مرآة العقول الجزء ٢

مرآة العقول4%

مرآة العقول مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 462

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 462 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 66694 / تحميل: 5296
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

فإنّه يخبر أنّه جثّة واحدة وليس باثنين والإنسان نفسه ليس بواحد لأنّ أعضاءه مختلفة وألوانه مختلفة ومن ألوانه مختلفة غير واحد وهو أجزاء مجزّاة ليست بسواء دمه غير لحمه ولحمه غير دمه وعصبه غير عروقه وشعره غير بشره وسواده غير بياضه وكذلك سائر جميع الخلق فالإنسان واحد في الاسم ولا واحد في المعنى والله جلَّ جلاله هو واحد لا واحد غيره لا اختلاف فيه ولا تفاوت ولا زيادة ولا نقصان فإمّا الإنسان المخلوق المصنوع المؤلف من أجزاء مختلفة وجواهر شتى غير أنّه بالاجتماع شيء واحد قلت جعلت فداك فرَّجت عنّي فرّج الله عنكفقولك اللّطيف الخبير فسرِّه لي كما فسرَّت الواحد فإني أعلم أنّ لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل غير أنّي أحبُّ أنّ تشرح ذلك لي فقال يا فتح إنّما قلنا اللطيف للخلق اللطيف ولعلمه

________________________________________________________

وإنّما التشبيه في المفهومات الكلية الّتي هي مدلولات الألفاظ، وتصدق عليه سبحانه كما مرّ تحقيقه، فإمّا في الأسماء فهي واحدة، أيّ الأسماء الّتي تطلق عليه تعالى، وعلى الخلق واحدة، لكنّها لا توجب التشابه، إذ الأسماء دالة على المسمّيات، وليس عينها حتّى يلزم الاشتراك في حقيقة الذّات والصّفات، ثمّ بينعليه‌السلام عدم كون التشابه في المعنى في اشتراك لفظ الواحد بينه وبين خلقه تعالى، بأنّ الوحدة في المخلوق هي الوحدة الشخصية الّتي تجتمع مع أنواع التكثّرات، وليست إلّا تألف أجزاء واجتماع أمور متكثرة، ووحدته سبحانه هي نفي التجزّي والكثرة والتعدّد عنه سبحانه مطلقاً، وقولهعليه‌السلام : فإمّا الإنسان، فيحتمل أنّ يكون كلّ من المخلوق والمصنوع والمؤلف والظرف خبراً، وأنكان الأول أظهر.

قولهعليه‌السلام : للفصل بالصاد المهملة، أيّ للفرق الظاهر بينه وبين خلقه، أو بالمعجمة أيّ لـمّا بيّنت من فضله على المخلوق.

قولهعليه‌السلام : إنّما قلنا اللطيف، قيل: أنّ اللطيف هو الشيء الدقيق، ثمّ استعمل فيما هو سبب، ومبدء للدقيق من القوّة على صنعه والعلم به، فيقال لعامله: أنّه دقّ ولطف بصنعه، وهو صانع دقيق في صنعه، والعالم به أنّه دقّ ولطف بدركه،

٦١

بالشيءِ اللّطيف أو لاترى وفقّك الله وثبّتك إلى أثر صنعه في النبات اللّطيف وغير اللّطيف ومن الخلق اللّطيف ومن الحيوأنّ الصغار ومن البعوض والجرجس وما هو أصغر منها ما لا يكاد تستبينه العيون بل لا يكاد يستبأنّ لصغره الذكر من الأنثى والحدث المولود من القديم فلـمّا رأينا صغر ذلك في لطفه واهتداءه للسفاد والهرب من الموت والجمع لـمّا يصلحه وما في لجج البحار وما في لحاء الأشجار والمفاوز والقفار وإفهام بعضها عن بعض منطقها وما يفهم به أولادها عنها ونقلها الغذاء إليها ثمّ تأليف ألوانها حمرة مع صفرة وبياض مع حمرة وأنّه ما لا تكاد عيوننا تستبينه لدمامة خلقها لا تراه عيوننا ولا تلمسه أيدينا علمنا أنّ خالق هذا الخلق لطيف لطف بخلق ما سمّيناه

________________________________________________________

وهو عالم دقيق في دركه. وقولهعليه‌السلام ولعلمه: ليس الواو في بعض النسخ فهو بدل للخلق أو علّة له، وقال الجوهري: صغر الشيء فهو صغير وصغار بالضم، وقال: الجرجس: البعوض الصغار فهو من قبيل عطف الخاص على العام.

قولهعليه‌السلام : في لطفه، أيّ مع لطف ذلك المخلوق أو بسبب لطفه سبحانه والسفاد بالكسر: نزو الذكر على الأنثى، ولجة البحر معظمه، واللحاء بالكسر والمد: قشر الشجر، و « إفهام » إمّا بالكسر أو بالفتح، ويؤيّد الأخير ما في العيون: وفهم بعض عن بعض، وقال السيّد الدامادرحمه‌الله : الدمامة بفتح الدّال المهملة وبميمين عن حاشيتي الألف: القصر والقبح، يقال رجلَّ دميم وبه دمامة إذا كان قصير الجثّة، حقير الجثمأنّ قبيح الخلقة، وإمّا الذمامة بإعجام الذال بمعنى القلة، من قولهم بئر ذمة بالفتح أيّ قليل الماء، وفي هذا المقام تصحيف « انتهى ».

وأقول: فلـمّا كان لسائل أنّ يقول: اللطف بهذا المعنى أيضاً يطلق على المخلوق فيقال: صانع لطيف، فأشارعليه‌السلام إلى جواب ذلك بقوله: بلا علاج ولا أداة ولا آلة، والحاصل أنّ لطفه سبحانه ليس على ما يعقل في المخلوقين، بأيّ معنى كان، بل يرجع إلى نفي العجز عن خلق الدقيق، ونفي الجهل بالدقيق، فأمّا كيفية خلقه وكنه علمه

٦٢

بلا علاج ولا أداة ولا آلة وأنّ َكلَّ صانع شيء فمن شيء صنع والله الخالق اللّطيف الجليل خلق وصنع لا من شيء.

