مرآة العقول الجزء ٢

مرآة العقول16%

مرآة العقول مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 462

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 462 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 66779 / تحميل: 5303
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

فإنّه يخبر أنّه جثّة واحدة وليس باثنين والإنسان نفسه ليس بواحد لأنّ أعضاءه مختلفة وألوانه مختلفة ومن ألوانه مختلفة غير واحد وهو أجزاء مجزّاة ليست بسواء دمه غير لحمه ولحمه غير دمه وعصبه غير عروقه وشعره غير بشره وسواده غير بياضه وكذلك سائر جميع الخلق فالإنسان واحد في الاسم ولا واحد في المعنى والله جلَّ جلاله هو واحد لا واحد غيره لا اختلاف فيه ولا تفاوت ولا زيادة ولا نقصان فإمّا الإنسان المخلوق المصنوع المؤلف من أجزاء مختلفة وجواهر شتى غير أنّه بالاجتماع شيء واحد قلت جعلت فداك فرَّجت عنّي فرّج الله عنكفقولك اللّطيف الخبير فسرِّه لي كما فسرَّت الواحد فإني أعلم أنّ لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل غير أنّي أحبُّ أنّ تشرح ذلك لي فقال يا فتح إنّما قلنا اللطيف للخلق اللطيف ولعلمه

________________________________________________________

وإنّما التشبيه في المفهومات الكلية الّتي هي مدلولات الألفاظ، وتصدق عليه سبحانه كما مرّ تحقيقه، فإمّا في الأسماء فهي واحدة، أيّ الأسماء الّتي تطلق عليه تعالى، وعلى الخلق واحدة، لكنّها لا توجب التشابه، إذ الأسماء دالة على المسمّيات، وليس عينها حتّى يلزم الاشتراك في حقيقة الذّات والصّفات، ثمّ بينعليه‌السلام عدم كون التشابه في المعنى في اشتراك لفظ الواحد بينه وبين خلقه تعالى، بأنّ الوحدة في المخلوق هي الوحدة الشخصية الّتي تجتمع مع أنواع التكثّرات، وليست إلّا تألف أجزاء واجتماع أمور متكثرة، ووحدته سبحانه هي نفي التجزّي والكثرة والتعدّد عنه سبحانه مطلقاً، وقولهعليه‌السلام : فإمّا الإنسان، فيحتمل أنّ يكون كلّ من المخلوق والمصنوع والمؤلف والظرف خبراً، وأنكان الأول أظهر.

قولهعليه‌السلام : للفصل بالصاد المهملة، أيّ للفرق الظاهر بينه وبين خلقه، أو بالمعجمة أيّ لـمّا بيّنت من فضله على المخلوق.

قولهعليه‌السلام : إنّما قلنا اللطيف، قيل: أنّ اللطيف هو الشيء الدقيق، ثمّ استعمل فيما هو سبب، ومبدء للدقيق من القوّة على صنعه والعلم به، فيقال لعامله: أنّه دقّ ولطف بصنعه، وهو صانع دقيق في صنعه، والعالم به أنّه دقّ ولطف بدركه،

٦١

بالشيءِ اللّطيف أو لاترى وفقّك الله وثبّتك إلى أثر صنعه في النبات اللّطيف وغير اللّطيف ومن الخلق اللّطيف ومن الحيوأنّ الصغار ومن البعوض والجرجس وما هو أصغر منها ما لا يكاد تستبينه العيون بل لا يكاد يستبأنّ لصغره الذكر من الأنثى والحدث المولود من القديم فلـمّا رأينا صغر ذلك في لطفه واهتداءه للسفاد والهرب من الموت والجمع لـمّا يصلحه وما في لجج البحار وما في لحاء الأشجار والمفاوز والقفار وإفهام بعضها عن بعض منطقها وما يفهم به أولادها عنها ونقلها الغذاء إليها ثمّ تأليف ألوانها حمرة مع صفرة وبياض مع حمرة وأنّه ما لا تكاد عيوننا تستبينه لدمامة خلقها لا تراه عيوننا ولا تلمسه أيدينا علمنا أنّ خالق هذا الخلق لطيف لطف بخلق ما سمّيناه

________________________________________________________

وهو عالم دقيق في دركه. وقولهعليه‌السلام ولعلمه: ليس الواو في بعض النسخ فهو بدل للخلق أو علّة له، وقال الجوهري: صغر الشيء فهو صغير وصغار بالضم، وقال: الجرجس: البعوض الصغار فهو من قبيل عطف الخاص على العام.

قولهعليه‌السلام : في لطفه، أيّ مع لطف ذلك المخلوق أو بسبب لطفه سبحانه والسفاد بالكسر: نزو الذكر على الأنثى، ولجة البحر معظمه، واللحاء بالكسر والمد: قشر الشجر، و « إفهام » إمّا بالكسر أو بالفتح، ويؤيّد الأخير ما في العيون: وفهم بعض عن بعض، وقال السيّد الدامادرحمه‌الله : الدمامة بفتح الدّال المهملة وبميمين عن حاشيتي الألف: القصر والقبح، يقال رجلَّ دميم وبه دمامة إذا كان قصير الجثّة، حقير الجثمأنّ قبيح الخلقة، وإمّا الذمامة بإعجام الذال بمعنى القلة، من قولهم بئر ذمة بالفتح أيّ قليل الماء، وفي هذا المقام تصحيف « انتهى ».

وأقول: فلـمّا كان لسائل أنّ يقول: اللطف بهذا المعنى أيضاً يطلق على المخلوق فيقال: صانع لطيف، فأشارعليه‌السلام إلى جواب ذلك بقوله: بلا علاج ولا أداة ولا آلة، والحاصل أنّ لطفه سبحانه ليس على ما يعقل في المخلوقين، بأيّ معنى كان، بل يرجع إلى نفي العجز عن خلق الدقيق، ونفي الجهل بالدقيق، فأمّا كيفية خلقه وكنه علمه

٦٢

بلا علاج ولا أداة ولا آلة وأنّ َكلَّ صانع شيء فمن شيء صنع والله الخالق اللّطيف الجليل خلق وصنع لا من شيء.

٢ - عليّ بن محمّد مرسلاً، عن أبي الحسن الرّضاعليه‌السلام قال قال اعلم علمك الله الخير أنّ الله تبارك وتعالى قديم والقدم صفته الّتي دلت العاقل على أنّه لا شيء قبله ولا شيء معه في ديمومّيته فقد بأنّ لنا بإقرار العامة معجزة الصفة أنّه

________________________________________________________

فهو مستور عنّا، وقال الجزري: في أسماء الله تعالى اللطيف، وهو الّذي اجتمع له الرفق في الفعل والعلم بدقائق المصالح وإيصالها إلى من قدّرها له من خلقه، يقال: لطف له بالفتح يلطف لطفاً إذا رفق به، وإمّا لطف بالضم يلطف فمعناه صغر ودقّ.

الحديث الثاني: مرسل والمراد بالقدم وجوب الوجود.

قولهعليه‌السلام فقد بأنّ لنا بإقرار العامة: الإقرار إمّا من أقرّ بالحقّ إذا اعترف به، أو من أقرّ الحقّ في مكانه فاستقرّ هو، فقولهعليه‌السلام : معجزة الصفة على الأوّل منصوب بنزع الخافض، وعلى الثاني منصوب على المفعولية، والمعجزة اسم فاعل من أعجزته بمعنى وجدته عاجزاً أو جعلته عاجزاً أو من أعجزه الشيء بمعنى فاته، وإضافتها إلى الصفة المراد بها القدم، من إضافة الصفة إلى الموصوف، وإنّما وصفها بالإعجاز لأنها تجدهم أو تجعلهم لنباهة شأنها، عاجزين عن إدراكهم كنهها، أو عن اتصافهم بها، أو عن إنكارهم لها، أو لأنّها تفوتهم، وهم فاقدون لها.

ويحتمل أن تكون المعجزة مصدر عجز عن الشيء عجزا ومعجزة بفتح الميم وكسر الجيم وفتحها، أيّ إقرارهم بعجزهم عن الاتصاف بتلك الصفة، ويمكن أنّ يقرأ على بناء المفعول بأنّ يكون حالاً عن العامة أو صفة لها، أيّ بإقرارهم موصوفين بالعجز عن ترك الإقرار، أو والحال أنّ صفة القدم أعجزتهم وألجأتهم إلى الإقرار فالمقرّ به والبيّن شيء واحد، وهو قوله: أنّ لا شيء قبل الله، لكن في الحاليّة وأوّل احتمالي الوصفية مناقشة.

وقال بعض الأفاضل: المراد بقوله: إقرار العاّمة إذعانهم، أو الإثبات، وعلى

٦٣

لا شيء قبل الله ولا شيء مع الله في بقائه وبطل قول من زعم أنّه كان قبله أو كان معه شيء وذلك أنّه لو كان معه شيء في بقائه لم يجز أنّ يكون خالقا له لأنّه لم يزل معه فكيف يكون خالقاً لمن لم يزل معه ولو كان قبله شيء كان الأوّل ذلك الشيء لا هذا وكان الأوّل أولى بأنّ يكون خالقاً للأول ثمّ وصف نفسه تبارك وتعالى بأسماء دعا الخلق إذ خلقهم وتعبدهم وابتلاهم إلى أنّ يدعوه بها فسمى نفسه سميعاً بصيراً قادراً قائماً ناطقا ظاهراً باطناً لطيفاً خبيراً قويّاً عزيزاً حكيماً عليماً وما أشبه هذه الأسماء فلـمّا رأى ذلك من أسمائه القالون المكذّبون وقد سمعونا

________________________________________________________

الأوّل متعلّق الإذعان إمّا معجزة الصفة بحذف الصلة، أو محذوف، أيّ إقرار العامة بأنّه خالق كلّ شيء ومعجزة الصفة صفة للإقرار، أو بدل عنه أيّ إقرار العامة بأنّه خالق كلّ شيء معجزة الصفة، أيّ صفة الخالقيّة لكلّ شيء، أو صفة القدم، لا يسع أحدا أنّ ينكره، وإمّا على الثاني فمعجزة الصفة من إضافة الصفة إلى الموصوف، أيّ الصفة الّتي هي معجزة لهم عن أنّ لا يثبتوا له خالقيّة كلّ شيء أو المعجزة بمعناه المتعارف والإضافة لامية، أيّ إثباتهم الخالقيّة للكلّ معجزة هذه الصفة، حيث لا يسعهم أنّ ينكروها وأنّ أرادوا الإنكار، ويحتمل أنّ يكون معجزة الصفة فاعل بأنّ ويكون قوله: أنّه لا شيء قبل الله، بيانا أو بدلا لمعجزة الصفة « انتهى ».

أقول: لا يخفى أنّه يدّل على أنّه لا قديم سوى الله، وعلى أنّ التأثير لا يعقل إلّا في الحادث، وأنّ القدم مستلزم لوجوب الوجود.

قولهعليه‌السلام ثمّ وصف: أي سمّى نفسه بأسماء بالتنوين، دعاء الخلق بالنصب أيّ لدعائهم، ويحتمل إضافة الأسماء إلى الدعاء والأظهر أنّه على صيغة الفعل كما في التّوحيد والعيون، وقوله: إلى أنّ يدعوه متعلّق به، أو بالابتلاء أيضاً على التنازع، لكن في أكثر نسخ الكتاب مهموز.

قولهعليه‌السلام وابتلاهم: أي بالمصائب والحوائج أو ألجأهم إلى أنّ يدعوه بتلك الأسماء.

