تذكرة الفقهاء الجزء ٥

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-45-0
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 192144 / تحميل: 6309
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٤٥-٠
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

وذلك أنه رواه عن أبي عوانة ، عن أبي بشر ، عن سليمان بن قيس ، عن جابر بطوله ، وزاد فيه : إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال للأعرابي ـ بعد أن سقط السيف من يده : من يمنعك مني؟ قال : كن خير آخذ قال : لا ، أو تسلم. قال : لا ، قال : لا ، أو تسلم. قال : لا ، ولكن أعاهدك ألّا أقاتلك ، ولا أكون مع قوم يقاتلونك. فخلّى سبيله ، فجاء إلى أصحابه ، فقال : جئتكم من عند خير الناس.

وكذا أخرجه أحمد في مسندة ، من طريق أبي عوانة ، ذكره الثعلبي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس فذكر نحو رواية العسكري عن جابر فيما يتعلق بقدم إسلامه ولكن ساق في القصة أشياء مغايرة لما تقدم من الطريق الصحيحة.

فهذه الطرق ليس فيها أنه أسلم ، وكأنّ الذهبي لما رأى ما في ترجمة دعثور بن الحارث الّذي سبق في حرف الدال أنّ الواقدي ذكر له شبها بهذه القصة ، وأنه ذكر أنه أسلم ، فجمع بين الروايتين ، فأثبت إسلام غورث ، فإن كان كذلك ففيما صنعه نظر من حيث إنه عزاه للبخاريّ ، وليس فيه أنه أسلم ، ومن حيث إنه يلزم منه الجزم بكون القصتين واحدة مع احتمال كونهما واقعتين إن كان الواقدي أتقن ما نقل.

وفي الجملة هو على الاحتمال ، وقد يتمسك من يثبت إسلامه بقوله : جئتكم من عند خير الناس.

الغين بعدها الياء

٦٩٤٠ ـ غيلان بن سلمة بن معتّب (١)بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف الثقفي.

وسمى أبو عمر (٢) جده شرحبيل.

قال البغويّ : سكن الطائف ، وقال غيره : وأسلم بعد فتح الطائف ، وكان أحد وجوه ثقيف ، وأسلم وأولاده : عامر ، وعمار ، ونافع ، وبادية ، وقيل : إنه أحد من نزل فيه :( عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) ، وقد روى عنه ابن عباس شيئا من شعره ، قال أبو عمر : هو ممن وفد على كسرى ، وله معه خبر ظريف.

قال أبو الفرج الأصبهاني : أخبرني عمي. حدثنا محمد بن سعيد الكراني ، حدثنا

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٩٠) ، الجرح والتعديل ٧ / ١٤٣ ، البداية والنهاية ٧ / ١٤٣ ، العقد الثمين ٧١٦ ، الأعلمي ٢٣ / ١٦٢ ، التاريخ الصغير ١ / ٢٩٧.

(٢) في الاستيعاب : غيلان بن سلمة بن شرحبيل.

٢٦١

العمري ، عن العتبي ، عن أبيه ، قال : كان غيلان بن سلمة وفد على كسرى ، فقال له ذات يوم : أيّ ولدك أحبّ إليك؟ قال : الصغير حتى يكبر ، والمريض حتى يبرأ ، والغائب حتى يقدم (١) ، فاستحسن ذلك من قوله ، ثم قال له : ما غذاؤك في بلدك؟ قال : خبز البر. قال : عجبت لك هذا العقل.

قال الكرانيّ ، عن العمري : وقد روى الهيثم بن عدي هذه القصة أبين من هذه ، وساقه بطوله ، وفيها : كان أبو سفيان في نفر من قريش ومن ثقيف فوجّهوا بتجارة إلى العراق ، فقال لهم أبو سفيان : إنا نقدم على ملك جبّار لم يأذن لنا في دخول بلاده ، فأعدّوا له جوابا. فقال غيلان : أنا أكفيكم على أن يكون نصف الربح لي. قالوا : نعم ، فتقدم إلى كسرى ، وكان جميلا ، فقال له الترجمان : يقول لك الملك : كيف قدمتم بلادي بغير إذني؟ فقال : لسنا من أهل عداوتك ، ولا تجسّسنا عليك ، وإنما جئنا بتجارة ، فإن صلحت لك فخذها وإلا فائذن لنا في بيعها ، وإن شئت رجعنا بها قال : وسمعت صوت الملك فسجدت ، فقيل له : لم سجدت؟ قال : سمعت صوت الملك حيث لا ينبغي أن ترفع الأصوات.

فأعجب كسرى ، وأمر أن توضع تحته مرفقة ، فرأى عليها صورة كسرى ، فوضعها على رأسه ، فقيل له : لم فعلت ذلك؟ قال : رأيت عليها صورة الملك فأجللتها أن أجلس عليها ، فاستحسن ذلك أيضا ، ثم قال له : ألك ولد؟ قال : نعم. قال : فأيّهم أحبّ إليك؟ قال : الصغير حتى يكبر ، والمريض حتى يبرأ ، والغائب حتى يقدم. قال : أنت حكيم من قوم لا حكمة فيهم ، وأحسن إليه.

وذكرها أبو هلال العسكريّ في «كتاب الأوائل» بغير إسناد أطول مما هنا ، فقال : خرج أبو سفيان بن حرب في جمع من قريش وثقيف يريدون بلاد كسرى بتجارة لهم ، فلما ساروا ثلاثا جمعهم أبو سفيان ، فقال : إنا في سيرنا (٢) هذا لعلى خطر ما قدومنا على ملك لم يأذن لنا بالقدوم عليه؟ وليست بلاده لنا بمتجر ، فأيكم يذهب بالعير. فنحن برآء من دمه إن أصيب ، وإن يغنم فله نصف الربح. فقال غيلان بن سلمة : أنا أمضي بالعير ، وأنشده :

فلو رآني أبو غيلان إذ حسرت

عنّي الأمور بأمر ما له طبق

لقال رغب ورهب أنت بينهما

حبّ الحياة وهول النّفس والشّفق

إمّا مشفّ على مجد ومكرمة

أو أسوة لك فيمن يهلك الورق (٣)

[البسيط]

__________________

(١) في الاستيعاب : حتى يئوب.

(٢) في أ : مسيرنا.

(٣) انظر الأبيات في تاريخ الطبري ٦ / ١٠٧.

٢٦٢

فخرج بالعير ، وكان أبيض طويلا جعدا ، فتخلّق ولبس ثوبين أصفرين ، وشهر نفسه ، وقعد بباب كسرى ، حتى أذن له ، فدخل عليه وشبّاك بينه وبينه ، فقال الترجمان : يقول لك : ما أدخلك بلادي بغير إذني؟ فقال : لست من أهل عداوة لك ، ولم أكن جاسوسا ، وإنما حملت تجارة ، فإن أردتها فهي لك ، وإن كرهتها رددتها ، قال : فإنه ليتكلم إذ سمع صوت كسرى ، فخرّ ساجدا ، فقال له الترجمان : يقول لك : ما أسجدك؟ قال : سمعت صوتا مرتفعا حيث لا ترتفع الأصوات ، فظننته صوت الملك ، فسجدت قال : فشكر له ذلك ، وأمر بمرفقة فوضعت تحته ، فرأى فيها صورة الملك فوضعها على رأسه ، فقال له الحاجب : إنما بعثنا بها إليك لتقعد عليها ، فقال : قد علمت ، ولكني رأيت عليها صورة الملك فوضعتها على أكرم أعضائي. فقال : ما طعامك في بلادك؟ قال : الخبز. قال : هذا عقل الخبز ، ثم اشترى منه التجارة بأضعاف أثمانها ، وبعث معه من بنى له أظما بالطائف ، فكان أول أطم بني بالطائف.

وقال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، وقال إسحاق بن راهويه في مسندة : أنبأنا عيسى بن يونس ، وإسماعيل ، قالا : حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ـ أنّ غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة ، فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، اختر منهن أربعا.

ورواه الترمذي عن هناد ، عن عبيدة ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن معمر ، ثم قال : هكذا رواه معمر. وسمعت محمدا يقول : هذا غير محفوظ ، والصحيح ما رواه شعيب عن الزهري ، قال : حدثت عن محمد بن سويد الثقفي أنّ غيلان فذكره.

قلت : رواه جماعة من أهل البصرة عن معمر ، وأخرجه أحمد ، عن محمد بن جعفر غندر ، وعبد الأعلى ، وإسماعيل بن عليّة ، عنه ورواه ابن حبان في صحيحه ، عن أبي يعلى ، عن أبي خيثمة ، عن ابن عليّة.

ورواه الحاكم في المستدرك من طريق كثير ، عن معمر ، ويقال : إنّ معمرا حدّث بالبصرة بأحاديث وهم فيها ، لكن تابعهم عبد الرزاق.

ورويناه في المعرفة لابن مندة عاليا ، قال : أنبأنا محمد بن الحسين ، أنبأنا أحمد بن يوسف ، حدثنا عبد الرزاق ، به ، لكن استنكر أبو نعيم ذلك ، وقال : إن الأثبات رووه عن عبد الرزاق مرسلا ، ثم أخرجه من طريق إسحاق بن راهويه ، عن عبد الرزاق عن معمر ، عن الزهري ـ أنّ غيلان بن سلمة. فذكره.

وروى عن يحيى بن أبي كثير ، وهو من شيوخ معمر ، عن معمر ، أخرجه أبو نعيم من طريقه.

٢٦٣

ورواه يحيى بن سلام الإفريقي ، عن مالك ويحيى بن أبي كثير ، عن الزهري أيضا. والإفريقي ضعيف.

ورواه يحيى بن أبي كثير السقاء ، عن الزهري موصولا أيضا ، أخرجه أبو نعيم من طريقه ويحيى ضعيف.

وقد كشف مسلم في كتاب «التمييز» عن علّته ، وبيّنها بيانا شافيا ، فقال : إنه كان عند الزهري في قصة غيلان حديثان : أحدهما مرفوع ، والآخر موقوف ، قال : فأدرج معمر المرفوع على إسناد الموقوف ، فأما المرفوع فرواه عقيل عن الزهري ، قال : بلغنا عن عثمان بن محمد بن أبي سويد ـ أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة الحديث. وأما الموقوف فرواه الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ـ أنّ غيلان طلّق نساءه في عهد عمر ، وقسّم ميراثه بين بنيه الحديث.

قلت : وقد أوردت طرق هذين الحديثين في كتابي الّذي في معرفة المدرج. ولله الحمد.

وقد أورده ابن إسحاق في مسندة ، عن عيسى بن يونس ، وابن عليّة ، كما أوردناه ، وقال بعد قوله أربعا متصلا به ، فلما كان في عهد عمر طلّق نساءه ، وقسّم ماله بين بنيه ، فبلغ ذلك عمر ، فقال : والله إني لأظنّ الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك ، ولا أراك تمكث إلا قليلا ، وايم الله لترجعنّ في مالك ، وليرجعن نساؤك أو لأورثهنّ منك ، ولآمرنّ بقبرك فيرجم كما يرجم قبر أبي رغال.

قلت : ولهذا المدرج طريق أخرى من رواية سيف بن عبد الله الجرمي ، عن سرّار بن مجشّر عن أيوب عن سالم ونافع ، عن ابن عمر ، قال : أسلم غيلان بن سلمة وعنده عشر نسوة ، فأمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يمسك منهن أربعا ، فلما كان زمن عمر طلقهنّ الحديث بتمامه.

وفي إسناده مقال.

وله حديثان آخران غير هذا من رواية بشر بن عاصم ، فأخرج ابن قانع ، وأبو نعيم ، من طريق معلى بن منصور ، أخبرني شبيب بن شيبة ، حدثني بشر بن عاصم ، عن غيلان بن سلمة الثقفي ، قال : خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بعض أسفاره ، فقال : لو كنت آمرا أحدا من هذه الأمة بالسجود لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لبعلها.

وبهذا الإسناد قال : خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر ، فمررنا

٢٦٤

بشجرتين ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا غيلان ، ائت هاتين الشّجرتين فمر إحداهما تنضمّ إلى الأخرى حتّى أستتر بهما. فانقلعت إحداهما تخذّ الأرض حتّى انضمّت إلى الأخرى».

