى أحدث في ثيابه فقضىعليه‌السلام عليه أن يداس بطنه حتى يحدث في ثيابه كما أحدث أو يغرم ثلث الدية.

هذا آخر كتاب الديات ويتلوه إن شاء الله تعالى كتاب الشهادات.

حفرها في ملك مباح ، فوقع فيها إنسان أو من استأجر أحدا ليعمل في بئر فانهارت عليه وكذا المعدن.

قال العلامة (ره) في التحرير : إذا. جنت الماشية على الزرع ليلا ضمن صاحبها ، وإن جنت نهارا لم يضمن ، وعليه دلت رواية السكوني وهو ضعيف ، والوجه اشتراط التفريط في الضمان ، سواء كان ليلا أو نهارا ولو أتلفت البهيمة غير الزرع لم يضمن مالكها ما أتلفته إلا أن يكون يده عليها ، سواء كان ليلا أو نهارا وقال : لو استأجر أجيرا فيحفر في ملكه بئرا أو يبني له بناء فتلف الأجير بذلك لم يضمنه المستأجر ، لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « البئر جبار ، والعجماء جبار ، والمعدن جبار ».

الحديث الحادي والعشرون : ضعيف على المشهور.

وقال في التحرير : من داس بطن إنسان حتى أحدث ديس بطنه حتى يحدث في ثيابه أو يفتدي ذلك بثلث الدية ، لرواية السكوني ، وفيه ضعف انتهى.

وقال في المسالك : ذهب جماعة إلى الحكومة لضعف المستند ، وهو الوجه هذا آخر كتاب الديات ويتلوه إن شاء الله كتاب الشهادات.

٢١٦

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الشهادات

( باب )

( أول صك كتب في الأرض )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن عبد الله بن سنان قال لما قدم أبو عبد اللهعليه‌السلام على أبي العباس وهو بالحيرة خرج يوما يريد عيسى بن موسى فاستقبله بين الحيرة والكوفة ومعه ابن شبرمة القاضي فقال له إلى أين يا أبا عبد الله فقال أردتك فقال قد قصر الله خطوك قال فمضى معه فقال له ابن شبرمة ما تقول يا أبا عبد الله في شيء سألني عنه الأمير فلم يكن عندي فيه شيء فقال وما هو قال سألني عن أول كتاب كتب في الأرض قال نعم إن الله عز وجل عرض على آدمعليه‌السلام ذريته عرض العين في صور الذر نبيا فنبيا وملكا فملكا ومؤمنا

كتاب الشهادات

باب أول صك كتب في الأرض

وفي الصحاح : الصك كتاب وهو فارسي معرب.

الحديث الأول : صحيح.

وقال في الصحاح :الحيرة بالكسر : مدينة بقرب الكوفة.قوله عليه‌السلام : « عرض العين » أي بحيث رآهم بالعين ، وفي الصحاح :الذر جمع ذرة وهي أصغر النمل.

وأقول : في هذا الخبر إشكال من وجهين.

أحدهما : الاختلاف الوارد في هذه القضية في المدة التي وهبها ففي بعضها ستون

٢١٧

فمؤمنا وكافرا فكافرا فلما انتهى إلى داودعليه‌السلام قال من هذا الذي نبأته وكرمته وقصرت عمره قال فأوحى الله عز وجل إليه هذا ابنك داود عمره أربعون سنة وإني قد كتبت الآجال وقسمت الأرزاق وأنا أمحو ما أشاء وأثبت وعندي أم الكتاب فإن جعلت له شيئا من عمرك ألحقت له قال يا رب قد جعلت له من عمري ستين سنة تمام المائة قال فقال الله عز وجل لجبرئيل وميكائيل وملك الموت اكتبوا عليه كتابا فإنه سينسى قال فكتبوا عليه كتابا وختموه بأجنحتهم من طينة عليين قال فلما حضرت آدم الوفاة أتاه ملك الموت فقال آدم يا ملك الموت ما جاء بك قال جئت لأقبض روحك قال قد بقي من عمري ستون سنة فقال إنك جعلتها لابنك داود قال ونزل عليه جبرئيل وأخرج له الكتاب فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام فمن أجل ذلك إذا خرج الصك على المديون ذل المديون فقبض روحه.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن عيسى بن أيوب ، عن علي بن مهزيار عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لما عرض على آدم ولده نظر إلى داود فأعجبه فزاده خمسين سنة من عمره قال ونزل عليه جبرئيل وميكائيل فكتب عليه ملك الموت صكا بالخمسين سنة فلما حضرته الوفاة أنزل عليه ملك الموت فقال آدم قد بقي من عمري خمسون سنة قال فأين الخمسون التي جعلتها لابنك داود قال فإما أن يكون نسيها أو أنكرها فنزل عليه جبرئيل وميكائيلعليه‌السلام فشهدا عليه وقبضه ملك الموت فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام كان

وفي بعضها أربعون ، وفي بعضها خمسون.

وثانيهما : مخالفته لأصول الشيعة من جواز السهو على الأنبياءعليهم‌السلام ، وإن قلنا بعدم النسيان فيلزم الإنكار والجحد مع العلم وهو أشكل ، إلا أن يقال : إنهعليه‌السلام لم ينسه ولم يجحد ، وإنما سأل ورجا أن يكون له ما قرر له أولا من العمر ، مع أن الإسهاء قد جوزه الصدوق (ره) عليهمعليه‌السلام ، ولا يبعد حمله على التقية لاشتهار هذه القصة بين العامة ، رواه الترمذي وغيره من رواتهم.

الحديث الثاني : مجهول.

٢١٨

أول صك كتب في الدنيا.

( باب )

( الرجل يدعى إلى الشهادة )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل «وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا »(١) فقال لا ينبغي لأحد إذا دعي إلى الشهادة يشهد عليها أن يقول لا أشهد لكم.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل «وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا » فقال لا ينبغي لأحد إذا دعي إلى شهادة يشهد عليها أن يقول لا أشهد لكم.

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله وقال فذلك قبل الكتاب.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن

باب الرجل يدعى إلى الشهادة

الحديث الأول : موثق.

قوله عليه‌السلام : « إذا ما دعوا » قيل : المراد إذا دعوا إلى أداء الشهادة ، وقيل : إلى تحملها ففيه مجاز مشارفة ، وعلى الأخير دلت الروايات الكثيرة ، فيدل على وجوب التحمل وحمل الأكثر على الوجوب الكفائي ، وذهب ابن إدريس وجماعة إلى عدم الوجوب ، وظاهر كلام أكثر القائلين بالوجوب ، وجوب الإجابة وإن احتاجت إلى سفر مع تحمل مؤنة السفر ، والله يعلم.

الحديث الثاني : مجهول والسند الثاني حسن.

الحديث الثالث : مجهول.

__________________

(١) البقرة : ٢٨٢.

٢١٩

الفضيل ، عن أبي الحسنعليه‌السلام في قول الله عز وجل «وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا » فقال إذا دعاك الرجل لتشهد له على دين أو حق لم ينبغ لك أن تقاعس عنه.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل «وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا » قال قبل الشهادة

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جراح المدائني قال إذا دعيت إلى الشهادة فأجب.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : لا يَأْبَ الشُّهَداءُ أن تجيب حين تدعى قبل الكتاب.

