تذكرة الفقهاء الجزء ٥

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-45-0
الصفحات: 460

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-5503-45-0
الصفحات: 460
المشاهدات: 167410
تحميل: 5485


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 167410 / تحميل: 5485
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 5

مؤلف:
ISBN: 964-5503-45-0
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وأمّا الخُضراوات فلا صدقة فيها إجماعاً ، لقولهعليه‌السلام : ( ليس في الخضراوات صدقة )(١) .

مسألة ١١٨ : ولا زكاة فيما ينبت من المباح الذي لا يملك إلّا بأخذه‌ كالبُطْم والعَفْص والزعبل وهو شعير الجَبَل ، وبَزْر قَطونا ، وبَزْر البَقْلة ، وبَزْر الاُشنان إجماعاً إلّا عند بعض الحنابلة فإنّ فيه الزكاة إذا نبت في أرضه(٢) .

المطلب الرابع

في اللواحق‌

مسألة ١١٩ : يشترط بقاء عين النصاب طول الحول‌ ، فلو بادل به في أثنائه من جنسه أو من غير جنسه ، وسواء كان من الماشية أو الأثمان اعتبر ابتداء الحول من حين المعاوضة ، وبه قال الشافعي(٣) .

لقولهعليه‌السلام : ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول )(٤) .

ولأنّه أصل بنفسه تجب الزكاة في عينه فلم يبن حوله على غيره كالجنسين.

وقال الشيخ : إن بادل بجنسه بنى على حوله ، وإن كان من غير جنسه استأنف مطلقاً(٥) ، وله قول آخر : إن بادل بالجنس أو بغيره فراراً وجبت وإلّا

____________________

(١) سنن الدارقطني ٢ : ٩٥ / ١ و ٩٦ / ٤ - ٦.

(٢) المغني ٢ : ٥٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦١.

(٣) الاُم ٢ : ٢٤ - ٢٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٣٦١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٨٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦.

(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٥٧١ / ١٧٩٢ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٥ / ٦٣١ ، سنن الدارقطني ٢ : ٩٠ - ٩١ / ٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ٩٥.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ٢٠٦.

١٨١

فلا(١) .

وبأوّلهما قال مالك ، إلّا أنّه فصَّل ، فقال في غير الحيوان بذلك ، وفي الحيوان روايتان ، وإن أبدل الحيوان بالأثمان لم يبن على حوله(٢) .

وقال أبو حنيفة في الماشية كقولنا ، وفي الذهب والفضّة يبني حول أحدهما على الآخر(٣) .

وقال أحمد : يبني حول الجنس على جنسه من الحيوان ، ولا يبني على غير جنسه منه ، ويبني حول الفضّة على الذهب إذا بادل به ، لأنّه نصاب يضمّ إليه نماؤه في الحول فيبني حول بدله من جنسه على حوله كالعروض ، ولأنّهما مالان زكاتهما واحدة فيبني حول أحدهما على الآخر كعروض التجارة ، ولأنّ التهمة تلحقه في الفرار من الزكاة ، لأنّ الفرض بالجنس الواحد لا يختلف(٤) .

ونمنع ضمّ النماء ، والزكاة في التجارة تتعلّق بالقيمة وهو جنس واحد ، والفرار لا اعتبار به لما يأتي ، والجنسان لا يضمّ أحدهما إلى الآخر مع وجودهما فأولى أن لا يبنى حول أحدهما على الآخر.

مسألة ١٢٠ : إذا نقص النصاب قبل الحول بطل الحول‌ سواء نقص لحاجته إلى نقصه أو قصد بإتلافه الفرار من الزكاة ، وسواء تلف البعض أو أبدله بغير جنسه أو بجنسه ، وسواء كان الإِبدال أو الإِتلاف عند قرب الوجوب أو في‌

____________________

(١) نسبه الى جمل الشيخ الطوسي أيضاً ، السيد العاملي في مدارك الأحكام ٥ : ٧٤ ولم نجده.

(٢) المدونة الكبرى ١ : ٣٢١ - ٣٢٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٧٢ ، الشرح الصغير ١ : ٢٠٧ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٣.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ١٥ ، المبسوط - للسرخسي - ٢ : ١٦٦ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٠ ، المغني ٢ : ٥٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٣.

(٤) المغني ٢ : ٥٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٨ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦.

١٨٢

أول الحول ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(١) ؛ لأنّه مال تجب الزكاة في عينه نقص نصابه قبل تمام حوله فوجب أن ينقطع حوله ، ولا تجب الزكاة كما لو أتلفه لحاجته.

وقال مالك وأحمد : إن أتلف جزءا أو أبدل عند قرب الوجوب فرارا لتسقط الزكاة لم تسقط ووجبت عليه الزكاة التي كانت تجب قبل الفرار ، لقوله تعالى( إِنّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ * وَلا يَسْتَثْنُونَ * فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ) (٢) عاقبهم الله تعالى بذلك لفرارهم من الصدقة.

ولأنّه قصد إسقاط نصيب من انعقد سبب استحقاقه فلم يسقط كما لو طلّق امرأته في مرض موته(٣) .

والآية قيل : إنّما كان لأنّهم لم يستثنوا بقولهم : إن شاء الله(٤) ، والفرق في المطلّقة ظاهر ، لتعلّق حقّها بماله في حالة المرض ، والفقراء لم يتعلّق حقّهم به إلّا بحؤول الحول.

فروع :

أ - إذا حال الحول أخرج الزكاة في المعاوضة - على رأي الشيخ - من جنس المبيع دون الموجود ، لأنّه الذي وجبت الزكاة بسببه.

ب - قال في الخلاف : إذا كان معه نصاب من جنس ففرّقه في أجناس‌

____________________

(١) الاُم ٢ : ٢٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٣٦١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ٥١ - ٥٢ ، المغني ٢ : ٥٣٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٥.

