إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء ٢

إعلام الورى بأعلام الهدى0%

إعلام الورى بأعلام الهدى مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
ISBN: 964-319-011-0
الصفحات: 551

إعلام الورى بأعلام الهدى

مؤلف: أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (أمين الإسلام)
تصنيف:

ISBN: 964-319-011-0
الصفحات: 551
المشاهدات: 77497
تحميل: 6754


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 551 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 77497 / تحميل: 6754
الحجم الحجم الحجم
إعلام الورى بأعلام الهدى

إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء 2

مؤلف:
ISBN: 964-319-011-0
العربية

إليه.

فلمّا نظر إلى خاتم امّه على البدرة بعث إليها فخرجت إليه فسألها عن البدرة ، فأخبرني بعض خدم الخاصّة أنّها قالت : كنت نذرت في علّتك إن عوفيت أن أحمل إليه من مالي عشرة آلاف دينار ، فحملتها إليه وهذا خاتمي على الكيس ما حرّكها. وفتح الكيس الآخر فإذا فيه أربعمائة دينار ، فأمر أن تضمّ إلى البدرة بدرة اخرى وقال لي : احمل ذلك إلى أبي الحسن واردد عليه السيف والكيس.

فحملت ذلك ، واستحييت منه وقلت له : يا سيّدي عزّ عليّ دخولي دارك بغير إذنك ، ولكني مأمور.

فقال لي : « يا سعيد( سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (1) »(2) .

وروى الحسين بن الحسن الحسني قال : حدّثني أبو الطيّب يعقوب ابن ياسر قال : كان المتوكّل يقول : ويحكم أعياني أمر ابن الرضا ، وجهدت أن يشرب معي وينادمني فامتنع.

فقال له بعض من حضر : إن لم تجد من ابن الرضا ما تريد من هذه الحال ، فهذا أخوه موسى(3) قصّاف عزّاف ، يأكل ويشرب ويعشق ويتخالع ، فأحضره واشهره ، فإنّ الخبر يسمع عن ابن الرضا ولا يفرّق الناس بينه وبين

__________________

(1) الشعراء 26 : 227.

(2) الكافي 1 : 417 / 4 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 302 ، الخرائج والجرائح 1 : 676 / 8 ، الدعوات للراوندي : 202 / 555 ، وباختصار في : المناقب لابن شهرآشوب 4 : 415 ، كشف الغمة 2 : 378 ، الفصول المهمة : 281 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 198 / 10.

(3) في نسخة « م » : زيادة : اللاهي واللاعب على الطعام.

١٢١

أخيه ، من عرفه اتّهم أخاه بمثل فعاله. فقال : اكتبوا بإشخاصه مكرما.

فاشخص ، وتقدّم المتوكّل أن يتلقّاه جميع بني هاشم والقوّاد وسائر الناس ، وعمل على أنّه إذا وافى أقطعه قطيعة ، وبنى له فيها ، وحوّل إليها الخمّارين والقيان ، وتقدّم بصلته وبرّه ، وأفرد له منزلا سريّا يصلح لأن يزوره هو فيه.

فلمّا وافى موسى تلقّاه أبو الحسنعليه‌السلام في قنطرة وصيف فسلّم عليه ثمّ قال له : « إنّ هذا الرجل قد أحضرك ليهتكك(1) ويضع منك ، فلا تقرّ له أنّك شربت نبيذا قطّ ، واتّق الله يا أخي أن ترتكب محظورا ».

فقال له موسى : إنّما دعاني لهذا فما حيلتي؟

قال : « فلا تضع من قدرك ، ولا تعص ربّك ، ولا تفعل ما يشينك ، فما غرضه إلاّ هتكك ».

فأبى عليه موسى ، وكرّر أبو الحسن عليه القول والوعظ وهو مقيم على خلافه ، فلمّا رأى أنّه لا يجيب قال : « أمّا إنّ الذي تريد الاجتماع معه عليه لا تجتمع عليه أنت وهو أبدا ».

