الصحيفة الصادقية

الصحيفة الصادقية20%

الصحيفة الصادقية مؤلف:
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 294

الصحيفة الصادقية
  • البداية
  • السابق
  • 294 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 174310 / تحميل: 8806
الحجم الحجم الحجم
الصحيفة الصادقية

الصحيفة الصادقية

مؤلف:
العربية

عقيلة بني هاشم

المؤلِّف: علي بن الحسين الهاشمي الخطيب

١

هوية الكتاب

الشابك: isrn 964 - 6390 - 24 - 2

الكتاب: عقيلة بني هاشم عليها‌السلام

المؤلِّف: السيد علي الهاشمي الخطيب

الناشر: انتشارات المكتبة الحيدريّة

عدد الصفحات والقطع: 80 صفحة وزيري

عدد المطبوع: 1000 نسخة

سنة الطبع: 1377

الطبعة: الاُولى

المطبعة: أمير - قم

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يكن له ندٌّ ولا ولد، ثمَّ الصلاة على نبيه المصطفى، وآله الميامين الشرفا، الذين خصّهم الله بآية التطهير. يقول تعالى: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

٤

عقيلة بني هاشم

زينب الكبرى

ولادتها

ولدت زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين عليه‌السلام في الخامس من جمادى الأولى في السنة الخامسة من الهجرة، وذكر جلال الدين السيوطي في رسالته (الزينبية) قال: ولدت زينب في حياة جدِّها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

تسميتها وكنيتها

سماها جدّها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله زينب. اسم اختاره لها جدّها سيد البشر صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتكنى اُمّ كلثوم، واُمّ الحسن. ويقال لها: زينب الكبرى؛ للفرق بينها وبين مَن سُمّيت باسمها من أخواتها.

وتلقّب بالصدّيقة الصغرى؛ للفرق بينها وبين اُمّها الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين. وتلقّب أيضاً بالعقيلة (1) ، وعقيلة بني هاشم، وعقيلة

____________________

(1) العقيلة: هي المرأة الكريمة على قومها، العزيزة في بيتها.

٥

الطالبيِّين، وتلقب بالموثّقة، والعارفة، والعالمة غير المعلمة، والفاضلة، والكاملة، وعابدة آل علي عليه‌السلام .

زينب اُولى بنات أمير المؤمنين عليه‌السلام ولدتها فاطمة الزهراء بعد الحسنين السبطين عليهما‌السلام ، ومما يؤكّد ذلك أن الرواة في أيام الاضطهاد كانوا إذا رووا رواية عن علي عليه‌السلام يقول الرجل: هذه الرواية عن أبي زينب، كما ذكر ذلك ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة، وإنّما كنّوا أمير المؤمنين عليه‌السلام بهذه الكنية؛ لأنّ زينب كانت الأكبر من ولده بعد الحسنين عليهما‌السلام ، ولم يُعرف بهذه الكنية عند أعدائه.

أبوها

أبوها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، القرشي الهاشمي، أبو السبطين الحسن والحسين عليهما‌السلام . ولد في بيت الله الحرام في الثالث عشر من شهر رجب قبل المبعث بعشرة سنين. كان أوّل الناس إسلاماً، وأعظمهم إقداماً، وأقواهم شكيمة، وأشدّهم عزيمة.

كيف لا يكون كذلك وقد تربّى في حجر الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وآزره وحامى عنه وهو ابن عشر سنين، وأخذ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كلَّ العلوم، واقتبس من قبس النبوة حتّى قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : (( خير أعمامي أبو طالب عليه‌السلام ، وخير اُخواني علي عليه‌السلام )) .

وفداه بنفسه ليلة مبيته على الفراش، وشهد مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مشاهده كلَّها، وقد زوّجه من ابنته فاطمة الزهراء عليها‌السلام ؛ إذ

٦

ما كان لها كفواً إلاَّ ابن عمها علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فولدت له الحسن والحسين، ومحسن السقط، وزينب الكبرى، وزينب الصغرى اُمّ كلثوم عليهم‌السلام .

وكان علي عليه‌السلام أشجع أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأعلمهم بالفرائض والسنن، وما أشكلت على المسلمين قضية إلاّ وجدوا عند عليٍّ عليه‌السلام حلّها، حتّى قال عمر بن الخطاب: لولا علي لهلك عمر .

وكان من الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله بمنزلة هارون من موسى، قال الحميري:

سـائل قريشاً به إذ كنت ذا عمهٍ

مَـن كان أثبتها في الدين أوتادا

مَـن كـان أقدم إسلاماً وأكثرها

عـلماً وأطـهرها أهلاً وأولادا

مَـن وحّـد الله إذ كانت مكذبةً

تـدعو مـع الله أوثاناً وأندادا

مَن كان يقدم في الهيجاء إذ نكلوا

عـنها وإن بخلوا في أزمةٍ جادا

مَـن كان أعدلها حكماً وأبسطها

كـفّاً وأصـدقها وعـداً وإيعادا

إن يصدقوك فلن يعدوا أبا حسنٍ

إن أنـت لم تلق للأبرار حسادا

٧

إن أنت لم تلق أقواماً ذوي صلفٍ

وذا عـنـادٍ لـحقِّ الله جـحّادا

ضُرِبَ عليه‌السلام على قرنه، ضربه عبد الرحمان بن ملجم المرادي الخارجي بسيفه وهو يؤدّي الفرض لله تعالى ليلة تسعة عشر من شهر رمضان، في أفضل الأماكن من القطر العراقي (مسجد الكوفة)، وفي أفضل الشهور (شهر رمضان المبارك)، وفي أفضل الأوقات (بين الطلوعين)؛ طلوع الفجر وطلوع الشمس، وفي أفضل الأمكنة (محرابه).

ضربه وهو مشغول بالصلاة لله في أول ركعة من صلاة الفجر بين السجدتين، قال المغفور له السيد حيدر الحلي:

قـتلتم الـصلاةَ فـي محرابِها

يا قاتليه وهـو فـي مـحرابهِ

وشقّ رأسَ العدل سيفُ جورِكمْ

مُـذ شقّ منه الرأس في إهابهِ

فليبكِ جـبريلُ لـه ولينتحبْ

فـي الملأ الأعلى على مصابه

اُمّها

اُمّها سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بنت الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كانت تلقّب بالزهراء، واُمّ أبيها، والبتول، والصدّيقة، والطاهرة، والزكية، والمحدّثة، وهي أصغر بنات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، واُمّها خديجة بنت خويلد (رضوان الله عليها).

٨

ولدت فاطمة عليها‌السلام في جمادى الآخرة وعمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله آنذاك خمس وثلاثين سنة.

نشأت في حجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتربّت في كنفه، وزوّجها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاً عليه‌السلام . ويروى أنها بكت يوم زواجها، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : (( ما لكِ تبكين يا فاطمة، فوالله لقد أنكحتك أكثرهم علماً، وأفضلهم حلماً، وأوّلهم سلماً؟! )) . فولدت له الحسن والحسين وزينب الكبرى واُمّ كلثوم ومحسن السقط عليهم‌السلام .

