الصحيفة الصادقية

الصحيفة الصادقية20%

الصحيفة الصادقية مؤلف:
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 294

الصحيفة الصادقية
  • البداية
  • السابق
  • 294 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 173181 / تحميل: 8675
الحجم الحجم الحجم
الصحيفة الصادقية

الصحيفة الصادقية

مؤلف:
العربية

الصحيفة الصادقية

المؤلف: باقر شريف القرشي

١

٢

بْسم الله الرَّحْمنِ الَّرحِيمِ

«وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادي عَنَيِّ فَاِّني قَريبٌ أُجيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذا دَعَانِ »(١) أمَّن يجيبُ المضطَّر إذا دَعَاهُ وَيَكْشفُ السوءَ «وَإذَا مَسَّ الانْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعداً أوْ قَائِماً »(٢) «وإذا مَسَّ الانسان ضُرِّ دعا ربه منيباً إليه »(٣) «وَإذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرِّ دَعوْا رَبَّهُمْ مُنيِبيِنَ إلَيْه »(٤) .

القرآن الكريم

__________________

١ ـ سورة البقرة آية ١٨٦.

٢ ـ سورة يونس ـ آية ١٢.

٣ ـ سورة الزمر : آية ٨.

٤ ـ سورة الروم ـ آية ٣٣.

٣
٤

تقريظ آية الله العظمى السيد عبد الاعلى السبزواري دامت بركاته.

بْسم الله الرَّحْمنِ الَّرحِيمِ

الحمدُ لله ربِّ العالمين ، والصَلاةُ والسَلامُ على خير خلقه ، محمد وآله الطَيِّبينَ الطاهرينَ. وبعد ، فإنَّ من قضاء الله تعالى وقدره الحتميِّين ، أنه جلَّ جلاله ، يختار في كل قرنٍ رجالاً ، هم صفوة الناس ، بهم ، يثير دفائن العقول ، ويذكِّرهم منسيُّ الفطرة إتماماً للحجة ، وإيضاحاً للحجَّة ، وممَّن اختاره الله تعالى ، لهذه الموهبة العظمى ، الامام الهمام ، ووصيُّ مَن هو للانبياء شرفٌ وختام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالبعليهم‌السلام ، الذي يروي عن أجداده عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، عن جبرائيل ، عن الله جلَّت عظمته ، جميعَ المعارف التكوينية والتشريعية ، فهوعليه‌السلام ، لسانُ خاتم النبيِّين ، بل جميع الانبياء ومِّمن أخذ قطرة من هذا البحر ، الذي لا ساحلَ له ، علم الاعلام ، الحجَّة قرة المتتبِّعين العظام ، الشيخ باقر شريف القرشي ، فانه دامت معاليه ، أشار إلى حقيقة ، تقصر عن معرفتها إفهام ذوي العقول ، وورد ساحة تزلُّ دونها أقدام الفحول ، فهو المثل الاعلى ، علماً وعملاً ، وصار أهلاً لان تكون له هذه « الصحيفة الصادقية » الغراء التي يحق أن يقال فيها أنها من تجليات المدعو في الداعي ، وتفاني الداعي في مرضاة المدعو ، عند التوجه والثناء ، فرفع الله

٥

تعالى في الدارين شأنه ، وجعل أفئدة الناس ، تهوى إلى مؤلفَاتهِ الشريفةِ ، ونفعهم من ثمرات علمه وعمله ، انه سميع مجيب.

٩ شعبان عام ١٤٠٨ ه‍

عبد الاعلى الموسوي السبزواري

٦

تقديم

ـ ١ ـ

الدعاء ، سمو في الروح ، وإشراق في النفس ، يربط الانسان بربه خالق الكون ، وواهب الحياة ، من بيده مجريات الاحداث ، وهو بكل شيء محيط.

إن علاقة الانسان بربه ، علاقة ذاتية ، ومتأصلة في نفس الانسان ، فهو يفزع إليه ، أذا دهمته كارثة من كوارث الدهر ، أو ألمت به محنة من محن الايام إنه يدعو ربه ضارعاً منكسراً ، لا يجد أحداً يلجأ إليه ، ولا يكشف عنه الضر والشقاء سوى الله تعالى اللطيف بعباده ، وقد تحدث القرآن الكريم ، عن هذه الظاهرة ، في كثير من آياته ، قال تعالى : «وَإذَا مَسَّ الانْسَانَ الضُرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً ، فَلَمّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إلى ضُرٍّ مَسَّهُ »(١) وقال تعالى : «وَإذَا مَسَّ النَاسَ ضُرِّ دَعُوا رَبَّهُم مُنِيبينَ إليْه ، ثُمَّ إذا إذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً ، إذَا فَريقٌ مِنْهُمْ بِرَّبهمْ يُشْرِكوُنَ »(٢) إن الالتجاء إلى الله تعالى ، والفزع إليه ، في وقت المحنة والازمات ، أمر ذاتي للانسان ، مهما كانت اتجاهاته وميوله ، وقد قرأت في بعض الكتب ، أو الصحف ، أن شخصاً

__________________

١ ـ سورة يونس آية ١٢.

٢ ـ سورة الروم ـ آية ٣٣.

٧

كان في طائرة ، وفيها جماعة من الماركسيين وغيرهم ، ممن لا دين لهم ، فاصاب الطائرة عطب ، وهي في الجو ، ففزعوا جميعا إلى الله تعالى ، ببكاء لينقذهم من هذه الكارثة ، فاستجاب الله دعاءهم ، ونجاهم مما هم فيه ، وعقب الشخص قائلا : إني لا أصدق بعد ذلك ، أن هناك من يجحد الله تعالى ولا يؤمن به ، فإنه إن جحده بلسانه ، فان قلبه مطمئن به.

ـ ٢ ـ

إن من ثمرات الدعاء ، ومعطياته ، إزالة ما ران على القلوب ، من غشاوات وجفاء ، ورفع المرء إلى البشرية المثالية ، والانسانية الكريمة ، إنه ـ من دون شك ـ يهذب النفوس ، ويحسن الطباع ، وينمي النزعات الخيرة ، ويبعث على الاقتداء بآداب المتيقن والصالحين ، الذين هم سادات المجتمع وقادته ، ويحذر من شرار الخلق ، الذين يؤثرون الباطل على الحق ، ويفضلون الشر على الخير ، وهم الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ، وأي ثمرة يظفر بها الانسان أهم وأغلى من هذه الثمرة؟.

ـ ٣ ـ

أما الدعاء إلى الله ، والابتهال إليه ، فانه من أبرز القيم ، الرفيعة الماثلة عند الانبياءعليهم‌السلام ، فقد كان ابتهالهم إلى الله ، ومناجاتهم له من أهم المتع عندهم ، ولنستمع إلى خليل الله إبراهيم وإبنه إسماعيل وهما يرفعان أسس البيت الحرام ، فكانا مع كل لبنة يضعانها في بناء البيت المعظم ، يشفعانها بالدعاء إلى رب البيت قائلين :

«ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم »(١) .

ويدعوان أيضا قائلين :

«ربنا واجعلنا مسلمين لك ، ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ، وأرنا

__________________

١ ـ سورة البقرة آية ١٢٧.

٨

مناسكنا ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم »(١) .

إن دعاء إبراهيم ، ودعاء ولده إسماعيل ، إنما هو دعوة إلى التكامل الانساني ، ودعوة إلى التحرر ، من النزعات الشريرة ، ودعوة للظفر بالخير ، بجميع صورة ومفاهيمه.

ـ ٤ ـ

واهتم أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ، بالادعية إهتماما باغلا ، لانها بلسم للنفوس الحائرة في متاهات هذا الكون ، كما أنها في نفس الوقت ، خير ضمان لردع النفوس ، عن غيها وطيشها.

