تذكرة الفقهاء الجزء ٥

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-45-0
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 190098 / تحميل: 6269
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٤٥-٠
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

مسألة ٩٣ : لو مات وله نخل وعليه دَيْن مستوعب تعلّق الدَّين بالنخل‌ ، فإذا أثمر بعد وفاته فالوجه أنّ الثمرة للورثة ؛ لأنّ الدَّين - على ما اخترناه نحن - لا يمنع انتقال الملك إلى الورثة ، والثمرة حدثت في ملكهم فلا يتعلّق الدَّين بها ، فإذا بدا صلاحها وجب العُشر أو نصفه ، وبه قال الشافعي(١) ، ومن منع الانتقال جعل الدَّين متعلّقاً بالثمرة والأصل معاً.

فإن مات بعد أن أطلع النخل تعلّق الدَّين بالأصل والثمرة معاً ، وانتقل الملك في الاُصول والثمرة إلى الورثة ، فإذا بدا صلاحها وجبت الزكاة على الورثة.

فإن كان لهم مال أخرجوه من مالهم ؛ لأنّ الوجوب حصل في ملكهم ، وتعلّق حق الغرماء بذلك لا يمنع من وجوب الزكاة كالمرهون وما حدث من الزيادة في ملك الورثة ؛ فإنّها زيادة غير متميزة فتبعت أصلها كزيادة الرهن.

فإن لم يكن للورثة ما يؤدّون الزكاة احتمل سقوطها ، لتعلّق الدّين بالعين هنا فمنع من تعلّق الزكاة ، ووجوبها ؛ لأنّ الزكاة تتعلّق بالعين وهي استحقاق جزء من المال فتقدّم على حقوق الغرماء.

مسألة ٩٤ : تضمّ الزروع المتباعدة والثمار المتفرقة في الحكم‌ سواء اتّفقت في الإِيناع أو اختلفت ، وسواء اتّفقت في الاطلاع أو اختلفت إذا كانت لعام واحد ، فلو كان له نخل بتهامة يسرع إدراكه لحرارتها ، وآخر بنجد يبطئ لبرودتها ، وبلغا معاً خمسة أوسق وجبت الزكاة وإن كان بينهما شهر أو شهران أو أكثر.

ولو كان له نخل في بعضها رطب ، وفي بعضها بسر ، وفي بعضها طلع ، فجذّ الرطب ، ثم بلغ البسر فجذّ ، ثم بلغ الطلع فجذّ ، فإنّه يضمّ بعضها إلى بعض ، لتعذّر إدراك الثمرة في وقت واحد ؛ وإن كانت في نخلة واحدة.

____________________

(١) المجموع ٥ : ٥٨٨ - ٥٨٩.

١٦١

فلو اعتبر اتّحاد وقت الإِدراك لم تجب الزكاة غالباً ، وقد أجمع المسلمون على ضمّ ما يدرك إلى ما تأخّر.

ولو كان له نخل بتهامة وأخر بنجد فأثمرت التهامية وجذّت ، ثم بلغت النجدية فإنّها تضمّ إلى التهامية.

ولو كان له نخل يطلع في السنة مرّتين ، قال الشيخ : لا يضمّ الثاني إلى الأول ، لأنّه في حكم ثمرة سنتين(١) ، وبه قال الشافعي(٢) .

وقيل : تضمّ ، لأنّها ثمرة عام واحد(٣) ، وهو الأقوى.

ولو كان بعضه يحمل مرة والباقي مرّتين ضمّمنا الجميع.

وعلى قول الشيخ ، يضمّ الأول منهما إلى الحمل الواحد ، ويكون للثاني حكم نفسه.

مسألة ٩٥ : الثمرة إن كانت كلّها جنساً واحداً اُخذ منه‌ سواء كان جيّداً ، كالبُردي ، وهو أجود نخل بالحجاز ، أو رديئاً كالجُعرور ومُصران الفأرة ، وعذق ابن حُبَيْق ، ولا يطالب بغيره.

ولو تعدّدت الأنواع اُخذ من كلّ نوع بحصته لينتفي الضرر عن المالك بأخذ الجيّد ، وعن الفقراء بأخذ الردي‌ء ، وهو قول عامة أهل العلم(٤) .

وقال مالك والشافعي : إذا تعدّدت الأنواع اُخذ من الوسط(٥) .

والأولى أخذ عُشر كلّ واحد ، لأنّ الفقراء بمنزلة الشركاء.

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢١٥.

(٢) المجموع ٥ : ٤٦٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٧٣ ، المغني ٢ : ٥٩٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٥٨.

(٣) القائل هو المحقّق في المعتبر : ٢٦٨.

(٤) المغني ٢ : ٥٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٣ - ٥٧٤ ، والمجموع ٥ : ٤٨٨.

(٥) المغني ٢ : ٥٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ٨١ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦٦ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٥٨ ، وانظر : المجموع ٥ : ٤٨٨ - ٤٨٩ ، وفتح العزيز ٥ : ٥٨١.

١٦٢

ولا يجوز إخراج الردي‌ء ، لقوله تعالى :( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) (١) .

ونهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يؤخذ الجُعْرور وعذق ابن حُبَيْق(٢) ، لهذه الآية ، وهما ضربان من التمر ، أحدهما يصير قشراً على نوى ، والآخر إذا أثمر صار حشفاً(٣) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « يترك معافارة(٤) واُم جُعرور لا يزكّيان »(٥) .

ولا يجوز أخذ الجيّد عن الردي‌ء ، لقولهعليه‌السلام : ( إيّاك وكرائم أموالهم )(٦) فإن تطوّع المالك جاز وله ثواب عليه.

والعَذْق بفتح العين ، وقيل : بكسرها(٧) .

تذنيب : لا يجزئ أخذ الرطب عن التمر ، ولا العنب عن الزبيب ، فإن أخذه الساعي رجع بما نقص عن الجفاف.

وهل يجوز على سبيل القيمة؟ الأقرب ذلك ، ويجوز أن يأخذ كلّاً من الرطب والعنب عن مثله.

مسألة ٩٦ : يجوز الخرص على أرباب الغلّات والثمار‌ بأن يبعث الإِمام ساعياً إذا بدا صلاح الثمرة أو اشتدّ الحَبُّ ليخرصها ويعرف قدر الزكاة ويُعرِّف المالك ذلك ، وبه قال الحسن وعطاء والزهري ومالك والشافعي وأحمد وأبو‌

____________________

(١) البقرة : ٢٦٧.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ١١٠ - ١١١ / ١٦٠٧ ، وسنن الدارقطني ٢ : ١٣١ ذيل الحديث ١١.

(٣) الحَشَف من التمر : ما لم يُنْو ، فإذا يَبِس صَلُب وفسد. لسان العرب ٩ : ٤٧ « حشف ».

(٤) معافارة : ضرب ردي‌ء من التمر. مجمع البحرين ٣ : ٤٠٩ « عفر ».

(٥) الكافي ٣ : ٥١٤ / ٧ ، والتهذيب ٤ : ١٨ / ٤٧.

(٦) سنن أبي داود ٢ : ١٠٤ / ١٥٨٤ ، سنن النسائي ٥ : ٥٥ ، ومسند أحمد ١ : ٢٣٣.

(٧) العذق ، بالفتح : النخلة. وبالكسر : العرجون بما فيه من الشماريخ. النهاية - لابن الأثير - ٣ : ١٩٩.

١٦٣

عُبَيْد وأبو ثور وأكثر العلماء(١) ، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يبعث إلى الناس من يخرص عليهم كرومَهم وثمارَهم(٢) .

وقال الشعبي : الخرص بدعة(٣) .

وقال أصحاب الرأي : إنّه ظنٌّ وتخمين لا يلزم به حكم ، وإنّما كان الخرص تخويفاً للأَكَرَة(٤) لئلّا يخونوا ، فأمّا أن يلزم به حكم فلا(٥) .

ونمنع عدم تعلّق الحكم به فإنّه اجتهاد في معرفة قدر الثمرة وإدراكه بالخرص الذي هو نوع من المقادير فهو كتقويم المتلفات.

فروع :

أ - وقت الخرص حين بدوّ الصلاح ، لأنّهعليه‌السلام كان يبعث حين يطيب قبل أن يؤكل منه(٦) .

ولأنّ فائدته معرفة الزكاة وإطلاق أرباب الثمار في التصرف فيها ، والحاجة إنّما تدعو إلى ذلك حين بدوّ الصلاح ، وتجب الزكاة فيه.

ب - محلّ الخرص : النخل والكرم ، أمّا الغلّات فقول الشيخ يعطي جوازه ، فإنّه قال : يجوز الخرص في الغلّات(٧) ، لوجود المقتضي وهو‌

____________________

(١) المنتقى - للباجي - ٢ : ١٥٩ ، الشرح الصغير ١ : ٢١٦ ، المجموع ٥ : ٤٧٨ ، حلية العلماء ٣ : ٧٨ ، المغني ٢ : ٥٦٤ - ٥٦٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٨.

(٢) اُنظر على سبيل المثال : سنن الترمذي ٣ : ٣٦ / ٦٤٤ ، وسنن ابن ماجة ١ : ٥٨٢ / ١٨١٩.

(٣) حكاه ابنا قدامة في المغني ٢ : ٥٦٥ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٦٨.

(٤) أَكَرَة : جمع أكّار : الفلّاح. الصحاح ٢ : ٥٨٠ ، القاموس المحيط ١ : ٣٦٥ « أكر ».

(٥) المغني ٢ : ٥٦٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٨ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٩.

