سبل الرشاد إلى أصحاب الإمام الجواد عليه السلام

مؤلف: عبد الحسين التستري
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 363
مؤلف: عبد الحسين التستري
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 363
٣١ - بكر بن أحمد
بكر بن أحمد بن ابراهيم بن زياد بن موسى بن مالك بن يزيد العصري، وقيل القصري، أبو محمّد.
من ضعفاء المحدثين، وكان يعتمد المجاهيل ويروي الغرائب، وله كتب.
روى عنه علي بن محمّد بن جعفر بن رويدة العسكري الحداد.
من كتبه « الصلاة »، و « الزكاة »، و « الطهارة »، و « المناقب ».
المراجع:
رجال الحلي ص ٢٠٨ (قسم الضعفاء) وفيه: روى عن أبي جعفر الثانيعليهالسلام . فهرست الطوسي ص ٣٩. معجم رجال الحديث ج ٣ ص ٣٤١. نقد الرجال ص ٥٨. جامع الرواة ج ١ ص ١٢٦. مجمع الرجال ج ١ ص ٢٧٢. رجال ابن داود (قسم الضعفاء) ص ٢٣٤. العندبيل ج ١ ص ٧٥. أعيان الشيعة ج ٣ ص ٥٨٩. رجال النجاشي ص ٧٩ وفيه: روى عن أبي جعفر الثانيعليهالسلام . الجامع في الرجال ج ١ ص ٣٢٠. معالم العلماء ص ٢٨. الوجيزة ص ٦. منتهى المقال ص ٦٦. بهجة الآمال ج ٢ ص ٤٠٧. لسان الميزان ج ٢ ص ٤٦. الذريعة ج ١٢ ص ٤١، وج ١٥ ص ٥٥ وص ١٨٤، وج ٢٢ ص ٣١٤. تنقيح المقال ج ١ ص ١٧٧. طرائف المقال ج ١ ص ٢٨٦. منهج المقال ص ٧١. نضد الايضاح ص ٦٨. اتقان المقال ص ٢٦٥.
٣٢ - بكر الرازي
بكر بن صالح الرازي، الضبي بالولاء.
محدث امامي، عرف بضعف الحديث وكثرة التفرد بالغرائب، وله مؤلفات.
روى عن الأئمة الكاظم والرضا والجوادعليهمالسلام .
جاء اسمه في ٨٩ موردا في أسناد الروايات.
روى عنه اكثر من ١٠ من الرواة أمثال: علي بن مهزيار، وابراهيم بن هاشم القمي، وسهل بن زياد وغيرهم.
من كتبه « درجات الايمان »، و « الجهاد »، و « وجوه الكفر »، و « النوادر »، و « الاستغفار ».
كان على قيد الحياة قبل سنة ٢٢٠ ه.
المراجع:
التهذيب ج ١ ص ٩٢، وج ٥ ص ٣١١ وفيه مكاتبته مع الامام الجوادعليهالسلام ، وص ٤١٢، وج ٦ ص ٢٩١ وص ٢٩٢، وج ٧ ص ٤٣٧ وص ٤٣٨، وج ٩ ص ١٨ وص ٤٩ وص ١٠٠ وص ١٠٥. هداية المحدثين ص ٢٦. الذريعة ج ٢٤ ص ٣٢٤. معالم العلماء ص ٢٨. لسان الميزان ج ٢ ص ٥٤. العندبيل ج ١ ص ٧٧. رجال النجاشي ص ٧٩. مجمع الرجال ج ١ ص ٢٧٤ وص ٢٧٥. روضة الكافي ص ٧٩ وص ١٦٧ وص ١٩١ وص ١٩٤ وص ٣١٤ وص ٣٨٢. منهج المقال ص ٧١. الجامع في الرجال ج ١ ص ٣٢٣. الاستبصار ج ١ ص ٦٢، وج ٢ ص ١٨٥ وص ٣٢١، وج ٤ ص ٧٨ وص ٢١٩ وص ٢٢١. الوجيزة ص ٢٨.
روضة المتقين ج ١٤ ص ٦٧. من لا يحضره الفقيه ج ٢ ص ١٨١ وص ١٨٦ وص ١٨٧ وص ٢٢٦. اتقان المقال ص ٢٦٥. رجال ابن داود (قسم الثقات) ص ٥٧ وص ٢٣٤ (قسم الضعفاء) وص ٢٩٧. الاختصاص ص ٢١٠ وص ٢٤٨. توضيح الاشتباه ص ٨٠. رجال الكشي ص ١٣٣ وص ١٦٧ وص ٣٢٠ وص ٤٣٦ وص ٤٣٧ وص ٤٥٦ وص ٥٦٨. المحاسن ج ١ ص ٦٠. فهرست الطوسي ص ٣٩. أعيان الشيعة ج ٣ ص ٥٩٣. الخصال ص ١٤ وص ٤٩ وص ٨٨ وص ١١٠ وص ١٧٨ وص ٢٧٢ وص ٣٩٢. بهجة الآمال ج ٢ ص ٤٠٩. رجال الحلي (قسم الضعفاء) ص ٢٠٧. التوحيد ص ٩٩ وص ١٠٧ وص ١١٣ وص ١٤٦ وص ١٧١ وص ١٩٢. نقد الرجال ص ٥٩. جامع المقال ص ٥٧. معجم رجال الحديث ج ٣ ص ٣٤٥ وص ٣٤٦ - ص ٣٤٩. تنقيح المقال ج ١ ص ١٧٨. رجال البرقي في أصحاب الرضاعليهالسلام ص ٥٥. جامع الرواة ج ١ ص ١٢٧. كامل الزيارات ص ٢٢. رجال الطوسي في أصحاب الرضاعليهالسلام ص ٣٧٠ وص ٤٥٧. منتهى المقال ص ٦٧. طرائف المقال ج ١ ص ٢٨٦. الكافي ج ١ ص ٧٨ وص ٨٢ وص ١١١، وج ٢ ص ٤٦، وج ٤ ص ١٨ وص ٣٥٢، وج ٥ ص ٣١١، وج ٦ ص ٣ وص ٥٤٨.
٣٣ - بندار
بندار مولى ادريس.
محدث لم أقف على تفاصيل أحواله سوى انه روى عن الامام الجوادعليهالسلام بالمكاتبة.
روى عنه علي بن مهزيار.
المراجع:
رجال البرقي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٥٧. التهذيب ج ٤ ص ٢٣٥ وفيه روايته عن الامام الجوادعليهالسلام مكاتبة. الجامع في الرجال ج ١ ص ٣٣١.
معجم رجال الحديث ج ٣ ص ٣٧٢.
حرف التاء
٣٤ - أبو ثمامة
أبو تمامة، وقيل أبو ثمامة.
محدث، روى عنه عبد الكريم الهمداني، وابراهيم بن هاشم القمي.
المراجع:
التهذيب ج ٦ ص ٤٥٠ وفيه يروي عن الامام الجوادعليهالسلام . منتهى المقال ص ٣٤٠. روضة المتقين ج ١٤ ص ٣١٢. الكافي ج ٥ ص ٩٤، وج ٦ ص ٤٥٠. تنقيح المقال ج ٣ (فصل الكنى) ص ٧. من لا يحضره الفقيه ج ٣ ص ١١١ وفيه روايته عن الامام الجوادعليهالسلام . جامع الرواة ج ٢ ص ٣٧١. الكنى والألقاب ج ١ ص ٣١. معجم رجال الحديث ج ٢١ ص ٧٤. مجمع الرجال ج ٧ ص ١٤. طرائف المقال ج ١ ص ٣٧٥.
حرف الجيم
٣٥ - البصري
أبو جعفر البصري.
محدث امامي ثقة، عرف بالفضل والصلاح.
روى عن الامامين الرضا والجوادعليهماالسلام .