وبلغ من اهتمام أئمة الهدىعليهم‌السلام ، بهذا التراث الروحي ، أنهم خلفوا ثروة هائلة ، من الادعية النفيسة ، فقد ذكر السيد الجليل ، نادرة زمانه ، السيد ابن طاووس ، ان خزانة مكتبته تحتوي على ثماني مائة كتاب من الادعية ، أثرت عن الائمة الطاهرين(٢) .

ومن الطبيعي ، أن هذا الزخم من الادعية ، ينم عن معرفتهم الكاملة بالله تعالى ، فقد أبصروه بقلوبهم المشرفة ، وعقولهم النيرة تدبروا في آيات الله ، وأمعنوا النظر في عجائب هذا الكون ، وتأملوا في خلق هذا الانسان ، فآمنوا بالله إيمانا لا يخامره أدنى شك ، وكان من مظاهر إيمانهم الوثيق ، أنهم إذا قاموا للصلاة بين يدي الله تعالى ، ترتعد فرائصهم ، وتتغير الوانهم ، وقد قيل للامام الحسن سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وريحانته في ذلك ، فأجاب سلام الله عليه : « حق على من وقف بين يدي رب العرش ، ان ترتعد فرائصه ، ويصفر لونه(٣) .

__________________

١ ـ سورة البقرة آية ١٢٨.

٢ ـ كشف المحجة لثمرة المهجة.

٣ ـ حياة الامام الحسن ١ / ٣٢٧.

٩

لقد اتجهوا بقلوبهم ، وعواطفهم نحو الله ، الذي يعلم دقائق النفوس ، وخواطر القلوب ، فعبدوه ، واخلصوا في عبادته وطاعته ، كأعظم ما يكون الاخلاص.

وكان أول من فتح باب الادعية ، من الائمة الطاهرين ، سيد العترة الطاهرة ، الامام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقد حفلت كتب الادعية ، بالشئ الكثير من أدعيته ، كدعاء كميل ، ودعاء الصباح وغيرهما من الادعية ، التي تمثل جوهر الايمان ، وحقيقة العبودية المطلقة لله تعالى ، وهكذا كانت أدعية ولده الامام ، السبط الشهيد الحسينعليه‌السلام ، فإن أدعيته في عرفات ، وفي كربلاء ، تعتبر صرحا من صروح الايمان بالله تعالى ، يتزود بها الداعي ، ويتسلح بها الذاكر ، ويتبصر بها المؤمن ، وأما أدعية ولده الامام زين العابدينعليه‌السلام ، التي سميت بالصحيفة السجادية ، فهي انجيل آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهي من أجل الثروات الروحية في الاسلام ، وقد اهتم بها علماء المسلمين وغيرهم ، لانها من مناجم الفكر ومن ذخائر التراث الانساني.

لقد حفلت سيرة أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ، بالابتهال والتضرع إليه ، فلا تقرأ سيرة أحد منهم ، إلا وتجد صفحات مشرقة من أدعيتهم ، ومناجاتهم لله تعالى ، الامر الذي يدل ـ بوضوح ـ على عميق أتصالهم بالله ، وأنقطاعهم إليه.

ـ ٦ ـ

إن أدعية أئمة أهل البيتعليهم‌السلام نفحة من رحمات الله ، تهدي الحائر ، وتضئ الطريق ، وتوضح القصد إلى الله ، وقد امتازت عن بقية أدعية الصالحين والمتقين بما يلي :

أولا : ـ إنما تمثل انقطاعهم الكامل ، واتصالهم الوثيق بالله تعالى ، استمعوا إلى ما يقوله الحسينعليه‌السلام ، في بعض أدعيته مخاطبا الله :

١٠

« ماذا وجد من فقدك ، وماذا فقد من وجدك؟؟. »

أرأيتم هذا الايمان الذي تجاوز حدود الزمان والمكان؟ لقد تفاعل مع عواطف أبي الاحرار ومشاعره ، حتى صار من عناصره ومقوماته.

ثانياً : ـ إنها لم تقتصر على التضرع إلى الله تعالى ، فقد احتوت على أمور بالغة الاهمية كان منها :

أ ـ التوحيد ، والنبوة ، والامامة.

ب ـ الاخلاق.

ج‍ ـ السياسة.

د ـ الاجتماع.

ه‍ ـ الاقتصاد.

وأدعيتهم ، مليئة بهذه الامور ، كما دعت إلى النشاط الفكري ، والعمل الجاد ، في مختلف جوانب الحياة.

ثالثا : ـ إن أدعيتهم ، تمتاز بأساليبها الرائعة ، فقد بلغت الذروة ، في بلاغتها ، وفصاحتها ، فليس في أي بند من بنودها ، أو فقرة من فقراتها ، جملة أو كلمة ، يمجها الطبع ، وينفر منها الذوق ، فقد نظمت في أرقي أسلاك البلاغة والفصاحة ، وتعد من مناجم الادب العربي.

رابعا : ـ إنها تدعو إلى صفاء النفوس ، من أدران الحياة ، المليئة باللهو والمغريات ، وتحليتها بالآداب والفضائل هذا مجمل ما أمتازت به أدعية الائمة الطاهرينعليهم‌السلام من الخصائص.

ـ ٧ ـ

والشئ المحقق الذي لا يخالجه شك ، أنه لا يمكن بأي حال من

١١

الاحوال ، أن تتحقق الاهداف النبيلة ، التي يصبوا إليها الانسان ، من الحرية ، والكرامة والامن ، والاخاء ، إلا إذا ساد الايمان بالله تعالى ، بين أمم العالم ، وشعوب الارض ، وارتبط الانسان بخالقه ، وآمن بأنه مسؤول أمام الله عما يعمله ، وعما يقترفه من إثم أو ذنب ، في حق نفسه ، أو في حق مجتمعه ، كما أنه من المؤكد أنه لا يجدي شيئا ، ما تعمله هيئة الامم المتحدة ، بمنظماتها المختلفة ، وما يجاهد في سبيله فلاسفة العصر ، وقادة الفكر والسياسة ، في العالم ، من العمل على تقدم الانسان ، وتطوير حياته ، وإنقاذه من ويلات الحروب ، ودمارها ، وإزالة الحواجز ، التي أحدثها اختلاف الجنسيات والقوميات ، واختلاف الالوان والمذاهب الاقتصادية ، من الرأسمالية والشيوعية ، فإنه بالرغم مما بذلته من جهود مكثفة ، في سبيل الاصلاح الاجتماعي ، فانها لم تستطع تحقيق ذلك ، وبقيت مقرراتها حبرا على ورق إن الذي يغير مجرى تأريخ البشرية إلى الافضل ، ويفتح لها آفاقا مشرقة ، من العزة والكرامة ، إنما هو الايمان بالله تعالى لا غيره ، من الوسائل المادية ، ومما لا شك فيه ، أنه سيظل الانسان يطارده الخوف والفزع ، كلما بعد عن الله تعالى

ـ ٨ ـ

ونعود للحديث عن أدعية الامام أبي عبدالله الصادقعليه‌السلام ، فانها قبس من نور الاسلام ، ومشاعل مضيئة ، من هدي القرآن ، وهي ـ من دون شك ـ من انجع الوسائل التربوية ، في إقامة الاخلاق ، وتهذيب الطباع ، وهي من ذخائر الارصدة الروحية في الاسلام. ومن الجدير بالذكر ، أن أدعية الامامعليه‌السلام ، قد شملت جميع أعماله ، فلم يقم بأي عمل إلا وشفعه بالدعاء ، والتضرع إلى الله ، وهذا مما يؤكد ما قاله مالك بن أنس من أن الامامعليه‌السلام ، كان في جميع أوقاته مشغولا بذكر الله تعالى ، والانابة إليه.