(٢) القلم : ١٧ - ٢٠.

(٣) الشرح الصغير ١ : ٢١٣ ، المغني ٢ : ٥٣٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٥ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦.

(٤) اُنظر : مجمع البيان ٥ : ٣٣٦.

١٨٣

مختلفة فراراً من الزكاة لزمته إذا حال الحول على أشهر الروايات ، لأنّ إسحاق ابن عمار سأل الكاظمعليه‌السلام عن رجل له مائة درهم وعشرة دنانير أعليه زكاة؟ فقال : « إن كان فرّ بها من الزكاة فعليه الزكاة » قلت : لم يفرّ بها ، ورث مائة درهم وعشرة دنانير ، قال : « ليس عليه زكاة » قلت : لا يكسر الدراهم على الدنانير ولا الدنانير على الدراهم؟ قال : « لا »(١) .

ج - لو سبك الذهب والفضة أو اتّخذهما حُليّاً فراراً من الزكاة قبل الحول سقطت ، وبعده لا تسقط.

وقال الشيخ : تجب في الأول(٢) ، وقد تقدّم(٣) .

د - لو كان البيع فاسداً لم ينقطع حول الزكاة في النصاب ، وبنى على حول الأول ، لأنّ الملك لم ينتقل فيه ، ثم إن تمكّن من استرداده وجبت الزكاة وإلّا فكالمغصوب.

ه- لو باع غنمه بضعفها كان عليه زكاة الأصل إن أوجبناها.

وقال أحمد : يزكّى الجميع ، لأنّ نماءها معها(٤) .

ولو باع النصاب بنصفه كمائتين يبيعها بمائة فعليه زكاة مائة وحدها.

و - لو لم يقصد الفرار بالمبادلة انقطع حول الأول عند أكثر القائلين بالوجوب ، واستأنف بما استبدل به حولاً إن كان محلّاً للزكاة.

ويكره الفرار قبل الحول إجماعاً ، لما فيه من التوصّل إلى ترك المواساة وإعانة الفقراء المطلوبة شرعاً.

مسألة ١٢١ : لو بادل نصاباً بمثله في الأثناء ، فإن كانت صحيحةً زال‌

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٩٤ / ٢٧٠ ، الاستبصار ٢ : ٤٠ / ١٢٢ ، والخلاف ٢ : ٥٧ ، المسألة ٦٦.

(٢) المبسوط ١ : ٢١٠.

(٣) تقدم في الفرع ( و) من المسألة ٧١.

(٤) المغني ٢ : ٥٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٩.

١٨٤

ملكه عن النصاب وانقطع الحول ، فإذا وجد بما وصل إليه عيباً(١) فإن كان قبل الحول ردّه واسترجع ماله ، واستأنف به الحول ، لتجدّد ملكه ، ولهذا لا يستحق نماءه الحاصل في يد مشتريه.

وإن وجده بعد الحول قبل الأداء لم يكن له الردّ لتعلّق الزكاة بالعين والشركة عيب ، وبه قال الشافعي على تقديري وجوبها في العين أو الذمة(٢) ؛ لأنّ قدر الزكاة مرهون فلا يملك الردّ كما لو اشترى شيئاً ثم رهنه ثم وجد به عيباً لم يكن له الردّ ، أو اشترى عبداً فجنى لم يكن له الردّ ، وليس له الرجوع بأرش العيب ، لأنّه لم ييأس من الردّ.

وإن كان بعد الأداء من الغير فله الردّ ، لبقاء المبيع بحاله ، وهو أحد قولي الشافعية ، والثاني : منع الرد ، لأنّ الزكاة استحقاق جزء من العين ، لزوال ملكه عنه ورجوعه إليه(٣) .

وإن أخرج من العين لم يكن له الردّ ، لتفريق الصفقة على البائع ، وللشافعي قولان(٤) .

فعلى التفريق يردّ ما بقي ، ويسقط من الثمن بقدر الشاة المأخوذة فيقوّم ويقوّم ما بقي ويبسط الثمن عليهما.

قال الشيخ : ولا أرش له ، لأنّه قد تصرّف فيه(٥) ، وليس بجيّد ، لأنّ التصرّف يسقط الردّ لا الأرش.

فإن اختلفا في الشاة المفقودة ، فقولان : تقديم المشتري ؛ لأنّ الشاة تلفت في ملكه فكان منكراً ، وتقديم البائع ، لأنّه يجري مجرى الغارم لأنّه إذا‌

____________________

(١) في نسختي « ف ط » : عيب.

(٢) الاُم ٢ : ٢٤ ، المجموع ٥ : ٣٦٢ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٠ ، مغني المحتاج ١ : ٣٧٩.

(٣) المجموع ٥ : ٣٦٢ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩١.

(٤) المجموع ٥ : ٣٦٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩١.

(٥) المبسوط - للطوسي - ١ : ٢٠٧.

١٨٥

كثرت قيمتها قلّ ما يغرمه ، فإذا قلّت كثر.

وعلى عدم التفريق كان له الرجوع بالأرش ، وهو مذهبنا إلّا أنّه جعل له ذلك إن أيس من الردّ ، وإن لم ييأس لم يكن له الأرش.

مسألة ١٢٢ : الأقرب عندي جواز تصرّف المالك في النصاب الذي وجبت فيه الزكاة‌ بالبيع والهبة وأنواع التصرفات ، وليس للساعي فسخ البيع ولا شي‌ء من ذلك ، لأنّه مالك فيجوز له التصرّف فيه بجميع أنواعه ، وتعلّق الزكاة به ليس بمانع سواء قلنا الزكاة تجب في العين أو لا ، لأنّ تعلّقها بالعين تعلّق لا يمنع التصرف في جزء من النصاب فلم يمنع في جميعه كأرش الجناية.