قال : فأقام ثلاث سنين يبكر كلّ يوم إلى باب المتوكّل ويروح فيقال له : قد سكر أو قد شرب دواء ، حتّى قتل المتوكّل ولم يجتمع معه على شراب(2) .

وذكر الحسن بن محمد بن جمهور العمّيّ في كتاب الواحدة قال : حدّثني أخي الحسين بن محمد قال : كان لي صديق مؤدّب لولد بغاء أو

__________________

(1) في نسخة « ط » : ليهينك.

(2) الكافي 1 : 420 / 8 ، ارشاد المفيد 2 : 307 ، وباختصار في : المناقب لابن شهرآشوب 4 : 409 ، كشف الغمة 2 : 381.

١٢٢

وصيف ـ الشكّ منّي ـ فقال لي : قال لي الأمير منصرفه من دار الخليفة : حبس أمير المؤمنين هذا الذي يقولون : ابن الرضا اليوم ودفعه إلى عليّ بن كركر ، فسمعته يقول : « أنا أكرم على الله من ناقة صالح( تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ) (1) » وليس يفصح بالآية ولا بالكلام ، أيّ شيء هذا؟

قال : قلت : أعزّك الله ، توعّد ، انظر ما يكون بعد ثلاثة أيّام.

فلمّا كان من الغد أطلقه واعتذر إليه ، فلمّا كان في اليوم الثالث وثب عليه : باغز ، ويغلون ، وتامش ، وجماعة معهم فقتلوه وأقعدوا المنتصر ولده خليفة(2) .

قال : وحدّثني أبو الحسين سعيد بن سهلويه البصريّ وكان يلقّب بالملاّح قال : كان يقول بالوقف جعفر بن القاسم الهاشميّ البصريّ ، وكنت معه بسرّمن رأى ، إذ رآه ابو الحسنعليه‌السلام في بعض الطرق فقال له : « إلى كم هذه النومة؟ أما آن لك أن تنتبه منها؟ ».

فقال لي جعفر : سمعت ما قال لي عليّ بن محمد ، قد والله قدح(3) في قلبي شيء.

فلمّا كان بعد أيّام حدث لبعض أولاد الخليفة وليمة فدعانا فيها ودعا أبا الحسن معنا ، فدخلنا ، فلمّا رأوه أنصتوا إجلالا له ، وجعل شابّ في المجلس لا يوقّره ، وجعل يلفظ ويضحك ، فأقبل عليه وقال له : « يا هذا

__________________

(1) هود 11 : 65.

(2) الثاقب في المناقب : 536 / 473 ، وباختصار في : المناقب لابن شهرآشوب 4 : 407 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 189 / 1.

(3) في نسخة « م » : وقع.

١٢٣

أتضحك ملء فيك وتذهل عن ذكر الله وأنت بعد ثلاثة أيّام من أهل القبور ».

قال : فقلنا : هذا دليل حتّى ننظر ما يكون؟

قال : فأمسك الفتى وكفّ عمّا هو عليه ، وطعمنا وخرجنا ، فلمّا كان بعد يوم اعتلّ الفتى ومات في اليوم الثالث من أوّل النهار ، ودفن في آخره(1) .

وحدثني سعيد أيضا قال : اجتمعنا أيضا في وليمة لبعض أهل سرّ من رأى ، وأبو الحسن معنا ، فجعل رجل يعبث ويمزح ولا يرى له جلالا ، فأقبل على جعفر فقال : « أما إنّه لا يأكل من هذا الطعام ، وسوف يرد عليه من خبر أهله ما ينغّص عليه عيشه ».

قال : فقدمت المائدة قال جعفر : ليس بعد هذا خبر ، قد بطل قوله ، فو الله لقد غسل الرجل يده وأهوى إلى الطعام فإذا غلامه قد دخل من باب البيت يبكي وقال له : الحق امّك ، فقد وقعت من فوق البيت وهي بالموت.