وقد انقطع نسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ من فاطمة، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ينوّه على المنبر بفضلها وشرفها وحبّه لها، وكان يقول: (( فاطمة بضعة منّي، يؤذيني ما يؤذيها، ويريبني ما يريبها. يرضى الله لرضا فاطمة، ويغضب لغضبها )) .

توفّيت سيدة النساء فاطمة عليها‌السلام بعد أبيها بخمسة وتسعين يوماً، واُلحدت ليلاً بوصية منها، ودفنها عند قبر أبيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، واليوم يقال لموضع قبرها: بيت فاطمة، فقال علي عليه‌السلام يرثيها:

[ها] قد قبرتُك وانصرفتُ مودّعاً

بأبي ونفسي جسمكِ المقبورُ

أَمّا القُبورُ فَإِنَّهُنَّ أَوانِسٌ

بِجُوارِ قَبرِكَ وَالدِيارُ قُبورُ

نشأتها

نشأت هذه الكريمة في حضن النبوة، ودرجت في بيت الرسالة، ورضعت لبان الوحي من ثدي بضعة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الزهراء البتول عليها‌السلام ، وغذيت بغذاء الكرامة من كفِّ والدها ابن عمِّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛

٩

فنشأت نشأة قدسية، وربيت تربية روحانية، متجلببة جلباب الجلال والعظمة، مرتدية رداء العفاف والحشمة؛ فالخمسة أصحاب العبا عليهم‌السلام هم الذين قاموا بتربيتها وتثقيفها وتهذيبها، وكفاك بهم مؤدّبين ومعلمين.

ذكر العلامة محمد علي أحمد المصري في رسالته، قال: السيدة زينب نشأت نشأة حسنة، كاملة فاضلة عالمة، من شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء، وكانت على جانب عظيم من الحلم والعلم ومكارم الأخلاق، ذات فصاحة وبلاغة، تفيض من يدها عيون الجود والكرم.

وقد جمعت بين جمال الطلعة وجمال الطوية حتّى أنها اشتهرت في بيت النبوة. ولقّبت بصاحبة الشورى، وكفاها فخراً أنها فرع من شجرة أهل بيت النبوة الذين مدحهم الله في كتابه العزيز... إلى آخر ما كتب عنها.

شرف نسبها وفضلها

جدّها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سيّد المرسلين، ووالدها علي أمير المؤمنين عليه‌السلام ، واُمّها فاطمة سيدة نساء العالمين عليها‌السلام ، وجدتها خديجة الكبرى اُمّ المؤمنين عليها‌السلام ، وأخواها الحسن والحسين عليهما‌السلام سبطا رسول ربِّ العالمين، وأعمامها طالب وعقيل وجعفر فخر الهاشميين، والعمّة اُمّ هاني بنت عبد مناف شيخ الأباطح، وخالاتها أبناء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

نسبٌ كأنّ عليه من شمسِ الضحى

نـوراً ومـن فلقِ الصباح عمودا

١٠

وقال آخر:

أبوها عليٌّ أثبت الناس في اللقا

وأشجعُ ممّن جاء من صلب آدمِ

فماذا يكون هذا الشرف، وإلى أين ينتهي شأوه ويبلغ مداه؟!

وإذا أضفنا إلى شرف نسبها علمَها وفضلَها، وتقواها وكمالَها، وزهدَها وورعها، وكثرة عبادتها ومعرفتها بالله تعالى كان هناك الشرف الذي لا يجاريه شرف.

ذكر النيسابوري في رسالته العلوية قال: كانت زينب بنت علي عليهما‌السلام في فصاحتها وبلاغتها، وزهدها وعبادتها كأبيها المرتضى واُمّها الزهراء عليهما‌السلام .

واقرأ ما دبّجته يراعة البحاثة الكبير (فريد وجدي)، يقول: السيدة زينب بنت علي رضي‌الله‌عنهما ، كانت من فضليات النساء، وشريفات العقائل، ذات تقى وطهر وعبادة.

وحسب القارئ ما أملاه الاُستاذ حسن قاسم في كتابه (السيدة زينب) قال: السيدة الطاهرة الزكية بنت الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، ابن عمّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وشقيقة ريحانتيه، لها أشرف نسب، وأجلّ حسب، وأكمل نفس، وأطهر قلب، فكأنّها صيغت في قالب ضمّخ بعطر الفضائل.

فالمستجلي آثارها يتمثّل أمام عينيه رمز الحق، رمز الفضيلة، رمز الشجاعة، رمز المروءة، فصاحة اللسان، قوة الجنان، مثال الزهد والورع، مثال العفاف والشهامة، إنّ في ذلك لعبرة... إلخ.

١١

وذكر العلامة محمّد علي أحمد المصري في رسالته السيدة زينب رضي‌الله‌عنها : هي بنت سيدي الإِمام علي (كرّم الله وجهه)، وبنت فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي من أجلّ أهل البيت حسباً، وأعلاهم نسباً، خيرة السيدات الطاهرات، ومن فضليات النساء، وجليلات العقائل، التي فاقت الفوارس في الشجاعة، واتّخذت طول حياتها تقوى الله بضاعة.

وكان لسانها الرطب بذكر الله على الظالمين عضباً، ولأهل الحق عيناً معيناً، كريمة الدارين، وشقيقة الحسنين، بنت الزهراء التي فضّلها الله على النساء، وجعلها عند أهل العزم اُمّ العزائم، وعند أهل الجود والكرم اُمّ هاشم.

وإليك ما ذكره عمر أبو النصر في كتابه (فاطمة بنت محمّد) قال: وأمّا زينب بنت فاطمة فقد أظهرت أنها من أكثر أهل البيت جرأة وبلاغة وفصاحة، وقد استطارت شهرتها بما أظهرت يوم كربلاء وبعده من حجة وقوة، وجرأة وبلاغة حتّى ضُرب بها المثل، وشهد لها المؤرّخون والكتَّاب.

ومن فضلها وشرفها أنّ الخمسة أهل العبا (عليهم سلام الله) كانوا يحبّونها حبّاً جمّاً، حتّى ورد في بعض الأخبار أنّ الحسين عليه‌السلام كان إذا زارته زينب يقوم إجلالاً لها، وكان يجلسها بمكانه.

١٢

ولقد حدّث يحيى المازني عن خفارتها وصونها، قال: كنت مجاوراً لأمير المؤمنين عليه‌السلام في المدينة مدة مديدة، وكنت بالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته، فلا والله ما رأيت لها شخصاً، ولا سمعت لها صوتاً، وكانت إذا أرادت أن تزور قبر جدها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تخرج ليلاً؛ الحسن عليه‌السلام عن يمينها، والحسين عليه‌السلام عن شمالها، وأبوها أمير المؤمنين عليه‌السلام أمامها، فإذا قربت من الروضة النبوية سبقها أبوها أمير المؤمنين فأخمد ضوء القناديل، فسأله الحسن عليه‌السلام عن ذلك مرة، أجابه عليه‌السلام : (( أي بني، إنّي أخشى أنّ هناك أحداً ينظر شخص اُختك زينب )) .

