أسباب نزول القرآن

أسباب نزول القرآن10%

أسباب نزول القرآن مؤلف:
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 591

أسباب نزول القرآن
  • البداية
  • السابق
  • 591 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 439784 / تحميل: 6673
الحجم الحجم الحجم
أسباب نزول القرآن

أسباب نزول القرآن

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

الخلَّالي ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن زيد البجلي ، حدَّثنا أبو كُرَيب. حدَّثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن سعيد بن جُبَيْر ، عن ابن عباس قال :

كان رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لا يعرف ختم السورة حتى ينزل عليه( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) .

١٧ ـ أخبرنا عبد القاهر بن طاهر البغدادي ، أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر ، أخبرنا إبراهيم بن علي الذُّهلي ، حدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا عمرو بن الحجاج العبدي ، عن عبد الله بن أبي حسين ، ذكر عن عبد الله بن مسعود قال :

كنا لا نعلم فصل ما بين السورتين حتى تنزل( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) .

١٨ ـ أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر ، أخبرنا جدي ، أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد الْحَرشِيّ ، حدَّثنا محمد بن يحيى ، حدَّثنا محمد بن عيسى بن أبي فُدَيْك ، عن عبد الله بن نافع ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال :

نزلت( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) في كل سورة.

[٤]

القول في سورة الفاتحة

اختلفوا فيها : فعند الأكثرين : هي مكية من أوائل ما نزل من القرآن.

١٩ ـ أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد ، أخبرنا جدي ،

__________________

وأخرجه البزار (٢١٨٧ كشف) وقال الهيثمي في المجمع (٦ / ٣١٠) : رواه البزار بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح.

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٧) لأبي داود والبزار والطبراني والحاكم والبيهقي في الدلائل.

[١٧] في إسناده مجهول حيث إنه قال : ذُكر عن عبد الله بن مسعود.

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٧) للواحدي والبيهقي في شعب الإيمان.

[١٨] إسناده ضعيف : عبد الله بن نافع ضعيف ، تقريب [١ / ٤٥٦] مجروحين [٢ / ٢٠] ـ التاريخ الكبير [٥ / ٢١٤] ـ ميزان [٢ / ٥١٣].

[١٩] مرسل. وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٢) لابن أبي شيبة وأبي نعيم والبيهقي في الدلائل والواحدي والثعلبي.

٢١

أخبرنا أبو عمرو الحِيرِي ، حدَّثنا إبراهيم بن الحارث وعلي بن سهل بن المغيرة قالا : حدَّثنا يحيى بن [أبي] بكير ، حدَّثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي مَيْسَرَة :

أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم كان إذا برز سمع منادياً يناديه : يا محمد ، فإذا سمع الصوت انطلق هارباً ، فقال له ورقة بن نوفل : إذا سمعت النداء فاثبت حتى تسمع ما يقول لك. قال : فلما برز سمع النداء : يا محمد ، فقال : لبيك ، قال : قل : أشهد أن لا إله إلَّا الله أشهد وأن محمداً رسول الله ، ثم قال : قل :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) حتى فرع من فاتحة الكتاب.

وهذا قول علي بن أبي طالب.

٢٠ ـ أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد المفسر ، أخبرنا الحسن بن جعفر المفسر ، قال : أخبرنا أبو الحسن بن محمد بن محمود المَرْوَزِيّ ، حدَّثنا عبد الله بن محمود السعدي ، حدَّثنا أبو يحيى القَصْرِي ، حدَّثنا مروان بن معاوية ، عن العلاء بن المسيب ، عن الفضيل بن عمرو ، عن علي بن أبي طالب قال :

نزلت فاتحة الكتاب بمكة من كنز تحت العرش.

٢١ ـ وبهذا الإسناد عن السعدي : حدَّثنا عمرو بن صالح ، حدثنا أبي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس قال :

قام النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة فقال : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين. فقالت قريش : دَقَّ الله فاك أو نحو هذا ، قاله الحسن وقتادة.

وعند مجاهد : أن الفاتحة مدنية. قال الحسين بن الفضل : لكل عالم هفوة ،

__________________

وهو عند ابن أبي شيبة (١٤ / ٢٩٢) ولم أهتد إليه في دلائل البيهقي.

[٢٠] في إسناده انقطاع : الفضيل بن عمرو لم يسمع من علي والحديث أخرجه الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب رقم (٦٨١٦) من طريق فضيل بن عمرو ، وفي كنز العمال (٢٥٢١) وعزاه للديلمي.

وعزاه في الدر (١ / ٥) لإسحاق بن راهويه عن علي مرفوعاً.

[٢١] إسناده ضعيف : في إسناده الكلبي ، وقد مرت ترجمته في رقم (١٠)

٢٢

وهذه بادرة من مجاهد ، لأنه تفرد بهذا القول ، والعلماء على خلافه. ومما يقطع به على أنها مكية قوله تعالى :( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) يعني الفاتحة.

٢٢ ـ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن النحوي ، أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الحيري ، أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى ، حدَّثنا يحيى بن أيوب ، حدَّثنا إسماعيل بن جعفر ، أخبرني العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقرأ عليه أبيّ بن كعب أُمَّ القرآن فقال : والذي نفسي بيده ، ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلَها ، إنها لَهِيَ السبعُ المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته.

وسورة «الحجر» مكية بلا اختلاف ، ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة ثم ينزلها بالمدينة. ولا يسعنا القول : بِأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب. هذا مما لا تقبله العقول.

__________________

[٢٢] أخرجه الترمذي في التفسير (٣١٢٥) والحاكم في المستدرك (٢ / ٢٥٨) وصححه ووافقه الذهبي على شرط مسلم.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (٥ / ١١٤) من طريق عبد الحميد بن جعفر به.

٢٣

سورة البقرة

مدنية بلا خلاف.

٢٣ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ، أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف ، حدَّثنا يعقوب بن سفيان الصغير ، حدَّثنا يعقوب بن سفيان الكبير ، حدَّثنا هشام بن عمار ، حدَّثنا الوليد بن مسلم ، حدَّثنا شعيب بن زُرَيق ، عن عطاء الخراساني ، عن عكرمة قال :

أول سورة أنزلت بالمدينة سورة البقرة.

[٥]

قوله تعالى :( الم* ذلِكَ الْكِتابُ ) . [١ ، ٢].

٢٤ ـ أخبرنا أبو عثمان [الثقفي] الزَّعفراني ، أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، أخبرنا جعفر بن محمد بن الليث ، حدَّثنا أبو حذيفة ، حدَّثنا شِبْل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال :

__________________

[٢٣] مرسل.

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ١٧) لأبي داود في الناسخ والمنسوخ.

[٢٤] الأربع آيات التي نزلت في المؤمنين هي من أول السورة حتى قوله تعالى( وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) في قراءة من لم يعتبر( الم ) آية.

والآيتان بعدها في الكافرين ، والثلاثة عشر آية التي بعدها حتى قوله تعالى ( إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) نزلت في المنافقين.

٢٤

أربع آيات من أول هذه السورة نزلت في المؤمنين ، وآيتان بعدها نزلتا في الكافرين ، وثلاث عشرة بعدها نزلت في المنافقين.

[٦]

قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ ) . [٦].

٢٥ ـ قال الضحاك : نزلت في أبي جهل وخمسة من أهل بيته. وقال الكلبي : يعني اليهود.

[٧] قوله تعالى :( وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا ) . [١٤].

٢٦ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ، أخبرنا شيبة بن محمد ، حدَّثنا علي بن محمد بن قرة ، حدَّثنا أحمد بن محمد بن نصر ، حدَّثنا يوسف بن بلال ، حدَّثنا محمد بن مروان عن الكلبي ، عن صالح ، عن ابن عباس :

نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبيّ وأصحابه ، وذلك : أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال عبد الله بن أبي : انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم ، فذهب فأخذ بيد أبي بكر الصديقرضي‌الله‌عنه فقال : مرحباً بالصِّديق سيد بني تيم ، وشيخ الإسلام ، وثاني رسول الله في الغار ، الباذل نفسه وماله. ثم أخذ بيد عمررضي‌الله‌عنه فقال : مرحباً بسيد بني عَدِيّ بن كعب ، الفاروق القوي في دين الله ، الباذل نفسه وماله لرسول الله. ثم أخذ بيد علي كرم الله وجهه فقال : مرحباً بابن عم رسول الله وخَتِنَه ، سيد بني هاشم ما خلا رسول الله. ثم افترقوا. فقال عبد الله لأصحابه : كيف رأيتموني فعلت؟ فإذا رأيتموهم فافعلوا كما فعلت فأثْنَوْا عليه خيراً. فرجع المسلمون إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأخبروه بذلك. فأنزل الله هذه الآية.

__________________

[٢٥] أثر الضحاك مرسل ، والكلبي ضعيف.

[٢٦] إسناده واه جداً : محمد بن مروان بن السائب عن الكلبي عن أبي صالح ، أطلق العلماء على هذا الإسناد : سلسلة الكذب أ. ه.

والأثر ذكره السيوطي في الدر (١ / ٣١) وعزاه للواحدي والثعلبي بسند واه.

٢٥

[٨]

قوله :( يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ) . [٢١].

٢٧ ـ [أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد ، أخبرنا أبو علي بن أحمد الفقيه ، أخبرنا أبو تراب القُهُسْتَاني ، حدَّثنا عبد الرحمن بن بشر ، حدَّثنا رَوْح ، حدَّثنا شعبة ، عن سفيان الثّوري ، عن الأعمش ، عن إبراهيم] ، [عن علقمة قال :

كلّ شيء نزل فيه يا أيها الناس ، فهو مكي ، ويا أيها الذين آمنوا ، فهو مدني.

يعني أن يا أيها الناس خطاب أهل مكة ، ويا أيها الذين آمنوا خطاب أهل المدينة. فقوله :( يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ) خطاب لمشركي مكة إلى قوله :( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا ) . وهذه الآية نازلة في المؤمنين ، وذلك : أن الله تعالى لمَّا ذكر جزاء الكافرين بقوله :( النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ ) ذكر جزاء المؤمنين].

[٩]

قوله تعالى : / بقره ٢٦( إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ) . [٢٦].

٢٨ ـ قال ابن عباس في رواية أبي صالح] : لما ضرب الله تعالى هذين المثلين للمنافقين ، يعني قوله :( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً ) وقوله :( أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ ) ـ قالوا : الله أجل وأعلى من أن يضرب الأمثال. فأنزل الله هذه الآية.]

٢٩ ـ وقال الحسن وقتادة : لما ذكر الله الذباب والعنكبوت في كتابه ، وضرب

__________________

[٢٧] عزاه في الدر (١ / ٣٣) لأبي عبيد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن الضريس وابن المنذر وأبي الشيخ.

[٢٨] أبو صالح لم يسمع ابن عباس فهو منقطع.

وأخرجه ابن جرير (١ / ١٣٨)

[٢٩] مرسل.