( باب )

( كتمان الشهادة )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ومحمد بن علي ، عن أبي جميلة ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من كتم شهادة أو شهد بها ليهدر لها بها دم امرئ مسلم أو ليزوي مال امرئ مسلم أتى

قوله عليه‌السلام : « لم ينبغ » ظاهره الاستحباب ولا ينافي الوجوب الكفائي ، وفي القاموس :تقاعس عنه وتقعس : تأخر.

الحديث الرابع : حسن.

الحديث الخامس : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « إذا دعيت » أي تحملها ، ويحتمل الأداء والأعم والأول أظهر.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

باب كتمان الشهادة

الحديث الأول : ضعيف.

وفي الصحاح :أهدر السلطان دمه أي أبطله وأباحه.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أو ليزوي» وإن كان حقا أيضا كان سببا لتضييع دم مسلم أو ماله ،

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

الصالحاًتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ »(١) قال: هم الأئمّة.

( باب )

( أن الائمة عليهم‌السلام نور الله عز وجل )

١ - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن عليّ بن مرداس قال: حدَّثنا صفوان بن يحيى والحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي خالد الكابليّ قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله عزَّ وجلَّ: «فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الّذي أَنْزَلْنا »(٢) فقال

________________________________________________________

ظلـماً وجوراً.

وروي مثل ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام .

فعلى هذا يكون المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات النّبي وأهل بيته، وتضمّنت الآية البشارة لهم بالاستخلاف والتمكن في البلاد، وارتفاع الخوف عنهم عندّ قيام المهدي منهم، فيكون المراد بقوله «كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ » هو أنّ جعل الصالح للخلافة خليفة مثل آدم وداود وسليمان، ويدل على ذلك قوله: «إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً »(٣) و «يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً »(٤) وقوله: «فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عظيماً »(٥) وعلى هذا إجماع العترة الطاهرة، وإجماعهم حجة، لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إني تارك فيكم الثقلين، وأيضاً فان التمكن في الأرض على الإطلاق، ولم يتفق فيما مضى فهو منتظر، لأنّ الله عزّ اسمه لا يخلف وعده.

باب ان الائمةعليهم‌السلام نور الله عز وجل في أرضه(٦)

الحديث الاول: ضعيف على المشهور.

«وَالنُّورِ الّذي أَنْزَلْنا » المشهور بين المفسّرين أنّ المراد بالنّور هنا القرآن، سمّاه نوراً لـما فيه من الأدلّة والحجج الموصلة إلى الحقّ، فشبّه بالنّور الّذي يهتدى به إلى الطّريق.

__________________

(١) سورة النور: ٥٥.

(٢) سورة التغابن: ٨.

(٣) سورة البقرة: ٣٠.

(٤) سورة ص: ٢٦.

(٥) سورة النساء: ٥٤.

(٦) كذا في النسخ ولعل جملة « في ارضه » زائدة من النساخ.

٣٦١

يا أبا خالد النور والله الأئمّة من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى يوم القيامة وهم والله نور

________________________________________________________

وأقول: لـمّا كان النّور في الأصل ما يصير سبباً لظهور شيء فسمّي الوجود نوراً لأنّه يصيّر سبباً لظهور الأشياء في الخارج، والعلم نوراً لأنّه سبب لظهور الأشياء عندّ العقل، وكلّ كمال نوراً لأنّه يصيّر سبباً لظهور صاحبه وأنوار النيرين(١) والكواكب نوراً لكونها أسبابا لظهور الأجسام وصفاتها للحس، وبهذه الوجوه يطلق على الرب تعالى النور، ونور الأنوار، لأنّه منبع كلّ وجود وعلم وكمال، فإطلاقه على الأنبياء والأئمةعليهم‌السلام لأنهم أسباب لهداية الخلق وعلمهم وكمالهم بل وجودهم، لأنهم العلل الغائية لوجود جميع الأشياء.

وأمّا نسبة الإنزال إليهم، فإمّا لإنزال أرواحهم المقدسة إلى أجسادهم المطهرة، أو أمرهم بتبليغ الرسالات ودعوة الخلق ومعاًشرتهم بعد كونهم روحانيين في غاية التقدّس والتنزّه كما قال: تعالى: «أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رسولاً »(٢) وفي بعض الأخبار أنّ الله أنزل نورهم فأسكنه في صلب آدم، وقيل: إنزال النور إيقاع ولائهم وحبّهم في قلوب المؤمنين، وقيل: لـمّا كان المراد بالنور ما يهتدى به من العلم والكاشف عنه المبيّن أو المثبت فيه، الحافظ له من النفوس الزكيّة الّتي هي ينابيع العلوم والكتاب المشتمل عليها، أو الروح الّذي أنزل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويكون مع الأئمة بعده وهو مناط المعارف الحقيقيّة، والمراد بقوله: « إنا أنزلنا » على تقدير حمل النور على النفوس القدسيّة: أنزلنا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كونها أنوارا، وأنّ متابعتهم واقتفاءهم مناط الاهتداء، وهم الأئمة من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله على الحقيقة من غير تجوز، وعلى سائر التقادير فقوله: « أنزلنا » أيّ أنزلناه وهو منزل عليه حقيقة علـماً كان أو كتاباً، أو روحاً، والأئمّةعليهم‌السلام هم حملته وحفظته وذووه.

وإطلاق النور عليهم كاطلاق كتاب الله وكلامه في قول أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنا

__________________

(١) كذا في الأصل وفي المخطوطتين « النيران » بدل « النيرين » والظاهر هو المختار.

(٢) سورة الطلاق: ١٠.

٣٦٢

الله الّذي أنزل وهم والله نور الله في السماوات وفي الأرض والله يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم والله ينوّرون قلوب المؤمنين ويحجب الله عزَّ وجلَّ نورهم عمّن يشاء فتظلم قلوبهم ؛ والله يا أبا خالد لا يحبّنا عبدٌ ويتولاًنا حتّى يطهّر الله قلبه ولا يطهّر الله قلب عبد حتّى يسلّم لنا ويكون سلـماً لنا ، فإذا كان سلـماً لنا سلّمه الله من شديد الحساب وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر.

٢ - عليُّ بن إبراهيم بإسناده، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله تعالى : «الَّذِينَ

________________________________________________________

كتاب الله الناطق، لكونه حامل علم الكتاب وحافظه، ولكونه مستكملا به وموصوفاً به ومتّحداً معه، فكأنّه هو، وقوله: « لنور الإمام » أيّ هدايته، وتعريفه المعارف الإلهيّة أو ولايته ومعرفته، وقيل: الإضافة للبيان أيّ هم أنور وأكشف من الشمس « وهم والله ينورون قلوب المؤمنين » بتعريف المعارف إياهم وتثبيتها في قلوبهم « ويحجب الله نورهم عمّن يشاء » أنّ لا يطهره عن دنس الخباثة لشقاوته وسوء اختياره فيظلم قلوبهم، ولا تتنور بنور معرفتهم لحجاب خباثتهم عن التنّور به.

وقوله: حتّى يسلم لنا، من الإسلام أو التسليم، والسّلم بالكسر خلاف الحرب أي سالـماً محبّاً لنا.

الحديث الثاني: مرسل.

«الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَ » قال: الطبرسيّرحمه‌الله : أيّ يؤمنون به ويعتقدون نبوّته وفي « الأميّ » أقوال:

أحدها: أنّه الّذي لا يكتب ولا يقرء.

وثانيها: أنّه منسوب إلى الأمّة، والمعنى أنّه على جبلّة الأمّة قبل استفادة الكتابة، وقيل: أنّ المراد بالأمّة: العرب لأنها لم تكن تحسن الكتابة.

٣٦٣

يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الّذي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ

________________________________________________________

وثالثها: أنّه منسوب إلى الأمّ، والمعنى أنّه على ما ولدته أمّه قبل تعلّم الكتابة.

ورابعها: أنّه منسوب إلى أمّ القرى وهو مكّة، وهو المرويّ عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام « انتهى ».

وأقول: إختلفوا في أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هل كان يقدر أنّ يقرأ ويكتب أم لا؟

والّذي يقتضيه الجمع بين الأخبار أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن تعلّم الخط والقراءة من أحدّ من البشر، لكنّه كان قادراً على الكتابة وعالماً بالمكتوب بما علم به سائر الأمور من قبل الله تعالى، ولم يكن يقرء ويكتب ليكون حجّته علي قومه أتمّ وأكمل.

«الّذي يَجِدُونَهُ » قال: الطبرسي: معناه يجدون نعته وصفته ونبوّته مكتوباً في الكتابين، لأنّه مكتوب في التوراة في السفر الخامس: « إني سأقيم لهم نبيّاً من إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فيه، فيقول لهم كلـمّا أوحيته به » وفيها أيضاً مكتوب: « وإمّا ابن الأمّة فقد باركت عليه جدا جدا، وسيلد اثنا عشر عظيماً وأؤخره لأمّة عظيمة » وفيها أيضاً: « أتانا الله من سيناء وأشرق من ساعير واستعلن من جبال فارأنّ ».

وفي الإنجيل بشارة بالفارقليط في مواضع، منها: « نعطيكم فارقليط آخر يكون معكم آخر الدهر كله » وفيه أيضاً قول المسيح للحواريين: « أنا أذهب وسيأتيكم الفارقليط روح الحقّ الّذي لا يتكلّم من قبل نفسه، أنّه نذيركم بجميع الحقّ ويخبركم بالأمور المزمعة ويمدحني ويشهد لي ».

«وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ » هذا من تتمة المكتوب أو ابتداء من قول الله تعالى للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله «وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ » أيّ ثقلهم، شبه ما كان على بني إسرائيل من التكليف الشديد بالثقل «وَالْأَغْلالَ الّتي كانَتْ عَلَيْهِمْ » أيّ العهود الّتي كانت في ذمتهم،

٣٦٤

- إلى قوله -وَاتَّبَعُوا النُّورَ الّذي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ »(١) قال: النور في هذا الموضع [ عليٌّ ] أمير المؤمنين والأئمّةعليهم‌السلام .

٣ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام لقد آتى الله أهل الكتاب خيراً كثيراً ، قال: وما ذاك قلت قول الله تعالى: «الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ

________________________________________________________

جعل تلك العهود بمنزلة الأغلال الّتي تكون في الأعناق للزومها، وقيل: يريد بالأغلال ما امتحنوا به من قبل نفوسهم في التوبة وفرض ما يصيبه البول من أجسادهم وما أشبه ذلك من تحريم السبت، وتحريم العروق والشحوم، وقطع الأعضاء الخاطئة، ووجوب القصاص دون الدية.

«وَعَزَّرُوهُ » أيّ عظموه ووقروه «وَاتَّبَعُوا النُّورَ » قال:(٢) معناه: القران الّذي هو نور في القلوب كما أنّ الضياء نور في العيون، ويهتدى به في أمور الذين كما يهتدون بالنور في أمور الدنيا «الّذي أُنْزِلَ مَعَهُ » أيّ عليه وقد تقوم « مع » مقام « على » وقيل: في زمأنّه وعلى عهده، وقال: البيضاوي: معه، أيّ مع نبوته، وإنّما سماه نوراً لأنّه بإعجازه ظاهر أمره، مظهر غيره، أو لأنّه كاشف الحقائق مظهر لها، ويجوز أنّ يكون معه متعلقا باتبعوا، أيّ واتبعوا النور المنزل مع اتباع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيكون إشارة إلى اتباع الكتاب والسنة، انتهى.

أقول: على ما فسّرهعليه‌السلام لا حاجة إلى التكلف في المعيّة، والتجوز في الإنزال مشترك كما عرفت، على أنّه يحتمل أنّ يكون المراد أنهم القران لانتقاش ألفاظه ومعانيه في أرواحهم المقدسة واتصافهم بصفاته المرضيّة، واجتنابهم عمّا فيه من الرذائل المنهية.

الحديث الثالث: ضعيف.

والمراد بأهل الكتاب الذين آمنوا بموسى ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله كعبد الله بن سلام وأضرابه، والضمير في قوله: « من قبله » وفي قوله: « به » للقران كالمستكنّ في قوله

__________________

(١) سورة الأعراف: ١٥٧.

(٢) أيّ قال: الطبرسيّرحمه‌الله .

٣٦٥

يُؤْمِنُونَ - إلى قوله -أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا »(١) قال: فقال: قد آتاكم الله كما آتاهم ثمَّ تلا: «يا أيّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نوراً تَمْشُونَ بِهِ »(٢) يعني إماماً تأتمّون به.

٤ - أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنيّ، عن عليّ بن أسباط والحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي خالد الكابليّ قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله تعالى: «فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الّذي أَنْزَلْنا »(٣) فقال: يا أبا

________________________________________________________

تعالى «وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ » أيّ بأنّه كلام الله «أنّه الحقّ مِنْ ربّنا » استئناف لبيان ما أوجب إيم ا نهم به «إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ » استئناف آخر للدلالة عليّ أنّ إيمانهم به ليس ممّا أحدثوا حينئذ بل تقادم عهده لـمّا رأوا ذكره في الكتب المتقدّمة «أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ » مرّة على إيمانهم بكتابهم، ومرّة على إيمانهم بالقران «بِما صَبَرُوا » بصبرهم وثباتهم على الإيمانين، أو على الإيمان بالقران قبل النزول وبعده، أو على أذى المشركين وأذى من هاجرهم من أهل دينهم.

«يا أيّها الَّذِينَ آمَنُوا » قال: الطبرسيّ (ره): أيّ اعترفوا بتوحيد الله وصدّقوا بموسى وعيسى «اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ » محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ابن عباس، وقيل: معناه يا ايها الذين آمنوا ظاهراً آمنوا باطناً «يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ » أي يعطكم نصيبين «مِنْ رَحْمَتِهِ » نصيباً لأيمانكم من تقدّم من الأنبياء، ونصيبا لأيمانكم بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله «وَيَجْعَلْ لَكُمْ نوراً تَمْشُونَ بِهِ » أيّ هدى تهتدون به، وقيل: النور القرآن، انتهى.

وأقول: عليّ تأويلهعليه‌السلام لعلّ المراد آمنوا برسوله فيما أتى به من ولاية الأئمةعليهم‌السلام ، وسيأتي تأويل الكفلين بالحسنينعليهما‌السلام .

