المقنع

المقنع13%

المقنع مؤلف:
تصنيف: مكتبة الفقه وأصوله
الصفحات: 584

المقنع المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 584 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 140108 / تحميل: 7097
الحجم الحجم الحجم
المقنع

المقنع

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

الفصل الثاني: سنّة البشارة على مدى العصور

لقد صرّح القرآن الكريم بأن العهد التاريخي للبشرية قد بدأ بظاهرة وجود النبوّات وبعث الأنبياء وإرسال الرسل. الذين مضوا يقودون مجتمعاتهم نحو حياة أفضل ووجود إنساني أكمل; مما يمكن أن نستنتج منه أنّ إشراق النبوّة وظهور الأنبياء في المجتمعات البشريّة يعتبر بداية العصر التاريخي للبشرية .

قال تعالى: ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (١) .

لقد قضت حكمة الله ورحمته بإرسال الأنبياء حاملين إلى الإنسانية منهاج هدايتها الذي يخرجها من عهد الغريزة إلى عهد العقل، ومن منطق الصراع الذي مرجعه الغريزة والقوّة إلى منطق النظام ومرجعه القانون. وخرج المجتمع البشري بالنبوّات عن كونه تكويناً حيوانياً ـ بيولوجيّاً إلى كونه ظاهرة عقلية روحية وحققت النبوّات للإنسان مشروع وحدة أرقى من وحدته الدموية البيولوجية وهي الوحدة القائمة على أساس المعتقد، وبذلك تطوّرت العلاقات الإنسانية

ــــــــــــ

(١) البقرة (٢) : ٢١٣ .

٢١

مرتفعة من علاقات المادة إلى علاقات المعاني والاختلافات التي نشأت في النوع الإنساني بعد إشراق عهد النبوّات غدت اختلافات في المعنى، واختلافات في الدين والمعتقد; فإن أسباب الصراع لم تُلغ بالدين الذي جاءت به النبوّات بل استمرّت وتنوّعت، ولكن المرجع لم يعد الغريزة بل غدا القانون مرجعاً في هذا المضمار والقانون الذي يتضمنه الدين يكون قاعدة ثابتة لوحدة الإنسانية وتعاونها وتكاملها(١) .

وأوضح الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام في الخطبة الأُولى من نهج البلاغة ـ بعد أن استعرض تاريخ خلق العالم وتاريخ خلق آدم عليه‌السلام وإسكانه في الأرض ـ أن إشراق النبوّة وتسلسلها على مدى العصور هو المحور في تاريخ الإنسان وحركته نحو الكمال كما صرّح به القرآن الكريم موضحاً منهجه في التعامل مع التاريخ.

قالعليه‌السلام : (... واصطفى سُبحانه من ولد (آدم) أنبياء، أخذ على الوحي ميثاقهم(٢) ، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم لمّا بدّل أكثر خلقه عهد الله إليهم(٣) ، فجهلوا حقّه، واتّخذوا الأنداد معه(٤) ، واجتالتهم الشياطين عن معرفته(٥) ، واقتطعتهم عن عبادته ..

فبعث فيهم رُسُله ، وواتر إليهم أنبياءه; ليستأدُوهم ميثاق فطرته(٦) ، ويذكّروهم مَنسيَّ نعمته، ويحْتجّوا عليهم بالتّبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول (٧) ، ويُروهم آيات

ــــــــــــ

(١) حركة التاريخ عند الإمام عليعليه‌السلام : ٧١ ـ ٧٣ .

(٢) أخذ عليهم الميثاق أن يبلّغوا ما أوحي إليهم ، أو أخذ عليهم أن لا يشرّعوا للناس إلاّ ما يوحى إليهم.

(٣) عهد الله إلى الناس : هو ما يعبر عنه بميثاق الفطرة.

(٤) الأنداد: المعبودين من دونه سبحانه وتعالى .

(٥) اجتالتهم : صرفتهم عن قصدهم الذي وُجّهوا إليه بالهداية المغروزة في فطرهم .

(٦) كأن الله تعالى بما أودع في الإنسان من الغرائز والقوى، وبما أقام له من الشواهد وأدلة الهدى، قد أخذ عليه ميثاقاً بأن يصرف ما أوتي من ذلك فيما خلق له، وقد كان يعمل على ذلك الميثاق ولا ينقضه لولا ما اعترضه من وساوس الشهوات، فبعث النبيين ليطلبوا من الناس أداء ذلك الميثاق .

(٧) دفائن العقول : أنوار العرفان التي تكشف للإنسان أسرار الكائنات ، وترتفع به إلى الإيقان بصانع الموجودات، وقد يحجب هذه الأنوار غيوم من الأوهام وحجب من الخيال، فيأتي النبيون لإثارة تلك المعارف الكامنة، وإبراز تلك الأسرار الباطنة.

٢٢

المقدرة: من سقف فوقهم مرفوع، ومهاد تحتهم موضوع ، ومعايش تُحْييهم، وآجال تُفنيهم، وأوصاب تُهرمهم(١) ، وأحداث تتابع عليهم.

ولم يُخْل الله سبحانه خلقه من نبيٍّ مرسل ، أو كتاب مُنْزل ، أو حجّة لازمة، أو محجّة قائمة(٢) .

رُسلٌ لا تقصِّرُ بهم قلّة عددهم، ولا كثرة المكذّبين لهم : من سابق سُمّي له من بعده، أو غابر عرّفه من قبله(٣) .

على ذلك نسلت القرون(٤) ، ومضت الدهور ، وسلفت الآباء، وخلفت الأبناء .

إلى أن بعث الله سبحانه مُحمّداً رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لإنجاز عدته (٥) ، وإتمام نبوّته.

مأخوذاً على النبيّين ميثاقه، مشهورة سماته(٦) ، كريماً ميلاده، وأهل الأرض يومئذ مللٌ متفرّقة وأهواءٌ منتشرة، وطوائف متشتِّتة، بين مشبِّه لله بخلقه، أو مُلحد في اسمه، أو مشير إلى غيره(٧) .

فهداهم به من الضّلالة ، وأنقذهم بمكانه من الجهالة.

ــــــــــــ

(١) السقف المرفوع : السماء. والمهاد الموضوع : الأرض والأوصاب : المتاعب .

(٢) المحجة : الطريق القويمة الواضحة .

(٣) من سابق بيان للرسل ، وكثير من الأنبياء السابقين سميت لهم الأنبياء الذين يأتون بعدهم فبشروا بهم، كما ترى ذلك في التوراة والغابر : الذي يأتي بعد أن يشير به السابق جاء معروفاً بتعريف من قبله .

(٤) مضت متتابعة .

(٥) الضمير في عدته لله تعالى : لأن الله وعد بإرسال محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على لسان أنبيائه السابقين. وكذلك الضمير في نبوته : لأنّ الله تعالى أنبأ به، وأنّه سيبعث وحياً لأنبيائه. فهذا الخبر الغيبي قبل حصوله يسمى نبوة. ولما كان الله هو المخبر به أضيفت النبوة إليه .

(٦) سماته : علاماته التي ذكرت في كتب الأنبياء السابقين الذين بشّروا به .

(٧) الملحد في إسم الله : الذي يميل به عن حقيقة مسمّاه فيعتقد في الله صفات يجب تنزيهه عنها. والمشير إلى غيره، الذي يشرك معه في التصرّف إلهاً آخر فيعبده ويستعين به.

٢٣

ثم اختار سبحانه لمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقاءَهُ، ورضي له ما عنده ، وأكرمه عن دار الدنيا، ورغب به عن مقام البلوى، فقبضه إليه كريماً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وخلَّف فيكم ما خلّفت الأنبياء في أممها إذْ لم يتْرُكوهم هملاً بغير طريق واضح، ولا علم قائم) (١) .

إنّ بشائر الأنبياء السابقين بنبوّة الأنبياء اللاحقين تنفع الأجيال المعاصرة لهم وكذا الأجيال اللاحقة; إذ تفتح عيونهم وتجعلهم على أهبة الاستقبال للنبيّ المبشَّر بنبّوته، كما أنّها تزيل عنهم الريب وتعطيهم مزيداً من الثقة والاطمئنان.

على أن اليأس من الإصلاح إذا ملأ القلب يجعل الإنسان يفكر بطرق أبواب الشّر والخيانة، فالبشائر بمجي الأنبياء المصلحين تزيل اليأس من النفوس التي تنتظر الإصلاح وتوجّهها إلى حبّ الحياة وقرع أبواب الخير.

وتزيد البشائر إيمان المؤمنين بنبوّة نبيّهم، وتجعل الكافرين في شكٍّ من كفرهم، فيضعف صمودهم أمام دعوة النبي إلى الحقّ ممّا يمهّد لقبولهم الدعوة.

وإذا أدّت البشارة إلى حصول الثقة فقد لا تُطلب المعجزة من النبيّ، كما تكون النبوّة المحفوفة بالبشارة أنفذ إلى القلوب وأقرب إلى الإذعان بها. على أنّها تبعّد الناس عن وطأة المفاجأة أمام واقع غير منتظر، وتخرج دعوة النبيّ عن الغرابة في نفوس الناس(٢) .

على أن الأنبياء جميعاً يشكّلون خطاً واحداً، فالسابق يبشّر باللاحق، واللاحق يؤمن بالسابق. وقد تكفّلت الآية (٨١) من سورة آل عمران بالتصريح بسنّة البشائر هذه. فضلاً عن الشواهد والتطبيقات التي سوف نلاحظها في البحث الآتي.

ــــــــــــ

(١) أي أنّ الأنبياء لم يهملوا أممهم مما يرشدهم بعد موت أنبيائهم، وقد كان من محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل ما كان منهم، فإنّه خلّف في أمته كتاب الله تعالى حاوياً لجميع ما يحتاجون إليه في دينهم، كما خلّف أهل بيته المعصومين وجعلهم قرناء للكتاب المجيد كما صرّح بذلك في حديث الثقلين الذي تواتر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورواه جمع غفير من المحدثين.

(٢) محمد في القرآن : ٣٦ ـ ٣٧.

٢٤

بشارات الأنبياء برسالة محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

١ ـ لقد نصّ القرآن الكريم على بشارة إبراهيم الخليلعليه‌السلام برسالة خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأسلوب الدعاء قائلاً ـ بعد الكلام عن بيت الله الحرام في مكة المكرّمة ورفع القواعد من البيت والدعاء بقبول عمله وعمل إسماعيلعليه‌السلام وطلب تحقيق اُمة مسلمة من ذريتهما ـ :( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) (١) .

٢ ـ وصرّح القرآن الكريم بأنّ البشارة بنبوّة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأمي كانت موجودة في العهدين القديم (التوراة) والجديد (الإنجيل). والعهدان كانا في عصر نزول القرآن الكريم وظهور محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولو لم تكن البشارة موجودة فيهما لجاهر بتكذيبها أصحاب العهدين.

قال تعالى:( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ... ) (٢) .

٣ ـ وصرّحت الآية السادسة من سورة الصف بأن عيسىعليه‌السلام صدَّقَ التوراة بصراحة وبشّر برسالة نبيّ من بعده اسمه أحمد. وقد خاطب عيسى عليه‌السلام بني إسرائيل جميعاً لا الحواريين فحسب.