(٦) راجع : سنن أبي داود ٢ : ١١٠ / ١٦٠٦.

(٧) الخلاف ٢ : ٦٠ ، المسألة ٧٣.

١٦٤

الاحتياج إلى الأكل منه كالفريك(١) وغيره.

ومنع عطاء والزهري ومالك وأحمد ، لأنّ الشرع لم يرد بالخرص فيه(٢) .

ج - صفة الخرص - إن كان نوعاً واحداً - أن يدور بكلّ نخلة أو شجرة وينظر كَم في الجميع رطباً أو عنباً ، ثم يقدّر ما يجي‌ء منه تمراً ، وإن كان أنواعاً خرص كلّ نوع على حدته ، لأنّ الأنواع تختلف ، فمنها ما يكثر رطبه ويقلّ تمره ، ومنها بالعكس ، وكذا العنب يختلف ، ولأنّه يحتاج إلى معرفة كلّ نوع حتى يخرج عُشرة.

مسألة ٩٧ : إذا خرص الخارص خيّر المالك‌ بين أن يضمن الحصّة للفقراء ، ويسلّم إليه الثمرة ليتصرّف فيها بأكل وبيع وغير ذلك ، وبين إبقائه أمانة إلّا أنّه لا يجوز له التصرف في شي‌ء منه بأكل أو بيع ، وبين أن يضمن الخارص حصّة المالك ، لأنّ عبد الله بن رواحة خرص على أهل خيبر ، وقال : إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي ، فكانوا يأخذونه(٣) .

فإن اختار الحفظ ثم أتلفها أو فرّط فتلفت ضمن نصيب الفقراء بالخرص ، وإن أتلفها أجنبي ضمن قيمة ما أتلف ، والفرق : أنّ ربّ المال وجب عليه تجفيف هذا الرطب بخلاف الأجنبي ، ولهذا لو أتلف اُضحيته المعيّنة ضمن اُضحيةً مكانها ، وإن أتلفها أجنبي ضمن القيمة.

ولو تلفت بجائحة(٤) من السماء أو أتلفها ظالم سقط الخرص والضمان عن المتعهد إجماعاً ، لأنّها تلفت قبل استقرار الزكاة ، ويقبل قول المالك لو‌

____________________

(١) أفرك السنبل. أي : صار فريكاً ، وهو حين يصلح أن يفرك فيؤكل. لسان العرب ١٠ : ٤٧٣ « فرك ».

(٢) المغني ٢ : ٥٦٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٢ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٥٩ ، الشرح الصغير ١ : ٢١٦.

(٣) سنن الدارقطني ٢ : ١٣٣ / ٢٣ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٢٣.

(٤) الجائحة : كلّ ما أذهب الثمر أو بعضها من أمر سماوي. لسان العرب ٢ : ٤٣١ « جوح ».

١٦٥

ادّعى التلف بغير تفريط.

مسألة ٩٨ : لو لم يضمن المالك ولا الخارص بل اختار المالك إبقاءها أمانةً جاز‌ ، فإذا حفظها إلى وقت الإِخراج كان عليه زكاة الموجود خاصة سواء اختار الضمان أو حفظها على سبيل الأمانة ، وسواء كانت أكثر ممّا خرصه الخارص أو أقلّ - وبه قال الشافعي وأحمد(١) - لأنّ الزكاة أمانة فلا تصير مضمونةً بالشرط كالوديعة.

وقال مالك : يلزمه ما قال الخارص زاد أو نقص إذا كانت الزكاة متقاربة ؛ لأنّ الحكم انتقل إلى ما قال الساعي لوجوب ما قال عند تلف المال(٢) .

ويمنع الانتقال ، وإنّما يعمل بقوله إذا تصرّف في الثمرة ولم يعلم قدرها ، لأنّ الظاهر إصابته.

مسألة ٩٩ : يجزئ الخارص الواحد‌ - وبه قال مالك وأحمد(٣) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص وحده(٤) ، ولأنّ الخارص يفعل ما يؤدّي اجتهاده إليه فهو كالحاكم ، وهو أحد قولي الشافعي(٥) .

وفي الثاني : لا بدّ من اثنين ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث مع عبد الله بن رواحة غيره(٦) ، ولأنّ الخارص يقدّر الواجب فهو بمنزلة المقوِّمين(٧) .

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٥٨٨ ، المغني ٢ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٩.

(٢) المنتقى - للباجي - ٢ : ١٦٢ ، المغني ٢ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٩.

(٣) المنتقى - للباجي - ٢ : ١٦٠ ، الشرح الصغير ١ : ٢١٧ ، المغني ٢ : ٥٦٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٩ ، حلية العلماء ٣ : ٧٩.

(٤) سنن أبي داود ٢ : ١١٠ / ١٦٠٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٢ / ١٨٢٠.

(٥) المجموع ٥ : ٤٧٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٨٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٩.

(٦) نقله في الاُم ٢ : ٣٤.

(٧) الاُم ٢ : ٣٤ ، المجموع ٥ : ٤٨٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٨٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٩.

١٦٦

وإنفاذ غيره معه لا يدلّ على أنّه خارص ، ويحتمل أن يكون مُعيناً وكاتباً ، ولأنّه جائز عندنا ، والكلام في الوجوب ، ويخالف الخارصُ المقوّمين ، لأنّهم ينقلون ذلك إلى الحاكم فافتقر إلى العدد كالشهادة بخلاف الخرص فإنّه حكم يجزئ فيه الواحد.

وله قول ثالث : إن كان الخرص على صبي أو مجنون أو غائب فلا بدّ من اثنين(١) .

إذا ثبت هذا ، فيشترط في الخارص الأمانة والمعرفة إجماعاً ، لأنّ الخرص إنّما يتمّ بهما.

مسألة ١٠٠ : وعلى الخارص أن يترك في خرصه ما يحتاج المالك إليه‌ من أكل أضيافه وإطعام جيرانه وأصدقائه وسؤّاله - المستحقّين للزكاة - ويحسبه منها ، وما يتناثر من الثمرة ويتساقط وينتابه الطير ، ويأكل منها المارّة ، فلو استوفى الكلّ أضرّ بالمالك.

وقد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : ( خفّفوا على الناس فإنّ في المال العريّة والواطية والآكلة)(٢) .

والعرية : النخلة والنخلات تهب إنساناً ثمرتها(٣) . وقد قالعليه‌السلام : ( ليس في العرايا صدقة )(٤) .

والواطئة : السابلة. سمّوا به ، لوطئهم بلاد الثمار مجتازين(٥) .

والآكلة : أرباب الثمار وأهلهم(٦) ، وقالعليه‌السلام : ( إذا خرصتم‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٨٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٨٧.

(٢) سنن البيهقي ٤ : ١٢٤.

(٣) راجع : الأموال - لأبي عبيد - : ٤٨٨ ، والصحاح ٦ : ٢٤٢٣ « عرا ».

(٤) الأموال - لأبي عبيد - : ٤٨٧ / ١٤٥١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢٤.

(٥) راجع : الأموال - لأبي عبيد - : ٤٨٧ ، والنهاية - لابن الأثير - ٥ : ٢٠٠.

(٦) راجع أيضاً : الأموال - لأبي عبيد - : ٤٨٨.

١٦٧

فخذوا ودعوا الثُلْث فإن لم تدعوا الثُلْث فدعوا الربع )(١) .

وتأوّل الشافعي ذلك بأمرين :

أحدهما : إذا خرصتم فدعوا لهم الثُلْث أو الرُبع ليفرّقوه بأنفسهم على جيرانهم ومن يسألهم ويتبعهم.

والثاني : إذا لم يرض بما خرصه الساعي منعه من التصرف فيه ، فأمرهم أن يدعوا لهم الثلث أو الربع ليتصرّفوا فيه ، ويضمنوا حقّه بقدر ما يجي‌ء من الباقي(٢) .

مسألة ١٠١ : يخرص الخارص الجميع‌ ؛ لإِطلاق النصوص المقتضية لوجوب العُشر ، وهو الجديد للشافعي ، وفي القديم : يترك للمالك نخلة أو نخلات يأكل منها هو وأهله ، ويختلف ذلك بقلّة العيال وكثرتهم(٣) .

والوجه : المنع ، لتعلّق حقّ الفقراء.

وقال أحمد : لا يحتسب على المالك ما يأكله بالمعروف(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الفقراء شركاء ، نعم لو قلّ جدّاً لم يحتسب ، لعسر الاحتراز منه.

مسألة ١٠٢ : لو ادّعى المالك غلط الخارص بالمحتمل قبل من غير يمين‌ ، وبه قال أحمد(٥) .

وقال الشافعي : لا بدّ من اليمين(٦) ، وسيأتي.

____________________

(١) مصنّف ابن أبي شيبة ٣ : ١٩٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٥ / ٦٤٣ ، سنن أبي داود ٢ : ١١٠ / ١٦٠٥ ، سنن النسائي ٥ : ٤٢ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢٣.

(٢) لم نجده في مظانّه من المصادر المتوفّرة لدينا.

(٣) المجموع ٥ : ٤٧٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٨٥ ، مغني المحتاج ١ : ٣٨٧.

(٤) المغني ٢ : ٥٦٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٢.

(٥) المغني ٢ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٠.

(٦) المجموع ٥ : ٤٨٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٩١.

١٦٨

وإن ادّعى غير المحتمل لم تسمع دعواه في حطّ ذلك القدر.

وهل يحطّ القدر المحتمل؟ إشكال ينشأ من ظهور كذبه ومن ادّعاء القليل ضمناً ، وللشافعية وجهان(١) .