٢ - عليّ بن محمّد مرسلاً، عن أبي الحسن الرّضاعليه‌السلام قال قال اعلم علمك الله الخير أنّ الله تبارك وتعالى قديم والقدم صفته الّتي دلت العاقل على أنّه لا شيء قبله ولا شيء معه في ديمومّيته فقد بأنّ لنا بإقرار العامة معجزة الصفة أنّه

________________________________________________________

فهو مستور عنّا، وقال الجزري: في أسماء الله تعالى اللطيف، وهو الّذي اجتمع له الرفق في الفعل والعلم بدقائق المصالح وإيصالها إلى من قدّرها له من خلقه، يقال: لطف له بالفتح يلطف لطفاً إذا رفق به، وإمّا لطف بالضم يلطف فمعناه صغر ودقّ.

الحديث الثاني: مرسل والمراد بالقدم وجوب الوجود.

قولهعليه‌السلام فقد بأنّ لنا بإقرار العامة: الإقرار إمّا من أقرّ بالحقّ إذا اعترف به، أو من أقرّ الحقّ في مكانه فاستقرّ هو، فقولهعليه‌السلام : معجزة الصفة على الأوّل منصوب بنزع الخافض، وعلى الثاني منصوب على المفعولية، والمعجزة اسم فاعل من أعجزته بمعنى وجدته عاجزاً أو جعلته عاجزاً أو من أعجزه الشيء بمعنى فاته، وإضافتها إلى الصفة المراد بها القدم، من إضافة الصفة إلى الموصوف، وإنّما وصفها بالإعجاز لأنها تجدهم أو تجعلهم لنباهة شأنها، عاجزين عن إدراكهم كنهها، أو عن اتصافهم بها، أو عن إنكارهم لها، أو لأنّها تفوتهم، وهم فاقدون لها.

ويحتمل أن تكون المعجزة مصدر عجز عن الشيء عجزا ومعجزة بفتح الميم وكسر الجيم وفتحها، أيّ إقرارهم بعجزهم عن الاتصاف بتلك الصفة، ويمكن أنّ يقرأ على بناء المفعول بأنّ يكون حالاً عن العامة أو صفة لها، أيّ بإقرارهم موصوفين بالعجز عن ترك الإقرار، أو والحال أنّ صفة القدم أعجزتهم وألجأتهم إلى الإقرار فالمقرّ به والبيّن شيء واحد، وهو قوله: أنّ لا شيء قبل الله، لكن في الحاليّة وأوّل احتمالي الوصفية مناقشة.

وقال بعض الأفاضل: المراد بقوله: إقرار العاّمة إذعانهم، أو الإثبات، وعلى

٦٣

لا شيء قبل الله ولا شيء مع الله في بقائه وبطل قول من زعم أنّه كان قبله أو كان معه شيء وذلك أنّه لو كان معه شيء في بقائه لم يجز أنّ يكون خالقا له لأنّه لم يزل معه فكيف يكون خالقاً لمن لم يزل معه ولو كان قبله شيء كان الأوّل ذلك الشيء لا هذا وكان الأوّل أولى بأنّ يكون خالقاً للأول ثمّ وصف نفسه تبارك وتعالى بأسماء دعا الخلق إذ خلقهم وتعبدهم وابتلاهم إلى أنّ يدعوه بها فسمى نفسه سميعاً بصيراً قادراً قائماً ناطقا ظاهراً باطناً لطيفاً خبيراً قويّاً عزيزاً حكيماً عليماً وما أشبه هذه الأسماء فلـمّا رأى ذلك من أسمائه القالون المكذّبون وقد سمعونا

________________________________________________________

الأوّل متعلّق الإذعان إمّا معجزة الصفة بحذف الصلة، أو محذوف، أيّ إقرار العامة بأنّه خالق كلّ شيء ومعجزة الصفة صفة للإقرار، أو بدل عنه أيّ إقرار العامة بأنّه خالق كلّ شيء معجزة الصفة، أيّ صفة الخالقيّة لكلّ شيء، أو صفة القدم، لا يسع أحدا أنّ ينكره، وإمّا على الثاني فمعجزة الصفة من إضافة الصفة إلى الموصوف، أيّ الصفة الّتي هي معجزة لهم عن أنّ لا يثبتوا له خالقيّة كلّ شيء أو المعجزة بمعناه المتعارف والإضافة لامية، أيّ إثباتهم الخالقيّة للكلّ معجزة هذه الصفة، حيث لا يسعهم أنّ ينكروها وأنّ أرادوا الإنكار، ويحتمل أنّ يكون معجزة الصفة فاعل بأنّ ويكون قوله: أنّه لا شيء قبل الله، بيانا أو بدلا لمعجزة الصفة « انتهى ».

أقول: لا يخفى أنّه يدّل على أنّه لا قديم سوى الله، وعلى أنّ التأثير لا يعقل إلّا في الحادث، وأنّ القدم مستلزم لوجوب الوجود.

قولهعليه‌السلام ثمّ وصف: أي سمّى نفسه بأسماء بالتنوين، دعاء الخلق بالنصب أيّ لدعائهم، ويحتمل إضافة الأسماء إلى الدعاء والأظهر أنّه على صيغة الفعل كما في التّوحيد والعيون، وقوله: إلى أنّ يدعوه متعلّق به، أو بالابتلاء أيضاً على التنازع، لكن في أكثر نسخ الكتاب مهموز.

قولهعليه‌السلام وابتلاهم: أي بالمصائب والحوائج أو ألجأهم إلى أنّ يدعوه بتلك الأسماء.

٦٤

نحدّث عن الله أنّه لا شيء مثله ولا شيء من الخلق في حاله قالوا أخبرونا إذا زعمتم أنّه لا مثل لله ولا شبه له كيف شاركتموه في أسمائه الحسنى فتسمّيتم بجميعها ؟ فأنّ في ذلك دليلاً على أنّكم مثله في حالاته كلّها أو في بعضها دون بعض إذ جمعتم الأسماء الطيّبة؟

قيل لهم إنَّ الله تبارك وتعالى ألزم العباد أسماء من أسمائه على اختلاف المعاني وذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين والدَّليل على ذلك قول النّاس الجائز عندهم الشائع وهو الّذي خاطب الله به الخلق فكلّمهم بما يعقلون ليكون عليهم حجّة في تضييع ما ضيعوا فقد يقال للرَّجل كلب وحمار وثور وسكّرة وعلقمة وأسد كلُّ ذلك على خلافه وحالاته لم تقع الأسامي على معانيها الّتي كانت بنيت عليه لأنّ الإنسان ليس بأسد ولا كلب فافهم ذلك رحمك الله.

