مكارم الأخلاق

مكارم الأخلاق0%

مكارم الأخلاق مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
تصنيف: مکتبة الأخلاق والدعاء
الصفحات: 481

مكارم الأخلاق

مؤلف: أبي نصر الحسن بن الفضل الطبرسي
الناشر: مؤسسة الأعلمي
تصنيف:

الصفحات: 481
المشاهدات: 203282
تحميل: 10887

توضيحات:

مكارم الأخلاق
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 203282 / تحميل: 10887
الحجم الحجم الحجم
مكارم الأخلاق

مكارم الأخلاق

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
العربية

( في الدعاء في المسير)

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في سفره إذا هبط سبح وإذا صعد كبر.

قار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي نفس أبي القاسم بيده ما هلل ولا كبر مكبر على شرف من الاشراف إلا هلل ما خلفه وكبر ما بين يديه بتهليله وتكبيره حتى يبلغ مقطع التراب.

( في ركوب السفينة)

« بسم الله الملك الحق( وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ) (١) ، بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم ».

( في الدعاء على الجسر)

إذا بلغت جسرا فقل حين تضع قدمك عليه: « بسم الله، اللهم ادحر عني الشيطان الرجيم ».

عن الصادقعليه‌السلام قال: إن على ذروة كل جسر شيطانا فإذا انتهيت إليه فقل: بسم الله يرحل عنك.

قال الصادقعليه‌السلام : إذا كنت في سفر أو مفازة فخفت جنيا أو آدميا فضع يمينك على أم رأسك واقرأ برفيع صوتك « أفغير الله يبغون وله أسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها وإليه ترجعون ».

( في القول للقادم من الحج وغيره)

قال الصادقعليه‌السلام : إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول للقادم من الحج: « تقبل الله منك وأخلف عليك نفقتك وغفر ذنبك ».

قال الصادقعليه‌السلام : من عانق حاجا بغباره كان كمن استلم الحجر الاسود.

وإذا قدم الرجل من السفر ودخل منزله ينبغي أن لا يشتغل بشيء حتى يصب عليه نفسه

__________________

١ - سورة الزمر: آية ٦٧.

٢٦١

الماء ويصلي ركعتين ويسجد ويشكر الله مائة مرة. هكذا هو المري عنهمعليهم‌السلام . ولما رجع جعفر الطيار من الحبشة ضمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى صدره وقبل ما بين عينيه وقال: ما أدري بأيهما أسر بقدوم جعفر أم بفتح خيبر. وكان أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصافح بعضهم بعضا، فإذا قدم الواحد منهم من سفره فلقي أخاه عانقه.

الفصل السابع

( في حسن القيام على الدواب وحقها على صاحبها)

روي عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إن الدابة تقول: اللهم ارزقني مليك صدق يشبعني ويسقيني ولا يحملني ما لا أطيق.

عن الصادقعليه‌السلام قال: ما اشترى أحد دابة إلا قالت: اللهم اجعله بي رحيما.

وعنهعليه‌السلام قال: اتخذوا الدابة فإنها زين وتقضي عليها الحوائج ورزقها على الله عزوجل.

روى السكوني بإسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله تبارك وتعالى يحب الرفق ويعين عليه، فإذا ركبتم الدواب العجاف(١) فانزلوا منازلها، فإن كانت الارض مجدبة فانجوا عليها وإن كانت مخصبة فانزلوا منازلها.

قال عليعليه‌السلام : من سافر منكم بدابة فليبدأ حين نزل بعلفها وسقيها.

قال أبوجعفرعليه‌السلام [ إذا سافرت في أرض خصبة فارفق بالسير. و ] إذا سرت في أرض مجدبة فعجل بالسير.

عن الصادقعليه‌السلام قال: من اشترى دابة كان له ظهرها وعلى الله رزقها.

وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إن للدابة على صاحبها خصال: يبدأ بعلفها إذا نزل، ويعرض عليها الماء إذا مر به، ولا يضرب وجهها فإنها تسبح بحمد ربها، ولا يقف على ظهرها إلا في سبيل الله، ولا يحملها فوق طاقتها ولا يكلفها من المشي إلا ما تطيق.

عن الصادقعليه‌السلام قال: من سعادة المرء دابة يركبها في حوائجه ويقضي عليها حوائج إخوانه.

__________________

١ - العجاف - بالكسر: جمع عجف، ككتف وعجفاء: التي ضعفت وذهب سمنها أي المهزولة.

٢٦٢

وقالعليه‌السلام : السرج مركب ملعون للنساء.

وقالعليه‌السلام : من شقاء العيش مركب السوء.

وقالعليه‌السلام : الركوب نشرة.

سأل رجل عن الصادقعليه‌السلام : متى أضرب دابتي تحتي؟ قال: إذا لم تمش تحتك كمشيها إلى مذودها(١) .

عنهعليه‌السلام قال: أضربوها على العثار ولا تضربوها على النفار، فإنها ترى ما لا ترون(٢) .

عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إذا عثرت الدابة تحت الرجل فقال لها: تعست، تقول: تعس إعصانا للرب(٣) .

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ما عثرت دابتي قط، قيل: ولم ذلك؟ قال: لاني لم أطأ بها زرعا قط.

وعن عليعليه‌السلام في الدواب: ولا تضربوا الوجوه ولا تلعنوها، فإن الله عز وجل لعن لاعنها.

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا لعنت الدواب لزمتها اللعنة [ على صاحبها ].

وقالعليه‌السلام أيضا: لا تتوركوا على الدواب(٤) . ولا تتخذوا ظهورها مجالس.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام : يا علي لا تردف ثلاثة فإن أحدهم ملعون وهو المقدم.

