إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء ٢

إعلام الورى بأعلام الهدى3%

إعلام الورى بأعلام الهدى مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
ISBN: 964-319-011-0
الصفحات: 551

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 551 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 82536 / تحميل: 7917
الحجم الحجم الحجم
إعلام الورى بأعلام الهدى

إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠١١-٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها ، ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها ، يكون معه عصا موسى وخاتم سليمان. ذلك الرابع من ولدي ، يغيّبه الله في ستره ما شاء ثمّ يظهره فيملأ به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، كأنّي بهم أين ما كانوا قد نودوا نداء يسمع من بعد كما يسمع من قرب ، يكون رحمة للمؤمنين وعذابا على الكافرين »(١) .

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عليّ بن معبد ، عن الحسين بن خالد : قال : قال الرضاعليه‌السلام : « لا دين لمن لا ورع له ، ولا إيمان لمن لا تقيّة له ، وإنّ أكرمكم عند الله أعملكم بالتقيّة ».

فقيل له : يا ابن رسول الله ، إلى متى؟

قال : « إلى يوم الوقت المعلوم ، وهو يوم خروج قائمنا ، فمن ترك التقيّة قبل خروج قائمنا فليس منّا ».

فقيل له : يا ابن رسول الله ، ومن القائم منكم أهل البيت؟

قال : « الرابع من ولديّ ، ابن سيّدة الإماء ، يطهّر الله به الأرض من كلّ جور ، ويقدّسها من كلّ ظلم ، وهو الذي يشكّ الناس في ولادته ، وهو صاحب الغيبة قبل خروجه ، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره ، ووضع ميزان العدل بين الناس ، فلا يظلم أحد أحدا. وهو الذي تطوى له الأرض ، ولا يكون له ظلّ ، وهو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع اهل الأرض بالدعاء إليه يقول : ألا إنّ حجّة الله قد ظهر عند بيت الله فاتّبعوه فإنّ الحقّ معه وفيه ، وهو قول الله عزّ وجل :( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ ) (٢) »(٣) .

__________________

(١) كمال الدين : ٣٧٦ / ٧ دون ذيله

(٢) الشعراء ٢٦ : ٤.

(٣) كمال الدين : ٣٧١ / ٥ ، وكذا في : كفاية الأثر : ٢٧٤.

٢٤١

وقد ذكرنا حديث دعبل بن عليّ الخزاعي عنه في هذا المعنى في ما تقدّم من الكتاب(١) .

وممّا روي عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام في مثله :

ما رواه عبد العظيم بن عبد الله الحسنيّرحمه‌الله قال : دخلت على سيّدي محمد بن عليّ وأنا أريد أن أسأله عن القائمعليه‌السلام أهو المهديّ أو غيره ، فابتدأني فقال : « يا أبا القاسم ، إنّ القائم منّا هو المهديّ الذي يجب أن ينتظر في غيبته ويطاع في ظهوره ، وهو الثالث من ولدي. والذي بعث محمدا بالنبوّة ، وخصّنا بالإمامة ، إنّه لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيه فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، وإنّ الله تعالى ليصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر كليمه موسىعليه‌السلام إذ ذهب ليقتبس لأهله نارا فرجع وهو رسول نبي ».

ثمّ قالعليه‌السلام : « أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج »(٢) .

وعنه أيضا قال : قلت لمحمد بن عليّعليهما‌السلام : إنّي لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمد الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

فقال : « يا أبا القاسم ، ما منّا إلاّ قائم بأمر الله وهاد إلى دين الله ، ولكنّ القائم منّا هو الذي يطهّر الله عزّ وجل الأرض به من أهل الكفر والجحود ، ويملأها عدلا وقسطا ، هو الذي تخفى على الناس ولادته ، ويغيب عنهم شخصه ، ويحرم عليهم تسميته. وهو سميّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكنيّه ، وهو الذي تطوى له الأرض ، ويذلّ له كلّ صعب. يجتمع إليه

__________________

(١) تقدم في صفحة : ٦٨ ـ ٦٩ فراجع.

(٢) كمال الدين : ٣٧٧ / ١ ، وكذا في : كفاية الأثر : ٢٨٠.