٦٤

نحدّث عن الله أنّه لا شيء مثله ولا شيء من الخلق في حاله قالوا أخبرونا إذا زعمتم أنّه لا مثل لله ولا شبه له كيف شاركتموه في أسمائه الحسنى فتسمّيتم بجميعها ؟ فأنّ في ذلك دليلاً على أنّكم مثله في حالاته كلّها أو في بعضها دون بعض إذ جمعتم الأسماء الطيّبة؟

قيل لهم إنَّ الله تبارك وتعالى ألزم العباد أسماء من أسمائه على اختلاف المعاني وذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين والدَّليل على ذلك قول النّاس الجائز عندهم الشائع وهو الّذي خاطب الله به الخلق فكلّمهم بما يعقلون ليكون عليهم حجّة في تضييع ما ضيعوا فقد يقال للرَّجل كلب وحمار وثور وسكّرة وعلقمة وأسد كلُّ ذلك على خلافه وحالاته لم تقع الأسامي على معانيها الّتي كانت بنيت عليه لأنّ الإنسان ليس بأسد ولا كلب فافهم ذلك رحمك الله.

وإنّما سمّي الله تعالى بالعلم بغير علم حادث علم به الأشياء استعأنّ به على حفظ ما يستقبل من أمره والرويّة فيما يخلق من خلقه ويفسد ما مضى ممّا أفنى من

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : والدليل على ذلك، أيّ على إطلاق اللفظ الواحد على المعنيين المختلفين، والقول الشائع هو ما فسّرهعليه‌السلام بقوله: وقد يقال، وفي التّوحيد وغيره السائغ، أيّ الجائز، والعلقم شجر مرّ، ويقال: للحنظل ولكلّ شيء مرّ علقم.

قولهعليه‌السلام : على خلافه، أيّ على خلاف موضعه الأصلي.

قوله: وحالاته، عطف على الضمير المجرور في خلافه بدون إعادة الجار وهو مجوز، أو الواو بمعنى مع، أو يقدر المضاف، وفي العيون وغيره: على خلافه لأنّه لم يقع، وهو أظهر.

قولهعليه‌السلام : والرويّة، عطف على الحفظ، وقوله: ويفسد عطف على قوله يخلق وقوله: ما مضى بدل من الموصول، أو قوله: ويفسد حال، أيّ فيما يخلق من خلقه والحال أنّه يفسد عنه خلقه ما مضى، قوله: ويعيّنه كذا في بعض النسخ من التعيين أيّ من العلم الّذي لو لم يحضر العالم ذلك العلم ويعيّنه ويحصله تعييناً وتحصيلا لا

٦٥

خلقه ممّا لو لم يحضره ذلك العلم ويغيبه كان جاهلا ضعيفا كما أنا لو رأينا علماء الخلق إنّما سموا بالعلم لعلم حادث إذ كانوا فيه جهلة وربّما فارقهم العلم بالأشياء فعادوا إلى الجهل وإنّما سمّي الله عالماً لأنّه لا يجهل شيئاً فقد جمع الخالق والمخلوق اسم العالم واختلف المعنى على ما رأيت.

وسمّي ربّنا سميعاً لا بخرت فيه يسمع به الصوت ولا يبصر به كما أنّ خرتنا الّذي به نسمع لا نقوى به على البصر ولكنّه أخبر أنّه لا يخفى عليه شيء من الأصوات ليس على حدّ ما سمينا نحن فقد جمعنا الاسم بالسمع واختلف المعنى.

وهكذا البصر لا بخرت منه أبصر كما أنا نبصر بخرت منا لا ننتفع به في غيره ولكن الله بصير لا يحتمل شخصا منظورا إليه فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

وهو قائم ليس على معنى انتصاب وقيام على ساق في كبد كما قامت الأشياء

________________________________________________________

يكون له إلّا بحصوله بعد خلوه عنه بذاته كان جاهلا، وفي بعض النسخ ولغيبة من الغيبة فيكون عطفا على النفي ومفسرا له أو حالا، وفي العيون وغيره ويعنه وهو الصواب، وفي بعض نسخ العيون وتفنية ما مضى أيّ إفناءها، وفي بعض نسخ التّوحيد وتقفية ما مضى بما أفنى أيّ جعل بعض ما يفنى في قفاء ما مضى، أيّ يكون مستحضرا لـمّا مضى ممّا أعدمه سابقاً حتّى يفنى ما يفنى بعده على طريقته، وعلى التقديرين معطوف على الموصول.

قولهعليه‌السلام : لا بخرت، هو بالفتح والضم الثقب في الأذن وغيرها.

قولهعليه‌السلام : فقد جمعنا، بسكون العين على صيغة المتكلّم أو بفتحها على صيغة الغائب، والاسم على الأوّل منصوب، وعلى الثاني مرفوع.

قولهعليه‌السلام : لا يحتمل شخصا، أيّ لا يقبل مثاله ولا ينطبع صورته الذهني وشبحه فيه، فيدّل على أنّ الإبصار بالانطباع لا بخروج الشعاع، وفي العيون والتوحيد: لا يجهل شخصا وهو أظهر، والكبد بالتحريك: المشقة والتعب، والقضافة بالقاف والضاد المعجمة ثمّ الفاء: الدقة والنحافة.

٦٦

ولكن قائم يخبر أنّه حافظ كقول الرَّجل القائم بأمرنا فلأنّ والله هو القائم على كلّ نفس بما كسبت والقائم أيضاً في كلام الناس الباقي والقائم أيضاً يخبر عن الكفاية كقولك للرجلَّ قم بأمرّ بني فلأنّ أيّ اكفهم والقائم منا قائم على ساق فقد جمعنا الاسم ولم نجمع المعنى.

وأمّا اللّطيف فليس على قلة وقضافة وصغر ولكن ذلك على النفاذ في الأشياء والامتناع من أنّ يدرك كقولك للرجلَّ لطف عنّي هذا الأمرّ ولطف فلان في مذهبه وقوله يخبرك أنّه غمض فيه العقل وفات الطلب وعاد متعمّقاً متلطفاً لا يُدركه الوهم فكذلك لطف الله تبارك وتعالى عن أنّ يُدرك بحدّ أو يُحدَّ بوصف واللّطافة منّا الصغر والقلّة فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

وأمّا الخبير فالّذي لا يعزب عنه شيء ولا يفوته ليس للتجربة ولا للاعتبار بالأشياء فعند التجربة والاعتبار علمأنّ ولو لا هما ما علم لأنّ من كان كذلك كان جاهلا والله لم يزل خبيراً بما يخلق والخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : وفات الطلب، أيّ فات ذلك الشيء عن الطلب فلا يدركه الطلب، أو فات عن العقل الطلب فلا يمكنه طلبه، ويحتمل على هذا أنّ يكون الطلب بمعنى المطلوب « وعاد » أيّ العقل أو الوهم على التنازع، أو ذلك الشيء فالمراد أنّه صار ذا عمق ولطافة ودقة لا يدركه الوهم لبعد عمقه وغاية دقته، وتفصيله: أنّه يمكن أنّ يقرأ الطلب مرفوعاً ومنصوباً، فعلى الأوّل يكون فات لازما أيّ ضاع وذهب الطلب، وعلى الثاني فضمير الفاعل إمّا راجع إلى الأمرّ المطلوب، أيّ لا يدرك الطلب ذلك الأمرّ كما ورد في الدعاء « لا يفوته هارب » أو إلى العقل على الوجهين المذكورين، وربّما يحمل الطلب على الطالب بإرجاع ضمير الفاعل إلى الأمر، وربّما يقال: يعود ضمير الفاعل في عاد إلى الطلب، وتقدير القول في قوله: لا يدركه وهم، أيّ يعود الطلب أو الطالب متعمقّاً متلطّفاً قائلا لا يدركه وهم، ولا يخفى بعده، وسنام كلّ شيء: أعلاه

٦٧

وأمّا الظاهر فليس من أجلَّ أنّه علا الأشياء بركوب فوقها وقعود عليها وتسنم لذراها ولكن ذلك لقهره ولغلبته الأشياء وقدرته عليها كقول الرّجلَّ ظهرت على أعدائي وأظهرني الله على خصمي يخبر عن الفلج والغلبة فهكذا ظهور الله على الأشياء ووجه آخر أنّه الظاهر لمن أراده ولا يخفى عليه شيء وأنّه مدبر لكلّ ما برأ فأيّ ظاهر أظهر وأوضح من الله تبارك وتعالى لأنك لا تعدم صنعته حيثما توجهت وفيك من آثاره ما يغنيك والظاهر منا البارز بنفسه والمعلوم بحده فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى.

وأمّا الباطن فليس على معنى الاستبطأنّ للأشياء بأنّ يغور فيها ولكن ذلك منه على استبطأنّه للأشياء علـمّا وحفظا وتدبيرا كقول القائل أبطنته يعنّي خبرته وعلمت مكتوم سره والباطن منا الغائب في الشيء المستتر وقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

وأمّا القاهر فليس على معنى علاج ونصب واحتيال ومداراة ومكر كما يقهر العباد بعضهم بعضا والمقهور منهم يعود قاهرا والقاهر يعود مقهورا ولكن ذلك من الله تبارك وتعالى على أنّ جميع ما خلق ملبس به الذل لفاعله وقلة الامتناع لـمّا أراد به لم

________________________________________________________

ومنه تسنّمه أيّ علاه، والذّرى بضم الذال المعجمة وكسرها جمع الذروة بهما، وهي أيضاً أعلى الشيء.

قولهعليه‌السلام : لا يخفى عليه شيء، يحتمل إرجاع الضمير المجرور إلى الموصول، أيّ لا يخفى على من أراد معرفته شيء من أموره: من وجوده وعلمه وقدرته وحكمته وعلى تقدير إرجاعه إليه تعالى لعله ذكر استطراداً، أو إنّما ذكر لأنّه مؤيد لكونه مدبراً لكلّ شيء، أو لأنّه مسبب عن علية كلّ شيء، أو لأنّ ظهوره لكلّ شيء وظهور كلّ شيء له مسببان عن تجرده تعالى، ويحتمل أنّ يكون وجهاً آخر لإطلاق الظاهر عليه تعالى، لأنّ في المخلوقين لـمّا كان المطلع على شيء حاضراً عنده ظاهراً له، جاز أنّ يعبر عن هذا المعنى بالظهور، والعلاج: العمل والمزاولة بالجوارح.

٦٨

يخرج منه طرفة عين أنّ يقول له كن فيكون والقاهر منّا على ما ذكرت ووصفت فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى وهكذا جميع الأسماء وإن كنّا لم نستجمعها كلّها فقد يكتفي الاعتبار بما ألقينا إليك والله عونك وعوننا في إرشادنا وتوفيقنا.

( باب تأويل الصمد )

١ - عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد ولقبه

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام لم يخرج منه طرفة عين: لعلّه يدّل على أنّ الأشياء في كلّ أنّ محتاجة إلى إفاضة جديدة وإيجاد جديد، وفي التّوحيد طرفة عين، غير أنّه يقول له وقد أشار إلى ما أومأنا إليه بهمنيار في التحصيل وغيره، حيث قالوا: كلّ ممكن بالقياس إلى ذاته باطل، وبه تعالى حق كما يرشد إليه قوله تعالى: «كلّ شَيْءٍ هالِكٌ إلّا وَجْهَهُ »(١) فهو آنا فآنا يحتاج إلى أنّ يقول له الفاعل الحق: كن، ويفيض عليه الوجود بحيث لو أمسك عنه هذا القول والإفاضة طرفة عين، لعاد إلى البطلان الذّاتي والزوال الأصلي، كما أنّ ضوء الشمس لو زال عن سطح المستضيء لعاد إلى ظلمته الأصليّة.

باب تأويل الصمّد

الحديث الأول: ضعيف على المشهور.