وإنّما سمّي الله تعالى بالعلم بغير علم حادث علم به الأشياء استعأنّ به على حفظ ما يستقبل من أمره والرويّة فيما يخلق من خلقه ويفسد ما مضى ممّا أفنى من

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : والدليل على ذلك، أيّ على إطلاق اللفظ الواحد على المعنيين المختلفين، والقول الشائع هو ما فسّرهعليه‌السلام بقوله: وقد يقال، وفي التّوحيد وغيره السائغ، أيّ الجائز، والعلقم شجر مرّ، ويقال: للحنظل ولكلّ شيء مرّ علقم.

قولهعليه‌السلام : على خلافه، أيّ على خلاف موضعه الأصلي.

قوله: وحالاته، عطف على الضمير المجرور في خلافه بدون إعادة الجار وهو مجوز، أو الواو بمعنى مع، أو يقدر المضاف، وفي العيون وغيره: على خلافه لأنّه لم يقع، وهو أظهر.

قولهعليه‌السلام : والرويّة، عطف على الحفظ، وقوله: ويفسد عطف على قوله يخلق وقوله: ما مضى بدل من الموصول، أو قوله: ويفسد حال، أيّ فيما يخلق من خلقه والحال أنّه يفسد عنه خلقه ما مضى، قوله: ويعيّنه كذا في بعض النسخ من التعيين أيّ من العلم الّذي لو لم يحضر العالم ذلك العلم ويعيّنه ويحصله تعييناً وتحصيلا لا

٦٥

خلقه ممّا لو لم يحضره ذلك العلم ويغيبه كان جاهلا ضعيفا كما أنا لو رأينا علماء الخلق إنّما سموا بالعلم لعلم حادث إذ كانوا فيه جهلة وربّما فارقهم العلم بالأشياء فعادوا إلى الجهل وإنّما سمّي الله عالماً لأنّه لا يجهل شيئاً فقد جمع الخالق والمخلوق اسم العالم واختلف المعنى على ما رأيت.

وسمّي ربّنا سميعاً لا بخرت فيه يسمع به الصوت ولا يبصر به كما أنّ خرتنا الّذي به نسمع لا نقوى به على البصر ولكنّه أخبر أنّه لا يخفى عليه شيء من الأصوات ليس على حدّ ما سمينا نحن فقد جمعنا الاسم بالسمع واختلف المعنى.

وهكذا البصر لا بخرت منه أبصر كما أنا نبصر بخرت منا لا ننتفع به في غيره ولكن الله بصير لا يحتمل شخصا منظورا إليه فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

وهو قائم ليس على معنى انتصاب وقيام على ساق في كبد كما قامت الأشياء

________________________________________________________

يكون له إلّا بحصوله بعد خلوه عنه بذاته كان جاهلا، وفي بعض النسخ ولغيبة من الغيبة فيكون عطفا على النفي ومفسرا له أو حالا، وفي العيون وغيره ويعنه وهو الصواب، وفي بعض نسخ العيون وتفنية ما مضى أيّ إفناءها، وفي بعض نسخ التّوحيد وتقفية ما مضى بما أفنى أيّ جعل بعض ما يفنى في قفاء ما مضى، أيّ يكون مستحضرا لـمّا مضى ممّا أعدمه سابقاً حتّى يفنى ما يفنى بعده على طريقته، وعلى التقديرين معطوف على الموصول.

قولهعليه‌السلام : لا بخرت، هو بالفتح والضم الثقب في الأذن وغيرها.

قولهعليه‌السلام : فقد جمعنا، بسكون العين على صيغة المتكلّم أو بفتحها على صيغة الغائب، والاسم على الأوّل منصوب، وعلى الثاني مرفوع.

قولهعليه‌السلام : لا يحتمل شخصا، أيّ لا يقبل مثاله ولا ينطبع صورته الذهني وشبحه فيه، فيدّل على أنّ الإبصار بالانطباع لا بخروج الشعاع، وفي العيون والتوحيد: لا يجهل شخصا وهو أظهر، والكبد بالتحريك: المشقة والتعب، والقضافة بالقاف والضاد المعجمة ثمّ الفاء: الدقة والنحافة.

٦٦

ولكن قائم يخبر أنّه حافظ كقول الرَّجل القائم بأمرنا فلأنّ والله هو القائم على كلّ نفس بما كسبت والقائم أيضاً في كلام الناس الباقي والقائم أيضاً يخبر عن الكفاية كقولك للرجلَّ قم بأمرّ بني فلأنّ أيّ اكفهم والقائم منا قائم على ساق فقد جمعنا الاسم ولم نجمع المعنى.

وأمّا اللّطيف فليس على قلة وقضافة وصغر ولكن ذلك على النفاذ في الأشياء والامتناع من أنّ يدرك كقولك للرجلَّ لطف عنّي هذا الأمرّ ولطف فلان في مذهبه وقوله يخبرك أنّه غمض فيه العقل وفات الطلب وعاد متعمّقاً متلطفاً لا يُدركه الوهم فكذلك لطف الله تبارك وتعالى عن أنّ يُدرك بحدّ أو يُحدَّ بوصف واللّطافة منّا الصغر والقلّة فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

وأمّا الخبير فالّذي لا يعزب عنه شيء ولا يفوته ليس للتجربة ولا للاعتبار بالأشياء فعند التجربة والاعتبار علمأنّ ولو لا هما ما علم لأنّ من كان كذلك كان جاهلا والله لم يزل خبيراً بما يخلق والخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : وفات الطلب، أيّ فات ذلك الشيء عن الطلب فلا يدركه الطلب، أو فات عن العقل الطلب فلا يمكنه طلبه، ويحتمل على هذا أنّ يكون الطلب بمعنى المطلوب « وعاد » أيّ العقل أو الوهم على التنازع، أو ذلك الشيء فالمراد أنّه صار ذا عمق ولطافة ودقة لا يدركه الوهم لبعد عمقه وغاية دقته، وتفصيله: أنّه يمكن أنّ يقرأ الطلب مرفوعاً ومنصوباً، فعلى الأوّل يكون فات لازما أيّ ضاع وذهب الطلب، وعلى الثاني فضمير الفاعل إمّا راجع إلى الأمرّ المطلوب، أيّ لا يدرك الطلب ذلك الأمرّ كما ورد في الدعاء « لا يفوته هارب » أو إلى العقل على الوجهين المذكورين، وربّما يحمل الطلب على الطالب بإرجاع ضمير الفاعل إلى الأمر، وربّما يقال: يعود ضمير الفاعل في عاد إلى الطلب، وتقدير القول في قوله: لا يدركه وهم، أيّ يعود الطلب أو الطالب متعمقّاً متلطّفاً قائلا لا يدركه وهم، ولا يخفى بعده، وسنام كلّ شيء: أعلاه