روى عنه الفضل بن شاذان.
المراجع:
رجال الطوسي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٤٠٩. منتهى المقال ص ٣٤١. روضة المتقين ج ١٤ ص ٤٨٠. رجال الحلي (قسم الثقات) ص ١٩٠.
هداية المحدثين ص ٢٧٥. التحرير الطاوسي ص ٣٣٧. معجم رجال الحديث ج ٢١ ص ٩٢. رجال الكشي ص ٤٨٨ وص ٥٥٨. جامع الرواة ج ٢ ص ٣٧٢.
منهج المقال ص ٣٨٤. وسائل الشيعة ج ٢٠ ص ٣٧٢. تنقيح المقال ج ٣ (قسم الكنى) ص ٨. معجم الثقات ص ١٣٧. رجال ابن داود (قسم الثقات) ص ٢١٥ وفيه: من أصحاب الجوادعليهالسلام . مجمع الرجال ج ٧ ص ١٦. بهجة الآمال ج ٧ ص ٣٩٦. طرائف المقال ج ١ ص ٣٧٦. اتقان المقال ص ١٥٢.
٣٦ - الجوهري
جعفر الجوهري.
محدث لم اوفق الى معرفة تفاصيل أحواله سوى انه من أصحاب الامام الجوادعليهالسلام .
روى عنه منصور بن العباس.
المراجع:
رجال الطوسي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٣٩٩. مجمع الرجال ج ٢ ص ٢٥. جامع الرواة ج ١ ص ١٥١. العندبيل ج ١ ص ٩٧ وفيه: مهمل. الجامع في الرجال ج ١ ص ٣٧٣. التهذيب ج ٦ ص ٨٢. معجم رجال الحديث ج ٤ ص ١٣٩. طرائف المقال ج ١ ص ٢٨٧. منهج المقال ص ٨٢.
٣٧ - اليعقوبي
جعفر بن داود اليعقوبي.
أحواله مجهولة سوى انه من أصحاب الامام الجوادعليهالسلام .
المراجع:
رجال الطوسي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٣٩٩. لسان الميزان ج ٢ ص ١١٥ وفيه: روى عن محمّد بن علي الجوادعليهالسلام . الجامع في الرجال ج ١ ص ٣٧٧ وفيه: اظنه صالحا. معجم رجال الحديث ج ٤ ص ٦٧. جامع الرواة ج ١ ص ١٥٢. نقد الرجال ص ٦٩. العندبيل ج ١ ص ٩٨ وفيه: مهمل. أعيان الشيعة ج ٤ ص ١٠٧. منتهى المقال ص ٧٤. تنقيح المقال ج ١ ص ٢١٦. مجمع الرجال ج ٢ ص ٢٧. منهج المقال ص ٨٢. طرائف المقال ج ١ ص ٢٨٧.
٣٨ - الصوفي
جعفر بن محمّد الصوفي.
محدث، روى عنه أبو عبد الله البرقي.
المراجع:
بصائر الدرجات ص ٢٢٥ وفيه يحدث عن الامام الجوادعليهالسلام . الجامع في الرجال ج ١ ص ٤٠١. الاختصاص ص ٢٦٣. معاني الأخبار ص ٥٣ وفيه يحدث عن الامام الجوادعليهالسلام . علل الشرائع ص ١٢٤ وفيه روايته عن الامام الجوادعليهالسلام .
٣٩ - الهاشمي
جعفر بن محمّد الهاشمي، الصيرفي.
محدث امامي، صحب الامام الجوادعليهالسلام .
روى عنه علي بن مهزيار، وبكر بن صالح.
المراجع:
رجال الطوسي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٣٩٩. الكافي ج ٢ ص ٤٦، وج ٣ ص ٣٠٩. العندبيل ج ١ ص ١٠٦ وفيه: مهمل. جامع الرواة ج ١ ص ١٦١. منتهى المقال ص ٧٤. معجم رجال الحديث ج ٤ ص ١٣٠. أعيان الشيعة ج ٤ ص ١٨٦. مجمع الرجال ج ٢ ص ٤٤. تنقيح المقال ج ١ ص ٢٢٧ وفيه: وظاهره كونه اماميا الا انه مجهول الحال. طرائف المقال ج ١ ص ٢٨٩. منهج المقال ص ٨٦.
٤٠ - الأحول
جعفر بن محمّد بن يونس الأحول، الصيرفي، البجلي بالولاء.
محدث امامي ثقة، له كتاب « النوادر ».
روى عن الامامين الجواد والهاديعليهماالسلام ، ويقال بانه صحب الامام الرضاعليهالسلام .
روى عنه أحمد بن محمّد بن عيسى، وأحمد بن محمّد بن خالد، ومحمّد بن الحسن بن علان وغيرهم.
المراجع:
رجال الطوسي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٣٩٩، وفي اصحاب الهاديعليهالسلام ص ٤١٢. نقد الرجال ص ٧٤. جامع الرواة ج ١ ص ١٦٢. هداية المحدثين ص ١٨٥. رجال الحلي (قسم الثقات) ص ٣١. لسان الميزان ج ٢ ص ١٢٣ وص ١٢٤. روضة المتقين ج ١٤ ص ٣٣٩. أعيان الشيعة ج ٤ ص ١٨٧. معالم العلماء ص ٣١. كشف الغمة ج ٣ ص ٨٩. العندبيل ج ١ ص ١٠٦. بهجة الآمال ج ٢ ص ٥٧٥. رجال ابن داود (قسم الثقات) ص ٦٥ وفيه من اصحاب الجوادعليهالسلام . فهرست الطوسي ص ٤٣. الاستبصار ج ١ ص ١١٧، وج ٢ ص ٣٢. رجال النجاشي ص ٨٧ وفيه: روى عن أبي جعفر الثانيعليهالسلام . الذريعة ج ٢٤ ص ٣٢٥. منتهى المقال ص ٨٠. الجامع في الرجال ج ١ ص ٤١١. من لا يحضره الفقيه ج ١ ص ١٦٧. معجم رجال الحديث ج ٤ ص ١٢٣. رجال البرقي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٥٦. معجم الثقات ص ٢٨. رجال الكشي ص ٤٦١. تنقيح المقال ج ١ ص ٢٢٧. وسائل الشيعة ج ٢٠ ص ١٥٦. التهذيب ج ١ ص ١٨١، وج ٤ ص ٤٤. مجمع الرجال ج ٢ ص ٤٤. طرائف المقال ج ١ ص ٢٨٩. رجال الأنصاري ص ٥٤. منهج المقال ص ٨٦. اتقان المقال ص ٣٤. الوجيزة ص ١٢. ثقات الرواة للشهرستاني ص ١٩.
٤١ - جعفر بن يحيى
جعفر بن يحيى بن سعد، وقيل سعيد الأحول.
امامي مجهول الحال سوى انه من أصحاب الامام الجوادعليهالسلام .
المراجع:
رجال الطوسي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٣٩٩. معجم رجال الحديث ج ٤ ص ١٣٨. تنقيح المقال ج ١ ص ٢٢٩. رجال النجاشي في ترجمة الحسين بن سعيد ص ٤٣. مجمع الرجال ج ٢ ص ٤٨. جامع الرواة ج ١ ص ١٦٤. رجال البرقي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٥٧. أعيان الشيعة ج ٤ ص ١٩٤. منتهى المقال ص ٧٤. الجامع في الرجال ج ١ ص ٤١٤. نقد الرجال ص ٧٥. طرائف المقال ج ١ ص ٢٨٩. منهج المقال ص ٨٧.
حرف الحاء
٤٢ - البغدادي
الحسن بن راشد بن علي البغدادي، مولى آل المهلب، أبو علي.
محدث امامي ثقة، وأحد الفقهاء الأعلام والرؤساء الأجلاء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام.
