الصحيفة الصادقية

الصحيفة الصادقية46%

الصحيفة الصادقية مؤلف:
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 294

الصحيفة الصادقية
  • البداية
  • السابق
  • 294 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 173944 / تحميل: 8760
الحجم الحجم الحجم
الصحيفة الصادقية

الصحيفة الصادقية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

نموذج للصفحة الأخيرة من النسخة الخطية المحفوظة في مكتبة آية الله العظمى النجفي المرعشي (قدس سره)، ضمن المجموع المرقم 243 والتي رمزت لها بالحرف (أ)

٢١

نموذج للصفحة الأولى من النسخة الخطية المحفوظة في مكتبة آية الله العظمى النجفي المرعشي (قدس سره)، ضمن المجموع المرقم 78 والتي رمزت لها بالحرف (ب)

٢٢

نموذج للصفحة الأخيرة من النسخة الخطية المحفوظة في مكتبة آية الله العظمى النجفي المرعشي (قدس سره)، ضمن المجموع المرقم 78 والتي رمزت لها بالحرف (ب)

٢٣

نموذج للصفحة الأولى من النسخة الخطية المحفوظة في خزانة المجلس النيابي - الشورى الإسلامي - في طهران، ضمن المجموع المرقم 8 وبالرقم العام 63615 والتي رمزت لها بالحرف (ج)

٢٤

نموذج للصفحة الأخيرة من النسخة الخطية المحفوظة في خزانة المجلس النيابي - الشورى الاسلامي - في طهران، ضمن المجموع المرقم 8 وبالرقم العام 63615 والتي رمزت لها بالحرف (ج)

٢٥

٢٦

٢٧

٢٨

بسم الله الرحمن الرحيم

رَبِّ يَسِّرْ وَأعِنْ برَحْمَتِكَ

الحمد لله على سبوغ نعمته، وله الشكر على ما خصَّنا به من معرفته، و هدانا إليه من سبيل طاعته، ووقفنا من الاستبصار بحجته، ورزقنا من التمسك بحبله المتين وعروته، الذين اصطفاهم من خيرته، واجتباهم للحجة على بريته، محمد سيد أنبيائه وصفوته، والأئمة الطاهرين من عترته، عليهم أفضل صلواته ورحمته، وإياه نسأل تمام ما حبانا فيه من كرامته، بالعصمة مما شمل أهل عداوته؛ من الخذلان بالضلال عن حكمته، والاختلاف في شرع نبيه (صلى الله عليه وآله) والخلاف لسنته؛ وإن ثبَّت لنا برأفته ما نستديم به التوفيق في القول والعمل بمعونته، إنه وليُّ ذلك بلطفه وقدرته.

وبعد:

فقد وقفت - أدام الله عزك - على ما ذكرت عن شيخ بناحيتك من أصحاب الرأي، وما هو عليه من التحريك في عداوة أولياء الله منهم، والتبديع لهم، فيما يذهبون إليه من الأحكام المأثورة عن أئمة الهدى من آل محمد (عليهم

٢٩

السلام)، وأنه قد لجّ بذكر عشر مسائل، عزى إليهم فيها أقوالاً قصد بها التشنيع، وحكم عليهم فيها بالتضليل، وادَّعى أنهم خارجون بها عن الإيمان، مخالفون بمقالهم فيها نصوص القرآن.

وسألت - بعد ذكرك في كتابك اليَّ على التفصيل والبيان - أن أقفك على الحقيقة من ذلك بما يرفع الريب فيما تعمَّده من التخرص علينا والبهتان.

وأنا مجيبك - أيدك الله - إلى ما سألت، ومبين عين وجه الحق فيما فصَّلت وأجملت، وموضَّح عن القول فيه كما أحببت والتمست.

ومبين لك بعد الفراغ من ذلك - بمشيئة الله - أقوالاً ابتدعها إمام هذا الشيخ المتعصب على أهل الحق في الأحكام، خالف فيها سائر فقهاء الإسلام، و باين برأيه فيها جميع علماء الأنام، بدَّعه بهاذوو العقول والأفهام، لتكشف - أيدك الله - بها عن عواره، عند أصحابه المغترِّين به وأتباعه، وتهتك بها قناع ضلاله، عند المعظمين له بجهالتهم من أشياعه، وتخرسه الفضيحة بها عن الشناعات، التي يلجأ إليها بعجزه - في المناظرة - عن الحجاج بانقطاعه وبالله التوفيق ...

٣٠

المسألة الأولى

ذكرت - أيدك الله - عن هذا الشيخ المتفقه عند نفسه لأهل العراق، أنه زعم أن الإمامية تبيح الزنا المحظور في نص التنزيل، من نكاح الاستمتاع، المعقود باشتراط الآجال، وأن قولهم في ذلك خلاف لجماعة فقهاء الأمصار، وقد حرمه الله تعالى في القرآن حيث يقول:(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) (1) .

قال: وقد اتفق هذا الفريق - يعني الإمامية - على أن المتمتع بها ليست بزوجة ولا ملك يمين؛ وفي اتفاقهم على ذلك إقرار بأنهم فيما أباحوه من النكاح ضالون.

فصل

قلت: وزعم أن الخبر قد ثبت عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: الولد

____________________

(1) المؤمنون 5 - 7.

٣١

للفراش وللعاهر الحجر(1) ؛ وأن الرافضة على ما(2) اتفق على نفي ولد المتعة، فلو كان عن نكاح لثبت بالفراش، وإذا لم يكن نكاح المتعة فراشاً فهو سفاح محظور.

فأقول: - وبالله التوفيق - إن أول ما افتتح به هذا الشيخ كلامه سفه، و فرية توجب عليه الحد باتفاق، وذلك أنه لا خلاف بين فقهاء الأمة أن حدَّ الزنا ساقط في نكاح الاستمتاع، فالمحلل له منهم يسقطه(3) باعتقاد الإباحة فيه، كما يسقطه من ضروب النكاح الحلال؛ والمحرِّم له يسقط الحدّ فيه للشبهة الرَّافعة - عنده - للحدود(4) ؛ وهم مجمعون - مع ذلك - على أن من سمى المستمتع زانياً، أو سمى المستمتع بها زانية، كان مفترياً بذلك قاذفاً(5) ، والقرآن مصرِّح والسنة معاً بإيجاب الحد على المفترين(6) ؛ وهذا ينبئ عن صحة ما حكمنا به على

____________________

(1) الموطأ 2: 739، مسند أحمد بن حنبل 2: 239، سنن الدارمي 2: 152، صحيح البخاري 4:، صحيح مسلم 2: 108، سنن أبي داود 2: 282، سنن ابن ماجه 2: 904، سنن الترمذي 3: 463، سنن النسائي 6: 108، من لا يحضره الفقيه 3: 450، تهذيب الأحكام 8: 183.

(2) بياض في أبمقدار كلمة.

(3) في جميع النسخ: يسقط، وما أثبته أنسب.

(4) المدونة الكبرى 6: 202، المغني لابن قدامة 10: 151، الشرح الكبير 10: 177، التفريع لابن الجلاب 2: 48، 49، الكافي لابن عبد البرّ: 238، الفروع لابن مفلح 6: 74، النتف في الفتاوي 2: 633، بداية المجتهد 2: 434، مغني المحتاج 4: 145، نهاية المحتاج 7: 425، فتح المعين 4: 144، الانصاف 10: 182، كشاف القناع 5: 97، البحر الزخار 6: 146، مجمع الأبهر 1: 595.

(5) المدونة الكبرى 6: 202.

(6) أما من القرآن الكريم فهو قوله تعالى:(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) النور: 4.

وأما السنة ففيها الكثير، منها قوله صلى الله عليه وآله لهلال بن أمية - لما قذف امرأته - «أربعة شهداء، وإلا فحدّ في ظهرك؛ يردد ذلك عليه مراراً». سنن النسائي 6: 172.

ومنها: ما قضى به أمير المؤمنين (ع) أن الفرية ثلاثة: - يعني ثلاث وجوه - إذا رمى الرجل الرجل بالزنا، وإذا قال إن أمه زانية، وإذا دعي لغير أبيه فذلك حد ثمانون. فروع الكافي 7: 205

٣٢

هذا الشيخ المتعصب من استحقاق العقاب على ما لفظ به من الكلام المحظور.

فصل

ثم من أعجب الأمور وأطرفها من هذا الخصم، وأدلها على فرط غباوته وجهله، أن أبا حنيفة إمامه، وجميع من أخذ عنه رأيه، وقلَّده من أصحابه، لا يختلفون في أن العاقد على أمه أو ابنته وأخته، وسائر ذوات أرحامه، ووطئه لهن بعد العقد، مع العلم بصحة نسبه منهن، واعتقاد حظر ذلك عليه، وتغليظه في الشريعة، ليس بزان؛ من أجل العقد، وأن الحدّ ساقط عنه لذلك، ومن سماه زانياً - به - كان مفترياً عنده(1) ؛ ثم شنّع على الشيعة بنكاح المتعة الذي شرّعه النبي (صلى الله عليه وآله) بإجماع الأمة، واتفق على إباحته آل محمد (عليهم السلام)(2) ، وخيار الصحابة الأبرار، ووجوه التابعين بإحسان(3) ، و يسمي العاقد له على الأجنبية منه، المباح عقد النكاح عليها له زانياً.