وقالعليه‌السلام : لكل شيء حرمة وحرمة البهائم في وجوهها.

عن السكوني بإسناده: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أبصر ناقة معقولة وعليها جهازها، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أين صاحبها، لا مروة له فليستعد غدا للخصومة.

حج علي بن الحسينعليهما‌السلام على ناقة له أربعين حجة فما قرعها بسوط قطّ.

__________________

١ - المذود - كمنبر - معتلف الدابة.

٢ - العثار - بالسكر -: السقطة والزلة، يقال: عثرت الدابة - من بابي ضرب ونصر -: زلت وسقطت. ونفرت الدابة من كذا نفارا - من بابي ضرب ونصر -: جزعت وتباعدت.

٣ - تعست الدابة - من بابي علم ومنع -: عثرت وأكبت على وجهها - وأيضا بمعنى هلكت.

٤ - تورك: اعتمد على وركه. - الشيء: حمله على وركه. - الراكب. -: ثنى رجله ليركب أو يستريح.

٢٦٣

عن أم سلمة قالت: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس.

( فيما جاء في الابل)

قال الصادقعليه‌السلام : إياكم والابل الحمر، فإنها أقصر الابل أعمارا(١) .

وقالعليه‌السلام أيضا: اشتروا السود القباح فإنها أطول الابل أعمارا(٢) .

ونهى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أن يتخطى القطار، قيل: يا رسول الله ولم؟ قال: لانه ليس من قطار إلا وما بين البعير إلى البعير شيطان. ونهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن إبل الجلالة(٣) أن تؤكل لحومها وأن يشرب لبنها، ولا يحمل عليها الادم، ولا يركبها الناس حتى تعلف أربعين ليلة.

( في الخيل وغيرها)

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة، والمنفق عليها في سبيل الله كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها.

روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: لا تجزوا نواصي الخيل ولا أعرافها ولا أذنابها، فإن الخير في نواصيها وإن أعرافها دفؤها وإن أذنابها مذابها(٤) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يمن الخيل في كل أحوى أحمر وفي كل أدهم أغر مطلق اليمين(٥) .

عن الرضاعليه‌السلام قال: على كل منخر من الدواب شيطان، فإذا أراد أحدكم أن يلجمها فليسم الله عزوجل.

__________________

١ - الحمر - بضم فسكون -: جمع أحمر. وحمر الفرس - من باب علم -: سنق واتخم أو فسدت رائحة فمه فهو حمر ككتف. والحمر - بالتحريك -: داء يعتري الدابة من أكل الشعير.

٢ - والقباح - بالفتح -: طرف العضد مما يلي المرفق، أو ملتقى الساق والفخذ.

٣ - الجلالة: التي تكون غذاؤه عذرة وهي نجس فتحرم لحمها وشرب لبنها إلا أن تعلف أربعين يوما حتى تطهر ويحل لحمها ولبنها. والجلة - بالتثليث فالتشديد -: البعرة وتطلق على العذرة أيضا.

٤ - العرف - بالضم - من الدابة: الشعر النابت في محدب رقبتها والجمع أعراف. الدف ء - بالكسر -: نقيض حدة البرد. وأيضا ما استدفأ به.

٥ - أحوى: أسود ليس بشديد السواد أي الذي سواده إلى الخضرة أو جمرة إلى السواد. والادهم: الاسود، والذي يشتد سواده. والاغر: الابيض، والذي في جبهته بياض.

٢٦٤

وعن أبي عبيدة، عن أحدهماعليهما‌السلام قال: أيما دابة استصعبت على صاحبها من لجام ونفار فليقرأ في أذنها أو عليها أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والارض طوعا وكرها وإليه ترجعون وليقل: « اللهم سخرها لي وبارك لي فيها بحق محمد وآل محمد ». وليقرأ « إنا أنزلناه ».

عن الباقرعليه‌السلام قال: إن أحب المطايا إلي الحمر. وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يركب حمارا أسمه يعفور.

الفصل الثامن

( في نوادر السفر)

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : يا علي، إذا سافرت فلا تنزل الاودية، فإنها مأوى السباع والحيات.

من كتاب المحاسن ذكر عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجل، فقيل له: خير، قالوا: يا رسول الله خرج معنا حاجا، فإذا نزلنا لم يزل يهلل حتى نرتحل، فإذا ارتحلنا لم يزل يذكر الله حتى ننزل، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فمن كان يكفيه علف ناقته وصنع طعامه؟ قالوا: كلنا، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : كلكم خير منه.

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان في سفر يسير على ناقة إذ نزل فسجد خمس سجدات، فلما ركب قالوا: يا رسول الله رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم، استقبلني جبريلعليه‌السلام فبشرني ببشارات من الله عزوجل فسجدت لله شكرا، لكل بشرى سجدة.

عن إسحاق بن عمار قال: خرجت مع أبي عبد اللهعليه‌السلام وهو يحدث نفسه، ثم إستقبل القبلة فسجد طويلا، ثم ألزق خده الايمن بالتراب طويلا، قال: ثم مسح وجهه ثم ركب، فقلت له: بابي أنت وأمي لقد صنعت شيئا ما رأيته قط، قال: يا إسحاق إني ذكرت نعمة من نعم الله عزوجل علي فأحببت أن أذلل نفسي، ثم قال: يا إسحاق ما أنعم الله على عبده بنعمة فشكرها بسجدة يحمد الله فيها ففرغ منها حتى يؤمن له بالمزيد من الدارين.

٢٦٥

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا خرج أحدكم إلى سفر ثم قدم على أهله فليهدهم وليطرفهم ولو حجارة.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا أعيا أحدكم فليهرول.

