الثائر من أجل الحسين عليه السلام المختار الثقفي

الثائر من أجل الحسين عليه السلام المختار الثقفي42%

الثائر من أجل الحسين عليه السلام المختار الثقفي مؤلف:
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 133

  • البداية
  • السابق
  • 133 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 34401 / تحميل: 13175
الحجم الحجم الحجم
الثائر من أجل الحسين عليه السلام المختار الثقفي

الثائر من أجل الحسين عليه السلام المختار الثقفي

مؤلف:
العربية

الثائر من أجل الحسين عليه السلام

المختار الثقفي

عباس غيلان الفياض

١

بسم الله الرحمن الرحيم

٢

٣
٤

مقدّمة المركز

ليس عصيّاً على البحث التاريخي الموضوعي للفترة التي عاشتها الأُمّة الإسلامية بعد هلاك الطاغية معاوية بن أبي سفيان (سنة / ٦٠ هـ) أن يدرك أسباب التطورات السياسية والأحداث التاريخية السريعة المتلاحقة التي انتهت بمصرع خامس أصحاب الكساء الإمام الحسين السبط الشهيدعليه‌السلام ، ويرى كيف فتح دم الحسين فم الأُمّة الصامتة لتقول (لا) ، وكيف مهّد الطريق أمام البركان لينفجر ، ويسحق بعنفوانه جبروت الأوغاد ، ويحطّم هيبة دولتهم التي قامت على أساس البغي والظلم والعدوان والفساد ، إذ سرعان ما تحوّل دم السبط الشهيد إلى وقود دافق يغذي الثورات الشعبية التي انطلقت مطالبة بدمه الشريف.

وسيرى في الجانب الآخر كيف حاولت السلطة الأُموية الغاشمة توجيه حوادث التاريخ الإسلامي بما يمكِّنها من البقاء والتلاعب بمصير الأُمّة ، محاولة لجم الأفواه عن قول الحقّ ، مع تسخير جملة واسعة من ذوي الأطماع والنفوس المريضة التي عاشت على موائدها حقيرة متزلّفة ، همّها علفها ، ودينها دينارها ، حتى اتّخذها الظالمون مطية يركبونها إلى غاياتهم ، وجسراً يعبرون عليه إلى شهواتهم ، ورداء يسترون به فضائحهم على حساب الدين الذي دمروا البلاد وعاثوا في الأرض الفساد باسمه! بعدما أوجدوا من يضع لهم على لسان الشريعة ما يمجّدهم ويحرّم الخروج عليهم وإن فعلوا ما فعلوا!!

٥

وما من شك في وقوف السلطة الأُموية مؤيّدة ومساندة لتلك الحثالات ، وخلق المناخات المناسبة لها وتمكينها من إشاعة ما تفتريه على أوسع نطاق ، سواء كان ذلك على مستوى وضع الحديث ، أو تشويه حقائق التاريخ ، وصياغتها بالشكل الذي تريد.

ومن هنا أصبحت القراءة الحرفية لكتب التاريخ لا تسعف صاحبها في معرفة حقيقة الكثير من الرجال الذين صنعوا لأنفسهم تاريخاً ، بخلاف القراءة الواعية للتحوّلات السياسية والفكرية التي لازمت حياة بناة التاريخ وصانعيه ، وكيف كان تأثيرها على المجتمع في ذلك الحين.

إنّ التعامل مع كل وضع بما يناسب حجمه في إطار موضوعي ، وربط كل حادث بسببه ، وكل معلول بعلّته كما يقتضيه قانون العلّية العامة ، سيؤدّي بالنتيجة إلى فهم الكثير من الحقائق التاريخية المغطّاة بأوهام وخرافات كتب التاريخ ، وتلك هي القراءة الواعية التي لمسناها في هذا الكتاب.

حاول المؤلّف المحترم أن يحلّل أحداث التاريخ تحليلاً علمياً ، ليبيّن من خلالها دسائس السلطة في النيل من الحركات السياسية المناوئة لها وذلك من خلال قنواتها الإعلامية المسخّرة لخدمتها ، واضعاً بذلك شخصية هذا الثائر الكبير (المختار الثقفيرحمه‌الله ) في الموضع الذي يستحقّه ، بعبارة مختصرة واضحة مدعومة بالتوثيق.

آملين أن يحقّق بعض ما نصبو إليه من الثقافة التاريخية المطلوبة على أكثر من صعيد.

واللّه الهادي إلى سواء السبيل.

مركز الرسالة

٦

المقدّمة

منذ سنوات صباي الأولى ، كنت امتلأت حبّا لذلك الرجل الذي جاد به عدل السماء ليقتصّ من تلك الحثالة الشيطانية التي ارتكبت واحدة من أكبر وأعظم الجرائم في التاريخ البشري عموما ، وفي التاريخ العربي الإسلامي بوجه خاص. يوم العاشر من محرم عام ٦١ هـ (٦٨٠ م) ، بعد محاكمة ميدانية شهدها جمع كبير من أهل الكوفة ، تلك الحثالة التي تيبّست ضمائرها ، وأحاسيسها ، ومشاعرها الإنسانية ، إذ لم تكتفِ بقطع الرؤوس الملائكية ، وإنّما أمعنت وتمادت في جريمتها. إذ عمدت إلى التمثيل بالأجساد الطاهرة ورضِّها بحوافر الخيل ، ومن ثم سلبت كل مالها وما عليها حتى أرديتها نزعتها عنها ، لتقوم بعدئذٍ بنهب ما كان لأهلها ، وأحرقت الخيام التي كانت تأوي إليها النساء والأطفال وروّعتهم ، ثم مكثت تنظر إليهم بتشفٍّ لا يمكن للمرء أن يتصوره ، وإن استذكره لا يملك إلاّ أن يصبَّ لعناته وبلا توقف على أولئك المتوحشين ، وعلى من كان من ورائهم من سليلي الشيطان الأموي الجاهلي ، الذي أورث أبناءه وأحفاده كل آسن وعفونة الشرِّ وسواده.

أجل ، منذ تلك السنين ، وأنا أكنُّ لذلك الرجل قدرا عظيما من الحبّ كان يتصاعد في عنفوانه كلما تراءى للمخيلة هول المأساة ، وعظم الجريمة التي سفك مرتكبوها دماءا كانت تتدفّق إيمانا ويقينا بالولاء للّه الحق الواحد الأحد.

تلك الدماء التي شاء اللّه سبحانه ، أن يجعلها من بعد دفقا نورانيا يهتدي به الناس على مرِّ الأجيال.

٧

ولم يمضِ زمان طويل على تلك الجريمة ، إلاّ وقد جاء يوم الحساب الدنيوي الذي أنزل فيه المختار الثقفي العقاب العادل بأولئك المجرمين ، أو عجّل في سوقهم إلى الجحيم.

وكنت عبر السنين أتخيل ذلك القاضي ، والمنفِّذ لعدالة السماء كيفما شاء لي الخيال. وكان بوسعي أيضا أن أستشعر عظمة الضمير عند الذين شاركوه وجاهدوا معه في إنزال القصاص.

ومن المؤكَّد أنني كنت أراه عملاقا متطاولاً ، لا يقارعه أحدٌ في قوته.