أهل الكتاب ينتظرون خاتم النبييّن صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

لم يكتف الأنبياء السابقون بذكر الأوصاف العامة للنبيّ المبشَّر به، بل

ــــــــــــ

(١) البقرة (٢) : ١٢٩.

(٢) الأعراف (٧) : ١٥٧.

٢٥

ذكروا أيضاً العلائم التي يستطيع المبَشَّرون من خلالها معرفته بشكل دقيق، مثل : محل ولادته، ومحل هجرته وخصائص زمن بعثته، وعلائم جسمية خاصة وخصائص يتفردّ بها في سلوكه وشريعته.. ولهذا قال القرآن عن بني إسرائيل بأنهم كانوا يعرفون رسول الإسلام المبشَّر به في العهدين كما يعرفون أبناءَهم(١) .

بل رتبوا على ذلك آثاراً عملية فاكتشفوا محل هجرته ودولته فاستقروا فيها(٢) وأخذوا يستفتحون برسالته على الذين كفروا ويستنصرون برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الأوس والخزرج(٣) وتسرّبت هذه الأخبار إلى غيرهم عن طريق رهبانهم وعلمائهم فانتشرت في المدينة وتسرّبت إلى مكة(٤) .

وذهب وفد من قريش بعد إعلان الرسالة إلى اليهود في المدينة للتَثبّت من صحة دعوى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النبوّة وحصلوا على معلومات اختبروا بها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥) واتضح لهم من خلالها صدق دعواه.

وقد آمن جمع من أهل الكتاب وغيرهم بالنبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أساس هذه العلائم التي عرفوها من دون أن يطلبوا منه معجزة خاصة(٦) ، وهذه البشائر تحتفظ بها لحد الآن بعض نسخ التوراة والإنجيل(٧) .

وهكذا تسلسلت البشائر بنبوة خاتم النبيين محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قبل ولادته،

ــــــــــــ

(١) الانعام (٦) : ٢٠.

(٢) سيرة رسول الله : ١ / ٣٨ ـ ٣٩.

(٣) البقرة (٢): ٨٩ .

(٤) أشعة البيت النبوي : ١ / ٧٠ ، عن الأغاني: ١٦ / ٧٥ ، تاريخ اليعقوبي: ٢ / ١٢ ، حياة نبي الإسلام : ٢٣ ، عن سيرة ابن هشام: ١ / ١٨١ ، وأعلام الورى : ٢٦.

(٥) راجع ما جاء في شأن نزول سورة الكهف.

(٦) المائدة (٥): ٨٣ .

(٧) سيرة رسول الله وأهل بيته : ١ / ٣٩ ، إنجيل يوحنّا وأشعة البيت النبوي : ١ / ٧٠ ، عن التوراة وراجع: بشارات عهدين، والبشارات والمقارنات.

٢٦

وخلال فترة حياته قبل بعثته، وقد عرف واشتهر منها إخبار بحيرا الراهب وغيره إبّان البعثة المباركة(١) .

وقد شهد علي أمير المؤمنينعليه‌السلام بهذه الحقيقة التأريخية حين قال في إحدى خطبه:(... إلى أن بعث الله سبحانه محمداً رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لإنجاز عِدَتِه وإتمام نبوّتِه، مأخوذاً على النبيين ميثاقه مشهورةً سِماتُه..) (٢) .

وقد جاء في طبقات ابن سعد عن سهل مولى عتيبة انه كان نصرانياً من أهل حريس، وانه كان يتيماً في حجر أمه وعمّه وأنه كان يقرأ الإنجيل، قال: (...فأخذت مصحفاً لعمي فقرأته حتّى مرّت بي ورقة فأنكرت كتابتها حين مرّت بي ومسستها بيدي، قال: فنظرت; فإذا فصول الورقة ملصق بغراء ، قال: ففتقتها فوجدت فيها نعت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انه لا قصير ولا طويل، أبيض ذو ضفيرتين، بين كتفيه خاتم يكثر الاحتباء ولا يقبل الصدقة ويركب الحمار والبعير ويحتلب الشاة ويلبس قميصاً مرقوعاً، ومن فعل ذلك فقد برئ من الكبر وهو يفعل ذلك، وهو من ذرّية إسماعيل، اسمه أحمد. قال سهل: فلما انتهيت إلى هذا من ذكر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء عمّي فلّما رأى الورقة ضربني وقال: مالك وفتح هذه الورقة وقراءتها؟! فقلت: فيها نعت النبيّ أحمد، فقال: إنّه لم يأتِ بَعدُ (٣) .

ــــــــــــ

(١) راجع كتب السيرة النبويّة والتفسير حيث تضمّنت جملة من هذه البشائر.

(٢) لاحظ الخطبة الأولى من نهج البلاغة.

(٣) الطبقات الكبرى: ١ / ٣٦٣.

٢٧

الفصل الثالث: مظاهر من شخصية خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

١ ـ الأمي العالم :

لقد تميّز خاتم النبيين بأنه لم يتعلّم القراءة والكتابة عند معلّم بشري(١) ولم ينشأ في بيئة علم وإنما نشأ في مجتمع جاهلي، ولم يكذب أحد هذه الحقيقة التي نادى بها القرآن(٢) .

ترعرع ونما في قوم هم من أشد الأقوام جهلاً وأبعدهم عن العلوم والمعارف، ولقد سمّى هو ذلك العصر بالعصر الجاهلي ولا يمكن أن تصدر هذه التسمية إلاّ من عالم خبير بالعلم والجهل والعقل والحمق.

أضف إلى ذلك أنه قد جاء بكتاب يدعو إلى العلم والثقافة والفكر والتعقّل واحتوى على صنوف المعارف والعلوم، وبدأ بتعليم الناس الكتاب والحكمة(٣) وفق منهج بديع حتى أنشأ حضارة فريدة اخترقت الغرب والشرق بعلومها ومعارفها ولا زالت تتلألأ بهاءً ونوراً.

فهو أمي ولكنه يكافح الجهل والجاهلية وعبّاد الأصنام، وبعث بدين قيّم

ــــــــــــ

(١) النحل (١٦) : ١٠٣.

(٢) العنكبوت (٢٩): ٤٨.

(٣) الجمعة (٦٢) : ٢.

٢٨

إلى البشرية وبشريعة عالمية تتحدّى البشرية على مدى التأريخ. فهو معجزة بنفسه في علمه ومعارفه وجوامع كلمه ورجاحة عقله وثقافته ومناهج تربيته.

ومن هنا قال تعالى:( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) (١) وقال له:( وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ) (٢) .

أجل ، لقد أوحى الله إليه ما أوحى وعلّمه الكتاب والحكمة وجعله نوراً وسراجاً منيراً وبرهاناً وشاهداً ورسولاً مبيناً وناصحاً أميناً ومذكّراً ومبشّراً ونذيراً(٣) .

ولقد شرح الله له صدره وأعدّه لقبول الوحي والقيام بمهمة الإرشاد في مجتمع تسيطر عليه العصبية والأنانية الجاهلية فكان أسمى قائد عرفته البشرية في مجال الدعوة والتربية والتعليم.

إنها نقلة كبيرة أن يصبح المجتمع الجاهلي في بضع سنين حارساً أميناً ومدافعاً قوياً لكتاب الهداية ومشعل العلم ويقف أمام محاولات التشويه والتحريف، إنها معجزة هذا الكتاب الخالد وذلك الرسول الأمي الرائد والذي كان أبعد الناس ـ في ذلك المجتمع الجاهلي ـ عن الخرافات والأساطير. إنه نور البصيرة الربّانية التي أحاطت به بكل جوانب وجوده.

٢ ـ أوّل المسلمين العابدين :

إن الخضوع المطلق لله خالق الكون ومبدع الوجود، والتسليم التام لعظيم

ــــــــــــ

(١) الأعراف (٧) : ١٥٨.

(٢) النساء (٤) : ١١٣.

(٣) المائدة (٥) : ١٥ ، الأحزاب (٣٣) : ٤٦ ، النساء (٤): ١٧٤ ، الفتح (٤٨): ٨ ، الزخرف (٤٣): ٢٩ ، الأعراف (٧) : ٦٨ ، الغاشية (٨٨) : ٢١ ، الإسراء (١٧) : ١٠٥ ، المائدة (٥) : ١٩ .

٢٩

قدرته ونفاذ حكمته، والعبودية الاختيارية الكاملة تجاه الإله الأحد الفرد الصمد هي القمة الاولى التي لابد لكل إنسان أن يجتازها كي يتهيّأ للاجتباء والاصطفاء الإلهي. وقد شهد القرآن الكريم بذلك لهذا النبيّ العظيم حين قال عنه :( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) (١) .

إنّه وسام الكمال الذي حازه هذا العبد المسلم وفاق في عبوديته من سواه على الإطلاق وتجلّت هذه العبودية المثلى في قوله وسلوكه حتى قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(قرّة عيني في الصلاة) (٢) فهو ينتظر وقت الصلاة ويشتد شوقه للوقوف بين يدي الله ويقول لمؤذّنه بلال:أرحنا يا بلال (٣) وقد كان يحدّث أهله ويحدّثونه فإذا دخل وقت الصلاة فكأنه لم يعرفهم ولم يعرفوه(٤) . وكان إذا صلّى يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل(٥) ويبكي حتى يبل مصلاّه خشية من الله عزّ وجلّ(٦) ، وكان يصلّي حتى تنتفخ قدماه، فيقال له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخّر؟! فيقول:أفلا أكون عبداً شكوراً (٧) ؟

وكان يصوم شعبان ورمضان وثلاثة أيام من كل شهر(٨) ، وكان اذا دخل شهر رمضان يتغيّر لونه وتكثر صلاته ويبتهل في الدعاء (٩) واذا دخل العشر

ــــــــــــ

(١) الأنعام (٦): ١٦١ ـ ١٦٣.

(٢) أمالي الطوسي: ٢ / ١٤١.

(٣) بحار الأنوار: ٨٣ / ١٦.

(٤) أخلاق النبي وآدابه: ٢٥١.

(٥) المصدر السابق : ٢٠١.

(٦) سنن النبي: ٣٢.

(٧) أخلاق النبي : ١٩٩ ، وصحيح البخاري : ١ / ٣٨١ / الحديث ١٠٧٨.

(٨) وسائل الشيعة: ٤ / ٣٠٩.

(٩) سنن النبي: ٣٠٠.

٣٠

الأواخر منه شدّ المئزر واجتنب النساء وأحيى الليل وتفرّغ للعبادة(١) . وكان يقول عن الدعاء :(الدعاء مخّ العبادة) (٢) و(سلاح المؤمن وعمود الدين ونور السماوات والأرض) (٣) وقد كان دائم الاتصال بالله، دائم الانشداد إليه بالضراعة والدعاء في كل عمل كبير أو صغير، حتى كان يستغفر الله كل يوم سبعين مرّة ويتوب إليه سبعين مرة من غير ذنب(٤) ، ولم يستيقظ من نوم قطّ إلاّ خرّ لله ساجداً(٥) وكان يحمد الله في كل يوم ثلاثمائة وستين مرّة ويقول:(الحمد لله ربّ العالمين كثيراً على كل حال) (٦) ولقد كان دؤوباً على قراءة القرآن وشغوفاً به.