وبحثت جهد ما توصل إليه تتبعي في مصادر الادعية والحديث ، عن

١٢

أدعية الامام الصادقعليه‌السلام ، فظفرت بمجموعة كبيرة من أدعيته ، أسميتها « الصحيفة الصادقية » وجعلتها إحدى حلقات « حياة الامام الصادقعليه‌السلام ». وهي تلقي الاضواء ، على روحانية هذا الامام العظيم ، الذي ملا الدنيا بعلومه ، ـ على حد تعبير الجاحظ ، ومنه تعالى نستمد التوفيق والعون ، لاكمال هذه الموسوعة ، وابرازها إلى عالم النشر ، ورأيت أن أقدم هذا الجزء إلى القراء ، نظرا لاهميته ، فإنه من تراثه الروحي الذي يحتاج إليه الناس أبدا في كل زمان ومكان! ..

المؤلف

باقر شريف القرشي

١٣
١٤

أحاديث الامام الصادق (ع) في الدعاء

١٥
١٦

وأولى الامام الصادقعليه‌السلام ، المزيد من الاهتمام ، في الدعاء والابتهال إلى الله ، لانه من أنجع الوسائل وأعمقها ، في تهذيب النفوس ، واتصالها بالله تعالى ، وقد أثرت عنه كوكبة من الاحاديث ، في فضل الدعاء وآدابه ، وأوقات استجابته ، وغير ذلك مما يرتبط بالموضوع ، ويتصل به ، وفي ما يلي ذلك.

فصل الدعاء :

أشاد الامام الصادقعليه‌السلام بفضل الدعاء ، وأهاب بالمسلمين أن لا يتركوه في جميع أمورهم ، صغيرها وكبيرها ، وأن يكونوا على اتصال دائم بالله ، الذي بيده جميع مجريات الاحداث ، وكان من بعض ما قاله فيه :

أ ـ : قالعليه‌السلام : « عليكم بالدعاء ، فإنكم لا تقربون بمثله ، ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها ، إن صاحب الصغار هو صاحب الكبار »(١) .

ب ـ واوصى الامامعليه‌السلام ، صاحبه ميسر بن عبد العزيز ، بملازمة الدعاء في جميع الاحوال ، قال له :

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٦٦.

١٧

« يا ميسر ادع ، ولا تقل إن الامر قد فرغ منه ، أن عند الله عزوجل ، منزلة لا تنال إلا بمسألة ، ولو أن عبدا سد فاه ، ولم يسأل ، لم يعط شيئا ، فسل تعط ، يا ميسر ، إنه ليس من باب يقرع ، إلا يوشك أن يفتح لصاحبه »(١) .

إن الامامعليه‌السلام اراد من الانسان المسلم ، أن يرتبط بخالقه ، في جميع شوؤنه وأحواله ، فبيده تعالى ، العطاء والحرمان ، ومن فاز بالاتصال به فقد فاز بخير عميم.

الدعاء عبادة :

واعتبر الامام الصادقعليه‌السلام ، الدعاء ضربا من ضروب العبادة ، ونوعا من أنواعها فقال :

« الدعاء هو العبادة ، التي قال الله عزوجل : «إن الذين يستكبرون عن عبادتي »(٢) ، أدع الله عزوجل ، ولا تقل ، إن الامر قد فرغ منه ، فان الدعاء هو العبادة.

وعلق الفقيه الكبير زرارة على الجملة الاخيرة ، من كلام الامام. قال : إنما يعني لا يمنعك ايمانك بالقضاء والقدر ، أن تبالغ بالدعاء ، وتجهد فيه(٣) .

الدعاء يدفع القضاء :

وحث الامام الصادقعليه‌السلام ، على الدعاء ، لانه من جملة الاسباب ، التي يستدفع بها البلاء ، وقد أدلىعليه‌السلام بذلك ، بمجموعة

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٦٦.

٢ ـ سورة غافر : آية ٦٠.

٣ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٦٧.

١٨

من الاحاديث من بينها :

أ ـ قالعليه‌السلام : « إن الدعاء يرد القضاء ، ينقضه كما ينقض السلك ، وقد أبرم إبراما. »(١) .

ب ـ قالعليه‌السلام : « إن الله عزوجل ، ليدفع بالدعاء الامر الذي علمه ، أن يدعي له فيستجيب ، ولولا ما وفق العبد من ذلك الدعاء ، لاصابه ما يجتثه من جديد الارض. »(٢) .

ج‍ : ـ قالعليه‌السلام : « الدعاء يرد القضاء ، بعدما أبرم إبراما ، فاكثروا من الدعاء ، فانه مفتاح كل رحمة ، ونجاح كل حاجة ، ولا ينال ما عند الله عزوجل إلا بالدعاء ، وإنه ليس باب يكثر قرعه ألا يوشك أن يفتح لصاحبه »(٣) .

وحكت هذه الاحاديث غن أهمية الدعاء ، وأنه من الاسباب الفعالة في دفع البلاء المبرم.

الدعاء شفاء من الداء :

إن الدعاء وصفة روحية ، وهو من أوكد الاسباب في ازالة الامراض ، فإن له تأثيرا بالغا في الشفاء من كل داء ، وقد قررت البحوث الطبية الحديثة ذلك ، واكدت ان الطب الروحي ، من أهم الاسباب في إزالة الامراض المستعصية ، خصوصا الامراض النفسية ، وقد اكتشف الامام الصادقعليه‌السلام ، هذه الظاهرة ، فقال للعلاء بن كامل :

« عليك بالدعاء فانه شفاء من كل داء »(٤) .

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٦٧.

٢ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٧٠.

٣ ـ اصول الكافي ٢ /.

٤ ـ اصول الكافي ٢ /.

١٩

آداب الدعاء :

وضع الامام الصادقعليه‌السلام ، منهجا خاصا لآداب الدعاء ، فعلى المسلم السير على ضوئه ، يقولعليه‌السلام :

« إحفظ أدب الدعاء ، وانظر من تدعو ، وكيف تدعو ، وحقق عظمة الله وكبرياءه ، وعاين بقلبك علمه ، بما في ضميرك ، وإطلاعه على سرك ، وما تكون فيه من الحق والباطل ، واعرف طرق نجاتك وهلاكك ، كي تدعو الله بشيء فيه هلاكك ، وأنت تظن أن فيه نجاتك ، قال الله تعالى : «وَيَدْعُو الانسَانُ بِالشرِّ دُعَاءَهُ بالخَيْرِ ، وكان الانسَانُ عَجُولاً » وتفكر : ماذا تسأل؟ وكم تسأل؟ ولماذا تسأل؟!.

والدعاء : إستجابة الكل منك للحق ، وتذويب المهجة في مشاهدة الرب ، وترك الاختيار جميعا ، وتسليم الامور كلها ، ظاهرا وباطنا ، إلى الله تعالى فإن لم تأت بشرط الدعاء فلا تنتظر الاجابة ، فانه يعلم السر وأخفى ، فلعلك تدعوه بشيء ، قد علم من سرك خلاف ذلك »(١) .

ووضع الامامعليه‌السلام في هذا الحديث ، المناهج لآداب الدعاء ، التي منها أن يتأمل الداعي ، ويفكر بوعي في عظمة من يدعوه ، ويرجو منه أن يفيض عليه بقضاء حوائجه ، وعليه أن يعرف ، أنه يدعو خالق الكون ، العالم بخفايا النفوس ، وأسرار القلوب ، كما أن على السائل ، أن يمعن في مسألته ، وينظر في أبعادها ، لكي لا يدعو بما فيه هلاكه ، وكذلك عليه ، أن يسلم جميع أموره ، ظاهرها وباطنها لله تعالى ، من بيده العطاء والحرمان ، وعلى الداعي أن يراعي بدقة هذه الآداب ، فان أهملها فلا ينتظر الاجابة من الله.

__________________

١ ـ البحار ١٩ / ٤٤ طبع حجر.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

فتزوّجها زيدُ ب الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام فولدتْ له نفيسة بنت زيد. وأخو نفيسة لأُمّها : عُبَيْد الله بن العَبّاس(١) .

وقال ابن حبيب : وتزوّجت لُبابَةُ بنتُ عُبَيْد الله بن العَبّاس :

العَبّاسَ بن عليّ بن أبي طالب.