قال جعفر : فقلت : والله لا وقفت بعد هذا ، وقطعت عليه(2) .

والروايات في هذا الباب كثيرة ، وفيما أوردناه كفاية.

__________________

(1) المناقب لابن شهرآشوب 4 : 407 و 414 ، وورد ذيل الرواية في : كشف الغمة 2 : 398 ، والثاقب في المناقب : 536 / 474.

(2) المناقب لابن شهرآشوب 4 : 415 ، كشف الغمة 2 : 398 ، الثاقب في المناقب : 537 / 475.

١٢٤

( الفصل الرابع )

في ذكر طرف من خصائصه وأخبارهعليه‌السلام

ذكر ابن جمهور قال : حدّثني سعيد بن سهلويه قال : رفع زيد بن موسى إلى عمر بن الفرج مرارا يسأله أن يقدّمه على ابن ابن أخيه ويقول : إنّه حدث وأنا عمّ أبيه ، فقال عمر ذلك لأبي الحسنعليه‌السلام فقال : « افعل واحدة ، اقعدني غدا قبله ثمّ انظر ».

فلمّا كان من الغد أحضر عمر أبا الحسنعليه‌السلام فجلس في صدر المجلس ، ثمّ أذن لزيد بن موسى فدخل فجلس بين يدي أبي الحسنعليه‌السلام ، فلمّا كان يوم الخميس أذن لزيد بن موسى قبله فجلس في صدر المجلس ، ثمّ أذن لأبي الحسنعليه‌السلام فدخل ، فلمّا رآه زيد قام من مجلسه وأقعده في مجلسه وجلس بين يديه(1) .

وأشخص أبا الحسنعليه‌السلام المتوكّل من المدينة إلى سرّ من رأى ، وكان السبب في ذلك أنّ عبد الله بن محمد ـ وكان والي المدينة ـ سعى به إليه ، فكتب المتوكّل إليه كتابا يدعو به فيه إلى حضور العسكر على جميل من القول.

فلمّا وصل الكتاب إليه تجهّز للرحيل وخرج مع يحيى بن هرثمة حتّى وصل إلى سرّ من رأى ، فلمّا وصل إليها تقدّم المتوكّل أن يحجب عنه في منزله ، فنزل في خان يعرف بخان الصعاليك فأقام فيه يومه ، ثمّ تقدّم المتوكّل بإفراد دار له فانتقل إليها(2) .

__________________

(1) المناقب لابن شهرآشوب 4 : 410.

(2) ارشاد المفيد 2 : 309 بتفصيل فيه ، روضة الواعظين : 245 ، كشف الغمة 2 :

١٢٥

فروى محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله ، عن محمد بن يحيى ، عن صالح ابن سعيد قال : دخلت على أبي الحسنعليه‌السلام في يوم وروده فقلت له : جعلت فداك ، في كلّ الامور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك حتّى أنزلوك هذا الخان الأشنع ، خان الصعاليك.

فقال : « هاهنا أنت يا ابن سعيد » ثمّ أومأ بيده فإذا أنا بروضات آنقات ، وأنهار جاريات ، وجنّات فيها خيرات عطرات ، وولدان كأنّهنّ اللؤلؤ المكنون ، فحار بصري ، وكثر عجبي ، فقال لي : « حيث كنّا فهذا لنا يا ابن سعيد ، لسنا في خان الصعاليك »(1) .

وكان المتوكل يجتهد في إيقاع حيلة به ، ويعمل على الوضع من قدره في عيون الناس فلا يتمكّن من ذلك ، وله معه أحاديث يطول بذكرها الكتاب ، فيها آيات له ، ودلالات ذكرنا بعضها ، وفي إيراد جميعها خروج عن الغرض في الإيجاز.

وروى عبد الله بن عيّاش بإسناده ، عن أبي هاشم الجعفريّ فيه وقد اعتلّعليه‌السلام :

مادت الأرض بي وأدّت فؤادي

واعترتني موارد العرواء

حين قيل : الإمام نضو عليل

قلت : نفسي فدته كلّ الفداء

مرض الدين لاعتلالك واعت

لّ وغارت له نجوم السماء

_________________

382.