ولو ادّعى تعمّد الإِجحاف لم يلتفت إلى قوله كما لو ادّعى الكذب على الشاهد ، والجور على الحاكم.

ولو قال : أخذت كذا وبقي كذا ولا أعلم غير ذلك ، قُبل قوله وإن كان ممّا لا يقع غلطاً في الخرص ؛ لأنّه لم يضف ذلك إلى خطأ الخارص.

مسألة ١٠٣ : لو لم يخرج الإِمام خارصاً فاحتاج ربّ المال إلى التصرّف في الثمرة‌ فأخرج خارصاً جاز أن يأخذ بقدر ذلك ، ولو خرص هو وأخذ بقدر ذلك جاز أيضاً ، ويحتاط في أن لا يأخذ أكثر ممّا [ له ](٢) أخذه ، ولو لم يخرص لم يجز أن يتناول من الثمرة شيئاً وإن قلّ - خلافاً لأحمد(٣) - إن كان بعد بدوّ الصلاح ، ويجوز قبله.

مسألة ١٠٤ : لو ادّعى المالك التلف أو تلف البعض قُبل قوله بغير يمين‌ ، لأنّه حقّ لله تعالى فلا يمين فيه كالصلاة والحدّ - خلافاً للشافعي(٤) - سواء كان بسبب ظاهر كوقوع الجراد أو نزول الأكراد ، أو خفي كالسرقة ، إلّا أن يعلم كذبه ، لأنّ الشارع جعل الأمر إليه ، لقولهعليه‌السلام للساعي : ( قل لهم : هل لله في مالكم حقّ؟ ).

وقال الشافعي : إن ادّعى سبباً ظاهراً افتقر إلى البيّنة ، لأنّه مدّعٍ(٥) .

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٨٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٩١ - ٥٩٢.

(٢) زيادة يقتضيها السياق.

(٣) المغني ٢ : ٥٦٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٢.

(٤ و ٥ ) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٢ ، المجموع ٥ : ٤٨٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٧٩ - ٨٠.

١٦٩

وتجب الزكاة في الباقي إن كان التلف بعد بدوّ الصلاح أو قبله وكان الباقي نصاباً ، ولو كان بعد بدوّ الصلاح وقصر الباقي عن النصاب وجبت أيضاً لو بلغ مع التالف ، خلافاً لبعض الجمهور حيث قال : إنّ الزكاة إنّما تجب يوم الحصاد(١) .

ولو ادّعى أنّها سرقت بعد نقلها إلى البيدر ضمن إن كان بعد إمكان الأداء وإلّا فلا.

مسألة ١٠٥ : لو تلفت الثمرة قبل بدوّ الصلاح ، أو الزرع قبل اشتداد الحبّ لم تجب الزكاة‌ إجماعاً ، وكذا إن أتلفه المالك سواء قصد الفرار من الزكاة أو لا عندنا ؛ لعدم المقتضي وأصالة البراءة ، وبه قال الشافعي(٢) .

وقال أحمد ومالك : إن فعله فراراً وجبت الزكاة(٣) ، وليس بجيّد.

وكذا الخلاف لو أتلف النصاب أو بعضه قبل الحول فراراً ، أو سبك الذهب أو الفضة أو صاغهما حُليّاً وغيره.

مسألة ١٠٦ : لو احتاج إلى قطع الثمرة أجمع بعد بدوّ الصلاح لئلّا تتضرّر النخلة بمصّ الثمرة جاز القطع‌ إجماعاً ، لأنّ الزكاة تجب على طريق المواساة فلا يكلّف ما يتضرّر به ويهلك أصل ماله ، ولأنّ في حفظ الاُصول حظّاً للفقراء لتكرّر حقّهم.

ولا يضمن المالك خرصها ، بل يقاسم الساعي بالكيل أو الوزن بُسراً أو رطباً ، وله بيع الجميع ، ويأخذ الساعي حصّة الفقراء من الثمن ، ولو كفى تجفيف الثمرة جفّفها وأخرج الزكاة ممّا قطعه بعد بدوّ الصلاح.

وهل للمالك قطعها لمصلحة من غير ضرورة؟ الوجه ذلك ، لأنّ الزكاة‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٤.

(٢) المجموع ٥ : ٤٨٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٨٩.

(٣) المغني ٢ : ٥٦٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٤.

١٧٠

وجبت مواساةً فلا يجوز تفويت مصلحته(١) بسببها فيقاسم.

وفي قطعها لغير مصلحة إشكال ينشأ من تضرّر الفقراء بقطعها لغير فائدة ، ومن عدم منع المالك من التصرف في ماله كيف شاء.

ومنع الشافعي من قطعها مطلقاً بدون إذن الساعي(٢) .

ولو أراد قطع الثمرة لتحسين الباقي منها جاز.

وقال بعض الجمهور : إذا قطع البعض لمصلحة كان عليه فيه الزكاة يابساً(٣) ، وهو رواية عن أحمد(٤) ، وليس بمعتمد.

مسألة ١٠٧ : يجوز للساعي أن يقاسم الثمرة مع المالك قبل الجذاذ وبعده‌ ، وهو أحد قولي الشافعي ؛ لأنّهما شريكان فيما تصحّ قسمته فجازت.

وفي الثاني : لا تجوز على رؤوس النخل بناء على أنّ القسمة بيع(٥) ؛ وهو ممنوع.

فإذا اختار المالك أن يسلّم عُشرها مشاعاً إلى الساعي تعيّن حقّ الفقراء فيه فإنّ الفقراء وإن ملكوا جزءاً من المال فإنّ ملكهم لا يستقرّ لجواز أن يدفع إليهم من غيره فإذا تسلّم ذلك تعيّن حقّهم فيه.

ويجوز للساعي أن يبيع نصيب الفقراء من صاحب الثمرة أو غيره ، أو يبيعا(٦) جميعاً ويقتسما الثمن ، وإذا قسّمها قبل الجذاذ قسّمها بالخرص ويأخذ نصيبهم نخلات منفردة ويأخذ ثمرها.

____________________

(١) في نسخة « ط » : مصلحة.

(٢) المجموع ٥ : ٤٧٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٩٢.

(٣) وهو قول أبي بكر من فقهاء الحنابلة. راجع : المغني ٢ : ٥٧١ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٦٧.

(٤) المغني ٢ : ٥٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٧.

(٥) المجموع ٥ : ٤٧٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٩٢.

(٦) أي : يبيع الساعي وصاحب الثمرة.

١٧١

ولو قطعها المالك جاز قسمتها كيلاً أو وزناً ، وللشافعي قولان : أحدهما : المنع ، لاشتماله على الربا ، بل يأخذ الساعي العُشر مشاعاً ويبيعه(١) .

وهو ممنوع ، للتعديل ، ولأنّ للمالك أن يدفع إلى الفقراء أكثر ممّا يستحقّون.

مسألة ١٠٨ : إذا خرص الخارص وضمن المالك الحصة تصرّف في الثمرة كيف شاء‌ من أكل وبيع وغير ذلك ، لأنّه فائدة التضمين.

فإذا قطعها بعد الخرص قبل التضمين للحاجة أخذ الساعي عُشرها بسراً ، وإن كان لا لحاجة فكذلك.

وقال الشافعي : يأخذ عُشرها تمراً ، لأنّ الثمرة تجب تبقيتها إلى إدراكها ، فإذا قطعها ضمن خرصها بخلاف القطع للعطش(٢) . واختاره الشيخ في المبسوط(٣) .

وأمّا طلع الفحال فلا شي‌ء فيه إجماعاً ، لأنّه لا يجي‌ء منه شي‌ء تجب فيه الزكاة فهو بمنزلة ثمرة لا زكاة فيها.

وإذا ضمن المالك الحصّة فأكلها رطباً ضمن الزكاة بحكم الخرص تمراً ، وإن كان قبل التضمين بعد الخرص أو قبله كان القول قوله فيما وصل إليه ، ولا يمين عندنا - خلافاً للشافعي(٤) - ويضمن الحصة رطباً ، لأنّه الواجب عليه والمالك يضمن الزكاة بالمثل ، وهو أحد قولي الشافعي ، وفي الآخر : يضمن قيمة الرطب ، لأنّ الرطب لا مثل له(٥) ، وهو ممنوع.

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٧٣ - ٤٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ٨٢.

(٢) المجموع ٥ : ٤٧٥ - ٤٧٦.

(٣) المبسوط - للطوسي - ١ : ٢١٧.

(٤) الاُم ٢ : ٣٢.

(٥) المجموع ٥ : ٤٧١ - ٤٧٢ و ٤٨٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٨٩.

١٧٢

وحكم العنب حكم الرطب في ذلك كلّه.

مسألة ١٠٩ : يصحّ تصرف المالك في النصاب قبل الخرص وبعده‌ بالبيع والهبة وغيرهما إذا ضمن حصّة الفقراء ، فإذا باع كانت الصدقة عليه ، وكذا لو وهبها - وبه قال الحسن ومالك والثوري والأوزاعي(١) - لأنّها كانت واجبةً عليه ، ولأنّ الزكاة في العين.

ولو شرطها على المشتري جاز - وبه قال الليث(٢) - لأنّه شرط سائغ ، ولأنّ الزكاة تجب في العين التي انتقلت إلى المشتري فتجب على المشتري عملاً بالشرط.