ونزل عليه جبرئيل مخففاً لمّا أجهد نفسه بالعبادة بقوله تعالى:( طه* ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ) (٧)

٣ ـ الثقة المطلقة بالله تعالى:

قال الله تعالى لرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( أليس الله بكاف عبده ) (٨) .

وقال له أيضاً :( وتوكّل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين ) (٩) .

وقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما قال الله تعالى على ثقة مطلقة به سبحانه.

ــــــــــــ

(١) الكافي: ٤ / ١٥٥.

(٢) المحجة البيضاء: ٢ / ٢٨٢.

(٣) المصدر السابق : ٢ / ٢٨٤.

(٤) بحار الأنوار: ١٦ / ٢١٧.

(٥) المصدر السابق : ١٦ / ٢٥٣.

(٦) الكافي : ٢ / ٥٠٣ .

(٧) طه (٢٠) : ١ ـ ٢ .

(٨) الزمر (٣٩): ٣٦.

(٩) الشعراء (٢٦): ٢١٧ ـ ٢١٩.

٣١

جاء عن جابر أنه قال : كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذات الرقاع فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله، فجاء رجل من المشركين وسيف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معلق بالشجرة فاخترطه وقال: تخافني؟ قال:لا . قال: فمن يمنعك منّي؟ قال:الله . فسقط السيف من يده فأخذ رسول الله السيف فقال: من يمنعك منّي؟ فقال:كن خير آخذ . فقال:تشهد أن لا اله الاّ الله وأني رسول الله؟ قال: لا، ولكني أعاهدك أن لا اُقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلّى سبيله فأتى أصحابه فقال: جئتكم من عند خير الناس(١) .

٤ ـ الشجاعة الفائقة :

قال الله تعالى:( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ) (٢) وجاء عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ـ الذي طأطأ له فرسان العرب ـ أنّه:كنّا إذا احمرّ البأس ولقي القومُ القومَ اتّقينا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فما يكون أحد أدنى من القوم منه (٣) .

ووصف المقداد ثبات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم أحد بعد أن تفرّق الناس وتركوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحده فقال: والذي بعثه بالحق إن رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم زال شبراً واحداً. إنه لفي وجه العدوّ تثوب إليه طائفة من أصحابه مرّة

وتتفرّق عنه مرّة، فربّما رأيته قائماً يرمي عن قوسه أويرمي بالحجر حتى تحاجروا(٤) .

ــــــــــــ

(١) رياض الصالحين (للنووي) : ٥ / الحديث ٧٨ ، وصحيح مسلم: ٤ / ٤٦٥.

(٢) الأحزاب (٣٣): ٣٩.

(٣) فضائل الخمسة من الصحاح الستة : ١ / ١٣٨.

(٤) مغازي الواقدي: ١ / ٢٣٩ ـ ٢٤٠.

٣٢

٥ ـ زهد منقطع النظير :

قال تعالى:( وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) (١) .

وعن أبي أمامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنه قال:عرض عليّ ربّي ليجعل لي بطحاء مكة ذهباً، قلت: لا يا ربّ ولكن أشبع يوماً وأجوع يوماً.. فإذا جعت تضرّعت إليك وذكرتك، وإذا شبعتُ شكرتُك وحمدتُك (٢) .

ونام على حصير فقام وقد أثّر في جنبه، فقيل له: يا رسول الله لو اتخذنا لك وطاءاً فقال:ما لي وما للدنيا؟! ما أنا في الدنيا الاّ كراكب استظلّ تحت شجرة ثم راح وتركها (٣) .

وقال ابن عباس: كان رسول الله يبيت الليالي المتتابعة طاوياً وأهله لا يجدون عشاءاً وكان اكثر خبزهم خبز الشعير(٤) .

وقالت عائشة: ما أكل آل محمد أكلتين في يوم واحد إلاّ إحداهما تمر(٥) .

وقالت : تُوفي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودرعه مرهونة عند يهوديّ بثلاثين صاعاً من شعير(٦) .

وعن أنس بن مالك أن فاطمة جاءت بكسرة خبز إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: ما هذه الكسرة يا فاطمة؟ قالت: قرص خبز، فلم تطب نفسي حتى أتيتك بهذه الكسرة . فقال:

ــــــــــــ

(١) طه (٢٠): ١٣١.

(٢) سنن الترمذي : ٤ / ٥١٨ / الحديث ٢٣٧٧.

(٣) المصدر السابق .

(٤) سنن الترمذي : ٤ / ٥٠١ / الحديث ٢٣٦٠.

(٥) صحيح البخاري: ٥ / ٢٣٧١ / الحديث ٦٠٩٠.

(٦) صحيح البخاري : ٣ / ١٠٦٨ / الحديث ٢٧٥٩.

٣٣

أما إنّه أوّل طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيّام (١) .

وعن قتادة قال: كنّا عند أنس وعنده خبّاز له فقال: ما أكل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خبزاً مرقّقاً ولا شاة مسموطة حتى لقي الله (٢) .

٦ ـ جود وحلم عظيمان :

قال ابن عبّاس: كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان.. إن جبريل كان يلقاه في كل سنة من رمضان.. فإذا لقيه جبريل كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة(٣) .

وقال جابر: ما سُئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئاً قطّ فقال لا(٤) .

وروي أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتى صاحب بزٍّ فاشترى منه قميصاً بأربعة دراهم فخرج وهو عليه، فإذا رجل من الأنصار. فقال: يا رسول الله أكسني قميصاً كساك الله من ثياب الجنة فنزع القميص فكساه إيّاه، ثم رجع إلى صاحب الحانوت فاشترى منه قميصاً بأربعة دراهم وبقي معه درهمان فاذا هو بجارية في الطريق تبكي فقال: ما يبكيك؟ قالت: يا رسول الله، دفع إليّ أهلي درهمان اشتري بهما دقيقاً فهلكا، فدفع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليها الدرهمين فقالت: أخاف أن يضربوني فمشى معها إلى أهلها فسلّم فعرفوا صوته، ثمّ عاد فسلّم، ثمّ عاد فثلّث، فردّوا، فقال: أسمعتم أوّل السلام؟ فقالوا: نعم ولكن أحببنا أن تزيدنا من السلام. فما أشخصك بأبينا وأمِّنا؟ قال: أشفقت هذه الجارية أن تضربوها ، قال صاحبها: هي حرّة لوجه الله لممشاك معها. فبشّرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالخير وبالجنّة; وقال: لقد بارك الله في

ــــــــــــ

(١) الطبقات (لابن سعد) : ١ / ٤٠٠.

(٢) مسند أحمد : ٣ / ٥٨٢ / الحديث ١١٨٨٧.

(٣) صحيح مسلم : ٤ / ٤٨١ / الحديث ٣٣٠٨ ، ومسند أحمد: ١ ٠/ ٥٩٨ / الحديث ٣٤١٥.

(٤) سنن الدارمي: ١ / ٣٤.

٣٤

العشرة كسا الله نبيّه قميصاً ورجلاً من الأنصار قميصاً وأعتق منها رقبة، وأحمد الله هو الذي رزقنا هذا بقدرته (١) .

وكان إذا دخل شهر رمضان أطلق كل أسير وأعطى كل سائل(٢) .

وعن عائشة: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما انتقم لنفسه شيئاً يؤتى إليه إلاّ أن تنتهك حرمات الله. ولا ضرب بيده شيئاً قط إلا أن يضرب بها في سبيل الله ولا سُئل شيئاً قط فمنعه إلاّ أن يُسألَ مأثماً فإنه كان أبعد الناس منه(٣) .

وعن عبيد بن عمير: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما أتي في غير حدٍّ إلاّ عفا عنه(٤) .

وقال أنس: خدمت رسول الله عشر سنين. فما قال لي اُفٍّ قطّ، وما قال لشي صنعتهُ: لِم صنَعْتَه؟ ولا لشيء تركتُه: لِمَ تركتَه؟(٥) .

وجاءه أعرابي فجذب رداءه بشدّة حتى أثرت حاشية الرداء على عاتق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قال له: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء .

لقد عُرفصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالعفو والسماحة طيلة حياته... فقد عفا عن وحشي قاتل عمه حمزة... كما عفا عن المرأة اليهودية التي قدمت له شاة مسمومة وعفا عن أبي سفيان وجعل الدخول إلى داره أماناً من القتل. وعفا عن قريش التي عتت عن أمر ربّها وحاربته بكل ما لديها.. وهو في ذروة القدرة والعزّة قائلاً لهم: (اللهم اهدِ قومي فإنّهم لا يعلمون اذهبوا فأنتم الطلقاء) (٦) .

ــــــــــــ

(١) المعجم الكبير (الطبراني) : ١٢ / ٣٣٧ / الحديث ١٣٦٠٧.

(٢) حياة النبي وسيرته : ٣ / ٣١١ .

(٣) حياة النبي وسيرته : ٣ / ٣٠٦.

(٤) المصدر : ٣ / ٣٠٧.

(٥) صحيح البخاري : ٥ / ٢٢٦٠ / الحديث ٥٧٣٨.

(٦) محمد في القرآن: ٦٠ ـ ٦٥.

٣٥

لقد أفصح القرآن عن عظمة حلم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله تعالى:( وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ) (١) ، ووصف مدى رأفته ورحمته بقوله تعالى:( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) (٢) .

٧ ـ حياؤه وتواضعه :

عن أبي سعيد الخدريّ: كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أشدّ حياء من العذراء في خدرها وإذا كره شيئاً عُرف في وجهه(٣) .

وعن عليعليه‌السلام : كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا سُئل شيئاً فأراد أن يفعله قال:نعم وإذا أراد أن لا يفعل سكت، وكان لا يقول لشيء لا(٤) .

وعن يحيى بن أبي كثير أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال:آكُل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد. فإنّما أنا عبد (٥) كما اشتهر عنه أنه كان يسلّم على الصبيان(٦) .

وكلّم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلاً فأرعد. فقال:هَوِّن عليك فإني لستُ بملِك إنّما أنا ابن امرأة تأكل القديد (٧) .

وعن أبي أمامة: خرج علينا رسول الله متوكّئاً على عصا، فقمنا إليه فقال:(لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضاً) (٨) .

ــــــــــــ

(١) آل عمران (٣): ١٥٩.

(٢) التوبة (٩): ١٢٨.

(٣) صحيح البخاري : ٣ / ١٣٠٦ / ألحديث ٣٣٦٩.

(٤) مجمع الزوائد: ٩ / ١٣.

(٥) الطبقات ( لابن سعد ) : ١ / ٣٧ / ومجمع الزوائد: ٩ / ١٩.

(٦) حياة النبي وسيرته : ٣ / ٣١٣ / عن ابن سعد.

(٧) سنن ابن ماجة : ٢ / ١١٠١ / الحديث ٣٣١٢.

(٨) سنن أبي داود : ٤ / ٣٥٨ / الحديث ٥٢٣٠.

٣٦

وكان يداعب أصحابه ولا يقول إلاّ حقّاً(١) ولقد شارك أصحابه في بناء المسجد(٢) وحفر الخندق(٣) وكان يكثر من مشاورة أصحابه بالرغم من أنّه كان أرجح الناس عقلاً(٤) .