(1) الكافي 1 : 417 / 2 ، وكذا في : بصائر الدرجات : 426 / 7 و 427 / 11 ، ارشاد المفيد 2 : 311 ، الاختصاص : 324 ، روضة الواعظين : 246 ، الخرائج والجرائح 2 : 680 / 10 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 411 ، كشف الغمة 2 : 383.

١٢٦

عجبا أن منيت بالداء والسق

م وأنت الإمام حسم الداء

أنت آسي الأدواء في الدين و

الدنيا ومحيي الأموات والأحياء(1)

« في أبيات ».

[ أولادهعليه‌السلام ]

ولهعليه‌السلام من الأولاد : ابنه أبو محمد الحسن الإمام بعده ، والحسين ، ومحمد ، وجعفر الملقّب بالكذّاب ، وابنته عالية.

وكان مقامه بسرّمن رأى إلى أن توفّيعليه‌السلام عشرين سنة وأشهرا(2) .

__________________

(1) نقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 222 / 9.

(2) انظر : ارشاد المفيد 2 : 311 ، الهداية للخصيبي : 313 ، تاج المواليد ( مجموعة نفيسة ): 132 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 402 ، دلائل الامامة : 217 ، الفصول المهمة : 283.

١٢٧
١٢٨

(الباب العاشر )

في ذكر الإمام الزكي أبي محمد

الحسن بن علي العسكريعليهم‌السلام

١٢٩
١٣٠

( الفصل الأول )

في ذكر تاريخ مولده ، ومبلغ سنّه ،

ووقت وفاتهعليه‌السلام

كان مولدهعليه‌السلام يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الآخر سنة اثنين وثلاثين ومائتين.

وقبضعليه‌السلام بسرّمن رأى لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستّين ومائتين ، وله يومئذ ثمان وعشرون سنة.

وامّه أمّ ولد يقال لها : حديث.

وكانت مدّة خلافته ستّ سنين.

ولقبه : الهاديّ ، والسراج ، والعسكري ، وكان هو وأبوه وجدّه يعرف كل منهم في زمانه بابن الرضا.

وكانت في سني إمامته بقيّة ملك المعتزّ أشهرا ، ثمّ ملك المهتدي أحد عشر شهرا وثمانية وعشرين يوما ، ثمّ ملك أحمد المعتمد على الله بن جعفر المتوكّل عشرين سنة وأحد عشر شهرا.

وبعد مضيّ خمس سنين من ملكه قبض الله وليّه أبا محمدعليه‌السلام ودفن في داره بسرّمن رأى في البيت الذي دفن فيه أبوهعليهما‌السلام (1) .

وذهب كثير من أصحابنا إلى أنّهعليه‌السلام مضى مسموما ، وكذلك

__________________

(1) انظر : الكافي : 1 : 420 ، ارشاد المفيد 2 : 313 ، روضة الواعظين : 251 ، تاج المواليد ( مجموعة نفيسة ) : 133 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 421 ، دلائل الامامة : 223 ، كشف الغمة 2 : 404 و 415.

١٣١

أبوه وجدّه وجميع الأئمّةعليهم‌السلام خرجوا من الدنيا بالشهادة ، واستدلّوا في ذلك بما روي عن الصادقعليه‌السلام من قوله : « والله ما منّا إلاّ مقتول شهيد »(1) . والله أعلم بحقيقة ذلك.

__________________

(1) كفاية الأثر للخزاز : 162 ، مناقب ابن شهرآشوب 2 : 209 ، الفصول المهمة : 290.

