الصحيفة الصادقية

الصحيفة الصادقية0%

الصحيفة الصادقية مؤلف:
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 294

الصحيفة الصادقية

مؤلف: باقر شريف القرشي
تصنيف:

الصفحات: 294
المشاهدات: 165259
تحميل: 7736

توضيحات:

الصحيفة الصادقية
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 294 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 165259 / تحميل: 7736
الحجم الحجم الحجم
الصحيفة الصادقية

الصحيفة الصادقية

مؤلف:
العربية

بَائساً ، فَقِيراً ، مُسْتَجيراً بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ وَعَظَمَتِكَ ، وَجَبَرُوتِكَ ، وَسُلْطَانِكَ ، وَبِمُلْكِكَ ، وَبَهَائِكَ وَجُودِكَ ، وَكَرَمِكَ ، وَبِآلآئِكَ وَحُسْنِكَ ، وَجَمَالِكَ ، وَبِقُوَّتِكَ على ما أَرَدْتَ مِنْ خَلْقِكَ ، أَدْعُوكَ يا رَبِّ خَوْفاً ، وَطَمَعاً ، وَرَهْبَةً ، وَرَغْبَةً ، وَتَخَشُّعاً ، وَتََمَلُّقاً ، وَتَضَرُّعاً ، وَإلْحَاحاً ، خَاضِعاً لَكَ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ ، وَحْدَكَ ، لا شَرِيكَ لَكَ.

يا قُدُّوسُ ، يا قُدُّوسُ ، يا قُدُّوسُ.

يا الله ، يا الله ، يا الله.

يا رَحْمنُ ، يا رَحْمنُ ، يا رَحْمنُ.

يا رَحِيمُ ، يا رَحِيمُ ، يا رَحِيمُ.

يا رَبُّ ، يا رَبُّ ، يا رَبُّ.

أَعُوذُ بِكَ ، يا اللهُ ، الوَاحِدُ ، الَأحَدُ ، الصَّمَدُ ، الوَتْرُ ، المُتَكَبِّرُ ، المُتَعَالِ. وَأَسْأَلُكَ بِجَمِيعِ ما دَعَوْتُكَ بِهِ ، وَبِأَسْمَائِكَ التي تَمْلُا أَرْكَانَكَ كُلَّهَا ، أَنْ تُصَلِّيَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لي ذَنْبِي ، وَارْحَمْني ، وَوَسِّعْ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ ، وَتَقَبَّلْ مِنِّي شَهْرَ رَمَضَانَ ، وَصِيَامَهُ ، وَقِيَامَهُ ، وَفَرْضَهُ ، وَنَوَافِلَهُ ، وَاغْفِرْ لي ، وَارْحَمْني ، وَاعْفُ عَنِّي ، وَلا تَجْعَلْهُ آخرِ َشَهْرِ رَمَضَانَ صُمْتُهُ لَكَ ، وَعَبَدْتُكَ فِيهِ ، وَلا تَجْعَلْ وَدَاعِي إيَّاهُ وَدَاعَ خُرُوجِي مِنَ الدًّنْيَا.

أللّهُمَّ ، أَوُجِبْ لي مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَمَغْفِرَتِكَ ، وَرِضْوَانِكَ ، وَخِشْيَتِكَ ، أَفْضَلَ ما أَعْطْيتَ أَحَداً مِمَّنْ عَبَدَكَ فِيهِ ، أللّهُمَّ لا تَجْعَلْني آخِرَ مَنْ سَأَلَكَ فِيهِ ، وَاجْعَلْني مِمَّنْ أَعْتَقْتَهُ ، في هَذَا الشَّهْرِ مِنَ النَّارِ ، وَغَفَرْتَ

١٤١

لَهُ مِنْ ذَنْبِهِ ، ما تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ ، وَأَوجَبْتَ لِهُ أَفْضَلَ ما رَجَاكَ وَأَمِلَهُ مِنْكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ ، ارزُقْني الَعَوْدَ في صِيامِهِ لَكَ ، وَعِبَادَتِكَ فِيهِ ، وَاجعَلنِي مِمَّنْ كَتَبْتَهُ ، في هَذَا الشَّهْرِ ، مِنْ حُجّاجِ بَيْتِكَ الحَرَامِ ، المَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، المَغْفُورِ لَهُمْ ذَنْبُهُمْ المُتَقَبَّلِ عَمَلُهُمْ آمينَ ، آمين ، آمين ، يا ربَّ العَالَمِينَ.

