تذكرة الفقهاء الجزء ٥

تذكرة الفقهاء17%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-45-0
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 190554 / تحميل: 6281
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٤٥-٠
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

ب - لو اُسر المالك لم تسقط الزكاة عنه إذا لم يمنع من التصرف في ماله ، وإن منع سقطت ، والغائب لا زكاة فيه إذا لم يكن في يد وكيله ولم يتمكن منه.

ج - لو مضى على المفقود سنون ثم عاد زكّاه لسنة استحباباً.

د - لو غصبت الماشية فلا زكاة على ما قلناه ، والموجبون قالوا : إن كانت سائمة في يد المالك والغاصب وجبت الزكاة ، وإن كانت معلوفة عندهما فلا زكاة قولاً واحداً.

وإن كانت معلوفة عند المالك سائمة عند الغاصب فوجهان : الوجوب لأن السوم من المالك يوجب الزكاة فكذا من الغاصب ، كما لو غصب بذراً فزرعه وجب العشر في الخارج.

والعدم لعدم رضا المالك بإسامتها فلا تجب عليه الزكاة بفعل الغاصب.

ولو سامها المالك وعلفها الغاصب فوجهان : الزكاة ؛ لأنّ علف الغاصب محرّم فلا يمنع من إيجاب الزكاة ، والسقوط ، لأنّ الشرط - وهو السوم - لم يوجد(١) .

والحقّ ما قلناه.

مسألة ١٢ : المرتد إن كان عن فطرة خرجت أمواله عنه في الحال إلى ورثته ، ولا تقبل توبته‌ ، بل يقتل في الحال فيستأنف ورثته الحول من حين انتقال الملك إليهم وتمكنهم منه.

ثم إن كان عن غير فطرة انتظر به العود ، فإن عاد إلى الإسلام بعد حلول الحول وجب عليه الزكاة بحلول الحول ، وإن لم يعد فقتل بعد حلول الحول ، أو لحق بدار الحرب وجب أن تخرج عنه الزكاة لبقاء ملكه إلى حين القتل ، ومنعه عن التصرف فيه مستند إلى اختياره لتمكنه من الرجوع إلى الإسلام.

____________________

(١) راجع : المغني ٢ : ٦٣٩ - ٦٤٠.

٢١

وللشافعي في مال المرتد مطلقاً ثلاثة أقوال : بقاء الملك ، وزواله ، وكونه موقوفاً ، فإن أسلم ظهر البقاء ، وإن قتل على الردّة ظهر الزوال ، فحكم الزكاة مبني عليه إن زال سقطت وإلّا وجبت(١) .

وقال أحمد : إذا ارتدّ قبل الحول وحال الحول مرتدّاً فلا زكاة عليه ، لأنّ الإسلام شرط في الوجوب(٢) .

وهو غلط ، لما بيّنا من أنّ الكفّار مخاطبون بالفروع.

قال : ولو رجع استأنف حولاً(٣) .

ولو ارتدّ بعد الحول لم تسقط الزكاة سواء كان عن فطرة أو لا - وبه قال الشافعي وأحمد(٤) - لأنّه حق وجب فلا يسقط كالدَّين.

وقال أبو حنيفة : تسقط ، لأنّ من شرطها النيّة فسقطت بالردّة كالصلاة(٥) .

والأصل ممنوع ، نعم لا يطالب بفعلها ، ولا تدخلها النيابة فإذا عاد وجبت عليه ، والزكاة تدخلها النيابة ويأخذها الإمام من الممتنع ، فإن أسلم بعد أخذها لم تلزمه إعادتها ، لأنّها سقطت عنه بأخذها ، ولو أخذها غير الإِمام ونائبه لم تسقط فإنه لا ولاية للآخذ عليه فلا يقوم مقامه ، بخلاف نائب الإمام.

ولو أدّاها في حال ردّته لم تجزئه ، لأنّه كافر فلا تصح منه كالصلاة.

مسألة ١٣ : الدَّين إن كان على مليّ باذل فلعلمائنا قولان : وجوب الزكاة فيه على صاحبه.

ورواه الجمهور عن عليعليه‌السلام ، وبه قال الثوري ، وأبو ثور ،

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٢٨ ، الوجيز ١ : ٨٧ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٨ ، حلية العلماء ٣ : ٨ - ٩.

(٢ و ٣ ) المغني ٢ : ٦٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٩.

(٤) المجموع ٥ : ٣٢٨ ، حلية العلماء ٣ : ٨ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٣ ، المغني ٢ : ٦٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٩.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ٤ ، المجموع ٥ : ٣٢٨ ، المغني ٢ : ٦٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٩ ، حلية العلماء ٣ : ٨.

٢٢

وأصحاب الرأي ، وأحمد ، إلّا أنهم قالوا : لا يلزمه إخراجها حتى يقبضه فيؤدّي لما مضى(١) .

وقال عثمان ، وابن عمر ، وجابر ، وطاوس ، والنخعي ، وجابر بن زيد ، والحسن ، وميمون ، والزهري ، وقتادة ، وحماد بن أبي سليمان ، وإسحاق ، وأبو عبيد ، والشافعي : عليه إخراج الزكاة في الحال وإن لم يقبضه ، لأنّه مالك قادر على أخذه والتصرف فيه فلزمه إخراج الزكاة عنه كالوديعة(٢) .

لقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن الرجل يكون له الدّين أيزكّيه؟

قال : « كلّ دَين يدعه هو إذا أراد أخذه فعليه زكاته ، وما كان لا يقدر على أخذه فليس عليه زكاة »(٣) .

وعدم الوجوب - وبه قال عكرمة ، وعائشة ، وابن عمر(٤) - لأنّه غير تام فلا تجب زكاته كعرض القنية.

ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سأله الحلبي ليس في الدين زكاة؟ قال : « لا »(٥) .

وسأل إسحاق أبا إبراهيمعليه‌السلام ، الدين عليه زكاة؟ فقال : « لا ، حتى يقبضه » قلت : فإذا قبضه يزكّيه؟ قال : « لا ، حتى يحول عليه الحول في يديه »(٦) .

وقال سعيد بن المسيب ، وعطاء بن أبي رباح ، وعطاء الخراساني :

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٤ ، حلية العلماء ٣ : ٩٢ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠٧ ، وفتح العزيز ٥ : ٢٠٢.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٥ ، حلية العلماء ٣ : ٩٢ ، المغني ٢ : ٦٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠٢ ، الأموال - لأبي عبيد - : ٤٣٩.

(٣) التهذيب ٤ : ٣٢ / ٨٢.

(٤) المغني ٢ : ٦٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٤ ، رحمة الاُمّة ١ : ١١٧.

(٥) التهذيب ٤ : ٣٢ / ٨٠.

(٦) التهذيب ٤ : ٣٤ / ٨٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٨ / ٧٩.

٢٣

يزكّيه إذا قبضه لسنة واحدة(١) .

فأما إن كان على معسر ، أو جاحد ، أو مُماطل فلا زكاة عليه عندنا ، لعدم تمكّنه منه ، فأشبه المغصوب ، وبه قال قتادة ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأهل العراق ، وأحمد في رواية(٢) .

وفي الثانية : يزكّيه إذا قبضه ، وبه قال الثوري ، وأبو عبيد(٣) .

لقول عليعليه‌السلام في الدين المظنون : « إن كان صادقاً فليزكّه إذا قبضه لما مضى »(٤) .

ولأنّه مملوك يجوز التصرف فيه فوجبت زكاته لما مضى كالدّين على الملي.

والرواية للاستحباب ، والأصل ممنوع ، والفرق : التمكّن.

فروع :

أ - لا فرق بين الحالّ والمؤجّل في عدم الوجوب فيه عند قائله ، لأنّ البراءة تصح من المؤجَّل فيكون ملكاً.

نعم هو في حكم الدَّين على المعسر ، لعدم تمكّن قبضه في الحال.

ب - لو منع البائع المشتري من المبيع فحال الحول لم تجب الزكاة ، لعدم التمكّن.

ولو مكّنه منه فلم يقبضه وحال الحول فإن كان معيّناً فالزكاة على المشتري ، وإن كان مطلقاً فكالدَّين ، وكذا المال المسلم فيه.

وللشافعي ثلاثة أقوال : القطع بمنع الوجوب ، لضعف الملك ، إذ لا ينفذ بيعه قبل القبض ، والقطع بالوجوب لتمكّنه من القبض ، والوجهان(٥) .

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٤.

(٢ و ٣ ) المغني ٢ : ٦٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٥.

(٤) سنن البيهقي ٤ : ١٥٠.

(٥) فتح العزيز ٥ : ٥٠٠ - ٥٠١.

٢٤

ج - إذا قبّض المشتري الثمن عن السلم ، أو عن غير المقبوض ، وحال عليه الحول فالزكاة على البائع لثبوت ملكه فيه ، فإن انفسخ العقد لتلف المبيع أو تعذّر المسلم فيه وجب ردّ الثمن ، والزكاة على البائع.

د - الدَّين المؤجّل لا زكاة فيه عندنا ، وللشافعي قولان ، أحدهما : أنه كالمغصوب إن تعذّر استيفاؤه لإِعسار أو جحود فيجري فيه القولان.

والثاني : أنّه كالغائب الذي يسهل إحضاره فتجب فيه الزكاة لحصول النماء في المدّة ، فإنّ الشي‌ء إذا بيع مؤجّلاً زيد في ثمنه.

وله ثالث : القطع بالمنع ، لأنّه لا ملك قبل الحلول.

وعلى تقدير الوجوب ففي وجوب الإِخراج في الحال قولان : الثبوت كالغائب الذي يسهل إحضاره ، والمنع إلى أن يقبض لأنّ خمسة نقداً تساوي ستّة فيؤدّي إلى الإِجحاف(١) .

ه - الدَّين إن لم يكن لازماً - كمال الكتابة عند الشيخ(٢) - لا زكاة فيه و - لو كان الدَّين نعماً فلا زكاة فيه ، ومن أوجبها في الدَّين توقّف هنا ، لأنّ السوم شرط وما في الذمة لا يوصف بكونه سائماً(٣) .

