الثائر من أجل الحسين عليه السلام المختار الثقفي

الثائر من أجل الحسين عليه السلام المختار الثقفي28%

الثائر من أجل الحسين عليه السلام المختار الثقفي مؤلف:
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 133

  • البداية
  • السابق
  • 133 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 34487 / تحميل: 13208
الحجم الحجم الحجم
الثائر من أجل الحسين عليه السلام المختار الثقفي

الثائر من أجل الحسين عليه السلام المختار الثقفي

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

الكوفة كان قد آوى إلى بيت المختار ، واتّخذ منه مقرا لسفارته الحسينية. ومن المقر الجديد باشر مسلمعليه‌السلام ، بأداء مهمته بأخذ البيعة للإمام الحسينعليه‌السلام أداءً للعهد الذي قطعوه للإمام الحسينعليه‌السلام ، في كتبهم ورسائلهم إليه.

وهكذا تحوّل بيت المختار إلى مقر للمعارضة ، وكان ذلك من أبرز الأسباب التي ساعدت على نجاح الشهيد البطل مسلم بن عقيل في مهمته أول الأمر ، إذ أن الارتباط العائلي للمختار بوالي الكوفة النعمان بن بشير الأنصاري ، باعتباره والد زوجته (١) ، قد يكون من بين أسباب عدم قيام الوالي بأي فعل ردعي لمسلم بن عقيل مادام في بيت المختار ، الأمر الذي حدا بيزيد ابن معاوية إلى عزله ، ومن ثم تولية عبيد اللّه بن زياد (٢) ، وعلى أثر ذلك غادر مسلمعليه‌السلام بيت المختار ولجأ إلى دار هاني بن عروة المرادي (٣) ، لما علم بإلقاء القبض عليه من قبل شرطة ابن زياد وللأسباب التالية :

١ ـ لم يكن المختار قد كوّن حزبه السياسي.

٢ ـ لم يكن له جيش قوي في الكوفة يكفي لحماية مسلم بن عقيلعليه‌السلام من شرطة ابن زياد.

__________________

عبيد اللّه بن زياد الظرف الحاصل ودعى الناس إلى عدم مبايعة الإمام الحسينعليه‌السلام وقتل مسلما.

وقد استُشهد مسلم بن عقيلعليه‌السلام في التاسع من ذي الحجة عام ٦٠ للهجرة (٦٨٠ م).

(١) تاريخ الطبري ٦ : ١١٢ في حوادث (سنة ٦٧ هـ).

(٢) الفتوح / ابن أعثم ٥ : ٣٦.

(٣) الفتوح / ابن أعثم ٥ : ٤٠.

٢١

٣ ـ كما أن والد زوجته ، النعمان بن بشير ، والي الكوفة كان قد عُزل من قبل يزيد بن معاوية ، وبذلك فقد المختار جانبا مهما من المساندة والنفوذ السياسي ، وجدير بنا أن ننوِّه ، بأن المختار لم يطلب من مسلمعليه‌السلام أن يغادر داره إلى بيت هاني بن عروة ، بل خرج مسلمعليه‌السلام من تلقاء نفسه ، ولو طال بقاء مسلمعليه‌السلام عنده لكان مصيره مثل مصير المختار وبذلك نهاية حياته ، ومن ثم الحيلولة دون قيامه بالفعل التاريخي العظيم.

ولما علمت أُخت المختار وهي زوجة عبد اللّه بن عمر بن الخطاب بسجن أخيها ، طلبت من زوجها أن يعمل على الإفراج عنه ، فكتب ابن عمر إلى يزيد بن معاوية يشفع في المختار.

واستجاب يزيد لطلبه ، وكتب إلى ابن زياد يأمره بالإفراج عن المختار ، واضطر ابن زياد إلى طاعة أمر يزيد ، فأطلق سراح المختار ، ولكنه قرر نفيه خارج العراق وأمهله أن يغادره خلال ثلاثة أيام ، وإلاّ ضرب عنقه بعدها ، وخرج المختار من العراق إلى الحجاز وهو يقول : «واللّه لأقطعن أنامل عبيد اللّه بن زياد ولأقتلن بالحسين بن علي عدد من قتل بدم يحيى بن زكريا» (١).

وبرّ المختار بقسمه ، فقد لقى ابن زياد مصرعه على يد المختار ، كما نجح المختار فيما بعد بقتل كل من اشترك في قتل الإمام الحسين بن عليعليهما‌السلام في كربلاء.

__________________

(١) تاريخ الطبري ٥ : ٥٧١ ـ ٥٧٢ (سنة ٦٤ هـ)

٢٢

موقف المختار من التحوّلات السياسية

بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله

من الثابت تاريخيا تشيّع المختار وموالاته لأهل بيت نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن المعروف أنّ أقطاب التشيع والمحدثة في ذلك الحين لم ينهضوا بأعباء تغيير الواقع التاريخي الذي ساد بعد غياب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمور كثيرة ، أوضحها لدينا الاقتداء بأمير المؤمنينعليه‌السلام الذي صرح في بعض خطبه بالسكوت والصبر بعد أن لم يجد ناصرا ولا معينا ، ومن هنا اتخذ شيعته موقف المسالمة حفظا على بيضة الإسلام الذي كانت تحيطه الأخطار من كل حدب وصوب ، ولم يكن هذا الموقف ثابتا في تاريخ التشيّع ، إذ تغير بعد بروز نجم الأمويين بعد أن تمهّدت السبل إليهم ، وهنا يبرز المختار كشخصية شيعية معارضة فنراه قد فتح أبواب بيته لمبعوث الحسين بن عليعليهما‌السلام ، إلى أهل الكوفة مسلم بن عقيلعليه‌السلام ، وهذا يساعدنا على اعتبار أن ثورتهرحمه‌الله كانت أمرا طبيعيا ومنتظرا من رجل شجاع ومخلص مثل المختاررضي‌الله‌عنه (١).

وحيث انتهى مصير الإمام الحسين إلى ما انتهى إليه من ثورة عملاقة على طغاة العصر وفراعينه كتبها الدهر بأحرف من نور ، وحيث لم تسنح الفرصة

__________________

(١) الأخبار الطوال : ٣٤١ ، الكامل في التاريخ ٣ : ٣٨٦ (سنة٦٠) ، بحار الأنوار ٤٥ : ٣٥٣.

٢٣

للمختار بالاشتراك في تلك الثورة ، إذ كان في سجن ابن زياد كما تقدم. وما ان أفرج عنه إلاّ وقد صمّم الانتقام من الشجرة الملعونة وأتباعها من اشترك في قتل ريحانة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وسبطه الإمام الحسينعليه‌السلام .

٢٤

علاقة المختار بمسلم بن عقيل

لقد بلغ يزيد بن معاوية الطاغية المستبد لعنه اللّه الذروة في الشراسة والعنف ، فزرع الأحقاد والضغائن في كل مكان ، ومثل المجازر الدموية على مسرح الشهوات ، وأصبح الإسلام على حافة الهاوية والدمار ، يستعمله أداة لتحقيق أطماعه الجشعة. فقد وضع مصلحته الخاصة فوق كل الاعتبارات المقدسة ، وأطلق أيدي الأذناب والخونة والمرتزقة لتعبث بأموال الناس ، وتعبث في الأرض فسادا ، وتطعن الأمة الإسلامية في أقدس قضاياها.

وكان لاستهتار ذلك الوغد اللعين بمقدرات الأُمّة ، والأوزار الثقيلة التي نجمت عن تصرفاته الطائشة قد فجرت في نفس الإمام الحسينعليه‌السلام ، آلاما لا حدّ لها ، نتيجة لإحساسه بالمساوئ التي كان يعجّ بها المجتمع الإسلامي ، فاتّقدت الحمية في قلبه الشريف واستعر نارها ، تلك النار المحرقة لكل ظالم مستبد ، وجهر بإعلانه على التصميم والمضي قدما على طريق الكفاح ، التصميم الكامل على خوض المعركة الضارية مع المنحرفين ، وأشعل البركان الذي لا ينطفئ ، منغمرا في زحمة النضال ، مهما يتطلّب هذا النضال من تضحيات ، ما دام الإسلام في خطر عظيم ، وهوعليه‌السلام يعلم بأن كل ما يبذله في تصحيح المسار من ثمن ضد الذين لا يضمرون للإسلام إلاّ الحقد الأسود ، والعداء السافر ، هو بعين اللّه محسوب.

٢٥

وقد زاده ألما وملأه حسرة ، من أن يكون (يزيد) الماجن الخليع حاكما على المسلمين ، فيعمل على الانسلاخ من المبادئ السامية ، والطباع العربية الأصيلة ، فيرتمي في أحضان الخيانة ، ويخضع لأحقاده الموروثة على آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله !

فما كان من الإمام الحسينعليه‌السلام وقد بلغته من الكتب ما يقرب من إثني عشر ألف كتاب ، فقرر عند ذلك السفر إلى العراق ولكنه بعث ابن عمه مسلم بن عقيل ليستوثق من البيعة ، وعلى أثر ذلك التفويض خرج مسلم ابن عقيلعليه‌السلام من مكة للنصف من شهر رمضان سنة ستين للهجرة (١) ، وبعد معاناة وصل مسلم الكوفة ، فنزل بدار المختار بن عبيد الثقفي (٢) ، وكان شريفا في قومه ، كريما عالي الهمة ، مقداما مجربا قوي النفس شديد على أعداء أهل البيتعليهم‌السلام .

وليس نزول مسلمعليه‌السلام في بيت المختار بالشيء اليسير إذا نظرناه من وجهة الظروف الراهنة آنذاك ، ومن وجهة دعوة جديدة يُراد بها قلب نظام جماعي يدين بالولاء لبني أمية ، فهو على أية حال يعطينا صورة واضحة عن عقيدة هذا الرجل الذي جعل من بيته ندوة ينشر منها دعوة الحسينعليه‌السلام ، بالرغم من كثرة أزلام السلطة الأموية في الكوفة التي كانت تراقب كل شيء.

ومن بيت المختار راح مسلمعليه‌السلام ينشر دعوته ، ويجمع الأنصار من حوله ، وجدَّ في ذلك حتى بلغ عدد من بايعوه ثمانية عشر ألفا (٣) ، وقيل

__________________

(١) مروج الذهب ٢ : ٨٦ ، الإرشاد / المفيد : ٢٢٨.

(٢) الطبري ٦ : ١٩٩.

(٣) المختار الثقفي / أحمد الدجيلي : ٣١ ، نقلاً عن الطبري ٦ : ٢١١.

٢٦

خمسة وعشرين ألفا (١) ، حيث اكتظّت شوارع الكوفة بجماهير الهاتفين بتحيات الاستقبال ، وامتلأت الدار على سعتها بالمزدحمين من مختلف الطبقات على الترحيب به ، حاملين وسام حفلة الحفاوة بقدومه ، رافعين شعار التهاني والابتهاج بتشريفه.

وكان من جملة من بايعه ودعا الناس إليه هو المختار ، وكان أمير الكوفة يومئذٍ هو النعمان بن بشير ، ولكن جماعة من بني أمية لم يسكتوا عن تحركات مسلمعليه‌السلام فكتبوا إلى يزيد بجلية الحال. فقد كتب عبد اللّه بن مسلم الباهلي (٢) كتابا إلى يزيد يخبره فيه بنشاط مسلم بن عقيلعليه‌السلام وما كان من يزيد إلاّ أن يبعث (عبيداللّه بن زياد) ، واليه على البصرة ويضمّ إليه الكوفة. ثم تدور الدائرة وإذا بعبيداللّه بن زياد أميرا على الكوفة (وسيفه وسوطه على من ترك أمره وخالف نهيه) ، وإذا بأهل الكوفة الذين بايعوا مسلما بالأمس القريب يتخاذلون عنه ، فهم بين متخاذل وخائف مرتاب.

إنّ مجيء ابن زياد إلى الكوفة واليا عليها من قبل يزيد الفاسق الملعون كان سببا في خنق حركة مسلم بن عقيل ، حيث ان أول عمل قام به هو القضاء عليها ، وذلك بتثبيط عزائم قادتها ، وهناك ظفر بهم فسجنهم في بيوتهم ، وجعل عليهم رقابة شديدة ، ومنهم من ألقي في غياهب السجون.

أما المختار فلم يك يعلم بما حدث ، ولم يدر بخلده أن يتخاذل الناس عن مسلم ثم يسلّمونه للسيوف وهم يتفرّجون ، لأنّه يُروى أنه كان في قرية خارج الكوفة تسمى (القفا) وحين علم بذلك أقبل بمواليه وطائفة من قبيلته

__________________

(١) ابن شهرآشوب ٢ : ٣١.

(٢) وقيل عبد اللّه بن مسلم الحضرمي ، حليف بني أمية.

٢٧

لتلافي الموقف ومعه (عبد اللّه بن الحرث) ، وهو يحمل رايته الخضراء حتى انتهى به المطاف إلى (باب الفيل).

ولكن رأى فور وصوله ما لم يكن يقدر أن يراه ، رأى الكوفة وهي تموج بحركة قوية عنيفة وعلى رأسها السفاح (عبيد اللّه بن زياد) يصفعها بالسيف والسوط ، فماذا يكون موقفه ضد ذلك التيار الجارف؟ أتراه يقاتل بتلك الجماعة الضئيلة؟ كلاّ ، ولكنه الاستسلام والخضوع للأمر الواقع وليدخر ما عنده من قوى إلى فرصة أخرى ، فلبث وهو لا يدري ما يصنع حتى أُشير عليه أن يجلس تحت راية (عمرو بن حريث) ـ راية الأمان ـ ليأمن على حياته من هذا الطاغية ، فقبل مشورة ذلك الرجل الذي أشار عليه بالدخول تحت الطاعة والخضوع ، ولكنه قال ما يدل على تأثره وانزعاجه (أصبح رأيي مرتجيا لعظم خطيئتكم) ، وأكد عمرو هو الآخر أن يشهد له بالبراءة أن بلغ الأمير عنه ما يريب.

ولكنه سرعان ما مثل بين يدي اللعين ابن زياد :

ابن زياد : أنت المقبل في الجموع لتنصر ابن عقيل وتتولّى أبا تراب وولده.

المختار : أما علي وأولاده فإنّي أحبّهم لمحبّة رسول اللّه. وأما نصرتي لمسلم فلم أفعل.

فانبرى عمرو عند ذلك وشهد له بالبراءة ، ولكن ابن زياد أبى أن يستجيب لهذه الشهادة والعمل على إخلاء سبيله ، بل عمد إلى سوط واستعرض به وجهه ضربا حتى أدماه ، كما أصاب عينه فشترها ، وهذا المشهد العدواني لاشك قد أثر في نفسه تأثيرا قويا وأومى إليه بالقسوة والانتقام وبخاصة من (ابن زياد) ، الذي حاول أن ينفذ فيه القتل ولكن شهادة عمرو

٢٨

خفّفت من حدّة الموقف فأمر به فغُيِّب (١).

في غيابة السجن :

أدخل المختار إلى السجن ، ولم يداخله اليأس من العودة إلى الحياة الحرة لمواصلة ثورته ، لأنّ البطل الذي يقوم بما قام به المختار من أعمال جبارة لايمكن أن يتسرب إليه اليأس والنكوص ، فإذا عرفنا بأنّه لم يكن رجلاً عاديا ولا من سائر الناس ، أدركنا بأنه رجل ملئ بالثقة والاطمئنان شأنه في ذلك شأن بقية الأبطال الثائرين ، فمن المؤكد بأنه لا يدري بوثوق بأن الحركات السياسية معرضة للفشل كما أنها معرضة للانتصار ، وهو يدري بأنه هو وأمثاله ينبغي لهم أن يعيدوا الكرة مرة أخرى إذا هم فشلوا في حركاتهم ومن شأنهم أنهم يحاولون مرة بعد أخرى حتى ينتصروا ، أما اليأس والتراجع فهما من صفات الجبناء المغفلين لامن صفات الأبطال الناهضين ، لذلك تملكه الأمل والرجاء في المستقبل.

فبقى صامدا ينتظر الساعة التي يخرج من السجن ويعمل في الحياة السياسية الثورية ، آملاً أن يحقق ذلك بعد أن يعمد إلى الخلاص من السجن حين تنتهي هذه الظروف أو تأتي فرصة تسمح له بالخروج ، فهو واثق من تحطيم أغلال السجن ويعيد العمل في الأمر الذي نذر نفسه من أجله وهو الطلب بثأر الحسينعليه‌السلام .

وظل بهذه الخواطر ونحوها وهو في محبسه بـ (قصر الإمارة) ، حتى انبثقت في ذهنه فكرة كانت بمثابة الخلاص من السجن ، وهي أن يكتب إلى عبد اللّه بن عمر ليتولّى مسألة إطلاق سراحه ، يقول المؤرخون أن شقيقته

__________________

(١) المختار الثقفي / أحمد الدجيلي : ٣٤.

٢٩

ـ صفية ـ قامت بدورها في هذا المضمار بنصرته فحرّضت زوجها (عبد اللّه بن عمر) أن يكتب إلى يزيد بن معاوية بهذا الكتاب :

« أما بعد فإنّ عبيد اللّه قد حبس المختار وهو صهري ، وأنا أحب أن يعفى ويصلح من حاله فإن رأيت ـ رحمنا اللّه وإياك ـ أن تكتب إلى ابن زياد فتأمره بتخليته والسلام».

وكتب يزيد إلى واليه (عبيد اللّه) بهذا الكتاب :

« أما بعد فخلِّ سبيل المختار حين تنظر في كتابي هذا. ».