وله ذكر في ترجمة نافع مولاه.

ومن أخبار غيلان في الجاهلية ما حكاه أبو سعيد السكري في ديوان شعره ـ أنّ بني عامر أغاروا على ثقيف بالطائف ، فاستنجدت ثقيف ببني نصر بن معاوية ، وكانوا حلفاءهم فلم ينجدوهم ، فخرجت ثقيف إلى بني عامر ، وعليهم يومئذ غيلان بن سلمة ، فقاتلوهم حتى هزموا بني عامر ، وفي ذلك يقول غيلان ـ فذكر شعرا يذكر فيه الوقعة.

مات غيلان في آخر خلافة عمر.

قال المرزبانيّ في «معجم الشعراء» : غيلان شريف شاعر أحد حكّام قيس في الجاهلية ، وأنشد له :

لم ينتقص منّي المشيب قلامة

الآن حين بدا ألبّ وأكيس

والشّيب إن يحلل فإنّ وراءه

عمرا يكون خلاله متنفّس

[الكامل]

أخبرني أحمد بن الحسين الزينبي ، أنبأنا محمد بن أحمد بن خالد ، أنبأنا محمد بن إبراهيم المقدسي ، أنبأنا عبد السلام الزهري ، أنبأنا أبو القاسم العكبريّ ، أنبأنا أبو القاسم بن اليسري ، أنبأنا أبو طاهر المخلص. حدثنا أحمد بن نصر بن بجير ، حدثنا علي بن عثمان النّفيلي ، حدثنا المعافى ، حدثنا القاسم بن معن ، عن الأجلح ، عن عكرمة ، قال : سئل ابن عباس عن قوله تعالى :( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) [المدثر : ٤] ـ قال : لا تلبس على معصية ، ولا على غدرة ، ثم قال ابن عبّاس : سمعت غيلان بن سلمة يقول :

إنّي بحمد الله لا ثوب فاجر

لبست ولا من غدرة أتقنّع

[الطويل]

٦٩٤١ ـ غيلان بن عمرو (١):

له ذكر في حديث رواه عمر بن شبّة في الصحابة له ، وابن مندة ، من طريق علي بن عراب (٢) ، عن عبيد الله بن أبي حميد ، عن أبي المليح ، عن أبيه ، قال : هذا ما كتب رسول

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٩١).

(٢) في أ : غراب.

الإصابة/ج٥/م٧

٢٦٥

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لوفد نجران فذكر الكتاب ، قال : وشهد أبو سفيان بن حرب ، وغيلان بن عمرو.

وذكره أيضا الأموي في المغازي ليونس بن بكير ، عن سلمة بن عبد يسوع ، عن أبيه ، عن جده فذكر قصة أسقف نجران ، وإرسالهم إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومصالحتهم له ، وكتابه لهم بذلك ، وفي آخره : شهد أبو سفيان بن حرب ، وغيلان بن عمرو ، ومالك بن عوف من بني نصر ، والأقرع بن حابس ، والمغيرة ، وليث.

٦٩٤٢ ـ غيلان الثقفي :

ما أدري هو ابن سلمة أو غيره؟ ذكر عبد الحق في الأحكام ، عن إسرائيل ، عن عمر بن عبد الله بن يعلى ، عن حكيمة عن أبيها ، عن غيلان الثقفي ـ أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من التقط لقطة درهما أو حبلا فليعرّفه ثلاثة أيام ...» الحديث.

٦٩٤٣ ـ غيلان (١)، مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

ذكره ابن السّكن ، وقال : روي عنه حديث واحد مخرجه عند أهل الرّقة ، ثم روي من طريق عياض بن محمد حدثنا جعفر بن برقان ، عن داود بن عراد من بني عبادة بن عبيد ، عن غيلان مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يخرج الدجّال فيدعو الناس إلى العدل وإلى الحق فيما يرون ، فلا يبقى مؤمن ولا كافر إلا اتبعه ، وهم لا يعرفونه ، فبينما المؤمنون في همّ من ذلك إذ خسفت عينه ، وظهر بين عينيه «كافر» يقرؤه كلّ مؤمن ، فعند ذلك فارقه المؤمنون ، واتّبعه الكافرون.

القسم الثاني

الغين بعدها النون

٦٩٤٤ ز ـ غنيم بن قيس المازني (٢):

قال ابن ماكولا ، تبعا لعبد الغني بن سعيد : أدرك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورآه.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٩٢).

(٢) أسد الغابة ت (٤١٨٩) ، الطبقات الكبرى لابن سعد ٧ / ١٢٣ ـ الطبقات لخليفة ١٩٣ ـ التاريخ لخليفة ٢٩٢ ـ التاريخ الكبير ٧ / ١١٠ ـ التاريخ لابن معين ٢ / ٤٦٩ ـ الجرح والتعديل ٧ / ٥٨ ـ الكنى والأسماء ٢ / ٤٦ ـ كتاب المراسيل ١٦٥ ـ الكاشف ٢ / ٣٢٣ ـ تهذيب التهذيب ٨ / ٢٥١ ـ تقريب التهذيب ٢ / ١٠٦ ـ جامع التحصيل ٣٠٨ ـ تاريخ الإسلام ٣ / ٤٥١.

٢٦٦

وروى عن سعد بن أبي وقاص وغيره ، وكذا ذكره ابن فتحون. وقال ابن مندة : روى عنه جناح (١) ، ولا تصحّ له صحبة ولا رؤية.

قلت : حديثه عن الصحابة في مسلم وغيره ، ويقال له أيضا الكعبي ، وكنيته أبو العنبر ، وله رواية أيضا عن أبيه ، وله صحبة ، وعن أبي موسى الأشعري ، وابن عمر.

روى عنه سليمان التيمي ، وعاصم الأحول ، وخالد الحذّاء ، وأبو السليل وآخرون.

ووثّقه ابن سعد ، والنّسائيّ ، وابن حبّان ، وقال : مات سنة تسعين من الهجرة.

وفي الجعديات عن شعبة ، عن سعيد الجريريّ ، سمعت غنيم بن قيس ، قال : كنا نتواعظ في أول الإسلام : ابن آدم اعمل في فراغك قبل شغلك ، وفي شبابك لكبرك ، وفي صحتك لمرضك ، وفي دنياك لآخرتك ، وفي حياتك لموتك.

وأخرج ابن سعد من طريق محمد بن الوضاح ، عن عاصم الأحول ، قال : قال غنيم بن قيس أشرف علينا راكب فنعى لنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فنهضنا من الاحوية ، فقلنا : بأبينا وأمّنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقلت :

ألا لي الويل على محمّد

قد كنت في حياته بمقعد

وفي أمان من عدوّ معتدي (٢)

[الرجز]

وأخرج أبو بكر بن أبي على هذه القصة من طريق صدقة بن عبد الله المازني ، عن جناح بن غنيم بن قيس ، عن أبيه ، قال : أذكر موت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أشرف علينا رجل ، فقال فذكر الشعر.

ورواه شعبة ، عن عاصم الأحول ، عن غنيم بن قيس ، قال : أحفظ من أبي كلمات قالهن لما مات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أخرجه أبو نعيم.

القسم الثالث

العين بعدها الألف

٦٩٤٥ ز ـ غاضرة : سمع عمر. تقدم في الأول.

__________________

(١) في أسد الغابة : ابنه جناح.

(٢) ينظر البيتان في أسد الغابة ترجمة رقم (٤١٨٩).

٢٦٧

٦٩٤٦ ـ غالب بن بشر الأسدي (١).

أحد من انحاز عن طليحة بن خويلد حال الردة. من حكماء بني أسد وأشرافهم.

ذكره وثيمة في «كتاب الردة» ، واستدركه ابن فتحون.

٦٩٤٧ ز ـ غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال التميمي الداريّ : ، والد الفرزدق الشاعر.

لأبيه صحبة ، ولغالب إدراك ، لأن الفرزدق ولد أيام عمر ، وقال الشعر الجيد في أيام علي ، وسيأتي ذلك مع مزيد عليه في ترجمته إن شاء الله تعالى في القسم الأخير من حرف الفاء.

وفي التاريخ المظفري ، عمّر غالب بن صعصعة ، ولقي عليا بالبصرة ، وأدخل عليه الفرزدق وكان مشهورا بالجود ، فيقال : إن نفرا من بني كلب تراهنوا على أن يقصدوا نفرا سمّوهم ، فمن أعطى ولم يسأل سائله من هو فهو أكرمهم ، فاختاروا عمرو بن السّليل الشيبانيّ ، وطلبة بن قيس بن عاصم ، وغالب بن صعصعة ، فأتوا عمرا وطلبة ، فقالا : من أنتم؟ ثم أتوا غالبا فأعطاهم ولم يسألهم ، فأخذ صاحب غالب الرهن. وقد مضى له ذكر في ترجمة سحيم بن وثيل اليربوعي في قصة مفاخرته له في نحر الإبل في خلافة عثمان. وسيأتي له ذكر في ترجمة ولده ، وفي ترجمة هنيدة بنت صعصعة أخته.

الغين بعدها الراء والزاي

٦٩٤٨ ز ـ غرقدة : غير منسوب.

له إدراك ، ذكر الطبري في «تاريخه» أنّ المسلمين حين عبروا دجلة سلموا عن آخرهم إلّا رجلا من بارق يدعى غرقدة زال عن ظهر فرس له شقراء فرمى القعقاع بن عمرو إليه عنان فرسه فأخذ بيده حتى عبره.

٦٩٤٩ ـ غزال الهمدانيّ.

أنشد له سيف في الردة شعرا يهجو به الأسود العنسيّ الكذاب ، ويمدح الذين قتلوه منه :

يا ليت شعري ، والتّلهّف حسرة

أن لا أكون وليته برجالي

[الكامل]

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٧٠).

٢٦٨

٦٩٥٠ ـ الغرور بن النعمان بن المنذر اللخمي :

كان أبوه ملك الحيرة ، وهو مشهور ، وأسلم الغرور ، ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام.

قال وثيمة في كتاب «الردة» كان اسمه المنذر ولقبه الغرور ، ويقال : هو اسمه ، وكان يقول بعد أن أسلم : لست الغرور ، ولكني المغرور.

وقال سيف في «الفتوح» : خرج الحطيم في بني قيس بن ثعلبة ، فجمع من ارتد وأرسل إلى الغرور بن سويد بن المنذر ابن أخي النعمان ، فقال له : إن غلبت ملّكتك البحرين حتى تكون كالنعمان بالحيرة.

الغين بعدها السين

٦٩٥١ ـ غسان بن حبيش : أو حبش الأسدي (١) ،

هكذا أورده ابن الأثير ، وعزاه لابن الدباغ.

وقد ذكره وثيمة في «كتاب الردة» فيمن انحاز عن طليحة مع غالب بن بشر المذكور هو وأخوه عبد الرحمن ووالدهما حبيش ، وقد مضى خبر حبيش في ترجمته. واستدركه ابن فتحون.

الغين بعدها الطاء

٦٩٥٢ ـ غطيف بن حارثة بن حسل بن مالك بن عبد سعد بن جشم بن ذبيان بن عامر بن كنانة بن حسل اليشكري : ، أبو كاهل ، والد سويد بن أبي كاهل.

ذكره المرزباني في «المعجم» ، وقال : مخضرم وأنشد له شعرا.

القسم الرابع

الغين بعدها الراء

٦٩٥٣ ـ عرفة (٢)بن مالك الأزدي : ، أخو عبد الرحمن (٣).

صحفه بعض من صنّف في الصحابة من المتأخرين ، فذكره بالغين المعجمة ، وإنما هو

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٧٨).

(٢) في أ : غرفة.

(٣) أسد الغابة ت (٤١٧٣).

٢٦٩

بالعين المهملة والراء ثم الواو. وقد تقدم في عروة بن مالك على الصواب.

٦٩٥٤ ـ عرقدة ، والد شبيب (١).

ذكر في الصحابة ولا يصحّ ، هكذا قال ابن مندة.