عن الصادقعليه‌السلام قال: قال أبوجعفرعليه‌السلام : لا تماكس(١) في أربعة أشياء: في شراء الاضحية وفي الكفن وفي ثمن نسمه وفي الكري إلى مكة. وكان يقول علي بن الحسينعليهما‌السلام لقهرمانه(٢) إذا أراد أن يشري حوائج الحج: اشتر ولا تماكس.

عن جابر بن عبد الله قال: نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلا إذا جاء من الغيبة حتى يؤذنهم.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : السفر قطعة من العذاب، فإذا قضى أحدكم سفره فليسرع الاياب إله أهله.

قال الصادقعليه‌السلام : سير المنازل ينفد الزاد ويسئ الاخلاق ويخلق الثياب(٣) . والسير ثمانية عشر [ فرسخا أقله ].

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا ضللتم الطريق فتيامنوا.

وقال الصادقعليه‌السلام : إن على ذروة كل جسر شيطانا، فإذا انتهيت إليه فقل: بسم الله يرحل عنك.

عن الرضاعليه‌السلام سئل عنه عن السرج واللجام وفيه الفضة، أيركب به؟ فقالعليه‌السلام : إن كان مموها(٤) لا يقدر على نزعه فلا بأس وإلا فلا يركب به.

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أعان مؤمنا مسافرا نفس الله عنه ثلاثا وسبعين كربة وأجاره من الغم والهم في الدنيا [ والاخرة ] ونفس عنه كربة العظيم( يوم يعض الظالم على يديه ) .

عن يعقوب بن سالم قال: قلت لابي عبد اللهعليه‌السلام : تكون معي الدراهم فيها.

__________________

١ - المماكسة: استحطاط الثمن، يقال: تماكس الرجلان في البيع أي تشاحا وأراد كل منهما أن يستأثر به.

٢ - القهرمان: أمين الدخل والخرج أو الوكيل.

٣ - اخلق الثوب: صيره باليا.

٤ - المموه: الممزوج والمخلوط من موه الشيء، بالتشديد: طلاه بماء الذهب والفضة ونحوهما.

٢٦٦

تماثيل وأنا محرم، أفأجعلها في همياني وأشده في وسطي؟ قال: لا بأس، هي نفقتك وعليها اعتمادك بعد الله عزوجل.

وعنهعليه‌السلام قال: إذا سافرتم فاتخذوا سفرة وتنوقوا فيها(١) .

عن نصر الخادم قال: نظر العبد الصالح أبوالحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام إلى سفرة عليها حلق صفر(٢) ، فقال: انزعوا هذه واجعلوا مكانها حديدا فإنه لا يقدم على شيء مما فيها من الهوام.

عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: زاد المسافر الحداء والشعر ما كان منه ليس فيه خنى(٣) .

من المحاسن، عن الصادقعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إياكم والتعريس(٤) على ظهر الطريق وبطون الاودية، فإنها مدارج السباع ومأوى الحيات.

وقال الصادقعليه‌السلام : إنك ستصحب أقواما فلا تقل: انزلوا ههنا ولا تنزلوا ههنا، فإن فيهم من يكفيك.

__________________

١ - تنوق وتنيق في مطعمه أو ملبسه أو اموره، من باب تصرف: تجود وبالغ فيها.

٢ - الحلق، بفتحتين: جمع حلقة. والصفر، بالضم: الذهب، والنحاس الاصفر.

٣ - الخنى: الفحش من القول. وفي بعض السنخ خنا.

٤ - التعريس: نزول المسافر في الليل للاستراحة والنوم، يقال: عرس القوم: نزلوا من السفر في آخر الليل للاستراحة ثم ارتحلوا.

٢٦٧

الباب العاشر

( في الادعية وما يتعلق بها وهو خمسة فصول)

إن لمولاي وولي نعمي أبي - طول الله عمره ومتع المسلمين بطول بقائه - مجموعات جامعة في الدعوات فأردت أن أنتزع منها بابا مختصرا لائقا بهذا الكتاب، مستجمع لنفائس هذا الفن، فاستخرت الله في جميع ذلك، فخرج بعون الله بابا جامعا، نسأل الله توفيق العمل بما فيه بفضله إنه سميع مجيب.

الفصل الاول

( في فضل الدعاء وكيفيته)

( فيما جاء في فضل الدعاء)

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء.

عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قلت للباقرعليه‌السلام أي العبادة أفضل؟ فقال ما من شيء أحب إلى الله عزوجل من أن يسأل ويطلب مما عنده. وما أحد أبغض إلى الله عزوجل ممن يستكبر عن عبادته ولا يسأل مما عنده.

عن الصادقعليه‌السلام : من لم يسأل الله من فضله افتقر.

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يرد القضاء إلا الدعاء.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الدعاء سلاح المؤمن وعمود الدين ونور السماوات والارض.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا أدلكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم ويدر أرزاقكم؟ قالوا بلى: يا رسول الله، قال: تدعون ربكم بالليل والنهار، فإن سلاح المؤمن الدعاء.

عن الحسين بن عليعليهما‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يرفع يديه إذا ابتهل ودعاء كما يستطعم المسكين.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أعجز الناس من عجز عن الدعاء. وأبخل الناس من بخل بالسلام

٢٦٨

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما من مسلم دعا الله تعالى بدعوة ليس فيها قطعية رحم ولا استجلاب إثم إلا أعطاه الله تعالى بها إحدى خصال ثلاث: إما أن يعجل له الدعوة، وإما أن يدخرها له في الاخرة، وإما أن يرفع عنه مثلها من السوء.