ثمّ خَلَفَ عليها الوليدُ بنُ عُتبة بن أبي سفيان.

ثمّ زيدَ بن حسن بن عليّ بن أبي طالب(٢) .

وقال العمري : وولد العَبّاس عليه السلام : عُبَيْد الله والفضل ، أُمّهما لُبابَة بنت عُبَيْد الله(٣) ابن العَبّاس.

أخوهما لأُمّهما : القاسمُ بن الوليد بن عتبة.

وأُختهما لأُمّهما : نفيسةُ بنت زيد بن حسن(٤) .

ومن هذه الأُمور : تميّز أزواجُ كلٍّ من البنتين وأولادهما :

فالّتي كانت زوجةَ العَبّاس السقّاء عليه السلام هي (لُبابة بنت عُبَيْد الله) وولدها عُبَيْد الله بن العَبّاس ، وقد خرجتْ بعد العَبّاس عليه السلام إلى الوليد بن عتبة فأولدها (القاسم) وتزوّجتْ بعده (زيد الجواد بن الحسن بن أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ عليه السلام فأولدها (نفيسة).

__________________

(١) لاحظ سرّ السلسلة (ص ٢٩) ومعالم أنساب (ص ١٢١).

(٢) المحبّر (ص ٤٤١).

(٣) في المطبوعة (عَبْد الله) وهو غلط قطعاً بقرينة كون لُبابَة أُمّاً للقاسم ونفيسة ، فإنّ المذكور عند ذكر أُمّهما لُبابَة بنت عُبَيْد الله ، فلاحظ.

(٤) المجدي (ص ٢٣١) وذكر نفيسة بنت زيد في (ص ٢٠) أيضاً.

٢٦١

وأمّا لُبابَة بنت عَبْد الله حبر الأُمّة ، فقد خرجتْ إلى :

عليّ بن عَبْد الله بن جعفر ، ثمّ إلى إسماعيل بن طلحة ، ثمّ إلى محمّد ابن عُبَيْد الله ابن عمّها.

فمن عَكَسَ ونَسَبَ أزواج كلٍّ منهما إلى الأُخرى ، وكذا أولاد أحداهما إلى الأُخرى فقد أخطأ(١) .

والظاهر أنّ كلّ تلك الأخطاء قد وقع على أَثَر التصحيف بين (عَبْد الله) و(عُبَيْد الله) لتقاربهما وسهولة الخلط بينهما رسماً.

ومن أغرب الأُمور :

ما حصل لخليفة بن خَيّاط حيث قال : لُبابَة بنت عُبَيْد الله ، أُمّ العَبّاس الأصغر ، ومحمّد بن عليّ بن أبي طالب(٢) .

وهذا غلطٌ فضيعٌ ، فإنّ العَبّاس الأصغر ومحمّداً هما ولدان لأمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب عليهما السلام ولم يذكر أحدٌ في زوجاته (لُبابة بنت عُبَيْد الله).

تنبيه :

وقفتُ على (موسوعة عَبْد الله بن العَبّاس) للسيّد العلاّمة محمّد مهدي الخِرْسان دام ظلّه ، فلم أجد فيه(٣) ذكراً لزوجة العَبّاس السقّاء عليه السلام.

__________________

(١) لاحظ مناهل الضرب (ص ٦١ ـ ٦٥) وطبقات ابن سعد (٥ / ٢٤٤) والمجدي (ص ٢٣١).

(٢) تاريخ خليفة (ص ١٧٩).

(٣) في الفصل الرابع الّذي ذكر فيه أبناء ابن عباس وأسماء زوجاته (ج ٥ ص ٤٠٣).

٢٦٢

ولم يتعرّض لما وقع فيه كثيرٌ ممّن كتب الأنساب والتاريخ من الخلط بين بنت عَبْد الله ، وبنت عُبَيْد الله ، مع ذكر السيّد لبنات عَبْد الله : «لُبابَة» و«أسماء» وقال : «وقد ذكرناهما وأزواجهما»(١) .

أقولُ : ولم يذكر اسم أبي الفضل العَبّاس عليه السلام بينهم ولا احتمالاً!.

وهذا ممّا يدلّ على أنّ (لُبابة) زوجة العَبّاس السقّاء عليه السلام هي بنت عُبَيْد الله لا عَبْد الله.

ثمّ إنّ الخِرْسان ذكر (أسماء بنت عَبْد الله) وأنّ ابن سعد ذكرها في ترجمة أبيها وقال : كانت عند عَبْد الله بن عُبَيْد الله بن العَبّاس بن عَبْد المطّلب بن هاشم ، فولدت له حَسَناً وحُسيناً الفقيه ، وأُمّها أُمّ ولدٍ(٢) كما ذكرها مصعب(٣) . ثمّ قال الخِرْسان : إلاّ أنّ ابن الكلبيّ ، وابن حزمٍ ، لم يذكراها ولا أُختها لُبابة ، فراجع الجمهرة لكلّ منهما(٤) .

أقول : بل كلاهما ذكرا كلتيهما :

فهذا الكلبيّ قال في (جمهرة النسب) : ومن بني عُبَيْد الله بن العَبّاس : حسن بن عَبْد الله بن عُبَيْد الله بن العَبّاس ، كان فقيهاً ، وأُمّهُ أسماءُ بنت عَبْد الله بن العَبّاس(٥) .

__________________

(١) موسوعة عُبَيْد الله بن عبّاس (٥ / ٤٠٦).

(٢) طبقات ابن سعد (ص ١١٣). وانظر سير أعلام النبلاء للذهبي (٣ / ٣٣٣) فقد ذكرها مع أُختها (لُبابة) زوجة عَبْد الله بن عُبَيْد الله وهو ابن عمّها.

(٣) نسب قريش (ص ٢٩٦).

(٤) موسوعة عَبْد الله بن عبّاس (٥ / ٤٠٤).

(٥) نسب قريش (ص ٣٣).

٢٦٣

نعم ، لم أجد فيه ذكراً عن (لُبابة).

وهذا ابن حزم قال في (جمهرة أنساب العرب) : وكانت أُمّ الحسن بن عَبْد الله المذكور ، وأُمّ أخيه الحُسين بن عَبْد الله : أسماءُ بنت عَبْد الله بن العَبّاس بن عَبْد المطّلب(١) .

وذكر (لُبابة بنت عَبْد الله) في أولاد زوجها الوليد بن عتبة بن أبي سُفيان(٢) وكذلك ذكرها مع أولاد زوجها الآخر : إسماعيل بن طلحة(٣) .

أولاد أبي الفَضْلِ العبّاس عليه السلام :

١ ـ الفَضْل :

قال العُمري : وَلَدَ العَبّاسُ بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام : عُبَيْد الله ، والفَضْلَ ، أُمُّهما بنتُ عُبَيْد الله(٤) بن العَبّاس(٥) .

وبه كان يكنّى. ومقتضى هذا ظاهراً كونه أكبر أولاده.

كما أنّ مقتضى حصرهم عقب العَبّاس عليه السلام في (عُبَيْد الله) عدم وجود عقب للفضل.

__________________

(١) جمهرة أنساب العرب (ص ١٩).

(٢) جمهرة أنساب العرب (ص ١١١).

(٣) جمهرة أنساب العرب (ص ١٣٩).

(٤) هكذا صحّحنا الاسم لكن في المطبوع من المجدي (ص ٢٣١) «عَبْد الله» وقد عرفت وجه التصحيح في ما سبق.

(٥) المجدي (ص ٢٣١).

٢٦٤

إلاّ أنّ بعض العلويّين تنتهي مشجّراتهم إلى الفضل بن العَبّاس ابن أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ عليه السلام!!!.

والحلّ : أنّ هذه المشجّرات قد اختزل فيها بعض أسماء السلسلة ، فإنّ المسمّى بـ (الفضل بن العَبّاس) موجودٌ في عمود النسب في الطبقات المتأخّرة ، ولا بدّ من ملاحظة هذا الأمر في كثيرٍ من المشجّرات العلويّة.