صحب الامامين الجواد والهاديعليهماالسلام ، وروى عنهما.
تردد اسمه في ٣٣ موردا في أسناد الروايات.
روى عنه جماعة أمثال: محمّد بن عيسى بن عبيد، وعلي بن الريان بن الصلت، وعلي بن مهزيار وغيرهم.
المراجع:
رجال الطوسي في أصحاب الرضاعليهالسلام ص ٣٧٢، وفي أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٤٠٠، وفي أصحاب الهاديعليهالسلام ص ٤١٣. معجم الثقات ص ٣٣. بهجة الآمال ج ٣ ص ٩٨. رجال الكشي ص ٤٩٢ وص ٥١٣ وص ٥٧٣ وص ٦٠٣. الجامع في الرجال ج ١ ص ٤٩٢. نقد الرجال ص ٨٩. رجال الحلي (قسم الثقات) ص ٣٩ وص ١٩٠. العندبيل ج ١ ص ١٤١. جامع الرواة ج ١ ص ١٩٧. معجم رجال الحديث ج ٤ ص ٣٢٤ - ص ٣٢٦، وج ٢١ ص ٢٤٨. عيون أخبار الرضاعليهالسلام ج ١ ص ٢٧٨، وج ٢ ص ٢٢١. الخصال ص ٣٤٧. أعيان الشيعة ج ٥ ص ٧٠. رجال البرقي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٥٦. التحرير الطاوسي ص ٣٣٧. مجمع الرجال ج ٢ ص ١٠٧ وص ١٠٨. وسائل الشيعة ج ٢٠ ص ١٦٥. التهذيب ج ٦ ص ٣٣٢، وج ٩ ص ٢٣٤. تنقيح المقال ج ١ ص ٢٧٦. منتهى المقال ص ٩٢. توضيح الاشتباه ص ١١٦. رجال ابن داود
(قسم الثقات) ص ٧٣. كامل الزيارات ص ١٠. مشيخة الفقيه ص ٨٣. الكافي ج ٣ ص ٣١٥، وج ٥ ص ١٠٩ وج ٧ ص ٥٩. هداية المحدثين ص ١٨٨. طرائف المقال ج ١ ص ٢٩٢. رجال الأنصاري ص ٦٠. اتقان المقال ص ٤٠. الوجيزة ص ١٤. منهج المقال ص ٩٨. الغيبة للطوسي ص ٢١٢. ثقات الرواة للشهرستاني ص ٢٢.
٤٣ - الأهوازي
الحسن بن سعيد بن حماد بن سعيد بن مهران الكوفي، الأهوازي، أبو محمّد، من موالي الامام زين العابدينعليهالسلام .
محدث امامي ثقة، عالم فاضل، فقيه جليل القدر، كثير التأليف والتصنيف.
صحب الامامين الرضا والجوادعليهماالسلام ، وروى عنهما.
تردد اسمه في اكثر من ٧٠ موردا في اسناد الروايات.
روى عنه أخوه الحسين بن سعيد الأهوازي، وبكر بن صالح، وعلي بن مهزيار وغيرهم.
من تآليف الكثيرة والتي شارك في تأليفها مع أخيه الحسين بن سعيد والتي تربو على الثلاثين « الصلاة »، و « الزكاة »، و « الوضوء »، و « الصوم »، و « تفسير القرآن »، و « النكاح »، و « الحج »، و « الطلاق »، و « المكاتبة »، و « المكاسب »، و « المناقب »، و « الزيارات »، و « الديات »، و « الملاحم »، و « الفرائض »، وغيرها.
كان حيا قبل سنة ٢٢٠ ه.
والسنّة أو نقلوه باعتباره تفسير لها(1) .
وكلمتا «ركّع» وهي جمع للراكع ، و «السجود» وهي جمع ساجد ، لم يرد بينهما واو العطف ، بل ذكرتا وصفا لتقارب هاتان العبادتان.
وبعد إعداد البيت للعبادة ، أمر الله تعالى إبراهيمعليهالسلام :( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ) .
كلمة «أذّن» مشتقة من «الأذان» أي «الإعلان». و «رجال» جمع «راجل» أي «ماشي». و «الضامر» تعني الحيوان الضعيف. و «الفجّ» في الأصل تعني المسافة بين جبلين ، ثمّ أطلقت على الطرق الواسعة و «العميق» تعني هنا «البعيد».
جاء في حديث رواه علي بن إبراهيم في تفسيره : عند ما تسلّم إبراهيمعليهالسلام هذا الأمر الربّاني قال : إنّ أذاني لا يصل إلى أسماع الناس ، فأجابه سبحانه وتعالى (عليك الأذان وعليّ البلاغ)! فصعد إبراهيمعليهالسلام موضع المقام ووضع إصبعيه في أذنيه وقال : يا أيّها الناس كتب عليكم الحجّ إلى البيت العتيق فأجيبوا ربّكم. وأبلغ اللهعزوجل نداءه أسماع جميع الناس حتّى الذين في أصلاب آبائهم وأرحام أمّهاتهم ، فردّوا : لبيّك اللهمّ لبّيك! وإنّ جميع الذين يشاركون في مراسم الحجّ منذ ذلك اليوم وحتّى يوم القيامة ، هم من الذين لبّوا دعوة إبراهيمعليهالسلام (2) .
وقد ذكرت الآية هنا الحجّاج المشاة أوّلا ، ثمّ الراكبين ، لأنّهم أفضل منزلة عند الله ، بسبب ما يتحمّلون من صعاب السفر أكثر من غيرهم ، ولهذا السبب قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : «للحاج الراكب بكلّ خطوة تخطوها راحلته سبعون حسنة ، وللحاج الماشي بكلّ خطوة يخطوها سبعمائة حسنة»(3) .
__________________
(1) يراجع تفسير الآية موضع البحث في تفاسير الميزان ، وفي ظلال القرآن ، والتبيان ، ومجمع البيان ، والتّفسير الكبير للفخر الرازي.
(2) بتلخيص ، عن تفسير علي بن إبراهيم حسبما نقله تفسير نور الثقلين ، المجلّد الثّالث ، 488. والآلوسي في روح المعاني ، والفخر الرازي ، في التّفسير الكبير في تفسير الآية موضع البحث مع بعض الفارق.
(3) تفسير «روح المعاني» ، و «مجمع البيان» ، و «الفخر الرازي».
أو أنّ هذه المنزلة جاءت لتحديد أهميّة حجّ بيت الله الحرام ، الذي يجب أن يتمّ بأي أسلوب وبأيّة إمكانات. وأن لا ينتظر الحاج مركبا له.
أمّا عبارة «ضامر» فتعني الحيوان الضعيف ، إشارة إلى أنّ هذا الطريق يجعل الحيوان هزيلا ، لأنّه يجتاز صحاري جافة محرقة لا زرع فيها ولا ماء ، واستعدادا لتحمل الصعاب في هذا الطريق.
أو يكون المراد أنّ على الحاج إختيار جواد قوي سريع صابر ، رشيق ضامر ، متدرّب على السير في مثل هذه الطرق ، ولا فائدة ترجى من الحيوان المنعم في هذا الطريق. (مثلما لا يمكن للرجال المترفين اجتياز هذا الطريق).
أمّا عبارة( مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ) فهي إشارة إلى توجّه الحجاج إلى الكعبة ، ليس فقط من الأماكن القريبة ، بل يشمل ذلك الحجّاج من الأماكن البعيدة أيضا. كلمة «كلّ» لا تعني هنا الاستغراق والشمول ، بل الكثرة.