عاش فيّ ، وعاش معي الحب أعواما حتى آتاني اللّه ملكة الكتابة عن الرمز ، ومكّنني أعبّر عن تقديري لما أدّاه من عمل عظيم يستحق بجدارة أن يبحث بأكثر من كتاب.

ومن هنا جاء هذا البحث الذي يعلم اللّه كم بذلت لأجله من جهد صادق ، حتى خرج إلى النور على ما هو عليه بين يدي القارئ الكريم.

إن كتب التاريخ والسير لم تعطِ هذا الرجل حقه من الذكر ، إذ لم أجد من خلال تتبّعي لسيرته إلاّ القليل. فحاولت أن أخرج بشيء أضيفه إلى المكتبة الإسلامية التي افتقرت إلى مثله ، حيث لم أعثر رغم بحثي على أي مرجع يتناول حياة وسيرة ذلك الرجل الذي أعاد البسمة للعيون والشفاه بعد غياب طويل ، باستثناء كتاب واحد بعنوان «المختار الثقفي مرآة العصر الأموي» ، لمؤلفه الدكتور علي حسين الخربوطلي ، وهكذا أراني الآن أشعر بالسعادة والرضى ، وأنا أضع بين يدي القرّاء ، سيرة المختار وهو يخطو خلال خضم الأحداث منذ مولده حتى استشهادهرحمه‌الله وأرضاه.

وكم أتمنى أن أكون قد وفّقت في ذلك ولو قليلاً ، عسى أن أحظى بهذا القليل رضاء اللّه عزّوجلّ وشفاعة نبيه الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته الطاهرينعليهم‌السلام .

٨

اسمه ونسبه ولقبه

اسمه ونسبه :

هو المختار بن أبي عبيد بن مسعود بن عمرو بن عمير بن عوف من قبيلة ثقيف ، وأُمّه دومة بنت عمرو بن وهب بن منبه من قبيلة ثقيف أيضا (١).

وثقيف هو جدّهم الأعلى الذي تفرّعت منه هذه السلالة ويحدّثنا (ياقوت الحموي) في هذا الصدد أن ثقيفا اسمه قسيّ بن منبه وقد جاء بـ (قضبان) فغرسها في واد يُقال له (وج) وقد عرف بعد ذلك بالطائف (٢) فأنبتت فسُمِّي (ثقيفا) ، وقد بقي (ثقيف) في هذا الوادي حتى كثُر وُلدُه وصاروا أُسرة كبيرة فحصّنوا الطائف وبنوا عليها طوقا ، وكان أن نشبت الحرب بينهم وبين أخوالهم بني عامر حتى انتصروا عليهم ، وكان ثقيفٌ قد تزوّج بابنتي عامر الواحدة بعد الأخرى ـ وأخيرا امتنعوا عن أداء الحق لبني عامر فضُرب المثل باستقلالهم قال أبو طالبرضي‌الله‌عنه :

منعنا أرضنا عن كل حي

كما امتنعت بطائفها ثقيفُ

أتاهم معشر كي يسلبوهم

فحالت دون ذلكمُ السيوفُ

وكان جدّه مسعود بن عمرو من أكبر رجالات ثقيف وأشهرها قبل

__________________

(١) أسد الغابة / ابن الأثير ٥ : ١٢٧ / ٤٧٨٤.

(٢) معجم البلدان ٦ : ٢٤٢ (الطائف).

٩

الإسلام ، وإلى هذا تشير الآية الشريفة في حكاية قول رأس المشركين الوليد ابن المغيرة :

( لَوْلاَ نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) (١) ، والقريتان : مكة والطائف ، والرجلان هما : مسعود بن عمرو ، والآخر الوليد بن المغيرة بن عمر ابن مخزوم ، وهو القائل : لو كان ما يقول محمد حقا لنزل عليّ القرآن أو على مسعود بن عمرو (٢).

ولادته ، ولقبه ، وقرابته :

فتح المختار عينيه على الدنيا في الطائف خلال أولى سنوات الهجرة ـ سنة ٦٢٢ م ـ على أرجح الروايات لأنّه كان مع جيش أبي عبيد والده في العراق لقتال الفرس في السنة الثالثة عشر للهجرة (٣) وعمره آنذاك ثلاثة عشر عاما.

وكان وراء ميلاده هذا حكاية ، مفادها أن أباه لما أراد أن يتزوّج ، ذكروا له كثيرا من نساء قومه إلاّ أنه لم يختر أيّا منهن ، حتى أتاه آتٍ في المنام فقال :

تزوّج دومة الحسناء الحومة ، فما تسمع فيها للائمٍ لومة.

فأخبر أهله ، فقالوا : قد أمرت ، فتزوّج دومة بنت وهب بن عمر بن معتب.

__________________

(١) سورة الزخرف : ٤٣ / ٣١.

(٢) يقول ابن حجر في الإصابة ٣ : ٤١٢ ، عن ابن حاتم وابن مردويه عن طريق ابن عباسرضي‌الله‌عنه ؛ بأنّها نزلت في رجل من ثقيف ورجل من قريش والثقفي هو (مسعود بن عمرو).

وفي المعارف لابن قتيبة : ١٧٥ ، كان جده مسعود هو المراد من قوله تعالى :( لَوْلاَ نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) .

(٣) بحار الأنوار ٤٥ : ٣٥٠.

١٠

فلما حملت بالمختار قالت : رأيت في المنام قائلاً يقول :

أبشري بالولد

أشبه شيء بالأسد

إذا الرجال في كبد

تقاتلوا على بلد

كان لـه الحـظ الأشـد (١)

ومن خلال الحكاية المتقدمة يمكننا استنتاج أُمور ثلاثة هي :

١ ـ أن والده قد تريّث كثيرا حتى اختار شريكة عمره.

٢ ـ أنّه جاء ثمرة رؤيا ، وهذا يعني أن شيئا من الروحانية كان يحتوي المختار في دنيا الغيب.

٣ ـ إذا الوليد (المختار) ، سيكون له شأن غير عادي ولو قدر لوالدته ، أن تعيش حتى أوانه لرأت إذن كيف أنزل القصاص العادل في أعداء اللّه تعالى من قتلة الحسين وأهله وصحبهعليهم‌السلام .

لقب المختار بـ (كيسان) ، لا نسبة إلى الكيسانية القائلين بإمامة محمد بن الحنفية كما توهّمه العامة وتبعهم بعض أصحابنا! لأنّ الثابت في نشأة الكيسانية انّها كانت بعد وفاة محمد بن الحنفية لا في حياته ، والمختار رضي اللّه تعالى عنه استُشهد في حياة محمد بن الحنفية بالاتفاق.

وإنّما السبب في لقبه المذكور هو ما رواه الكشي في رجاله بسنده عن الأصبغ بن نباتة قال : «رأيت المختار على فخذ الإمام عليعليه‌السلام ، وهو يمسح رأسه ، ويقول :يا كيس يا كيس » (٢).

فثني هذا اللفظ تبرّكا فقيل «كيسان» وهو ما نبّه عليه السيد الخوئي في

__________________

(١) بحار الأنوار ٤٥ : ٣٥٠.

