سبل الرشاد إلى أصحاب الإمام الجواد عليه السلام

مؤلف: عبد الحسين التستري
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 363
مؤلف: عبد الحسين التستري
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 363
واللسان ، جاء في وصية النبي الأكرمصلىاللهعليهوآلهوسلم لعليعليهالسلام :« لا يقبل الله دعاء قلبٍ ساهٍ » (1) .
وعن الإمام أميرالمؤمينعليهالسلام :« لا يقبل الله عزَّ وجل دعاء قلبٍ لاهٍ » (2) .
وعن الإمام الصادقعليهالسلام :« إنّ الله عزَّ وجل لا يستجيب دعاءً بظهر قلبٍ قاسٍ » (3) .
خير الدعاء ما هيجه الوجد والأحزان ، وانتهى بالعبد إلىٰ البكاء من خشية الله ، الذي هو سيد آداب الدعاء وذروتها ، ذلك لأنَّ الدمعة لسان المذنب الذي يفصح عن توبته وخشوعه وانقطاعه إلىٰ بارئه ، والدمعة سفير رقّة القلب الذي يؤذن بالاخلاص والقرب من رحاب الله تعالىٰ.
قال الإمام الصادقعليهالسلام لأبي بصير :« إنّ خفت أمراً يكون أو حاجة تريدها ، فابدأ بالله ومجّده واثني عليه كما هو أهله ، وصلِّ علىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وسل حاجتك ، وتباك ولو مثل رأس الذباب ، إنّ أبي كان يقول: إنّ أقرب ما يكون العبد من الرب عزَّ وجل وهو ساجد باكٍ »(4) .
وفي البكاء من خشية الله من الخصوصيات والفضائل ما لا يوجد في غيره من أنصاف الطاعات ، فهو رحمة مزجاة من الخالق العزيز لعباده تقرّبهم من منازل لطفه وكرمه ، وتتجاوز بهم عقبات الآخرة وأهوالها.
__________________________
(1) الفقيه 4 : 265.
(2) الكافي 2 : 344 / 2.
(3) الكافي 2 : 344 / 4.
(4) الكافي 2 : 350 / 10.
قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم :« إذا أحبّ الله عبدا نصب في قلبه نائحةً من الحزن ، فإنّ الله لا يدخل النار من بكىٰ من خشية الله حتىٰ يعود اللبن إلىٰ الضرع » (1) .
وقال الإمام أمير المؤمنينعليهالسلام :« بكاء العيون وخشية القلوب من رحمة الله تعالىٰ ذكره ، فإذا وجدتموها فاغتنموا الدعاء ، ولو أنّ عبداً بكىٰ في أُمة لرحم الله تعالىٰ ذكره تلك الاُمّة لبكاء ذلك العبد » (2) .
وإذا كان البكاء يفتح القلب علىٰ الله تعالىٰ ، فإنّ جمود العين يعبّر عن قساوة القلب التي تطرد العبد من رحمة الله ولطفه وتؤدي إلىٰ الشقاء.
وكان فيما أوصىٰ به رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم الإمام عليعليهالسلام :« يا علي ، أربع خصال من الشقاء : جمود العين ، وقساوة القلب ، وبُعد الأمل ، وحبّ البقاء » (3) .
واعلم أنّ البكاء إلىٰ الله سبحانه فرقاً من الذنوب وصفٌ محبوب لكنّه غير مجدٍ مع عدم الاقلاع عنها والنوبة منها.
قال سيد العابدين الإمام علي بن الحسينعليهالسلام :« وليس الخوف من بكىٰ وجرت دموعه ما لم يكن له ورع يحجره عن معاصي الله ، وإنّما ذلك خوف كاذب » (4) .
وإذا تهيأت للدعاء ولم تساعدك العينان علىٰ البكاء ، فاحمل نفسك علىٰ البكاء وتشبّه بالباكين ، متذكراً الذنوب العظام ومنازل مشهد اليوم
__________________________
(1) عدة الداعي : 168.
(2) بحار الأنوار 93 : 336.
(3) بحار الانوار 93 : 330 / 9.
(4) عدة الداعي : 176.
العظيم ، يوم تُبلىٰ السرائر ، وتظهر فيه الضمائر ، وتنكشف فيه العورات ، عندها يحصل لك باعث الخشية وداعية البكاء الحقيقي والرقة وإخلاص القلب.
وقد ورد في الحديث ما يدلُّ علىٰ استحباب التباكي ولو بتذكّر من مات من الأولاد والأقارب والأحبّة ، فعن إسحاق بن عمار ، قال : قلت لأبي عبداللهعليهالسلام : أدعو فاشتهي البكاء ولا يجيئني ، وربما ذكرت بعض من مات من أهلي فأرقّ وأبكي ، فهل يجوز ذلك ؟
فقالعليهالسلام :« نعم ، فتذكّرهم ، فإذا رققت فابكِ ، وادع ربك تبارك وتعالىٰ » (1) .
ومن آداب الدعاء أن لا يخصّ الداعي نفسه بالدعاء ، بل يذكر إخوانه المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ، وهو من أهم آداب الدعاء ، لأنّه يدلّ علىٰ التضامن ونشر المودة والمحبة بين المؤمنين ، وازالة أسباب الضغينة والاختلاف فيما بينهم ، وذلك من منازل الرحمة الالهية ، ومن أقوىٰ الأسباب في استجابة الدعاء ، فضلاً عن ثوابه الجزيل للداعي والمدعو له.
قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم :« إذا دعا أحدكم فليعمّ ، فإنّه أوجب للدعاء » (2) .
وقال الإمام الصادقعليهالسلام :« إذا قال الرجل : اللهمّ اغفر للمؤمنين
__________________________
(1) الكافي 2 : 350 / 7.
(2) الكافي 2 : 354 / 1.
والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم وجميع الأموات ؛ ردّ الله عليه بعدد ما مضىٰ ومن بقي من كل إنسان دعوة » (1) .
وقالعليهالسلام :« دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب يدرُّ الرزق ويدفع المكروه » (2) .
ومن آداب الدعاء إظهار التضرع والخشوع ، قال تعالىٰ :( وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً ) (3) ، وقد ذمّ الله تعالىٰ الذين لا يتضرعون إليه ، قال تعالىٰ :( وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ) (4) .
عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفرعليهالسلام عن قول الله عزَّ وجل :( فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ) فقالعليهالسلام :« الاستكانة هي الخضوع ، والتضرُّع هو رفع اليدين والتضرُّع بهما » (5) .
وعن الإمام الحسينعليهالسلام قال :« كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يرفع يديه إذ ابتهل ودعا كما يستطعم المسكين » (6) .
وروي أنّهصلىاللهعليهوآلهوسلم كان يتضرّع عند الدعاء حتىٰ يكاد يسقط رداؤه(7) .
__________________________
(1) بحار الأنوار 93 : 391 / 24.
(2) الكافي 2 : 368 / 2. وأمالي الصدوق : 369 / 1.
(3) سورة الأعراف : 7 / 205.
(4) سورة المؤمنين : 23 / 76.
(5) الكافي 2 : 348 / 2 ، 349 / 6.
(6) بحار الأنوار 93 : 339 / 9.
(7) بحار الأنوار 93 : 339 / 10.
والتضرُّع من أسباب استجابة الدعاء ، قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم :« إنّ الله يستحي من العبد أن يرفع إليه يديه فيردّهما خائبتين » (1) .
والعلّة في رفع اليدين هي إظهار الاستكانة والفاقة بين يديه تبارك وتعالى.
وقد سأل أبو قُرّة الإمام الرضاعليهالسلام : ما بالكم إذا دعوتم رفعتم أيديكم إلىٰ السماء ؟
فقال أبو الحسن الرضاعليهالسلام :« إنّ الله استعبد خلقه بضروب من العبادة... واستعبد خلقه عند الدعاء والطلب والتضرُّع ببسط الأيدي ورفعهما إلىٰ السماء لحال الاستكانة وعلامة العبودية والتذلل له » (2) .
ولليدين وظائف وهيئات في الدعاء تتغير حسب حال الداعي في الرغبة والرهبة والتضرُّع والتبتُّل والابتهال ، قال الإمام الصادقعليهالسلام :« الرغبة : تبسط يديك وتظهر باطنهما ، والرهبة : بسط يديك وتظهر ظهرهما ، والتضرُّع : تحرّك السبابة اليمنىٰ يميناً وشمالاً ، والتبتّل : تحرّك السبابة اليسرىٰ ترفعها في السماء رسلاً وتضعها ، والابتهال : تبسط يديك وذراعيك إلىٰ السماء ، والابتهال حين ترىٰ أسباب البكاء » (3) .
ويكره أن يرفع الداعي بصره إلىٰ السماء ، لما روي عن الإمام الصادقعليهالسلام عن آبائهعليهمالسلام ، قال :« مرّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم علىٰ رجل وهو رافع بصره
__________________________
(1) بحار الأنوار 93 : 365 / 11.
(2) الاحتجاج : 407.
(3) الكافي 2 : 348 / 4.
إلىٰ السماء يدعو ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : غضّ بصرك ، فانك لن تراه » (1) .
ويستحب أن يدعو الإنسان خُفية ليبتعد عن مظاهر الرياء التي تمحق الأعمال وتجعلها هباءً منثوراً ، قال تعالىٰ :( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ) (2) .
قال الإمام الرضاعليهالسلام :« دعوة العبد سراً دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية » .
وفي رواية اُخرىٰ :« دعوة تخفيها أفضل عند الله من سبعين دعوة تظهرها » (3) .
ومن آداب الدعاء أن لا يستعجل الداعي في الدعاء ، بل يدعو مترسّلاً ، ذلك لأنّ العجلة تنافي حالة الاقبال والتوجه إلىٰ الله تعالىٰ ، وما يلزم ذلك من التضرُّع والرقة ، كما أن العجلة قد تؤدي إلىٰ ارتباك في صورة الدعاء أو نسيان لبعض أجزائه.
قال الإمام الصادقعليهالسلام :« إنّ رجلاً دخل المسجد فصلىٰ ركعتين ، ثم سأل الله عزَّ وجلّ ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : عجّل العبد ربّه ، وجاء آخر فصلىٰ ركعتين ثم أثنىٰ علىٰ الله عزَّ وجل وصلىٰ علىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال رسول
__________________________
(1) بحار الأنوار 93 : 307 / 4.
(2) سورة الاعراف : 7 / 55.
(3) الكافي 2 : 345 ـ 346 / 1.
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : سل تعط » (1) .
وقالعليهالسلام :« إنّ العبد إذا عجّل فقام لحاجته ، يقول الله تبارك وتعالىٰ : أما يعلم عبدي أني أنا الله الذي أقضي الحوائج » (2) .
وقالعليهالسلام :« إنّ العبد إذا دعا لم يزل الله تبارك وتعالىٰ في حاجته مالم يستعجل » (3) .
وعلىٰ الداعي أن لا يقنط من رحمة الله ، ولا يستبطىء الاجابة فيترك الدعاء ، لأنّ ذلك من الآفات التي تمنع ترتّب أثر الدعاء ، وهو بذلك أشبه بالزارع الذي بذر بذراً فجعل يتعاهده ويرعاه ، فلمّا استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله.
عن أبي بصير ، عن الإمام الصادقعليهالسلام أنّه قال :« لا يزال المؤمن بخير ورجاء رحمة من الله عزَّ وجل ما لم يستعجل فيقنط ويترك الدعاء » .
قلتُ : كيف يستعجل ؟
قالعليهالسلام :يقول قد دعوت منذ كذا وكذا وما أرىٰ الاجابة » (4) .
وعليه يجب علىٰ الداعي أن يفوّض أمره إلىٰ الله ، واثقاً بربه ، راضياً بقضائه سبحانه ، وأن يحمل تأخر الاجابة علىٰ المصلحة والخيرة التي
__________________________
(1) الكافي 2 : 352 / 6.
(2) الكافي 2 : 344 / 2.
(3) الكافي 2 : 344 / 1.
(4) الكافي 2 : 355 / 8.