إن هذا لبدع من المقال لا يذهب الخلل والتناقض فيه على سليم من الآفات.

____________________

(1) المبسوط للسرخسي 9: 85، فتح القدير 5: 35، المحلى 11: 25 3، المغني 10: 149، رحمة الأمة: 152.

(2) وقد استفاضت به أحاديثهم (ع) فمن ذلك حديث زرارة - في الصحيح - قال: جاء عبد الله بن عمير الليثي إلى أبي جعفر (ع) فقال له: ما تقول في متعة النساء؟ فقال: أحلّها الله في كتابه وعلى سنة نبيه صلى الله عليه وآله، فهي حلال إلى يوم القيامة الحديث (فروع الكافي 5: 449)

(3) يأتي تفصيله في ص.

٣٣

فصل

فأما احتجاجه بما تلاه من سورة المؤمنين، فإنه لا حجة فيه له على حال، و ذلك أن المستمتع بها زوجة عند جميع الشيعة، ومن دان بإباحتها من مخالفيهم، وما ادعاه عليهم من إنكار ذلك، باطل منه وبهتان ومذهبهم فيه - على اجتماعهم - نقيض دعواه.

ولو امتنع منهم ممتنع من التسمية للمستمتع بها بالزوجية - على ما تظنّى له - يناف(1) بذلك حكم ما تلاه، لجواز وجود نكاح ثالث ينضمُّ إلى هذين النكاحين في التحليل، ينطق به قرآن أو سنة عن النبي (صلى الله عليه وآله)، فيقوم ذلك مقام الآية الواحدة في تضمنها للأقسام، ولم يكن ممتنعاً باتفاق أهل اللسان أن تنزل الآية على هذا الترتيب، فيكون تقدير الكلام:(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) (2) .

وإذا لم يستحل ذلك في تقدير الكلام، لم يبق في صحته إلا وجوده في آية أخرى من القرآن، أو سنة ثابتة عن النبي (صلى الله عليه وآله).

وهو موجود في الموضعين جميعاً على البيان، قال الله تعالى: بعد ذكر المحرمات في النكاح(وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) (3) ، فنطق الذكر الحكيم بإباحة نكاح الاستمتاع على اليقين.

____________________

(1) كذا في النسخ، ولعل الصواب «لم يناف».

(2) المؤمنون: 5، 6.

(3) النساء: 24.

٣٤

وثبتت الرواية عن عبد الله بن مسعود(1) و عبد الله بن عباس(2) أنهما كان يقرآن هذه الآية(فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمى) (3) ؛ وهذا ظاهر صريح في نكاح المتعة المخصوص.

وأما السنة: فالإجماع ثابت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أطلق نكاح المتعة المشروط بالأجل، وأذن فيه، وعمل به المسلمون في حياته(4) ، و ولد منه أولاد في عصره(5) ، وفي إجماع الأمة على ذلك بطلان ما تعلق به الخصم في كلامه لما قدمناه.

وقد استقصيت الكلام في هذه المسألة في مواضع شتى من أمالي، و أفردت أيضاً فيها كتباً معروفات(6) ، فلا حاجة بي إلى الإطالة فيه والإطناب.

____________________

(1) هو أبو عبد الرحمن، ابن أم عبد الهذلي؛ صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله، وخادمه؛ أسلم قبل عمر، و حفظ من في رسول الله صلى الله عليه وآله سبعين سورة. (تذكرة الحفاظ: 240)

(2) عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، الإمام البحر، عالم العصر، أبو العباس الهاشمي، دعا له النبي صلى الله عليه وآله أن يفقهه الله في الدين، ويعلمه التأويل. (تذكرة الحفاظ: 240)

(3) الكشاف للزمخشري 1: 519، أحكام القرآن لابن العربي 1: 389، الجامع لأحكام القرآن 5: 130، تفسير ابن كثير 1: 474، التفسير الكبير 10: 50، الدر المنثور 2: 484، نيل الأوطار 6: 275.

(4) المغني 7: 57 1، الشرح الكبير 7: 537، الإنصاف 8: 163، وفيه: وعن أحمد: الحكم بالكراهة، كشاف القناع 5: 97، المبسوط 5: 152، أحكام القرآن للجصاص 2: 147، المحلّى 9: 519، كتاب النيل 6: 318.

(5) استمتع ابن حريث وابن فلان، كلاهما ولد له من المتعة، زمان أبي بكر وعمر. (كنز العمال 16: 518)

سمعت عبد الله بن الزبير يخطب وهو يعرّض بابن عباس، يعيب عليه قوله في المتعة، فقال ابن عباس: يسأل أمه إن كان صادقاً، فسألها، فقالت: صدق ابن عباس، قد كان ذلك. فقال ابن عباس: لو شئتَ لسميت رجالاً من قريش ولدوا فيها. (مشكل الآثار للطحاوي 3: 24).

عيّر عبد الله بن الزبير عبدَ الله بن عباس بتحليله المتعة، فقال له: سل أمك كيف سطعت المجامر بينها وبين أبيك؟! فسألها، فقالت: ما ولدتك إلّا في المتعة. (محاضرات الأدباء 2: 214).

(6) للمؤلف ثلاثة كتب في المتعة، ذكرها النجاشي في رجاله عند تعداده لمصنفات المؤلف، وهي كتابه =

٣٥

فصل

فأما دعواه علينا - في نكاح المتعة - الخلاف على كافة فقهاء الأمصار، فهو من تخرصه الذي قدمنا وصفه فيه بالبهتان، وعيون فقهاء الصحابة والتابعين بإحسان يروون في إباحته ما يلائم مذهب آل محمد (عليهم السلام)، وقد حكى ذلك عنهم مَن لا يُتَّهم عليهم، من الفقهاء ورواة الأخبار.

فذكر أبو علي الحسين بن علي بن يزيد(1) - وهو من جملة فقهاء العامة - في كتابه المعروف بكتاب (الأقضية): أنه قال بنكاح المتعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله): عبد الله بن مسعود(2) ، ويعلي بن أمية(3) ، و جابر بن عبد الله(4) ، وعبد الله بن عباس(5) ، وصفوان بن أمية(6) ، ومعاوية بن

____________________

= في المتعة، وكتاب الموجز في المتعة، وكتاب المختصر فيها. وقد نقل عنها - كتاب المتعة - المجلسي في البحار، والحر العاملي في وسائل الشيعة. انظر: رجال النجاشي 2: 328، بحار الانوار 100: 305، وسائل الشيعة 21: 10، الذريعة 19: 66.

(1) الذي يغلب على الظن أنه: الكرابيسي، رغم أن مترجميه لم يذكروا له هذا المصنف في تعداد مؤلفاته، وهو: الحسين بن علي بن يزيد الكرابيسي، البغدادي، صاحب الشافعي وأشهرهم بانتياب مجلسه، وأحفظهم لمذهبه. له تصانيف كثيرة في أصول الفقه وفروعه، وكان متكلما، عارفا بالحديث، وصنف في الجرح والتعديل، وأخذ عنه خلق كثير. توفي سنة خمس - وقيل: سنة ثمان - وأربعين ومائتين. (الوافي بالوفيات 12: 430).

(2) وقد تقدمت قراءته للآية الشريفة (فما استمتعتم به منهن إلى أجل).

(3) هو يعلي بن أمية، ابن منية، ومنية أمه، التميمي، حليف قريش، عامل عمر على نجران، له صحبة. (التاريخ الكبير للبخاري 8: 414).

(4) جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، أبو عبد الله الأنصاري، الفقيه، مفتي المدينة في زمانه، كان آخر من شهد بيعة العقبة، في السبعين من الأنصار، حمل عن النبي صلى الله عليه وآله الشئ الكثير. (تذكرة الحفاظ: 43)

(5) وقد تقدم أنه كان يقرأ (فما استمتعتم به منهن إلى أجل).

(6) صفوان بن أمية بن خلف، أبو وهب الجمحي، له صحبة. (التاريخ الكبير 4: 304)

٣٦

أبي سفيان(1) ، وغيرهم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله).

وجماعة من التابعين، منهم: عطاء(2) ، وطاوس(3) ، وسعيد بن جبير(4) ، وجابر بن يزيد(5) ، وعمرو بن دينار(6) ، وابن جريج(7) ، وجماعة من أهل مكة والمدينة، وأهل اليمن، وأكثر أهل الكوفة.

قال أبو علي: لم يحكم أحد من المسلمين على مَن تمتَّع بحدّ، وعذرهم الفقهاء بما رووا فيها عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأصحابه والتابعين.