اللّهُمَّ ، لا تَدَعْ لي فِيهِ ذَنْباً إلَّا غَفَرْتَهُ ، وَلا خَطِيَئَةً إلَّا مَحَوْتَهَا ، وَلا عَثْرَةً إلَّا أَقَلْتَهَا ، وَلا دَيْناً إلَّا قَضَيْتَهُ ، وَلا عَيْلَةً إلَّا أَغْنَيْتَهَا ، وَلا هَمّاً إلَّا فَرَّجْتَهُ ، وَلا فَاقَةً إلَّا سَدَدْتَهَا ، وَلا عِرْيَاناً إلَّا كَسَوْتَهُ ، وَلا مَرِيضَاً إلَّا شَفَيْتَهُ ، وَلا دَاءاً إلَّا أذْهَبْتَهُ ، وَلا حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا ، وَالآخِرَةِ ، إلَّا قَضَيْتَهَا ، على أَفْضَلِ أَمَلِي وَرَجَائِي فِيكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ ، لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنَا ، وَلا تُذلَّنَا بَعْدَ أِذْ عَزَّزْتَنَا ، وَلا تَضَعْنَا بَعْدَ إذْ رَفَعْتَنَا ، وَلا تُهِنَّا بَعْدَ إذْ أكْرَمْتَنَا ، وَلا تُفْقِرْنَا بَعْدَ إذْ أَغْنَيْتَنَا وَلا تَمْنَعْنَا بَعْدَ إذْ أَعْطَيْتَنَا ، وَلا تَحْرِمْنَا بَعْدَ إذْ رَزَقْتَنَا ، وَلا تُغَيِّرْ شَيْئَاً مِنْ نِعْمَتِكَ عَلَيْنا ، وَإحْسَانِكَ إلَيْنا ، لشَيءٍ كَانَ مَنْ ذُنُوبِنَا ، وَلا لِمَا هُوَ كَائِنٌ مِنَّا ، فَإنَّ في كَرَمِكَ ، وَعَفْوِكَ ، وَفَضْلَكَ ، وَمَغْفِرَتِكَ ، سَعَةً لِمَغْفِرَةِ ذُنُوبِنَا ، فَاغْفِر لنا وَتَجَاوَزْ عَنَّا ، وَلا تُعَاقِبْنَا يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ ، أكْرِمْني في مَجْلِسِي هَذَا ، كَرَامَةً لا تُهِنّيِ بَعْدَهَا أَبَداً ، وَأَعِزَّني عِزّاً لا تُذِلُّني بَعْدَهُ أَبَداً ، وَعَافِني عَافِيَةً لا تَبْتَلِيني بَعْدَهَا أَبَداً ، وَارْفَعْنِي رَفَعَةً لا تَضَعُني بَعْدَهَا أَبَداً ، وَاصرِفْ عَنَّي شَرَّ كُلِّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ، وَشَرَّ كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، وَشَرَّ كُلِّ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ ، وَشَرَّ كُلَّ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ ،

١٤٢

وَشَرَّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إنَّ رَبِّي على صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

اللّهُمَّ ، ما كَانَ في قَلْبي مِنْ شَكٍّ أَوْ رِيبَةٍ ، أَوْ جُحُودٍ ، أَوْ قُنُوطٍ ، أَوْ فَرَحٍ ، أَوْ مَرَحٍ ، أَوْ بَطَرٍ ، أَوْ بَذْخٍ ، أَوْ خُيَلاءَ ، أَوْ رِيَاءَ ، أَوْ سِمْعَةٍ ، أَوْ شِقَاقٍ ، أَوْ نِفَاقٍ أَوْ كُفْرٍ ، أَوْ فُسُوقٍ ، أَوْ مَعْصيَةٍ ، أَوْ شَيْءٍ لا تُحِبُّ عََلَيْهِ وَلِّياً لَكَ ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تَصَلِّيَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَمْحُوَهُ مِنْ قَلْبِي ، وَتُبَدِّلَني مَكَانَهُ إيمَاناً بِوَعْدِكَ ، وَرِضَاً بِقَضَائِكَ ، وَوَفَاءً بِعَهْدِكَ ، وَوَجَلاً مِنْكَ ، وَزُهْداً في الدُّنْيَا ، وَرَغْبَةً فِيمَا عِنْدَكَ ، وَثِقَةً بِكَ ، وَطُمَأنِينَةً إلَيْكَ ، وَتُوْبَةً نَصوُحاً إلَيْكَ.

اللّهُمَّ ، إنْ كُنْتَ بَلَّغْتَنَاهُ ، وَإلاَّ فَأَخِّر آَجَالَنَا إلى قَابِلٍ حَتَّى تُبَلَّغَنَاهُ في يُسْرٍ مِنْكَ وَعَافِيَةٍ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَثيراً وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ ، الحَمْدُ لله الذي بَلَّغَنَا شَهْرَ رَمَضَانَ ، وَأَعَانَنَا على صِيَامِهِ وَقِيامِهِ حَتَّى انْقَضَتْ آخِرُ لَيْلَةٍ مِنْهُ ، وَلَمْ يَبْتَلِنَا فِيهِ بِارْتِكَابِ حَرَامٍ ، ولا انْتِهَاكِ حُرْمَةٍ ، وَلا بِأَكْلِ رِباً ، وَلا بِعُقُوقٍ لِوَالِدَينِ ، وَلا قَطْعِ رَحِمٍ ، وَلا بِشَيْءٍ مِنَ البَوَائِقِ ، وَالكَبَائِر ، وَأَنْوَاعِ البَلَايَا التي قَدْ بُلِيَ بِهَا مِنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي.

اللّهُمَّ ، فَلَكَ الحَمْدُ شُكْراً ، على ما عَافيتَني ، وَحُسْنِ ما ابْتَلَيْتَني ، إلهي أُثْني عَلَيْكَ ، أَحْسَنَ الثَّنَاءِ ، لَأنَّ بَلَاءَكَ عَنْدِي أَحْسَنُ البَلَاءِ أَوْقَرْتَني نِعَماً ، وَأَوْقَرْتُ نَفْسيِ ذُنُوباً ، كَمْ مِنْ نِعْمَةِ لَكَ يا سَيدِي ، أَسْبَغْتَهَا عَلَيَّ لَمْ أُؤَدِّ شُكْرَهَا ، وَكَمْ مِنْ خَطِيئَةٍ ، أَحْصَيْتَهَا عَلَيَّ أَسْتَحْيِيْ مِنْ ذِكْرِهَا ، وَأَخَافُ خِزْيَهَا ، وَأَحذَرُ مَعْرَّتَّهَا ، إنْ لَمْ تَعْفُ عَنِّي أَكُنْ مِنَ الخَاسِرِينَ. إلهيِ : فَإنَّي أعَتَرِفُ لَكَ بِذُنُوبي ، وَأَذْكُرُ لَكَ حَاجَتي ،