ويشكل بأنّهم ذكروا في السلم في الحيوان التعرّض لكونه لحم راعية أو معلوفة ، فإذا جاز أن يثبت في الذمة لحم راعية جاز أن تثبت راعية(٤) .

مسألة ١٤ : أوجب الشيخ في المبسوط الزكاة في الرهن‌ سواء تمكّن الراهن من فكّه أو لا - وبه قال الشافعي ، وأحمد(٥) - لوجود المقتضي وهو الملك.

قال : فإن كان للراهن مال سواه كلّف إخراج الزكاة منه ، لأنّ الزكاة من‌

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٥٠٢ ، مغني المحتاج ١ : ٤١٠ - ٤١١.

(٢) الخلاف ، كتاب المكاتب ، المسألة ١٧ ، المبسوط ٦ : ٩١.

(٣ و ٤ ) راجع فتح العزيز ٥ : ٥٠١ و ٩ : ٢٩٩.

(٥) المجموع ٥ : ٣٤٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠١ ، حلية العلماء ٣ : ٢١ ، المغني ٢ : ٥٤٣.

٢٥

مؤونة الرهن فتلزم الراهن كنفقة المضارب ، ولا تخرج من النصاب لتعلّق حقّ المرتهن ، والزكاة لا يتعيّن إخراجها منه.

وإن كان معسراً اُخذت الزكاة من الرّهن لتعلّق حقّ المساكين بالعين ، وحقّ المرتهن في الذمة فإنّه لو هلك رجع على الراهن بماله(١) .

وقال في الخلاف : لو كان له ألف واستقرض ألفاً ، ورهن هذه لزمه زكاة القرض دون الرهن(٢) .

وهو يعطي عدم وجوب الزكاة في الرهن ، وهو الوجه عندي ، لعدم تمكّنه منه سواء كان في يده أو في يد المرتهن أو غيرهما.

مسألة ١٥ : لا زكاة في المال الموقوف‌ ، لعدم تمكّنه من التصرّف بأنواعه ، ولعدم اختصاص أحد به.

وكذا مال الحبس والمعمّر ، لأنّ الملك وإن كان باقياً إلّا أنه ممنوع من التصرف فيه بأنواعه.

مسألة ١٦ : تسلّط الغير مانع من وجوب الزكاة‌ ، فلو نذر الصدقة بالنصاب ، فمضى الحول قبل الصدقة لم تجب الزكاة ، لتعلّق النذر بعين المال ، وكونه واجب الصرف إلى النذر قبل أن تجب فيه الزكاة ، وهو أصحّ وجهي الشافعي.

وله آخر : وجوب الزكاة ، لأنّ المال لا يتعيّن بتعيين الناذر ، والدّين لا يمنع الزكاة ، ولأنّه لم يخرج عن ملكه قبل الصدقة(٣) .

ونمنع القاعدتين(٤) ، والملك وإن كان باقياً إلّا أنّه ناقص لوجوب الصدقة‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٠٨ - ٢٠٩.

(٢) الخلاف ٢ : ١١٠ ، المسألة ١٢٩.

(٣) المجموع ٥ : ٣٤٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠.

(٤) من القاعدتين : عدم منع الدّين للزكاة ، ويأتي من المصنّفرحمه‌الله في الفرع « ب » وفي المسألة اللاحقة ما ينافي هذا المنع ، فلاحظ.

٢٦

به.

فروع :

أ - لو جعل هذه الأغنام ضحايا ، أو هذا المال صدقة بنذر وشبهه كان سقوط الزكاة فيه أقوى ، لانتقال المال عنه إلى ما نذره ، ولم يبق فيه حقيقة ملك.

ب - لو نذر الصدقة بعشرين ديناراً ولم يعيّن لم تسقط الزكاة عندنا ، سواء كان له أزيد أو لا ، لأنّ الدَّين لا يمنع الزكاة على ما يأتي(١) ، وهو أحد وجهي الشافعي بناءً على عدم منع الدَّين لضعف حقّ الله تعالى ، إذ لا مُطالب له فهو أضعف من دَين الآدمي(٢) .

ج - لو كان النذر مشروطاً فإشكال ينشأ من استصحاب الملك السالم عن معارضة تعلّق النذر لعدم الشرط الآن ، ومن تعلّق النذر به.

د - لو استطاع بالنصاب ووجب الحج ، ثم مضى الحول على النصاب فالأقرب عدم منع الحج من الزكاة لتعلّق الزكاة بالعين بخلاف الحج.

مسألة ١٧ : الدّين لا يمنع الزكاة‌ عند علمائنا أجمع ، فلو كان عليه دَين بقدر النصاب أو أزيد ، وحال الحول وجبت الزكاة سواء كان النصاب من الأموال الظاهرة - وهي الأنعام والغلّات - أو الباطنة - وهي النقدان - وبه قال ربيعة ، وحماد بن أبي سليمان ، والشافعي - في الجديد - وابن أبي ليلى(٣) ، لأنه حرّ مسلم ملك نصاباً حولاً فوجبت الزكاة عليه كمن لا دَين عليه ، وللعمومات.

ولأنّه لو لم تجب لم تجب في القرض لشغل الذمة بمثله والثاني باطل.

لقول الباقرعليه‌السلام ، وقد سئل عن زكاة القرض؟ فقال : « على‌

____________________

(١) يأتي في المسألة اللاحقة.

(٢) المجموع ٥ : ٣٤٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠.

(٣) المغني ٢ : ٦٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٥ ، المجموع ٥ : ٣٤٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠٥ ، مغني المحتاج ١ : ٤١١.

٢٧

المقترض لأنّه في يده »(١) .

وقال مالك ، والثوري ، والأوزاعي ، وعطاء ، وسليمان بن يسار ، وميمون ابن مهران ، والحسن ، والنخعي ، والليث ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي ، وأحمد : إنّ الدَّين يمنع من الزكاة في الباطنة(٢) .

وأما الظاهرة ، فقال مالك ، والأوزاعي ، والشافعي : إنّه لا يمنع(٣) ، وعن أحمد فيها روايتان(٤) .

واحتجّوا برواية ابن عمر : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : « إذا كان لرجل ألف درهم ، وعليه ألف درهم فلا زكاة عليه »(٥) .

ويحمل - مع صحّته - على اختلال شرط الوجوب.

فروع :

أ - قال أبو حنيفة : الدَّين يمنع في الأموال كلّها مع توجّه المطالبة إلّا في الغلّات ، لأنّ الواجب فيها عنده ليس صدقة(٦) .

ب - القائلون بأنّ الدَّين مانع شرطوا استغراق النصاب أو نقصه ، ولا وجه لقضائه سوى النصاب أو ما لا يستغنى عنه ، فلو كان له عشرون ديناراً وعليه‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٢٠ / ٦ ، التهذيب ٤ : ٣٣ / ٨٥ نقلاً بالمعنى.

(٢) الكافي في فقه أهل المدينة : ٩٥ ، مقدمات ابن رشد : ٢٥٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٦ ، المغني ٢ : ٦٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٤ ، المجموع ٥ : ٣٤٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٧ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠٦.

(٣) الكافي في فقه أهل المدينة : ٩٥ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٢٥٢ ، المجموع ٥ : ٣٤٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٧ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠٦ ، مغني المحتاج ١ : ٤١١ ، المغني ٢ : ٦٣٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٥.

(٤) المغني ٢ : ٦٣٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٤ - ٤٥٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٧ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠٦.

(٥) أوردها ابنا قدامة في المغني ٢ : ٦٣٣ ، والشرح الكبير ٢ : ٤٥٤.

(٦) اللباب ١ : ١٣٧ ، شرح العناية ٢ : ١١٧ ، المغني ٢ : ٦٣٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٦.

٢٨

دينار ولا وجه سوى العشرين فلا زكاة عندهم ، ولو كان له أحد وعشرون فعليه زكاة عشرين.

ولو كان له مائة من الغنم ، وعليه ما يقابل ستّين فعليه زكاة أربعين.

ولو كان عليه ما يقابل أحداً وستّين فلا زكاة(١) ، وعندنا تجب الزكاة.

ج - لو كان عليه دَين وله مالان من جنسين ، فعندنا تجب الزكاة ، فلا بحث.

والمانعون اختلفوا ، فقال بعضهم : يجعل الدّين في مقابلة ما الحظّ للمساكين في جعله في مقابلته ، فلو كان عليه خمس من الإِبل وله خمس من الإِبل ومائتا درهم فإن كانت عليه سلماً أو دية ونحوها ممّا يقضى بالإِبل جعل الدَّين في مقابلتها ووجبت زكاة الدراهم.

وإن كان قد أتلفها أو غصبها جعلت قيمتها في مقابلة الدراهم.

وإن كانت قرضاً فإن كانت إذا جعلت في أحدهما فضلت فضلة تنقص النصاب الآخر دون العكس جعلت على العكس ، لأنّ له ما يقضي به الدّين ، فلو كان له خمس من الإِبل ومائتا درهم ، وعليه ستّ من الإِبل قيمتها مائتان جعل الدَّين في مقابلة الدراهم.

ولو كان عليه مائتان وخمسون درهماً ، وله خمس من الإِبل تساوي الدَّين جعل الدَّين في مقابلة الإِبل.

ولو كان عليه مائة درهم ، وله مائتان ، وتسع من الإِبل تساوي الأربعة الزائدة المائة وجبت الزكاة فيهما(٢) .

د - لو كان أحد المالين لا زكاة فيه كمن عليه مائتان وله مائتان وعروض للقُنية يساوي الدَّين جعل الدّين في مقابلة العروض ، وبه قال مالك وأبو‌

____________________

(١) راجع المغني ٢ : ٦٣٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٦.

(٢) المغني ٢ : ٦٣٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٦.

٢٩

عبيد(١) .

وقال أصحاب الشافعي : إنّه مقتضى قوله ، لأنّه مالك للنصاب زيادة عن دَينه فوجبت عليه زكاتها ، كما لو كان جميع ماله جنساً واحداً(٢) .