١٣٢

( الفصل الثاني )

في ذكر النصوص الدالة على إمامتهعليه‌السلام

يدلّ على إمامتهعليه‌السلام ـ بعد طريقتي الاعتبار والتواتر اللتين ذكرناهما في إمامة من تقدمه من آبائهعليهم‌السلام ـ :

ما رواه محمد بن يعقوب ، عن عليّ بن محمد ، عن جعفر بن محمد الكوفيّ ، عن بشّار بن أحمد البصري ، عن عليّ بن عمر النوفلي قال : كنت مع أبي الحسنعليه‌السلام في صحن داره فمرّ بنا محمد ابنه ، فقلت : جعلت فداك ، هذا صاحبنا بعدك؟

فقال : « لا ، صاحبكم بعدي ابني الحسن »(1) .

وبهذا الإسناد ، عن بشّار بن أحمد ، عن عبد الله بن محمد الاصفهانيّ قال : قال أبو الحسنعليه‌السلام : « صاحبكم بعدي الذي يصلّي عليّ ».

قال : ولم نكن نعرف أبا محمدعليه‌السلام قبل ذلك ، فلمّا مات أبو الحسنعليه‌السلام خرج أبو محمدعليه‌السلام فصلّى عليه(2) .

وبهذا الإسناد ، عن بشّار بن أحمد ، عن موسى بن جعفر بن وهب ، عن عليّ بن جعفر قال : كنت حاضرا أبا الحسنعليه‌السلام لما توفي ابنه [ محمّد ](3) فقال للحسن : « يا بنيّ أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا »(4) .

__________________

(1) الكافي 1 : 262 / 2 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 314 ، غيبة الطوسي : 198 / 163 ، اثبات الوصية للمسعودي : 208.

(2) الكافي 1 : 262 / 3 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 315 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 422.

(3) اثبتناه من الكافي.

(4) الكافي 1 : 262 / 4 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 315 ، كشف الغمة 2 : 405.

١٣٣

محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله بن مروان الأنباريّ قال : كنت حاضرا عند مضيّ أبي جعفر محمد بن عليّ ، فجاء أبو الحسنعليه‌السلام فوضع له كرسيّ فجلس عليه وحوله أهل بيته ، وأبو محمد قائم في ناحية ، فلمّا فرغ من أمر أبي جعفر التفت إلى أبي محمدعليه‌السلام فقال : « يا بنيّ أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا »(1) .

وعنه ، عن عليّ بن محمد ، عن محمد بن أحمد القلانسيّ ، عن عليّ ابن الحسين بن عمرو ، عن عليّ بن مهزيار قال : قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : إن كان كون ـ وأعوذ بالله ـ فإلى من؟

قال : « عهدي إلى الأكبر من ولدي » يعني الحسنعليه‌السلام (2) .

وعنه ، عن عليّ بن محمد ، عن أبي محمد الأسترآبادي ، عن عليّ ابن عمرو العطّار قال : دخلت على أبي الحسن وأبو جعفر ابنه ـ أعني محمدا ـ في الأحياء ، وأنا أظنّه هو القائم من بعده ، فقلت له : جعلت فداك ، من أخصّ من ولدك؟

فقال : « لا تخصّوا أحدا حتّى يخرج إليكم أمري ».

قال : فكتبت إليه بعد فيمن يكون هذا الأمر؟ قال : فكتب إلي : « في الأكبر من ولدي ».

قال : وكان أبو محمد أكبر من جعفر(3) .

__________________

(1) الكافي 1 : 262 / 5 ، وكذا في : بصائر الدرجات 492 / 13 ، ارشاد المفيد 2 : 316 ، وباختلاف يسير في : مناقب ابن شهرآشوب 4 : 423.

(2) الكافي 1 : 262 / 6 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 316 ، كشف الغمة 2 : 405.

(3) الكافي 1 : 262 / 7 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 316 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 244 / 17.