هذا هو الشرف، وهذا هو الصون الذي حفظه التاريخ لهذه السيدة العقيلة.

عبادتها

قلنا: إنّ السيدة زينب بنت الإمام علي عليهما‌السلام كانت تشبه أباها عليّاً واُمها الزهراء عليهما‌السلام بالعبادة، كانت تؤدي النوافل كاملة في كلِّ أوقاتها، حتّى إنّ الحسين عليه‌السلام عندما أوصاها ليلة العاشرة من المحرم، فمن جملة وصاياه أن قال لها: (( اُختاه يا زينب، واُوصيك أن لا تنسيني في نافلة الليل )) ، كما ذكر ذلك الفاضل البيرجندي، وهو مدوّن في كتب السير والمقاتل.

ولم تغفل عن نافلة الليل قطّ حتّى ليلة العاشرة من

١٣

المحرم؛ فلقد جاءت الرواية عن فاطمة بنت الحسين عليهما‌السلام قالت: أمّا عمتي زينب فإنها لم تزل قائمة في تلك الليلة - أي ليلة عاشوراء - في محرابها، تستغيث إلى ربها، والنساء ما هدأت لهنّ عين ولا سكنت لهنّ رنّة.

كانت (سلام الله عليها) من القانتات العابدات اللواتي وقفن حركاتهنّ وسكناتهنّ وأنفاسهنّ للباري تعالى، وبذلك حصلن على المنازل الرفيعة، والدرجات العالية التي حكت برفعتها منازل المرسلين ودرجات الأوصياء (عليهم الصلاة والسّلام) (1) .

تهجّدها وأدعيتها

كانت عقيلة بني هاشم كثيرة العبادة والتهجّد، تصلّي النوافل، ولا زالت تتلو القرآن الكريم، وملازمة له، ولن يفتر لسانها عن ذكر الله قط، تدعو الله بعد كلِّ صلاة وتسبّحهُ.

فمن أدعيتها التي كانت تقرأها بعد صلاتها وحال القنوت، وقد أخذت هذه الأدعية عن جدِّها المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأبيها المرتضى عليه‌السلام ، واُمّها الزهراء عليها‌السلام ، من الأدعية التي كانت زينب تدعو بها (2) :

____________________

(1) هذه الجملة نقلناها من كتاب (زينب الكبرى) لاُستاذنا الشيخ جعفر نقدي (رحمه الله).

(2) ورد في بعض الأخبار: (( مَن واظب على قراءة هذا الدعاء كفاه الله هموم دنياه، وكان له نوراً في اُخراه )).

١٤

(( يا عمادَ مَن لا عماد له، ويا ذُخر مَن لا ذُخر له، ويا سند مَن لا سند له، ويا حرز الضعفاء، ويا كنز الفقراء، ويا سميع الدعاء، ويا مجيب دعوة المضطرّين، ويا كاشف السوء، ويا عظيم الرجاء، ويا منجي الغرقى، ويا منقذ الهلكى، يا مُحسن يا مجمل، يا منعم يا مفضل، أنت الذي سجد لك سوادُ الليل، وضوءُ النهار، وشعاعُ الشمس، وحفيفُ الشجر، ودوي الماء .

يا الله يا الله الذي لم يكن قبله ولا بعده، ولا نهاية ولا حدّ، ولا كفؤ ولا ندّ، بحرمة اسمك الذي في الآدميين معناه، المرتدي بالكبرياء والنور والعظمة، محقق الحقائق، ومطلّ الشرك والبوائق، وبالاسم الذي تدوم به الحياة الدائمة الأزلية التي لا موت معها ولا فناء، وبالروح المقدّسة الكريمة، وبالسمع الحاضر النافذ، وتاج الوقار، وخاتم النبوة، وتوثيق العهد، ودار الحيوان، وقصور الجمال، يا الله لا شريك له )) .

ومن الأدعية والتسبيحات التي كانت تواظب عليها‌السلام على قراءتها، هو: (( سبحان مَن لبس العزَّ وتردّى به، سبحان مَن تعطّف بالمجد والكرم، سبحان مَن لا ينبغي التسبيح إلاّ له (جلّ جلاله)، سبحان مَن أحصى كلَّ شيء عدداً بعلمه وخلقه وقدرته، سبحان ذي العزّة والنعم.

اللهمَّ إنّي أسألك بمعاقد العزِّ من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك،

١٥

وباسمك الأعظم، وجدّك الأعلى، وكلماتك التامات التي تمّت صدقاً وعدلاً أن تصلّي على محمّد وآل محمّد الطيبين الطاهرين، وأن تجمع لي خيرَ الدنيا والآخرة بعد عمر طويل. اللهمَّ أنت الحيّ القيوم، أنت هديتني، وأنت تطعمني وتسقيني، وأنت تميتني وتحييني برحمتك يا أرحم الراحمين )) .

ومن أدعية أبيها الذي كانت تدعو به بعد صلاة العشاء، وهو: (( اللهمَّ إنّي أسألك يا عالمَ الاُمور الخفيّة، ويا مَن الأرض بعزّته مدحيّة، ويا مَن الشمس والقمر بنور جلاله مشرقة مضيئة، ويا مقبلاً على كلِّ نفس مؤمنة زكيّة، يا مسكّن رعب الخائفين وأهل التقيّة، يا مَن حوائج الخلق عنده مقضيّة، يا مَن ليس له بوّاب يُنادي، ولا صاحب يُغشى، ولا وزير يُؤتى، ولا غير ربٍّ يُدعى، يا مَن لا يزداد على الإلحاح إلاّ كرماً وجوداً، صلِّ على محمّد وآلِ محمّد، وأعطني سؤلي إنّك على كلِّ شيء قدير )) .

وممّا كانت تناجي ربها به هذه الأبيات، وهي من مناجاة أبيها أمير المؤمنين عليه‌السلام :

