إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء ٢

إعلام الورى بأعلام الهدى3%

إعلام الورى بأعلام الهدى مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
ISBN: 964-319-011-0
الصفحات: 551

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 551 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 81668 / تحميل: 7739
الحجم الحجم الحجم
إعلام الورى بأعلام الهدى

إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠١١-٠
العربية

إعلام الورى بأعلام الهدى - جزء ٢

المؤلف: الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي

١

بسم الله الرحمن الرحیم

٢

٣
٤

( الباب السادس )

في ذكر الامام العالم أبي الحسن

موسى بن جعفر الكاظمعليهما‌السلام

وهو ستة فصول :

٥

( الفصل الأول )

في ذكر تاريخ مولده ، ومبلغ سنه ، ووقت وفاتهعليه‌السلام

ولدعليه‌السلام بالأبواء(١) ـ منزل بين مكّة والمدينة ـ لسبع خلون من صفر سنة ثمان وعشرين ومائة.

وقبض ببغداد في حبس السنديّ بن شاهك لخمس بقين من رجب ـ وقيل أيضا لخمس خلون من رجب ـ سنة ثلاث وثمانين ومائة ، وله يومئذ خمس وخمسون سنة.

وامّه أمّ ولد يقال لها : حميدة البربرية ، ويقال لها : حميدة المصفّاة.

وكنيته : أبو الحسن ، وهو أبو الحسن الأوّل ، وأبو إبراهيم ، وأبو علي ، ويعرف بالعبد الصالح ، والكاظم.

وكانت مدّة إمامتهعليه‌السلام خمسا وثلاثين سنة ، وقام بالأمر وله عشرون سنة ، وكانت في أيّام إمامته بقيّة ملك المنصور أبي جعفر ، ثمّ ملك ابنه المهديّ عشر سنين وشهرا ، ثمّ ملك ابنه الهادي موسى بن محمد سنة وشهرا ، ثمّ ملك هارون بن محمد الملقّب بالرشيد ، واستشهد صلوات الله عليه بعد مضيّ خمس عشرة سنة من ملكه مسموما في حبس السنديّ بن شاهك ، ودفن بمدينة السلام في المقبرة المعروفة بمقابر قريش(٢) .

__________________

(١) الابواء : قرية من أعمال القرع من المدينة ، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وثلاثون ميلا. « انظر : معجم البلدان ١ : ٧٩ ».

(٢) انظر : المحاسن ٢ : ٣١٤ / ٣٢ ، الكافي ١ : ٣٩٧ ، ارشاد المفيد ٢ : ٢١٥ ، تاج المواليد : ١٢١ ، المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٣٢٣ ، الهداية الكبرى : ٢٦٣ ، كشف الغمة ٢ : ٢١٢ ، تاريخ بغداد ١٣ : ٢٧ ، دلائل الامامة للطبري : ١٤٦ ، تذكرة الخواص : ٣١٢.

كفاية الطالب : ٤٥٧ ، الفصول المهمة : ٢٣٢.

٦

( الفصل الثاني )

في ذكر النص عليه بالإمامة

دليل الاعتبار الذي قدّمناه كما دلّ على إمامة آبائهعليهم‌السلام يدلّ على إمامته وإمامة الأئمة من ذرّيّتهعليهم‌السلام ، وإذا دلّلنا على بطلان جميع أقوال مخالفي الشيعة القائلين بعصمة الامام والنصّ ، فإنّ الشيعة اختلفت بعد وفاة أبي عبد اللهعليه‌السلام على أقوال :

قائل يقول : إنّ الصادقعليه‌السلام لم يمت ولا يموت حتّى يظهر فيملأ الأرض عدلا ، وهم : الناووسيّة ، وإنّما سمّوا بذلك لأنّ رئيسهم في مقالتهم رجل يقال له : عبد الله بن الناووس(١) .

وقولهم باطل بقيام الدليل على موته كقيامه على موت آبائهعليهم‌السلام ، وبانقراض هذه الفرقة بأسرها ، ولو كانت محقّة لما انقرضت.

وقائل يقول : بإمامة عبد الله بن جعفر ، وهم : الفطحيّة(٢) .