ولأنّ ملك المساكين غير مستقرّ فيه فإنّ له إسقاط حقّهم منه بدفع القيمة فصار التصرف فيه اختياراً بدفع غيره.

إذا ثبت هذا ، فإن أخرج الزكاة من غيره وإلّا كلّف إخراجها ، وإن لم يكن متمكناً فالأقرب فسخ البيع في قدر الزكاة وتؤخذ منه ويرجع المشتري عليه بقدرها ، لأنّ على الفقراء إضراراً في إتمام البيع وتفويتاً لحقّهم فوجب فسخه ، ثم يتخيّر المشتري لتبعّض الصفقة ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد(١) ، إلّا أنّ أحمد قال : إذا عجز عن أداء الزكاة بقيت في ذمته كسائر الديون ، ولا تؤخذ من النصاب.

وأبو حنيفة يقول : إن كان تصرفه يقطع الحول بأن يبيعه أو يجعله عوضاً في نكاح أو خلع ضمن الزكاة ، وإن كان تصرّفاً لا يقطع الحول لم يضمن.

وقال الشافعي في صحة بيع قدر الزكاة قولان : الصحة إن تعلّقت الزكاة بالعين ، لعدم استقرار ملك المساكين ، ولهذا له أن يسقط حقّهم منه بدفع غيره ، والبطلان إن تعلّقت بالذمة ، لأنّ قدر الزكاة إمّا مستحق أو مرتهن ، وأمّا بيع باقي النصاب فإنّه يصحّ على تقدير صحة البيع في قدر الزكاة ، وعلى تقدير‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٣٥ و ٥٣٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٨.

١٨٦

الفساد فقولان مبنيّان على تفريق الصفقة ، فإن قيل بعدمه بطل في الباقي ، وإلّا صح فيتخيّر المشتري(١) .

ولو عزل قدر الزكاة من النصاب ، ثم باع الباقي صحّ ، لأنّه باع حقّه من المال.

وللشافعي وجهان ، أحدهما : المنع ، لعدم تعيّن الزكاة إلّا بالدفع(٢) .

مسألة ١٢٣ : الزكاة تجب في العين لا في الذمة‌ عند علمائنا ، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي - في الجديد - وأحمد في أظهر الروايتين.

لقولهعليه‌السلام : ( في أربعين شاة شاة )(٣) و ( فيما سقت السماء العُشر )(٤) إلى غير ذلك من الألفاظ الواردة بحرف « في »(٥) وهي للظرفية ، ولأنّها تجب بصفة المال وتسقط بتلفه(٦) .

وقال الشافعي في القديم : إنّها تتعلّق بالذمة والعين مرتهنة بذلك ، لأنّها زكاة فكان محلّها الذمة كزكاة الفطرة ، ولأنّه يجوز الإِخراج من غيرها فلا تتعلّق بالعين ، ولأنّه لا يتبعها النماء فلا تتعلّق بالعين ، وزكاة الفطرة لا تتعلّق بالمال‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٢ ، المجموع ٥ : ٣٦٢ و ٤٦٨ - ٤٦٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٥٣ ، المغني ٢ : ٥٣٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٨.

(٢) المجموع ٥ : ٤٧٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٥٥.

(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٨ / ١٨٠٧ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٨ / ١٥٦٨ ، سنن البيهقي ٤ : ٨٨.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٥٥ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠٨ / ١٥٩٦ ، سنن النسائي ٥ : ٤١ و ٤٢ ، سنن الترمذي ٣ : ٣١ / ٦٣٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٠ و ٥٨١ / ١٨١٦ و ١٨١٧ ، مسند أحمد ٣ : ٣٤١ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٢٩ و ١٣٠.

(٥) كقولهعليه‌السلام : ( في خمس من الإِبل شاة ) و ( في عشرين مثقالاً نصف مثقال ) و ( في الرقة رُبع العُشر ).

(٦) المهذّب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٧ ، فتح العزيز ٥ : ٥٥١ ، اللباب ١ : ١٤٦ ، المغني ٢ : ٥٣٦ - ٥٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣.

١٨٧

فلهذا تعلّقت بالذمّة(١) .

وجواز الإِخراج من الغير للإِرفاق بالمالك ، وملك المساكين غير مستقر حيث كان للمالك العدول فلم يتبعه النماء ، على أنّ لمانعٍ أن يمنع ذلك.

فروع :

أ - الزكاة تتعلّق بالعين عندنا وعند أبي حنيفة إلّا أنّ أبا حنيفة قال : لا يستحق بها جزء منها وإنّما تتعلّق بها كتعلّق الجناية(٢) بالعبد الجاني - وهو إحدى الروايتين عن أحمد - لأنّ تعلّق الزكاة بالمال لا يزيل ملك المالك عن شي‌ء من ماله كالشاة المتعلّقة بالخمس(٣) من الإِبل(٤) .

وعندي فيه إشكال تقدّم.

ب - لو ملك أربعين شاة فحال عليها حولان ولم يؤدّ الزكاة وجب عليه شاة واحدة ، لتعلّق الزكاة بالعين عندنا فنقصت في الحول الثاني ، ومن أوجب الزكاة في الذمّة أوجب شاتين(٥) .

ج - لو كان له أربعون فحال عليها الحول وقد نتجت شاة ، ثم حال آخر وقد نتجت فيه اُخرى ، ثم ثالث ونتجت فيه ثالثة فإنّه يجب عليه ثلاث شياه ، لأنّ الحول الأول حال وهي إحدى وأربعون فوجبت شاة وبقي أربعون فحال الثاني وهي إحدى وأربعون ، وهكذا في الثالث ، إلّا أنّ هذا على قول من يجعل حول السخال تابعاً للاُمّهات ، أمّا عندنا فإن حصل السوم حولاً فكذلك ، وكذا إذا ملك في أول كلّ حول شاة.