لك الحمدُ يا ذا الجود والمجد والعُلا

تـباركتَ تُـعطي مَن تشاءُ وتمنعُ

إلـهي وخـلاّقي وحرزي ومَوئلي

إلـيكَ لـدى الإعسار واليسرِ أفزعُ

١٦

إلـهي [لئن] جلّت وجمّت خـطيئتي

فـعوفك عـن ذنـبي أجلّ وأوسعُ

إلـهي لـئن اُعطيت نفسيَ سؤلها

فـها أنـا في روضِ الندامة أرتعُ

إلـهي تـرى حالي وفقري وفاقتي

وأنـت مـناجاتي الـخفية تـسمعُ

إلـهي فـلا تقطع رجائي ولا تزغْ

فـؤادي فلي في سيب جودك مطمعُ

إلـهي لئن خيّـبتني أو طردتـني

فمن ذا الذي أرجو ومن ذا أشـفعُ

إلـهي أجـرني مـن عذابك إنّني

أسـيرٌ ذلـيلٌ خـائف لك أخضعُ

إلـهي فـآنسني بـتلقينِ حـجّتي

إذا كان لي في القبر مثوىً ومضجعُ

إلـهي أذقـني طـعم عفوك يوم لا

بـنـونٌ ولا مـالٌ هـنالك يـنفعُ

إلـهي لـئن لم ترعني كنت ضائعاً

وإن كـنت تـرعاني فلست اُضيّعُ

إلـهي إذا لم تعفُ عن غير محسنٍ

فـمَـن لـمسيء بـالهوى يـتمتع

١٧

إلهي لئن فرّطت في طلب التقى

فـها أنـا أثـر العفو أقفو وأتبعُ

إلـهي لئن أخطأت جهلاً فطالما

رجـوتك حتّى قيل ما هو يجزعُ

إلهي ذنوبي بذّت الطودَ واعتلتْ

وصـفحك عن ذنبي أجلّ وأرفعُ

إلـهي ينحّي ذكر طولك لوعتي

وذكـر الخطايا العين منيَ يدمعُ

إلهي أقلني عثرتي وامحُ حوبتي

فـإنّي مُـقرٌّ خـائفٌ مـتضرعُ

إلـهي أنـلني منك روحاً وراحةً

فـلست سوى أبوابِ فضلك أقرعُ

إلهي لئن أقصيتني أو أهنتني

فما حيلتي يـا ربِّ أم كيف أصنعُ

إلهي حليفُ الحبِّ في الليل ساهرٌ

يـناجي ويـدعو والمغفّل يهجعُ

إلـهي وهـذا الخلقُ ما بين نائمٍ

ومـنـتبهٍ فـي لـيله يـتضرّعُ

وكـلهمُ يـرجو نـوالك راجـياً

لرحمتك العظمى وفي الخُلد يطمعُ

إلـهي يـمنّيني رجـائي سلامةً

وقـبحُ خـطيئاتي عـليَّ يشنّعُ

١٨

إلـهي فإن تعفو فعفوك منقذي

وإلاّ فـبالذنب الـمدمّر اُصرعُ

إلـهي بـحقِّ الـهاشميِّ محمّدٍ

وحـرمةِ أطهارٍ همُ لك خضّعُ

إلهي بحقِّ المصطفى وابنِ عمِّه

وحـرمةِ أبـرار همُ لك خشّعُ

إلـهي فأنشرني على دين أحمدٍ

مـنيباً تـقياً قـانتاً لك أخضعُ

ولاتـحرمنّي يـا إلهي وسيدي

شـفاعته الكبرى فذاك المشفّعُ

وصـلِّ عليهم ما دعاك موحّدٌ

ونـاجاك أخـيارٌ بـبابك ركّعُ

وكانت لم تزل تلهج بهذه الأبيات، وهي لأبيها عليه‌السلام :

وكـم لـله من لطفٍ خفيٍّ

يـدقّ خفاه عن فهمِ الذكيِّ

وكم يُسرٍ أتى من بعد عسرٍ

وفـرّج كربةَ القلبِ الشجيِّ

وكـم أمرٍ تساء به صباحاً

فـتأتيكَ الـمسرّة بـالعشيِّ

إذا ضاقت بك الأحوال يوماً

فـثق بـالواحدِ الفردِ العليِّ

تـوسّل بالنبيِّ فكلّ خطبٍ

يـهون إذا تـوسّل بالنبيِّ

ولا تـجزع إذا ما ناب أمرٌ

فـكم لـله مـن لطف خفيِّ

من غُررِ كلامها

ذكر أحمد بن أبي طاهر - طيفور - قال: كانت زينب

١٩

بنت علي عليهما‌السلام تقول: مَن أراد أن لا يكون الخلق شفعاؤه إلى الله فليحمده؛ ألم تسمع إلى قولهم: سمع الله لمن حمده؟ فخف الله لقدرته، واستحِ منه لقربه منك.

خطبتها في الكوفة

حدّث حذلم بن كثير قال: قدمتُ الكوفة في المحرم سنة إحدى وستّين عند منصرف علي بن الحسين عليه‌السلام والسبايا من كربلاء، ومعهم الأجناد يحيطون بهم، وقد خرج الناس للنظر إليهم، فلمّا أقبل بهم على الجمال بغير وطاء، خرجن نسوة أهل الكوفة يبكين وينشدن.

وذكر الجاحظ في (البيان والتبيين) عن خزيمة الأسدي قال: ورأيت نساء أهل الكوفة يومئذ قياماً يندبن، متهتّكات الجيوب.

قال حذلم بن كثير: فسمعت علي بن الحسين عليه‌السلام يقول بصوت ضئيل ضعيف، وقد أنهكته العلة، والجامعة في عنقه، والغل في يديه، ويداه مغلولتان إلى عنقه: (( إنّ هؤلاء النسوة يبكين، إذاً فمن قتلنا؟! )) .

قال: ورأيت زينب بنت علي عليهما‌السلام ، ولم أرَ خفرة (1) أنطق منها، كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين عليه‌السلام .

____________________

(1) الخفر (بالتحريك): شدة الحياء، ومن قولهم: تخفّرت المرأة، اشتد حياؤها. (لسان العرب)

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

أبواب المستحقين للزكاة

١ -( باب أصناف المستحقين، وعدم اشتراط الإيمان في المؤلفة والرقاب، وسقوط المؤلفة الآن، وقبول دعوى الاستحقاق مع ظهور الكذاب، وأنه يعطى من يسأل ومن لا يسأل منهم)

[ ٧٧٤٩ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة قال: سألتهعليه‌السلام ، عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال: « هي للذين قال الله في كتابه:( لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) »(١) الخبر.

[ ٧٧٥٠ ] ٢ - وعن أبي بصير قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام :( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) (١) قال: « الفقير الذي يسأل، والمسكين أجهد منه، والبائس أجهد منهما ».

[ ٧٧٥١ ] ٣ - وعن زرارة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال:

____________________________

أبواب المستحقين للزكاة ووقت التسليم والنية

الباب - ١

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٥.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٨.

١٠١

« قلت: أرأيت قوله تعالى:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ) (١) إلى آخر الآية، كلّ هؤلاء يعطى أن كان لا يعرف، قال: « إنّ الإمام يعطي هؤلاء جميعاً، لأنهم يقرّون له بالطاعة، قال: قلت له: فإن كانوا لا يعرفون، فقال: يا زرارة، من كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف، لم يوجد لها موضع، وإنما كان يعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه، وأمّا اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلّا من يعرف ».

[ ٧٧٥٢ ] ٤ - وعن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، عن الفقير والمسكين، قال: « الفقير الذي يسأل، والمسكين أجهد منه، الذي لا يسأل ».

[ ٧٧٥٣ ] ٥ - وعن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قوله:( وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) قال: « هم السعاة ».