وقولهم يبطل بأنّهم لم يعوّلوا في ذلك على نصّ عليه من أبيه بالإمامة ، وإنما عوّلوا في ذلك على أنه أكبر ولده ، وأيضا فإنّهم رجعوا عن ذلك ، إلاّ شذاذ منهم ، واسترضت الجماعة الشاذّة أيضا فلا يوجد منهم أحد ، وإنّما نحكي مذهبهم على سبيل التعجّب ، وما هذه صفته فلا شكّ في فساده.

وقائل يقول : بإمامة إسماعيل بن جعفر على اختلاف بينهم ، فمنهم

__________________

(١) انظر : فرق الشيعة : ٦٧ ، الملل والنحل ١ : ١٦٦ ، الفرق بين الفرق : ٦١ / ٥٧.

(٢) انظر : فرق الشيعة : ٧٧ ، الملل والنحل ١ : ١٦٧ ، الفرق بين الفرق : ٦٢ / ٥٩.

٧

من أنكر وفاة إسماعيل في حياة أبيه وزعم أنّه بقي ونصّ أبوه عليه ، وهم شذاذ(١) .

ومنهم من قال : إنّ إسماعيل توفّي في زمن أبيه ، غير أنّه قبل وفاته نصّ على ابنه محمد فكان الامام بعده ، وهؤلاء هم : القرامطة ، نسبوا إلى رجل يقال له : قرمطويه ، ويقال لهم : المباركيّة ، نسبوا إلى المبارك مولى إسماعيل ابن جعفرعليه‌السلام (٢) .

وقول هؤلاء يبطل من وجهين : أحدهما : أنّ مذهبهم يقضي ببطلان حكاية دعوى التواتر عنهم بالنصّ ، وذلك أنّ من أصلهم المعروف أنّ الدين مستور عن جمهور الخلق ، وإنّما يدعو إليه قوم بأعيانهم لا يبلغون حدّ التواتر ، ولا يؤخذ الحقّ إلاّ عنهم وأنه لا يحلّ لأحد من هؤلاء أن يوعز إلى الخلق شيئا منه إلاّ بعد العهود والايمان المغلظة ، فقد ثبت فساد قول من ادّعى عليهم التواتر ، وإنّما يعوّلون على أخبار آحاد وتأويلات في معنى الأعداد وقياس ذلك بالسماوات السبع والأرضين والنجوم وغير ذلك من الشهور والأيّام ممّا يجري مجرى الخرافات ، وهذا لا يعارض ما ذهبنا إليه من إيراد النصوص الظاهرة والتواتر بها من الامم الكثيرة المتظاهرة.

والوجه الآخر : أن النص لا يكون من الله تعالى على من يعلم موته قبل وقت إمامته ، من حيث يكون ذلك نقضا للغرض ويكون عبثا وكذبا ، وإذا لم يبق إسماعيل بعد أبيه بطل قول من ادّعى له النصّ بخلافته.

ولا فصل بين من أنكر وفاته في عصر أبيه وادّعى أنّ ذلك كان تلبيسا ، وبين من أنكر موت أبي عبد اللهعليه‌السلام من الناووسيّة.

__________________

(١) انظر : فرق الشيعة : ٦٧ ، الملل والنحل ١ : ١٦٧ ، الفرق بين الفرق : ٦٢ / ٦٠.

(٢) انظر : فرق الشيعة : ٧١ ، الملل والنحل ٢ : ١٦٨ ، الفرق بين الفرق : ٦٣.

٨

وكذلك من ادّعى أنّه نصّ على ابنه محمد ، لأنّ الإمامة إذا لم تحصل لإسماعيل في حياة أبيه ـ لفساد وجود إمامين معا في زمان واحد ـ فكيف يصحّ نصّه على ابنه؟ إذ النصّ على الإمام لا يوجب الإمامة إلاّ إذا كان من إمام.

وقائل : يقول : بإمامة موسى بن جعفرعليه‌السلام ، وهم : الشيعة الإماميّة ، فإذا فسدت الأقوال المتقدّمة ثبتت إمامة أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، وإلاّ أدّى إلى خروج الحقّ عن جميع أقوال الامّة ، وأيضا فإنّ الجماعة التي نقلت النصّ عليه من أبيه وجدّه وآبائهعليهم‌السلام قد بلغوا من الكثرة إلى حدّ يمتنع معه منهم التواطؤ على الكذب ، إذ لا يحصرهم بلد ومكان ، ولا يضمّهم صقع ، ولا يحصيهم إنسان.