١٣٤

وعنه ، عن محمد بن يحيى وغيره ، عن سعد بن عبد الله ، عن جماعة من بني هاشم منهم الحسن بن الحسين الأفطس : أنّهم حضروا يوم توفّي محمد بن عليّ بن محمد دار أبي الحسنعليه‌السلام ليعزّوه وقد بسط له في صحن داره والناس جلوس حوله ، قالوا : فقدّرنا أن يكون حوله يومئذ من آل أبي طالب وسائر بني هاشم وقريش مائة وخمسون رجلا سوى مواليه وسائر الناس ، إذ نظر إلى الحسن بن عليّ ابنه وقد جاء مشقوق الجيب حتّى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه ، فنظر إليه أبو الحسنعليه‌السلام ساعة ثمّ قال له : « يا بنيّ أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا » فبكى الفتى واسترجع وقال : « الحمد لله رب العالمين ».

وقدّرنا أنّ له في ذلك الوقت عشرين سنة ، فيومئذ عرفناه وعلمنا أنّه قد أشار إليه بالإمامة وأقامه مقامه(1) .

وعنه ، عن عليّ بن محمد ، عن إسحاق بن محمد ، عن شاهويه بن عبد الله الجلاب قال : كتب إليّ أبو الحسنعليه‌السلام : « أردت أن تسأل عن الخلف بعد أبي جعفر وقلقت لذلك ، فلا تقلق ، فإنّ الله لا يضلّ قوما بعد إذ هداهم حتّى يتبيّن لهم ما يتّقون ، وصاحبك بعدي أبو محمد ابني ، وعنده ما تحتاجون إليه »(2) . الحديث بطوله.

وبهذا الإسناد ، عن إسحاق بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن أبي بكر الفهفكي قال : كتب إليّ أبو الحسنعليه‌السلام : « أبو محمد ابني أصحّ آل محمد غريزة ، وأوثقهم حجّة ، وهو الأكبر من ولدي ، وهو الخلف ،

__________________

(1) الكافي 1 : 262 / 8 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 317 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 423 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 245 / 18.

(2) الكافي 1 : 263 / 12 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 319 ، الغيبة للطوسي : 121.

١٣٥

وإليه تنتهي عرى الإمامة وأحكامها فما كنت سائلي عنه فسله عنه ، فعنده ما تحتاج إليه ومعه آلة الإمامة »(1) .

وعنه ، عن عليّ بن محمد ، عن محمد بن أحمد النهديّ ، عن يحيى ابن يسار القنبري قال : أوصى أبو الحسنعليه‌السلام إلى ابنه الحسن قبل مضيّه بأربعة أشهر ، وأشار إليه بالأمر من بعده ، وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي(2) .

وفي كتاب أبي عبد الله بن عيّاش : حدّثني أحمد بن محمد بن يحيى قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثني محمد بن أحمد بن محمد العلويّ العريضي قال : حدّثني أبو هاشم داود بن القاسم الجعفريّ قال : سمعت أبا الحسنعليه‌السلام صاحب العسكر يقول : « الخلف من بعدي الحسن ، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف. ».

قلت : ولم جعلت فداك؟

قال : « لأنّكم لا ترون شخصه ، ولا يحلّ لكم تسميته ، ولا ذكره باسمه ».

قلت : كيف نذكره؟

قال : « قولوا : الحجّة من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله »(3) .

__________________

(1) الكافي 1 : 263 / 11 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 319 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 245 / 19.

(2) الكافي 1 : 261 / 1 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 314 ، الغيبة للطوسي : 200 / 166 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 246 / 21.

(3) الكافي 1 : 264 / 13 ، كمال الدين 2 : 648 / 4 ، ارشاد المفيد 2 : 320 ، الغيبة للطوسي 202 / 169 ، كفاية الأثر : 288 ، اثبات الوصية للمسعودي : 224 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 240 / 5.

١٣٦

( الفصل الثالث )

في ذكر طرف من آياته ومعجزاته عليه السلام

محمد بن يعقوب ، عن عليّ بن محمد ، عن إسحاق بن محمد النخعيّ قال : حدّثني إسماعيل بن محمد بن عليّ بن إسماعيل بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس ، قال : قعدت لأبي محمد على ظهر الطريق ، فلمّا مرّ بي شكوت إليه الحاجة ، وحلفت أن ليس عندي درهم فما فوقه ولا غداء ولا عشاء ، فقال : « تحلف بالله كاذبا وقد دفنت مائتي دينار! وليس قولي هذا دفعا لك عن العطيّة ، أعطه يا غلام ما معك » فأعطاني غلامه مائة دينار.