وقال أبو حنيفة : يجعل الدَّين في مقابلة ما يقضى منه فلا زكاة هنا ، لأنّ الدَّين يقضى من جنسه ، وهو قول الليث بن سعد وأحمد(٣) .

ه- لو كان الدّين لله تعالى كالكفّارة والنذر لم يمنع الزكاة عندنا.

وأمّا المانعون في الآدمي ، ففيه(٤) وجهان : المنع كدَين الآدمي ، لأنّه دَين يجب قضاؤه.

وقالعليه‌السلام : « دَين الله أحقّ أن يقضى »(٥) .

وعدمه ، لأنّ الزكاة آكد ، لتعلّقها بالعين(٦) .

ولو نذر أن يتصدّق بخمسة دراهم فحال الحول على مائتي درهم لم يتداخلا ، لاختلاف سببهما.

وعند بعض الجمهور يتداخلان إن نوى الزكاة ، لأنّها صدقة(٧) .

و - لو حجر الحاكم عليه قبل الحول ، ثم حال الحول على الحجر فلا زكاة ، لعدم تمكّنه من التصرّف.

ولو حجر بعد الحول ووجوب الزكاة لم يمنع من إخراجها ، لأنّه واجب عليه متعلّق بالعين.

وقال بعض الجمهور : يمنع ، لانقطاع تصرّفه في ماله. وقيل بالسقوط‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٣٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٧ ، المدونة الكبرى ١ : ٢٧٢.

(٢) المجموع ٥ : ٣٥٠ ، المغني ٢ : ٦٣٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٧.

(٣) المغني ٢ : ٦٣٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٧.

(٤) أي : فلهم في دين الله تعالى وجهان.

(٥) صحيح البخاري ٣ : ٤٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٠٤ / ١٥٤.

(٦ و ٧ ) المغني ٢ : ٦٣٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٨.

٣٠

إذا حجر قبل إمكان الأداء كالتلف(١) . وليس بجيد.

ولو أقرّ بها بعد الحجر لم يقبل في حقّ الغرماء فتصير في ذمّته لا في المال ، ويحتمل القبول.

ولو صدّقه الغرماء أو ثبت بالبينة أو بالإِقرار قبل الحجر وجب إخراجها من المال.

ولو أقرّ الغرماء بها أخرجوها ، ولم يقبل في حق المديون إلّا مع تصديقه.

ز - لو جنى عبد التجارة تعلّق أرشها برقبته ، ومنع وجوب الزكاة فيه إن نقص عن النصاب عند المانعين ، لأنّه دَين.

ح - لو مات بعد الحول وتعلّق الزكاة ، وعليه دَين مستوعب قُدّمت الزكاة ، لتعلّقها بالعين قبل تعلّق الدَّين بها فإنّه إنّما يتعلّق بعد الموت ، وهو أحد أقوال الشافعي.

والثاني : تقديم حقّ الآدمي ، لاحتياجه ، كما يقدّم قطع القصاص على السرقة. والثالث : التوزيع ، لتساويهما(٢) . والحقّ ما تقدّم.

نعم لو كان عوضها كفّارة أو غيرها من الحقوق التي لا تتعلّق بالعين فإنّ الحقّ التقسيط.

مسألة ١٨ : لو استقرض الفقير النصاب وتركه حولاً وجبت الزكاة عليه‌ ، لأنّه مالك للنصاب متمكّن منه فوجبت عليه زكاته ، ومن خالف في المديون خالف هنا.

ولو شرط الزكاة على المقرض ، قال الشيخ : كانت زكاته على مالكه عملاً بالشرط(٣) .

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٨ - ٤٥٩.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٥١١ ، مغني المحتاج ١ : ٤١١.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٢١٣.

٣١

ولقول الصادقعليه‌السلام ، وقد سئل عن رجل استقرض مالاً ، وحال عليه الحول وهو عنده : «إن كان الذي أقرضه يؤدّي زكاته فلا زكاة عليه ، وإن كان لا يؤدّي أدّى المستقرض »(١) .

وفيه إشكال ، لأنّه حقّ عليه يفتقر إلى النية ، فلا يتعلّق بغيره بالشرط ، والحديث لا يدلّ على مطلوبه.

إذا ثبت هذا فإن قلنا : الدَّين لا زكاة فيه فلا بحث ، وإن أوجبنا فيه الزكاة فلا زكاة هنا على المالك ، لأنّ زكاته على المقترض فلا تجب فيه اُخرى على غيره.

ولقول الباقرعليه‌السلام : « زكاتها إن كانت موضوعةً عنده حولاً على المقترض » قلت : فليس على المـُقرض زكاتها؟ قال : « لا ، لا يزكّى المال من وجهين في عام واحد ، وليس على الدافع شي‌ء لأنّه ليس في يده [ شي‌ء ](٢) لأنّ المال في يد الآخر ، فمن كان المال في يده زكّاه » قال ، قلت : أفيزكّي مال غيره من ماله؟ فقال : « إنّه ماله ما دام في يده ، وليس [ ذلك المال ](٣) لأحد غيره - ثم قال - يا زرارة أرأيت وضيعة ذلك المال وربحه لمن هو؟ وعلى من؟ » قلت : للمقترض ، قال : « فله الفضل وعليه النقصان ، وله أن يلبس وينكح ويأكل منه ولا ينبغي له أن يزكّيه؟!(٤) بل يزكّيه فإنّه عليه »(٥) .

إذا عرفت هذا فإنّ القرض يجري في الحول بالقبض ، إذ قبضه شرط في الملك.

مسألة ١٩ : من ترك لأهله نفقةً بلغت النصاب فصاعدا‌ً ، وحال عليه‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٢٠ / ٥ ، التهذيب ٤ : ٣٢ - ٣٣ / ٨٣.

(٢) زيادة من المصدر.

(٣) زيادة من المصدر.

(٤) في التهذيب : « أن لا يزكّيه ».

(٥) التهذيب ٤ : ٣٣ / ٨٥ ، والكافي ٣ : ٥٢٠ / ٦ وفيه عن الإِمام الصادقعليه‌السلام

٣٢

الحول ، فإن كان حاضراً وجبت عليه الزكاة ، لأنّه مالك متمكّن لم يخرج عنه ملكه.

وإن كان غائباً فلا زكاة فيه ، أمّا على أهله ، فلعدم الملك في حقّهم ، وأمّا عليه ، فلأنّها في معرض الإِتلاف.

مسألة ٢٠ : عدم قرار الملك مقتضٍ لنقصه‌ ، فلو وهب نصاباً لم يجر في الحول إلّا بعد القبول والقبض ، لأنّ الملك إنّما يتمّ بهما ، فإن حال الحول على ملكه وجبت الزكاة.

وإن رجع الواهب قبل إمكان الأداء فلا زكاة على المتّهب ولا على الواهب وإن كان الرجوع بعد الحول.

ولو رجع الواهب قبل الأداء مع التمكّن منه قدّم حقّ الفقراء ، لتعلّقه بالعين حين الحول ، ولا يضمنه المتّهب كما لو تلف قبل رجوعه.

مسألة ٢١ : الموصى له إنّما يملك بأمرين : موت الموصي والقبول‌ ، فلو أوصى له بنصاب لم ينتقل إليه إلّا بهما ، فإذا مات الموصي وقَبِل ابتدأ الحول حينئذٍ ، لأنّه حين الملك ، وينبغي اشتراط القبض أو التمكّن منه.

وإن قلنا : القبول كاشف والملك يحصل بالوصيّة والموت فكذلك ، لقصور الملك قبله.

وأمّا الوارث فإنّما يملك بموت المورّث لا بصيرورة حياته غير مستقرة ، وإنّما يجري الحول من حين القبض أو تمكّنه منه ، فلو مات المورّث ولم تصل التركة إليه لم يعتدّ من الحول.

مسألة ٢٢ : لا تجري الغنيمة في الحول إلّا بعد القسمة‌ ، ولا يكفي عزل الإِمام بغير قبض الغانم ، فلو تأخّرت قسمة الغنيمة حولاً فلا زكاة ، لعدم استقرار الملك فإنّ للإِمام أن يقسّم بينهم قسمة بحكم فيعطي كلّ واحد من أيّ الأصناف شاء ، فلم يتمّ ملكه على شي‌ء معيّن ، بخلاف ما لو ورثوا ما تجب فيه الزكاة.

٣٣

هذا إذا كانت من أجناس مختلفة ، ولو كانت الغنيمة من جنس واحد فالوجه ذلك أيضاً ، لأنّ ملكهم في غاية الضعف ، ولهذا يسقط بالإِعراض ، وهو أحد وجهي الشافعي(١) ، وعن أحمد : الوجوب ، للملك(٢) .

أما لو اختاروا التملّك ومضى حول من وقت التملّك ، فإن كانت من جنس واحد وجبت الزكاة إن بلغ نصيب كلّ واحد منهم النصاب.

وإن كانت من أجناس مختلفة فلا زكاة سواء كانت جميعها ممّا تجب فيه الزكاة أو لا.

مسألة ٢٣ : لو آجر داره أربع سنين بمائة معجّلة فقبضها وجب عند كلّ حول زكاة الجميع‌ وإن كان في معرض التشطير ، وبه قال مالك والشافعي - في أحد القولين - وأحمد(٣) ، لأنّه ملكه ملكاً تامّاً بالعقد ، ويجوز التصرّف فيه بجميع أنواعه ، ولو كان جاريةً جاز له وطؤها.

وقال أبو حنيفة والشافعي في الثاني : لا يلزمه أن يخرج عند تمام كلّ سنة إلّا زكاة القدر الذي استقرّ ملكه عليه ، لأنّه قبل الاستقرار في معرض السقوط بالانهدام وهو يورث ضعف الملك(٤) . وينتقض بالصداق.

قالوا : فيخرج في السنة الاُولى زكاة ربع المال وهي : خمسة أثمان دينار ، لاستقرار الملك على الربع ، وعند تمام الثانية يستقرّ ملكه في خمسين وقد ملكها منذ سنتين ، فعليه زكاة خمسين لسنتين : ديناران ونصف ، لكنّه يحطّ عنه ما أدّى في الاُولى يبقى دينار وسبعة أثمان دينار ، وعند تمام الثالثة‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٥٣ - ٣٥٤ ، الوجيز ١ : ٦٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٢.