١٤٣

وَأَشكُو إلَيْكَ مَسْكَنَتي ، وَفَاقَتي ، وَقَسْوَةَ قَلْبِي ، وَمَيْلَ نَفْسِي ، فَإنَّكَ قُلْتَ : « فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ » وَهَا أَنَا : قَدْ اسْتَجَرْتُ بِكَ ، وَقَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ مِسْكِينًا مُتِضَرِّعاً ، رَاجِياً ، لِمَا أُرِيدُ مِنَ الثَّوَابِ ، بِصِيَامِي وَصَلاتي ، وَقَدْ عَرَفْتُ حَاجَتي وَمَسكَنَتي ، إلى رَحْمَتِكَ وَالثَبَاتَ على هُدَاكَ ، وَقَدْ هَرَبْتُ إلَيْكَ هَرَبَ العَبْدَ السُّوءِ إلى المَوْلَى الكَرِيمِ.

يا مَوْلايَ ، وَتَقَرَّبْتُ إلَيْكَ ، فَأَسْأَلُكَ بِوِحْدَانِيَّتِكَ لَمَّا صَلَيَّتَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلاةً كَثِرَةً ، كَرِيمَةً ، شَرِيفَةً ، تُوجِبُ لي بِهَا شَفَاعَتَهُمْ ، وَالقِيَامَةَ عِنْدَكَ ، وَصَلَّيْتَ على مَلَائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ ، وَأَنْبِيَائِكَ المُرْسَلِينَ ، وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، لَمَّا غَفَرْتَ لي في هَذَا اليَوْمِ ، مَغْفِرَةً لا أشْقَى بَعْدَهَا أَبَداً ، إنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرُ ، وَصَلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَثِيراً ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ »(1) .

وحكى هذا الدعاء ، الشريف عن أنابة الامامعليه‌السلام ، لله تعالى ، وإعتصامه به ، وقد تجاوز بذلك حدود الزمان والمكان.

لقد ودع الامامعليه‌السلام ، بهذا الدعاء ، شهر رمضان المبارك ، وقد ألم بمدى تعظيمه ، وتقدسيه ، لهذا الشهر ، الذي هو شهر الطاعة ، وشهر التقوى وشهر الانابة إلى الله تعالى.

19 ـ دعاء أخر في وداع رمضان

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، يودع شهر رمضان ، بهذا الدعاء ، وكان يقرأه في العشر الاواخر منه :

« أَعُوذُ بِجَلَالِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ ، أَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي شَهْرُ رَمَضَانَ ، أَوْ

__________________

1 ـ المصباح ( ص 634 ـ 640 ) البلد الامين ( 522 ).

١٤٤

يَطْلَعُ الفَجْرُ مِنْ لَيْلَتي هَذِهِ ، وَلَكَ عِنْدِي تَبِعَةٌ ، أَوْ ذَنْبٌ ، تُعَذِّبُني عَلَيْهِ يَوْمَ أَلْقَاكَ »(1) .

حقا هذا هو التبتل الحقيقي ، إلى الله تعالى الذي هو معقل الرجاء والامل للعارفين والمتقين.

هذه بعض الادعية ، التي أثرت عن عملاق الفكر الاسلامي ، الامام الصادقعليه‌السلام ، في شهر رمضان المبارك ، وبهذا ينتهي بنا الحديث عن أدعية رمضان.

__________________

1 ـ الاقبال ( ص 199 ).

١٤٥
١٤٦

القسم الخامس

في أدعية الحج

١٤٧
١٤٨

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، يستقبل السفر إلى حج بيت الله الحرام ، بشوق بالغ ، ورغبة ملحة ، وذلك لما يترتب على هذه العبادة من الثمرات والفوائد ، البالغة الاهمية ، فإن الحج ، أهم مؤتمر إسلامي ، يلتقي فيه المسلمون ، من شتى أقطار الارض لاداء فريضة الحج ، وعرض قضاياهم المصيرية ، وما ألم بهم من أحداث وشؤون.

وكان الامام الصادقعليه‌السلام ، بحسب مركزه الروحي ، الزعيم الاعلى للعالم الاسلامي فكانت وفود بيت الله الحرام ، تتشرف بلقياه ، لانه بقية النبوة والامامة فتأخذ منه معالم دينها ، ومناسك حجها ، وقد قامعليه‌السلام بدور إيجابي ، في بيان أكثر مسائل الحج وفروعه ، ويقول الرواة : أنه لولاه ولولا أبو الامام الباقرعليه‌السلام من قبل لما عرف المسلمون مناسك حجهم ، وقد دونت تلك المسائل ، في كتب الحديث ، وموسوعات الفقه الاستدلالي ، وبالاضافة لذلك ، فقد قام الامامعليه‌السلام بدور مهم في تفسيد وإبطال ، أوهام الملحدين ، الذين كانوا يفدون إلى بيت الله الحرام ، في موسم الحج ، لافساد عقائد المسلمين ، أمثال عبد الكريم بن أبي العوجاء ، وجماعته ، فقد تصدى لهم الامام وأبطل جميع شبههم ، وأوهامهم ، وقد عرضنا إلى تفصيل ذلك كل في بحوث هذا الكتاب.

١٤٩

وعلى أي حال ، فقد أثرت عن الامام الصادقعليه‌السلام ، كوكبة مشرقة من الادعية الجليلة ، في حال سفره من بيته إلى حال فراغه من مناسك الحج ، وفي ما يلي تلك الادعية.