الحديث الرابع: ضعيف.

__________________

(١) سورة القصص: ٥٤.

(٢) سورة الحديد: ٢٨.

(٣) سورة التغابن: ٨.

٣٦٦

خالد النور والله الأئمّةعليهم‌السلام يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم الّذين ينوّرون قلوب المؤمنين ويحجب الله نورهم عمّن يشاء فتظلم قلوبهم ويغشاهم بها.

٥ - عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل الهمدانيّ قال: قال: أبو عبد اللهعليه‌السلام في قول الله تعالى: «اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ »(١) فاطمةعليها‌السلام «فِيها مِصْباحٌ » الحسن «الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ » الحسين

________________________________________________________

« ويغشاهم بها » أي بالظلمة.

الحديث الخامس: ضعيف بالسنّد الأوّل، صحيح بالسندّ الثاني.

«اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » أيّ منورهما بنور الوجود والعلم والهداية، والأنوار الظاهرة، وقيل: أيّ ذو نور السماوات والأرض، والنور الأئمةعليهم‌السلام ، فهم نور السماوات حين كانوا محدقين بالعرش، والأرض بعد ما أنزلوا صلب آدم «مَثَلُ نُورِهِ » أيّ صفة نور الله العجيبة الشأنّ «كَمِشْكاةٍ » أيّ مثل مشكاة وهي الكرة الغير النافذة الّتي يوضع فيها المصباح وقيل: المشكاة الأنبوبة(٢) في وسط القنديل، والمصباح: الفتيلة المشتعلّة «فِيها مِصْباحٌ » الحسن.

أقول: في تفسير عليّ بن إبراهيم هكذا «فِيها مِصْباحٌ » الحسن و «الْمِصْباحُ » الحسين «فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ » كان فاطمة كوكب « إلخ ».

فالمصباح المذكور في الآية ثانياً المراد به غير المذكور أوّلاً وهو الحسينعليه‌السلام ، ولعلّ فيه إشارة إلى وحدة نوريهما، وشبّهت فاطمةعليها‌السلام مرة بالمشكاة ومرة بالقنديل من الزجاجة، ووجه التشبيه فيهما متّحد وعند كونهاعليها‌السلام ظرفا لنور الحسينعليه‌السلام شبّهت بالزجاجة، لزيادة نوره باعتبار كون سائر الأئمة من ولدهعليه‌السلام ،

__________________

(١) سورة النور: ٣٥.

(٢) الأنبوبة: ما بين العقدتين من القصب أو الرمح، ويستعار لكلّ أجوف مستدير كالقصب.

٣٦٧

«الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ » فاطمة كوكبٌ درّيٌّ بين نساء أهل الدُّنيا «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » إبراهيمعليه‌السلام «زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ » لا يهوديّة ولا نصرانيّة

________________________________________________________

فلذا غيّر التشبيه.

وعلى ما في الكتاب قد يتوّهم أنّ المراد بالزجاجة الحسينعليه‌السلام ، فيوجّه بما ذكره بعض الأفاضل حيث قال: مثّل النور الحقيقي الّذي هو من عالم الأمر بالنور الظاهري الّذي هو من عالم الخلق، والنور ضياء بنفسه ومضيء لـمّا يطلع عليه ويشرق عليه، فمثّل الجوهر الرّوحاني المناط للانكشافات العقليّة بالمصباح، وحامله بالمشكاة، والحامل لمادته والمشتمل عليها الّتي منها مدده وحفظه عن الانقطاع والنفاد بالزجاجة الّتي هي وعاء مادة نور المصباح الّتي هي الزيت، ففي الأنوار الحقيقيّة الّتي هي النفوس القدسية والأرواح الزكية للأئمة من أهل البيتعليهم‌السلام الحسنعليه‌السلام مصباح، وفاطمةعليه‌السلام مشكاة فيها المصباح، والحسينعليه‌السلام الزجاجة فيها مادة نور المصباح، ويجيء منها مدده، والزجاجة كوكب دري والمراد به فاطمةعليها‌السلام ، فأنّ الزجاجة يعنّي الحسينعليه‌السلام مجمع النور الفائض من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الواصل إليه ابتداء ووساطة، كما كانتعليها‌السلام مجمع ذلك والمعنىّ عنها بالمشكاة كوكب دري لإحاطتها بالنور كله، والزجاجة أيضاً لإحاطتها بجميع النور كأنها كوكب درّي «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » إبراهيم أيّ المشبه بالشجرة فيما ضرب له المثل إبراهيم، لأنّ ابتداء ظهور ذلك النور منه، ومواد العلوم من أثمار تلك الشجرة.

قال: البيضاوي «دُرِّيٌ » مضيء متلألئ كالزّهرة في صفائه وزهرته منسوب إلى الدر، أو فعيل كمريق من الدرء فأنّه يدفع الظلام بضوئه، أو بعض ضوئه بعضاً من لمعاًنّه إلّا أنّه قلبت همزته ياءا «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » أيّ ابتداء ثقوب المصباح من شجرة الزيتون المتكاثرة نفعه بأنّ رويت ذبالته بزيتها «لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ » يقع

٣٦٨

«يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ » يكاد العلم ينفجر بها «وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ » إمامٌ منها

________________________________________________________

الشمس عليها حينا دون حين، بل بحيث تقع عليها طول النّهار كالتي تكون على قلة جبل أو صحراء واسعة، فانّ ثمرته تكون أنضج وزيتها أصفى أو نابتة في شرق المعمورة وغربها بل وفي وسطها وهو الشّام، فأنّ زيتونة أجود الزيتون، أوّلاً في مضحيٌّ تشرق الشمس عليها دائما فتحرقها، أو في مقناة تغيب عنها دائماً فتتركها نيا « انتهى ».

وأقول: هذا ما يتعلّق بالمشبّه به، وإمّا تطبيقه على المشبّه فأنّ إبراهيمعليه‌السلام لكونه أصل عمدة الأنبياء وهمعليهم‌السلام أغصانه وتشعبت منه الغصون المختلفة من الأنبياء والأوصياء من بني إسرائيل وبني إسماعيل، واستنارت منهم أنوار عظيمة في الفرق الثلاث من أهل الكتب من اليهود والنصارى والمسلمين، فكان إبراهيمعليه‌السلام كالشجرة الزيتونة من جهة تلك الشعب والأنوار، ولـمّا كان تحقق ثمار تلك الشجرة وسريأنّ أنوار هذه الزيتونة في نبينا وأهل بيته صلوات الله عليهم أكمل وأكثر وأتم، لكونهم الأئمة الفضلي، وأمتهم الأمّة الوسطى وشريعتهم وسيرتهم وطريقتهم أعدل السير وأقومها كما قال: تعالى: «وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أمّة وَسَطاً »(١) كما أنّ اليهود كانوا يصلون إلى المغرب والنصارى إلى المشرق، فجعل قبلتهم وسط القبلتين، وكذا في حكم القصاص والديات وسائر الأحكام جعلوّاً وسطا فشبه إبراهيمعليه‌السلام من جهة تشعب هذه الأنوار العظيمة منه بزيتونة لم تكن شرقية ولا غربية، أيّ غير منحرفة عن الاعتدال إلى الإفراط والتفريط، المتحققين في الملتين والشريعتين، وأومأ بالشرقية إلى النصارى، وبالغربية إلى اليهود لقبلتيهم، ويمكن أنّ يكون المراد بالآية الزيتونة الّتي تكون في وسط الشجرة في شرقها، فلا تطلع الشمس عليها بعد العصر، ولا غربية لا تطلع الشمس عليها في أول اليوم، فيكون التشبيه أتمّ وأكمل «يَكادُ زَيْتُها » أيّ زيت الشجرة أو الزيتونة، والمراد بالزيتونة في المشبّه المادّة البعيدة للعلم، وهي الإمأمّة والخلافة الّتي منبعهما إبراهيم حيث قال: سبحانه: «إِنِّي جاعِلُكَ

__________________

(١) سورة البقرة: ١٤٣.

