تذكرة الفقهاء الجزء ٥

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-45-0
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 192359 / تحميل: 6321
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٤٥-٠
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

(٨٠)

رواية الخلعي

قال المتقي: « عن أبي إسحاق عن عمرو ذي مرّ وسعيد بن وهب وزيد ابن يثيع قالوا: سمعنا عليّاً يقول: نشدت الله رجلاً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما قال لما قام، فقام ثلاثة عشر رجلاً فشهدوا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال فأخذ بيد علي قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره واخذل من خذله. البزار وابن جرير والخلعي في الخلعيات، قال الهيثمي: رجال إسناده ثقات. قال ابن حجر: ولكنهم شيعة »(١) .

ترجمته

١ - الذهبي: « والخلعي القاضي أبو الحسن علي بن الحسن المصري الفقيه الشافعي، وله ثمان وثمانون سنة، سمع عبد الرحمن بن عمر النحاس وأبا سعد الماليني، وطائفة، وانتهى إليه علو الإِسناد بمصر، قال ابن سكرة: فقيه له تصانيف، ولّي القضاء وحكم يوماً واستغفى وانزوى بالقرافة. توفي في ذي الحجة. قلت: وكان يوصف بدين وعبادة »(٢) .

٢ - الأسنوي: « القاضي أبو الحسن ولد بمصر في المحرم من السّنة

____________________

(١). كنز العمال ١٣ / ١٥٨.

(٢). العبر حوادث سنة ٤٩٢.

١٤١

الخامسة بعد الأربعمائة، وكان فقيهاً صالحاً، له كرامات وتصانيف، وروايات متّسعة، وكان أعلى أهل مصر إسناداً، جمع له أبو نصر أحمد بن الحسن الشيرازي عشرين جزءاً، خرّجها عنه وسمّاها الخلعيات »(١) .

(٨١)

ذكر أبي حامد الغزالي

حديث الغدير في كتابه ( سر العالمين وكشف ما في الدارين )، وسيأتي نص عبارته مع ترجمته فيما بعد إنْ شاء الله تعالى.

(٨٢)

رواية البغوي

رواه في ( المصابيح ) حيث قال: « عن زيد بن أرقم عن النبيعليه‌السلام قال: من كنت مولاه فعلي مولاه ».

ترجمته

قالالسيوطي: « محي السنّة البغوي، الإِمام الفقيه، الحافظ المجتهد، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد الفرّاء الشافعي ويلقب أيضا ركن الدين، صاحب معالم التنزيل، وشرح السنّة، والتهذيب والمصابيح، وغير ذلك. تفقه على القاضي حسين، وحدّث عنه، وعن أبي عمر عبد الواحد المليجي، وبورك له في

____________________

(١). طبقات الشافعية ١ / ٤٧٩.

١٤٢

تصانيفه لقصده الصالح، فإنّه كان من العلماء الربّانيين، ذا تعبد ونسك وقناعة باليسير، وآخر من روى عنه بالإِجازة: أبو المكارم فضل الله بن محمد البرقاني، الذي أجاز للفخر ابن البخاري. مات بمرو الروذ في شوال سنة ٥١٦ عن ثمانين »(١) .

(٨٣)

رواية رزين العبدري

رواه « عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه»(٢) .

ترجمته

قالالذهبي: « ورزين بن معاوية أبو الحسن العبدري الأندلسي السرقسطي مصنف تجريد الصحاح، روى كتاب البخاري عن أبي مكتوم ابن أبي ذر، وكتاب مسلم عن الحسين الطبري، وجاور بمكة دهراً، وتوفي في المحرم »(٣) .

____________________

(١). طبقات الحفاظ ٤٥٧. وفيه بدل « البرقاني »: « النوقاني »، وتوجد ترجمته في: تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٥٧ وتاريخ ابن كثير ١٢ / ١٩٣ ومرآة الجنان ٣ / ١٩٣ ووفيات الأعيان ١ / ١٤٥ وطبقات السبكي ٧ / ٧٥ وشذرات الذهب ٤ / ٤٨ والعبر ٤ / ٣٧ وغيرها.

(٢). الجمع بين الصحاح الستة - مخطوط.

(٣). العبر - حوادث سنة: ٥٣٥. وتوجد ترجمته في: طبقات الحفاظ ٤٥٧ وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٥٧ ومرآة الجنان ٣ / ٢١٣ وطبقات المفسرين ١ / ٢٠٥ وغيرها.

١٤٣

(٨٤)

رواية العاصمي

ورواه أحمد بن محمد العاصمي بأسانيده المختلفة، بعد أن قال في ذكر مشابه أمير المؤمنينعليه‌السلام مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « وأمّا المولى والولاية فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه ».

وقد ذكر في خطبة كتابه ما هذا نصه: « ولقد كان من أوكد ما دعاني إليه وأشد ما حداني عليه - بعد الذي قدمت ذكره وبيّنت أمره - ظن بعض الجهلة الأغثام والغفلة الذين هم في بلادة الأغنام، بنا معاشر آل الكرام وجماعة أهل السنة والجماعة الاحكام، أنا نستجيز الوقيعة في المرتضى رضوان الله عليه وحباه خير ما لديه، وفي أولاده ثم في شيعته وأحفاده، وكيف نستجيز ذلك!! وهو الذي قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه وهذا حديث تلّقته الأمة بالقبول، وهو موافق للأصول، أخبرنا الشيخ الزاهد » ثم قال بعد روايته ببعض أسانيده وطرقه: « ولهذا الحديث طرق سوى ما ذكرناه، يأتيك في الفصل الخامس من هذا الكتاب إن شاء الله عزّ وجلّ ».

وقال: « ومن ذلك قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه » ثم رواه بطرقه وأسانيده المختلفة(١) .

____________________

(١). زين الفتى في تفسير سورة هل أتى - مخطوط.

١٤٤

(٨٥)

ذكر جار الله الزمخشري

حديث الغدير وأرسله إرسال المسلَّم حيث قال: « ليلة الغدير معظّمة عند الشيعة، محياة عندهم بالتهجّد، وهي الليلة التي خطب فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير خم على أقتاب الجمال وقال في خطبته: من كنت مولاه فعلي مولاه »(١) .

ترجمته

قالعبد القادر القرشي الحنفي: « محمد بن عمر بن محمد بن عمر الزمخشري، الإِمام الكبير، المضروب به المثل في علم الأدب، لقي الفضلاء وصنّف التصانيف: التفسير وغريب الحديث وغيرهما. وله ديوان شعر. وشهرته تغني عن الإِطناب بذكره. ولد بزمخشر، قرية من قرى خوارزم، في رجب سنة ٤٦٧. وتوفي رحمه الله تعالى بجرجانية خوارزم، ليلة عرفة سنة ٥٣٧. وأجاز للحافظ السلفي »(٢) .

____________________

(١). ربيع الأبرار ونصوص الأخبار ١ / ٨٥.

(٢). الجواهر المضية في طبقات الحنفية ٢ / ١٦٠.

١٤٥

(٨٦)

رواية النطنزي

وروى أبو الفتح محمد بن علي بن إبراهيم النطنزي حديث الغدير، وستأتي عبارته فيما بعد، إن شاء الله تعالى(١) .