____________________

(1) معاوية بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية، أمه هند بن عتبة بن ربيعة، أظهر إسلامه يوم الفتح، حدَّث عن النبي صلى الله عليه وآله، وكتب له مرَّات يسيرة. عدَّه ابن حزم الأندلسي ممن ثبت على تحليل المتعة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله. (سير أعلام النبلاء 3: 12 2، وانظر المحلى 9: 519)

(2) عطاء بن أبي رباح، مفتي أهل مكة ومحدثهم، ولد في خلافة عثمان، وقيل: في خلافة عمر، و كان أسود مفلفلاً، فصيحاً كثير العلم؛ من مولدي الجند. عدّه ابن حزم ممن ثبت على تحليل المتعة. (تذكرة الحفاظ: 89، المحلى 9: 519)

(3) طاوس بن كيسان، أبو عبد الرحمن، اليماني الجندي، كان شيخ أهل اليمن، وبركتهم، ومفتيهم، و كان كثير الحج، فاتفق موته بمكة، قبل يوم التروية بيوم، سنة ست ومائة. عدَّه ابن حزم ممن ثبت على تحليل المتعة. (تذكرة الحفاظ: 90، المحلى 9: 519)

(4) سعيد بن جبير الوالبي، مولاهم الكوفي، المقرئ الفقيه، أحد الأعلام، سمع من ابن عباس وعدي ابن حاتم قتله الحجاج في شعبان، سنة خمس وتسعين، وله تسع وأربعون سنة. وهو من الذين كانوا يقرؤن هذه الآية (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى). (تذكرة الحفاظ: 76، وانظر: تفسير ابن كثير 1: 474)

(5) جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي، أبو عبد الله، قال وكيع: مهما شككتم في شئ فلا تشكوا في أن جابراً ثقة. وقال سفيان الثوري لشعبة: لئن تكلَّمت في جابر الجعفي لأتكلمنُ فيك. (تهذيب الكمال 4: 465)

(6) عمرو بن دينار الحافظ، إمام الحرم، أبو محمد الجمحي، مولاهم المكي الأثرم، ولد سنة ست و أربعين، سمع ابن عباس وابن عمر وجابر بن عبد الله. (تذكرة الحفاظ: 113)

(7) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، فقيه الحرم، أبو الوليد الرومي، الأموي، مولاهم المكي، الفقيه صاحب التصانيف، قال جرير: كان ابن جريج يرى المتعة، تزوج ستين امرأة. وقال الشافعي: استمتع ابن جريج بسبعين امرأة. (تذكرة الحفاظ: 170)، (تهذيب التهذيب 6: 360)

٣٧

ثمَّ ذكر بعض الأخبار في ذلك، فقال:

أخبرنا محمد بن عبد عن إسماعيل عن قيس عن عبد الله قال: أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن نتمتع من النساء.

قال: وأخبرنا عبد الوهاب بن مسعود بن عطا عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: كنا نتمتع على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بملء القدح سويقاً، وبالقبضة من التمر.

قال: وأخبرنا عبد الوهاب عن ابن جريج عن عطا عن ابن عباس: أنه كان يراها حلالا، ويقرأ(فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) (1) .

وذكر أبو جعفر محمد بن حبيب النحوي(2) ، في كتابه المعروف بكتاب (المحبَّر) مَن كان يرى المتعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: جابر عن عبد الله الأنصاري، وزيد بن ثابت(3) ، وسلمة بن الأكوع السلمي(4) ، و

____________________

(1) لم أعثر على هذه الأحاديث في مظانها، مضافاً إلى فقدان الكتاب الذي ينقل عنه المؤلف، إلّا أن مضامينها متواترة، أذكر منها:

خرج علينا منادي رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد أذن لكم أن تستمتعوا، يعني متعة النساء. (صحيح مسلم: 1022)

وعن جابر بن عبد الله: استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأبي بكر وعمر. (صحيح مسلم: 1023)

وعن جابر: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق، الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، وأبي بكر، حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حديث. (صحيح مسلم: 1023)

(2) محمد بن حبيب صاحب كتاب (المحبر)، حدث عن هشام بن محمد الكلبي، كان عالماً بالنسب و أخبار العرب، موثقاً في رواياته، وحبيب أمه، وهو ولد ملاعنة. (تاريخ بغداد 2: 277)

(3) زيد بن ثابت بن الضحاك، أبو خارجة الأنصاري، الخزرجي، النجاري، المقرئ، الفرضي، كاتب وحي النبي صلى الله عليه وآله. (تذكرة الحفاظ: 30)

(4) سلمة بن الأكوع بن عبد الله بن قشير، أبو عامر، وكان من أشد الناس وأشجعهم راجلاً. وهو الذي يقول: كنا في جيش فأتانا رسول رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إنه أذن لكم أن تستمتعوا فاستمتعوا. (الثقات لابن حبان 3: 167، صحيح مسلم: 1022)

٣٨

عمران بن الحصين الخزاعي(1) ، و عبد الله بن مسعود الهذلي، و عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، وأنس بن مالك(2) .

قال ابن حبيب: والصحيح علي بن أبي طالب (عليه السلام)(3) .

فصل

وإذا كان من عددناه من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) والتابعين بإحسان يقول بمتعة النساء، ويفتي بتحليلها، ويدين الله بذلك، على ما ذكره ورواه من سميناه، ممن لا يتهم بعصبية للشيعة ولا يشك أهل الخلاف في ثقته وأمانته، وغيرهم من الفقهاء ورواة الأخبار، فكيف يجوز لهذا الشيخ المسرف على نفسه دعوى الإجماع من الفقهاء على تحريمها وخلاف الشيعة في تحليلها؟! لولا أنه لا يستحي من العناد.

فصل

فأما ما ادعاه علينا من نفي ولد المتعة، فإنه لا حق ببهتانه ومكابرته و

____________________

(1) عمران بن حصين بن عبيد بن خلف، أبو نجيد الخزاعي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله، إسلامه وقت إسلام أبي هريرة، له أحاديث عديدة، وكان ممن بعثه عمر بن الخطاب إلى أهل البصرة ليفقههم. (تذكرة الحفاظ: 29)

(2) أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم، أبو حمزة الأنصاري، النجاري، المدني، خادم رسول الله صلى الله عليه وآله، وله صحبة طويلة وحديث كثير، وكان آخر الصحابة موتاً. (تذكرة الحفاظ: 44)

(3) المحبر: 289، وفيه: خالد بن عبد الله، بدل (جابر)، وليس فيه عبد الله بن مسعود، وعلي بن أبي طالب (ع)، ولعل نسخة المحبر التي بين أيدينا ناقصة.

٣٩

تخرصه وقدر أمانيه، إذ الإمامية مجمعة على الفتيا بثبوت نسبه، وتعظيم القول في نفيه، المبالغة في إنكار ذلك على فاعله، ومتفقة على تسليم الوراثة له، عن أئمتها من آل محمد (عليهم السلام)، وتأكيد ثبوت النسب من هذا النكاح، وذلك موجود في كتبهم ومصنفاتهم(1) ، وأخبارهم، ورواياتهم(2) ، لا يختلف منهم اثنان فيه، ولا يشك أحد منهم في صحته، والجهل بذلك من إجماعهم بُعد عن الصواب، والإنكار له مع العلم به بهت شديد تسقط معه مكالمة مستعمله، وارتكابه العناد.

وأعجب شيء من هذا الباب أن المحرم لنكاح المتعة من مخالفي الشيعة يرى إلحاق ولد المتعة بأبيه، وينكر نفيه عنه، مع إطباقهم على أنه نكاح فاسد، وإنما يلحقون الولد فيه للشبهة - فيما يزعمون - بالعقد(3) ، ثم تكون الشيعة التي ترى إباحتها، وتدين الله بتحليلها، وتعتقد صحة النكاح بها، وترى أن استعمالها سنة، تنفي الولد منها، ولا تثبت النسب بها؟! كلّا ما يتوهم ذلك إلا مؤوف(4) خارج عن صفة العقلاء

____________________

(1) انظر: المقنع: 114، الهداية بالخير: 69، الكافي في الفقه: 298، المقنعة: 498، النهاية للطوسي: 243، الوسيلة: 310، المراسم: 155، السرائر 2: 624، الشرائع 2: 306.

(2) انظر: فروع الكافي 5: 454، 464، من لا يحضره الفقيه 3: 292، تهذيب الأحكام 7: 269، الاستبصار 3: 152.

(3) المغني 9: 58، 10: 151، الشرح الكبير 9: 69، 10: 177، الكافي لابن عبد البر: 238، التفريع 2: 49، كشاف القناع 10: 97، النتف في الفتاوي 2: 632، القوانين الفقهية: 213، المحلى 11: 250.

(4) يقال طعام موؤف: أصابته آفة. (لسان العرب 9: 16).

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

وَجْهَكَ ، وَالدَّارَ الآخِرَةَ ، مَرْهُوباً وَمَرْغُوباً إلَيْكَ فِيهِ ، فَأَحْيني ما أَحْيَيْتَني عَلَيْهِ ، وَابْعَثْني إذَا بَعَثْتَني عَلَيْهِ ، وَإنْ كَاَنَ مِنِّي تَقْصيرٌ فِيمَا مَضَى ، فَإنِّي أَتُوبُ ، إلَيْكَ مِنْهُ ، وَأَرْغَبُ إلَيْكَ فِيمَا عِنْدِكَ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَعْصِمَني مِنْ مَعَاصيكَ ، وَلا تَكِلْني إلى نَفْسِي ، طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً ، ما أَحيَيْتَني لا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ ، وَلا أَكْثَرَ ، إنْ النَّفْسَ لَأمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ، إلاَّ مَا رَحِمْتَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَعْصِمَني بِطَاعَتِكَ ، حَتَّى تَتَوَفَّاني عَلَيْهَا ، وَأَنْتَ عَنِّي رَاضٍ ، وَأَنْ تَخْتِمَ لي بِالسَّعَادَةِ ، وَلا تُحَوِّلْني عَنْهَا أَبَداً ، وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِكَ »(١) .

