إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء ٢

إعلام الورى بأعلام الهدى7%

إعلام الورى بأعلام الهدى مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
ISBN: 964-319-011-0
الصفحات: 551

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 551 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 82746 / تحميل: 7950
الحجم الحجم الحجم
إعلام الورى بأعلام الهدى

إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠١١-٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

عليه وآله وسلّم في تخصيص الله تعالى بإعلامه أحوال الامم السالفة ، وإفهامه ما في الكتب المتقدمة من غير أن يقرأ كتابا أو يلقى أحدا من أهله.

هذا وقد ثبت في العقول أنّ الأعلم الأفضل أولى بالإمامة من المفضول ، وقد بيّن الله سبحانه ذلك بقوله :( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى ) (١) .

وقوله :( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) (٢) .

ودلّ بقوله سبحانه في قصّة طالوت :( وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ) (٣) أنّ التقدم في العلم والشجاعة موجب للتقدّم في الرئاسة. فإذا كان أئمّتناعليهم‌السلام أعلم الامّة بما ذكرناه ، فقد ثبت أنّهم أئمّة الإسلام الذين استحقّوا الرئاسة على الأنام على ما قلناه.

دلالة أخرى : وممّا يدلّ على إمامتهمعليهم‌السلام أيضا : إجماع الامّة على طهارتهم ، وظاهر عدالتهم ، وعدم التعلّق عليهم أو على أحد منهم بشيء يشينه في ديانته ، مع اجتهاد أعدائهم وملوك أزمنتهم في الغضّ منهم ، والوضع من أقدارهم ، والتطلّب لعثراتهم ، حتّى أنّهم كانوا يقرّبون من يظهر عداوتهم ، ويقصون بل يجفون وينفون ويقتلون من يتحقّق بولايتهم ، وهذا أمر ظاهر عند من سمع أخبار الناس ، فلولا أنّهمعليهم‌السلام كانوا على صفات الكمال من العصمة والتأييد من الله تعالى بمكان ، وأنّه سبحانه منع بلطفه كلّ أحد من أن يتخرّص عليهم باطلا ، أو يتقوّل فيهم زورا ، لما سلمواعليهم‌السلام من ذلك على الحدّ الذي شرحناه ، لا سيّما وقد ثبت أنّهم لم

__________________

(١) يونس ١٠ : ٣٥.

(٢) الزمر ٣٩ : ٩.

(٣) البقرة ٢ : ٢٤٧.

٢٠١

يكونوا ممّن لا يؤبه بهم ، وممّن لا يدعو الداعي إلى البحث عن أخبارهم لخمولهم وانقطاع آثارهم ، بل كانوا على أعلى مرتبة من تعظيم الخلق إيّاهم ، وفي الدرجة(١) الرفيعة التي يحسدهم عليها الملوك ، ويتمنّونها لأنفسهم ، لأنّ شيعتهم مع كثرتها في الخلق ، وغلبتها على أكثر البلاد ، اعتقدت فيهم الإمامة التي تشارك النبوّة ، وادّعت عليهم الآيات المعجزات ، والعصمة عن الزلات ، حتّى أنّ الغلاة قد اعتقدت فيهم النبوّة والالهيّة ، وكان أحد أسباب اعتقادهم ذلك فيهم حسن آثارهم ، وعلوّ أحوالهم ، وكمالهم في صفاتهم ، وقد جرت العادة فيمن حصل له جزء من هذه النباهة أن لا يسلم من ألسنة أعدائه ، ونسبتهم إيّاه إلى بعض العيوب القادحة في الديانة أو الأخلاق.

فإذا ثبت أنّ أئمّتناعليهم‌السلام نزّههم الله عن ذلك ، ثبت أنّه سبحانه هو المتولّي لجميع الخلائق على ذلك بلطفه وجميل صنعه ، ليدلّ على أنّهم حججه على عباده ، والسفراء بينه وبين خلقه ، والأركان لدينه ، والحفظة لشرعه. وهذا واضح لمن تأمّله.

دلالة أخرى : وممّا يدلّ أيضا على إمامتهمعليهم‌السلام ما حصل من الاتّفاق على برّهم وعدالتهم ، وعلوّ قدرهم وطهارتهم ، وقد ثبت بلا شكّ معرفتهمعليهم‌السلام بكثير ممّن يعتقد إمامتهم في أيّامهم ، ويدين الله تعالى بعصمتهم والنصّ عليهم ، ويشهد بالمعجز لهم.

ووضح أيضا اختصاص هؤلاء بهم ، وملازمتهم إيّاهم ، ونقلهم الأحكام والعلوم عنهم ، وحملهم الزكوات والأخماس إليهم ، ومن أنكر هذا أو دفع كان مكابرا دافعا للعيان ، بعيدا عن معرفة أخبارهم.

__________________

(١) في نسخة « ط » : الرتبة.

٢٠٢

فقد علم كلّ محصّل نظر في الأخبار أنّ هشام بن الحكم ، وأبا بصير ، وزرارة بن أعين ، وحمران وبكير ابني أعين ، ومحمّد بن النعمان الذي يلقّبه العامّة شيطان الطاق ، وبريد بن معاوية العجليّ ، وأبان بن تغلب ، ومحمد ابن مسلم الثقفيّ ، ومعاوية بن عمّار الدهنيّ ، وغير هؤلاء ممّن بلغوا الجمع الكثير ، والجمّ الغفير ، من أهل العراق والحجاز وخراسان وفارس ، كانوا في وقت الإمام جعفر بن محمدعليهما‌السلام رؤساء الشيعة في الفقه ورواية الحديث والكلام ، وقد صنّفوا الكتب ، وجمعوا المسائل والروايات ، وأضافوا أكثر ما اعتمدوه من الرواية إليه ، والباقي إليه وإلى أبيه محمدعليهما‌السلام ، وكان لكلّ إنسان منهم أتباع وتلامذة في المعنى الذي يتفرّد به ، وإنّهم كانوا يرحلون من العراق إلى الحجاز في كلّ عام أو أكثر أو أقلّ ، ثمّ يرجعون ويحكون عنه الأقوال ، ويسندون إليه الدلالات ، وكانت حالهم في وقت الكاظم والرضاعليهما‌السلام على هذه الصفة ، وكذلك إلى وفاة أبي محمد العسكريعليه‌السلام ، وحصل العلم باختصاص هؤلاء بأئمّتناعليهم‌السلام ، كما نعلم اختصاص أبي يوسف ومحمّد بن الحسن بأبي حنيفة ، وكما نعلم اختصاص المزني والربيع بالشافعي ، واختصاص النظّام بأبي الهذيل ، والجاحظ والأسواريّ بالنظّام.

ولا فرق بين من دفع الإماميّة عمّن ذكرناه ، ومن دفع من سمّيناه عمّن وصفناه في الجهل بالأخبار ، والعناد والإنكار.

وإذا كان الأمر على ما ذكرناه لم تخل الإماميّة في شهادتها بإمامة هؤلاءعليهم‌السلام من أحد أمرين : إمّا أن تكون محقّة في ذلك صادقة ، أو مبطلة في شهادتها كاذبة. فإن كانت محقّة صادقة في نقل النصّ عنهم على خلفائهمعليهم‌السلام ، مصيبة فيما اعتقدته فيهم من العصمة والكمال ، فقد ثبتت إمامتهم على ما قلناه ، وإن كانت كاذبة في شهادتها ، مبطلة في

٢٠٣

عقيدتها ، فلن يكون كذلك إلاّ ومن سمّيناهم من أئمّة الهدىعليهم‌السلام ضالّون برضاهم بذلك ، فاسقون بترك النكير عليهم ، مستحقّون البراءة من حيث تولّوا الكذابين ، مضلّون للامّة لتقريبهم إيّاهم ، واختصاصهم بهم من بين الفرق كلها ، ظالمون في أخذ الزكوات والأخماس عنهم ، وهذا ما لا يطلقه مسلم فيمن نقول بإمامته ، وإذا كان الإجماع المقدّم ذكره حاصلا على طهارتهم وعدالتهم ، ووجوب ولايتهم ، ثبتت إمامتهم بتصديقهم لمن أثبت ذلك ، وبما ذكرناه من اختصاصهم بهم ، وهذا واضح ، والمنّة لله.