(٨٧)

رواية الموفق الخوارزمي

ورواه الموفّق بن أحمد المكي المعروف بأخطب خوارزم حيث قال: « وبهذا الإِسناد عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا [ بهذا ] علي بن أحمد ابن عبدان قال: أخبرنا أحمد بن عبيد قال: حدثنا أحمد بن سليمان المؤدب قال: حدثنا عثمان قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثنا أحمد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن عدي بن ثابت عن البراء، قال: أقبلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجّته، حتى إذ كنّا بين مكة والمدينة نزل فأمر منادياً الصّلاة جامعة، قال فأخذ بيد علي ثم قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: ألست أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: فهذا وليّ من أنا وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، من كنت مولاه فعلي مولاه، فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة »(٢) .

____________________

(١). وتوجد ترجمة أبي الفتح النطنزي في: الأنساب - النطنزي، الوافي بالوفيات، وغيرهما.

(٢). مناقب علي بن أبي طالب: ٩٤ باختلاف في بعض أسماء الرواة.

١٤٦

وروى أخطب خوارزم كتاباً لعمرو بن العاص إلى معاوية جاء فيه: « وأمّا ما نسيت أبا الحسن أخا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووصيّه، إلى الحسد والبغي على عثمان، وسمّيت الصحابة فسقة، وزعمت أنه أشلاهم على قتله، فهذا غواية، ويحك يا معاوية أما علمت أن أبا حسن بذل نفسه بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبات على فراشه، وهو صاحب السبق إلى الإسلام والهجرة، و قد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هو منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم: ألا من كنت مولاه فعليّ مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله »(١) .

(٨٨)

رواية عمر الملّا

ورواه الشيخ عمر بن محمد بن خضر المعروف بالملّا في كتابه في السّيرة النبويّة: « عن البراء قال: أقبلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع، حتى إذا كنا بغدير خم نودي فينا الصّلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرتين، فأخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي، ثم قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: أليس أزواجي أمّهاتكم؟ قالوا: بلى. قال: فإن هذا مولى من أنا مولاه. اللهم وال من

____________________

(١). مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. وتوجد ترجمة الخوارزمي في: شذرات الذهب حوادث: ٥٦٨، الجواهر المضيّة في طبقات الحنفية، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، وستأتي ترجمته عن المصادر المذكورة وغيرها في قسم حديث التشبيه.

١٤٧

والاه وعاد من عاداه، فلقيه بعد ذلك عمر فقال له: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة »(١) .

(٨٩)

رواية ابن عساكر

أخرج حديث الغدير بترجمة سيدنا الأميرعليه‌السلام من ( تاريخ دمشق ) بأسانيد وألفاظ كثيرة جدّاً. من الحديث رقم (٥٠١) إلى الحديث رقم (٥٨٨)، فأخرجه عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وعن: عبدالله بن مسعود، وجابر، وأبي سعيد، والبرّاء، وطلحة، وسعد، وزيد بن أرقم، وحذيفة بن أسيد، وأبي هريرة، وعمر، وعبدالله بن عمر، وسمرة، وأنس وجماعةٍ غيرهم. كما روى خبر مناشدة أمير المؤمنينعليه‌السلام الناس في رحبة الكوفة عن عدّةٍ من الصحّابة والتابعين. ونحن نكتفي هنا بإيراد الرواية التالية:

« أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو سعد الجنزرودي، أنبأنا السيد أبو الحسن محمد بن علي، أنبأنا أحمد بن علي بن مهدي، أنبأنا أبي، أنبأنا علي بن موسى الرضا، أنبأنا أبي، عن أبيه جعفر الصادق، حدثني أبي، عن أبيه على بن الحسين، عن أبيه عن جدّه علي بن أبي طالب قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ».

قال الحافظ ابن كثير: « وقد رواه معروف بن خرّبوذ [ المكي ] عن أبي الطفيل [ عامر بن واثلة ] عن حذيفة بن أسيد [ الغفاري ]. قال: لمـّا قفل رسول

____________________

(١). وسيلة المتعبّدين إلى متابعة سيد المرسلين ٥ / ١٦٢، وستأتي ترجمته وبيان اعتبار كتابه المذكور في قسم حديث التشبيه.

١٤٨

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع، أمر أصحابه أن ينزلوا عند شجرات متقاربات بالبطحاء، فنزلوا حولهنّ، ثم أمر فقم ما تحتهنّ من الشوك، وشذبن بمقدار الرؤس ثم بعث إليهم فصلّى تحتهنّ، ثم قام فقال:

أيّها الناس لقد نبأني اللّطيف الخبير أنه لم يعمّر نبي إلّا مثل نصف عمر الذي قبله، وإني لأظنّ أنه يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسئول وأنتم مسئولون، فماذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلّغت ونصحت وجهدت، فجزاك الله خيراً، قال: ألستم تشهدون أن لا إله، إلّا الله ومحمد عبده ورسوله، وأن الجنة حق وأن النار حق، وأن الموت حق، وأن البعث حق بعد الموت، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: اللهم اشهد. ثم قال: أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم، من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ثم قال: أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون عليّ الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى وصنعاء، فيه آنية عدد النجوم، قدحان من ذهب وقدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرف بيد الله وطرف بأيديكم، فاستمسكوا به ولا تضلّوا ولا تبدّلوا، وعترتي أهل بيتي، فإني نبأني اللّطيف الخبير أنهما لم يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

رواه ابن عساكر بطوله من طريق معروف كما ذكرنا »(١) .

وقال المتقي الهندي: « عن رفاعة بن أياس الضبي عن أبيه عن جدّه، قال: كنت من علي في الجمل فبعث إلى طلحة أن ألقني فلقيه، فقال: أنشدك الله أسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: نعم. قال: فلم تقاتلني؟!. كر»(٢) .

____________________

(١). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٤٩ مع الاختلاف في ألفاظ الحديث.

(٢). كنز العمال ١١ / ٣٣٢.

١٤٩

ترجمته

قالابن قاضي شهبة « علي بن الحسين بن هبة الله بن عبدالله بن الحسين، الحافظ الكبير، ثقة الدين، أبو القاسم بن عساكر، فخر الشافعية وإمام أهل الحديث في زمانه وحامل لوائهم، صاحب تاريخ دمشق، وغير ذلك من المصنّفات المفيدة المشهورة، مولده في مستهل سنة ٤٩٩. ورحل إلى بلاد كثيرة، وسمع الكثير من نحو ألف وثلاثمائة شيخ وثمانين امرأة، وتفقه بدمشق وبغداد، وكان ديّناً خيّراً يختم في كل جمعة، وأمّا في رمضان ففي كلّ يوم، معرضاً عن المناصب بعد عرضها عليه، كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قليل الالتفات إلى الامراء وأبناء الدنيا.

قال الحافظ أبو سعد السمعاني في تاريخه: هو كثير العلم، غزير الفضل حافظ ثقة متقن، ديّن خير حسن السّمت، جمع بين معرفة المتون والأسانيد، صحيح القراءة متثبت محتاط، رحل وبالغ في الطلب، إلى أن جمع ما لم يجمع غيره، وأربى على أقرانه، وصنّف التصانيف وخرّج التخاريج، وشرع في تاريخ دمشق.