وكان يقول :(اللهم أحيني مسكيناً وتوفّني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين وإنّ أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة) (٥) .

هذه صورة موجزة جداً عن بعض ملامح شخصيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعض جوانب سلوكه الفردي والاجتماعي. وهناك صور رائعة وكثيرة عن سلوكه وسيرته الإدارية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والأسرية التي تستحق الدراسة المعمّقة للتأسي بها والاستلهام منها، نتركها إلى الفصول اللاحقة.

ــــــــــــ

(١) سنن الترمذي : ٤ / ٣٠٤ / الحديث ١٩٩٠.

(٢) مسند أحمد : ٣ / ٨٠ .

(٣) الطبقات (لابن سعد): ١ / ٢٤٠.

(٤) الدر المنثور : ٢ / ٣٥٩ ، والمواهب اللدنيّة: ٢ / ٣٣١.

(٥) سنن الترمذي : ٤ / ٤٩٩ / الحديث ٢٣٥٢.

٣٧

الباب الثاني: فيه فصول:

الفصل الأول: دور الولادة والنشأة.

الفصل الثاني دور الفتوّة والشباب.

الفصل الثالث من الزواج إلى البعثة.

الفصل الأول: دور الولادة والنشأة

١ ـ ملامح انهيار المجتمع الوثني:

استحكم الفساد والظلم في مجتمع الجزيرة في الفترة التي سبقت البعثة النبوية فلم تعد كتلة المجتمع واحدة ولم تكن الخصائص الاجتماعية والثقافية التي أوجدتها طبيعة الحياة في الصحراء كافية لإيقاف حالة الانهيار التي بدت ملامحها على المجتمع في الجزيرة العربية. وما الأحلاف التي نشأت إلا تعبير عن ظاهرة اجتماعية لمقاومة ذلك التحلل ولكنها في تعددها دليل على انعدام القوة المركزية في المجتمع.

٣٨

ولا نلاحظ حركة إصلاحية تغييرية يذكرها لنا التأريخ تكون قد سعت للنهوض بالمجتمع والارتقاء به نحو الحياة الفضلى سوى حركة بعض الأفراد التي تعبر عن حالة الرفض لهذا التفسخ والظلم الاجتماعي متمثلة في حالة التحنّث التي أبداها عدد قليل من أبناء الجزيرة العربية ولم ترتق إلى مستوى النظرية أو الحركةالتغييرية الفاعلة في المجتمع... (١) وتفكك المجتمع القرشي قد نلاحظه أيضاً في ظاهرة اختلافهم حول بناء الكعبة في الوقت الذي كانت قريش من أعز القبائل العربية وأشدها تماسكاً. ويمكن لنا أن نستدل على تمادي المجتمع في الفساد من خلال الإنذارات المتكررة من اليهود القاطنين في الجزيرة العربية واستفتاحهم على أهالي الجزيرة بظهور المصلح المنقذ للبشرية برسالته السماوية وكانوا يقولون لهم: ليخرجن نبي فليكسرن أصنامكم (٢) .

٢ ـ إيمان آباء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

ولد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وترعرع في عائلة تدين بالتوحيد وتتمتع بسمو الأخلاق وعلو المنزلة. فإيمان جدّه عبد المطلب نلمسه من كلامه ودعائه عند هجوم أبرهة الحبشي لهدم الكعبة إذ لم يلتجئ إلى الأصنام بل توكل على الله لحماية الكعبة(٣) بل يمكن أن نقول إن عبد المطلب كان عارفاً بشأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومستقبله المرتبط بالسماء من خلال الأخبار التي أكدت ذلك وتجلّت اهتماماته به في الاستسقاء بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو رضيع، وما ذلك إلاّ لما كان يعلمه من مكانته عند الله المنعم الرازق(٤) ، والشاهد الآخر هو تحذيره لأُم أيمن من الغفلة عنه عندما كان صغيراً(٥) .

وكذلك حال عمه أبي طالب الذي استمر في رعاية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعمه لأجل تبليغ الرسالة والصدع بها حتى آخر لحظات عمره المبارك متحملاً في ذلك

ــــــــــــ

(١) راجع السيرة النبوية: ١/٢٢٥.

(٢) بحار الأنوار: ١٥/٢٣١، وراجع السيرة النبوية: ١/٢١١، البقرة: ٢/٨٩.

(٣) السيرة النبوية: ١ / ٤٣ ـ ٦٢ ، الكامل في التأريخ: ١ / ٢٦٠ ، بحار الأنوار: ٥ / ١٣٠.

(٤) السيرة الحلبية : ١ / ١٨٢ ، الملل والنحل للشهرستاني: ٢ / ٢٤٨.

(٥) سيرة زيني دحلان بهامش السيرة الحلبية: ١ / ٦٤، وراجع تاريخ اليعقوبي: ٢ / ١٠.

٣٩

أذى قريش وقطيعتهم وحصارهم له في الشعب. ونلمس هذا في ما روي عن أبي طالبعليه‌السلام في عدة مواقف ترتبط بحرصه على سلامة حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

وأما والدا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فالروايات دالّة على نبذهما للشرك والأوثان ويكفي دليلاً قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (لم أزل أُنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات) وفيه إيعاز إلى طهارة آبائه وأمهاته من كل دنس وشرك (٢) .

٣ ـ مولد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

ما إن استنفذت الديانة النصرانية أغراضها في المجتمع البشري ولم تعد لها فاعلية تذكر حتى حلّت في الدنيا كلّ مظاهر التيه والزّيغ، وأمسى الناس كافة ضُلاّل فتن وحيرة، استخفّتهم الجاهلية الجهلاء، ولم تكن أوضاع الروم بأقل سوءاً من أوضاع منافسيهم في فارس، وما كانت جزيرة العرب أفضل وضعاً من الاثنين. والكل على شفا حفرة من النّار.

وقد وصف القرآن بصورة بليغة جانباً مأساوياً من حياة البشر آنذاك، كما وصف سيد أهل بيت النبوة علي بن أبي طالبعليه‌السلام ذلك الوضع المأساوي وصفاً دقيقاً عن حس ومعايشة في عدّة خطب، منها قوله في وصف حال المجتمع الذي بُعث فيه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(أرسله على حين فترة من الرسل وطول هجعة من الأُمم واعتزام من الفتن، وانتشار من الأُمور وتلظّ من الحروب والدنيا كاسفة النور، ظاهرة الغرور، على حين اصفرار من ورقها، وإياس من ثمرها، واغورار من مائها ، قد درست منار الهدى ، وظهرت أعلام الردى، فهي متجهمة لأهلها ، عابسة في وجه طالبها، ثمرها الفتنة، وطعامها الجيفة، وشعارها

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية : ١ / ٩٧٩ ، تاريخ ابن عساكر: ١ / ٦٩ ، مجمع البيان: ٧ / ٣٧ ، مستدرك الحاكم: ٢ / ٦٢٣ ، الطبقات الكبرى: ١ / ١٦٨، السيرة الحلبية: ١ / ١٨٩ ، اصول الكافي: ١ / ٤٤٨ ، الغدير: ٧ / ٣٤٥.

(٢) سيرة زيني دحلان بهامش السيرة الحلبية: ١ / ٥٨ ، وراجع أوائل المقالات للشيخ المفيد: ١٢ و١٣.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

اشتريتها منه، فان عرفها وإلاّ فهي كسبيل مالك(١) .

واللّقطة إذا وجدها الغنيّ والفقير فهي بمنزلة واحدة(٢) .

وإن وجدت لقيطة(٣) فهي حرّة، لا تسترق ولا تباع، فإن ولدت من الزّنا فهو مملوك - أعني ولدها - إن شئت بعته، وإلاّ أمسكته(٤) .

__________________

١ - عنه المستدرك: ١٧/١٢٩ ح ٢. وفي فقه الرضا: ٢٦٦ نحوه. وفي الكافي: ٥/١٣٩ ح ٩، والفقيه: ٣/١٨٩ ح ١٦، والتهذيب: ٦/٣٩٢ ح ١٤ بمعناه، عنها الوسائل: ٢٥/٤٥٢ - أبواب اللقطة - ب ٩ ح ١ وح ٢، وفي المختلف: ٤٥١ عن علي بن بابويه مثله.

٢ - عنه المستدرك: ١٧/١٣٢ ح ١. وفي قرب الاسناد: ٢٦٩ ح ١٠٧١، والفقيه: ٣/١٨٦ صدر ح ٣، والتهذيب: ٦/٣٨٩ صدر ح ٣، والاستبصار: ٣/٦٨ صدر ح ٣ باختلاف يسير في اللّفظ، عنها الوسائل: ٢٥/٤٦١ - أبواب اللقطة - ب ١٦ ح ١. وفي البحار: ١٠٤/٢٤٩ ح ٤ عن قرب الاسناد.

٣ - اللَّقيط: المولود الذي ينبذ « القاموس المحيط: ٢/٥٦٥ ».

٤ - عنه المستدرك: ١٧/١٣٣ ح ٣. وفي الفقيه: ٣/٨٦ ح ٦، والتهذيب: ٨/٢٢٨ ح ٥٥ باختلاف في اللفظ، عنهما الوسائل: ٢٣/٩٦ - أبواب العتق - ب ٦١ ح ٣ ذيله، وص ٩٨ ب ٦٢ ح ٥ صدره، وفي ج ٢٥/٤٦٧ - أبواب اللقطة - ب ٢٢ صدر ح ٤ وح ٥ عن الكافي: ٥/٢٢٥ صدر ح ٤ وح ٥، والتهذيب: ٧/٧٨ صدر ح ٤٩ نحو صدره.

٣٨١

باب ما هو بمنزلة اللقطة

سأل حفص بن غياث النخعي القاضي أبا عبد اللّهعليه‌السلام عن رجل من المسلمين أودعه رجل من اللّصوص دراهم أو متاعاً، واللّص مسلم، هل يردّه عليه؟ قالعليه‌السلام : لا يردّه عليه، فان أمكنه أن يردّه على أصحابه فعل، وإلاّ كان في يديه(١) بمنزلة اللّقطة يصيبها فيعرّفها حولاً، فان أصاب صاحبها وإلاّ تصدّق بها، فان جاء صاحبها بعد ذلك خيّر بين الأجر والغرم، فان اختار الأجر فله الأجر، وإن اختار الغرم غرم له، وكان الأجر له(٢) .

__________________

١ - « يده » أ.

٢ - عنه الوسائل: ٢٥/٤٦٣ - أبواب اللقطة - ب ١٨ ح ١ وعن الكافي: ٥/٣٠٨ ح ٢١، والفقيه: ٣/١٩٠ ح ١، والتهذيب: ٦/٣٩٦ ح ٣١، والاستبصار: ٣/١٢٤ ح ٢ مثله.

٣٨٢

باب الرهن، والوديعة، والعارية، وغير ذلك

إذا رهن رجل عندك رهناً على أن يخرجه إلى أجل فلم يخرجه، فليس لك أن تبيعه، فانّ الرّهن رهن(١) إلى يوم القيامة، فان اشترط أنّه إن لم يحمل في(٢) يوم كذا وكذا فبعه، فلا بأس أن تبيعه إذا جاء الأجل ولم يحمل(٣) ، وإن كان فيه فضل فبعه وأمسك ما فضل حتّى يجيء صاحبه فردّ عليه، وإن كان فيه نقصان فعلى اللّه الأجر(٤) .