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٧ ، فتح العزيز ٥ : ٥٥١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣ ، المغني ٢ : ٥٣٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٩.

(٢) يعني أرش الجناية.

(٣) ورد في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق : بالخمسة. والصحيح ما أثبتناه.

(٤) حلية العلماء ٣ : ٣٣ ، المغني ٢ : ٥٣٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٥٢.

(٥) اُنظر : المغني ٢ : ٥٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٢ ، والمجموع ٥ : ٣٨٠.

١٨٨

د - لو كان عنده أكثر من النصاب وحال عليه أحوال تعدّدت الزكاة وجبر الناقص من النصاب بالزائد عليه إلى أن يقصر عن النصاب فتسقط حينئذٍ.

ه- لو ملك خمساً من الإِبل فلم يؤدّ زكاتها أحوالاً فعليه شاة واحدة لا غير - وهو أحد قولي الشافعي(١) - لأنّها نقصت بوجوب الزكاة فيها في الحول الأول عن خمس كاملة فلم يجب عليه فيها شي‌ء كما لو ملك أربعاً وجزءاً من بعير.

وقال أحمد : عليه في كلّ سنة شاة على تقدير الوجوب في العين أيضاً ؛ لأنّ الواجب هنا من غير النصاب فلا ينقص به النصاب كما لو أدّاه(٢) ، بخلاف سائر الأموال فإنّ الزكاة يتعلّق وجوبها بعينه ( فتنقصه )(٣) كما لو أدّاه من النصاب(٤) .

ونمنع الوجوب من غير النصاب ، بل الواجب هنا في العين قيمة شاة.

و - لو ملك ستّاً وعشرين وحال عليها أحوال فعليه للأول بنت مخاض ، وللثاني خمس شياه ، وللثالث أربع ، وهكذا إلى أن يقصر عن عشرين فتجب ثلاث شياه ، وهكذا إلى أن يقصر ( عن عشر فتجب شاتان ، وهكذا إلى أن يقصر عن خمس )(٥) .

وقال أحمد : عليه للحول الأول بنت مخاض ، ولكلّ حولٍ بعده أربع‌

____________________

(١) المهذب - للشيرازي - ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٨٠ - ٣٨١ ، فتح العزيز ٥ : ٥٥٦ ، المغني ٢ : ٥٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٣.

(٢) أي أدّاه من غير النصاب.

(٣) في النسخ الخطية : « فسقط » وفي الحجرية : « فقط » « فسقط خ ل » وما أثبتناه من المصدر ، وهو أقرب لسياق العبارة.

(٤) المغني ٢ : ٥٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٣.

(٥) كذا في النسخ الخطية والطبعة الحجرية ، والظاهر أنّ الصواب - كما في هامش « ط ، ن » - هكذا : عن خمسة عشر فتجب شاتان وهكذا إلى أن يقصر عن عشر فتجب شاة.

١٨٩

شياه ، ولو بلغت ( قيمة الشاة )(١) الواجبة أكثر من خمس من الإِبل وجب عليه للأول بنت مخاض ، وللثاني خمس من الغنم ، وللثالث ثلاث(٢) .

ز - الزكاة وإن وجبت في العين إلّا أنّ لرب المال أن يعيّن ذلك من أيّ جزءٍ شاء منه ، وله أن يعطي من غيره إجماعاً إلّا من شذّ.

مسألة ١٢٤ : إمكان الأداء شرط في الضمان لا الوجوب‌ ، فإذا حال الحول على النصاب وجبت سواء تمكّن من الأداء أو لم يتمكّن ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي في الجديد(٣) .

لقولهعليه‌السلام : ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول )(٤) مفهومه الوجوب عند الحول.

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « فإذا حال الحول وجبت عليه »(٥) .

وقال مالك والشافعي في القديم : إمكان الأداء شرط في الوجوب ، فشرط في الوجوب ثلاث شرائط : الحول ، والنصاب ، وإمكان الأداء ، حتى أنّ مالكاً قال : لو أتلف الماشية بعد الحول قبل إمكان الأداء لم تكن عليه زكاة إذا لم يقصد الفرار من الزكاة ، لأنّ إمكان الأداء شرط في وجوب سائر العبادات من الصلاة والصوم والحج فكذا الزكاة.

____________________

(١) الظاهر أن الصحيح : قيم الشياه. كما في الشرح الكبير.

(٢) المغني ٢ : ٥٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٣ ، وفيهما إلى قوله : أكثر من خمس من الإِبل.

وعلى هذا يكون الواو في « ولو بلغت » وصليّةً لا استئنافية.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٢٢ ، المغني ٢ : ٥٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٥ و ٣٧٧ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٧ ، حلية العلماء ٣ : ٣١.

(٤) سنن أبي داود ٢ : ١٠٠ - ١٠١ / ١٥٧٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧١ / ١٧٩٢ ، سنن الدارقطني ٢ : ٩٠ - ٩١ / ٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٩٥.

(٥) التهذيب ٤ : ٤١ / ١٠٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٣ / ٦١.

١٩٠

ولأنّ المال لو تلف قبل إمكان الأداء سقطت فدلّ على أنّها لم تجب ، وإمكان الأداء شرط في استقرارها ، وتلك عبادات أيضاً كلّف فعلها ببدنه ، فإذا تعذّر لم تجب ، وهنا عبادة مالية يمكن مشاركة المساكين في ماله وحصوله قبل أدائه فوجبت.