٦٧

وأمّا الظاهر فليس من أجلَّ أنّه علا الأشياء بركوب فوقها وقعود عليها وتسنم لذراها ولكن ذلك لقهره ولغلبته الأشياء وقدرته عليها كقول الرّجلَّ ظهرت على أعدائي وأظهرني الله على خصمي يخبر عن الفلج والغلبة فهكذا ظهور الله على الأشياء ووجه آخر أنّه الظاهر لمن أراده ولا يخفى عليه شيء وأنّه مدبر لكلّ ما برأ فأيّ ظاهر أظهر وأوضح من الله تبارك وتعالى لأنك لا تعدم صنعته حيثما توجهت وفيك من آثاره ما يغنيك والظاهر منا البارز بنفسه والمعلوم بحده فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى.

وأمّا الباطن فليس على معنى الاستبطأنّ للأشياء بأنّ يغور فيها ولكن ذلك منه على استبطأنّه للأشياء علـمّا وحفظا وتدبيرا كقول القائل أبطنته يعنّي خبرته وعلمت مكتوم سره والباطن منا الغائب في الشيء المستتر وقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

وأمّا القاهر فليس على معنى علاج ونصب واحتيال ومداراة ومكر كما يقهر العباد بعضهم بعضا والمقهور منهم يعود قاهرا والقاهر يعود مقهورا ولكن ذلك من الله تبارك وتعالى على أنّ جميع ما خلق ملبس به الذل لفاعله وقلة الامتناع لـمّا أراد به لم

________________________________________________________

ومنه تسنّمه أيّ علاه، والذّرى بضم الذال المعجمة وكسرها جمع الذروة بهما، وهي أيضاً أعلى الشيء.

قولهعليه‌السلام : لا يخفى عليه شيء، يحتمل إرجاع الضمير المجرور إلى الموصول، أيّ لا يخفى على من أراد معرفته شيء من أموره: من وجوده وعلمه وقدرته وحكمته وعلى تقدير إرجاعه إليه تعالى لعله ذكر استطراداً، أو إنّما ذكر لأنّه مؤيد لكونه مدبراً لكلّ شيء، أو لأنّه مسبب عن علية كلّ شيء، أو لأنّ ظهوره لكلّ شيء وظهور كلّ شيء له مسببان عن تجرده تعالى، ويحتمل أنّ يكون وجهاً آخر لإطلاق الظاهر عليه تعالى، لأنّ في المخلوقين لـمّا كان المطلع على شيء حاضراً عنده ظاهراً له، جاز أنّ يعبر عن هذا المعنى بالظهور، والعلاج: العمل والمزاولة بالجوارح.

٦٨

يخرج منه طرفة عين أنّ يقول له كن فيكون والقاهر منّا على ما ذكرت ووصفت فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى وهكذا جميع الأسماء وإن كنّا لم نستجمعها كلّها فقد يكتفي الاعتبار بما ألقينا إليك والله عونك وعوننا في إرشادنا وتوفيقنا.

( باب تأويل الصمد )

١ - عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد ولقبه

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام لم يخرج منه طرفة عين: لعلّه يدّل على أنّ الأشياء في كلّ أنّ محتاجة إلى إفاضة جديدة وإيجاد جديد، وفي التّوحيد طرفة عين، غير أنّه يقول له وقد أشار إلى ما أومأنا إليه بهمنيار في التحصيل وغيره، حيث قالوا: كلّ ممكن بالقياس إلى ذاته باطل، وبه تعالى حق كما يرشد إليه قوله تعالى: «كلّ شَيْءٍ هالِكٌ إلّا وَجْهَهُ »(١) فهو آنا فآنا يحتاج إلى أنّ يقول له الفاعل الحق: كن، ويفيض عليه الوجود بحيث لو أمسك عنه هذا القول والإفاضة طرفة عين، لعاد إلى البطلان الذّاتي والزوال الأصلي، كما أنّ ضوء الشمس لو زال عن سطح المستضيء لعاد إلى ظلمته الأصليّة.

باب تأويل الصمّد

الحديث الأول: ضعيف على المشهور.

واعلم أنّ العلماء اختلفوا في تفسير الصمد، فقيل: أنّه فعل بمعنى المفعول من صمد إليه إذا قصده، وهو السيّد المقصود إليه في الحوائج، كما ورد في هذا الخبر، وروت العامة عن ابن عباس أنّه لـمّا نزلت هذه الآية قالا: ما الصمد؟ قال صلوات الله عليه وآله: هو السيّد الّذي يصمد إليه في الحوائج، وقيل: أنّ الصمّد هو الّذي لا جوف له.

__________________

(١) سورة القصص: ٨٨.

٦٩

شباب الصيرفيّ، عن داود بن القاسم الجعفريّ قال قلت لأبي جعفر الثانيعليه‌السلام جعلت فداك ماالصمد قال السيّد المصمود إليه في القليل والكثير.