فان رهن رجل عند رجل داراً فاحترقت أو انهدمت(٥) ، فانّ ماله في تربة الأرض، فان رهن عنده مملوكاً فأجذم أو رهن عنده متاعاً فلم ينشر(٦) المتاع ولم

__________________

١ - ليس في «د».

٢ - ليس في «ب».

٣ - عنه المستدرك: ١٣/٤٢٦ صدر ح ٥. وانظر الوسائل: ١٨/٣٨٤ - أبواب الرهن - ب ٤.

٤ - عنه المستدرك: ١٣/٤٣٦ ذيل ح ٥. وفي الكافي: ٥/٢٣٣ ذيل ح ٤، والفقيه: ٣/١٩٧ ذيل ح ١٢، والتهذيب: ٧/١٦٨ ذيل ح ٤ باختلاف في اللفظ، عنها الوسائل: ١٨/٣٨٤ - أبواب الرهن - ب ٤ ذيل ح ٢.

٥ - « وأهدمت » أ. « وانهدمت » ب، د.

٦ - نشر المتاع: بسطه « مجمع البحرين: ٢/٣١٢ - نشر - ».

٣٨٣

يحرّكه(١) ( ولم يتعاهده فانفسد )(٢) ، فانّ ذلك لم ينقص من ماله شيئاً(٣) .

فإن رهن عنده رهناً فضاع أو أصابه شيء، رجع بماله عليه(٤) ، فان هلك بعضه وبقي بعضه فانّ حقّه فيما بقي(٥) .

فإن ضيّعه المرتهن من غير أن ضاع، فانّ عليه أن يردّ على الرّاهن الفاضل إن كان فيه، وإن كان ساوى مقدار حقّه وضيّعه فليس عليه شيء، وإن كان الرّهن أقلّ من ماله، أدّى الرّاهن إليه فضل(٦) ماله(٧) .

فان اختلف رجلان في الرّهن، فقال أحدهما: رهنته بألف درهم، وقال الآخر: بمائة درهم، فانّه يسأل صاحب الألف البيّنة، فان لم تكن له(٨) بيّنة حلف صاحب المئة، وإن قال أحدهما: هو رهن، وقال الآخر: هو وديعة عندك، فانّه

__________________

١ - « يخرجه » المختلف.

٢ - « ولم يتعهدّه فانفسد » أ، د. « فلم يتعهّده ففسد » المختلف.

٣ - عنه المختلف: ٤١٩ ذيله، والمستدرك: ١٣/٤٢٠ ح ١ صدره، وصدر ح ٢ ذيله. وفي الفقيه: ٣/١٩٧ ح ١٤، وص ١٩٨ ح ١٥، والتهذيب: ٧/١٧١ ح ١٦، والاستبصار: ٣/١١٩ ح ٣ باختلاف يسير في اللفظ، عنها الوسائل: ١٨/٣٨٨ - أبواب الرهن - ب ٥ ح ٩.

٤ - عنه المستدرك: ١٣/٤٢٠ ضمن ح ٢. وفي الكافي: ٥/٢٣٥ ح ١١، والفقيه: ٣/١٩٨ ح ١٦، والتهذيب: ٧/١٧٠ ح ١٤، والاستبصار: ٣/١١٨ ح ١ باختلاف يسير في اللفظ، عنها الوسائل: ١٨/٣٨٦ - أبواب الرهن - ب ٥ ح ٣، وص ٣٨٧ ح ٥. وسيأتي في ص ٣٨٥ نحوه.

٥ - عنه المستدرك: ١٣/٤٢٠ ذيل ح ١. وفي الفقيه: ٣/١٩٧ صدر ح ١٤، والتهذيب: ٧/١٧٠ صدر ح ١٥، والاستبصار: ٣/١١٨ صدر ح ٢ باختلاف في اللّفظ، عنها الوسائل: ١٨/٣٩٠ - أبواب الرهن - ب ٦ صدر ح ٢.

٦ - « ما فضل له » ب.

٧ - عنه المستدرك: ١٣/٤٢٠ ح ١. وفي الكافي: ٥/٢٣٤ ح ٦، والفقيه: ٣/١٩٩ ح ٢١، والتهذيب: ٧/١٧١ ح ١٧، والاستبصار: ٣/١١٩ ح ٥ باختلاف في اللفظ، عنها الوسائل: ١٨/٣٩١ - أبواب الرهن - ب ٧ ح ٣، وص ٣٩٢ ح ٤. وانظر الكافي: ٥/٢٣٤ ح ٩.

٨ - ليس في «ب».

٣٨٤

يسأل صاحب الوديعة بيّنة(١) ، فان لم تكن له(٢) بينة حلف صاحب الرّهن(٣) .

وإن رهن رجل ( عند رجل )(٤) داراً لها غلّة فالغلّة لصاحب الدّار، وإن رهن أرضاً فقال الرّاهن: إزرعها لنفسك، فليزرعها وله ما حلّ منها كما أحلّه(٥) له، لأنّه يزرعها بماله ويعمّرها(٦) .

وسئل أبو الحسن الرضاعليه‌السلام عن رجل هلك أخوه وترك صندوقاً فيه رهون، بعضها عليه اسم صاحبه، وبكم هو رهن، وبعضها لا يدري لمن هو ( ولا )(٧) بكم هو رهن، ما ترى في هذا الذي لا يعرف صاحبه؟ فقالعليه‌السلام : هو كماله(٨) .

وإن رهن رجل أرضاً فيها ثمر، فانّ ثمرتها من حساب ماله، وله حساب ما عمل فيها وأنفق عليها، وإذا استوفى ماله فليدفع الأرض إلى صاحبها(٩) .

واعلم أنّه متى ما(١٠) رهن رجل عند رجل رهناً(١١) ، فضاع من غير أن يضيّعه

__________________

١ - « بيّنته » أ. « البيّنة » المختلف، المستدرك.

٢ - ليس في «ب».

٣ - عنه المختلف: ٤١٧ ذيله، والمستدرك: ١٣/٤٢٤ ح ١ ذيله وح ٢ صدره. وفي الكافي: ٥/٢٣٧ ح ١، والفقيه: ٣/١٩٩ ح ٢٢، والتهذيب: ٧/١٧٤ ح ٢٨ مثله، وفي الاستبصار: ٣/١٢٢ ح ٣ صدره، عنها الوسائل: ١٨/٤٠٣ - أبواب الرهن - ب ١٧ ح ٢ صدره، وص ٤٠١ ب ١٦ ح ٢ ذيله.

٤ - ليس في «ب».

٥ - « أحلّ » ب.

٦ - عنه المستدرك: ١٣/٤٢١ ح ١. وفي الكافي: ٥/٢٣٥ ذيل ح ١٢، والفقيه: ٣/٢٠٠ ذيل ح ٢٣، والتهذيب: ٧/١٧٣ ذيل ح ٢٤ باختلاف يسير في اللفظ، عنها الوسائل: ١٨/٣٩٣ - أبواب الرهن - ب ٨ ذيل ح ١، وانظر ص ٣٩٤ ب ١٠. وفي المختلف: ٤١٩ عن المصنّف نحوه.

٧ - « و » المستدرك.

٨ - عنه المستدرك: ١٣/٤٢٣ ح ١. وفي الكافي: ٥/٢٣٦ ح ١٩، والفقيه: ٣/٢٠٠ ح ٢٤، والتهذيب: ٧/١٧٠ ح ١٣ مثله، عنها الوسائل: ١٨/٣٩٩ - أبواب الرهن - ب ١٤ ح ١.

٩ - عنه المستدرك: ١٣/٤٢٢ ذيل ح ٢. وفي الفقيه: ٣/١٩٧ ح ١٠ مثله، وفي الكافي: ٥/٢٣٥ ح ١٤، والتهذيب: ٧/١٦٩ ح ٨ نحوه، عنها الوسائل: ١٨/٣٩٤ - أبواب الرهن - ب ١٠ ح ٢ وح ٦.

١٠ - ليس في «ب».

١١ - ليس في «ب».

٣٨٥

فهو من مال الرّاهن، ويرتجع المرتهن عليه بماله(١) .

وليس على مستعير عارية ضمان إلاّ أن يشترط، إلاّ الذّهب والفضّة فإنّهما مضمونان شرط أو(٢) لم يشرط(٣) (٤) .

وصاحب الوديعة والرّهن مؤتمنان(٥) . [ ويقبل دعوى التلف والضياع بلا يمين ](٦) .

[ وسئل(٧) الصّادقعليه‌السلام عن المودّع إذا كان غير ثقة، هل يقبل قوله؟ قال: نعم، ولا يمين عليه(٨) .

وروي ( في حديث آخر )(٩) أنّه قالعليه‌السلام : لم يخنك الأمين ولكنّك ائتمنت الخائن(١٠) (١١) ].

__________________

١ - عنه المستدرك: ١٣/٤٢٠ ذيل ح ٢. وفي الفقيه: ٣/١٩٥ ح ١ مثله، عنه الوسائل: ١٨/٣٨٥ - أبواب الرهن - ب ٥ ح ١، وقد تقدم في ص ٣٨٤ نحوه.

٢ - هكذا في « م ». « أم » أ، ب، ج، د.

٣ - « يشترط » المستدرك.

٤ - عنه المستدرك: ١٤/٢٥ ح ١. وفي الفقيه: ٣/١٩٢ صدر ح ١، والتهذيب: ٧/١٨٣ صدر ح ١٠ باختلاف يسير في اللفظ، وفي الكافي: ٥/٢٣٨ ح ٢ وح ٣ نحوه، عنها الوسائل: ١٩/٩٦ - أبواب العارية - ب ٣ ح ١ وح ٢ وح ٤.

٥ - عنه المستدرك: ١٤/١٦ ح ٥. وفي الكافي: ٥/٢٣٨ صدر ح ١، والتهذيب: ٧/١٧٩ ح ٣، وص ١٨٣ صدر ح ٨، والاستبصار: ٣/١٢٦ صدر ح ٩ مثله إلاّ أنّه فيها البضاعة بدل « الرهن »، عنها الوسائل: ١٩/٧٩ - أبواب الوديعة - ب ٤ ح ١.

٦ - أثبتناه من المسالك: ٢/٢٩١ نقلاً عنه.

٧ - ذكر العلاّمة في المختلف: ٤٤٤ قبل الحديث: إذا ادّعى الودعيّ أنّ الوديعة سرقت أو ضاعت، قال الصدوق في المقنع: يقبل قوله بغير يمين. والظاهر أنّه قد سقط من النسخ الخطّية، ولم نثبته في المتن لعدم بيان مجموع قول المصنّف.

٨ - عنه المختلف: ٤٤٤، والوسائل: ١٩/٨٠ - أبواب الوديعة - ب ٤ ح ٧.

٩ - ليس في « الوسائل ».

١٠ - ما بين المعقوفين أثبتناه من المختلف، والوسائل نقلاً عنه.