وقال أبو محمد عبدالقادر الرهاوي: رأيت الحافظ السلفي والحافظ أبا العلاء الهمداني والحافظ أبا موسى المديني، ما رأيت فيهم مثل ابن عساكر. توفي في رجب سنة ٥٧١ »(١) .

____________________

(١). طبقات الشافعية. وتوجد ترجمة ابن عساكر في: تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢٨ وطبقات السبكي ٧ / ٢١٥ وتاريخ ابن كثير ١٢ / ٢٩٤ ومرآة الجنان ٣ / ٣٩٣ والمنتظم ١٠ / ٢٦١ والنجوم الزاهرة ٦ / ٧٧ ووفيات الأعيان ١ / ٣٣٥ وشذرات الذهب ٤ / ٢٣٩.

١٥٠

(٩٠)

رواية أبي موسى المديني

قال الحافظ السمهودي: « وعن عامر بن ليلى بن ضمرة وحذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنهما، قالا: لمـّا صدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع - ولم يحج غيرها - أقبل حتى إذا كان بالجحفة، نهى عن شجرات بالبطحاء متقاربات، لا ينزلوا تحتهنّ، حتى إذا نزل القوم وأخذوا منازلهم سواهنّ، أرسل إليهنّ فقمّ ما تحتهنّ وشذبن عن رؤس القوم، حتى إذا نودي للصّلاة غدا إليهنّ، فصلّى تحتهنّ، ثم انصرف إلى الناس، وذلك يوم غدير خم - وخم من الجحفة وله بها مسجد معروف - فقال:

يا أيّها الناس إنه قد نبّأني اللّطيف الخبير أنه لم يعمّر نبي إلّا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني لأظنّ أن أدعى فأجيب، وإني مسئول وأنتم مسئولون هل بلّغت، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نقول قد بلّغت وجهدت ونصحت فجزاك الله خيرا، وقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن جنّته حق وأن ناره حق، والبعث بعد الموت حق؟ قالوا: بلى. قال: أللهم اشهد، ثم قال: يا ايها الناس ألا تسمعون! ألا فإن الله مولاي وأنا أولى بكم من أنفسكم، ألا ومن كنت مولاه فهذا علي مولاه، وأخذ بيد علي فعرفها(١) حتى عرفه القوم أجمعون، ثم قال: اللهم وإل من والاه وعاد من عاداه. ثم قال: أيها الناس إني فرطكم، وأنتم واردون عليّ الحوض، أعرض مما بين بصري وصنعاء، فيه عدد نجوم السماء قدحان من فضة، ألا وإني سائلكم حين تردون عليَّ عن الثقلين،

____________________

(١). كذا ولعله: فرفعها.

١٥١

فانظروا كيف تخلفوني فيهما حين تلقوني. قالوا: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: الثقل الأكبر كتاب الله، سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم، فاستمسكوا به لا تضلّوا بعدي ولا تبدّلوا، وعترتي، فإني قد نبّأني الخبير أن لا يتفرقا حتى يلقياني، وسألت الله ربّي لهم ذلك فأعطاني، فلا تسبقوهم فتهلكوا، ولا تعلّموهم فهم أعلم منكم. أخرجه ابن عقدة في الموالاة من طريق عبدالله بن سنان عن أبي الطفيل عنهما به.

ومن طريق ابن عقدة أورده أبو موسى المديني في الصحابة وقال: إنه غريب جدّاً، والحافظ أبو الفتوح العجلي في كتابه الموجز في فضائل الصحابة »(١) .

وقال علي بن محمد المعروف بابن الاثير الجزري: « عبدالله بن ياميل. أورده ابن عقدة وحده. روى جعفر بن محمد عن أبيه وأيمن بن نائل عن عبدالله بن ياميل قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه أبو موسى »(٢) .

وروى عنه أحاديث أخرى، كما سيظهر عن كثب إن شاء الله تعالى.

ترجمته

١ - الذهبي: « وأبو موسى المديني، محمد بن أبي بكر عمر بن أحمد الحافظ صاحب التصانيف، وله ثمانون سنة، سمع من غانم البرحي وجماعة من أصحاب أبي نعيم، ولم يخلّف بعده مثله. مات في جمادي الأولى، وكان مع براعته في الحفظ والرجال صاحب ورع وعبادة وجلالة وتقى »(٣) .

٢ - الأسنوي: « الحافظ أبو موسى المديني محمد بن عمر بن أحمد المديني الاصبهاني، الامام الحافظ، ولد ليلة الاربعاء تاسع عشر ذي القعدة سنة ٥٠١،

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

(٢). أسد الغابة ٣ / ٢٧٤.

(٣). العبر - حوادث سنة ٥٨١.

١٥٢

وتخرّج بالامام إسماعيل بن محمد التيمي، وأخذ عنه المذهب، وعلوم الحديث، وسمع من خلائق كثيرين، وصنف التصانيف المشهورة النافعة، وكان ورعاً زاهداً متواضعاً متعففاً عمّا في أيدي الناس، لا يقبل لأحد شيئاً قطّ، مع الهرب من الناس.

قال ابن الدبيثي: وعاش حتى صار أوحد وقته وشيخ زمانه، توفي منتصف يوم الأربعاء تاسع جمادى الأولى سنة ٥٨١. ذكره في العبر قال: لم يخلّف بعده مثله »(١) .

٣ - ابن قاضي شهبة: « محمد بن عمر بن محمد الحافظ الكبير، أبو موسى المديني الاصبهاني أحد الأعلام، وكان حافظاً، واسع الدائرة، جم العلوم.

قال أبو سعد السمعاني: كتبت عنه وسمعت منه، وهو ثقة صدوق. وقال ابن الدبيثي »(٢) .

(٩١)

حكم التوربشتي

باعتبار حديث الغدير وشهرته، فإنه قال بعد ذكر حديث: علي منّي بمنزلة هارون من موسى وحديث الغدير والجواب عنهما - ما تعريبه: « وليس لهذه الطائفة في الأحاديث ما يتمسّكون به، إلّا هذين الحديثين المشهورين المعتبرين، وقد ذكرنا وجه الاستدلال بهما، وأما غيرهما فإمّا ضعيف لا يصلح للاحتجاج به، وإمّا موضوع لا يجوز التفوّه به، فضلاً عن الاستدلال ...»(٣) .

____________________

(١). طبقات الشافعية ٢ / ٤٤٠.

(٢). طبقات الشافعية ١ / ٣٧٣.

(٣). المعتمد في المعتقد للتوربشتي.

١٥٣

ترجمته

قالابن قاضي شهبة: « فضل الله التوربشتي. قال السبكي في الطبقات الكبرى: فقيه محدث من أهل شيراز، شرح مصابيح البغوي شرحاً حسناً، ولعله كان في حدود الستمائة »(١) .