٢٤٢

من أصحابه عدد أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من أقاصي الأرض ، وهو قول الله عزّ وجل :( أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (١) فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الإخلاص أظهر أمره ، وإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله عزّ وجل ، فلا يزال يقتل أعداء الله حتّى يرضى الله تبارك وتعالى ».

قال عبد العظيم فقلت له : يا سيّدي ، وكيف يعلم أنّ الله قد رضي؟

قال : « يلقي في قلبه الرحمة ، فإذا دخل المدينة أخرج اللات والعزّى فأحرقهما »(٢) .

وروى حمدان بن سليمان قال : حدّثنا الصقر بن أبي دلف قال : سمعت أبا جعفر محمد بن عليّ الرضاعليهما‌السلام يقول : « إنّ الإمام بعدي عليّ ، أمره أمري ، وقوله قولي ، وطاعته طاعتي ، والإمام بعده ابنه الحسن ، أمره أمر أبيه ، ( وقوله قول أبيه )(٣) ، وطاعته طاعة أبيه.

ثمّ سكت ، فقلت له : يا ابن رسول الله ، فمن الإمام بعد الحسن؟

فبكى بكاء شديدا ثمّ قال : « إنّ الإمام من بعد الحسن ابنه القائم بالحقّ المنتظر ».

فقلت له : يا ابن رسول الله ، ولم سمّي القائم؟

قال : « لأنّه يقوم بعد موت ذكره ، وارتداد أكثر القائلين بإمامته ».

فقلت له : ولم سمّي المنتظر؟

قال : « لأنّ له غيبة تكثر أيّامها ، ويطول أمدها ، فينتظر خروجه

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ١٤٨.

(٢) كمال الدين : ٣٧٧ / ٢ ، وكذا في : كفاية الأثر : ٢٨١.

(٣) ما بين القوسين لم يرد في نسختي « ط » و « ق » واثبتناه من نسخة « م ».

٢٤٣

المخلصون ، وينكره المرتابون ، ويستهزئ بذكره الجاحدون ، ويكذب فيه الوقّاتون ، ويهلك فيه المستعجلون ، وينجو فيه المسلمون »(١) .

وممّا روي عن أبي الحسن علي بن محمد العسكريّعليهما‌السلام في ذلك :

ما رواه عبد العظيم بن عبد الله الحسنيّ قال : دخلت على سيّدي عليّ ابن محمدعليهما‌السلام ، فلمّا أبصرني قال لي : « مرحبا بك يا أبا القاسم ، أنت وليّنا حقّا ».

فقلت له : يا ابن رسول الله ، إنّي أريد أن أعرض عليك ديني ، فإن كان مرضيّا ثبتّ عليه حتّى ألقى الله عزّ وجل.

فقال : « هات يا أبا القاسم ».

فقلت : إنّي أقول : إنّ الله تبارك وتعالى واحد ليس كمثله شيء ، خارج من الحدّين حدّ الإبطال وحدّ التشبيه ، وإنّه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر ، بل هو مجسّم الأجسام ، ومصوّر الصور ، وخالق الأعراض والجواهر ، وربّ كلّ شيء ومالكه وجاعله ومحدثه. وإنّ محمدا عبده ورسوله ، وخاتم النبيّين فلا نبيّ بعده إلى يوم القيامة ، وإنّ شريعته خاتمة الشرائع فلا شريعة بعدها إلى يوم القيامة.

وأقول : إنّ الإمام والخليفة ووليّ الأمر بعده أمير المؤمنين عليّ بن ابي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ عليّ بن الحسين ، ثمّ محمد بن عليّ ، ثمّ جعفر بن محمد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ عليّ بن موسى ، ثمّ محمد ابن عليّعليهم‌السلام ثمّ أنت يا مولاي.

فقالعليه‌السلام : « ومن بعدي الحسن فكيف للناس بالخلف من

__________________

(١) كمال الدين : ٣٧٨ / ٣ ، وكذا في : كفاية الأثر : ٢٨٣.

٢٤٤

بعده ».

قال : فقلت : وكيف ذاك يا مولاي؟

قال : « لأنّه لا يرى شخصه ، ولا يحلّ ذكره باسمه حتّى يخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ».

قال : فقلت : أقررت ، وأقول : إنّ وليّهم وليّ الله ، وعدوّهم عدوّ الله ، وطاعتهم طاعة الله ، ومعصيتهم معصية الله.