٢ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن عيسى، عن يونس

________________________________________________________

وقال ابن قتيبة: الدّال فيه مبدلة من التاء وهو الصمت، وقال بعض اللغويين: الصمّد هو الأملس من الحجر لا يقبل الغبار ولا يدخله ولا يخرج منه شيء، فعلى الأوّل عبارة عن وجوب الوجود والاستغناء المطلق واحتياج كلّ شيء في جميع أموره إليه، أيّ الّذي يكون عنده ما يحتاج إليه كلّ شيء، ويكون رفع حاجة الكلّ إليه ولم يفقد في ذاته شيئاً ممّا يحتاج إليه الكلّ وإليه يتوجه كلّ شيء بالعبادة والخضوع وهو المستحق لذلك، وإمّا على الثاني فهو مجاز عن أنّه تعالى أحدي الذّات، أحدي المعنى، ليست له أجزاء ليكون بين الأجزاء جوف، ولا صفات زائدة فيكون بينها وبين الذّات جوف، أو عن أنّه الكامل بالذّات، ليس فيه جهة استعداد وإمكان، ولا خلو له عمّا يليق به، فلا يكون له جوف يصلح أنّ يدخله ما ليس له في ذاته، فيستكمل به، فالجوف كناية عن الخلو عمّا يصلح اتّصافه به، وإمّا عليّ الثالث فهو كناية عن عدم الانفعال والتأثر عن الغير، وكونه محلاً للحوادث كما مرّ عن الصادقّعليه‌السلام : أنّ الرّضا دخال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال، لأنّ المخلوق أجوف معتمل مركّب للأشياء فيه مدخل، وخالقنا لا مدخل للأشياء فيه لأنّه واحد واحدي الذّات واحدي المعنى، وقد ورد بكلّ من تلك المعاني أخبار.

وقد روى الصدوق في التّوحيد ومعاني الأخبار خبراً طويلاً مشتملاً على معاني كثيرة للصمد، وقد نقل بعض المفسرين عن الصحابة والتابعين والأئمة واللغويين قريباً من عشرين معنى، ويمكن إدخال جميعها فيما ذكرنا من المعنى الأوّل، لأنّه لاشتماله على الوجوب الذّاتي يدّل على جميع السلوب، ولدلالته على كونه مبدء للكلّ يدّل على اتّصافه بجميع الصّفات الكمالية، وبه يمكن الجمع بين الأخبار المختلفة الواردة في هذا المعنى، وقد أوردنا الأخبار في كتاب بحار الأنوار.

الحديث الثاني: مجهول كالصحيح، وقوله: واحد خبر إنّ والجملتان

٧٠

ابن عبد الرحمن، عن الحسن بن السريٌ، عن جابر بن يزيد الجعفي قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن شيء من التّوحيد فقال أنّ الله تباركت أسماؤه الّتي يدعا بها وتعالى في علو كنهه واحد توحدّ بالتّوحيد في توحده ثمّ أجراه على خلقه فهو واحد صمد قدوس يعبده كلّ شيء ويصمد إليه كلّ شيءو وَسِعَ كلّ شَيْءٍ عِلـمّاً.

فهذا هو المعنى الصحيح في تأويل الصمّد لا ما ذهب إليه المشبّهة أنّ تأويل الصمّد المصمت الّذي لا جوف له لأنّ ذلك لا يكون إلّا من صفة الجسم والله جلَّ ذكره متعال عن ذلك هو أعظم وأجلَّ من أنّ تقع الأوهام على صفته أو تدرك كنه عظمته ولو كان تأويل الصمّد في صفة الله عزّ وجلَّ المصمت لكان مخالفا لقوله عزّ وجلَّ: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »(١) لأنّ ذلك من صفة الأجسام المصمتة الّتي لا أجواف لها مثل الحجر والحديد وسائر الأشياء المصمتة الّتي لا أجواف لها تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.

فإمّا ما جاء في الأخبار من ذلك فالعالمعليه‌السلام أعلم بما قال وهذا الّذي قالعليه‌السلام

________________________________________________________

معترضتان، تباركت أسماؤه: أيّ تطهّرت عن النقائص أو كثرت صفات جلاله وعظمته أو ثبتت ولا يعتريها التغيّر من قولهم: برك البعير بالمكان أيّ أقام، وكلمة « في » في قوله: في علو كنهه، تعليلية، وقولهعليه‌السلام : توحدّ بالتوحيد، أيّ لم يكن في الأزل أحد يوحّده، فهو كان يوحدّ نفسه، فكان متفردا بالوجود، متوحّداً بتوحيد نفسه، ثمّ بعد الخلق عرفهم نفسه، وأمرهم أنّ يوحدوه، أو المراد أنّ توحده لا يشبه توحدّ غيره، فهو متفرد بالتوحد، أو كان قبل الخلق كذلك وأجرى سائر أنواع التوحدّ على خلقه، إذا الوحدة تساوق الوجود أو تستلزمه، لكن وحداتهم مشوبة بأنواع الكثرة كما عرفت.

قوله: فهذا هو الصحيح، من كلام الكليني (ره).

قوله: من ذلك، أيّ تفسير الصمّد بالصمت فالعالمعليه‌السلام أعلم، أيّ هوعليه‌السلام أعلم بتفسيره ومراده، والجمرة بالتحريك والفتح واحدة جمرات المناسك، والقصوى: العقبة

__________________

(١) سورة الشورى: ١١.

٧١

أنّ الصمّد هو السيّد المصمود إليه هو معنى صحيح موافق لقول الله عزّ وجلَّ «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ » والمصمود إليه المقصود في اللغة قال أبو طالب في بعض ما كان يمدح به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من شعره:

وبالجمرة القصوى إذا صمدوا لها

يؤمون رضخاً رأسها بالجنادل

يعني قصدوا نحوها يرمونها بالجنادل يعنّي الحصى الصغار الّتي تسمّى بالجمار وقال بعض شعراء الجاهليّة [ شعراً ]:

ما كنت أحسب أنّ بيتا ظاهراً

لله في أكناف مكة يصمد

يعني يقصد.

وقال ابن الزبرقان:ولا رهيبة الاسيد صمد

وقال شدّاد بن معاوية في حذيفة بن بدر:

علوته بحسام ثمّ قلت له

خذها حذيف فأنت السيد الصمد

ومثل هذا كثير والله عزّ وجلَّ هو السيّد الصمّد الّذي جميع الخلق من الجنّ والإنس إليه يصمدون في الحوائج وإليه يلجأون عند الشدائد ومنه يرجون الرَّخاء ودوام النعماء ليدفع عنهم الشدائد.

( باب الحركة والانتقال )

١ - محمّد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن عليّ بن عبّاس الخراذينيّ، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر الجعفري، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام قال ذكر عنده قوم يزعمون أنَّ الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدُّنيا

________________________________________________________

والحصا بالفتح والقصر جمع الحصاة « ما كنت أحسب » أيّ أظن و « رهيبة » اسم رجلَّ « علوته بحسام » الحسام: السيف، أيّ رفعته فوق رأسه، وحذيف: منادي مرخمّ.

باب الحركة والانتقال

الحديث الأوّل: ضعيف.