وحالما وصل الكتاب إلى واليه ابن زياد ، أمر باحضار المختار وأطلق سراحه ولكنّه قال له : « قد أجّلتك ثلاثا فإن أدركتك بالكوفة فقد برئت منك الذمّة ». وهكذا أخرج المختار من محبس عبيد اللّه بن زياد ليتوجّه إلى الحجاز ولكنه يصادف في الطريق بمكان يدعى (واقصة) رجلاً يسمى (ابن عرق) ـ وهو مولى لثقيف ، فقال هذا الرجل : مالي أرى عينك على هذا الحال؟ قال فعل بي ذلك (ابن الزانية) ويعني به (ابن زياد) قتلني اللّه إن لم أقطع أنامله وأعضاءه إربا ، ولأقتلن بالحسين عدد الذين قتلوا بيحيى بن زكريا ، وهم سبعون ألفا (١).

مع ابن الزبير :

كان ابن الزبير ممن يطلب الخلافة لنفسه بعد هلاك معاوية ، وحينما جاء المختار إلى مكة بعد استشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام ، علم ابن الزبير بمقدمه ثم حضر عنده وسأله بدوره عن نفسيات أهل الكوفة وما هم عليه فأجابه المختار : « هم في السرّ أعداء ، وفي العلانية أولياء ».

فقال ابن الزبير : « هذه واللّه صفة عبيد السوء ، إذا حضر مواليهم خدموهم ،

__________________

(١) تاريخ الطبري ٧ : ٥٩.

٣٠

وإذا غابوا عنهم شتموهم ».

ذرني من هذا وابسط يدك لأبايعك واعطني ما أرضى به لأكون لك من الدعاة في الحجاز ، فسكت ابن الزبير وكأنه لم يصادف هوى من نفسه بهذا الشرط الأخير ، فتركه المختار ومضى إلى الطائف بعد أن رأى ما لا يعجبه فقال : «وإني لما رأيت استغنى عني ، أحببت أن أريه أني مستغنٍ عنه».

بقي المختار في الطائف عاما كاملاً ثم عاد ثانية إلى مكة وحضر عند ابن الزبير وبايعه. وهنا قد يخطر في البال ، لماذا بايع المختار ابن الزبير ، وقد رفض بيعته أول الأمر؟ وجوابه :

أولاً : إنّه كان يعلم عداء ابن الزبير للأمويين وسعيه للوصول إلى السلطة فانضم إليه بهدف الاطاحة بالحكم الأموي لا إيمانا بقضية ابن الزبير ولا حبا وإخلاصا له.

ثانيا : قد تكون بيعة المختار لابن الزبير وسيلة لا غاية ، يهدف من خلالها إلى تحقيق أهدافه وآماله الثورية والسياسية التي وضعها على نفسه في أخذ ثار الحسينعليه‌السلام ، وحين علم أن ابن الزبير لا يحقق ما كان يصبو إليه ولا ينفذ طلباته ولا يفي له بالشروط التي اشترطها عليه انسحب عنه.

وبمعنى آخر : كانت هذه البيعة السبب المباشر للقضاء على الذين اشتركوا في قتل الإمام الحسينعليه‌السلام وأهل بيته وأنصاره ، وإلاّ لتمتّع هؤلاء القتلة المجرمون بالعيش الهانئ والقصور الفارهة التي أقرّها لهم النظام الأموي.

ثالثا : ربما أن البيعة تمّت بطلب من عبد اللّه بن الزبير ، بدليل أن المختار فرض عدّة شروط من أجل أن يبايع ابن الزبير ، كما ذكر الطبري (١) ، والشروط

__________________

(١) تاريخ الطبري ٤ : ٤٤٥.

٣١

كما يلي :

١ ـ أُبايعك على أن لا تقضي الأمور دوني.

٢ ـ أكون أول من تأذن له ، وآخر من يخرج من عندك.

٣ ـ إذا ظهرت ، استعنت بي على أفضل عملك.

على أية حال ، فكل ذلك يدلّنا بجلاء ووضوح من أن المختار لم يبايع ابن الزبير لا لكونه خارجا عن طاعة بني أمية فحسب ، بل يضاف إلى ذلك أن المختار لم يكن بالرجل العادي الذي يعترف لابن الزبير بالخلافة حتى يمد إليه يده صاغرا ، وهو يعرفه جيدا بأنّه الرجل الممالئ المنحرف في عقيدته ومذهبه ، وأنّه قد شبّ على عداء آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى ظهر العداء فيه واضحا حين ترك الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أثناء خطبه حتى نقده الناس ولاموه ، فقال كلماته النكراء التي توضّح مدى عقيدته :

«إن له ـ أي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أهل بيت إذا ذكرته اشرأبت نفوسهم إليه وفرحوا فلا أحب أن أقرأ ذلك في عينهم».

وبعد كل ذلك ، وبعد أن تيقّن للمختار عدم صدق عبد اللّه بن الزبير معه قرر السفر إلى الكوفة على أن يجد ما يصبو إليه من الثورة والأخذ بالثأر من قتلة الإمام الحسينعليه‌السلام .

٣٢

المختار قائدا

لا نشك ، في أن موقف المختار من تولّي معاوية للخلافة كان من موقف الإمام الحسينعليه‌السلام ، وإنّما دعاه إلى موقفه السلبي هو الظروف السائدة حينها ، إذ باتت بوادر ثورة الإمام الحسينعليه‌السلام ، من خلال رفضه لمبايعة يزيد ، وإرساله مسلم بن عقيلعليه‌السلام ، ممثِّلاً عنه إلى أهل الكوفة.

برز دور المختار واضحا في مساندته للإمام الحسينعليه‌السلام ، من خلال تحويل بيته إلى مقرّ للسفارة الحسينية ، وملتقى للمعارضة الشيعية ، غير أن استشهاد مسلمعليه‌السلام ، بأساليب ابن زياد التي نوّهنا عنها سابقا ، وما أعقبها من إلقاء القبض على المختار ، وزجِّه في السجن ، وشتر إحدى عينيه ، الأمر الذي حال بينه وبين الاشتراك في القتال إلى جانب الإمام الحسينعليه‌السلام ، وكان غيابه الذي أكره عليه قد أثّر في نفسه أثرا شديدا ، ومن هنا نذر نفسه على الانتقام ، والثأر من قتله الإمام الحسينعليه‌السلام ، وما كان له ـ والوضع في الكوفة يدعوا للخيبة واليأس ـ إلاّ أن يباشر حركته تلك ، خصوصا وأن ابن زياد كان قد أمره بمغادرة الكوفة بعد أن أخرجه من السجن بواسطة عبد اللّه بن عمر ، فكان أن توجه إلى بلاد الحجاز ، وهناك التقى بعبد اللّه بن الزبير الذي لم يجرؤ على أن يدعو لنفسه والإمام الحسينعليه‌السلام على قيد الحياة. وإذ لقى الحسين ربه ، أظهر ابن الزبير دعوته على الملأ ، وبيّن للناس حقّه في الخلافة ،

٣٣

ووقف يخطب بالناس ، فهاجم أهل الكوفة لغدرهم بالحسينعليه‌السلام (١) ، وكان لكلماته رنّة السحر في نفوس العلويين وأهل الحجاز خاصة ، والساخطين على الحكم الأموي عامة ، فالتفّوا حوله ، وناصروه ورأوا فيه الزعيم الذي يأخذ بثار شهيدهم الحسينعليه‌السلام ، ويقضي على الحكم الأموي ، ولما طلبوا منه أن يبايع لنفسه ، لم يجبهم إلى طلبهم كأنّما يريد أن يظهر للناس زهده في الخلافة (٢).

وقد ذكر خروج المختار من الكوفة إلى الحجاز ولقائه بابن الزبير ومبايعته له على شروط قبلها المختار للأسباب التالية :

أ ـ خوف ابن الزبير على السلطة التي لم يكن يحلم أن تؤول إليه بهذه السهولة.

ب ـ تخوّف ابن الزبير من المختار الذي أصبحت له منزلة عظيمة بين أشراف المسلمين ، وفي قلوب الشيعة بشكل خاص.

ج ـ أو ربما لاسترضاء عبد اللّه بن عمر بن الخطاب صهر المختار والذي كان ابن الزبير بأمسِّ الحاجة إلى كسب ودِّه.

ولمّا تبيّن لدى المختار ، أن ابن الزبير ليس بالرجل المؤتمَن الذي يتولّى تحقيق وتلبية مطالب الشيعة وطموحاتهم بالقضاء على الحكم الأموي والأخذ بثار الإمام الحسينعليه‌السلام ، ومن ثم إقامة حكومة تلبّي مطالب عامة الناس من الفقراء ، والمعوزين ، وكان من بينهم الموالي الذين عانوا من الاضطهاد الأموي الكثير الكثير. لذلك فقد حزم المختار أمره وجاء إلى الكوفة

__________________

(١) انظر الخطبة في تاريخ الطبري ٤ : ٣٦٤.

(٢) المختار الثقفي / الخربوطلي ٤ : ٣٦٤ ، نقلاً عن الطبري.