ولو لم يضمن البائع الزكاة ولا شرطها على المشتري احتمل صحّة البيع في الجميع فيضمن البائع الزكاة ، لأنّه تصرف في مال الغير ، وبطلان البيع في قدر نصيب الفقراء ، لتعلّق حقّهم بالعين فهم شركاء فيتخيّر المشتري لو لم يعلم ، لتبعّض الصفقة عليه.

البحث الثاني

فيما ظنّ وجوب الزكاة فيه من الغلّات وليس كذلك‌

مسألة ١١٠ : لا زكاة في شي‌ء من الثمار والغلّات إلّا في التمر والزبيب والحنطة والشعير‌ عند علمائنا أجمع ، وهو رواية عن أحمد ، وبه قال ابن عمر وموسى بن طلحة والحسن البصري وابن سيرين والشعبي والحسن بن صالح بن حي وابن أبي ليلى وابن المبارك وأبو عبيد(٣) .

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٥ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٥٩.

(٢) المغني ٢ : ٥٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٥.

(٣) المجموع ٥ : ٤٥٦ ، المغني ٢ : ٥٤٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤٩ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٣ ، الأموال - لأبي عبيد - : ٤٧٢ - ٤٧٣ و ٤٧٨.

١٧٣

لقول عبد الله بن عمر : إنّما سنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الحنطة والشعير والتمر والزبيب(١) .

وبعث(٢) أبا موسى ومعاذاً إلى اليمن يعلّمان الناس أمر دينهم ، فأمرهما أن لا يأخذا الصدقة إلّا من هذه الأربعة : الحنطة والشعير والتمر والزبيب(٣) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « وأمّا ما أنبتت الأرض من شي‌ء من الأشياء فليس فيه زكاة إلّا أربعة أشياء : البُرّ والشعير والتمر والزبيب »(٤) .

وقول الصادقعليه‌السلام : « وضع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الزكاة على تسعة أشياء : الحنطة والشعير والتمر والزبيب والذهب والفضة والإِبل والبقر والغنم وعفا عمّا سوى ذلك »(٥) .

ولأنّ ما عدا هذه الغلّات لا نصّ فيها ولا إجماع ، ولا هي في معناها في غلبة « الاقتيات »(٦) بها وكثرة نفعها ووجودها ، فلا يصح قياسه عليها ، ولا إلحاقه بها فبقي الأصل ، وخالف جماعة من الجمهور في ذلك(٧) ، ونحن نذكره في مسائل :

مسألة ١١١ : لا زكاة في الحبوب‌ غير ما قلناه عند علمائنا ، وذهب‌

____________________

(١) سنن الدارقطني ٢ : ٩٤ / ١.

(٢) أي : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٣) سنن الدارقطني ٢ : ٩٨ / ١٥ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢٥ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٠١.

(٤) التهذيب ٤ : ١٩ / ٥٠.

(٥) الكافي ٣ : ٥١٠ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٥ / ١١ ، الاستبصار ٢ : ٥ / ١١.

(٦) ورد في الطبعة الحجرية والنسخ الخطية المعتمدة في التحقيق : الأصناف. وهو تصحيف ، والصحيح ما أثبتناه.

(٧) راجع : المجموع ٥ : ٤٥٦ ، والمغني والشرح الكبير ٢ : ٥٤٨ ، وبداية المجتهد ١ : ٢٥٣.

١٧٤

الشافعي ومالك إلى أنّه ليس فيما عدا النخل والكرم من الشجر زكاة ، وأمّا الحبوب فلا تجب إلّا فيما يصان ويدّخر(١) .

وقال أبو حنيفة : تجب في جميع ما يقصد بزراعته نماء الأرض فتجب في جميع ما تنبته الأرض إلّا الحطب والقصب والحشيش(٢) .

وقال أبو يوسف ومحمد : تجب في الحبوب والثمار الباقية(٣) .

وقال أحمد : تجب في جميع الثمار والحبوب التي تكال وتدّخر سواء أنبته الآدميون أو نبت لنفسه - وأوجب الزكاة من اللوز دون الجوز ، لأنّ اللوز يكال(٤) - لقولهعليه‌السلام : ( فيما سقت السماء العُشر )(٥) .

وهو معارض بقولهعليه‌السلام : ( ليس في الخضراوات صدقة )(٦) ولأنّه أعم ، ولأنّه ورد في معرض بيان قدر الواجب في هذا النوع من الأصناف التي تجب فيها الزكاة.

مسألة ١١٢ : لا زكاة في الزيتون‌ عند علمائنا أجمع - وهو الجديد‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٥٦ ، المغني ٢ : ٥٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ٧٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٣ ، المدونة الكبرى ١ : ٢٩٤ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٦٤.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ٥٨ ، اللباب ١ : ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٣ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٤٩ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٦‌

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٥٩ ، اللباب ١ : ١٥٠ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٤٨ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣.

(٤) المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٤٨ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٦.

(٥) صحيح البخاري ٢ : ١٥٦ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠٨ / ١٥٩٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٣١ / ٦٣٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٠ / ١٨١٦ ، سنن الدارقطني ٢ : ٩٧ / ٩ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢٩ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٠١.

(٦) سنن الدارقطني ٢ : ٩٥ - ٩٦ / ٣ - ٦ و ٩٧ / ١٠ ، مصنّف عبد الرزاق ٤ : ١١٩ / ٧١٨٥.

١٧٥

للشافعي ، وقول ابن أبي ليلى والحسن بن صالح وأبي عبيد وأحمد في رواية(١) - لأنّه لا يدّخر يابساً فأشبه الخضراوات ، ولأنّه ليس بمصان حالة الاختيار فلا تجب فيه الزكاة كغيره من الثمار ، ولأنّه إذا لم تجب في التين مع ما يمكن فيه من القوت فالزيتون أولى.

وقال في القديم : تجب فيه الزكاة ، وبه قال الزهري والأوزاعي ومالك والليث والثوري وأبو ثور وأحمد - في رواية - وأصحاب الرأي(٢) ، لقوله تعالى :( وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ ) (٣) في سياق( وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمّانَ ) (٤) .

ولا حجّة فيه ، لأنّها لم يرد بها الزكاة ، لنزولها(٥) بمكة ، والزكاة فرضت بالمدينة ، ولهذا ذكر الرمان ولا زكاة فيه.

والموجبون شرطوا بلوغ خمسة أوسق(٦) .

والذي يطلب زيته كالشامي والمدقوقي يخرج عُشره زيتوناً أو زيتاً ، وما لا يطلب زيته ، بل يؤكل أدماً كالبغدادي يخرج عُشرة إذا بدا صلاحه ، لأنّها حالة الادّخار.

مسألة ١١٣ : لا زكاة في الورس‌ عند علمائنا أجمع - وهو قول الشافعي في الجديد وأحمد - لأنّه ليس بمقتات.

وفي القديم : تجب فيه - وهو رواية عن أحمد - ولا يوسق بل يجب من‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٠ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦١ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٥ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٥٢.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦١ - ٥٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٦ ، المدونة الكبرى ١ : ٢٩٤ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٤ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٥٢.

(٣ و ٤ ) الأنعام : ١٤١.

(٥) يقصد بالضمير في ( لأنها ) و ( بها ) و ( لنزولها ) الآية.

(٦) المغني ٢ : ٥٥٢ و ٥٥٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٥٣ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣.

١٧٦

قليله وكثيرة ؛ لأنّ أبا بكر بعث إلى بني خُفّاش أن أدّوا زكاة الذرة والورس(١) ؛ وجاز أن يكون عن اجتهاد.

وكذا لا زكاة في غيره من الورق مثل السدر والخطمي والأشنان والسعتر والآس ، لأنّه ليس بمنصوص ولا في معناه.

مسألة ١١٤ : لا زكاة في الأزهار كالزعفران والعُصْفُر والقُطْن‌ عند علمائنا أجمع - وهو قول أحمد في رواية(٢) - للأصل ، ولأنّه ليس بحَبّ ولا تمر فأشبه الخضراوات.

ولقول عليعليه‌السلام : « ليس في الفاكهة والبقل والتوابل(٣) والزعفران زكاة »(٤) .

وللشافعي قولان في الزعفران : الوجوب وعدمه(٥) .

وأما القِرْطِمْ - وهو حَبّ العُصْفُر - فلا زكاة فيه عندنا - وهو الجديد للشافعي(٦) - لأنّه ليس بمقتات ، ولأنّ السِّمْسِم لا تجب فيه الزكاة ودهنه أنفع فهذا أولى.

وفي القديم : تجب وتعتبر الأوساق الخمسة بخلاف الزعفران ، لحديث أبي بكر(٧) . ولا حجّة فيه ، وحكي عن أحمد أنّ في القطن زكاةً(٨) .

____________________

(١) المهذب - للشيرازي - ١ : ١٦٠ ، المجموع ٥ : ٤٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣ ، المغني ٢ : ٥٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٥٠ - ٥٥١ ، وانظر : سنن البيهقي ٤ : ١٢٦.

(٢) المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٥١.

(٣) التوابل : جمع ، واحدها : تابل. وتبل القدر : جعل فيه التابل. والتابل : أبزار الطعام.

القاموس المحيط ٣ : ٣٤٠ « تبل ».

(٤) أورده ابن قدامة في الشرح الكبير ٢ : ٥٥١.

(٥) المجموع ٥ : ٤٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣.

(٦ و ٧ ) المجموع ٥ : ٤٥٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦٣ ، حلية العلماء ٣ : ٧٤.

(٨) المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٥١.

١٧٧

مسألة ١١٥ : العسل لا زكاة فيه‌ عند علمائنا أجمع - وبه قال مالك والشافعي وابن أبي ليلى والحسن بن صالح بن حي وابن المنذر(١) - للأصل ، والأحاديث الدالّة على نفي الزكاة عن غير التسعة ، ولأنّه مائع خارج من حيوان فأشبه اللبن.