1 ـ دعاؤه في الخروج إلى السفر

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، إذا اراد الخروج إلى السفر ، لبيت الله الحرام دعا ، بهذا الدعاء ، وقد علمه إلى أبي سعيد المكاري ، وهذا نصه

« اللّهُمَّ ، إنِّي خَرَجْتُ في وَجْهِي هَذَا ، بِلا ثِقَةٍ مِنِّي لِغَيْرِكَ ، وَلا رَجَاءٍ آوِي إلَيهِ إلاَّ إلَيْكَ ، وَلا قُوَّةٍ أَتَّكِلُ عَلَيْهَا ، ولا حيلَةٍ أَلْجَأ إلَيْهَا إلاَّ طَلَبَ فَضْلِكَ ، وَإبْتِغَاءَ رِزْقِكَ ، وَتَعَرُّضاً لِرَحْمَتِكَ ، وَسُكُوناً إلى حُسْنِ عَادَتِكَ ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِمَا سَبَقَ لي ، في عِلْمِكَ في سَفَري هَذَا ، مِمَّا أُحِبُّ أَوْ أَكْرَهُ ، فَإنَّ ما وَقَعْتُ عَلَيْهِ ، يا رَبُّ ، مِنْ قََدَرِكَ فَمَحْمُودٌ فِيهِ بِلَاؤُكَ ، وَمُتَّضِحٌ عِنْدِي فِيهِ قَضَاؤُكَ ، وَأَنْتَ تَمْحُو ما تَشَاءُ ، وتُثْبِتُ ، وَعِنْدَكَ أُمُّ الكِتَابِ.

اللّهُمَّ ، فَاصْرِفْ عَنِّي مَقَادِيرَ كُلِّ بَلَاءٍ ، وَمَقْضِيَّ كُلِّ لْأوَاءٍ ، وَابْسطْ عَلَيَّ كَنَفاً مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَلُطْفاً مِنْ عَفْوِكَ ، وَسَعَةً مِنْ رِزْقِكَ ، وَتَمَاماً مِنْ نِعْمَتِكَ ، وَجُمَاعاً مِنَ مُعَافَاتِكَ ، وَأَوْقِعْ عَلَيَّ فِيهِ جَميَعَ قَضَائِكَ ، على مُوَافَقَةِ جَميعِ هَوَايَ ، في حَقِيقَةِ أَحْسَنِ عَمَلي ، وَدَفعِ ما أَحْذَرُ فِيهِ ، وَمَا لا أَحْذَرُ على نَفْسي ، وَدِيني ، وَمَالِي ، مِمَّا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، وَاجْعَلْ ذلِكَ خَيْراً لآخِرَتي ، وَدُنْيَايَ ، مَعَ ما أَسْأَلُكَ ، يا رَبُّ أَنْ تَحْفَظَنِي ، فِيمَا خَلَّفْتُ وَرَائي ، مِنْ أَهْلي ، وَوَلَدِي ، وَمَا لي وَمَعِيشَتي ، وَحُزَانَتي ، وَقَرَابَتي ، وَإخْوَاني ، بأحَسَنِ ما خَلَّفْتَ بِهِ غَائِباً مِنَ المُؤمِنِينَ في تَحْصِينِ كُلِّ عَوْرَةٍ ، وَحِفْظٍ مِنْ كُلِّ مَضْيَعَةٍ ، وَتَمَامِ كُلِّ نِعْمَةٍ ، وَكِفَايَةِ كُلِّ

١٥٠

مَكْرُوهٍ ، وَسَتْرِ كُلِّ سَيِّئَةٍ ، وَصَرْفِ كُلِّ مَحْذُورٍ ، وَكَمَالِ كُلِّ ما يَجْمَعُ لِيَ الرِّضا وَالسُّرور في جَميعِ أُمُوري ، وَأفْعَلْ ذلِكَ بِيَ ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَصَلِّ على مُحَمَّدٍ ، وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَركَاتُهُ »(1) .

ويمثل هذا الدعاء الجليل ، صرحا من صروح الايمان ، الذي أقامه سليل النبوة ، للمتقين والمنيبين ، فقد أرشدهم إلى التمسك ، والاعتصام بالله في جميع شؤونهم ، وأمورهم ، وان غير الله وهم وسراب ، ومن الجدير بالذكر أن هذا الدعاء يدعي به في كل سفر سواء ، إلى بيت الله الحرام أو غيره.

2 ـ دعاء آخر في السفر لبيت الله

وأوصى الامام الصادقعليه‌السلام ، تلميذه ، الفقيه معاوية بن عمار ، أن يدعو بهذا الدعاء إذا أراد السفر للحج والعمرة ، وهذا نصه :

« لا إلهَ إلاَّ اللهُ ، الحَلِيمُ الكَرِيمُ ، لا إلهَ إلاَّ اللهُ العَلِيُّ العَظِيم ، سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ، وَرَبِّ الَأرْضِينَ السَّبْعِ ، وَرَبِّ العَرْشِ العَظِيم ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين.

اللّهُمَّ ، كُنْ لي جَاراً ، مِن كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، وَمِنْ كُلِّ شَيْطَان رَجِيمٍ مريد.

بِسْمِ اللهِ دَخَلْتُ ، وَبِسْمِ الله خَرَجْتُ وَفي سَبِيلِ اللهِ ، اللّهُمَّ ، إنِّي أُقْدِّمُ بَيْنَ يَدَيَّ ، نِسْيَانِي وَعَجَلَتي ، بِسْمِ الله ، مَا شَاَءَ اللهُ ، في سَفَرِي هَذَا ذَكَرْتُهُ ، أَوْ نَسِيتُهُ ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ المُسْتَعَانُ على الأمورِ كُلِّهَا ، وَأَنْتَ

__________________

1 ـ وسائل الشيعة 8 / 286.