وقال أبو موسى في الذيل : لم يورد أبو عبد الله حديثه ، وأورده أبو بكر بن أبي علي ، من طريق زكريا بن عدي ، عن سلام ، عن شبيب بن غرقدة ، عن أبيه : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «لا يجني جان إلّا على نفسه ، لا يجني والد على ولده ، ولا ولد على والده» (٢).

قلت : وهذا غلط نشأ عن إسقاط ، وذلك أن شبيب بن غرقدة إمّا (٣) رواه عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، عن أبيه ، فسقط سليمان من هذه الرواية ، فصار الضمير في قوله : «عن أبيه» يعود على شبيب ، وليس كذلك.

وقد رواه ابن ماجة ، من طريق زياد بن علاقة ، عن شبيب على الصواب ، وذكر المتن بهذه الألفاظ ، وكذا رواه الترمذي في حديث طويل ، وأورد أبو داود والنسائي بعض الحديث مفرقا من طريق أبي الأحوص ، عن زياد ، وأبو الأحوص المذكور هو سلام بن سليم المذكور في رواية زكريا بن عدي.

وذكره ابن قانع في الصّحابة أيضا في أول حرف الغين المعجمة ، وأتى بغلط آخر أفحش من الأول ، قال : حدثنا علي بن محمد ، حدثنا مسدّد ، حدثنا ابن عيينة ، عن شبيب بن غرقدة ـ أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطاه دينارا ليشتري به أضحية ، أو قال : شاة ، فاشترى شاتين الحديث.

قال ابن قانع : كذا قال ، وهو تصحيف ، وإنما هو عن عروة ، لا عن غرقدة.

قلت : وهذا الحديث في صحيح البخاري من حديث سفيان بن عيينة ، لكنه عن عروة بن الجعد. والحديث مشهور من حديثه.

وقد بينت في شرح البخاري السبب في إخراج البخاري له مع أنه عن الحي ولا يعرف أحوالهم. والله أعلم.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٧٥).

(٢) أخرجه أحمد في المسند ٣ / ٤٩٩ ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص بلفظة ، والطبراني في الكبير ١٧ / ٣٢ ، وأورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم ٤٠١٠٦.

(٣) في أ : إنما.

٢٧٠

الغين بعدها الزاي

٦٩٥٥ ز ـ غزيّة بن الحارث.

ذكره أبو صالح المؤذّن في الصحابة ، وقال : له صحبة. سكن مصر.

روى عنه كعب بن علقمة حديثا طويلا ، كذا ذكره في كتاب من لم يرو عنه إلا واحد ، وأخطأ فيه من وجهين : أحدهما أنه صحّف اسمه ، وإنما هو عرفة ، بالراء والفاء المفتوحتين ، لا غزيّة ، بكسر الزاي وتشديد (١) التحتانية. ثانيهما في ادّعائه أنّ كعب بن علقمة تفرّد بالرواية عنه ، وليس كذلك ، فقد روى عنه أيضا عبد الله بن الحارث الأزدي حديثه عنه في سنن أبي داود. وأما حديث كعب بن علقمة عنه فقد رواه البخاري في تاريخه ، عن نعيم بن حماد ، عن عبد الله بن المبارك ، عن حرملة بن عمران ، حدثني كعب بن علقمة ـ أن عرفة بن الحارث الكندي ، وكانت له صحبة ، مرّ به نصراني فدعاه إلى الإسلام ، فذكر النصراني النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتناوله فضربه عرفة فدقّ أنفه ، فرفع ذلك إلى عمرو بن العاص ، فأرسل إليه : إنا قد أعطيناهم العهد ، فقال : معاذ الله أن نعطيهم العهد على أن يظهروا شتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال عمرو : صدقت.

وإسناده صحيح ، وهو معروف ، رواه عبد الله بن صالح ، عن حرملة بن عمران أيضا. أخرجه الطبراني عن مطلب عنه.

٦٩٥٦ ز ـ غزيّة بن سواد.

مذكور في حاشية «الاستيعاب» في باب غزيّة ، قال : هو الّذي أقاده النبيّ صلّى الله تعالى عليه وآله وسلم من نفسه في كتاب الليث عن ابن الهاد ، ذكره عبد الغني بن سعيد في المؤتلف في باب سواد ، وفي باب غزيّة.

قلت : وهو مقلوب ، وإنما هو سواد بن غزية ، وقد مرّ الحديث في ترجمته في حرف السين المهملة مخرجا من سيرة ابن إسحاق ، وكتب صاحب الحاشية قصته قبالة ترجمته من الاستيعاب منسوبا إلى تخريج ابن إسحاق على الصواب.

الغين بعدها الشين

٦٩٥٧ ـ غشمير بن خرشة القارئ (٢).

__________________

(١) في أ : وتشديد المثناة التحتانية.

(٢) أسد الغابة ت (٤١٨٠) ، الاستيعاب ت (٢٠٨٩).

٢٧١

ذكر ابن دريد في كتاب الاشتقاق أن له صحبة ، قال : وهو قاتل عصماء بنت مروان اليهودية التي كانت تهجو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . واستدركه ابن الأمين.

قال ابن دريد : وغشمير : فعليل من الغشمرة ، وهو أخذك الشيء بالغلبة.

قلت : صحّفه أبو بكر ، ثم تكلف تفسيره ، وإنما هو عمير لا شك فيه ولا ريب ، وهو عمير بن خرشة بن عدي القارئ ، بالهمزة ، كما تقدم على الصواب في ترجمته.

الغين بعدها الضاد

٦٩٥٨ ـ غضيف بن الحارث الكندي (١):.

تابعي معروف. حدث عن الصحابة في السنن ، وقد تقدم التنبيه عليه في القسم الأول.

وفرّق ابن عبد البرّ بين غضيف بن الحارث الكندي هذا ، وبين غضيف بن الحارث الأول ، فأجاد ، لكن لم يحك خلافا في كون هذا صحابيّا أم لا ، فلم يعمل في ذلك شيئا.

الغين بعدها الطاء

٦٩٥٩ ـ غطيف بن أبي سفيان (٢).

ذكره البغويّ في الصحابة. وقال ابن مندة : ذكر في الصحابة ، ولا يصح عداده في التابعين ، ثم روى هو والبغوي ، من طريق بقية ، حدثنا معاوية بن يحيى ، عن سعيد بن السائب ، وفي رواية البغوي سليمان بن سعيد بن السائب : سمعت غطيف بن أبي سفيان يذكر أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : سيكون بعدي أئمة يسألونكم غير الحق ، فأعطوهم ما يسألونكم ، والله الموعد.

وذكره ابن الجوزيّ في «الضّعفاء» فيمن اختلف في صحبته.

وقال ابن أبي حاتم في «المراسيل» : سألت أبي وأبا زرعة عنه ، فقالا : هو تابعي.

قلت : ذكر ابن حبان في التابعين أنه مات سنة ثمان وأربعين ومائة ، فبهذا لا تصحّ له صحبة ولا إدراك. وله حديث آخر مرسل رواه الحسن بن سفيان في مسندة ، عن الفضل بن موسى ، عن ابن المبارك ، عن الحكم بن هشام ، عنه ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٨٢) ، الاستيعاب ت (٢٠٨٥).

(٢) أسد الغابة ت (٤١٨٥).

٢٧٢

وآله وسلم : «أيّما امرأة ماتت جمعا (١) لم تطمث دخلت الجنّة».

هكذا أورده أبو نعيم في ترجمة هذا ، وفرّق البخاري في تاريخه ، وابن أبي حاتم بين غطيف بن أبي غطيف بن (٢) أبي سفيان ، شيخ سعيد بن السائب ، وبين راوي هذا الحديث ، فقال : غطيف بن سفيان روى عنه الحكم بن هشام لم يزد على ذلك.

الغين بعدها الميم والنون

٦٩٦٠ ز ـ غنيم (٣)بن كليب الجمحيّ.

ذكره خلف بن القاسم شيخ ابن عبد البر ، واستدركه على أبي علي بن السكن ، وكتب بخطه حاشية على كتابه ، قال : أنبأنا أبو الطاهر محمد بن أحمد بمكة ، حدثنا أبي ، حدثنا المفضل بن محمد الجندي ، حدثنا ثابت بن معاذ ، حدثنا عبد المجيد : قال : ذكر ابن جريج عن أبي دعثم ، واسمه غثيم بن كليب الجمحيّ ، قال : أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجته ، ودفع من عرفة إلى جمع ، والنار توقد بالمزدلفة ، وهو يرميها (٤) حتى نزل قريبا [منها] (٥).

قلت : وهو غلط من أوجه : الأول أنه عثيم بالعين المهملة والثاء المثلثة لا بالغين المعجمة والنون (٦) ، كذلك ضبطه البخاري ، والدار الدّارقطنيّ ، وعبد الغني وغيرهم. الثاني أنه جهمي لا جمحي ، الثالث أنه غنيم بن كثير بن كليب ، نسب في هذه الرواية إلى جده. الرابع أنه من أتباع التابعين لا من الصحابة ولا من التابعين ، وإنما روى عن أبيه عن جده هذا الحديث وغيره. الخامس أن ابن جريج ما سمع من غنيم هذا ، وإنما روى عنه بواسطة ، ففي سنن أبي داود ، من طريق ابن جريج ، أخبرت عن غنيم بن كثير بن كليب فذكر حديثا.

ووقع لنا ذلك الحديث ، من طريق إبراهيم بن أبي يحيى ، عن غنيم ، فكأنه شيخ ابن جريج فيه. ويجوز أن يكون ابن جريج لقي غنما وحدّث عن واحد عنه.

الغين بعدها الميم

٦٩٦١ ـ غمر الجمحيّ.

ذكره ابن شاهين في آخر حرف الغين المعجمة من كتاب الصحابة ، ورأيته مضبوطا

__________________

(١) أي تموت بكرا. النهاية ١ / ٢٩٦.

(٢) سقط في أ.

(٣) في المغازي : سماه عييم بن جبير بن كليب.

(٤) في المغازي : وهو يؤمها.

(٥) سقط في أ.

(٦) ولا تصغير فيه كذلك.

٢٧٣

بخط من كتب عنه بفتح الغين وسكون الميم.

وأخرج من طريق بقية عن بحير بن سعد ، عن خالد بن سعدان ، عن جبير بن نفير ، عن عمرو الجمحيّ ـ أنه حدثه أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله ...» (١) الحديث.

قال ابن شاهين : وقال آخرون : غمر بضم الغين المهملة وفتح الميم.

قلت : وهو غلط على غلط ، والصواب عمرو بن الحمق ، كما بيّنته فيما مضى.

٦٩٦٢ ز ـ غنمة بن عدي بن عبد مناف بن كنانة بن جهمة بن عدي بن الربعة :.

استدركه ابن الدباغ على ابن عبد البر ، وهو خطأ نشأ عن تصحيف ، وإنما هو عنمة ، بالمهملة ، كذلك قيده الدار الدّارقطنيّ في المؤتلف والمختلف ، وذكر أنّ له حديثا في المسح على الخفين ، نبّه على ذلك ابن فتحون. وذكر الرشاطي في الأنساب أنّ ابن فتحون ذكره بالغين المعجمة ، وتعقبه بكلام الدار الدّارقطنيّ ، ويحتاج هذا إلى تحرير. والصواب بالعين المهملة. والله أعلم.

الغين بعدها الياء

٦٩٦٣ ز ـ غيلان بن جامع.

ذكر أبو حاتم في ترجمة غيلان بن جامع بن راشد المحاربي الكوفي القاضي المشهور ـ أنّ بعضهم روى من طريقه حديثا مرسلا. وفرّق بينهما ، كأنه ظنه صحابيا آخر لكونه من رواية إسماعيل بن أبي خالد ، وهو تابعي ، وهو أكبر من المحاربي ، قال أبو حاتم : وهو عندي واحد.

قلت : وغيلان جلّ روايته عن أوساط التابعين ، كأبي إسحاق السّبيعي ، ولم يدرك أحدا من الصحابة ، وأكبر شيخ له أبو وائل بن سلمة أحد المخضرمين ، ثم راجعت تاريخ البخاري فعرفت أنه المراد بقول أبي حاتم بعضهم ، لكن لم يقل البخاري غيلان بن جامع ، وإنما قال : غيلان روى عنه إسماعيل بن أبي خالد ، ذكره بغير ترجمة غيلان بن جامع وغيره ممّن اسمه غيلان ، فهو عنده آخر غير معروف.