وأقول : إنّ المعراج حقّ ، والمسألة في القبر حقّ ، وأنّ الجنّة حقّ ، والنّار حقّ ، والصّراط حقّ ، والميزان حقّ ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور.

وأقول : إنّ الفرائض الواجبة بعد الولاية : الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحجّ ، والجهاد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فقال : عليّ بن محمدعليهما‌السلام : « يا أبا القاسم ، هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده ، فاثبت عليه ، ثبّتك الله بالقول الثابت في الحياة الدّنيا وفي الآخرة »(١) .

وروى عليّ بن إبراهيم ، عن عبد الله بن أحمد الموصليّ ، عن الصقر ابن أبي دلف قال : لمّا حمل المتوكّل سيّدنا أبا الحسنعليه‌السلام جئت أسأل عن خبره ، قال : فنظر إليّ حاجب المتوكّل فأمر أن أدخل إليه فأدخلت إليه ، فقال : يا صقر ما شأنك؟ فقلت : خيرا أيّها الاستاذ. قال : اقعد.

قال الصقر : وأخذني ما تقدّم وما تأخّر وقلت : أخطأت في المجيء.

قال : فوحى الناس عنه ثمّ قال : ما شأنك وفيم جئت؟ لعلّك جئت تسأل عن خبر مولاك؟ فقلت له : ومن مولاي؟! مولاي أمير المؤمنين.

__________________

(١) كمال الدين : ٣٧٩ / ١ ، وكذا في : كفاية الأثر : ٢٨٦.

٢٤٥

فقال : اسكت ، مولاك هو الحقّ ، لا تحتشمني فإنّي على مذهبك.

فقلت : الحمد لله. فقال : تحبّ أن تراه؟ فقلت : نعم.

فقال : اجلس حتّى يخرج صاحب البريد.

قال : فلمّا خرج قال لغلام له : خذ بيد الصقر فأدخله إلى الحجرة التي فيها العلوي المحبوس ، وخلّ بينه وبينه.

قال : فأدخلني الحجرة ، وأومأ إلى بيت فدخلت ، فإذا هوعليه‌السلام جالس على صدر حصير ، وبحذاه قبر محفور. قال : فسلّمت فردّ ، ثمّ أمرني بالجلوس فجلست ، ثمّ قال لي : « يا صقر ، ما أتى بك؟ ».

قلت : يا سيّدي جئت أتعرّف خبرك؟

قال : ثمّ نظرت إلى القبر فبكيت ، فنظر إليّ ثمّ قال : « يا صقر لا عليك ، لن يصلوا إلينا بسوء ».

فقلت : الحمد لله ، ثمّ قلت : يا سيّدي حديث يروى عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لا أعرف معناه.

فقال : « وما هو؟ ».

قلت : قوله : « لا تعادوا الأيّام فتعاديكم » ما معناه؟

فقال : « نعم ، الأيّام نحن ما قامت السماوات والأرض ، فالسبت اسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأحد أمير المؤمنين ، والاثنين الحسن والحسين ، والثلاثاء عليّ بن الحسين ، ومحمد بن عليّ ، وجعفر بن محمد.

والأربعاء موسى بن جعفر ، وعليّ بن موسى ، ومحمّد بن عليّ ، وأنا ، والخميس ابني الحسن ، والجمعة ابن ابني ، إليه تجتمع عصابة الحقّ ، وهو الذي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، فهذا معنى الأيّام ، فلا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة » ثمّ قال : « ودّع واخرج فلا آمن

٢٤٦

عليك »(١) .

وبهذا الإسناد : عن الصقر بن أبي دلف قال : سمعت عليّ بن محمد ابن عليّ الرضاعليهم‌السلام يقول : « الإمام بعدي الحسن ابني ، وبعد الحسن ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما »(٢) .

وروى عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عليّ بن صدقة ، عن عليّ بن عبد الغفّار قال : لمّا مات أبو جعفر الثانيعليه‌السلام كتبت الشيعة إلى أبي الحسن صاحب العسكرعليه‌السلام يسألونه عن الأمر فكتبعليه‌السلام : « الأمر لي ما دمت حيّا ، فإذا نزلت بي مقادير الله تبارك وتعالى أتاكم الخلف منّي ، فأنّى لكم بالخلف من بعد الخلف »(٣) .