٢ ـ عُبَيْد الله :

ذكره جميع النسّابين وكثير من غيرهم ، واقتصر كثير منهم على ذكره وحده(١) .

والظاهر أنّ سبب ذلك كونه هو المُعْقِب من بينهم ، كما صرّح به النسّابون.

وسيأتي ذكره مستقلاً.

٣ ـ الحسن :

ذكره ابن قتيبة ، وقال : لأُمّ ولد(٢) كما ذكره البرّي في الجوهرة(٣) ونقله الأُردوبادي عن : العلاّمة الفتوني أنّه ذكر الحسن بن العَبّاس ، وذكر له أعقاباً(٤) .

__________________

(١) مثل شرح الأخبار (٣ / ١٨٤) وسرّ السلسلة () وقال : ومنه أعقب ، وابن عنبة في عمدة الطالب (ص ٣٥٧) ومقتل ابن أبي الدنيا (ص ١٣٠).

(٢) المعارف (ص ٢١٧).

(٣) الجوهرة في النسب (٢ / ٢٢٨).

(٤) فصول من حياة أبي الفَضْلِ للأُردوبادي (ص ١١٢).

٢٦٥

٤ ـ محمّد :

ذكره ابن شهر آشوب ، وقال : قُتِلَ بالطفّ. كذا نقل عنه ، لكن الموجود فيه : محمّد الأصغر ابن علي بن أبي طالب عليه السلام لم يُقْتَل ، لمرضه(١) .

وقال الخوارزمي : إنّ محمّداً استشهد في كربلاء(٢) . ولعلّ السببَ في ذكره مع أولاد العَبّاس عليه السلام زعم خليفة بن خيّاط : أنّ أُمّهُ لُبانة بنت عَبْد الله ابن العَبّاس ، وكنيته أبو القاسم(٣) .

أقولُ : وهذا الكلام ـ على ما فيه من الأخطاء ـ غير معتمَد إطلاقاً ، فقد سمّى أُمّه (لُبانة) وهو تصحيفٌ واضحٌ ، وكثيراً ما يصدر من المؤلّفين(٤) بدل (لُبابة) الّذي هو المعروف والمضبوط.

ثمّ إنّ زوجة العَبّاس عليه السلام هي بنت عُبَيْد الله ، لا عَبْد الله ، كما أثبتنا.

٥ ـ عَبْد الله :

قال المظفّر : كان طفلاً في الطفّ ، وأُخذ مع السبايا(٥) . ولم يرد هذا في مصدرٌ معتمَدٌ. وقد اتصلت به بعض المشجرات ، وفيها ما مرّ في «الفضل».

٦ ـ القاسم :

لم يذكره أحدٌ في أولاد العَبّاس عليه السلام إلاّ ما تصوّر من دلالة تكنية

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب عليه السلام (٤ / ١٢٢).

(٢) مقتل الخوارزمي (٢ / ٢٨).

(٣) تاريخ خليفة (١ / ١٧٩).

(٤) لقد شاع هذا التصحيف (أي لبابَة إلى لُبانة) في كتب التاريخ والحديث وغيرهما من فنون التراث فلينتبه له.

(٥) بطل العلقمي (٣ / ٤٢٩).

٢٦٦

العَبّاس عليه السلام بأبي القاسم ، على وجود ولدٍ له بهذا الاسم ، لكن سبق عدم تماميّة هذه الدلالة لوجود احتمالين :

الأوّل : احتمال أن تكون هذه الكنية مرتجلةً ـ أي مستحدثة ـ ، بدون توقّفٍ على وجود ولدٍ للعبّاس عليه السلام بهذا الاسم.

الثاني : أن تكون الكلمة مصحّفة أو محرّفة ، لانحصار ذكرها في ما يروى من زيارة جابر الأنصاري رضي الله عنه(١) .

فلا يقوم دليلاً على وجود ولد له عليه السلام بهذا الاسم.

وخلّو كتب الأنساب والمشجّرات من ذكره ، أقوى دليل على عدمه. مضافاً إلى ما مرّ من أنّ القاسم إنّما هو ابن لُبابة بنت عُبَيْد الله زوجة العَبّاس ، من زوجها الثاني الوليد بن عُتبة ، كما صرّح به النسّابون والمؤرّخون(٢) .

فلعلّ الّذي عدّه في الأولاد ، توهّم ذلك من هذه الولادة.

__________________

(١) موسوعة الزيارات (٣ / ٥٣٧) هـ ٢.

(٢) نسب قريش لمصعب (ص ٣٢ و ٤٣ و ٧٩).

٢٦٧

عقبهُ عليه السلام من عُبَيْد الله

أجمع أهل النسب ـ كافّةً ـ على أنّه لم يُعْقِبْ من أولاد العَبّاس عليه السلام إلاّ ابنُه عُبَيْد الله. بل ؛ الّذي يظهر منهم أنّه لم يبق بعد العَبّاس عليه السلام منهم أحدٌ يرثه غير عُبَيْد الله :

قال ابن أبي الدُنيا : قُتِلَ العَبّاسُ بنُ عليّ بعد إخوته ، مع الحُسين صلوات الله عليهم ، فورث العَبّاسُ إخوتَه ، ولم يكن لهم ولدٌ ، فورثَ العَبّاسَ ابنُه عُبَيْد الله بنُ العَبّاس(١) . وكان يوصف بالكمال والمروءَةِ والجمال(٢) . وتُوفّي وهو ابن خمسٍ وخمسين سنة(٣) .

وقال ياقوت الحموي : وفي ظاهر (طبريّة) قبرٌ يزعمون إنّه قبر عُبَيْد الله بن عبّاس بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام(٤) .

وقال في (منتقلة الطالبيّة) : قوم من أولاد العَبّاس عليه السلام ورَدُوْا طبريّة(٥) .

وقالوا : ومنه العقبُ ، فكلُّ مَن انتمى إلى العَبّاس بن عليّ ، من غير

__________________

(١) مقتل أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ عليه السلام (ص ١٢٠) ط الطباطبائي ، و(ص ١٣٠) ط المحمودي.

أقول : وحصر الإرث بعبيد الله لابدّ أن يكون إضافيّاً بالنسبة إلى سائر الأولاد ؛ لوجود أمّ العبّاس أمّ البنين عليهما السلام ، وزوجته لبابة على التقدير ؛ فليلاحظ.

(٢) المجدي (ص ٢٣١).

(٣) المجدي (ص ٢٣١).

(٤) معجم البلدان (٤ / ١٩).

(٥) منتقلة الطالبية (ص ٢٠٤).

٢٦٨

عُبَيْد الله بن العَبّاس ، فهو كاذبٌ(١) .

أقولُ : وعمليّاً ، فإنّ كتب النسب لم يفرّعوا من غير عُبَيْد الله لأحدٍ من أولاد العَبّاس(٢) .

إلاّ ما نقله الأُردوبادي عن العلّامة الفتوني في (حديقة النسب) أنّه ذكر للحسن بن العَبّاس ابن أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ عليه السلام : «حمزة» ، وذكروا له «قاسماً» ، وذكروا له «عليّاً» ، وذكروا له «محمّداً» ، وذكروا له «حمزة» ، وذكروا له «المهدي» ، وذكروا له «سعداً» وذكروا له «عليّاً» وذكروا له «عَبْد الله» وذكروا له «يحيى» وذكروا له «حمزة».

ثمّ ذكر أعقاب بعض من ذُكِرَ ، وقال : فلعلّ مرادَ مَنْ حَصَرَ نسلَهُ عليه السلام في (عُبَيْد الله) العددَ والذيل الطويل ، أو أنّه لم يثبتْ عندهم وجودُ (الحسن)(٣) .

أقولُ : أو أنّ «الحسن بن العباس» قد درجَ ومات في حياة والده.