دلالة أخرى : وممّا يدلّ أيضا على إمامتهمعليهم‌السلام وأنّهم أفضل الخلق بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ما نجده من تسخير الله تعالى الوليّ لهم في التعظيم لمنزلتهم ، والعدوّ لهم في الإجلال لمرتبتهم ، وإلهامه سبحانه جميع القلوب إعلاء شأنهم ، ورفع مكانهم ، على تباين مذاهبهم وآرائهم ، واختلاف نحلهم وأهوائهم.

فقد علم كلّ من سمع الأخبار ، وتتبّع الآثار ، أنّ جميع المتغلّبين عليهم ، المظهرين لاستحق اق الأمر دونهم ، لم يعدلوا قطّ عن تبجيلهم ، وإجلال قدرهم ، ولا أنكروا فضلهم ، وإن كان بعض أعدائهم قد بارز بعضهم بالعداوة لدواع دعتهم إلى ذلك.

ألا ترى أنّ المتقدّمين على أمير المؤمنينعليه‌السلام قد أظهروا من تقديمه وتعظيم ولديه الحسن والحسينعليهما‌السلام في زمان إمامتهم على الامّة ، وكذلك الناكثون لبيعته لم يتمكّنوا مع ذلك من إنكار فضله ، ولا امتنعوا من الشهادة له بفضله ، ولا فسّقوه في فعله.

وكذلك معاوية ـ وإن كان قد أظهر عداوته ، وبنى أكثر أموره على العناد ـ لم ينكر جميع حقوقه ، ولا دفع عظيم منزلته في الدين ، بل قفا أثر طلحة والزبير في التعلّل بطلب دم عثمان ، وكان يظهر القناعة منه بأن يقرّه

٢٠٤

على ولايته التي ولاّه إيّاها من كان قبله ، فيكفّ عن خلافه ، ويصير إلى طاعته ، ولم يمكنه الدفع لكونهعليه‌السلام الأفضل في الإسلام والشرف والوصلة بالنبيّعليه‌السلام والعلم والزهد ، ولا الإنكار لشيء من ذلك ، ولا الادّعاء لنفسه مساواته فيه ، أو مقارنته ومداناته ، وقد كان يحضره الجماعة كالحسن بن عليّ وابن عبّاس وسعد بن مالك فيحتجّون عليه بفضل أمير المؤمنينعليه‌السلام على جميع الصحابة ، فلا يقدم على الإنكار عليهم ، مع إظهاره في الظاهر البراءة منه ، والخلاف عليه. وكان تقدم عليه وفود أهل العراق من شيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام فيجرعونه السمّ الذعاف من مدح إمام الهدى صلوات الله عليه ، وذمّه هو في أثناء ذلك ، فلا يكذّبهم ولا يناقض احتجاجاتهم ، وكان من أمر الوافدات عليه في هذا المعنى ما هو مشهور ، مدوّن في كتب الآثار مسطور.

ثمّ قد كان من أمر ابنه يزيد لعنه الله مع الحسينعليه‌السلام ما كان من القتل والسبي والتنكيل ، ومع ذلك فلم يحفظ عنه ذمّه بما يوجب إخراجه عن موجب التعظيم ، بل قد اظهر الندم(١) على ذلك ، ولم يزل يعظّم سيّد العابدينعليه‌السلام بعده ، ويوصي به ، حتّى أنّه آمنه من بين أهل المدينة كلّهم في وقعة الحرّة ، وأمر مسلم بن عقبة بإكرامه ، ورفع محلّه ، وأمانه مع أهل بيته ومواليه. ومثل ذلك كانت حال من بعده من بني مروان أيضا مع عليّ ابن الحسينعليهما‌السلام ، حتّى أنّه كان أجلّ أهل الزمان عندهم.

وكذلك كانت حال الباقرعليه‌السلام مع بقيّة بني مروان ، ومع أبي العبّاس السفّاح ، وحال الصادقعليه‌السلام مع أبي جعفر المنصور ، وحال أبي الحسن موسىعليه‌السلام مع الهادي والرشيد ، حتّى أنّ هارون الرشيد

__________________

(١) في نسختي « ط » و « ق » : الحزن.

٢٠٥

لما قتله تبرّأ من قتله ، وأحضر الشهود ليشهدوا بوفاته على السلامة وإن كان الأمر على خلافه.

وكان من المأمون مع الرضاعليه‌السلام ما هو مشهور ، وكذلك حال ابنه أبي جعفرعليه‌السلام على صغر سنّه ، وحلوكة لونه من التعظيم والمبالغة في رفع القدر ، حتّى أنّه زوّجه ابنته أمّ الفضل ، ورفعه في المجلس على سائر بني العبّاس والقضاة.

وكذلك كان المتوكّل يعظّم عليّ بن محمدعليه‌السلام مع ظهور عداوته لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، ومقته له ، وطعنه على آل أبي طالب. وكذلك حال المعتمد مع أبي محمدعليه‌السلام في إكرامه والمبالغة فيه.

هذا ، وهؤلاء الأئمّةعليهم‌السلام في قبضة من عدّدناه من الملوك على الظاهر ، وتحت طاعتهم ، وقد اجتهدوا كلّ الاجتهاد في أن يعثروا على عيب يتعلّقون به في الحطّ من منازلهم ، وامعنوا في البحث عن أسرارهم وأحوالهم في خلواتهم لذلك فعجزوا عنه ، فعلمنا أنّ تعظيمهم إيّاهم مع ظاهر عداوتهم لهم وشدّة محبّتهم للغضّ منهم وإجماعهم على ضدّ مرادهم فيهم من التبجيل والإكرام تسخير من الله سبحانه لهم ، ليدلّ بذلك على اختصاصهم منه ـ جلّت قدرته ـ بالمعنى الذي يوجب طاعتهم على جميع الأنام ، وما هذا إلاّ كالأمور غير المألوفة والأشياء الخارقة للعادة.

ويؤيد ما ذكرناه من تسخير الله سبحانه الخلق لتعظيمهم ما شاهدنا الطوائف المختلفة والفرق المتباينة في المذاهب والآراء أجمعوا على تعظيم قبورهم وفضل مشاهدهم ، حتّى أنّهم يقصدونها من البلاد الشاسعة ، ويلمّون بها ، ويتقرّبون إلى الله سبحانه بزيارتها ، ويستنزلون عندها من الله الأرزاق ، ويستفتحون الأغلاق ، ويطلبون ببركتها الحاجات ، ويستدفعون الملمات ، وهذا هو المعجز الخارق للعادة ، وإلاّ فما الحامل للفرقة المنحازة عن هذه

٢٠٦

الجهة المخالفة لهذه الجنبة على ذلك ، ولم لم يفعلوا بعض ما ذكرناه بمن يعتقدون إمامته وفرض طاعته وهو في الدين موافق لهم ، مساعد غير مخالف معاند.

ألا ترى أنّ ملوك بني أميّة وخلفاء بني العبّاس ـ مع كثرة شيعتهم وكونهم أضعاف اضعاف شيعة أئمّتنا ، وكون الدنيا أو أكثرها لهم وفي أيديهم ، وما حصل لهم من تعظيم الجمهور في حياتهم ، والسلطنة على العالمين ، والخطبة فوق المنابر في شرق الأرض وغربها لهم بإمرة المؤمنين ـ لم يلمّ أحد من شيعتهم وأوليائهم ـ فضلا عن أعدائهم ـ بقبورهم بعد وفاتهم ، ولا قصد أحد تربة لهم متقرّبا بذلك إلى ربّه ، ولا نشط لزيارتهم ، وهذا لطف من الله سبحانه لخلقه في الإيضاح عن حقوق أئمّتناعليهم‌السلام ، ودلالة منه على علو منزلتهم منه جلّ اسمه ، لا سيّما ودواعي الدنيا ورغباتها معدومة عند هذه الطائفة مفقودة ، وعند أولئك موجودة ، فمن المحال أن يكونوا فعلوا ذلك لداع من دواع الدنيا ، ولا يمكن أيضا أن يكونوا فعلوه لتقيّة ، فإنّ التقيّة هي فيهم لا منهم ، ولا خوف من جهتهم بل هو عليهم ، فلم يبق إلاّ داعي الذين.