__________________

(١) أخرجه الترمذي في سننه ٣ / ٣٩٣ في كتاب القدر باب ٨. حديث رقم ٢١٤٢ ، وقال هذا حديث حسن صحيح. وأحمد في المسند ٤ / ١٣٥ ، الحاكم في المستدرك ١ / ٣٤٠ والهيثمي في الزوائد ٧ / ٢١٤ ، ٢١٥. وأورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم ٣٠٧٦٤ ، ٤٣٠٧٦٦ ، ٣٠٧٩٥.

٢٧٤

حرف الفاء

القسم الأول

الفاء بعدها الألف

٦٩٦٤ ـ فاتك بن عمرو الخطميّ (١).

ذكره أبو نعيم ، وروى من طريق عمرو بن مالك الراسبي ، حدثنا الفضيل بن سليمان ، حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، عن الحليس بن عمرو ، عن بنت الفارعة ، عن جدها فاتك بن عمرو الخطميّ ، قال : عرضت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رقية العين ، فأذن لي فيها ، ودعا لي بالبركة ، وهي من كل شيء ، بسم الله ، وبالله ، أعيذك بالله من شر ما ذر أو برأ ، ومن شر ما اعتريت واعتراك ، والله ربّي شفاك ، وأعيذك بالله من شر ملقح ومحيل يعني من يولد ومن لا يولد.

وقال أبو موسى : روى إبراهيم بن محمد ، عن عبد العزيز ، عن الحليس ، عن أمه ، عن جدها حبيب بن فديك بن عمرو السلاماني ـ أنه عرض على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فذكره.

قلت : فضيل أقوى من إبراهيم ، ويحتمل التعدد.

٦٩٦٥ ـ فاتك ، غير منسوب (٢).

روى الطبراني ، والباوردي ، وابن عدي ، وغيرهم ، من طريق زيد بن الحريش ، عن عبيد الله بن عمر (٣) ، عن أيوب ، وعن نافع ، عن ابن عمر ، قال : أتي النبي صلّى الله عليه

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٩٤) ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٤.

(٢) أسد الغابة ت (٤١٩٦).

(٣) في أسد الغابة : عمرو.

٢٧٥

وآله وسلم بسارق ، فقطعه ، وكان غريبا ، في شدة البرد ، فقام رجل يقال له فاتك فضرب عليه خيمة وأوقد له نويرة ، فخرج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبر بذلك ، فقال : اللهمّ اغفر لفاتك كما آوى عبدك هذا المصاب.

٦٩٦٦ ـ الفاكه بن بشر (١)بن الفاكه بن زيد بن خلدة بن عامر بن زريق الأنصاري الزّرقيّ:

ذكره ابن إسحاق فيمن شهد بدرا.

٦٩٦٧ ـ الفاكه بن سعد (٢)بن حبتر بن عنان بن عامر بن خطمة الأنصاري الأوسي الخطميّ :

قال ابن مندة : يكنى أبا عقبة ، له صحبة.

روى عنه ابنه عقبة ، ذكره ابن الكلبيّ فيمن شهد صفّين مع علي من الصحابة ، وقتل بها ، وله حديث في سنن ابن ماجة بسند ضعيف في الغسل يوم الفطر.

روى عنه ابن ابنه عبد الرحمن بن عقبة بن الفاكه.

والفاكه بكسر الكاف بعدها هاء أصلية.

قال ابن سعد : أنصاري ، صحب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأخرج البغوي ، والباوردي ، من طريق أبي جعفر الخطميّ ، عن عبد الرحمن بن عقبة بن الفاكه الأنصاري ، عن جده الفاكه بن سعد ، وله صحبة ، كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يغتسل يوم الجمعة.

ووقع في «الاستيعاب» : روى أبو جعفر الخطميّ ، عن عبد الرحمن بن سعد بن الفاكه ابن سعد ، عن أبيه ، عن جده فذكر الحديث ، وتبع في ذلك ابن أبي حاتم.

وهو وهم في موضعين في تسمية والد عبد الرحمن سعدا ، وإنما هو عقبة ، وزيادة قوله : عن أبيه في السند ، وكذلك أخرجه الباوردي من وجه آخر ، عن أبي جعفر ، لكن قال : عن عبد الله بن عقبة ، عن جده ، بدل عبد الرحمن ، فقال : عبد الله.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٩٧) ، الاستيعاب ت (٢٠٩١).

(٢) أسد الغابة ت (٤١٩٨) ، الاستيعاب (٢٠٩٢) ، الثقات ٣ / ٣٣٣ ، الكاشف ٢ / ٣٧٨ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٨٣ ، تقريب التهذيب ٢ / ١٠٧ ، الجرح والتعديل ٧ / ٥٢٣ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٢٥٥ ، خلاصة تذهيب الكمال ٢ / ٣٤٠ ، الطبقات الكبرى ٧ / ٧٧ ، الطبقات ٨٣ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٤ ، تهذيب الكمال ٢ / ١٠٩١ ، بقي بن مخلد ٩٤٣.

٢٧٦

وحبتر : بفتح المهملة وسكون الموحدة بعدها مثناة ثم راء. ووقع في الاستيعاب جبر ، بفتح الجيم وموحدة ساكنة ثم راء ، وهو تصحيف.

٦٩٦٨ ـ الفاكه بن السكن : بن خنساء بن كعب بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي (١).

قال ابن الكلبيّ : شهد ما بعد بدر من المشاهد ، وكان فارس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ويقال : إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سماه المؤمن في قصة جرت له.

٦٩٦٩ ـ الفاكه بن عمرو الداريّ (٢): من رهط تميم الداريّ.

قال جعفر المستغفري : له صحبة ، وكذا قال ابن حبان ، وزاد ابن عم تميم الداريّ سكن بيت جبرين ، من فلسطين وبها مات.

٦٩٧٠ ـ الفاكه بن النعمان الداريّ (٣) ، من رهط تميم الداريّ أيضا.

ذكره المستغفريّ ، وروى من طريق ابن إسحاق أنه من جملة البدريين الذين أوصى بهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذكره أيضا الواقديّ ، والطّبريّ ، وقال : هو فاكه بن النعمان بن جبلة بن ضفارة بن ربيعة بن دارع بن عديّ بن الدار.

وقد تقدّم في ترجمة الطيّب أن اسم هذا رفاعة ، والله أعلم.

٦٩٧١ ـ فائد بن عمارة : بن الوليد بن المغيرة المخزومي ، ابن أخي خالد بن الوليد. يأتي ما يدلّ على أن له صحبة في ترجمة أخيه الوليد بن عمارة.

٦٩٧٢ ـ فائد ، مولى بن عبد الله بن سلام.

أخرج له المفيد بن النعمان الرافضيّ في مناقب عليّ حديثا من طريق إبراهيم بن عمرو ، عمن حدثه ، عن فائد مولى عبد الله بن سلام ، قال : نزل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الجحفة في غزوة الحديبيّة ، فلم يجد بها ماء ، فبعث سعد بن مالك ، فرجع بالروايا واعتذر ، فبعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّا فلم يرجع حتى ملأها.

الفاء بعدها التاء

٦٩٧٣ ـ فتح ، غلام تميم : الداريّ.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٩٩).

(٢) أسد الغابة ت (٤٢٠٠) ، الثقات ٣ / ٣٣٢ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٤.

(٣) أسد الغابة ت (٤٢٠١).

٢٧٧

رأيته بخط الخطيب بسكون المثناة من تحت بعدها مهملة ، وقد تقدم في سراقة.

الفاء بعدها الجيم

٦٩٧٤ ـ الفجيع : بجيم مصغرا (١) ، ابن عبد الله بن جندع ـ بضم الجيم والدال وسكون النون بينهما وآخره مهملة ، ابن البكاء ، واسمه ربيعة بن عمرو (٢) بن ربيعة بن عامر بن صعصعة البكائي.

قال البخاريّ ، وابن السّكن ، وابن حبّان ، له صحبة.

وقال ابن أبي حاتم : أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كوفي وذكره ابن سعد في طبقة الفتحيين. وقال البغويّ : سكن الكوفة.

وله حديث في سنن أبي داود بإسناد لا بأس به في سؤاله ما يحلّ من الميتة وأخرجه البخاري في التاريخ عنه ، والبغوي من طريقه.

وله حديث آخر رواه ابن أبي عاصم في «الوحدان» من طريق أبي نعيم ، قال : أخرج إلينا عبد الملك بن عطاء البكائي كتابا فقال : اكتبوه ولم يمله علينا. وزعم أنّ بنت الفجيع حدثته به ، فإذا فيه : هذا كتاب من محمد النبي للفجيع ، ومن تبعه ، ومن أسلم وأقام الصلاة ، وآتى الزكاة ، وأطاع الله ورسوله ، وأعطى من المغنم خمس الله ، ونصر نبي الله ، وفارق المشركين فهو آمن بأمان اللهعزوجل وأمان محمد.

ورواه ابن شاهين ، من طريق عبد الرحيم بن زيد البارقي ، عن عقبة بن وهب البكائي ، عن الفجيع نحوه.

وأشار ابن الكلبيّ إلى هذا الحديث ، فقال : وفد على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكتب له كتابا ، فهو عندهم.

وقد تقدم ذكره في ترجمة بشر بن معاوية البكائي في القسم الأول أيضا.

الفاء بعدها الدال

٦٩٧٥ ز ـ فدفد : بن خنافة البكري.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤٢٠٢) ، الاستيعاب ت (٢١١٢) ، الثقات ٣ / ٣٣٤ ، الكاشف ٢ / ٣٧٨ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٨٣ ، تقريب التهذيب ٢ / ١٠٧ ، الجرح والتعديل ٧ / ٥٢٢ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٢٥٧ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٥ ، الطبقات الكبرى ٦ / ٤٦ ، خلاصة تهذيب الكمال ٢ / ٣٤٠ ، التاريخ الكبير ٧ / ١٣٧ ، تهذيب الكمال ٢ / ١٠٩٢ ، بقي بن مخلد ٨٢٢.

(٢) في أسد الغابة : عامر.

٢٧٨

ذكره أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتاب له ، فقال : قدم فدفد بن خنافة البكري على أبي سفيان بمكة ، وكان فدفد فاتك بني بكر ، فاتّفق مع أبي سفيان على قتل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعشرين ناقة ، ودفع إليه خنجرا مسموما ، قال فدفد : خرجت من عند أبي سفيان وأنا نشوان. فلما صحوت فكّرت في عظيم ما أقدمت عليه ، فسرت حتى إذا كنت بالرّوحاء في ليلة مظلمة ما أرى موضع أخفاف الناقة ، فلاح لي وميض البرق ، وإذا بهاتف من جوف الوادي يقول :

رسول أتى من عند ذي العرش صادقا

على طرق الخيرات للنّاس واقف

[الطويل]

فظننته بعض السيارة ، وقصدت الصوت ، فلما بلغت موضعه تسمعت فلا حسّ ، فقفّ شعري ، وعلمت أنه بعض الجنّ ، فأنشأت أقول :

لك الخير قد أسمعتني قول هاتف

ونبّهت حوسا قلبه غير خائف

[الطويل]

فأجابني وكأنه تحت ناقتي :

لحا الله أقواما أرادوا محمّدا

بسوء ولا أسقاهم صوب ماطر

عكوفا على الأوثان لا يتركونها

وقد أمّ دين الله أهل البصائر

[الطويل]

فمضيت لوجهي ، وفيّ ما سمعت ، فأصبت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بني عبد الأشهل يتحدّث ، وقد أخبرهم عن كل ما اتفق ، وقال : سيطلع عليكم الآن ، فلا تهيجوه ، وكنت لا أعرفه ، فقلت لصبي : أين هو محمد القرشي الّذي قدم عليكم؟ فنظر إليّ متكرّها ، وقال : ويلك! ثكلتك أمك! لو لا أنك غريب جاهل لأمرت بقتلك! ألا تقول : أين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ هو ذاك عند النخلة العوجاء عند أصحابه ، فائته فإنك إذا رأيته أكبرته ، وشهدت بتصديقه ، وعلمت أنك لم تر قبله مثله ، قال : فنزلت عن راحلتي ، ثم أتيته ، فأخبرني بما اتفق لي مع أبي سفيان ومع الهاتف ، ثم دعاني إلى الإسلام فأسلمت ، وهو القائل :

ألا أبلغا صخر بن حرب رسالة

بأنّي رأيت الحقّ عند ابن هاشم

رأيت امرأ يدعو إلى البرّ والتّقي

عليما بأحكام الهدى غير ظالم

فأخبرني بالغيب عمّا رأيته

وأسررته من معشر في مكاتم

[الطويل]

٢٧٩

٦٩٧٦ ز ـ فديك : حكى السهيليّ أنه كان أمير السرية التي قتل فيها أسامة بن زيد الرجل الّذي أظهر الإسلام ، وقال غيره : اسمه قليب ، وسيأتي.