واعلم أنّ العلماء اختلفوا في تفسير الصمد، فقيل: أنّه فعل بمعنى المفعول من صمد إليه إذا قصده، وهو السيّد المقصود إليه في الحوائج، كما ورد في هذا الخبر، وروت العامة عن ابن عباس أنّه لـمّا نزلت هذه الآية قالا: ما الصمد؟ قال صلوات الله عليه وآله: هو السيّد الّذي يصمد إليه في الحوائج، وقيل: أنّ الصمّد هو الّذي لا جوف له.

__________________

(١) سورة القصص: ٨٨.

٦٩

شباب الصيرفيّ، عن داود بن القاسم الجعفريّ قال قلت لأبي جعفر الثانيعليه‌السلام جعلت فداك ماالصمد قال السيّد المصمود إليه في القليل والكثير.

٢ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن عيسى، عن يونس

________________________________________________________

وقال ابن قتيبة: الدّال فيه مبدلة من التاء وهو الصمت، وقال بعض اللغويين: الصمّد هو الأملس من الحجر لا يقبل الغبار ولا يدخله ولا يخرج منه شيء، فعلى الأوّل عبارة عن وجوب الوجود والاستغناء المطلق واحتياج كلّ شيء في جميع أموره إليه، أيّ الّذي يكون عنده ما يحتاج إليه كلّ شيء، ويكون رفع حاجة الكلّ إليه ولم يفقد في ذاته شيئاً ممّا يحتاج إليه الكلّ وإليه يتوجه كلّ شيء بالعبادة والخضوع وهو المستحق لذلك، وإمّا على الثاني فهو مجاز عن أنّه تعالى أحدي الذّات، أحدي المعنى، ليست له أجزاء ليكون بين الأجزاء جوف، ولا صفات زائدة فيكون بينها وبين الذّات جوف، أو عن أنّه الكامل بالذّات، ليس فيه جهة استعداد وإمكان، ولا خلو له عمّا يليق به، فلا يكون له جوف يصلح أنّ يدخله ما ليس له في ذاته، فيستكمل به، فالجوف كناية عن الخلو عمّا يصلح اتّصافه به، وإمّا عليّ الثالث فهو كناية عن عدم الانفعال والتأثر عن الغير، وكونه محلاً للحوادث كما مرّ عن الصادقّعليه‌السلام : أنّ الرّضا دخال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال، لأنّ المخلوق أجوف معتمل مركّب للأشياء فيه مدخل، وخالقنا لا مدخل للأشياء فيه لأنّه واحد واحدي الذّات واحدي المعنى، وقد ورد بكلّ من تلك المعاني أخبار.

وقد روى الصدوق في التّوحيد ومعاني الأخبار خبراً طويلاً مشتملاً على معاني كثيرة للصمد، وقد نقل بعض المفسرين عن الصحابة والتابعين والأئمة واللغويين قريباً من عشرين معنى، ويمكن إدخال جميعها فيما ذكرنا من المعنى الأوّل، لأنّه لاشتماله على الوجوب الذّاتي يدّل على جميع السلوب، ولدلالته على كونه مبدء للكلّ يدّل على اتّصافه بجميع الصّفات الكمالية، وبه يمكن الجمع بين الأخبار المختلفة الواردة في هذا المعنى، وقد أوردنا الأخبار في كتاب بحار الأنوار.

الحديث الثاني: مجهول كالصحيح، وقوله: واحد خبر إنّ والجملتان

٧٠

ابن عبد الرحمن، عن الحسن بن السريٌ، عن جابر بن يزيد الجعفي قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن شيء من التّوحيد فقال أنّ الله تباركت أسماؤه الّتي يدعا بها وتعالى في علو كنهه واحد توحدّ بالتّوحيد في توحده ثمّ أجراه على خلقه فهو واحد صمد قدوس يعبده كلّ شيء ويصمد إليه كلّ شيءو وَسِعَ كلّ شَيْءٍ عِلـمّاً.

فهذا هو المعنى الصحيح في تأويل الصمّد لا ما ذهب إليه المشبّهة أنّ تأويل الصمّد المصمت الّذي لا جوف له لأنّ ذلك لا يكون إلّا من صفة الجسم والله جلَّ ذكره متعال عن ذلك هو أعظم وأجلَّ من أنّ تقع الأوهام على صفته أو تدرك كنه عظمته ولو كان تأويل الصمّد في صفة الله عزّ وجلَّ المصمت لكان مخالفا لقوله عزّ وجلَّ: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »(١) لأنّ ذلك من صفة الأجسام المصمتة الّتي لا أجواف لها مثل الحجر والحديد وسائر الأشياء المصمتة الّتي لا أجواف لها تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.

فإمّا ما جاء في الأخبار من ذلك فالعالمعليه‌السلام أعلم بما قال وهذا الّذي قالعليه‌السلام

________________________________________________________

معترضتان، تباركت أسماؤه: أيّ تطهّرت عن النقائص أو كثرت صفات جلاله وعظمته أو ثبتت ولا يعتريها التغيّر من قولهم: برك البعير بالمكان أيّ أقام، وكلمة « في » في قوله: في علو كنهه، تعليلية، وقولهعليه‌السلام : توحدّ بالتوحيد، أيّ لم يكن في الأزل أحد يوحّده، فهو كان يوحدّ نفسه، فكان متفردا بالوجود، متوحّداً بتوحيد نفسه، ثمّ بعد الخلق عرفهم نفسه، وأمرهم أنّ يوحدوه، أو المراد أنّ توحده لا يشبه توحدّ غيره، فهو متفرد بالتوحد، أو كان قبل الخلق كذلك وأجرى سائر أنواع التوحدّ على خلقه، إذا الوحدة تساوق الوجود أو تستلزمه، لكن وحداتهم مشوبة بأنواع الكثرة كما عرفت.

قوله: فهذا هو الصحيح، من كلام الكليني (ره).

قوله: من ذلك، أيّ تفسير الصمّد بالصمت فالعالمعليه‌السلام أعلم، أيّ هوعليه‌السلام أعلم بتفسيره ومراده، والجمرة بالتحريك والفتح واحدة جمرات المناسك، والقصوى: العقبة

__________________

(١) سورة الشورى: ١١.

٧١

أنّ الصمّد هو السيّد المصمود إليه هو معنى صحيح موافق لقول الله عزّ وجلَّ «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ » والمصمود إليه المقصود في اللغة قال أبو طالب في بعض ما كان يمدح به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من شعره:

وبالجمرة القصوى إذا صمدوا لها

يؤمون رضخاً رأسها بالجنادل

يعني قصدوا نحوها يرمونها بالجنادل يعنّي الحصى الصغار الّتي تسمّى بالجمار وقال بعض شعراء الجاهليّة [ شعراً ]:

ما كنت أحسب أنّ بيتا ظاهراً

لله في أكناف مكة يصمد

يعني يقصد.

وقال ابن الزبرقان:ولا رهيبة الاسيد صمد

وقال شدّاد بن معاوية في حذيفة بن بدر:

علوته بحسام ثمّ قلت له

خذها حذيف فأنت السيد الصمد

ومثل هذا كثير والله عزّ وجلَّ هو السيّد الصمّد الّذي جميع الخلق من الجنّ والإنس إليه يصمدون في الحوائج وإليه يلجأون عند الشدائد ومنه يرجون الرَّخاء ودوام النعماء ليدفع عنهم الشدائد.

( باب الحركة والانتقال )

١ - محمّد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن عليّ بن عبّاس الخراذينيّ، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر الجعفري، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام قال ذكر عنده قوم يزعمون أنَّ الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدُّنيا

________________________________________________________

والحصا بالفتح والقصر جمع الحصاة « ما كنت أحسب » أيّ أظن و « رهيبة » اسم رجلَّ « علوته بحسام » الحسام: السيف، أيّ رفعته فوق رأسه، وحذيف: منادي مرخمّ.

باب الحركة والانتقال

الحديث الأوّل: ضعيف.

٧٢

فقال إنَّ الله لا ينزل ولا يحتاج إلى أن ينزل إنّما منظره في القرب والبعد سواء لم يبعد منه قريب ولم يقرب منه بعيد ولم يحتج إلى شيء بل يُحتاج إليه وهو ذو الطوللا إِلهَ إلّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إمّا قول الواصفين أنّه ينزل تبارك وتعالى فإنّما يقول ذلك من ينسبه إلى نقص أو زيادة وكلّ متحرك محتاج إلى من يحركه أو يتحرّك به فمن ظن بالله الظنون هلك فاحذروا في صفاته من أنّ تقفوا له على

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : إنّما منظره: أيّ نظره وعلمه وإحاطته بأنّ يكون مصدراً ميميّاً أو ما ينظر إليه في القرب والبعد منه سواء، أيّ لا يختلف اطلاعه على الأشياء بالقرب والبعد، لأنّهما إنّما يجريان في المكانيات بالنسبة إلى أمثالها وهو سبحانه متعال عن المكان، إذ يوجب الحاجة إلى المكان، وهو لم يحتج إلى شيء بل يُحتاج إليه على المجهول، أيّ كلّ شيء غيره محتاج إليه، والطّول: الفضل والإنعام.

قولهعليه‌السلام فإنّما يقول ذلك « إلخ » أيّ النزول المكانيّ إنّما يتصوّر في المتحيّز وكلّ متحيّز موصوف بالتقدّر، وكلّ مقتدّر متّصف بالنقص عمّا هو أزيد منه وبالزيّادة على ما هو أنقص منه، أو يكون في نفسه قابلاً للزيادة والنّقصان، والوجوب الذّاتي ينافي ذلك لاستلزامه التجزّي والانقسام المستلزمين للإمكان، وأيضاً كلّ متحرّك محتاج إلى من يحركه أو يتحرّك به، لأنّ المتحرّك إمّا جسم أو متعلّق بالجسم، والجسم المتحرك لا بد له من محرك، لأنّه ليس يتحرّك بجسميته، والمتعلّق بالجسم لا بد له في تحركه من جسم يتحرّك به، وهو سبحانه منزه عن الاحتياج إلى المحرّك، وعن التغيّر بمغيّر، وعن التعلق بجسم يتحرّك به.

ويحتمل أنّ يكون المراد بالأوّل الحركة القسريّة، وبالثاني ما يشمل الإرادية والطبيعية، بأنّ يكون المراد بمن يتحرّك به ما يتحرّك به من طبيعة أو نفس، وقوله: من أنّ يقفوا(١) ، من وقف يقف، أيّ أنّ يقوموا في الوصف له وتوصيفه على حدّ فتحدونه بنقص أو زيادة، ويحتمل أنّ يكون من قفا يقفو، أي تتبّعوا له في البحث عن صفاته

__________________

(١) وفي المتن « تقفوا » بصورة الخطاب.

٧٣

حدّ تحدُّونه بنقص أو زيادة أو تحريك أو تحرُّك أو زوال أو استنزال أو نهوض أو قعود فإنّ الله جلَّ وعزَّ عن صفة الواصفين ونعت الناعتين وتوهّمالمتوهمّين وَتوكّل على العزيز الرحيم الّذي يراك حين تقوم وَتقلّبك في الساجدين

٢ - وعنه رفعه، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام أنّه قال لا أقول أنّه قائم فاُزيله عن مكانه ولا أحدُّه بمكان يكون فيه ولا أحده أنّ يتحرّك في شيء من الأركان والجوارح ولا أحدُّه بلفظ شقّ فم ولكن كما قال [ الله ] تبارك وتعالى: «كُنْ فَيَكُونُ » بمشيئته من غير تردُّد في نفس صمداً فرداً لم يحتج إلى شريك يذكر له ملكه ولا يفتح له أبواب علمه.