٣٤

ليتولّى بنفسه قيادة الجموع وذلك في يوم الجمعة الخامس عشر من رمضان عام ٦٤ هـ (السادس من مايس عام ٦٧٤م) (١). بعد هلاك يزيد بن معاوية لعنهما اللّه بنحو سنة وبضعة أشهر إذ هلك يزيد لعنه اللّه في يوم الخميس لأربع عشر ليلة خلت من شهر ربيع الأول (سنة / ٦٣ هـ).

وكان يصحب المختار رجل واحد هو عبد اللّه بن كامل الهمداني ، وقد لقيا بـ (العذيب) ، هاني بن أبي حبة الوداعي (٢) ، فسأله المختار عن أخبار الكوفة ، فقال : تركت الناس كالسفينة تجول بلا ملاح عليها. فقال المختار : أنا ملاحها الذي يقيمها (٣).

ثم سار المختار حتى انتهى إلى نهر الحيرة ، فنزل واغتسل ولبس ثيابه ، وتقلّد سيفه ، وركب فرسه ، ودخل الكوفة نهارا ، والناس يتهيئون للصلاة ، فجعل لا يمر بملأ إلاّ وقف وسلّم ، وقال : «ابشروا بالفرج ، فقد جئتكم بما تحبّون ، وأنا المسلّط على الفاسقين ، والطالب بدم أهل بيت نبي رب العالمين». ثم دخل الجامع وصلّى فيه ، فرأى الناس ينظرون إليه ، ويقول بعضهم لبعض : هذا المختار ما قدم إلاّ لأمر ونرجو به الفرج.

وخرج من الجامع ، ونزل داره ، ثم بعث إلى وجوه الشيعة وعرفهم أنه جاء من محمد بن الحنفية ، وعلي بن الحسين السجّادعليه‌السلام ، للطلب بدماء أهل البيتعليهم‌السلام . فقالوا : « أنت موضع ذلك وأهل ».

__________________

(١) الطبري ج٨ ، طبقات ابن سعد ٥ : ٧١.

(٢) المصادر نفسها.

(٣) كذا.

٣٥

وخلال ذلك هرب ابن زياد من الكوفة إلى الشام (١) ، وبعد أُسبوع من وصول المختار ، أرسل عبد اللّه بن الزبير واليا من قبله على الكوفة هو ، عبد اللّه ابن يزيد الخطمي ، ومعه إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد اللّه عاملاً على الخراج (٢).

__________________

(١) لم يحدد لنا كتبة التاريخ والسير ، تاريخ هروب ابن زياد من الكوفة. لكننا حصرنا ذلك بعام ٦٤ هـ ، لأنّ ابن زياد حين علم بوفاة يزيد سنة ٦٤ هـ ، وطرد واليه على البصرة ، ثم هروب أكثر الولاة الأمويين من الولايات التابعة للمملكة الأموية ، التحق هو مع من هرب إلى عاصمة الأمويين ـ الشام ـ ، حيث جرى تسليم الحكم في الكوفة إلى رجل اتفق عليه بالإجماع من قبل زعماء الكوفة وأشرافها ، وهو عامر بن مسعود ، الذي ما لبث أن دان بالولاء لعبد اللّه بن الزبير ، الذي تمكن من توحيد مركزه في العراق. راجع : الطبري ٧ : ٢١ ، الخوارج والشيعة / فلهوزن : ١٩٠.

(٢) الطبري ٥ : ٥٦٠.

٣٦

التوّابون

كان لاستشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام بهذه الصورة المأساوية نتائج خطيرة في تاريخ العراق والدولة الأموية عامة. فقد عاشت الشيعة بشكل خاص ، والمسلمين بشكل عام عقدة الذنب مثقلاً بمرارة الموقف الانهزامي الذي وقفته إزاء كربلاء.

وتحرّج النظام الأموي الذي لم يقدر فظاعة المأساة ، وكان عليه أن يجابه نتائجها السريعة والمستقبلية التي أخذت تنعكس منذ ذلك الحين على بنية هذا النظام.

وليس ثمة شك في أن ـ يزيد ـ كان المسؤول الأوّل والأخير عن مجزرة كربلاء ، وكان مسوقا إلى ارتكابها بدافع ما كان يمتلئ به صدره من حقد ، وغيظ وحسد ، للإمام الحسينعليه‌السلام ، وللهاشميين عموما باعتباره امتدادا لذلك الأسن الأموي الجاهلي مما غيّب عنه الرؤيا الصحيحة للواقع السياسي كما كان ذلك علامة وسببا لفشله في تبوّء مركز السلطة ، ذلك المركز الذي بذل في سبيله أبوه الطليق الباغي معاوية كل إمكانياته ، وصرف كل جهوده من أجل الحفاظ عليه (١).

__________________

(١) سليمان بن صرد الخزاعي / د. إبراهيم بيضون : ٧٩.

٣٧

كانت مأساة كربلاء لا تزال ماثلة في أذهان أهل الكوفة بالذات ، وكان كثير منهم يشعرون بالندم ، ويعتبرون أنفسهم مسؤولين عن دم الإمام الحسينعليه‌السلام وآل بيته وأنصاره ، وباتوا يتطلّعون إلى الأخذ بثاره ، فأخذوا يبحثون عن زعيم يقودهم لتحقيق هذا الغرض.

فأدرك المختار هذه الحقيقة ، ورأى أن يكون هو ذلك الزعيم المنشود ، فقد ذكر المسعودي : « أنه بعد استقرار المختار في الكوفة ، راح يبكي على الطالبيين ، وشيعتهم ، ويحثّ على أخذ الثار لهم ، والمطالبة بدمائهم ، فمالت الشيعة إليه ، وصاروا من جملته لاحقا » (١).

إلاّ أنه لاحظ أن عدد الذين التفّوا حوله ، لا يمكنه بهم أن يحقِّق أهدافه مع انضمام الكثير إلى حركة التوابين التي قادها سليمان بن صرد الخزاعي (٢) ، وأربعة من كبار زعماء الكوفة ، وهم : المسيب بن نجبة (٣) الفزاري ، وعبد اللّه ابن سعد بن نفل الأزدي ، وعبد اللّه بن وائل التميمي ، ورفاعة بن شدّاد البجلي ، الذين هيَّأوا مستلزمات الثورة من جمع الأسلحة واستمالة الناس ، كما واتفقوا على أن يعقدوا لقاءات دورية لتقويم النشاطات التي قاموا بها ،

__________________

(١) مروج الذهب ٣ : ٢١.

(٢) وكان اسمه في الجاهلية (يسار). سماه رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، سليمان وكان خيرا فاضلاً ، له دين وعبادة ، وشرف وقدر في قومه. شهد صفين مع الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وكان ممن كتب إلى الإمام الحسينعليه‌السلام ، يسأله القدوم إلى الكوفة ، فلما قدمها ترك القتال معه ضد المعتدين ، ثم ندم على ذلك ، وقد روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعن الإمام عليعليه‌السلام .

انظر الاستيعاب بهامش الاصابة ٢ : ٦٣ ، والاصابة / ابن حجر ٢ : ٧٦.

(٣) ورد في البداية والنهاية / ابن نجية ٨ : ٢٤٧. أدرك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وشهد القادسية وفتح العراق. فيما ذكر ابن سعد ، أنه كان مع الإمام عليعليه‌السلام ، في مشاهده.

٣٨

والانجازات التي حققوها ، ومن ثم لتحديد موعد للخروج وإعلان الثورة ، واستقرّ رأيهم على أن يكون التجمع في النخيلة (١) ، في نهاية ربيع الآخر من سنة ٦٥ للهجرة (٢) ومن هنا فإنّنا نعتقد أن سبب اجتماع هذه النخبة يعود إلى :

١ ـ الشعور بهول المأساة ، وفداحة الإثم.

٢ ـ الإسراع باتخاذ موقف انتقامي من المسؤولين عن مقتل الإمام الحسينعليه‌السلام ، سواء الأمويين ، أم المتواطئين معهم.

٣ ـ الإلحاح في طلب التوبة عن طريق التضحية بالنفس.

٤ ـ إنقاذ الأمة الإسلامية من جور وطغيان الأمويين اللامتناهي.

٥ ـ فضح بني أمية وإظهارهم على حقيقتهم الظالمة وكما هو حالهم حيث تمسّكهم بالحكم والكرسي ، وهذا معناه أنهم لا يعترفون بدين ، ولا بشريعة ، وأنهم على استعداد تام أن يفعلوا أي منكر وقبيح ما داموا لا يعترفون بجنّة ولا بنار.

٦ ـ تحريك عواطف المسلمين من أجل تكوين حركات كفاحية أُخرى ضد جبروت المملكة الأموية ، لأنّ التصميم على الكفاح ينتج عنه ضرورة التغيير.

ومهما كان شكل هذا الاجتماع المحفوف بالخطر ، فإنّه أفضل من الانتظار الجامد.