وحمل هذا الدعاء الجليل تعظيم الامامعليه‌السلام ، لآبائه أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ، هداة هذه الامة ، وقادتها وسفن نجاتها ، وعدلاء القرآن الكريم كما أعلن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك.

٧ ـ دعاؤه بعد صلاة الظهر

روى الفقيه الكبير ، معاوية بن عمار ، أن الامام الصادقعليه‌السلام ، كان إذا فرغ من صلاة الظهر دعا بهذا الدعاء :

« يا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ ، وَيَا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ ، ويا أَسْرَعَ الحَاسِبِينَ ، وَيا أَجْودَ الَأجْوَدِينَ ، ويا أَكْرَمَ الَأكْرَمِينَ ، صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، كَأَفْضَلِ وَأَجْزَلِ وَأَوْفَى ، وَأَحْسَنِ ، وَأَجْمَلِ ، وَأَكْمَلِ ، وَأَطْهَرِ ، وَأَزْكَى وَأَنْوَرِ ، وَأَعْلى ، وَأَبْهَى ، وَأَسْنَى ، وَأَنْمَى ، وَأَدْوَمِ ، وَأَعَمِّ ، وَأَبْقَى ما صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ وَمَنَنْتَ ، وَسَلَّمْتَ وَتَرْحَّمْتَ على إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

__________________

١ ـ الاقبال ( ص ١٨٣ ).

٢٠١

اللّهُمَّ ، أُمْنُنْ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا مَنَنْتَ على مُوسى وَهَارُونَ ، وَسَلِّمْ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا سَلَّمْتَ على نُوحٍ في العَالَمِينَ ، اللّهُمَّ ، وَأَوْرِدْ عَلَيْهِ مِنْ ذُرِيَّتِهِ ، وَأَزْوَاجِهِ ، وَأَهْل بَيْتِهِ ، وَأَصْحَابِهِ ، وَأَتْبَاعِهِ ، مَنْ تقرُّ بِهِمْ عَيْنُهُ ، وَاجْعَلْنَا مِنْهُمْ ، وَمِمَّنْ تَسْقِيِهِ بكأسِهِ ، وَتُورِدُهُ حَوْضَهُ ، وَاحْشُرْنَا في زُمْرَتِهِ ، وَاجْعَلْنا تَحْتَ لِوَائه ، وَأَدْخِلْنَا في كُل خَيْرٍ ، أَدْخَلْتَ فِيهِ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ ، وَأَخْرِجْنَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ ، أَخْرَجْتَ مِنْهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ ، وَلا تُفَرِّقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً ، وَلا أَقَلَّ مِنْ ذلِكَ ، وَلَا أَكْثَرَ.

اللّهُمَّ ، صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْني مَعَهُمْ في كُلِّ عَافِيَةٍ وَبَلَاءٍ ، وَأجْعَلْني مَعَهُمْ في كُلِّ شِدَّةٍ وَرَخَاءٍ ، وَاجْعَلْني مَعَهُمْ في كُلِّ أَمْنٍ وَخَوْفٍ ، وَاجْعَلْني مَعَهُمْ في كُلِّ مَثْوىَ وَمُنْقَلَبٍ ، اللّهُمَّ ، أحْيني مَحْيَاهُمْ ، وَأَمِتْني مِمَاتَهُمْ ، وَأجْعَلْني مَعَهُمْ في المَوَاقِفِ كُلِّهَا وَأجْعَلْني بِهِمْ ، عِنْدَكَ وَجِيهاً في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَمِنَ المُقَرَّبِينَ.

اللّهُمَّ ، صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَاكْشِفْ عَنِّي بِهِمْ كُلِّ كَرْبٍ ، ونفِّسْ عنِّي بِهمْ كُلَّ هَمٍّ ، وَفَرِّجْ عَنِّي بِهِمْ كُلَّ غَمٍّ ، وَاكْفِنِي بِهمْ كُلَّ خوْف ، واصْرِفْ عَنِّي بِهِمْ مَقَادِيرَ كُلِّ بَلَاءٍ ، وَسُوءَ القَضَاءِ ، وَدَرَك الشَّقَاءِ وَشماتةَ الأعْدَاءِ.

اللّهُمَّ ، صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَاغْفِر لي ذَنْبي ، وَطيِّبْ لي كَسْبِي ، وَقَنِّعْني بِمَا رَزَقْتَني ، وَبَارِكْ لي فِيهِ ، وَلا تُذْهِبْ بِنَفْسِي إلى شَيْءٍ صَرَفْتَهُ عَنِّي ، اللّهُمَّ ، إني أَعُوذُ بِكَ مِنْ دُيْنَا تَمْنَعُ خَيْرَ الآخِرَةِ ، وَمِنْ عَاجِلٍ يَمْنَعُ خَيْرَ الآجِلِ ، وَحَيَاةٍ تَمْنَعُ خَيْرَ المَمَاتِ ، وَأَمَلٍ يَمْنَعُ خَيْرَ

٢٠٢

العَمَلِ ، اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ الصَّبْر على طَاعَتِكَ ، وَالصَّبْرَ عَنْ مَعْصِيَتِكَ ، وَالقِيَام بِحَقِكَ ، وَأَسْأَلُكَ حَقَائِقَ الإِيمَانِ ، وَصِدْقَ اليَقِين في المَوَاطِنِ كُلِّهَا ، وَأَسْأَلُكَ العَفْوَ ، وَالعَافِيَة ، والمُعافَاة في الدُّنْيَا والآخِرَةِ ، عَافِيَةَ الدُّنْيَا مِنَ البَلَاءِ ، وَعَافِيَةَ الآخِرَةِ مِنَ الشَّقَاءِ ، اللّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الفَوْزَ ، وَالسَّلَامَةَ ، وَحُلُولَ دَارِ الكَرَامَةِ.

اللّهُمَّ ، أنِّي أَسْأَلُكَ العَافِيَةِ ، وَتَمَامَ العَافِيَةِ ، وَالشُّكرَ على العَافِيَةِ يا وَلِيَّ العَافِيَةِ.

اللّهُمَّ ، إجْعَلْ لي في صَلَاتي ، وَدُعَائِي ، رَهْبَةً مِنْكَ ، وَرَغْبَةً إلَيْكَ ، وَرَاحَةً تَمُنُّ بِهَا عَلَيَّ اللّهُمَّ ، لا تَحْرمْني سِعَةَ رَحْمتكَ ، وَسُبُوغَ نِعْمَتِكَ ، وشُمُول عافِيَتِكَ ، وَجزيلَ عَطاياكَ ، وَمنْح موَاهِبِكَ ، لسُوءِ ما عِنْدِي ، وَلا تُجازِني بِقَبِيحِ عَمَلِي ، وَلا تَصْرفْ بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ عنِّي ، اللّهُمَّ ، لا تَحْرِمْني وَأَنَا أَدْعُوكَ ، وَلا تُخَيِّبْني وَأَنَا أَرْجُوكَ ، وَلا تَكِلْني إلى نَفْسي طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً ، وَلا إلى أَحَدٍ مِنْ خَلْقك فَيَحْرمْني ويسَتْأَثِرُ علي ، اللّهُمَّ ، إنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ ، وَتُثْبتُ ، وعنْدَكَ أُمُّ الكتَاب ، أَسْأَلُكَ بِآلِ « يَس » خِيرتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَصَفْوَتِكَ مِنْ بَرِيَّتِكَ ، وَأُقدِّمُهُمْ بَيْنَ يَدَيْ حَاجَتي وَرغْبَتي إلَيْكَ.

اللّهُمَّ ، إنْ كُنْتَ كَتَبْتني عِنْدَكَ ، في أُمِّ الكِتَابِ شقِيَّاً مَحْروُماً ، مُقَتَّراً عَلَيَّ في الرِّزْق ، فامْحُ مِنْ أُمِّ الكتابِ شقائي ، وَحرْماني ، وإقْتار رِزْقي ، وَثَبِّتْني عِنْدَكَ سَعيداً مَرْزُوقاً ، فَإنَّك تَمْحُو ما تَشَاءُ ، وَتُثْبِتُ ، وَعِنْدَكَ أُمُّ الكِتَابِ.