٧٢

فقال إنَّ الله لا ينزل ولا يحتاج إلى أن ينزل إنّما منظره في القرب والبعد سواء لم يبعد منه قريب ولم يقرب منه بعيد ولم يحتج إلى شيء بل يُحتاج إليه وهو ذو الطوللا إِلهَ إلّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إمّا قول الواصفين أنّه ينزل تبارك وتعالى فإنّما يقول ذلك من ينسبه إلى نقص أو زيادة وكلّ متحرك محتاج إلى من يحركه أو يتحرّك به فمن ظن بالله الظنون هلك فاحذروا في صفاته من أنّ تقفوا له على

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : إنّما منظره: أيّ نظره وعلمه وإحاطته بأنّ يكون مصدراً ميميّاً أو ما ينظر إليه في القرب والبعد منه سواء، أيّ لا يختلف اطلاعه على الأشياء بالقرب والبعد، لأنّهما إنّما يجريان في المكانيات بالنسبة إلى أمثالها وهو سبحانه متعال عن المكان، إذ يوجب الحاجة إلى المكان، وهو لم يحتج إلى شيء بل يُحتاج إليه على المجهول، أيّ كلّ شيء غيره محتاج إليه، والطّول: الفضل والإنعام.

قولهعليه‌السلام فإنّما يقول ذلك « إلخ » أيّ النزول المكانيّ إنّما يتصوّر في المتحيّز وكلّ متحيّز موصوف بالتقدّر، وكلّ مقتدّر متّصف بالنقص عمّا هو أزيد منه وبالزيّادة على ما هو أنقص منه، أو يكون في نفسه قابلاً للزيادة والنّقصان، والوجوب الذّاتي ينافي ذلك لاستلزامه التجزّي والانقسام المستلزمين للإمكان، وأيضاً كلّ متحرّك محتاج إلى من يحركه أو يتحرّك به، لأنّ المتحرّك إمّا جسم أو متعلّق بالجسم، والجسم المتحرك لا بد له من محرك، لأنّه ليس يتحرّك بجسميته، والمتعلّق بالجسم لا بد له في تحركه من جسم يتحرّك به، وهو سبحانه منزه عن الاحتياج إلى المحرّك، وعن التغيّر بمغيّر، وعن التعلق بجسم يتحرّك به.

ويحتمل أنّ يكون المراد بالأوّل الحركة القسريّة، وبالثاني ما يشمل الإرادية والطبيعية، بأنّ يكون المراد بمن يتحرّك به ما يتحرّك به من طبيعة أو نفس، وقوله: من أنّ يقفوا(١) ، من وقف يقف، أيّ أنّ يقوموا في الوصف له وتوصيفه على حدّ فتحدونه بنقص أو زيادة، ويحتمل أنّ يكون من قفا يقفو، أي تتبّعوا له في البحث عن صفاته

__________________

(١) وفي المتن « تقفوا » بصورة الخطاب.

٧٣

حدّ تحدُّونه بنقص أو زيادة أو تحريك أو تحرُّك أو زوال أو استنزال أو نهوض أو قعود فإنّ الله جلَّ وعزَّ عن صفة الواصفين ونعت الناعتين وتوهّمالمتوهمّين وَتوكّل على العزيز الرحيم الّذي يراك حين تقوم وَتقلّبك في الساجدين

٢ - وعنه رفعه، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام أنّه قال لا أقول أنّه قائم فاُزيله عن مكانه ولا أحدُّه بمكان يكون فيه ولا أحده أنّ يتحرّك في شيء من الأركان والجوارح ولا أحدُّه بلفظ شقّ فم ولكن كما قال [ الله ] تبارك وتعالى: «كُنْ فَيَكُونُ » بمشيئته من غير تردُّد في نفس صمداً فرداً لم يحتج إلى شريك يذكر له ملكه ولا يفتح له أبواب علمه.

________________________________________________________

تتبعاً على حدّ تحدّونه بنقص أو زيادة، قوله: «حِينَ تَقُومُ » أيّ إلى التهجّد أو إلى الخيرات أو إلى الأمور كلّها «وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ » أيّ ترددك وحركاتك بين المصلين بالقيام والقعود والركوع والسجود، والمعنىّ توكلّ عليه في جميع أمورك عارفاً بأنّه عالم بجميع أحوالك في جميع الأوقات، أو توكلّ عليه في توصيفه بصفاته فقل في صفته بما وصف به نفسه، ولا تعتمد في توصيفه على ما يذهب إليه وهمك.

الحديث الثاني: ضعيف.

قولهعليه‌السلام : فأزيله عن مكانه، أيّ لا يتّصف بالقيام إتّصاف الأجسام لاستلزامه الزوال في الجملة عن مكانه، كزوال ما يقوم من الأجسام عن مكأنّه الّذي استقر فيه، ولأنّ القيام نسبة إلى المكان بخلو بعض المكان عن بعض القائم عنه وشغل بعضه ببعض، ونسبته تعالى إلى كلّ الأمكنة سواء.

أقول: ويمكن أنّ يكون المراد بالمكان: الدرجة الرفيعة الّتي له سبحانه من التقدّس والتنزّه والتجرّد، أيّ نسبة القيام إليه تعالى مستلزم لإزالته عن تجرّده وتقدّسه وتنزّهه سبحانه.

قولهعليه‌السلام : في شيء من الأركان، أيّ الأركان البدنيّة أو النواحيٌّ والجوانب أيّ أركان الخلق « والجوارح » بأنّ يتحرّك رأسه أو عينه أو يده سبحانه « بلفظ شق فمّ » أيّ لفظ خارج من فرجة الفمّ.

٧٤

٣ - وعنه، عن محمّد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن إسماعيل، عن داود بن عبد الله، عن عمرو بن محمّد، عن عيسى بن يونس قال قال ابن أبي العوجاء لأبي عبد اللهعليه‌السلام في بعض ما كان يحاوره ذكرت الله فأحلت على غائب فقال أبو عبد الله ويلك كيف يكون غائباً من هو مع خلقه شاهدٌ وإليهم أقرب مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ يسمع كلامهم ويرى أشخاصهم ويعلم أسرارهم فقال ابن أبي العوجاء أهو في كلّ مكان أليس إذا كان في السماء كيف يكون في الأرض وإذا كان في الأرض كيف يكون في السماء فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام إنّما وصفت المخلوق الّذي إذا انتقل عن مكان اشتغل به مكان وخلا منه مكان فلا يدري في المكان الّذي صار إليه ما يحدث في المكان الّذي كان فيه فإمّا الله العظيم الشأنّ الملك الديأنّ فلا يخلو منه مكان ولا يشتغل به مكان ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان.