(٢) رجال الكشي : ١٢٧ / ٢٠١.

١١

معجمه (١).

ولم يكن للمختار سوى عمّين ، هما : عروة بن مسعود ، وسعد بن مسعود.

وليس له إخوة ، وله أُخت واحدة اسمها (صفية) ، وهي زوج عبد اللّه بن عمر بن الخطاب ، أدركت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وروى عنها نافع مولى ابن عمر وروت صفية عن عائشة وحفصة ، وكانت هذه المرأة أثيرة عند زوجها يحبّها حبّا شديدا وينزلها من نفسه المنزلة السامية ، وقد استطاعت بهذه العاطفة أن تجتذب زوجها وتحرّضه ليفكّ أخاها من سجن عبيد اللّه بن زياد ويتوسّط في إطلاق سراحه ، وعبد اللّه بن عمر كانت له الحظوة عند الأُمراء والولاة ، لأنّه بايع معاوية ويزيد وسائر الحكّام.

أما زوجات المختار فهي :

١ ـ عمرة بنت النعمان بن بشير الأنصاري والي يزيد بن معاوية على الكوفة ، وكانت هذه الزوجة على جانب عظيم من الحبّ والموالاة لزوجها ، وعلى جانب عظيم من العقيدة والولاء لآل البيتعليهم‌السلام على خلاف أبيها النعمان الذي كان صنيعة من صنائع الأمويين ، عرض عليها مصعب بن الزبير حين قتل زوجها وسبعة آلاف من أهل القبلة على حدّ قول ابن عمر حين عاب عليه ذلك ، فآثرت القتل على شدّة عاطفة المرأة أمام الأمر الواقع ، وهي تقول : «شهادة أرزقها ثم أتركها»! كلاّ إنّها موتة ثم الجنّة ، والقدوم على اللّه وأهل بيته ـ ثم قالت ـ ، واللّه لا يكون آتي مع ابن هند فأتبعه وأترك ابن أبي طالب وشيعته. اللّهمّ اشهد اني متّبعة نبيك وابن بنته وأهل بيته وشيعته. فأمر مصعب

__________________

(١) معجم رجال الحديث ١٨ : ١٠٢ / ١٢١٥٦ في آخر ترجمة المختار بن عبيد الثقفي.

١٢

فأخرجت إلى ضواحي الكوفة وقُتلت صبرا (١).

٢ ـ أُم ثابت بنت سمرة بن جندب الفزاري ، نائب زياد بن أبيه في البصرة في عهد معاوية بن أبي سفيان (٢).

وهذه عرضت على البراءة فآثرت الحياة ولعنت زوجها وتبرأت منه وقالت : «لو دعوتني إلى الكفر (مع السيف) لأقررت ، أشهد أن المختار كافر» (٣).

وليس بخاف كلمة (مع السيف) في هذا المقام من أنها لم تكن لتعتقد بكفر زوجها في هذه الشهادة وإنّما ابقاء على حياتها.

٣ ـ أُم زيد الصغرى بنت سعد بن عمر بن نفيل (٤).

وللمختار أربعة إخوة من أم واحدة وهم :

(جبر وأبو جبر وأبو الحكم وأبو أمية) (٥) ، وله ولدان وهما إسحاق وكنّى به وجبرائيل.

وأمّا عمّه سعد ، فهو من أصحاب رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن خواص الإمام عليعليه‌السلام فيما بعد (٦).

__________________

(١) تاريخ الطبري ٦ : ١١٢ (سنة ٦٧) ، الأخبار الطوال : ٤٥١ ، مروج الذهب ٣ : ٧٣.

(٢) الكامل في التاريخ ٣ : ٣٠٧.

(٣) تاريخ الطبري ٦ : ١١٢ (سنة ٦٧) ، الأخبار الطوال : ٤٥١.

(٤) يراجع : المحبر / محمد بن حبيب الهاشمي : ٧٠.

(٥) البحار ٤٥ : ٣٥٠.

(٦) أعيان الشيعة / الأمين ١١ : ١٩٤ / ٧٢٠٩.

١٣

نشأة المختار

ابتدأت المرحلة الأولى من حياة المختار بنشأته في بيت مسلم بكنف أبيه الذي عرف بشجاعته ودوره المتميز في حروب المسلمين مع الفرس.

ومن أبرز ما أداه في حياته ، قيامه بقيادة جيش المسلمين أثناء معركة الجسر (١) بتكليف من عمر بن الخطاب ومن ذلك نستنتج ونحن مطمئنون أنّه كان ذا دراية بفنون القتال وعلى قدر عالٍ من الشجاعة ، لأنّ المراكز القيادية ما كانت تولّى إلاّ لمثل هذا النمط من الرجال.

وقد قدّر لوالده أن يُقْتَل في تلك المعركة وكان المختار حينها معه وهو ابن ثلاثة عشر عاما ، وبعد رحيل أبيه إلى دار الآخرة ، تكفّله عمه سعد بن مسعود ، وهو من أصحاب رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن أولياء الإمام عليعليه‌السلام .

ويبدو أن هناك علاقة ما كانت تربط بين الإمام عليعليه‌السلام ، وبين والده وعمه ، وهذا يفسر لنا ما ورد عن الأصبغ بن نباتة ـ كما تقدم ـ أنّه قال : «رأيت المختار على فخذ الإمام عليعليه‌السلام ، وهو يمسح رأسه ، ويقول : يا كيس ، يا كيس» (٢).

__________________

(١) معركة الجسر هي من المعارك الفاصلة بين جيش المسلمين وجيش الفرس وكان أبو عبيد بن مسعود الثقفي أحد قادة المسلمين فيها.

(٢) البحار ٤٥ : ٣٥١.

١٤

أن هذا يعني ولا شك أن المختار قد نشأ في أوائل طفولته وصباه على مقربة من بيت النبوة ببركات أمير المؤمنينعليه‌السلام .

ومن المعروف أن سني الطفولة ، والصبا هي من أهم ما ترتكز عليه شخصية الفرد ، وتنمي سلوكه الذي يتبلور متناسبا مع نمو وعيه وإدراكه لما يحيط به من أحداث ، الأمر الذي تيسر لنا سبب حبّه لأهل البيتعليهم‌السلام واتصاله بهم وإنتقامه من أعدائهم. وفي رسالة ابن نما الحلي لم يبرح المختار ما كان عليه منذ العهد العلوي من الانقطاع إلى آل البيت والتزلّف إليهم ولما ولّى معاوية على الكوفة المغيرة بن شعبة غادر المختار العراق حتى أتى إلى مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان يجالس فيها محمد بن الحنفية ويأخذ عنه الحديث.

لقد وجد المختار من أُستاذه محمد بن الحنفيةرضي‌الله‌عنه ما دفع به قدما في مجال الحياة الفكرية ، ثم توثّقت أواصر الصلة والودّ بينهما حتى ارتفعت تلك الفروقات التي تكون ـ غالبا ـ بين الأُستاذ والتلميذ.

ثم يذهب هذا التلميذ متأثّرا بأُستاذه ومترسما خطاه ولا سيما في أخذ الحديث عنه ، ومحمد هذا أقل ما يقال عن فضله وعلو كعبه وعمق مادته.