ويذكر المفسّر المشهور أبو الفتوح الرازي في تفسيره لهذه الآية حياة مثيرة لرجل يدعى «أبو القاسم بشر بن محمّد» فيقول : رأيت حين الطواف شيخا هزيلا بدت عليه آثار السفر ، ورسم التعب علائمه على جبينه. تقدّمت إليه وسألته من أين أنت؟ أجاب : من فجّ عميق طال قطعه خمسة أعوام! فأصبحت شيخا هزيلا من شدّة تعب السفر وآلامه ، فقلت : والله لهي مشقّة ، إلّا أنّها طاعة خالصة وحبّ عميق لله تعالى.
فسّره ذلك ثمّ أنشد :
زر من هويت وإن شطّت بك الدار |
وحال من دونه حجب وأستار! |
|
لا يمنعنّك بعد من زيارته |
إنّ المحبّ لمن يهواه زوّار! |
حقّا إنّ جاذبية بيت الله هي بدرجة تجعل القلوب الطافحة بالإيمان تهوى
إليه من جميع الأنحاء ، قربت أم بعدت ، تجذب الشاب والشيخ والصغير والكبير ، من كلّ أمّة ومكان ، بعيدا أم قريبا ، الكل يلبّون الله يأتونه عشّاقا ليروا مظاهر ذات الله الطاهرة في تلك الأرض المقدّسة بأعينهم ، ويشعروا برحمته التي لا حدود لها من أعماق وجودهم(1) .
وتناولت الآية التالية فلسفة الحجّ في عبارة موجزة ذات دلالات عديدة فقالت :( لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ ) . أي أنّ على الناس الحجّ إلى هذه الأرض المقدّسة ، ليروا منافع لهم بأم أعينهم.
وقد ذكر المفسّرون لكلمة المنافع الواردة في الآية عدّة معان ، إلّا أنّه لا تحديد لمعناها كما يبدو من ظاهر الآية ، فهي تشمل جميع المنافع والبركات المعنوية والمكاسب المادية ، وكلّ عائد فردي واجتماعي وفلسفة سياسيّة واقتصادية وأخلاقية. فما أحرى المسلمين أن يتوجّهوا من أنحاء العالم إلى مكّة ليشهدوا هذه المنافع! إنّها لعبارة جميلة! ما أولاهم أن يجعلهم الله شهودا على منافعهم! ليروا بأعينهم ما سمعوه بآذانهم!
وعلى هذا ذكر في كتاب الكافي حديثا عن الإمام الصادقعليهالسلام في الردّ على استفسار ربيع بن خيثم عن كلمة المنافع ، منافع الدنيا أو منافع الآخرة؟ فقال : «الكل»(2) .
وسنتناول بإسهاب شرح هذه المنافع في ملاحظاتنا على هذه الآية إن شاء الله.
ثمّ تضيف الآية :( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ
__________________
(1) يقول العالم الفاضل العلامة الشعراني رضى الله عنه : إن ذلك ليس عجيبا بالنسبة للذين يأتون إلى مكة من الأندلس أو المغرب أو من أنحاء نائية في الصين أو من استرالية. حيث يستغرق سفرهم زمنا طويلا يصل إلى عدة أشهر نظرا لوسائط النقل التي كانت تستعمل آنذاك وافتقاد الطرق للأمن (إضافة إلى ذلك كان البعض من المتولهين ببيت الله يتعرضون إلى السرقة في الطريق فيضطرون إلى العمل من أجل إعداد مؤنة باقي الطريق إلى بيت الله الحرام).
(2) تفسير نور الثقلين ، المجلد الثالث ، الصفحة 488 نقلا عن كتاب الكافي.
الْأَنْعامِ ) أي أنّه على المسلمين أن يحجّوا إلى البيت ويقدّموا القرابين من المواشي التي رزقهم الله ، وأن يذكروا اسم الله عليها حين الذبح في أيّام محدّدة معروفة. وبما أنّ الاهتمام الأساس في مراسم الحجّ ، ينصب على الحالات التي يرتبط فيها الإنسان بربّه ليعكس جوهر هذه العبادة العظيمة ، تقيّد الآية المذكورة تقديم القربان بذكر اسم الله على الاضحية فقط ، وهو أحد الشروط لقبولها من لدن العلي القدير. وهذا الذكر إشارة إلى توجّه الحاج إلى الله كلّ التوجّه عند تقديم الأضحية ، وهمّه كسب رضى الله وقبوله القربان ، كما أنّ الاستفادة من لحم الضحية تقع ضمن هذا التوجّه.
وفي الحقيقة يعتبر تقديم الأضاحي رمزا لإعلان الحاج استعداده للتضحية بنفسه في سبيل الله ، على نحو ما ذكر من قصّة إبراهيمعليهالسلام ومحاولة التضحية بابنه إسماعيلعليهالسلام . إنّ الحجّاج بعملهم هذا يعلنون استعدادهم للإيثار والتضحية في سبيل الله حتّى بأنفسهم.
وعلى كلّ حال فإنّ القرآن بهذا الكلام ينفي أسلوب المشركين الذين كانوا يذكرون أسماء الأصنام التي يعبدونها على أضاحيهم ، ليحيلوا هذه المراسم التوحيديّة إلى شرك بالله. وجاء في ختام الآية :( فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ ) .
كما يمكن أنّ تفسّر هذه الآية بأنّ القصد من ذكر اسم الله في( أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ ) هو التكبير والحمد لله ربّ العالمين لما أنعم علينا من نعم لا تعدّ ولا تحصى.
خاصة بما رزقنا من بهيمة الأنعام التي نستفيد في حياتنا من جميع أجزاء أبدانها(1) .
* * *
__________________
(1) في التّفسير الأوّل (أي ذكر اسم الله على الأضحية) تكون «على» هنا للاستعلاء ، أمّا في التّفسير الثّاني (أي الذكر المطلق لاسم الله تعالى في هذه الأيّام) فإنّ «على» تعني «من أجل» فالفرق بين هذين التّفسيرين كبير ، سنشير إليه في الملاحظات.
بحوث
1 ـ ما هي الأيّام المعلومات؟
يأمرنا الله سبحانه وتعالى ـ في الآيات السابقة ـ أن نذكره في( أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ ) . وجاء ذلك أيضا في سورة البقرة الآية (203) بشكل آخر( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ ) . فما هي الأيّام المعلومات؟ وهل تطابق في معناها الأيّام المعدودات ، أمّ لا؟
اختلف المفسّرون في هذه الأيّام ، كما اختلفت الرّوايات التي ذكرت بهذا الصدد : حيث يرى بعض المفسّرين ـ ويستندون إلى بعض الأحاديث الإسلامية ـ أنّه يقصد بـ «الأيّام المعلومات» الأيّام العشرة الأولى من ذي الحجّة ، وأمّا «الأيّام المعدودات» فهي «أيّام التشريق» أي اليوم الحادي عشر والثّاني عشر والثّالث عشر من ذي الحجّة. الأيّام التي تشرق فيها القلوب.
أمّا المجموعة الثّانية من المفسّرين فقد استندوا إلى أحاديث أخرى فقالوا : إنّ العبارتين تشيران إلى أيّام التشريق التي تعتبر هي الأيّام الثلاثة ذاتها ، وأحيانا يضاف إليها اليوم العاشر أي عيد الأضحى.
وعبارة( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) التي جاءت في سورة البقرة ، تدلّ على أنّ أيّام التشريق ليست أكثر من ثلاثة أيّام ، لأنّ التعجيل فيها يحدث نقصا في أيّامها فتصبح يومين.
ومع ملاحظة أنّ التضحية جاءت في الآيات ـ موضع البحث ـ بعد ذكر الأيّام المعلومات. ونعلم أنّ تقديم الأضاحي يتمّ في اليوم العاشر من ذي الحجّة ، فإنّ ذلك يؤكّد أنّ الأيّام المعلومات هي الأيّام العشرة الأولى من ذي الحجّة التي تنتهي بيوم الأضحى. وعلى هذا يقوى دليل التّفسير الأوّل القائل باختلاف معنى الأيّام المعلومات والأيّام المعدودات.