٢٦

للمشركين [به] المثل ـ ضحكت اليهود وقالوا : ما يشبه هذا كلام الله ، فأنزل الله هذه الآية.]

٣٠ ـ أخبرنا أحمد بن عبد الله بن إسحاق الحافظ في كتابه ، أخبرنا سليمان بن أيوب الطبراني ، حدَّثنا بكر بن سهل ، حدَّثنا عبد العزيز بن سعيد ، عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج ، عن عطاء ،] [بقره ٢٦ عن ابن عباس في قوله تعالى :( إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ) قال :

وذلك أن الله ذكر آلهة المشركين فقال( وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً ) وذكر كيد الآلهة فجعله كبيت العنكبوت ، فقالوا : أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن على محمد ، أيّ شيء يصنع بهذا؟ فأنزل الله هذه الآية.

[١٠]

قوله تعالى : / بقره ٤٤( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ) . [٤٤]

٣١ ـ [قال ابن عباس في رواية الكلبي ، عن أبي صالح بالإسناد الذي ذكر :] نزلت في يهود [أهل] المدينة ، كان الرجل منهم يقول لصهره ولذوي قرابته ولمن بينهم وبينه رضاع من المسلمين : اثبت على الدين الذي أنت عليه ، وما يأمرك به هذا الرجل ـ يعنون محمداًصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فإنَّ أمره حق. فكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه.]

[١١]

قوله تعالى :( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ) . [٤٥].

عند أكثر أهل العلم : أن هذه الآية خطاب لأهل الكتاب ، وهو مع ذلك أدب لجميع العباد. وقال بعضهم : رجع بهذا الخطاب إلى خطاب المسلمين. والقول الأول أظهر.

__________________

[٣٠] إسناده ضعيف : في إسناده ابن جريح وهو مدلس وقد عنعنه.

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٤١) لعبد الغني في تفسيره والواحدي.

[٣١] إسناده ضعيف لضعف الكلبي.

٢٧

[١٢]

قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا ) الآية. [٦٢].

٣٢ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ ، حدَّثنا أبو يحيى الرازي ، حدَّثنا سهل بن عثمان العسكري ، حدَّثنا يحيى بن أبي زائدة قال : قال ابن جريج ، عن عبد الله بن كثير عن مجاهد قال :

لما قص سَلْمَان على النبي ،صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قصة أصحاب الدير ، قال : هم في النار. قال سلمان : فأظلمت عليّ الأرض ، فنزلت :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا ) إلى قوله :( وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) قال : فكأنما كشف عني جبل.

٣٣ ـ أخبرني محمد بن عبد العزيز المَرْوَزِيّ ، أخبرنا محمد بن الحسين الحدّادي ، أخبرنا أبو يزيد ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عمرو ، عن أسباط عن السُّدِّي :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا ) الآية ، قال : نزلت في أصحاب سلمان الفارسي لما قدم سلمان على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، جعل يخبر عن عبادتهم واجتهادهم ، وقال : يا رسول الله. كانوا يصلون ويصومون ، ويؤمنون بك ، ويشهدون أنك تبعث نبيِّاً. فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم قال رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : يا سلمان هم من أهل النار ، فأنزل الله :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا ) وتلا إلى قوله :( وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) .

٣٤ ـ أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر ، أخبرنا محمد بن

__________________

[٣٢] مرسل. وأخرجه ابن جرير (١ / ٢٥٦) من طريق ابن جريح عن مجاهد.

وعزاه في الدر (١ / ٧٤) لابن جرير عن مجاهد.

وأخرج الحاكم في المستدرك (٣ / ٥٩٩ ـ ٦٠٢) وصححه ووافقه الذهبي من حديث سلمان وجاء فيه «فأنزل الله على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ( ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ) ....».

انظر قصة إسلام سلمان الفارسي : مسند أحمد (٥ / ٤٤١ ـ ٤٤٤).

حلية الأولياء ١ / ١٩٠ ـ ١٩٥ ، الطبقات الكبرى لابن سعد ٤ / ٥٣ ـ ٥٤.

[٣٣] مرسل. وأخرجه ابن جرير (١ / ٢٥٤) من طريق عمرو عن السدي.

وعزاه في الدر (١ / ٧٣) لابن جرير وابن أبي حاتم.

وقد ثبت في الأثر السابق أن الآية التي نزلت ( ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً ) .

[٣٤] انظر رقم (٣٢) ، (٣٣) ـ وأبو صالح لم يسمع من ابن عباس.

٢٨

عبد الله بن زكرياء ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدّغولي ، أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة ، حدثنا عمرو بن حماد ، حدثنا أسباط ، عن السدي ، عن أبي مالك ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مُرَّة ، عن ابن مسعود] ،وعن ناس من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم :

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا ) الآية ، نزلت هذه الآية في سلمان الفارسي.

وكان من أهل جُنْدَيْسَابُور من أشرافهم ، وما بعد هذه الآية نازلة في اليهود.

[١٣]

قوله تعالى :( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ ) الآية. [٧٩].

نزلت في الذين غيروا صفة النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبدلوا نعته.

٣٥ ـ بقره ٧٩ قال الكلبي بالإسناد الذي ذكرنا : إنهم غيّروا صفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في كتابهم ، وجعلوه آدَمَ سَبْطاً طويلاً ، وكان رَبْعَةً أسمرصلى‌الله‌عليه‌وسلم . وقالوا لأصحابهم وأتباعهم : انظروا إلى صفة النبي الذي يُبعث في آخر الزمان ، ليس يشبه نعت هذا. وكانت للأحبار والعلماء مَأكَلة من سائر اليهود ، فخافوا أن تذهب مأكلتهم إن بَيَّنُوا الصفةَ ، فمِنْ ثَمَّ غيّروا.

[١٤]

قوله تعالى :( وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً ) . [٨٠].

٣٦ ـ أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم الصوفي ، أخبرنا أبو الحسين

__________________

[٣٥] في إسناده الكلبي ـ وذكر السيوطي في الدر (١ / ٨٢) عن ابن عباس في قوله( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ) قال : نزلت في أهل الكتاب ، وعزاه لوكيع وابن المنذر والنسائي.

[٣٦] في إسناده محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت : قال الحافظ في تهذيب التهذيب : ذكره ابن حبان في الثقات. وقال الذهبي : لا يعرف.

وقد أخرجه من نفس الطريق ابن جرير (١ / ٣٠٣)

٢٩

[محمد بن أحمد بن حامد] العطار ، أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار ، أخبرنا أبو القاسم ، عبد الله بن سعد الزهري ، حدَّثنا أبي وعمّي قالا : حدَّثنا أبي عن ابن إسحاق ، حدَّثنا محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة ،] [بقره ٨٠ عن ابن عباس ، قال :

قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، المدينة ، واليهود تقول : إنما هذه الدنيا سبعة آلاف سنة ، وإنما يعذَّب الناس في النار لكل ألف سنة من أيام الدنيا يوماً واحداً في النار ، من أيام الآخرة ، وإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب ، فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم :( وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً ) .

(٣٦) م ـ أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد التَّمِيمي ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيّان ، حدَّثنا محمد بن عبد الرحمن الرازيّ ، حدَّثنا سهل بن عثمان ، حدَّثنا مروان بن معاوية حدَّثنا جُويبر ، عن الضحاك] عن ابن عباس : في قوله :( وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً ) قال] :

وجد أهل الكتاب ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين [عاماً] فقالوا : لن نعذب في النار إلا ما وجدنا في التوراة. فإذا كان يوم القيامة اقتحموا في النار. فساروا في العذاب حتى انتهوا إلى سقر ، وفيها شجرة الزقوم ، إلى آخر يوم من الأيام المعدودة ، قال : فقال لهم خزنة [أهل] النار : يا أعداء الله ، زعمتم أنكم لن تعذبوا في النار إلَّا أياماً معدودة ، فقد انقضى العدد ، وبقي الأبد.

[١٥]

قوله تعالى :( أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ ) الآية(١) . [٧٥].

__________________

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٨٤) لابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والواحدي.

[٣٦] م في إسناده انقطاع : الضحاك لم يسمع من ابن عباس.

وأخرجه ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس (١ / ٣٠٢) والعوفي هو عطية بن سعد وهو ضعيف.

وعزاه في الدر (١ / ٨٤) لابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر والواحدي.

[١] هكذا بالأصل وهي في غير ترتيبها.

٣٠

٣٧ ـ [بقره ٨٠ قال ابن عباس ومقاتل : نزلت في السبعين الذين اختارهم موسى ليذهبوا معه إلى الله تعالى ، فلما ذهبوا معه [إلى الميقات] وسمعوا كلام الله تعالى وهو يأمره وينهاه رجعوا إلى قومهم. فأما الصادقون فأدَّوْا كما سمعوا. وقالت طائفة منهم : سمعنا الله في آخر كلامه يقول : إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا ، وإن شئتم فلا تفعلوا ولا بأس.

وعند أكثر المفسرين : نزلت الآية في الذين غيروا آية الرجم وصفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم .

[١٦]

قوله تعالى :( وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ) . [٨٩].

٣٨ ـ قال ابن عباس : كان يهود خيبر تقاتل غطفان ، فكلما التقوا هزمت يهود خيبر ، فعاذت اليهود بهذا الدعاء ، وقالت : اللهم إنا نسألك بحق النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلَّا نصرتنا عليهم. قال : فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء ، فهزَموا غطفان. فلما بعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم كفروا به ، فأنزل الله تعالى :( وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ) أي بك يا محمد ، إلى قوله :( فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ )

٣٨ م ـ وقال السدي : كانت العرب تمر بيهود فَيَلْقَوْن منهم أذى ، وكانت اليهود تجد نعت محمد في التوراة [ويسألون الله] أن يبعثه ، فيقاتلون معه العرب. فلما جاءهم محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كفروا به حسداً ، وقالوا : إنما كانت الرسل من بني إسرائيل ، فما بال هذا من بني إسماعيل؟!.

__________________

[٣٧] بدون سند.

[٣٨١] بدون إسناد. وعزاه السيوطي في (لباب النقول في أسباب النزول) ص ١٥ وفي الدر (١ / ٨٨) للحاكم والبيهقي في الدلائل.

وقد أخرجه الحاكم (٢ / ٢٦٣) من طريق عبد الملك بن هارون. وقال الحاكم : أدت الضرورة إلى إخراجه في التفسير. وتعقبه الذهبي بقوله : لا ضرورة في ذلك فعبد الملك متروك هالك.

قلت : عبد الملك بن هارون له ترجمة في المجروحين (٢ / ١٣٣) وقال ابن حبان : كان ممن يضع الحديث.

[٣٨] م مرسل. وقد أخرجه ابن جرير عن السدي (١ / ٣٢٦)

٣١

[١٧]

قوله تعالى :( قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ) الآية. [٩٧].