حباها إياه مولاه ، وأن يبسط يد الرجاء معاوداً الدعاء لما فيه من الأجر الكريم والثواب الجزيل.
جاء في وصية الإمام أمير المؤمنينعليهالسلام لابنه الإمام الحسنعليهالسلام :« فلا يقنطك إبطاء إجابته ، فإنّ العطية علىٰ قدر النية ، وربما أُخرت عنك الاجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السائل ، وأجزل لعطاء الآمل ، وربما سألت الشيء فلا تؤتاه وأُوتيت خيرا منه عاجلاً أو آجلاً ، أو صرف عنك لما هو خير لك ، فلرب أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته » (1) .
وعلىٰ الداعي أن يواظب علىٰ الدعاء والمسألة في حال الإجابة وعدمها ؛ لأنّ ترك الدعاء مع الاجابة من الجفاء الذي ذمّه تعالىٰ في محكم كتابه بقوله :( وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ ) (2) .
وقال أمير المؤمنينعليهالسلام لرجل يعظه :« لا تكن ممن... إنّ أصابه بلاء دعا مضطراً ، وإن ناله رخاء أعرض مغتراً » (3) .
أما في حال تأخر الاجابة فيجب معاودة الدعاء وملازمة المسألة ، لفضيلة الدعاء في كونه مخّ العبادة ، ولأنّه سلاح المؤمن الذي يقيه شر أعدائه من الشيطان وحب الدنيا وهوىٰ النفس والنفس الامارة ، ولربما كان تأخير الاجابة لمصالح لا يعلمها إلّا من يعلم السرّ وأخفىٰ ، فيكون
__________________________
(1) نهج البلاغة ، الكتاب (31).
(2) سورة الزمر : 39 / 8.
(3) نهج البلاغة ، الحكمة (150).
الدعاء خيراً للعبد في الآجلة ، أو يدفع عنه بلاءً مقدراً لا يعلمه في العاجلة ، ولعلّ تأخير الاجابة لمنزلته عند الله سبحانه ، فهو يحب سماع صوته والاكثار من دعائه ، فعليه أن لا يترك ما يحبه الله سبحانه.
روي عن الإمام الباقرعليهالسلام أنّه قال :« إنّ المؤمن يسأل الله عزَّ وجلّ حاجة فيؤخر عنه تعجيل اجابته حبّا لصوته واستماع نحيبه » (1) .
وعليه يجب الالحاح بالدعاء في جميع الأحوال ، ولما في ذلك من الرحمة والمغفرة واستجابة الدعوات.
قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم :« رحم الله عبداً طلب من الله عزَّ وجلَّ حاجةً فألحّ في الدعاء ، استجيب له أو لم يستجب » (2) .
وعن الإمام أبي جعفر الباقرعليهالسلام أنّه قال :« والله لا يلحُّ عبد مؤمن علىٰ الله عزَّ وجلّ في حاجته إلّا قضاها له » (3) .
وعن الإمام الصادقعليهالسلام :« إنّ عزَّ وجلّ كره إلحاح الناس بعضهم علىٰ بعض في المسألة ، وأحبّ ذلك لنفسه ، إنّ الله عزَّ وجل يحبّ أن يُسأل ويُطلب ما عنده » (4) .
ومن آداب الدعاء أن يدعو العبد في الرخاء علىٰ نحو دعائه في
__________________________
(1) الكافي 2 : 354 / 1. وقرب الاسناد : 171.
(2) الكافي 2 : 345 / 6.
(3) الكافي 2 : 345 / 3.
(4) الكافي 2 : 345 / 4.
الشدة ، لما في ذلك من الثقة بالله والانقطاع إليه ، ولفضله في دفع البلاء واستجابة الدعاء عند الشدة.
قال الإمام الصادقعليهالسلام :« من سرّه أن يستجاب له في الشدة ، فليكثر الدعاء في الرخاء » (1) .
وكان من دعاء الإمام السجادعليهالسلام :« ولا تجعلني ممّن يبطره الرخاء ، ويصرعه البلاء ، فلا يدعوك إلّا عند حلول نازلة ، ولا يذكرك إلّا عند وقوع جائحة ، فيضرع لك خدّه ، وترفع بالمسألة إليك يده » (2) .
ويستحب في الدعاء لبس خاتم من عقيق أو من فيروزج ، لقول الإمام الصادقعليهالسلام :« ما رفعت كفّ إلىٰ الله عزَّ وجل أحبُّ إليه من كفّ فيها عقيق » (3) .
ولقولهعليهالسلام :« قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : قال الله عزَّ وجلّ : إنّي لأستحي من عبد يرفع يده وفيها خاتم فيروزج فأردّها خائبة » (4) .
وهناك جملة آداب متأخرة عن الدعاء ، أكدت عليها النصوص الإسلامية ، وفيما يلي أهمها :
__________________________
(1) الكافي 2 : 343 / 4.
(2) بحار الأنوار 94 : 130.
(3) عدة الداعي : 129.
(4) بحار الأنوار 93 : 321.
أ ـ أن يقول الداعي ما شاء الله لا قوة إلّا بالله :
يستحب أن يقال بعد الدعاء : ( ما شاء الله ، لا قوة إلّا بالله ) وفي هذه الكلمة فضل عظيم لما تنطوي عليه من إقرار العبد بالمشيئة المطلقة وانقطاعه عن جميع الأسباب وتعلّقه بحول الله وقوته.
قال الإمام الصادقعليهالسلام :« إذا دعا الرجل فقال بعدما دعا : ما شاء الله ، لا حول ولا قوة إلّا بالله ، قال الله عزَّ وجل : استبسل عبدي واستسلم لأمري ، اقضوا حاجته » (1) .
وعنهعليهالسلام :« ما من رجل دعا فختم دعاءه بقول : ما شاء الله لا قوة إلّا بالله ، إلّا أُجيب صاحبه » (2) .
ب ـ الصلاة علىٰ النبي وآله :
قال الإمام الصادقعليهالسلام :« من كانت له إلىٰ الله عزَّ وجل حاجة فليبدأ بالصلاة علىٰ محمد وآله ، ثمّ يسأل حاجته ، ثمّ يختم بالصلاة علىٰ محمد وآل محمد ، فإنّ الله عزَّ وجل أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط » (3) .
جـ ـ مسح الوجه والرأس باليدين :
ومن الآداب المتأخرة عن الدعاء أن يمسح الداعي وجهه ورأسه بيديه.
قال الإمام الصادقعليهالسلام :« ما أبرز عبد يده إلىٰ الله العزيز الجبار إلّا
__________________________
(1) الكافي 2 : 378 / 1.
(2) أمالي الصدوق : 166 / 6.
(3) الكافي 2 : 358 / 16.
استحيا الله عزَّ وجل أن يردّها صفراً حتىٰ يجعل فيها من فضل رحمته ما يشاء ، فإذا دعا أحدكم فلا يردّ يده حتىٰ يمسح علىٰ وجهه ورأسه » (1) .
وفي دعائهمعليهمالسلام :« ولم ترجع يد طالبة صفرا من عطائك ، ولا خائبة من نحل هباتك » (2) .
د ـ ويستحب أن يقول الداعي في حال استجابة دعائه : الحمدُ الذي بعزته تتمّ الصالحات(3) ، وأن يصلي صلاة الشكر(4) ، وإذا أبطأت عليه الإجابة فليقل : الحمدُ لله علىٰ كلِّ حال ، وأن لا يسأم من الدعاء(5) .
__________________________
(1) الكافي 2 : 342 / 2. والفقيه 1 : 213 / 953.
(2) عدة الداعي : 210.
(3) بحار الأنوار 93 : 370 / 9.
(4) بحار الأنوار 95 : 451 ، وفيه تفصيل لصلاة الشكر وما يقال فيها من ثناء ودعاء.
(5) بحار الأنوار 93 : 370 / 9.
الفصل الثالث
استجابة الدعاء
ليس ثمة لذة أعظم من لذة المؤمن وسعادته حينما يرىٰ آثار عمله وإيمانه المترتّبة في استجابة دعائه ، ذلك لأنّه يحسّ بأنّه موضع لطف بارئه تعالىٰ وعنايته ، وأنّه في ارتباط مباشر مع خالقه ، تلك سعادة ليس فوقها سعادة :« وأنلني حسن النظر في ما شكوت ، وأذقني حلاوة الصنع في ما سألت » (1) .
ولكي نعيش لحظات تلك البهجة ونذوق حلاوة السرور ، علينا أن نتعرف علىٰ العوامل المؤثرة في استجابة الدعاء ، فقد يظنّ البعض أنّ السر في استجابة الدعاء يكمن في لفظ الدعاء مجرداً عن باقي العوامل الاُخرىٰ ، فكثيراً ما نجد بعض الناس يتناقلن قطعاً من الدعاء المأثور التي هي مظنّة الاجابة أو نصّ علىٰ أنها تحتوي علىٰ اسم الله الأعظم ، لكنهم يدعون بها فلا يستجاب لهم ، ذلك لأنّهم يأخذون لفظ الدعاء مجرداً عن الشروط والآداب التي يجب أن تقارن الداعي فيستجاب دعاؤه.
الدعاء سلاح المؤمن وجنّته الواقية وسهام الليل التي يسدّدها كيفما
__________________________
(1) بحار الأنوار 95 : 230 / 27 من دعاء الإمام أبي الحسن الهاديعليهالسلام .
يشاء ، والسلاح بضاربه لا بحدّه وحسب ، فإذا كان الفارس قوياً شجاعاً ويمتلك الجرأة والاقدام وكان سلاحه تاماً لا عيب فيه ، استطاع النكاية في العدو ، وإلّا فقد تخلّف الأثر ، وكذلك يحصل الأثر من الدعاء ، فإذا راعي الداعي الآداب والشروط التي نصّت عليها الآيات القرآنية والسُنّة المباركة ، والتزم بالعوامل المؤثرة في استجابة الدعاء ، وانقطع إلىٰ ربّه تعالىٰ متخلياً عن جميع الأسباب الاُخرىٰ ، غير معوّل في تحصيل المطلوب علىٰ غير الله تعالىٰ ، ثم دعا الله تعالىٰ بلسانٍ يقرأ ما في صحيفة القلب ، فإنّ دعاءه مستجاب بإذن الله.
فيما يلي نذكر أهم العوامل ذات الصلة في تحصيل أثر الدعاء :
وقد ذكرناها في الفصل الثاني ، ونذكر هنا حديثا مهما عن الإمام الصادقعليهالسلام يفيد التذكير بها.
عن عثمان بن عيسىٰ ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله الصادقعليهالسلام قال : قلت له : آيتان في كتاب الله لا أدري ما تأويلهما ؟
فقال : «وما هما ؟ قال: قلت: قوله تعالىٰ :( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (1) ثم أدعو فلا أرىٰ الاجابة !
قال : فقال لي :أفترىٰ الله تعالىٰ أخلف وعده ؟ قال : قلت : لا.
__________________________
(1) سورة غافر : 40 / 60.
قال :فمه ؟ قلت : لا أدري...
فقال :لكني أُخبرك إن شاء الله تعالىٰ ، أما إنّكم لو أطعتموه فيما أمركم به ثمّ دعوتموه لأجابكم ، ولكن تخالفونه وتعصونه فلا يجيبكم ، ولو دعوتموه من جهة الدعاء لأجابكم.