كانت سنة خمس وستين للهجرة (٦٨٤م) ، قد حلّت وفي هذه السنة انتقلت ثورة التوابين من محتواها التخطيطي ، وإطارها التبشيري إلى مرحلة

__________________

(١) النخيلة : مكان بالقرب من الكوفة.

(٢) ابن الأثير ٨ : ٢٤٧.

٣٩

التنفيذ الحاسم. وكان من شعارات التوابين التي كثر ترديدها حينئذٍ :

« من أراد الجنّة فليلتحق بسليمان في النخيلة ».

« من أراد التوبة فليلتحق بسليمان » (١).

إلى غير ذلك من الشعارات التي لم تخرج عن إطار الغفران والتكفير عن الذنب.

وبعد تشاورٍ ، رأى زعماء الحركة ، أن قتلة الإمام الحسينعليه‌السلام ، موزعون في أنحاء الأرض ، وليس سهلاً أن تطالهم سيوف التوابين كما يتصور البعض ، لذلك ارتأوا أخيرا أن تكون الشام ـ قاعدة الطغيان ـ والمسؤولة قبل أي أحد عن مقتل الإمام الحسينعليه‌السلام ، وفي رأيهم أن النظام هو الذي ينبغي أن يحاسب وليس الأشخاص (٢) لأنّ أولئك القتلة كانوا فقط الأداة التي نفّذت الأوامر ، وقامت بما طلب منها بأبشع ما يكون.

وبعد هذا كله غادر التوابون الكوفة ليلة الجمعة في الخامس من ربيع الثاني سنة ٦٥ هـ التاسع عشر من تشرين الثاني سنة ٦٨٤م ، ووجهتهم (النخيلة) ، المكان الذي ستلتقي فيه وفود المتطوعين الذي تعاهدوا على الالتحاق بإخوانهم في الموعد المحدد.

وبعد إقامة سليمان ورفاقه أياما ثلاثة (٣) ، في المعسكر لم تكن الاستجابة بالمستوى المقدَّر لها ، وانخفض العدد الذي التزم بالخروج مع زعيم الحركة إلى الربع تقريبا ، حيث قدر أن آخر ما وصل إليه تجمع التوابين في

__________________

(١) قيل إن عدد المتطوعين ارتفع إلى نحو عشرين ألفا. انظر ابن كثير ٨ : ٢٥١.

(٢) دائرة المعارف الإسلامية الشيعية ٢ : ٥٨.

(٣) الطبري ٧ : ٦٧ ، ابن الأثير ٢ : ٢٥٢.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

١٢٦ -( باب تحريم إهانة المؤمن وخذلانه)

[١٠٣٤٢] ١ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال الله عزّوجلّ: من أهان لي وليّاً فقد أرصد لمحاربتي ».

[١٠٣٤٣] ٢ - وعن المعلى بن خنيس قال: سمعتهعليه‌السلام يقول: « إنّ الله عزّوجلّ يقول: من أهان لي وليّاً فقد أرصد لمحاربتي، وأسرع شئ إلي نصرة أوليائي ».

[١٠٣٤٤] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « نزل جبرئيل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال [ له ](١) : يا محمّد إنّ ربّك يقول: من أهان عبدي المؤمن فقد استقبلني بالمحاربة ».

[١٠٣٤٥] ٤ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته، إلّا خذله الله في الدنيا والآخرة ».

[١٠٣٤٦] ٥ - الطبرسي في المشكاة: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أهان لي وليّاً فقد استقبلني بمحاربتي ».

__________________

الباب ١٢٦

١ - كتاب المؤمن ص ٦٩ ح ١٨٤.

٢ - المؤمن ص ٦٩ ح ١٨٥.

٣ - المؤمن ص ٦٩ ح ١٨٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤ - المؤمن ص ٦٧ ح ١٧٨.

٥ - مشكاة الأنوار ص ٣٢٢.

١٠١

[١٠٣٤٧] ٦ - وعنهعليه‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أهان لي وليّاً فقد (أرصدني بمحاربتي)(١) ».

[١٠٣٤٨] ٧ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « قال الله تبارك وتعالى: ويل لمن أهان وليّاً: من أهان وليّاً فقد حاربني، ويظنّ من حاربني أن يسبقني أو يعجزني، وأنا الثائر لأوليائي في الدنيا والآخرة ».

[١٠٣٤٩] ٨ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، قال: يا عبد العظيم، أبلغ عنّي أوليائي [ السلام ](١) وقل لهم: لا يجعلوا للشيطان على أنفسهم سبيلاً، ومرهم بالصدق في الحديث، وأداء الأمانة، ومرهم بالسكوت، وترك الجدال فيما لا يعنيهم، وإقبال بعضهم على بعض، والمزاورة فإنّ ذلك قربة إليّ، ولا يشغلوا أنفسهم بتمزيق بعضهم بعضاً، فإني آليت على نفسي أنّه من فعل ذلك، وأسخط وليّاً من أوليائي، دعوت الله ليعذّبه في الدنيا أشدّ العذاب، وكان في الآخرة من الخاسرين، وعرّفهم أنّ الله قد غفر لمحسنهم، وتجاوز عن مسيئهم، (إلّا من أشرك بي، أو آذى وليّاً من أوليائي)(٢) ، أو أضمر له سوءً فإنّ الله لا يغفر له حتى يرجع عنه، فإن رجع عنه وإلّا نزع

__________________

٦ - مشكاة الأنوار ص ٣٢٢.

(١) في المصدر: أرصد في محاربتي.

٧ - مشكاة الأنوار ص ١٠٧.

٨ - الاختصاص ص ٢٤٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) ورد في هامش الطبعة الحجرية: « هكذا كان الأصل، والظاهر أنه تصحيف: إلّا من أشرك به أو آذى ولياً من أوليائه » كما لا يخفى.

١٠٢

روح الإيمان عن قلبه، وخرج عن ولايتي، ولم يكن له نصيب في ولايتنا، وأعوذ بالله من ذلك.

[١٠٣٥٠] ٩ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « قال تعالى لموسىعليه‌السلام : من أهان وليّاً فقد بارزني بالمحاربة ».

١٢٧ -( باب تحريم إذلال المؤمن واحتقاره)

[١٠٣٥١] ١ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « من حقّر مؤمناً فقيراً، لم يزل الله عزّوجلّ له حاقراً ماقتاً، حتى يرجع عن محقرته إيّاه ».

[١٠٣٥٢] ٢ - أبو الفتح الكراجكي في كنز الفوائد: قال: روي عن أحد من الأئمة، أنه قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله عزّوجلّ كتم ثلاثة في ثلاثة: كتم رضاه في طاعته، وكتم سخطه في معصيته، وكتم وليّه في خلقه، فلا يستخفنّ أحدكم شيئاً من الطاعات، فإنّه لا يدري في أيّها رضاء الله تعالى، ولا يستقلّنّ أحدكم شيئاً من المعاصي، فإنه لا يدري في أيُها سَخَط الله ولا يزريَنّ(١) أحدكم بأحد من خلق الله، فإنه لا يدري أيّهم وليّ الله ».

[١٠٣٥٣] ٣ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: برواية ابن أبي عمير، عنه

__________________

٩ - لبّ اللباب: مخطوط.

الباب ١٢٧.

١ - كتاب المؤمن ص ٦٨ ح ١٨٢.

٢ - كنز الفوائد ص ١٣.

(١) زرى عليه: عابه واستهزأ به (مجمع البحرين ج ١ ص ٢٠٣).

٣ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١٠٩.

١٠٣

ومحمّد بن أبي حمزة، عمّن ذكراه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من حقّر مؤمناً مسكيناً، لم يزل الله له حاقراً ماقتاً، حتى يرجع عن محقرته إيّاه ».

[١٠٣٥٤] ٤ - ثقة الإسلام في الكافي: عن علي، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن حفص المؤذن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في رسالته إلى أصحابه: « وعليكم بحبّ المساكين المسلمين، فإنه من حقّرهم وتكبّر عليهم فقد زلّ عن دين الله، والله له حاقر ماقت.

وقال أبونا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أمرني ربّي بحبّ المساكين المسلمين، واعلموا أنّ من حقّر أحداً من المسلمين القى الله عليه المقت منه، والمحقرة حتى يمقته الناس، والله له أشدّ مقتاً » الخبر.

[١٠٣٥٥] ٥ - البحار، عن كتاب قضاء الحقوق للصوري: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا تحقّروا ضعفاء إخوانكم، فإنه من احتقر مؤمناً، لم يجمع الله بينهما في الجنّة، إلّا أن يتوب ».

[١٠٣٥٦] ٦ - الطبرسي في المشكاة: عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لا تحقروا فقراء شيعتنا، فإنه من حقّر مؤمناً منهم فقيراً واستخف به، حقّره الله ولم يزل ماقتاً له، حتى يرجع عن محقرته ».

[١٠٣٥٧] ٧ - الشيخ المفيد في كتاب الروضة: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ،

__________________

٤ - الكافي ج ٨ ص ٨.

٥ - البحار ج ٧٥ ص ١٥١ ح ١٦.