وأما ألفاظ النصّ عليه من أبيهعليه‌السلام ، فمن ذلك :

ما رواه محمد بن يعقوب الكليني ، عن عدّة من أصحابه ، عن أحمد ابن محمد ، عن عليّ بن الحكم ، عن أبي أيّوب الخزّاز ، عن ثبيت ، عن معاذ ابن كثير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قلت له : أسأل الله الذي رزق أباك منك هذه المنزلة أن يرزقك من عقبك قبل الممات مثلها.

فقال : « قد فعل الله ذلك ».

قلت : من هو جعلت فداك؟

فأشار إلى العبد الصالح وهو راقد فقال : « هذا الراقد » وهو يومئذ غلام(١) .

وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن مهران ، عن محمد بن علي ، عن موسى

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٤٥ / ٢ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٢١٧ ، روضة الواعظين : ٢١٣ ، كشف الغمة ٢ : ٢١٩.

٩

الصيقل ، عن المفضّل بن عمر قال : كنّا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فدخل أبو إبراهيم ـ وهو غلام ـ فقال : « استوص به ، وضع أمره عند من تثق به من أصحابك »(١) .

وبهذا الإسناد ، عن محمد بن عليّ ، عن عبد الله القلاّء ، عن الفيض ابن المختار قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : خذ بيدي من النار ، من لنا بعدك؟

فدخل علينا أبو إبراهيم ـ وهو يومئذ غلام ـ فقال : « هذا صاحبكم فتمسّك به »(٢) .

وبهذا الإسناد ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن صفوان الجمّال ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قال له منصور بن حازم : بأبي أنت وامّي ، إنّ الأنفس يغدى عليها ويراح ، فإذا كان ذلك فمن؟

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إذا كان ذلك فهو صاحبكم » وضرب على منكب أبي الحسن الأيمن ، وكان يومئذ خماسيّا ، وعبد الله بن جعفر جالس معنا(٣) .

وبهذا الإسناد ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن عليّ ابن أبي طالبعليه‌السلام ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قلت له : إن

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٤٦ / ٤ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٢١٦ ، روضة الواعظين : ٢١٣ ، كشف الغمة ٢ : ٢١٩.

(٢) الكافي ١ : ٢٤٥ / ١ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٢١٧ ، روضة الواعظين : ٢١٣ ، كشف الغمة ٢ : ٢٢٠ ، الفصول المهمة : ٢٣١.

(٣) الكافي ١ : ٢٤٦ / ٦ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٢١٨ ، كشف الغمة ٢ : ٢٢٠ ، الفصول المهمة : ٢٣٢.

١٠

كان كون ـ ولا أراني الله ذلك ـ فبمن آتمّ؟

قال : فأومأ إلى ابنه موسى.

قلت : فإن حدث بموسى حدث فبمن آتمّ؟

قال : « بولده ».

قلت : فإن حدث بولده وترك أخا كبيرا وابنا صغيرا؟

قال : « بولده ، ثمّ هكذا أبدا ».

قلت : فإن لم أعرفه ولم أعرف موضعه؟

قال : « تقول : اللهم إنّي أتولّى من بقي من حججك من ولد الإمام الماضي ، فإنّ ذلك يجزئك إن شاء الله »(١) .

وبهذا الإسناد ، عن محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس ، عن محمد ابن عبد الجبّار ، عن الحسن بن الحسين ، عن أحمد بن الحسن الميثميّ ، عن فيض بن المختار ، في حديث طويل في أمر أبي الحسنعليه‌السلام حتّى قال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هو صاحبك الذي سألت عنه ، فقم إليه فأقرّ له بحقّه ».

فقمت حتّى قبّلت رأسه ويده ، ودعوت الله له.

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أما إنه لم يؤذن لنا في أول ذلك(٢) ».

فقلت : جعلت فداك ، فاخبر به أحدا؟

قال : « نعم ، أهلك وولدك ورفقاءك ».

وكان معي أهلي وولدي ، وكان معي من رفقائي يونس بن ظبيان ، فلمّا

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٤٦ / ٧ ، وكذا في : كمال الدين : ٤٣٩ / ٤٣ ، ودون ذيله في : ارشاد المفيد ٢ : ٢١٨ ، كشف الغمة ٢ : ٢٢٠.

(٢) في الكافي : منك.