قال : قلت : وما جهة الدعاء ؟
قال :إذا أديت الفريضة مجّدت الله وعظّمته وتمدحه بكلّ ما تقدر عليه ، وتصلّي علىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتجتهد في الصلاة عليه وتشهد له بتبليغ الرسالة ، وتصلّي علىٰ أئمة الهدىٰ عليهمالسلام ، ثمّ تذكر بعد التحميد لله والثناء عليه والصلاة علىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ما أبلاك وأولاك ، وتذكر نعمه عندك وعليك ، وما صنع بك فتحمده وتشكره علىٰ ذلك ، ثم تعترف بذنوبك ذنب ذنب وتقرّ بها أو بما ذكرت منها ، وتجمل ما خفي عليك منها ، فتتوب إلىٰ الله من جميع معاصيك وأنت تنوي ألّا تعود ، وتستغفر الله منها بندامة وصدق نية وخوف ورجاء ، ويكون من قولك : « اللهمّ إني أعتذر إليك من ذنوبي ، واستغفرك وأتوب إليك ، فأعنّي علىٰ طاعتك ، ووفقني لما أوجبت عليَّ من كلِّ ما يرضيك ، فانّي لم أرَ أحداً بلغ شيئاً من طاعتك إلّا بنعمتك عليه قبل طاعتك ، فأنعم عليَّ بنعمة أنال بها رضوانك والجنة » ثمّ تسأل بعد ذلك حاجتك ، فإنّي أرجو أن لا يخيّبك إن شاء الله تعالىٰ... (1) .
ومن الشروط المهمة التي يجب أن يراعيها الداعي ، هو إزالة الحجب
__________________________
(1) بحار الانوار 93 : 320.
والموانع التي تحول دون صعود الدعاء ، كاقتراف المعاصي وأكل الحرام والظلم وعقوق الوالدين وغيرها من الذنوب التي تحبس الدعاء ، ولا يتهيأ للداعي معها الاقبال علىٰ ربِّه ، والاقبال هو الشرط الأساس في استجابة الدعاء ، يقول أمير المؤمنينعليهالسلام :« خير الدعاء ما صدر عن صدر نقيّ وقلب تقيّ » (1) .
وفيما يلي أهم الموانع التي تحبس الدعاء :
أ ـ اقتراف الذنوب والمعاصي :
قال الإمام أبو جعفرعليهالسلام :« إنّ العبد يسأل الله الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها إلىٰ أجل قريب ، أو إلىٰ وقت بطيء ، فيذنب العبد ذنبا فيقول الله تبارك تعالىٰ للمك : لا تقض حاجته واحرمه إياها ، فإنّه تعرّض لسخطي ، واستوجب الحرمان مني » (2) .
ومن دعاء أمير المؤمنينعليهالسلام :« اللهمّ إنّي أعوذ بك من ذنبٍ يحبط العمل ، وأعوذ بك من ذنبٍ يعجّل النقم ، وأعوذ بك من ذنبٍ يمنع الدعاء » (3) .
وعن الإمام زين العابدينعليهالسلام :« والذنوب التي ترد الدعاء : سوء النية ، وخبث السريرة ، والنفاق ، وترك التصدق بالاجابة ، وتأخير الصلوات المفروضات حتىٰ تذهب أوقاتها ، وترك التقرّب إلىٰ الله عزَّ وجل بالبرّ __________________________
(1) الكافي 2 : 340 / 2.
(2) الكافي 2 : 208 / 14.
(3) بحار الأنوار 94 : 93 / 9.
والصدقة ، واستعمال البذاء والفحش في القول » (1) .
ب ـ أكل الحرام :
ورد في الحديث القدسي :« فمنك الدعاء وعليَّ الإجابة ، فلا تُحجب عنّي دعوة إلّا دعوة آكل الحرام » (2) .
وروي أنّه قال رجل لرسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : يا رسول الله أحبُّ أن يستجاب دعائي ، فقالصلىاللهعليهوآلهوسلم :« طهّر مأكلك ، ولا تدخل بطنك الحرام » (3) .
وعن الإمام أبي عبداللهعليهالسلام :« من سرّه أن تستجاب له دعوته ، فليطب مكسبه » (4) .
جـ ـ عقوق الوالدين وقطيعة الرحم :
قال الإمام زين العابدينعليهالسلام :« والذنوب التي تردُّ الدعاء وتظلم الهواء عقوق الوالدين » (5) .
وعن الإمام أبي الحسن الرضاعليهالسلام ، قال:« لاتملّ من الدعاء ، فإنّه من الله عزَّ وجلَّ بمكان، وعليك بالصبر وطلب الحلال وصلة الرحم » (6) .
__________________________
(1) معاني الأخبار : 271.
(2) بحار الأنوار 93 : 373.
(3) عدة الداعي : 139.
(4) الكافي 2 : 353 / 9.
(5) معاني الأخبار : 270.
(6) الكافي 2 : 354 / 1. وقرب الاسناد : 171.
لا بدّ للداعي أن يراعي اختيار الأوقات التي هي مظنّة الاجابة ، فمن تأمل النصوص الإسلامية يلاحظ أنّ الأوقات ليست كلّها سواء ، فمنها ما تفتح فيها أبواب السماء ولا يحجب فيها الدعاء ومنها ما تستنزل فيها الرحمة أكثر من غيرها ، وفيما يلي أهم الأوقات التي ترجىٰ فيها الاجابة :
أ ـ جوف الليل :
جعل الله تعالىٰ لساعات النصف الثاني من الليل من البركة والرحمة ما لم يجعله في الساعات الاُخرىٰ من الليل والنهار ، ففي هذا الوقت يستولي النوم علىٰ غالب الناس ، فيتمكن أولياء الله تعالىٰ من الاقبال عليه بالدعاء والذكر والانقطاع إليه بعيداً عن زحمة الحياة ومشاغلها ، فهذا الوقت إذن هو وقت الخلوة وفراغ القلب للعبادة والدعاء ، وهو يشتمل علىٰ مجاهدة النفس ومهاجرة الرقاد ومباعدة وثير المهاد والانقطاع إلىٰ الواحد الأحد.
عن نوف البكالي ـ في حديث ـ قال : رأيت أمير المؤمنينعليهالسلام ذات ليلة وقد خرج من فراشه وقال لي :« يا نوف ، إنّ داود عليهالسلام قام في مثل هذه الساعة من الليل فقال: إنّها ساعة لا يدعو فيها عبدٌ إلّا استُجيب له » (1) .
وعن الإمام الصادقعليهالسلام ، قال :« كان فيما ناجىٰ به موسىٰ بن عمران عليهالسلام أن قال له : يا بن عمران ، كذب من زعم أنّه يحبّني فإذا جنّه الليل نام عني ، أليس كلّ محبّ يحبّ خلوة حبيبه ؟ ها أنا يا بن عمران مطّلع علىٰ أحبّائي
__________________________
(1) نهج البلاغة ، الحكمة (104).
إذا جنّهم الليل حوّلت أبصارهم في قلوبهم ، ومثلت عقوبتي بين أعينهم ، يخاطبوني عن المشاهدة ، ويكلموني عن الحضور.
يا بن عمران ، هب لي من قلبك الخشوع ، ومن بدنك الخضوع ، ومن عينيك الدموع ، وادعني في ظلم الليل ، فإنّك تجدني قريبا مجيباً »(1) .
وعن عبدة السابوري ، قال : قلت لأبي عبداللهعليهالسلام : إنّ الناس يروون عن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال :« إنّ في الليل لساعة لا يدعو فيها عبد مؤمن بدعوة إلّا استجيب له ؟ قال :نعم .
قلتُ : متىٰ هي ؟ قال :ما بين نصف الليل إلىٰ الثلث الباقي .
قلتُ : ليلة من الليالي أو كلّ ليلة ؟ فقال :كل ليلة (2) .
وعن الإمام الصادقعليهالسلام أنّه قال :« من قام من آخر الليل فتطهّر وصلّىٰ ركعتين وحمد الله وأثنىٰ عليه ، وصلّىٰ علىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لم يسأل الله شيئاً إلّا أعطاه ، إمّا أن يعطيه الذي يسأله بعينه ، وإمّا أن يدّخر له ما هو خير له منه » (3) .
ب ـ زوال الشمس :
عن الإمام الصادقعليهالسلام أنّه قال :« كان أبي إذا طلب الحاجة طلبها عند زوال الشمس ، فإذا أراد ذلك قدّم شيئاً فتصدق به ، وشمّ شيئاً من طيب ،
__________________________
(1) أمالي الصدوق : 292 / 1.
(2) التهذيب 2 : 118 / 444. وأمالي الطوسي 1 : 148.
(3) الكافي 3 : 468 / 5.
وراح إلىٰ المسجد ، ودعا في حاجته بما شاء الله » (1) .
وعنهعليهالسلام قال :« إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء ، وأبواب الجنان ، وقضيت الحوائج العظام ، فقيل لهعليهالسلام : من أي وقت ؟ قالعليهالسلام :مقدار ما يصلي الرجل أربع ركعات مترسّلاً » (2) .
جـ ـ الوتر والسحر وما بين طلوع الفجر إلىٰ طلوع الشمس :
روي عن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال :« خير وقت دعوتم الله عزَّ وجلّ فيه الأسحار ، وتلا هذه الآية في قول يعقوب عليهالسلام : ( سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ) (3) ، قال : أخّرهم إلىٰ السحر » (4) .
وقال الإمام أمير المؤمنينعليهالسلام :« أجيبوا داعي الله ، واطلبوا الرزق فيما بين طلوع الفجر إلىٰ طلوع الشمس ، فإنّه أسرع في طلب الرزق من الضرب في الأرض ، وهي الساعة التي يقسّم فيها الرزق بين عباده... توكّلوا علىٰ الله عند ركعتي الفجر إذا صليتموها ، ففيها تُعطوا الرغائب » (5) .
وقال الإمام أبو جعفرعليهالسلام :« إنّ الله عزَّ وجل يحبُّ من عباده المؤمنين كلّ دعاءٍ ، فعليكم بالدعاء في السحر إلىٰ طلوع الشمس ، فإنّها ساعة تفتح فيها أبواب السماء ، وتقسم فيها الأرزاق ، وتقضىٰ فيها الحوائج العظام » (6) .
__________________________
(1) الكافي 2 : 347 / 7.
(2) عدة الداعي : 54.
(3) سورة يوسف : 12 / 98.
(4) الكافي 2 : 346 / 6.
(5) الخصال : 615.
(6) الكافي 6 : 347 / 9.
٣١ - بكر بن أحمد
بكر بن أحمد بن ابراهيم بن زياد بن موسى بن مالك بن يزيد العصري، وقيل القصري، أبو محمّد.
من ضعفاء المحدثين، وكان يعتمد المجاهيل ويروي الغرائب، وله كتب.
روى عنه علي بن محمّد بن جعفر بن رويدة العسكري الحداد.
من كتبه « الصلاة »، و « الزكاة »، و « الطهارة »، و « المناقب ».
المراجع:
رجال الحلي ص ٢٠٨ (قسم الضعفاء) وفيه: روى عن أبي جعفر الثانيعليهالسلام . فهرست الطوسي ص ٣٩. معجم رجال الحديث ج ٣ ص ٣٤١. نقد الرجال ص ٥٨. جامع الرواة ج ١ ص ١٢٦. مجمع الرجال ج ١ ص ٢٧٢. رجال ابن داود (قسم الضعفاء) ص ٢٣٤. العندبيل ج ١ ص ٧٥. أعيان الشيعة ج ٣ ص ٥٨٩. رجال النجاشي ص ٧٩ وفيه: روى عن أبي جعفر الثانيعليهالسلام . الجامع في الرجال ج ١ ص ٣٢٠. معالم العلماء ص ٢٨. الوجيزة ص ٦. منتهى المقال ص ٦٦. بهجة الآمال ج ٢ ص ٤٠٧. لسان الميزان ج ٢ ص ٤٦. الذريعة ج ١٢ ص ٤١، وج ١٥ ص ٥٥ وص ١٨٤، وج ٢٢ ص ٣١٤. تنقيح المقال ج ١ ص ١٧٧. طرائف المقال ج ١ ص ٢٨٦. منهج المقال ص ٧١. نضد الايضاح ص ٦٨. اتقان المقال ص ٢٦٥.
٣٢ - بكر الرازي
بكر بن صالح الرازي، الضبي بالولاء.
محدث امامي، عرف بضعف الحديث وكثرة التفرد بالغرائب، وله مؤلفات.
روى عن الأئمة الكاظم والرضا والجوادعليهمالسلام .
جاء اسمه في ٨٩ موردا في أسناد الروايات.
روى عنه اكثر من ١٠ من الرواة أمثال: علي بن مهزيار، وابراهيم بن هاشم القمي، وسهل بن زياد وغيرهم.