وقال عمر بن عبد العزيز ومكحول والزهري وسليمان بن موسى والأوزاعي وأحمد وإسحاق : تجب فيه بكلّ حال(٢) ، لأنّ عمرو بن شعيب روى عن أبيه عن جدّه أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يأخذ في زمانه من قرب العسل من كلّ عشر قرب قربة من أوسطها(٣) .

وقال أبو سيّارة : يا رسول الله إنّ لي نحلاً ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أدِّ العُشر ) قال : فاحم إذن جبلها. فحماه له(٤) .

ولا حجّة فيه ، لجواز أن لا يكون زكاة بل كان يأخذ خُمساً ونصفه لنفسهعليه‌السلام .

وقال أبو حنيفة : إن كان في غير أرض الخراج وجب فيه العُشر ؛ لأنّ العُشر والخراج لا يجتمعان(٥) .

ولا حجّة فيه علينا بل على أحمد.

____________________

(١) المنتقي - للباجي - ٢ : ١٧٢ ، المهذب - للشيرازي - ١ : ١٦٠ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦٣ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣ - ٧٤ ، المغني ٢ : ٥٧٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩.

(٢) المغني ٢ : ٥٧٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦٣ ، حلية العلماء ٣ : ٧٤.

(٣) الأموال - لأبي عبيد - : ٤٩٦ - ١٤٨٩.

(٤) الأموال - لأبي عبيد - : ٤٩٦ / ١٤٨٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٤ / ١٨٢٣ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢٦ ، وانظر : المغني ٢ : ٥٧٣ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٨٠.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ٦٢ ، اللباب ١ : ١٥٢ ، المغني ٢ : ٥٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩ و ٥٨٠ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٤.

١٧٨

واختلف الموجبون ، فقال أبو يوسف ومحمد : نصابه خمسة أوساق(١) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة )(٢) .

وقال أبو حنيفة : تجب في قليله وكثيره ؛ بناءً على أصله في الحبوب والثمار(٣) .

وقال أحمد : نصابه عشرة أفراق ، والفَرْق ستّة عشر رطلاً بالعراقي ، وهو قول الزهري ، لقول عمر : إن أدّيتم صدقتها من كلّ عشرة أفراق فرقاً حميناها لكم(٤) ، ولا حجّة فيه.

مسألة ١١٦ : قال الشيخ : العَلَس نوع من الحنطة ، لأنّه حنطة حبّتان منه في كمام فتجب فيه الزكاة‌ حينئذٍ ، ويضمّ إلى نصاب الحنطة لو قصر إلّا به(٥) .

وأمّا السُّلْت ، فقال : إنّه شعير ، لمشابهته إيّاه في الصورة فيضمّ إليه حينئذٍ(٦) .

وقال بعض الشافعية : بل يضمّ إلى الحنطة ، لأنّه على طبعها(٧) .

وقال آخرون : إنّه أصل بنفسه(٨) .

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٠.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٦٧٣ / ٩٧٩ ، صحيح البخاري ٢ : ١٤٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٢ / ١٧٩٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٢ / ٦٢٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٤ / ١٥٥٨ ، سنن النسائي ٥ : ١٧.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٦٢ ، اللباب ١ : ١٥٢ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٦ ، المغني ٢ : ٥٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٠.

(٤) المغني ٢ : ٥٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٠.

(٥) المبسوط - للطوسي - ١ : ٢١٧.

(٦) الخلاف ٢ : ٦٥ ، المسألة ٧٧.

(٧) المجموع ٥ : ٥١٠.

(٨) المجموع ٥ : ٥٠٩.

١٧٩

وللشافعي قولان : الضمّ إلى الشعير ، وعدم ضمّه مطلقاً(١) ، وهو الأقرب عندي.

وجعل الشافعي نصاب العَلَس عشرة أوسق لأجل قشره(٢) .

مسألة ١١٧ : لا شي‌ء في الاُرز عندنا ، ولا في غيره من الحبوب سوى الحنطة والشعير‌ ، سواء كان من القُطنيّات التي تقطن في البيت وهي اللوبيا والعَدس والماش والحِمَّص والباقِلاء والهُرْطُمان ، أو من الأبازير(٣) كالكُسْفُرة والكَمُّون ، أو البُزُور كبَزْر الكتّان والقِثّاء والخيار ، أو حبّ البقول كالرشاد ، وحَبّ الفُجْل والقِرْطِمْ والسِّمْسِم وسائر الحبوب - خلافاً لأحمد(٤) - للأصل.

وقال الشافعي : لا تجب الزكاة في الزرع إلّا أن يكون ممّا ييبس ويدّخر ويقتات وينبته الآدميون وهي القطنيّة إذا بلغ كلٌّ منها نصاباً ، ولا يضمّ بعضها إلى بعض(٥) .

واختلفت الرواية عن أحمد في الضمّ(٦) .

وجعل الشافعي نصاب الاُرز عشرة أوسق لأجل قشره(٧) .

وقال أبو حنيفة : تجب الزكاة في كلّ ما يقصد بزراعته نماء الأرض إلّا الحَطَب والقَصَب والحشيش(٨) .

____________________

(١) المجموع ٥ : ٥٠٩ - ٥١٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٧٠.

(٢) المجموع ٥ : ٥٠٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦٩.

(٣) الأبازير جمع الجمع لـ ( أبزار ) واحدها : بزر. بمعنى : التابل. وهو ما يتطيّب به الطعام.

لسان العرب ٤ : ٥٦ « بزر ».

(٤) المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٤٨.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٣ ، المجموع ٥ : ٤٩٦ ، حلية العلماء ٣ : ٨٣.

(٦) المغني ٢ : ٥٩١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٥٩.

(٧) المجموع ٥ : ٥٠٤ ، مغني المحتاج ١ : ٣٨٣.

(٨) بدائع الصنائع ٢ : ٥٨ ، اللباب ١ : ١٥٠ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٤٩ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٨٤ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٣.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

(٦٤)

رواية محمد سالم الدهلوي

ورواه محمّد سالم بن محمد سلام الله الدهلوي، في الفصل الثالث من رسالته المسمّاة بـ ( اُصول الإِيمان ) عن الترمذي وقد نص في مقدّمة هذه الرسالة على أنّها مستمدة من الكتب المعتبرة، وأن الأحاديث الواردة فيها صحيحة.

ترجمة محمد سالم الدهلوي

وهذا الشيخ حفيد المحدّث الكبير الشيخ عبد الحق الدهلوي، قال في ( نزهة الخواطر ): « الشّيخ الفاضل أبو الخير محمد سالم بن سلامة ابن شيخ الإِسلام الحنفي البخاري الدهلوي، كان من ذريّة الشيخ المحدّث عبد الحق ابن سيف الدين البخاري له مصنفات عديدة، أشهرها: اُصول الإِيمان في حبّ النبيّ وآله من أهل السعادة والإِيقان » ٧ / ٤٤٠ - ٤٤١.

(٦٥)

رواية المولوي وليّ الله اللكهنوي

ورواه المولوي ولي الله بن حبيب الله السّهالي اللكهنوي، في الفصل الثاني من الباب الأول من كتابه ( مرآة المؤمنين في مناقب آل سيّد المرسلين )، وقد عنون الفصل بعنوان: « الفصل الثاني في بيان مناقب سيدنا علي المرتضى

٢٦١

ومآثره القاطعة التي هي نصوص على فضيلته وخلافته ».

رواه عن النّسائي عن ابن عباس عن بريدة، وعنه عن عمران بن حصين، وعنه عن بريدة.

وروى أيضاً حديث عمرو بن ميمون بطوله عن الحاكم والنسائي.

هذا، وقد ذكر في صدر كتابه ما نصه:

« وبعد فهذه أحاديث مشتملة على مناقب أهل البيت النبوية، والعترة الطّاهرة المصطفويّة، من الكتب المعتبرة، من الصّحاح والتواريخ، منبّهاً على أسامي الكتب، معرضاً عن الضعاف المتروكة عند علماء الحديث، مقتصراً على ما تواتر من الأحاديث أو اشتهر، أو من الحسان

ترجمة ولي الله اللكهنوي

وترجم صاحب ( نزهة الخواطر ) الشيخ ولي الله اللكهنوي المتوفى سنة ١٢٧٠ قال: « الشيخ الفاضل العلّامة، أحد الأساتذة المشهورين » ثم ذكر مصنفاته، وعدّ منها: ( مرآة المؤمنين )(١). .

(٦٦)

رواية القندوزي البلخي

ورواه الشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزي البلخي بطرقٍ متعددة.

فرواه عن الترمذي عن عمران بن حصين.

وعن ( الإِصابة ) عن وهب بن حمزة قال: « سافرت مع علي بن أبي

__________________

(١). نزهة الخواطر ٧ / ٥٢٧.

٢٦٢

طالب، فرأيت منه بعض ما أكره، فشكوته النبي صلّى الله عليه وسلّم. فقال: لا تقولنَّ هذا لعلي، فإنّه وليّكم بعدي ».

وعن ( المشكاة ) عن عمران بن حصين.

وقال: « قال الحسن بن علي - رضي الله عنهما - في خطبته قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - حين قضى بينه وبين أخيه جعفر ومولاه زيد في ابنة عمّه حمزة: أما أنت - يا علي - فمنّي وأنا منك وأنت وليّ كل مؤمنٍ بعدي ».