٣٩ ـ أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد ، أخبرنا الحسن بن أحمد الشيباني ، أخبرنا المؤمل بن الحسن [بن عيسى] ، حدَّثنا محمد بن إسماعيل بن سالم ، حدَّثنا أبو نعيم ، حدَّثنا عبد الله بن الوليد ، عن بُكَيْر ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال :

أقبلت اليهود إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : يا أبا القاسم نسألك عن أشياء فإن أجبتنا فيها اتبعناك ، أخبرنا من الذي يأتيك من الملائكة؟ فإنه ليس [من] نبي إلَّا يأتيه ملك من عند ربهعزوجل بالرسالة وبالوحي ، فمن صاحبك؟ قال : جبريل ، قالوا : ذاك الذي ينزل بالحرب وبالقتال ، ذاك عدونا ، لو قلت : ميكائيل الذي ينزل بالقطر والرحمة تابعناك. فأنزل الله تعالى :( قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ ) إلى قوله :( فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ ) .

[١٨]

قوله تعالى :( مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ ) الآية. [٩٨].

٤٠ ـ أخبرنا أبو بكر الأصفهاني ، أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، حدَّثنا أبو يحيى

__________________

[٣٩] إسناده حسن : أخرجه النسائي في عشرة النساء (١٩٠) والترمذي في التفسير (٣١١٧) وقال : حسن غريب.

وأخرجه ابن جرير في تفسيره (١ / ٣٤٢) من طريق عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن ابن عباس.

وعند النسائي وابن جرير : فأنزل الله ( مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ) وسياق المصنف مختصر جداً.

وأخرجه أحمد في مسنده (١ / ٢٧٤) من طريق عبد الله بن الوليد به.

والبيهقي في الدلائل (٦ / ٢٦٦).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (١ / ٨٩) للطيالسي والفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني وأبي نعيم في الدلائل.

[٤٠] إسناده فيه انقطاع : الشعبي لم يدرك عمر.

ذكره السيوطي في لباب النقول (ص ١٧) وعزاه لإسحاق بن راهويه وابن جرير (٢ / ٣٤٣) وقال :

إسناده صحيح إلى الشعبي ولكنه لم يدرك عمر.

٣٢

الرازي ، حدَّثنا سهل بن عثمان ، حدَّثنا علي بن مُسْهِر ، عن داود ، عن الشعبي ، قال :

قال عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه : كنت آتي اليهود عند دراستهم التوراة ، فَأَعْجَبُ من موافقة القرآن التوراة ، وموافقة التوراة القرآن. فقالوا : يا عمر ما أحدٌ أحبَّ إلينا منك ، قلت : ولم؟ قالوا : لأنك تأتينا وتغشانا ، قلت : إنما أجيء لأعجب من تصديق كتاب الله بعضه بعضاً ، وموافقة التوراة القرآن ، وموافقة القرآن التوراة. فبينا أنا عندهم ذات يوم إذ مرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، خلف ظهري ، فقالوا : هذا صاحبك فقم إليه. فالتفت إليه فإذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قد دخل خَوْخَة من المدينة ، فأقبلت عليهم فقلت : أنشدكم الله وما أنزل عليكم من كتاب ، أتعلمون أنه رسول الله؟ فقال سيدهم : قد نَشَدَكم باللهِ فأخبروه. فقالوا : أنت سيدنا فأَخْبِرْهُ. فقال سيدهم : إنا نعلم أنه رسول الله ، قال : قلت : فأنت أهلكهم إن كنتم تعلمون أنه رسول الله ، ثم لم تتبعوه. قالوا : إن لنا عدواً من الملائكة ، وسلماً من الملائكة. فقلت : من عدوكم؟ ومن سلمكم؟ قالوا : عدونا جبريل ، وهو ملك الفظاظة والغلظة ، والآصار والتشديد. قلت : ومن سلمكم؟ قال : ميكائيل ، وهو ملك الرأفة واللين والتيسير. قلت : فإني أشهد ما يحل لجبريل أن يعادي سلم ميكائيل ، وما يحل لميكائيل أن يسالم عدو جبريل ، فإنهما جميعاً ومن معهما أعداء لمن عادوا ، وسلم لمن سالموا. ثم قمت فدخلت الخَوْخَة التي دخلها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاستقبلني فقال : يا ابن الخطاب ، ألا أُقْرِئُكَ آيات أنزلت عليّ قبل؟ قلت : بلى. قال : فقرأ( قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ ) الآية حتى بلغ :( وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ ) . قلت : والذي بعثك بالحق نبياً ما جئت إلَّا أخبرك بقول اليهود ، فإذا اللطيف الخبير قد سبقني بالخبر. قال عمر : فقد رأيتني أشدَّ في دين الله من حجر.

٤١ ـ وقال ابن عباس : إن حَبْراً من أحبار اليهود من «فَدَك» يقال له : عبد الله

__________________

وأخرجه ابن أبي شيبة (١٤ / ٢٨٥).

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٩٠) لابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وابن جرير وابن أبي حاتم.

[٤١] بدون إسناد.

٣٣

ابن صُوْرِيا ، حاجَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسأله عن أشياء ، فلما اتجهت الحجة عليه قال : أيّ ملك يأتيك من السماء؟ قال : جبريل ، ولم يبعث الله نبياً إلَّا وهو وليّه. قال : ذاك عدونا من الملائكة ، ولو كان ميكائيل [مكانه] لآمنا بك ، إنّ جبريل ينزل بالعذاب والقتال والشدة ، وإنه عادانا مراراً كثيرة ، وكان أشدُّ ذلك علينا أن الله أنزل على نبينا : أن بيت المقدس سيخرب على يدي رجل يقال له : بُخْتُنَّصْر ، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه ، فلما كان وقته بَعَثْنا رجلاً من أقوياء بني إسرائيل في طلب بخْتُنَصَّر ليقتله ، فانطلق يطلبه حتى لقيه ببابل غلاماً مسكيناً ليست له قوة ، فأخذه صاحبنا ليقتله ، فدفع عنه جبريل ، وقال لصاحبنا : إن كان ربكم الذي أذن في هلاككم فلن تسلط عليه ، وإن لم يكن هذا فعلى أي شيء تقتله؟ فصدّقه صاحبنا ، ورجع إلينا ، وكبر بُخْتُنَصَّرُ وقوي ، وغزانا وخرب بيت المقدس ، فلهذا نتخذه عدواً. فأنزل الله هذه الآية.

٤٢ ـ وقال مقاتل : قالت اليهود : إن جبريل عدونا ، أُمِرَ أن يجعل النبوة فينا ، فجعلها في غيرنا. فأنزل الله هذه الآية.

[١٩]

قوله تعالى :( وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ ) . [٩٩].

٤٣ ـ قال ابن عباس : هذا جواب لابن صُوريا حيث قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه ، وما أنزل عليك من آية بينة بها. فأنزل الله هذه الآية.

[٢٠]

قوله تعالى :( وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ ) الآية. [١٠٢].

٤٤ ـ أخبرنا محمد بن عبد العزيز القَنْطَرِي ، أخبرنا أبو الفضل الحدادي ،

__________________

[٤٢] بدون إسناد.

[٤٣] ذكره السيوطي في لباب النقول (ص ١٨) وعزاه في الدر (١ / ٩٤) لابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم. وأخرجه ابن جرير (١ / ٣٥٠)

[٤٤] إسناده صحيح : أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٢٦٥) وصححه ووافقه الذهبي على شرط مسلم. وأخرجه ابن جرير (١ / ٣٥٧)

٣٤

أخبرنا أبو يزيد الخالدي ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، حدَّثنا جرير ، أخبرنا حُصين بن عبد الرحمن ، عن عمران بن الحارث قال :

بينما نحن عند ابن عباس إذ قال : إن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء ، فيجيء أحدهم بكلمة حق ، فإذا جُرِّب من أحدهم الصدق كذَب معها سبعين كذبة ، فيشربها قلوبَ الناس. فاطلع على ذلك سليمان فأخذها فدفنها تحت الكرسي ، فلما مات سليمان قام شيطان بالطريق فقال : ألا أدلكم على كنز سليمان الممنع الذي لا كنز له مثله؟ قالوا : نعم ، قال : تحت الكرسي ، فأخرجوه فقالوا : هذا سحر. فتناسخته الأمم ، فأنزل الله تعالى عذر سليمان( وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ )

٤٤ م ـ وقال الكلبي : إن الشياطين كتبوا السحر والنَيْرَنْجِيَّات على لسان آصف : هذا ما علَّم آصفُ بن برخيا سليمانَ الملك ، ثم دفنوها تحت مصلاه حين نزع الله ملكه ، ولم يشعر بذلك سليمان ، فلما مات سليمان استخرجوه من تحت مصلاه ، وقالوا للناس : إنما ملككم سليمان بهذا فتعلموه. فأما علماء بني إسرائيل فقالوا : معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان. وأما السفلة فقالوا : هذا علم سليمان ، وأقبلوا على تعلّمه ، ورفضوا كتب أنبيائهم. ففشت الملامة لسليمان ، فلم تزل هذه حالهم حتى بعث الله محمداًصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنزل الله عذر سليمان على لسانه ، وأظهر براءته مما رمي به ، فقال :( وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ ) الآية.

٤٥ ـ أخبرنا سعيد بن العباس القرشي كتابة : أن الفضل بن زكرياء ، حدثهم عن أحمد بن نجدة ، أخبرنا سعيد بن منصور ، حدَّثنا عتاب بن بشير ، أخبرنا خُصَيف قال :

كان سليمان إذا نبتت الشجرة قال : لأي داء أنت؟ فتقول : لكذا وكذا. فلما

__________________

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٩٥) لسفيان بن عيينة وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم.

[٤٤] م الكلبي ضعيف.

[٤٥] عزاه في الدر (١ / ٩٥) لسعيد بن منصور.

٣٥

نبتت شجرة الخُرْنُوبَة قال : لأي شيء أنت؟ قالت : لمسجدك أخربه قال : تخربينه؟! قالت : نعم ، قال : بئس الشجرة أنت. فلم يلبث أن توفي ، فجعل الناس يقولون في مرضاهم : لو كان [لنا] مثل سليمان. فأخذت الشياطين فكتبوا كتاباً فجعلوه في مصلى سليمان وقالوا : نحن ندلكم على ما كان سليمان يداوي به. فانطلقوا فاستخرجوا ذلك [الكتاب] فإذا فيه سحر ورقى. فأنزل الله تعالى :( وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ ) إلى قوله :( فَلا تَكْفُرْ ) .

٤٦ ـ قال السّدي : إن الناس في زمن سليمان اكتتبوا السحر فاشتغلوا بتعلمه ، فأخذ سليمان تلك الكتب [وجعلها في صندوق] ودفنها تحت كرسيه ، ونهاهم عن ذلك. فلما مات سليمان وذهب [الذين] كانوا يعرفون دفنه الكتب ، تمثل شيطان على صورة إنسان ، فأتى نفراً من بني إسرائيل فقال : هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبداً؟ قالوا : نعم ، قال : فاحفروا تحت الكرسي ، فحفروا فوجدوا تلك الكتب ، فلما أخرجوها قال الشيطان : إن سليمان كان يضبط الجن والإنس والشياطين والطير بهذا. فاتخذ بنو إسرائيل تلك الكتب ، فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود. فبرّأ اللهعزوجل سليمان من ذلك ، وأنزل هذه الآية.