________________________________________________________

تتبعاً على حدّ تحدّونه بنقص أو زيادة، قوله: «حِينَ تَقُومُ » أيّ إلى التهجّد أو إلى الخيرات أو إلى الأمور كلّها «وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ » أيّ ترددك وحركاتك بين المصلين بالقيام والقعود والركوع والسجود، والمعنىّ توكلّ عليه في جميع أمورك عارفاً بأنّه عالم بجميع أحوالك في جميع الأوقات، أو توكلّ عليه في توصيفه بصفاته فقل في صفته بما وصف به نفسه، ولا تعتمد في توصيفه على ما يذهب إليه وهمك.

الحديث الثاني: ضعيف.

قولهعليه‌السلام : فأزيله عن مكانه، أيّ لا يتّصف بالقيام إتّصاف الأجسام لاستلزامه الزوال في الجملة عن مكانه، كزوال ما يقوم من الأجسام عن مكأنّه الّذي استقر فيه، ولأنّ القيام نسبة إلى المكان بخلو بعض المكان عن بعض القائم عنه وشغل بعضه ببعض، ونسبته تعالى إلى كلّ الأمكنة سواء.

أقول: ويمكن أنّ يكون المراد بالمكان: الدرجة الرفيعة الّتي له سبحانه من التقدّس والتنزّه والتجرّد، أيّ نسبة القيام إليه تعالى مستلزم لإزالته عن تجرّده وتقدّسه وتنزّهه سبحانه.

قولهعليه‌السلام : في شيء من الأركان، أيّ الأركان البدنيّة أو النواحيٌّ والجوانب أيّ أركان الخلق « والجوارح » بأنّ يتحرّك رأسه أو عينه أو يده سبحانه « بلفظ شق فمّ » أيّ لفظ خارج من فرجة الفمّ.

٧٤

٣ - وعنه، عن محمّد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن إسماعيل، عن داود بن عبد الله، عن عمرو بن محمّد، عن عيسى بن يونس قال قال ابن أبي العوجاء لأبي عبد اللهعليه‌السلام في بعض ما كان يحاوره ذكرت الله فأحلت على غائب فقال أبو عبد الله ويلك كيف يكون غائباً من هو مع خلقه شاهدٌ وإليهم أقرب مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ يسمع كلامهم ويرى أشخاصهم ويعلم أسرارهم فقال ابن أبي العوجاء أهو في كلّ مكان أليس إذا كان في السماء كيف يكون في الأرض وإذا كان في الأرض كيف يكون في السماء فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام إنّما وصفت المخلوق الّذي إذا انتقل عن مكان اشتغل به مكان وخلا منه مكان فلا يدري في المكان الّذي صار إليه ما يحدث في المكان الّذي كان فيه فإمّا الله العظيم الشأنّ الملك الديأنّ فلا يخلو منه مكان ولا يشتغل به مكان ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان.

٤ - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى قال كتبت إلى أبي الحسن عليّ بن محمّدعليه‌السلام جعلني الله فداك يا سيّدي قد روي لنا أنّ الله في موضع دون موضع عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى وأنّه ينزل كلّ ليلة في النصف الأخير من الليل إلى السماء الدنيا وروي أنّه ينزل عشية عرفة ثمّ يرجع إلى موضعه فقال بعض مواليك في ذلك إذا كان في موضع دون موضع فقد يلاقيه الهواء ويتكنّف عليه

________________________________________________________

الحديث الثالث: مجهول.

قولهعليه‌السلام : من حبل الوريد، لعلّ فيه إشارة إلى أنّ قربه سبحانه قرب العليّة والتأثير والتدبير، إذ عرق العنق سبب للحياة وبانقطاعه يكون الموت والفناء، أيّ هو تعالى أدخل في حياة الشخص من عرق العنق، إذ هو خالقه ومسبب سائر أسباب حياته

الحديث الرابع: ضعيف، وسنده الثاني صحيح على الظاهر.

قولهعليه‌السلام : علم ذلك عنده، أيّ علم كيفية نزوله عنده سبحانه، وليس عليكم معرفة ذلك، ثمّ أشار إشارة خفيّة إلى أنّ المراد بنزوله: تقديره نزول رحمته، وإنزالها بتقديره بقوله: وهو المقدّر له بما هو أحسن تقديراً، ثمّ أفاد أنّ ما عليكم علمه أنه

٧٥

والهواء جسم رقيق يتكنّف على كلّ شيء بقدره فكيف يتكنف عليه جلَّ ثناؤه على هذا المثال فوقّععليه‌السلام علم ذلك عنده وهو المقدر له بما هو أحسن تقديراً واعلم أنّه إذا كان في السماء الدنيا فهو كما هو على العرش والأشياء كلّها له سواء علـمّا وقدرة وملكاً وإحاطة.

وعنه، عن محمّد بن جعفر الكوفيّ، عن محمّد بن عيسى مثله.

( في قوله تعالى:ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إلّا هُوَ رابِعُهُمْ ) (١)

٥ - عنه، عن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن اُذينة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله تعالى «ما يَكُونُ

________________________________________________________

لا يجري عليه أحكام الأجسام والمحيّزات من المجاورة والقرب المكاني، والتمكنّ في الأمكنة، بل حضوره سبحانه حضور وشهود علميّ وإحاطة بالعلم والقدرة والملك بقوله: وعلم أنّه « إلخ ».

قوله: في قوله هذا كلام المصنف (ره) أيّ روي في تفسير هذه الآية الرواية الآتية، وقيل: عطف على عنوأنّ الباب، أيّ باب في قوله، وهو بعيد.

الحديث الخامس: صحيح.

قوله تعالى «ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ » أيّ ما يقع من تناجي ثلاثة، ويجوز أنّ يقدر مضاف أو يؤول نجوى من متناجين(٢) ويجعل ثلاثة صفة لها «إلّا هُوَ رابِعُهُمْ » أيّ إلّا الله يجعلهم أربعة من حيث أنّه يشاركهم في الاطلاع عليها «وَلا خَمْسَةٍ » أيّ ولا نجوى خمسة، وتخصيص العددين إمّا لخصوص الواقعة، أو لأنّ الله وتر يحبُّ الوتر والثلاثة أول الأوتار، أو لأنّ التشاور لا بد له من اثنين يكونان كالمتنازعين، وثالث يتوسط بينهما.

__________________

(١) سورة المجادلة: ٧.

(٢) وفي نسخة [ ح ] « نجوى بمتناجيين ».

٧٦

مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إلّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إلّا هُوَ سادِسُهُمْ » فقال هو واحد واحديُّ الذات بائن من خلقه وبذاك وصف نفسه ،«وهُوَ بِكلّ شَيْءٍ مُحِيطٌ » بالإشراف والإحاطة والقدرة «لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ » بالإحاطة والعلم لا بالذّات لأنّ الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة فإذا كان بالذّات لزمها الحواية.

(في قوله الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ) (١)

٦ - عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه سئل عن قول الله عزّ وجل: «الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى » فقال استوى على كلّ شيء فليس شيء أقرب إليه من شيء.

________________________________________________________

ثمّ اعلم أنّه لـمّا كان القُدّام والخلف واليمين والشمال غير متميزة إلّا بالاعتبار عدّ الجميع حدّين، والفوق والتحت حدين، فصارت أربعة، والمعنىّ أنّه ليست إحاطته سبحانه بالذّات، لأنّ الأماكن محدودة، فإذا كانت إحاطته بالذّات بأنّ كانت بالدخول في الأمكنة لزم كونه محاطا بالمكان كالمتمكن، وأنّ كانت بالانطباق على المكان لزم كونه محيطاً بالمتمكّن كالمكان.

الحديث السادس: ضعيف.

واعلم أنّ الاستواء يطلق على معان: « الأوّل » الاستقرار والتمكن على الشيء « الثاني » قصد الشيء والإقبال إليه « الثالث » الاستيلاء على الشيء، قال الشاعر:

قد استوى شبر على العراق

من غير سيف ودم مهراق

« الرابع » الاعتدال يقال: سوّيت الشيء فاستوى « الخامس » المساواة في النسبة.

فإمّا المعنى الأوّل فيستحيل على الله تعالى، لـمّا ثبت بالبراهين العقلية والنقلية

__________________

(١) سورة طه: ٥.

٧٧

وبهذا الإسناد، عن سهل، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن مارد أنَّ أبا عبد اللهعليه‌السلام سئل عن قول الله عزّ وجل: «الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى » فقال استوى

________________________________________________________

من استحالة كونه تعالى مكانيّاً، فمن المفسرين من حمل الاستواء في هذه الآية على الثاني، أيّ أقبل على خلقه وقصد إلى ذلك، وقد ورد أنّه سئل أبو العبّاس أحمد بن يحيى عن هذه الآية، فقال: الاستواء الإقبال على الشيء، ونحو هذا قال الفراء والزجاج في قوله عزّ وجل: «ثمّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ »(١) والأكثرون منهم حملوها على الثالث، أيّ استولى عليه وملكه ودبره قال الزمخشري: لـمّا كان الاستواء على العرش وهو سرير الملك لا يحصل إلّا مع الملك جعلوه كناية عن الملك، فقالوا: استوى فلأنّ على السرير يريدون ملكه، وأنّ لم يعقد على السرير البتة، وإنّما عبّروا عن حصول الملك بذلك لأنّه أصرح وأقوى في الدلالة من أنّ يقال فلان ملك، ونحوه قولك يد فلأنّ مبسوطة، ويد فلأنّ مغلولة، بمعنى أنّه جواد أو بخيل، لا فرق بين العبارتين إلّا فيما قلت، حتّى أنّ من لم يبسط يده قط بالنوال، أو لم يكن له يد رأساً وهو جواد قيل فيه يد مبسوطة، لأنّه لا فرق عندهم بينه وبين قولهم جواد « انتهى ».

ويحتمل أن يكون المراد المعنى الرابع بأنّ يكون كناية عن نفي النقص عنه تعالى من جميع الوجوه، فيكون قوله تعالى «عَلَى الْعَرْشِ » حالا وسيأتي توجيهه، ولكنّه بعيد.

وإمّا المعنى الخامس فهو الظاهر ممّا مرّ من الأخبار.

فاعلم أنّ العرش قد يطلق على الجسم العظيم الّذي أحاط بسائر الجسمانيّات، وقد يطلق على جميع المخلوقات، وقد يطلق على العلم أيضاً كما وردت به الأخبار الكثيرة، وقد حققناه في كتاب السماء والعالم من كتاب بحار الأنوار، فإذا عرفت هذا فإمّا أنّ يكونعليه‌السلام فسر العرش بمجموع الأشياء، وضمّن الاستواء ما يتعدّى بعلى

__________________

(١) سورة البقرة: ٢٩.

٧٨

من كلّ شيء فليس شيء أقرب إليه من شيء.

________________________________________________________

كالاستيلاء والاستعلاء والإشراف، فالمعنى استوت نسبته إلى كلّ شيء حالكونه مستوليا عليها، أو فسّره بالعلم، ويكون متعلّق الاستواء مقدرا، أيّ تساوت نسبته من كلّ شيء حالكونه متمكنا على عرش العلم، فيكون إشارة إلى بيان نسبته تعالى وأنها بالعلم والإحاطة، أو المراد بالعرش عرش العظمة والجلال والقدرة كما فسر بها أيضاً في بعض الأخبار، أيّ استوى من كلّ شيء مع كونه في غاية العظمة ومتمكنا على عرش التقدّس والجلالة، والحاصل أنّ علو قدره ليس مانعا من دنوة بالحفظ والتربية والإحاطة وكذا العكس.

وعلى التقادير فقوله «اسْتَوى » خبر، وقوله «عَلَى الْعَرْشِ » حال، ويحتمل أنّ يكونا خبرين على بعض التقادير، ولا يبعد على الاحتمال الأوّل جعل قوله: على العرش، متعلقا بالاستواء بأنّ تكون كلمة « على » بمعنى إلى، ويحتمل على تقدير حمل العرش على العلم أنّ يكون قوله على العرش خبرا، وقوله: استوى، حإلّا عن العرش ولكنّه بعيد.