وأمّا سقوطها بتلفها : فلأنّه أمين لم يوجد من جهته تفريط فلا يضمن كالمودع(١) .

ويعارض : بأنّه لو أتلف المال بعد الحول لم تسقط عنه عند الشافعي(٢) ، ولو لم تجب أوّلاً لسقطت كما لو أتلفه قبل الحول ، ولأنّه لو لم يمكنه الأداء حتى مضى حول آخر لوجبت زكاة حولين ولا يجب فرضان في نصاب واحد في حالة واحدة.

وقول مالك ضعيف ، لأنّه إسقاط حقّ وجب في المال وتمكّن من أدائه.

مسألة ١٢٥ : إذا حال الحول ولم يتمكّن من الأداء فتلف النصاب سقطت الزكاة‌ - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة والحسن بن صالح بن حي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر ، وحكاه أيضاً عن أحمد(٣) - لأنّها تجب على سبيل المواساة ، فلا تجب على وجه يجب أداؤها مع عدم المال وفقر من تجب عليه ، ولأنّها عبادة يتعلّق وجوبها بالمال فإذا تلف قبل إمكان أدائها سقط فرضها كالحج.

ولقول الباقرعليه‌السلام : « إذا أخرج الرجل الزكاة من ماله ثم سمّاها‌

____________________

(١) حلية العلماء ٣ : ٣١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٥ و ٣٧٧ ، الوجيز ١ : ٨٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٧ ، المغني ٢ : ٥٣٩ - ٥٤٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٠ - ٤٧١ ، المنتقى للباجي ٢ : ١٤٥.

(٢) الاُم ٢ : ٥٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٢.

(٣) المجموع ٥ : ٣٧٦ و ٣٧٧ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٧ - ٥٤٨ ، المغني ٢ : ٥٣٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧١ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٧٤ ، بدائع الصنائع ٢ : ٣ و ٢٢.

١٩١

لقوم فضاعت أو أرسل بها إليهم فضاعت فلا شي‌ء عليه »(١) .

وقال أحمد : لا تسقط الزكاة بتلف المال فرّط أو لم يفرّط ، لأنّه مال وجب في الذمة فلا تسقط بتلف النصاب كالدّين(٢) .

ونمنع الاُولى.

إذا ثبت هذا ، فلو تلف بعض النصاب قبل إمكان الأداء سقط عنه بقدر ما تلف وقال الشافعي في القديم : يسقط الجميع(٣) بناء على أنّ إمكان الأداء شرط في الوجوب.

مسألة ١٢٦ : لو تلف المال بعد الحول وإمكان الأداء وجبت الزكاة‌ عند علمائنا أجمع ، وبه قال الشافعي وأحمد والحسن بن صالح بن حي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر(٤) .

ولا فرق بين أن يكون من الأموال الظاهرة أو الباطنة ، ولا بين أن يطالبه الإِمام أو لا ، لأنّها زكاة واجبة مقدور على أدائها فإذا تلفت ضمنها كما لو طالبه الإِمام وكغير المواشي.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا وجد لها موضعاً فلم يدفعها فهو لها ضامن حتى يدفعها »(٥) .

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٥٣ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٦ / ٤٧ ، التهذيب ٤ : ٤٧ / ١٢٣.

(٢) المغني ٢ : ٥٣٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٠ ، الإِنصاف ٣ : ٤٠ - ٤١.

(٣) الاُم ٢ : ١٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٥ ، الوجيز ١ : ٨٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٨ - ٥٤٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢.

(٤) مختصر المزني : ٤٢ ، الاُم ٢ : ١٢ ، المجموع ٥ : ٣٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٠ ، المغني ٢ : ٥٣٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧١ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٢ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٧٤.

(٥) الكافي ٣ : ٥٥٣ / ١ ، الفقيه ٢ : ١٥ / ٤٦ ، التهذيب ٤ : ٤٧ / ١٢٥.

١٩٢

وقال أبو حنيفة : تسقط الزكاة بتلف النصاب بعد الحول وإمكان الأداء على كلّ حال إلّا أن يكون الإِمام أو الساعي طالبه بها فمنعها(١) .

ولا مطالبة عنده في الأموال الباطنة وإنما تتوجه المطالبة إلى الظاهرة فإذا أمكنه الأداء لم يلزمه الأداء إلّا بالمطالبة فإذا لم يؤدّ حتى هلكت فلا ضمان.

وقال أبو سهل الزجاجي من أصحابه : لا يضمن أيضاً وإن طالبه الإِمام بالأموال الظاهرة(٢) .

وقال مالك كقولنا في غير المواشي ، وفي المواشي كقول أبي حنيفة(٣) .

واحتجّوا بأنه أمين فإذا تلفت قبل مطالبة مَن له المطالبة لم يضمن كالوديعة.

والفرق : عدم وجوب الدفع قبل المطالبة في الوديعة وهنا تجب.

إذا ثبت هذا ، فعادم المستحق والبعيد عن المال ، وعدم الفرض في المال ، وفقدان ما يشتريه ، أو الساعي في طلب الشراء ، أو نحو ذلك غير مفرّطين.

مسألة ١٢٧ : لا تسقط الزكاة بموت المالك بعد الحول‌ وإن لم يتمكّن من إخراجها ، وتخرج من ماله وإن لم يوص عند علمائنا أجمع - وبه قال عطاء والحسن البصري والزهري وقتادة ومالك والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأحمد وابن المنذر(٤) - لأنّها حقّ واجب تصح الوصيّة به فلا تسقط بالموت كالدّين ،

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ٢٢ و ٥٢ - ٥٣ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٧٤ ، المغني ٢ : ٥٣٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧١ ، المجموع ٥ : ٣٧٧ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٠.