(٢) المغني ٢ : ٦٣٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٧.

(٣) المجموع ٦ : ٢٣ ، الوجيز ١ : ٨٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٤ ، المغني ٢ : ٦٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٦.

(٤) المجموع ٦ : ٢٤ ، الوجيز ١ : ٨٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٤ ، المغني ٢ : ٦٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٦.

٣٤

يستقرّ ملكه على خمسة وسبعين وقد ملكها منذ ثلاث سنين ، فعليه زكاتها لثلاث سنين : خمسة دنانير وخمسة أثمان دينار يحط ما أدّى في السنتين يبقى ثلاثة دنانير وثُمن ، وعند تمام الرابعة يستقرّ على الجميع وقد ملكه من أربع سنين فعليه زكاته لأربع [ سنين ](١) عشرة دنانير يحط عنه ما أدى ويخرج الباقي أربعة دنانير وثلاثة أثمان دينار(٢) .

تذنيب : لو كانت الاُجرة ديناً فهي كالدَّين إن أوجبنا الزكاة فيه وجبت هنا ، وإلّا فلا ، وبه قال أحمد(٣) .

وقال مالك وأبو حنيفة : لا يزكّيها حتى يقبضها ويحول عليها الحول ، لأنّ الاُجرة إنّما تستحق بانقضاء مدّة الإِجارة لا بالعقد(٤) .

مسألة ٢٤ : لو اشترى نصاباً جرى في الحول حين العقد‌ ، لأنّه حين الملك ، ولهذا يملك المشتري النماء المنفصل ، وبه قال أحمد(٥) ، وعند الشيخ بانقضاء الخيار(٦) - وبه قال مالك وأحمد في رواية(٧) - وإلّا لم يعد بالفسخ ، والملازمة ممنوعة. وكذا لو شرطا خياراً زائداً جرى في الحول من حين العقد أيضاً ، وعند الشيخ من حين انقضاء الخيار(٨) .

وقال أبو حنيفة : إن كان الخيار للبائع لم ينتقل ، وإن كان للمشتري خرج عن البائع(٩) ولم يدخل في ملك المشتري(١٠) . وليس بجيّد ، لاستحالة‌

____________________

(١) زيادة أثبتناها من المصدر.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٥١٤.

(٣) المغني ٢ : ٦٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٦.

(٤) المغني ٢ : ٦٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٦ ، والمنتقى للباجي ٢ : ١١٤.

(٥) المغني ٢ : ٦٤٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٧.

(٦) المبسوط للطوسي ١ : ٢٢٧ ، الخلاف ٢ : ١١٤ ، المسألة ١٣٥.

(٧) المغني ٢ : ٦٤٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٧.

(٨) المبسوط للطوسي ١ : ٢٢٧ ، الخلاف ٢ : ١١٤ ، المسألة ١٣٥.

(٩) أي : خرج عن ملك البائع.

(١٠) المغني ٢ : ٦٤٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٧.

٣٥

ملك بغير مالك.

وللشافعي ثلاثة أقوال : قولان كقولنا وقول الشيخ ، والثالث : أنّه مراعى ، فإن فسخاه ظهر عدم الانتقال ، وإن أمضياه ظهر الانتقال(١) .

فروع :

أ - لو كان الخيار أزيد من حول ففسخ البائع العقد بعد الحول فالزكاة على المشتري لتعلّقها بالعين ويسقط من الثمن ما قابل الفريضة سواء فسخ قبل تمكّنه من الأداء أو بعده.

ب - الحول ينقطع عن البائع بمجرّد العقد وإن كان الخيار له ، ولا فرق بين أن يقبض المشتري أو لا ، فلو تمّ الحول في مدّة الخيار المشروط ، أو تمّ وهما في المجلس فلا زكاة على البائع ، لانتقال ملكه عنه ، وهو أحد قولي الشافعي ، وفي الثاني : الزكاة على البائع بناء على عدم الانتقال(٢) .

ج - لو رُجّع المبيع إلى المالك أو ردّ عليه استأنف حولاً ، لأنّه ملك متجدّد حدث بعد زواله ، وكذا لو فسخ البيع في مدّة المجلس بخياره ، لأنّه لا يمنع نقل الملك.

د - لو حال الحول في مدّة الخيار فالزكاة على المشتري ، لأنّه مالكه ، وعلى قول الشيخ الزكاة على البائع.

فإن أخرجها من غيره فالبيع بحاله ، وإن أخرجها منه بطل البيع في المخرج دون الباقي ، لأنّ تفريق الصفقة لا يقتضي الفسخ.

وهل يثبت الخيار للمشتري؟ إشكال ينشأ من التفريق ، ومن تقدير وجوده عند العقد لعلم المشتري به.

وإن لم يخرجها حتى سلّمه إلى المشتري ، وانقضت مدّة الخيار لزم‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٤٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٧ ، المجموع ٥ : ٣٥١.

(٢) المجموع ٥ : ٣٥١ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠٤ ، و ٥١٧.

٣٦

البيع فيه ، وكان عليه الإِخراج من غيره ، كما لو باع ما وجبت الزكاة فيه.

مسألة ٢٥ : لو أصدقها نصابا ، فإن كان في الذمّة كان دينا‌ حكمه حكم الديون ، ولا فرق بين ما قبل الدخول وبعده ، لأنّه دين في الذمّة ، ولا بين أن يكون حيواناً أو غيره.

وقال الشافعي : لا زكاة في الحيوان ، لأنّ من شرط وجوب الزكاة السوم للنماء وهو غير حاصل في الدَّين(١) .

فإن طلّقها قبل الدخول وأخذت نصفه ، فإن أوجبنا الزكاة في الدّين وجب فيما قبضته دون ما لم تقبضه ، لأنّه دَين لم يتعوّض عنه ، ولم تقبضه فأشبه ما تعذّر قبضه لفلس أو جحود.

وكذا لو فسخت النكاح قبل الدخول فسقط المهر كلّه فلا زكاة.

وكذا كلّ دَين سقط قبل قبضه من غير إسقاط صاحبه ، أو يأس صاحبه من استيفائه ، لأنّ الزكاة مواساة فلا تلزم فيما لم يحصل.

فروع :

أ - لو كان الصداق عيناً ملكته بالعقد فتجب عليها الزكاة إذا حال عليه الحول سواء كان في يد الزوج الباذل أو في يدها وإن كان كلّه في معرض السقوط بالردّة ، والفسخ ، أو بعضه بالطلاق.

ب - لو كان الصداق نصاباً فحال عليه الحول ثم سقط نصفه وقبضت النصف فعليها زكاة المقبوض ، لأنّ الزكاة وجبت فيه ثم سقطت من نصفه لمعنى اختصّ به ، فاختصّ السقوط به.

ولو مضى عليه حول ثم قبضته كلّه زكّته لذلك الحول ، ولو مضت عليه أحوال قبل قبضه ثم قبضته زكّته لما مضى كلّه ما لم ينقص عن النصاب ، لأنّه مال تستحقّ قبضه ، ويجبر المديون على أدائه فوجبت فيه الزكاة كثمن المبيع ،

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٥٠١ و ٥١٣.

٣٧

وبه قال أحمد والشافعي(١) .

وقال أبو حنيفة : لا تجب عليها الزكاة ما لم تقبضه ، لأنّه بدل عمّا ليس بمال فلا تجب الزكاة فيه قبل قبضه كمال الكتابة(٢) .

ونمنع الأصل ، ويفرّق بعدم استحقاق قبضه فإنّ للمكاتب أن يمتنع من أدائه.

ج - لو قبضت صداقها قبل الدخول ومضى عليه حول ، فزكّته من العين ، ثمّ طلّقها الزوج رجع عليها بنصفه وكانت الزكاة من النصف الباقي فيرجع في عشرين جزءا من الغنم من تسعة وثلاثين جزءا ، وهو قول للشافعي وأحمد(٣) ، لقوله تعالى( فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ ) (٤) ولأنّه يمكنه الرجوع في العين فلم يكن له العدول إلى القيمة.

وقال الشافعي في بعض أقواله : يرجع الزوج بنصف الموجود ونصف قيمة المخرج ، لأنّه لو تلف الكلّ رجع عليها بنصف قيمته فكذلك إذا تلف البعض(٥) .

والجواب : الفرق بأنّه مع تلف الكلّ لا يمكنه الرجوع في العين.

وله قول ثالث : التخيير بين نصف الموجود ونصف قيمة المفقود ، وبين نصف قيمة الكلّ(٦) ، لأنّه قد تبعّض عليه حقّه فلم يمكنه الرجوع إلى نصف العين فكان له العدول إلى القيمة.

والوجه عندي الرجوع في نصف الموجود ، والمطالبة بعوض الزكاة إمّا‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥١ ، المجموع ٦ : ٢٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٣.

(٢) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٤ ، المغني ٢ : ٦٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥١ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٣.

(٣) المجموع ٦ : ٣٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٣ ، المغني ٢ : ٦٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥١.

(٤) البقرة : ٢٣٧.

(٥) المجموع ٦ : ٣٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٣ ، المغني ٢ : ٦٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥١.

(٦) المجموع ٦ : ٣٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٣‌

٣٨

مِثلاً أو قيمةً على التفصيل.

ولو زكّته من غير العين كان له الرجوع في نصف العين.

د - لو طلّقها بعد الحول وقبل الإِخراج ، قال الشيخ : فإن أخرجتها من عين المال أخذ الزوج نصف الباقي ، وإن أخرجتها من غيره فكذلك.

وإن لم تكن أخرجت لكن اقتسمت هي والزوج الصداق كان ما أخذه الزوج صحيحاً ، وعليها فيما أخذته حقّ الصدقة ، فإن هلك نصيبها وبقي نصيب الزوج كان للساعي أن يأخذ حقّه من نصيب الزوج ، ويرجع الزوج عليها بقيمته ، لأنّ الزكاة تجب في العين دون الذمة(١) .