٦٩٧٧ ـ فديك بن عمرو السلاماني (١).

تقدم ذكره وحديثه في ترجمة أبيه حبيب ، وقيل : فريك بالراء بدل الدال ، قاله الطبري ، وقيل فويك بالواو ، قاله البغويّ ، وأبو الفتح الأزدي ، وابن شاهين ، وجعفر المستغفريّ ، وأبو عمر بن عبد البر وغيرهم. وقال ابن فتحون : رأيته في كتب ابن أبي حاتم وابن السكن بالواو.

٦٩٧٨ ـ فديك الزبيدي (٢).

ويقال العقيلي ، وهو أشبه ، والد بشير بن فديك ، وجدّ صالح بن بشير بن فديك ، تقدم ذكره وحديثه في القسم الرابع. وقال البخاري : فديك صاحب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم ذكر عن الأوزاعي ، وعن الزبيري ، كلاهما عن الزهري ، عن صالح بن بشير بن فديك ، قال : خرج فديك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فذكر الحديث في الهجرة وذكر ابن أبي حاتم نحوه.

وقال البغويّ : سكن المدينة ، وذكره ابن حبّان ، فقال : حديثه عند ولده ، وقال ابن السكن : يقال إن فديكا وابنه بشيرا جميعا صحبا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الفاء بعدها الراء

٦٩٧٩ ـ فرات : بن ثعلبة البهراني (٣) يأتي في الثالث.

٦٩٨٠ ـ فرات بن حيان بن ثعلبة (٤) بن عبد العزى بن حبيب بن حية بن ربيعة بن صعب بن عجل بن لجيم الربعي اليشكري ثم العجليّ ، حليف بني سهم.

ووقع في سياق نسبه عند أبي عمر سعد بدل صعب ، وهو وهم.

__________________

(١) الجرح والتعديل ٥٠٦ ، الثقات ٣ / ٣٤٤ ، أسد الغابة ت (٤٢٠٤).

(٢) أسد الغابة ت (٤٢٠٣) ، الاستيعاب ت (٢١١٣).

(٣) أسد الغابة ت (٤٢٠٦) ، الاستيعاب ت (٢٠٩٣).

(٤) أسد الغابة ت (٤٢٠٥) ، الاستيعاب ت (٢٠٩٤) ، الثقات ٣ / ٣٣٣ ، تقريب التهذيب ٢ / ١٠٧ ، الكاشف ٢ / ٣٧٩ ، الجرح والتعديل ٧ / ٤٤٩ ، ٤٥٠ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٢٥٨ ، ثقات ٢ / ٢٩٧ ، خلاصة تهذيب الكمال ٢ / ٣٣٢ ، الطبقات ٦٥ ، ١٣٢ ، الطبقات الكبرى ٦ / ٤٠ ، المصباح المضيء ١ / ٣١٢ ، حلية الأولياء ٢ / ١٧ ، التاريخ الكبير ٧ / ١٢٨ ، تهذيب الكمال ٢ / ١٠٩٢ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٥ ، جامع التحصيل ٣٠٨ ، الإكمال ٢ / ٣٢٥ ، دائرة معارف الأعلمي ٢٣ / ١٨٥ ، بقي بن مخلد ٤٧٤.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

المياه أو مراحها ، فإن تعدّدت الموارد كلّف أربابها الاجتماع في موضع واحد إذا كان يكفيها ليخفّ على الساعي من غير ضرر على أربابها ، فإذا أراد عدّها ضمّ الغنم إلى حيطان أو جدار أو جبل ، ثم يحصرها حتى لا يكون لها طريق إلّا ما تمرّ فيه شاة شاة أو شاتين شاتين.

فإذا عدّها وادّعى المالك الخطأ ، وأنّها أقلّ ، عُدّت مرة ثانية وثالثة ، وكذا لو ظن العادّ أنّه أخطأ.

ولو أخبره المالك بالعدد وكان ثقةً ، قُبل منه. وهو قول الشافعي(١) .

مسألة ٢٣١ : إذا فرّق المالك الزكاة بنفسه ، لم يخرج نصيب العامل‌ ؛ لأنّه لم يعمل فلم يستحق شيئاً. وكذا لو فرّق الإِمام بنفسه أو نائبه ، ولا نعلم فيه خلافاً. ولو فرّقها الساعي ( أو الإِمام )(٢) فلا بحث.

وإن احتاج الساعي الى بيعها لمصلحة من إزالة كُلفة في نقلها أو مرضها أو نحوه ، كان له ذلك ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رأى في إبل الصدقة كوماء(٣) ، فسأل عنها ، فقال المصدّق : إنّي ارتجعتها بإبل ، فسكت(٤) .

والرجعة : أن يبيعها ويشتري بثمنها مثلها أو غيرها.

فإن لم تكن حاجة إلى بيعها ، احتمل جوازه ؛ لسكوتهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين أخبره المصدّق بارتجاعها ، ولم يستفصل. وعدمه ؛ لأنّه مال الغير ، فيبطل البيع ، وعليه الضمان.

مسألة ٢٣٢ : ويستحب للعامل أن يسم نعم الصدقة‌ - وبه قال الشافعي(٥) - لما روي أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يسم الإِبل في‌

____________________

(١) المجموع ٦ : ١٧٠.

(٢) كذا في النسخ الخطية والطبعة الحجرية. والصحيح : بإذن الإِمام‌.

(٣) كوماء : الناقة العظيمة السنام. غريب الحديث - للهروي - ٣ : ٨٤.

(٤) أورد ما بمعناه ، ابن أبي شيبة في مصنّفه ٣ : ١٢٥ و ١٢٦.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٦ ، المجموع ٦ : ١٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٣.

٣٢١

أفخاذها ، ووسم الغنم في آذانها(١) . وعليه إجماع الصحابة.

ولأنّ الحاجة تدعو إليه في تمييز إبل الصدقة من إبل الجزية وغيرها ، وربما شردت فعرفها من وجدها فردّها ، وربما رآها المالك فيكره شراءها.

وقال أبو حنيفة : يكره ؛ لأنّه مُثلة(٢) . وفعل النبيعليه‌السلام أولى.

ويستحب أن توسم في المواضع الصلبة المنكشفة كأفخاذ الإِبل وآذان الغنم ، وأن يكتب على الميسم ما تؤخذ له ، فعلى إبل الزكاة زكاة أو صدقة.

وعلى إبل الجزية جزية أو صغار. ولو كتب عليها لله ، كان أبرك وأولى.

مسألة ٢٣٣ : لا يجوز دفع الزكاة إلى وُلاة الجور‌ عند علمائنا أجمع ؛ لانتفاء ولايتهم واستحقاقهم لها ، فلا سبب يقتضي تسويغ الدفع إليهم.

ولقوله تعالى( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) (٣) والجائر ظالم ، ودفع الزكاة إليه ركون اليه، فيبقى في عهدة التكليف.

وقال الشافعي : يجوز الدفع الى وُلاة الجور سواء عدل فيها أو جار ، وسواء أخذها قهراً أو دفعها اليه اختياراً. وبه قال أحمد وأبو ثور(٤) .

واختلفوا ، فقال أبو علي الطبري : دفعها الى الجائر أولى(٥) ؛ لما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ستكون بعدي اُمور تنكرونها ) فقالوا : ما نصنع؟ فقال : ( أدّوا حقّهم واسألوا الله حقّكم )(٦) .

____________________

(١) صحيح البخاري ٧ : ١٢٦ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٧٤ / ١١٠ - ١١٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٨٠ / ٣٥٦٥ ، مسند أحمد ٣ : ١٧١ و ٢٥٤ و ٢٥٩.

(٢) المجموع ٦ : ١٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٣ ، عمدة القارئ ٩ : ١٠٧ ، فتح الباري ٣ : ٢٨٦.

(٣) هود : ١١٣.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٥ ، المجموع ٦ : ١٦٤ ، المغني ٢ : ٥٠٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٣.

(٥) لم نجده في مظانّه من المصادر المتوفّرة لدينا.

(٦) صحيح مسلم ٣ : ١٤٧٢ / ١٨٤٣ ، المعجم الصغير للطبراني ٢ : ٨٠ ، مسند أحمد =

٣٢٢

ولأنّ أبا صالح قال : أتيت سعد بن أبي وقاص فقلت : عندي مال واُريد أن اُخرج زكاته وهؤلاء القوم على ما ترى فما تأمرني؟ فقال : ادفعها اليهم ، فأتيت ابن عمر فقلت فقال [مثل](١) ذلك ، فأتيت أبا هريرة فقال مثل ذلك ، فأتيت أبا سعيد الخدري فقال مثل ذلك(٢) .

ولا حجة فيه ؛ لأنّه ليس إجماعاً ، ولجواز علم الإِكراه. وكذا في حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إن حمل على الزكاة.

مسألة ٢٣٤ : إذا أخذ الجائر الزكاة ، قال الشيخ : لم يجزئ عنه‌(٣) ؛ لأنّ أبا اُسامة قال للصادقعليه‌السلام : جعلت فداك هؤلاء المصدّقون يأتوننا فيأخذون منّا الصدقة نعطيهم إيّاها؟ فقال : « لا ، إنّما هؤلاء قوم غصبوكم ، أو قال : ظلموكم وإنّما الصدقة لأهلها »(٤) .

وقال في التهذيب : الأفضل إعادتها(٥) . وهو يعطي الجواز ، وبه قال الشافعي وأحمد(٦) ، لقول الصادقعليه‌السلام في الزكاة : « ما أخذ منكم بنو اُمية فاحتسبوا ، ولا تعطوهم شيئاً ما استطعتم ، فإنّ المال لا يبقى [ على هذا ](٧) أن يزكّى مرتين »(٨) .

وقال أبو حنيفة : تجزئ فيما غلبوا عليه. وقال : إذا مرّ على الخوارج‌

____________________

= ١ : ٤٢٨ نحوه.

(١) زيادة يقتضيها السياق.

(٢) سنن البيهقي ٤ : ١١٥ ، والمغني ٢ : ٥٠٦ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٧٢.

(٣) الخلاف ٢ : ٣٢ ، المسألة ٣٢.

(٤) التهذيب ٤ : ٤٠ / ١٠١ ، الاستبصار ٢ : ٢٧ / ٧٨.

(٥) التهذيب ٤ : ٣٩.

(٦) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٥ ، المجموع ٦ : ١٦٤ و ١٦٥ ، المغني ٢ : ٥٠٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٣.

(٧) زيادة من المصدر.

(٨) الكافي ٣ : ٥٤٣ / ٤ ، التهذيب ٤ : ٣٩ - ٤٠ / ٩٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٧ / ٧٦.

٣٢٣

فعشّروه لا تجزئ عن زكاته(١) .

وقال أبو عبيد : في الخوارج يأخذون الزكاة على من أخذوا منه الإِعادة ؛ لأنّهم ليسوا بأئمّة ، فأشبهوا قطّاع الطريق(٢) .

والشافعي قال : إن أخذها إمام غير عادل أجزأت عنه ؛ لأنّ إمامته لم تزل بفسقه(٣) .

وقال أكثر الفقهاء من المحقّقين وأكثر أصحاب الشافعي : إنّ إمامته تزول بفسقه(٤) .