وهذا هو الأمر العجيب الذي لا تنفذ فيه إلاّ قدرة القادر ، وقهر(١) القاهر الذي يذلّل الصعاب ، ويسبّب الأسباب ، ليوقظ به الغافلين ، ويقطع عذر المتجاهلين.

وأيضا فقد شارك أئمّتناعليهم‌السلام غيرهم من أولاد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في حسبهم ونسبهم وقرابتهم ، وكان لكثير منهم عبادات ظاهرة ، وزهد وعلم ، ولم يحصل من الاجماع على تعظيمهم وزيارة قبورهم ما وجدناه قد حصل فيهمعليهم‌السلام ، فإنّ من عداهم من صلحاء العترة

__________________

(١) لم ترد في نسختي « ط » و « ق » ، واثبتناها من نسخة « م ».

٢٠٧

بين من يعظّمه فريق من الامّة ويعرض عنه فريق ، ومن عظّمه منهم لا يبلغ بهم في الإجلال والإعظام الغاية التي يبلغها فيمن ذكرناه ، وهذا يدلّ على أنّ الله تعالى خرق في أئمّتناعليهم‌السلام العادات ، وقلب الجبلاّت للإبانة عن علوّ درجتهم ، والتنبيه على شرف مرتبتهم ، والدلالة على إمامتهم صلوات الله عليهم أجمعين.

* * *

٢٠٨

( ذكر القسم الثاني من الركن الرابع )

وهو الكلام في إمامة صاحب الزمان

الثاني عشر من الأئمّة ، ابن الحسن بن عليّ بن محمد بن الرضا : ، وتاريخ مولده ، ودلائل إمامته ، وذكر طرف من أخباره ، وغيبته ، وعلامات وقت قيامه ومدّة دولته ، ووصفه ، وسيرته.

ويشتمل على خمسة أبواب :

٢٠٩
٢١٠

( الباب الأول منه )

في ذكر اسمه وكنيته ولقبه ، ومولده ووقت ولادته ،

واسم أمّه ، ومن شاهده أو رآه

فيه ثلاثة فصول :

٢١١
٢١٢

( الفصل الأول )

في ذكر اسمه ، وكنيته ، ولقبهعليه‌السلام

وهو المسمّى باسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، المكنّى بكنيته. وقد جاء في الأخبار : أنّه لا يحلّ لأحد أن يسمّيه باسمه ، ولا أن يكنّيه بكنيته إلى أن يزيّن الله تعالى الأرض ( بظهوره وظهور )(١) دولته(٢) ويلقّبعليه‌السلام : بالحجّة ، والقائم ، والمهديّ ، والخلف الصالح ، وصاحب الزمان ، والصاحب.

وكانت الشيعة في غيبته الاولى تعبر عنه وعن غيبته بالناحية المقدّسة ، وكان ذلك رمزا بين الشيعة يعرفونه به ، وكانوا يقولون أيضا على سبيل الرّمز والتقيّة : الغريم ـ يعنونهعليه‌السلام ـ وصاحب الأمر.

__________________

(١) في نسختي « ط » و « ق » : بظهور ، وما اثبتناه فمن نسخة « م ».

(٢) انظر : الكافي ١ : ٢٦٤ / ١٣ و ٢٦٨ / ١ ـ ٤ ، كمال الدين : ٦٤٨ / ١ ـ ٤.

٢١٣

( الفصل الثاني )

في ذكر مولدهعليه‌السلام واسم أمّه

ولدعليه‌السلام بسرّمن رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين من الهجرة ، روى ذلك محمد بن يعقوب الكلينيّ ، عن عليّ بن محمد(١) .

وكان سنّه عند وفاة أبيهعليه‌السلام خمس سنين ، آتاه الله سبحانه الحكم صبيّا كما آتاه يحيى ، وجعله في حال الطفوليّة إماما كما جعل عيسىعليه‌السلام نبيّا في المهد صبيّا.

فمن الأخبار التي جاءت في ميلادهعليه‌السلام : ما رواه الشيخ أبو جعفر بن بابويه ، عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن رزق الله ، عن موسى بن محمد بن القاسم بن حمزة ابن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال : حدّثتني حكيمة بنت محمد بن علي الرضاعليهما‌السلام قالت : بعث إليّ أبو محمد الحسن بن عليّعليهما‌السلام فقال : « يا عمّة ، اجعلي إفطارك الليلة عندنا ، فإنّها ليلة النصف من شعبان ، فإنّ الله تعالى سيظهر في هذه الليلة الحجّة وهو حجّته في أرضه ».

قال : فقلت له : ومن أمّه؟

__________________

(١) أورد الكلينيرحمه‌الله تعالى في الكافي ( ١ : ٤٣١ ) بابا أسماه بمولد الصاحبعليه‌السلام ، ذكر في صدره : ولدعليه‌السلام للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ، ثم أورد جملة مختلفة من الروايات مختلفة التواريخ ، إلاّ انّا لم نعثر على الرواية المذكورة أعلاه ، والمروية عن عليّ بن محمد ، ولعله من سهو القلم ، أو اشتباهات النساخ ، والله تعالى هو العالم.

٢١٤

قال : « نرجس ».

قلت له : جعلني الله فداك ، ما بها أثر! فقال : « هو ما أقول لك ».

قالت : فجئت فلمّا سلّمت وجلست جاءت تنزع خفيّ وقالت لي : يا سيّدتي كيف أمسيت؟

فقلت : بل أنت سيّدتي وسيّدة أهلي.

قالت : فأنكرت قولي ، وقالت : ما هذا؟! فقلت لها : يا بنيّة ، إنّ الله تبارك وتعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاما سيّدا في الدنيا والآخرة.

قالت : فخجلت واستحيت ، فلمّا أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة أفطرت وأخذت مضجعي ، فرقدت ، فلمّا أن كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة ، ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث ، ثمّ جلست معقّبة ، ثمّ اضطجعت ، ثمّ انتبهت فزعة وهي راقدة ، ثمّ قامت فصلّت ونامت.

قالت حكيمة : وخرجت أتفقّد الفجر ، فإذا أنا بالفجر الأول كذنب السرحان وهي نائمة ، قالت حكيمة : فدخلتني الشكوك فصاح بي أبو محمد من المجلس فقال : « لا تعجلي يا عمّة ، فهاك الأمر قد قرب ».

قالت : فجلست فقرأت « الم السجدة » و « يس » فبينما أنا كذلك إذ انتبهت فزعة فوثبت إليها فقلت : اسم الله عليك ، ثمّ قلت لها : هل تحسّين شيئا؟ قالت : نعم.

فقلت لها : اجمعي نفسك ، واجمعي قلبك ، فهو ما قلت لك.

قالت حكيمة : ثمّ أخذتني فترة وأخذتها فترة ، فانتبهت بحسّ سيّدي ، فكشفت الثوب عنه فإذا بهعليه‌السلام ساجدا يتلقّى الأرض بمساجده ، فضممته إليّ فإذا أنا به نظيف منظّف ، فصاح بي أبو محمدعليه‌السلام :

٢١٥

« هلمّي إليّ ابني يا عمّة ».

فجئت به إليه ، فوضع يديه تحت أليتيه وظهره ، ووضع قدميه على صدره ، ثمّ أدلى لسانه في فيه ، وأمرّ يده على عينيه وسمعه ومفاصله ثمّ قال : « تكلّم يا بنيّ ».