محمد بن هارون قال : « كان محمد بن الحنفية أحد الأبطال في صدر الإسلام وكان ورعا واسع العلم » (١).

ولعلّ هذه الصلة الوثيقة بين المختار ومحمد تفسر لنا اتهامه بـ (الكيسانية) من لدن خصومه وأصدقائه على السواء.

وبعد تلك السنوات غادر المختار المدينة متوجّها إلى العراق ، حين عُيِّن

__________________

(١) تعليقه على وقعة صفين / نصر بن مزاحم : ٢٢١.

١٥

عمّه سعد واليا على المدائن ، وهو لهذا كان قد تعلم شيئا من أساليب الإدارة والحكم ، وعاش على مقربة من مركز القيادة المركزية للدولة الإسلامية ، وواكب أحداثها حتى عودة الزعامة للإمام عليعليه‌السلام ، فكان أن انضمّ إلى جنده وأصحابه ، وهو في عنفوان شبابه ، ومن المؤكد أنه شارك في معارك الإمام جميعها ، أو قسما منها على أقل تقدير. ولقد كان لسنوات الصحبة تلك أثر في نفسه دونما شك وهو يستذكر بفخر ذكريات طفولته ، ولعبه على فخذ الإمام عليعليه‌السلام ، ثم يستحضر في مخيلته ما كان يبعثه لقب «كيسان» في نفسه بملاحظة سببه ، فيرى فيه بشارة المجد واعتلاء منصة العدل على رقاب قتلة ذرية الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا شك أنّه وصلت إلى أسماعه كلمات الإمام الحسينعليه‌السلام في ساعاته الأخيرة : « اللّهمّ احبس عنهم قطر السماء ، وابعث عليهم سنين كسني يوسف ، وسلِّط عليهم غلام ثقيف ، يسقهم كأسا مصبّرة ، ولا يدع فيهم أحدا ألاّ قتلة بقتلة وضربة بضربة ، ينتقم لي ولأوليائي وأهل بيتي وأشياعي ، منهم وإليك أنبنا وإليك المصير » (١).

ولا شكّ بأنّه كان يعلم بأنّه هو المقصود بغلام ثقيف ، وإلاّ فقد أخبره ميثم التمّار (٢) وهما في سجون عبيد اللّه بن زياد قائلاً : « أنت تخرج ثائرا بدم الحسين بن علي ، فتقتل عبيد اللّه بن زياد ، وتطأ بقدميك على وجنته » (٣).

__________________

(١) البحار ٤٥ : ١٠.

(٢) ميثم : هو ميثم التمّار بن يحيى الأسدي ، كان عبدا لامرأة من بني أسد ، اشتراه الإمام عليعليه‌السلام وأعتقه. سكن الكوفة ، وصلبه عبيد اللّه بن زياد على جذع نخلة ، وكان ذلك قبل مقدم الحسينعليه‌السلام إلى العراق ، بعشرة أيام.

(٣) البحار ٤٥ : ٣٥٣.

١٦

وثمة سؤال قد يخطر ببال القارئ الكريم ، عن سبب وجود ميثم التمّار في سجون ابن زياد؟!

نقول : إن السياسة الإرهابية التي اتبعها عبيد اللّه بن زياد وما ارتكبه من قتل ، وتعذيب ، هي التي أوجدت ميثم في سجون عبيد اللّه (لعنه اللّه) ، فقد ذكرت كتب التاريخ والسير ، أن عبيد اللّه بن زياد عندما قدم الكوفة قام بسجن اثني عشر ألفا من محبّي آل محمدعليهم‌السلام ، حتى أنه لم يترك واحدا من زعمائهم طليقا.

إذن فقد عايش المختار أحداث التحولات التاريخية بكل ما اعتراها من اضطراب ، وتحمل شيئا من وطأتها ، وثقلها وآلامها.

شهد مصرع الإمام العظيم عليعليه‌السلام ، وخذلان الأُمّة إمام زمانها السبط الحسنعليه‌السلام ، وما تلاه من معان الزعامة التي هي في حد ذاتها تكليف وواجب شرعي ـ كما كان يراه المختار ، وسواه من شيعة الإسلام ـ إلى ملك دنيوي أو من لبس تاجه ـ معاوية (١) ـ ، معتمدا في ذلك على المكر والجريمة.

__________________

(١) معاوية بن أبي سفيان : من العجب أن يتورط بعض المؤرخين فيحكمون بصدق أيمان معاوية ، ويستدلون على ذلك بأنه كان يؤدي الفرائض ، ويتبرك بآثار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتى بأظافره ، ونسي هؤلاء أنه هو ، وأبوه وأمه ، قد أسلموا كرها ، وأن قلوبهم قد ظلت على جاهليتها! وفاتهم أنه كان يخاصم رجلاً لا يمكن أن يساويه في العلم ، ولا في الفضل ، ولا في القدر ، وإذن كان لابد له ـ وهو الداهية الخداع ـ لكي يستقيم أمره ، ويستقر ملكه أن يتذرع بكل وسيله يستطيعها خفية كانت أو مفضوحة ليخدع بها العامة ويحول أنظارهم إليه ، ومن أول هذه الوسائل أن يتظاهر بموالاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويبالغ في محبته لعله يبلغ بذلك مكانة يزاحم بها

١٧

وبعد اغتيال معاوية للإمام الحسنعليه‌السلام ، انطفأت آخر شمعة في ليل الأمل الساكن بديار شيعة آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في الكوفة وسواها من أرض المسلمين.

وما كان لأهل بيت النبوة سوى العودة إلى ديارهم في المدينة في حين مكث المختار في الكوفة ، وهو ثابت الولاء ـ بحكم نشأته ـ لورثة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

أما ما ورد من روايات أريد بها إثارة الغبار على موقفه ، والتشكك في سلامته ، واستقامته ، ومنه ما جاء من كونه كان قد أشار على عمه (سعد بن مسعود) ، الذي كان يومها واليا على المدائن بأن يتخلّى عن الإمام الحسنعليه‌السلام ، وأن يسلِّمه إلى معاوية ، فأمره مردود للأسباب التالية :

١ ـ أن المختار كان يعرفه الإمام عليعليه‌السلام بل يحبّه ، بدليل أنهعليه‌السلام كان يمسح رأسه ، ويداعبه قائلاً : «يا كيس ، يا كيس».

ويعلِّق المقرم الموسوي على ذلك قائلاً : أن هذه الكلمة دليل على ما

__________________

الإمام علياعليه‌السلام ولكن أنّى له ذلك وعلي في السماء منه وإنّه كان أقرب الناس وأحبهم إلى قلب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتى جعله كهارون من موسى! ومن كان مواليا للنبي حقا فعليه أن يوالي عليا ، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «من كنت مولاه فعلي مولاه» ، على أن الايمان ومقره القلب ولا يعلمه إلاّ اللّه ليس أمره سهلاً جاء به أمرا ونهيا ليس في ترخص ، ولا انحراف ، ومثل معاوية بما اقترفه في حكمه من الموبقات لا يصح في عقل عاقل ، أن يعده من المؤمنين الصادقين.