وقال أحمد وعامة أصحاب الحديث منهم : لا تزول الإِمامة بفسقه(٥) .

وهذا كلّه عندنا باطل ؛ لأنّ الإِمام عندنا يجب أن يكون معصوماً ، فالدافع إلى غيره مفرّط فيضمن.

أمّا لو أخذها الظالم منه قهراً فالوجه عندي التفصيل ، وهو : أنّه إن كان بعد عزل المالك لها وتعيينها ، لم يضمن ، وأجزأت ؛ لأنّ له ولاية العزل ، فتصير أمانةً في يده بعد العزل ، فإذا غصبت منه لم يضمن كسائر الأمانات ، وإن كان قبله لم تجزئ ، ولا تجب عليه فيما أخذ الظالم منه قهراً زكاة إجماعاً.

مسألة ٢٣٥ : إذا قبض الإِمام أو الساعي الصدقة دعا لصاحبها. وهل هو واجب أو ندب؟ للشيخ قولان :

أحدهما : الوجوب - وبه قال داود(٦) - لقوله تعالى( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ) (٧) والأمر للوجوب(٨) .

____________________

(١ و ٢ ) المغني ٢ : ٥٠٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٣.

(٣ و ٤ و ٥ ) حكاها الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٢ - ٣٣ ، المسألة ٣٢.

(٦) المجموع ٦ : ١٧١ ، عمدة القارئ ٩ : ٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٧.

(٧) التوبة : ١٠٣.

(٨) الخلاف ٢ : ١٢٥ ، المسألة ١٥٥.

٣٢٤

والثاني : الندب(١) - وبه قال باقي الفقهاء(٢) - عملاً بأصالة البراءة ، ولأنّهعليه‌السلام لمـّا بعث معاذاً الى اليمن قال : ( أعلمهم أنّ عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فتردّ في فقرائهم )(٣) ولم يأمره بالدعاء.

ولأنّ ذلك لا يجب على الفقير المدفوع إليه فالنائب أولى.

وأمّا الاستحباب : فللآية.

ولأنّ عبد الله بن أبي أوفى قال : كان أبي من أصحاب الشجرة ، وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أتاه قوم بصدقتهم قال : ( اللّهم صلِّ على آل فلان ) فأتاه أبي بصدقته ، فقال : ( اللّهم صلِّ على آل أبي أوفى )(٤) والصلاة هنا الدعاء والتبرك.

مسألة ٢٣٦ : يكره أن يملك الانسان ما تصدّق به اختياراً كالشراء وشبهه من عقود المعاوضات عليه ، ويجوز من غير كراهة تملّكه بميراث وشبهه ، كقبضه في دَيْن إذا دفعه الفقير ؛ لوجوبه حينئذٍ.

وليس الأول بحرام عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي(٥) - لقولهعليه‌السلام : ( لا تحلّ الصدقة لغني إلّا لخمسة : رجل‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٤٤.

(٢) المغني ٢ : ٥٠٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٦ ، المجموع ٦ : ١٧١ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٧.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٧ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠٤ - ١٠٥ / ١٥٨٤ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٣٦ / ٤.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٥٩ و ٨ : ٩٠ و ٩٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٥٦ - ٧٥٧ / ١٠٧٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٢ / ١٧٩٦ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠٦ / ١٥٩٠ ، سنن النسائي ٥ : ٣١ ، مسند أحمد ٤ : ٣٥٣ ، ٣٥٥ ، ٣٨١ ، ٣٨٣ ، سنن البيهقي ٢ : ١٥٢ ، و ٤ : ١٥٧ و ٧ : ٥.

(٥) المجموع ٦ : ٢٤١ ، المغني ٢ : ٥١٣.

٣٢٥

ابتاعها بماله )(١) .

وتصدّق رجل على اُمّه بصدقة ثم ماتت ، فسأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ( قد قبل الله صدقتك وردّها إليك الميراث )(٢) وهو في معنى الشراء.

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « فان تتبّعت نفس صاحب الغنم [ من النصف الآخر منها شاة أو شاتين أو ثلاثاً فليدفعها إليهم ثم ليأخذ صدقته ](٣) فإذا أخرجها ( فليقوّمها)(٤) فيمن يريد ، فإذا قامت على ثمن فإن أرادها صاحبها فهو أحقّ بها »(٥) .

ولأنّ ما صحّ أن يملك إرثاً صحّ أن يملك ابتياعاً كسائر الأموال.

وقال أحمد ومالك وقتادة : يحرم عليه الشراء ولا ينعقد(٦) .

وقال أصحاب مالك : إن اشتراها لم ينقض البيع(٧) ؛ لأنّ عمر قال : حملت على فرس في سبيل الله ، فأضاعه الذي كان عنده ، وظننت أنّه بائعه برخص ، فأردت أن اشتريه ، فسألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ( لا تبتعه ولا تعد في صدقتك ولو أعطاكه بدرهم ؛ فإنّ العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه )(٨) .

ولا حجة فيه ؛ لاحتمال كونه حبساً في سبيل الله فمنعه لذلك ، أو أنّه محمول على الكراهة ؛ لما في الشراء من التوصّل الى استرجاع شي‌ء منها ،

____________________

(١) سنن ابن ماجة ١ : ٥٩٠ / ١٨٤١ ، سنن أبي داود ٢ : ١١٩ / ١٦٣٥ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٢١ / ٣ ، مسند أحمد ٣ : ٥٦ ، سنن البيهقي ٧ : ١٥ و ٢٢.

(٢) المغني ٢ : ٥١٣ نقلاً عن سعيد بن منصور في سننه.

(٣) زيادة من المصدر.

(٤) في الكافي : فليقسمها.

(٥) الكافي ٣ : ٥٣٨ - ٥٣٩ / ٥ ، التهذيب ٤ : ٩٨ / ٢٧٦.

(٦و٧) المغني ٢ : ٥١٣ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٨٠ و ١٨١.

(٨) صحيح البخاري ٤ : ٧١ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢٣٩ / ١٦٢٠ ، سنن البيهقي ٤ : ١٥١.

٣٢٦

فإنّ الفقير يستحي منه فلا يماكسه في الثمن ، وربما أرخصها له طمعاً في أخذ صدقة اُخرى منه ، وربما علم أنّه إن لم يبعه إيّاها استرجعها منه ، أو توهّم ذلك ، ومثل هذا ينبغي اجتنابه.

وقال ابن عبد البر : كلّ العلماء يقولون : إذا رجعت إليه بالميراث طابت له ، إلّا ابن عمر والحسن بن حي(١) .

تذنيب : لو دعت الحاجة إلى الشراء ، بأن يكون الفرض جزءاً من حيوان لا يمكن الفقير الانتفاع بعينه ، ولا يجد من يشتريه سوى المالك ، ولو اشتراه غيره تضرّر المالك بالمشاركة ، والفقير بقلّة الثمن ، زالت الكراهة والتحريم إجماعاً ، وكذا كلّ موضع دعت الحاجة إلى البيع.

مسألة ٢٣٧ : قد بيّنا أنّه يجوز الاحتساب من الزكاة في دَيْنٍ على الفقير‌.

ومنع منه أحمد ، قال : ولو دفع الى المديون الفقير زكاته فردَّها اليه قضاءً عمّا عليه ، جاز له أخذه إلّا أن يكون حيلة. قال : فإن استقرض المديون مالاً فقضاه ثم ردّه عليه وحسبه من الزكاة ، فإن أراد بهذا إحياء ماله ، لم يجز(٢) .

فحصل من كلامه : أنّ دفع الزكاة إلى الغريم جائز سواء دفعها ابتداءً أو استوفى حقّه ثم دفع ما استوفاه اليه ، إلّا أنّه متى قصد بالدفع إحياء ماله أو استيفاء دَيْنه لم يَجُزْ ؛ لأنّ الزكاة لحقّ الله ، فلا يجوز صرفها إلى نفعه ، ولا يجوز أن يحتسب الدَّيْن الذي له من الزكاة قبل قبضه ؛ لأنّه مأمور بأدائها ، وهذا إسقاط.

والحقّ ما قلناه من جواز ذلك كلّه.

____________________

(١) المغني ٢ : ٥١٤.

(٢) المغني ٢ : ٥١٥.

٣٢٧

الفصل الرابع

في كيفية الإِخراج‌

ومباحثه ثلاثة :

الأول

النية‌

مسألة ٢٣٨ : النية شرط في أداء الزكاة‌ ، فلا تصح من دونها عند علمائنا أجمع ، وهو قول عامة أهل العلم(١) .

ولأنّه عبادة ، فتفتقر إلى النية ؛ لقوله تعالى( وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ ) (٢) .

ولقولهعليه‌السلام : ( إنّما الأعمال بالنيات )(٣) وأداؤها عمل.

ولأنّها عبادة تتنوّع إلى فرض ونفل ، فافتقرت إلى النية ، كالصلاة والصوم.

ولأنّ الدفع يحتمل الوجوب والندب ، والزكاة وغيرها ، فلا تتعيّن لأحد الوجوه إلّا بالنية.

وحكي عن الأوزاعي : أنّ النية لا تجب في الزكاة ؛ لأنّها دَيْنٌ ، فلا‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٣.

(٢) البيّنة : ٥.

(٣) صحيح البخاري ١ : ٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٤١٣ / ٤٢٢٧ ، سنن الترمذي ٤ : ١٧٩ / ١٦٤٧ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ / ٢٢٠١ ، مسند أحمد ١ : ٢٥ ، سنن البيهقي ٧ : ٣٤١.

٣٢٨

تجب فيها النية ، كسائر الديون ، ولهذا يُخرجها ولي اليتيم ، ويأخذها السلطان من الممتنع(١) .

والفرق ظاهر لانحصار مستحقه ، وقضاؤه ليس بعبادة ولهذا يسقط بإسقاط مستحقّه.

ووليّ الطفل والسلطان ينويان عند الحاجة.

مسألة ٢٣٩ : والنية : إرادة تفعل بالقلب مقارنة للدفع‌ ؛ لأنّها مع ( التقدم )(٢) تكون عزماً.

ويشترط فيها القصد الى الدفع ؛ لأنّه الفعل ، والى مخصّصاته من كون المدفوع زكاة مال أو فطرة ، وإلّا لم ينصرف إلى أحدهما ؛ لعدم الأولويّة.

والوجه وهو : الوجوب أو الندب. والتقرب إلى الله تعالى. وأنّها زكاته.

والوكيل والولي والحاكم والساعي ينوون زكاة من يخرجون عنه.

ولا يجب أن يذكر عن مال بعينه ، ولا تعيين الجنس المخرج عنه ، والتلفّظ بالنية.

وقال الشافعي : كيفية النية أن ينوي أنّها زكاة ماله ، وإن نوى أنّها واجبة أجزأه(٣) .

فإن قصد الاقتصار على هذا لا غير ، فليس بجيّد ، وإن قصد مع انضمام ما شرطناه فهو مسلَّم.

ولو نوى الزكاة ولم يتعرض بفرض لم تجزئ عندنا ، وهو أحد وجهي الشافعية(٤) .

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٣ ، المجموع ٦ : ١٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٥.

(٢) في « ط » : التقديم.

(٣) المجموع ٦ : ١٨١ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٣.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٧ ، المجموع ٦ : ١٨١ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٦.

٣٢٩

واختلف أصحابه في تقديم النية ، فجوَّز بعضهم ؛ لأنّها عبادة تجوز فيها النيابة بغير عذر ، ويجوز تقديمها على وجوبها ، فجاز تقديم النية عليها - وهو اختيار أصحاب أبي حنيفة(١) - لأنّ ذلك يؤدّي الى إيقاف أجزائه على نية وكيله ، وفي ذلك تغرير بماله مع إجازة النيابة والحاجة إليها.

وقال آخرون : لا يجوز(٢) ؛ كما قلناه ؛ لأنّها عبادة تدخل فيها بفعله ، فلا يجوز تقديم النية عليها كالصلاة ، ودخول النيابة لا يقتضي جواز تقديم النية عليها كالحج.

ونمنع جواز تقديمها ، وقد مضى ، سلّمنا ، لكن لا يصلح للعلّية ، ونوجب نية الوكيل أو نيته عند دفعه.