اللّهُمَّ ، إنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إلَيَّ مِنْ خَيْرِ فَقِيرُ ، وَأَنَا مِنْكَ خَائِفٌ ، وَبِكَ

٢٠٣

مُسْتَجيرٌ ، وَأَنَا حقِيرٌ مِسْكِينٌ ، أَدْعُوكَ كَمَا أَمَرْتَني ، فَاسْتَجِبْ لي كَمَا وَعَدْتَني ، إنَّكَ لا تُخْلفُ الميعادُ. يا مَنْ قَالَ: « أُدْعُوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ » نعْم المُجِيبُ أنْتَ ، يا سَيِّدي ، وَنِعْمَ الوَكِيلُ ، وَنِعْمَ الرَبُّ ، وَنِعْمَ المَوْلَى ، وَبِئِسَ العَبْدُ أَنَا ، وَهَذا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ النَّارِ ، يا فَارِجَ الهمِّ ، يا كَاشِفَ الغَمِّ ، وَيا مُجيبَ دَعْوَةَ المُضْطَرِّ ، وَرَحْمَنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَرَحيمَهُمَا إرْحَمْني رَحْمَةً تُغْنِينِي عَنْ رَحْمَةٍ مَنْ سوَاكَ ، وَادْخِلْني بِرَحْمَتِكَ ، في عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ، الحَمْدُ لله الذي قَضَى عَنِّي صَلَاتي فَإنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ على المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً »(١) .

لقد اعتصم الامامعليه‌السلام بالله ، وأناب إليه ، فدعاه بإخلاص ، وناجاه بمعرفة وإيمان ، شأنه في ذلك ، شأن آبائه ، الائمة الطاهرين ، الذين أضاؤا الحياة الاسلامية ، بما نشروه من كنوز التوحيد ، والايمان.

٨ ـ دعاؤه بعد صلاة المغرب

روى سعيد بن يسار ، عن الامام الصادقعليه‌السلام ، أنه قال : إذا صليت المغرب فامرر يديك على جبهتك ، وقل :

« بِسْمِ اللهِ الذي لا إلهَ إلاَّ هُوَ ، عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ »

وقل ثلاثا :

« اللّهُمَّ ، أَذْهِبْ عَنِّي الهَمَّ وَالحُزْنَ »(٢) .

وبهذا الدعاء الموجز ، ينتهي بنا الحديث عن بعض أدعيته في الصلاة التي هي من أهم العبادات في الاسلام.

__________________

١ ـ البلد الامين ( ١٥٧ ـ ١٦ ).

٢ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٤٩.

٢٠٤

القسم السابع

دعاؤه للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولآله وشيعتهم

٢٠٥
٢٠٦

ونقل الرواة ، كوكبة من أدعية الامام الصادقعليه‌السلام ، دعا ببعضها لجده ، الرسول الاعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مفجر العلو والوعي في الارض ، كما دعا ببعضها لخزنة علمه ، وحملة مشعل الفكر والهداية ، الائمة الطاهرين من ذريته ، ودعا ببعضها لشيعتهم ، الذين ساروا على منهجهم ، وتمسكوا بمحبتهم وولائهم ، وفي ما يلي ذلك :

١ ـ دعاؤه للنبي

من أدعية الامام الصادقعليه‌السلام ، هذا الدعاء الجليل ، وقد أدلى به بما تميز به جده الرسول العظيمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، من سمو المنزلة ، وعظيم المكانة عند الله عزوجل ، وهذا نصه :

« اللّهُمَّ ، إنَّ مُحَمَّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كَمَا وَصَفْتَهُ في كِتَابِكَ حَيْثُ قُلْتَ : ـ وَقَوْلُكَ الحَقُّ ـ «لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُوْلٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ، عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عِنِتُّمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ .. »(١) فَأَشْهَدُ أَنَّهُ كَذلِكَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ لَمْ تَأْمُرْنَا بالصَّلَاةِ عَلَيْهِ إلاَّ بَعْدَ أَنْ صَلَّيْتَ عَلَيْهِ أَنْتَ وَمَلَائِكَتُكَ ،

__________________

١ ـ سورة التوبة ـ آية ١٢٨.

٢٠٧

فَأَنْزَلْتَ في فُرْقَانِكَ الحَكِيمِ : «إنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ على النَّبيّ يا أيُّهَا الذِينَ آمَنوُا صَلُوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْليِمَا »(٢) لا لِحَاجَةِ بِهِ إلى صَلَاةِ أَحَدٍ مِنَ الخَلْق بَعْدَ صَلَوَاتِكَ عَلَيْهِ ، وَلا إلى تَزْكِيَتِهِمْ إيَّاهُ بَعْدَ تَزْكِيَتِكَ ، بَلِ الخَلْقُ جَمِيعاً ، هُمُ المُحَتَاجُونَ إلى ذلِكَ إلاَّ أَنَّكَ جَعَلْتَهُ بَابَكَ الذي لا يُقْبَلُ إلاَّ مَنْ أَتَاكَ مِنْهُ ، وَجَعَلْتَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ قُرْبَةً مِنْكَ ، وَوَسِيلَةً إلَيْكَ ، وَزُلْفَةً عِنْدَكَ ، وَدَلَلْتَ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ ، وَأَمَرْتَهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ ، لِيَزْدادُوا بِهَا إثْرَةً لَدَيْكَ ، وَكَرَامَةً عَلَيْكَ ، وَوَكَّلْتَ بِالمُصَلِّينَ عَلَيْهِ مَلَائِكَتُكَ يُصَلُّوَن عَلَيْهِ ، وَيُبَلِّغُونَهُ بِصَلَاتِهِمْ وَتَسْلِيمِهِمْ.

اللّهُمَّ ، رَبَّ مُحَمَّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إنِّي أَسْأَلُكَ بِمَا عَظَّمْتَ بِهِ مِنْ أَمْرِ مُحَمَّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وَأَوْجَبْتَ مِنْ حَقِّهِ ، أَنْ تُطْلقَ بِهِ لساني مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى ، وَبِمَا لَمْ تُطْلِقْ بِهِ لسان أحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ ، وَلْم تُعَلِّمْهُ إيَّاهُ ، ثُمَّ تُؤْتِيني على ذلِكَ مُرافقتهُ ، حَيْثُ أحْلَلْتهُ ، مِن مَحَلِ قُدْسِكَ ، وَجَنَّاتِ فِرْدَوْسِكَ ، وَلا تُفَرقْ بَيْني وَبَيْنَهُ.

اللّهُمَّ ، إنِّي أَبْدَأُ بِالشَّهَادَةِ ، ثُمَّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ ، وَأنْ كُنْتُ لا أَبْلُغُ مِنْ ذلِكَ رِضَى نَفْسِي ، وَلا يُعَبِّرُ لِسَانِي عَنْ ضَمِيرِي ، وَلا أُلَامُ على التَّقْصِيرِ مِنِّي ، لِعَجْزِ قُدْرَتي عَنْ بُلُوغِ الوَاجِبِ عَلَيَّ مِنْهُ ، لَأنَّهُ خُطَّ عَلَيَّ ، وَحُقَّ عَلَيَّ لِمَا أَوْجَبْتَ لَهُ في عُنُقِي ، إنَّهُ قَدْ بَلَّغَ رِسَالَتَكَ غَيْرَ مُفَرِّطٍ فِيمَا أَمَرْتَ ، وَلا مُجَاوِزٍ لِمَا نَهَيْتَ ، وَلا مُقَصِّرٍ فِيمَا أَرَدْتَ ، وَلا مُتَعَدٍّ لِمَا أَوْصَيْتَ وَتَلَا آيَاتِكَ على ما أَنْزَلْتَ إلَيْهِ مِنْ وَحْيِكَ ، وَجَاهَدَ في سَبِيِلِكَ ، مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ ، وَوَفَّى بِعَهْدِكَ ، وَصَدّقَ وَعْدَكَ ، وَصَدَعَ

__________________

١ ـ سورة الاحزاب ـ آية ٥٦.

٢٠٨

بِأَمْرِكَ ، لا يَخَافُ فِيكَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ، وَبَاعَدَ فِيكَ الأقْرَبِينَ ، وَقَرَّبَ فِيكَ الأبْعَدِينَ ، وَأَمَرَ بِطَاعَتِكَ ، وَأئَتَمَرَ بِهَا سِرّاً وَعَلَانِيَةً ، وَنَهَى عَنْ مَعْصِيَتِكَ ، وَأنْتَهَى عَنْهَا سِرَّاً وَعَلَانِيَةً ، مَرْضِيّاً عِنْدَكَ ، وَدَلَّ على مَحَاسِنِ الَأخْلَاقِ وَأَخَذَ بِهَا ، وَنَهَى عَنْ مَسَاوِىءِ الَأخْلَاقِ وَرَغِبَ عَنْهَا ، وَوَالَى أَوْلِيَاءَكَ الذِينَ تُحِبُّ أَنْ يُوَالَوا قَوْلاً وَعَمَلاً ، وَدَعَا إلى سَبِيِلِكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ ، وَعَبَدَكَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاهُ اليَقِينُ ، فَقَبَضْتَهُ إلَيْكَ ، نَقِيّاً تَقِيّاً زَكِيّاً ، قَدْ أَكْلَمْتَ بِهِ الدِّينَ ، وَأَتْمَمْتَ بِهِ النِعْمَه ، وَظَاهَرْتَ بِهِ الحُجَجَ ، وَشَرَعْتَ بِهِ شَرَائِعَ الإِسْلَامِ ، وَفَصَّلْتَ بِهِ الحَلَالَ وَالحَرَامَ ، وَنَهَجْتَ بِهِ لِخَلْقِكَ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ ، وَبَنَيْتَ بِهِ العَلَامَاتِ وَالنُّجُومَ ، التي بِهَا يَهْتَدُونَ(١) وَلَمْ تَدَعْهُمْ بَعْدَهُ في عَمْيَاءَ يَعْمَهُونَ ، وَلا شُبْهَةٍ يَتيهُونَ ، وَلَمْ تَكِلْهُمْ إلى النَظَرِ لَأنْفُسِهِمْ ، في دِينِهِمْ بِآرائِهِمْ ، وَلا التَّخَيُّرِ مِنْهُمْ بِأَهْوَائِهِمْ ، فَيَتَشَعَّبُونَ في مُدْلَهِمَّاتِ البِدَعِ ، وَيَتَحَيَّروُنَ في مُطْبِقَاتِ الظُّلَمِ ، وَتَتَفَرَّقُ بِهِمُ السُّبُلُ ، فِيمَا يَعْلَمُونَ ، وَفِيمَا لا يَعْلَمُونَ.