[٢١]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا ) الآية. [١٠٤].

٤٧ ـ قال ابن عباس في رواية عطاء : وذلك أن العرب كانوا يتكلمون بها ، فلما سمعتهم اليهود يقولونها للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أعجبهم ذلك. وكان راعنا في كلام اليهود السب القبيح فقالوا : إنا كنا نسب محمداً سراً ، فالآن أعلنوا السب لمحمد لأنه من كلامهم. فكانوا يأتون نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيقولون : يا محمد ، راعنا ويضحكون ، ففطن بها رجل من الأنصار ، وهو سعد بن عبادة ، وكان عارفاً بلغة اليهود ، فقال : يا أعداء الله ، عليكم لعنة الله ، والذي نفس محمد بيده ، لئن

__________________

[٤٦] مرسل.

[٤٧] عزاه السيوطي في (لباب النقول) ص ١٩ والدر (١ / ١٠٣) لأبي نعيم في الدلائل من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وقال : هذا السند واه.

٣٦

سمعتها من رجل منكم لأضربنّ عنقه. فقالوا : ألستم تقولونها [له؟] فأنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا ) الآية.

[٢٢]

قوله تعالى :( ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ) الآية. [١٠٥].

٤٨ ـ قال المفسرون : إن المسلمين كانوا إذا قالوا لحلفائهم من اليهود : آمنوا بمحمد ، قالوا : هذا الذي تدعوننا إليه ليس بخير مما نحن عليه ، ولَوَددنا لو كان خيراً. فأنزل الله تعالى تكذيباً لهم [هذه الآية].

[٢٣]

قوله تعالى :( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها ) . [١٠٦].

٤٩ ـ قال المفسرون : إن المشركين قالوا : ألا ترون إلى محمد يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه ، ويقول اليوم قولاً ويرجع عنه غداً؟ ما هذا القرآن إلَّا كلام محمد يقوله من تلقاء نفسه ، وهو كلام يناقض بعضه بعضاً. فأنزل الله تعالى :( وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ ) الآية. وأنزل أيضاً :( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها ) الآية.

[٢٤]

قوله تعالى :( أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ ) الآية. [١٠٨].

٥٠ ـ قال ابن عباس : نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي أمية ورهط من قريش ، قالوا : يا محمد اجعل لنا الصفا ذهباً ، ووسع لنا أرض مكة ، وفَجَّر الأنهارَ خلالها تفجيراً ـ نُؤْمِنْ بك. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وقال المفسرون : إن اليهود وغيرهم من المشركين تمنوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فمن قائل يقول : ايتنا بكتاب من السماء جملة كما أتى موسى بالتوراة ،

__________________

[٤٨] بدون سند.

[٤٩] بدون سند.

[٥٠] بدون إسناد.

٣٧

ومن قائل يقول ـ وهو عبد الله بن أبي أمية المخزومي ـ : ايتنا بكتاب من السماء فيه : «من رب العالمين إلى ابن أبي أمية ، اعلم أنني قد أرسلت محمداً إلى الناس». ومن قائل يقول : لن نؤمن لك أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٢٥]

قوله تعالى :( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ) الآية. [١٠٩].

٥١ ـ قال ابن عباس : نزلت في نفر من اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة أحد : ألم تروا إلى ما أصابكم؟ ولو كنتم على الحق ما هزمتم ، فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم.

أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل.

٥٢ ـ أخبرنا أحمد بن محمد [بن الحسن] ، حدَّثنا محمد بن يحيى ، حدَّثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبيه :

أَن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعراً ، وكان يهجو النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويحرض عليه كفار قريش في شعره ، وكان المشركون واليهود من [أهل] المدينة حين قدمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يؤذون النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه أشد الأذى ، فأمر الله تعالى نبيه بالصبر على ذلك والعفو عنهم ، وفيهم أنزلت :( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ) إلى قوله :( فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا ) .

[٢٦]

قوله تعالى :( وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ ) [١١٣].

__________________

[٥١] بدون إسناد.

[٥٢] أخرجه أبو داود في كتاب الخراج والإمارة (٣٠٠٠).

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ١٠٧) لأبي داود وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل.

٣٨

٥٣ ـ نزلت في يهود أهل المدينة ونصارى أهل نجران ، وذلك أن وفد نَجْرَان لما قدموا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أتاهم أحبار اليهود فتناظروا حتى ارتفعت أصواتهم ، فقالت اليهود : ما أنتم على شيء من الدين ، وكفروا بعيسى والإنجيل ، وقالت لهم النصارى : ما أنتم على شيء من الدين ، وكفروا بموسى والتوراة. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٢٧]

قوله تعالى :( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) الآية. [١١٤].

٥٤ ـ نزلت في طَطُوس الرومي وأصحابه من النصارى ، وذلك أنهم غزوا بني إسرائيل فقتلوا مقاتِلَتَهم ، وسَبَوْا ذراريهم ، وحرّقوا التوراة وخرّبوا بيت المقدس ، وقذفوا فيه الجيف. وهذا [معنى] قول ابن عباس في رواية الكلبي.

٥٥ ـ وقال قتادة [والسُّدّي] : هو بُخْتُنَصَّر وأصحابه ، غزوا اليهود وخربوا بيت المقدس ، وأعانتهم على ذلك النصارى من أهل الروم.

٥٦ ـ وقال ابن عباس في رواية عطاء : نزلت في مشركي أهل مكة ومَنْعِهم المسلمين من ذكر الله تعالى في المسجد الحرام.

[٢٨]

قوله تعالى :( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) [١١٥].

٥٧ ـ اختلفوا في سبب نزولها.

__________________

[٥٣] عزاه السيوطي في لباب النقول (ص ٢١) لابن أبي حاتم عن ابن عباس وزاد نسبته في الدر (١ / ١٠٨) لابن إسحاق وابن جرير.

[٥٤] الكلبي ضعيف ، وقد مرت ترجمته في رقم (١٠)

[٥٥] مرسل.

[٥٦] بدون إسناد. وعزاه السيوطي في الدر (١ / ١٠٨) لابن إسحاق وابن أبي حاتم عن ابن عباس.

[٥٧] أخرجه الدارقطني (١ / ٢٧١) والبيهقي في السنن (٢ / ١٢) وقال البيهقي : الطريق إلى عبد الملك العرزمي غير واضح لما فيه من الوجادة وغيرها وصحيح عن عبد الملك بن أبي سليمان

٣٩

فأخبرنا أبو منصور المنصوري ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، حدَّثنا أبو محمد إسماعيل بن علي ، حدَّثنا الحسن بن علي بن شبيب العمري ، حدَّثنا أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري ، قال : وجدت في كتاب أبي : حدَّثنا عبد الملك العَرْزَمِيّ ، حدَّثنا عطاء بن أبي رَبَاح ، عن جابر بن عبد الله ، قال :

بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، سَرِيَّة كنتُ فيها ، فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة ، فقالت طائفة منا : قد عرفنا القبلة ، هي هاهنا قِبَلَ الشمال. فصلّوا وخطّوا خطوطاً. وقال بعضنا : القبلة هاهنا قِبَلَ الجنوب ، [فصلوا] وخطوا خطوطاً. فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة. فلما قَفَلْنَا من سفرنا سألنا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عن ذلك فسكت ، فأنزل الله تعالى :( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) الآية.

٥٨ ـ وأخبرنا أبو منصور ، أخبرنا علي ، حدَّثنا يحيى بن صاعد ، حدَّثنا

__________________

العرزمي عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أن الآية إنما نزلت في التطوع [حديث ٥٩] أ. ه.

وأخرجه الحاكم (١ / ٢٠٦) والدارقطني (١ / ٢٧١) والبيهقي (٢ / ١٠) من طريق محمد بن سالم أبي سهل وهو ضعيف [تقريب ٢ / ١٦٣].

والحديث عزاه السيوطي في لباب النقول (ص ٢٢) للدارقطني وابن مردويه.

[٥٨] إسناده ضعيف : في إسناده أشعث بن سعيد السمان : قال الحافظ في التقريب : متروك [تقريب ١ / ٧٩] وفي إسناده : عاصم بن عبيد الله قال الحافظ في التقريب : ضعيف [تقريب ١ / ٣٨٤].

وأخرجه الترمذي في الصلاة (٣٤٥) وفي التفسير (٢٩٥٧).

وأخرجه ابن ماجة في الصلاة (١٠٢٠) والدارقطني (١ / ٢٧٢).

والبيهقي في السنن (٢ / ١١) والعقيلي في الضعفاء (١ / ٣١).

وقد حَسَّن إسناده المرحوم أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي. ولكنه استدرك ذلك في تعليقه على نفس الحديث في تفسير الطبري في تفسير هذه الآية حيث قال : وقد ذهبت في شرحي للترمذي رقم ٣٤٥ إلى تحسين إسناده ولكني أستدرك الآن وأرى أنه حديث ضعيف.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (١ / ١٠٩) لأبي داود الطيالسي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي نعيم في الحلية.

وأخرجه ابن جرير (١ / ٤٠١)

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

و عن الباقرعليه‌السلام : قال تعالى : و عزّتي و جلالي لا يؤثر عبد مؤمن هواي على هواه في شي‏ء من أمر الدّنيا إلاّ جعلت غناه في نفسه و همّه في آخرته ، و ضمنت السماوات و الأرض رزقه ، و كنت له من وراء تجارة كلّ تاجر(١) .

و في ( المروج ) كان إسحاق بن إبراهيم بن مصعب على بغداد أي : في خلافة المتوكل فرأى في منامه كأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول له « أطلق القاتل » ، فارتاع لذلك روعا عظيما و نظر في الكتب الواردة لأصحاب الحبوس فلم يجد فيها ذكر قاتل ، فأمر باحضار السندي و عباس فسألهما هل رفع إليهما أحد ادّعي عليه بالقتل فقال له العباس : نعم و قد كتبنا بخبره ، فأعاد النظر فوجد الكتاب في أضعاف القراطيس و اذا الرجل قد شهد عليه بالقتل و أقر به ، فأمر باحضاره و قال له : إن صدقتني أطلقتك ، فذكر أنّه كان هو وعدّة من أصحابه يرتكبون كلّ عظيمة و يستحلّون كلّ محرم و أنّه كان اجتماعهم في منزل بمدينة المنصور يعكفون فيه على كلّ بلية ، فلمّا كان في هذا اليوم جاءتهم عجوز تختلف إليهم للفساد و معها جارية بارعة الجمال ، فلمّا توسط الجارية الدار صرخت صرخة ، فبادرت إليها من بين أصحابي فأدخلتها بيتا و سكّنت روعتها و سألتها عن قصتها فقالت : اللَّه اللَّه فيّ فإنّ هذه العجوز خدعتني و أعلمتني أنّ في خزانتها حقا لم ير مثله ، فشوّقتني إلى النظر إليه فخرجت معها واثقة بقولها فهجمت بي عليكم ، و جدّي رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله و امّي فاطمةعليها‌السلام و أبي الحسن بن عليعليهما‌السلام فاحفظوهم فيّ ، فضمنت خلاصها و خرجت إلى أصحابي فعرّفتهم ، فكأنّي أغريتهم بها و قالوا : لمّا قضيت حاجتك منها أردت صرفنا عنها ، و بادروا إليها و قمت دونها أمنع عنها ، فتفاقم الأمر بيننا إلى أن نالتني جراح ، فعمدت إلى أشدّهم في أمرها و أكلبهم على هتكها فقتلته ، و لم

____________________

( ١ ) بحار الأنوار ٧٠ : ٧٥ رواية ٢ .