مسألة ٢٤٠ : الزكاة إن فرّقها المالك تولّى النية حالة الدفع‌.

وإن دفعها إلى وكيله ليفرّقها ، فإن نوى الموكِّل حالة الدفع الى الوكيل ، ونوى الوكيل حالة دفعه الى الفقراء ، أجزأ إجماعاً.

وإن لم يَنْويا معاً ، بأن يَنْويا الصدقة دون الزكاة لم يجزئه.

وإن نوى المزكِّي حال دفعه إلى الوكيل ولم يَنْو الوكيل حالة الدفع إلى الفقراء ، لم يجزئه عندنا ، وهو أحد قولي الشافعية بناءً على الوجهين في جواز تقديم النية(٣) .

ومنهم من قال : يجزئه هنا وجهاً واحداً ؛ لأنّه لـمّا اُجيزت له النيابة جازت النية عند الاستنابة(٤) .

وينتقض بالحج ، ولأنّ نية الموكِّل لم تقارن الدفع ، فوقع الفعل بغير‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٧ ، المجموع ٦ : ١٨٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ٤١.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٧ ، المجموع ٦ : ١٨١ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٥.

(٣و٤) المجموع ٦ : ١٨٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٦.

٣٣٠

نية ، فلا يعدّ عملاً.

ولو نوى الوكيل حال الدفع إلى الفقراء ولم يَنْو الموكِّل حال الدفع الى الوكيل لم يجزئه - وبه قال الشافعي وأحمد(١) - لأنّ الفرض يتعلّق بالمالك ، والإِجزاء يقع عنه.

ويحتمل الإِجزاء لو نوى الوكيل ؛ لأنّه نائب عن المالك ، والفعل ممّا تدخله النيابة ، فصحّت نية الوكيل كالحج.

أمّا لو لم يَنْو المالك حالة الدفع إلى الوكيل ، ونوى حالة دفع الوكيل إلى الفقراء ولم ينو الوكيل ، أجزأ ؛ لأنّ النائب لا اعتبار به مع فعل المنوب ما وقعت فيه النيابة.

مسألة ٢٤١ : لو دفع المالك الزكاة إلى الإِمام أو الى الساعي ونوى حالة الدفع إليهما أجزأ‌ وإن لم يَنْو أحدهما حالة الدفع الى الفقراء - وبه قال أحمد(٢) - لأنّ الإِمام وكيل للفقراء.

ولا فرق بين أن يطول زمان دفع الإِمام إلى الفقراء وبين أن يقصر.

والساعي كالإِمام ؛ لأنّه نائب عنه ، وهو نائب عن الفقراء.

ولو لم ينو المالك حالة الدفع الى الإمام أو الى الساعي ونوى أحدهما حالة الدفع الى الفقراء ، قال الشيخ : إن أخذها الإمام أو الساعي منه طوعا لم يجزئه ، وإن أخذها أحدهما منه كرها أجزأ(٣) . وهو قول بعض الشافعية(٤) ، لأنّ تعذّر النية في حقّه أسقط وجوبها عنه كالصغير والمجنون ، ومع الاختيار يكون الدفع إلى نائب الفقراء بغير نية فلا يجزئ ، كما لو دفع الى الفقراء.

____________________

(١) المجموع ٦ : ١٨٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٦ ، المغني ٢ : ٥٠٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٥.

(٢) المغني ٢ : ٥٠٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٥.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٢٣٣.

(٤) المجموع ٦ : ١٨٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٥.

٣٣١

قال الشيخ : إنّه حالة التطوع وإن لم تجزئه لكن ليس للإِمام مطالبته بها ثانيةً(١) .

وقال الشافعي : تجزئه سواء أخذها الإِمام طوعاً أو كرهاً. وفرَّق بين دفعها الى الفقراء وبين دفعها الى الإِمام ؛ لأنّ أخْذ الإِمام بمنزلة القسم من الشركاء ، فلا يحتاج إلى نية.

ولأنّ الإِمام إنّما يأخذ الزكوات الواجبة ، لأنّه لا نظر له إلّا في ذلك ، ولا يحتاج إلى نية.

ولأنّ للإمام ولاية الأخذ ، ولهذا يأخذها من الممتنع اتّفاقاً ، ولو لم تجزئه لما أخذها ، أو لَأخَذَها ثانياً وثالثاً ؛ لأنّ أخْذَها إن كان لإِجزائها فلا يحصل الإِجزاء بدون النية ، وإن كان لوجوبها فالوجوب باقٍ بعد أخذها(٢) .

وقال بعض الشافعية : لا تجزئ فيما بينه وبين الله تعالى(٣) ؛ سواء أخذها طوعاً أو كرهاً ؛ لأنّ الإِمام إمّا نائب للفقراء فلا يجزئ الدفع اليه بغير نية ، كما لو دفع الى الفقراء(٤) ، وإمّا نائب عن المالك ، فيكون كالوكيل لا يجزئ عنه إلّا مع نيته.

ولأنّها عبادة فلا تجزئ مع عدم نية مَنْ وجبت عليه إذا كان من أهل النية كالصلاة.

وإنّما اُخذت منه مع عدم الإِجزاء حراسةً للعلم الظاهر ، كالصلاة يجبر عليها ليأتي بصورتها ، ولو صلّى بغير نية لم تجزئه عند الله تعالى.

وهو وجه عندي ، ومعنى الإِجزاء : عدم المطالبة بها ثانياً.

ويمكن الفرق : بأنّ الصلاة لا تدخلها النيابة ، فلا بدّ من نية فاعلها.

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٣٣.

(٢) الاُم ٢ : ٢٣ ، المجموع ٦ : ١٨٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٥.

(٣) المجموع ٦ : ١٨٤ - ١٨٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٥ و ٥٢٦.

(٤) أي : بغير نية.

٣٣٢

وقوله : الإِمام إمّا وكيل للمالك أو للفقراء.

قلنا : بل هو والٍ على المالك ، ولا يصح إلحاق الزكاة بالقسمة ؛ لأنّها ليست عبادةً ، ولا تعتبر لها نية ، بخلاف الزكاة.

إذا عرفت هذا ، ففي كلّ موضع قلنا بالإِجزاء مع عدم نية المالك لو لم يَنْو الساعي أو الإِمام أيضاً حالة الدفع الى الفقراء ، توجَّه الإِجزاء ؛ لأنّ المأخوذ زكاة وقد تعيّنت بالأخذ.

ويحتمل عدمه ؛ لخلوّ الفعل حينئذٍ عن نية.

مسألة ٢٤٢ : قد بيّنا أنّه لا يشترط تعيين الجنس الـمُخرج عنه في النية‌ ، فلو كان له مالان ونوى عن أحدهما ولم يعيّنه ، أجزأ ، سواء كان المدفوع من جنس أحدهما أو من غير جنس شي‌ء منهما ، وله صرفه الى أيّ الصنفين شاء سواء خالف أو لا.

ومع اختلاف القيمة وقت الإِخراج والاحتساب واتّحاد المـُخرج مع أحد الجنسين إشكال : ينشأ من حصول الضرر للفقراء مع العدول عنه ، ومن تسويغه لو لم تختلف ، فكذا معه.

وعلى قول المانعين من إخراج القيمة - كالشافعي ومن وافقه(١) - يتخرّج الانصراف الى الجنس خاصة.

مسألة ٢٤٣ : يشترط في النية الجزم ، وعدم التشريك بين وجهي الفعل‌ ، فينوي الفرض إن كان واجباً ، والنفل إن كان تطوّعاً ، فلو نوى النفل عن الفرض لم يجزئ ؛ لأنّه لم يوقع العبادة على وجهها.

أمّا لو نوى الفرض عن النفل ، فالوجه : الإِجزاء ؛ لأنّ نية الأقوى تستلزم نية الأضعف.

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٧ ، المجموع ٥ : ٤٢٨ و ٤٣١ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢١.

٣٣٣

ولو نوى بجميع ما أخرجه الفرض والنفل معاً لم يجزئه عن الزكاة وكانت تطوّعاً - وبه قال الشافعي ومحمد بن الحسن(١) - لأنّه شرَّك بين الفرض والنفل في نيّته فلم يجزئ عن الفرض كالصلاة ، ولأنّ الفعل الواحد لا يقع على جهتين ، ولم ينو الفرض ، فلم يقع عنه.

وقال أبو يوسف : يجزئه عن الزكاة(٢) ؛ لأنّ النفل لا يفتقر الى تعيين النية ، فصار كأنّه نوى الزكاة والصدقة.

وليس بصحيح ، لما تقدّم.

مسألة ٢٤٤ : لو كان له مال غائب ، فأخرج الزكاة‌ ، وقال : إن كان مالي سالماً فهذه عنه ، أو تطوّع ، لم يجزئ عنه إن كان سالماً - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّه شرَّك بين الفرض والنفل ، فلم تتخلّص نية الفرض.

وقال الشيخ في المبسوط : يجزئه(٤) وليس بمعتمد.

ولو قال : إن كان سالماً فهذه عنه ، وإن كان تالفاً فهي تطوع ، فكان سالماً ، أجزأ عنه ؛ لعدم التشريك في النية بين الفرض والنفل ، وإنّما رتّب فيها النفل عن الفرض ، ونوى كلّ واحد منهما على تقدير لو لم يفعله لوقع لذلك ، فإنّه لو نوى أنّها عن ماله ، كان ذلك حكمها إن كان تالفاً فهي تطوع ، فإذا خرج بذلك أجزأه.

ولو أخرج وقال : هذه عن مالي الغائب إن كان سالماً ، وإن لم يكن سالماً فعن مالي الحاضر ، أجزأه.

وكذا لو قال : عن مالي الغائب أو الحاضر ، فإنّه يجزئه عن السالم منهما ؛ لأنّه لا يجب عليه تعيين الزكاة بمال بعينه ، ولهذا لو كان له أربعمائة ، فأخرج‌

____________________

(١و٢) حلية العلماء ٣ : ١٤٦ - ١٤٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٤٠.

(٣) الاُم ٢ : ٢٢ ، مختصر المزني : ٤٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٧ ، المجموع ٦ : ١٨٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٤.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٣٢.

٣٣٤

خمسة دراهم ينوي بها الزكاة أجزأه وإن لم يعيّنها عن إحدى المائتين.

ولو أخرج خمسة دراهم وقال : إن كان قد مات مُورّثي فهذه زكاة عمّا ورثته منه ، فكان قد ورث عنه ، لم يجزئه ؛ لأنّه أخرجها عن غير أصل يبنى عليه النية ، بخلاف ما إذا باع مال مُورّثه ثم بان أنّه قد ورثه ، فإنّه يصح البيع ؛ لأنّه لا يفتقر إلى النية ، والزكاة تفتقر إليها.

وقال الشيخ : يجزئه إن قلنا بوجوب الزكاة في الغائب ، ولو لم يكن قد مات ثم مات بعد ذلك ، لم يجزئ ؛ لفوات وقت النية(١) .

مسألة ٢٤٥ : لو أخرج وقال : هذه عن مالي الغائب إن كان سالماً‌ ؛ ولم يقل غير ذلك ، فبان سالماً ، أجزأه.

وإن بان تالفاً ، قال الشيخ : لم يكن له النقل الى غيره(٢) - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّه عيّنها لذلك المال ، فأشبه ما لو كان عليه كفّارة ، فأعتق عبداً عن اُخرى عيَّنها فلم يقع عنها ، لم يجزئه عمّا عليه ، كما لو كان عليه كفّارة ظهار ويُجرح رجلاً ويقدِّم العتق عن كفّارة القتل ، فيبرأ المجروح ، فإنّه لا يجزئه صرفها إلى الظهار وإن كان في الابتداء لا يلزمه تعيين الكفّارة بسببها ، كذا الزكاة.

والوجه عندي : الإِجزاء ؛ لأنّه نوى ما ليس ثابتاً في ذمته ، ولم ينو مطلق التطوع ، فلم يزل ملكه عنه ، فيجوز له العدول الى غيره.