فقال : « أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأشهد أنّ محمّدا رسول الله » ثمّ صلّى على أمير المؤمنين وعلى الأئمّةعليهم‌السلام إلى أن وقف على أبيه ثمّ أحجم.

ثمّ قال أبو محمدعليه‌السلام : « يا عمّة اذهبي به إلى أمّه ليسلّم عليها ، وائتني به » فذهبت به فسلّم ورددته ووضعته في المجلس ، ثمّ قالعليه‌السلام : « يا عمّة إذا كان يوم السابع فائتينا ».

قالت حكيمة : فلمّا أصبحت جئت لاسلّم على أبي محمدعليه‌السلام وكشفت الستر لأتفقّد سيّدي فلم أره ، فقلت له : جعلت فداك ما فعل سيّدي؟

قال : « يا عمّة استودعناه الذي استودعت أمّ موسى موسى ».

قالت حكيمة : فلمّا كان يوم السابع جئت وسلّمت وجلست فقال : « هلمّي إليّ ابني » فجئت بسيّديعليه‌السلام وهو في الخرقة ، ففعل به كفعلته الاولى ، ثمّ أدلى لسانه في فيه كأنّما يغذّيه لبنا أو عسلا ثمّ قال : « تكلّم يا بنيّ ».

فقالعليه‌السلام : « أشهد أن لا إله إلاّ الله » وثنى بالصلاة على محمد وعلى أمير المؤمنينعليهما‌السلام وعلى الأئمة حتى وقف على أبيهعليهم‌السلام ، ثمّ تلا هذه الآية( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ

٢١٦

وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ ) (١) .

قال موسى : فسألت عقبة الخادم عن هذا فقال : صدقت حكيمة(٢) .

وروى الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ره) قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان القمّي قال : حدّثني أبو عبد الله الحسن بن يعقوب قال : حدّثنا محمد بن يحيى العطّار قال : حدّثنا الحسين بن عليّ النيسابوريّ. قال : حدّثني إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن موسى بن جعفر [ عن السيّاري ](٣) قال : حدّثني نسيم خادم الحسن بن عليّ ومارية قالا : لمّا سقط صاحب الزمانعليه‌السلام من بطن أمّه سقط جاثيا على ركبتيه رافعا سبّابتيه إلى السماء ، ثمّ عطس فقال : « الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمد وآله ، زعمت الظلمة أنّ حجّة الله داحضة ، ولو أذن لنا في الكلام لزال الشكّ »(٤) .

قال إبراهيم بن محمد : وحدّثني نسيم الخادم قال : قال لي صاحب الزمان ـ وقد دخلت عليه بعد مولده بليلة فعطست ـ فقال : « يرحمك الله » ، قال نسيم : ففرحت بذلك.

فقال : « ألا أبشّرك بالعطاس؟ » فقلت : بلى.

فقال : « هو أمان من الموت ثلاثة أيّام »(٥) .

__________________

(١) القصص ٢٨ : ٥ ـ ٦.

(٢) كمال الدين : ٤٢٤ / ١.

(٣) أثبتناه من غيبة الشيخ الطوسي.

(٤) غيبة للطوسي : ٢٤٤ / ٢١١ ، وكذا في : كمال الدين : ٤٣٠ / ٥ ، الهداية الكبرى : ٣٥٧ ، اثبات الوصية : ٢٢١ ، الخرائج والجرائح ١ : ٤٥٧ / ٢.

(٥) غيبة الطوسي : ٢٣٢ / ٢٠٠ ، وكذا في : كمال الدين : ٤٣٠ / ذيل حديث ٥ و ٤٤١ / ١١ ، الهداية الكبرى : ٣٥٨ ، اثبات الوصية : ٢٢١ ، الخرائج والجرائح ١ : ٤٦٥ / ١١ و ٢ : ٦٩٣ / ٧.

٢١٧

( الفصل الثالث )

في ذكر من رآهعليه‌السلام

محمد بن يعقوب ، عن عليّ بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ـ وكان أسنّ شيخ من ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالعراق ـ قال : رأيت ابن الحسن بن عليّ بن محمد بين المسجدين وهو غلام(١) .

وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن الحسن بن عليّ النيسابوريّ ، عن إبراهيم بن محمد ، عن أبي نصر ظريف الخادم أنّه رآهعليه‌السلام (٢) .

وعنه ، عن محمد بن عبد الله ، ومحمد بن يحيى جميعا ، عن عبد الله ابن جعفر الحميريّ قال : اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرورضي‌الله‌عنه عند أحمد ابن إسحاق ، فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف ، فقلت له : يا أبا عمرو ، إنّي أريد أن أسألك عن شيء ، وما أنا بشاكّ فيما أريد أن أسألك عنه ، فإنّ اعتقادي وديني أنّ الأرض لا تخلو من حجّة إلاّ إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوما فإذا كان ذلك رفعت الحجّة ، وأغلق باب التوبة ، فلم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ، فأولئك شرار خلق الله ، ولكنّي أحببت أن أزداد يقينا ، فإنّ إبراهيمعليه‌السلام سأل ربّه أن يريه كيف يحيي الموتى فقال :( أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) (٣) وقد أخبرني أبو عليّ أحمد بن إسحاق ، عن أبي الحسن عليه

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٦٦ / ٢ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٢٥١ ، غيبة الطوسي : ٢٦٨ / ٢٣٠.

(٢) الكافي ١ : ٢٦٧ / ١٣ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣٥٤.

(٣) البقرة ٢ : ٢٦٠.

٢١٨

السلام قال : سألته وقلت : من أعامل ، وعمّن آخذ ، وقول من أقبل؟ فقال له : « العمريّ ثقتي ، فما أدّى إليك فعنّي يؤدّي ، وما قال لك فعنّي يقول ، فاسمع له وأطع ، فإنّه الثقة المأمون ».

وأخبرني أبو عليّ : أنّه سأل أبا محمّدعليه‌السلام عن مثل ذلك فقال له : « العمريّ وابنه ثقتان ، فما أدّيا إليك فعنّي يؤدّيان ، وما قالا لك فعنّي يقولان ، فاسمع لهما وأطعهما ، فإنّهما الثقتان المأمونان » فهذا قول إمامينعليهما‌السلام فيك.

قال : فخرّ أبو عمرو ساجدا وبكى ثمّ قال : سل.

فقلت : رأيت ابن أبي محمدعليه‌السلام ؟

فقال : إي والله ، ورقبته مثل ذا. وأومأ بيده إلى عنقه.

فقلت له : قد بقيت واحدة.

فقال لي : هات.

قلت : الاسم؟

قال : محرّم عليكم أن تسألوا عن ذلك ، ولا أقول هذا من عندي ، فليس لي أن أحلّل ولا أحرّم ، ولكن عنهعليه‌السلام ، وإنّ الأمر عند السلطان في أمر أبي محمدعليه‌السلام إنّه مضى ولم يخلّف ولدا ، وقسّم ميراثه ، وأخذه من لا حقّ له فيه ، وصبر على ذلك وهو ذا عيال يجولون ، وليس أحد يجسر أن يتعرف إليهم أو ينيلهم شيئا ، وإذا وقع الاسم وقع الطلب ، فاتّقوا الله وامسكوا عن ذلك(١) .

وعنه ، عن عليّ بن محمد ، عن محمد بن شاذان بن نعيم ، عن خادمة لإبراهيم بن عبدة النيسابوريّ ـ وكانت من الصالحات ـ أنّها قالت : كنت

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٦٥ / ١.

٢١٩

واقفة مع إبراهيم على الصفا ، فجاء صاحب الأمر حتّى وقف معه ، وقبض على كتاب مناسكه وحدّثه بأشياء(١) .