من كتبه « درجات الايمان »، و « الجهاد »، و « وجوه الكفر »، و « النوادر »، و « الاستغفار ».
كان على قيد الحياة قبل سنة ٢٢٠ ه.
المراجع:
التهذيب ج ١ ص ٩٢، وج ٥ ص ٣١١ وفيه مكاتبته مع الامام الجوادعليهالسلام ، وص ٤١٢، وج ٦ ص ٢٩١ وص ٢٩٢، وج ٧ ص ٤٣٧ وص ٤٣٨، وج ٩ ص ١٨ وص ٤٩ وص ١٠٠ وص ١٠٥. هداية المحدثين ص ٢٦. الذريعة ج ٢٤ ص ٣٢٤. معالم العلماء ص ٢٨. لسان الميزان ج ٢ ص ٥٤. العندبيل ج ١ ص ٧٧. رجال النجاشي ص ٧٩. مجمع الرجال ج ١ ص ٢٧٤ وص ٢٧٥. روضة الكافي ص ٧٩ وص ١٦٧ وص ١٩١ وص ١٩٤ وص ٣١٤ وص ٣٨٢. منهج المقال ص ٧١. الجامع في الرجال ج ١ ص ٣٢٣. الاستبصار ج ١ ص ٦٢، وج ٢ ص ١٨٥ وص ٣٢١، وج ٤ ص ٧٨ وص ٢١٩ وص ٢٢١. الوجيزة ص ٢٨.
روضة المتقين ج ١٤ ص ٦٧. من لا يحضره الفقيه ج ٢ ص ١٨١ وص ١٨٦ وص ١٨٧ وص ٢٢٦. اتقان المقال ص ٢٦٥. رجال ابن داود (قسم الثقات) ص ٥٧ وص ٢٣٤ (قسم الضعفاء) وص ٢٩٧. الاختصاص ص ٢١٠ وص ٢٤٨. توضيح الاشتباه ص ٨٠. رجال الكشي ص ١٣٣ وص ١٦٧ وص ٣٢٠ وص ٤٣٦ وص ٤٣٧ وص ٤٥٦ وص ٥٦٨. المحاسن ج ١ ص ٦٠. فهرست الطوسي ص ٣٩. أعيان الشيعة ج ٣ ص ٥٩٣. الخصال ص ١٤ وص ٤٩ وص ٨٨ وص ١١٠ وص ١٧٨ وص ٢٧٢ وص ٣٩٢. بهجة الآمال ج ٢ ص ٤٠٩. رجال الحلي (قسم الضعفاء) ص ٢٠٧. التوحيد ص ٩٩ وص ١٠٧ وص ١١٣ وص ١٤٦ وص ١٧١ وص ١٩٢. نقد الرجال ص ٥٩. جامع المقال ص ٥٧. معجم رجال الحديث ج ٣ ص ٣٤٥ وص ٣٤٦ - ص ٣٤٩. تنقيح المقال ج ١ ص ١٧٨. رجال البرقي في أصحاب الرضاعليهالسلام ص ٥٥. جامع الرواة ج ١ ص ١٢٧. كامل الزيارات ص ٢٢. رجال الطوسي في أصحاب الرضاعليهالسلام ص ٣٧٠ وص ٤٥٧. منتهى المقال ص ٦٧. طرائف المقال ج ١ ص ٢٨٦. الكافي ج ١ ص ٧٨ وص ٨٢ وص ١١١، وج ٢ ص ٤٦، وج ٤ ص ١٨ وص ٣٥٢، وج ٥ ص ٣١١، وج ٦ ص ٣ وص ٥٤٨.
٣٣ - بندار
بندار مولى ادريس.
محدث لم أقف على تفاصيل أحواله سوى انه روى عن الامام الجوادعليهالسلام بالمكاتبة.
روى عنه علي بن مهزيار.
المراجع:
رجال البرقي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٥٧. التهذيب ج ٤ ص ٢٣٥ وفيه روايته عن الامام الجوادعليهالسلام مكاتبة. الجامع في الرجال ج ١ ص ٣٣١.
معجم رجال الحديث ج ٣ ص ٣٧٢.
حرف التاء
٣٤ - أبو ثمامة
أبو تمامة، وقيل أبو ثمامة.
محدث، روى عنه عبد الكريم الهمداني، وابراهيم بن هاشم القمي.
المراجع:
التهذيب ج ٦ ص ٤٥٠ وفيه يروي عن الامام الجوادعليهالسلام . منتهى المقال ص ٣٤٠. روضة المتقين ج ١٤ ص ٣١٢. الكافي ج ٥ ص ٩٤، وج ٦ ص ٤٥٠. تنقيح المقال ج ٣ (فصل الكنى) ص ٧. من لا يحضره الفقيه ج ٣ ص ١١١ وفيه روايته عن الامام الجوادعليهالسلام . جامع الرواة ج ٢ ص ٣٧١. الكنى والألقاب ج ١ ص ٣١. معجم رجال الحديث ج ٢١ ص ٧٤. مجمع الرجال ج ٧ ص ١٤. طرائف المقال ج ١ ص ٣٧٥.
حرف الجيم
٣٥ - البصري
أبو جعفر البصري.
محدث امامي ثقة، عرف بالفضل والصلاح.
روى عن الامامين الرضا والجوادعليهماالسلام .
روى عنه الفضل بن شاذان.
المراجع:
رجال الطوسي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٤٠٩. منتهى المقال ص ٣٤١. روضة المتقين ج ١٤ ص ٤٨٠. رجال الحلي (قسم الثقات) ص ١٩٠.
هداية المحدثين ص ٢٧٥. التحرير الطاوسي ص ٣٣٧. معجم رجال الحديث ج ٢١ ص ٩٢. رجال الكشي ص ٤٨٨ وص ٥٥٨. جامع الرواة ج ٢ ص ٣٧٢.
منهج المقال ص ٣٨٤. وسائل الشيعة ج ٢٠ ص ٣٧٢. تنقيح المقال ج ٣ (قسم الكنى) ص ٨. معجم الثقات ص ١٣٧. رجال ابن داود (قسم الثقات) ص ٢١٥ وفيه: من أصحاب الجوادعليهالسلام . مجمع الرجال ج ٧ ص ١٦. بهجة الآمال ج ٧ ص ٣٩٦. طرائف المقال ج ١ ص ٣٧٦. اتقان المقال ص ١٥٢.
٣٦ - الجوهري
جعفر الجوهري.
محدث لم اوفق الى معرفة تفاصيل أحواله سوى انه من أصحاب الامام الجوادعليهالسلام .
روى عنه منصور بن العباس.
المراجع:
رجال الطوسي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٣٩٩. مجمع الرجال ج ٢ ص ٢٥. جامع الرواة ج ١ ص ١٥١. العندبيل ج ١ ص ٩٧ وفيه: مهمل. الجامع في الرجال ج ١ ص ٣٧٣. التهذيب ج ٦ ص ٨٢. معجم رجال الحديث ج ٤ ص ١٣٩. طرائف المقال ج ١ ص ٢٨٧. منهج المقال ص ٨٢.
٣٧ - اليعقوبي
جعفر بن داود اليعقوبي.
أحواله مجهولة سوى انه من أصحاب الامام الجوادعليهالسلام .
المراجع:
رجال الطوسي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٣٩٩. لسان الميزان ج ٢ ص ١١٥ وفيه: روى عن محمّد بن علي الجوادعليهالسلام . الجامع في الرجال ج ١ ص ٣٧٧ وفيه: اظنه صالحا. معجم رجال الحديث ج ٤ ص ٦٧. جامع الرواة ج ١ ص ١٥٢. نقد الرجال ص ٦٩. العندبيل ج ١ ص ٩٨ وفيه: مهمل. أعيان الشيعة ج ٤ ص ١٠٧. منتهى المقال ص ٧٤. تنقيح المقال ج ١ ص ٢١٦. مجمع الرجال ج ٢ ص ٢٧. منهج المقال ص ٨٢. طرائف المقال ج ١ ص ٢٨٧.
٣٨ - الصوفي
جعفر بن محمّد الصوفي.
محدث، روى عنه أبو عبد الله البرقي.
المراجع:
بصائر الدرجات ص ٢٢٥ وفيه يحدث عن الامام الجوادعليهالسلام . الجامع في الرجال ج ١ ص ٤٠١. الاختصاص ص ٢٦٣. معاني الأخبار ص ٥٣ وفيه يحدث عن الامام الجوادعليهالسلام . علل الشرائع ص ١٢٤ وفيه روايته عن الامام الجوادعليهالسلام .
٣٩ - الهاشمي
جعفر بن محمّد الهاشمي، الصيرفي.
محدث امامي، صحب الامام الجوادعليهالسلام .
روى عنه علي بن مهزيار، وبكر بن صالح.
المراجع:
رجال الطوسي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٣٩٩. الكافي ج ٢ ص ٤٦، وج ٣ ص ٣٠٩. العندبيل ج ١ ص ١٠٦ وفيه: مهمل. جامع الرواة ج ١ ص ١٦١. منتهى المقال ص ٧٤. معجم رجال الحديث ج ٤ ص ١٣٠. أعيان الشيعة ج ٤ ص ١٨٦. مجمع الرجال ج ٢ ص ٤٤. تنقيح المقال ج ١ ص ٢٢٧ وفيه: وظاهره كونه اماميا الا انه مجهول الحال. طرائف المقال ج ١ ص ٢٨٩. منهج المقال ص ٨٦.
٤٠ - الأحول
جعفر بن محمّد بن يونس الأحول، الصيرفي، البجلي بالولاء.
محدث امامي ثقة، له كتاب « النوادر ».
روى عن الامامين الجواد والهاديعليهماالسلام ، ويقال بانه صحب الامام الرضاعليهالسلام .
روى عنه أحمد بن محمّد بن عيسى، وأحمد بن محمّد بن خالد، ومحمّد بن الحسن بن علان وغيرهم.
المراجع:
رجال الطوسي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٣٩٩، وفي اصحاب الهاديعليهالسلام ص ٤١٢. نقد الرجال ص ٧٤. جامع الرواة ج ١ ص ١٦٢. هداية المحدثين ص ١٨٥. رجال الحلي (قسم الثقات) ص ٣١. لسان الميزان ج ٢ ص ١٢٣ وص ١٢٤. روضة المتقين ج ١٤ ص ٣٣٩. أعيان الشيعة ج ٤ ص ١٨٧. معالم العلماء ص ٣١. كشف الغمة ج ٣ ص ٨٩. العندبيل ج ١ ص ١٠٦. بهجة الآمال ج ٢ ص ٥٧٥. رجال ابن داود (قسم الثقات) ص ٦٥ وفيه من اصحاب الجوادعليهالسلام . فهرست الطوسي ص ٤٣. الاستبصار ج ١ ص ١١٧، وج ٢ ص ٣٢. رجال النجاشي ص ٨٧ وفيه: روى عن أبي جعفر الثانيعليهالسلام . الذريعة ج ٢٤ ص ٣٢٥. منتهى المقال ص ٨٠. الجامع في الرجال ج ١ ص ٤١١. من لا يحضره الفقيه ج ١ ص ١٦٧. معجم رجال الحديث ج ٤ ص ١٢٣. رجال البرقي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٥٦. معجم الثقات ص ٢٨. رجال الكشي ص ٤٦١. تنقيح المقال ج ١ ص ٢٢٧. وسائل الشيعة ج ٢٠ ص ١٥٦. التهذيب ج ١ ص ١٨١، وج ٤ ص ٤٤. مجمع الرجال ج ٢ ص ٤٤. طرائف المقال ج ١ ص ٢٨٩. رجال الأنصاري ص ٥٤. منهج المقال ص ٨٦. اتقان المقال ص ٣٤. الوجيزة ص ١٢. ثقات الرواة للشهرستاني ص ١٩.
٤١ - جعفر بن يحيى
جعفر بن يحيى بن سعد، وقيل سعيد الأحول.
امامي مجهول الحال سوى انه من أصحاب الامام الجوادعليهالسلام .