وروى إسحاق بن محمد بن أيّوب قال : سمعت أبا الحسن عليّ بن محمدعليهما‌السلام يقول : « صاحب هذا الأمر من يقول الناس : لم يولد بعد »(٤) .

والأخبار في هذا الباب كثيرة ظاهرة ، في الشيعة متواترة ، ثابتة في أصولها المتقدّمة لزمان الحسن العسكريّعليه‌السلام ، وفي ذلك أصحّ دليل وبرهان على إمامة القائم ابن الحسنعليهما‌السلام .

__________________

(١) كمال الدين : ٣٨٢ / ٩ ، وكذا في : الخصال : ٣٩٤ / ١٠٢ ، كفاية الأثر : ٢٨٩.

(٢) كمال الدين : ٣٨٣ / ١٠ ، وكذا في : كفاية الأثر : ٢٩٢.

(٣) كمال الدين : ٣٨٢ / ٨.

(٤) كمال الدين : ٣٨٢ / ٧.

٢٤٧

( الفصل الثالث )

في ذكر النصوص عليه صلوات الله عليه

من جهة أبيه الحسن بن عليّعليه‌السلام خاصة

الشيخ أبو جعفر بن بابويهرضي‌الله‌عنه ، عن عليّ بن عبد الله الورّاق ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعريّ قال : دخلت على أبي محمد الحسن بن عليّ العسكريّعليه‌السلام وأنا أريد أن أسأله عن الخلف من بعده ، فقال لي مبتدئا : « يا أحمد بن إسحاق ، إنّ الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم ، ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجة لله على خلقه ، به يدفع البلاء عن أهل الأرض ، وبه ينزل الغيث ، وبه يخرج بركات الأرض ».

قال : فقلت له : يا ابن رسول الله ، فمن الخليفة والإمام بعدك؟

فنهضعليه‌السلام مسرعا فدخل البيت ثمّ خرج وعلى عاتقه غلام ، كأنّ وجهه القمر ليلة البدر ، من أبناء ثلاث سنين ، وقال : « يا أحمد بن إسحاق ، لو لا كرامتك على الله وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا ، إنّه سميّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكنيّه ، الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

يا أحمد بن إسحاق ، مثله في هذه الامّة مثل الخضر ، ومثله مثل دّي القرنين ، والله ليغيبنّ غيبة لا ينجو من الهلكة فيها إلاّ من ثبّته الله تعالى على القول بإمامته ، ووفّقه للدعاء بتعجيل فرجه ».

قال : أحمد بن إسحاق : فقلت له : يا مولاي ، فهل من علامة يطمئنّ إليها قلبي؟

٢٤٨

فنطق الغلامعليه‌السلام بلسان عربيّ فصيح فقال : « أنا بقيّة الله في أرضه ، والمنتقم من أعدائه ، فلا تطلب أثرا بعد عين يا أحمد بن إسحاق ».

قال أحمد : فخرجت مسرورا فرحا ، فلمّا كان من الغد عدت إليه فقلت له : يا ابن رسول الله ، لقد عظم سروري بما مننت عليّ ، فما السنّة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين؟

فقال : « طول الغيبة يا أحمد ».

فقلت له : يا ابن رسول الله ، وإنّ غيبته لتطول؟

قال : « إي وربّي ، حتّى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به ، فلا يبقى إلاّ من أخذ الله عهده بولايتنا ، وكتب في قلبه الإيمان ، وأيّده بروح منه.

يا أحمد بن إسحاق ، هذا أمر من الله ، وسرّ من سرّ الله ، وغيب من غيب الله ، فخذ ما آتيتك واكتمه ، وكن من الشاكرين ، تكن معنا غدا في علّيين »(١) .