٦ - مشكاة الأنوار ص ٣٢٢.

٧ - الروضة للشيخ المفيد:

١٠٤

أنه قال: « من حقّر مؤمناً، لم يزل الله تبارك وتعالى له حاقراً، حتى يرجع عن محقرته لأخيه ».

[١٠٣٥٨] ٨ - وعنهعليه‌السلام : « من حقّر مؤمناً لفقره، وقلّة ذات يده، حقّره الله يوم القيامة، وبهره(١) وفضحه ».

[١٠٣٥٩] ٩ - وعنهعليه‌السلام : « من أذلّ لنا وليّاً، أوقفه الله يوم القيامة في طينة خبال إلى أن يفرغ الله عزّوجلّ من حساب الخلائق، فقيل له: وما طينة خبال؟ فقال: صديد أهل جهنّم ».

[١٠٣٦٠] ١٠ - وفي الأمالي: عن أبي بكر محمّد بن عمر الجعابي، عن ابن عقدة، عن علي بن الحسن، عن العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق، عن إسحاق بن عمّار، قال: قال لي أبو عبد الله: « يا إسحاق، كيف تصنع بزكاة مالك إذا حضرت »؟ قلت: يأتوني إلى المنزل فأعطيهم، فقال لي: « ما أراك يا إسحاق إلّا قد أذللت المؤمن، فإيّاك إيّاك إنّ الله يقول: من أذلّ لي وليّاً فقد أرصدني بالمحاربة ».

١٢٨ -( باب تحريم الاستخفاف بالمؤمن)

[١٠٣٦١] ١ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا تستخف بأخيك المؤمن، فيرحمه الله

__________________

٨ - الروضة للشيخ المفيد:

(١) البهر: الغلبة، يقال بهر القمر الكواكب إذا أضاء وغلب ضوؤه ضوءها (مجمع البحرين ج ٣ ص ٢٣١).

٩ - الروضة للشيخ المفيد:

١٠ - أمالي المفيد ص ١٧٧.

الباب ١٢٨

١ - المؤمن ص ٦٨ ح ١٨١.

١٠٥

عزّوجلّ عند استخفافك، ويغيّر ما بك ».

[١٠٣٦٢] ٢ - الطبرسي في المشكاة: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لا تستخفوا بفقراء شيعة عليعليه‌السلام ، فإن الرجل منهم يشفع في مثل ربيعة ومضر ».

١٢٩ -( باب تحريم قطيعة الأرحام)

[١٠٣٦٣] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمّد أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدثني موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام : قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تخن من خانك فتكون مثله، ولا تقطع رحمك (وإن قطعك)(١) ».

[١٠٣٦٤] ٢ - صحيفة الرضاعليه‌السلام : بإسناده عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي أخاف عليكم استخفافاً بالدين، وبيع الحكم، وقطيعة الرحم » الخبر.

[١٠٣٦٥] ٣ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: لا يجالسنا قاطع رحم، فإن الرحمة لا

__________________

٢ - مشكاة الأنوار ص ٣٢٢.

الباب ١٢٩

١ - الجعفريات ص ١٨٩.

(١) في نسخة الشهيد « ولو رجمك »، (منه قدّه).

٢ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٧١ ح ١٦٢.

٣ - الأخلاق: مخطوط.

١٠٦

تنزل على قوم فيهم قاطع رحم.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يدخل الجنّة قاطع رحم ».

[١٠٣٦٦] ٤ - وقال رجل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا رسول الله، إن أرحامي قطعوني ورفضوني، أفأقاطعهم كما قطعوني، وأرفضهم كما رفضوني؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذاً يرفضكم الله جمعياً، وإن وصلتهم أنت، ثم قطعوك هم، كان لك من الله ظهير عليهم ».

[١٠٣٦٧] ٥ - وقال أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين الباقرعليهم‌السلام : « وجدنا في كتب آبائنا: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: إذا ظهر الزنا في أمتي كثر موت الفجأة - إلى أن قال - وإذا قطعوا أرحامهم، جعلت الأموال في أيدي الأراذل منهم ».

[١٠٣٦٨] ٦ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الأعمال المانعة من الجنّة: عن أحمد بن الحسين(١) ، بإسناده عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث: وإيّاكم والعقوق، فإنّ الجنّة يوجد ريحها من مسيرة مائة عام، وما يجدها عاق، ولا قاطع رحم ».

[١٠٣٦٩] ٧ - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

٤ - الأخلاق: مخطوط، وأخرج نحوه في البحار ج ٧٤ ص ١١٣ ح ٧٢ عن الكافي ج ٢ ص ١٢٠ ح ٢.

٥ - الأخلاق: مخطوط.

٦ - الاعمال المانعة من الجنّة ص ٥٨.

(١) في المصدر « الحسن »، والظاهر أنه أحمد بن الحسن بن أحمد بن عقيل لأنه من مشايخ جعفر بن أحمد القمي كما يظهر ذلك من كتابه والنوادر صفحة ٤٠، والله أعلم.

٧ - الأعمال المانعة من الجنّة ص ٥٩.

١٠٧

« لا يدخل الجنّة صاحب خمس - إلى أن قال - ولا قاطع رحم ولو بسلام ».

[١٠٣٧٠] ٨ - وعن جابر بن عبد الله، قال: خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن مجتمعون، فقال: « يا معشر المسلمين، اتقوا الله، وصلوا أرحامكم، - إلى أن قال - فإن ريح الجنّة توجد من مسيرة الف عام، ولا يجده(١) عاق، ولا قاطع » الخبر.

[١٠٣٧١] ٩ - وعن الزهري، عن محمّد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يدخل الجنّة قاطع ».

وباقي أخبار الباب - وهي كثيرة - يأتي في كتاب النكاح، إن شاء الله تعالى.

١٣٠ -( باب تحريم إحصاء عثرات المؤمن وعوراته، لأجل تعييره بها)

[١٠٣٧٢] ١ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن، عن زرارة، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: « أقرب ما يكون العبد إلى الكفر، أن يكون الرجل مؤاخياً للرجل على الدين، ثم يحفظ زلّاته وعثراته، ليعنّفه(١) بها يوماً ما ».

__________________

٨ - الأعمال المانعة من الجنّة ص ٥٩.

(١) في المصدر: ولا يجدها.

٩ - الأعمال المانعة من الجنّة ص ٦٠.

الباب ١٣٠

١ - المؤمن ص ٦٦ ح ١٧١.

(١) في المصدر: ليعنف.

١٠٨

ورواه المفيد في الإختصاص: عنهعليه‌السلام ، مثله(٢) .

[١٠٣٧٣] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من ستر عورة مؤمن ستر الله عزّوجلّ عورته يوم القيامة، ومن هتك ستر مؤمن هتك الله ستره يوم القيامة ».

[١٠٣٧٤] ٣ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « لا ترموا المؤمنين، ولا تتبعوا عثراتهم، فإنه من يتبع عثرة مؤمن يتبع الله عثرته، ومن يتبع الله عثرته فضحه في بيته ».

[١٠٣٧٥] ٤ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه، لا تطلبوا عورات المؤمنين، ولا تتبعوا عثراتهم، فإن من اتّبع عثرة أخيه اتبع الله عثرته، ومن اتبع الله عثرته فضحه ولو في جوف بيته ».

[١٠٣٧٦] ٥ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « إن أقرب ما يكون أحدكم إلى الكفر، إذا تحفّظ على أخيه زلله يعيّره(١) به يوماً ».

[١٠٣٧٧] ٦ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن أبي عبد الله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من يتّبع عثرات أحد من

__________________

(٢) الاختصاص ص ٢٢٧، وفيه: قال الصادق أو الباقر عليهما‌السلام .

٢ - المؤمن ص ٦٩ ح ١٨٧.

٣ - المؤمن ص ٦٩ ح ١٨٨.

٤ - المؤمن ص ٧١ ح ١٩٤.

٥ - الغايات ص ١٠٠.

(١) في المصدر: ليعيره.

٦ - الأخلاق: مخطوط.

١٠٩

المؤمنين ليفضحه بذلك، فضحه الله ولو في بيته ».

[١٠٣٧٨] ٧ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنّ من اتّبع عورات أخيه المسلم، اتبع الله عوراته حتى يفضحه، (ولو في وسط)(١) رحله ».

[١٠٣٧٩] ٨ - الشيخ المفيد في كتاب الروضة: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : « من أحصى على أخيه المؤمن عيباً ليعيبه به يوماً ما كان من أهل هذه الآية، قال الله عزّوجلّ:( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ) (١) الآية ».

[١٠٣٨٠] ٩ - وعنهعليه‌السلام : « من أحصى على أخيه المؤمن عيباً، ليشينه به ويهدم مروّته، فقد تبوأ مقعده من النار ».

[١٠٣٨١] ١٠ - وعنهعليه‌السلام : « معاشر المؤمنين، لا تتبعوا عورات المؤمنين، فمن اتّبع عورة أخيه المؤمن، اتبع الله عزّوجلّ عورته، ومن اتبع عورته هتكه في منزله ».