وعنه ، عن عليّ بن محمد ، عن أبي عليّ أحمد بن إبراهيم بن إدريس ، عن أبيه قال : رأيتهعليه‌السلام بعد مضيّ أبي محمدعليه‌السلام حين أيفع ، وقبّلت يده ورأسه(٢) .

وعنه ، عن عليّ بن محمد ، عن أبي عبد الله بن صالح ، وأحمد بن النضر ، عن القنبريّ ـ رجل من ولد قنبر الكبير مولى أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ـ قال : جرى حديث جعفر بن عليّ فذمّه ، فقلت : فليس غيره؟

فذكر الحجّةعليه‌السلام ، فقلت : فهل رأيته؟

قال : قد رآه جعفر مرّتين(٣) .

وعنه(٤) ، عن عليّ بن الحسين بن الفرج المؤدّب ، عن محمد بن الحسن الكرخيّ قال : سمعت أبا هارون ـ رجلا من أصحابنا ـ يقول : رأيت صاحب الزمان ووجهه كأنّه القمر ليلة البدر ، ورأيت على سرّته شعرا يجري كالخطّة ، وكشفت الثوب عنه فوجدته مختونا ، فسألت مولانا الحسن بن عليّ ، عن ذلك ، فقال : « هكذا ولد وهكذا ولدنا ، ولكنّا سنمرّ الموسى لإصابة السنّة »(٥) .

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٦٦ / ٦ ، وكذا في : ارشاد المفيد : ٢ / ٣٥٢ ، غيبة الطوسي : ٢٦٨ / ٢٣١.

(٢) الكافي ١ : ٢٦٧ / ٨ ، وكذا في : ارشاد المفيد : ٢ / ٣٥٣ ، غيبة الطوسي : ٢٦٨ / ٢٣٢.

(٣) الكافي ١ : ٢٦٧ / ٩ ، وكذا في : ارشاد المفيد : ٢ / ٣٥٣ ، غيبة الطوسي : ٢٤٨ / ٢١٧.

(٤) كذا وهو غير صواب ، لأن الرواية لا تعود إلى الكافي ، بل هي مروية في كمال الدين ، وبسند الشيخ الصدوقرحمه‌الله تعالى ، كما أنها لم ترد في متن نسخة « ط » بل في هامشها ، ولعلها اضافة من النسّاخ والله تعالى هو العالم.

(٥) كمال الدين : ٤٣٤ / ١.

٢٢٠

ولو ذكرنا جميع أسماء من رآهعليه‌السلام لطال الكتاب واتسع الخطاب ، وسيأتي ذكر بعضهم فيما يأتي من الكتاب ، وفيما أوردناه هنا كفاية في الغرض الذي نحوناه.

* * *

٢٢١
٢٢٢

( الباب الثاني )

في ذكر النصوص الدالة على إمامتهعليه‌السلام

من آبائهعليهم‌السلام ، سوى ما تقدّم من ذكره

في جملة الاثني عشر

فيه ثلاثة فصول :

٢٢٣
٢٢٤

( الفصل الأول )

في ذكر إثبات النص على إمامتهعليه‌السلام

من طريق الاعتبار

إذا ثبت بالدليل العقليّ وجوب الإمامة ، واستحالة أن يخلّي الحكيم سبحانه عباده المكلّفين وقتا من الأوقات من وجود إمام معصوم من القبائح ، كامل غني عن رعاياه في العلوم ، ليكونوا بوجوده أقرب إلى الصلاح وأبعد من الفساد ، وثبت وجوب النصّ على من هذه صفته من الأنام ، أو ظهور المعجز الدال عليه المميّز له عمّن سواه ، وعدم هذه الصفات من كلّ أحد بعد وفاة أبي محمد الحسن بن عليّ العسكريّ ممّن ادّعيت الإمامة له في تلك الحال ، سوى من أثبت إمامته أصحابهعليه‌السلام من ولده ، القائم مقامه ، ثبتت إمامتهعليه‌السلام ، وإلاّ أدّى إلى خروج الحقّ عن أقوال الامّة.

وهذا أصل لا يحتاج معه في الإمامة إلى رواية النصوص ، وتعداد ما جاء فيها من الروايات والأخبار ، لقيامه بنفسه في قضيّة العقل ، وثبوته بصحيح الاعتبار ، على أنّه قد سبق النص عليه من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ من أمير المؤمنينعليه‌السلام ثمّ من الأئمةعليهم‌السلام واحدا بعد واحد إلى أبيهعليه‌السلام ، وإخبارهمعليهم‌السلام بغيبته قبل وجوده ، وبدولته بعد غيبته.

ونحن نذكر ذلك في الفصل الذي يلي هذا الفصل ثمّ نذكر بعد ذلك الأخبار الواردة في أنه نصّ عليه أبوهعليه‌السلام عند خواصّه وثقاته وشيعته ، وأشار إليه بالامامة من بعده استظهارا في الحجّة ، وتثبيتا على المحجّة.

٢٢٥

( الفصل الثاني )

في ذكر الأخبار الواردة عن آبائهعليهم‌السلام في ذلك ، سوى ما ذكرناه فيما تقدّم من الكتاب ، حذفنا أسانيدها تحرّيا للاختصار ، فمن أرادها فليطلبها في كتاب كمال الدين للشيخ أبي جعفر بن بابويه قدس الله روحه.

فممّا جاء عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك :

ما رواه جابر بن يزيد الجعفيّ ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « المهديّ من ولدي ، اسمه اسمي ، وكنيته كنيتي ، أشبه الناس بي خلقا وخلقا ، تكون له غيبة وحيرة تضلّ فيها الامم ، ثمّ يقبل كالشهاب الثاقب يملأها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا »(1) .

وروى أبو بصير ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن آبائهعليهم‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « المهديّ من ولديّ اسمه اسمي ، وكنيته كنيتي ، أشبه الناس بي خلقا وخلقا ، تكون له غيبة وحيرة حتّى يضلّ الخلق عن أديانهم ، فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما »(2) .

وروى محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالح بن عقبة ، عن أبيه ، عن أبي جعفر الباقر ، عن أبيه ، عن آبائهعليهم‌السلام قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : المهديّ من ولدي ، تكون له غيبة وحيرة تضلّ فيها الامم ، يأتي بذخيرة الأنبياء ، فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما

__________________

(1) كمال الدين : 286 / 1.

(2) كمال الدين : 287 / 4.

٢٢٦

وجورا »(1) .

وروى ثابت بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام إمام أمّتي ، وخليفتي عليها بعدي ، ومن ولده القائم المنتظر الذي يملأ الله به الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ، والذي بعثني بالحقّ بشيرا ، إنّ الثابتين على القول في زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر ».

فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاريّ فقال : يا رسول الله ، وللقائم من ولدك غيبة؟

قال : « إي وربّي ، ليمحص الذين آمنوا ويمحق الكافرين ، يا جابر إنّ هذا الأمر من أمر الله عزّ وجل ، وسرّ من سرّ الله ، علّته مطويّة عن عباد الله ، فإيّاك والشك ، فإنّ الشك في أمر الله عزّ وجل كفر »(2) .

وروى هشام بن سالم ، عن الصادق ، عن أبيه ، عن جدّهعليهم‌السلام قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : القائم من ولدي ، اسمه اسمي ، وكنيته كنيتي ، وشمائله شمائلى ، وسنّته سنّتي ، يقيم الناس على ملّتي وشريعتي ، ويدعوهم إلى كتاب ربّي ، من أطاعه أطاعني ، ومن عصاه عصاني ، ومن أنكر غيبته فقد أنكرني ، ومن كذّبه فقد كذّبني ، ومن صدّقه فقد صدّقني ، إلى الله أشكو المكذّبين لي في أمره ، والجاحدين لقولي في شأنه ، والمضلّين لامّتي عن طريقته( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (3) »(4) .

__________________

(1) كمال الدين : 287 / 5.

(2) كمال الدين : 287 / 7.

(3) الشعراء 26 : 227.

(4) كمال الدين : 411 / 6.