(٩٢)

رواية أبي الفتوح العجلي

قال الشيخ نور الدين علي بن محمد المعروف بابن الصبّاغ المالكي: « وروى الحافظ أبو الفتوح أسعد بن أبي الفضائل بن خلف العجلي، في كتابه الموجز في فضائل الخلفاء الأربعة، يرفعه بسنده إلى حذيفة بن أسيد الغفاري وعامر بن ليلى بن ضمرة قالا: لمـّا صدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع - ولم يحجّ غيرها - أقبل حتى إذا كان بالجحفة، نهى عن سمرات متقاربات بالبطحاء، أن لا ينزل تحتهنّ أحد، حتى إذا أخذ القوم منازلهم أرسل فقمّ ما تحتهنّ، حتى إذا ثوّب بالصلاة - صلاة الظهر - غدا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصلّى بالناس تحتهنّ، وذلك يوم غدير خم، ثم بعد فراغه من الصلاة قال:

أيها الناس إنّه قد نبأني اللّطيف الخبير، أنه لن يعمّر نبي إلّا نصف عمر النبي الذي كان قبله، وإني لأظن بأني أدعى فأجيب، وإني مسئول هل بلغت فما أنتم قائلون؟ قالوا: نقول: قد بلّغت وجهدت ونصحت، فجزاك الله خيراً، قال: ألستم تشهدون أن لا إله إلّا الله وأن محمّداً عبده ورسوله، وأن جنّته حق

____________________

(١). طبقات الشافعية ١ / ٣٦٧. وترجمته في طبقات السبكي ٤ / ١٤٦.

١٥٤

وأن ناره حق، والبعث بعد الموت حق؟ قالوا: بلى نشهد. قال: اللهم اشهد.

ثم قال: أيها الناس ألا تسمعون: ألا فإن الله مولاي وأنا أولى بكم من أنفسكم، ألا ومن كنت مولاه فعلي مولاه، وأخذ بيد علي فعرفه حتى نظره القوم، ثم قال: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

وقد عرفت من كلام السمهودي - في رواية أبي موسى المديني - رواية العجلي لحديث الغدير، في كتابه الموجز في فضائل الصحابة.

ترجمته

١ - الذهبي: « وفيها توفي العلامة أبو الفتح العجلي منتجب الدين، أسعد ابن أبي الفضائل محمود بن خلف الاصبهاني، الشافعي الواعظ، شيخ الشافعية، عاش خمساً وثمانين سنة »(٢) .

٢ - اليافعي: « وفيها توفي الامام العلامة أبو الفتح العجلي، كان من الفقهاء الفضلاء، الموصوفين بالعلم والزهد، مشهوراً بالعبادة والنسك والقناعة، لا يأكل إلّا من كسب يده »(٣) .

٣ - ابن قاضي شهبة: « كان فقيهاً مكثراً من الرواية، زاهداً ورعاً »(٤) .

____________________

(١). الفصول المهمة في معرفة الأئمة: ٤١.

(٢). العبر - حوادث ٦٠٠.

(٣). مرآة الجنان - حوادث ٦٠٠.

(٤). طبقات الشافعية ١ / ٣٥٨.

١٥٥

(٩٣)

إثبات الفخر الرازي

إجماع الأمة على حديث الغدير، كما ذكرنا سابقاً أنه قال في ( الأربعين في أصول الدين ): «وأما الشبهة الثانية عشر، وهي التمسك بقولهعليه‌السلام : من كنت مولاه فعلي مولاه. فجوابها من وجوه، الأول: إنّه خبر واحد، قوله: الأمة اتفقت على صحّته، لأن منهم من تمسّك به في فضل علي، ومنهم من تمسّك به في إمامته. قلنا: تدعى أن كل الأمة قبلوه قبول القطع أو قبول الظن، الأول ممنوع وهو نفس المطلوب، والثاني: مسلّم ولا ينفعكم في مطلوبكم »(١) .

وتقدم أيضاً: أنه اعترف في ( نهاية العقول ) بأن مخالفي الشيعة يروون حديث الغدير، للاحتجاج به في فضل علي بن أبي طالب.

وذكر الرازي في ( تفسيره ) القول بنزول قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ. ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) الآية في غدير خم، ناسباً إيّاه إلى ابن عباس والبراء بن عازب والامام محمد بن علي الباقرعليه‌السلام ، كما علمت وستعلم إن شاء الله تعالى.

ترجمته

قالاليافعي: « وفيها الامام الكبير، العلامة النحرير، الأصولي المتكلّم، المناظر المفسّر، صاحب التصانيف المشهورة في الآفاق، الحظيّة في سوق الإِفادة بالنفاق، الامام فخر الدين الرازي، أبو عبدالله محمد بن عمر بن حسين القرشي، التيمي البكري، الملقّب بالإمام عند علماء الأصول، المقرّر لشبه مذاهب الفرق المخالفين، والمبطل لها بإقامة البراهين، الطبرستاني الأصل،

____________________

(١). الأربعين في أصول الدين ٤٦٢.

١٥٦

الرازي المولد المعروف به، الشافعي المذهب، فريد عصره ونسيج دهره، الذي قال فيه بعض العلماء: خصّه الله برأي هو للغيب طليعة، فيرى الحق بعين دونها حدّ الطبيعة، فاق أهل زمانه في الأصلين والمعقولات وعلم الأوائل، صنّف التصانيف المفيدة في فنون عديدة وكل كتبه مفيدة، وانتشرت تصانيفه في البلاد، ورزق فيها سعادة عظيمة بين العباد »(١) .

(٩٤)

رواية أبي السعادات ابن الأثير

رواه بقوله: « زيد بن أرقم - أو أبو سريحة، شك شعبة - إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه الترمذي »(٢) .

ترجمته

قالاليافعي: « وفيها العلامة مجد الدين، أبو السعادات، المبارك بن محمد ابن محمد المعروف بابن الأثير، الشيباني الجزري ثم الموصلي الكاتب. قال أبو البركات ابن المستوفي في حقه: أشهر العلماء ذكراً، وأكبر النبلاء قدراً، واحد الأفاضل المشار إليهم، وفرد الأماثل المعتمد في الأمور عليهم »(٣) .

____________________

(١). مرآة الجنان - حوادث ٦٠٦.

(٢). جامع الأصول ٩ / ٤٦٨.

(٣). مرآة الجنان - حوادث ٦٠٦. وتوجد ترجمته في الكامل ١٢ / ١٢٠.

١٥٧

(٩٥)

رواية أبي الحسن ابن الأثير

رواه بقوله: « عامر بن ليلى بن ضمرة. أورده أبو العباس ابن عقدة روى عبدالله بن سنان، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن حذيفة بن أسيد الغفاري وعامر بن ليلى بن ضمرة قالا: لما صدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع - ولم يحج غيرها - أقبل حتى إذا كان بالجحفة، وذلك يوم غدير خم من الجحفة - وله بها مسجد معروف - فقال: أيها الناس إنه قد نبأني اللّطيف الخبير، أنه لم يعمّر نبي إلّا نصف عمر الذين قبله، وإنّي يوشك أن أدعى فأجيب، ثم ذكر الحديث إلى أن قال: فأخذ بيد علي فرفعها وقال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وذكر الحديث، قال أبو موسى: هذا حديث غريب جداً، لا أعلم أني كتبته إلّا من رواية ابن سعيد. أخرجه أبو موسى »(١) .

وقال: « عبدالله بن ياميل. أورده ابن عقدة وحده. روى جعفر بن محمد عن أبيه وأيمن بن نائل، عن عبدالله بن ياميل، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه أبو موسى »(٢) .

وقال: « أبو سريحة الغفاري اسمه حذيفة بن أسيد بن خالد عن سلمة بن كهيل قال: سمعت أبا الطفيل يحدّث عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم - شك شعبة - عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

____________________

(١). أسد الغابة ٣ / ٩٢.