٥٢١

أزل أمنع عنها إلى أن خلّصتها و أخرجتها من الدار فقالت : سترك اللَّه كما سترتني و كان لك كما كنت لي و سمع الجيران الضجّة فتبادروا إلينا و السكين في يدي و الرجل يتشحّط في دمه ، فرفعت على هذه الحالة فقال له إسحاق : قد عرفت لك ما كان من حفظك للمرأة و وهبتك للَّه و لرسوله قال :

فوحق من وهبتني له لا عاودت معصية و لا دخلت في ريبة حتى ألقى اللَّه تعالى ، فأخبره إسحاق بالرؤيا التي رآها و أنّ اللَّه لم يضيّع له ذلك ، و عرض عليه برّا واسعا فأبى قبول شي‏ء(١) .

و في ( المعجم ) عن المبرد أنّ يهوديا بذل للمازني مائة دينار ليقرئه كتاب سيبويه ، فامتنع من ذلك فقيل : لم امتنعت مع حاجتك و عيلتك ؟ فقال : إنّ في كتاب سيبويه كذا و كذا آية من كتاب اللَّه فكرهت أن أقرى‏ء كتاب اللَّه للذمة ، فلم يمض على ذلك إلاّ مديدة حتى أرسل الواثق في طلبه و أخلف اللَّه عليه أضعاف ما تركه للَّه ، فبعث إليه يسأله عن قول الشاعر :

أظليم إن مصابكم رجلا

أهدى السّلام تحية ظلم(٢)

هل يصحّ رفع « رجل » ؟ فأجابه : لا لأنّه ليس بخبر و إنّما الخبر « ظلم » لأن به يتمّ الكلام ، فأمر له بألف دينار و في كل شهر مائة(٣) .

و في الأول : « و من كان له من نفسه واعظ كان عليه من اللَّه حافظ » قال تعالى :

( و الَّذينَ جاهَدُوا فينا لَنهديَنَّهُم سُبلنا ) (٤) و في الثاني : « من أصلح سريرته

____________________

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٤ : ١٢ .

( ٢ ) ذكره ابن خلكان في وفيات الأعيان ١ : ٢٨٤ و نسبه إلى العرجي ، و نسبه البغدادي في خزانة الأدب ١ : ٣١٧ ، إلى الحارث بن خالد المخزومي .

( ٣ ) معجم الأدباء لياقوت الحموي ٧ : ١١١ ١١٢ ، و ذكرها البيهقي في المحاسن و المساوى : ٤٠ ، ( طبع بيروت ) .

( ٤ ) العنكبوت : ٦٩ .

٥٢٢

أصلح اللَّه علانيته » نقل كشكول البهائي(١) عن تفسير القاضي(٢) قال : روى الحارث الهمداني عن أمير المؤمنين كرّم اللَّه وجهه قال : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي ما من عبد إلاّ و له جوّاني و برّاني يعني سريرة و علانية فمن أصلح جوانيه أصلح اللَّه برّانيه ، و من أفسد جوانيه أفسد اللَّه برانيه ، و ما من أحد إلاّ و له صيت في أهل السماء ، فإذا حسن وضع اللَّه له ذلك في أهل الأرض ، و إذا ساء صيته في السماء وضع له ذلك في الأرض ، فسئل عن صيته ما هو ، قال : ذكره .

و أقول : الصيت يقال له بالفارسية : « آوازه » .

٤٥ الحكمة ( ١٠٦ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ يَتْرُكُ اَلنَّاسُ شَيْئاً مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ لاِسْتِصْلاَحِ دُنْيَاهُمْ إِلاَّ فَتَحَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُوَ أَضَرُّ مِنْهُ في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام ، ما من عبد يمنع درهما في حقّه إلاّ أنفق اثنين في غير حقّه ، و ما من رجل يمنع حقّا من ماله إلاّ طوقه اللَّه تعالى به حيّة من نار يوم القيامة(٣) .

و في ( الفقيه ) عن الباقرعليه‌السلام : ما من عبد يؤثر على الحجّ حاجة من حوائج الدنيا إلاّ نظر إلى المحلّقين قد انصرفوا قبل أن يقضى له تلك الحاجة(٤) .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام قال لسماعة : مالك لا تحجّ العام ؟ قال :

معاملة كانت بيني و بين أقوام و أشغال و عسى أن يكون ذلك خيره فقال : لا

____________________

( ١ ) كشكول البهائي : ١٠٢ طبع القاهرة .

( ٢ ) تفسير البيضاوي للقاضي : لم يرد هذا النص في تفسير البيضاوي ، و قد وقع ذلك سهوا من العلاّمة التستري أنظر الكشكول .

( ٣ ) الكافي للكليني ٣ : ٥٠٤ من حديث عبيد بن زراره .

( ٤ ) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٢٢٠ ح ٢٢٢٦ .

٥٢٣

و اللَّه ما فعل اللَّه لك في ذلك من خيره ثم قال : ما حبس عبد عن هذا البيت إلاّ بذنب و ما يعفو أكثر(١) .

و عنهعليه‌السلام : إذا قام العبد في الصلاة فخفّف صلاته قال تعالى لملائكته :

أما ترون إلى عبدي كأنّه يرى ان قضاء حوائجه بيد غيري ، أما يعلم أن قضاء حوائجه بيدي(٢) .

٤٦ الحكمة ( ١١٤ ) و قالعليه‌السلام :

إِذَا اِسْتَوْلَى اَلصَّلاَحُ عَلَى اَلزَّمَانِ وَ أَهْلِهِ ثُمَّ أَسَاءَ رَجُلٌ اَلظَّنَّ بِرَجُلٍ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ خَزْيَةٌ فَقَدْ ظَلَمَ هكذا في ( الطبعة المصرية )(٣) و يصدقها ابن ميثم(٤) و في ابن أبي الحديد بدل « خزية » حوبة(٥) ، و المعنى واحد لكن ما هنا أجود .

قال ابن أبي الحديد : روى جابر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نظر إلى الكعبة فقال : ما أعظم حرمتك ، و إنّ المؤمن أعظم حرمة منك ، لأنّ اللَّه تعالى حرّم منك واحدة و من المؤمن ثلاثة : دمه و ماله و أنّ يظنّ به الظنّ السّوء(٦) .

« و إذا استولى الفساد على الزمان و أهله فأحسن رجل الظن برجل فقد غرّر » قال ابن أبي الحديد : قال شاعر :

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٣ : ٢٦٩ ح ٦٠ من حديث هشام بن سالم .

( ٢ ) الكافي للكليني ٣ : ٢٦٩ ح ٦٠ من حديث هشام بن سالم .

( ٣ ) هناك اضافة في الطبعة المصرية هي و إذا ( استولى الفساد . ) : ٦٨٢ رقم ١١٥١ .

( ٤ ) في شرح ابن ميثم بلفظ « خزية » ٥ : ٣٠٢ .

( ٥ ) راجع ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٧٨ بلفظ « حوية » أيضا .

( ٦ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٧٨ .

٥٢٤

و قد كان حسن الظن بعض مذاهبي

فأدّبني هذا الزمان و أهله(١)

و قيل لصوفي : ما صناعتك ؟ قال حسن الظن باللَّه و سوء الظن بالناس(٢) .

قلت : كلامهعليه‌السلام هنا من حيث الزمان ، و أمّا من حيث الشخص فقد قالعليه‌السلام كما في ( ١٥٩ ) من وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومنّ من أساء به الظنّ .

٤٧ الحكمة ( ١٢١ ) و قالعليه‌السلام :

شَتَّانَ مَا بَيْنَ عَمَلَيْنِ عَمَلٍ تَذْهَبُ لَذَّتُهُ وَ تَبْقَى تَبِعَتُهُ وَ عَمَلٍ تَذْهَبُ مَئُونَتُهُ وَ يَبْقَى أَجْرُهُ أقول : هكذا في ( الطبعة المصرية ) « ما بين » و الصواب : ( بين ) بدون « ما » كما في ابن أبي الحديد و ابن ميثم و النسخة الخطية(٣) .

و روي انّهعليه‌السلام كان أيام إقامته بالكوفة يبكّر كلّ يوم إلى السوق و يعظهم صنفا صنفا و يقول : قدّموا الاستخارة ، و تبرّكوا بالسهولة ، و اقتربوا من المبتاعين ، و تزيّنوا بالحلم ، و تناهوا عن اليمين ، و جانبوا الكذب ، و تجافوا عن الظلم ، و أنصفوا المظلومين ،( و لا تبخسوا النّاسَ أشياءهُم و لا تَعثَوا في الأرض مُفسِدِينَ ) (٤) ثم ينادي :

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٧٩ .

( ٢ ) المصدر نفسه .

( ٣ ) ورد في النسخة المصرية : ٦٨٤ رقم ( ١٢٢ ) و شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٣١٠ رقم ( ١١٧ ) و شرح ابن ميثم ٥ : ٣٠٦ رقم ( ١١٢ ) بلفظ « ما بين » ، و النسخة الخطية بين ( بدون ما ) : ٣١٩ .

( ٤ ) هود : ٨٥ .