وعلى التقادير يمكن أنّ يقال أنّ النكتة في إيراد الرحمن بيان أنّ رحمانيته توجب استواء نسبته إيجادا وحفظا وتربية وعلـمّا إلى الجميع، بخلاف الرحيمية فإنها تقتضي إفاضة الهدايات الخاصّة على المؤمنين فقط، وكذا كثير من أسمائه الحسنى تخص جماعة كما حققناه في الكتاب المذكور.

ويؤيد بعض الوجوه الّذي ذكرنا ما ذكره الصّدوق (ره) في كتاب العقائد حيث قال: اعتقادنا في العرش أنّه جملة جميع الخلق، والعرش في وجه آخر هو العلم، وسئل الصادقّعليه‌السلام : عن قول الله عزّ وجل: «الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى » فقال: استوى من كلّ شيء فليس شيء أقرب إليه من شيء « انتهى » وإنّما بسطنا الكلام في هذا المقام لصعوبة فهم تلك الأخبار على أكثر الأفهام.

٧٩

٧ - وعنه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوأنّ بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله تعالى «الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى » فقال استوى في كلّ شيء فليس شيء أقرب إليه من شيء لم يبعد منه بعيد ولم يقرب منه قريب استوى في كلّ شيء.

٨ - وعنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من زعم أنّ الله من شيء أو في شيء أو على شيء فقد كفر قلت فسر لي قال أعنّي بالحواية من الشيء له أو بإمساك له أو من شيء سبقه.

وفي رواية أخرى من زعم أنّ الله من شيء فقد جعله محدثا ومن زعم أنّه في شيء فقد جعله محصوراً ومن زعم أنّه على شيء فقد جعله محمولا.

في قوله تعالى ( وَهُوَ الّذي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ ) (١)

٩ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم قال قال أبو شاكر الديصاني أنّ في القران آية هي قولنا قلت ما هي فقال «وَهُوَ الّذي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ » فلم أدر بما أجيبه فحججت فخبرت أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال هذا كلام زنديق خبيث إذا رجعت إليه فقل له ما اسمك بالكوفة؟

________________________________________________________

الحديث السابع: صحيح.

الحديث الثامن: صحيح وآخره مرسل.

قوله: بالحواية من الشيء له، تفسير لقوله: في شيء، وقوله: أو بإمساك له، تفسير لقوله: على شيء، وقوله: أو من شيء سبقه، تفسير لقوله: من شيء.

الحديث التاسع: حسن، ولعلّ هذا الديصاني لـمّا كان قائلا بإلهين: نور، ملكه السماء، وظلمة ملكها الأرض، أول الآية بما يوافق مذهبه بأنّ جعل قوله: «وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ » جملة تامة معطوفة على مجموع الجملة السابقة، أيّ وفي الأرض إله

__________________

(١) سورة الزخرف: ٨٣.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

أبي حمزة(١) .

ورواه الشيخ بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم ابن محمّد مثله(٢) .

[ ٢٨١٣٠ ] ٣ - وعنه، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزاز(٣) ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: قلت له: الرجل يزوج أمته من رجل حرّ، ثمّ يريد أن ينزعها منه، ويأخذ منه نصف الصداق، فقال: إن كان الذي زوّجها منه يبصر ما أنتم عليه، ويدين به فله أن ينزعها منه، ويأخذ منه نصف الصداق ؛ لانه قد تقدّم من ذلك على معرفة أنّ ذلك للمولى، وإن كان الزوج لا يعرف هذا وهو من جمهور الناس، يعامله المولى على ما عامل به مثله، فقد تقدّم على معرفة ذلك منه.

أقول: هذا محمول على أنّ للمولى أن يبيع الأمة، وأنّ بيعها بمنزلة الطلاق ؛ لانّ للمشتري الفسخ، كما تقدَّم هنا(٤) ، وفي نكاح الاماء(٥) .

٤٥ - باب انه لا يجوز للعبد ان يطلق إلّا باذن مولاه

[ ٢٨١٣١ ] ١ - محمّد بن عليِّ بن الحسين بإسناده، عن ابن أُذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر، وأبي عبدالله( عليهما‌السلام ) ، قالا: المملوك لا يجوز

____________________

(١) الفقيه ٣: ٣٥ / ١٦٧٤.

(٢) التهذيب ٧: ٣٣٧ / ١٣٧٩، والاستبصار ٣: ٢٠٨ / ٧٥٣.

٣ - الكافي ٦: ١٦٩ / ٦.

(٣) في المصدر: الخزاز.

(٤) تقدم في الحديث ٤ من الباب ٤٣ من هذه الأبواب.

(٥) تقدم في الأبواب ٤٧ و ٤٨ و ٦٤ من أبواب نكاح العبيد والاماء.

الباب ٤٥

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٣: ٣٥ / ١٦٧٣.

١٠١

طلاقه، ولا نكاحه إلّا باذن سيّده، قلت: فان السيد كان زوَّجه، بيد من الطلاق؟ قال: بيد السيّد( ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء ) (١) ، أفشيء الطلاق؟!.

ورواه الشيخ بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة(٢) .

أقول: المسألة الثانية مخصوصة بأمة مولاه لما تقدَّم، والله أعلم(٣) .

____________________

(١) النحل ١٦: ٧٥.

(٢) التهذيب ٧: ٣٤٧ / ١٤١٩، والإِستبصار ٣: ٢١٤ / ٧٨٠.

(٣) تقدم في الباب ٤٥ و ٦٦ من أبواب نكاح العبيد والاماء، وفي الاحاديث ١ و ٢ و ٤ من الباب ٤٣ من هذه الأبواب.

١٠٢

أبواب أقسام الطلاق وأحكامه

١ - باب كيفية طلاق السنّة، وجملة من أحكامه

[ ٢٨١٣٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه - جميعاً - عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، أنّه قال: كل طلاق لا يكون على السنّة، أو طلاق على العدّة فليس بشيء، قال زرارة: قلت لابي جعفر( عليه‌السلام ) : فسر لي طلاق السنّة وطلاق العدة، فقال: أما طلاق السنّة: فاذا أراد الرجل ان يطلّق امرأته فلينتظر بها حتّى تطمث وتطهر، فاذا خرجت من طمثها طلّقها تطليقة من غير جماع، ويُشهد شاهدين على ذلك، ثمّ يدعها حتّى تطمث طمثتين فتنقضي عدتها بثلاث حيض، وقد بانت منه، ويكون خاطباً من الخطّاب، إن شاءت تزوِّجته، وإن شاءت لم تزوجه(١) ، وعليه نفقتها والسكنى ما دامت في عدَّتها، وهما يتوارثان حتّى تنقضي عدتها(٢) . الحديث.

____________________

أبواب أقسام الطلاق وأحكامه

الباب ١

فيه ٩ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٦٥ / ٢، التهذيب ٨: ٢٦ / ٨٣، وأورد قطهة منه في الحديث ٤ من الباب ٩ من أبواب مقدمات الطلاق، وقطعة في الحديث ١ من الباب ١١ من أبواب استيفاء العدد، وذيله في الحديث ١ من الباب ٢ هذه الأبواب.

(١) في المصدر: تتزوجه.

(٢) في المصدر: العدَّة.

١٠٣

[ ٢٨١٣٣ ] ٢ - وعن أبي عليِّ الأشعريِّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، وعن محمّد بن جعفر أبي العبّاس الرزّاز، عن أيّوب بن نوح، وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه - جميعاً - عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: طلاق السنّة: يطلّقها تطليقة - يعني: على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين - ثمَّ يدعها حتّى تمضى أقراؤها، فإذا مضت أقراؤها فقد بانت منه، وهو خاطب من الخطّاب، إن شاءت نكحته، وإن شاءت فلا، وإن أراد أن يراجعها أشهد على رجعتها قبل أن تمضي أقراؤها، فتكون عنده على التطليقة الماضية.

قال: وقال أبو بصير عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) وهو قول الله عزّ وجلّ:( الطلاق مرّتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان ) (١) التطليقة الثانية(٢) : التسريح باحسان.

[ ٢٨١٣٤ ] ٣ - وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن( ابن أبي نجران) (٣) ، أو غيره، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن طلاق السنّة، فقال: طلاق السنّة، إذا أراد الرجل أن يطلّق امرأته، يدعها إن كان قد دخل بها حتّى تحيض ثمّ تطهر، فاذا طهرت طلّقها واحدة بشهادة شاهدين، ثمّ يتركها حتّى تعتدَّ ثلاثة قروء، فاذا مضى ثلاثة قروء فقد بانت منه بواحدة(٤) ، وكان زوجها خاطباً من الخطّاب، إن شاءت تزوَّجته، وإن شاءت لم تفعل، فان تزوَّجها بمهر جديد كانت عنده

____________________

٢ - الكافي ٦: ٦٤ / ١، التهذيب ٨: ٢٥ / ٨٢.

(١) البقرة ٢: ٢٢٩.

(٢) في نسخة: الثالثة « هامش المخطوط ».

٣ - الكافي ٦: ٦٦ / ٤، وأورد ذيله في الحديث ٢ من الباب ٢، وقطعة منه في الحديث ٣ من الباب ١٦ من هذه الأبواب.

(٣) في التهذيب: ابن أبي عمير « هامش المخطوط » وكذلك في الاستبصار.

(٤) في تفسير القمي زيادة: وحلّت للازواج « هامش المخطوط ».

١٠٤

على اثنتين باقيتين، وقد مضت الواحدة، فان هو طلّقها واحدة اخرى على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين، ثمّ تركها حتّى تمضي أقراؤها، فاذا مضت أقراؤها من قبل أن يراجعها فقد بانت منه باثنتين، وملكت أمرها، وحلت للازواج، وكان زوجها خاطبا من الخطّاب، إن شاءت تزوَّجته، وإن شاءت لم تفعل، فان هو تزوَّجها تزويجاً جديدا بمهر جديد كانت معة بواحدة باقية، وقد مضت ثنتان، فان أراد أن يطلّقها طلاقاً لا تحلُّ له حتّى تنكح زوجا غيره، تركها حتّى إذا حاضت وطهرت، أشهد على طلاقها تطليقة واحدة، ثمّ لا تحلّ له حتّى تنكح زوجاً غيره. الحديث.

ورواه الشيخ بإسناده، عن محمّد بن يعقوب(١) وكذا كلّ ما قبله.

ورواه عليُّ ابن إبراهيم في( تفسيره) : عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس رفعه، عن عبدالله ابن مسكان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) نحوه(٢) .

[ ٢٨١٣٥ ] ٤ - وعن أبي عليِّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، وعن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه - جميعاً - عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم جميعاً، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن طلاق السنّة، كيف يطلّق الرجل امرأته؟ قال: يطلّقها في [ طهر ](٣) قبل عدتها من غير جماع بشهود، فان طلّقها واحدة، ثمّ تركها حتّى يخلو أجلها فقد بانت منه، وهو خاطب من الخطاب، فان راجعها فهي عنده على تطليقة ماضية وبقي تطليقتان، فإن طلّقها الثانية ثمّ تركها حتّى يخلو أحلها فقد بانت منه، وإن هو شهد على

____________________

(١) التهذيب ٨: ٢٧ / ٨٤، والاستبصار ٣: ٢٦٨ / ٩٥٩.

(٢) تفسير القمي ١: ٧٤.

٤ - الكافي ٦: ٦٧ / ٥.

(٣) أثبتناه من المصدر.