٤ - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى قال كتبت إلى أبي الحسن عليّ بن محمّدعليه‌السلام جعلني الله فداك يا سيّدي قد روي لنا أنّ الله في موضع دون موضع عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى وأنّه ينزل كلّ ليلة في النصف الأخير من الليل إلى السماء الدنيا وروي أنّه ينزل عشية عرفة ثمّ يرجع إلى موضعه فقال بعض مواليك في ذلك إذا كان في موضع دون موضع فقد يلاقيه الهواء ويتكنّف عليه

________________________________________________________

الحديث الثالث: مجهول.

قولهعليه‌السلام : من حبل الوريد، لعلّ فيه إشارة إلى أنّ قربه سبحانه قرب العليّة والتأثير والتدبير، إذ عرق العنق سبب للحياة وبانقطاعه يكون الموت والفناء، أيّ هو تعالى أدخل في حياة الشخص من عرق العنق، إذ هو خالقه ومسبب سائر أسباب حياته

الحديث الرابع: ضعيف، وسنده الثاني صحيح على الظاهر.

قولهعليه‌السلام : علم ذلك عنده، أيّ علم كيفية نزوله عنده سبحانه، وليس عليكم معرفة ذلك، ثمّ أشار إشارة خفيّة إلى أنّ المراد بنزوله: تقديره نزول رحمته، وإنزالها بتقديره بقوله: وهو المقدّر له بما هو أحسن تقديراً، ثمّ أفاد أنّ ما عليكم علمه أنه

٧٥

والهواء جسم رقيق يتكنّف على كلّ شيء بقدره فكيف يتكنف عليه جلَّ ثناؤه على هذا المثال فوقّععليه‌السلام علم ذلك عنده وهو المقدر له بما هو أحسن تقديراً واعلم أنّه إذا كان في السماء الدنيا فهو كما هو على العرش والأشياء كلّها له سواء علـمّا وقدرة وملكاً وإحاطة.

وعنه، عن محمّد بن جعفر الكوفيّ، عن محمّد بن عيسى مثله.

( في قوله تعالى:ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إلّا هُوَ رابِعُهُمْ ) (١)

٥ - عنه، عن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن اُذينة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله تعالى «ما يَكُونُ

________________________________________________________

لا يجري عليه أحكام الأجسام والمحيّزات من المجاورة والقرب المكاني، والتمكنّ في الأمكنة، بل حضوره سبحانه حضور وشهود علميّ وإحاطة بالعلم والقدرة والملك بقوله: وعلم أنّه « إلخ ».

قوله: في قوله هذا كلام المصنف (ره) أيّ روي في تفسير هذه الآية الرواية الآتية، وقيل: عطف على عنوأنّ الباب، أيّ باب في قوله، وهو بعيد.

الحديث الخامس: صحيح.

قوله تعالى «ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ » أيّ ما يقع من تناجي ثلاثة، ويجوز أنّ يقدر مضاف أو يؤول نجوى من متناجين(٢) ويجعل ثلاثة صفة لها «إلّا هُوَ رابِعُهُمْ » أيّ إلّا الله يجعلهم أربعة من حيث أنّه يشاركهم في الاطلاع عليها «وَلا خَمْسَةٍ » أيّ ولا نجوى خمسة، وتخصيص العددين إمّا لخصوص الواقعة، أو لأنّ الله وتر يحبُّ الوتر والثلاثة أول الأوتار، أو لأنّ التشاور لا بد له من اثنين يكونان كالمتنازعين، وثالث يتوسط بينهما.

__________________

(١) سورة المجادلة: ٧.

(٢) وفي نسخة [ ح ] « نجوى بمتناجيين ».

٧٦

مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إلّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إلّا هُوَ سادِسُهُمْ » فقال هو واحد واحديُّ الذات بائن من خلقه وبذاك وصف نفسه ،«وهُوَ بِكلّ شَيْءٍ مُحِيطٌ » بالإشراف والإحاطة والقدرة «لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ » بالإحاطة والعلم لا بالذّات لأنّ الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة فإذا كان بالذّات لزمها الحواية.

(في قوله الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ) (١)

٦ - عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه سئل عن قول الله عزّ وجل: «الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى » فقال استوى على كلّ شيء فليس شيء أقرب إليه من شيء.

________________________________________________________

ثمّ اعلم أنّه لـمّا كان القُدّام والخلف واليمين والشمال غير متميزة إلّا بالاعتبار عدّ الجميع حدّين، والفوق والتحت حدين، فصارت أربعة، والمعنىّ أنّه ليست إحاطته سبحانه بالذّات، لأنّ الأماكن محدودة، فإذا كانت إحاطته بالذّات بأنّ كانت بالدخول في الأمكنة لزم كونه محاطا بالمكان كالمتمكن، وأنّ كانت بالانطباق على المكان لزم كونه محيطاً بالمتمكّن كالمكان.

الحديث السادس: ضعيف.

واعلم أنّ الاستواء يطلق على معان: « الأوّل » الاستقرار والتمكن على الشيء « الثاني » قصد الشيء والإقبال إليه « الثالث » الاستيلاء على الشيء، قال الشاعر:

قد استوى شبر على العراق

من غير سيف ودم مهراق

« الرابع » الاعتدال يقال: سوّيت الشيء فاستوى « الخامس » المساواة في النسبة.

فإمّا المعنى الأوّل فيستحيل على الله تعالى، لـمّا ثبت بالبراهين العقلية والنقلية

__________________

(١) سورة طه: ٥.