ومع الأخذ بوحدة المعاني التي تضمنّتها الآيتان ، يبدو أنّ الأرجح في هذه القضيّة القول بأنّ الآيتين تشيران إلى موضوع واحد ، وهدفهما الاهتمام بذكر الله في أيّام معيّنة تبدأ من العاشر من ذي الحجّة وتنتهي بالثّالث عشر منه. ومن الطبيعي أن تكون إحدى الحالات التي يجب ذكر اسم الله فيها ، هي حين تقديم الأضاحي(1) .
2 ـ ذكر الله في أرض «منى»
جاء في روايات عديدة أنّ ذكر الله في هذه الأيّام تكبير خاص يذكر بعد إتمام صلاة ظهر يوم عيد الأضحى ، ويستمر ذكر هذا التكبير في خمس عشرة صلاة (أي ينتهي بعد صلاة صبح اليوم الثّالث عشر) وهو كما يلي :
«الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلّا الله والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام»(2) .
كما نصّت بعض الأحاديث على أنّ التكبير في المرّات الخمسة عشر خاص بالذين هم بأرض «منى» في أيّام الحجّ ، أمّا من كانوا في المناطق الاخرى فعليهم ذكر هذا التكبير عقب عشر صلوات (يبدأ من بعد صلاة الظهر من يوم العيد ، وينتهي بصلاة صبح اليوم الثّاني عشر)(3) والأحاديث الخاصّة بالتكبير دليل آخر على أنّ الذكر في الآيات السابقة عامّ وليس محدّدا بتقديم الأضاحي. رغم أنّ هذا المفهوم الكلّي يشمل هذا المصداق أيضا.
__________________
(1) وعليه يزول الخلاف بين هاتين المجموعتين من المفسّرين في تفسير عبارة «ويذكر اسم الله» حيث خصّصت أولاها ذكر اسم الله بتقديم الأضاحي ، والأخرى جعلت مفهومه عامّا ، وبهذا يكون التّفسير الأوّل مصداقا للتفسير الثّاني ، ويكون التّفسير الثّاني ذا مفهوم واسع وعام.
(2) ورد الحديث السابق عن الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام وقد ذكر في بحار الأنوار ، المجلّد 99 ، صفحة 306.
(3) بحار الأنوار ، المجلّد 99 ، صفحة 307.
3 ـ فلسفة الحجّ وأسراره العميقة!
إنّ لشعائر الحجّ ـ كما هو الحال بالنسبة للعبادات الاخرى ـ بركات كثيرة جدّا في نفسيّة الفرد والمجتمع الإسلامي. ويمكنها ـ إن أجريت وفق أسلوب صحيح ـ أن تحدث في المجتمعات الإسلامية تبدّلا جديدا كلّ عام.
وتمتاز هذه المناسك بأربعة أبعاد مهمّة :
أهمّ جانب في فلسفة الحجّ التغيّر الأخلاقي نحو الأحسن الذي يحصل عند الناس ، فمراسم الإحرام تبعد الإنسان بشكل تامّ عن الأمور المادية والامتيازات الظاهرية والألبسة الفاخرة ، ومع تحريم الملذّات ، وبناء الذات الذي يعتبر من واجبات المحرم يبتعد الفرد عن عالم المادّة ، ويدخل إلى عالم النور والصفاء والتسامي الروحي. وترى الإنسان قد ارتاح فجأة من عبء الامتيازات الموهومة ، والدرجات والرتب والنياشين.
ثمّ تلي عمليّة الإحرام مراسم الحجّ الاخرى تباعا ، وفيها تتوطّد علاقة الإنسان الروحيّة مع خالقه ـ لحظة بعد أخرى ـ وتتوثّق. فينقطع عن ماضيه الأسود المملوء آثاما وذنوبا ، ويتّصل بمستقبل واضح كلّه نور وصفاء. خاصّة أنّ مراسم الحجّ تثير في الإنسان اهتماما كبيرا ـ في كلّ خطوة يخطوها ـ بإبراهيمعليهالسلام محطّم الأصنام ، وإسماعيلعليهالسلام ذبيح الله. وأمّه هاجرعليهاالسلام . ويتجلّى للحجّاج جهادهم وتضحياتهم ، إضافة إلى كون أرض مكّة عامّة ، والمسجد الحرام وبيت الكعبة ومحلّ الطواف حولها خاصّة ، تذكر الحاجّ بالرّسولصلىاللهعليهوآلهوسلم وقادة الإسلام العظام وجهاد المسلمين في صدر الإسلام ، فيتعمّق أثر هذه الثورة الأخلاقية بدرجة يشاهد فيها الحاج في كلّ زاوية من زوايا المسجد الحرام وأرض مكّة المقدّسة وجه النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعليعليهالسلام ، وسائر قادة المسلمين ، ويسمع قعقعة سيوفهم وصهيل خيولهم.
أجل ، إنّ هذه الأمور كلّها تتّحد وتتضامن لتمهّد لثورة أخلاقية في القلوب
المستعدّة. وبشكل لا يمكن وصفه تفتح في حياة الفرد صفحة جديدة. ولهذا نصّت الأحاديث الإسلامية على أنّ الذي يؤدّي الحجّ تامّا صحيحا «يخرج من ذنوبه كهيئته يوم ولدته أمّه»(1) !
فالحجّ ولادة ثانية للمسلم. يستهلّ بها حياة إنسانية جديدة ، ولا حاجة هناك لإعادة القول بأنّ هذه البركات وتأثيرها وما نشير إليه بعد هذا ليست نصيب من اقتنع من مكاسب الحجّ بقشرته ورمي اللب جانبا. كما أنّها ليست نصيب من يعتبر الحجّ سياحة للتنفيس عن الخاطر ، أو للتظاهر والرياء ، أو طريقا للحصول على متاع شخصي دنيوي ، وهو في الحقيقة لم يتوصّل إلى معنى الحج الحقيقي ، فكان نصيبه ما يستحقّه!
ذكر أحد كبار فقهاء المسلمين أنّ مراسم الحجّ في الوقت الذي تستبطن أخلص وأعمق العبادات ، هي أكثر الوسائل أثرا في التقدّم نحو الأهداف السياسيّة الإسلامية. فجوهر العبادة التوجّه إلى الله ، وجوهر السياسة التوجّه إلى خلق الله ، وهذان الأمران امتزجا في الحجّ بدرجة أصبحا كنسيج واحد.
إنّ الحجّ عامل مؤثّر في وحدة صفوف المسلمين.
الحجّ عامل مهمّ في مكافحة التعصّب القومي والعنصري والتقوقع في حدود جغرافية.
والحجّ وسيلة لتحطيم الرقابة التي تفرضها الأنظمة الظالمة ، وتدمير هذه الأنظمة المتسلّطة على رقاب الشعوب الإسلامية.
والحجّ وسيلة لنقل الأنباء السياسية للبلدان الإسلامية من نقطة إلى أخرى.
__________________
(1) بحار الأنوار ، المجلّد 99 ، الصفحة 26.
وأخيرا الحجّ عامل مؤثّر في تحطيم قيود العبودية والاستعمار وتحرير المسلمين.
ولهذا السبب كان موسم الحجّ زمن الجبابرة كبني أميّة وبني العبّاس الذين كانوا يسيطرون على الأراضي الإسلامية المقدّسة ، ويراقبون كلّ تحرّك تحرّري إسلامي ليقمعوه بقوّة ، كان الموسم متنفّسا للحرية ولاتّصال فئات المجتمع الإسلامي الكبير بعضها مع بعض ، لطرح القضايا السياسيّة المختلفة التي تهمّ كلّ مسلم.