وأحتملُ أنّ ما ذكره العلاّمة الفتوني قدس سره إنّما هو لبعض من سُمّيَ (بالحسن بن العَبّاس) من ذرّية عُبَيْد الله بن العَبّاس عليه السلام وفي فروع المُشجّرات. ولا بُدّ من الفحص عن ذلك ، لكثرة تكرار الأسماء المُتشابهة في الفروع.

وقال ابن عنبة : وأعقبَ (العَبّاسُ عليه السلام) مِن ابنهِ عُبَيْد الله ، وعقبُهُ ينتهي

__________________

(١) لباب الأنساب ، للبيهقي : (١ / ٣٥٧).

(٢) لاحظ المجدي (ص ٢٣١) وما بعدها إلى ص (٢٤٣).

(٣) فصول من حياة ابي الفَضْلِ عليه السلام للأُردوبادي (ص ١١٥).

٢٦٩

إلى ابنه الحَسن ، فأعقبَ الحسنُ من خمسة رجال ، وهم :

عُبَيْد الله [بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العَبّاس] قاضي الحرَمَينِ ، كان أميراً بمكّة والمدينة ، قاضياً عليهما.

والعَبّاسُ [بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العَبّاس] الخطيبُ الفصيحُ.

وحمزةُ الأكبرُ.

وإبراهيمُ «جردقة».

والفضلُ : وكان لَسِناً فصيحاً سديدَ الدين عظيمَ الشجاعة ، أَعْقَبَ مِن ثلاثةٍ(١) .

وقال البُخاري : وقرأتُ في كتبٍ عديدةٍ مَن أحصى آل أبي طالب عليهم السلام في سنة (٢٢٧) بالمدينة وسائر الأمصار ، فكانوا : (١٣٧٠) رجلاً ، ومن الإناث : (١٣٧٠) امرأة. ومن ذلك : من وُلْدِ العَبّاسِ بنِ عليّ عليهم السلام : (١٤٠) رجلاً ، ومن الإناث : (١٣٠) امرأة(٢) .

أقولُ : وقد أخبرني العلاّمة المحدّث شيخي في الإجازة ، السيّد محمّد ابن الحسين الحسني المعروف بـ (الجَلال) المتوفّى سة (١٤٢٥ هـ) رحمه الله : أنّ باليمن من ذرّيّة العَبّاس الشهيد السقّاء عليه السلام عِدّةً(٣) .

__________________

(١) عمدة الطالب (ص ٣٥٧).

(٢) سرّ السلسلة (ص ٨٧).

(٣) في «الملحق الثاني» من هذا الكتاب ، ذكر مَن وقفنا على اسمه وعنوانه من ذرّيّة سيّدنا العبّاس عليه السلام بالتفصيل ، ومنهم الأسر والقبائل العلويّة العبّاسيّة القاطنين في مختلف البلاد والمنتقلة إليها ، ومنها اليمن.

٢٧٠

وأشار إلى زوجته أُمّ ولده يحيى : أنّها (عبّاسيّة) من ذُريّة أبي الفضل عليه السلام(١) .

أقولُ : إنّ ممّا أكرم الله سيّدنا أبا الفَضْل عليه السلام وامتازَ به أنّ نسل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لم يبقِ مستمرّاً من غير السبطين وغير أبي الفَضْل عليهم السلام ومحمّد ابن الحنفيّة ، وعمر الأطرف ، ونبّه النسّابون على هذا :

فقال ابن سعد : وكان النَسْلُ من ولد عليّ لخمسةٍ وذكر منهم العَبّاس ابن الكلابيّة(٢) ونقله العُبَيْد لي(٣) وذكر مثله الطبريّ(٤) ، وقال النويري : فالعلويّون خمس أفخاذ وذكر منهم : العبّاس وهو السقّاء ابن عليّ سمّي بذلك ؛ لأنّه كان قد سقى أخاه الحسينَ الماءَ بِالقربة في الطفّ(٥) .

وأشار البخاري الناسب إلى أمرٍ أخصّ ، فقال : لم يُعْقِبْ أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ عليه السلام من (مَهِيْرةٍ) بعد فاطمة عليها السلام إلاّ منها(٦) .

يعني من السيّدة أُمّ البَنِيْنَ والدة سيّدنا أبي الفَضْل العبّاس عليه السلام ؛ لأنّ غيره وغير الحسنين عليهم السلام من الأولاد كانوا من أُمّهات الأولاد.

وسنذكر في كتابنا هذا جملةً من أعلام المنتسبين إلى سيّدنا العَبّاس عليه السلام من العلماء والأُمراء والشعراء والقضاة ، وغيرهم من المشاهير ، بتوفيق الله.

__________________

(١) جرى هذا الحديث في سفره رحمة الله إلى النجف الأشرف ونزوله عندنا سنة ١٣٩٨ هـ.

(٢) طبقات ابن سعد (٣ ـ ١ / ١٤).

(٣) تهذيب الأنساب (ص ٣٢ ـ ٣٣).

(٤) تاريخ الطبري (٥ / ١٥٥).

(٥) نهاية الأرب : (٢ / ٣٧١).

(٦) سرّ السلسلة (ص) ومعالم أنساب (ص ٢٥٥).

٢٧١

أنساب آل العبّاس عليه السلام في أهمّ كتب النسب

وبلدانهم وتراجم الأعلام منهم(١)

١ ـ كتاب (المجديّ) للسيّد العُمَريّ(٢) .

٢ ـ كتاب (عُمدة الطالب) للسيّد ابن عِنَبة(٣) .

٣ ـ البلدان الّتي انتقل إليها جماعاتٌ من الذرّيّة العبّاسية الطاهرة.

٤ ـ من ذرّية العبّاس عليه السلام في اليمن السعيدة : أوّلاً : القبائل ، وثانياً : الأعلام.

٥ ـ ترجمة كوكبةٍ من الأعلام والمعاريف الّذين وقفنا على تراجمهم.

٦ ـ ما ورد في (موسوعة أنساب آل البيت النبوي).

__________________

(١) رأينا أنْ نوردَ ما ذكره أعلام النسب العلويّ الشريف ممّا يتعلّق بنسب السادة من ذُريّة سيّدنا أبي الفضل العبّاس عليه السلام. وقد اعتمدنا على علمين من أشهرهم ، وهما : السيّد العُمريّ ، في كتابه «المجدي» ، والسيّد ابن عِنَبة ، في كتابه «عمدة الطالب».

ثمّ ألحقنا مواضيع أخرى استيعاباً لما وقفنا عليه ممّا يرتبط بهذا الغرض.

(٢) هو الشريف العلّامة الجليل ، نجمُ الدين ، عليُّ بنُ محمّد بن عليّ ، العلويّ العُمَرِيّ النسّابة من أعلام القرن الخامس الهجريّ ويعرف بابن الصوفيّ ، وهو من ذريّة عمر الأطراف ابن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام. ومؤلّف الكتاب المعروف (المجدي) الّذي اعتمده علماء النسب باعتباره من أقدم ما جمع هذا الفنّ ، وقد اعتمدنا في عملنا هنا على النُسخة المطبوعة الّتي حقّقها العلّامة الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد المهدويّ الدامغانيّ حفظه الله ، وأثبتنا تعليقاته بنصهافي الهوامش ، وهي من منشورات المكتبة المرعشيّة في قمّ المقدّسة سنة ١٤٠٩ هـ.

(٣) اعتمدنا في هذا المصدر على النُسخة النفيسة الّتي قابلها وعلّق عليها سماحة الحجّة الفقيه السيّد موسى الحُسينيّ الشُبَيريّ الزَنجانيّ حفظه الله.

٢٧٢

ـ ١ ـ

ذريّة العبّاس عليه السلام من كتاب (المَجْديّ)

قال النسّابة العمريّ :

بسم الله الرحمن الرحيم

وُلْد العبّاس بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام : عُبَيْدُ الله ، والفضلُ ، أُمُّهما : لُبابَةُ بنتُ عُبَيْد الله بن العبّاس بن عَبْد المطّلب.