المراجع:
رجال الطوسي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٣٩٩. معجم رجال الحديث ج ٤ ص ١٣٨. تنقيح المقال ج ١ ص ٢٢٩. رجال النجاشي في ترجمة الحسين بن سعيد ص ٤٣. مجمع الرجال ج ٢ ص ٤٨. جامع الرواة ج ١ ص ١٦٤. رجال البرقي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٥٧. أعيان الشيعة ج ٤ ص ١٩٤. منتهى المقال ص ٧٤. الجامع في الرجال ج ١ ص ٤١٤. نقد الرجال ص ٧٥. طرائف المقال ج ١ ص ٢٨٩. منهج المقال ص ٨٧.
حرف الحاء
٤٢ - البغدادي
الحسن بن راشد بن علي البغدادي، مولى آل المهلب، أبو علي.
محدث امامي ثقة، وأحد الفقهاء الأعلام والرؤساء الأجلاء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام.
صحب الامامين الجواد والهاديعليهماالسلام ، وروى عنهما.
تردد اسمه في ٣٣ موردا في أسناد الروايات.
روى عنه جماعة أمثال: محمّد بن عيسى بن عبيد، وعلي بن الريان بن الصلت، وعلي بن مهزيار وغيرهم.
المراجع:
رجال الطوسي في أصحاب الرضاعليهالسلام ص ٣٧٢، وفي أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٤٠٠، وفي أصحاب الهاديعليهالسلام ص ٤١٣. معجم الثقات ص ٣٣. بهجة الآمال ج ٣ ص ٩٨. رجال الكشي ص ٤٩٢ وص ٥١٣ وص ٥٧٣ وص ٦٠٣. الجامع في الرجال ج ١ ص ٤٩٢. نقد الرجال ص ٨٩. رجال الحلي (قسم الثقات) ص ٣٩ وص ١٩٠. العندبيل ج ١ ص ١٤١. جامع الرواة ج ١ ص ١٩٧. معجم رجال الحديث ج ٤ ص ٣٢٤ - ص ٣٢٦، وج ٢١ ص ٢٤٨. عيون أخبار الرضاعليهالسلام ج ١ ص ٢٧٨، وج ٢ ص ٢٢١. الخصال ص ٣٤٧. أعيان الشيعة ج ٥ ص ٧٠. رجال البرقي في أصحاب الجوادعليهالسلام ص ٥٦. التحرير الطاوسي ص ٣٣٧. مجمع الرجال ج ٢ ص ١٠٧ وص ١٠٨. وسائل الشيعة ج ٢٠ ص ١٦٥. التهذيب ج ٦ ص ٣٣٢، وج ٩ ص ٢٣٤. تنقيح المقال ج ١ ص ٢٧٦. منتهى المقال ص ٩٢. توضيح الاشتباه ص ١١٦. رجال ابن داود
(قسم الثقات) ص ٧٣. كامل الزيارات ص ١٠. مشيخة الفقيه ص ٨٣. الكافي ج ٣ ص ٣١٥، وج ٥ ص ١٠٩ وج ٧ ص ٥٩. هداية المحدثين ص ١٨٨. طرائف المقال ج ١ ص ٢٩٢. رجال الأنصاري ص ٦٠. اتقان المقال ص ٤٠. الوجيزة ص ١٤. منهج المقال ص ٩٨. الغيبة للطوسي ص ٢١٢. ثقات الرواة للشهرستاني ص ٢٢.
٤٣ - الأهوازي
الحسن بن سعيد بن حماد بن سعيد بن مهران الكوفي، الأهوازي، أبو محمّد، من موالي الامام زين العابدينعليهالسلام .
محدث امامي ثقة، عالم فاضل، فقيه جليل القدر، كثير التأليف والتصنيف.
صحب الامامين الرضا والجوادعليهماالسلام ، وروى عنهما.
تردد اسمه في اكثر من ٧٠ موردا في اسناد الروايات.
روى عنه أخوه الحسين بن سعيد الأهوازي، وبكر بن صالح، وعلي بن مهزيار وغيرهم.
من تآليف الكثيرة والتي شارك في تأليفها مع أخيه الحسين بن سعيد والتي تربو على الثلاثين « الصلاة »، و « الزكاة »، و « الوضوء »، و « الصوم »، و « تفسير القرآن »، و « النكاح »، و « الحج »، و « الطلاق »، و « المكاتبة »، و « المكاسب »، و « المناقب »، و « الزيارات »، و « الديات »، و « الملاحم »، و « الفرائض »، وغيرها.
كان حيا قبل سنة ٢٢٠ ه.
والله لا أغيّر شيئاً من صدقة رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) عن حالها التي كان عليها في عهد رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، ولأعملنّ فيها بما عمل به رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) .
فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت ، وعاشت بعد النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) ستة أشهر ، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلاً ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلى عليها.
وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة ، فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس ، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن يبايع تلك الأشهر ، فأرسل إلى أبي بكر : أن إئتنا ولا يأتنا أحد معك ـ كراهية لمحضر عمر ـ فقال عمر : لا والله لا تدخل عليهم وحدك ، فقال أبو بكر : وما عسيتهم أن يفعلوا بي ، والله لآتينّهم.
فدخل عليهم أبو بكر ، فتشهد علي فقال : إنّا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله ، ولم ننفس عليك خيراً ساقه الله إليك ، ولكنك استبددت علينا بالأمر ، وكنّا نرى لقرابتنا من رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) نصيباً ، حتى فاضت عينا أبي بكر ، فلما تكلم أبو بكر قال : والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) أحبّ إليّ أن أصل من قرابتي ، وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال ، فلم آل فيها عن الخير ، ولم أترك أمراً رأيت رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) يصنعه فيها إلا صنعته.
فقال علي لأبي بكر : موعدك العشية للبيعة ، فلما صلّى أبو بكر الظهر رقى على المنبر فتشهد وذكر شأن علي وتخلّفه عن البيعة وعذَرَه بالذي اعتذر إليه ، ثم استغفر ، وتشهد علي فعظّم حق أبي بكر ، وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسةً على أبي بكر ، ولا إنكاراً للذي فضله الله به ، ولكنا نرى لنا في هذا الأمر نصيباً ، فاستبدّ علينا ، فوجدنا في أنفسنا ، فسُر بذلك المسلمون وقالوا : أصبت ، وكان المسلمون إلى علي قريباً حين راجع الأمر بالمعروف.
فهذا الخبر مر نحوه عن عبد الرزاق بسنده عن ابن شهاب ـ الزهري ـ عن
عروة عن عائشة ، وأشرنا تعقيباً عليه أنّ أحمد في مسنده ، والبخاري في صحيحه أوردا الخبر بصورة مهينة ومشينة ، وذكرنا أنّها رواية البخاري(1) في باب مناقب قرابة رسول اللهصلىاللهعليهوآله ، ولم نشر إلى ما ذكرناه هنا من روايته الثانية بسنده الآخر عن الزهري.
ومع أنها أوفى مما ذكره في باب مناقب قرابة رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، ففيها تفاوت وفجوات وتساؤلات ، والحديث كله عن الزهري عن عروة عن عائشة ، فلماذا الاختلاف والتفاوت ؟
النص الثالث : أخرج في كتاب الفرائض باب قول النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : لا نورّث ما تركنا صدقة(2) .
قال : حدّثنا عبد الله بن محمد ، حدّثنا هشام ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة أنّ فاطمة والعباسعليهماالسلام أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، وهما حينئذٍ يطلبان أرضيهما من فدك ، وسهمهما من خيبر ، فقال لهما أبو بكر : سمعت رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) يقول : لا نورّث ما تركنا صدقة ، إنّما يأكل آل محمد من هذا المال ، قال أبو بكر : والله لا أدع أمراً رأيت رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) يصنعه فيه إلا صنعته ، قال : فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت.
فهذا الخبر ترويه عائشة كسائر المروي عنها في هذا الباب ، ولا يتفق فيه خبران على صيغة واحدة ، واللافت للنظر في هذه الصورة قولها : ( وهما حينئذٍ يطلبان أرضيهما من فدك ، وسهمهما من خيبر ) وهو يدل على أنّه كانت لكل من فاطمة والعباس أرض مختصة بهما ، ولذا صحت الإضافة إليهما.
كما دلّ على أنّ لكل منهما سهم من خيبر منذ عهد النبيصلىاللهعليهوآله ، فأخذ ذلك أبو بكر واستولى عليه فجاءا يطلبان ذلك ، فذكر لهما ما رواه عن سماعه لرسول اللهصلىاللهعليهوآله يقول :
__________________
(1) المصدر نفسه 5 : 20 ، باب مناقب قرابة رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ).
(2) المصدر نفسه ، كتاب الفرائض 8 : 149.
لا نورّث ما تركنا صدقة ، ولم تذكر لنا عائشة عن فاطمة والعباس ردّهما على ذلك لا نفياً ولا إثباتاً ، واكتفى الراوي بقوله : فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت.
ولدى مراجعة شروح البخاري كالفتح للعسقلاني ، والإرشاد للقسطلاني ، والدراري للكرماني ، فلم نجد فيها ما يفسّر لنا المراد من قول عائشة : ( وهما حينئذٍ يطلبان أرضيهما من فدك ، وسهمهما من خيبر ) وكيف يصح أن يأخذ أبو بكر أرض القرابة المختصة بهم ، ومالهم من سهم في خيبر بحجة رواية : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) فإنّ ذلك ليس من الصدقات في شيء ، ولا من الميراث بل هو من مختصاتهم ، كسائر مختصات باقي الناس التي يملكونها.
ثم ما بال أبي بكر لم يخضع سهام باقي الصحابة في خيبر لحجته المزعومة : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) فيستولي عليها كما استولى على أرضي فاطمة والعباس وسهمهما من خيبر ؟ فإنّ ذكر مقاسم خيبر وأموالها بعد فتحها ذكرته كتب السيرة ، كسيرة ابن إسحاق ، وعنها سيرة ابن هشام وغيرهما ، وجاء فيها : ( وكانت عدة الذين قُسّمت عليهم خيبر من أصحاب رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ألف سهم وثمان مئة سهم ، رجالهم وخيلهم ، الرجال أربع عشرة مئة ، والخيل مِئتا فارس ، فكان لكل فرس سهمان ولفارس سهم ، وكان لكل راجل سهم ، فكان لكل منهم رأس جُمع إليه مئة رجل ، فكانت ثمانية عشر سهماً جُمع ).
قال ابن إسحاق : فكان علي بن أبي طالب رأساً ، والزبير بن العوام ، وطلحة بن عبيد الله ، وعمر بن الخطاب ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعاصم بن عدي أخو بني العجلان ، وأسيد بن حضير ، وسهم الحارث بن الخزرج ، وسهم ناعم ، وسهم بني بياضة ، وسهم بني عبيد ، وسهم بني حرام من بني سلمة ، وعبيد السهام ـ قال ابن هشام : إنّما قيل له عبيد السهام لما اشترى من السهام يوم خيبر ـ وسهم ساعدة ، ومنهم غفار وأسلم ، وسهم النجار ومنهم حارثة ، وسهم أوس.
واستمر ابن هشام نقلاً عن ابن إسحاق بتفصيل كيفية استخراج السهام يومئذٍ إلى أن قال : ( ثم قسّم رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) الكتيبة ـ وهي وادي خاص ـ بين قرابته وبين نسائه ، وبين رجال المسلمين ونساء أعطاهم منها ، فقسم رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) لفاطمة ابنته مئتي وسق ، ولعلي بن أبي طالب مئة وسق ، ولأسامة بن زيد مئتي وسق ، وخمسين وسقاً من نوى ، ولعائشة أم المؤمنين مئتي وسق ، ولأبي بكر بن أبي قحافة مئة وسق ، ولعقيل بن أبي طالب مئة وسق وأربعين وسقاً ، ولبني جعفر خمسين وسقاً ).