ثمّ أقبل عليّ فقال لي : « إنّك تحرم الدنانير التي دفنتها أحوج ما تكون إليها » وصدقعليه‌السلام ، وذلك أنّي أنفقت ما وصلني به ، واضطررت ضرورة شديدة إلى شيء أنفقه ، وانغلقت عليّ أبواب الرزق ، فنبشت عن الدنانير التي كنت دفنتها فلم أجدها ، فنظرت فإذا ابن لي قد عرف موضعها فأخذها وهرب ، فما قدرت منها على شيء(1) .

وبهذا الإسناد ، عن إسحاق بن محمد النخعي ، عن عليّ بن زيد بن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام قال : كان لي فرس ، وكنت به معجبا ، أكثر ذكره في المحافل ، فدخلت على أبي محمد يوما فقال لي : « ما فعل فرسك؟ ».

__________________

(1) الكافي 1 : 426 / 14 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 332 ، الخرائج والجرائح 1 :427 / 6 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 432 ، ثاقب المناقب : 578 / 527 ، كشف الغمة 2 : 413 ، اثبات الوصية للمسعودي : 214.

١٣٧

فقلت : هو عندي ، وهو ذا هو على بابك ، الآن نزلت عنه.

فقال لي : « استبدل به قبل المساء إن قدرت ، ولا تؤخّر ذلك » ودخل علينا داخل فانقطع الكلام ، فقمت متفكّرا ، ومضيت إلى منزلي فأخبرت أخي فقال : ما أدري ما أقول في هذا. وشححت عليه ، ونفست على الناس ببيعه ، وأمسينا ، فلمّا صلّينا العتمة جاءني السائس فقال : يا مولاي نفق فرسك الساعة ، فاغتممت لذلك وعلمت أنّه عنى هذا بذلك القول.

ثمّ دخلت على أبي محمدعليه‌السلام بعد أيّام وأنا أقول في نفسي : ليته أخلف عليّ دابّة ، فلمّا جلست قال قبل أن احدّث : « نعم ، نخلف عليك ، يا غلام أعطه برذوني الكميت » ثمّ قال : « هذا خير من فرسك وأوطأ وأطول عمرا »(1) .

ومما شاهده أبو هاشم ـرحمه‌الله ـ من دلائلهعليه‌السلام : ما ذكره أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عيّاش قال : حدّثني أبو عليّ أحمد بن محمد ابن يحيى العطّار ، وأبو جعفر محمد بن أحمد بن مصقلة القمّيّان قالا : حدّثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف قال : حدّثنا داود بن القاسم الجعفريّ ، أبو هاشم ، قال : كنت عند أبي محمدعليه‌السلام فاستؤذن لرجل من أهل اليمن ، فدخل عليه رجل جميل طويل جسيم ، فسلّم عليه بالولاية فردّ عليه بالقبول ، وأمره بالجلوس فجلس إلى جنبي ، فقلت في نفسي : ليت شعري من هذا ، فقال أبو محمد : « هذا من ولد الأعرابيّة صاحبة الحصاة التي طبع آبائي فيها » ثمّ قال : « هاتها ».

__________________

(1) الكافي 1 : 427 / 15 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 332 ، الخرائج والجرائح 1 :434 / 12 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 430 ، ثاقب المناقب : 572 / 516 ، كشف الغمة 2 : 413 ، وذكره مختصرا المسعودي في اثبات الوصية : 215 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 267 / 26.