١١ - عنه المختلف: ٤٤٤، والوسائل: ١٩/٨٠ - أبواب الوديعة - ب ٤ ح ٨. وفي الفقيه: ٣/١٩٥ ذيل ح ٧، والتهذيب: ٧/١٨١ ذيل ح ٩ مثله، وكذا في الكافي: ٥/٢٩٩ ح ٤ باسناده، عن أبي جعفرعليه‌السلام .

٣٨٦

فان أعطى رجل رجلاً مالاً مضاربة، ونهاه ( من أن )(١) يخرج من البلاد فخرج به، فانّه يضمن المال إن هلك، والرّبح بينهما(٢) .

وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام يضمّن القصّار والصّائغ، وكلّ من أخذ شيئاً ليصلحه فأفسده(٣) .

وكان أبو جعفرعليه‌السلام يتفضّل على القصّار والصّائغ إذا كان مأموناً(٤) .

__________________

١ - « على أن لا » أ، د.

٢ - عنه المستدرك: ١٣/٤٥٦ ح ٥. وفي الكافي: ٥/٢٤٠ ح ٢، والفقيه: ٣/١٤٣ ح ١، والتهذيب: ٧/١٨٩ ح ٢٣ وح ٢٤ باختلاف يسير في اللفظ، عنها الوسائل: ١٩/١٥ - أبواب المضاربة - ب ١ ح ١ وح ٦.

٣ - عنه الوسائل: ١٩/١٤٧ - أبواب الاجارة - ب ٢٩ ح ٢٢. وفي الكافي: ٥/٢٤٢ صدر ح ٣، والتهذيب: ٧/٢٢٠ صدر ح ٤٣ وصدر ح ٤٤، والاستبصار: ٣/١٣٣ صدر ح ٩ وصدر ح ١٠ صدره، وفي التهذيب: ٧/٢٢٠ ح ٤٥ باختلاف يسير في صدره، وفي الكافي: ٥/٢٤١ ذيل ح ١، والفقيه: ٣/١٦١ ذيل ح ١ ذيله.

٤ - عنه الوسائل: ١٩/١٤٨ - أبواب الاجارة - ب ٢٩ ح ٢٣، وفي التهذيب: ٧/٢٢٠ ذيل ح ٤٣، والاستبصار: ٣/١٣٣ ذيل ح ١٠ مثله، وفي الكافي: ٥/٢٤٢ ذيل ح ٣، والاستبصار: ٣/١٣٣ ذيل ح ٩ باختلاف يسير في اللفظ.

٣٨٧

٣٨٨

باب المزارعة، والاجارة، وشراء أراضي أهل الذمّة وبيعها، وبيع الكلاء والزرع وشرب الماء

سئل الصّادقعليه‌السلام عن رجل يزرع أرض رجل فيشترط عليه ثلثاً للبذر ( وثلثاً للأرض )(١) وثلثاً للبقر، فقالعليه‌السلام : لا ينبغي أن يسمّي بذراً ولا بقراً، ولكن يقول لصاحب الأرض: أزرع في أرضك ولك منها ( كذا وكذا )(٢) نصف أو ثلث أو ما كان من شرط، ولا يسمّي بذراً ولا بقراً، فانّه يحرم الكلام فيها(٣) .

وسئلعليه‌السلام عن مزارعة المسلم المشرك، ويكون من عند المسلم البذر والبقر، ويكون الأرض والماء والخراج والعمل على العلج(٤) ، قالعليه‌السلام : لا بأس(٥) .

ولا بأس أن(٦) يستأجر الرجل الأرض بخمس ما يخرج منها أو بدون ذلك أو

__________________

١ - ليس في «أ».

٢ - « كذلك » ب، ج.

٣ - عنه الوسائل: ١٩/٤٣ - أبواب المزارعة - ب ٨ ح ١٠ وعن الفقيه: ٣/١٥٨ ح ٢، والتهذيب: ٧/١٩٤ ح ٣ مثله.

٤ - العلج: الرجل الضخم من كفّار العجم « مجمع البحرين: ٢/٢٣٠ - علج - ».

٥ - عنه الوسائل: ١٩/٤٧ - أبواب المزارعة - ب ١٢ ح ١ وعن الكافي: ٥/٢٦٨ صدر ح ٤ مثله، وكذا في التهذيب: ٧/١٩٤ صدر ح ٤.

٦ - « بأن » ب، ج.

٣٨٩

بأكثر ممّا يخرج منها من الطّعام، والخراج على العلج(١) .

ولا بأس أن تستأجر(٢) الأرض بدراهم، وتزارع(٣) النّاس على الثّلث أو الرّبع(٤) أو أقلّ أو أكثر إذا كنت لا تأخذ الرّجل إلاّ بما أخرجت أرضك(٥) .

وروى الحلبي عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام أنّه قال: لا تستأجر الأرض بالحنطة ثمّ تزرعها حنطة(٦) .

ولا بأس ببيع(٧) العصير والتّمر ممّن يجعله خمراً(٨) .

ولا بأس ببيع الخشب ممن يتّخذه برابط(٩) ، ولا يجوز بيعه ممن يتّخذه صلباناً(١٠) .

وإن استأجر الرّجل من صاحبه أرضاً، وقال: أجرنيها بكذا وكذا، إن

__________________

١ - عنه المستدرك: ١٣/٤٦٦ ح ٢. وفي التهذيب: ٧/١٩٤ ذيل ح ٤ باختلاف يسير في اللفظ، عنه الوسائل: ١٩/٤٧ - أبواب المزارعة - ب ١٢ ذيل ح ٢.

٢ - « يستأجر » أ، ج، د. « يستعمل » ب، وما أثبتناه من المستدرك.

٣ - « يزارع » جميع النسخ وما أثبتناه من المستدرك.

٤ - « الربع » أ.

٥ - عنه المستدرك: ١٣/٤٧٠ ح ١. وفي التهذيب: ٧/١٩٤ ح ٥ مثله، عنه الوسائل: ١٩/٥٢ - أبواب المزارعة - ب ١٥ ح ١.

٦ - عنه الوسائل: ١٩/٥٤ - أبواب المزارعة - ب ١٦ ح ٣ وعن الكافي: ٥/٢٦٥ ح ٣، والفقيه: ٣/١٥٩ ح ٦، والتهذيب: ٧/١٩٥ ح ٩ مثله.

٧ - « أن يبيع » أ، د.

٨ - الكافي: ٥/٢٣١ ح ٨ نحوه، وفي التهذيب: ٧/١٩٦ ضمن ح ١٢ باختلاف يسير، عنهما الوسائل: ١٧/٢٣٠ - أبواب ما يكتسب به - ب ٥٩ ح ٥، وص ٢٣١ ح ٧.

٩ - البربط: ملهاة تشبه العود « لسان العرب: ٧/٢٥٨ ».

١٠ - عنه المستدرك: ١٣/١٢٢ ح ١. وفي الكافي: ٥/٢٢٦ ح ٢، والتهذيب: ٦/٣٧٣ ح ٢٠٣، وج ٧/١٣٤ ح ٦١ باختلاف يسير في اللفظ، عنهما الوسائل: ١٧/١٧٦ - أبواب ما يكتسب به - ب ٤١ ح ١.

٣٩٠

زرعتها أو لم أزرعها أعطيك ذلك، فلم يزرعها الرّجل، فانّ له أن يأخذه بماله، فان شاء ترك، وإن شاء لم يترك(١) .

وإذا أعطى رجل أرضه رجلاً وهي خربة، فقال: أعمرها وهي لك ثلاث سنين أو أربع سنين أو خمس سنين أو ما شاء فلا بأس به(٢) (٣) .

وسئل أبو عبد اللّهعليه‌السلام عن رجل استأجر أرضاً من أرض الخراج بدراهم مسمّاة أو بطعام مسمّى، فيؤاجرها جريباً جريباً وقطعة قطعة بشيء معلوم، فيكون له فضل فيما استأجر من السّلطان، ولا ينفق(٤) شيئاً، أو يؤاجر تلك الأرض قطعاً على أن يعطيهم البذر والنفقة فيكون له في ذلك فضل على إجارته، وله تربة الأرض ( أله ذلك أو ليس )(٥) له؟ فقالعليه‌السلام : إذا استأجرت أرضاً فأنفقت فيها شيئاً أو رممت(٦) فلا بأس بما ذكرت(٧) .

ولا بأس أن يستكري الرّجل الأرض بمائة دينار فيكري نصفها بخمسة وتسعين دينار ويعمّر(٨) بقيّتها(٩) .

__________________

١ - عنه المستدرك: ١٤/٣٣ ح ١. وفي الكافي: ٥/٢٦٥ ح ٧، والفقيه: ٣/١٥٥ ح ٥، والتهذيب: ٧/١٩٦ ح ١٣ باختلاف يسير في اللفظ، عنها الوسائل: ١٩/١٢٣ - أبواب الاجارة - ب ١٨ ح ١.

٢ - ليس في «ب» و «ج» و «د».

٣ - الكافي: ٥/٢٦٨ ضمن ح ٢، والفقيه: ٣/١٥٤ ضمن ح ١، والتهذيب: ٧/١٩٨ ضمن ح ٢٢ باختلاف يسير في اللفظ، عنها الوسائل: ١٩/٤٦ - أبواب المزارعة - ب ١١ ح ١.

٤ - « ولا ينقص » أ.

٥ - « أو ليست » أ، د.

٦ - « رميت فيها » أ. « رهنت » ب.

٧ - عنه الوسائل: ١٩/١٢٧ - أبواب الاجارة - ب ٢١ ذيل ح ٤ وعن الكافي: ٥/٢٧٢ ذيل ح ٢، والفقيه: ٣/١٥٧ صدر ح ١٢، والتهذيب: ٧/٢٠٣ ذيل ح ٤٢ مثله.

٨ - « أو يعمل » أ، د.

٩ - عنه الوسائل: ١٩/١٢٨ - أبواب الاجارة - ب ٢١ ذيل ح ٤ وعن الفقيه: ٣/١٥٧ ذيل ح ١٢ مثله.

٣٩١

وقال الصّادقعليه‌السلام : لا بأس أن يستأجر الرّجل الأرض، ثمّ يؤاجرهابأكثر ممّا استأجرها، إنّ هذا ليس كالحانوت، إنّ فضل الحانوت والأجيرحرام(١) .

ولو أنّ رجلاً استأجر داراً بعشرة دراهم، فسكن ثلثيها(٢) وأجّر ثلثها(٣) بعشرة دراهم لم يكن به بأس، ولكن لا يؤاجرها بأكثر ممّا تقبّلها به(٤) .

وسئل أبو عبد اللّهعليه‌السلام عن شراء القصيل يشتريه الرّجل فلا يقصله، ويبدو له في تركه حتّى يخرج سنبله شعيراً أو حنطة، وقد اشتراه من أصله، وعلى أربابه خراج، فقالعليه‌السلام : إن كان اشترط حين اشتراه إن شاء قطعه قصيلاً(٥) وإن شاء تركه كما هو حتّى يكون سنبلاً، وإلاّ فلا ينبغي له أن يتركه حتّى يكون سنبلاً(٦) .

ولا يجوز أن يشتري زرع الحنطة والشّعير ( قبل أن يسنبل )(٧) وهو حشيش، إلاّ أن يشتريه للقصيل يعلفه(٨) الدّواب(٩) (١٠) .