١٥١

الصَّاحِبُ في السَفَرِ ، وَالخَليفَةُ في الَأهْلِ ، اللّهُمَّ ، هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا ، وَاطْوِ لَنا الَأرْض ، وَسَيِّرْنا فِهَا بِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ ، اللّهُمَّ ، أصْلِحْ لَنَا ظَهْرَنَا ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا ، وَقِنَا عَذَابَ النَّار.

اللّهُمَّ ، إنِّي أَعْوذُ بِكَ ، مِنَ وَعْثَاءِ السَفَرِ ، وَكآبَةِ المُنْقَلَبِ ، وَسُوْءِ المُنْظَرِ في الَأهْلِ وَالمَالِ وَالوَلَدِ ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ عَضُدِي ، وَنَاصِري ، بِكَ أَحِلُّ وَبِكَ أَسِيرُ ، اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ في سَفَرِي هَذَا : السُّرُورَ وَالعَمَلَ ، لِمَا يُرْضِيكَ عَني ، اللّهُمَّ ، إقْطَعْ عَني بُعْدَهُ وَمَشَقَّتَهُ ، وَاصْبَحْني فِيهِ ، وَأَخْلِفْني في أَهْلِي بِخَيْرٍ ، وَلا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلاَّ بالله العلِّي العَظِيم ،

اللّهُمَّ ، إنِّي عَبْدُكَ ، وَهذه جمالاتُكَ ، والوَجْهُ وَجْهُكَ ، والسَفَرُ إلَيْكَ ، وقَدْ اطََّلَعْتَ على مَا لَمْ يطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ غَيْرُكَ ، فَاجْعَلْ سَفَرِي هَذَا كَفَّارَةً ، لِمَا قَبْلَهُ ، مِنْ ذُنُوبي ، وَكُنْ عَوْنا لي عَلَيْهِ ، وَاكْفِنيِ وَعَثَهُ وَمشقَّتهُ ، وَلَقِنِّي مِنَ القَوْلِ وَالعَمَلِ رِضاكَ فإنَّما أَنَا عَبْدُكَ ، وَبِكَ وَلَكَ.(1) .

وحفل هذا الدعاء بتوحيد الله والثناء عليه ، بما هو أهله ، وبالاستعاذة به تعالى من كل جبار عنيد ، وشيطان رجيم ، كما حفل بالطلب من الله العون والمساعدة على وعثاء السفر ، ومشقة الطريق ، وأن يرزقه رضاه وعفوه ، وغفرانه.

3 ـ دعاؤه عند ركوب راحلته

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، إذا اعتلى راحلته للسفر ، إلى بيت الله الحرام ، دعا بهذا الدعاء :

__________________

1 ـ وسائل الشيعة 8 / 278 ـ 279 ).

١٥٢

« بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، بِسْمِ اللهِ ، وَالله أَكْبَرُ وَإذَا اسْتَوىَ على رَاحِلَتِهِ. قَالَ : الحَمْدُ للهِ الذي هَدَانَا لِلاسْلامِ ، وَعَلَّمَنَا القُرْآنَ ، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ (ص) ، سُبْحَانَ الله ، سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هَذَا ، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ، وَإنّا إلى رَبنَا لَمُنْقَلِبونَ ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ الحَامِلُ عَلَى الظَّهْرِ ، وَالمُسْتَعَانُ عَلَى الَأمْرِ ، اللّهُمَّ ، لا طَيرَ إلاَّ طَيْرُكَ ، وَلا خَيْرَ إلاَ خَيْرُكَ ، وَلا حَافِظَ غَيْرُكَ »(1) .

4 ـ دعاؤه في اثناء المسير

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، في أثناء مسيره في السفر ، إلى بيت الله الحرام ، يمجد الله ، ويلهج بذكره ، وكان فيما يدعو به هذا الدعاء :

« اللّهُمَّ ، أنِّي أَسْأَلُكَ لِنَفْسِي ، اليَقِينَ ، وَالعَفْوَ ، وَالعَافِيَةَ ، في الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ ثِقَتي وَرَجَائِي ، وَأَنْتَ عَضُدِي ، وَأَنْتَ نَاصِرِي ، بِكَ أَحِلُّ وَبِكَ أَسِيرُ »(2) .

حكى هذا الدعاء ، مدى اعتصام الامامعليه‌السلام بالله تعالى ، وإلتجائه إليه في جميع شؤونه.

5 ـ دعاؤه عند باب المسجد الحرام

وكان الامام الصادقعليه‌السلام ، إذا انتهى إلى مكة المكرمة ، قصد البيت الحرام ، ليطوف حول الكعبة ، وكان يقف عند باب البيت المعظم ،

__________________

1 ـ وسائل الشيعة 8 / 281 ـ 282.

2 ـ وسائل الشيعة 8 / 286.

١٥٣

ويدعو بهذا الدعاء ، وقد رواه عنه الثقة أبو بصير ، وهذا نصه :

« بِسْمِ الله ، وَبِاللهِ ، وَمِنَ اللهِ ، وَمَا شَاءَ اللهُ ، وَعلى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ (ص) وَخَيْرُ الَأسمَاءِ للهِ ، وَالحَمْدُ للهِ ، والسَّلَامُ على رَسُولِ الله ، السَّلَامُ على مُحَمَّدٍ بنُ عَبْدِاللهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ ، أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةً اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلَامُ على أَنْبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ ، السَّلَامُ على إبْرَاهِيمَ خَليلِ الرَّحْمنِ ، السَّلَامُ على المُرْسَلِينَ ، وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَميِنَ ، السَّلَامُ عَلَيْنَا ، وَعلى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ ، اللّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ ، عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، وَعلى إبْرَاهِيمَ خَلِيلِكَ ، وَعلى أَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ ، وَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ ، وَسَلَامٌ على المُرْسَلِينَ وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ.