(٢) حلية العلماء ٣ : ١٠.

(٣) بداية المجتهد ١ : ٢٤٩ ، المغني ٢ : ٥٣٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧١.

(٤) المغني ٢ : ٥٤٠ - ٥٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٤ ، الشرح الصغير ١ : ٢١٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٩ ، الاُم ٢ : ١٥ ، المجموع ٥ : ٣٣٥ - ٣٣٦.

١٩٣

ولأنّها حق مالي واجب فلا يسقط بموت من هو عليه كدَيْن الآدمي.

وقال الأوزاعي والليث : يؤخذ من الثُلْث مقدّماً على الوصايا ، ولا يجاوز الثُلْث(١) .

وقال ابن سيرين والشعبي والنخعي وحمّاد بن أبي سليمان وداود بن أبي هند والبتي والثوري وأصحاب الرأي : لا تخرج بل تسقط إلّا أن يوصي بها فتخرج من الثلث ، ويزاحم بها أصحاب الوصايا ، لأنّها عبادة من شرطها النيّة فسقطت بموت من هي عليه كالصوم والصلاة(٢) .

ويمنع الأصل عندنا.

ومَن وافقهم يفرّق بأنّهما عبادتان بدنيّتان لا تصلح الوصية بهما ، ولا النيابة فيهما.

إذا ثبت هذا فإنّ الزكاة تسقط باسلام المالك إذا كان كافراً أصليّاً ، لأنّ الزكاة تجب عليه عندنا ، فإذا أسلم سقطت سواء تمكّن من الأداء أو لا ، وسواء تلفت بتفريطه أو أتلفها هو أو لا ، وسواء كانت العين باقيةً أو لا.

مسألة ١٢٨ : لو استفاد مالاً ممّا يعتبر فيه الحول ولا مال سواه‌ ، أو كان أقلّ من النصاب ، فبلغ بالمستفاد نصاباً ، انعقد حول الزكاة من حينئذٍ ، فإذا تمّ وجبت الزكاة إجماعاً ، وإن كان عنده نصاب ، فالمستفاد إن كان من نمائه ( كربح مال )(٣) التجارة ونتاج السائمة ، استقبل الحول بالفائدة من حال حصولها ، عند علمائنا أجمع - خلافاً للجمهور(٤) كافة - لأنّه مال منفرد بنفسه‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٤ ، المجموع ٥ : ٣٣٦.

(٢) المغني ٢ : ٥٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٤ ، المجموع ٥ : ٣٣٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ٥٣ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٥.

(٣) ورد في النسخ الخطية والحجرية : كمال. وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٤) المغني ٢ : ٤٩٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٣٧٣ ، فتح العزيز ٦ : ٦٥ - ٦٦ ، المنتقى للباجي ٢ : ١٤٤ - ١٤٥.

١٩٤

فكان له حكم نفسه ، ولا يجوز حمله على النماء المتصل باعتبار كونه تابعاً له من جنسه ، للمنع من علّية المشترك وثبوت الفرق.

وإن كان من غير جنس ما عنده ، فهذا له حكم نفسه ، لا يضمّ إلى ما عنده في حول ولا نصاب ، بل إن كان نصاباً ، استقبل به حولاً ، وزكّاه ، وإلّا فلا شي‌ء فيه ، وهو قول عامة أهل العلم(١) .

وحكي عن ابن مسعود وابن عباس : أنّ الزكاة تجب فيه حين استفاده(٢) .

وعن الأوزاعي فيمن باع داره أو عبده أنّه يزكّى الثمن حين يقع في يده إلّا أن يكون له شهر يعلم ، فيؤخّره حتى يزكّيه مع ماله(٣) .

وجمهور العلماء على خلافه(٤) ، ولم يقل به أحد من أئمة الفتوى.

ولو كان المستفاد من جنس نصاب عنده قد انعقد عليه حول بسبب مستقلّ بأن يكون له أربعون من الغنم مضى عليها بعض حول ، ثم ملك مائة فلا تجب فيه الزكاة حتى يمضي عليه حول أيضاً ، وبه قال الشافعي وأحمد(٥) .

لقولهعليه‌السلام : ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول )(٦) .

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « وكلّ ما لم يحل عليه حول عند ربه فلا شي‌ء عليه فيه »(٧) .

ولأنّه مملوك أصلاً فيعتبر فيه الحول شرطاً كالمستفاد من غير الجنس.

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٩٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦١ ، المجموع ٥ : ٣٥٦.

(٢) المغني ٢ : ٤٩٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦١ ، المجموع ٥ : ٣٦١ ، حلية العلماء ٣ :٢٥.

(٣ و ٤ ) المغني ٢ : ٤٩٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦١.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٣٦٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧ ، المغني ٢ : ٤٩٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٢.

(٦) سنن ابن ماجة ١ : ٥٧١ / ١٧٩٢ ، سنن الدارقطني ٢ : ٩١ / ٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٩٥.

(٧) التهذيب ٤ : ٤١ / ١٠٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٣ / ٦٥ ، والكافي ٣ : ٥٣٤ ( باب صدقة البقر ) الحديث ١ ، و ٥٣٥ ( باب صدقة الغنم ) الحديث ١.

١٩٥

وقال أبو حنيفة : يضمّه إلى ما عنده في الحول فيزكّيهما عند تمام حول المال الذي كان عنده إلّا أن يكون عوضاً عن مال مزكّى لأنّه يضمّ إلى جنسه في النصاب فوجب ضمّه إليه في الحول كالنتاج ، لأنّ النصاب سبب والحول شرط فإذا ضمّ في السبب فأولى أن يضمّ في الشرط(١) .

ونمنع الأصل.