١٠٥

رجعتها قبل أن يخلو أجلها فهي عنده على تطليقتين ماضيتين وبقت واحدة، فان طلّقها الثالثة فقد بانت منه، ولا تحلُّ له حتّى تنكح زوجاً غيره، وهي ترث، وتورث ما كان له عليها رجعة من التطليقتين الأوّلتين.

[ ٢٨١٣٦ ] ٥ - وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اُذينة، عن ابن بكير، وغيره، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، أنّه قال: الطلاق الذي أمرّ الله عزّ وجلّ به في كتابه، والذي سنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أن يخلي الرجل عن المرأة، فاذا حاضت وطهرت من محيضها، أشهد رجلين عدلين على تطليقه وهي طاهر من غير جماع، وهو أحقُّ برجعتها ما لم تنقض ثلاثة قروء، وكلّ طلاق ما خلا هذا فباطل ليس بطلاق.

[ ٢٨١٣٧ ] ٦ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: طلاق السنّة: إذا طهرت المرأة فليطلّقها مكانها واحدة في غير جماع، يشهد على طلاقها، وإذا أراد أن يراجعها أشهد على المراجعة.

أقول: المراد بالسنّة هنا: المعنى الاعم الشامل لطلاق العدة، لا الأخصّ المقابل له.

[ ٢٨١٣٨ ] ٧ - وعن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : إذا أراد الرجل الطلاق طلّقها في قبل عدتها بغير جماع، فانّه إذا طلّقها واحدة، ثمَّ تركها حتّى يخلو أجلها، إن شاء أن يخطب مع الخطّاب فعل، فان راجعها قبل أن يخلو أجلها أو بعده كانت عنده على تطليقة، فان طلّقها الثانية أيضاً، فشاء أن يخطبها مع الخطّاب إن كان

____________________

٥ - الكافي ٦: ٦٨ / ٧.

٦ - الكافى ٦: ٦٨ / ٨.

٧ - الكافي ٦: ٦٩ / ٩، وتفسير العياشي ١: ١١٩ / ٣٧٦.

١٠٦

تركها حتّى يخلو أجلها، فان شاء راجعها قبل أن ينفضي أجلها، فان فعل فهي عنده على تطليقتين، فان طلّقها الثالثة فلا تحل له حتّى تنكح زوجا غيره، وهي ترث، وتورث ما كانت في الدم من التطليقتين الأوّلتين.

ورواه الشيخ كما يأتي نحوه(١) .

[ ٢٨١٣٩ ] ٨ - محمّد بن عليِّ بن الحسين، قال: روي عن الأئمة (عليهم‌السلام ) : انّ طلاق السنّة: هو أنّه إذا أراد الرجل أن يطلّق امرأته تربص بها حتّى تحيض وتطهر، ثمّ يطلّقها في قبل عدتها بشاهدين عدلين في موقف واحد بلفظة واحدة، فان أشهد على الطلاق رجلاً وأشهد بعد ذلك الثاني لم يجز ذلك الطلاق، إلّا أن يشهدهما جميعاً في مجلس واحد، فإذا مضت لها ثلاثة أطهار فقد بانت وهو خاطب من الخطّاب، والامرّ إليها، إن شاءت تزوّجته، وإن شاءت فلا، فإن تزوَّجها بعد ذلك تزوَّجها بمهر جديد، فان أراد طلاقها طلّقها للسنة على ما وصفت، ومتى طلّقها طلاق السنّة فجائز له أن يتزوَّجها بعد ذلك، وسمى طلاق السنّة طلاق الهدم، متى استوفت قروءها، وتزوَّجها ثانية هدم الطلاق الأوّل، وكل طلاق خالف طلاق السنّة فهو باطل، ومن طلّق امرأته للسنة فله أن يراجعها ما لم تنقض عدتها، فإذا انقضت عدتها بانت منه وكان خاطبا من الخطاب، ولا تجوز شهادة النساء في الطلاق، وعلى المطلّق للسنة نفقة المرأة والسكنى ما دامت في عدّتها، وهما يتوارثان حتّى تنقضي العدة.

أقول: قوله: هدم الطلاق الأوّل إمّا مخصوص بالتطليقتين الأوّلتين دون الثلاثة، أو المراد به: هدم تأثير الطلاق في تحريم التاسعة ؛ لما مضى(٢) ، ويأتي(٣) ، على أنّه يحتمل كونه، من كلام الصدوق، لا من الحديث، فلا حجّة فيه.

____________________

(١) يأتي في الحديث ٨ من الباب ٣ من هذه الأبواب.

٨ الفقيه ٣: ٣٢٠ / ١٥٥٦.

(٢) مضى في الاحاديث ٣ و ٤ و ٧ من هذا الباب.

(٣) يأتي في الباب ٣ من هذه الأبواب.

١٠٧

[ ٢٨١٤٠ ] ٩ - وبإسناده عن القاسم بن محمّد الجوهري، عن علي بن أبي حمزة، قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : لا طلاق إلّا على السنّة إنّ عبدالله بن عمرّ طلّق امرأته ثلاثاً في مجلس واحد وامرأته حائض، فردّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) طلاقه، وقال: من خالف كتاب الله ردَّ إلى كتاب الله.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على أكثر الاحكام المذكورة(١) ، ويأتي ما يدلُّ عليها(٢) ، وقد عرفت أنّ طلاق السنّة له معنيان: أعمّ، وأخصّ(٣) .

٢ - باب كيفية طلاق العدة، وجملة من احكامه

[ ٢٨١٤١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه - جميعاً - عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: وأمّا طلاق العدّة الذي قال الله عزّ وجلّ:( فطلّقوهنَّ لعدَّتهنَّ وأحصوا العدّة ) (٤) فاذا أراد الرجل منكم أن يطلّق امرأته طلاق العدَّة فلينتظر بها حتّى تحيض وتخرج من حيضها، ثمّ يطلّقها تطليقة من غير جماع بشهادة شاهدين عدلين، ويراجعها من يومه ذلك إن أحبّ أو بعد ذلك بأيّام قبل أن تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها حتّى

____________________

٩ - الفقيه ٣: ٣٢٠ / ١٥٥٧، وأورده في الحديث ٢٢ من الباب ٢٩ من أبواب مقدمات الطلاق.

(١) تقدم في الأبواب ٨ و ٩ و ١٠ من أبواب مقدمات الطلاق.

(٢) يأتي في الأبواب ٣ و ٥ و ٦ و ١٤ من هذه الأبواب، وفي الحديث ٢ من الباب ٥٠ من أبواب العدد.

(٣) في ذيل الحديث ٦ من هذا الباب.

الباب ٢

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٦٥ / ٢، والتهذيب ٨: ٢٦ / ٨٣، وأورد صدره في الحديث ١ من الباب ١، وقطعة منه في الحديث ٤ من الباب ٩ من هذه الأبواب، وفي الحديث ١ من الباب ١١ من أبواب ما يحرّم باستيفاء العدد.

(٤) الطلاق ٦٥ / ١.

١٠٨

تحيض، فاذا حاضت وخرجت من حيضها طلّقها تطليقة أُخرى من غير جماع يشهد على ذلك، ثمّ يراجعها أيضاً متى شاء قبل أن تحيض، ويشهد على رجعتها ويواقعها، وتكون معه إلى أن تحيض الحيضة الثالثة، فاذا خرجت من حيضتها الثالثة طلّقها التطليقة الثالثة بغير جماع ويشهد على ذلك، فاذا فعل ذلك فقد بانت منه، ولا تحل له حتّى تنكح زوجاً غيره، قيل له: وإن كانت ممن لا تحيض؟ فقال: مثل هذه، تطلّق طلاق السنّة.

[ ٢٨١٤٢ ] ٢ - وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، أو غيره، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: وأمّا طلاق الرجعة(١) فأن يدعها حتّى تحيض وتطهر، ثمّ يطلّقها بشهادة شاهدين، ثمّ يراجعها ويواقعها، ثمّ ينتظر بها الطهر فاذا حاضت وطهرت أشهد شاهدين على تطليقة اُخرى، ثمّ يراجعها ويواقعها، ثمّ ينتظر بها الطهر، فاذا حاضت وطهرت أشهد شاهدين على التطليقة الثالثة، ثمّ لا تحل له أبداً حتّى تنكح زوجاً غيره، وعليها أن تعتد ثلاثة قروء من يوم طلّقها التطليقة الثالثة، فان طلّقها واحدة بشهود على طهر، ثمّ انتظر بها حتّى تحيض وتطهر، ثمّ طلّقها قبل أن يراجعها لم يكن طلاقه الثانية طلاقاً ؛ لانه طلّق طالقاً، لأنه إذا كانت المرأة مطلقة من زوجها كانت خارجة من ملكه حتّى يراجعها، فاذا راجعها صارت في ملكه ما لم يطلّقها التطليقة الثالثة، فاذا طلّقها التطليقة الثالثة فقد خرج ملك الرجعة من يده، فان طلّقها على طهر بشهود ثمّ راجعها وانتظر بها الطهر من غير مواقعة فحاضت وطهرت، ثمّ طلّقها قبل أن يدنسها بمواقعة بعد الرجعة لم يكن طلاقه لها طلاقاً ؛ لانه طلّقها التطليقة الثانية في طهر الاُولى، ولا ينقضي الطهر إلّا بمواقعة بعد الرجعة، وكذلك لاتكون التطليقة الثالثة إلّا بمراجعة ومواقعة بعد الرجعة، ثمّ حيض

____________________

٢ - الكافي ٦: ٦٦ / ٤، وأورد صدره في الحديث ٣ من الباب ١ وقطعة منه في الحديث ٣ من الباب ١٦ من هذه الأبواب.

(١) في الاستبصار: العدّة « هامش المخطوط ».

١٠٩

وطهر بعد الحيض، ثمّ طلاق بشهود حتّى يكون لكلّ تطليقة طهر من تدنيس المواقعة بشهود.

ورواه عليُّ بن إبراهيم في( تفسيره) - كما مرّ - نحوه، وزاد في أثنائه: وهما يتوارثان ما دامت في العدّة (١) .

ورواه الشيخ بإسناده، عن محمّد بن يعقوب(٢) . وكذا الذي قبله.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على بعض المقصود(٣) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٤) ، واشتراط المواقعة يأتي وجهه(٥) .

٣ - باب ان من طلّق زوجته ثلاثاً للسنة حرمت عليه حتّى تنكح زوجاً غيره، وكذا كل امراة طلقت ثلاثاً، وان استيفاء العدّة لا يهدم تحريم الثالثة إلّا بزوج، وانها لا تحرم في التاسعة مؤبدا ً

[ ٢٨١٤٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن الرضا( عليه‌السلام ) ، قال: البكر إذا طلّقت ثلاث مرّات وتزوّجت من غير نكاح فقد بانت منه، ولا تحلُّ لزوجها حتّى تنكح زوجاً غيره.

[ ٢٨١٤٤ ] ٢ - وعنه، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن

____________________

(١) مرّ في الحديث ٣ من الباب ١ من هذه الأبواب.

(٢) التهذيب ٨: ٢٧ / ٨٤، والاستبصار ٣: ٢٦٨ / ٩٥٩.

(٣) تقدم في الحديث ١٠ من الباب ٧ وفي الحديث ٩ من الباب ٨ وفي الحديث ٥ من الباب ١٦ من أبواب مقدمات الطلاق.

(٤) يأتي في الأبواب ٤ و ٧ و ١٣ من هذه الأبواب.

(٥) يأتي في ذيل حديث من الباب ١٧ من هذه الأبواب.

الباب ٣

فيه ١٦ حديثاً

١ - التهذيب ٨: ٦٦ / ٢١٧، والاستبصار ٣: ٢٩٨ / ١٠٥٣.

٢ - التهذيب ٨: ٦٥ / ٢١٦، والاستبصار ٣: ٢٩٧ / ١٠٥٢.