مسألة ٢٤٦ : يجوز الإِخراج عن المال الغائب مع الشك في سلامته‌ ، والتمكّن منه ؛ لأنّ الأصل بقاؤه ، وتكون نية الإِخراج صحيحةً إجماعاً ، فلو دفعها الى الساعي أو الى الإِمام باختياره وقال : هذه عن مالي الغائب ، فبان تالفاً قبل الوجوب ، فإن كان المدفوع اليه قد فرَّقها ، لم يرجع عليه ، وله أن يرجع على الفقراء مع بقاء العين ؛ لفساد الدفع ، وإن كانت في يده رجع بها ،

____________________

(١و٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٣٢.

(٣) فتح العزيز ٥ : ٥٢٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٠.

٣٣٥

وكان له أن يجعلها عن غيره - وبه قال الشافعي(١) - لأنّه دفعها الى الوالي ابتداءً من غير سؤال ليفرّقها ، فيكون نائباً عنه ، ولا يضمن بالدفع الى الفقير ؛ لأنّه دفعها إليه بسؤاله.

مسألة ٢٤٧ : لو تصدّق بجميع ماله ولم يَنْو بشي‌ء منه الزكاة لم يُجزئه‌ - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّه لم يَنْو الفرض ، فأشبه ما لو صلّى ألف ركعة بنية التطوّع ، فإنّه لا يجزئه عن الفرض.

وقال أصحاب أبي حنيفة : يجزئه استحساناً ؛ لأنّه تصرّف فيه تصرّفاً لم يتعدّ به ، فلم يضمن الزكاة(٣) .

وهو ممنوع ؛ لأنّه مُتعدّ بتصرّفه بقدر الزكاة بنية التطوّع.

ولو تصدّق ببعضه ، قال محمد : أجزأه عن زكاة ذلك البعض(٤) ؛ لأنّه لو تصدّق بجميعه أجزأه عن جميعه ، فأجزأه إذا تصدّق بالبعض عن البعض.

وقال أبو يوسف : لا يجزئه(٥) ؛ لأنّا أسقطنا عنه الزكاة لو تصدّق بجميعه ؛ لزوال ملكه عن المال على وجه القربة ، وهنا لم يزل عن جميعه.

____________________

(١) الاُم ٢ : ٢٣ ، مختصر المزني : ٤٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٤.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٧ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٥.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٤٠ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٣٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٥.

(٤) بدائع الصنائع ٢ : ٤٠ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٣٤ - ٣٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٥ - ١٤٦.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ٤٠ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٣٤ - ٣٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٦.

٣٣٦

البحث الثاني

في كيفية التقسيط‌

مسألة ٢٤٨ : يجوز تخصيص بعض الأصناف بجميع الزكاة‌ ، بل يجوز دفعها إلى واحد وإن كثرت ، ولا يجب بسطها على الجميع عند علمائنا أجمع - وبه قال الحسن البصري والثوري وأبو حنيفة وأحمد ، وهو أيضاً قول عمر وحذيفة وابن عباس وسعيد بن جبير والنخعي وعطاء والثوري وأبو عبيد(١) - لقولهعليه‌السلام : ( أعلمهم أنّ عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فتردّ في فقرائهم )(٢) أخبر بأنّه مأمور بردّ جملتها في الفقراء وهم صنف واحد ، ولم يذكر سواهم.

ثم أتاه بعد ذلك مال ، فجعله في صنف ثان سوى الفقراء ، وهم المؤلّفة قلوبهم : الأقرع بن حابس وعيينة بن حصين وعلقمة بن علاثة وزيد الخيل ، قسَّم فيهم ما بعثه عليعليه‌السلام من اليمن(٣) .

ثم أتاه مال آخر فجعله في صنف آخر ؛ لقوله لقبيصة بن المخارق حين تحمّل حمالةً ، وأتاه فسأله ، فقال لهعليه‌السلام : ( أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها )(٤) .

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٢٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٧٠٥ ، المجموع ٦ : ١٨٦ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١١٣ ، شرح فتح القدير ٢ : ٢٠٥.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ١٥٨ - ١٥٩ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠٤ - ١٠٥ / ١٥٨٤ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٣٦ / ٤ و ٥ ، سنن الدارمي ١ : ٣٧٩.

(٣) صحيح البخاري ٩ : ١٥٥ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٤١ / ١٤٣ و ١٤٤ ، سنن أبي داود ٤ : ٢٤٣ / ٤٧٦٤ ، سنن النسائي ٥ : ٨٧ ، مسند أحمد ٣ : ٤ ، ٣١ ، ٦٨ ، ٧٢ ، ٧٣.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٧٢٢ / ١٠٩ ، سنن النسائي ٥ : ٨٩ ، سنن أبي داود ٢ : ١٢٠ / ١٦٤٠.

٣٣٧

وفي حديث سلمة بن صخر البياضي : أنّه أمر له بصدقة قومه(١) . ولو وجب صرفها إلى الثمانية لم يجز دفعها الى واحد.

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقسّم صدقة أهل البوادي فيهم ، وصدقة أهل الحضر في الحضر ، ولا يقسّمها بينهم بالسوية ، إنّما يقسّمها على قدر من يحضره منهم » قال : « وليس في ذلك شي‌ء موقت »(٢) .

ولأنّها لا يجب صرفها الى جميع الأصناف إذا أخذها الساعي ، فلم يجب دفعها إليهم إذا فرّقها المالك ، كما لو لم يجد إلّا صنفاً واحداً.

ولأنّ القصد سدّ الخلّة ودفع الحاجة ، وذلك يحصل بالدفع إلى بعضهم ، فأجزأ ، كالكفّارات.

وقال عكرمة والشافعي : إن دفعها الى الإِمام فقد برئت ذمته ، والإِمام يفرّقها على الأصناف السبعة سوى العاملين ؛ لسقوط حقّه(٣) بانتفاء عمله(٤) ، فإن كان السبعة موجودين ، وإلّا دفعها الى الموجودين من الأصناف يقسّمها بينهم ، لكلّ صنفٍ نصيبه ، سواء قلّوا أو كثروا على السواء.

وإن دفعها الى الساعي عزل الساعي حقّه ؛ لأنّه عامل ، وفرّق الباقي على الأصناف السبعة ، وإن فرَّقها بنفسه سقط نصيب العامل أيضاً ، وفرّقها على باقي الأصناف ، ولا يجزئه أن يقتصر على البعض ، ثم حصة كلّ صنف منهم لا تصرف إلى أقلّ من ثلاثة إن وجد منهم ثلاثة - وبه قال عمر بن عبد العزيز والزهري وعثمان البتي وعبد الله بن الحسن العنبري - لقوله تعالى :( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ ) (٥) الآية ، فجعلها لهم بلام التمليك ، وعطف‌

____________________

(١) سنن البيهقي ٧ : ٣٩٠ - ٣٩١ ، مسند أحمد ٤ : ٣٧.

(٢) الكافي ٣ : ٥٥٤ / ٨ ، الفقيه ٢ : ١٦ / ٤٨ ، التهذيب ٤ : ١٠٣ / ٢٩٢.

(٣و٤) إفراد الضمير في ( حقّه ) و ( عمله ) باعتبار الصنف.

(٥) التوبة : ٦٠.

٣٣٨

بعضهم على بعض بواو التشريك ، وذلك يوجب الاشتراك ، ونمنع الاختصاص كأهل الخمس ، والآية وردت لبيان المصرف(١) .

وحكي عن النخعي : أنّ المال إن كثر بحيث يحتمل الأصناف بسط عليهم ، وإن كان قليلاً جاز وضعه في واحد(٢) .

وقال مالك : يتحرّى موضع الحاجة منهم ، ويقدّم الأولى فالأولى(٣) .

مسألة ٢٤٩ : ويستحب بسطها على جميع الأصناف‌ - وهو قول كلّ من جوَّز التخصيص - أو الى من يمكن منهم ؛ للخلاص من الخلاف وتحصيل الإِجزاء يقيناً. ولتعميم الإِعطاء ، فيحصل شمول النفع.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقسّم صدقة أهل البوادي فيهم ، وصدقة أهل الحضر في الحضر »(٤) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه يستحب ترجيح الأشدّ حاجةً في العطية ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « ولا يقسّمها بينهم بالسوية ، إنّما يقسّمها على قدر من يحضره منهم » قال : « وليس في ذلك شي‌ء موقّت »(٥) .

ولأنّ المقتضي إذا كان في بعض الموارد أشدّ كان المعلول كذلك ، والمقتضي هو : الحاجة.

وكذا يستحب تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب ؛ لأفضليته ، ولقول الباقرعليه‌السلام : « أعطهم على الهجرة في الدين والفقه والعقل »(٦) .

وكذا يستحب تخصيص غير السائل على السائل بالزيادة ؛ لحرمانه في‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٨ و ١٨٠ ، المجموع ٦ : ١٨٦ و ١٨٨ ، المغني ٢ : ٥٢٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٧٠٥ ، بداية المجتهد ١ : ٢٧٥.

(٢) المغني ٢ : ٥٢٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٧٠٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٨.

(٣) المدونة الكبرى ١ : ٢٩٥ ، بداية المجتهد ١ : ٢٧٥ ، المغني ٢ : ٥٢٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٧٠٥ ، المجموع ٦ : ١٨٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٩.

(٤ و ٥ ) الكافي ٣ : ٥٥٤ / ٨ ، الفقيه ٢ : ١٦ / ٤٨ ، التهذيب ٤ : ١٠٣ / ٢٩٢.

(٦) الكافي ٣ : ٥٤٩ / ١ ، الفقيه ٢ : ١٨ / ٥٩ ، التهذيب ٤ : ١٠١ / ٢٨٥.

٣٣٩

أكثر الأوقات ، فكانت حاجته أمسّ غالباً.

ولقول الكاظمعليه‌السلام : « يفضّل الذي لا يسأل على الذي يسأل »(١) .

مسألة ٢٥٠ : ويستحب صرف صدقة المواشي إلى المتجمّلين ومن لا عادة له بالسؤال‌ ، وصرف صدقة غيرها الى الفقراء المدقعين(٢) المعتادين بالسؤال ؛ لأنّ عادة العرب صرف المواشي على سبيل المنحة الأشهر والشهرين ، فربما لا يحصل للمدفوع إليه ذلّة في نفسه ، جرياً على عادة العرب.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إنّ صدقة الخُفّ والظُلْف تدفع الى المتجمّلين من المسلمين ، فأمّا صدقة الذهب والفضة وما كِيْل بالقفيز وما أخرجت الأرض فللفقراء المدقعين » قال ابن سنان : قلت : وكيف صار هذا هكذا؟ فقال : « لأنّ هؤلاء متجمّلون يستحيون من الناس ، فيدفع إليهم أجمل الأمرين عند الناس ، وكلٌّ صدقة »(٣) .

مسألة ٢٥١ : ولا حدّ للإِعطاء‌ ، إلّا أنّه يستحب أن لا يعطى الفقير أقلّ ما يجب في النصاب الأول ، وهو : خمسة دراهم ، أو عشرة قراريط ، قاله الشيخان(٤) وابنا بابويه(٥) وأكثر علمائنا(٦) ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا يعطى أحد من الزكاة أقلّ من خمسة دراهم »(٧) .

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٥٠ / ٢ ، التهذيب ٤ : ١٠١ / ٢٨٤.

(٢) الدَّقْعاء : التراب. يقال : دَقِع الرجل. أي : لصق بالتراب ذُلّاً. الصحاح ٣ : ١٢٠٨.

(٣) الكافي ٣ : ٥٥٠ / ٣ ، علل الشرائع : ٣٧١ ، الباب ٩٦ ، الحديث ١ ، التهذيب ٤ : ١٠١ / ٢٨٦.

(٤) المقنعة : ٤٠ ، النهاية : ١٨٩ ، الاقتصاد : ٢٨٣ ، الجُمل والعقود ( الرسائل العشر ): ٢٠٧.

(٥) المقنع : ٥٠ ، وحكاه عنهما المحقق في المعتبر : ٢٨٤.

(٦) منهم : السيد المرتضى في الانتصار : ٨٢.

(٧) الكافي ٣ : ٥٤٨ / ١ ، التهذيب ٤ : ٦٢ / ١٦٧ ، الاستبصار ٢ : ٣٨ / ١١٦.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460