٣٦٩

بعد إمام «يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ » يهدي الله للأئمّة من يشاء «وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ

________________________________________________________

لِلنَّاسِ إماماً » وسرى في ذريّته المقدسة، وبالزيت الموادّ القربية من الوحيٌّ والإلهام، وإضاءة الزيت انفجار العلم من تلك المواد «وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ » أيّ وحيٌّ أو تعليم من البشر أو سؤال، فأنّ السؤال ممّا يقدح نار العلم.

«نُورٌ عَلى نُورٍ » قال: البيضاوي أيّ نور متضاعف فأنّ نور المصباح زاد في إنارته صفا الزيت وزهرة القنديل، وضبط المشكاة لأشعته « انتهى » وفي المشبّه كلّ إمام يتلو إماماً يزيد في إنارة علم الله وحكمته بين الناس.

أقول: ويؤيّد هذا التأويل ما رواه ابن بطريق (ره) في العمدة والسيّد ابن طاوسرضي‌الله‌عنه في الطرائف من مناقب ابن المغازلي الشافعي بإسناده عن الحسن البصري أنّه قال: المشكاة فاطمة، والمصباح الحسن والحسينعليهم‌السلام و «الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ » فاطمةعليها‌السلام كوكباً درياً بين نساء العالمين «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » الشجرة المباركة إبراهيمعليه‌السلام «لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ » لا يهوديّة ولا نصرانيّة «يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ » قال: يكاد العلم أنّ ينطق منها «وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ » قال: منها إمام بعد إمام «يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ » قال: يهدي لولايتهم من يشاء.

وذكر الطّبرسيقدس‌سره في تأويلها أقوالا:

أحدها: أنّه مثل ضربه الله لنبيه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فالمشكاة صدره، والزجاجة قلبه، والمصباح فيه النبوة «لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ » أيّ لا يهودية ولا نصرانية «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » يعنّي شجرة النبوة وهي إبراهيمعليه‌السلام « يكاد » محمّد يتبين للناس ولو لم يتكلّم به، كما أنّ ذلك الزيت يضيء «وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ » أيّ تصيبه النار، وقد قيل: أيضاً أنّ المشكاة إبراهيمعليه‌السلام ، والزجاجة إسماعيل، والمصباح محمّد كما سمّي سراجا في موضع آخر «مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » يعنّي إبراهيم لأنّ أكثر الأنبياء من صلبه «لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ » لا نصرانية ولا يهودية لأنّ النّصارى تصلي إلى المشرق، واليهود تصلي إلى المغرب «يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ » أيّ يكاد محاسن محمّد تظهر قبل أنّ يوحى إليه «نُورٌ عَلى نُورٍ » أي نبيّ من نسل نبيّ وقيل: أنّ المشكاة عبد المطلب،

٣٧٠

لِلنَّاسِ » قلت «أَوْ كَظُلُماتٍ » قال: الأوّل وصاحبه «يَغْشاهُ مَوْجٌ » الثالث «مِنْ فَوْقِهِ

________________________________________________________

والزجاجة عبد الله، والمصباح هو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا شرقيّة ولا غربيّة بل مكيّة، لأنّ مكّة وسط الدّنيا، وروي عن الرّضاعليه‌السلام أنّه قال: نحن المشكاة، والمصباح محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يهدي الله لولايتنا من أحب، وفي كتاب التّوحيد لأبي جعفر ابن بابويه (ره) بالإسناد عن عيسى بن رأشدّ عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام في قوله: «كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ » قال: نور العلم في صدر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله «الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ » الزجاجة صدر عليّعليه‌السلام صار علم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى صدر على، علم النبي عليّاً «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » نور العلم «لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ » لا يهودية ولا نصرانية «يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ » قال: يكاد العالم من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله يتكلّم بالعلم قبل أنّ يسأل «نُورٌ عَلى نُورٍ » أيّ إمام مؤيد بنور العلم والحكمة في أثر إمام من آل محمّد، وذلك من لدن آدم إلى أنّ تقوم السّاعة « الخبر ».

وثانيها: أنها مثل ضربه الله للمؤمن، والمشكاة نفسه والزجاجة صدره والمصباح الإيمان والقرآن، في قلبه «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » هي الإخلاص لله وحدّه لا شريك له، فهي خضراء ناعمة كشجرة التفت بها الشجرة فلا يصيبها الشمس على أيّ حال كانت، لا إذا طلعت ولا إذا غربت، وكذلك المؤمن قد اختزن من(١) أين يصيبه شيء من الفتن فهو بين أربع خلال، أنّ أعطي شكر، وأنّ ابتلي صبر، وأنّ حكم عدل، وأنّ قال: صدق، فهو في سائر الناس كالرجل الحيّ يمشي بين قبور الأموات «نُورٌ عَلى نُورٍ » كلامه نور وعلمه نور ومدخله نور ومخرجه نور، ومصيره إلى نور يوم القيامة عن أبي بن كعب.

وثالثها: أنّه مثل القران في قلب المؤمن فكما أنّ هذا المصباح يستضاء به وهو كما هو لا ينقص، فكذلك القران تهتدي به ويعمل به كالمصباح فالمصباح هو القران والزجاجة قلب المؤمن، والمشكاة لسانه وفمه، والشجرة المباركة شجرة الوحيٌّ «يَكادُ

__________________

(١) اختزن الطريق: أخذ أقربه. وفي المصدر: قد احترز.

٣٧١

مَوْجٌ » ظلمات الثاني «بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ » معاوية لعنه الله وفتن بني اُميّة «إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ »

________________________________________________________

زَيْتُها يُضِيءُ » يكاد حجج القران تتضّح وإن لم يقرء، وقيل: تكاد حجج الله على خلقه تضيء لمن تفكر فيها وتدبرها ولو لم ينزل القران «نُورٌ عَلى نُورٍ » يعني أنّ القران نور مع سائر الأدلة قبله فازدادوا نوراً على نور «يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ » أيّ يهدي الله لدينه وإيمانه من يشاء أو لنبوته وولايته « انتهى ».

وأقول: لـمّا ضرب الله الأمثال للمؤمنين وأئمّتهمعليهم‌السلام ضرب مثلين للكافرين والمنافقين وأئمّتهم، فالمثل الأوّل قوله: «وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْأنّ ماءً حتّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجدّه شيئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ » والثاني قوله: «أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ » فقوله «أَوْ كَظُلُماتٍ »، عطف على قوله «كَسَرابٍ »، وأو للتخيير، فأنّ أعمالهم لكونها لاغية كالسراب، ولكونها خالية عن نور الحقّ كالظلمات، فأنّ شئت شبهتهم بذلك أو للتنويع فأنّ الظلمات في الدنيا والسراب في الآخرة.