ثم ساق أسماء من أعطاهم رسول اللهصلىاللهعليهوآله رجالاً ونساءً إلى أن قال ابن هشام : قمح وشعير وتمر ونوى ، وغير ذلك ، قسمه على قدر حاجتهم ، وكانت الحاجة في بني عبد المطلب أكثر ، ولهذا أعطاهم أكثر(1) .
النص الرابع : أخرج في كتاب فرض الخمس(2) ، حديث مالك بن أوس بن الحدثان في خصومة علي والعباس في الفيء مرتين ، وبين الصورتين تفاوت في اللفظ والسند ، كما أنّ فيهما معاً نقص متعمّد ، كما سيأتي التصريح بذلك نقلاً عن ابن حجر في فتح الباري ، وإلى القارئ صورة الحديث كما في كتاب فرض الخمس ، وما بين القوسين من روايته الثانية ، قال البخاري :
حدّثنا إسحاق بن محمد الفروي ، حدّثنا مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن مالك بن أوس بن الحدثان ، وكان محمد بن جبير ذكر لي ذكراً من حديثه ذلك ، فانطلقت حتى أدخل على مالك بن أوس ، فسألته عن ذلك الحديث ، فقال مالك : بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار ، إذا رسول عمر بن الخطاب يأتيني فقال : أجب أمير المؤمنين ، فانطلقت معه حتى أدخل على عمر ، فإذا هو جالس على رحال سرير ليس بينه وبينه فراش ، متكئ على وسادة من أدم ، فسلّمت عليه ثم جلست ، فقال : يا مال انّه قدم علينا من قومك أهل أبيات ، وقد أمرت فيهم برضخ
__________________
(1) السيرة النبوية لابن هشام ق 2 : 350 ـ 352.
(2) صحيح البخاري 4 : 79 ، و 5 : 89.
فاقبضه فاقسمه بينهم ، فقلت : يا أمير المؤمنين لو أمرت به غيري ، قال : اقبضه أيها المرء.
فبينا أنا جالس عنده أتاه حاجبه يرفأ فقال : هل لك في عثمان ، وعبدالرحمن بن عوف ، والزبير ، وسعد بن أبي وقاص يستأذنون ؟ قال : نعم ، فأذن لهم فدخلوا فسلّموا وجلسوا ، ثم جلس يرفأ يسيراً ، ثم قال : هل لك في علي وعباس ؟ قال : نعم ، فأذن لهما فدخلا ، فسلما فجلسا ، فقال عباس : يا أمير المؤمنين إقض بيني وبين هذا ، وهما يختصمان فيما أفاء الله على رسوله من بني النضير.
فقال الرهط عثمان وأصحابه : يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر ، قال عمر : تيدكم ـ اتئدوا ـ أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أنّ رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) قال : لا نورّث ما تركنا صدقة ، يريد رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) نفسه ؟ قال الرهط : قد قال ذلك ، فأقبل عمر على علي وعباس فقال : أنشدكما الله أتعلمان أنّ رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) قد قال ذلك ؟ قالا : قد قال ذلك.
قال عمر : فإنّي أحدثكم عن هذا الأمر ، إنّ الله قد خص رسوله( صلّى الله عليه وسلّم ) في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحداً غيره ، ثم قرأ :( وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَٰكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (1) ، فكانت فيكم حتى بقي منها هذا المال ، فكان رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله ، فعمل رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) بذلك حياته ، أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك ؟ قالوا : نعم ، ثم قال لعلي وعباس : أنشدكما بالله هل تعلمان ذلك ؟(2) .
قال عمر : ثم توفى الله نبيه( صلّى الله عليه وسلّم ) ( وأنتما حينئذٍ فأقبل على علي وعباس وقال : تذكران أنّ أبا بكر فيه كما تقولان ، فقال أبو بكر : أنا ولي رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، فقبضها
__________________
(1) الحشر : 6.
(2) لم يذكر جواب علي وعباس على ذلك ، فهل اقرا له بصدق ما قاله أم ردّا عليه قوله ؟
أبو بكر فعمل فيها بما عمل رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، والله يعلم(1) إنّه فيها لصادق بارّ راشد تابع للحق ، ثم توفى الله أبا بكر فكنتُ أنا ولي أبي بكر ، فقبضتها سنتين من إمارتي أعمل فيها بما عمل رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) وما عمل فيها أبو بكر(2) ، والله يعلم إنّي فيها لصادق بارّ راشد تابع للحق ، ثم جئتماني تكلماني وكلمتكما واحدة وأمركما واحد ، جئتني يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك ، وجاءني هذا ـ يريد علياً ـ يريد نصيب امرأته من أبيها ، فقلت لكما إنّ رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) قال : لا نورّث ما تركنا صدقة ، فلما بدا لي أن أدفعه اليكما ، قلت : إن شئتما دفعتها اليكما على أنّ عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل فيها رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، وبما عمل فيها أبو بكر ، وبما عملت فيها منذ وليتها ، فقلتما ادفعها إلينا ، فبذلك دفعتها إليكما ، فأنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك ؟ قال الرهط : نعم ، ثم أقبل على علي وعباس فقال : أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك ؟ قالا : نعم ، قال : فتلتمسان منّي قضاء غير ذلك ، فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض ، لا أقضي فيها قضاء غير ذلك ، فإن عجزتما عنها فادفعاها إليّ فإنّي أكفيكماها.
أقول : هذا الخبر فيه أكثر من علامة استفهام ، تحاشى جلّ شرّاح صحيح البخاري عن التعرض للإجابة عليها ، إلاّ أن ابن حجر في فتح الباري فقد تعقب الخبر في باب فرض الخمس ، وأطال في تعقيبه باذلاً جهده في بيان اختلاف الرواة في ألفاظ الرواية ، ولا يخلو تعقيبه من فوائد منها :
__________________
(1) هنا أسقط جملة : ( وأنتما تزعمان أنّه فيها ظالم فاجر ) ، كما في المصنف لعبد الزراق 5 : 470 ، وعلّق المحقق في الهامش : انّ الحديث في البخاري , ولم يشر إلى تغييب الجملة المذكورة.
(2) وهنا أيضاً أسقطت جملة : ( وأنتما تزعمان أنّي فيها ظالم فاجر ) ، وهي كسابقتها مذكورة في الحديث كما رواه عبد الرزاق في المصنف ؛ ومرّ آنفاً ، ويأتي في حديث مسلم في صحيحه : ( فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً فاجراً ).
1 ـ قال : ( وليس لمالك بن أوس في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في البيوع ).
2 ـ وقال : ( تنبيه : ظنّ قوم أنّ الزهري تفرّد برواية هذا الحديث ، فقال أبو علي الكرابيسي : أنكره قوم وقالوا : هذا من مستنكر ما رواه ابن شهاب ، قال : فإن كانوا علموا أنّه ليس بفرد فهيهات ، وإن لم يعلموا فهو جهل ، فقد رواه عن مالك بن أوس ، وعكرمة بن خالد ، وأيوب بن خالد ، ومحمد بن عمر ، وابن عطاء وغيرهم ).
3 ـ قال : ( زاد شعيب ويونس : فاستب علي وعباس ، وفي رواية عقيل عن ابن شهاب في الفرائض : اقض بيني وبين هذا الظالم ، استبا ، وفي رواية جويرية : وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن ، ولم أر في شيء من الطرق أنّه صدر من علي في حق العباس شيء بخلاف ما يفهم واستصوب المازري صنيع من حذف هذه الألفاظ من هذا الحديث ).
4 ـ قال : ( زاد في رواية عقيل : وانتما حينئذٍ ـ وأقبل على علي وعباس ـ تزعمان أنّ أبا بكر كذا وكذا ، وفي رواية شعيب : كما تقولان فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً ).
5 ـ قال : ( وكأن الزهري كان يحدث به تارة فيصرّح ، وتارة فيكنّي ، وكذلك مالك ، وقد حذف ذلك في رواية بشر بن عمر عنه عن الإسماعيلي وغيره ، وهو نظير ما سبق من قول العباس لعلي ، وهذه الزيادة من رواية عمر عن أبي بكر حذفت من رواية إسحاق الفروي شيخ البخاري ، وقد ثبتت أيضاً في رواية بشر بن عمر عنه عند أصحاب السنن ، والإسماعيلي وعمرو بن مرزوق وسعيد بن داود كلاهما عند الدارقطني ، كلاهما عن مالك على ما قال جويرية عن مالك ، واجتماع هؤلاء عن مالك يدل على أنّهم حفظوه ، وهذا القدر المحذوف من
رواية إسحاق ثبت من روايته في موضع آخر من الحديث ، لكن جعل القصة فيه لعمر واقتصر بعض الرواة على ما لم يذكره الآ خر ، ولم يتعرض أحد من الشرّاح لبيان ذلك ).
6 ـ قال : ( وفي ذلك إشكال شديد ، وهو أن أصل القصة صريح في أنّ العباس وعلياً قد علما بأنّه( صلّى الله عليه وسلّم ) قال : لا نورّث ، فإن كان سمعاه من النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فكيف يطلبانه من أبي بكر ؟ وإن كانا إنّما سمعاه من أبي بكر أو في زمنه بحيث أفاد عندهما العلم بذلك ، فكيف يطلبانه بعد ذلك من عمر ؟ والذي يظهر والله أعلم حمل الأمر في ذلك على ما تقدم في الحديث الذي قبله في حق فاطمة ، وأنّ كلاً من علي وفاطمة والعباس اعتقد أنّ عموم قوله ( لا نورّث ) مخصوص ببعض ما يخلّفه دون بعض ، ولذلك نسب عمر إلى علي وعباس أنّهما كانا يعتقدان ظلم من خالفهما في ذلك ).
إلى غير ذلك مما دلّ على مدى تلاعب الرواة بهذا الحديث فيزيد هذا وينقص ذاك ، وكأنّ الأمر الأهم هو تزكية الشيخين فيما فعلا ، وإن جرحهما علي وعباس على ما قاله عمر عنهما بمحضر من وجوه الصحابة كعثمان ، والزبير ، وطلحة ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الرحمن بن عوف ، فلم ينكر علي وعباس ما نسبه اليهما عمر من رأيهما في أبي بكر : ( فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً ).
كما لم ينكرا ذلك من رأيهما فيه على نحو رأيهما في أبي بكر ( فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً ) ، كما لم يستنكر ذلك وجوه الصحابة الحضور ، وهذا يعني موافقتهم لعمر في صحة ما نسبه إلى علي وعباس ، إن لم تكن موافقة منهم لرأي علي وعباس في الشيخين.
وفي صحيح مسلم وشروحه ما يؤيّد ما قلناه ، فقد رواه بإسناده إلى مالك بن أوس وساق الحديث ، وفيه فقال عباس : يا أمير المؤمنين إقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن (؟).
وفيه : فرأيتماه ـ يعني أبا بكر ـ كاذباً آثماً غادراً خائناً.
وفيه : فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً.
وعقب القاضي عياض في شرحه على قول العباس في علي بقوله : هذا الكلام لا يليق أن يقع من مثل العباس ، وعلي منزه عن بعضه فضلاً عن كله ، والعصمة وإن كانت لا تثبت إلا لنبي ولمن شهد له بها نبي ، لكنّا مأمورون بتحسين الظن بالصحابة ، ونفي كل رذيلة عنهم ، وقد أسقط بعضهم هذه الألفاظ من نسخته تورّعاً ، ولعله وهم الراوي ، وإن صحت هذه الألفاظ فأوجه ما فيها أن يقال : إنّها صدرت من العباس على وجه الدالة على ابن أخيه ، لأنّه في الشرع بمنزلة أبيه )(1) .
أقول : وعلى هذا كان قول المازري بالنسبة للموردين الآخرين المتعلقين بالشيخين ( فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً ) فقال : ويجب عندي تأويل قول عمر هذا في أبي بكر ، وقوله على نفسه مثل ذلك ، ثم تكلف في التوجيه ما زاد الحال في الغموض والتمويه(2) .