٥٢٥

تفنى اللّذاذة ممّن نال صفوتها

من الحرام و يبقى الإثم و العار

تبقى عواقب سوء في مغبّتّها

لا خير في لذّة من بعدها النار(١)

٤٨ الحكمة ( ٤٣٣ ) و قالعليه‌السلام :

اُذْكُرُوا اِنْقِطَاعَ اَللَّذَّاتِ وَ بَقَاءَ اَلتَّبِعَاتِ فِي الذُّنُوبِ و المَعَاصِي حَتَّى يَسْهُلَ عَلَيْكُمْ تَرْكُهَا وَ يَكْبُرَ عَلَيْكُمُ ارْتِكَابُهَا و في ( دعاء التوبة ) : من ذنوب أدبرت لذاتها فذهبت و أقامت تبعاتها فلزمت ، و قال الشاعر :

ما كان ذاك العيش إلاّ سكرة

رحلت لذاذتها و حلّ خمارها

٤٩ الحكمة ( ١٢٦ ) و قالعليه‌السلام :

عَجِبْتُ لِلْبَخِيلِ يَسْتَعْجِلُ اَلْفَقْرَ اَلَّذِي مِنْهُ هَرَبَ وَ يَفُوتُهُ اَلْغِنَى اَلَّذِي إِيَّاهُ طَلَبَ فَيَعِيشُ فِي اَلدُّنْيَا عَيْشَ اَلْفُقَرَاءِ وَ يُحَاسَبُ فِي اَلْآخِرَةِ حِسَابَ اَلْأَغْنِيَاءِ وَ عَجِبْتُ لِلْمُتَكَبِّرِ اَلَّذِي كَانَ بِالْأَمْسِ نُطْفَةً وَ يَكُونُ غَداً جِيفَةً وَ عَجِبْتُ لِمَنْ شَكَّ فِي اَللَّهِ وَ هُوَ يَرَى خَلْقَ اَللَّهِ وَ عَجِبْتُ لِمَنْ نَسِيَ اَلْمَوْتَ وَ هُوَ يَرَى اَلْمَوْتَى وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَنْكَرَ اَلنَّشْأَةَ اَلْأُخْرَى وَ هُوَ يَرَى اَلنَّشْأَةَ اَلْأُولَى وَ عَجِبْتُ لِعَامِرٍ دَارَ اَلْفَنَاءِ وَ تَارِكٍ دَارَ اَلْبَقَاءِ في ( الطبري ) قيل لجعفر بن محمدعليه‌السلام : إنّ المنصور يعرف بلباس جبّة هروية مرقوعة و انه يرقع قميصه ، فقالعليه‌السلام : الحمد للَّه الذي لطف له حتى ابتلاه بفقر نفسه أو قال بالفقر في ملكه .

____________________

( ١ ) بحار الأنوار للمجلسي ٤١ : ١٠٤ رواية ٥ و قد وردت الأبيات الشعرية في ديوان أمير المؤمنين : ٤٨ .

٥٢٦

و قال محمد بن سليمان الهاشمي : بلغني أنّ المنصور أخذ الدواء في يوم شائت شديد البرد ، فأتيته أسأله عن موافقة الدواء ، فادخلت مدخلا من القصر لم أدخله قط ، ثم صرت إلى حجرة صغيرة و فيها بيت واحد و رواق بين يديه في عرض البيت و عرض الصحن على أسطوانة ساج و قد سدل على وجه الرواق بواري كما يصنع بالمساجد ، فدخلت فإذا في البيت مسح ليس فيه شي‏ء غيره إلاّ فراشه و مرافقه و دثاره ، فقلت له : هذا بيت أربأبك عنه فقال : يا عم هذا بيت مبيتي قلت له : ليس هنا غير الذي أرى قال : ما هو إلاّ ما ترى .

و مثل البخيل مثل الطائر الذي لا يروى من البحر لئلاّ ييبس ، و الدود الذي لا يشبع من التراب لئلاّ يفنى .

و قال واضع مولى المنصور : قال لي المنصور : انظر ما عندك من الثياب الخلقان فاجمعها و جئني بها و ليكن معها رقاع ، ففعلت و دخل عليه المهدي و هو يقدّر الرقاع فضحك و قال : من هاهنا يقول الناس : نظروا في الدينار و الدرهم و ما دون ذلك و لم يقل دانق فقال المنصور : إنّه لا جديد لمن لا يصلح خلقه ، و هذا الشتاء قد حضر و نحتاج إلى كسوة للعيال و الولد فقال المهدي : فعليّ كسوتك و كسوة عيالك و ولدك فقال له : دونك فافعل .(١) .

كان عمله هكذا مع انّه قال لابنه : قد جمعت لك من الأموال ما ان كسر عليك الخراج عشر سنين كان عندك كفاية لأرزاق الجند و النفقات و عطاء الذرية و مصلحة الثغور .

« فيعيش في الدنيا عيش الفقراء و يحاسب في الآخرة حساب الأغنياء » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : إنّ فقراء المؤمنين يتقلّبون في رياض الجنّة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا و قال : سأضرب لك مثل ذلك ، إنّما مثله مثل سفينتين

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٦ : ٣٢٤ .

٥٢٧

مرّ بهما على عاشر ، فنظر في إحداهما فلم ير فيها شيئا فقال : أسربوها ، و نظر في الاخرى فإذا هي موقرة فقال : إحبسوها .

و عنهعليه‌السلام : إذا كان يوم القيامة قام عنق من الناس حتى يأتوا باب الجنّة فيقولون : من أنتم ؟ فيقولون : نحن الفقراء فيقال لهم : أقبل الحساب فيقولون :

ما أعطيتمونا شيئا تحاسبونا عليه فيقول اللَّه تعالى : صدقوا ، ادخلوا الجنّة(١) .

« و عجبت للمتكبّر الذي كان بالأمس نطفة و يكون غدا جيفة » و خرج من مبال إلى مبال ثم يخرج منه ، فإن لم يخرج من الثاني فمن الأول لا محالة .

فقالوا : كان أحمد بن سهل و هو من ولد يزدجرد ماتت امّه و هو في بطنها ، فشق عنه فكان يتيه على الناس ، و إذا شتم أحدا قال له : ابن البضع ، و كان يفخر على أبناء الملوك بأنّه لم يخرج من بضع(٢) .

« و عجبت لمن شكّ في اللَّه و هو يرى خلق اللَّه » مع عدم تجويز عقل حصول بناء محقّر بدون بان ، و قال تعالى :( أَلم يأتِكُم نَبأُ الّذين من قَبلكم قوم نُوحٍ و عادٍ و ثَمودَ و الّذين من بَعدِهم لا يَعلمُهُم إِلاّ اللَّه جَاءَتهُم رُسُلهم بالبيّنات فردُّوا أيديهم في أَفواهِهِم و قالوا إِنّا كفرنا بما اُرسلتُم بِهِ و إِنّا لَفي شك ممّا تدعوننا إِليه مُريب قالت رُسُلهم أَفي اللَّه شكّ فاطِر السّماوات و الأرض ) (٣) .

« و عجبت لمن نسي الموت و هو يرى الموتى » هكذا في ( الطبعة المصرية )(٤) ، و الصواب ما في ( ابن أبي الحديد(٥) و ابن ميثم )(٦) و النسخة

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ٢٦٤ ح ١٨ ، من حديث هشام بن الحكم .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٢٠٤ .

( ٣ ) إبراهيم : ٩ ١٠ .

( ٤ ) انظر النسخة المصرية : ٦٨٦ رقم ( ١٢٧ ) .

( ٥ ) في شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٣١٥ بلفظ « من يموت » .

( ٦ ) في شرح ابن ميثم ٥ : ٣٠٩ رقم ( ١١٦ ) بلفظ « الموتى » .

٥٢٨

الخطية(١) ( و هو يرى من يموت ) لصحّة تلك النسخ دون الطبعة المصرية ، و لأنّ العجب في رؤية أحياء مثله يموتون و ينساه دون مجرّد رؤية موتى لاحتمال حكم وهمه بكونهم أمواتا أبدا ، و أما الذين رآهم ماتوا فلا مجال لحكم و هم فيهم .

ثمّ العجب أنّه يرى أنّ أكثرهم كان منه أشدّ قوّة و أصحّ مزاجا و أسمن بدنا و أكثر أملا و ينسى .

و في الخبر : ما خلق اللَّه يقينا أشبه بالشكّ من الموت(٢) .

« و عجبت لمن أنكر النشأة الاخرى و هو يرى النشأة الأولى » أَوَ لَم يرَ الإنسانُ أَنّا خَلقناهُ مِن نُطفَةٍ فإذا هُو خَصيمٌ مبين و ضَرَبَ لَنا مَثلاً وَ نَسي خَلقَه قالَ مَن يُحيي العِظامَ و هي رَميم( قُل يُحييها الّذي أَنشأها أَوّلَ مرّةٍ وَ هو بِكُلِّ خَلقٍ عَليم ) (٣) أَو لَيسَ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ و الأرض بقادرٍ عَلى أَن يَخلقَ مِثلَهم بَلى وَ هُو الخَلاّقُ العليم إِنّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئاً أَن يَقولَ لَهُ كُن فيكون( فَسُبحانَ الّذي بِيَده مَلكُوتُ كُلِّ شَي‏ءٍ و إِليهِ تُرجَعُون ) (٤) .

« و عجبت لعامر دار الفناء و تارك دار البقاء »( انّما هذه الحياة الدُّنيا متاع و إنَّ الآخرة هي دار القرار ) (٥) .

هذا ، و في الخبر : عجبت لأقوام يحتمون من الطعام مخافة الأذى كيف لا يحتمون من الذنوب مخافة النار ، عجبت لمن يشتري المماليك بماله كيف لا

____________________

( ١ ) النسخة الخطية ( المرعشي ) : ٣٢٠ .

( ٢ ) أورده ( من لا يحضره الفقيه ) هكذا : لم يخلق اللَّه عزّ و جلّ يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت و نسبه إلى الإمام الصادقعليه‌السلام ١ : ١٢٤ ، نقله المجلسي في البحار ٦ : ١٢٧ .

( ٣ ) يس : ٧٧ ٧٩ .

( ٤ ) يس : ٨١ ٨٣ .

( ٥ ) غافر : ٣٩ .

٥٢٩

يشتري الأحرار بمعروفه(١) .

٥٠ الحكمة ( ١٢٧ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ قَصَّرَ فِي اَلْعَمَلِ اُبْتُلِيَ بِالْهَمِّ وَ لاَ حَاجَةَ لِلَّهِ فِيمَنْ لَيْسَ لِلَّهِ فِي مَالِهِ وَ نَفْسِهِ نَصِيبٌ أقول : هكذا في ( الطبعة المصرية )(٢) من كون الجميع عنوانا واحدا ، لكن ابن أبي الحديد(٣) جعل قوله « و لا حاجة . » عنوانا آخر ، و الأصحّ ما هنا لتصديق ابن ميثم(٤) له و نسخته من النهج بخط المصنف .

( من قصّر في العمل ابتلي بالهم ) و المراد أنّ من قصّر في عمل من الدنيا أو الآخرة كان الإتيان به واجبا و قصّر فيه يبتلى بالهمّ و الحسرة لم قصّر ، قال تعالى في الثاني( و اتَّبعُوا أَحسَنَ ما اُنزلَ إِليكم من ربِّكم من قَبل أَن يأتيكم العذابُ بَغتةً و أَنتُم لا تَشعُرون أن تقول نفسٌ يا حَسرتى على ما فَرَّطتُ في جَنبِ اللَّه و إن كُنتُ لَمِنَ الساخرين ) (٥) .

« و لا حاجة للَّه في من ليس للَّه في ماله و نفسه نصيب » هكذا في ( الطبعة المصرية )(٦) و الصواب ما في ابن أبي الحديد و ابن ميثم ( و لا حاجة للَّه في من

____________________

( ١ ) بحار الأنوار للمجلسي ٧٨ : ٤٠ نسبه للإمام عليعليه‌السلام .

( ٢ ) انظر النسخة المصرية : ٦٨٦ رقم ( ١٢٨ ) الموافقة لنسخة شرح ابن ميثم ٥ : ٣١٠ رقم ( ١١٧ ) .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٣١٦ .