١٣٨

فأخرج حصاة وفي جانب منها موضع أملس ، فأخذها وأخرج خاتمه فطبع فيها فانطبع ، وكأنّي أقرأ الخاتم الساعة « الحسن بن عليّ » فقلت لليمانيّ : رأيته قطّ قبل هذا؟

فقال : لا والله ، وإنّي منذ دهر لحريص على رؤيته ، حتّى كان الساعة أتاني شابّ لست أراه فقال : قم فادخل ، فدخلت ، ثمّ نهض وهو يقول : رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ، ذرّيّة بعضها من بعض ، أشهد أنّ حقّك لواجب كوجوب حقّ أمير المؤمنين والأئمّة من بعده صلوات الله عليهم أجمعين ، وإليك انتهت الحكمة والإمامة ، وإنّك وليّ الله الذي لا عذر لأحد في الجهل به.

فسألت عن اسمه ، فقال : اسمي مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم بن أمّ غانم ، وهي الأعرابيّة اليمانيّة صاحبة الحصاة التي ختم فيها أمير المؤمنينعليه‌السلام (1) .

وقال أبو هاشم الجعفريّرحمه‌الله في ذلك :

بدرب الحصا مولى لنا يختم الحصى

له الله أصفى بالدليل وأخلصا

وأعطاه آيات الإمامة كلّها

كموسى وفلق البحر واليد والعصا

وما قمّص الله النبيّين حجّة

ومعجزة إلاّ الوصيّين قمّصا

فمن كان مرتابا بذاك فقصره

من الأمر أن تتلو الدليل وتفحصا(2)

ـ في أبيات ـ

__________________

(1) الكافي 1 : 281 / 4 ، غيبة الطوسي : 203 / 171 ، الخرائج والجرائح 1 : 428 / 7 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 441 ، ثاقب المناقب : 561 / 500 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 302 / 78.

(2) ثاقب المناقب : 561 / ذيل حديث 500 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 302 / 78.

١٣٩

قال أبو عبد الله بن عيّاش : هذه أمّ غانم صاحبة الحصاة غير تلك صاحبة الحصاة ، وهي أمّ الندى حبابة بنت جعفر الوالبيّة الأسديّة. وهي غير صاحبة الحصاة الاولى التي طبع فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنينعليه‌السلام فإنّها أمّ سليم ، وكانت وارثة الكتب(1) . فهنّ ثلاثة ولكلّ واحدة منهنّ خبر قد رويته ، ولم أطل الكتاب بذكره.

قال : وحدّثني أحمد بن محمد بن يحيى قال : حدّثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر قالا : حدّثنا أبو هاشم قال : شكوت إلى أبي محمدعليه‌السلام ضيق الحبس وثقل القيد ، فكتب إليّ : « تصلّي الظهر اليوم في منزلك ».

فاخرجت في وقت الظهر فصلّيت في منزلي كما قالعليه‌السلام .

قال : وكنت مضيّقا فأردت أن أطلب منه دنانير في كتابي فاستحييت ، فلمّا صرت إلى منزلي وجّه إليّ بمائة دينار وكتب إليّ : « إذا كانت لك حاجة فلا تستح ولا تحتشم ، واطلبها فإنّك ترى ما تحبّ »(2) .

قال : وكان أبو هاشم حبس مع أبي محمدعليه‌السلام ، كان المعتزّ حبسهما مع عدّة من الطالبيّين في سنة ثمان وخمسين ومائتين(3) .

حدثنا أحمد بن زياد الهمدانيّ ، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم قال : حدّثني أبو هاشم داود بن القاسم قال : كنت في الحبس المعروف بحبس صالح بن وصيف الأحمر ، أنا ، والحسن بن محمد العقيقي ، ومحمد بن

__________________

(1) نقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 302 / ذيل حديث 78.

(2) الكافي 1 : 426 / 10 ، ارشاد المفيد 2 : 330 ، اثبات الوصية : 211 و 213 ، الخرائج والجرائح 1 : 435 / 13 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 432 و 439 ، وثاقب المناقب :566 / 505 و 576 / 525 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 1 : 435 / 13.

(3) نقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 311 / 10.

١٤٠