وَأَشْهَدُ ، أَنَّهُ تَوَلَّى مِنَ الدُّنْيَا رَاضِياً عِنْدَكَ ، مَرْضياً عِنْدَكَ ، مَحْمُوداً عِنْدَ مَلَائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ ، وَأَنْبِيَائِكَ المُرْسَلِينَ ، وَعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ، وَأَنَّهُ كَانَ غَيْرَ لَئِيمٍ ، وَلا ذَمِيمٍ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ سَاحِراً ، وَلا يُسْحَرُ لَهُ ، وَلا شَاعِراً ، وَلا يُشْعَرْ لَهُ ، وَلا كَاهِناً ، وًلا يُكْهَنُ لَهُ ، وَلا مَجْنُونًا ، وَلا كَذَّاباً ، وَأَنَّهُ كَانَ رَسُولَ اللهٌصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ، وَسَيِّدَ المُرْسَلِينَ.

وَأَشْهَدُ ، أَنَّ الذِينَ كَذَّبُوهُ ذائقُوا العَذَابِ الأَليِم ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ بِهِ

____________

١ ـ اراد بالنجوم : أئمة أهل البيت هداة هذه الامة ، وقادتها في قضاياها الاسلامية.

٢٠٩

تُعَاقِبُ ، وَبِهِ تُثيبُ ، وَأَنَّ ما أَتَانَا بِهِ مِنَ عِنْدَكَ ، هُوَ الحَقُّ المُبِينُ ، لا رَيْبَ فِيهِ ، مِنْ رَبِّ العَالَمينَ ، اللّهُمَّ ، صَلِّ على مُحَمَّدٍ عَبْدكَ وَرَسُولِكَ وَأَمِينِكَ ، وَنَجِيبِكَ ، وَصَفْوتِكَ ، وَصَفِيِّكَ ، وَدَلِيلِكَ مِنْ خَلْقِكَ الذي انْتَجْبْتَهُ لِرِسَالَاتِكَ ، وَاسْتَخْلَصْتَهُ لِدِينِكَ ، وَاسْتَرْعَيَْتُه عِبَادَكَ ، وَائْتَمَنْتَهُ على وَحْيِكَ ، وَجَعْلَتُه عَلَمَ الهُدَى ، وَبَابَ التُّقَى ، وَالحُجَّةَ الكُبْرَى ، وَالعُرْوَةَ الوُثْقَى ، فِيمِا بَينَكَ وَبَيْنَ خَلْقِكَ ، وَالشَّاهِدَ لَهُمْ ، وَالمُهَيْمِنَ عَلَيْهِمْ ، أَشْرَفَ وَأَزْكَى ، وَأَطْهَرَ ، وَأَطْيَبَ ، وَأَرْضَى ما صَلَّيْتَ على أَحَدٍ مِنْ أَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ ، وَأَصْفِيَائِكَ ، وَاجْعَلْ صَلَوَاتَكَ وَغُفْرَانَكَ وَبَرَكَاتِكَ ، وَرِضْوَانَكَ ، وَتَشْرِيفَكَ ، وَإعْصَامَكَ ، وَصَلَوَاتِ مَلَائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ ، وَأَنْبِيَائِكَ المُرْسَلِينَ ، وَعِبَادِكَ الصَّالِحينَ ، مِنَ الشُهَدَاءِ ، وَالصِّدِّيقِينَ وَحَسُنَ أولئِكَ رَفِيقاً ، وَأَهْلِ السَّموَاتِ وَالَأرْضِين وَمَا بَيْنَهُمَا ، وَمَا فِيهِمَا ، وَمَا بَيْنَ الخَافِقَينِ ، وَمَا في الهَوَاءِ وَالشَّمْسِ ، وَالقَمَرِ ، وَالنُّجُومِ ، وَالجِبَالِ ، وَالشَجَرِ ، وَالدَّوَابِّ ، وَمَا سَبَّحَ لَكَ في البَرِّ وَالبَحْرِ ، وَالظُلْمَةِ ، وَالضِّيَاءِ ، بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ ، في آنَاءِ اللَّيْلَ ، وَسَاعَاتِ النهَارِ ، على مُحَمَّدٍ بنِ عَبْدِاللهِ ، سَيِّدِ المُرْسَلينَ ، وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ ، وَإمَامِ المُتَّقِينَ ، وَمَوْلَى المُؤْمِنينَ ، وَوَلِيِّ المُسْلِمِينَ ، وَقَائِدِ الغُرِّ المُحَجَّلينَ ، الشَّاهِدِ ، البَشِيرِ النَّذِيرِ ، الْأمينِ ، الدَّاعي إلَيْكَ بِإذْنِكَ السَّرَاجِ المُنِيرِ ، اللّهُمَّ ، صَلِّ على مُحَمَّدٍ في الَأوَّلِينَ ، وَصَلّ على مُحَمَّدٍ في الآخِرِينَ ، وَصَلِّ على مُحَمَّدٍ يَوْمَ الدِّين ، يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَاَلِمينَ ، صَلِّ على مُحَمَّدٍ كَمَا ثَبَّتَّنَا بِهِ ، وَصَلِّ على مُحَمَّدٍ كَمَا رَحِمْتَنَا بِهِ وَصَلِّ على مُحَمَّدٍ كَمَا فَضَّلْتَنَا بِهِ ، وَصَلِّ على مُحَمَّدٍ كَمَا كَرَّمْتَنَا بِهِ ، وَصَلِّ على مُحَمَّدٍ كَمَا كَثَّرْتَنَا بِهِ ، وَصَلِّ على مُحَمَّدٍ كَمَا عَصَمْتَنَا بِهِ ، وَصَلِّ على

٢١٠

مُحَمَّدٍ ، كَمَا أَنْعَشْتَنَا بِهِ وَصَلِّ على مُحَمَّدٍ كَمَا أَعْزَزْتَنَا بِهِ.

اللّهُمَّ ، وَاجْزِ مُحَمَّداً أَفْضَلَ ما أَنْتَ جَازِيِهِ يَوْمَ القِيَامَةَ عَنْ أُمَّتِهِ رَسُولاً عَمَّا أَرْسَلْتَ إلَيْها. اللّهُمَّ ، وَأخْصُصْ مُحَمَداً بِأَفْضَلِ الفَضَائِلِ ، وَأَبْلِغْهُ أَشْرَفَ مَحَلِ المُكَرَّمِينَ ، مِنَ الدَّرَجَاتِ العُلى ، في أَعْلى عِلِّيينَ ، في جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ، في مُقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ، وَاعطِهِ حَتَّى يَرْضَى ، وَزِدْهُ بَعْدَ الرِّضَى ، وَاجْعَلْهُ أَقْرَبَ خَلْقِكَ مَجْلِساً ، وَأَوْجَهَهُمْ عِنْدَكَ جَاهاً ، وَأَوُفَرَهُمْ عِنْدَكَ نَصِيباً ، وَأَجْزَلَهُمْ عِنْدَكَ حَظاً في كُلِّ خَيْرٍ أَنْتَ قَاسِمُهُ بَيْنَهُمْ.

اللّهُمَّ ، أَوْرِدْ عَلَيْهِ مِنْ ذُرِّيَتِهِ ، وَقَرَابَتِهِ ، وَأَزْوَاجِهِ ، وَأُمَّتِهِ ، ما تَقُرُّ بِهِ عَيْنُهُ ، وَتَقُرُّ عُيُونُنَا بِرُؤْيَتِهِ ، وَلا تُفَرِّقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَه ، اللّهُمَّ ، إعْطِهِ الوَسيلَةَ وَالفَضيلَةَ ، وَالشَّرَفَ وَالكَرَامَةَ ، يَوْمَ القِيَامَةِ ، ما يَغْبِطُهُ بِهِ المَلَائِكَةُ المُقَرَّبُونَ وَالنَّبِيُّونَ وَالخَلْقُ أَجْمَعُونَ.