وروى أبو الفدا عن الشافعي ، أنه اسر إلي الربيع ، أن لا تقبل شهادة أربعة من الصحابة وهم ، معاوية ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة وزياد بن أبيه. وللمزيد راجع كتاب شيخ المضيرة ، أبو هريرة لمؤلفه محمود أبو رية : ١٦٦ ، لمعرفة الكثير الكثير عما ارتكبه معاوية ضد الإسلام والمسلمين من جرائم تقشعر لها الأبدان ولا يحصى عددها إلاّ اللّه.

١٨

يظهر على يد المختار من مظاهر السداد ، وأن هذه الكلمة الصادرة من أمير المؤمنينعليه‌السلام ، من مخبآت المستقبل ، وأنها ألمحت إلى الحوادث التي يقوم بها ، وكان المختار يحسب لهذه البشارة حسابا ، ويحدث نفسه.

٢ ـ لا يمكن للمختار ، أن يعرض مثل ذلك على عمه سعد بن مسعود ، لولاء عمّه لأمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، وبقاء ولائه لسيد شباب أهل الجنّة الحسن ابن عليعليهما‌السلام ، فلا يمكن أن ينقلب هذا الولاء والمحبة الأكيدة إلى عداوة قاسية بين عشية وضحاها ، دون أن يرى من الإمام الحسنعليه‌السلام ـ وحاشاه من ذلك ـ شرا ، أو وعيدا أو تهديدا.

٣ ـ إن المختار شيعي العقيدة ، فقد كان يعطف على العلويين ، ويميل إليهم وإلى محبّتهم ، بدليل أنه رفض طلب زياد بن أبيه ، حين أراد منه أن يوقع الشكوى ضد حجر بن عدي ، شيخ الشيعة في العراق ، حتى يتخذ من هذه العريضة ذريعة لأقدامه على قتل حجر ، كما أن المختار جعل داره مقرا لسفير الإمام الحسينعليه‌السلام ، مسلم بن عقيلعليه‌السلام .

٤ ـ أن المختار ظلّ مواليا ، بل أنه ضحّى بدمه من أجل آل محمد (عليهم الصلاة والسلام) فكيف يصدر منه مثل ذلك الفعل المشين. وقد لاحظنا من خلال متابعتنا لما ذكر عن سيرة المختار ، أن هناك الكثير من الروايات التي تشكِّك في سلامة عقيدته ، واستقامته في كل ما كان يصدر عنه من فعل ، وقول ، وواضح أن أكثر كتبة التاريخ ورواته قد حرصوا على تشويه الصورة الرائعة ، لمريدي ومحبي أهل البيتعليهم‌السلام ، من الصحابة والتابعين ، بسبب ولائهم لبني ـ أمية ـ وغيرهم من أعداء الإسلام ، وكراهيتهم لأهل البيت على وجه الخصوص.

١٩

وأن تلك الرواية تنتمي إلى جنس ما وضعه أهل الأقلام المأجورة ، الذين دأبوا على النيل من رموز الشيعة وقادتها استجابة للسواد المقيم في نفوسهم المريضة الحاقدة والممتلأة غيظا على الذين انتصروا للرسالة المحمدية ممثلة بأهل بيته الأطهارعليهم‌السلام .

وثمة روايات أخرى مماثلة للرواية التي تقدم ذكرها ، سنفرد لتناولها مكانا خاصا ، نقف فيه على قيمتها وحقيقتها.

وزيادة على ما تقدم ، فإنّ المختار كان على قدر كبير من الفضل في الدين والورع ، ويكفي ولاؤه لأهل البيتعليهم‌السلام ، دليلاً على سلامة دينه.

كما كان ذا منزلة وفضل توارثه عن أبيه وعمه ، ثم زاد فيه بما أوتي هو شخصيا من خلق ، مع علوِّ الهمّة ، وطموحه في القضاء على دولة الباطل والإطاحة بكل رموزها ، ومحاولة إعادة الحق المغتصب إلى أهله ، ولو كلّفه ذلك حياته.

ومن ذلك الولاء صعد نداء ثورته على الظالمين ، ورفضه للواقع الأموي ممثلاً بيزيد بن معاوية ثاني ملوك الشجرة الملعونة في القرآن الكريم.

ومن هنا نجد ، أن مسلم بن عقيل (١) ، رسول الحسينعليه‌السلام حين وصل

__________________

(١) أرسل الإمام الحسينعليه‌السلام ، ابن عمه مسلم بن عقيل الذي كان من الأبطال والعلماء وأصحاب الرأي إلى الكوفة ليأخذ البيعة من الناس للإمامعليه‌السلام وتمكن مسلم أن يأخذ من أهل الكوفة (١٨٠٠٠) بيعة للإمام الحسينعليه‌السلام وكتب له رسالة يدعوه للتحرك نحو الكوفة. ومع دخول عبيد اللّه بن زياد إلى الكوفة وتعيينه من قبل يزيد حاكما لها تفرّق الناس عن مسلم وتركوه وحيدا واستغل

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

ورجل آخر من البلاط هو يزداد النصراني تلميذ بختيشوع طبيب البلاط، أسلم عند موته حينما شاهد احدى معاجز الامام عليه‌السلام ، روى ذلك الطبري بالاسناد عن أبي الحسين محمد بن إسماعيل بن أحمد الفهقلي الكاتب بسر من رأى، عن أبيه قال: لما اعتل يزداد بعث إلي فحضرت عنده، فقال: إن قلبي قد ابيض بعد سواده، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن علي ابن محمد حجة الله على خلقه وناموسه الأعلم، ثم مات في مرضه ذلك (1) .

وأبو عبد الله الجنيدي الذي عهد إليه عمر بن الفرج الرخجي أن يعلم الامام عليه‌السلام بأمر المعتصم، وكان معروفاً بعداء أهل البيت عليهم‌السلام ، وقد ذهل من حدّة ذكاء الامام عليه‌السلام وغزارة علمه، الأمر الذي جعله ينزع نفسه عن النصب والعداء لأهل البيت عليهم‌السلام ، ويدين بالولاء لهم ويعتقد بالامامة ويهتدي إلى سواء السبيل (2) .

ورجل آخر من ديار ربيعة، وكان نصرانياً، من أهل كفرتوثا، يسمى يوسف بن يعقوب، أسلم ابنه ببركة الامام الهادي عليه‌السلام وحسن اسلامه بعد أن لاحظ بعض دلائل الامام عليه‌السلام (3) .

وكان الامام عليه‌السلام سبباً في هداية أحد القياصرة الذي أعجب بتفوقه

__________________

(1) دلائل الإمامة / الطبري: 419 / 382 - مؤسسة البعثة - قم - 1413 هـ، نوادر المعجزات / الطبري: 188 / 7 - مؤسسة الإمام المهدي عليه‌السلام - قم - 1410 هـ، فرج المهموم: 233.

(2) إثبات الوصية / المسعودي: 222.

(3) الخرائج والجرائح 1: 396 / 3.