١١٠

طربال، قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) : عن رجل طلّق امرأته تطليقة قبل أن يدخل بها، وأشهد على ذلك وأعلمها، قال: قد بانت منه ساعة طلّقها، وهو خاطب من الخطاب، قلت: فإن تزوَّجها، ثمّ طلّقها تطليقة اخرى قبل أن يدخل بها؟ قال: قد بانت منه ساعة طلّقها، قلت: فان تزوَّجها من ساعته أيضاً، ثمّ طلّقها تطليقة؟ قال: قد بانت منه، ولا تحل له حتّى تنكح زوجاً غيره.

[ ٢٨١٤٥ ] ٣ - وعنه، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في امرأة طلّقها زوجها ثلاثاً قبل أن يدخل بها، قال: لا تحل له حتّى تنكح زوجاً غيره.

[ ٢٨١٤٦ ] ٤ - وبإسناده عن علي بن الحسن بن علي بن فضّال، عن يعقوب، عن محمّد بن أبي عمير، عن جميل، عن محمّد بن مسلم، وحمّاد بن عثمّان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل طلّق امرأته، ثمّ تركها حتّى انقضت عدتها، ثمّ تزوَّجها، ثمّ طلّقها من غير أن يدخل بها حتّى فعل ذلك بها ثلاثا، قال: لا تحلُّ له حتّى تنكح زوجاً غيره.

وعنه، عن جعفر بن محمّد بن حكيم، عن جميل بن درّاج، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) مثله(١) .

[ ٢٨١٤٧ ] ٥ - وبإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق ابن عمّار، قال: قلت لابي إبراهيم( عليه‌السلام ) : الحامل يطلّقها

____________________

٣ - التهذيب ٨: ٦٥ / ٢١٣، والاستبصار ٣: ٢٩٧ / ١٠٤٩.

٤ - التهذيب ٨: ٦٥ / ٢١٤، والاستبصار ٣، ٢٩٧ / ١٠٥٠، ورواه في تفسير العياشي ١: ١١٩ / ٣٧٤ نحوه.

(١) التهذيب ٨: ٦٥ / ٢١٥ والاستبصار ٣: ٢٩٧ / ١٠٥١.

٥ - التهذيب ٨: ٧١ / ٢٣٧، والاستبصار ٣: ٢٩٩ / ١٠٥٩، وأورده في الحديث ٦ من الباب ٢٠ من هذه الأبواب.

١١١

زوجها، ثمّ يراجعها،( ثمّ يطلّقها، ثمّ يراجعها) (١) ، ثمّ يطلّقها الثالثة، قال: تبين منه، ولا تحلّ له حتّى تنكح زوجاً غيره.

[ ٢٨١٤٨ ] ٦ - وبإسناده عن الصفار، عن محمّد بن الحسين، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) ، قال: سأله رجل - وأنا حاضر - عن رجل طلّق امرأته ثلاثاً في مجلس واحد، قال: فقال أبو الحسن( عليه‌السلام ) : من طلّق امرأته ثلاثاً للسنة فقد بانت منه، قال: ثمّ التفت إلي، فقال:(٢) فلان(٣) لا يحسن(٤) أن يقول مثل هذا.

[ ٢٨١٤٩ ] ٧ - وبإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن عمرّ بن اذينة، عن زرارة، وبكير ابني أعين، محمّد بن مسلم، وبريد بن معاوية العجليّ، والفضيل بن يسار، وإسماعيل الازرق، ومعمرّ بن يحيي بن سام(٥) كلّهم سمعه من أبي جعفر، ومن ابنه( عليهما‌السلام ) بصفة ما قالوا، وإن لم أحفظ حروفه، غير أنّه لم يسقط عنّي جمل معناه: أن الطلاق الذي أمرّ الله به في كتابه وسنة نبيه( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، انه إذا حاضت المرأة، وطهرت من حيضها، أشهد رجلين عدلين قبل أن يجامعها على تطليقة، ثمّ هو أحق برجعتها ما لم تمض لها ثلاثة قروء، فان راجعها كانت عنده على تطليقتين، وإن مضت ثلاثة قروء قبل أن يراجعها فهي أملك بنفسها، فان أراد أن يخطبها مع الخطّاب خطبها، فان تزوّجها كانت عنده على

____________________

(١) ليس في التهذيب.

٦ - التهذيب ٨: ٩١ / ٣١٣، والاستبصار ٣: ٢٩٠ / ١٠٢٥.

(٢) في المصدر زيادة: يا.

(٣) في نسخة: أبو حنيفة « هامش المخطوط ».

(٤) في نسخة: يجسر « هامش المخطوط ».

٧ - التهذيب ٨: ٢٨ / ٨٥، والاستبصار ٣: ٢٧٠ / ٩٦٠.

(٥) في نسخة: بسام، نسام « هامش المخطوط » وفي الاستبصار: سالم.

١١٢

تطليقتين، وما خلا هذا فليس بطلاق.

[ ٢٨١٥٠ ] ٨ - وعنه، عن النضر بن سويد، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : إذا أراد الرجل الطلاق طلّقها( في قبل عدتها) (١) عدّتها من غير جماع، فانه إذا طلّقها واحدة، ثمّ تركها حتّى يخلو أجلها(٢) أو بعده، فهي عنده على تطليقة، فان طلّقها الثانية، وشاء أن يخطبها مع الخطّاب، إن كان تركها حتّى خلا أجلها، وإن شاء راجعها قبل أن ينقضي أجلها، فان فعل فهي عنده على تطليقتين، فان طلّقها ثلاثاً فلا تحلُّ له حتّى تنكح زوجاً غيره، وهي ترث، وتورث ما دامت في التطليقتين الأوّلتين.

ورواه الكلينيُّ كما تقدَّم نحوه(٣) .

[ ٢٨١٥١ ] ٩ - محمّد بن يعقوب، عن الرزاز، عن أيّوب بن نوح، وعن أبي علي الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، وعن حميد بن زياد، عن ابن سماعة كلهم، عن صفوان، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) في الرجل يطلّق امرأته تطليقة، ثمّ يراجعها بعد انقضاء عدتها: فاذا طلّقها الثالثة لم تحل له حتّى تنكح زوجاً غيره، فاذا تزوَّجها غيره ولم يدخل بها، وطلّقها أو مات عنها لم تحل لزوجها الأوّل حتّى يذوق الآخر عسيلتها.

ورواه الشيخ بإسناده، عن صفوان، عن ابن بكير، عن زرارة مثله(٤) .

____________________

٨ - التهذيب ٨: ٢٩ / ٨٦، والاستبصار ٣: ٢٧٠ / ٩٦١.

(١) في المصدر: قُبُلْ.

(٢) في الاستبصار زيادة: إن شاء أن يخطب مع الخطاب فعل، فإن راجعها قبل أن يخلو أجلها.

(٣) تقدم في الحديث ٧ من الباب ١ من هذه الأبواب.

٩ - الكافي ٦: ٧٦ / ٤، وأورد ذيله بإسناد اخر في الحديث ١ من الباب ٧ من هذه الأبواب.

(٤) التهذيب ٨: ٣٣ / ٩٩، والاستبصار ٣: ٢٧٤ / ٩٧٤.

١١٣

[ ٢٨١٥٢ ] ١٠ - وبالإسناد، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في المطلّقة التطليقة الثالثة: لا تحلُّ له حتّى تنكح زوجاً غيره، ويذوق عسيلتها.

[ ٢٨١٥٣ ] ١١ - وعن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، وصفوان، عن رفاعة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل طلّق امرأته حتّى بانت منه، وانقضت عدَّتها، ثمّ تزوّجت زوجاً آخر فطلّقها أيضاً، ثمّ تزوجت(١) زوجها الأوّل أيهدم ذلك الطلاق الأوّل؟ قال: نعم.

قال ابن سماعة: وكان ابن بكير يقول: المطلّقة إذا طلّقها زوجها، ثمّ تركها حتّى تبين ثمّ تزوّجها، فإنمّا هي على طلاق مستأنف، قال(٢) : وذكر الحسين بن هاشم أنّه سأل ابن بكير عنها، فأجابه بهذا الجواب، فقال له: سمعت في هذا شيئاً؟ قال: رواية رفاعة، قال: إنّ رفاعة روى: إذا دخل بينهما زوج، فقال: زوج وغير زوج عندي سواء، فقلت: سمعت في هذا شيئاً؟ قال: لا، هذا مما رزق الله من الرأي، قال ابن سماعة: وليس نأخذ بقول ابن بكير، فانّ الرواية إذا كان بينهما زوج.

ورواه الشيخ بإسناده، عن محمّد بن يعقوب مثله(٣) .

[ ٢٨١٥٤ ] ١٢ - وعن محمّد بن أبي عبدالله، عن معاوية بن حكيم، عن عبدالله بن المغيرة، قال: سألت عبدالله بن بكير عن رجل طلّق امرأته واحدة، ثمّ تركها حتّى بانت منه، ثمّ تزوَّجها، قال: هي معه كما كانت في

____________________

١٠ - الكافي ٦: ٧٦ / ٥.

١١ - الكافي ٦: ٧٧ / ٣، وأورد صدره في الحديث ١ من الباب ٦ من هذه الأبواب.

(١) في المصدر: تزوجها.

(٢) في المصدر زيادة: [ ابن سماعة ].

(٣) التهذيب ٨: ٣٠ / ٨٨، والاستبصار ٣: ٢٧١ / ٩٦٣.

١٢ - الكافي ٦: ٧٨ / ٤.

١١٤

التزويج، قال: قلت: فانَّ رواية رفاعة إذا كان بينهما زوج، فقال لي عبدالله: هذا زوج، وهذا ممّا رزق الله من الرأي.

ورواه الشيخ بإسناده، عن محمّد بن أبي عبدالله مثله(١) .

[ ٢٨١٥٥ ] ١٣ - وعن حميد بن زياد، عن عبيد الله بن أحمد، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن المغيرة، عن شعيب الحداد، عن المعلّى بن خنيس، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل طلّق امرأته، ثمّ لم يراجعها حتّى حاضت ثلاث حيض، ثمّ تزوَّجها، ثمّ طلّقها فتركها حتّى حاضت ثلاث حيض، ثمّ تزوَّجها ثمّ طلّقها من غير أن يراجع(٢) ، ثمّ تركها حتّى حاضت ثلاث حيض، قال: له أن يتزوَّجها أبداً ما لم يراجع ويمس. الحديث.

ورواه الشيخ بإسناده، عن محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير(٣) .

أقول: حمله الشيخ على ما لو تزوّجت زوجاً غيره ؛ لما مضى(٤) ويأتي(٥) ، ويمكن حمله على إرادة نفي التحريم المؤبّد في التاسعة، فانّه إذا طلّق للعدّة حرمت عليه في التاسعة مؤبّداً، بخلاف طلاق السنّة.

وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن عمير نحوه(٦) .

[ ٢٨١٥٦ ] ١٤ - محمّد بن علي بن الحسين في( عيون الأخبار) : بإسناده الآتي (٧)

____________________

(١) التهذيب ٨: ٣٠ / ٨٩، والاستبصار ٣: ٢٧١ / ٩٦٤.

١٣ - الكافي ٦: ٧٧ / ٢.

(٢) في المصدر: يراجعها.

(٣) التهذيب ٨: ٢٩ / ٨٧، والاستبصار ٣: ٢٧٠ / ٩٦٢.

(٤) مضى في الاحاديث ١ - ٥ و ٨ من هذا الباب.

(٥) يأتي في الاحاديث ١٤ و ١٥ و ١٦ من هذا الباب وفي الباب ٤ من هذه الأبواب.

(٦) الكافي ٦: ٧٧ / ١.