( ٤ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٣١٠ .

( ٥ ) الزمر : ٥٥ ٥٦ .

( ٦ ) النسخة المصرية شرح محمّد عبده : ٦٨٦ رقم ( ١٢٨ ) نسخة شرح ابن ميثم المنقحة مطابقة للنسخة المصرية شرح محمّد عبده ٥ : ٣١٠ ، و راجع ابن أبي الحديد ١٨ : ٣١٧ .

٥٣٠

ليس في نفسه و ماله نصيب ) فوقع في ( الطبعة المصرية ) زيادة و تقديم و تأخير .

أراد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نكاح امرأة كلبية أو سلمية ، فقال أبوها : من صفتها كذا و كذا و كفاك من صحّة بدنها أنّها لم تمرض قط و لم تصدع فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا حاجة لنا فيها(١) .

قال البلاذري : قال بعضهم : عرض الضحّاك الكلابي ابنته على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله و قال : إنها لم تمرض و لم تصدع فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا حاجة لنا فيها و قال الكلبي : التي قال أبوها انها لم تصدع قط و عرضها على النبي فقال لا حاجة لنا بها سلمية و أما الكلابية فاختارت قومها فذهبت عقلها فكانت تقول : أنا الشقية(٢) .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : دعي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى طعام فنظر إلى دجاجة فوق حائط قد باضت فتقع البيضة على وتد في حائط فتثبت عليه ، فتعجب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له الرجل : أعجبت من هذه البيضة فو الذي بعثك بالحق ما رزئت شيئا قط فنهض النبي و لم يأكل شيئا من طعامه و قال : من لم يرزأ فما للَّه فيه من حاجة(٣) .

و قال ابن أبي الحديد بروي أنّه دخل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أعرابي ذو جثمان عظيم ، فقال له متى عهدك بالحمّى قال : ما أعرفها قال : بالصداع ؟ قال : ما أدري ما هو قال : فاصبت بمالك ؟ قال : لا قال : فرزئت بولدك ؟ قال : لا فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ اللَّه تعالى ليكره العفريت النفريت الذي لا يرزأ في ولده و لا يصاب بماله(٤) .

____________________

( ١ ) أنساب الأشراف للبلاذري ١ : ٤٥٥ .

( ٢ ) المصدر نفسه ١ : ٤٥٥ و هي فاطمة الكلابية .

( ٣ ) الكافي للكليني ٢ : ٢٥٦ ح ٢٠ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٣١٧ .

٥٣١

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأصحابه : أيّكم يحبّ أن يصح فلا يسقم ؟ قالوا :

كلّنا قال : أتحبّون أن تكونوا كالحمر الصائلة ، ألا تحبّون أن تكونوا أصحاب بلايا و أصحاب كفّارات ، و الذي بعثني بالحق إنّ الرجل ليكون له الدرجة في الجنّة و لا يبلغها بشي‏ء من عمله فيبتليه اللَّه ليبلغه تلك الدرجة(١) .

و في الخبر : مرّ موسىعليه‌السلام برجل كان يعرفه مطيعا للَّه تعالى قد مزقت السباع لحمه ، فوقف متعجّبا فاوحي إليه : إنّه سألني درجة لم يبلغها بعمله فجعلت له سبيلا بذلك(٢) .

و عن جابر رفعه : يود أهل العافية يوم القيامة أنّ لحومهم كانت تقرض بالمقاريض لمّا يرون من ثواب أهل البلاء(٣) .

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان اللَّه ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الوالد ولده بالطعام ، و اللَّه يحمي عبده المؤمن كما يحمي أحدكم المريض من الطعام(٤) .

٥١ الحكمة ( ١٢٨ ) و قالعليه‌السلام :

تَوَقَّوُا اَلْبَرْدَ فِي أَوَّلِهِ وَ تَلَقَّوْهُ فِي آخِرِهِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ فِي اَلْأَبْدَانِ كَفِعْلِهِ فِي اَلْأَشْجَارِ أَوَّلُهُ يُحْرِقُ وَ آخِرُهُ يُورِقُ قال ابن ميثم إنّما وجب اتّقاء البرد في أوّله لأنّ الصيف و الخريف يشتركان في اليبس ، فإذا ورد البرد ورد على أبدان استعدت بحرارة الصيف

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٣١٧ ، في حديث عبد اللَّه بن انس .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٣١٨ .

( ٣ ) المصدر نفسه ١٨ : ٣١٨ في حديث جابر بن عبد اللَّه .

( ٤ ) الكافي للكليني ٢ : ٢٥٩ ح ٢٨ نسبه إلى الصادقعليه‌السلام و نسبه ابن أبي الحديد إلى الرسول الأكرم صلّى اللَّه عليه و آله ١٨ : ٣١٨ .

٥٣٢

و يبسه للتخلخل و تفتح المسام ، فاشتد انفعال البدن عنه و أسرع في قهر الحرارة الغريزية فيقوى في البدن البرد و اليبس و هما طبيعة الموت ، فيكون بذلك يبس الأشجار و ضمور الأبدان ، و وجب تلقّيه في آخره لأن الشتاء و الربيع يشتركان في الرطوبة و يفترقان بأنّ الشتاء بارد و الربيع حار ، فالبرد المتأخّر إذا امتزج بحرارة الربيع و انكسرت سورتها بها لم يكن له بعد ذلك نكاية في الأبدان ، فقويت الحرارة الغريزية و كان منه النمو و قوّة الأبدان و بروز الأوراق و الثمار(١) .

٥٢ الحكمة ( ١٤١ ) و قالعليه‌السلام :

قِلَّةُ اَلْعِيَالِ أَحَدُ اَلْيَسَارَيْنِ أقول : هو من حديثهعليه‌السلام في الأربعمائة ، و نظيره قولهم : « العيال سوس المال » و قيل : « لا مال لكثير العيال » .

هذا ، و في ( الطبري ) قال الوضين بن عطاء : استزارني المنصور و كانت بيني و بينه خلالة قبل الخلافة ، فصرت إلى بغداد فخلونا يوما فقال لي : ما مالك ؟ قلت : القدر الذي يعرفه الخليفة قال : و ما عيالك ؟ قلت : ثلاث بنات و المرأة و خادم لهن فقال : أربع في بيتك ؟ قلت : نعم فو اللَّه لردد ذلك عليّ حتى ظننت انّه سيموّلني ثم رفع رأسه الي فقال لي : أنت أيسر العرب أربع مغازل يدرن في بيتك(٢) .

____________________

( ١ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٣١١ رقم ١١٨ .

( ٢ ) تاريخ الامم و الطبري للطبري ٦ : ٣٢٠ .

٥٣٣

٥٣ الحكمة ( ١٤٢ ) و قالعليه‌السلام :

اَلتَّوَدُّدُ نِصْفُ اَلْعَقْلِ و الحكمة ( ١٤٣ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْهَمُّ نِصْفُ اَلْهَرَمِ أقول : هكذا في ابن أبي الحديد جعلهما عنوانين(١) ، و أخذ منه ( الطبعة المصرية الثانية ) و اما الأولى فليس الأول فيه رأسا(٢) ، و الصواب كون الكلامين عنوانا واحدا كما في ابن ميثم لأن نسخته بخط المصنّف(٣) ، و لأنّهما في سياق واحد ، و لأن في مستندهما هما معا ، فرواه مناقب ابن الجوزي كذلك(٤) ، بل هما جزء العنوان السابق « قلّة العيال أحد اليسارين » كما في ابن أبي الحديد و النسخة الخطية(٥) و إنّ جعله ابن أبي الحديد أيضا مستقلا .

ثم قال ابن أبي الحديد في شرح عنوانه الأول : كأن يقال : قلّ من تودّد إلاّ صار محبوبا و المحبوب مستور العيوب و قال في الثاني : قال الشاعر :

هموم قد أبت إلاّ التباسا

تبتّ الشّيب في رأس الوليد

و تقعد قائما بشجا حشاه

و تطلق للقيام جثى القعود

و أضحت خشّعا منها نزار

مركّبة الرواجب في الخدود

____________________

( ١ ) انظر ابن أبي الحديد ١٨ : ٣٤٠ ٣٤١ .

( ٢ ) في الطبعة المصرية المنقحة هي « قلّة العيال أحد اليسارين » : ٦٩٠ رقم ( ١٤٢ ) .

( ٣ ) شرح نهج البلاغة لابن ميثم ٥ : ٣١٩ رقم ( ١٣٠ ) .

( ٤ ) لم نعثر على كتاب المناقب لابن الجوزي .

( ٥ ) في النسخة الخطية : ٣٢٢ هما جزء العنوان السابق « قلة العيال أحد اليسارين » .

٥٣٤

و قال أبو تمام :

شاب رأسي و ما رأيت مشيب

الرأس إلاّ من فضل شيب الفؤاد

كذلك(١) القلوب في كلّ بؤس

و نعيم طلايع الأجساد

طال انكاري البياض و لو عمّر

ت شيئا أنكرت لون السّواد(٢)

قلت : و في ( الطبري ) قال ابن هبيرة : ما رأيت رجلا قط في حرب و لا سمعت به في سلم أمكر و لا أبدع و لا أشد تيقّظا من المنصور ، لقد حصرني في مدينتي تسعة أشهر و معي فرسان العرب ، فجهدنا كلّ الجهد أن ننال من عسكره شيئا نكسره به و ما تهيّا ، و لقد حصرني و ما في رأسي بيضاء فخرجت إليه و ما في رأسي سوداء(٣) .

٥٤ الحكمة ( ١٥٧ ) و قالعليه‌السلام :

قَدْ بُصِّرْتُمْ إِنْ أَبْصَرْتُمْ وَ قَدْ هُدِيتُمْ إِنِ اِهْتَدَيْتُمْ وَ أُسْمِعْتُمْ إِنِ اِسْتَمَعْتُمْ التبصير التعريف و الايضاح ، و أمّا الأبصار فقد يجي‏ء بمعنى التبصير كما في قوله تعالى( فلَمّا جاءَتهُم آياتُنا مبصِرَةً ) (٤) و قد يجي‏ء بمعنى الرؤية كما في قولهعليه‌السلام هذا .

و الأصل في كلامهعليه‌السلام قوله تعالى( قَد جاءَكُم بصائِرُ من ربِّكم فمَن أَبصَرَ فَلِنَفسِه و من عَمي فَعَليها و ما أَنا عليكُم بِحفيظٍ ) (٥) .

____________________

( ١ ) كذاك في الديوان : ٧٥ ، و أظنه خطأ طباعي و الأوفق : و كذاك كما في شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٣٤١ .

( ٢ ) ديوان أبي تمام : ٧٥ كذا ذكره شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٣٤١ .

( ٣ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٦ : ٣٢١ .

( ٤ ) النمل : ١٣ .

( ٥ ) الأنعام : ١٠٤ .