١٢١

العلمي، كما جاء عن ابن أمير الحاج في شرح شافية أبي فراس، قال: ومما نقل أن قيصراً ملك الروم كتب إلى خليفة من خلفاء بني العباس كتاباً يذكر فيه: إنا وجدنا في الانجيل أنه من قرأ سورة خالية من سبعة أحرف حرم الله تعالى جسده على النار، وهي: الثاء والجيم والخاء والزاي والشين والظاء والفاء، فإنا طلبنا هذه السورة في التوراة فلم نجدها، وطلبناها في الزبور فلم نجدها، فهل تجدونها في كتبكم؟

فجمع العلماء وسألهم في ذلك، فلم يجب منهم أحد عن ذلك إلا النقي علي ابن محمد بن الرضا عليهم‌السلام ، فقال: « إنها سورة الحمد، فإنها خالية من هذه السبعة أحرف ».... فلما وصل الجواب إلى قيصر وقرأه فرح بذلك فرحاً شديداً وأسلم لوقته ومات على الاسلام (1) .

هذه هي بعض آثار الإمام الهادي عليه‌السلام في مخالفيه ومناوئيه، فعلينا أن ننفتح عليها لنزداد هديا من هديه، وعلما من علمه، ووعيا ممّا يعطينا من عناصر الوعي.

* * *

__________________

(1) شرح شافية أبي فراس / ابن أمير الحاج: 563 - مؤسسة الطباعة والنشرـ وزارة الثقافة والارشاد - ايران.

١٢٢

الفصل الثّالث

الهوية الشخصية للإمام الهادي عليه السلام

نسبه الشريف:

هو أبو الحسن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق بن محمد باقر العلم بن علي زين العابدين بن الحسين السبط الشهيد بن علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين صلوات اللّه عليهم أجمعين.

ألقابه:

أشهر ألقاب الإمام أبي الحسن عليه‌السلام هو النقي والهادي، وقيل: بل أشهرها المتوكل، لكنه عليه‌السلام كان يخفي ذلك ويأمر أصحابه أن يعرضوا عن هذا اللقب، لكونه يومئذ لقباً لجعفر المتوكل بن المعتصم العباسي.

وعرف عليه‌السلام بالعسكري، وكذلك ابنه الحسن عليه‌السلام الامام بعده، نسبة إلى محلة العسكر التي كان يسكنها عليه‌السلام في سامراء، وهو عسكر المعتصم الذي بناه لجيشه (1) .

قال الشيخ الصدوق: سمعت مشايخنا رضي اللّه عنهم يقولون: إنّ المحلّة التي

__________________

(1) راجع: الانساب / للسمعاني 4: 194، معجم البلدان - المجلد الثالث: 328، الأئمّة الاثناعشر / لابن طولون: 113.

١٢٣

يسكنها الإمامان علي بن محمد والحسن بن علي عليهما‌السلام بسرّ من رأى كانت تسمّى عسكر، فلذلك قيل لكلّ واحدٍ منهما العسكري (1) .

وقيل: هو اسم سرّ من رأى، قال الفيروزآبادي: وعسكر اسم سر من رأى، وإليه نسب العسكريان أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر، وولده الحسن، وماتا بها (2) .

وكان هو وولده العسكري وجده الجواد عليهم‌السلام يعرف كلّ منهم في زمانه بابن الرضا (3) .

وهناك ألقاب اُخرى تطلق على الإمام الهادي عليه‌السلام وفي كلّ منها دلالة على كمال من كمالاته أو مظهر من مظاهر شخصيته، منها: المرتضى، والعالم، والدليل، والموضح، والرشيد، والشهيد، والوفي، والنجيب، والمتقي، والخالص، والناصح، والفتاح، والفقيه، والأمين، والطيب (4) .

قال الشاعر:

هو النقي لم يزل نقيا

وكان عند ربه مرضيا

وسره بكل معناه نقي

فإنه سر الوجود المطلق

__________________

(1) علل الشرائع / الشيخ الصدوق 1: 230 - باب 176، معاني الأخبار / الشيخ الصدوق: 65 / 17 باب معاني أسماء محمد وعلي وفاطمة والأئمّة عليهم‌السلام ، بحار الأنوار 50: 113 / 1 و 235 / 1.

(2) القاموس المحيط / الفيروزآبادي - عسكر - 2: 92 - دار الجيل - بيروت.

(3) المناقب لابن شهرآشوب 4: 455، الفصول المهمة 2: 1080، إعلام الورى 2: 131.

(4) الهداية الكبرى / الخصيبي: 313، المناقب / ابن شهرآشوب 4: 401، الفصول المهمة 2: 1080، دلائل الامامة: 411، إعلام الورى 2: 109 و 131.

١٢٤

فهو نقي السر والسريره

وسر جده بحكم السيره

وكيف لا وهو ابن من تدلى

في قربه من العلي الأعلى

ما كذب الفؤاد ما رآه

مذ بلغ الشهود منتهاه

مرآته نقية من الكدر

فما طغى قط وما زاغ البصر (1)

كنيته:

اشتهر الإمام الهادي عليه‌السلام بكنية واحدة عرف بها عند المؤرخين والمحدثين، هي أبو الحسن، وقد يخصص فيقال له عليه‌السلام أبو الحسن الثالث، اذ أن المشهور بين المحدثين في التعبير عنهم بأبي الحسن ثلاثة: موسى الكاظم، وعلي الرضا، وعلي الهادي عليهم‌السلام ، وإن شاركهم بعض باقي الأئمّة عليهم‌السلام في هذه الكنية، فإذا ورد حديث عن أبي الحسن وأطلق أو خصص بالماضي فهو موسى الكاظم عليه‌السلام ، وإذا قيد بالثاني فهو علي الرضا عليه‌السلام ، وإذا قيد بالثالث فهو علي الهادي عليه‌السلام (2) .

ولادته:

ولد الامام علي الهادي عليه‌السلام في بصريا (3) من أعمال المدينة، للنصف من ذي الحجة سنة 212 هـ (4)، وعن شيخ الطائفة الطوسيفي المصباح، قال: وروي أنه

__________________

(1) الأنوار القدسية / محمد حسين الأصفهاني: 96.

(2) التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام / السيد تاج الدين العاملي: 137.

(3) وهي قرية بناها الامام موسى بن جعفر عليه‌السلام على ثلاثة أميال من المدينة. مناقب ابن شهر آشوب 4: 328.

(4) الارشاد 2: 297، أصول الكافي1: 497، كشف الغمة 3: 166.

١٢٥

ولد عليه‌السلام يوم 27 من ذي الحجة (1)، وقيل: في رجب سنة 214 في ملك المأمون (2)، واختلف في اليوم من شهر رجب فقيل: انه ولد في الثاني منه (3)، وقيل: في الثالث منه (4)، وقيل: في الخامس منه (5) .

حليته:

وصف الامام الهادي عليه‌السلام بأنه شديد السمرة، أدعج العينين، شثن الكفين، عريض الصدر، أقنى الأنف، أفلج الأسنان، حسن الوجه، طيب الريح، جسيم البدن، ولم يكن بالقصير المتردد ولا بالطويل الممغط، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس (6)، معتدل القامة (7) .

قال الشاعر:

ووجهه في مصحف الامكان

فاتحة الكتاب في القرآن

__________________

(1) في رحاب أئمة أهل البيت عليهم‌السلام / السيد محسن الأمين 4: 173.