أخُوهما لأُمّهما : القاسمُ بنُ الوليد بن عُتبة بن أبي سفيان.

وأُختُهما لأُمّهما : نفيسةُ بنتُ زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام.

فوَلَدَ عُبَيْدُ الله بنُ العبّاس ـ وكان يوصف بالكمال والمروءة والجمال ، ومات وله خمسٌ وخمسون سنةً ـ أبا جعفر عَبْدَ الله ، وحَسَناً.

فأمّا عَبْدُ الله ؛ فأولَدَ أربعةً : عليّاً ، والعبّاسَ ، وجعفراً وإبراهيم.

لم يُعْقِبْ منهم سوى (عليّ بن عَبْد الله بن عُبَيْد الله) فإنّه أولَدَ ثلاثة : الحُسينَ ، ومحمّداً ، والحَسَنَ.

لم يُعْقِبْ منهم غير (الحَسَن بن عليّ) فإنّه أَعْقَبَ خمسةً : عليّاً ، ومحمّداً ، وإبراهيمَ ، وعَبْد الله ، والعبّاسَ. أُمّ بعضهم : عبدة بنت يحيى بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام.

٢٧٣

وانقرض عَبْد الله بن عبيد الله بن العبّاس السّقاء.

ووَلَدَ الحَسَنُ بنُ عُبَيْد الله بن العبّاس : عَبْدَ الله ، وعبّاساً ، ومحمّداً ، وحمزةَ ، وإبراهيمَ ، والفضلَ ، وعليّاً.

وكان الحسنُ بنُ عُبَيْد الله بن العبّاس لأُمّ وَلَدٍ ، وروى الحديثَ ، وعاشَ سبعاً وستّين سنةً.

فوَلَدَ عليُّ بنُ الحَسَن بن عُبَيْد الله بن العبّاس ، ويُلقّب (حشايا) أربعةً :

محمّداً الزاكي ، والحسنَ وأحمدَ ، وأحمد الصغير(١) .

فوَلَدَ الزاكي : عليّاً ، وأحمد. وانقرضوا.

ووَلَدَ الفضلُ بنُ الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس ـ وكان لسناً فصيحاً ، أحدَ سادات بني هاشم ، يُقالُ له : (ابن الهاشميّة) وكان مُحتشماً عند الخلفاء ـتسعةً : فاطمةَ ، والعبّاسَ ، ومحمّداً ، والعبّاسَ الأصغرَ ، وسُليمانَ ، وعَبْد الله ، وأحمدَ ، وجعفراً ، وعليّاً.

فأمّا جعفرٌ : فأعْقَبَ فَضلاً.

والباقون لم يُعْقِب منهم سوى رجلين : العبّاس الأكبر بيَنْبُع ، ومحمّد. فمن وُلْدِ محمّد بن الفضل بن الحسنِ بنِ عُبَيْد الله بن العبّاس : الفضلُ الشاعرُ الخطيبُ المكنّى (أبا العبّاس ابن محمّد) وله ولدٌ بِقُمّ وطبرستان.

ووجدتُ لأبي العبّاس ؛ الفضل بن محمّد بن الفضل ـ هذا ـ في جدّه

__________________

(١) الأساس (وك وخ وش) بعض العبارات الراجعة إلى (الحسن بن عبيد الله) ساقطة والمتن مضطرب والتصحيح من (ر).

٢٧٤

العبّاس السقّاء ابن عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

إنّي لأَذْكُرُ لِلعبّاسِ مَوْقِفَهُ

بِكربلاء وهامُ القومِ تُخْتَطَفُ

يَحمي الحُسينَ ويسقيهِ على ظَمَأً

ولا يُولّي ولا يثني فيختلفُ

فلا أرى مشهداً يوماً كمشهدهِ

مع الحسين عليه الفضلُ والشَرَفُ

أكرِمْ بهِ مشهداً بانَتْ فضائِلُهُ

وما أضاعَ لهُ أفعالُهُ خَلَفُ(١)

وأمّا العبّاسُ بنُ الفضل بن الحسن : فإنّهُ أولَدَ أربعةً :

عَبْد الله ، وعُبَيْد الله ، ومحمّداً ، وفضلاً.أولد كُلٌّ منهم .

ووَلَدَ إبراهيم بن الحسن بن عُبَيْد الله ـ ويلقّبُ (جردقة) ـ خمسةً : أحمدَ ، وعليّاً ، والحسنَ ، ومحمّداً ، وجعفراً.

فأمّا أحمدُ ، وجعفرٌ : فلم يُعْقِبا.

وأمّا الحسنُ بنُ إبراهيم جردقة : فأولَد :

عليّاً : دَرَجَ.

ومحمّداً : قتلهُ بنُو الحَسَن. فمن وُلدهِ : أبو القاسم ؛ حمزة(٢) بن الحسين ابن محمّد القتيل ابن حسن ابن جردقة.

وأمّا محمّدُ ابن جردقة : فأولد ستّةً ، وهم :

عليٌّ ، وأحمدُ ، ولُبابةُ ، وجعفرٌ ، وإبراهيمُ ، وعَبْد الرحمن.

__________________

(١) الأبيات الأوّل والثاني والرابع في «معجم الشّعراء» للمرزباني (ص ١٨٤) وفيه :

«أكرمْ به سيّداً بانَتْ فضيلَتُهُ

وما أضاعَ لَهُ كَسْبُ العُلا خَلَفُ»

(٢) في النسخة هنا عبارة : (كان ببرذعة) فلاحظ.

٢٧٥

لم يُعْقِبْ منهم غيرُ أحمد بن محمّد ، فإنّ له ثلاثة أولاد ، أعقبوا بمصر ، وهم : محمّدٌ ، والحسنُ ، والحُسينُ ، بنُو أحمد بن محمّد.

ووَلَدَ عليُّ بن إبراهيم جردقة ـ وأُمّه سُعْدى بنتُ عَبْد العزيز المخزوميّ ، وكان ذاجاهٍ ولسنٍ وعارضةٍ ، ومات سنة أربعٍ وستّين ومائتين ـ : تسعةَ عشرَ ذَكَراً.

فمن ولده : أبو عليّ ؛ عُبَيْد الله بنُ عليّ ابن جردقة : أولدَ بمصر.

ويحيى بن عليّ : أولد ببغداد ، وقال ابن خداع النسّابة : رأيتُ ببغداد محمّدَ بنَ يحيى بن عليّ ابن جردقة العبّاسيّ سديداً.

ووَلَدَ حمزةُ بنُ عليّ : ثلاثة ذكور.

ووَلَدَ إسماعيلُ بن عليّ ابن جردقة : ـ ويعرفُ بـ (السامرّي أبي هاشم) ـ : أربعةَ ذكورٍ ، أَعْقَبَ بعضهم.

ووَلَدَ عَبْدُ الله بنُ عليّ ابن جردقة : ثلاثةَ أولادٍ ، أَعْقَبَ بعضهم.

ووَلَدَ أحمدُ بنُ عليّ ـ ويكنّى (أبا الطّيب) ـ : ثلاثةَ ذكور ، أَعْقَبَ بعضهم.

ووَلَدَ زيدُ بنُ عليّ : محمّداً.

ووَلَدَ العبّاسُ بنُ عليّ ابن جردقة ـ ويكنّى (أبا الفضل) وكان بسامرّاء ، ثُمّ انتقلَ إلى مصرَ ـ : تسعةَ(١) ذُكُور :

فمن ولده : حمزةُ بنُ محمّد بن العبّاس بن عليّ ابن جردقة ، أُمّه : أُمّ ولدٍ روميّة ، يقال لها : (لائم) مات سنةَ ستٍّ وعشرين وثلاثمائة ، وله ولدٌ

__________________

(١) في ش (ستة).

٢٧٦

يُقال له : (العبّاس). ومن ولده : أبو الحسن ؛ محمّد الأصمّ ابن عليّ بن العبّاس ، مات عن ولدين : الحسن والحسين.