١١

أخبرته حمد الله تعالى وقال : لا والله حتّى أسمع ذلك منه ، وكانت به عجلة ، فخرج فأتبعته ، فلمّا انتهيت إلى الباب سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول له ـ وكان سبقني إليه ـ : « يا يونس ، الأمر كما قال لك فيض ».

فقال : سمعت وأطعت.

فقال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : « خذه إليك يا فيض »(١) .

وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد قال : دعا أبو عبد الله أبا الحسن موسىعليهما‌السلام ونحن عنده فقال لنا : « عليكم بهذا بعدي ، فهو والله صاحبكم بعدي »(٢) .

وبهذا الإسناد ، عن الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن الوشّاء ، عن عليّ بن الحسن عن صفوان الجمّال قال : سألت أبا عبد الله عن صاحب هذا الأمر ، فقال : « إنّ صاحب هذا الأمر لا يلهو ولا يلعب ».

فأقبل أبو الحسن موسى ـ وهو صغير ـ ومعه عناق(٣) مكّية وهو يقول لها : « اسجدي لربّك » فأخذه أبو عبد الله فضمّه إليه وقال : « بأبي وأمّي من لا يلهو ولا يلعب »(٤) .

وبهذا الإسناد ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسن ، عن

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٤٦ / ٩ ، وكذا في : بصائر الدرجات : ٣٥٦ / ١١ ، رجال الكشي : ٦٤٣ / ٦٦٣ ، ونحوه في : الامامة والتبصرة : ٢٠٤ / ٥٦.

(٢) الكافي ١ : ٢٤٧ / ١٢ ، وكذا في : الامامة والتبصرة : ٢٠٥ / ذيل ح ٥٧ ، ارشاد المفيد ٢ : ٢١٩ ، كشف الغمة ٢ : ٢٢١.

(٣) العناق : الانثى من ولد المعز. « الصحيح ـ عنق ـ ٤ : ١٥٣٤ ».

(٤) الكافي ١ : ٢٤٨ / ١٥ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٢١٩ ، المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٣١٧ ، كشف الغمة ٢ : ٢٢١.

١٢

جعفر بن بشير ، عن فضيل ، عن طاهر قال : كان أبو عبد اللهعليه‌السلام يلوم عبد الله يوما ويعاتبه ويعظه ويقول : « ما يمنعك أن تكون مثل أخيك ، فو الله إنّي لأعرف النور في وجهه ».

فقال عبد الله : ولم ، أليس أبي وأبوه واحدا ( وأصلي وأصله واحدا )(١) ؟

فقال له أبو عبد الله : « إنّه من نفسي وأنت ابني »(٢) .

وبهذا الإسناد ، عن عليّ بن محمد ، عن سهل بن زياد و(٣) غيره ، عن محمد بن الوليد ، عن يونس ، عن داود بن زربي ، عن أبي أيّوب الجوزي(٤) قال : بعث إليّ أبو جعفر المنصور في جوف الليل فأتيته ، فدخلت عليه وهو جالس على كرسيّ وبين يديه شمعة وفي يده كتاب ، قال : فلمّا سلّمت عليه رمى بالكتاب إليّ وهو يبكي وقال : هذا كتاب محمد بن سليمان يخبرنا أنّ جعفر بن محمد قد مات ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ـ ثلاثا ـ وأين مثل جعفر ، ثمّ قال لي : اكتب إن كان أوصى إلى رجل بعينه فقدّمه واضرب عنقه.

قال : فكتبت وعاد الجواب : أنّه قد أوصى إلى خمسة : أحدهم أبو جعفر المنصور ، ومحمد بن سليمان ، وعبد الله ، وموسى ، وحميدة(٥) .

وبهذا الإسناد ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد نحو هذا الحديث ، إلاّ أنّه قال : أوصى إلى خمسة : أوّلهم أبو جعفر المنصور ، ثمّ عبد الله ، وموسى ، ومحمد بن جعفر ، ومولى لأبي عبد الله عليه

__________________

(١) في الكافي : وأمي وأمه واحدة.

(٢) الكافي ١ : ٢٤٧ / ١٠ ، وكذا في : الامامة والتبصرة : ٢١٠ / ٦٣ ، ارشاد المفيد ٢ : ٢١٨ ، كشف الغمة ٢ : ٢٢٠.

(٣) في الكافي : أو.