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : لا تستحقروا دعوة أحد، فإنه قد يستجاب اليهودي فيكم ولا يستجاب له في نفسه.

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أحب الاعمال إلى الله عزوجل في الارض الدعاء. وأفضل العبادة العفاف.

عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الدعاء يرد القضاء بعدما أبرم إبراما، فأكثروا من الدعاء، فإنه مفتاح كل رحمة ونجاح كل حاجة، ولا ينال ما عندالله إلا بالدعاء، وليس باب يكثر قرعه إلا يوشك أن يفتح لصاحبه.

عبد الله بن ميمون القداح، عنه عليهعليه‌السلام قال: الدعاء كهف الاجابة كما أن السحاب كهف المطر.

وعنهعليه‌السلام قال: ما أبرز عبد يده إلى الله العزيز الجبار عزوجل إلا استحيا الله عز إسمه أن يردها صفرا حتى يجعل فيها من فضل رحمته ما يشاء، فإذا دعا أحدكم فلا يرد يده حتى يمسح على رأسه ووجهه.

عن هشام بن سالم قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : هل تعرفون طول البلاء من قصره؟ قيل: لا، قال: إذا ألهم أحدكم الدعاء عند البلاء فاعلموا أن البلاء قصير.

وقالعليه‌السلام : إن الدعاء في الرخاء لينجز الحوائج في البلاء.

وقالعليه‌السلام : أوحى الله تبارك وتعالى إلى داودعليه‌السلام : اذكرني في سرائك أستجب لك في ضرائك.

وقالعليه‌السلام : من تخوف بلاء يصيبه فتقدم فيه بالدعاء لم يره الله عزوجل ذلك البلاء أبدا.

عن أبي عبد الله وأبي جعفرعليهما‌السلام قالا: والله ما يلح عبد على الله إلا استجاب له.

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين فأتم ركوعهما وسجودهما ثم سلم وأثنى على الله عزوجل وعلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم سأل حاجته

٢٦٩

فقد طلب الخير في مظانه، ومن طلب الخير في مظانه لم يخب.

من الفردوس، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : البلاء يتعلق بين السماء والارض مثل القنديل، فإذا سأل العبد ربه العافية صرف الله عنه البلاء. وقال: سلوا لله عزوجل ما بدا لكم من حوائجكم حتى شسع النعل، فإنه إن لم ييسره لم يتيسر. وقال: ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع.

قال الصادقعليه‌السلام : إن الله عزوجل جعل أرزاق المؤمنين من حيث لم يحتسبوا، وذلك أن العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه.

وعنهعليه‌السلام قال: من سره أن يستجاب له في الشدة فليكثر الدعاء في الرخاء.

عن الرضاعليه‌السلام قال: دعوة العبد سرا دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية.

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إن الله تعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعا ولكن يحب أن يبث إليه الحوائج.

عنهعليه‌السلام قال: إن الله عزوجل لا يستجب دعاءا يظهر من قلب ساه(١) ، فإذا دعوت فاقبل بقلبك ثم استيقن بالاجابة.

وعنهعليه‌السلام قال: إن الله عزوجل كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة وأحب ذلك لنفسه، إن الله عزوجل يحب أن يسأل ويطلب ما عنده.

وعن الرضاعليه‌السلام أنه كان يقول لاصحابه: عليكم بسلاح الانبياء، فقيل: وما سلاح الانبياء؟ قالعليه‌السلام : الدعاء.

وعن الصادقعليه‌السلام قال: الدعاء أنفذ من السنان.

وعن حماد بن عثمان قال: سمعته يقولعليه‌السلام : الدعاء يرد القضاء وينقضه كما ينقض السلك وقد أبرم إبراما(٢) .

عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال: عليكم بالدعاء، فإن الدعاء والطلب إلى الله عزوجل يرد البلاء وقد قدر وقضى فلم يبق إلا إمضاؤه، فإنه إذا دعا الله وسأله صرف البلاء صرفا.

__________________

١ - ساه: أي غافل، اسم فاعل من سها يسهو.

٢ - السلك - بالكسر -: الخيط المفتل والذي ينظم فيه الخرز ونحوه.

٢٧٠

قال الصادقعليه‌السلام : عليك بالدعاء، فإن فيه شفاء من كل داء.

وقالعليه‌السلام : من تقدم في الدعاء استجيب له إذا نزل به البلاء، وقيل: صوت معروف ولم يحجب عن السماء، ومن لم يتقدم في الدعاء لم يستجب له إذا نزل به البلاء، وقالت الملائكة: إن ذا الصوت لا نعرفه.

عن زين العابدينعليه‌السلام قال: الدعاء بعد ما ينزل البلاء لا ينفع.

عن الصادقعليه‌السلام قال: إذا دعوت فاقبل بقلبك وظن أن حاجتك بالباب.

وقالعليه‌السلام : لا يلح عد مؤمن على الله تعالى في حاجة إلا قضاها له.

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : رحم الله عبدا طلب من الله عزوجل حاجته وألح في الدعاء استجيب له أم لم يستجب وتلا هذه الاية( وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا ) (١) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ما من أحد ابتلى وإن عظمت بلواه بأحق بالدعاء من المعافي الذي يأمن البلاء.

( في الاوقات المرجوة لاجابة الدعاء)

زيد الشحام قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : اطلبوا الدعاء في أربع ساعات: عند هبوب الرياح، وزوال الافياء، ونزول القطر، وأول قطرة من دم القتيل المؤمن [ الشهيد ]، فإن أبواب السماء تفتح عند هذه الاشياء.

عنهعليه‌السلام قال: يستجاب الدعاء في أربع: في الوتر، وبعد الفجر، وبعد الظهر، وبعد المغرب.

وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: اغتنموا الدعاء عند أربع: عند قراءة القرآن، وعند الاذان، وعند نزول الغيث، وعند التقاء الصفين للشهادة.

عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان أبي إذا كانت له إلى الله عزوجل حاجة طلبها هذه الساعة يعني زوال الشمس.

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إذا رق أحدكم فليدع، فإن القلب لا يرق حتى يخلص.

عن معاوية بن عمار، عنهعليه‌السلام قال: كان أبي إذا طلب الحاجة طلبها عند

__________________

١ - سورة مريم: آية ٤٩.

٢٧١

زوال الشمس، فإذا أراد ذلك قدم شيئا فتصدق به وشم شيئا من الطيب وراح إلى المسجد فدعا في حاجته بما شاء الله عزوجل.

وعنهعليه‌السلام قال: إذا إقشعر جلدك ودمعت عيناك فدونك دونك فقد نجح قصدك(١) .

أبوالصباح(٢) ، عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام قال: إن الله عزوجل يحب من عباده المؤمنين كل عبد دعاء، فعليكم بالدعاء في السحر إلى طلوع الشمس، فإنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء وتقسم فيها الارزاق وتقضى فيها الحوائج العظام.

عن عمر بن أذينة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إن في الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي ويدعو الله عزوجل فيها إلا استجاب الله تعالى له في كل ليلة، قلت: أصلحك الله وأي ساعة هي من الليل؟ قال: إذا مضى نصف الليل وهي السدس الاول من أول النصف.

عن أبي إسحاق، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الرغبة أن تستقبل ببطن كفيك إلى السماء، والرهبة أن تجعل ظهر كفيك إلى السماء. وقال في قوله عزوجل( وتبتل إليه تبتيلا ) (٣) : الدعاء بأصبع واحدة تشير بها، والتضرع أن تشير بإصبعك وتحركها، والابتهال رفع اليدين ومدهما، وذلك عند الدمعة ثم ادع.

وعنهعليه‌السلام أنه ذكر الرغبة، وأبرز بطن راحتيه إلى السماء(٤) وهكذا الرهبة وجعل ظهر كفيه إلى السماء، وهكذا التضرع وحرك أصابعه يمينا وشمالا، وهكذا التبتل ويرفع أصابعه مرة ويضعها مرة، وهكذا الابتهال ومد يده بإزاء وجه إلى القبلة، وقال: لا تبتهل حتى تجري الدمعة.

عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه‌السلام قال: سألته عن الدعاء ورفع

__________________

١ - دونك: اسم فعل بمعنى خذ أي راقب نفسك في هذه الساعة ولا تغفل منها ونوى قصدك فقد فاز به.

٢ - هو إبراهيم بن نعيم العبدي أبوالصباح الكناني من عبد القيس، كان من أصحاب الباقر والصادق والكاظم: وكان أبو عبد اللهعليه‌السلام يسميه الميزان لثقته، وله كتاب.

٣ - سورة المزمل: آية ٨.

٤ - الراحة الكف وباطن اليد.

٢٧٢

اليدين؟ فقالعليه‌السلام : على أربعة أوجه: أما التعوذ فتستقبل السماء بظهر كفيك، وأما الدعاء في الرزق فتبسط كفيك وتقبل ببطنهما إلى السماء، وأما التبتل فإيماؤك بإصبعك السبابة، وأما الابتهال فرفع يديك تجاوز بهما رأسك في دعائك مع التضرع.

( في مقدمات الدعاء)

عن ابن المغيرة(١) قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إياكم وأن يسأل أحدكم من ربه عزوجل شيئا من حوائج الدنيا والاخرة حتى يبدأ بالثناء على الله عزوجل والمدحة له والصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم يسأل الله حوائجه.

محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أن في كتاب أمير المؤمنينعليه‌السلام أن المدحة قبل المسألة، فإذا دعوت الله عزوجل فمجده، قال: قلت: كيف أمجده؟ قال: تقول: يا من هو أقرب إلى من حبل الوريد، يا فعالا لما يريد، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من هو بالمنظر الاعلى، يا من ليس كمثله شيء.

الحرث بن المغيرة(٢) ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إذا أردت أن تدعو فمجد الله عزوجل وأحمده وسبحه وهلله وأثن عليه وصل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم سل تعط.

وعنهعليه‌السلام قال: إذ طلب أحدكم الحاجة فليثن على الله سبحانه وليمدحه فإن الرجل إذا طلب الحاجة من السلطان هيأ له من الكلام أحسن ما يقدر عليه، فإذا طلبتم الحاجة فمجدوا الله العزيز الجبار وامدحوه وأثنوا عليه، تقول: يا أجود من أعطى، يا خير من سئل، يا أرحم من استرحم، يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، يا من لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، يا من يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ويقضي ما أحب، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من هو بالمنظر الاعلى، يا من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. وأكثر من أسماء الله عزوجل

__________________

١ - لعل هو الحرث بن المغيرة الاتي ذكره. ويمكن أن يكون هو أبومحمد عبد الله بن المغيرة البجلي الكوفي، ثقة لا يعدل به أحد من جلالته ودينه وورعه، كان من أصحاب الاجماع وصنف كتبا كثيرة. وقيل: إنه كان واقفيا ثم رجع.

٢ - كان من أصحاب الباقر والصادقعليهما‌السلام ثقة وله كتاب يرويه عدة من أصحابنا.