(٢). أسد الغابة ٣ / ٢٧٤.

١٥٨

أخرجه أبو عمر وأبو نعيم وأبو موسى »(١) .

ترجمته

قالاليافعي: « الامام الحافظ ابن الأثير، أبو الحسن علي بن محمد الجزري صاحب التاريخ، ومعرفة الصحابة، وغير ذلك، كان صدراً معظماً كثير الفضائل، كان بيته مجمع الفضل لأهل الموصل، وحافظاً للتاريخ، وخبيراً لأنساب العرب وأخبارهم وأيامهم ووقائعهم »(٢) .

(٩٦)

رواية الضياء المقدسي

رواه في ( المختارة )، الكتاب الذي التزم فيه بالصحة، قال السمهودي: « عن حذيفة بن أسيد الغفاري أو زيد بن أرقم قال: لما صدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع، نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا تحتهنّ، ثم بعث إليهن فقمّ ما تحتهنّ من الشوك، وعمد إليهنّ فصلّى تحتهن، ثم قام فقال: يا ايها الناس إنّي قد نبأني اللّطيف الخبير، أنه لم يعمّر نبي إلّا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني لأظنّ أن يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسئول وإنكم مسئولون، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلّغت وجهدت ونصحت، فجزاك الله خيراً، فقال: أليس تشهدون أن لا إله إلّا الله وأن محمّداً عبده ورسوله، وأن جنّته حق وناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث حق بعد

____________________

(١). المصدر نفسه ٥ / ٢٠٨.

(٢). مرآة الجنان - حوادث: ٦٣٠ وله ترجمة في: العبر ٥ / ١٢٠ وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٦٦ ووفيات الأعيان ٢ / ٢٧٨ وغيرها.

١٥٩

الموت، وأنّ السّاعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: اللهم اشهد.

ثم قال: يا أيها الناس إنّ الله مولا لي وأنا ولي المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه - يعني علياً - اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ثم قال: يا أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون عليّ الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى إلى صنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون عليَّ عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل، سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به لا تضلّوا ولا تبدّلوا، وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبّأني اللّطيف الخبير أنهما لن ينقضيا حتى يردا عليَّ الحوض.

أخرجه الطبراني في الكبير، والضياء في المختارة من طريق سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل، وهما من رجال الصحيح عنه بالشك في صحابيته »(١) .

وفي ( الجامع الصغير ) للسيوطي: « من كنت مولاه فعلي مولاه. حم عن البراء، حم عن بريدة، ن والضياء عن زيد بن أرقم »(٢) .

ترجمته

١ - الذهبي: « الضياء الامام العالم، الحافظ الحجة، محدث الشام شيخ السنّة، ضياء الدين أبو عبدالله محمد بن عبد الواحد ولد سنة ٥٦٩ حصّل أصولاً كثيرة، ونسخ وصنّف وصحّح وليّن وجرح وعدّل، وكان المرجوع إليه في هذا الشأن. قال تلميذه عمر بن الحاجب: شيخنا أبو عبدالله شيخ وقته، ونسيج وحده، علماً وحفظاً وثقة وديناً، من العلماء الربانيين، وهو أكثر من أن يدخل عليه مثل، كان شديد التحرّي في الرواية، مجتهداً في العبادة، كثير الذكر،

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

(٢). الجامع الصغير ٢ / ١٨١.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

وقال الشافعي : يجب تفرقة الصدقة على ستة أصناف ، ودَفع حصة كلّ صنف الى ثلاث منهم(١) وقد سبق(٢) البحث فيه.

ويجوز للجماعة دفع صدقتهم الواجبة إلى الواحد دفعة واحدة وعلى التعاقب ما لم يبلغ حدّ الغناء. وكذا يجوز للواحد دفع صدقته الواجبة الى الجماعة إجماعاً.

مسألة ٣٠٢ : ويكره أن يملك ما أخرجه صدقةً اختياراً ، بشراء أو غيره‌ ؛ لأنّها طُهرة له فكره له أخذها.

وقال الجمهور : لا يجوز شراؤها(٣) ، لقولهعليه‌السلام : ( العائد في صدقته كالعائد في قيئه )(٤) .

وجوَّز الشافعي وأحمد - في رواية - تملّكها بغير شراء اختياراً ، كما لو دفعها الى مستحقّها فأخرجها آخِذها الى دافعها ، أو جمعت الصدقة عند الإِمام ففرّقها على [ أهل ](٥) السُّهمان فعادت صدقته اليه(٦) .

وفي الرواية الاُخرى عن أحمد : تحريم ذلك ، قياساً على الشراء(٧) .

والأصل ممنوع.

أمّا لو عادت اليه بغير اختياره ، كميراث ( أو )(٨) قضاء دين ، فإنّه جائز غير مكروه إجماعاً.

مسألة ٣٠٣ : ويستحب اختصاص القرابة بها ، ثم الجيران‌ مع وجود‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٧١٢ - ٧١٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٤.

(٢) سبق في المسألة ٢٤٨.

(٣) المغني ٢ : ٧١٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٥.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٥٧.

(٥) زيادة أضفناها من المغني والشرح الكبير ، لاقتضاء السياق.

(٦) حلية العلماء ٣ : ١٣٢ ، المغني ٢ : ٧١١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٥.

(٧) المغني ٢ : ٧١١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٥.

(٨) في « ط ، ن » : و.

٤٠١

الصفات المقتضية للاستحقاق ؛ لقولهعليه‌السلام : ( لا صدقة وذو رحم محتاج )(١) .

وقولهعليه‌السلام : ( جيران الصدقة أحقّ بها )(٢) .

ولأنّ الاعتناء بهؤلاء في نظر الشرع أتمّ من غيرهم ، فكان الدفع إليهم أولى.

وسئل الكاظمعليه‌السلام عن إعطاء القرابة من الزكاة ، فقال : « أمستحقّون هم؟ » قيل : نعم. فقال : « هُم أفضل من غيرهم ، أعطهم »(٣) .

وقال لمـّا سئل عن صدقة الفطرة : « الجيران أحقّ بها »(٤) ولا نعلم في ذلك خلافاً.

ويستحب تخصيص أهل الفضل بالعلم والزهد وترجيحهم ، لأنّ السكوني قال للباقرعليه‌السلام : إنّي ربما قسّمت الشي‌ء بين أصحابي أصِلُهم به فكيف أعطيهم؟ فقال : « أعطهم على الهجرة في الدين والفقه والفضل(٥) »(٦) .

مسألة ٣٠٤ : يجوز أن يتولّى المالك تفريق الفطرة بنفسه‌ إجماعاً ، أمّا عندنا فظاهر ، وأمّا عند المخالف : فلأنّها من الأموال الباطنة.

لكن يستحب صرفها الى الإِمام أو نائبه ، لأنّه أعرف بمواقعها ، فإن تعذّر صرف الى الفقيه المأمون من فقهاء الإِمامية ؛ لأنّهم أبصر بمواقعها. ولأنّهم‌

____________________

(١) الفقيه ٢ : ٣٨ / ١٦٦.

(٢) أورده المحقق في المعتبر : ٢٩١.

(٣) الكافي ٣ : ٥٥١ / ١ ، التهذيب ٤ : ٥٦ / ١٤٩ ، الاستبصار ٢ : ٣٣ / ١٠٠.