٢٢٧

وممّا جاء عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في ذلك :

ما رواه الحارث بن المغيرة النصري ، عن الأصبغ بن نباتة قال : أتيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فوجدته متفكّرا ينكت في الأرض ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، ما لي أراك متفكّرا تنكت في الأرض ، أرغبة فيها؟

فقال : « لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوما قطّ ، ولكنّي فكّرت في مولود يكون من ظهري ، الحادي عشر من ولدي ، هو المهديّ يملأها عدلا كما ملئت جورا وظلما ، تكون له حيرة وغيبة ، يضلّ فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون ».

فقلت : يا أمير المؤمنين ، وإنّ هذا لكائن؟

قال : « نعم كما أنّه مخلوق ، وأنّى لك العلم بهذا الأمر يا أصبغ؟

أولئك خيار هذه الامّة مع أبرار هذه العترة ».

قلت : وما يكون بعد ذلك؟

قال : « ثمّ يفعل الله ما يشاء ، وإنّ له إرادات وغايات ونهايات »(1) .

ومن كلامه المشهور لكميل بن زياد : « اللهمّ إنّك لا تخلي الأرض من قائم بحجّة ، إمّا ظاهر مشهور ، أو خائف مغمور ، لئلاّ تبطل حججك وبيّناتك »(2) .

وروى سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنّه ذكر القائم فقال : « أما ليغيبنّ حتّى يقول الجاهل : ما لله في آل محمد حاجة »(3) .

__________________

(1) كمال الدين : 288 / 1.

(2) كمال الدين : 291 / 10.

(3) كمال الدين : 302 / 9.

٢٢٨

وروى عبد العظيم بن عبد الله الحسنيّ ، عن أبي جعفر الثاني ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام قال : « للقائم منّا غيبة أمدها طويل ، كأنّي بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته ، يطلبون المرعى فلا يجدونه ، ألا فمن ثبت منهم على دينه ولم يقس قلبه لطول مدّة غيبة إمامه فهو معي في درجتي يوم القيامة »(1) .

وقالعليه‌السلام : « إنّ القائم منّا إذا قام لم يكن لأحد في عنقه بيعة ، فلذلك تخفى ولادته ويغيب شخصه »(2) .

وروى عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عليّ بن معبد ، عن الحسين ابن خالد ، عن الرضاعليه‌السلام ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام أنّه قال : « التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحقّ ، والمظهر للدين ، والباسط للعدل.

قال الحسينعليه‌السلام : فقلت له : وإنّ ذلك لكائن؟

فقال : إي والذي بعث محمدا بالنبوّة ، واصطفاه على جميع البريّة ، ولكن بعد غيبة وحيرة لا يثبت فيهما على دينه إلاّ المخلصون ، المباشرون لروح اليقين ، الذين أخذ الله ميثاقهم بولايتنا ، وكتب في قلوبهم الإيمان ، وأيّدهم بروح منه »(3) .

وممّا جاء فيه عن الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليهما‌السلام :

ما رواه حنان بن سدير ، عن أبيه سدير بن حكيم بن صهيب الصيرفيّ ، عن أبيه ، عن أبي سعيد عقيصا قال : لمّا صالح الحسن بن عليّ عليهما

__________________

(1) كمال الدين : 303 / ذيل حديث 14.

(2) كمال الدين : 303 / ذيل حديث 14.

(3) كمال الدين : 304 / 16.

٢٢٩

السلام معاوية دخل عليه الناس ، فلامه بعضهم على بيعته ، فقالعليه‌السلام : « ويحكم ، ما تدرون ما عملت ، والله للّذي عملت خير لشيعتي ممّا طلعت عليه الشمس أو غربت ، ألا تعلمون أنّي إمامكم ، ومفترض الطاعة عليكم ، وأحد سيّدي شباب أهل الجنّة بنصّ من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّ؟ ».

قالوا : بلى.

قال : « أما علمتم أنّ الخضر لمّا خرق السفينة وقتل الغلام وأقام الجدار كان ذلك سخطا لموسىعليه‌السلام ، إذ خفي عليه وجه الحكمة في ذلك ، وكان ذلك عند الله تعالى ذكره حكمة وصوابا؟ أما علمتم أنّه ما منّا أحد إلاّ وتقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلاّ القائم الذي يصلّي روح الله عيسى بن مريم خلفه ، فإنّ الله عزّ وجل يخفي ولادته ، ويغيّب شخصه ، لئلاّ يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج ، ذلك التاسع من ولد أخي الحسين ، ابن سيّدة الإماء ، يطيل الله عمره في غيبته ، ثمّ يظهره بقدرته في صورة شابّ دون أربعين سنة ، ذلك ليعلم أنّ الله على كلّ شيء قدير »(1) .

وممّا جاء عن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهما‌السلام :

ما رواه محمد بن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّهعليهم‌السلام قال : « قال الحسينعليه‌السلام : في التاسع من ولدي سنّة من يوسف ، وسنّة من موسى ابن عمران ، وهو قائمنا أهل البيت ، يصلح الله تعالى أمره في ليلة واحدة »(2) .

وروى جعيد الهمداني(3) عنهعليه‌السلام قال : « قائم هذه الامّة هو

__________________

(1) كمال الدين : 315 / 2.

(2) كمال الدين : 316 / 1.

(3) في كمال الدين : رجل من همدان.

٢٣٠

التاسع من ولدي ، وهو صاحب الغيبة ، وهو الذي يقسّم ميراثه وهو حيّ »(1) .

وروى يحيى بن وثاب ، عن عبد الله بن عمر قال : سمعت الحسين ابن عليّ بن أبي طالبعليهما‌السلام يقول : « لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج رجل من ولدي ، فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ، كذلك سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول »(2) .

وممّا جاء فيه عن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام :

ما رواه حمزة بن حمران ، عن أبيه حمران بن أعين ، عن سعيد بن جبير قال : سمعته يقول : « في القائم منّا سنن من ستّة من الأنبياءعليهم‌السلام : سنّة من نوح ، وسنّة من إبراهيم ، وسنّة من موسى ، وسنّة من عيسى ، وسنّة من أيّوب ، وسنّة من محمد.

فأمّا من نوحعليه‌السلام فطول العمر ، وأمّا من إبراهيمعليه‌السلام فخفاء الولادة واعتزال الناس ، وأمّا من موسىعليه‌السلام فالخوف والغيبة ، وأمّا من عيسىعليه‌السلام فاختلاف الناس فيه ، وأمّا من أيّوبعليه‌السلام فالفرج بعد البلوى ، وأمّا من محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فالخروج بالسيف »(3) .

قال : وسمعتهعليه‌السلام يقول : « القائم منا تخفى على الناس ولادته حتّى يقولوا : لم يولد بعد ، ليخرج حين يخرج وليس لأحد في عنقه بيعة »(4) .

وروى عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن بسطام بن مرّة ، عن عمرو بن ثابت قال : قال عليّ بن الحسين سيّد العابدينعليه‌السلام :

__________________

(1) كمال الدين : 317 / 2.

(2) كمال الدين : 317 / 4.

(3) كمال الدين : 321 / 3.

(4) كمال الدين : 322 / 6.

٢٣١

« من ثبت على موالاتنا في غيبة قائمنا أعطاه الله أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر »(1) .

وممّا جاء عن محمد بن عليّ الباقرعليه‌السلام .

ما رواه عبد الله بن عطاء قال : قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : إنّ شيعتك بالعراق كثيرون ، وو الله ما في أهل بيتك مثلك.

فقال : « يا عبد الله ، قد أمكنت الحشو من أذنيك ، والله ما أنا بصاحبكم ».

قلت : فمن صاحبنا؟ قال : « انظر من تخفى على الناس ولادته فهو صاحبكم »(2) .