__________________

١ - عنه الوسائل: ١٩/١٢٥ - أبواب الاجارة - ب ٢٠ ح ٤ وعن الكافي: ٥/٢٧٢ ح ٣، والتهذيب: ٧/٢٠٣ ح ٤١، والاستبصار: ٣/١٢٩ ح ٣ مثله.

٢ - « ثلثها » ب، ج.

٣ - « ثلثيها » ب.

٤ - عنه المستدرك: ١٤/٣٥ ح ٢. وفي الفقيه: ٣/١٥٧ ذيل ح ١١ مثله، عنه الوسائل: ٢٩/١٢٥ - أبواب الاجارة - ب ٢٠ ذيل ح ٣.

٥ - ليس في «أ» و «ج».

٦ - عنه الوسائل: ١٨/٢٣٦ - أبواب بيع الثمار - ب ١١ ح ٧ وعن الفقيه: ٣/١٤٨ صدر ح ٢، والتهذيب: ٧/١٤٢ ح ١١، والاستبصار: ٣/١١٢ ح ٣ مثله، وكذا في الكافي: ٥/٢٧٥ ح ٦.

٧ - ليس في «أ».

٨ - « تعلفه » د، المستدرك.

٩ - « للدواب » ج.

١٠ - عنه المختلف: ٣٧٧، والمستدرك: ١٣/٣٦٠ ح ١. وفي الفقيه: ٣/١٤٩ صدر ح ٦ باختلاف يسير في اللفظ، عنه الوسائل: ١٨/٢٣٧ - أبواب بيع الثمار - ب ١١ ح ١٠.

٣٩٢

ولا بأس ببيع الماء(١) .

وليس بشراء أراضي اليهود والنّصارى بأس، يؤدّي عنها(٢) ما كانوا(٣) يؤدّون عنها من الخراج(٤) .

وقد قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : من غرس شجراً بديّاً(٥) أو حفر وادياً لم يسبقه إليه(٦) أحد، وأحيى(٧) أرضاً ميتة(٨) فهي له قضاء من اللّه ورسوله(٩) صلى‌الله‌عليه‌وآله (١٠) .

__________________

١ - عنه المستدرك: ٣/٢٤٣ ح ٣. وفي قرب الاسناد: ٢٦٢ ح ١٠٣٩ بمعناه، عنه البحار: ١٠٣/١٢٦ ح ٥، وفي الكافي: ٥/٢٧٧ ح ١، والفقيه: ٣/١٤٩ ح ٧، والتهذيب: ٧/١٣٩ ح ١ وح ٢، والاستبصار: ٣/١٠٦ ح ١، وص ١٠٧ ح ٢ بمعناه، أيضاً، عنها الوسائل: ١٧/٣٧٣ - أبواب عقد البيع - ضمن ب ٢٤.

٢ - « منها » ب.

٣ - « كان » ب.

٤ - عنه المستدرك: ١٣/٢٤٢ ح ٢. وفي الكافي: ٥/٢٨٣ صدر ح ٤، والتهذيب: ٧/١٤٨ ح ٥، وص ١٤٩ صدر ح ١١ باختلاف في اللفظ، وفي الفقيه: ٣/١٥١ ح ١ صدره باختلاف يسير في اللفظ عنها الوسائل: ١٧/٣٦٨ - أبواب عقد البيع وشروطه - ضمن ب ٢١.

٥ - « بيده » أ، د. والبديّ: الأوّل « مجمع البحرين: ١/١٦١ - بدأ - ».

٦ - ليس في «أ» و «د».

٧ - « ومن أحيى » ب.

٨ - « ميتا » أ، ج، د.

٩ - « وكرمه » أ، د.

١٠ - عنه الوسائل: ٢٥/٤١٣ - أبواب إحياء الموات - ب ٢ ح ١ وعن الكافي: ٥/٢٨٠ ح ٦، والفقيه: ٣/١٥١ ح ٢، والتهذيب: ٦/٣٧٨ ح ٢٢٧، وج ٧/١٥١ ح ١٩ مثله.

٣٩٣

٣٩٤

باب القضاء والأحكام

إيّاك والقضاء فاجتنبه، فانّ القضاء أشدّ المنازل من الدِّين، ولا يفي به إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ(١) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام لشريح: يا شريح قد(٢) جلست مجلساً ما جلسه(٣) إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ أو شقيّ(٤) .

واعلم أنّ القضاة أربعة: قاض قضى بالباطل وهو يعلم أنّه باطل فهو في النّار، وقاض قضى بالباطل وهو لا يعلم أنّه باطل فهو في النّار، وقاض قضى بالحقّ وهو لا يعلم أنّه حقّ فهو في النّار، وقاض قضى بالحقّ وهو يعلم أنّه حقّ فهو في الجنّة(٥) .

واعلم أنّ من جلس للقضاء فان أصاب الحقّ في الحكم فبالحري أن يسلم،

__________________

١ - أُنظر الكافي: ٧/٤٠٦ ح ١، والفقيه: ٣/٤ ح ١، والتهذيب: ٦/٢١٧ ح ٣، عنها الوسائل: ٢٧/١٧ - أبواب صفات القاضي - ب ٣ ح ٣.

٢ - ليس في «أ» و «د».

٣ - « ما يجلسه » ب.

٤ - عنه الوسائل: ٢٧/١٧ - أبواب صفات القاضي - ب ٣ ح ٢ وعن الكافي: ٧/٤٠٦ ح ٢، والفقيه: ٣/٤ ح ٢، والتهذيب: ٦/٢١٧ ح ١ مثله.

٥ - فقه الرضا: ٢٦٠، والخصال: ٢٤٧ ح ١٠٨، والمقنعة: ٧٢٢ مثله. وفي الكافي: ٧/٤٠٧ صدر ح ١، والفقيه: ٣/٣ صدر ح ١، والتهذيب: ٦/٢١٨ صدر ح ٥ باختلاف يسير في اللفظ، عنها الوسائل: ٢٧/٢٢ - أبواب صفات القاضي - ب ٤ ح ٦ وذيل ح ٧.

٣٩٥

وإن أخطأ أخطأ طريق الجنّة(١) .

واعلم أنّ الحكم ( في الدّعاوى )(٢) كلّها، أنّ البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه(٣) ، فان نكل عن اليمين لزمه الحقّ(٤) ، فان ردّ المدّعى عليه اليمين على المدّعي إذا لم يكن للمدّعي شاهدان فلم يحلف فلا حقّ له(٥) ، إلاّ في الحدود فلا يمين فيها، وفي الدّم فانّ البيّنة على المدعى عليه واليمين على المدّعي، لئلاّ يبطل دم امرئ مسلم(٦) .

واعلم أنّ أيّما رجل كان بينه وبين(٧) أخ له مماراة في حقّ، فدعاه إلى رجل من إخوانه(٨) ليحكم بينه وبينه، فأبى إلاّ أن يرافعه إلى هؤلاء، كان بمنزلة الذين قال اللّه عزّ وجلّ:( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ

__________________

١ - لم نجده في مصدر آخر.

٢ - « بالدعاوى » أ، ج، د.

٣ - عنه المستدرك: ١٧/٣٦٧ صدر ح ٢ وعن فقه الرضا: ٢٦٠ مثله، وكذا في الهداية: ٧٤، وفي الفقيه: ٣/٣٩ عن رسالة أبيه مثله. وفي الكافي: ٧/٣٦١ صدر ح ٤، وص ٤١٥ ح ١، والفقيه: ٣/٢٠ صدر ح ١ ذيله، عنهما الوسائل: ٢٧/٢٣٣ - أبواب كيفية الحكم - ب ٣ ح ١ وح ٢ وح ٥.

٤ - عنه المستدرك: ١٧/٣٦٩ ذيل ح ١ وعن فقه الرضا: ٢٦٠ مثله، وكذا في الفقيه: ٣/٣٩ عن رسالة أبيه. وفي أمالي الطوسي: ١/٣٦٨ ضمن حديث بمعناه، عنه الوسائل: ٢٧/٢٣٥ - أبواب كيفية الحكم - ب ٣ ح ٧.

٥ - عنه المستدرك: ١٧/٣٧٠ ح ٢ وعن فقه الرضا: ٢٦٠ مثله، وكذا في الفقيه: ٣/٣٩ عن رسالة أبيه، وفي الهداية: ٧٤ مثله. وفي الكافي: ٧/٤١٦ ح ١ وح ٢ وذيل ح ٣، والفقيه: ٣/٣٨ صدر ح ١، والتهذيب: ٦/٢٣٠ ح ٧ وح ٨، وص ٢٣١ ذيل ح ١٣ باختلاف في اللفظ، عنها الوسائل: ٢٧/٢٤١ - أبواب كيفية الحكم - ب ٧ ح ١ وح ٢ وح ٤.

٦ - عنه المستدرك: ١٧/٣٦٧ ذيل ح ٢ وعن فقه الرضا: ٢٦٠ مثله، وكذا في الفقيه: ٣/٣٩ عن رسالة أبيه، وفي الهداية: ٧٤ مثله. وفي الكافي: ٧/٤١٥ ح ٢، والتهذيب: ٦/٢٢٩ ح ٥ باختلاف يسير في ألفاظ صدره، عنهما الوسائل: ٢٧/٢٣٤ - أبواب كيفية الحكم - ب ٣ ح ٣.

٧ - بزيادة « امرئ مسلم » أ.

٨ - « إخوانكم » ج.

٣٩٦

يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ ) (١) (٢) .

وإن ابتليت بالقضاء فساو بين النّاس في الاشارة، والنّظر في المجلس(٣) .

واعلم أنّه لا يجوز شهادة الولد على الوالد(٤) ، ( ويجوز شهادة الولد لوالده )(٥) ، ( ويجوز شهادة الوالد لولده وعلى ولده )(٦) (٧) .

وتجوز شهادة الأعمى إذا أثبت(٨) .

وشهادة العبد إذا كان عدلاً لا بأس بها لغير سيّده(٩) .

ولا تجوز شهادة المفتري حتّى يتوب من فريته(١٠) ، وتوبته: أن يقف في

__________________

١ - النساء: ٦٠.

٢ - الكافي: ٧/٤١١ ح ٢، والفقيه: ٣/٣ ح ٥، والتهذيب: ٦/٢٢٠ ح ١١ مثله، عنها الوسائل: ٢٧/١١ - أبواب صفات القاضي ب ١ ح ٢.

٣ - الكافي: ٧/٤١٣ ح ٣، والفقيه: ٣/٨ ح ٩، والتهذيب: ٦/٢٢٦ ح ٣ مثله، عنها الوسائل: ٢٧/٢١٤ - أبواب آداب القاضي - ب ٣ ح ١.

٤ - الفقيه: ٣/٢٦ ح ٦ مثله، عنه الوسائل: ٢٧/٣٦٩ - أبواب الشهادات - ب ٢٦ ح ٦. وفي الهداية: ٧٥ باختلاف في اللفظ، وفي المختلف: ٧٢٠ عن ابني بابويه وغيرهما مثله.

٥ - ليس في «أ» و «ب» و «د».

٦ - ليس في «د».