(٤) الفقيه ٢ : ١١٧ / ٥٠٦ ، التهذيب ٤ : ٧٨ / ٢٢٤.

(٥) في المصادر بدل « والفضل » : « والعقل ».

(٦) الكافي ٣ : ٥٤٩ / ١ ، الفقيه ٢ : ١٨ / ٥٩ ، التهذيب ٤ : ١٠١ / ٢٨٥.

٤٠٢

نُوّاب الإِمامعليه‌السلام .

مسألة ٣٠٥ : يجوز أن يعطى صاحب الخادم والدار والفرس من الفطرة وزكاة المال‌ ؛ لأنّ الباقر والصادقعليهما‌السلام سُئلا عن الرجل له دار وخادم وعبد يقبل الزكاة؟ فقال : « نعم »(١) .

ولا يعطى الفقير أقلّ من صاع استحباباً ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا تعط أحداً أقلّ من رأس»(٢) وهو نهي تنزيه ؛ للأصل والمواساة.

ويجوز أن يعطى الواحد أصواعاً كثيرة دفعةً مطلقاً وعلى التعاقب إذا لم يبلغ حدّ الغنى.

مسألة ٣٠٦ : لا تسقط صدقة الفطر بعد وجوبها بالموت ، بل تخرج من أصل التركة‌ - وبه قال الشافعي وأحمد(٣) - لتعلّق الذمة به ، فصارت ديناً.

وقال أبو حنيفة : تسقط بالموت ، إلاّ أن يوصي بها ، فتخرج من الثلث حينئذ(٤) .

وليس بمعتمد ؛ لبقاء متعلّق الأمر شاغلاً للذمة قبل فعله.

فإن لم يفضل من التركة شي‌ء اُخرجت بأجمعها في الزكاة كالدَّين المستوعب ، فإن كان عليه دَين ، وضاقت التركة عنهما ، بسطت بالنسبة.

مسألة ٣٠٧ : لا يملك المستحق الزكاة إلّا مع القبض من المالك أو نائبه‌ ؛ لأنّ للمالك التخيير في الدفع الى من شاء ، فلو مات الفقير لم يكن لوارثه المطالبة بها وإن عيّنت له قبل القبض ، وكذا زكاة المال.

ومال الغنيمة يملكه الغانمون بالحيازة ، ويستقر بالقسمة ، فلو بلغ نصيبه نصاباً لم يَجر في الحول إلّا بعد القبض ، لعدم تمكّنه منه ، ولا يصير باعتباره‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٦١ / ٧ ، الفقيه ٢ : ١٧ / ٥٦ ، التهذيب ٤ : ٥١ / ١٣٣.

(٢) التهذيب ٤ : ٨٩ / ٢٦١ ، الاستبصار ٢ : ٥٢ / ١٧٤.

(٣) المغني ٢ : ٧١٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ٥٣.

(٤) بدائع الصنائع ٢ : ٥٣.

٤٠٣

غنيّاً.

مسألة ٣٠٨ : صدقة التطوّع مستحبة في جميع الأوقات‌ ؛ للآيات الدالّة على الحثّ على الصدقة(١) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( من تصدّق بعدل تمرة من كسب طيِّبٍ - ولا يصعد الى الله إلّا الطيِّب - فإنّ الله يقبلها بيمينه ثم يُربّيها لصاحبها كما يُربّي أحدكم فَلُوَّه(٢) حتى تكون مثل الجبل)(٣) .

وقالعليه‌السلام : ( أرض القيامة نار ما خلا ظلّ المؤمن ؛ فإنّ صدقته تظلّه )(٤) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « البِرّ والصدقة ينفيان الفقر ويزيدان في العمر ويدفعان ( عن )(٥) سبعين ميتة سوء »(٦) .

وصدقة السرّ أفضل ؛ للآية(٧) ، إلّا أن يتّهم بترك المواساة.

ويستحب الإِكثار منها وقت الحاجة ، لقوله تعالى( أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ) (٨) وفي شهر رمضان ؛ لتضاعف الحسنات فيه. وعلى القرابة ، لقوله تعالى :( يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ ) (٩) .

____________________

(١) اُنظر على سبيل المثال : البقرة : ٢٤٥ ، ٢٥٤ ، ٢٦١ ، آل عمران : ١٣٤ ، الحديد : ١٨ ، التغابن : ١٧.

(٢) الفَلُوّ : المـُهر الصغير وهو : ولد الفرس. لسان العرب ٥ : ١٨٥ و ١٥ : ١٦٢ « مهر » « فلا ».

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٣٤ ، مسند أحمد ٢ : ٣٣١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٧٦ - ١٧٧ ، وأورده أيضاً ابن قدامة في المغني ٢ : ٧١٦.

(٤) الفقيه ٢ : ٣٧ / ١٥٥ ، ثواب الأعمال : ١٦٩ / ٩.

(٥) في المصدر بدل ما بين القوسين : ( عن صاحبهما ) وفي الطبعة الحجرية و « ف » : عنه.

وما أثبتناه من « ط » و « ن ».

(٦) الفقيه ٢ : ٣٧ ذيل الحديث ١٥٥ ، ثواب الأعمال : ١٦٩ / ١١.

(٧) البقرة : ٢٧١.

(٨) البلد : ١٤.

(٩) البلد : ١٥.

٤٠٤

وقالعليه‌السلام : ( الصدقة على المسكين صدقة ، وهي على ذي الرحم اثنتان : صدقة وصلة)(١) .

والأولى : الصدقة من الفاضل عن كفايته وكفاية من يُموّنه على الدوام.

قالعليه‌السلام : ( خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ، وابدأ بمن تعول )(٢) .

ويستحب الصدقة أول النهار ، وأول الليل ، قال الصادقعليه‌السلام : « باكروا بالصدقة فإنّ البلايا لا تتخطّاها ، ومن تصدّق بصدقة أول النهار دفع الله عنه ما ينزل من السماء في ذلك اليوم ، فإن تصدّق أول الليل دفع الله عنه شرّ ما ينزل من السماء في تلك الليلة »(٣) .

ويكره السؤال ، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « اتّبعوا قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب فقر »(٤) .

ويكره ردّ السائل ، قال الباقرعليه‌السلام : « كان فيما ناجى الله عزّ وجلّ به موسىعليه‌السلام ، أن قال : يا موسى أكرم السائل ببذل يسير أو بردّ جميل ، إنّك يأتيك من ليس بإنس ولا جانّ ، ملائكة من ملائكة الرحمن ، يبلونك فيما خوّلتك(٥) ، ويسألونك عمّا نوّلتك(٦) ، فانظر كيف أنت صانع يا ابن عمران »(٧) .

____________________

(١) سنن الترمذي ٣ : ٤٧ ، سنن النسائي ٥ : ٩٢ ، سنن الدارمي ١ : ٣٩٧ ، سنن البيهقي ٤ : ١٧٤ ، ومسند أحمد ٤ : ١٧ و ٢١٤ ، وأورده أيضاً ابن قدامة في المغني ٢ : ٧١٧.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ١٣٩ و ٧ : ٨١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٨٠ ، وأورده أيضاً ابن قدامة في المغني ٢ : ٧١٧.