[ ٧٧٥٤ ] ٦ - وعن زرارة، قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « هم قوم وحدوا الله، وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله تبارك وتعالى، وشهدوا أن لا إله إلّا الله وأن محمّداً رسول الله، وهم في ذلك شكاك من بعد ما جاء به محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأمر الله نبيهم أن يتألفهم بالمال والعطاء، لكي يحسن

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٤.

٥ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩١ ح ٦٩.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩١ ح ٧٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٠٢

إسلامهم، ويثبتوا على دينهم، الذي قد دخلوا فيه وأقروا به » الخبر.

[ ٧٧٥٥ ] ٧ - وعن زرارة، وحمران، ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر، وأبي عبداللهعليهما‌السلام :( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « قوم تألفهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقسّم فيهم الشئ » قال زرارة: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « فلما كان في قابل جاؤوا بضعف الّذين أخذوا، وأسلم (الناس كثيراً)(٢) قال: فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خطيباً، فقال: هذا خير أم الذي قلتم؟ قد جاؤوا من الإبل بكذا وكذا، ضعف ما أعطيتهم، وقد أسلم لله عالم وناس كثير، والذي نفسي بيده لوددت أن عندي ما أعطي كلّ انسان ديته، حتى يسلم لله ربّ العالمين ».

[ ٧٧٥٦ ] ٨ - تفسير الإمامعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ) (١) : « أعط في الله المستحقين من المؤمنين، على حبه للمال أو شدة حاجته هو إليه، يأمل الحياة ويخشى الفقر، لأنه صحيح شحيح( ذَوِي الْقُرْبَىٰ - إلى أن قال -وَالْمَسَاكِينَ ) (٢) مساكين الناس،( وَابْنَ السَّبِيلِ ) (٣) : المجتاز المنقطع به لا نفقة معه،( وَالسَّائِلِينَ ) (٤) : الّذين يتكففون ويسألون الصدقات،( وَفِي الرِّقَابِ ) (٥) المكاتبين يغنيهم ليؤدوا فيعتقوا » الخبر.

[ ٧٧٥٧ ] ٩ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

٧ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٢ ح ٧١.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في المصدر: ناس كثير.

٨ - تفسير الإمام العسكري (عيليه السلام) ص ٢٤٩.

(١ - ٥) البقرة ٢: ١٧٧.

٩ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١٠٣

سئل عن قول الله عزّوجلّ:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) (١) فقال: « الفقير الذي لا يسأل، والمسكين أجهد منه، والبائس الفقير أجهد منهما حالاً ».

[ ٧٧٥٨ ] ١٠ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال في قول الله عزّوجلّ( وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) قال: « هم السعاة عليها، يعطيهم الإمام من الصدقة بقدر ما يراه، ليس في ذلك توقيت عليه ».

[ ٧٧٥٩ ] ١١ - وعن أبي جعفر بن عليعليهما‌السلام ، أنّه قال في قول الله عزّوجلّ:( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « هم قوم يتألفون على الإسلام من رؤساء القبائل، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يعطيهم ليتألفهم، ويكون ذلك في كلّ زمان، إذا احتاج إلى ذلك الإمام فعله ».

[ ٧٧٦٠ ] ١٢ - وعن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن رسول الله صلوات الله عليهم، أنّه قال: « لا تحل الصدقة لغني، إلّا لخمسة: عامل عليها، أو غارم وهو الذي عليه الدين أو تحمل بالحمالة(١) ، أو رجل اشتراها بماله، أو رجل أهديت إليه ».

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٠ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) الحمالة: الدية والغرامة (لسان العرب ج ١١ ص ١٨٠).

١٠٤

[ ٧٧٦١ ] ١٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال: «( وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ ) (١) في الجهاد والحج، وغير ذلك من سبيل(٢) الخير،( وَابْنِ السَّبِيلِ ) (٣) الرجل يكون في السفر، فيقطع به نفقته، أو يسقط، أو يقع عليه اللصوص ».

[ ٧٧٦٢ ] ١٤ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم، فأردّها في فقرائكم ».

٢ -( باب أن من دفع الزكاة إلى غير المستحق، كغير المؤمن أو غير الفقير ونحوهما، ضمنها إلّا أن يكون اجتهد في الطلب فتحزيه، وأن من لم يعلم بوجوب الزكاة ثمّ علم، وجب عليه قضاؤها)

[ ٧٧٦٣ ] ١ - الجعفريات: اخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه: أن علياًعليهم‌السلام ، كان يقول: « الزكاة مضمونة، حتى توضع مواضعها ».

[ ٧٧٦٤ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

١٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١، ٣) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في المصدر: سبل.

١٤ - درر اللآلي: ج ١ ص ٢٠٦.

الباب - ٢

١ - الجعفريات ص ٥٤.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥١.

١٠٥

قال: « الزكاة مضمونة، حتى يضعها من وجبت عليه موضعها ».

٣ -( باب وجوب وضع الزكاة في مواضعها، ودفعها إلى مستحقها)

[ ٧٧٦٥ ] ١ - دعائم الإسلام: عن الوليد بن صبيح قال: قال لي شهاب: إني أرى بالليل أهوالاً عظيمة، وأرى امرأة تفزعني، فاسأل لي أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، عن ذلك، فسألته فقال: « هذا رجل لا يؤدّي زكاة ماله » فأعلمته فقال: بلى والله، إني لأعطيها، فأخبرته بما قال قال: « إن كان ذلك، فليس يضعها في مواضعها » فقلت ذلك لشهاب، فقال: صدق.

٤ -( باب اشتراط الإيمان والولاية في مستحق الزكاة، إلّا المؤلفة والرقاب والأطفال، وإن لم يجد للزكاة مستحقاً أو مؤمناً بعث بها إليهم، فإن تعذر جاز إعطاء المستضعف والانتظار، ويكره إعطاء السائل بكفه منها)

[ ٧٧٦٦ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية ».

[ ٧٧٦٧ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « ولا يعطي الزكاة إلّا لأهل الولاية من المؤمنين، قيل له: فإذا لم يكن بالموضع وليّ محتاج إليها، قال: يبعث بها إلى موضع آخر،

____________________________

الباب - ٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٥.

الباب - ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١٠٦

فيقسم في أهل الولاية، ولا تعط قوماً إن دعوتهم إلى أمرك لم يجيبوك، ولو كان الذبح - وأهوى بيده إلى حلقه - قيل له: فإن لم يوجد مؤمن مستحق، قال: يعطى المستضعفون الّذين لا ينصبون ».

[ ٧٧٦٨ ] ٣ - وعن علي (صلوات الله عليه)، أنّه استعمل مخنف بن سليم على صدقات بكر بن وائل، وكتب له عهدا كان فيه: « فمن كان من أهل طاعتنا من أهل الجزيرة، وفيما بين الكوفة وأرض الشام، فادّعى أنّه أدى صدقته إلى عمال الشام، وهو في حوزتنا ممنوع، قد حمته خيلنا ورجالنا، فلا يجوز(١) له ذلك، (وان الحق ما زعم)(٢) ، فأنه ليس له أن ينزل بلادنا، ويؤدي صدقة ماله إلى عدونا ».