ويؤيد هذا الخبر ما رواه محمد بن مسعود العياشي ، عن محمد بن نصير ، عن محمد بن عيسى ، عن حماد بن عيسى ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد الجعفيّ ، عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « إنّ ذا القرنين كان عبدا صالحا جعله الله حجّة على عباده ، فدعا قومه إلى الله عزّ وجل ، وأمرهم بتقواه ، فضربوه على قرنه ، فغاب عنهم زمانا حتّى قيل : مات أو هلك ، بأيّ واد سلك. ثمّ ظهر ورجع إلى قومه ، فضربوه على قرنه الآخر ، وفيكم من هو على سنّته ، وإنّ الله عزّ وجل مكّن لذي القرنين في الأرض ، وجعل له من كلّ شيء سببا ، وبلغ المشرق والمغرب ، وإنّ الله تعالى سيجري سنّته في القائم من ولدي ،

__________________

(١) كمال الدين : ٣٨٤ / ١.

٢٤٩

ويبلغه شرق الأرض وغربها ، حتّى لا يبقي منهلّ ولا موضع من سهل أو جبل وطئه ذو القرنين إلاّ وطئه ، ويظهر الله له كنوز الأرض ومعادنها ، وينصره بالرعب ، ويملأ الأرض به عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما »(١) .

محمد بن مسعود العيّاشي ، عن آدم بن محمد البلخيّ ، عن عليّ بن الحسين بن هارون الدقاق ، عن جعفر بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن إبراهيم بن الأشتر ، عن يعقوب بن منقوش قال : دخلت على أبي محمدعليه‌السلام وهو جالس على دكان في الدار ، وعن يمينه بيت عليه ستر مسبل ، فقلت له : سيّدي ، من صاحب هذا الأمر؟

فقال : « ارفع الستر ».

فرفعته ، فخرج إلينا غلام خماسيّ له عشر أو ثمان أو نحو ذلك ، واضح الجبين ، أبيض الوجه ، دريّ المقلتين ، شثن الكفّين(٢) ، معطوف الركبتين ، في خدّه الأيمن خال ، وفي رأسه ذؤابة ، فجلس على فخذ أبي محمد ثم قال لي : « هذا هو صاحبكم » ثمّ وثب فقال له : « يا بنيّ ، ادخل إلى الوقت المعلوم ».

فدخل البيت وأنا انظر إليه ، ثمّ قال لي : « يا يعقوب ، انظر من في البيت »؟ فدخلت فما رأيت أحدا(٣) .

محمد بن يعقوب ، عن عليّ بن محمد ، عن محمد بن عليّ بن بلال قال : خرج إليّ من أبي محمد الحسن بن عليّعليهما‌السلام قبل مضيّه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده ، ثمّ خرج إليّ من قبل مضيّه بثلاثة أيّام

__________________

(١) كمال الدين : ٣٩٤ / ٤.

(٢) شثن الكفين : أي خشنتان وغليظتان. « انظر : الصحاح ـ شثن ـ ٥ : ٢١٤٢ ».

(٣) كمال الدين : ٤٠٧ / ٢.

٢٥٠

يخبرني بالخلف من بعده(١) .

وعنه عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن إسحاق ، عن أبي هاشم الجعفريّ قال : قلت لأبي محمدعليهما‌السلام : جلالتك تمنعني عن مسألتك ، فتأذن لي أن أسألك؟

فقال : « سل ».

فقلت : يا سيّدي ، هل لك ولد؟

قال : « نعم ».

قلت : فإن حدث أمر ، فأين أسأل عنه؟

قال : « بالمدينة »(٢) .

وعنه ، عن الحسين بن محمد الأشعريّ ، عن معلّى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله قال : خرج عن أبي محمدعليه‌السلام حين قتل الزبيري(٣) : « هذا جزاء من اجترأ على الله في أوليائه ، زعم أنه يقتلني وليس لي عقب ، فكيف رأى قدرة الله فيه ».

قال : وولد له ولد وسمّاه باسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك في سنة ستّ وخمسين ومائتين(٤) .

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٦٤ / ١ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣٤٨.

(٢) الكافي ١ : ٢٦٤ / ٢ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣٤٨ ، غيبة الطوسي : ٢٣٢ / ١٩٩ ، الفصول المهمة : ٢٩٢.

(٣) قال العلاّمة المجلسيرحمه‌الله في مرآة العقول ( ٤ : ٣ / ٥ ) : الزّبيري كان لقب بعض الأشقياء من ولد الزبير ، كان في زمانهعليه‌السلام فهدّده ، وقتله الله على يد الخليفة أو غيره.