(2) تذكرة الخواص: 362، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : 135، تاريخ بغداد 12: 57 / 6440 عن سهل بن زياد، الأنساب / السمعاني 4: 194 دون ذكر الشهر.

(3) مصباح الكفعمي: 523.

(4) دلائل الامامة: 409 برواية عن الامام الحسن العسكري عليه‌السلام .

(5) إعلام الورى 2: 131.

(6) الدعج: شدة سواد العين مع سعتها. الشثن: الغليظ الخشن. القصير المتردد: المفرط في القصر. الطويل الممغط: المفرط في الطول.

(7) راجع: المناقب / ابن شهر آشوب 4: 402، حياة الامام الهادي عليه‌السلام / جعفر شريف القرشي: 21 عن مآثر الكبراء في تاريخ سامراء 3: 20 وجوهرة الكلام في مدح السادة الأعلام: 151.

١٢٦

بل وجهه عنوان حسن الذات

ديباجة الأسماء والصفات

طلعته مطلع نور النور

ومشرق الشموس والبدور

غرته في أفق الامامه

بارقة العزة والكرامه

نور الهدى والرشد في جبينه

بحر الندى والجود في يمينه

بل هي بيضاء سماء المعرفه

بها أضاء كل اسم وصفه

كلتا يديه مبدأ الأيادي

وفيهما آية المراد

ففي اليمين قلم العنايه

وفي الشمال علم الهدايه

واليمن والأمان في يمناه

واليسر واليسار في يسراه

وعينه باصرة البصائر

ونورها النافذ في الضمائر

بل عينه في النور والشعاع

إنسان عين عالم الابداع

بل هي في الضياء والبهاء

قرة عين عالم الأسماء (1)

نقش خاتمه:

كان له عليه‌السلام خاتم نقش فصه ثلاثة أسطر: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، أستغفر الله. وروي أن نقش خاتمه عليه‌السلام : هو الله ربي وهو عصمني من خلقه.

وفي مصباح الكفعمي: أن نقش خاتمه: حفظ العهود من أخلاق المعبود. وقيل في معناه: أن حفظ الامور التي عهد الله بها إلينا من فعل أو ترك من الأخلاق التي يحبها الله (2) .

__________________

(1) الأنوار القدسية / الشيخ محمد حسين الاصفهاني: 96.

(2) دلائل الامامة 4: 411، الفصول المهمة 2: 1080، نور الأبصار: 334، مصباح الكفعمي: 325، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : 136.

١٢٧

بوابه:

بوابه عليه‌السلام : عثمان بن سعيد العمري. وعن ابن شهرآشوب: بوابه محمد بن عثمان العمري (1) .

وكلاؤه:

أهم وكلاؤه عليه‌السلام المذكورين في مصادر الرجال: إبراهيم بن عبدة النيسابوري، أيوب بن نوح بن دراج النخعي، جعفر بن سهيل الصيقل، الحسن ابن راشد، زنكان أبو سليم، علي بن جعفر الهمداني، علي بن الريان بن الصلت الأشعري.

شاعره:

شعراؤه عليه‌السلام : العوفي والديلمي ومحمد بن إسماعيل بن صالح الصيمري (2) .

عمره ومدة إمامته:

عمره يوم وافاه الأجل احدى وأربعون سنة وستة أشهر أو أربعون سنة، بحسب الاختلاف الذي مضى في ولادته عليه‌السلام ، فقد ولد في ذى الحجة سنة 212 هـ، أو رجب سنة 214 هـ، واستشهد عليه‌السلام في رجب أو جمادى الآخرة سنة 254 هـ، وعاش نحو ثمانية أعوام في ظلّ أبيه الإمام الجواد عليه‌السلام الذي استشهد سنة 220 هـ، ومدّة إمامته بعد أبيه نحو أربع وثلاثين سنة (3) .

__________________

(1) تأريخ الأئمّة / ابن أبي الثلج: 33، الفصول المهمة 2: 1080، نور الأبصار: 334، المناقب / ابن شهر آشوب 4: 403، دلائل الامامة: 411.

(2) الفصول المهمة 2: 1080، في رحاب أئمة أهل البيت عليهم‌السلام 4: 174.

(3) راجع: أصول الكافي1: 497 - باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليه‌السلام من

١٢٨

أمه:

أمه عليه‌السلام أم ولد اسمها سُمانة، ويقال لها أيضاً: سُمانة المغربية، وقيل: متفرشة المغربية، ومن أسمائها الأخرى: سوسن، وجمانة. وكنيتها: أُم الفضل. ولقبها: السيدة (1) .

وقد ورد في حقها ما يستفاد منه أنها كانت على درجة كبيرة من الفضائل والصفات الحميدة، فضلاً عن معرفة حق الامام عليه‌السلام والتسليم بامامته وغير ذلك من المزايا التي بوأتها درجات أمهات الصديقين والصالحين.

روى أبو جعفر الطبري الامامي وغيره بالاسناد عن محمد بن الفرج بن إبراهيم بن عبد الله بن جعفر، قال: دعاني أبو جعفر محمد بن علي بن موسى عليهم‌السلام ، فأعلمني أن قافلة قد قدمت وفيها نخاس معه جوارٍ، ودفع إلي سبعين ديناراً، وأمرني بابتياع جارية وصفها لي، فمضيت وعملت بما أمرني به،

__________________

كتاب الحجة، الارشاد 2: 297 و 313، تاج المواليد / الطبرسي: 134، المناقب / ابن شهرآشوب 4: 401، دلائل الإمامة: 409، كشف الغمة 3: 174 و 195، إعلام الورى 2: 131، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : 142، بحار الأنوار 50: 236 و 238.

(1) أصول الكافي1: 498 - باب مولد أبي الحسن علي بن محمّد عليهما‌السلام من كتاب الحجّة، إكمال الدين 1: 307 - باب 27 - خبر اللوح، الإرشاد 2: 297، إثبات الوصية: 220، دلائل الإمامة: 411، المناقب / ابن شهرآشوب 4: 401، كشف الغمة 3: 164، الهداية الكبرى / الخصيبي: 313، روضة الواعظين: 246، إعلام الورى 2: 131 و 109، نور الأبصار: 181، الفصول المهمة: 2: 1080، بحار الأنوار 50: 114.

١٢٩

فكانت تلك الجارية أم أبي الحسن عليه‌السلام (1) .

وعن محمد بن الفرج وعلي بن مهزيار، عن الامام الهادي عليه‌السلام ، أنه قال: « أمي عارفة بحقي، وهي من أهل الجنة، لا يقربها شيطان مارد، ولا ينالها كيد جبار عنيد، وهي مكلوءة بعين الله التي لا تنام، ولا تتخلف عن أمهات الصديقين والصالحين » (2) .

زوجته:

نقل عن بعض التواريخ أنه عليه‌السلام كانت له سرية لا غير (3) . وجاء في أغلب التواريخ أن زوجته عليه‌السلام اُمّ ولد، يقال لها سوسن، وتكنى اُمّ الحسن، وأُم أبي محمّد، وتعرف بالجدّة، أي جدّة الإمام صاحب الزمان عليه‌السلام .