[١٠٣٨٢] ١١ - وفي الأمالي: عن أحمد بن محمّد بن الحسن، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن

__________________

٧ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ١٢٣.

(١) في المصدر: ولا وسط.

٨ - روضة المفيد:

(١) النور ٢٤: ١٩.

٩ - روضة المفيد:

١٠ - روضة المفيد:

١١ - أمالي المفيد ص ٢٣ ح ٦.

١١٠

سنان، عن إبراهيم والفضل الأشعريين، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر أو أبي عبد اللهعليهما‌السلام ، قال: « أقرب ما يكون العبد إلى الكفر، أن تؤاخي(١) الرجل على الدين فتحصي عليه عثراته وزلّاته، لتعيبه(٢) بها يوماً ما ».

[١٠٣٨٣] ١٢ - وفي الاختصاص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « يا معشر من أسلم بلسانه، ولم يخلص (إلى المسلمين، لا)(١) تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتبع(٢) عوراتهم يتبع(٣) الله عورته، ومن يتبع(٤) الله عورته يفضحه في بيته ».

١٣١ -( باب تحريم تعيير المؤمن وتأنيبه)

[١٠٣٨٤] ١ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أذاع فاحشة كان كمبتدئها، ومن عير مؤمناً بشئ لم يمت حتى يرتكبه ».

الشيخ المفيد في الإختصاص: عنهعليه‌السلام ، مثله(١) .

__________________

(١) في المصدر: يؤاخي.

(٢) في المصدر: ليعيبه، وفي نسخة ليعنفه.

١٢ - الاختصاص ص ٢٢٥.

(١) ما بين القوسين في المصدر: الإيمان إلى قلبه لا تذموا المسلمين و.

(٢) في المصدر: تتبع.

(٣) في المصدر: تتبع.

(٤) في المصدر: تتبع.

الباب ١٣١

١ - المؤمن ص ٦٦ ح ١٧٣.

(١) الاختصاص ص ٢٩٩، علما بأن هذه العبارة « الشيخ المفيد في.. » وردت في الطبعة الحجرية في ذيل الحديث ٢ سهواً، وما أثبتناه من المخطوط.

١١١

[١٠٣٨٥] ٢ - وفي كتاب الزهد: عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، قالا(١) : « أنّ أبا ذر عيّر رجلاً على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بأُمّه، فقال له: يا ابن السوداء - وكانت أمه سوداء - فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تعيّره بأُمّه يا أبا ذر، قال: فلم يزل أبو ذر يمرغ وجهه في التراب ورأسه، حتى رضي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنه ».

ورواه عاصم بن حميد في كتابه: عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام : مثله(٢) .

[١٠٣٨٦] ٣ - وعن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا وقع بينك وبين أخيك هنة، فلا تعيّره بذنب ».

[١٠٣٨٧] ٤ - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط: عن ثابت قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام ، يقول: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ أسرع الخير ثواباً البر، وأسرع الشر عقوبة البغي، وكفى بالمرء عمى أن يبصر من الناس ما يعمى عنه [ من نفسه ](١) وأن يعيّر الناس بما لا يستطيع تركه، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه ».

ورواه المفيد في الإختصاص(٢) : عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

٢ - الزهد ص ٦٠ ح ١٦٠، وعنه في البحار ج ٢٢ ص ٤١١ و ج ٧٥ ص ١٤٦.

(١) في المخطوط: قال: وما أثبتناه من المصدر.

(٢) كتاب عاصم بن حميد ص ٢٩.

٣ - الاختصاص ص ٢٢٩.

٤ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) الاختصاص ص ٢٢٨، وفيه عن أبي جعفر الباقر وعلي بن الحسين عليهما‌السلام .

١١٢

مثله، وزاد في آخره: « أو ينهى الناس عمّا لا يستطيع تركه »

[١٠٣٨٨] ٥ - مجموعة الشهيد (ره): عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: « لا تكونن عيّاباً، ولا تطلبنّ لكلّ زلّة عتاباً، ولكلّ ذنب عقاباً ».

١٣٢ -( باب تحريم اغتياب المؤمن صدقاً)

[١٠٣٨٩] ١ - الإمام أبو محمّد العسكريعليه‌السلام في تفسيره: « اعلموا ان غيبتكم لأخيكم المؤمن من شيعة آل محمّدعليهم‌السلام أعظم في التحريم من الميتة، قال الله عزّوجلّ:( وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ) (١) ».

[١٠٣٩٠] ٢ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من كفّ لسانه عن أعراض المسلمين في مغيبهم وفي مشهدهم، أقاله الله عثرته يوم القيامة ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الغيبة تفطّر الصائم ».

[١٠٣٩١] ٣ - وقال علي بن الحسينعليهما‌السلام : « إيّاكم والغيبة، فإنّها إدام من يأكل لحوم الناس ».

[١٠٣٩٢] ٤ - وعن أبي عبد الله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال:

__________________

٥ - مجموعة الشهيد:

الباب ١٣٢

١ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٤٥.

(١) الحجرات ٤٩: ١٢.

٢، ٣ - كتاب الأخلاق: مخطوط.

٤ - كتاب الأخلاق: مخطوط.

١١٣

« من قال في أخيه المؤمن شيئاً يعلمه منه، يريد به انتقاصة في نفسه ومروّته، فهو من الذين قال الله:( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) (١) ».

[١٠٣٩٣] ٥ - وقال عليعليه‌السلام : « من قال في أخيه المؤمن ممّا فيه، ممّا قد استتر به عن الناس، فقد اغتابه ».

[١٠٣٩٤] ٦ - وقالعليه‌السلام : « من اغتاب مؤمناً حبسه في طينة خبال ثلاثين خريفاً، قيل: وما طينة خبال؟ قال: ما يصير طيناً من صديد فروج الزواني ».

[١٠٣٩٥] ٧ - الصدوق في كتاب الإخوان: عن أسباط بن محمّد، رفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله [ قال ](١) : « أخبركم بالذي هو أشدّ(٢) من الزنا، وقع الرجل في عرض أخيه ».

[١٠٣٩٦] ٨ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « الغيبة أشدّ من الزنا، فقيل: ولم ذلك يا رسول الله؟ قال: صاحب الزنا يتوب فيتوب الله عليه، وصاحب الغيبة يتوب فلا يتوب الله عليه، حتى يكون صاحبه الذي يحلّله ».

[١٠٣٩٧] ٩ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه نظر إلى رجل يغتاب رجلاً، عند الحسنعليه‌السلام ابنه، فقال: « يا بني، نزه

__________________

(١) النور ٢٤: ١٩.

٥، ٦ - كتاب الأخلاق: مخطوط.

٧ - مصادقة الإخوان ص ٧٦ ح ١.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: شر.

٨ - الاختصاص ص ٢٢٦.

٩ - نفس المصدر ص ٢٢٥.

١١٤

سمعك عن مثل هذا، فإنّه نظر إلى أخبث ما في وعائه فأفرغه في وعائك ».

[١٠٣٩٨] ١٠ - وعن هشام بن سالم، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول لحمران بن أعين: « يا حمران، انظر إلى من هو دونك - إلى أن قال - واعلم أنّه لا ورع أنفع من تجنّب محارم الله عزّوجلّ، والكفّ عن أذى المؤمنين واغتيابهم » الخبر.

[١٠٣٩٩] ١١ - وعن الباقرعليه‌السلام ، أنه قال: « وجدنا في كتاب عليعليه‌السلام : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال على المنبر: والله الذي لا إله إلّا هو، ما أُعطي مؤمن قطّ خير الدنيا والآخرة، إلّا بحسن ظنّه بالله عزّوجلّ، والكفّ عن اغتياب المؤمن والله الذي لا إله إلا، هو لا يعذّب الله عزّوجلّ مؤمناً بعذاب بعد التوبة والاستغفار إلّا بسوء ظنّه [ بالله عزّوجلّ ](١) واغتيابه للمؤمنين ».

[١٠٤٠٠] ١٢ - وقال الصادقعليه‌السلام : « من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه، فهو من الذين قال الله عزّوجلّ:( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ ) (١) الآية ».

[١٠٤٠١] ١٣ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « الغيبة أسرع في جسد المؤمن، من الآكلة في لحمه ».

__________________

١٠ - الاختصاص ص ٢٢٧.

١١ - نفس المصدر ص ٢٢٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٢ - نفس المصدر ص ٢٢٧.

(١) النور ٢٤: ١٩.

١٣ - نفس المصدر ص ٢٢٨.