(٤) في الكافي : النحوي.

(٥) الكافي ١ : ٢٤٧ / ١٣ ، وكذا في : الغيبة للطوسي : ١١٩.

١٣

السلام ، فقال المنصور : مالي إلى قتل هؤلاء سبيل(١) .

وروى محمد بن سنان ، عن يعقوب السراج قال : دخلت على أبي عبد الله وهو واقف على رأس أبي الحسن وهو في المهد ، فجعل يسارّه طويلا ، فجلست حتّى فرغ فقمت إليه فقال لي : « ادن إلى مولاك فسلّم عليه ».

فدنوت فسلّمت عليه ، فردّ عليّ بلسان فصيح ، ثمّ قال لي : « اذهب فغير اسم ابنتك التي سمّيتها أمس ، فإنّه اسم يبغضه الله عزّ وجلّ ».

وكانت ولدت لي ابنة فسمّيتها بالحميراء ، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « انته إلى أمره ترشد » فغيّرت اسمها(٢) .

وروى يعقوب بن جعفر الجعفريّ قال : حدّثني إسحاق بن جعفر الصادقعليه‌السلام قال : كنت عند أبي يوما فسأله عليّ بن عمر بن عليّ فقال : جعلت فداك ، إلى من نفزع ويفزع الناس بعدك؟

قال : « إلى صاحب هذين الثوبين الأصفرين والغديرتين ـ يعني الذؤابتين ـ وهو الطالع عليك من الباب ».

فما لبثنا أن طلعت علينا كفّان آخذتان بالبابين حتّى انفتحا ، ودخل علينا أبو إبراهيمعليه‌السلام وهو صبيّ وعليه ثوبان أصفران(٣) .

وروى محمد بن الوليد قال : سمعت عليّ بن جعفر يقول : سمعت أبي ـ جعفر بن محمدعليهما‌السلام ـ يقول لجماعة من خاصّته وأصحابه : « استوصوا بابني موسى خيرا ، فإنّه أفضل ولدي ، ومن اخلّف من بعدي ، وهو

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٤٨ / ١٤.

(٢) الكافي ١ : ٢٤٧ / ١١ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٢١٩ ، كشف الغمة ٢ : ٢٢١ ، دلائل الامامة : ١٦١.

(٣) الكافي ١ : ٢٤٦ / ٥ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٢١٩ ، كشف الغمة ٢ : ٢٢١.

١٤

القائم مقامي ، والحجّة لله تعالى على كافّة خلقه من بعدي »(١) .

وأمثال هذه الأخبار كثيرة.

__________________

(١) ارشاد المفيد ٢ : ٢٢٠ ، كشف الغمة ٢ : ٢٢١ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٤٨ :٢٠ / ٣٠.

١٥

( الفصل الثالث )

في ذكر نبذ من آياته ودلالاته ومعجزاتهعليه‌السلام

محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي يحيى الواسطيّ ، عن هشام بن سالم قال : كنّا بالمدينة ـ بعد وفاة أبي عبد اللهعليه‌السلام ـ أنا ومحمد بن النعمان صاحب الطاق ، والناس مجتمعون على عبد الله بن جعفر ، فدخلنا عليه فسألناه عن الزكاة في كم تجب؟

قال : في مائتي درهم خمسة دراهم.

قلنا : ففي مائة؟

فقال : درهمان ونصف.

قال : فخرجنا ضلاّلا ، ما ندري إلى أين نتوجّه وإلى من نقصد ، نقول : إلى المرجئة ، إلى القدريّة ، إلى المعتزلة ، إلى الخوارج ، إلى الزيديّة؟ فنحن كذلك إذ رأيت شيخا لا أعرفه يومئ إليّ بيده ، فخفت أن يكون عينا من عيون أبي جعفر المنصور ، وذلك أنّه كان له بالمدينة جواسيس على من يجتمع بعد جعفر بن محمدعليهما‌السلام الناس ، فيؤخذ فتضرب عنقه ، فخفت أن يكون منهم ، فقلت للأحول : تنحّ ، فإنّي خائف على نفسي وعليك ، وإنّما يريدني ليس يريدك. فتنحّى عنّي بعيدا.