مسألة ١٢٩ : إذا كانت إبله كلّها فوق الثنية تخيّر صاحبها‌ بين أن يشتري الفرض ، وبين أن يعطي واحدة منها ، وبين أن يدفع القيمة.

وإن كانت واحدة منها معيّنةً بقدر قيمة الفرض أجزأ بأن تكون عوراء إلّا أنّها سمينة ؛ لأنّه يجوز إخراج القيمة عندنا ، ولأنّ زيادة الثمن جبرت العيب بالصفة كابن اللبون المجزئ عن بنت المخاض.

وقال الشافعي : لا يجوز بناءً على عدم إجزاء القيمة(٢) .

مسألة ١٣٠ : لو كان له أربعون من الغنم في بلدين في كلّ واحد عشرون وجبت فيها شاة‌ وإن تباعدا ، وإن كان له في كلّ بلد أربعون وجبت شاة واحدة وإن تباعدا أيضاً ، وبه قال الشافعي(٣) .

لقولهعليه‌السلام : ( في أربعين من الغنم شاة )(٤) ولم يفصّل ، ولأنّه ملك لواحد فأشبه ما إذا كانا في بلدين متقاربين.

وقال أحمد : لا يجب عليه شي‌ء مع التباعد ، وفي الثاني(٥) تجب عليه‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٩٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٧١ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٦٤.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٧ ، المجموع ٥ : ٤٢٩ ، المغني ٢ : ٦٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢١.

(٣) الاُم ٢ : ١٩ ، حلية العلماء ٣ : ٥٧.

(٤) سنن أبي داود ٢ : ٩٨ / ١٥٦٨ ، سنن الترمذي ٣ : ١٧ / ٦٢١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٧ / ١٨٠٥ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩.

(٥) أي الفرع الثاني المذكور في صدر المسألة.

١٩٦

شاتان معه(١) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( لا يجمع بين متفرّق ولا يفرّق بين مجتمع )(٢) (٣) والمراد في الملك.

إذا ثبت هذا فإنّه يجزئ أن يخرج الشاة في أيّ البلدين شاء أو في غيرهما عندنا ؛ للامتثال فيخرج عن العهدة ، وهو أحد قولي الشافعي ، وفي الثاني : لا يجوز ؛ لما فيه من نقل الزكاة(٤) .

وهو ممنوع ، بل هو إخراج عمّا في البلد الآخر إرفاقاً بالمالك ؛ لما في تبعيض الحيوان من المشقّة.

مسألة ١٣١ : يجوز إخراج القيمة في الزكاة عن النقدين والغلّات‌ عند علمائنا أجمع ، واختلفوا في المواشي ، فجوّزه الأكثر(٥) أيضاً ، ومنع منه المفيد إلّا مع عدم الفريضة(٦) .

والوجه : الجواز مطلقاً على أنّ القيمة بدل لا على أنّها أصل في نفسها - وبه قال أبو حنيفة(٧) - لأنّ معاذاً كان يأخذ من أهل اليمن الثياب عوضاً عن الزكاة(٨) .

____________________

(١) أي : مع التباعد.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ١٤٥ ، سنن الترمذي ٣ : ١٩ / ٦٢١ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٠٤ / ١ و ٥ و ١٠٥ / ٧ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٨ / ١٥٦٨ و ١٠٠ / ١٥٧٢ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩ ، سنن الدارمي ١ : ٣٨٣ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٠٥.

(٣) المغني ٢ : ٤٨٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤٣ ، حلية العلماء ٣ : ٥٧.

(٤) راجع : حلية العلماء ٣ : ١٦٥.

(٥) منهم : السيد المرتضى في جمل العلم والعمل ( ضمن رسائله ) ٣ : ٧٥ ، والشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٥٠ ، المسألة ٥٩ ، والمحقق في المعتبر : ٢٦٤.

(٦) المقنعة : ٤١.

(٧) الاختيار لتعليل المختار ١ : ١٣٤ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٥٦ ، اللباب ١ : ١٤٤ ، المجموع ٥ : ٤٢٩ ، المغني ٢ : ٦٧١ - ٦٧٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢١ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٧.

(٨) صحيح البخاري ٢ : ١٤٤ ، سنن البيهقي ٤ : ١١٣.

١٩٧

ومن طريق الخاصة قول الكاظمعليه‌السلام وقد سأله أخوه عن الرجل يعطي عن زكاته عن الدراهم دنانير ، وعن الدنانير دراهم أيحلّ ذلك له؟ : « لا بأس »(١) .

وكتب البرقي إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام هل يجوز - جعلت فداك - أن يخرج ما يجب في الحرث الحنطة والشعير ، وما يجب على الذهب دراهم بقيمة ما يسوى أم لا يجوز إلّا أن يخرج من كلّ شي‌ء ما فيه؟ فأجابعليه‌السلام : « أيّما تيسّر يخرج »(٢) .

ولأنّ القصد بالزكاة سدّ الخلّة ورفع الحاجة وذلك حاصل بالقيمة فساوت العين ، ولأنّها وجبت جبراً لهم ومعونةً ، وربّما كانت الأعواض في وقت أنفع فاقتضت الحكمة التسويغ.

وقال الشافعي : لا يجوز إخراج القيمة في الزكاة بل يجب المنصوص - وبه قال مالك وأحمد ، إلّا أنّ مالكاً جوَّز إخراج كلٍّ من النقدين عن صاحبه على وجه البدل لا قيمة(٣) ؛ وعن أحمد في إخراج الذهب عن الورق قيمة روايتان(٤) - لأنّه عدل عن المنصوص عليه إلى غيره بقيمته فلم يجزئه ، كما لو أخرج سكنى دار ، أو أخرج نصف صاع جيّد عن صاع ردي‌ء(٥) .