وروى أبو الجارود زياد بن المنذر عنه قال : قال لي : « يا أبا الجارود ، إذا دار الفلك ، وقال الناس : مات القائم أو هلك ، بأيّ واد سلك ، وقال الطالب : أنّى يكون ذلك ، وقد بليت عظامه. فعند ذلك فارجوه ، فإذا سمعتم به فأتوه ولو حبوا على الثلج »(3) .

أبو بصير ، عنه قال : « في صاحب هذا الأمر أربع سنن من أربعة أنبياء : سنّة من موسى ، وسنّة من عيسى ، وسنّة من يوسف ، وسنّة من محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليهم.

فأمّا من موسى فخائف يترقّب ، وأمّا من يوسف فالسجن ، وأمّا من عيسى فيقال : إنّه مات ولم يمت ، وأمّا من محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليهم فالسيف »(4) .

__________________

(1) كمال الدين : 323 / 7.

(2) كمال الدين : 325 / 2.

(3) كمال الدين : 326 / 5.

(4) كمال الدين : 326 / 6 ، وكذا في : الامامة والتبصرة : 234 / 84 ، وغيبة الطوسي :

٢٣٢

محمد بن مسلم الثقفيّ قال : دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام وأنا أريد أن أسأله عن القائم من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لي مبتدئا : « يا محمد بن مسلم ، إنّ في القائم من آل محمد شبها بخمسة من الرسل : يونس بن متّى ، ويوسف بن يعقوب ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد صلوات الله عليه وآله وعليهم.

فأمّا شبهه الذي من يونسعليه‌السلام فرجوعه من غيبته وهو شابّ مع كبر السنّ.

وأمّا شبهه من يوسفعليه‌السلام فالغيبة من خاصّته وعامّته ، واختفاؤه من إخوته ، وإشكال أمره على أبيه يعقوب النبي مع قرب من المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته.

وأمّا شبهه من موسىعليه‌السلام فدوام خوفه ، وطول غيبته ، وخفاء ولادته ، وتعب شيعته من بعده ممّا لقوا من الأذى والهوان إلى أن أذن الله في ظهوره ، وأيّده على عدوّه.

وأمّا شبهه من عيسىعليه‌السلام فاختلاف من اختلف فيه حتّى قالت طائفة : ما ولد ، وطائفة قالت : مات ، وطائفة قالت : قتل وصلب.

وأمّا شبهه من جدّه المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله فتجريده السيف ، وقتله أعداء الله وأعداء رسوله والجبّارين والطواغيت ، وأنّه ينصر بالسيف وبالرّعب ، وأنّه لا تردّ له راية ، وإنّ من علامات خروجه : خروج السفياني من الشام ، وخروج اليماني ، وصيحة من السماء في شهر رمضان ، ومناد ينادي باسمه واسم أبيه »(1) .

__________________

424 / 408 ، واثبات الوصية للمسعودي : 226.

(1) كمال الدين : 327 / 7.

٢٣٣

وممّا جاء عن الصادقعليه‌السلام في ذلك :

ما رواه محمد بن سنان ، عن صفوان بن مهران ، عنهعليه‌السلام قال : « من أقرّ بجميع الأئمّة وجحد المهديّ كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء وجحد محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله نبوّته ».

فقيل له : يا ابن رسول الله ، فمن المهديّ من ولدك؟

قال : « الخامس من ولد السابع ، يغيب عنكم شخصه ولا يحلّ لكم تسميته »(1) .

وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد العزيز العبديّ ، عن عبد الله بن أبي يعفور عنهعليه‌السلام مثل ذلك(2) .

وروى أحمد بن هلال ، عن أميّة بن عليّ ، عن أبي الهيثم بن أبي حيّة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إذا اجتمعت ثلاثة أسامي متوالية : محمّد ، وعليّ ، والحسن ، فالرابع القائم »(3) .

وروى المفضّل بن عمر قال : دخلت على سيّدي جعفر بن محمد الصادقعليهما‌السلام فقلت : يا سيّدي ، لو عهدت إلينا من الخلف من بعدك؟

فقال : « يا مفضّل ، الإمام من بعدي موسى ، والخلف المنتظر ( م ح م د ) بن الحسن بن عليّ بن محمد بن عليّ بن موسىعليهم‌السلام »(4) .

وروى محمد بن خالد البرقيّ ، عن محمد بن سنان ؛ وأبي عليّ الزرّاد

__________________

(1) كمال الدين : 333 / 1.

(2) كمال الدين : 338 / 12.

(3) كمال الدين : 333 / 2 ، وباختلاف يسير في غيبة النعماني : 179 / 26.

(4) كمال الدين : 334 / 4.

٢٣٤

جميعا ، عن إبراهيم الكرخيّ قال : دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فإنّي لجالس عنده إذ دخل أبو الحسن موسى ـ وهو غلام ـ فقمت إليه فقبّلته وجلست ، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « يا إبراهيم ، أما إنّه صاحبك من بعدي ، أما لتهلكنّ فيه أقوام ويسعد آخرون ، فلعن الله قاتله وضاعف على روحه العذاب ، أما ليخرجنّ الله من صلبه خير أهل الأرض في زمانه ، سميّ جدّه ، ووارث علمه وأحكامه وقضاياه ، معدن الإمامة وأحكامها ، ورأس الحكمة ، يقتله جبّار بني فلان بعد عجائب طريفة ، حسدا له ، ولكنّ الله تعالى بالغ أمره ولو كره المشركون.

ويخرج الله من صلبه تكملة اثني عشر إماما مهديّا ، اختصّهم الله بكرامته ، وأحلّهم دار قدسه ، المنتظر للثاني عشر منهم كالشاهر سيفه بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يذبّ عنه ».

قال : فدخل رجل من موالي بني أميّة ، فانقطع الكلام ، فعدت إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام احدى عشرة مرّة أريد منه أن يتمّ الكلام فما قدرت على ذلك ، فلمّا كان من قابل ـ السنة الثانية ـ دخلت عليه وهو جالس(1) فقال : « يا إبراهيم ، هو المفرّج للكرب عن شيعته بعد ضنك شديد ، وبلاء طويل وجزع وخوف ، فطوبى لمن أدرك ذلك الزمان ، حسبك يا إبراهيم ».

قال إبراهيم : فما رجعت بشيء هو أسرّ من هذا لقلبي ، ولا أقرّ لعيني(2) .

وروى محمّد بن خالد البرقيّ ، عن محمد بن سنان ، عن المفضّل ابن عمر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « أقرب ما يكون العباد من الله

__________________

(1) في نسخة « م » زيادة : فسلّمت ورد سلامي.

(2) كمال الدين : 334 / 5 ، وكذا في غيبة النعماني : 90 / 21.

٢٣٥

عزّ وجل ، وأرضى ما يكون عنهم ، إذا فقدوا حجّة الله ، فلم يظهر لهم ، ولم يعلموا مكانه ، وهم في ذلك يعلمون أنّه لن تبطل حجّة الله ولا ميثاقه ، فعندها فتوقّعوا الفرج صباحا ومساء ، وإنّ أشدّ ما يكون غضب الله على أعداء الله تعالى إذا افتقدوا حجّته فلم يظهر لهم ، وقد علم أنّ أولياءه لا يرتابون ، ولو علم أنّهم يرتابون ما غيّب عنهم حجّته طرفة عين ، ولا يكون ذلك إلاّ على رأس شرار الناس »(1) .

وروى الحسن بن محبوب ، عن محمد بن النعمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله(2) .

وروى عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن فضالة بن أيّوب ، عن سدير الصيرفيّ قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « إنّ في القائم سنّة من يوسف ».