وأتبعت الشيخ ، وذلك أنّي ظننت لا أقدر على التخلّص منه ، فما زلت أتبعه حتّى ورد على باب أبي الحسن موسىعليه‌السلام ثمّ خلاّني ومضى ، فإذا خادم بالباب فقال لي : ادخل رحمك الله ، فدخلت فإذا أبو الحسن

١٦

موسىعليه‌السلام ، فقال لي ابتداء منه : « إليّ لا إلى المرجئة ، ولا إلى القدريّة ، ولا إلى المعتزلة ، ولا إلى الخوارج ، ولا إلى الزيديّة ».

فقلت : جعلت فداك ، مضى أبوك؟

قال : « نعم ».

قلت : مضى موتا؟

قال : « نعم ».

قلت : فمن لنا بعده؟

قال : « إن شاء الله أن يهديك هداك ».

قلت : جعلت فداك ، إنّ عبد الله أخاك يزعم أنّه إمام من بعد أبيه.

فقال : « عبد الله يريد أن لا يعبد الله ».

قلت : جعلت فداك ، فمن لنا بعده؟

قال : « إن شاء الله أن يهديك هداك ».

قلت : جعلت فداك ، فأنت هو؟

قال : « لا ، ما أقول ذلك ».

قال : فقلت في نفسي : لم أصب طريق المسألة ، ثمّ قلت له : جعلت فداك عليك إمام؟

قال : « لا ».

قال : فدخلني شيء لا يعلمه إلاّ الله تعالى إعظاما له وهيبة ، ثمّ قلت : جعلت فداك ، أسألك كما كنت أسأل أباك؟

قال : « سل تخبر ولا تذع ، فإن أذعت فهو الذبح ».

قال : فسألته فإذا بحر لا ينزف قلت : جعلت فداك ، شيعة أبيك ضلاّل فألقي إليهم هذا الأمر وأدعوهم إليك؟ فقد أخذت عليّ الكتمان.

قال : « من آنست منه رشدا فألق إليه وخذ عليه الكتمان ، فإن أذاع فهو

١٧

الذبح » وأشار بيده إلى حلقه.

قال : فخرجت من عنده ولقيت أبا جعفر الأحول فقال لي : ما وراءك؟

قلت : الهدى ، وحدّثته بالقصّة ، ثمّ لقينا زرارة بن أعين وأبا بصير فدخلا عليه وسمعا كلامه وسألاه وقطعا عليه ، ثمّ لقينا الناس أفواجا ، فكلّ من دخل عليه قطع عليه ، إلاّ طائفة عمّار الساباطي ، وبقي عبد الله ، لا يدخل عليه إلاّ القليل من الناس(١) .

وعنه ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الرافعي قال : كان لي ابن عمّ يقال له : الحسن بن عبد الله ، وكان زاهدا ، وكان من أعبد أهل زمانه ، وكان السلطان يتّقيه لجدّه في الدين واجتهاده ، فدخل يوما المسجد وفيه أبو الحسن موسىعليه‌السلام ، قال : فأومأ إليه فأتاه فقال له : « يا أبا علي ، ما أحبّ إليّ ما أنت فيه وأسرّني به ، إلاّ أنّه ليس لك معرفة ، فاطلب المعرفة ».

فقال له : جعلت فداك ، وما المعرفة؟

قال : « اذهب تفقّه واطلب الحديث ».

قال : عمّن؟

قال : « عن فقهاء أهل المدينة ، ثمّ اعرض عليّ الحديث ».

قال : فذهب وكتب ثمّ جاء فقرأه عليه ، فأسقطه كلّه ثمّ قال له : « اذهب فاعرف » وكان الرجل معنيّا بدينه.

قال : فلم يزل يترصّد أبا الحسن حتّى خرج إلى ضيعة له فلقيه في الطريق ، فقال له : جعلت فداك ، إنّي أحتجّ عليك بين يدي الله عزّ وجلّ ،

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٨٥ / ٧ ، وكذا في : رجال الكشي ٢ : ٥٦٥ / ٥٠٢ ، ارشاد المفيد ٢ : ٢٢١ ، الثاقب في المناقب : ٤٣٧ / ٣٧٣ ، الخرائج والجرائح ١ : ٣٣١ / ٢٣ ، ودون ذيله في : المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٢٩٠.

١٨

فدلّني على ما تجب عليّ معرفته.