وقال: « في كنوز الدقائق للمناوي: علي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي. لأبي داود الطّيالسي »(١). .

ترجمة القندوزي

وهو: الشيخ سليمان بن إبراهيم المعروف بـ ( خواجه كلان ) الحسيني القندوزي البلخي، ولد سنة ١٢٢٠ وسافر إلى البلاد في طلب العلم، فكان من أعلام الفقهاء الحنفية ومن رجال الطريقة النقشبندية، له مؤلّفات، منها ( ينابيع المودة ) دلّ على سعة اطّلاعه ووفور علمه. وتوفي سنة ١٢٩٤ أو ١٢٩٣ أو ١٢٧٠ على اختلاف الأقوال. وتوجد ترجمته في ( معجم المؤلّفين ) و ( الأعلام ).

(٦٧)

رواية حسن زمان الحيدرآبادي

ورواه المولوي حسن زمان بن محمد بن قاسم التركماني الحيدرآبادي

__________________

(١). ينابيع المودة ١ / ١٦٩، ١٧١، ١٧٢.

٢٦٣

وصحّحه، فإنّه قال بعد ذكر حديث الغدير:

« ثم معنى المولى هنا: الولي والسيّد قطعاً. قال العلّامة الحرالي:

والمولى هو الولي اللازم الولاية، القائم بها الدائم عليها، ذكره الفاضل المنّاوي في شرح الجامع الصغير، في حديث: علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه.

ويدل عليه ما مضى في روايات اُخرى صحيحة: من كنت وليّه فعليٌّ وليّه.

وفي حديث بريدة عند إمامي السنّة أحمد والنسائي في خصائصه وغيرهما: لا تقع يا بريدة في عليّ، فإنّه منّي وأنا منه، وهو وليّكم بعدي، وإنّه منّي وأنا منه، وهو وليّكم بعدي.

وقول ابن حجر الهيتمي -: في سنده الأجلح، وهو وإنْ وثّقه ابن معين لكنّ ضعّفه غيره، على أنّه شيعي، وعلى تقدير الصحة فيحتمل أنّه رواه بالمعنى بحسب عقيدته - ليس بشيء.

فإنّه مع كون الأجلح قد صحّ توثيق جماعة، وضعف تضعيف فرقة له بعلّة تشيّعه، قد ورد مثله في رواياتٍ اُخرى صحيحة أيضاً:

ففي الرياض والإِكتفاء عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - سرية واستعمل عليها عليّاً أخرجه الترمذي في جامعه وقال: حسن غريب. وأبو حاتم ابن حبان في صحيحه.

قلت: وقال أبو يعلى في مسنده: نا عبيد الله، ثنا جعفر بن سليمان، نا يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين. فذكره به نحوه.

وقال النّسائي في خصائصه: أنا قتيبة بن سعيد، ثنا جعفر. فذكره به.

وقال أحمد: ثنا عبد الرزاق وعفان المعنى. وهذا حديث عبد الرزاق قالا: ثنا جعفر بن سليمان. فذكره به.

وفيه: فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الرابع - وقد تغيّر

٢٦٤

وجهه - فقال: دعوا عليّاً، دعوا عليّاً، دعوا عليّاً، إنّ عليّاً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

وقال الترمذي: أنا قتيبة بن سعيد، ثنا جعفر. فذكره به. قال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلّا من حديث جعفر بن سليمان.

قلت: هو من زهّاد الشّيعة، ثقة، كثير العلم، إحتج به البخاري في الأدب، ومسلم، والأربعة، وصحّح له التّرمذي، فتحسينه له هذا غريب. وقد حدّث عنه: السفيان الثوري - مع تقدّمه - وابن المبارك، وسيّار بن حاتم، وقتيبة، ومسدّد، ويحيى بن يحيى، وابن مهدي وابن المديني وهما لا يحدّثان إلّا عن ثقة، وعبد الرزاق وقال: رأيته فاضلاً حسن الهدي، وأهل صنعاء، وأهل العراق، وخلقٌ. وقال أحمد: لا بأس به. وقال ابن معين: ثقة، كان يحيى بن سعيد يستضعفه - أي: وهو منه غير مقبول - وقلّده ابن سعد فقال: كان ثقة به ضعف. وكأن استضعاف يحيى لتشيّعه قال ابن حبان في كتاب الثقات:

كان من الثقات المتقنين في الروايات، غير أنّه كان ينتحل الميل إلى أهل البيت، ولم يكن بداعية إلى مذهبه، وليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أنّ الصدوق المتقن إذا كان فيه بدعة ولم يكن يدعو إليها أنّ الاحتجاج بأخباره، ولهذه العلّة تركنا حديث جماعةٍ ممّن كانوا ينتحلون البدعة ويدعون إليها وإنْ كانوا ثقات، فاحتججنا بأقوامٍ ثقاتٍ انتحالهم سوء، غير أنهم لم يكونوا يدعون إليها، وانتحال العبد بينه وبين ربّه، إنْ شاء عذّبه وإنْ شاء غفر له، وعلينا قبول الروايات عنهم إذا كانوا ثقات على حسب ما ذكرنا في غير موضع من كتبنا. انتهى.

وقد ذكر قوله في ترجمة عبد الملك. وتقدّم في المقدمة في مرسل الحسن كلام الخطيب في هذا الباب.

وقال ابن عدي: هو حسن الحديث، معروف بالتشيّع وجمع الرقائق، جالس زهّاد البصرة فحفظ عنهم. وقد روى أيضاً في فضل الشيخين، وهو

٢٦٥

عندي ممّن يجب أنْ ينقل حديث. انتهى. وقال الذهبي: كان شيعياً صدوقاً.

ويزيد عابد ثقة، وقال ابن حجر: وهم من ليّنه، احتجّ به الأئمة الستة.

وكذا مطرف.

وقد صرّح الحافظ ابن حجر في الإِصابة بأنّ سنده قوي. وعزي إلى الطيالسي، والنسائي في الكبرى، والحسن بن سفيان في فوائده، وأبي نعيم في فضائل الصحابة، والطبراني، والحاكم في مستدركه.

وفي جمع الجوامع: أخرجه ابن أبي شيبة بسندٍ صحيح، وابن جرير وصحّحه، ولفظهما: علي منّي وأنا من علي وعلي وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

وهذه الجملة عند الديلمي في مسند الفردوس عن أبي ذر الغفاري.

وللحاكم في مستدركه والضياء في مختارته عن ابن عباس: إنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال لبريدة: إنّ علياً وليّكم بعدي فأحبَّ عليّاً فإنّه يفعل ما يؤمر به.

وللديلمي عن بريدة مثله.

وقال أبو داود الطيالسي: حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس: إن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال لعلي: أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي. وأخرجه أحمد والنسائي، وعنه الطّحاوي في حديث ابن عباس الطويل في خصائص علي بهذا السند، مصرّحاً بالتحديث في جميعه. وسكت عليه ابن حجر في الإِصابة. قال عمر في الإِستيعاب: هذا إسناد لا مطعن فيه لأحدٍ، لصحته وثقة نقلته.

وكأنّه لم يعبأ بتشديد البخاري في قوله وحده في أبي بلج: فيه نظر. وكذا لم يقبله منه من عاصره ومن تأخّر عنه من النقدة المتشدّدة، منهم أبو حاتم قال: صالح الحديث، لا بأس به. ووثّقه النسائي وابن سعد وابن حبان - كما عزي له - واحتجّ به في صحيحه، والدارقطني والحاكم. وألزما مسلماً إخراج حديثه، واحتجّ به الأربعة. وقال الحاكم: واحتجّ به مسلم، ولعلّه في نسخة الصحيح

٢٦٦

من روايته، وهو بَلَديُّ مسلم، فهو أعلم بكتابه.

وسبقهم إلى توثيقه من المتقدّمين: ابن معين، وحدّث عنه إمام النقدة شعبة، وإبراهيم بن المختار، وحاتم بن أبي صغيرة، وحصين بن نمير، وزائدة ابن قدامة، وزهير بن معاوية، والثوري، وسويد بن عبد العزيز، وشعيب بن صفوان، وأبو حمزة السكّري، وأبو عوانة، وهشيم، وغيرهم.

وعن وهب بن حمزة قال: قدم بريدة من اليمن، وكان خرج مع علي بن أبي طالب، فرأى منه جفوة، فأخذ يذكر عليّاً وينتقص من حقّه، فبلغ ذلك رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فقال له: لا تقل هذا، فهو أولى الناس بكم بعدي يعني علياً.

أخرجه الطّبراني في الكبير، وذكره المناوي بتغيير يسير وقال: قال الهيثمي: فيه ذكرين ذكره أبو حاتم ولم يضعّفه أحد وبقية رجاله وثّقوا.

وعن بريدة - في روايةٍ اُخرى - إن عليّاً منّي وأنا منه، خُلِقَ من طينتي وخُلِقْتُ من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم. يا بريدة، أما علمت أن لعليٍ أكثر من الجارية التي أخذ، وأنه وليّكم بعدي.

أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار، وهو صحيح عنده. قال الخطيب: لم أر سواه في معناه.

أورده واعتمده جماعة من الأئمة من آخرهم: السّبكي والسيوطي، وقد أخرجه ابن اُسبوع الأندلسي في الشفاء. كذا في الاكتفاء.