ما ذكره مسلم بن الحجاج :
تاسعاًً : ماذا عند مسلم بن الحجاج النيسابوري ( ت 261 ه ) ؟
النص الأول : أخرج في كتاب الوصية باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه(3) ، قال : حدّثنا يحيى بن يحيى التميمي ، أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن مالك بن مغول ، عن طلحة بن مصرف قال : سألت عبد الله بن أبي
__________________
(1) راجع إكمال إكمال المعلم للوشتاني الآبي 5 : 74.
(2) المصدر نفسه 5 : 75.
(3) صحيح مسلم 5 : 74.
أوفى : هل أوصى رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ؟ فقال : لا ، قلت : فلم كتب على المسلمين الوصية ؟ أو فلم أُمِروا بالوصية ؟ قال : أوصى بكتاب الله( عزّ وجلّ ) ، ثم ذكر له أسانيد غير ما سبق.
وهذا الخبر سبق أن ذكرناه فيما رواه ابن هشام في سيرته ، وعقبنا عليه بما وسع له المقام فراجع.
ولشرّاح صحيح مسلم فيه تطبيل وتضليل من غير تحصيل ، فراجع النووي ، والوشتاني الآبي ، والسنوسي الحسيني في شروحهم في المقام.
النص الثاني : وأخرج في كتاب الوصية أيضاً وفي الباب الآنف الذكر(1) ، بسنده عن الأسود بن يزيد قال : ذكروا عند عائشة أنّ علياً كان وصياً ، فقالت : متى أوصى إليه ، فقد كنت مسندته إلى صدري ( أو قالت حجري ) فدعا بالطست ، فلقد انخنث في حجري وما شعرت أنّه مات ، فمتى أوصى إليه ؟!
وهذا الخبر أيضاً تقدم مثله عن أحمد في مسنده ، في النص السابع وذكرنا ما يتعلق به ، ونضيف هنا قول الوشتاني الآبي في شرحه المسمى إكمال اكمال المعلم بشرح صحيح مسلم(2) ، فقد قال : ( قوله : فلم يوص بشيء ، فيه : انّ الشهادة على النفي من العلم مقبولة ، وبهذا المعنى صار قولها حديثاً ، كأنّه بمنزلة قوله : لا أوصي بشيء ، ثم سبب الوصية إنّما هو حدوث المرض لا الانتهاء إلى هذه الحالة ، وحينئذٍ لا يتقرر ما ذكرت دليلاً على أنه لم يوص ، لاحتمال أن يكون أوصى قبل ذلك ).
والشيعة إنّما كانت تقول أنّهصلىاللهعليهوآله أوصى إلى علي بولاية الأمر والخلافة في امته من بعده ، وهذا ما أنكرته عائشة وزعمت موتهصلىاللهعليهوآله بين حاقنتها وذاقنتها أو بين سحرها نحرها كما مرّ ذلك عنها ، ومرّ تكذيب زعمها عن ابن عباس وعن أم سلمة وعن عمر ، فراجع ذلك في النص السابع عند أحمد.
__________________
(1) المصدر نفسه 5 : 75.
(2) إكمال إكمال المعلم 4 : 352.
النص الثالث : أخرج أيضاً تلو ما سبق بسنده ، قال : حدّثنا سعيد بن منصور ، وقتيبة بن سعيد ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، وعمرو الناقد ( واللفظ لسعيد ) قالوا : حدّثنا سفيان ، عن سليمان الأحول ، عن سعيد بن جبير قال : قال ابن عباس : يوم الخميس وما يوم الخميس ، ثم بكى حتى بلّ دمعه الحصى ، فقلت : يابن عباس وما يوم الخميس ؟ قال : اشتد برسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) وجعه فقال :« إئتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي » ، فتنازعوا ، وما ينبغي عند نبي تنازع ، وقالوا : ما شأنه أهجر استفهموه ، قال :« دعوني فالذي أنا فيه خير ، أوصيكم بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم » . قال : وسكت عن الثالثة ، أو قالها فأنسيتها. انتهى.
وأردف في هذا الحديث بثان في معناه ولفظه : حدّثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا وكيع ، عن مالك بن مغول ، عن طلحة بن مصرف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنّه قال : يوم الخميس وما يوم الخميس ، ثم جعل تسيل دموعه حتى رأيت على خديه كأنّها نظام اللؤلؤ ، قال : قال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) :« إئتوني بالكتف والدواة ( أو اللوح والدواة )أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً » ، فقالوا : إنّ رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) يهجر.
وساق الحديث ثالثاً بسند آخر عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال : لما حُضِر رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : هلمّ أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده ، فقال عمر : إنّ رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا ، فمنهم من يقول : قرّبوا يكتب لكم رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) كتاباً لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، قال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) :« قوموا » .
قال عبيد الله : فكان ابن عباس يقول : إنّ الرزية ما حال بين رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.
أقول : إنّ هذا الحديث رواه ابن سعد في الطبقات ، وعبد الرزاق في المصنف ، والبخاري في صحيحه مكرراً وفي عدة أبواب ، وغيرهم كثير وهو ( حديث الرزية ) وقد استوفينا طرقه ومتونه باختلاف رواته في موسوعة ( عبدالله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن ) ، وذكرنا مختلف آراء العلماء فيه.
والتحقيق أنّ القائل للكلمة الجافية النابية ( إنّه ليهجر ) هو عمر بن الخطاب ، وإنّ الغرض من الكتاب هو النص ( تحريرياً ) على خلافة الإمام أمير المؤمنينعليهالسلام ، حسماً للنزاع ، لكن عمر منع من ذلك واعترف بعد حين حيث قال لابن عباس : « واراده رسول الله للأمر فمنعت من ذلك » راجع الموسوعة تجد فيها ما يزيل البهمة ويكشف الغمة ، وقد مرّ في ذيل حديث البخاري في تخاصم علي والعباس عند عمر ما يتعلّق برواية مسلم للحديث ، وفيه ما لم يوجد عند البخاري في روايته فراجع.
ما ذكره ابن شبّة :
عاشراًً : ماذا عند عمر بن شبّة البصري النحوي الأخباري ( ت 262 ه ) ؟
ذكر في كتابه تاريخ المدينة المنورة ( أخبار المدينة المنورة )(1) ( ذكر فاطمة والعباس وعلي( رضي الله عنهم ) وطلب ميراثهم من تركة النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) ) ثم ساق خمسة عشر حديثاً ننتخب منها ما يلي :
النص الأوّل : قال : حدّثنا سويد بن سعيد ، والحسن بن عثمان قالا : حدّثنا الوليد بن محمد ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : أنّ فاطمة بنت رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم )
__________________
(1) أخبار المدينة المنورة 1 : 122.
أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) مما أفاء الله على رسوله ، وفاطمة حينئذٍ تطلب صدقة النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) التي بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر ، فقال أبو بكر : إنّ رسول الله قال : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) إنّما يأكل آل محمد في هذا المال ، وإنّي لا أغيّر شيئاً من صدقة رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، ولأعملنّ فيها بما عمل رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة( رضي الله عنها ) منها شيئاً ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك ، فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت ، وعاشت بعد رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ستة أشهر ، فلما توفيت دفنها [ زوجها ] علي ليلاً ، ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلى عليها عليرضياللهعنه .
النص الثاني : وأيضاً روى تلو ذلك فقال : حدّثنا إسحاق بن إدريس ، قال : حدّثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : انّ فاطمة والعباس أتيا ابا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، وهما حينئذٍ يطلبان أرضه من فدك [ وسهمه ] من خيبر ، فقال لهما أبو بكر : انّي سمعت رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) يقول : لا نورّث ، ما تركنا صدقة ، إنّما يأكل آل محمد من هذا المال ، وإنّي والله لا أغير أمراً رأيت رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) يصنعه إلا صنعته ، قال : فهجرته فاطمة( رضي الله عنها ) ، فلم تكلمه في ذلك المال حتى ماتت.
ثالثاً : ، قال(1) : حدّثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ، قال : حدّثنا فضيل بن مرزوق ، قال : حدّثني النميري بن حسان ، قال : قلت لزيد بن علي( رحمة الله عليه ) وأنا أريد أن أهجّن أمر أبي بكر : أنّ أبا بكر انتزع من فاطمة( رضي الله عنها ) فدك ، فقال : انّ أبا بكر كان رجلاً رحيماً ، وكان يكره أن يغيّر شيئاً تركه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، فأتته فاطمة فقالت : إنّ رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) أعطاني فدك ، فقال لها : هل لك على هذا
__________________
(1) المصدر نفسه 1 : 124.
بيّنة ؟ فجاءت بعليرضياللهعنه فشهد لها ، ثم جاءت بأم أيمن فقالت : أليس تشهد أنّي من أهل الجنة ؟ قال : بلى ـ قال أبو أحمد : يعني أنّها قالت ذاك لأبي بكر وعمر ـ قالت : فأشهد أنّ النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) أعطاها فدك ، فقال أبو بكر : فبرجل وامرأة تستحقينها أو تستحقين بها القضية ؟ قال زيد بن علي : وأيم الله لو رجع الأمر إليّ لقضيت فيها بقضاء أبي بكر.
أقول : وهذا الخبر لا يصح سنداً لجهالة النميري بن حسان الذي خلت معاجم الرجال والتراجم عن ذكره ، مضافاً إلى جرح فضيل بن مرزوق الذي قال فيه ابن حبّان : منكر الحديث جداً ، وقال فيه الحاكم : عيب على مسلم إخراجه في الصحيح ، وسئل ابن أبي حاتم عن حديثه يحتج به ؟ فقال : لا. راجع بشأنه ميزان الاعتدال ، وسير أعلام النبلاء ، والمغني ، والكاشف كلها للذهبي ، وتهذيب التهذيب لابن حجر.
أما نكارة متنه فهو مستبطن لكذبه ، إذ كيف يعقل أن يقول زيد ذلك ، وهو الفقيه في دينه العالم بالأحكام ، وهو يعلم أنّ جده علي بن أبي طالبعليهالسلام قال فيه رسول اللهصلىاللهعليهوآله :« علي مع الحق والحق مع علي » ، مضافاً إلى عصمته بنص آية التطهير ، وكذلك جدته فاطمة الزهراءعليهاالسلام المعصومة بآية التطهير ، وهي بضعة النبيصلىاللهعليهوآله ، وهي صاحبة اليد ، كل ذلك يمنع من التجاوز على ما تحت يدها ويغني عن طلب البينة ، ودع أم أيمن المشهود لها بالجنة ، واستشهادها لأبي بكر على ذلك فصدقها ، أكل ذلك لا يعرفه زيد ؟
ولو أغمضنا النظر عن جميع ذلك ، ألم يعلم أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر ؛ وأبو بكر هو المدّعي فكان عليه هو أن يقيم البيّنة ، لا السيدة الزهراء صاحبة اليد ؛ لانتزاعه منها فدكاً بنص الخبر ، فكل هذا لا يعرفه زيد ؟ معاذ الله ، ثم خلوّ المصادر الزيدية عن ذكر هذا عن زيدرحمهالله يوهن الرواية.
رابعاً : ذكر خبر مالك بن أوس بن الحدثان في ( خصومة علي والعباسرضي الله عنهما إلى عمررضياللهعنه )(1) وفيه شهادة عمر على علي والعباس أمامهما وأمام الحضور من وجوه الصحابة : ( تزعمان أنّ أبا بكر فيها ظالم فاجر ) ، وأيضاً : ( فتزعمان أنّي فيها ظالم فاجر ).
وهذا الخبر مرّ بطوله فيما ذكرناه في النص الثامن عن عبد الرزاق من كتابه ( المصنف ) وذكرناه أيضاً عن البخاري فيما أخرجه في صحيحه بدون كلمة الشتيمة ، وعقبنا عليه بما اقتضاه المقام فراجع النص الثالث ماذا عند البخاري ، وقد علّق المحققان على كتاب عمر بن شبه في هامش الخبر بذكر المصادر(2) .
ونحن سوف لا نذكر الخبر بعد هذا مرّة ثالثة ورابعة عن أصحاب تلك المصادر ، كما لا يفوتنا التنبيه على أنّ عمر بن شبة قد ذكر الخبر بعد هذا ست مرّات بتفاوت في الألفاظ مطولاً ومختصراً.