فأخبره بأمر أمير المؤمنينعليه‌السلام وحقّه ، وأمر الحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمد بن عليّ وجعفر بن محمدعليهم‌السلام ، ثمّ سكت فقال له : جعلت فداك ، فمن الامام اليوم؟

قال : « إن أخبرتك تقبل؟ » قال : نعم.

قال : « أنا هو ».

قال : فشيء أستدلّ به؟

قال : « اذهب إلى تلك الشجرة ـ وأشار إلى بعض شجر أمّ غيلان(١) ـ فقل لها : يقول لك موسى بن جعفر : أقبلي ».

قال : فأتيتها فرأيتها والله تخدّ الأرض(٢) خدا حتّى وقفت بين يديه ثمّ أشار [ إليها ] بالرجوع فرجعت.

قال : فأقرّ به ولزم الصمت والعبادة ، فكان لا يراه أحد يتكلّم بعد ذلك(٣) .

وروى عبد الله بن إدريس ، عن ابن سنان قال : حمل الرشيد في بعض الأيّام إلى علي بن يقطين ثيابا أكرمه بها ، وكان في جملتها درّاعة خزّ سوداء من لباس الملوك مثقلة بالذهب ، وتقدّم عليّ بن يقطين بحمل تلك الثياب إلى أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، وأضاف إليها مالا كان أعدّه على رسم

__________________

(١) أم غيلان : شجر السّمر. « القاموس المحيط ٤ : ٢٧ ».

(٢) تخد الأرض : تشقها. « الصحاح ـ خدد ـ ٢ : ٤٦٨ ».

(٣) الكافي ١ : ٢٨٦ / ٨ ، وكذا في : بصائر الدرجات : ٢٧٤ / ٦ ، ارشاد المفيد ٢ : ٢٢٣ ، الخرائج والجرائح ٢ : ٦٥٠ / ٢ ، الثاقب في المناقب : ٤٥٥ / ٣٨٣ ، كشف الغمة ٢ : ٢٢٣.

١٩

له في ما يحمله إليه من خمس ماله ، فلمّا وصل ذلك إلى أبي الحسنعليه‌السلام قبل المال والثياب وردّ الدرّاعة على يد غير الرسول إلى عليّ بن يقطين وكتب إليه : « احتفظ بها ولا تخرجها عن يدك فسيكون لك بها شأن تحتاج إليها معه » فارتاب عليّ بن يقطين بردّها عليه ولم يدر ما سبب ذلك ، فاحتفظ بالدرّاعة.

فلمّا كان بعد أيّام تغيّر ابن يقطين على غلام له كان يختصّ به فصرفه عن خدمته ، فسعى به إلى الرشيد وقال : إنّه يقول بإمامة موسى بن جعفر ويحمل إليه خمس ماله في كلّ سنة ، وقد حمل إليه الدرّاعة التي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا وكذا.

فاستشاط الرشيد غضبا وقال : لأكشفنّ عن هذه الحال ، وأمر بإحضار عليّ بن يقطين فلمّا مثل بين يديه قال : ما فعلت تلك الدرّاعة التي كسوتك بها؟ قال : هي يا أمير المؤمنين عندي في سفط مختوم فيه طيب ، وقد احتفظت بها ، وكلّما أصبحت فتحت السفط ونظرت إليها تبركا بها واقبّلها وأردّها إلى موضعها ، وكلّما أمسيت صنعت مثل ذلك ، فقال : ائت بها الساعة ، قال : نعم.

وأنفذ بعض خدمه فقال : امض إلى البيت الفلاني وافتح الصندوق الفلاني وجئني بالسفط الذي فيه بختمه ، فلم يلبث الغلام أن جاء بالسفط مختوما ووضع بين يدي الرشيد ، ففكّ ختمه ونظر إلى الدرّاعة مطويّة مدفونة بالطيب ، فسكن غضب الرشيد وقال : أرددها إلى مكانها وانصرف راشدا ، فلن أصدّق عليك بعدها ساعيا ، وأمر له بجائزة سنيّة ، وأمر بضرب الساعي ألف سوط ، فضرب نحو خمسمائة سوط فمات في ذلك(١) .

__________________

(١) ارشاد المفيد ٢ : ٢٢٥ ، وباختصار في : الخرائج والجرائح ١ : ٣٣٤ / ٢٥ ، والمناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٢٨٩ ، ونحوه في : دلائل الامامة : ١٥٨ ، والفصول المهمة : ٢٣٦.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551