اللّهُمَّ ، بَيِّضْ وَجْهَهُ ، وَأَعْلِ كَعْبَهُ ، وَثَبِّتْ حُجَّتَهُ ، وَأَجِبْ دَعْوَتَهُ وَأَظْهِرْ قَدْرَهُ ، وَابْعَثْهُ المَقَامَ المَحْمُودَ الذي وَعَدْتَهُ ، وَكَرِّمْ زُلْفَتَهُ ، وَأَحْسِنْ عَطِيَّتَهُ ، وَتَقَبَّلْ شَفَاعَتَهُ ، وَأَعْطِهِ سُؤْلِهُ ، وَشَرِّف بُنْيَانَهُ ، وَعَظِّمْ بُرْهَانَهُ ، وَأَتِمَّ نُورَهُ ، وَأَوْرِدْنَا حَوْضَهُ ، وَاسْقِنَا بِكَأسِهِ ، وَتَقَبَّلْ صَلَوَاتِ أُمَّتِهِ عَلَيْهِ ، وَاقْصُصْ بِنَا أَثَرَه ، وَاسْلُك بِنَا سُبُلَهُ ، وَاسْتَعْمِلْنَا بِسُنَّتِهِ ، وَتَوَفَّنَا على مِلَّتِهِ ، وَابْعَثْنَا على مِنْهَاجِهِ ، وَاجْعَلْنَا مِنْ شِيعَتِهِ وَمَوَالِيهِ ، وَأَوْلِيَائِهِ وَأَحِبَّائِهِ ، وَخَيَارِ أُمَّتِهِ وَمَقَدَّمِ زُمْرَتِهِ وَتَحْتَ لِوَائِهِ.

اللّهُمَّ ، إجْعَلْنَا نَدِينُ بِدِينِهِ ، وَنَهْتَدِي بِهُدَاهُ ، وَنَقْتَدِي بِسُنَّتِهِ ، وَنُوالِي وَلِيَّهُ ، وَنُعَادِي عَدَوَّهُ ، حَتَّى تُورِدَنَا بعْدَ المَمَاتِ مَوْرِدَهُ ، غَيْرَ خزايا ، وَلا نَادِمِينَ ، وَلا نَاكِثينَ ، وَلا جَدِلِينَ.

٢١١

اللّهُمَّ ، إعْطِ مُحَمَداً ، مَعَ كُلِّ زُلْفَةٍ زُلْفَةً ، وَمَعَ كُلِّ قُرْبَةٍ قُرْبَةً ، وَمَعَ كُلِّ فَضِيلَةٍ فَضِيلَةً ، وَمَعَ كُلِّ وَسِيلَةٍ وَسِيلَةً ، وَمَعَ كُلِّ شَفَاعَةٍ شَفَاعَةً ، وَمَعَ كُلِّ كَرَامَةٍ كَرَامَةً ، وَمَعَ كُلِّ خَيْرٍ خَيْرَاً ، وَمَعَ كُلِّ شَرَفٍ شَرَفاً ، وَاشْفَعْهُ في كُلِّ مَنْ يَشْفَعُ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ ، وَمِنْ سِوَاهُمْ مِنَ الُأمَمِ ، حَتَّى لا تُعْطِيَ مَلَكاً مُقَرَّباً وَلا نَبِيَّاً مُرْسَلاً ، وَلا عَبْداً مُصْطَفَى إلاَّ دُونَ ما أَنْتَ مُعْطيهِ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ. اللّهُمَّ ، صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَبَارِكْ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْتَ على إبْرَاهِيَم وَآلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللّهُمَّ ، وَسَلِّمْ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا سَلَّمْتَ على نُوحٍ في العَالَمِينَ ، وَعلى أَزْوَاجِهِ وَذُرِيَّتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَيِّبينَ الطَّاهِرِينَ ، الهُدَاةِ المُهْدِيِّينَ ، غَيْرِ الضَّالِّينَ وَلا المُضِلِّينَ.

اللّهُمَّ ، صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، الذينَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ ، وَطَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً ، اللّهُمَّ ، صَلِّ على مُحَمَّدٍ في الَأوَّلِينَ ، وَصَلِّ على مُحَمَّدٍ في الآخِرِينَ ، وَصَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ في العَالَمِينَ ، وَصَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ في الرَّفِيقِ الَأعْلَى ، وَصَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَبَدَ الآبِدِينَ ، صَلَاةً لا مُنْتَهَى لَهَا وَلا أَمَدَ ، آمِينَ يا رَبَّ العَالَمِينَ »(١) .

لقد حمل هذا الدعاء ، التقييم الكامل للنبي العظيم ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مفجر العلم ، وباعث النهضة الفكرية للانسان ، والمحرر لشعوب العالم ، من ربقة الجهل ، والباني لصروح الفضيلة ، والاخلاق في الارض ، كما حمل هذا الدعاء الثناء العاطر ، على أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ،

__________________

١ ـ بحار الانوار ح ١ / ٧٥ ـ ١٧٦ الطبعة الاولى ، المصباح ( ص ٤٢٧ ـ ٤٣١ ). مع اختلاف بينهما ، وهناك زيادة في المصباح على هذا الدعاء لم نذكرها.

٢١٢

الذين هم أعلام هذه الامة ، وسفن نجاتها في الدارين.

٢ ـ دعاؤه لاهل البيت (ع)

من أدعية الامام الصادقعليه‌السلام ، دعاؤه لاهل البيتعليهم‌السلام ، الذين هم مركز الوعي الاجتماعي في الاسلام ، وقد أعرب الامامعليه‌السلام ، عن مدى أهميتهم ، وسمو مكانتهم في الامة ، وهذه بعض فصول دعائه :

« اللُّيُوثُ الَأبطَالُ ، عِصْمَةٌ لِمَنِ اعْتَصَمَ بِهِمْ ، وَأجَارَةٌ لِمَنْ اسْتَجَارَ بِهِمْ ، وَالكُهُفُ الحَصِينَةُ ، وَالفُلُكُ الجَارِيَةُ ، في اللُّجَجِ الغَامِرَةِ ، الرَّاغِبُ عَنْهُمْ مَارِقٌ ، واَلمُتَأَخِّرٌ عَنْهُمْ زَاهِقٌ ، وَاللَّازِمُ لَهُمْ لَاحِقٌ ، رِمَاحُكَ في أَرْضِكَ ، وَصَلٌ على عِبَادِكَ ، في أَرْضِكَ ، الذِينَ أَنْقَذْتَ بِهِمْ مِنَ الهَلَكَةِ ، وَأَنَرْتَ بِهِمُ الظُلْمَةَ ، شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ ، وَمُوْضِعِ الرِّسَالَةِ ، وَمُخْتَلَفِ المَلَائِكَةِ ، وَمَعْدِنِ العِلْمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ آمِينَ ، آمِينَ يا رَبَّ العَالَمِينَ.

اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ المِسْكِينِ ، وَأَبْتَغِي إليْكَ ، إبْتِغَاءَ البَائِسِ الفَقِير ؛ وَأَتَضَرَّعُ إلَيْكَ ، تَضَرُعَ الضَعِيفِ الضَّرِيرِ ، وَأبْتَهِلُ إلَيْكَ ، إبْتِهَالَ المُذنِبِ الخَاطِىءِ ، مَسْأَلَةَ مَنْ خَضَعَتْ لَكَ نَفْسُهُ ، وَرَغَمَ لَكَ أَنْفُهُ ، وسفعتْ لَكَ نَاصِيَتُهُ وَانْهَمَلَتْ لَكَ دُمُوعُهُ ، وَفَاضَتْ لَكَ عَبْرَتُهُ ، وَاعْتَرَفَ لَكَ بِخَطِيئَتِهِ ، وَقَلَّتْ عَنْهُ حِيلَتُهُ ، وَأَسْلَمَتْهُ ذُنُوبُهُ ، أَسْأَلُكَ الصَّلَاةَ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَوَّلاً وَآخِراً ، وَأَسْأَلُكَ حُسْنَ المَعيشَةِ ما أَبْقَيْتَني ، مَعِيشَةً أَقْوَى بهَا في جَمِيعِ حَالَاتِي ، وَأَتَوصَّلُ بِهَا في الحَيَاةِ الدُّنْيَا إلى آخِرَتِي ، عَفْواً لا تُتْرِفْني فَأَطْغَى ، وَلا تُقَتَّرْ عَلَيَّ فأَشْقَى ، أَعْطِنِي مِن ذلِكَ غِنىً عَنْ جَمِيعِ خَلْقِكَ ، وَبَلَّغْهُ إلى رِضَاكَ ، وَلا تَجْعَل الدُّنْيَا عَلَيَّ سِجْناً ، وَلا تَجْعَلْ

٢١٣

فِرَاقَهَا عَلَيَّ حُزْناً ، أخْرجْني منْها ، ومنْ فتْنَتها مَرْضياً عَني ، مَقْبُولاً فِيهَا عَمَلي إلى دَار الحياة ، ومَسَاكن الأخْيَار.