اللّهُمَّ ، إفْتَحْ لي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ ، وَاسْتَعْمِلْني في طَاعَتِكَ ، وَاحْفَظْني بِحِفْظِ الإِيمَانِ ، أَبَداً ، ما أبْقَيْتَني ، جَلَّ ثَنَاءُ وَجْهِكَ ، الحَمْدُ للهِ الذي جَعَلَني مِنْ وَفْدِهِ وَزُوَّارِهِ ، وَجَعَلَني مِمَّنْ يُعمِّرُ مَسَاجِدَهُ ، وَجَعَلَني مِمَّن يُنَاجِيهِ.

اللّهُمَّ ، إني عَبْدُكَ ، وَزَائِرُكَ في بَيْتِكَ ، وَعلى كُلِّ مَأْتِيٍّ حَقٌّ لِمَنْ أَتَاهُ وَزَارَهُ ، وَأَنْتَ خَيْرُ مَأْتي ، وَأَكْرَمُ مَزُورٍ ، فَأَسْأَلُكَ ، يا اللهُ ، يا رَحْمنُ وَبِأَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ ، وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، وَبِأَنَّكَ وِاحِدٌ صَمَدٌ ، لَمْ تَلِدْ ، وَلَمْ تُولَد ، وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفْواً أَحَدٌ ، وَأَنَّ مُحَمَداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ ، وَعلى أَهْلِ بَيْتِهِ.(1) يا جَوَادُ يا كَرِيمٌ ، أَسْأَلُكَ أَنْ

__________________

1 ـ كذا في الاصل ، واحتمل هناك سقط وان فيه سلاما على أهل البيتعليهم‌السلام أو دعاءا لهم.

١٥٤

تَجْعَلَ تُحْفَتَكَ إيَّايَ ، بِزِيَارَتِي إيَّاكَ ، أَوَّلَ شَيْءٍ تُعْطِيني فَكَاكَ رَقَبَتي مِنَ النَّارِ ،

اللّهُمَّ ، فُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ

كان يقول ذلك ثلاثا

وَأَوسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الحَلَالِ الطَيِّبِ ، وَادْرَأْ عَنِّى شَرَّ شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالجنَّ ، وَشَرَّ فَسَقَةِ العَرَبِ وَالعَجَمِ »(1) .

6 ـ دعاؤه عند دخول المسجد الحرام

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، إذا دخل البيت الحرام ، دخله بسكينة ، وخشوع ، ووقار ، وقد أوصى بذلك تلميذه الفقيه معاوية بن عمار ، وقال له : من دخله ـ البيت الحرام ـ بخشوع غفر الله له ، فقال له عمار : ما الخشوع؟ قالعليه‌السلام : السكينة ، لا تدخل بتكبر ، وأمره بالدعاء التالي عند باب المسجد :

« السَّلَامُ عَلَيْكَ إَيُّها النَّبِيُّ وَرَحْمَةً اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ، بِسْمِ الله ، وَبِاللهِ ، وَمِنَ اللهِ ، وَمَا شَاءَ اللهُ ، وَالسَّلَامُ على أَنبْيَاءِ الله وَرُسُلِهِ ، وَالسَّلَامُ على رَسُولِ اللهِ (ص) وَالسَّلَامُ على إبراهيمَ خَليلِ اللهِ ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ ».

وقال له : إذا دخلت المسجد ، فارفع يديك ، واستقبل البيت ، وقل :

« اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ في مَقَامِي هِذا ، في أَوَّلِ مَنَاسِكِي ، أَنْ تَقْبَلَ تَوْبَتي ، وَأَنْ تَتَجَاوَزَ عَنْ خَطيئتي ، وَتَضَعَ عَنْي وِزْرِي ، الحَمْدُ للهِ الذي

__________________

1 ـ وسائل الشيعة 9 / 321 ـ 322 ).

١٥٥

بَلَّغَني بَيْتَهُ الحَرَامَ.

اللّهُمَّ ، إنِّي أَشْهَدُ ، أَنَّ هَذَا بَيْتَكَ الحَرَامَ ، الذي جَعَلْتَهُ مَثَابَةً لِلْنَّاسِ وَأَمْناً وَمُبَارَكاً ، وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ ،

اللّهُمَّ ، أنِّي عَبْدُكَ ، وَالبَلَدُ بَلَدُكَ ، وَالبَيْتُ بَيْتُكَ ، جَئْتُ أَطْلُبُ رَحْمَتَكَ ، وَأَرُومُ طَاعَتَكَ ، مُطِيعاً لإمْرِكَ ، رَاضِياً بِقَدَرِكَ ، أَسْألُكَ مَسْأَلَةَ المُضْطَرِ إلَيْكَ ، الخَائِفِ لِعُقُوبَتِكَ ، اللّهُمَّ ، إفْتَحْ لي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ ، وَاسْتَعْمِلْني بِطَاعَتِكَ وَمَرْضَاتِكَ »(1) .

ويمثل هذا الدعاء مدى إنابته إلى الله ، وانقطاعه إليه ، فهو الذي وضع المناهج العليا لمناسك الحج ، وأرشد المسلمين إلى أفضل الطرق في أداء هذه العبادة.