(٣) الفقيه ٢ : ٣٧ - ٣٨ / ١٥٩.

(٤) الكافي ٤ : ١٩ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٤٠ / ١٧٩.

(٥) خوّله المال : أعطاه إيّاه. لسان العرب ١١ : ٢٢٥.

(٦) النوال : العطاء : الصحاح ٥ : ١٨٣٦.

(٧) الكافي ٤ : ١٥ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٣٩ / ١٧٠.

٤٠٥

والصدقة المندوبة على بني هاشم أفضل ، خصوصاً العلويّون ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إنّي شافع يوم القيامة لأربعة أصناف ولو جاءوا بذنوب أهل الدنيا : رجل نصر ذريتي ، ورجل بذل ماله لذريتي عند الضيق ، ورجل أحبّ ذريتي باللسان والقلب ، ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا وشُرّدوا )(١) .

وقالعليه‌السلام : ( من صنع الى أحد من أهل بيتي يداً كافيته يوم القيامة )(٢) .

* * *

____________________

(١) الكافي ٤ : ٦٠ / ٩ ، الفقيه ٢ : ٣٦ / ١٥٣.

(٢) الفقيه ٢ : ٣٦ / ١٥٢.

٤٠٦

٤٠٧

المقصد السادس

في الخُمس‌

وفصوله أربعة‌ :

٤٠٨
٤٠٩

الأول

فيما يجب فيه‌

وهو أصناف :

الأوّل : الغنائم المأخوذة من دار الحرب ، ما حواه العسكر وما لم يحوه‌ ، أمكن نقله كالثياب والدواب وغيرها ، أو لا كالأراضي والعقارات ممّا يصح تملّكه للمسلمين ممّا كان مباحاً في أيديهم ، لا غصباً من مسلم أو معاهد ، قلّ أو كثر ، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.

الثاني : المعادن ، وهي : كلّ ما خرج من الأرض ممّا يخلق فيها من غيرها ممّا له قيمة‌ ، سواء كان منطبعاً بانفراده كالرصاص والصُّفر والنحاس والحديد ، أو مع غيره كالزيبق ، أو لم يكن منطبعاً كالياقوت والفيروزج والبَلَخش(١) والعقيق والبلّور والسَبَج(٢) والكحل والزاج والزرنيخ والمـَغَرَة(٣) والملح ، أو كان مائعاً كالقير والنفط والكبريت ، عند علمائنا أجمع - وبه قال أحمد ، إلّا أنّه جعله زكاةً(٤) - لعموم قوله تعالى( أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ) (٥) .

____________________

(١) بَلَخْش : لَعْل ؛ ضرب من الياقوت. ملحقات لسان العرب : ٦٨.

(٢) السَبَج : الخَرَز الأسود. الصحاح ١ : ٣٢١.

(٣) المـَغَرة : الطين الأحمر. المصباح المنير : ٥٧٦.

(٤) المغني ٢ : ٦١٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٢ - ٥٨٣ ، فتح العزيز ٦ : ٨٨.

(٥) البقرة : ٢٦٧.

٤١٠

ولقولهعليه‌السلام : ( ما لم يكن في طريق مأتي أو قرية عامرة ففيه وفي الركاز(١) الخمس )(٢) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام لمـّا سئل عن الصفر والرصاص والحديد : « يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذهب والفضة »(٣) .

وقال أبو حنيفة : لا يجب الخمس في المعادن إلّا في المنطبعة خاصة(٤) .

ويبطل بما تقدّم.

وقال الشافعي : لا يجب إلّا في معدن الذهب والفضة خاصة على أنّه زكاة ؛ لأنّه مال مقوَّم مستفاد من الأرض ، فأشبه الطين(٥) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الطين ليس بمعدن ، لأنّه تراب.

مسألة ٣٠٩ : الواجب في المعادن الخمس لا الزكاة‌ ، عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة(٦) - لما تقدّم من الأحاديث.

ولقولهعليه‌السلام : ( وفي السيوب الخُمس )(٧) والسيوب : عروق‌

____________________

(١) الركاز ، عند أهل الحجاز : كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض. وعند أهل العراق : المعادن. النهاية - لابن الأثير - ٢ : ٢٥٨.

(٢) سنن النسائي ٥ : ٤٤ ، وأورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ٦١٦ - ٦١٧ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٨٣ ، وقالا : رواه النسائي والجوزجاني.

(٣) الكافي ١ : ٤٥٩ / ١٩ ، الفقيه ٢ : ٢١ / ٧٣ ، التهذيب ٤ : ١٢١ / ٣٤٦.

(٤) بدائع الصنائع ٢ : ٦٧ ، فتح العزيز ٦ : ٨٨ ، المغني ٢ : ٦١٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٢ و ٥٨٣ ، حلية العلماء ٣ : ١١٢.

(٥) الاُم ٢ : ٤٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٦٩ ، المجموع ٦ : ٧٧ ، فتح العزيز ٦ : ٨٨ ، حلية العلماء ٣ : ١١١ - ١١٢ ، المغني ٢ : ٦١٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٢ و ٥٨٣.

(٦) بدائع الصنائع ٢ : ٦٧ ، المغني ٢ : ٦١٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٣.

(٧) أورده ابن الأثير في النهاية ٢ : ٤٣٢ ، وابنا قدامة في المغني ٢ : ٦١٧ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٨٣.

٤١١

الذهب والفضة التي تحت الأرض(١) .

وقال الشافعي ومالك وأحمد : إنّه زكاة(٢) ، لقولهعليه‌السلام : ( في الرقة رُبع العُشر )(٣) والمراد به الزكاة.

مسألة ٣١٠ : قدر الواجب في المعادن الخُمس‌ ، عند علمائنا ، وبه قال أبو حنيفة والمزني والشافعي في أحد أقواله(٤) ، لما تقدّم.

وفي آخر له : يجب رُبع العُشر ، وبه قال أحمد ومالك في إحدى الروايتين وإسحاق(٥) .

وللشافعي ثالث : إن احتاج الى مؤونة فربع العُشر ، وإلّا فالخُمس - وهو رواية عن مالك ، مع قطع الشافعي ومالك بأنّ الواجب زكاة - للفرق بين المحتاج الى المؤونة والمستغني ، كالزكاة في الغلّات(٦) .

مسألة ٣١١ : يجب الخُمس في المعدن بعد تناوله وتكامل نصابه‌ إن اعتبرناه ، ولا يعتبر الحول عند عامة أهل العلم(٧) ؛ لعموم‌( فَأَنَّ لِلّهِ

____________________

(١) النهاية لابن الأثير ٢ : ٤٣٢.

(٢) الاُم ٢ : ٤٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٦٩ ، المجموع ٦ : ٧٧ ، فتح العزيز ٦ : ٨٨ ، المغني ٢ : ٦١٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٣.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن النسائي ٥ : ٢٣ ، مسند أحمد ١ : ١٢ و ١٢١ - ١٢٢.

(٤) الهداية للمرغيناني ١ : ١٠٨ ، الوجيز ١ : ٩٦ ، فتح العزيز ٦ : ٨٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٦٩ ، المجموع ٦ : ٨٣ ، حلية العلماء ٣ : ١١٣ ، المغني ٢ : ٦١٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٣.