وصحّفه بعضهم وقرأ بفتح الزاي وكسر الباء من الزبير ، بمعنى الداهية ، كناية عن المهتدي العبّاسي ، حيث قتله الموالي.

(٤) الكافي ١ : ٢٦٤ / ٥ ، وكذا في : كمال الدين : ٤٣٠ / ٣ ، غيبة الطوسي : ٢٣١ / ١٩٨ ، ودون ذيله في ارشاد المفيد ٢ : ٣٤٩.

٢٥١

وعنه ، عن عليّ بن محمد ، عن جعفر بن محمد الكوفيّ ، عن جعفر ابن محمد المكفوف ، عن عمرو الأهوازي قال : أراني أبو محمدعليه‌السلام ابنه وقال : « هذا صاحبكم بعدي »(١) .

الشيخ أبو جعفر ، عن محمد بن عليّ ماجيلويه ، عن محمد بن يحيى العطّار ، عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن محمد بن معاوية بن حكيم ، ومحمد بن أيّوب بن نوح ، ومحمّد بن عثمان العمريّ قالوا : عرض علينا أبو محمد ابنه ونحن في منزله ـ وكنّا أربعين رجلا ـ فقال : هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم ، فأطيعوه ولا تتفرّقوا بعدي فتهلكوا في أديانكم ، أما إنّكم لا ترونه(٢) بعد يومكم هذا ».

قالوا : فخرجنا من عنده فما مضت إلاّ أيّام قلائل حتّى مضى أبو محمدعليه‌السلام (٣) .

وعنه ، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطّار ، عن سعد بن عبد الله ، عن موسى بن جعفر بن وهب البغداديّ قال : سمعت أبا محمد الحسن بن عليّعليهما‌السلام يقول : « كأنّي بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف منّي ، أما إنّ المقرّ بالأئمّة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنكر لولدي كمن أقرّ بجميع أنبياء الله ورسله ثمّ أنكر نبوّة محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّ طاعة آخرنا كطاعة أولنا ، والمنكر لآخرنا كالمنكر لأوّلنا ، أما

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٦٤ / ٣ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣٤٨ ، غيبة الطوسي : ٢٣٤ / ٢٠٣.

(٢) لعل المراد بقولهعليه‌السلام هذا ( أكثركم ) لمعارضته مع أخبار اخرى تذهب إلى رؤية العمري لهعليه‌السلام .

انظر : كمال الدين : ٤٤٠ / ٩ و ١٠ و ٤٤١ / ١٤ ، ارشاد المفيد : ٢ / ٣٥١.

كما أنّ العمري رحمه‌الله كان من سفرائه عليه‌السلام في أيام غيبته الصغرى. فتأمّل.

(٣) كمال الدين : ٤٣٥ / ٢.

٢٥٢

إنّ لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلاّ من عصمه الله »(١) .

وعنه ، عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق ، عن أبي عليّ بن همّام قال : سمعت محمد بن عثمان العمريّ يقول : سمعت أبي يقول : سئل أبو محمد الحسن بن عليّعليهما‌السلام وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائهعليهم‌السلام : أنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله على خلقه إلى يوم القيامة ، وإن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة.

فقال : « إنّ هذا حقّ كما أنّ النهار حق ».

فقيل له : يا ابن رسول الله ، فمن الحجّة والإمام بعدك؟

فقال : « ابني محمد هو الامام والحجة بعدي ، من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهليّة ، أما إنّ له غيبة يحار فيها الجاهلون ، ويهلك فيها المبطلون ، ويكذب فيها الوقّاتون ، ثمّ يخرج فكأنّي أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة »(٢) .

__________________

(١) كمال الدين : ٤٠٩ / ٨ ، وكذا في : كفاية الأثر : ٢٩٥ ، روضة الواعظين : ٢٥٧.

(٢) كمال الدين : ٤٠٩ / ٩ ، وكذا في : كفاية الأثر : ٢٩٦.