١٤ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ١٢٤ / ١، وأورده في الحديث ٢٤ من الباب ٢٩ من ابواب مقدمات الطلاق.

(٧) يأتي في الفائدة الأوّلى / ٣٨٤ من الخاتمة برمز ( ب ).

١١٥

عن الفضل بن شاذان، عن الرضا( عليه‌السلام ) في كتابه إلى المأمون، قال: وإذا طلّقت المرأة( بعد العدّة ثلاث) (١) مرات، لم تحلّ لزوجها حتّى تنكح زوجاً غيره.

[ ٢٨١٥٧ ] ١٥ - محمّد بن الحسن بإسناده، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن عبدالله بن سنان قال: إذا طلّق الرجل امرأته، فليطلّق على طهر بغير جماع بشهود، فإن تزوَّجها بعد ذلك فهي عنده على ثلاث، وبطلت التطليقة الأوّلى، وإن طلّقها اثنتين، ثمّ كفّ عنها حتّى تمضي الحيضة الثالثة بانت منه بثنتين، وهو خاطب من الخطاب، فإن تزوَّجها بعد ذلك فهى عنده على ثلاث تطليقات، وبطلت الاثنتان، فان طلّقها ثلاث تطليقات على العدّة، لم تحل له حتّى تنكح زوجاً غيره.

وبإسناده، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي الحسن، عن سيف بن عميرة، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) مثله(٢) .

أقول: حمله الشيخ على أنّه تزوَّجها بعد العدّة، وبعد أن تزوَّجها زوج آخر، ثمّ فارقها لما تقدَّم(٣) ، ويحتمل أن يكون الغرض نفي التحريم المؤبّد في التاسعة، يعني: أنّ تأثير كلِّ طلقة في تحريم التاسعة مؤبّداً يزول باستيفاء العدّة ؛ لما مضى(٤) ، ويأتي(٥) .

[ ٢٨١٥٨ ] ١٦ - وبإسناده، عن محمّد بن عليِّ بن محبوب، عن أحمد بن

____________________

(١) في المصدر: للعدة ثلاث.

١٥ - التهذيب ٨: ٣٠ / ٩٠، والاستبصار ٣: ٢٧٢ / ٩٦٥.

(٢) التهذيب ٨: ٣١ / ٩١، والاستبصار ٣: ٢٧٢ / ٩٦٦.

(٣) تقدم في الاحاديث ٨ و ١٠ و ١٤ من هذا الباب.

(٤) مضى في الحديث ١٣ من هذا الباب.

(٥) يأتي في الحديث ١٦ من هذا الباب.

١٦ - التهذيب ٨: ٣٥ / ١٠٧، والاستبصار ٣: ٢٧٦ / ٩٨٢، وبحار الانوار ١٠: ٢٨٩.

١١٦

محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن بكير، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: سمعته يقول: الطلاق الذي يحبّه الله، والذي يطلّق الفقيه، وهو العدل، بين المرأة والرجل أن يطلّقها في استقبال الطهر بشهادة شاهدين، وإرادة من القلب، ثمّ يتركها حتّى تمضي ثلاثة قروء، فإذا رأت الدم في أول قطرة من الثالثة وهو آخر القروء، لأنّ الأقراء هي الأطهار، فقد بانت منه، وهي أملك بنفسها، فإن شاءت تزوجته(١) ، وحلّت له بلا زوج، فان فعل هذا بها مائة مرة هدم ما قبله وحلت له بلا زوج، وإن راجعها قبل أن تملك نفسها، ثمّ طلّقها ثلاث مرات يراجعها ويطلّقها لم تحل له إلّا بزوج.

قال الشيخ: هذه الرواية طريقها ابن بكير، وقد قدَّمنا، أنّه قال حين سئل عن هذه المسألة: هذا مما رزق الله من الرأي، ولو كان سمع ذلك من زرارة لكان يقول: نعم رواية زرارة. ويجوز أن يكون أسند ذلك إلى زرارة ؛ نصرة لمذهبه لما رأى أصحابه لا يقبلون ما يقوله برأيه، وقد وقع منه من اعتقاد الفطحيّة ما هو أعظم من ذلك. انتهى.

أقول: يحتمل أن يكون قوله: فان فعل هذا بها مائة مرّة، إلى آخر الحديث، من كلام ابن بكير فتوى منه، فلا حجّة فيه إذ ليس من جملة الحديث، كما وقع ذلك من الشيخ والصدوق وغيرهما كثيراً ؛ بقرينة استدلاله بحديث رفاعة، لا بحديث زرارة كما مرّ(٢) ، وبقرينة رواية الكليني لهذا الحديث بهذا السند بعينه خالياً من الحكم الأخير كما يأتي(٣) .

ويحتمل أن يكون المراد به: نفي التحريم في التاسعة مؤبّداً، ويكون الحكم باباحتها له بلا زوج مخصوصاً بالطلاق المتمّم للمائة ؛ لأنّها في الطلاق التاسع والتسعين لا تحلّ له حتّى تنكح زوجاً غيره، فيصدق أنّه إذا طلّقها مائة

____________________

(١) في المصدر: تزوجت.

(٢) مرّ في الحديث ١١ من هذا الباب.

(٣) لعل المقصود الحديث ١ من الباب ٥ من هذه الأبواب.

١١٧

مرة حلّت له بلا زوج، يعني: في الطلاق الأخير، وفي أكثر المراتب، لا في كلِّ طلاق.

ويحتمل أن يكون مخصوصاً بما عدا الثالثة، يعني: تحلّ له بلا زوج إلّا في كل ثالثة، وقد تقدّم ما يدلُّ على المقصود في أحاديث طلاق السنّة(١) وغير ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٣) .

٤ - باب أن المطلقة للعدة ثلاثاً لا تحل للمطلّق حتّى تنكح زوجاً غيره، وتحرم عليه في التاسعة مؤبدا ً

[ ٢٨١٥٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، بأسانيده السابقة(٤) ، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، يعني المراديِّ، قال: قلت لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : المرأة التي لا تحل لزوجها حتّى تنكح زوجاً غيره، قال: هي التي تطلق، ثمّ تراجع ثمّ تطلق، ثمّ تراجع، ثمّ تطلّق الثالثة، فهي التي لا تحل له حتّى تنكح زوجاً غيره، ويذوق عسيلتها.

ورواه الشيخ بإسناده، عن محمّد بن يعقوب مثله(٥) .

[ ٢٨١٦٠ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم عن علي بن

____________________

(١) تقدم في الباب ١ من هذه الابوب.

(٢) تقدم في الحديث ١ من الباب ١١ من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد.

(٣) يأتي في الحديث ٢ و ٣ من الباب ٦ وفي الأبواب ٩ و ١١ ٢٤ و ٢٥ من هذه الابوب.

الباب ٤

فيه ١٥ حديثاً

١ - الكافي ٦: ٧٦ / ٣.

(٤) تقدمت اسانيده في الحديث ٩ من الباب ٣ من هذه الأبواب.

(٥) التهذيب ٨: ٣٣ / ٩٨، والاستبصار ٣: ٢٧٤ / ٩٧٣.

٢ - الكافي ٥: ٤٢٨ / ٩، وأورد صدره في الحديث ٨ من الباب ١٧، وقطعة منه في الحديث ٢ من الباب ٣٢ من أبواب ما يحرّم بالمصاهرة.

١١٨

الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: سألته عن الذي يطلّق، ثمّ يراجع، ثمّ يطلّق، ثمّ يراجع، ثمّ يطلّق، قال: لا تحل له حتّى تنكح زوجاً غيره، فيتزوَّجها رجل آخر، فيطلّقها على السنّة( ثمّ ترجع إلى زوجها الأوّل، فيطلّقها ثلاث مرّات، وتنكح زوجاً غيره، فيطلّقها، ثمّ ترجع الى زوجها الأوّل فيطلّقها ثلاث مرّات على السنّة، ثمّ تنكح، فتلك التي لا تحل له أبداً، والملاعنة لا تحل له أبداً) (١) .

ورواه الصدوق في( الخصال) : عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقيِّ، عن القاسم بن محمّد، عن عليِّ بن أبي حمزة نحوه (٢) .

أقول: المراد بالسنّة هنا: معناها الأعم، وهو مخصوص بطلاق العدّة بقرينة أوله، وما تقدَّم(٣) .

[ ٢٨١٦١ ] ٣ - وعن عليِّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن الطلاق الذي لا تحل له حتّى تنكح زوجاً غيره، فقال: اخبرك بما صنعت أنا بامرأة كانت عندي، وأردت أن اطلقها، فتركها حتّى إذا طمثت وطهرت، طلقتها من غير جماع، وأشهدت على ذلك شاهدين، ثمّ تركتها حتّى إذا كادت أن تنقضي عدتها راجعتها، ودخلت بها، وتركتها حتّى طمثت وطهرت ثمّ طلقتها على طهر من غير جماع بشاهدين، ثمّ تركتها حتّى إذا كان قبل أن تنقضي عدتها راجعتها، ودخلت بها، حتّى إذا طمثت وطهرت طلقتها على طهر من غير جماع بشهود وإنمّا فعلت ذلك بها، أنّه لم يكن لي بها حاجة.

____________________

(١) مابين القوسين: ورد في هامش المسوّدة ولم يظهر في المصوّرة وهو ثابت في المصادر.

(٢) الخصال: ٤٢١ / ١٨.

(٣) تقدم في الحديث ١ من هذا الباب.

٣ - الكافي ٦: ٧٥ / ١، وتفسير العياشي ١: ١١٨ / ٣٧٠.

١١٩

[ ٢٨١٦٢ ] ٤ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد - جميعاً - عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن المثنى، عن زرارة بن أعين، وداود بن سرحان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: والذي يطلّق الطلاق الذى لا تحل له، حتّى تنكح زوجاً غيره ثلاث مرات، وتزوَّج ثلاث مرات، لا تحل له أبداً.

[ ٢٨١٦٣ ] ٥ - وعنهم، عن سهل، عن ابن أبي نصر، وعن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن جعفر بن سماعة، وعلي بن خالد، عن عبد الكريم، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: قلت له: المرأة التي لا تحلّ لزوجها، حتّى تنكح زوجاً غيره، قال: هي التي تطلّق، ثمّ تراجع ثمّ تطلق، ثمّ تراجع، ثمّ تطلّق، وهي التي لا تحلّ له حتّى تنكح زوجاً غيره، وقال: الرجعة بالجماع، وإلّا فإنمّا هي واحدة.

أقول: يعني أنّها واحدة للعدّة، لا لغيرها كما مضى(١) ، ويأتي(٢) .

[ ٢٨١٦٤ ] ٦ - محمّد بن الحسن بإسناده، عن عليِّ بن الحسن بن فضّال، عن محمّد، وأحمد ابني الحسن، عن أبيهما، عن عبدالله بن بكير، عن أبي كهمس، واسمه هيثمّ بن عبيد، عن رجل من أصحابنا، قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّ عمّي طلّق امرأته ثلاثاً، في كلّ طهر تطليقة، قال: مره، فليراجعها.

قال الشيخ: هذا محمول على أنه طلّقها بغير مراجعة ؛ لأنّه مع المراجعة يقع الطلاق.

__________________

٤ - الكافي ٥: ٤٢٦ / ١، وأورد قطعة منه في الحديث ١ من الباب ١٧، وذيله في الحديث ١ من الباب ٣١ من أبواب ما يحرّم بالمصاهرة.

٥ - الكافي ٦: ٧٦ / ٢.

(١) مضى في الحديثين ١ و ٢ من هذا الباب.

(٢) يأتي في الحديث ١٠ من هذا الباب

٦ - التهذيب ٨: ٩٣ / ٣١٨، والاستبصار ٣: ٢٨٢ / ١٠٠١.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462