كما روى مكرراً خبر مطالبة الزهراءعليهاالسلام أبا بكر في فدك والصوافي ، وهو يأبى أن يدفع إليها ذلك ، حتى روى في خبر عنها أنّها طالبته واحتجت عليه بآيات الخمس والفيء فلم يستجب لها ، وفي آخر الخبر قال لها : وهذا عمر بن الخطاب ، وأبو عبيدة بن الجراح وغيرهما فاسأليهم عن ذلك ، فانظري هل يوافق
__________________
(1) المصدر نفسه 1 : 126.
(2) أخرجه البخاري : 2904 و 3094 و 4033 و 4885 و 5357 و 5358 و 2728 و 7305.
ومسلم : 757 ح 48 ، 49 و 50 , وأبو داود : 2965 , والترمذي : 1610 , والنسائي 7 : 136 ـ 137 , وأحمد 1 : 25 و 48 و 162 و 164 و 179 و 191 , والبيهقي في السنن 6 : 297 , والبغوي في مصابيح السنة : 2738 , وفي التفسير 4 : 416 , وأبو يعلى 2 : 3 و 4 , والطبري في التفسير : 38 ـ 39 , والمروزي : 1 و 3 , والحميدي : 22 , وعبد الرزاق : 9772 , وابن حبّان : 6608 , وابن سعد 2 : 314 , كلهم بنحو هذا الإسناد مختصراً ومطولاً.
على ذلك أحد منهم ؟ فانصرفت إلى عمر فذكرت له مثل الذي ذكرت لأبي بكر بقصته وحدوده ، فقال لها مثل الذي كان راجعها به أبو بكر ، فعجبت فاطمة وظنت أنهما قد تذاكرا ذلك واجتمعا عليه.
فهذا الخبر ـ وإسناده حسن كما ذكر المحققان في هامشه ـ جاء في آخره ما أوحى إلى أنّ فاطمةعليهاالسلام عجبت من موافقة عمر لصاحبه حتى ( ظنت قد تذاكرا ذلك واجتمعا عليه ) وهذا يشعر بسوء ظنها فيهما لتأمرهما على غصب النحلة منها ، أليس كذلك!؟
ما ذكره ابن قتيبة :
الحادي عشر : ماذا عند ابن قتيبة ( ت 270 ه ) ؟
النص الأوّل : ذكر في كتابه المعارف ( المحسن ) وقد مرّ بنا في ( نظرة في المصادر ) ما يتعلق به فلا حاجة إلى الإعادة.
النص الثاني : ذكر في كتابه تاريخ الخلفاء الراشدين ( الإمامة والسياسة )(1) ، بيعة السقيفة وما جرى بين أبي بكر والأنصار ، وامتناع سعد بن عبادة عن مبايعة أبي بكر حتى مات ، وإنّ بني هاشم اجتمعت عند بيعة الأنصار إلى علي بن أبي طالب ومعهم الزبير بن العوام ، وكانت أمه صفية بنت عبد المطلب ، وإنّما كان يعدّ نفسه من بني هاشم ، وكان علي ـ كرّم الله وجهه ـ يقول : ما زال الزبير منّا حتى نشأ بنوه فصرفوه عنّا .
واجتمعت بنو أمية إلى عثمان ، واجتمعت بنو زهرة إلى سعد وعبدالرحمن بن عوف ، فكانوا في المسجد الشريف مجتمعين ، فلما أقبل عليهم أبو بكر وأبو عبيدة ـ وقد بايع الناس أبا بكر ـ قال لهم عمر : ما لي أراكم مجتمعين حلقاً شتّى ، قوموا
__________________
(1) الإمامة والسياسة 1 : 11.
فبايعوا أبا بكر فقد بايعته وبايعه الأنصار ، فقام عثمان بن عفان ومن معه من بني أمية فبايعوه ، وقام سعد وعبد الرحمن بن عوف ومن معهما من بني زهرة فبايعوا.
وأما علي والعباس بن عبد المطلب ومن معهما من بني هاشم ، فانصرفوا إلى رحالهم ومعهم الزبير بن العوام ، فذهب اليهم عمر في عصابة فيهم أسيد بن حضير وسلمة بن اشيم ، فقالوا : انطلقوا فبايعوا أبا بكر ، فأبوا ، فخرج الزبير بن العوام بالسيف ، فأخذ السيف من يده فضرب به الجدار ، وانطلقوا به فبايع ، وذهب بنو هاشم أيضاً فبايعوا.
وفي هذا الخبر تطالعنا ثلاثة أمور لم نقف عليها من قبل فيما عرضناه من المصادر :
الأول : وهو تكتلات سياسية قبلية ، تجمّعت في المسجد الشريف ، وما اجتمعت ، مما يدل على تباين في وجهات النظر.
الثاني : هيمنة عمر بن الخطاب على الموقف المتأزم ، وبمجرد دعوة أولئك النفر المتحلقين المتخلفين إلى بيعة أبي بكر قاموا فبايعوا.
الثالث : بيعة بني هاشم.
وليس في الأمر الأول والثاني ما يستدعي النظر فيهما ، لكن الأمر الثالث وهو بيعة بني هاشم يومئذٍ لافت للنظر ، وهو مما انفرد ابن قتيبة بروايته ، إذ أنّ بني هاشم ما بايعوا حتى بايع الإمام أمير المؤمنينعليهالسلام ، وهو لم يبايع إلاّ بعد ستة أشهر حيث انصرفت وجوه الناس عنه بعد موت الزهراءعليهاالسلام ، فضرع لفك الحصار الإجتماعي خشية تطوّره إلى المقاطعة ، فيحل به ومعه بنو هاشم مثل ما حلّ بهم من قبل في مكة المكرمة إبان الدعوة الإسلامية ، حين حوصروا في شعب أبي طالبعليهالسلام .
النص الثالث : قال(1) ( إباية علي ـ كرّم الله وجهه ـ بيعة أبي بكر ).
__________________
(1) المصدر نفسه 1 : 12.
ثم إنّ علياً ـ كرّم الله وجهه ـ أتي به إلى أبي بكر وهو يقول : أنا عبد الله وأخو رسول الله ، فقيل له : بايع أبا بكر ، فقال : أنا أحق بهذا الأمر منكم ، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) ، وتأخذوه منّا أهل البيت غصباً ! ألستم زعمتم للأنصار أنّكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد منكم ، فأعطوكم المقادة ، وسلّموا إليكم الإمارة ، فإذاً أحتج عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار ، نحن أولى برسول الله حياً وميّتاً ، فانصفونا إن كنتم تؤمنون ، وإلا فبوؤا بالظلم وأنتم تعلمون.
فقال عمر : إنّك لست متروكاً حتى تبايع ، فقال له علي : احلب حلباً لك شطره ، وشدّ له اليوم يردده عليك غداً ، ثم قال : يا عمر لا أقبل قولك ولا أبايعه ، فقال له أبو بكر : فإن لم تبايع فلا أكرهك.
فقال أبو عبيدة بن الجراح لعلي ـ كرّم الله وجهه ـ : يابن عم إنّك حديث السن وهؤلاء مشيخة قومك ، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور ، ولا أرى أبا بكر إلا أقوى على هذا الأمر منك ، وأشد احتمالاً واستطلاعاً ، فسلّم لأبي بكر هذا الأمر ، فإنّك إن تعش ويطل بك بقاء فأنت لهذا الأمر خليق وحقيق في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك.
قال علي ـ كرّم الله وجهه ـ : الله الله يا معشر المهاجرين ، لا تخرجوا سلطان محمد في العرب من داره وقعر بيته إلى دوركم وقعور بيوتكم ، وتدفعون أهله عن مقامه في الناس وحقه ، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن أحق الناس به لأنا أهل البيت ، ونحن أحق بهذا الأمر منكم ، ما كان فينا القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بسنن رسول الله ، المتطلع لأمر الرعية ، الدافع عنهم الأمور السيئة ، القاسم بينهم بالسويّة ، والله أنه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله فتزدادوا من الحق بُعداً.
وقال بشير بن سعد الأنصاري : لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك يا علي قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلفت عليك ، قال : وخرج علي ـ كرّم الله وجهه ـ يحمل فاطمة بنت رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) على دابة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة ، فكانوا يقولون : يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، ولو أنّ زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا عنه ، فيقول علي ـ كرّم الله وجهه ـ : أفكنت أدعُ رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) في بيته لم أدفنه ، وأخرج أنازع الناس سلطانه ؟
فقالت فاطمة : ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له ، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم.
النص الرابع : ( كيف كانت بيعة علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ).
قال(1) : وإنّ أبا بكر تفقد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند علي ـ كرّم الله وجهه ـ ، فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم في دار علي ، فأبوا أن يخرجوا ، فدعا بالحطب وقال : والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لأحرقنّها على مَن فيها ، فقيل له : يا أبا حفص إنّ فيها فاطمة ، قال : وإن.
فخرجوا فبايعوا إلا علياً ، فإنّه زعم أنّه قال : حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبي على عاتقي حتى أجمع القرآن ، فوقفت فاطمة( رضي الله عنها ) على بابها فقالت : لا عهد لي بقوم حضروا أسوء محضر منكم ، تركتم رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) جنازة بين أيدينا ، وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا ولم تردوا لنا حقّاً.
فأتى عمر أبا بكر فقال له : ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة ، فقال أبو بكر لقنفذ وهو مولى له : إذهب فادع لي علياً ، قال : فذهب إلى علي ، فقال له : ما حاجتك ؟ فقال : يدعوك خليفة رسول الله ، فقال علي : لسريع ما كذبتم على رسول الله ، فرجع فأبلغ الرسالة ، قال : فبكى أبو بكر طويلاً.
__________________
(1) المصدر نفسه 1 : 13.
فقال عمر الثانية : أن لا تهمل هذا المتخلف عنك بالبيعة ، فقال أبو بكر لقنفذ : عد إليه فقل له : أمير المؤمنين يدعوك لتبايع ، فجاءه قنفذ فأدّى ما أمر به ، فرفع عليّ صوته فقال : سبحان الله لقد ادعى ما ليس له ، فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة ، فبكى أبو بكر طويلاً.
ثم قام عمر فمشى معه جماعة حتى أتوا باب فاطمة ، فدقوا الباب ، فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها : يا أبت يا رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة ؟
فلما سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين ، وكادت قلوبهم تنصدع وأكبادهم تتفطّر ؛ وبقي عمر ومعه قوم فأخرجوا علياً فمضوا به إلى أبي بكر ، فقالوا له : بايع ، فقال : إن أنا لم أفعل فمه ؟ قالوا : إذاً والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك ، قال : إذاً تقتلون عبد الله وأخا رسوله ؛ قال عمر : أمّا عبد الله فنعم ، وأمّا أخا رسوله فلا. وأبو بكر ساكت لا يتكلم ، فقال له عمر : ألا تأمر فيه بأمرك ، فقال : لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جنبه ، فلحق علي بقبر رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) يصيح ويبكي وينادي :« يابن أم إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني » .
النص الخامس : قال(1) : فقال عمر لأبي بكر : انطلق بنا إلى فاطمة فإنّا قد أغضبناها ، فانطلقا جميعاً فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما ، فأتيا علياً فكلّماه فأدخلهما عليها ، فلما قعدا عندها حوّلت وجهها إلى الحائط ، فسلّما عليها فلم تردّعليهماالسلام ، فتكلم أبو بكر فقال : يا حبيبة رسول الله والله إنّ قرابة رسول الله أحب إليّ من قرابتي ، وإنّك لأحبّ إليّ من عائشة ابنتي ، ولوددت يوم مات أبوك أنّي مت ولا أبقى بعده ، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك ، وأمنعك حقك وميراثك من رسول الله ، إلا أنّي سمعت أباكِ رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) يقول : لا نورّث ، ما تركنا فهو صدقة.
__________________
(1) المصدر نفسه 1 : 14.