«فِي بَحْرٍ لُجِّيٍ » أيّ عميق منسوب إلى اللجج وهو معظم الماء «يَغْشاهُ » أيّ يغشى البحر «مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ » مترادفة متراكمة «مِنْ فَوْقِهِ » أيّ من فوق الموج الثاني سحاب تغطي النجوم وتحجب أنوارها.

وامّا تأويلهعليه‌السلام فيحتمل وجهين:

الأوّل: أنّ المعنى أنّ الظلمات المذكورة في الآية أوّلاً أبو بكر، ويغشاه موج: إشارة إلى صاحبه يعنّي عمر، فأنّه أتم بدع الأوّل وأكملها، وزاد على الظلمة ظلمة، وعلى الحيرة حيرة، ومن فوقه موج: عبارة عن عثمأنّ وهو الثالث، حيث زاد على بدعهما وإضلال الناس عن الحق، وقوله: ظلمات الثاني، أيّ لفظ الظلمات الواقع ثانياً في الآية، الموصوف فيها بأنّ بعضها فوق بعض إشارة إلى معاوية وفتن بني أمية.

وقوله: إذا أخرج يده المؤمن، بيان للثمرة المترتبة على تلك الظلمات، المتراكمة من حيرة المؤمنين واشتباه الأحكام الظاهرة عليهم، فأنّ اليد أظهر أجزاء

٣٧٢

المؤمن في ظلمة فتنتهم «لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نوراً » إماماً من ولد فاطمة

________________________________________________________

الإنسان له، ويحتمل ان يكون فتن بني أميّة مبتدأ، خبره: إذا أخرج يده، أيّ قوله إذا أخرج يده، إشارة إلى فتن بني أمية، ويحتمل أيضاً أنّ يكون المراد بالثاني عمر، والظلمات مضافاً إليه، أيّ ظلمات عمرّ فتنة بعضها فوق بعض، فيكون قوله: ومعاوية ابتداء كلام آخر، أيّ إذا أخرج يده إشارة إلى معاوية وفتن بني أمية، وإنّما كرر عمرّ لأنّه رأس الفتنة ورئيس النفاق، ولا يخفى بعد هذين الوجهين.

والثاني أن يكون المراد أنّ قوله تعالى: «أَوْ كَظُلُماتٍ » إشارة إلى الأوّل وصاحبه الأوّلين، ويغشاه موج إلى الثالث يعنّي عثمأنّ الّذي من فوقه موج، يعنّي من بعده، إشارة إلى ما وقع بعده من عشائره من بني أمية وظلمات الثاني بعضها فوق بعض بالإضافة، أيّ كظلمات عمر، وتكراره لـمّا مرّ فقوله: معاوية وفتن بني أمية، ابتداء كلام آخر، ويحتمل أنّ يكون « من » في قوله «مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ »، إلى قوله: فتن بني أمية كلاماً واحدا، فالمراد بالموج معاوية وبالظلمات فتن بني أمية، وعبر عنهم بظلمات الثاني لأنهم كانوا من ثمرات ظلمه وجوره على أهل البيتعليهم‌السلام .

أقول: ويؤيّد الثاني أنّ عليّ بن إبراهيم أورد في تفسيره هذا الخبر هكذا: أيّ كظلمات فلان وفلان «فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ » يعنّي نعثل وفوقه موج طلحة والزبير «ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ » معاوية وفتن بني أمية إلى آخر الخبر، ونعثل كناية عن عثمان.

قال: ابن الأثير في النهاية: كان أعداء عثمأنّ يسمونه نعثلا تشبيهاً له برجلَّ من مصر كان طويل اللحية اسمه نعثل، وقيل: النعثل: الشيخ الأحمق.

وذكر الضباع: وروى صأحبّ كتاب تأويل الآيات الظاهرة بإسناده عن الحكم بن حمرأنّ قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قوله عزّ وجل: «أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍ » قال: فلان وفلان «يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ » قال: أصحاب الجمل وصفين والنهروان

٣٧٣

عليها‌السلام «فَما لَهُ مِنْ نُورٍ »(١) إمام يوم القيامة.

وقال: في قوله «يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ »(٢) أئمة المؤمنين يوم القيامة تسعى بين يدي المؤمنين وبأيمانهم حتّى ينزلوهم منازل أهل الجنة.

عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم البجلي ومحمّد بن يحيى، عن العمركيّ بن عليّ جميعاً، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسىعليه‌السلام مثله.

٦ - أحمدُ بن إدريس، عن الحسين بن عبيد الله، عن محمّد بن الحسين وموسى بن عمر، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن قول الله تبارك وتعالى «يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ »(٣) قال: يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام بأفواههم قلت قوله تعالى «وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ » قال: يقول والله متم الإمأمّة والإمأمّة هي النور وذلك قوله عزّ وجلَّ «فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الّذي أَنْزَلْنا »(٤) قال: النور هو الإمام.

________________________________________________________

«مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ » قال: بنو أمية «إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها » قال: بنو أمية إذا أخرج يده يعنّي أمير المؤمنينعليه‌السلام في ظلماتهم «لَمْ يَكَدْ يَراها » أيّ إذا نطق بالحكمة بينهم لم يقبلها منهم أحدّ إلّا من أقر بولايته ثمّ بإمامته «وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ » أيّ من لم يجعل الله له إماماً في الدنيا فما له في الآخرة من نور، إمام يرشده ويتبعه إلى الجنّة.

الحديث السادس: مجهول.

«يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ » قال: الطبرسيّ (ره): أيّ يريدون إذهاب نور الإيمان والإسلام بفاسد الكلام، الجاري مجرى تراكم الظلام، فمثلهم فيه كمثل من حاول إطفاء نور الشمس بفيه «وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ » أيّ مظهر كلمته ومؤيد نبيه ومعلّى دينه وشريعته.

__________________

(١) سورة النور: ٤٠.

(٢) سورة الحديد: ١٢.

(٣) سورة الصف: ٨.

(٤) سورة التغابن: ٨.

٣٧٤

( باب أن الأئمة هم أركان الأرض )

١ - أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما جاء به عليّعليه‌السلام آخذ به وما نهى عنه أنتهي عنه جرى له من الفضل مثل ما جرى لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ولمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله الفضل على جميع من خلق الله عزّ وجلَّ المتعقب عليه في شيء من أحكامه كالمتعقب على الله وعلى رسوله والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حدّ الشرك بالله

________________________________________________________

باب ان الائمة هم أركان الأرض

الحديث الاول: ضعيف بسنديه على المشهور.