ولها أسماء اُخرى، فيقال لها: حُديث، وحُديثة، وسليل، وسمانة، وشكل النوبية، وعسفان، وقيل: ان سبب تعدد أسمائها لأنه قد جرت العادة على تغيير اسم الجواري عند شرائها. غير أن أشهر أسمائها: سوسن، وحديث (4) .

__________________

(1) دلائل الإمامة: 410 / 368.

(2) دلائل الامامة: 410 / 369، إثبات الوصية: 193.

(3) مصباح الكفعمي: 523، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : 138.

(4) راجع: أصول الكافي1: 503 - باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليه‌السلام من كتاب الحجة، التهذيب / الشيخ الطوسي 6: 92 - باب 42 من كتاب المزار، الإرشاد 2: 313، إكمال الدين: 307 آخر الباب 27 خبر اللوح، إثبات الوصية: 244، دلائل الإمامة: 424، المناقب / ابن شهرآشوب 4: 455، روضة الواعظين: 251، تاريخ مواليد الأئمة عليهم‌السلام / ابن الخشاب: 199 - مطبوع ضمن مجموعة نفيسة - مكتبة السيد المرعشي - قم، الفصول المهمة 2: 1080، تذكرة

١٣٠

ورجح صاحب عيون المعجزات أن اسمها سليل حيث قال: ان اسمها على ما رواه أصحاب الحديث سليل، وقيل: حديث، والصحيح سليل، وكانت من العارفات الصالحات (1) .

ولعلّ ذلك مبني على الحديث الوارد عن المعصوم، وهو يشيد بفضلها وعفتها وصلاحها، رواه المسعودي عن العالم عليه‌السلام أنه قال: « لمّا اُدخلت سليل اُمّ أبي محمد على أبي الحسن عليه‌السلام ، قال: سليل مسلولة من الآفات والعاهات والأرجاس والأنجاس » (2) .

وبعثها ولدها الإمام العسكري عليه‌السلام إلى الديار المقدسة سنة 259 هـ، وأخبرها عما يناله سنة 60، فأظهرت الجزع وبكت، فقال عليه‌السلام : « لابد من وقوع أمر اللّه فلا تجزعي » (3) .

وفي صفر سنة 260 هـ كانت في المدينة المنورة، فجعلت تخرج إلى خارجها تتجسّس الأخبار وقد أخذها الحزن والقلق (4)، وحينما اتصل بها خبر شهادة الإمام عليه‌السلام عادت إلى سامراء، فكانت لها أقاصيص يطول شرحها مع ولدها جعفر المعروف بالكذاب لمطالبته إياها بالميراث، وسعايته بها إلى السلطان، وكشف ما أمر اللّه ستره، فضلاً عن أن بني العباس هجموا على دار الامام

__________________

الخواص: 324، كشف الغمة 3: 271، إعلام الورى 2: 131، تاج المواليد: 133، بحار الأنوار 50: 235 و 236 و 238.

(1) بحار الأنوار 50: 238 / 11.

(2) إثبات الوصية: 244.

(3) إثبات الوصية: 217.

(4) إثبات الوصية: 253، مهج الدعوات: 343، بحار الأنوار 50: 313 و 330.

١٣١

وفتّشوها وعرّضوا أهل بيته ومنهم السيدة سوسن الى أشدّ المضايقات والتنكيل (1) .

وتوفيت السيدة سوسن في سامراء وكانت قد أوصت أن تدفن في الدار إلى جنب زوجها وولدها الإمامين العسكريين عليهما‌السلام ، فنازعهم جعفر وقال: الدار داري لا تدفن فيها (2) .

روى الشيخ الصدوق بالاسناد عن محمّد بن صالح قال: لمّا ماتت الجدَّة - أم الحسن العسكري - أمرت أن تُدفن في الدار؟ فنازعهم جعفر وقال: لي الدار لا تُدفن فيها. فخرج الحجّة المنتظر عليه‌السلام فقال: « يا جعفر أدارك هي؟ » ثمّ غاب عنه ولم يره بعد ذلك (3) . ودفنت بجنب ولدها العسكري عليه‌السلام (4) .

وجاء في رواية أحمد بن عبيد اللّه بن يحيى بن خاقان: أنّ أمّ العسكري عليه‌السلام ادّعت وصيته، فقسم ميراثه بينها وبين أخيه جعفر، وثبت ذلك عند القاضي (5) .

ولده:

ذكر المؤرخون أن له أربعة اولاد، وهم: الحسن عليه‌السلام ، وهو الامام بعده، ومحمد المتوفّى في حياة أبيه عليه‌السلام ، والحسين، وجعفر المعروف بالكذاب. وقيل: إن له من الأولاد ثلاثة وهم: الحسن عليه‌السلام ، وجعفر، وإبراهيم. وله بنت واحدة

__________________

(1) إكمال الدين: 474 / 25، بحار الأنوار 50: 331 / 3.

(2) إكمال الدين: 442 / 15.

(3) إكمال الدين وإتمام النعمة / الشيخ الصدوق 2: 442 / 15.

(4) إثبات الوصية: 217.

(5) إكمال الدين وإتمام النعمة / الشيخ الصدوق 1: 43 المقدّمة.

١٣٢

مختلف في اسمها، فقيل: حكيمة، أو عائشة، أو علية، أو عالية.

وعن الطبري: له بنتان وهما: عائشة، ودلالة (1) .

وفيما يلي نترجم لسيرة بعض أولاده عليه‌السلام .

1 - السيد محمد:

وهو أبوجعفر محمد بن الإمام أبي الحسن الهادي، المتوفى نحو سنة 252 هـ (2)، وكان من سادات أهل البيت عليهم‌السلام ، جليل القدر، عظيم المنزلة، قال السيد محسن الأمين: جليل القدر، عظيم الشأن، كانت الشيعة تظنّ أنه الإمام بعد أبيه عليه‌السلام ، فلمّا توفي نصّ أبوه على أخيه أبي محمد الحسن الزكي عليه‌السلام ، وكان أبوه خلّفه بالمدينة طفلاً لما اُتي به إلى العراق، ثم قدم عليه في سامراء، ثمّ أراد الرجوع إلى الحجاز، فلمّا بلغ القرية التي يقال لها (بلد) على تسعة فراسخ من سامراء، مرض وتوفّي ودفن قريبا منها، ومشهده هناك معروف مزور، ولمّا توفي شقّ أخوه أبو محمد عليه‌السلام ثوبه، وقال في جواب من لامه على ذلك: « قد شق موسى على أخيه هارون ». وسعى المحدث العلامة الشيخ ميرزا حسين النوري

__________________

(1) راجع: الارشاد 2: 312، المناقب لابن شهرآشوب 4: 433، دلائل الإمامة: 412، اعلام الورى 2: 127، الفصول المهمة 2: 1076، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : 138.

(2) ورد في حديث أن عمر الإمام العسكري عليه‌السلام يوم وفاة أخيه السيد محمد نحو عشرين سنة، وبما أن الامام العسكري عليه‌السلام ولد سنة 232، فتكون وفاة السيد محمد نحو سنة 252 هـ. راجع: اصول الكافي 1: 327 / 8 - باب الاشارة والنص على أبي محمد عليه‌السلام من كتاب الحجة.

١٣٣