[ ٧٧٦٩ ] ٤ - زيد النرسي في أصله: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سئل إذا لم نجد أهل الولاية، يجوز(١) أن نتصدق على غيرهم؟ فقالعليه‌السلام : « إذا لم تجدوا أهل الولاية في مصر تكونون فيه، فابعثوا بالزكاة المفروضة إلى أهل الولاية من غير مصركم ».

[ ٧٧٧٠ ] ٥ - تفسير العسكريعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ) (١) : « الواجبة عليه لإخوانه المؤمنين ».

[ ٧٧٧١ ] ٦ - الصدوق في المقنع: لا يجوز أن تعطي زكاة مالك غير أهل

____________________________

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥٩.

(١) في المصدر: تُجْزِ.

(٢) في المصدر: وإن كان الحق على ما زعم.

٤ - زيد النرسي ص ٥٤.

(١) في المصدر: يجوز لنا.

٥ - تفسير الإمام العسكري ص ٢٥٠.

(١) البقرة ٢: ١٧٧.

٦ - المقنع ص ٥٢.

١٠٧

الولاية.

[ ٧٧٧٢ ] ٧ - أبو جعفر محمّد بن علي الطوسي في ثاقب المناقب: عن أبي الصلت الهروي، قال: حضرت مجلس الإمام محمّد بن علي بن موسى الرضاعليهم‌السلام ، وعنده جماعة من الشيعة وغيرهم، فقام إليه رجل - إلى أن قال - ثمّ قام إليه آخر وقال: يا مولاي - جعلت فداك - (إن لم أجد أحداً من شيعتكم، فإلى من أدفعه؟)(١) فقالعليه‌السلام : « إن لم تجد أحداً فارم بها في الماء، فأنها تصل إليه » [ قال فجلس الرجل ](٢) فلمّا انصرف من كان في المجلس قلت له: جعلت فداك يا سيدي، رأيت عجباً، قال: « نعم، تسألني عن الرجلين - إلى أن قال - وأمّا الآخر فأنه قم يسألني عن الزكاة، إن لم يجد أحداً من شيعتنا، فإلى من يدفعه؟ قلت له: إن لم تجد أحداً من الشعية فارم بها في الماء، فأنها تصل إلى أهلها ».

٥ -( باب عدم جواز دفع الزكاة إلى المخالف في اعتقاد الحق من الأصول: كالمجسمة، والمجبرة، والواقفية، والنواصب، وغيرهم)

[ ٧٧٧٣ ] ١ - الكشي في رجاله: عن حمدويه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن عمر، وعن محمّد بن عذافر، عن عمر بن يزيد، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام ، عن الصدقة على الناصب وعلى

____________________________

٧ - ثاقب المناقب ص ٢٢٨

(١) مابين القوسين ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

الباب - ٥

١ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٩٤ ح ٤٠٩.

١٠٨

الزيدية؟ فقال: « لا تصدّق عليهم بشئ، ولا تسقهم من الماء إن استطعت، وقال في(١) الزيدية: هم النصاب ».

[ ٧٧٧٤ ] ٢ - وعن محمّد بن الحسن، عن أبي علي الفارسي، قال: حكى منصور، عن الصادق علي بن محمّد بن الرضاعليهم‌السلام : أنّ الزيدية والواقفية والنصاب، بمنزلة عنده سواء.

٦ -( باب أن حد الفقر الذي يجوز معه أخذ الزكاة، ان لا يملك مؤونة السنة له ولعياله فعلاً أو قوة، كذي الحرفة ولصنعة)

[ ٧٧٧٥ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة، قال: سألتهعليه‌السلام ، عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال: « هي للذين قال الله في كتابه:( لِلْفُقَرَاءِ - إلى قوله -فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) (١) » الخبر.

[ ٧٧٧٦ ] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا تحل الصدقة لغني، ولا لقوي مكتسب ».

[ ٧٧٧٧ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا تحل الصدقة لغني، إلّا لخمسة »، الخبر. وقد تقدم(١) .

____________________________

(١) في المصدر: لي.

٢ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٩٥ ح ٤١٠.

الباب - ٦

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٢ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٢٠ ح ٢٧.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) تقدم في الباب ١ من هذه الأبواب الحديث ١٢.

١٠٩

٧ -( باب جواز أخذ الفقير الزكاة، وإن كان له خادم ودابة ودار ممـّا يحتاج إليه، لا ما يزيد عن احتياجه، بقدر كفاية سنة)

[ ٧٧٧٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن علي(١) عليهما‌السلام ، أنّه قال: « لا بأس أن يعطى(٢) الزكاة، من له الدار والخادم والمائتا درهم ».

[ ٧٧٧٩ ] ٢ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أن عمر شيخ من أصحابنا، سأل عيسى بن أعين وهو محتاج، قال: فقال له عيسى: أما أن عندي شيئاً من الزكاة، ولا اعطيك منها شيئاً، قال: فقال له: لم؟ قال: لأني رأيتك اشتريت تمراً واشتريت لحماً، قال: إنما ربحت درهما، فاشتريت (به أربعين)(١) تمراً، وبدانق لحماً، ورجعت بدانقين لحاجة، قال: فوضع أبو عبداللهعليه‌السلام يده على جبهته، قال: ثمّ رفع رأسه فقال: « إنّ الله عزّوجلّ نظر في أموال الأغنياء، ونظر في الفقراء، فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفي به الفقراء، ولو لم يكفهم لزادهم، بلى فليعطه ما يأكل ويشرب ويكتسي ويتزوج ويصدّق ويحج ».

____________________________

الباب - ٧

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) في المصدر: جعفر بن محمّد.

(٢) وفيه: من الزكاة.

٢ - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط ص ٢٢.

(١) في نسخة: بدانقين، والظاهر هو الصواب كما يظهر من سياق الحديث ومن تقسيم الدرهم إلى دوانق.

١١٠

٨ -( باب حكم من كان له مال يتجر به، ولا يربح فيه مقدار مؤونة سنة له ولعياله، أو وجه معيشته كذلك)

[ ٧٧٨٠ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة، قال: سألته عن الزكاة، لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال - إلى أن قال - « وقد تحل الزكاة لصاحب ثلاثمائة درهم، وتحرم على صاحب خمسين درهماً، فقلت له: وكيف يكون هذا؟ قال: إذا كان صاحب الثلاثمائة درهم له عيال كثير، فلو قسمها بينهم لم يكفهم، فليعفف(١) عنها نفسه وليأخذها لعياله، وأمّا صاحب الخمسين فأنها تحرم عليه إذا كان وحده وهو محترف يعمل بها، وهو يصيب فيها ما يكفيه إن شاء الله ».

[ ٧٧٨١ ] ٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام ، يقول: « إنّ الزكاة تحل لمن له ثمانمائة درهم، وتحرم على من له خمسون درهماً، قال: قلت: وكيف ذلك؟ قال: يكون لصاحب الثمانمائة عيال، ولا يكسب ما يكفيه، ويكون صاحب الخمسين درهماً ليس له عيال، وهو يصيب ما يكفيه ».