« ما جاء به على آخذ به » لأنّه واجب الإطاعة من الله ومن رسوله، ولأنّ ما جاء به ممّا جاء به رسول الله وما نهى عنه ممّا نهى عنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله « ولمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله الفضل » إمّا بيان لـمّا جرى لهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الفضل، فكما أنّ لهصلى‌الله‌عليه‌وآله الفضل على جميع الخلق، كذا لعليّعليه‌السلام الفضل على الجميع، وإمّا بيان للفرق بين ما لهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الفضل وبين ما لعليّعليه‌السلام منه بفضلهصلى‌الله‌عليه‌وآله على الجميع حتّى على عليّعليه‌السلام ، وفضل عليّعليه‌السلام على غيرهصلى‌الله‌عليه‌وآله « والمتعقب عليه في شيء من أحكامه » أيّ الطالب لعثرته والمعيب عليه في شيء منها كالطالب لعثرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والمعيب عليه، و « على » للإضرار، والمراد المتقدّم عليه في شيء بأنّ يجعله عقبه وخلفه، وأراد التقدّم عليه، أو يجعل حكمه عقبه وينبذه وراء ظهره، فلا يعمل به، أو تعقبه بمعنى أنّه تأخر عنه ولم يلحق به ولم يقبل أحكامه، أو المراد به شكّ في شيء من أحكامه، والأوّل أظهر ثمّ الأخير.

وكلمة « على » على بعض الوجوه بمعنى عن، وعلى بعضها بتضمين معنى يتعدّى به، قال: الفيروزآبادي: تعقبه أخذه بذنب كان منه، وعن الخبر شكّ فيه وعاد السؤال عنه، واستعقبه وتعقبه طلب عورته أو عثرته.

« في صغيرة أو كبيرة » صفتأنّ للكلمة أو الخصلة أو المسألة أو نحو ذلك « على حدّ

٣٧٥

كان أمير المؤمنينعليه‌السلام باب الله الّذي لا يؤتى إلّا منه وسبيله الّذي من سلك بغيره هلك وكذلك يجري الأئمّة الهدى واحداً بعد واحد جعلهم الله أركان الأرض أنّ تميد بأهلها وحجته البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كثيراً ما يقول : أنا قسيم الله بين الجنّة والنار وأنا الفاروق

________________________________________________________

الشرك بالله » أيّ في حكمه إذ لا واسطة بين الإيمان والشرك، والكائن عليه مشرف على الدّخول في الشرك كما ترى في كثير منهم كالمجسّمة والمصوّرة والصّفاتية وأضرابهم، فإنّهم أشركوا من حيث لا يعلمون.

« أنّ تميد » أيّ كراهية أنّ تميد أو من أنّ تميد، بتضمين الأركان معنى الموانع، وفي القاموس ماد يميد ميداُ: تحرك وزاغ « انتهى ».

وفيه إيماء إلى أنّ المراد بالرّواسي في قوله تعالى: «وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أنّ تَمِيدَ بِهِمْ »(١) الأئمةعليهم‌السلام في بطن القرآن، والمراد بالميد إمّا ذهاب نظام الأرض واختلال أحوال أهلها كما يكون عندّ فقد الإمام قبل القيامة، أو حقيقته بالزلازل الحادثة فيها.

وقيل: المراد بمن فوق الأرض الأحياء، بمن تحت الثرى الأموات، لأنهم الأشهاد يوم القيامة، وقد مرّ منا الكلام فيهما.

قولهعليه‌السلام : كثيراً ما يقول، أيّ حينا كثيراً وما زائدة للتأكيد عندّ جميع البصريين، وقيل: اسم نكرة صفة لكثير أو بدل منه، وعلى التقادير يفهم منها التفخيم بالإبهام « أنا قسيم الله » أيّ القسيم المنصوب من قبل الله للتميز بين أهل الجنّة وأهل النار بسبب ولايته وتركها، أو هو الّذي يقف بين الجنّة والنار فيقسمهما بين أهلهما بسبب ولايته وعداوته كما دلت عليه صحاح الأخبار، والأخبار بذلك متواترة من طرق الخاصّة والعامة. قال: في النهاية في حديث عليّعليه‌السلام : أنا قسيم النار، أراد أنّ الناس فريقأنّ فريق معي، فهم على هدى، وفريق على فهم ضلال، فنصف معي في الجنّة ونصف عليّ في النار، وقسيم: فعيل بمعنى فاعل كالجليس والسمير « انتهى » « وأنا الفاروق » أي

__________________

(١) سورة الأنبياء: ٣١.

٣٧٦

الأكبر وأنا صاحب العصا والميسمّ ولقد أقرت لي جميع الملائكة والروح والرسل

________________________________________________________

الّذي فرّق بين الحقّ والباطل كما ذكره الفيروزآبادي، أو الفارق بين أهل الجنّة وأهل النار « وأنا صاحب العصا والميسمّ » قال: في النهاية: الميسمّ هي الحديدة الّتي يوسم بها، وأصله موسم فقلبت الواو ياءاً لكسرة الميم « انتهى ».

وهذا إشارة إلى أنّهعليه‌السلام الدابّة الّتي أخبر بها في القران بقوله: «وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أنّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ »(١) وروي عن ابن عباس وابن جبير وغيرهما قراءة تكلمهم بالتخفيف وفتح التاء وسكون الكاف من الكلم بمعنى الجراحة.

وقال: الطّبرسي روح الله روحه: هي دابة تخرج بين الصفا والمروة فتخبر المؤمن بأنّه مؤمن والكافر بأنّه كافر، وعند ذلك يرتفع التكليف ولا تقبل التوبة، وهو علم من أعلام الساعة، وروى محمّد بن كعب القرظي قال: سئل عليّعليه‌السلام عن الدابة؟ فقال: إمّا والله ما لها ذنب وأنّ لها اللحية، وفي هذا إشارة إلى أنها من الإنس، وعن حذيفة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله السلام قال: دابة الأرض طولها ستون ذراعاً لا يدركها طالب ولا يفوتها هارب، فتسم المؤمن بين عينيه وتكتب بين عينيه مؤمن، وتسم الكافر بين عينيه وتكتب بين عينيه كافر، ومعها عصا موسى وخاتم سليمانعليهما‌السلام ، فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتحطم أنف الكافر بالخاتم، حتّى يقال: يا مؤمن ويا كافر « انتهى ».

وروى علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: انتهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وهو نائم في المسجد قد جمع رملا ووضع رأسه عليه فحركه برجله ثمّ قال: له: قم يا دابة الله، فقال: رجلَّ من أصحابه: يا رسول الله أيسمّي بعضنا بعضاً بهذا الاسم؟ فقال: لا والله ما هو إلّا له خاصّة، وهو الدابة الّتي ذكرها الله في كتابه: «وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ » الآية، ثمّ قال: يا عليّ إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ومعك ميسمّ تسم به أعداءك، فقال: رجل

__________________

(١) سورة النمل: ٨٢.

٣٧٧

________________________________________________________

لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أنّ العامّة يقولون أنّ هذه الدابة إنّما تكلمهم فقال: أبو عبد اللهعليه‌السلام : كلمهم الله في نار جهنم إنّما هو يكلمّهم من الكلام.

وقال: أبو عبد اللهعليه‌السلام : قال: رجلَّ لعمار بن ياسر: يا أبا اليقظأنّ آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي وشككتني؟ قال: عمار: أيّة آية هي؟ قال: قوله: «وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ » الآية، فأية دابة هذه؟ قال: عمار: والله ما أجلس ولا آكلّ ولا أشرب حتّى أريكها فجاء عمار مع الرّجلَّ إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وهو يأكلّ تمرا وزبدا، فقال: له: يا أبا اليقظان هلم، فجلس عمار وأقبل يأكلّ معه، فتعجب الرّجلَّ منه، فلـمّا قام عمّار قال: له الرجل: سبحان الله يا أبا اليقظأنّ حلفت أنك لا تأكلّ ولا تشرب ولا تجلس حتّى ترينيها؟ قال: عمار: قد أريتكها أنّ كنت تعقل.