7 ـ دعاؤه حول الكعبة

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، يستقبل الكعبة المعظمة بالخشوع ، وذكر الله وقد روى ذريح ، ما شاهده من الامام ، وما سمعه من دعائه قال : رأيت الامام في الكعبة ، وهو ساجد ، يقول :

« لا يَرُدُ غَضَبَكَ إلا حِلْمُكَ ، وَلَا يُجِيرُ مِنْ عَذَابِكَ إلاَّ رَحْمَتُكَ ، وَلا يُنْجِي مِنْكَ إلاَّ التَضَرُعُ إلَيْكَ ، فَهَبْ لي ، يا إلهي ، فَرَجاً بِالقُدْرَةِ التي بِهَا تُحْيِي أَمْوَاتَ العِبَادِ ، وَبِهَا تَنْشُرُ مَيْتَ البِلَادِ ، وَلا تُهْلِكْنِي ، يا إلهي حَتَّى تَسْتَجِيبَ لي دُعَائِي وَتُعَرِّفَني الإِجَابَةَ.

اللّهُمَّ ، ارْزُقْني العَافِيَةِ إلى مُنْتَهى أَجَلِي ، وَلا تَشْمِتْ بي عَدُوِّي ،

__________________

1 ـ وسائل الشيعة 9 / 321.

١٥٦

وَلا تُمَكِّنْهُ مِنْ عُنُقِي ، مَنْ ذا الذي يَرفَعُني إنْ وَضَعْتني؟ وَمَنْ ذا الذي يَضِعُني إنْ رَفَعْتني؟ وَإنْ أَهْلَكْتَني فَمنْ ذَا الذي يَعْرِضْ لَكَ في عَبْدِكَ ، أَوْ يَسْألُكَ عَنْ أَمْرِهِ ، فَقَدْ عَلِمْتُ يا إلهي ، أَنَّهُ لَيْسَ في حُكْمِكَ ظَلْمُ ، وَلَا في نقْمَتك عجَلَةٌ ، إنَّما يَعْجَلُ مَنْ يَخَافُ الفَوْتَ ، وَيَحْتَاجُ إلى الظُلْمِ الضعيفُ ، وَقَدْ تعالَيْتَ يا إلهي عَنْ ذلِكَ.

إلهي فَلَا تَجْعَلْني لِلْبَلَاءِ غَرَضاً ، وَلَا لِنَقْمَتِكَ نَصَباً ، وَأمْهِلْني وَنَفْسِي ، وَأَقلني عَثْرَتي ، وَلَا تَرُدَّ يَدِي في نَحْرِي ، وَلَا تُتْبِعْني بِبَلاءٍ ، فَقَدْ تَرَى ضَعْفِي ، وَتَضَرُعي إلَيْكَ ، وَوَحْشتِي مِنَ النَّاسِ ، وَأُنْسِي بِكَ ، أَعُوذُ بِكَ اليَوْمَ فأعِذْني ، وَأَسْتَجِيرُ بِكَ فَأَجِرْني ، وَأَسْتَعينُ بِكَ عَلَى الضَرَّاءِ فَأَعِنِّي ، وَأَسْتَنْصِرُكَ فَانْصُرني ، وَأَتوكَّلُ عَلَيْكَ فَاكْفني ، وأُومنُ بِكَ فَآمِنِّي ، وَأَسْتَهْدِي بِكَ فَاهْدِني ، وَأسْتَرْحِمُكَ فَارْحَمْني ، وَأسْتَغْفِرُكَ مِمَّا تَعْلَمُ فَاغْفِر لي ، وَأَسْتَرْزِقُكَ مِنْ فَضْلِكَ الواسِعِ ، فارْزُقْني ، ولا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ »(1) .

لقد إتجه الامامعليه‌السلام ، بمشاعره وعواطفه نحو الله تعالى ، وناجاه بإيمان لا حدود له ، وقد طلب منه أجل وأسمى ما يطلبه المتقون ، والعارفون ، فقد طلب منه خير الدنيا وخير الآخرة.

8 ـ دعاؤه عند دخول الكعبة

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، يهتم إهتماما بالغا ، في الدخول إلى الكعبة المعظمة ، وقد عهد إلى تلميذه الفقيه ، معاوية بن عمار ، أن لا يدخلها بحذائه ، ويقول عند الدخول : اللهم : إنك قلت :«ومن دخله كان آمنا »

__________________

1 ـ وسائل الشيعة 9 / 375 ـ 376.

١٥٧

فَآمِنِّي مِنْ عَذَابِ النار ، كما أمره بالصلاة ركعتين بين الاسطوانتين على الحمراء ، ويقرأ في الركعة الاولى ( حم السجدة ) وفي الثانية عدد آياتها من القرآن ويصلي في زواياه ويقول :

« اللّهُمَّ ، مَنْ تَهَيَّأَ ، أَوْ تَعَبَّأَ ، أَوْ أسْتَعَدَّ ، أَوْ اسْتَعَدَّ لِوَفَادَةِ إلى مَخْلُوقٍ رَجَاءَ رِفْدِهِ وَجَائِزَتَهِ ِ، وَنَوَافِلِهِ وَفَواضِلِهِ ، فَإلَيْكَ يا سَيِّدي ، تَهْيِئَتي ، وَتَعْبِئَتي ، وَاسْتِعْدَادِي ، رَجَاءَ رَفْدِكَ ، وَنَوَافِلِكَ ، وَجَائِزَتِكَ ، فَلا تُخَيِّب اليَوْمَ رَجَائِي ، يا مَنْ لا يَخِيبُ سَائِلُهُ ، وَلا يَنْقُصُ نَائِلُهُ ، فَإنِّي ، لَمْ آتِكَ اليَوْمَ ، بَعَمَلٍ صَالِحٍ قَدَّمْتُهُ ، وَلا شَفَاعَةِ مَخْلُوقٍ رَجَوْتُهُ ، وَلكِني أَتَيْتُكَ مُقِرّاً بِالذُّنُوبِ وَالإٍسَاءَةِ على نَفْسي ، فَإنَّهًُ لا حُجَّةَ لي ، وَلا عُذْرَ ، فَأَسْأَلُكَ يا مَنْ هُوَ كَذلِكَ ، أَنْ تُصَلِّيَ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَتُعْطِيَني مَسْأَلَتِي ، وَتُقِيلَني عَثْرَتِي ، وَتَقْبَلَني بِرَغْبَتي ، وَلا تَرُدَّني مَجْبُوهاً مَمْنُوعاً ، وَلا خَائِباً ، يا عَظِيمُ ، يا عَظِيمُ ، يا عَظِيمُ ، اَرْجْوكَ يَا عَظيمُ ، أَسْأَلُكَ يَا عَظِيمُ أَنْ تَغْفِرَ لي الذَّنْبَ العَظِيمَ ، يا عَظِيمُ ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ »(1) .