وهذا القول من الشيخ يشعر بأنّ لها أن تخرج من العين ، وبه قال الشافعي(٢) .

ومنع أحمد من ذلك ، لأنّ حقّ الزوج تعلّق به على وجه الشركة ، والزكاة لم تتعلّق به على وجه الشركة(٣) .

ه- للشافعي في جواز القسمة قبل أداء الزكاة على تقدير تعلّقها بالعين ، وجهان : المنع ، لأنّ المساكين شركاء معهما فلا تجوز القسمة دونهم ، والجواز ، لأنّ للمالك الدفع من أيّ الأموال شاء ، فحينئذٍ للساعي الأخذ من نصيب الزوجة كلّ الزكاة ، لأنّها وجبت عليها قبل ثبوت حقّ الزوج ، فإذا لم يجد لها مالا أخذ من نصيب الزوج ، لأنّ الزكاة وجبت بسببه.

فإذا أخذ الزكاة ففي بطلان القسمة وجهان : البطلان ، لتعيّن حقّ الفقراء في المال المقسوم ، وعدمه ، لأنّ تعيينه حصل بعد صحّة القسمة ، ويرجع الزوج عليها بقيمة الزكاة(٤) .

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٠٨.

(٢) الاُم ٢ : ٢٥ ، المجموع ٦ : ٣١.

(٣) المغني ٢ : ٦٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٢.

(٤) المجموع ٦ : ٣٠ و ٣١.

٣٩

و - لو كان الصداق ديناً فأبرأته منه بعد الحول فالزكاة عليها على تقدير وجوب الزكاة في الدَّين - وهو إحدى الروايتين عن أحمد - لأنّها تصرّفت فيه فأشبه ما لو قبضته.

والثانية : الزكاة على الزوج ، لأنّه ملك ما ملك عليه فكأنّه لم يزل ملكه عنه(١) .

وهو غلط ، فإنّ الزوج لم يملك شيئاً ، بل سقط الدَّين عنه.

ويحتمل عدم الوجوب ، فإنّ المرأة لم تقبض ، فلم تلزمها زكاته ، كما لو سقط بغير إسقاطها.

وكذا البحث في كلّ دين أبرأه صاحبه منه بعد الحول.

ز - لو طلّقها بعد الحول قبل الدخول والتمكّن من الأداء وجبت الزكاة وإن استحقّ الزوج النصف قبل التمكّن من الأداء ، بخلاف التالف ، لأنّ العين هنا باقية وقد أخذت عوضها وهو البضع ، بخلاف التالف ، إذ لا عوض له.

ح - لو تلف النصف بتفريطها تعلّق حقّ الساعي بالعين ، وضمنت للزوج.

مسألة ٢٦ : اللقطة إنّما تملك بالتعريف حولاً‌ ، ونيّة التملّك على الأقوى ، فلا تجري في حول الزكاة حتى يمضي حول التعريف ، ثم ينوي التملّك فحينئذٍ يستقبل الحول ، وبه قال الشافعي(٢) .

وعند الشيخ تملك بمضيّ التعريف حولاً وإن لم ينو التملّك(٣) ، وهو ظاهر مذهب أحمد(٤) .

وإذا ملكها وجب عليه مثلها أو قيمتها إن لم تكن مثليّةً ، وبه قال‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٤٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٢.

(٢) المغني ٢ : ٦٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٣ ، وانظر : المجموع ١٥ : ٢٦٧.

(٣) النهاية : ٣٢٠.

(٤) المغني ٢ : ٦٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٣.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

وهذا الحديث عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه إشارة وإذن لزيارة الامام الرضاعليه‌السلام لأنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول عنه القرآن الكريم :( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ
يُوحَىٰ
) وكذلك قوله سبحانه وتعالى :( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ
فَانتَهُوا
) وبهذا نخاطب لمن يخطّأنا في زيارة العترة الطاهرة ونقول لهم إنّما نأتي لزيارتها تلبية لنداء الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته الطاهرين وهم أعلم بالشرع من غيرهم لأنّ الذكر نزل في بيوتهم ، وأهل البيت أدرىٰ بالذي فيه

الفائدة الثانية : أفاد الامام الهاديعليه‌السلام ان موضع قبره لبقعة من بقاع الجنة ، وفي هذا المضمون روايات كثيرة عن الأئمةعليهم‌السلام نتبرّك بقسم منها ، ما روي عن الامام محمد الجوادعليه‌السلام قال : « إنَّ بين جبلي طوس قبضة قبضت من الجنة »(١) وكذلك يدلّ على ذلك ما روي عن الامام الرضاعليه‌السلام : « إنّ في خراسان بقعة سيأتي عليها زمان تكون مختلف الملائكة لا تزال تهبط فيها فوج من الملائكة وتصعد فوج حتى ينفخ في الصّور ، فقالوا يابن رسول الله وما هي هذه البقعة ؟ قال : هي بأرض طوس ، وإنّها والله روضة من رياض الجنّة من زارني فيها كان كما لو زار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله »(٢) إضافة هلی روايات كثيرة في هذا المعنى

الفائدة الثالثة : أفاد الامام الهاديعليه‌السلام إنّ زائر الرضاعليه‌السلام يعتق من النار إذا زاره
مؤمناً ، يسكن الجنة وفي هذا المعنى روايات كثيرة منها ما روي عن النبي
الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « ستدفن بضعة منّي بخراسان ما زارها مؤمن إلّا أوجب الله له
الجنة وحرّم جسده على النار » (٣) وكذلك ما روي عن الامام الجواد عليه‌السلام قال :
___________________

(١) من لا يحضره الفقيه ( للشيخ الصدوق ) : ٥٧١ نقلاً عن مفاتيح الجنان ( للقمي )

(٢) نفس المصدر السابق

(٣) نفس المصدر السابق راجع للمفاتيح

٢٢١

« ضمنت لمن زار أبي بطوس عارفاً بحقّه الجنّة على الله تعالى » وهذه الرواية قيّد الامام الجواد قيداً وهو أن يكون الزائر على معرفة بحقّ أبيه الرضاعليه‌السلام ومن هذه الحقوق أولاً ان يعرف انه امام مفترض الطاعة ثاني انه غريب شهيد ثالثاً له حق برسول الله لأنّ ولده وقد أوصانا في القرآن الكريم :( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا
الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ
) إلى آخر حقوقهعليه‌السلام

الفائدة الرابعة : قضاء الحوائج عند قبر الامام الرضاعليه‌السلام : إنّ الله عز وجل هو قاضي الحاجات لكن جعل أبواباً وأسباباً لقضاء هذه الحوائج ومن جملة الأسباب الناجحة لقضاء الحوائج هي زيارة الامام الرضاعليه‌السلام سواء كان مشياً على الأقدام أو مطلق الزيارة وجعل الإمام الهاديعليه‌السلام بعض الشروط منها أن يكون الزائر على غسل والغسل من مستحبات الزيارة لكن في هذه النقطة من أسباب ودواعي قضاء الحاجة ، ثانياً الصلاة عند الرأس الشريف للإمام الرضاعليه‌السلام وهنا أطلق الامام الهاديعليه‌السلام الصلاة وماذا يقرأ فيها لكن يستفاد من بعض الكتب يقرأ في الركعة الأُولى بعد الحمد سورة يس ، وفي الركعة الثانية بعد الحمد سورة الرحمن ، ويمكنه أن يقتصر على مطلق الركعتين حيث أنّ الامام الهاديعليه‌السلام أطلق الركعتين ولم يقيّد بسور مخصوصة والشرط الثالث أن يقنت في أثناء الصلاة ويسمي حاجته الشرط الرابع أن لا تكون في هذه الحاجة قطيعة رحم أو إثم ، أيّ الحاجات المشروعة

لماذا تقضىٰ الحوائج عند قبر الامام الرضاعليه‌السلام ؟

وللجواب على هذا السؤال نذكر مجموعة أُمور :

أولاً : الامام المعصومعليه‌السلام يجسّد رحمة الله في أرضه وهو من أبرز مظاهر رحمة الله في أرضه ، ورحمة الله سبقت غضبه ، وقبر الامام المعصومعليه‌السلام تفاض

٢٢٢

عليه الرحمات الإلهية ثم منه تفاض على الزائر والمتوسل وإليه أُشير في زيارة الامام الرضاعليه‌السلام التي رواها المحدث القميقدس‌سره في المفاتيح : ٥٧٥ :« اَللّٰهُمَّ اِلَيْكَ
صَمَدْتُ مِنْ اَرْضي ، وَقَطَعْتُ الْبِلٰادَ رَجٰاءَ رَحْمَتِكَ فَلٰا تُخَيِّبْني ، وَلٰا تَرُدَّني بِغَيْرِ
قَضٰآءِ حٰاجَتي »
وفي الزيارة الجامعة الكبيرة« اَلسَّلٰامُ عَلَيْكُمْ يٰا اَهْلَ بَيْتِ
النُّبُوَّةِ ، وَمَوْضِعَ الرِّسٰالَةِ ، وَمُخْتَلَفَ الْمَلٰۤائِكَةِ ، وَمَهْبِطَ الْوَحْيِ وَمَعْدِنَ الرَّحْمَةِ »
إذن هم معدن الرحمة

ثانياً : لجاههم الوجيه عند الله عزّ وجل ولكرامتهم على الله عزّ وجل تقضى الحوائج عند قبورهم فيكونوا شفعاء للزائر عند الله سبحانه في قضاء حاجته وإليه أشير في الزيارة الجامعة الكبيرة« مُسْتَجيرٌ بِكُمْ ، زٰآئِرٌ لَكُمْ لٰۤائِذٌ عٰآئِذٌ بِقُبُورِكُمْ ،
مُسْتَشْفِعٌ اِلَى اللهِ عَزَّوَجَلَّ بِكُمْ ، وَمُتَقَرِّبٌ بِكُمْ اِلَيْهِ ، وَمُقَدِّمُكُمْ اَمٰامَ طَلِبَتي ، وَحَوٰآئِجي
وَاِرٰادَتي في كُلِّ اَحْوٰالي وَاُمُوري »