٧٧

وبهذا الإسناد، عن سهل، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن مارد أنَّ أبا عبد اللهعليه‌السلام سئل عن قول الله عزّ وجل: «الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى » فقال استوى

________________________________________________________

من استحالة كونه تعالى مكانيّاً، فمن المفسرين من حمل الاستواء في هذه الآية على الثاني، أيّ أقبل على خلقه وقصد إلى ذلك، وقد ورد أنّه سئل أبو العبّاس أحمد بن يحيى عن هذه الآية، فقال: الاستواء الإقبال على الشيء، ونحو هذا قال الفراء والزجاج في قوله عزّ وجل: «ثمّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ »(١) والأكثرون منهم حملوها على الثالث، أيّ استولى عليه وملكه ودبره قال الزمخشري: لـمّا كان الاستواء على العرش وهو سرير الملك لا يحصل إلّا مع الملك جعلوه كناية عن الملك، فقالوا: استوى فلأنّ على السرير يريدون ملكه، وأنّ لم يعقد على السرير البتة، وإنّما عبّروا عن حصول الملك بذلك لأنّه أصرح وأقوى في الدلالة من أنّ يقال فلان ملك، ونحوه قولك يد فلأنّ مبسوطة، ويد فلأنّ مغلولة، بمعنى أنّه جواد أو بخيل، لا فرق بين العبارتين إلّا فيما قلت، حتّى أنّ من لم يبسط يده قط بالنوال، أو لم يكن له يد رأساً وهو جواد قيل فيه يد مبسوطة، لأنّه لا فرق عندهم بينه وبين قولهم جواد « انتهى ».

ويحتمل أن يكون المراد المعنى الرابع بأنّ يكون كناية عن نفي النقص عنه تعالى من جميع الوجوه، فيكون قوله تعالى «عَلَى الْعَرْشِ » حالا وسيأتي توجيهه، ولكنّه بعيد.

وإمّا المعنى الخامس فهو الظاهر ممّا مرّ من الأخبار.

فاعلم أنّ العرش قد يطلق على الجسم العظيم الّذي أحاط بسائر الجسمانيّات، وقد يطلق على جميع المخلوقات، وقد يطلق على العلم أيضاً كما وردت به الأخبار الكثيرة، وقد حققناه في كتاب السماء والعالم من كتاب بحار الأنوار، فإذا عرفت هذا فإمّا أنّ يكونعليه‌السلام فسر العرش بمجموع الأشياء، وضمّن الاستواء ما يتعدّى بعلى

__________________

(١) سورة البقرة: ٢٩.

٧٨

من كلّ شيء فليس شيء أقرب إليه من شيء.

________________________________________________________

كالاستيلاء والاستعلاء والإشراف، فالمعنى استوت نسبته إلى كلّ شيء حالكونه مستوليا عليها، أو فسّره بالعلم، ويكون متعلّق الاستواء مقدرا، أيّ تساوت نسبته من كلّ شيء حالكونه متمكنا على عرش العلم، فيكون إشارة إلى بيان نسبته تعالى وأنها بالعلم والإحاطة، أو المراد بالعرش عرش العظمة والجلال والقدرة كما فسر بها أيضاً في بعض الأخبار، أيّ استوى من كلّ شيء مع كونه في غاية العظمة ومتمكنا على عرش التقدّس والجلالة، والحاصل أنّ علو قدره ليس مانعا من دنوة بالحفظ والتربية والإحاطة وكذا العكس.

وعلى التقادير فقوله «اسْتَوى » خبر، وقوله «عَلَى الْعَرْشِ » حال، ويحتمل أنّ يكونا خبرين على بعض التقادير، ولا يبعد على الاحتمال الأوّل جعل قوله: على العرش، متعلقا بالاستواء بأنّ تكون كلمة « على » بمعنى إلى، ويحتمل على تقدير حمل العرش على العلم أنّ يكون قوله على العرش خبرا، وقوله: استوى، حإلّا عن العرش ولكنّه بعيد.

وعلى التقادير يمكن أنّ يقال أنّ النكتة في إيراد الرحمن بيان أنّ رحمانيته توجب استواء نسبته إيجادا وحفظا وتربية وعلـمّا إلى الجميع، بخلاف الرحيمية فإنها تقتضي إفاضة الهدايات الخاصّة على المؤمنين فقط، وكذا كثير من أسمائه الحسنى تخص جماعة كما حققناه في الكتاب المذكور.

ويؤيد بعض الوجوه الّذي ذكرنا ما ذكره الصّدوق (ره) في كتاب العقائد حيث قال: اعتقادنا في العرش أنّه جملة جميع الخلق، والعرش في وجه آخر هو العلم، وسئل الصادقّعليه‌السلام : عن قول الله عزّ وجل: «الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى » فقال: استوى من كلّ شيء فليس شيء أقرب إليه من شيء « انتهى » وإنّما بسطنا الكلام في هذا المقام لصعوبة فهم تلك الأخبار على أكثر الأفهام.

٧٩

٧ - وعنه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوأنّ بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله تعالى «الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى » فقال استوى في كلّ شيء فليس شيء أقرب إليه من شيء لم يبعد منه بعيد ولم يقرب منه قريب استوى في كلّ شيء.

٨ - وعنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من زعم أنّ الله من شيء أو في شيء أو على شيء فقد كفر قلت فسر لي قال أعنّي بالحواية من الشيء له أو بإمساك له أو من شيء سبقه.

وفي رواية أخرى من زعم أنّ الله من شيء فقد جعله محدثا ومن زعم أنّه في شيء فقد جعله محصوراً ومن زعم أنّه على شيء فقد جعله محمولا.

في قوله تعالى ( وَهُوَ الّذي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ ) (١)

٩ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم قال قال أبو شاكر الديصاني أنّ في القران آية هي قولنا قلت ما هي فقال «وَهُوَ الّذي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ » فلم أدر بما أجيبه فحججت فخبرت أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال هذا كلام زنديق خبيث إذا رجعت إليه فقل له ما اسمك بالكوفة؟

________________________________________________________

الحديث السابع: صحيح.

الحديث الثامن: صحيح وآخره مرسل.

قوله: بالحواية من الشيء له، تفسير لقوله: في شيء، وقوله: أو بإمساك له، تفسير لقوله: على شيء، وقوله: أو من شيء سبقه، تفسير لقوله: من شيء.

الحديث التاسع: حسن، ولعلّ هذا الديصاني لـمّا كان قائلا بإلهين: نور، ملكه السماء، وظلمة ملكها الأرض، أول الآية بما يوافق مذهبه بأنّ جعل قوله: «وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ » جملة تامة معطوفة على مجموع الجملة السابقة، أيّ وفي الأرض إله

__________________

(١) سورة الزخرف: ٨٣.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462