٢٥٣
٢٥٤

( الباب الثالث )

في بيان وجه الاستدلال بهذه الأخبار الواردة

في النصوص على إمامته ، وذكر أحوال غيبته ،

وما شوهد من دلالاته وبيناته ، وبعض ما خرج من توقيعاته

وفيه أربعة فصول :

٢٥٥
٢٥٦

( الفصل الأول )

في ذكر الدلالة على إثبات غيبتهعليه‌السلام

وصحة إمامته من جهة الأخبار

التي تقدّم ذكرها ، وذكر أحوال غيبته

تدلّ على إمامتهعليه‌السلام ما أثبتناها من أخبار النصوص ، وهي على ثلاثة أوجه :

أحدها : النصّ على عدد الأئمّة الاثني عشر ، وقد جاءت تسميتهعليه‌السلام في بعض تلك الأخبار ، ودلّ البعض على إمامته بما فيه من ذكر العدد من قبل أنّه لا قائل بهذا العدد في الامّة إلاّ من دان بإمامته ، وكلّ ما طابق الحقّ فهو حقّ.

والوجه الثاني : النصّ عليه من جهة أبيه خاصّة.

والوجه الثالث : النصّ عليه بذكر غيبته وصفتها التي يختصّها ، ووقوعها على الحدّ المذكور من غير اختلاف ، حتّى لم يحرم منه شيئا ، وليس يجوز في العادات أن تولد جماعة كذبا يكون خبرا عن كائن فيتّفق لهم ذلك على حسب ما وصفوه.

وإذا كانت أخبار الغيبة قد سبقت زمان الحجّةعليه‌السلام ، بل زمان أبيه وجدّه ، حتّى تعلّقت الكيسانيّة(١) بها في إمامة ابن الحنفيّة

__________________

(١) الكيسانية : يذهب أصحاب هذه الفرقة إلى إمامة محمد ابن الحنفية بعد أخويه الحسن والحسينعليهما‌السلام ، وأنه لم يمت بل اختفى في جبال رضوى حتّى يؤذن له بالخروج على اعتبار أنّه هو المهدي المنتظر.

انظر : فرق الشيعة للنوبختي : ٢٣ ، الشيعة بين الاشاعرة والمعتزلة : ٥٦ ، الملل والنحل

٢٥٧

والناووسيّة(١) والممطورة(٢) في أبي عبد الله وأبي الحسن موسىعليهما‌السلام ، وخلّدها المحدّثون من الشيعة في أصولهم المؤلّفة في أيّام السيّدين الباقر والصادقعليهما‌السلام ، وآثروها عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّةعليهم‌السلام واحدا بعد واحد ، صحّ بذلك القول في إمامة صاحب الزمانعليه‌السلام بوجود هذه الصفة له ، والغيبة المذكورة في دلائله وإعلام إمامته ، وليس يمكن لأحد دفع ذلك.

ومن جملة ثقات المحدّثين والمصنّفين من الشيعة : الحسن بن محبوب الزرّاد ، وقد صنّف كتاب المشيخة الذي هو في أصول الشيعة أشهر من كتاب المزني وأمثاله قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة ، فذكر فيه بعض ما أوردناه من أخبار الغيبة ، فوافق الخبر الخبر ، وحصل كلّ ما تضمّنه الخبر بلا اختلاف.

__________________

١ : ١٤٧.

(١) الناووسية : يزعم أصحاب هذه الفرقة أنّ الامام الصادقعليه‌السلام لم يمت ، وأنه سيظهر بعد لاحياء الحق وإماتة الباطل ، وأنّه هو الامام المهدي المنتظر.

وقيل : أنّهم اتباع رجل يقال له ناووس ، أو عجلان بن ناووس.

وقيل : أنّهم ينسبون إلى قرية ناووسا.

انظر : فرق الشيعة للنوبختي : ٦٧ ، الملل والنحل ١ : ١٦٦ ، الشيعة بين الاشاعرة والمعتزلة : ٧٧.

(٢) الممطورة : هم من الواقفين على الامام موسى بن جعفرعليه‌السلام ، والذاهبين إلى أنّهعليه‌السلام لم يمت ، وأنّه هو المهدي الذي يخرج لإقامة العدل وإماتة البدع والأهواء ، وأنّ الأئمةعليهم‌السلام من بعده ليسوا إلاّ خلفاء له لا أئمة ، ينوبون عنه حتى ظهوره.

وسموا بذلك الاسم من خلال جدال قام بين علي بن إسماعيل وبينهم حتى قال لهم بعد ان اشتد الجدال فيما بينهم : ما أنتم إلاّ كلاب ممطورة. أي أنّهم أنتن من جيف ؛ لأنّ الكلاب إذا أصابها المطر تنبعث منها رائحة نتنة.