شفاء بصر العلامة الحجة السيد حسين الطباطبائي آل بحر العلوم :

حيث قصد العلامة السيد حسين آل بحر العلوم قبر الامام الرضاعليه‌السلام من الغريّ ونظم قصيدة قرأها عند الرضاعليه‌السلام فمنّ الله عليه بالعافية ببركة الامام الرضاعليه‌السلام حيث قال في خطابه :

قصدت قبرك من أرض الغري ولا

يخيبُ الله راجي قبرك العطرِ

رجوت منك شفاعيني وصحتها

فامنن عليّ بها واكشف قذى بصري

  

أقول هذا العلّامة قصده ووصل إلى حضرته الشريفة وانشد القصيدة وحدثت الكرامة ، لكن أخته فاطمة المعصومة كريمة أهل البيت شقيقة الإمام الرضاعليه‌السلام أُخته لأُمّه وأبيه هذه لم يحالفها الحظ لرؤية أخيها هذه أقبلت أولاً لشوقها لروية

٢٢٣

أخيها الرضاعليه‌السلام وثانياً أرادت أن تقف إلى جنب أخيها الرضاعليه‌السلام كما وقفت الحوراء زينب بإزاء أخيها الحسينعليه‌السلام وكيف نصرته بكل ما تستطيع وثالثاً : لما ينقل في بعض الكتب أنّ الرضاعليه‌السلام كتب إليها كتاباً ، وكتب الإمام الرضاعليه‌السلام وهو في خراسان إلى السيدة الزكية فاطمة المعروفة بالسيدة معصومة ( كريمة أهل البيت ) أن تلحق به ، فقد كانت أثيرة عنده ، وعزيزة عليه ، ولما انتهى الكتاب إليها تجهّزت وسافرت إليه(١) ولما وصلت إلى ( ساوه ) مرضت فسألت عن المسافة بينها وبين ( قم ) فقيل لها عشرة فراسخ فأمرت بحملها إلى قم فحملت إليها ونزلت في بيت موسى الخزرج الذي خرج لاستقبالها في موكب مهيب وأخذ بزمام ناقتها وأقدمها إلى داره فبقيت عنده سبعة عشر يوماً ثم انتقلت إلى حضيرة القدس

هذا ما هو مذكور في الكتاب التأريخية وما نقله المحدث القمي في سفينة البحار وغيرها ولكن تناقل على ألسن بعض الخطباء ولا أدري لعلّهم أطلعوا سابقاً على مصدر لم نعثر عليه وهي أنّهاعليها‌السلام لما وصلت إلى قم رأت اعلام سود منشورة فسألت ما الخبر فقيل لها انّ الرضاعليه‌السلام مات مسموماً فشهقت من حينها ومات حزناً على أخيها

گصدت للنزل تعدي

او گامت تنشد النسوان

عليمن هالاعلام السود

تخفج والنزل حزنان

صاحن مات ابو محمد

غريب الدار بخريسان

صاحت والدمع سچاب

اخته موچبه اعلى الباب

تعنه النزل شيب او شاب

كلها تلطم الفرگاه

او منها العين همّاله

             

  

___________________

(١) نقلاً عن حياة الامام الرضا ( للقرشي ) : ٣٥١ نقلاً عن جوهرة الكلام : ١٤٦

٢٢٤

لمّن شافت الوادم

تتصارخ لفت ليها

كلها تجذب الونه

او تنعه ابفگد واليها

طاحت على الوجه عالگاع

لاچن انغمه اعليها

لفوا ليها يشوفوها

وبفگده يعزوها

من گاموا یحرچوها

لنها امفارجه الدنيا

اعلى اخيها المامش امثاله

             

  

ماتت حين ما سمعت

ابموت الرضا المعصومه

ما شافت ترضه الخيل

والدم غير ارسومه

الله ايساعدچ عالضيم

يا زينب المظلومه

شافت وليها اعلى الثره

والشمر يگطع منحره

او جثته ابدمها امعفره

             

  

المعصومه اخوها انشال

فوگ الروس واتشيّع

او جسمه الطاهر اتغسل

ابدال الماي بالمدمع

وزينب شافت المظلوم

جسمه اعله الثره امگطع

اوراحت يسيره اويه العده

اوياها اليتامه امگيده

اوراسه اعلى عسال انهده

او عگب احسين محملها

خوله او زجر يبراله

             

  

ايسوقها زجر يضرب متونها

والشمر يحدوها بسبّ أبيها

  

٢٢٥

علم الامام الرضاعليه‌السلام

ما شجاني ذكراي رسماً دريسا

أقفر البين ربعه المأنوسا

لا ولم تجر أدمعي لظعون

سار فيها الحادي يسوق العيسا

بل بكائي وحسرتي لغريب

شردوه فحلّ بالرغم ( طوسا )

يابن موسى لا ينقضي لك حزني

لك حزني لا ينقضي يابن موسى

لست أنساك حين جرعك الخا

ئن بالعهد سمّه المدسوسا

قسماً في علو شأنك يابن

المصطفى واليمين ليست غموسا

إنّ يوماً أرداك سمّ بني

العباس فيه قد كان يوماً عبوسا

يا إماماً يرفع نعشك خلنا

رفع الله للسما إدريسا

شيّعت نعشه النفوس ولكن

رزؤه شيّع الأسى والنفوسا

  

يا بني العباس چم الكم جرح

حدر ضلع المصطفى او طعنة رمح

او دم مدامع فاطمه منكم تسح

حيث خليتوا الچبد منها خذم

  

آه من مامونكم لعنه وجب

گطع حبل الوصل گص حبل النسب

سم ابن موسى يويلي بالعنب

او يظن غيره بالفعل دونه انتهم

  

٢٢٦

ظل ابو محمد حليف او سادته

مثل عمه الحسين يجذب ونته

آه والسم لعد گلبه فتته

ايلوج مثل احسين من صابه السهم

  

بعث لخته خبر حاله المبتلي

يختي گومي امن المدينه او عجّلي

من وصل ليها الطارس من علي

او قرت مكتوبه الچبد منها انجسم

  

غدت دمع العين دم اتفايضه

وسَرَّعت بالسفر سچت بالفضه

گبل ما توصل او لن ناعي الرضا

مات فخر العرب بديار العجم

  

من سمعت أخوها مات شهگت والدمع همّال

اجو ليها يحركوها لگوها سلّمت بالحال

غريبه بالدرب ماتت ونعشها شيعوه وانشال

وغريب الطف بگه مطروح وعليه زينب دمعها سال

     

  

علم الامام الرضاعليه‌السلام :

عن الامام الصادقعليه‌السلام : « يا بني إنّ لفي صلبك عالم آل محمد سمّي جدّي أمير المؤمنين ليتني أدركته »

المقدمة :

شخصية الامام الرضاعليه‌السلام فهي ملء فم الدنيا في فضائلها ومواهبها وقد قال الامام الكاظمعليه‌السلام لأولاده : « هذا أخوكم علي بن موسى عالم آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله سلوه

٢٢٧

عن أديانكم واحفظوا ما يقول لكم » وقال إبراهيم بن العباس الصولي الكاتب المبدع والشاعر المشهور قال « ما رأيت ولا سمعت بأحد أفضل من أبي الحسن الرضا ومن زعم أنه رأى مثله في فضله فلا تصدقه »(١) وقال ابو الصلت الهروي : « ما رأيت أعلم من علي بن موسى الرضا ولا رآه عالم إلّا شهد له بمثل شهادتي ، ولقد جمع المأمون في مجلس له عدداً من علماء الأديان وفقهاء الشريعة والمتكلمين فغلبهم عن آخرهم ، حتى ما بقي منهم أحد أقرّ له بالفضل وأقرّ على نفسه بالقصور »

١ ـ علمه بالقرآن الكريم :

١ ـ قوله تعالى( إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى
الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ
) (٢) استدلّ الامام الرضاعليه‌السلام بهذه الآية الكريمة حينما سأله المأمون هل فضّل الله العترة على سائر الأُمة ؟ فقالعليه‌السلام إنّ الله عزّ وجل أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه ، فقال المأمون ، وأين ذلك من كتاب الله ؟ فقالعليه‌السلام في قول الله( إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ
عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ
) إنّ العترة داخلون في آل ابراهيم لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من ولد ابراهيم وهو دعوة إبراهيم وعترته منه(٣)

٢ ـ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ) (٤) ، سأل علي بن محمد
ابن الجهم الامام الرضا عليه‌السلام في مجتمع حاشد فقال له : يابن رسول الله أتقول بمهمة
___________________

(١) كشف الغمة

(٢) سورة آل عمران : الآية ٣٣ ـ ٣٤

(٣) مواهب الرحمن ٥ / ٣٢٨

(٤) سورة يوسف : الآية ٢٤

٢٢٨

الأنبياء ؟ فقال نعم ما تقول في قوله تعالى في يوسف ولقد همّت به ، وهمّ بها ؟ فأجابهعليه‌السلام بتفسير الآية وانه ليس كما توهم من الآخذ بظاهره قائلاً : « إنها ـ أي زليخا ـ همّت بالمعصية ، وهمّ يوسف بقتلها ان أجبرته لعظيم ما تداخله ، فصرف الله عنه قتلها وهو قوله عزّ وجل( كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ) »(١)

٣ ـ( قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) (٢) سأل محمد بن عبيدة الامام الرضاعليه‌السلام عن تفسير قوله تعالى « لما خلقت بيدي » قالعليه‌السلام : « يعني بقدرتي وقوتي »(٣)

٢ ـ علم الفقه :

أ ـ قضاء النوافل : روى محمد بن يحيى قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضاعليه‌السلام تكون علي الصلوات النافلة حتى أقضيها ؟ فكتبعليه‌السلام في أي ساعة شئت من ليل أو نهار وأفتى فقهاء الامامية على ضوء هذه الرواية وغيرها مما أثر عن أئمة الهدىعليهم‌السلام استحباب قضاء الرواتب ، وإذا عجز عن القضاء استحب له الصدقة عن كل ركعتين مد