____________________________

الباب - ٨

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) في المصدر: فلم يعفف.

٢ - كتاب حسين بن عفان بن شريك ص ١٠٨.

١١١

٩ -( باب أنّه لا يجوز دفع الإنسان زكاته إلى من تجب عليه نفقته، وهم: أبواه، وأجداده، وأولاده، وزوجاته، ومماليكه، دون بقية الأقارب)

[ ٧٧٨٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية، ولا تعطي من أهل الولاية: الأبوين، والولد، والزوجة(١) ، والمملوك، وكل من هو في نفقتك فلا تعطه ».

[ ٧٧٨٣ ] ٢ - الصدوق في المقنع: لا يجوز أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية، ولا تعط من أهل الولاية: الأبوين، والولد، ولا الزوج، والزوجة، والمملوك، ولا الجد والجدة، وكل من يجير(١) الرجل على نفقته.

١٠ -( باب جواز شراء الأب المملوك ونحوه من واجبي النفقة، من الزكاة وعتقه)

[ ٧٧٨٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن اشترى رجل اباه من زكاة ماله فاعتقه، فهو جائز ».

[ ٧٧٨٥ ] ٢ - الصدوق في المقنع: مثله.

____________________________

الباب - ٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

(١) في المصدر زيادة: والصبي.

٢ - المقنع ص ٥٢.

(١) في المصدر: يجبر.

الباب - ١٠

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٢ - المقنع ص ٥٢.

١١٢

١١ -( باب أنّه من كان عليه زكاة فأوصى بها، وجب إخراجها من الأصل، مقدماً على الميراث، وكان كالدين وحجة الإسلام)

[ ٧٧٨٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال في الرجل (وجبت عليه زكاة ماله)(١) ، فلم يخرجه(٢) حتى حضره الموت، فأوصى أن تخرج عنه: « أنها تخرج من جميع ماله، إلّا أن يوصي بإخراجها من ثلثه ».

١٢ -( باب كراهة اعطاء المستحق من الزكاة أقل من خمسة دراهم وعدم التحريم)

[ ٧٧٨٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يجوز في الزكاة أن يعطي أقل من نصف دينار ».

١٣ -( باب جواز إعطاء المستحق من الزكاة ما يغنيه، وأنه لا حد له في الكثرة، إلّا من يخاف منه الإسراف، فيعطى قدر كفايته لسنة)

[ ٧٧٨٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

الباب - ١١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥١.

(١) في المصدر: تجب عليه زكاة في ماله.

(٢) وفيه: يخرجها.

الباب - ١٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٢.

الباب - ١٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١١٣

قال: « ويعطى المؤمن من الزكاة، ما يأكل منه ويشرب، ويكتسي، ويتزوج، ويحج، ويتصدق، (ويوفي دينه)(١) ».

وتقدم(٢) مثله، عن كتاب عاصم بن حميد.

١٤ -( باب جواز تفضيل بعض المستحقين على بعض، واستحباب كون التفضيل لفضيلة، كترك السؤال، والديانة، والفقه، والعقل)

[ ٧٧٨٩ ] ١ - السيد علي بن طاووس في مهج الدعوات: فيما وجده من طريق الدعاء اليماني، قال: هذا لفظ ما وجدنا: حدّثنا الشريف أبو الحسين زيد بن جعفر العلوي المحمّدي، قال: حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عبدالله بن البساط - قراءة عليه - قال: حدّثنا المغيرة بن عمرو بن الوليد العرزمي المكي بمكة - قراءة عليه - قال: حدّثنا أبو سعيد (محمّد بن المفضل)(١) الحسيني - قراءة عليه - قال: حدّثنا أبو إسحاق (بن)(٢) إبراهيم بن محدم الشافعي، ومحمّد بن يحيى بن أبي عمر العبدي، قالا: حدّثنا فضيل بن عياض، عن عطاء بن السائب، عن طاووس، عن ابن عباس - في حديث طويل - ذكر فيه دخول الرجل اليماني، على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وشكايته عن عدوه، وتعليمهعليه‌السلام الدعاء المعروف - إلى أن قال - ثمّ قال: يا أمير المؤمنين، إني أريد أن أتصدق بعشرة آلاف، فمن المستحق(٣) لذلك؟

____________________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) الباب: ٧ من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث ٢.

الباب - ١٤

١ - مهج الدعوات ص ١١٩.

(١) في المصدر: مفضل بن محمّد.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المصدر: المستحقون.

١١٤

يا أمير المؤمنين، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فرّق ذلك في أهل الورع من حملة القرآن، فما تزكو الصنيعة إلّا عند أمثالهم، فيتقوون بها على عبادة ربهم وتلاوة كتابه » فانتهى الرجل إلى ما أشار به أمير المؤمنينعليه‌السلام .

١٥ -( باب عدم وجوب استعياب المستحقين بالإعطاء، والتسوية بينهم، واستحباب ذلك)

[ ٧٧٩٠ ] ١ - أحمد بن علي بن أبي طالب في الاحتجاج: عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي، قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام بمكة إذ دخل عليه أُناس من المعتزلة، فيهم عمرو بن عبيد - إلى أن قال - قال الصادقعليه‌السلام لعمرو: « ما تقول في الصدقة »؟ قال: فقرأ عليه هذه الآية( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) إلى آخرها قال: « نعم، فكيف تقسم بينهم؟ » قال: أقسمها على ثمانية أجزاء، فأعطي كلّ جزء من الثمانية جزءاً، قالعليه‌السلام : « إن كان صنف منهم عشرة آلاف، وصنف رجلاً واحداً و(٢) رجلين و(٣) ثلاثة، جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف؟! » قال: نعم، قال: « وكذا تصنع بين صدقات أهل الحضر وأهل البوادي، فتجعلهم فيها سواء؟! » قال: نعم، قال: « فخالفت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في كلّ ما أتى به (في سيرته)(٤) ، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقسم صدقة أهل

____________________________

الباب - ١٥

١ - الاحتجاج ص ٣٦٤

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢، ٣) في المصدر: أو.

(٤) ليس في المصدر.

١١٥

البوادي في أهل البوادي، وصدقة الحضر في أهل الحضر، لا يقسمه(٥) بينهم بالسوية، إنما (يقسم على)(٦) قدر ما يحضره منهم، وعلى ما يرى، فإن كان في نفسك شئ ممـّا قلت(٧) فإن فقهاء أهل المدينة ومشيختهم كلهم، لا يختلفون في أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كذا كان يصنع ».

[ ٧٧٩١ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام : « أن علي بن أبي طالبعليه‌السلام يعطي الرجل زكاة ماله في هذه السهام بالحصص. للفقراء أهل العفة نصيب ولنسوانهم، ونصيب للسؤال، ونصيب في الرقاب، ونصيب في الغارمين. ونصيب في بني السبيل، وهو الضعيف المنقطع به ».