وإنّما خصّص مالك بالذهب والفضّة ؛ لأنّهما يجريان مجرى واحداً وهما أثمان فجاز ذلك فيهما.

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٥٩ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٦ / ٥١ ، التهذيب ٤ : ٩٥ / ٢٧٢.

(٢) الكافي ٣ : ٥٥٩ ( باب الرجل يعطي عن زكاته العوض ) الحديث ١ ، الفقيه ٢ : ١٦ - ١٧ / ٥٢ ، التهذيب ٤ : ٩٥ / ٢٧١.

(٣) حلية العلماء ٣ : ١٦٧ ، المدونة الكبرى ١ : ٣٠٠ ، المنتقى للباجي ٢ : ٩٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢١.

(٤) المغني ٢ : ٦٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٠٥ - ٦٠٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٧.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٧ ، المجموع ٥ : ٤٢٨ - ٤٢٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢١.

١٩٨

ونمنع الأصل ، ولأنّ فيه تأخيراً للحقّ عن وقته ، وكذا نمنع عدم إجزاء نصف صاع جيّد بقيمة المجزئ ، وبالفرق بما فيه من شائبة الربا.

إذا عرفت هذا ، فإنّ القيمة المخرجة تخرج على أنّها قيمة لا أصل كما تقدّم ، وبه قال أبو حنيفة(١) .

وقال بعض أصحابه : الواجب أحد الشيئين فأيّما اُخرج كان أصلاً(٢) .

ويدفعه : التنصيص على المعيّن وإنّما عدل إلى القيمة ؛ للإِرفاق.

تذنيب : إنّما تعتبر القيمة وقت الإِخراج إن لم يقوّم الزكاة على نفسه ، ولو قوّمها وضمن القيمة ثم زاد السوق أو انخفض قبل الإِخراج فالوجه : وجوب ما ضمنه خاصة دون الزائد والناقص وإن كان قد فرّط بالتأخير حتى انخفض السوق أو ارتفع ، أمّا لو لم يقوّم ثم ارتفع السوق أو انخفض أخرج القيمة وقت الإِخراج.

مسألة ١٣٢ : قد بيّنا أنّ الزكاة تتعلّق بالعين‌ ؛ لسقوطها بتلف المال بعد الحول قبل إمكان الأداء.

ولقولهعليه‌السلام : ( في أربعين شاة شاة )(٣) .

وهل يصير أهل السُّهمان(٤) بقدر الزكاة شركاء لربّ المال؟ الأقرب : المنع - وهو أحد قولي الشافعي(٥) - وإلّا لما جاز للمالك الإِخراج من غيره.

ويحتمل - ضعيفاً - الشركة ، وبه قال مالك والشافعي(٦) - في الآخر - لأنّ للإِمام أخذها من عين النصاب قهراً إذا امتنع المالك من الأداء.

____________________

(١و٢) حكى القولين الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٥٠ ، المسألة ٥٩.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ٩٨ / ١٥٦٨ ، سنن الترمذي ٣ : ١٧ / ٦٢١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٧ / ١٨٠٥.

(٤) السُّهمان ، جمع ، واحدها : السهم. بمعنى : النصيب. الصحاح ٥ : ١٩٥٦ « سهم ».

(٥) المجموع ٥ : ٣٧٧ ، فتح العزيز ٥ : ٥٥١.

(٦) المجموع ٥ : ٣٧٧ ، فتح العزيز ٥ : ٥٥١ و ٥٥٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣.

١٩٩

ولا حجّة فيه ؛ لجواز أخذ المماثل للحقّ من الممتنع.

فعلى عدم الشركة لا خلاف في أنّ الزكاة تتعلّق بالمال ، فيحتمل تعلّق الدَّين بالرهن ؛ إذ لو امتنع المالك من الأداء ولم يشتمل المال على الواجب باع الإِمام بعض النصاب فيه كما يباع المرهون في الدَّين ، وتعلّق الأرش برقبة الجاني ؛ لأنّها تسقط بهلاك النصاب كما يسقط الأرض بهلاك الجاني ، والأخير مروي عن أبي حنيفة وأحمد(١) .

ولا فرق في جريان هذه الاحتمالات بين أن يكون الواجب من جنس المال أو من غير جنسه.

فإذا باع النصاب بعد الحول وقبل الإخراج فالبيع في قدر الزكاة يبنى على الأقوال ، فمن أوجبها في الذمّة جوّز البيع ، ومن جعل المال مرهونا فالأقوى الصحة - وهو أصحّ قولي الشافعي(٢) - لأنّه تعلّق ثبت بغير اختيار المالك ، ولا يثبت لمعيّن فيسامح فيه بما لا يسامح في سائر الرهون.

وإن قيل بالشركة فالأقوى الصحة أيضاً ، وهو أضعف قولي الشافعي ، على تقديره ؛ لعدم استقرار حقّ المساكين فإنّ له إسقاطه بالإِخراج من غيره ، وأصحّهما عنده : المنع ، لأنّهم شركاء ، وإن قيل : تعلّق أرش الجاني ؛ ابتنى على بيع الجاني(٣) .

والوجه ما قلناه من صحّة البيع مطلقاً ، ويبيع الساعي المال إن لم يؤدّ المالك فينفسخ البيع فيه على ما تقدّم.

ولو لم يؤدّ المالك من غيره ولم يأخذ الساعي من العين كان للمشتري الخيار ؛ لتزلزل ملكه ، ويعرض الساعي به متى شاء ، وهو أحد وجهي‌

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٥٥٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣ ، الانصاف ٣ : ٣٨.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٢ ، المجموع ٥ : ٤٦٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٥٣.

(٣) المجموع ٥ : ٤٦٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٥٣.

٢٠٠