انظر : فرق الشيعة : ٨١ ، الملل والنحل ١ : ١٦٩.

٢٥٨

ومن جملة ذلك : ما رواه عن إبراهيم الخارقي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قلت له : كان أبو جعفرعليه‌السلام يقول : « لقائم آل محمدعليه‌السلام غيبتان واحدة طويلة والاخرى قصيرة ».

قال : فقال لي : « نعم يا أبا بصير ، إحداهما أطول من الاخرى ، ثمّ لا يكون ذلك ـ يعني ظهوره ـ حتّى يختلف ولد فلان ، وتضيق الحلقة ، ويظهر السفياني ، ويشتدّ البلاء ، ويشمل الناس موت وقتل ، ويلجئون منه إلى حرم الله تعالى وحرم رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله »(١) .

فانظر كيف قد حصلت الغيبتان لصاحب الأمرعليه‌السلام على حسب ما تضمّنته الأخبار السابقة لوجوده عن آبائه وجدودهعليهم‌السلام ، أمّا غيبته الصغرى(٢) منهما فهي التي كانت فيها سفراؤهعليه‌السلام موجودين ، وأبوابه معروفين ، لا تختلف الاماميّة القائلون بإمامة الحسن بن عليّعليه‌السلام فيهم ، فمنهم : أبو هاشم داود بن القاسم الجعفريّ ، ومحمد بن عليّ ابن بلال ، وأبو عمرو عثمان بن سعيد السمّان ، وابنه أبو جعفر محمد بن عثمان ، وعمر الأهوازي ، وأحمد بن إسحاق ، وأبو محمد الوجناني ، وإبراهيم بن مهزيار ، ومحمد بن إبراهيم في جماعة أخر ربّما يأتي ذكرهم عند الحاجة إليهم في الرواية عنهم.

وكانت مدّة هذه الغيبة أربعا وسبعين سنة ، وكان أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري قدّس الله روحه بابا لأبيه وجدّهعليهما‌السلام من قبل وثقة لهما ، ثمّ تولّى الباقية من قبله ، وظهرت المعجزات على يده ، ولمّا مضى لسبيله قام ابنه أبو جعفر محمد مقامه رحمهما الله بنصّه عليه ، ومضى على منهاج أبيه

__________________

(١) غيبة النعماني : ١٧٢ / ٧.

(٢) في نسخة « ط » و « ق » : القصرى.

٢٥٩

رضي‌الله‌عنه في آخر جمادى الآخرة من سنة أربع أو خمس وثلاثمائة ، وقام مقامه أبو القاسم الحسين بن روح من بني نوبخت بنصّ أبي جعفر محمد بن عثمان عليه ، وأقامه مقام نفسه ، وماترضي‌الله‌عنه في شعبان سنة ستّ وعشرين وثلاثمائة ، وقام مقامه أبو الحسن عليّ بن محمد السّمري بنصّ أبي القاسم عليه ، وتوفّي في النصف من شعبان سنه ثمان وعشرين وثلاثمائة.

فروي عن أبي محمد الحسن بن أحمد المكتب أنه قال : كنت بمدينة السلام في السنة التي توفّي فيها علي بن محمد السّمري ، فحضرته قبل وفاته بأيّام ، فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته :

« بسم الله الرحمن الرحيم

يا عليّ بن محمد السّمري أعظم الله أجر إخوانك فيك ، فإنّك ميّت ما بينك وبين ستّة أيّام ، فاجمع أمرك ، ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامّة ، فلا ظهور إلاّ بعد أن يأذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب(١) ، وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة ، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب مفتر ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم ».

قال : فانتسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده ، فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه ، فقيل له : من وصيّك؟ قال : لله أمر هو بالغه. فقضى. فهذا آخر كلام سمع منه(٢) .

ثمّ حصلت الغيبة الطولى التي نحن في أزمانها ، والفرج يكون في آخرها بمشيئة الله تعالى.

__________________

(١) في نسخة « ط » و « ق » : القلب ، وأثبتنا ما في نسخة « م » ، وهو الموافق لما في المصدر.

(٢) كمال الدين : ٥١٦ / ٤٤.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551