وعلى هذا الأساس قال أمير المؤمنين عليعليهالسلام في معرض حديثه عن فلسفة الفرائض والعبادات «الحجّ تقوية للدّين»(1) .
كما أنّ أحد السياسيين الأجانب المشهورين قال : «الويل للمسلمين إن لم يعرفوا معنى الحجّ ، والويل لأعدائهم إذا أدرك المسلمون معنى الحجّ»!
واعتبرت الأحاديث الإسلامية الحجّ جهاد الضعفاء ، إذ يمكن للشيوخ والنساء الضعيفات المشاركة في الحجّ ليظهروا عظمة الامّة الإسلامية. وليدخلوا الرعب في قلوب أعداء الإسلام بمشاركتهم في صفوف المصلّين المتراصّة في دوائر تحيط ببيت الله الحرام. وهي توحّد الله وتكبّره.
يمكن أن يؤدّي التقاء المسلمين أيّام الحجّ دورا فعّالا في التبادل الثقافي في المجتمع الإسلامي ، خاصّة إذا لا حظنا أنّ اجتماع الحجّ العظيم يمثّل بشكل حقيقي فئات المسلمين من أنحاء العالم ، حيث لا تصنّع في المشاركة في حجّ بيت الله الحرام ، فالحجّاج جاؤوا من شتّى المجموعات والعناصر والقوميات ، وقد اجتمعوا رغم اختلاف ألسنتهم.
__________________
(1) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، رقم 252.
لهذا ذكرت الأحاديث الإسلامية أنّ من فوائد الحجّ نشر أخبار آثار رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم في أنحاء العالم الإسلامي ، يقول «هشام بن الحكم» أحد أصحاب الإمام الصادقعليهالسلام المخلصين نقلا عن هذا الإمام العظيمعليهالسلام أنّه قال حول فلسفة الحجّ والطواف حول الكعبة : «إنّ الله خلق الخلق وأمرهم بما يكون من أمر الطاعة في الدين ، ومصلحتهم من أمر دنياهم ، فجعل فيه الاجتماع من الشرق والغرب ، وليتعارفوا ولينزع كلّ قوم من التجارات من بلد إلى بلد ، ولتعرف آثار رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وتعرف أخباره ويذكر لا ينسى»(1) .
ولهذا السبب كان المسلمون يجدون في الحجّ متنفّسا من جور الخلفاء والسلاطين الظلمة الذين منعوا المسلمين من نشر هذه الأحكام ، لحلّ مشاكلهم بالاجتماع بأئمّة الهدىعليهمالسلام في المدينة المنوّرة ومكّة المكرّمة ، وبكبار علماء المسلمين ، لينهلوا من مناهل القرآن النقيّة والسنّة النبويّة الشريفة.
ومن جهة ثانية يمكن أن يكون الحجّ مؤتمرا ثقافيا إسلاميا يحضره مفكّرو العالم الإسلامي في أيّام الحجّ في مكّة المكرّمة ، ليتحاوروا فيما بينهم ويعرضوا نظرياتهم وأفكارهم على الآخرين.
وقد أصبحت الحدود بين البلدان الإسلامية ـ الآن ـ سببا لتشتّت ثقافتهم الأصيلة ، واقتصار تفكير مسلمي كلّ بلد بأنفسهم فقط ، حتّى تقطّعت أواصر المجتمع الإسلامي الموحّد. بينما يستطيع الحجّ أن يغيّر هذا الوضع.
وما أجمل ما قاله الإمام الصادقعليهالسلام في ختام الحديث السابق الذي رواه هشام بن الحكم : «ولو كان كلّ قوم إنّما يتكلّمون على بلادهم وما فيها هلكوا ، وخربت البلاد ، وسقطت الجلب والأرباح ، وعميت الأخبار»(2) .
__________________
(1) وسائل الشيعة ، المجلّد الثامن ، الصفحة 9.
(2) المصدر السابق.
خلافا لما يراه البعض ، فإنّ مؤتمر الحجّ العظيم يمكن أن يستفاد منه في تقوية أسس الإقتصاد في البلدان الإسلامية. بل إنّه وفق أحاديث إسلامية معتبرة يشكّل البعد الاقتصادي جزءا مهمّا من فلسفة الحجّ.
فما المانع من وضع أسس سوق مشتركة إسلامية خلال اجتماع الحجّ العظيم ، ليوسّع المسلمون مجال التبادل التجاري فيما بينهم بشكل تعود منافعهم إليهم لا إلى أعدائهم. ومن أجل تحرير اقتصادهم من التبعية الأجنبية ، وهذا العمل عبادة وجهاد في سبيل الله ، ولا يمكن أن يكون حبّا للدنيا وطمعا فيها.
ولذا أشار الإمام الصادقعليهالسلام في الحديث السابق خلال شرحه فلسفة الحجّ ، إلى هذا الموضوع بصراحة باعتبار أنّ أحد أهداف الحجّ ، تقوية العلاقات التجارية بين المسلمين.
وجاء في حديث آخر للإمام الصادقعليهالسلام في تفسير الآية (198) من سورة البقرة( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) . قالعليهالسلام : «فإذا أحلّ الرجل من إحرامه وقضى فليشتر وليبيع في الموسم»(1) .
وكما يبدو فإنّ هذا العمل لا إشكال فيه ، بل فيه ثواب وأجر.
وبهذا المعنى جاء في نهاية حديث عن الإمام علي بن موسى الرضاعليهالسلام لبيان فلسفة الحجّ بشكل مسهب : (ليشهدوا منافع لهم)(2) إشارة إلى المنافع المعنوية والماديّة. والأخيرة على رأي بعضهم معنوية أيضا.
فالحجّ باختصار عبادة عظيمة لو أستفيد منها بشكل صحيح في تشكيل مؤتمرات متعدّدة سياسيّة وثقافية واقتصادية ، لحلّ مشاكل العالم الإسلامي ، ومفتاحا لحلّ معضلات المسلمين ، وقد يكون هو المراد من حديث الإمام الصادق
__________________
(1) تفسير العياشي ، حسبما جاء في تفسير الميزان ، المجلّد الثّاني ، ص 86.
(2) بحار الأنوار ، ج 99 ، ص 32.
عليهالسلام حيث قال : «لا يزال الدين قائما ما قامت الكعبة»(1) .
كما قال الإمام عليعليهالسلام «الله الله في بيت ربّكم ، لا تخلوه ما بقيتم فإنّه إن ترك لم تناظروا»(2) أي لا يمهلكم الله إن تركتم بيت ربّكم خاليا.
ولأهميّة هذا الموضوع الذي خصّص له باب في الأحاديث الإسلامية تحت عنوان «وجوب إجبار الوالي الناس على الحجّ» فإذا أراد المسلمون تعطيل الحجّ في عام من الأعوام ، فعلى الحكومات الإسلامية أن ترسلهم بالقوّة إلى مكّة(3) .
4 ـ ما هو مصير لحوم الأضاحي في عصرنا؟
يستفاد من الآية السالفة الذكر أنّ الهدف من تقديم الأضحية ، إضافة إلى الجوانب المعنوية والروحية والتقرّب إلى الله تعالى ، يشمل الاستفادة من لحومها ومنح قسم منها إلى الفقراء والمحتاجين.
وتحريم الإسراف في الإسلام ليس خافيا على أحد ، فقد أكدّه القرآن والحديث والدليل العقلي. ومن هذا كلّه نستنتج عدم جواز ترك اللحوم على الأرض في «منى» ولا يجوز دفنها ، إذ أنّ وجوب تقديم الأضاحي لا يقصد به هذه الأعمال فيجب نقل لحومها إلى مناطق أخرى بحاجة إليها إن لم نجد محتاجين في «منى» ليستفاد منها على أفضل وجه ، وهذا هو مقتضى الجمع بين الأدلّة والبراهين.