ب ـ الصلاة إلى جانب قبر النبي : فقد روى الحسن بن علي بن فضال قال : رأيت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام وهو يريد أن يودع للخروج إلى العمرة فأتى القبر من موضع رأس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولزق بالقبر ثم انصرف حتى أتى القبر فقام إلى جانبه يصلّي فألزق منكبه الأيسر بالقبر من الاسطوانة المخلقة التي عند رأس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فصلّى ست ركعات أو ثمان ركعات

___________________

(١) الميزان ١١ / ١٦٦

(٢) سورة ص : الآية ٧٥

(٣) الميزان ١٧ / ٢٢٩

٢٢٩

ج ـ العمل للسلطان الجائر : روى الحسن بن الحسين الأنباري عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال كتبت إليه أربع عشرة سنة استأذنه في عمل السلطان ، فلما كان في آخر كتاب كتبته إليه اذكر أني أخاف على خيط عنقي ، وان السلطان يقول لي انك رافضي ، ولسنا نشك في أنك تركت العمل للسلطان للرفض ، فكتب إلى أبو الحسنعليه‌السلام فهمت كتابك وما ذكرت من الخوف على نفسك ، فان كنت تعلم أنك إذا وليت عملت في عملك بما أمر به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم تصير أعوانك وكتابك أهل ملتك ، وإذا صار إليك شيء واسيت به فقراء المؤمنين حتى تكون واحداً منهم كان ذا بذا وإلّا فلا(١)

٣ ـ علم الحديث :

أ ـ سئل الرضاعليه‌السلام عن قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم » وعن قوله : « دعوا لي أصحابي » فقالعليه‌السلام : هذا صحيح يريد من لم يغيّر بعده ، ولم يبدل ، قيل : وكيف يعلم أنهم قد غيّروا أو بدلوا ؟ قال : لما يرونه من أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال ليذادن برجال من أصحابي يوم القيامة عن حوضي ، كما تذاد غرايب الابل عن الماء ، فأقول : يا رب أصحابي ، أصحابي ! فيقال لي : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : بعداً لهم وسحقاً أفترى هذا لمن لم يغير ولم يبدّل

أقول : ليست الصحبة عاصمة عن الخطأ ، ففي الصحابة سمرة بن جندب ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة وغيرهم من رؤوس النفاق والضلال

___________________

(١) الوسائل ١٢ / ١٤٥ عن فروع الكافي ١ / ٣٥٩

٢٣٠

٤ ـ علم الطب :

لم تقتصر علوم الامام الرضاعليه‌السلام على أحكام الشريعة الإسلامية الغراء ، وإنما شملت جميع أنواع العلوم والتي منها علم الطب ، فقد كان علماً من أعلامه ومتمرساً بجميع فروعه ، ويدلل على ذلك بصورة واضحة الرسالة الذهبية التي كتبها للمأمون العباسي بعد طلب منه علماً إنّ الامام الرضاعليه‌السلام أدلى بهذه الرسالة لمّا حضر مجموعة من الأطباء منهم :

١ ـ يوحنا بن ماسويه

٢ ـ جبريل بن بختيشوع

٣ ـ صالح بن بهلة الهندي ، إضافة إلى المأمون العباسي

ونظراً لأهمية هذه الرسالة فقد عكف على شرحها وترجمتها مجموعة من العلماء منهم :

أولاً : السيد الامام ضياء الدين أبي الرضا فضل الله بن علي الراوندي المتوفى سنة ( ٥٤٨ هـ )

ثانياً : محمد باقر المجلسي المتوفى ( ١١١١ هـ ) ترجمها إلى اللغة الفارسية

ثالثاً : السيد عبد الله شبر المتوفى سنة ( ٢٤٢ هـ ) له شرح عليها ، وغيرهم من الأعلام إلى عشرين عالماً

ونظراً لأهميتها البالغة فقد كتبت بخطوط أثرية جميلة وبعث الامام الرضاعليه‌السلام برسالته الذهبية إلى المأمون فأعجب بها اعجاباً بالغاً وأمر أن تكتب بالذهب ، ومن جملة ما كتبه الامامعليه‌السلام : « واعلم يا أمير المؤمنين أن الجسد بمنزلة الأرض الطيبة متى تعوهدت بالعمارة والسقي من حيث لا يزداد في الماء فتغرق ولا ينقص منه فتعطش دامت عمارتها وكثر ريعها وزكى زرعها ، وان تغوفل

٢٣١

فسدت ، ولم ينبت فيها العشب فالجسد بهذه المنزلة ، وبالتدبير في الأغذية والأشربة يصلح ويصلح وتزكو العافية » ومنها :

« فإذا اردت الحجامة فليكن في اثنتي عشر ليلة من الهلال إلى خمس عشرة فانه أصلح لبدنك ، فإذا نقص الشهر فلا تحتجم إلّا أن تكون مضطراً لذلك وهو لأن الدم ينقص في نقصان الهلال » ومنها كذلك « واحذر يا أمير المؤمنين أن تجمع بين البيض والسمك في المعدة في وقت واحد فانهما متى اجتمعا في جوف الانسان ولد عليه النقرس والقولنج والبواسير ووجع الأضراس »

٥ ـ علمه بالمغيّبات بتعليم من الله عزّ وجل :

وهناك مجموعة شواهد نذكر قسماً منها ، بعد شهادة الامام الكاظمعليه‌السلام سافر الإمام الرضاعليه‌السلام إلى البصرة للتدليل على إمامته ، وإبطال شبه المنحرفين عن الحق ، وقد نزل ضيفاً في دار الحسن بن محمد العلوي ، وقد عقد في داره مؤتمراً عاماً ضمّ جمعاً من المسلمين كان من بينهم عمرو بن هداب ، وهو من المنحرفين عن آل البيتعليهم‌السلام والمعادين لهم كما دعا فيه جاثليق النصارى ، ورأس الجالوت ، والتفت إليهم الامام فقال لهم : « إني انما جمعتكم لتسألوني عما شئتم من آثار النبوة وعلامات الامامة التي لا تجدونها إلّا عندنا أهل البيت ، فهلموا اسألكم »

وبادر عمرو بن هداب فقال له : إنّ محمد بن الفضل الهاشمي أخبرنا عنك أنك تعرف كل ما أنزله الله وإنك تعرف كل لسان ولغة .

وانبرى الامامعليه‌السلام فصدق مقالة محمد بن الفضل في حقه قائلاً : صدق محمد بن الفضل أنا أُخبرته بذلك وسارع عمرو قائلاً : إنا نختبرك قبل كل شيء بالألسن ، واللغات ، هذا رومي ، وهذا هندي ، وهذا فارسي ، وهذا تركي ، قد احضرناهم ، فقالعليه‌السلام : فليتكلموا بما أحبوا ، أجب كل واحد منهم بلسانه إنشاء الله وتقدّم كل

٢٣٢

واحد منهم أمام الامام فسأله عن مسألة فأجابعليه‌السلام عنها بلغته ، وبهر القوم وعجبوا ، والتفت الامام إلى عمرو فقال له : إن أنا أخبرتك أنّك ستبتلى في هذه الأيام بدم ذي رحم لك هل كنت مصدّقاً لي ؟ فقال : لا ، فإنّ الغيب لا يعلمه إلّا الله تعالى وردّ الامام على مقالته أو ليس الله تعالى يقول( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ
غَيْبِهِ أَحَدًا
إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ ) ، فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند الله مرتضى ، ونحن ورثةُ ذلك الرسول الذي اطلعه الله على ما يشاء من غيبه ، فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، وإنّ الذي أخبرتك به يابن هداب لكائن إلى خمسة أيام وإن لم يصح في المدة فاني وإن صحّ فتعلم أنّك راد على الله ورسوله ، ثم أضاف الامامعليه‌السلام قائلاً : « اما إنّك ستصاب ببصرك ، وتصير مكفوفاً ، فلا تبصر سهلاً ، ولا جبلاً وهذا كائن بعد أيام ، ولك عندي دلالة أُخرى ، انك ستحلف يميناً كاذبة فتضرب بالبرص » وأقسم محمد بن الفضل بالله بأن ما أخبر به الامام قد تحقق

ومن جملة ما أخبر به الامام الرضاعليه‌السلام من المغيّبات ، روى محول السجستاني قال لما ورد البريد باشخاص الامام الرضاعليه‌السلام إلى خراسان كنت أنا بالمدينة فدخل المسجد ليودّع قبر جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فودعه مراراً وكان صوته يعلو بالبكاء والنحيب ، فتقدمت إليه ، وسلّمت عليه ، فردّ السلام وهنأته بما يصير إليه فقالعليه‌السلام : « ذرني فاني أخرج من جوار جديصلى‌الله‌عليه‌وآله فأموت في غربة وادفن في جنب هارون » قال محول فخرجت متبعاً طريق الامام حتى مات ودفن بـ ( طوس ) بجنب هارون

وكان الامام الرضاعليه‌السلام على علم لا يخامره أذى شك ان لا عودة له إلى أهله ووطنه ، فودّعهم الوداع الأخير ، وجميع عياله وأمرهم بالبكاء والنحيب عليه وهو يسمع ذلك ، ووزع عليهم اثني عشر ألف دينار وعرفهم أنه لا يرجع إليهم أبداً(١)

___________________

(١) حياة الامام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام للعلامة باقر شريف القرشي

٢٣٣

وكذلك أخبر إمامنا الرضا دعبل الخزاعي لمّا انشده تائيّته المعروفة ، فلما وصل دعبل إلى هذا البيت :

وقبرٌ ببغداد لنفس زكية

تضمّنها الرحمن بالغرفات

  

فقال له الإمامعليه‌السلام أفلا ألحق لك بهذا الموضع بيتين ، فقال بلى يابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالعليه‌السلام :