[ ٧٧٩٢ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام أنّه بعث إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من اليمن بذهبة في أديم مقروظ - يعني مدبوغ بالقرظ - لم تخلص(١) من ترابها، فقسمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين خمسة نفر: الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن بن بدر، وزيد الخيل، وعلقمة بن علاثة، وعامر بن الطفيل، فوجد(٢)

____________________________

(٥) في المصدر: يقسم، والظاهر أنّه أصوب.

(٦) وفيه: يقسمه.

(٧) وفيه زيادة: لك.

٢ - الجعفريات ص ٥٤.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) في المصدر: تُحَصَّل.

(٢) وَجَد: غضب (لسان العرب ج ٣ ص ٤٤٦).

١١٦

في ذلك ناس من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) ، فقال: « ألا تأمنوني!؟ وأنا أمين في(٤) السماء، يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء ».

[ ٧٧٩٣ ] ٤ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن محمّد القصري، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الصدقة؟ فقال: « نعم(١) ، ثمنها(٢) فيمن قال الله » الخبر.

١٦ -( باب تحريم الزكاة الواجبة على بني هاشم، إذا كان الدافع من غيرهم)

[ ٧٧٩٤ ] ١ - الصدوق في الأمالي والعيون: عن ابن شاذويه المؤدب، وجعفر بن محمّد بن مسرور معاً، عن محمّد بن عبدالله الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن الرضاعليه‌السلام ، فيما ذكرهعليه‌السلام من فضائل العترة، لعلماء العراق وخراسان، بحضرة المأمون، قالعليه‌السلام : « فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه ونزه رسوله ونزه أهل بيته، فقال:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ

____________________________

(٣) في المصدر زيادة « وقالوا: نحن كنا أحقّ بهذا، فبلغه ذلكصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٤) وفيه: من في.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٤ ح ٨٠.

(١) نعم: ليس في المصدر.

(٢) وفيه: أقسمها.

الباب - ١٦

١ - أمالى الصدوق ص ٤٢٨، وعيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٢٣٨.

١١٧

وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) (١) فهل تجد في شئ من ذلك أنه سمى(٢) لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى، لأنه تعالى لما نزه نفسه، عن الصدقة، نزه رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونزه أهل بيته، لا بل حرّم عليهم، لأن الصدقة محرمة على محمد وآله وهي أوساخ أيدي الناس، لا تحل لهم لأنهم طهّروا من كلّ دنس ووسخ، فلما طهرهم الله عزّوجلّ [ و ](٣) اصطفاهم، رضي لهم ما رضي لنفسه، وكره لهم ما كره لنفسه عزّوجلّ ».

[ ٧٧٩٥ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيدي فمشيت معه، فممرنا بتمر مصبوب وأنا يومئذ غلام صغير(١) ، فجمزت(٢) فتناولت تمرة فجعلتها في فيّ، (فأخرج التمرة)(٣) بلعابها ورمى بها في التمر، وكان من تمر الصدقة، وقال: إنا أهل البيت(٤) لا تحل لنا الصدقة ».

[ ٧٧٩٦ ] ٣ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تحل الصدقة لي ولا لأهل بيتي، إن الصدقة أوساخ أموال(١) الناس، فقيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام :

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في الأمالي: جعل عزّوجلّ سهماً.

(٣) أثبتناه من المصدرين.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٥٨.

(١) ليس في المصدر.

(٢) جمز: عدا وأسرع. (مجمع البحرين ج ٤ ص ١٠).

(٣) في المصدر: فجاء رسول الله حتى أدخل إصبعه في فيَّ فأخرجها.

(٤) في نسخة: بيت، منه (قدّه).

٣ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٥٩.

(١) أموال: ليس في المصدر.

١١٨

الزكاة التي يخرجها الناس من ذلك ؟ قال: نعم ».

[ ٧٧٩٧ ] ٤ - وعنهعليه‌السلام ، قال: « لا تحل لنا زكاة مفروضة، وما أبالي أكلت من زكاة أو شربت من خمر، إن الله حرم علينا من(١) صدقات الناس، أن نأكلها و(٢) نعمل عليها ».

[ ٧٧٩٨ ] ٥ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام (١) ، أنه نظر إلى الحسن بن عليعليهما‌السلام ، وهو طفل صغير قد أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فاستخرجها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من فمه وأنّ عليها لعابه، فرمى بها في تمر الصدقة حيث كانت، وقال: « إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة ».

[ ٧٧٩٩ ] ٦ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن العيص بن القاسم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إن أناساً من بني هاشم، أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسألوه أن يستعملهم على صدقة المواشي والنعم، فقالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله للعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، فنحن أول به، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بني عبد المطلب، إن الصدقة لا تحل لي ولا لكم، ولكن وعدت الشفاعة - ثم قال: أنا أشهد أنه قد وعدها - فما ظنكم يا بني عبد المطلب، إذ أحذت بحلقة باب الجنة، أتروني مؤثراً عليكم غيركم!؟ ».

____________________________

٤ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٥٩.

(١) من: ليس في المصدر.

(٢) وفيه: أو.

٥ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٦.

(١) لم يتبيّن من المصدر بأنّ هذه الرواية عن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٣ ح ٧٥.

١١٩

[ ٧٨٠٠ ] ٧ - الشيخ أبو علي الطوسي في أماليه: عن أبيه، عن المفيد، عن علي بن أحمد القلانسي، عن عبد الله بن محمد، عن عبد الرحمن بن صالح، عن موسى بن عثمان(١) ، عن أبي إسحاق السبيعي، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بغدير خم: « أن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي » الخبر.

[ ٧٨٠١ ] ٨ - نهج البلاغة: ومن كلام لهعليه‌السلام : « وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها، ومعجونة شنئتها(١) ، كأنها(٢) عجنت بريق حية أو قيئها، فقلت: أَصِلة ؟ أم زكاة ؟ أم صدقة ؟ فذلك كله محرم علينا أهل البيت » الخبر.

[ ٧٨٠٢ ] ٩ - تفسير الإمامعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ ) (١) قالعليه‌السلام : « إعط لقرابة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الفقراء هدية أو براً، لا صدقة فإن الله تعالى قد أجلّهم عن الصدقة - إلى أن قال - (واليتامى، آت)(٢) اليتامى من بني هاشم الفقراء براً لا صدقة ».

[ ٧٨٠٣ ] ١٠ - سليم بن قيس الهلالي في كتابه: عن أمير المؤمنين

____________________________

٧ - أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٣١، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٧٥ ح ٩.

(١) كان في الطبعة الحجرية « عمران »، والصحيح أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال (راجع لسان الميزان ج ٦ ص ١٢٥).

٨ - نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٤٤ ح ٢١٩.

(١) شَنِئ الشئ: ابغضه (لسان العرب ج ١ ص ١٠١).

(٢) في المصدر: كأنّما.

٩ - تفسير الامام العسكريعليه‌السلام ص ٢٤٩.

(١) البقرة ٢: ١٧٧.

(٢) في المصدر: أرادوا.

١٠ - كتاب سليم بن قيس الهلالي ص ١٦٣.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294