٥٣٥

« و قد هديتم ان اهديتم »( فمن تبع هداي فلا خَوفٌ عليهم و لا هم يحزَنون ) (١) ( قُل يا أيُّها الناسُ قد جاءَكم الحقُّ من ربّكُم فَمَن اهتَدى فإنّما يهتدي لِنَفسه و من ضَلَّ فإنّما يَضلُّ عليها و ما أَنا عليكُم بوَكيلٍ ) (٢) .

« و اسمعتم إن استمعتم »( فَبَشِّر عِباد الذين يستَمِعُون القَولَ فيتَّبِعُون أَحسنه أولئك الذين هداهُم اللَّه و أولئكَ هُم اُولوا الأَلبابِ ) (٣) ( و ما أنت بمسمع من في القبور ) (٤) ( و لو ترى إذ المُجرمون ناكسوا رؤُوسهم عندَ ربهم ربَّنا أَبصرنا و سَمعنا فأرجعنا نعمَل صالحاً إِنّا موقنون ) (٥) .

٥٥ الحكمة ( ١٦٤ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ قَضَى حَقَّ مَنْ لاَ يَقْضِي حَقَّهُ فَقَدْ عَبَدَهُ قرأ ابن أبي الحديد « عبده » بالتشديد ، فجعل مدحا(٦) ، و قرأه ابن ميثم بالتخفيف(٧) فجعله ذمّا .

قال الأول : المعنى مدح من يقضي حق من لا يقضي حقّه لأنّه استعبده ، لأنّه ما فعل به ما فعل مكافأة بل انعاما مبتدئا .

و قال الثاني : أي قضاء حق من كان كذلك في صورة عبادة له .

____________________

( ١ ) البقرة : ٣٨ .

( ٢ ) يونس : ١٠٨ .

( ٣ ) الزمر : ١٧ ١٨ .

( ٤ ) فاطر : ٢٢ .

( ٥ ) السجدة : ١٢ .

( ٦ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٣٨٨ رقم ( ١٦٦ ) .

( ٧ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٣٣٥ رقم ( ١٥٠ ) .

٥٣٦

قلت : و الأظهر الثاني ، لأن في خط الرضي لا بد أنّه كان بلا تشديد ، لأن نسخة ابن ميثم(١) من النهج كانت بخطه ، و لأن المعنى الذي ذكر ابن أبي الحديد(٢) ليس بصحيح ، فليس كل من تقضي حقّه و هو ما قضى حقك تستعبده كما هو مقتضى عموم « من » ، لاحتمال كون صاحبك رذلا غير أهل ، مع عدم مناسبة « لا يقضي » الظاهر في الاستمرار مع تعبيده ، فإذا صار عبده لا بدّ أن يقضي حقه كاملا ، و إنّما كان مناسبا لو كان بلفظ « لم يقض » و بالجملة ما ذكره ابن أبي الحديد غير جيّد لفظا و معنى .

٥٦ الحكمة ( ١٦٩ ) و قالعليه‌السلام :

قَدْ أَضَاءَ اَلصُّبْحُ لِذِي عَيْنَيْنِ أقول : قد ذكره العسكري(٣) و الميداني(٤) في كتابيهما في الأمثال بدون أن يبيّنا أصله .

و قد ذكره الجرجاني في كنايته مع ذكر أصل له ، فقال : قرأت في كتاب الأمثال عن مؤرّج بن عمرو السدوسي قال : حدّث أبو خالد الكلابي أنّ الأحوص بن جعفر اتي فقيل له : أتانا رجل لا نعرفه ، فلمّا دنا من القوم حيث يرونه نزل عن راحلته فعلّق و طبا من لبن و وضع في بعض أغصان شجرة حنظلة و وضع صرّة من تراب و صرّة شوك ، ثم استوى على راحلته فنظر القوم و الأحوص من أمره ، فقال الأحوص : أرسلوا إلى قيس بن زهير ،

____________________

( ١ ) راجع شرح ابن ميثم ٥ : ٣٣٩ .

( ٢ ) راجع شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٣٨٨ .

( ٣ ) جمهرة الأمثال للعسكري ٢ : ١٢٥ بهامش مجمع الأمثال : يضرب مثلا للأمر ينكشف و يظهر .

( ٤ ) مجمع الأمثال للميداني ٢ : ٣١ ، و قال يضرب للأمر يظهر كل الظهور .

٥٣٧

فأرسلوا إليه فأتى فقال له الأحوص : ألم تخبرني أنّه لا يرد عليك أمر إلاّ عرفت مأتاه ما لم ترم بنواصي الخيل فقال : ما الخبر ؟ فأعلمه فقال : « قد تبيّن الصبح لذي عينين » فصار مثلا يضرب لوضوح الشي‏ء قال : أمّا صرّة التراب فإنّه يزعم أنّه قد أتاكم عدد كثير ، و أمّا الحنظلة فإنّ حنظلة أتاكم و قد أدركتكم ، و أمّا الشوك فإنّ لهم شوكة ، و أمّا اللبن فدليل على مقدار قرب القوم و بعدهم ، فإن كان حلوا فقد أتتكم الخيل و ان كان لا حلوا و لا حامضا فعلى قدر ذلك ، و إنّما ترك الكلام لأنّه اخذت عليه العهود ، و قال : أنذرتكم(١) .

فإن كان الأصل في المثل قيس بن زهير كما روى فلا بدّ أنّهعليه‌السلام تمثّل به لا أنّهعليه‌السلام الأصل كما فعل المصنّف .

٥٧ الحكمة ( ١٧١ ) و قالعليه‌السلام :

كَمْ مِنْ أَكْلَةٍ مَنَعَتْ أَكَلاَتٍ هكذا في ( الطبعة المصرية ) بلفظ « منعت »(٢) و يصدقها ابن ميثم(٣) و لكن في ابن أبي الحديد(٤) و الخطية(٥) بدله « تمنع » و ما هنا أنسب و أصحّ حيث إنّ نسخة ابن ميثم بخط مصنفه .

في بخلاء الجاحظ : كان الحكم بن أيوب الثقفي عاملا للحجّاج على البصرة و استعمل على العراق جرير بن بيهس المازني و لقب جرير العطرّق

____________________

( ١ ) الكنايات للجرجاني : ٧٩ ٨٠ .

( ٢ ) النسخة المصرية شرح محمّد عبده : ٦٩٨ رقم ( ١٧١ ) .

( ٣ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٣٣٦ رقم ١٥٧ .

( ٤ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٨ : ٣٩٧ رقم ( ٢٧٣ ) .

( ٥ ) سقط النصّ من النسخة الخطية ( المرعشي ) .

٥٣٨

فخرج الحكم يتنزه و هو باليمامة ، فدعا العطرّق إلى غذائه ، فأكل معه فتناول درّاجة كانت بين يديه ، فعزله و ولّى مكانه نويرة المازني ابن عمه ، فقال نويرة :

قد كان في العرق صيد لو قنعت به

غنى لك عن درّاجة(١) الحكم

و في عوارض لا تنفكّ تأكلها

لو كان يشفيك لحم الجزر من قرم(٢)

و بلغ الحكم ان نويرة ابن عم جرير العطرق فعزله فقال نويرة :

أبا يوسف لو كنت تعرف طاعتي

و نصحي إذا ما بعتني بالمحلّق(٣)

و لا انهلّ سرّاق العراقة صالح

عليّ و لا كلّفت ذنب العطرّق(٤)

و تناول رجل من قدام أمير كان لنا ضخم بيضة ، فقال خذها فانّها بيضة القروء فلم يزل محجوبا حتى مات(٥) .

و قال ابن أبي الحديد كان الطعام الذي مات منه سليمان أنّه قال لديرانيّ كان صديقه قبل الخلافة : ويحك لا تقطعني ألطافك التي كنت تلطفني بها قال :

فأتيته بزنبيلين كبيرين أحدهما بيض مسلوق و الآخرتين قال : ألقمنيها فكنت أقشر البيضة و أقرنها بالتينة و القمه حتى أتى على الزنبيلين ، فأصابته تخمة عظيمة و مات(٦) .

هذا ، و قد كان ابن عيّاش المنتوف يمازح المنصور فيحتمله على انّه كان جدّا كله فقدم المنصور يوما لجلسائه ببطة كثيرة الدهن ، فأكلوا و جعل

____________________

( ١ ) الدراج : طائر من طير العراق .

( ٢ ) العوارض : الناقة الشابة أو الشاة يصيبها دائر أو كسر فتخر قرم : شهوة اللحم .

( ٣ ) أبو يوسف : كنية الحكم المحلق : لقب الّذي حل مكانه بعد عزله .

( ٤ ) العراقة : العظم عليه لحم .

( ٥ ) البخلاء للجاحظ : ٢١٦ ٢١٧ .

( ٦ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٨ : ٣٩٩ .

٥٣٩

يأمرهم بالازدياد من الأكل لطيبها ، فقال له ابن عياش علمت غرضك انما تريد أن ترميهم منها بالهيضة فلا يأكلوا إلاّ عشرة أيام(١) .

و في المثل : « أكلة أبي خارجة » ، قال أعرابي بباب الكعبة : « اللّهم ميتة كميتة أبي خارجة » فسألوه فقال : أكل حملا و شرب وطبا من اللبن و تروّى من النبيذ و نام في الشمس فمات ، فلقي اللَّه شبعان ريّان دفئان(٢) .

و ورد أعرابيّ على الحجّاج فقدّم له الطعام و كان مع الطعام حلواء ، فقعد الأعرابي يأكل و ينظر إلى الحجّاج نظرة و إلى الحلواء أخرى ، فقال الحجّاج : كلّ من أكل من هذا الحلواء ضربت عنقه ، ففكّر الأعرابي ساعة و قبض على لحيته ساعة ثم قال للحجّاج : أوصيك في الأولاد خيرا ، و أخذ يأكل فضحك الحجّاج و الحاضرون .

٥٨ الحكمة ( ٢٠٤ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ يُزَهِّدَنَّكَ فِي اَلْمَعْرُوفِ مَنْ لاَ يَشْكُرُهُ لَكَ فَقَدْ يَشْكُرُكَ عَلَيْهِ مَنْ لاَ يَسْتَمْتِعُ بِشَيْ‏ءٍ مِنْهُ وَ قَدْ تُدْرِكُ مِنْ شُكْرِ اَلشَّاكِرِ أَكْثَرَ مِمَّا أَضَاعَ اَلْكَافِرُ وَ اَللَّهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ ١٤ ١٧ ٣ : ١٣٤ أقول : و عن الباقرعليه‌السلام إنّ اللَّه عز و جل جعل للمعروف أهلا من خلقه حبّب إليهم فعاله ، و وجّه لطلاّب المعروف الطلب إليهم ، و يسّر لهم قضاءه كما يسّر الغيث للأرض المجدبة ليحييها و يحيي به أهلها ، و إنّ اللَّه تعالى جعل للمعروف أعداء من خلقه بغّض إليهم المعروف و بغّض إليهم أفعاله ، و حظر على طلاّب

____________________

( ١ ) المصدر نفسه ١٨ : ٣٩٧ .

( ٢ ) المصدر نفسه ١٨ : ٣٩٨ .

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591