وقد وردت هذه اللّفظة في أحاديث جماعة من الصّحابة بطرقٍ كثيرةٍ ضعيفة، يتقوّى مجموعها، لكن لا حاجة إليها بعد هذه الروايات الثابتات. وممّن جزم بورودها من جهابذة المتأخّرين: الحافظ ابن حجر في الإِصابة، والحافظ الفاسي في العقد الثمين. في آخرين.

فقيلة صاحب القرة: - إنّ زيادة « وهو وليّكم بعدي ونحوها » موضوعه،

٢٦٧

ومن تغييرات الشّيعة - شيء عجاب عند أولي الألباب، مع ذكره لها قبل خمسين ورقة في أجوبة الطوسي، من حديث الترمذي المذكور، وقد صرّح الترمذي بحسنه وهو صحيح على شرطه. وكتابه من كتب كان مؤلّفوها - كما قال صاحب القرة في الحجة - معروفين بالوثوق والعدالة والحفظ والتبحّر في فنون الحديث، ولم يرضوا في كتبهم هذه بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم، فتلقّاها من بَعدِهم بالقبول. إلى آخر ما قال. نسأل الله العافية »(١). .

ترجمة حسن زمان

وهذا الشيخ معاصر للسيّد صاحب العبقات، وقد وصفه السيّد بـ « الجهبذ المبجّل في عصره وأوانه، حسن الزمان، نادرة دهره وحسنة زمانه ».

__________________

(١). القول المستحسن في فخر الحسن: ٢١٤.

٢٦٨

وثاقة الأجلح

وردُّ القدح فيه بسبب تشيّعه

٢٦٩

٢٧٠

قوله

لأنّ في سنده الأجلح وهو شيعي متّهم في روايته.

أقول

هذا الكلام مخدوش بوجوه عديدة، ومنقوض بنقوض سديدة:

١ - توثيق يحيى بن معين

لقد وثّقه إمام المنقّدين يحيى بن معين، قال المزّي: « قال عباس الدوري عن يحيى بن معين: ثقة»(١). وقال ابن حجر: « قال ابن معين: صالح وقال مرةً: ثقة. وقال مرة: ليس به بأس »(٢). .

ترجمة يحيى بن معين

ولنذكر بعض الكلمات في مناقب يحيى بن معين ومحامده، لئلّا يرتاب في سقوط التشكيك في وثاقة الأجلح بعد توثيق يحيى بن معين له:

__________________

(١). تهذيب الكمال بترجمة الأجلح ٣١ / ٥٤٩.

(٢). تهذيب التهذيب - ترجمة الأجلح ١ / ١٦٦.

٢٧١

قالالسمعاني: « أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام المريّ، مرّة غطفان، من أهل بغداد. كان إماماً ربّانيّاً عالماً حافظاً ثبتاً متقناً، مرجوعاً إليه في الجرح والتعديل

روى عنه من رفقائه: أحمد بن حنبل، وأبو خيثمة، ومحمد بن إسحاق الصنعاني، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وأبو داود السجستاني، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وغيرهم.

وانتهى علم العلماء إليه، حتى قال أحمد بن حنبل: هاهنا رجل خلقه الله لهذا الشأن، يظهر كذب الكذابين. يعني: يحيى بن معين. وقال علي بن المديني: لا نعلم أحداً من لدن آدم كتب من الحديث ما كتب يحيى بن معين. قال أبو حاتم الرّازي: إذا رأيت البغدادي يحبّ أحمد بن حنبل فاعلم أنّه صاحب سنّة. وإذا رأيته يبغض يحيى بن معين فاعلم أنه كذّاب.

وكانت ولادته في خلافة أبي جعفر سنة ١٥٨ في آخرها ومات لسبع ليال بقين من ذي القعدة سنة ٢٣٣ »(١). .

وقد فصّلنا الكلام في ترجمة يحيى بن معين في مجلّد ( حديث مدينة العلم ).

٢ - توثيق أحمد بن حنبل

وقال أحمد بن حنبل في توثيق الأجلح: « ما أقرب الأجلح من فطر بن الخليفة » روى ذلك: المزّي، وابن حجر العسقلاني. بترجمة الأجلح، عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه(٢). .

ولا ريب في أنّ « فطر بن خليفة » ثقة عند أحمد بن حنبل قال

__________________

(١). الأنساب - المري ١٢ / ٢١٦ - ٢١٧.

(٢). تهذيب الكمال ٢ / ٢٧٧ تهذيب التهذيب ١ / ١٦٦.

٢٧٢

الذّهبي:

« فطر بن خليفة المخزومي، مولاهم، الحناط، عن: أبي الطفيل، وعطاء الشيبي، ومولاه عمرو بن حريث الصحابي، وعن مجاهد، والشعبي، وخلق. وعنه: القطّان، ويحيى بن آدم، وقبيصة. وخلق. له نحو ستّين حديثاً، وهو شيعي جلد صدوق، وثّقه أحمد وابن معين. مات سنة ١٥٣»(١). .

وقال ابن حجر: « قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه: ثقة صالح الحديث »(٢). .

فيكون الأجلح ثقة عند أحمد بن حنبل.

٣ - توثيق الفلّاس

وهو عند عمرو بن علي الفلاس مستقيم الحديث، صدوق، فقد ذكر ابن حجر العسقلاني بترجمته: « وقال عمرو بن علي: مات سنة ١٤٥ أوّل السنة، وهو رجل من بجيلة، مستقيم الحديث، صدوق. قلت: ليس هو من بجيلة »(٣). .

ترجمة الفلاس

والفلّاس من أكابر أئمّة المسلمين الأعلام، وهذه نبذة من كلماتهم بترجمته:

١ - السمعاني: « أبو حفص عمرو بن علي بن بحر بن الكُنَيز السقّاء الفلّاس

__________________

(١). الكاشف ٢ / ٣٣٢ ترجمة فطر.

(٢). تهذيب التهذيب ٨ / ٢٧١ ترجمة فطر.

(٣). تهذيب التهذيب ١ / ١٦٦.

٢٧٣

- ذكرته في الفاء - كان أحد أئمّة المسلمين، من أهل البصرة، قدم أصبهان سنة ستّ عشرة وأربع وعشرين، وست وثلاثين ومائتين، وحدّث بها. روى عنه: عفان بن مسلم، وسئل أبو زرعة الرازي عنه فقال: ذاك من فرسان الحديث. وقال حجّاج بن الشاعر: لا يبالي أن يأخذ من عمرو بن علي من حفظه أو من كتابه. وكان أبو مسعود الرازي يقول: لا أعلم أحداً قدم هاهنا أتقن من أبي حفص »(١). .

٢ - الذهبي: « الحافظ الإِمام الثبت، أبو حفص، الباهلي البصري الصيرفي، الفلّاس، أحد الأعلام. مولده بعد الستين ومائة. سمع: يزيد زريع، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمّي، وسفيان بن عيينة، ومعتمر بن سليمان، وطبقتهم، فأكثر وأتقن، وجوّد وأحسن.

حدّث عنه: الستّة، والنسائي أيضاً بواسطة، وعفّان وهو من شيوخه، وأبو زرعة، ومحمد بن جرير، وابن صاعد، والمحاملي، وأبو روق الهزاني، واُممٌ سواهم.

قال النسائي: ثقة حافظ صاحب حديث. وقال أبو حاتم: كان أوثق من علي بن المديني. وقال عبّاس العنبري: ما تعلّمت الحديث إلّا منه. وقال حجّاج بن شاعر: عمرو بن علي لا يبالي أحدّث من حفظه أو من كتابه. وقال أبو زرعة: ذاك من فرسان الحديث، لم نر بالبصرة أحفظ منه ومن ابن المديني والشاذكوني.

قال الفلّاس: حضرت مجلس حمّاد بن زيد وأنا صبيّ وضيء، فأخذ رجل بخدّي ففررت فلم أعد.

وقال ابن اشكاب: ما رأيت مثل الفلاس، وكان يحسن كلّ شيء.

وعنه قال: ما كنت فلّاساً قط »(٢). .

__________________

(١). الأنساب ٧٠ / ٩٠.

(٢). تذكرة الحفاظ ٢ / ٤٨٧.

٢٧٤

وترجم له في ( سير أعلام النبلاء ) فوصفه بـ « الحافظ الإِمام المجوّد الناقد » ثم أورد الكلمات في حقّه(١). .

وكذا في ( العبر ) بعد أنْ وصفه بـ « الحافظ أحد الأعلام »(٢). .

٣ - وكذا ترجم له كلّ من اليافعي(٣). وابن حجر(٤). والسّيوطي(٥). .

٤ - توثيق العجلي

ووثّقه أحمد بن عبد الله العجلي، فقد ذكر المزّي: « قال أحمد بن عبد الله العجلي: كوفي ثقة»(٦). . وقال ابن حجر: « قال العجلي: كوفي ثقة »(٧). وقال السّيوطي بعد تكلّم ابن الجوزي في الأجلح: « قلت: روى له الأربعة، ووثّقه ابن معين والعجلي »(٨). .

ترجمة العجلي

والعجلي أيضاً من كبار الأئمّة الحفّاظ، المرجوع إليهم في الجرح والتعديل:

١ - السمعاني: « أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح بن مسلم

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ١١ / ٤٧٠.

(٢). العبر - حوادث ٢٤٩.

(٣). مرآة الجنان - حوادث ٢٤٩.

(٤). تقريب التهذيب ٢ / ٧٥.

(٥). طبقات الحفّاظ: ٢١٤.

(٦). تهذيب الكمال ٢ / ١٧٧.

(٧). تهذيب التهذيب ١ / ١٦٦.

(٨). اللآلي المصنوعة ١ / ٣٢٢.