أرأيتم سيد العارفين والمتقين ، كيف يتذلل أمام الخالق العظيم؟ لقد علمنا كيف نخاطب الله تعالى؟ وكيف ندعوه ونتوسل إليه؟

9 ـ دعاؤه عند الحجر الاسود

أما بداية الطواف حول البيت المعظم ، فمن الحجر الاسود ، وقد أثرت عن الامام الصادقعليه‌السلام ، بعض الادعية ، التي كان يدعو بها حول هذا الحجر المقدس ، وهي :

أ ـ روى الفقيه ، معاوية بن عمار ، عن الامام الصادقعليه‌السلام ، أنه

__________________

1 ـ وسائل الشيعة 9 / 372 ـ 373.

١٥٨

قال له : إذا دنوت من الحجر الاسود ، فارفع يديك ، واحمد الله ، وثن عليه ، وصل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واسأل الله أن يتقبل منك ، ثم استلم الحجر وقبله ، فإن لم تستطع تقبله ، فاستلمه بيدك ، فام لم تستطع إن تستلمه بيدك فأشر إليه ، وقل :

« اللّهُمَّ ، إَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا ، وَمِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لي بِالمُوَافَاةِ ، اللّهُمَّ ، تَصْدِيقاً بِكِتَابِكَ ، وَعَلَى سُنَّةِ نَبِيِّكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلاَّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، آمَنْتُ بِالله ، وَكَفَرْتُ بِالجِبْتِ وَالطَاغُوتِ ، وَبِالَّاتِ وَالعُزَّى ، وَعِبَادَةِ الشَّيْطَانِ ، وَعِبَادَةِ كُلِّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللهِ »

وأضاف الامامعليه‌السلام قائلا : فإن لم تستطع أن تقول هذا كله فبعضه ، وقل :

« اللّهُمَّ ، إلَيْكَ بَسَطْتُ يَدِي ، وَفِيمَا عِنْدَكَ عَظُمَتْ رَغْبَتِي ، فَاقْبَلْ مَسْحَتي ، وَاغْفِرْ لي وَارْحَمْني ، اللّهُمَّ ، إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الكُفْرِ وَالفَقْرِ ، وَمَوَاقِفِ الخَزْيِ ، في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ »(1) .

ب ـ روى أبو بصير الثقة الجليل عن الامام الصادقعليه‌السلام أنه قال : إذا دخلت المسجد الحرام ، فامش حتى تدنوا من الحجر الاسود ، فتستلمه ، وتقول :

« الحَمْدُ للهِ الذي هَدَانَا لِهَذَا ، وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا الله ، سُبْحَانَ اللهِ ، وَالحَمْدُ للهِ ، وَلَا إلهَ إلاَّ اللهِ ، وَاللهُ أكْبَرُ ، أكْبَرُ مِنْ خَلْقِهِ ، وَأَكْبَرُ مِمَّنْ أَخْشَى وَأحْذَرُ ، وَلا إلهَ إلاَّ اللهُ ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ

__________________

1 ـ وسائل الشيعة 9 / 400.

١٥٩

المُلْكُ ، وَلَهُ الحَمْدُ يُحْيى وَيُمِيتُ ، وَيُمِيتُ وَيُحْيِي بِيَدِهِ الخَيْرُ ، وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ».

ثم امره بالصلاة على النبي وأله ، والسلام على المرسلين ، والقول بعد ذلك :

« إنِّي أَومِنُ بِوَعْدِكَ ، وَأوُفي بِعَهْدِكَ »(1) .

10 ـ دعاؤه عند الطواف

وعلِّم الامام الصادقعليه‌السلام ، تلميذه الفقيه معاوية بن عمار ، الدعاء الذي يدعو به في حال طوافه ، قائلا : طف بالبيت سبعة أشواط ، وتقول في الطواف :

« اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الذي يُمْشَي بِهِ على ظُلَلِ المَاءِ ، كَمَا يُمْشَي بِهِ على جَدَد الَأرْضِ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ ، الذي يَهْتَزُّ لَهُ عَرْشُكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ ، الذي تَهْتَزُ لَهُ أَقْدَامُ مَلَائِكَتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ ، الذي دَعَاكَ بِهِ مُوسَى مِنْ جَانِبِ الطُّورِ ، فَاسْتَجْبْتَ لَهُ ، وَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ مَحَبَّةً مِنْكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ ، الذي غَفَرْتَ بِهِ لِمُحَمَّدٍ ، ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْهِ نِعْمَتَكَ

ثم تسأل حاجتك وكلما انتهيت إلى باب الكعبة فصل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتقول فيما بين الركن اليماني والحجر الاسود :

« رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الَآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ».

وقل في الطواف :

__________________

1 ـ وسائل الشيعة 9 / 401.

١٦٠