ولكنّنا نجد ـ ومع الأسف ـ أنّ الكثير من المسلمين عملوا بالحكم الأوّل ، ونسوا العمل بالحكم الثّاني ، ولذا نشهد في كلّ عام تلف الآلاف المؤلّفة من لحوم الأضاحي التي بإمكانها أن تكون منبع غذائي مهمّ لشرائح المحرومين في
__________________
(1) وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 14.
(2) نهج البلاغة ، الوصيّة ، 47.
(3) وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 15.
المجتمعات الإسلامية ، ولكنّها تترك في تلك الأرض المقدّسة بحالة سلبية ومزعجة جدّا. وقد تحدّث لحدّ الآن الكثير من المفكّرين وعلماء المسلمين حول هذا الموضوع مع المسؤولين في المملكة العربية السعودية ، وحتّى أنّهم تبرّعوا بتكاليف حفظها ونقلها إلى المؤسّسات المختصّة ، ولكن جمود وتحجّر رجال الدين الوهّابيين من جهة ، وعدم اهتمام المسؤولين في الحكومة السعودية من جهة أخرى كانت مانعا لتنفيذ هذا المشروع.
ومع غضّ النظر عن مسألة حرمة الإسراف التي هي من الثوابت في التفكير الإسلامي ، فإنّ منظر المذابح يوم عيد الأضحى في الحجّ حاليا بشع وغير منطقي إلى درجة يثير علامات الاستفهام لدى كلّ ضعيف الإيمان حول شعيرة الحجّ بالكامل ، ويعطي للأعداء مبرّرا قويّا للطعن والتقبيح غافلين عن أنّ هذه المسألة هي نتيجة جهل وإهمال رجال الدين الوهّابيين والسلطات السعودية ، فعلى هذا ، فإنّ عظمة الإسلام وأصالة مناسك الحجّ توجب على المسلمين من جميع مناطق العالم أن يمارسوا الضغط على المسؤولين في تلك الدولة لإنهاء هذه الحالة الموحشة ، وتنفيذ الحكم الإسلامي في هذه المسألة.
وإذا وردت أحاديث إسلامية في حرمة إخراج لحوم الأضاحي من أرض «منى» أو من «حرم مكّة» فإنّ ذلك يعود إلى زمن كان فيه في مكّة المكرّمة عدد كاف من المستهلكين والمستحقّين.
ولهذا ورد في حديث صحيح الإسناد عن الإمام الصادقعليهالسلام أنّ أحد أصحابه سأله عن هذا الموضوع ، فأجاب : «كنّا نقول لا يخرج منها بشيء لحاجة الناس إليه ، فأمّا اليوم فقد كثر الناس فلا بأس بإخراجه»(1) .
* * *
__________________
(1) وسائل الشيعة ، المجلّد العاشر ، الصفحة 150 (أبواب الذبح الباب 42 الحديث 5).
الآيتان
( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) )
التّفسير
تتابع هذه الآيات البحث السابق عن مناسك الحجّ مشيرة إلى جانب آخر من هذه المناسك ، فتقول أوّلا :( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ) أي ليطّهروا أجسامهم من الأوساخ والتلوّث ، ثمّ ليوفوا ما عليهم من نذور. و( لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) أي يطوفوا بذلك البيت الذي صانه الله عن المصائب والكوارث وحرّره.
وكلمة «تفث» تعني ـ كما قال كبار اللغويين والمفسّرين ـ القذارة وما يلتصق بالجسم وزوائده كالأظافر والشعر. ويقول البعض : إنّ أصلها يعني القذارة التي تحت الأظافر وأمثالها(1) . ورغم إنكار بعض اللغويين لوجود مثل هذا الاشتقاق
__________________
(1) عن قاموس اللغة ، ومفردات الراغب الاصفهاني ، وكنز العرفان ، وتفسير مجمع البيان ، وتفاسير أخرى.
في اللغة العربية ، إلّا أنّ الراغب الاصفهاني نقل كلام بدويّ قاله بحقّ أحد الأشخاص القذرين : «ما أتفثك وأدرنك» دليلا على عربية هذه الكلمة ووجود اشتقاق لها في اللغة العربية.
وقد فسّرت( لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) في الأحاديث الإسلامية بتقليم الأظافر وتطهير البدن ونزع الإحرام. وبتعبير آخر : تشير هذه العبارة إلى برنامج «التقصير» الذي يعدّ من مناسك الحجّ. وجاء في أحاديث إسلامية أخرى بمعنى حلاقة الرأس التي تعتبر أحد أساليب «التقصير».
كما جاء في «كنز العرفان» حديث رواه ابن عبّاس في تفسير هذه الآية : «القصد إنجاز مشاعر الحجّ كلّها»(1) إلّا أنّه لا سند لدينا لحديث ابن عبّاس هذا.
والذي يلفت النظر في حديث عن الإمام الصادقعليهالسلام أنّه فسّر عبارة( لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) بلقاء الإمام ، وعند ما سأله الراوي عبد الله بن سنان عن توضيح لهذه المسألة قال: «إنّ للقرآن ظاهرا وباطنا»(2) .
وهذا الحديث ربّما كان إشارة إلى ملاحظة تستحقّ الاهتمام. وهي أنّ حجّاج بيت الله الحرام يتطهّرون عقب مناسك الحجّ ليزيلوا الأوساخ عن أبدانهم ، فعليهم أن يطهّروا أرواحهم أيضا بلقاء الإمامعليهالسلام ، خاصّة وأنّ الخلفاء الجبابرة كانوا يمنعون لقاء المسلمين لإمامهم في الظروف العادية. لهذا تكون أيّام الحجّ خير فرصة للقاء الإمام ، وبهذا المعنى نقرأ حديثا للإمام الباقرعليهالسلام قال فيه : «تمام الحجّ لقاء الإمام»(3) .
وكلاهما ـ في الحقيقة ـ تطهير ، أحدهما تطهير لظاهر البدن من القذارة والأوساخ ، والآخر تطهير باطني من الجهل والمفاسد الأخلاقية.
__________________
(1) كنز العرفان ، المجلّد الأوّل ، ص 270.
(2) نور الثقلين ، المجلّد الثّالث ، صفحة 492.
(3) وسائل الشيعة المجلّد ، العاشر ، الصفحة 255 (أبواب المزار الباب الثّاني الحديث الثّاني عشر).
أمّا «الوفاء بالنذر» فيعني أنّ كثيرا من الناس ينذرون تقديم أضاحي إضافيّة في الحجّ ، أو التصدّق بمال ، أو القيام بعمل خيري في أيّام الحجّ ، ولكنّهم ينسون ويغفلون عن كلّ ذلك عند وصولهم إلى مكّة ، لهذا أكّد القرآن عليهم الوفاء بالنذور ، وإلّا يقصّروا في ذلك(1) .
أمّا لماذا سمّيت الكعبة بالبيت العتيق؟
«العتيق» مشتقّة من «العتق» أي التحرّر من قيود العبودية ، وربّما كان ذلك لأنّ الكعبة تحرّرت من قيود ملكية عباد الله ، ولم يكن لها مالك إلّا الله ، كما حرّرت من قيد سيطرة الجبابرة كأبرهة.
ومن معاني «العتيق» أيضا الشيء الكريم الثمين ، وهذا المعنى يتجسّد في الكعبة بوضوح. ومن المعاني الاخرى للعتيق «القديم» يقول الراغب الاصفهاني : العتيق المتقدّم في الزمان أو المكان أو الرتبة. وهذا المعنى أيضا واضح بالنسبة للكعبة ، فهي أقدم مكان يوحّد فيه الله. وبحسب ما جاء في القرآن( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ ) (2) وعلى كلّ حال فلا مانع من إطلاق العتيق على بيت الله بعد ملاحظة ما تتضمّنه هذه الكلمة من معان ، أشار كلّ مفسّر إلى جانب منها. أو ذكرت الأحاديث المختلفة جوانب أخرى من معانيها.