( مكارم الاخلاق - ١٨ )

٢٧٣

فإن اسماء الله كثيرة، وصل على محمد وآل محمد وقل: « اللهم أوسع علي من رزقك الحلال ما أكف به وجهي وأؤدي به عن أمانتي وأصل به رحمي ويكون عونا لي على الحج والعمرة ». وقال: إن رجلا دخل المسجد فصلى ركعتين ثم سأل الله عزوجل، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أعجل العبد ربه. وجاء آخر فصلى ركعتين ثم أثنى على الله عزوجل وصلى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سل تعط.

درست بن أبي منصور(١) عن أبي خالد قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ما من رهط أربعين رجلا اجتمعوا فدعوا الله عزوجل في إمر إلا استجاب الله لهم، فإن لم يكونوا أربعين فأربعة يدعون الله عشر مرات إلا استجاب الله سبحانه لهم، فإن لم يكونوا أربعة فواحد يدعو الله أربعين مرة فيستجب الله العزيز الجبار له.

وعنهعليه‌السلام قال: كان أبي إذا أحزنه أمر أجمع النساء والصبيان ثم دعا وأمنوا.

وعنهعليه‌السلام : الداعي والمؤمن في الاجر شريكان.

هشام بن سالم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لا يزال الدعاء محجوبا حتى يصلى على محمد وآل محمد.

وعنهعليه‌السلام قال: من دعا ولم يذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رفرف الدعاء(٢) على رأسه، فإذا ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رفع الدعاء.

وعنهعليه‌السلام قال: إن رجلا أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا رسول الله أجعل ثلث صلاتي لك، لا بل أجعل نصف صلاتي لك، لا بل أجعلها كلها لك، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا تكفي مؤونة الدنيا والاخرة.

عن أبي بصير وابن الحكم قالا: سألنا أبا عبد اللهعليه‌السلام ما معنى أجعل صلاتي كلها لك؟ قال: يقدمه بين يدي كل حاجة، فلا يسأل الله عزوجل شيئا حتى يبدأ بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيصلي عليه ثم يسأل الله حوائجه.

وعنهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تجعلوني كقدح الراكب فإن الراكب يملا قدحه فيشربه إذا شاء، اجعلوني في أول الدعاء وآخره ووسطه.

__________________

١ - هو بضم الاول والثاني ابن أبي منصور أو ابن منصور الواسطي، كان من أصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام وقد عده بعضهم من أصحاب الرضاعليه‌السلام أيضا، وله كتاب.

٢ - رفرف الطائر: بسط جناحيه وحركهما حول الشيء يريد أن يقع عليه.

٢٧٤

وعنهعليه‌السلام قال: من كانت له حاجة إلى الله عزوجل فليبدأ بالصلاة على محمد وآل محمد ثم يسأل الله حاجته ثم يختم بالصلاة على محمد وآله، فإن الله عزوجل أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط، إذا كانت الصلاة على محمد وآل محمد لا تحجب عنه.

وعن أبي عبد الله عليه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من قوم اجتمعوا في مجلس فلم يذكروا اسم الله عزوجل ولم يصلوا على نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله إلا كان ذلك المجلس حسرة ووبالا عليهم.

( فيمن يستجاب دعاؤه)

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ثلاثة دعوتهم مستجابة: الحاج فانظروا بما تخلفونه، والغازي في سبيل الله فانظروا كيف تخلفونه، والمريض فلا تعرضوه ولا تضجروه.

وعنهعليه‌السلام قال: كان أبي يقول: خمس دعوات لا يحجبن عن الرب تبارك وتعالى: دعوة الامام المقسط، ودعوة المظلوم، يقول الله عزوجل: وعزتي وجلالي لانتصفن لك ولو بعد حين(١) ، ودعوة الولد الصالح لوالديه، ودعوة الوالد الصالح لولده، ودعوة المؤمن لاخيه بظهر الغيب فيقول: ولك مثله.

من الفردوس قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أطيب كسبك تستجب دعوتك، فإن الرجل يرفع اللقمة إلى فيه فما تستجاب له دعوة أربعين يوما.

عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: أوشك دعوة وأسرع إجابة دعوة المؤمن لاخيه المؤمن بظهر الغيب.

عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: دعاء الرجل لاخيه بظهر الغيب يدر الرزق ويدفع المكروه.

__________________

١ - انصف من فلان: استوفى حقه منه كاملا.

٢٧٥

عن يحيى بن معاذ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لرجل: ادع بهذا الدعاء وأنا ضامن لك حاجتك على الله، اللهم أنت ولي نعمتي وأنت القادر على طلبتي وتعلم حاجتي فأسألك بحق محمد وآل محمد لما قضيتها لي.

عن الصادقعليه‌السلام : الدعاء لاخيك بظهر الغيب يسوق للداعي الرزق ويصرف عنه البلاء، ويقول الملك لك مثل ذلك.

وعنهعليه‌السلام قال: اتقوا دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم تصعد إلى السماء.

وعنهعليه‌السلام قال: قدم أربعين من المؤمنين ثم دعا استجيب له.

وعنهعليه‌السلام قال: من دعا لاخيه بظهر الغيب وكل الله عزوجل به ملكا يقول: ولك مثله.

وقال رجل من أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام : قلت لابي عبد اللهعليه‌السلام : إني لاجد في كتاب الله آيتين أطلبهما فلا أجدهما، فقالعليه‌السلام : وما هما؟ قلت:( ادعوني أستجب لكم ) (١) فندعوه فما نرى إجابة، قال: أفترى الله أخلف وعده؟

قلت: لا. قال: فمم؟ قلت: لا أدري، قال: لكني أخبرك [ عن ذلك ]: من أطاع الله فيما أمر به ثم دعاه من جهة الدعاء أجابه، قلت: وما جهة الدعاء؟ قال: تبدأ فتحمد الله وتمجده بذكر نعمه عليك فتشكره ثم تصلي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم تذكر ذنوبك فتقر بها ثم تستغفر منها فهذه جهة الدعاء. ثم قالعليه‌السلام : وما الاية الاخرى قلت: قوله تعالى:( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه ) فأراني أنفق وما أرى خلفا قال: أفترى الله أخلف وعده، قلت: لا، قال فمم؟ قلت: لا أدري، قال: لو أن أحدكم اكتسب المال من حله وأنفقه في حقه لم ينفق درهما إلا أخلف الله عليه.

عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: إن الله ليستحيي من العبد أن يرفع إليه يديه فيردهما خائبتين.

__________________

١ - سورة المؤمن: آية ٦٢.

٢٧٦

الفصل الثاني

( فيما يتعلق باليوم والليلة من الادعية المختارة)

( فيما يختص بالصباح والمساء)

روى عبد الكريم بن عتبة عن الصادقعليه‌السلام أنه قال: من قال عشر مرات قبل أن تطلع الشمس وقبل غروبها: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، كانت كفارة لذنوبه في ذلك اليوم.

وروي عنهعليه‌السلام حفص بن البختري أنه قال: كان نوحعليه‌السلام يقول إذا أصبح وأمسى: « اللهم إني أشهدك أنه ما أصبح وما أمسى بي من نعمة وعافية في ديني أو دنياي فمنك وحدك، لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر به علي حتى ترضى وبعد الرضا »، يقولها إذا أصبح عشرا وإذا أمسى عشرا، فسمي بذلك عبدا شكورا.

روي عن مسمع بن عبد الملك كردين أنه قال: صليت مع أبي عبد اللهعليه‌السلام أربعين صباحا فكان إذا انفتل رفع يده إلى السماء، فقال: أصبحنا وأصبح الملك لله اللهم إنا عبيدك وأبناء عبيدك، اللهم احفظنا من حيث نحتفظ ومن حيث لا نحتفظ، اللهم احرسنا من حيث لا نحترس ومن حيث نحترس، اللهم استرنا من حيث نستتر ومن حيث لا نستتر، اللهم استرنا بالغنى والعافية، اللهم ارزقنا العافية [ وارزقنا ] الشكر على العافية.

( فيما يقال في الصباح عند المخاوف)

جاءت الرواية عن أبي السري سهل بن يعقوب الملقب بأبي نواس(١) قال: قلت لابي الحسن علي بن محمد العسكريعليهما‌السلام : يا سيدي قد وقع إلي اختيارات الايام

__________________

١ - هو الذي خدم الامام الهاديعليه‌السلام بسر من رأى وسعى في حوائجه وكان يتخالع ويتطيب مع الناس ويظهر التشيع على الطيبة فيأمن على نفسه فسموه بأبي نواس. وهو غير أبي نواس الشاعر المشهور المتوفى سنة ١٩٨ ببغداد.

٢٧٧

عن الصادقعليه‌السلام ما حدثني به الحسن بن عبد الله بن مطهر، عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه، عن الصادقعليه‌السلام في كل شهر فأعرضه عليك، قال: افعل، فلما عرضته عليه وصححته قلت له: يا سيدي في أكثر هذه الايام قواطع عن المقاصد لما ذكر فيها من النحس والمخاوف فدلني على الاحتراز من المخاوف فيها، فربما تدعوني الضرورة إلى التوجه في الحوائج فيها، فقالعليه‌السلام لي: يا سهل إن لشيعتنا بولايتنا عصمة لو سلكوا بها في لجج البحار الغامرة(١) وسباسب البيداء الغائرة بين سباع وذئاب وأعادي الجن والانس لامنوا من مخاوفهم بولايتهم لنا، فثق بالله عزوجل وأخلص في الولاء لائتمك الطاهرين وتوجه حيث شئت واقصد ما شئت، يا سهل إذا أصبحت وقلت ثلاثا: أصبحت اللهم معتصما بذمامك المنيع الذي لا يطاول ولا يحاول(٢) من شر كل غاشم وطارق من سائر من خلقت وما خلقت من خلقك الصامت والناطق في جنة من كل مخوف بلباس سابغة ولاء أهل بيت نبيكعليهم‌السلام محتجبا من كل قاصد لي إلى أذية بجدار حصين، الاخلاص في الاعتراف بحقهم والتمسك بحبلهم جميعا موقنا بأن الحق لهم ومعهم وفيهم وبهم أوالي من والوا وأجانب من جانبوا [ وأحارب من حاربوا ] وصل اللهم على محمد وآل محمد وأعذني اللهم بهم من شر كل ما أتقيه، يا عظيم [ يا عظيم ] حجزت الاعادي عني ببديع السموات والارض إنا جعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون وقلتها عشيا ثلاثا: « جعلت في حصن من مخاوفك وأمن من محذورك »، فإذا أردت التوجه في يوم قد حذرت فيه فقدم أمام توجهك الحمد و المعوذتين و الاخلاص و آية الكرسي وسورة القدر والخمس الايات من آل عمران، ثم قال: اللهم بك يصول الصائل(٣) وبقدرتك يطول الطائل ولا حول لكل ذي حول إلا بك ولا قوة يمتازها ذو قوة إلا منك، أسألك بصفوتك

__________________

١ - اللجة - كغرفة - معظم الماء والجمع لجج كغرف. والغامرة: كثيرة الماء، يقال غمر الماء أي علاه وغطاه. والسبسب: المفازة أو الارض البعيدة المستوية والجمع سباسب. والبيداء: الفلاة وهي الارض الخالية التي لا ماء فيها. والغائرة: بعيدة الغور. والغور: ما انحدر واطمأن من الارض.