وقبر بطوس يا لها من مصيبة

ألحّت على الأحشاء بالزفرات

إلى الحشر حتى يبعث الله قائماً

يضرج عنّا الغم والكربات

  

فقال دعبل سيدي قبر من هذا ؟ فقال هذا قبري يا دعبل ولا تنقضي الأيام والليالي حتى تصير طوس مختلف شيعتي وزوّاري ، ألا ومن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفوراً له

اويلي اعلى الرضا المچتول بالسم

غريب او لا أخو يمه ولا عم

  

من هيس ابسمه او سگم حاله

او شاف الموت ابو محمد دناله

بعث لخته المعصومه رساله

حتى ابحالته او بالمرض تعلم

  

تعنت ليه او منها الگلب ملهوف

او ماخذها اعلى اخوها الوجل والخوف

گبل ما ليه توصل گامت اتشوف

الناس اتنوح وعلى الروس تلطم

  

٢٣٤

صاحت ليش هذا البلد مرجون

او عليمن بيه هالوادم ينوحون

صاحوا سم ابو محمد المأمون

او گضه نحبه غريب الدار بالسم

  

هوت عالگاع من سمعت بخوها

مات ابطوس والوادم لفوها

غدوا يبچون يمها او حركوها

لگوها امحوّم اعليها المحتم

  

وقبر طوس وسامرا وقد ضمنت

بغداد بدرين حلّا وسط قبرين

  

٢٣٥

معاجز وكرامات
الامام الحسن العسكري عليه‌السلام

قبورهم شتى فمنهم بيثرب

بدور سعود والغريّ حوى قبرا

وغابت بأرض الطف منهم كواكب

هم بهجة الهادي وهم مهج الزهرا

وقبران في بغداد والطاهر الرضا

بطوس ونجما العلم في أرض سامرا

ولم يبق إلّا مدرك ثار من قضوا

بسم وبيض الهند واعتنقوا السمرا

فعجل الينا يا ابن بنت محمد

فأنت ولي الثأر فلتدرك الوترا

أتغضي ويوم الطف آل أُمية

بقتل سليل الطهر أدركت الوترا

أتغضي وقد سارت بربّات خدره

سبايا على عجف المطا وأعينها عبرا

( وأعظم ما يشجي الغيور دخولها

إلى مجلس ما بارح اللهو والخمرا )

  

عگب الخدر يحسين تقبل

من كربلا نركب الهزل

سبايا او لعند ايزيد نوصل

وحنه بنات النبي المرسل

من طبة الديوان نخجل

لو من صخر گلبي تزلزل

  

٢٣٦

تستغيث بأبيها أمير المؤمنينعليه‌السلام :

يا علي يا ياب ما تدري اشسدي اعليه او جرى

بالمجالس وقفوني او قبل كنت امخدره

سافروا بينا من الكوفة او دونا اليزيد

سيرونا مثل سبي الروم او قبل كنت امخدره

والذي نحل اعظامي شوفتي راس الشهيد

ناصبينه اقبال وجهي ويهل دمعي امن انظره

     

  

اشعمل بيه الوجد يبويه من شاف

ودم گلبي نزفته دموع منشاف

آنه الشخصي قبل هاليوم منشاف

عموم الناس تتفرج عليّه

  

ولم ترَ حتى عينها ظلّ شخصها

إلى أن بدت بالغاضريّة حسّرا

  

معاجز وكرامات الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام :

المقدمة :

لقد أعطى الله سبحانه لأولياءه المخلصين كرامات وذلك بسبب تقواهم لله عزّ وجل وعملهم بطاعته واجتنابهم معصيته ، فهم يقومون بأشياء لا يستطيع غيرهم القيام بها ، ولعلّ التدبر في آيات القرآن الكريم يثبت الكرامات للأولياء ، فمثلاً القرآن الكريم يحدثنا عن السيّدة مريمعليها‌السلام :( كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا

٢٣٧

الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ
يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
) (١)

وهذا الأمر وهو حضور الرزق بلا سعي طبيعي ولكونه لم يكن مقترناً بدعوى النبوة أو المقام الرسالي يعد كرامة ولا يسمى معجزة لأنّه لم يرتبط بادّعاء منصب أو مقام

وإذا كان التأريخ يحدّثنا عن بعض المرتاضين وبسبب الرياضة الروحية يقومون بخوارق الأفعال وعجائبها فيرفعون الاجسام الثقيلة التي لا يتيسر رفعها إلّا بالرافعات الآلية بمجرد الإرادة كما هو ظاهر من بعض المرتاضين في الهند وغيرها من البلدان الأُخرى ، وهذا يدلّ على أنّ في باطن الإنسان قوى عجيبة لا تظهر إلّا تحت شرائط خاصة

يقول صدر المتألهين الشيرازي : لا عجب أن يكون لبعض النفوس قوة إلهية
فيطيعها العنصر في العلم المادي كإطاعة بدنه إيّاها ، فكلّما ازدادت النفس تجرّداً
وتشبّهاً بالمبادئ القصوى ، إزدادت قوة وتأثيراً فيما دونها وهناك من الآيات
تشير إلى هذه القضية ، كما ورد في أحوال سليمان بن داود عليه‌السلام عندما طلب من
الملأ احضار عرش ملكة سبأ من اليمن إلى فلسطين قبل أن يأتوه مسلمين ، فقال
عفريت من الجن إنّه قادر على حمله والإتيان به قبل انفضاض مجلس سليمان ،
ولكن من كان عنده علم من الكتاب قال إنه قادر على الاتيان به قبل أن يرتد
طرف سليمان إليه وبالفعل بأسرع من لمح البصر ، كان العرش ماثلاً أمامه يقول
سبحانه ( قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَ ___________________

(١) سورة آل عمران : الآية ٣٧

٢٣٨

عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ قَالَ
الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا
عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي
) (١)

فهذه الآية وغيرها من الآيات المماثلة لها تدلّ بظهورها على كون الفاعل للكرامات نفوس الأولياء وأرواحهم بإذن الله ، وإنّ أئمة أهل البيتعليهم‌السلام لهم هذه الكرامات الكثيرة ، وها نحن نذكر بعض كرامات ومعاجز الامام الحسن العسكريعليه‌السلام :

أولاً : خدمة الملائكة له عليه‌السلام : عن كتاب عيون المعجزات عن أبي هاشم قال دخلت على أبي محمدعليه‌السلام وكان يكتب كتاباً فحان وقت الصلاة الأُولى فوضع الكتاب من يده وقامعليه‌السلام إلى الصلاة ( أقول : وهذا يدلّ على اهتمام الإمام بأوقات الصلاة والمحافظة عليها فعلى محبّي الإمام أن يقتدوا به في هذه الخصلة ) ، قال فرأيت القلم يمرّ على باقي القرطاس من الكتاب ويكتب حتى انتهى إلى آخره فخررت ساجداً فلما انصرف أخذ القلم بيده وأذن للناس قال بعض الفضلاء تعقيباً على هذه الكرامة ، يحتمل ان ملكاً من الملائكة كان يأخذ القلم ويكتب كما ورد في بعض الأخبار أنّ لله ملائكة وهم موكلون بآل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله يخدمونهم في بيوتهم

ثانياً : شفاء المريض : حدّث النضر بن جابر قال قلت للإمام الحسن
العسكري عليه‌السلام يا ابن رسول الله انّ ابني جابراً أُصيب ببصره منذ شهر فادع الله له ان
يردّ عليه بصره وعينيه قال عليه‌السلام فهاته فمسح بيده على عينيه فعاد بصيراً « نعم
أعطاهم الله ميراث الأنبياء وكراماتهم ، فكما أنّ عيسى ابن مريم كان يشفي
___________________

(١) سورة النمل : الآية ٣٨ ـ ٤٠

٢٣٩

المرضى ويبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله هم صلوات الله عليهم كذلك يبرؤن الأكمه والأبرص بإذن الله عزّ وجل وقد ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة( آتَاكُم
مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ
) » وفي زيارة الحجة من آل محمد في شهر رجب« اَنَا سٰائِلُكُمْ وَآمِلُكُمْ فيمٰا اِلَيْكُمُ ، التَّفْويضُ ، وَعَلَيْكُمُ التَّعْويضُ فَبِكُمْ يُجْبَرُ
الْمَهيضُ ، وَيُشْفَى الْمَريضُ »

ثالثاً : علم وموعظة : روى في البحار عن محمد بن الحسن بن ميمون قال كتبت إليه أشكو الفقر ثم قلت في نفسي أليس قد قال أبو عبد اللهعليه‌السلام الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا والقتل معنا خير من الحياة مع عدونا فرجع الجواب من الامامعليه‌السلام إنّ الله عزّ وجل يخصّ اولياءنا إذا تكاثفت ذنوبهم بالفقر وقد يعفو عن كثير منهم كما حدثتك نفسك الفقر معنا خير من الغنى مع عدونا ونحن كهف لمن التجأ إلينا ونور لمن استبصر بنا وعصمة لمن اعتصم بنا من أحبنا كان معنا في السنام الأعلى ومن انحرف عنا فإلى النار نعم من يلتجأ إليهم عند الشدائد لا يخذلوه وقد استغاث الناس به في أُمور كثيرة وأجابهم

رابعاً : الخروج للإستسقاء : قحط الناس في زمانه فخرجوا للإستسقاء ثلاثة أيام فلم يمطروا ، فخرج في اليوم الرابع ( الجاثليق ) مع النصارى فسقوا فخرج المسلمون يوم الخامس فلم يمطروا فشك الناس في دينهم وكان العسكريعليه‌السلام في حبس الخليفة فبعث إليه الخليفة وقال له أدرك دين جدّك يا أبا محمد فأُخرج من الحبس وأمر النصارى بالخروج للاستسقاء فلما رفع ( الجاثليق ) يده إلى السماء قال أبو محمد لبعض غلمانه خذ من يده اليمنى ما فيها فلما أخذه كان عظماً ثم قال استسق الآن فاستسقى فلم يمطر فسأل الخليفة عن العظم ، قال عظم نبي من الأنبياء ولا يكشف إلّا ويمطر

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460