اللّهُمَّ ، إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ إنْزَالِها وَزِلْزَالِها ، وَسَطَوَاتِ سُلْطَانِهَا ، وَسَلَاطِينِهَا ، وَشَرِّ شَيَاطينِهَا ، وَبَغْي مَنْ بَغَى عَلَيَّ فِيهَا ، اللّهُمَّ ، مَنْ أَرَادَنِيَّ فَأَرِدْهُ ، وَمَنْ كَادَنِي فَكِدْهُ ، وَافقأ عُيُونَ الكُفْرِ ، وَاعْصِمْني مِنْ ذلِكَ بِالسَّكِينَةِ ، وَأَلْبِسْني دِرْعَكَ الحَصِينَةَ ، وَاجْعَلْني في سِتْرِكَ الوَاقِي ، وَأَصْلِحْ لي حَالِي ، وَبارِكْ في أَهْلي ، وَمَالِي ، وَوَلَدِي ، وَحُزَانَتِي وَمَنْ أَحْبَبْتُ فِيكَ ، وَمَنْ أَحَبَّني.

اللّهُمَّ ، إغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ ، وَمَا أَخَّرْتُ ، وَمَا أَعْلَنْتُ ، وَمَا أَسْرَرْتُ ، وَمَا نَسِيتُ ، وَمَا تَعَمَّدْتُ ، اللّهُمَّ ، إنَّكَ خَلَقْتَني كَمَا أَرَدْتَ ، فَاجْعَلْني كَمَا تُحِبُّ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ »(١) .

وقدم الامامعليه‌السلام ، في هذا الدعاء ، أروع صنوف التعظيم والتبجيل ، لآل البيتعليهم‌السلام ، الذين هم مصدر الشرف والكرامة في الاسلام ، كما طلب من الله تعالى ، أن تفيض عليه ، بنعمه وألطافه ، وأن يخرجه من هذه الدنيا مقبولا عنده راضيا عنه.

٣ ـ دعاؤه لشيعته

كان الامام الصادقعليه‌السلام يكن لشيعته أعمق الود ، وخالص الحب ، وقد دعا لهم بالمغفرة ، والرضوان ، في كثير من أدعيته ، ومنها هذا الدعاء :

« يا دَيَّانُ غَيْرَ مُتَوَانٍ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، إجْعَلْ لِشِيعَتِي مِنَ النَّار

__________________

١ ـ المصباح ( ص ٤٣١ ـ ٤٣٢ ).

٢١٤

وَقَاءاً ، وَعِنْدكَ رِضَى ، وَاغْفِرْ ذُنُوبَهُمْ ، وَيَسِّرْ أُمُورَهُمْ ، وَاقْضِ دُيُونهُمْ ، وَاسْتُر عَوْرَاتِهِمْ ، وَهَبْ لَهُمُ الكَبَائر التي بَيْنك وَبَيْنهُمْ ، يا مَنْ لا يخافُ الضَّيْمَ ، وَلا تَّأْخُذَهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ، إجْعلْ لي مِنْ كُلِّ غَمٍّ فَرَجَاُ وَمَخْرَجَاً »(١) .

وحكى هذا الدعاء ، مدى تعاطف الامامعليه‌السلام ، مع شيعته ، فقد دعا لهم بجميع مفاهيم الخير في دنياهم وآخرتهم.

__________________

١ ـ المصباح ( ص ٣٠٥ ).

٢١٥
٢١٦

القسم الثامن من أدعيته

عند تلاوته للقرآن وغيره من الادعية الجامعة

٢١٧
٢١٨

ونقل الرواة ، مجموعة من أدعية الامام الصادقعليه‌السلام ، يتعلق بعضها ، عند تلاوته للقرآن الكريم ، وبعضها بعد فراغه ، من قراءة القرآن المجيد ، كما نقلوا عنه بعض الادعية الجامعة التي حفلت بمهام الامور ، والتي تعد من ذخائر التراث الروحي في الاسلام ، وفيما يلي ذلك :

١ ـ دعاؤه الاول عند تلاوته للقرآن

وقبل أن يقرأ الامام الصادقعليه‌السلام ، القرآن الكريم ، يدعو بهذا الدعاء الجليل : الذي ينم عن نظراته العميقة ، وتأملاته الواعية ، لكتاب الله العظيم ، فمعجزة الاسلام الخالدة ، وفي ما يلي دعاؤه :

« اللّهُمَّ ، رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ ، أَنْتَ المُتَوَحِّدُ بِالقُدْرَةِ ، وَالسُّلْطَانِ المَتِين ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ المُتَعَالي ، بِالعِزِّ وَالكِبْرِيَاءِ ، وَفَوْقَ السَّمَاوَاتِ وَالعَرْشِ العَظِيمِ ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ ، أَنْتَ المُكْتَفِي بِعِلْمِكَ ، وَالمُحْتَاجُ إلَيْكَ ، كُلُّ ذي عِلْمٍ ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ يا مُنْزِّلَ الآيَاتِ ، وَالذِّكْرِ العَظِيمِ ، رَبَّنَا ، فَلَكَ الحَمْْدُ بِمَا عَلَّمْتَنَا ، مِنَ الحِكْمَةِ وَالقُرْآنِ العَظِيمِ المُبِين.

اللّهُمَّ ، أَنْتَ عَلَّمْتَناَ قَبْلَ رَغْبَتِنَا في تَعَلُّمِهِ ، وَاخْتَصَصْتَنَا بِهِ قَبْلَ رَغْبَتِنَا

٢١٩

بِنَفْعِهِ ، اللّهُمَّ ، فَإذَا كَانَ مَنًّا مِنْكَ وَفَضْلاً وَجُوداً ، وَلُطْفاً بِنَا ، وَرَحْمَةً لَنَا ، وَامْتِنَاناً عَلَيْنَا ، مِنْ غَيْرِ حَوْلِنَا وَلا حِيلَتِنَا وَلا قُوَّتِنَا ، اللّهُمَّ ، فَحَبِّبْ إلَيْنَا حُسْنَ تِلَاوَتِهِ ، وَحِفْظَ آيَاتِهِ ، وَإيمَاناً بِمُتَشَابِهِهِ ، وَعَمَلاً بِمُحْكَمِهِ ، وَسَبَباً في تَأْوِيلِهِ ، وَهُدىً في تَدَبُّرِهِ ، وَبَصيرَةً بِنُورِهِ ، اللّهُمَّ ، وَكَمَا أَنْزَلْتَهُ شِفَاءٌ لأوْلِيَائِكَ ، وَشَقَاءً على أَعْدَائِكَ ، وَعَمىً على أَهْلَ مَعْصِيَتِكَ ، وَنُوراَ لَأهْلِ طَاعَتِكَ ، فَاجْعَلْهُ لَنَا حِصْناً مِنْ عَذَابِكَ ، وَحِرْزاً مِنْ غَضَبِكَ ، وَحَاجِزاً عَنْ مَعْصِيَتِكَ ، وَعِصْمَةً مِنْ سُخْطِكَ ، وَدَلِيلاً على طَاعَتِكَ ، وَنُوراً يَوْمَ نَلْقَاكَ ، نَسْتَضِىءُ بِهِ في خَلْقِكَ ، وَنَجُوزُ بِهِ على صِرَاطِكَ ، وَنَهْتَدِي بِهِ إلى جَنَّتِكَ ، اللّهُمَّ ، إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّقْوَةِ في حَمْلِهِ ، وَالعَمَى عَنْ عَمَلِهِ ، وَالجَوْرِ عَنْ حُكْمِهِ ، وَالغُلُوِّ عَنْ قَصْدِهِ ، وَالتَقْصِيرِ دُونَ حقِّهِ ، اللّهُمَّ ، إحْمِلْ عَنَّا ثِقْلَهُ ، وَأَوْجِبْ لَنَا أجَرْهَُ ، وَأَوْزِعْنَا شُكْرَهُ ، وَاجْعَلْنَا نُرَاعِيهِ وَنَحْفَظُهُ.

اللّهُمَّ إجْعَلْنَا نَتَّبعُ حَلَالَهُ ، وَنَجْتَنِبُ حَرَامَهُ ، وَنُقِيمُ حُدُودَهُ ، وَنُؤَدِّي فَرائِضَهُ ، اللّهُمَّ ارْزُقْنَا حَلَاوةً في تِلَاوَتِهِ ، وَنَشَاطاً في قِيَامِهِ(١) وَوَجَلاً في تَرْتِيلِهِ ، وَقُوَّةً في اسْتِعْمَالِهِ ، في آنَاءِ الليْلِ وَأَطْرَافِ النَّهَارِ ، اللّهُمَّ ، وَاسْقِنَا مِنَ النَّوْمِ بِاليَسِير(٢) وَأَيْقِظْنا في سَاعَةِ اللَّيْلِ ، مِنْ رُقَادِ الرَّاقِدِينَ ، وَنَبِّهْنَا عند الَأحَائِينَ(٣) التي يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ من سُنَّةِ الوَسْنَانِينَ(٤)

__________________

١ ـ أي في القيام بتلاوته أفي في القيام به لاداء الصلاة.

٢ ـ شبه السهر بالعطش والنوم بالماء ، وهذا من بديع الاستعارة.

٣ ـ الاحائين : جمع احيان ، وهو جمع حين.

٤ ـ الوسنانين : جمع وسنان وهو الذي لا يستغرق في نومه جاء ذلك في النهاية.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294