وروى الحسن بن سليمان من كتاب البصائر لسعد بن عبد الله بإسناده عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال: أمير المؤمنين في خطبة طويلة: أنا دابّة الأرض، وأنا قسيم النار، وأنا خازن الجنان، وأنا صاحب الأعراف « الخبر ».

وفي كتاب سليم بن قيس الهلالي عن أبي الطّفيل قال: سألت أمير المؤمنينعليه‌السلام عن الدابّة؟ فقال: يا أبا الطّفيل إله عن هذا(١) فقلت: يا أمير المؤمنين أخبرني به جعلت فداك! قال: هي دابّة تأكل الطّعام وتمشي في الأسواق وتنكح النّساء، فقلت: يا أمير المؤمنين من هو؟ قال: ربّ الأرض الّذي يسكن الأرض قلت: يا أمير المؤمنين من هو؟ قال: الّذي قال: الله: «وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ »(٢) والّذي «عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ »(٣) والّذي «صَدقّ بِهِ »(٤) قلت: يا أمير المؤمنين فسمّه لي، قال: قد سمّيته لك يا أبا الطّفيل « الخبر ». وأقول: الأخبار في ذلك كثيرة أوردتها في كتاب البحار.

وقيل: « أنا صاحب العصا والميسمّ » أيّ الرّاعي لكلّ الأمّة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومميّز من يطيعه ويكون من قطيعة، بالميسم الّذي يعرفون به عن المتخلّف عنه و

__________________

(١) أي أعرض عنه ولا تسئل، من لهى عنه: ترك ذكره وأعرض عنه.

(٢) سورة هود: ١٧.

(٣) سورة الرعد: ٤٣.

(٤) سورة الزمر: ٣٣.

٣٧٨

بمثل ما أقرُّوا به لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ولقد حملت على مثل حمولته وهي حمولة الربّ وإنَّ

________________________________________________________

الخارج عنهم، ولا يخفى ما فيه.

« ولقد أقرّت لي » أيّ أذعنت لي بالولاية والفضل كما أذعنت لهصلى‌الله‌عليه‌وآله « ولقد حملت على مثل حمولته » على بناء المجهول، والحمولة بالفتح ما يحمل عليه من الدّوابّ أي حملني الله على ما حمل عليه نبيه من التبليغ والهداية والخلافة، أو يكون خبراً عن المستقبل، أتى بالماضي لتحقّق وقوعه، أيّ يحملني الله في القيامة على مثل مراكبه من نوق الجنّة وخيولها، فتناسب الفقرة التالية لها، وشهد كثير من الأخبار بها أو في الرّجعة، كما رواه الراوندي في الخرائج بإسناده عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال: الحسين بن عليّعليهما‌السلام لأصحابه قبل أنّ يقتل: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: لي: يا بنيّ إنّك لتساق إلى العراق وهي أرض قد التقى فيها النبيون وأوصياء النبيين، وعلى أرض تدعي غموراً و أنّك لتشهد بها ويستشهد معك جماعة من أصحابك، لا - يجدون ألم مسّ الحديد، وتلا «يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلإمّا »(١) يكون الحرب عليك وعليهم برداً وسلاماً، فأبشروا فو الله لئن قتلونا فإنّا نردّ إلى نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ أمكث ما شاء الله فأكون أول من تنشق الأرض عنه فأخرج خرجة توافق ذلك خرجة أمير المؤمنين وقيام قائمنا وحياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ لينزلن عليّ وفد من السماء من عندّ الله لم ينزلوا إلى الأرض قط، ولينزلن عليّ جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وجنود من الملائكة، ولينزلن محمّد وعليّ وأنا وأخي وجميع من من الله عليه في حمولات من حمولات الرب، خيل بلق من نور لم يركبها مخلوق، ثمّ ليبرزن محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله لواءه وليدفعنّه إلى قائمناعليه‌السلام مع سيفه، ثمّ أنا أمكث بعد ذلك ما شاء الله « الخبر ».

ويمكن أن يقرأ على بناء المعلوم، أيّ حملت أحمالي على مثل ما حملصلى‌الله‌عليه‌وآله أحماله عليه في ولاية الأمرّ الجاري على وفق أحكام الله وحكمه، أو حملت اتباعي وشيعتي على ما حملصلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه عليه من أحكام القرآن، ويمكن أن يقرأ على

__________________

(١) سورة الأنبياء: ٦٩.

٣٧٩

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يدعى فيكسى وأدعى فأكسى ويستنطق وأستنطق فأنطق على حدّ منطقه ولقد أعطيت خصإلّا ما سبقني إليها أحد قبلي علمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب فلم يفتني ما سبقني ولم يعزب عنّي ما غاب عنّي أبشّر بإذن الله و

________________________________________________________

بناء المجهول الغائب وعليّ بالتشديد، والقائم مقام الفاعل مثل حمولته، والتأنيث باعتبار المضاف إليه، فالحمولة بمعنى الحمل لا المحمول عليه، أيّ حمل الله عليّ من أعباء الإمأمّة وأسرار الخلافة مثل ما حمل عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: الفيروزآبادي: الحمولة ما احتمل عليه القوم من بعير وحمار ونحوه كانت عليه أثقال: أو لم تكن، والأحمال بعينها، والحمول بالضمّ: الهوادج أو الإبل عليها الهودج والواحد حمل بالكسر ويفتح « انتهى ».

وقوله: وهي حمولة الربّ، على كلّ من المعاني ظاهر.

« يدعى » بصيغة المجهول أيّ في القيامة « وادعى وأكسى » أيّ مثل دعائه وكسائه « ويستنطق » بصيغة المجهول أيّ للشهادة أو للشفاعة أو للاحتجاج على الأمّة أو الأعم « على حدّ منطقه » أيّ على نهجه وطريقته في الصواب والنفاذ، والمنطق بكسر الطاء مصدر ميمي « خصإلّا » أيّ فضائل « ما سبقني إليها أحدّ » أيّ من الأوصياء أو من الرسل أيضاً، فالمراد بقوله « قبلي » قبل ما أدركته من الأعصار « علمت المنايا » أيّ آجال الناس « والبلايا » أيّ ما يمتحن الله به العباد من الشرور والآفات أو الأعم منها ومن الخيرات « والأنساب » أيّ أعلم والد كلّ شخص فأميز بين أولاد الحلال والحرام « وفصل الخطاب » أيّ الخطاب الفاصل بين الحقّ والباطل أو الخطاب المفصول الواضح الدلالة على المقصود، أو ما كان من خصائصه صلوات الله عليه من الحكم المخصوص في كلّ واقعة، والجوابات المسكتة للخصوم في كلّ مسألة، وقيل: هو القرآن، وفيه بيان الحوادث من ابتداء الخلق إلى يوم القيامة.

« فلم يفتني ما سبقني » أيّ علم ما سبق من الحوادث أو العلوم النازلة على الأنبياء أو الأعم « ولم يعزب » كينصر ويضرب أيّ لم يغب عنّي علم ما غاب عن مجلسي

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462