قلت : كأنّك تذكر خبره أو غيبته؟

فقال لي : « وما تنكر من ذلك هذه الامّة أشباه الخنازير ، إنّ إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء تاجروا يوسف وبايعوه وهم إخوته وهو أخوهم ، فلم يعرفوه حتّى قال لهم : أنا يوسف. فما تنكر هذه الامّة أن يكون الله تعالى في وقت من الأوقات يريد أن يستر حجّته! لقد كان يوسف إليه ملك مصر ، وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما ، فلو أراد الله عزّ وجل أن يعرّفه مكانه لقدر على ذلك ، والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة تسعة أيّام من بلدهم إلى مصر ، فما تنكر هذه الامّة أن ( يكون الله تعالى يفعل بحجته ما فعل بيوسف أن )(3) يكون يسير في أسواقهم ، ويطأ بسطهم وهم لا

__________________

(1) كمال الدين : 339 / 16 ، وكذا في : الكافي 1 : 268 / 1.

(2) كمال الدين : 339 / 17.

(3) ما بين القوسين لم يرد في نسختي « ق » و « ط ».

٢٣٦

يعرفونه ، حتّى يأذن الله تبارك وتعالى له أن يعرّفهم نفسه كما أذن ليوسف حتّى قال لهم :( هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ * قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي ) (1) »(2) .

وروى أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عثمان بن عيسى الكلابي ، عن خالد بن نجيح ، عن زرارة بن أعين قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « إنّ للقائم غيبة قبل أن يقوم ».

قلت : ولم؟

قال : « يخاف » وأومأ بيده إلى بطنه ، ثمّ قال : « يا زرارة ، وهو المنتظر ، وهو الذي يشكّ الناس في ولادته ، منهم من يقول : هو حمل ، ومنهم من يقول : هو غائب ، ومنهم من يقول : ما ولد ، ومنهم من يقول : قد ولد قبل وفاة أبيه بسنتين ، وهو المنتظر ، غير أنّ الله تعالى يحبّ أن يمتحن الشيعة ، فعند ذلك يرتاب المبطلون ».

قال زرارة : فقلت : جعلت فداك ، فإن أدركت ذلك الزمان فأيّ شيء أعمل؟

قال : « يا زرارة ، إن أدركت ذلك الزمان فأدم هذا الدعاء : اللهمّ عرّفني نفسك ، فإنّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرف نبيّك ، اللهمّ عرّفني رسولك ، فإنّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف حجّتك ، اللهمّ عرّفني حجّتك فإنّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني » ثم قال : « يا زرارة ، لا بدّ من قتل غلام بالمدينة ».

__________________

(1) سورة يوسف 12 : 89 ـ 90.

(2) كمال الدين : 341 / 21 ، وكذا في : الكافي 1 : 271 / 4 ، وعلل الشرائع : 244 / 3 ، وغيبة الطوسي : 163 / 4.

٢٣٧

قلت : جعلت فداك ، أليس يقتله جيش السفيانيّ؟

قال : « لا ، ولكن يقتله جيش بني فلان ، يدخل المدينة فلا يدري الناس في أيّ شيء دخل ، فيأخذ الغلام فيقتله ، فإذا قتله بغيا وعدوانا وظلما لم يمهلهم الله عزّ وجلّ ، فعند ذلك فتوقّعوا الفرج »(1) .

وروى هذا الحديث من طرق عن زرارة(2) .

وروى يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يرى ولا إمام هدى ، لا ينجو منها إلاّ من دعا بدعاء الغريق ».

قلت : كيف دعاء الغريق؟

قال : « يقول : يا الله يا رحمن يا رحيم ، يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك ».

فقلت : يا مقلّب القلوب والأبصار ثبّت قلبي على دينك.

فقال : « إنّ الله عزّ وجلّ مقلّب القلوب والأبصار ، ولكن قل كما أقول : يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك »(3) .

وروى سدير الصيرفيّ ، عن أبي عبد الله ـ في حديث طويل ـ قال : قال : « أما العبد الصّالح ـ أعني الخضر ـ فإنّ الله عز وجلّ ما طوّل عمره لنبوّة قدّرها له ، ولا لكتاب ينزله عليه ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء ، ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها ، ولا لطاعة يفرضها له ، بل إنّ الله تعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائمعليه‌السلام في

__________________

(1) كمال الدين : 342 / 24 ، وكذا في : الكافي 1 : 272 / 5 ، وغيبة النعماني : 166 / 6.

(2) كمال الدين : 343 / ذيل حديث 24

(3) كمال الدين : 351 / 50.

٢٣٨

أيّام غيبته ما يقدّر ، وعلم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول ، طوّل عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك إلاّ لعلة الاستدلال به على عمر القائم ، وليقطع بذلك حجّة المعاندين ، لئلاّ يكون للناس على الله حجّة »(1) .

فهذا طريق ممّا روي عن الصادقعليه‌السلام في هذا المعنى.

وممّا جاء عن أبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام في مثله :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن الحسن بن عيسى بن محمد بن عليّ بن جعفر ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام قال : « إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم ، لا يزيلكم أحد عنها. يا أخي ، إنّه لا بدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة حتّى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به ، إنّما هي محنة من الله عزّ وجلّ امتحن بها خلقه ، ولو علم آباؤكم وأجدادكم دينا أصحّ من هذا لاتّبعوه ».

فقلت : يا سيّدي ، من الخامس من ولد السابع؟

فقال : « يا أخي ، عقولكم تصغر عن هذا ، وأحلامكم تضيق عن ذلك ، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه )(2) .

وروي عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن صالح بن السنديّ ، عن يونس بن عبد الرحمن قال : دخلت على موسى بن جعفرعليهما‌السلام فقلت له : يا ابن رسول الله ، أنت القائم بالحقّ؟

قال : « أنا القائم بالحقّ ، ولكنّ القائم الذي يطهّر الأرض من أعداء

__________________

(1) كمال الدين : 357 / ذيل حديث 51.

(2) كمال الدين : 359 / 1 ، وكذا في : الكافي 1 : 271 / 2 ، علل الشرائع : 244 / 4 ، غيبة النعماني : 154 / 11 ، اثبات الوصية : 229 ، كفاية الأثر : 268.

٢٣٩

الله ، ويملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ، هو الخامس من ولدي ، له غيبة يطول أمدها خوفا على نفسه ، يرتدّ فيها قوم ويثبت فيها آخرون ».

وقالعليه‌السلام : « طوبى لشيعتنا المتمسّكين بحبلنا في غيبة قائمنا ، الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا ، أولئك منّا ونحن منهم ، قد رضوا بنا أئمّة ورضينا بهم شيعة ، فطوبى لهم ثم طوبى لهم ، هم والله معنا في درجتنا يوم القيامة »(1) .

وممّا روي عن الرضاعليه‌السلام في ذلك :

ما رواه محمد بن الحسن الصفّار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن أيّوب بن نوح قال : قلت للرضاعليه‌السلام : إنّا نرجو أن تكون صاحب هذا الأمر ، وأن يسديه الله إليك من غير سيف ، فقد بويع لك وضربت الدراهم باسمك.

فقال : « ما منّا أحد اختلفت إليه الكتب ، وسئل عن المسائل ، وأشارت إليه الأصابع ، وحملت إليه الأموال إلاّ اغتيل أو مات على فراشه ، حتّى يبعث الله عزّ وجل بهذا الأمر رجلا خفيّ المولد والمنشأ غير خفيّ في نسبه »(2) .

وروى عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الريان بن الصلت قال : قلت للرضاعليه‌السلام : أنت صاحب هذا الأمر؟

فقال : « أنا صاحب هذا الأمر ، ولكنّي لست بالذي أملأها عدلا كما ملئت جورا ، وكيف أكون ذلك على ما ترى من ضعف بدني! وأنّ القائم هو الذي إذا خرج كان في سنّ الشيوخ ومنظر الشبّان(3) ، قويّا في بدنه حتّى لو مدّ

__________________

(1) كمال الدين : 361 / 5 ، وكذا في : كفاية الأثر : 269.

(2) كمال الدين : 370 / 1 ، وكذا في : غيبة النعماني : 168 / 9.

(3) في نسختي « ق » و « ط » : الشباب.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551