فوَلَدَ القاسمُ بنُ عليّ ابن جردقة ـ مات بمصر ـ ثلاثة ذكور :

أبا عَبْد الله ، الحسين ، لأُمّ ولدٍ ، له : عليّ.

وأبا الطّيب أحمد ، لأُمّ ولدٍ تُدعى (شاطر) له : ولدان.

وإبراهيمَ بن القاسم ، لم يُعْقِبْ.

ووَلَدَ موسى بن عليّ ابن جردقة : سبعةَ ذُكُورٍ ، فمن ولده : يحيى بن إبراهيم بن موسى بن عليّ ، غرق بمصر في النِيل.

ووَلَدَ إبراهيمُ الأكبرُ ابنُ عليّ ابن جردقة : تسعةَ ذكور ، أَعْقَبَ منهم ثلاثة : عليٌّ ، وجعفرٌ ، وأبو طالب محمّدٌ.

ووَلَدَ الحسنُ بنُ عليّ ـ وكان يسكن بغداد ـ :ثلاثةً أعقبوا :

فمنهم : عليٌّ الناسخ الشيرازي ببغداد بسوق السلاح ، ابن أبي الفضل ؛ العبّاس بن الحسين بن عليّ ابن جردقة.

وأبو العبّاس ؛ محمّد : بالرّصافة ، وله ولدٌ بالجانب الشّرقيّ من بغداد ، ابن أبي أحمد السامريّ ابن الحسن بن عليّ ابن جردقة.

ووَلَدَ محمّدُ بن عليّ بن إبراهيم جردقة ابن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس عليه السلام ـ ويُلقّبُ محمّدٌ (الشطيح) ـ : سبعةَ ذكور.

أَعْقَبَ منهم : الفضلُ بنُ محمّد السطيح(١) بمصر ، كان له بها ولدٌ.

__________________

(١) هكذا في الأساس ، وفي : ش وخ ، «الشطيح» بالمعجمة ، و«السطيح» بالمهملة ، والله العالم.

٢٧٧

وولد حمزة بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس عليه السلام : أربعة ذكور : محمّداً والحسن وعليّاً وقاسماً.

فأمّا محمّد بن حمزة : فكان أحدَ السادات تَقَدُّماً ولسناً وبَراعةً ، قتلهُ الرجّالة في بُستانه على أيّام المكتفي. والحسن أخوه ؛ لم يذكر لهما ولد.

ووَلَدَ عليّ بن حمزة : ثلاثة ذُكُور : محمّداً ، والحسن ، والحسين.

فأمّا الحسن ؛ فلم يُعْقِب.

وأمّا محمّد بن عليّ بن حمزة : فنزل البصرة ، وروى الحديث بها وبغيرها عن عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام وغيره ، وكان متوجِّهاً قويّ الفضل والعلم ، وهو لأُمّ ولدٍ ويُكنّى أبا عَبْد الله.

أنشدني أبو الحسن النيليّ بالبصرة ، قال : أنشدني شيخٌ وَرَدَ إلينا إلى البصرة ، يعرفُ بأبي الحسين ابن الملطيّ(١) عمّن ذكر أنّ الصوليّ أبا بكر أنشدَ لمحمّدٍ(٢) بن عليّ بن حمزة بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهما السلام في رجلٍ سوّفهُ قضاءَ حاجته :

لو كنتُ من دهري على ثقةٍ

لصبرتُ حتّى يبتدي أمريْ

لكنْ نوائبُهُ تُحرّكُني

فاذْكُرْ وُقِيْتَ نوائِبَ الدَهْرِ

واجعلْ لِحاجَتِنا وإنْ كَثُرَتْ

أشغالُكُمْ حَظّاً من الذكْرِ

__________________

(١) في ك و(ش وخ) المطلي ، بتقديم الطاء على اللام.

(٢) ثقة جليل القدر راجع تنقيح المقال (/ ١٥٥) ويقول مؤلفه : وفي داره حصلتْ أُم صاحب الأمر (عجّل الله فرجه) بعد وفاة الحسن العسكري عليه السلام انتهى. وكفاه بهذا فضلاً وشرفاً ونبلاً.

٢٧٨

فالمرءُ لا يخلُو على عقب الْـ

أيّامِ مِن ذَمٍّ ومِن شُكْرِ(١)

ومات محمّدٌ عن ستّة ذُكُورٍ أولدَ بعضُهم.

فأمّا الحسين بن عليّ ، فإنّه أعْقَبَ : محمّداً ، وعليّاً :

فمحمّد لم يُعْقِبْ.

وعليٌّ أَعْقَبَ ثلاثةَ ذُكُورٍ ، أَعْقَبَ بعضهم.

ووَلَدَ القاسمُ بن حمزة بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس عليه السلام : سبعة عشر ذكراً :

منهم : عليّ بن محمّد بن حمزة بن القاسم بن حمزة الحسن بن عُبَيْد الله ، كان من أهل الفضل.

ومنهم : الحسين بن عليّ بن الحسين بن القاسم بن حمزة ، وقع إلى سمرقند.

وأحسب أنّ منهم : جعفر بن علي العبّاسيّ الرقّي النحويّ المعروف (بالإبراهيميّ) رآهُ شيخُنا أبو الحسن النسّابة وروى عنه.

ومنهم : القاضي بطبرستان ، أبو الحسين ؛ عليّ بن الحسين بن محمّد بن الحسين بن الحسن بن القاسم بن حمزة ، مات عن ولدين ذكرين.

فقال لي القاضي أبو جعفر السّمنانيّ بالموصل : جاءنا رجلٌ إلى بغداد عبّاسيّ علويّ ، فكانت له في نفسي هيبةٌ وفي عيني منظرةٌ ، حتّى ربّما سبقتني الدمعة ، وذكرتُ به سلفه عليهم السلام.

__________________

(١) وقد أورد المرزباني هذا الشعر في معجم الشعراء ص ٤١١. في ترجمة محمد بن علي. وسنذكر كلامه فيه عند اسمه في الأعلام من ذرية أبي الفضل عليه السلام.

٢٧٩

فسألتُ عن الرجل ، فخُبِّرتُ أنّه وَلَدٌ للقاضي أبي الحسين ؛ عليّ بن الحسين العبّاسيّ هذا.

ووَلَدَ العبّاسُ بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس الشهيد عليه السلام : وكان سيّداً جليلاً قريبَ المجلس من الرشيد ، شاعراً خطيباً.

أنشدني أبو الغنائم الحسنيّ عن أبي القاسم ابن خداع النسّابة رحمهما الله : للعبّاس بن الحسن يرثي أخاه محمّداً :

وارَى البقيعُ مُحمّداً

لله ما وارى البقيعُ

مِنْ نائِلٍ ويَدٍ ومَعْـ

ـرُوفٍ إذا ضَنَّ المَنُوعُ

وحَيَاً لأيتامٍ وأر

ملةٍ إذا جفَّ الربيعُ

وَلّى فَوَلَّى الجودُ والمَعْـ

ـرُوفُ والحَسَبُ الرفيعُ

وأنشدني شيخُنا أبو عَبْد الله ؛ حمويه بن عليّ بن حمويه ؛ بالبصرة ، للعبّاس بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس عليه السلام أيضاً :

وقالتْ قريشٌ لنا مفخرٌ

رفيعٌ على النّاس لا يُنكَرُ

بِنا يفخَرُون على غيرِنا

فأمّا علينا فلا يَفخرُوا

عشرةَ ذُكور ، أولد منهم أربعةٌ : عُبَيْد الله ، وعليٌّ ، وأحمدُ ، وعَبْد الله.

فمن ولد أحمد : أبو الحسين ؛ زيدٌ الشاعر ـ وكان ليّن الشِعْر ـ ابن أحمد بن العبّاس.

وأمّا عَبْد الله بن العبّاس بن الحسن بن عُبيد الله : فكان سيّداً شاعراً

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294