٧ - الكافي: ٧/٣٩٣ صدر ح ٣، والتهذيب: ٦/٢٤٧ صدر ح ٣٥ صدره، عنهما الوسائل: ٢٧/٣٦٧ - أبواب الشهادات - ب ٢٦ ح ١. وفي فقه الرضا: ٢٦١ ذيله. وفي الهداية: ٧٥ صدره.

٨ - فقه الرضا: ٢٦١ مثله. وفي الكافي: ٧/٤٠٠ ح ١ وح ٢، والتهذيب: ٦/٢٥٤ ح ٦٧ وح ٦٨ باختلاف يسير في اللفظ، عنهما الوسائل: ٢٧/٤٠٠ - أبواب الشهادات - ب ٤٢ ح ١ وح ٢ وذيل ح ٣.

٩ - عنه المختلف: ٧٦٣، وفي ص ٧٢٠ عن المصنّف وأبيه مثله، وفي فقه الرضا: ٢٦١ نحوه. وفي الكافي: ٧/٣٨٩ ح ١ صدره باختلاف في اللفظ، وفي التهذيب: ٦/٢٥٠ ح ٤٥، والاستبصار: ٣/١٧ ح ٨ نحوه، عنها الوسائل: ٢٧/٣٤٥ - أبواب الشهادات - ب ٢٣ ح ١ وح ٨، وفي المسالك: ٢/٤٠٧ عن ابني بابويه مثله. وانظر ص ٤٤٠ الهامش رقم « ٥ ».

١٠ - « الفرية » أ، د.

٣٩٧

الموضع الذي قال فيه ما قال، فيكذّب نفسه(١) .

ولا تجوز شهادة شارب الخمر، ولا مقامر، ولا من يلعب بالشّطرنج والنّرد، ولا أجير لصاحبه، ولا تابع لمتبوع(٢) ، ( ولا تجوز شهادة على شهادة في الحدود )(٣) (٤) .

ولا تجوز شهادة الرجل لشريكه إلاّ فيما(٥) لا يعود نفعه عليه(٦) .

وقضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في رجل استودع رجلاً دينارين، واستودعه آخر ديناراً فضاع دينار منها، أنّ لصاحب الدّينارين ديناراً، ويقتسمان(٧) في الدينار الباقي فيجعل بينهما نصفين(٨) .

__________________

١ - عنه المستدرك: ١٧/٤٣٦ ح ٢ وعن فقه الرضا: ٢٦١ مثله. وفي الكافي: ٧/٣٩٧ ح ١ وح ٤، والتهذيب: ٦/٢٤٥ ح ٢٠ وح ٢٢، والاستبصار: ٣/٣٦ ح ١ وح ٣ باختلاف في اللفظ، عنها الوسائل: ٢٧/٣٨٣ - أبواب الشهادات - ب ٣٦ ح ١ وح ٤. وفي المختلف: ٧١٧ عن المصنّف وأبيه ذيله.

٢ - فقه الرضا: ٢٦٠ مثله. وفي الفقيه: ٣/٢٥ ذيل ح ٢ باختلاف يسير. وانظر ص ٢٧ ح ١٢، والكافي: ٧/٣٩٤ ح ٤، وص ٣٩٦ ح ٩، والهداية: ٧٥، والتهذيب: ٦/٢٤٢ ح ٤، وص ٢٤٣ ح ٩، وص ٢٥٨ ح ٨١، والاستبصار: ٣/١٤ ح ١، وص ٢١ ح ٣، عن معظمها الوسائل: ٢٧/٣٧٢ - أبواب الشهادات - ب ٢٩ ح ٣، وص ٣٧٨ ب ٣٢ ح ٣، وص ٣٧٩ ح ٧، وص ٣٨٠ ب ٣٣ ح ١.

٣ - ليس في «ب».

٤ - فقه الرضا: ٢٦١ مثله، وكذا في الفقيه: ٣/٤١ صدر ح ٦، والتهذيب: ٦/٢٥٦ صدر ح ٧٦، وفي ص ٢٥٥ ح ٧٢ من التهذيب المذكور باختلاف يسير في اللفظ، عنهما الوسائل: ٢٧/٤٠٤ - أبواب الشهادات - ب ٤٥ ح ١ وح ٢.

٥ - « أن » أ، د.

٦ - عنه المستدرك: ١٧/٤٣٠ ح ٥ وعن فقه الرضا: ٢٦١ مثله، وكذا في الهداية: ٧٥. وفي الفقيه: ٣/٢٧ ح ١٣، والتهذيب: ٦/٢٤٦ ح ٢٨، والاستبصار: ٣/١٥ ح ٣ باختلاف في اللّفظ، عنها الوسائل: ٢٧/٣٧٠ - أبواب الشهادات - ب ٢٧ ح ٣.

٧ - « ويقسّمان » ب، ج.

٨ - عنه الوسائل: ١٨/٤٥٢ - أبواب الصلح - ب ١٢ ح ١ وعن الفقيه: ٣/٢٣ ح ١٢، والتهذيب: ٦/٢٠٨ ح ١٤، وج ٧/١٨١ ح ١٠ مثله.

٣٩٨

وإذا كان بين رجلين درهمان، فيقول أحدهما: الدّرهمان لي، ويقول الآخر: بيني وبينك، فانّ الذي يقول: هما(١) بيني وبينك قد(٢) أقرّ أنّ أحد الدّرهمين ليس له وأنّه لصاحبه، وأمّا الآخر فبينهما نصفان(٣) .

وإذا شهد رجل(٤) على شهادة رجل فإنّ شهادته تقبل وهو نصف شهادة، وإن شهد رجلان على شهادة رجل فقد ثبت شهادة رجل واحد(٥) ، وإن كان الذي شهد عليه معه في مصره(٦) ، وإذا حضرا فشهد أحدهما على شهادة الآخر، وأنكر صاحبه أن يكون أشهده على شهادته، فانّه يقبل قول أعدلهما(٧) .

وإذا ادّعى رجل على رجل عقاراً أو حيواناً أو غيره وأقام شاهدين، وأقام الذي في يده شاهدين واستوى الشّهود في العدالة، فالحكم فيه أن يخرج الشّيء من يدي(٨) مالكه إلى المدّعي، لأنّ البيّنة عليه، فان لم يكن الشّيء(٩) في يدي أحد

__________________

١ - ليس في «أ» و «ب» و «د».

٢ - ليس في «أ» و «د».

٣ - عنه المستدرك: ١٣/٤٤٤ ح ١. وفي الفقيه: ٣/٢٢ ح ٨، والتهذيب: ٦/٢٠٨ ح ١٢، وص ٢٩٢ ح ١٦ مثله، عنهما الوسائل: ١٨/٤٥٠ - أبواب الصلح - ب ٩ ح ١.

٤ - ليس في «أ» و «د».

٥ - عنه المستدرك: ١٧/٤٤٢ ح ١ وعن فقه الرضا: ٢٦١ مثله، وكذا في الفقيه: ٣/٤١ ح ١، عنه الوسائل: ٢٧/٤٠٤ - أبواب الشهادات - ب ٤٤ ح ٥.

٦ - عنه المستدرك: ١٧/٤٤٢ ذيل ح ١ وعن فقه الرضا: ٢٦١ مثله. وفي الفقيه: ٣/٤٢ صدر ح ٧ والتهذيب: ٦/٢٥٦ صدر ح ٧٧، والاستبصار: ٣/٢٠ صدر ح ١ باختلاف في اللّفظ، عنها الوسائل: ٢٧/٤٠٢ - أبواب الشهادات - ب ٤٤ ح ١.

٧ - عنه المختلف: ٧٢٣ وعن رسالة علي بن بابويه مثله بزيادة « فان استويا في العدالة بطلت الشهادة »، وفي المستدرك: ١٧/٤٤٣ ذيل ح ١ عنه وعن فقه الرضا: ٢٦١ مثله. وفي الكافي: ٧/٣٩٩ صدر ح ١ وح ٢، والفقيه: ٣/٤١ صدر ح ٣، والتهذيب: ٦/٢٥٦ ح ٧٤ وصدر ح ٧٥ باختلاف في اللفظ، عنها الوسائل: ٢٧/٤٠٥ - أبواب الشهادات - ب ٤٦ ح ١ - ح ٣.

٨ - « يد » ج.

٩ - ليس في «أ» و «ج» و «د».

٣٩٩

وادّعى فيه الخصمان جميعاً، فكلّ من أقام البيّنة فهو أحقّ به، فان أقام كلّ واحد منهما البيّنة، فانّ أحقّ المدّعيّين من عدل شاهداه، وإن استوى الشّهود في العدالة فأكثرهما شهوداً يحلف باللّه ويدفع إليه الشّيء، هكذا(١) ذكره والديرحمه‌الله في رسالته إليّ(٢) .

وإن وجد كيس بين جماعة فقالوا كلّهم: ليس هو لنا، وقال واحد منهم(٣) : هو لي، فهو له(٤) .

وإذا كان لرجلين مملوكان مفوّض إليهما يشتريان بأموالهما(٥) ، وكان بينهما كلام، فجاء هذا إلى مولى هذا، وهذا إلى مولى هذا، فاشترى كلّ واحد(٦) منهما الآخر فأخذ هذا بتلابيب(٧) هذا، وهذا بتلابيب هذا، فقال كلّ واحد منهما لصاحبه: أنت عبدي قد اشتريتك، فانّه يحكم بينهما من حيث افترقا، فيذرع الطّريق، فأيّهما كان أقرب فهو الذي سبق الذي(٨) هو أبعد، وإن كانا سواء فهما ردّ على مواليهما لأنّهما جاءا سواء وافترقا سواء، إلاّ أن يكون أحدهما سبق الآخر فالسّابق هو له، إن

__________________

١ - « كذلك » أ، د. « كذا » المختلف.

٢ - عنه المختلف: ٦٩٢ وعن علي بن بابويه مثله، وكذا في المستدرك: ١٧/٣٧٢ ح ٣ عنه وعن فقه الرضا: ٢٦١. وفي الفقيه: ٣/٣٩ مثله. وفي التهذيب: ٦/٢٤٠ ح ٢٥، والاستبصار: ٣/٤٣ ح ١٤ بمعنى صدره، وفي الكافي: ٧/٤١٨ ح ١، والفقيه: ٣/٣٨ ح ١ وح ٢، والتهذيب: ٦/٢٣٤ ح ٦، وج ٧/٢٣٥ ح ٤٤، والاستبصار: ٣/٤٠ ح ٦ بمعنى ذيله، عنها الوسائل: ٢٧/٢٤٩ - أبواب كيفية الحكم - ب ١٢ ح ١ وح ١٤.

٣ - ليس في «ج».

٤ - عنه المستدرك: ١٧/٣٨١ ح ١. وفي الكافي: ٧/٤٢٢ ح ٥، والتهذيب: ٦/٢٩٢ ح ١٧، والنهاية: ٣٥٠ ح ٧ باختلاف في اللفظ، عنها الوسائل: ٢٧/٢٧٣ - أبواب كيفية الحكم - ب ١٧ ح ١.

٥ - « بأهوائهم » أ، د.

٦ - ليس في «ب».

٧ - لببت الرجل تلبيبا: إذا جمعت ثيابه عند صدره ونحره عند الخصومة وجررته « مجمع البحرين: ٢/١٠٢ - لبب - ».

٨ - « للذي » ب، ج.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584