٢ - طاوله: غالبة في الطول - بالفتح - أي القدرة والفضل. وحاوله: أراده وطلبه. والغاشم: الظالم والغاصب. والطارق: الاتي ليلا.

٣ - صال عليه: سطا عليه وقهره. ويطول الطائل: أنعم المنعم بالفضل والغنى.

٢٧٨

من خلقك وخيرتك من بريتك محمد نبيك وعترته وسلالته عليه وعليهم‌السلام وصل عليهم واكفني شر هذا اليوم وضره وارزقني خيره ويمنه واقض لي في متصرفاتي بحسن العاقبة وبلوغ المحبة والظفر بالامنية وكفاية الطاغية الغوية وكل ذي قدرة لي على أذية حتى أكون في جنة وعصمة من كل بلاء ونقمة، وأبدلني من المخاوف فيه أمنا ومن العوائق فيه يسرا حتى لا يصدني صاد عن المراد ولا يحل بي طارق من أذى العباد، إنك على كل شيء قدير والامور إليك تصير، يا من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ».

( دعاء في كل صباح ومساء)

كان الصادقعليه‌السلام يقول إذا أصبح: بسم الله وبالله ومن الله وإلي الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، اللهم إليك أسلمت نفسي وإليك فوضت أمري وإليك توجهت وجهي وعليك توكلت يا رب العالمين، اللهم احفظني بحفظ الايمان من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ومن تحتي، لا إله إلا أنت، لا حول ولا قوة إلا بالله، أسأل الله العفو والعافية من كل سوء وشر في الدنيا والاخرة، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن ضيق القبر ومن ضغطة القبر وأعوذ بك من سطوات الليل والنهار، اللهم رب الشهر الحرام ورب البيت الحرام ورب البلد الحرام ورب الحل والحرام أبلغ محمدا وآله عني السلام، اللهم إني أعوذ بدرعك الحصينة وأعوذ بوجهك أن تميتني غرقا أو حرقا أو سرقا أو قودا أو صبرا أو هضما أو ترديا في بئر أو أكيل السبع أو مت الفجأة أو بشيء من ميتة السوء، ولكن أمتني على فراشي في طاعتك وطاعة رسولك صلواتك عليه وآله مصيبا للحق غير مخطئ أو في الصف الذي نعت أهله في كتابك( كأنهم بنيان مرصوص ) (١) ، أعيذ نفسي وديني وأهلي ومالي وولدي وجميع ما أعطاني ربي بالله الواحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، أعيذ نفسي وأهلي ومالي وولدي وجميع ما رزقني ربي( برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد ) ، أعيذ نفسي وأهلي ومالي وولدي وجميع ما رزقني ربي( برب الناس ) إلى آخره. ويقولعليه‌السلام : الحمد لله عدد ما خلق الله والحمد لله مثل ما خلق

__________________

١ - سورة الصف: آية ٤.

٢٧٩

الله [ والحمد لله ملاء ما خلق الله ] والحمد لله مداد كلماته والحمد لله زنة عرشه والحمد لله رضا نفسه، لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السموات السبع ورب الارضين السبع وما بينهما ورب العرش العظيم، اللهم إني أعوذ بك من درك الشقاء وأعوذ بك من شماتة الاعداء وأعوذ بك من الفقر والوقر(١) وأعوذ بك من سوء المنظر في الاهل والمال والولد ويصلي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشر مرات.

( في الادعية المخصوصة بأعقاب الفرائض)

قد ورد في الاخبار: أن من سبح تسبيح فاطمة الزهراءعليها‌السلام في دبر الفريضة قبل أن يثني رجليه غفر له.

وروي أن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال لرجل من بني سعد: ألا أحدثك عني وعن فاطمةعليها‌السلام ، أنها كانت عندي فاستقت بالقربة حتى أثر في صدرها وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها(٢) وكسحت البيت حتى أغبرت ثيابها وأوقدت تحت القدر حتى تدخنت ثيابها فأصابها من ذلك ضرر شديد، فقلت لها: لو أتيت أباك فسألته خادما يكفيك حر ما أنت فيه من هذا العمل، فأتت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوجدت عندهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حداثا فاستحيت فانصرفت، فعلمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنها جاءت لحاجة فغدا علينا ونحن في لفاعنا(٣) فقال: السلام عليكم، فسكتنا واستحيينا لمكاننا، ثم قال: السلام عليكم، فخشينا إن لم نرد عليه أن ينصرف وقد كان يفعل ذلك يسلم ثلاثا فإن أذن له وإلا انصرف، فقلت: وعليك السلام يا رسول الله أدخل، فدخل وجلس عند رؤوسنا فقال: يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمد؟ فخشيت إن لم تجبه أن يقوم فأخرجت رأسي فقلت: أما والله أخبرك يا رسول الله أنها استقت بالقربة حتى أثرت في صدرها وجرت بالرحى حتى مجلت يداها وكسحت البيت حتى أغبرت ثيابها وأوقدت تحت القدر حتى دخنت ثيابها، فقلت لها: لو أتيت أباك فسألته خادما يقيك حر ما أنت

__________________

١ - الوقر: ثقل في الاذن أو ذهاب السمع كله.

٢ - مجلت يداها أي نفطت وقرحت من العمل وظهر فيها المجل وهو أن يكون بين الجلد واللحم ماء من كثرة العمل. والمقلة: قشرة رقيقة يجتمع فيها ماء من العمل بالاشياء الصلبة.

٣ - اللفاع - بالكسر -: الملحقة والكساء. وفي بعض السنخ لحافنا.

٢٨٠