١١٥

[١٠٤٠٢] ١٤ - وعن الصدوق، عن أبيه، عن الحسين(١) بن محمّد بن عامر، عن عمّه عبد الله بن عامر، عن محمّد بن زياد، عن سيف بن عميرة، قال: قال الصادقعليه‌السلام : « إن لله تبارك وتعالى على عبده المؤمن أربعين جنّة، متى(٢) أذنب ذنباً كبيراً رفع عنه جنّة، فإذا اغتاب أخاه المؤمن بشئ يعلمه منه، انكشفت تلك الجنن عنه، ويبقى مهتوك(٣) الستر، فيفتضح في السماء على السنة الملائكة، وفي الأرض على السنة الناس، ولا يرتكب ذنباً إلّا ذكروه، وتقول الملائكة الموكّلون به: يا ربنا قد بقي عبدك مهتوك(٤) الستر، وقد أمرتنا بحفظه، فيقول عزّوجلّ: ملائكتي لو أردت بهذا العبد خيراً ما فضحته، فارفعوا أجنحتكم عنه » الخبر.

[١٠٤٠٣] ١٥ - ابنا بسطام في طبّ الأئمةعليهم‌السلام : عن محمّد بن المنذر، قال: حدثنا علي ابن أخي يعقوب، عن داود، عن هارون بن أبي الجهم، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام : أن رجلاً قال له: يا ابن رسول الله، أن قوماً من علماء العامة يروون: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إنّ الله يبغض اللحامين، ويمقت أهل البيت الذي يؤكل فيه كلّ يوم اللحم ».

فقالعليه‌السلام : غلطوا غلطاً بيّناً، إنّما قال رسول الله

__________________

١٤ - الاختصاص ص ٢٢٠.

(١) في المخطوط: الحسن، وما أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال « راجع معجم رجال الحديث ج ٦ ص ٧٦ ».

(٢) في المصدر: فمتى.

(٣) في المخطوط « مهتك » وما أثبتناه من المصدر.

(٤) في المخطوط « مهتك » وما أثبتناه من المصدر.

١٥ - طب الأئمة ص ١٣٨.

١١٦

صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله يبغض أهل بيت يأكلون في بيوتهم لحم(١) الناس، أي يغتابونهم، ما لهم لا يرحمهم الله! عمدوا إلى الكلام(٢) فحرّفوه بكثرة روايتهم ».

[١٠٤٠٤] ١٦ - القطب الراوندي في دعواته: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ترك الغيبة، أحبّ إلى الله عزّوجلّ من عشرة آلاف ركعة تطوّعاً ».

[١٠٤٠٥] ١٧ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ستّ خصال ما من مسلم يموت في واحدة منهنّ، إلّا كان ضامناً على الله أن يدخله الجنّة: رجل نيّته أن لا يغتاب مسلماً، فإن مات على ذلك كان ضامناً على الله » الخبر.

[١٠٤٠٦] ١٨ - وعن ابن عباس، أنه قال: عذاب القبر ثلاثة أثلاث: ثلث للغيبة الخبر.

[١٠٤٠٧] ١٩ - مصباح الشريعة: قال الصادقعليه‌السلام : « الغيبة حرام على كلّ مسلم، مأثوم صاحبها في كلّ حال، وصفة الغيبة أن تذكر أحداً بما ليس عند الله عيب، أو تذمّ مما تحمده أهل العلم فيه، وأمّا الخوض في ذكر الغائب بما هو عند الله مذموم، وصاحبه فيه ملوم، فليس بغيبة، وإن كره صاحبه إذا سمع [ به ](١) ، وكنت أنت معافى

__________________

(١) في المصدر: لحوم.

(٢) وفيه: الحلال.

١٦ - دعوات الراوندي، وعنه في البحار ج ٧٥ ص ٢٦١ ح ٦٦.

١٧ - نفس المصدر ص ١٠٤، وعنه في البحار ج ٧٥ ص ٢٦١ ح ٦٦.

١٨ - نفس المصدر ص ١٢٩، وعنه في البحار ج ٧٥ ص ٢٦١ ح ٦٦.

١٩ - مصباح الشريعة ص ٢٧٤، باختلاف في الألفاظ.

(١) أثبتناه من المصدر.

١١٧

عنه وخالية منه، وتكون في ذلك مبيّناً للحق من الباطل ببيان الله ورسوله، ولكن بشرط أن لا يكون للقائل بذلك مراد غير بيان الحقّ والباطل في دين الله عزّوجلّ، وأمّا إذا أراد به نقص المذكور بغير ذلك المعنى، فهو مأخوذ بفساد مراده، وإن كان صواباً، فإن اغتبت فبلغ المغتاب فاستحلّ منه، فإن لم تبلغه ولم تلحقه فاستغفر الله له، والغيبة تأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.

أوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران، على نبيّنا وآله وعليه السلام: المغتاب هو آخر من يدخل الجنّة إن تاب، وإن لم يتب فهو أوّل من يدخل النار، قال الله تعالى:( أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ) (٢) ووجوه الغيبة تقع بذكر عيب في الخلق والخلق، والعقل والفعل، والمعاملة والمذهب، والجهل وأشباهه، واصل الغيبة يتنوّع بعشرة أنواع: شفاء غيظ، ومساعدة قوم، وتهمة، وتصديق خبر بلا كشفه، وسوء ظن، وحسد، وسخريّة، وتعجب، وتبرّم، وتزيّن، فإن أردت السلامة فاذكر الخالق لا المخلوق، فيصير لك مكان الغيبة عبرة، ومكان الإثم ثواباً ».

[١٠٤٠٨] ٢٠ - الشيخ ورّام بن أبي فراس في تنبيه الخاطر: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا يغتب بعضكم بعضاً، وكونوا عباد الله إخواناً ».

[١٠٤٠٩] ٢١ - وعن جابر وأبي سعيد، قالا: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إيّاكم والغيبة، فإن الغيبة أشدّ من الزنا، إن الرجل يزني

__________________

(٢) الحجرات ٤٩: ١٢.

٢٠ -مجموعة ورام ص ١١٥.

٢١ - مجموعة ورام ص ١١٥.

١١٨

[ ويتوب ](١) فيتوب الله [ عليه ](٢) ، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه ».

[١٠٤١٠] ٢٢ - وعن أنس، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مررت ليلة أُسري بي، على قوم يخمشون وجوههم بأظفارهم، فقلت: يا جبرئيل من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء الذين يغتابون الناس، ويقعون(١) في أعراضهم ».

[١٠٤١١] ٢٣ - وعن سليم بن جابر، قال: أتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلت: علّمني خيراً ينفعني الله به، قال: « لا تحقرن [ من المعروف ](١) شيئاً ولو أن تصبّ دلوك في إناء المستقى(٢) ، وان تلقى أخاك ببشر حسن، وإذا أدبر فلا تغتابه ».

[١٠٤١٢] ٢٤ - وعن البراء: خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتى أسمع العواتق في بيوتها، فقال: « يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه، لا تغتابوا المسلمين » الخبر.

[١٠٤١٣] ٢٥ - وعن أنس، قال: خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فذكر الربا، وعظّم شأنه - إلى أن قال -: « وأربى الربا عرض الرجل المسلم ».

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢٢ - مجموعة ورام ص ١١٥.

(١) في المخطوط « يقولون » وما أثبتناه من المصدر.

٢٣ - مجموعة ورام ص ١١٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: المستسقي.

٢٤ - مجموعة ورام ص ١١٥.

٢٥ - مجموعة ورام ص ١١٦.

١١٩

[١٠٤١٤] ٢٦ - وعن جابر، قال: كنّا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسير، فأتى على قبرين يعذب صاحبهما، فقال: « إنّهما لا يعذبان في كبيرة، أما أحدهما فكان يغتاب الناس » الخبر.

[١٠٤١٥] ٢٧ - ولمّا رجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الرجل في الزنا، قال رجل لصاحبه: هذا قعص كما يقعص(١) الكلب، فمرّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، معهما بجيفة، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنهشا منها » قالا: يا رسول الله، ننهش جيفة! قال: « ما أصبتما من أخيكما أنتن من هذه ».

ورواه الشيخ أبو الفتوح في تفسيره(٢) : عن ابن عمّ أبي هريرة بأبسط من هذا، وذكر أنّ المرجوم هو ماعز الذي جاء إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: زنيت يا رسول الله فطهرني، وذكر في آخره: أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لهما: « وقد أكلتم لحم ماعز وهو أنتن من هذه، أما علمتما أنه يسبح في أنهار الجنّة ».

[١٠٤١٦] ٢٨ - وروي أن الناس على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كانوا لا يرون العبادة التامة لا في الصوم ولا في الصلاة، ولكن في الكفّ عن أعراض الناس.

__________________

٢٦ - مجموعة ورام ص ١١٦.

٢٧ - مجموعة ورام ص ١١٦.

(١) كان في المخطوط « عقص كما يعقص » وهو تصحيف ولعل صحته قعص كما يقعص، القعْص والقَعَص: القتل المعجل. الموت الوحي. يقال مات فلان قعصاً إذا أصابته ضربة أو رمية فمات مكانه. (لسان العرب ج ٧ ص ٧٨) و (النهاية ج ٤ ص ٨٨).

(٢) تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ١٢٥.

٢٨ - مجموعة ورّام ص ١١٦.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133