أمّا المراد من «الطواف» الوارد في آخر الآية المذكور أعلاه فهناك بحث بين المفسّرين (هناك طوفان ـ بعد مراسم عيد الأضحى في منى ـ على الحجّاج أن يقوموا بهما ، الطواف الأوّل يدعي «طواف الزيارة» ، والثّاني «طواف النساء»).
يرى بعض الفقهاء والمفسّرين أنّ مفهوم الطواف عام هنا ، لأنّ الآية لم تتضمّن
__________________
(1) احتمل بعض المفسّرين القصد من النذور القيام بمشاعر الحجّ ، إلّا أنّه بمراجعة حالات استعمال كلمة النذر في القرآن المجيد ، يتّضح لنا أنّه يقصد المعنى المتداول من كلمة النذر ، لهذا فإنّ استخدامها في مناسك الحجّ دون دليل ، خلافا لمعناها الظاهر.
(2) آل عمران ، 96.
قيودا أو شرطا ما ، فهي تضمّ طواف الحجّ وطواف النساء ، حتّى أنّها تشمل طواف العمرة أيضا(1) .
في وقت يرى مفسّرون آخرون أنّ الآية تقصد طواف الزيارة فقط ، الذي يجب على الحاج بعد إحلاله من إحرام الحجّ(2) .
إلّا أنّ الأحاديث الواردة عن أهل البيتعليهمالسلام تفيد أنّ القصد هنا طواف النساء ، ففي حديث عن الإمام الصادقعليهالسلام في تفسير( وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) قال : «طواف النساء»(3) .
كما روي عن الإمام علي بن موسى الرضاعليهالسلام حديث بهذا المعنى(4) .
وهذا الطواف يسمّى عند أهل السنّة طواف الوداع.
ومع ملاحظة هذه الأحاديث يبدو التّفسير الأخير هو الأقوى ، خاصّة إذا عبّر بهذا المعنى أيضا في تفسير( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) . حيث يجب إضافة إلى تطهير البدن من القذارة والشعر الزائد ، استعمال العطر أيضا. ومن المعلوم أنّه لا يجوز استعمال العطور في الحجّ إلّا بعد إتمام الطواف والسعي ، أو عند ما لا يكون طواف بذمّة الحاج إلّا طواف النساء.
وأشارت الآية الأخيرة إلى خلاصة ما بحثته الآيات السالفة الذكر ، حيث تبدأ بكلمة «ذلك» التي لها جملة محذوفة تقديرها «كذلك أمر الحجّ والمناسك» ثمّ تضيف تأكيدا لأهميّة الواجبات التي شرحت( وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) .
والمقصود هنا بـ «الحرمات» ـ طبعا ـ أعمال ومناسك الحجّ ، ويمكن أن
__________________
(1) كنز العرفان ، المجلّد الأوّل ، الصفحة 271.
(2) مجمع البيان نقلها في تفسير الآية ـ موضع البحث ـ عن بعض المفسّرين لم يذكر أسماءهم.
(3) وسائل الشيعة المجلّد التاسع الصفحة 390 أبواب الطواف الباب الثّاني.
(4) المصدر السابق.
يضاف إليها احترام الكعبة خاصة والحرم المكّي عامّة. وعلى هذا فإنّ تفسير هذه الآية باختصاصها بالمحرّمات ـ أي كلّ ما نهى الله عنه ـ أو جميع الواجبات ، مخالف لظاهر الآية. كما يجب الانتباه إلى أنّ «حرمات» جمع «حرمة» وهي في الأصل الشيء الذي يجب أن تحفظ حرمته ، وألّا تنتهك هذه الحرمة أبدا.
ثمّ تشير هذه الآية وتناسبا مع أحكام الإحرام إلى حليّة المواشي ، حيث تقول :( وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ ) .
عبارة( إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ ) يمكن أن تكون إشارة إلى تحريم الصيد على المحرم الذي شرع في سورة المائدة الآية (95) حيث تقول :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) .
كما قد تكون إشارة إلى عبارة جاءت في نهاية الآية ـ موضع البحث ـ تخصّ تحريم الأضحية التي تذبح للأصنام التي كانت متداولة زمن الجاهلية. لأنّ تذكية الحيوان يشترط فيها ذكر اسم الله عليه عند الذبح ، ولا يجوز ذكر اسم الصنم أو أي اسم آخر عليه.
وفي ختام هذه الآية ورد أمران يخصّان مراسم الحجّ ومكافحة العادات الجاهلية :
الأوّل يقول :( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ ) و «الأوثان» جمع «وثن» على وكن «كفن» وتعني الأحجار التي كانت تعبد زمن الجاهلية ، وهنا جاءت كلمة الأوثان إيضاحا لكلمة «رجس» التي ذكرت في الآية ، حيث تقول :( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ ) . ثمّ تليها عبارة( مِنَ الْأَوْثانِ ) أي الرجس هو ذاته الأوثان.
كما تجب ملاحظة أنّ عبدة الأوثان زمن الجاهلية كانوا يلطّخونها بدماء الأضاحي ، فيحصل مشهد تقشّعر الأبدان من بشاعته ، وقد يكون التعبير السابق إشارة إلى هذا المعنى أيضا.
والأمر الثّاني هو( وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ) أي الكلام الباطل الذي لا أساس له من الصحّة.
مسألة : ما معنى( قَوْلَ الزُّورِ ) ؟
يرى بعض المفسّرين أنّه إشارة إلى كيفيّة تلبية المشركين في مراسم الحجّ في زمن الجاهلية ، لأنّهم يلبّون بشكل يتضمّن الشرك بعينه ، ويبعدونه من صورته التوحيديّة ، فقد كانوا يردّدون : «لبّيك لا شريك لك ، إلّا شريكا هو لك! تملكه وما ملك!».
حقّا إنّه كلام باطل ودليل على( قَوْلَ الزُّورِ ) الذي يعني في الأصل : الكلام الكاذب ، والباطل ، والبعيد عن حدود الاعتدال.
ومع هذا فإنّ اهتمام الآية المذكورة بأعمال المشركين في مراسم الحجّ على زمن الجاهلية ، لا يمنع من تعميمها على بطلان أيّة عبادة للأصنام بأيّة صورة كانت ، واجتناب أي قول باطل مهما كانت صورته.
ولهذا فسّرت بعض الأحاديث الأوثان بلعبة الشطرنج ، وقول الزور بالغناء ، والشهادة بالباطل. وفي الحقيقة فإنّ ذلك بيان لبعض أفراد ذلك الكلّي ، وليس القصد منه حصر معنى الآية بهذه المصاديق فقط. وجاء في حديث للرسول الأكرمصلىاللهعليهوآلهوسلم في خطبة ألقاها على المسلمين «أيّها الناس ، عدلت شهادة الزور بالشرك بالله ، ثمّ قرأ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ) .
إنّ هذا الحديث أيضا إشارة إلى سعة مفهوم هذه الآية.
* * *
الآيات
( حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (31) ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33) )
التّفسير
تعظيم شعائر الله دليل على تقوى القلوب :
عقّبت الآيات هنا المسألة التي أكدّها آخر الآيات السابقة ، وهي مسألة التوحيد ، واجتناب أي صنم وعبادة الأوثان. حيث تقول( حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ ) (1) أي أقيموا مراسم الحجّ والتلبية في حالة تخلصون فيها النيّة لله وحده لا يخالطها أي شرك أبدا.
«حنفاء» جمع «حنيف» أي الذي استقام وابتعد عن الضلال والانحراف ، أو
__________________
(1) «حنفاء» و «غير مشركين». كلاهما حال لضمير «فاجتنبوا» ، و «اجتنبوا» في الآية السابقة.