٢٧٥

العجلي، كوفي الأصل، نشأ ببغداد، وسمع بها وبالكوفة والبصرة وكان حافظاً ديّناً صالحاً، إنتقل إلى بلاد المغرب فسكن اطرابلس، وانتشر حديثه هناك. روى عنه ابنه أبو مسلم صالح، وذكر أنه سمع منه في سنة ٢٥٧. وكان يشبّه بأحمد بن حنبل، وكان خروجه إلى المغرب أيّام محنة أحمد بن حنبل. وكانت ولادته بالكوفة سنة ١٨٢. ومات في سنة ٢٦١ وقبره بأعلى الساحل باطرابلس، وقبر ابنه صالح إلى جنبه »(١). .

٢ - الذّهبي: « العجلي، الإِمام الحافظ القدوة حدّث عنه ولده صالح بمصنّفه في الجرح والتعديل، وهو كتاب مفيد يدلّ على سعة حفظه. ذكره عباس الدوري فقال: كنا نعدّه مثل أحمد ويحيى بن معين »(٢). .

وكذا في ( العبر ) وذكر كلمة الدوري(٣). .

وفي ( سير أعلام النبلاء ) وصفه: « الإِمام الحافظ الناقد الأوحد الزاهد » وذكر كتابه في الجرح والتعديل ومدحه، ثم ذكر بعض الكلمات في حق العجلي والثناء عليه من الأكابر(٤). .

٥ - توثيق الفسوي

ووثّقه يعقوب بن سفيان الفسوي بصراحة وإنْ ناقض نفسه فليّن حديثه قال ابن حجر: « قال يعقوب بن سفيان: ثقةٌ حديثه ليّن »(٥). .

__________________

(١). الأنساب - الاطرابلسي ١ / ٣٠٤.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٥٦٠ / ٥٨٢.

(٣). العبر - حوادث ٢٦١.

(٤). سير أعلام النبلاء ١٢ / ٥٠٥.

(٥). تهذيب التهذيب ١ / ١٦٦ ترجمة الأجلح.

٢٧٦

ترجمة الفسوي

والفسوي من أكابر الأئمة المعتمدين لدى القوم:

١ - السمعاني: « الفسوي. بفتح الفاء والسين، وهذه النّسبة إلى فسا، وهي بلدة من بلاد فارس، خرج منها جماعة من العلماء والرحالين، منهم: أبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان الفسوي الفارسي. كان من الأئمة الكبار، ممّن جمع ورحل من الشرق إلى الغرب، وصنّف وأكثر، مع الورع والنسك والصّلابة في السنّة.

رحل إلى: العراق، والحجاز، والشام، والجزائر، وديار مصر. وكتب عن عبيد الله بن موسى. روى عنه: أبو محمد ابن درستويه النحوي.

مات في رجب الثالث والعشرون منه، من سنة ٢٧٧ »(١). .

٢ - الذهبي: « الفسوي الحافظ الإِمام الحجة عنه: الترمذي، والنسائي، وابن خزيمة، وأبو عوانة، وابن أبي حاتم، ومحمد بن حمزة بن عمار، وعبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي، وآخرون. وبقي في الرحلة ثلاثين سنة.

قال أبو زرعة الدمشقي: قدم علينا من نبلاء الرّجال يعقوب بن سفيان، يعجز أهل العراق أن يروا مثله

وقيل: كان يتكلّم في عثمان -رضي‌الله‌عنه - ولم يصح »(٢). .

وفي ( العبر ): « الإِمام يعقوب بن سفيان الحافظ، أحد أركان الحديث، وصاحب المشيخة والتاريخ »(٣). .

__________________

(١). الأنساب - الفسوي ٩ / ٣٠٥.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٥٨٢.

(٣). العبر - حوادث ٢٧٧.

٢٧٧

وفي ( سير أعلام النبلاء ): « الفسوي الإِمام الحافظ الحجة الرحال، محدّث إقليم فارس ...»(١). .

٦ - توثيق ابن عدي

ووصفه ابن عدي صاحب ( الكامل ) الكتاب الشهير في الجرح والتعديل، بالصدّق، والاستقامة في الحديث، وأضاف أنّه لم ير له حديثاً منكرا مطلقاً فقد قال المزي بترجمة الأجلح:

« قال أحمد بن عدي: له أحاديث صالحة، يوري عنه الكوفيّون وغيرهم، فلم أجد له حديثاً منكراً متجاوزاً للحد لا إسناداً ولا متناً، إلّا أنّه يعدّ في شيعة الكوفة وهو عندي مستقيم الحديث»(٢). .

وقال ابن حجر: « قال ابن عدي: له أحاديث صالحة، ويروي عنه الكوفيّون وغيرهم، ولم أر له حديثاً منكراً مجاوزاً للحد لا إسناداً ولا متناً، إلّا أنّه يعدّ في شيعة الكوفة، وهو عندي مستقيم الحديث صدوق. وقال شريك عن الأجلح: إنّه ما سبّ أبا بكر وعمر أحد إلّا مات قتلاً أو فقراً»(٣). .

ترجمة ابن عدي

وابن عدي من أئمّة أهل الجرح والتعديل المرجوع إليهم عندهم:

١ - الذهبي: « ابن عدي، الإِمام الحافظ الكبير، أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن مبارك الجرجاني، ويعرف أيضاً بابن القطّان، صاحب كتاب الكامل في الجرح والتعديل، كان أحد الأعلام

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٣ / ١٨٠.

(٢). تهذيب الكمال ٢ / ٢٧٨.

(٣). تهذيب التهذيب ١ / ١٦٦.

٢٧٨

عنه: أبو العباس ابن عقدة شيخه، وأبو سعد الماليني، والحسن بن رامين، ومحمد بن عبد الله بن عبد كويه، وحمزة بن يوسف السهمي، وأبو الحسين أحمد بن العالي، وآخرون.

وهو المصنّف في الكلام على الرجال، عارف بالعلل.

قال أبو القاسم ابن عساكر: كان ثقة على لحنٍ فيه.

قال حمزة السهمي: سألت الدار قطني أنْ يصنّف كتاباً في الضعفاء.

فقال: أليس عندك كتاب ابن عدي؟ فقلت: بلى. فقال: فيه كفاية لا يزاد عليه.

قلت: قد صنّف ابن عدي على أبواب مختصر المزني كتاباً سمّاه الإِنتصار.

قال حمزة السهمي: كان حافظاً متقنا لم يكن في زمانه أحد مثله، تفرّد برواية أحاديث، وبه منها لا بنيه عدي وأبي زرعة، وتفرّدا بها عنه.

قال الخليلي: كان عديم النظير حفظا وجلالة، سألت عبد الله بن محمد الحافظ أيهما أحفظ؟ ابن عدي؟ ابن عدي أو ابن قانع فقال: زر قميص ابن عدي أحفظ من عبد الباقي ابن قانع.

قال الخليلي: وسمعت أحمد بن أبي مسلم الحافظ يقول: لم أر أحدا مثل أحمد الحاكم، وقد قال لي كان حفظ هؤلاء تكلّفا وحفظ ابن عدي طبعا. زاد معجمه على ألف شيخ.

قال حمزة بن يوسف: توفي أبو أحمد في جمادى الآخرة سنة خمس وستين، وصلّى عليه الإِمام أبو بكر الإِسماعيلي »(١). .

٢ - ابن الأثير: « فيها توفي أبو أحمد ابن عدي الجرجاني، في جمادى

__________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٣ / ٩٤٠.

٢٧٩

الآخرة، وهو إمام مشهور »(١). .

٣ - اليافعي: « فيها الحافظ الكبير أبو أحمد، عبد الله بن محمد القطّان الجرجاني، مصنف الكامل في الجرح »(٢). .

٤ - السيوطي: « ابن عدي، الإِمام الحافظ الكبير صاحب الكامل في الجرح والتعديل، أحد الأعلام »(٣). .

٥ - المناوي: « هو أبو أحمد عبد الله الجرجاني، أحد الحفّاظ الأعيان الذين طافوا البلاد وهجروا الوساد وواصلوا السهاد وقطعوا المعتاد، طالبين للعلم، روى عن الجمحي وغيره. وعنه: أبو حامد الإسفرايني، وأبو سعيد الماليني. قال البيهقي: حافظ متقن لم يكن في زمنه مثله. وقال ابن عساكر: ثقة على لحنٍ فيه. مات سنة ٣٦٥ عن ثمان وثمانين.

وفي كتاب الكامل، الّذي ألّفه في معرفة الضعفاء، وهو أصل من الاُصول المعوّل عليها والمرجوع إليها، طابق اسمه معناه، ووافق لفظه فحواه، من عينه انتجع المنتجعون، وبشهادته حكم الحاكمون، وإلى ما قاله رجع المتقدّمون والمتأخّرون »(٤). .

٧ - تصحيح الحاكم حديثه وتأكيده ذلك

وقال الحاكم:

« حدّثنا أحمد بن إسحاق الفقيه، أنبأ أبو المثنى، ثنا مسدّد، ثنا يحيى القطان، عن الأجلح، عن الشعبي، عن عبد الله بن الخليل، عن زيد بن أرقم قال: كنت

__________________

(١). الكامل في التاريخ - حوادث سنة ٣٥٥.

(٢). مرآة الجنان - حوادث سنة ٣٥٥.

(٣). طبقات الحفّاظ: ٣٨٠.

(٤). فيض القدير - شرح الجامع الصغير - بيان رموز الكتاب ١ / ٢٩.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460