(٥) المغني ٢ : ٦١٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٣ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٢٨٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٦٩ ، المجموع ٦ : ٨٣ ، الوجيز ١ : ٩٦ ، فتح العزيز ٦ : ٨٩ ، حلية العلماء ٣ : ١١٣.

(٦) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٩ ، المجموع ٦ : ٨٣ ، الوجيز ١ : ٩٦ ، فتح العزيز ٦ : ٨٩ ، حلية العلماء ٣ : ١١٣ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٢٨٧ و ٢٨٨.

(٧) المغني ٢ : ٦١٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٦ ، حلية العلماء ٣ : ١١٢ ، فتح العزيز ٦ : ٩١.

٤١٢

خُمُسَهُ ) (١) .

وسئل الصادقعليه‌السلام عن المعادن كم فيها؟ قال : « الخُمس »(٢) وتخصيص العموم وتقييد المطلق بالحول لا دليل عليه ، فيكون منفيّاً.

وقال إسحاق وابن المنذر : لا شي‌ء في المعدن حتى يحول عليه الحول(٣) ، لقولهعليه‌السلام : ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول )(٤) .

ونفي الزكاة لا يستلزم نفي الخُمس.

فروع :

أ - الخُمس يجب في المـُخرَج من المعدن ، والباقي يملكه المخرج ، لقولهعليه‌السلام : ( وفي الركاز الخُمس )(٥) ويستوي في ذلك(٦) الصغير والكبير.

وقال الشافعي : يملك الجميع ، وتجب عليه الزكاة(٧) .

ب - المعدن إن كان في ملكه ، فهو له يصرف منه الخمس لمستحقّيه ، وإن كان في موضع مباح ، فالخمس لأربابه ، والباقي لواجده.

____________________

(١) الأنفال : ٤١.

(٢) الكافي ١ : ٤٥٩ / ١٩ ، الفقيه ٢ : ٢١ / ٧٣ ، التهذيب ٤ : ١٢١ / ٣٤٦.

(٣) المغني ٢ : ٦١٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٦.

(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٥٧١ / ١٧٩٢.

(٥) صحيح البخاري ٢ : ١٦٠ و ٣ : ١٤٥ و ٩ : ١٥ ، صحيح مسلم ٣ : ١٣٣٤ / ٤٥ و ٤٦ ، سنن أبي داود ٣ : ١٨١ / ٣٠٨٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٨٣٩ / ٢٥٠٩ و ٢٥١٠ ، سنن الترمذي ٣ : ٦٦١ / ١٣٧٧ ، سنن الدارمي ٢ : ١٩٦ ، سنن البيهقي ٤ : ١٥٢ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٣ : ٢٢٥ و ١٢ : ٢٥٥ ، المعجم الكبير للطبراني ١٧ : ١٤ / ٦ ، مسند أحمد ٢ : ١٨٦ و ٣ : ٣٣٥ ، الموطّأ ١ : ٢٤٩ / ٩.

(٦) أي : المستخرج.

(٧) حكاه عنه ، المحقّق في المعتبر : ٢٩٢.

٤١٣

ج - إذا كان المعدن لمكاتب ، وجب فيه الخُمس - وبه قال أبو حنيفة(١) ، لعموم ( وفي الركاز الخُمس )(٢) . ولأنّه غنيمة وهو من أهل الاغتنام.

د - العبد إن استخرج معدناً ، ملكه سيّده ؛ لأنّ منافعه له ، ويجب على السيد الخمس في المعدن.

ه- الذمّي يجب عليه الخُمس فيه - وبه قال أبو حنيفة(٣) - للعموم.

وقال الشافعي : لا يجب ؛ لأنّه لا يساوي المسلمين في الغنيمة ، ولا يسهم له. ولأنّ المأخوذ زكاة ولا زكاة على الذمّي(٤) .

والمقدّمتان ممنوعتان.

وقال الشيخ : يمنع الذمّي من العمل في المعدن ، فإن أخرج منه شيئاً ملكه ، وأخرج منه الخُمس(٥) .

و - المعادن تبع الأرض تُملك بملكها ، لأنّها من أجزائها.

ويجوز بيع تراب المعدن بغير جنسه في الرَّبويّات ، وفي غيرها يجوز مطلقاً ، والخُمس لأربابه ، فإن باع الجميع فالخُمس عليه ، ويجب خُمس المعدن ، لا خُمس الثمن ؛ لأنّ الخمس تعلّق بعين المعدن لا بقيمته.

الصنف الثالث : الركاز.

وهو المال المذخور تحت الأرض ، ويجب فيه الخمس إجماعاً ؛ لعموم‌

____________________

(١) المجموع ٦ : ٧٦ و ٩١ ، حلية العلماء ٣ : ١١١.

(٢) تقدّم الحديث في الفرع ( أ ) وكذا الإِشارة إلى مصادره.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٦٥ ، المجموع ٦ : ٩١.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٩ ، المجموع ٦ : ٧٦ و ٩١ و ١٠٢ ، الوجيز ١ : ٩٧ ، فتح العزيز ٦ : ١٠١ ، المغني ٢ : ٦١٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٩٠ ، وحكاه أيضاً المحقّق في المعتبر : ٢٩٢.

(٥) الخلاف ٢ : ١٢٠ ، المسألة ١٤٤.

٤١٤

قوله تعالى( وَمِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ) (١) ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ ) (٢) .

وما رووه عنهعليه‌السلام : ( وفي الركاز الخُمس )(٣) .

ومن طريق الخاصة : قول الباقرعليه‌السلام : « كلّ ما كان ركازاً ففيه الخُمس »(٤) .

ولا فرق بين أرض الحرب وأرض العرب.

وفرَّق الحسن بينهما ، فأوجبه فيما يوجد في أرض الحرب ، والزكاة فيما يوجد في أرض العرب(٥) .

وهو خلاف الإِجماع.

مسألة ٣١٢ : الركاز إمّا أن يوجد في أرض موات أو غير معهودة بالتملّك‌ ، كآثار الأبنية المتقادمة على الإِسلام ، وجُدران الجاهلية وقبورهم ، أو في أرض مملوكة للواجد ، أو في أرض مسلم أو معاهد ، أو في أرض دار الحرب.

وكلٌّ من هذه إمّا أن يكون عليه أثر الإِسلام أو لا.

والأول : إن كان عليه أثر الإِسلام فلقطة يعرَّف سنة ، وإن لم يكن عليه أثره ، أخرج خُمسه وملك الباقي.

والثاني : إن انتقل الملك اليه بالبيع ، فهو للمالك الأول إن اعترف به ، وإن لم يعرفه فللمالك قبله ، وهكذا إلى أول مالك ، فإن لم يعرفه فلقطة ،

____________________

(١) البقرة : ٢٦٧.

(٢) الأنفال : ٤١.

(٣) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في صفحة ٤١٢ ، الهامش (٥)

(٤) التهذيب ٤ : ١٢٢ / ٣٤٧.

(٥) المغني ٢ : ٦١٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٨.

٤١٥

- وبه قال الشافعي وأحمد في رواية(١) - لأنّ يد المالك الأول على الدار ، فتثبت على ما فيها ، واليد تقضي بالملك.

وفي الاُخرى عن أحمد : لواجده(٢) .

وإن انتقل بالميراث ، فإن عرفه الورثة فلهم ، وإن اتّفقوا على نفي الملك عنهم فهو لأول مالك على ما تقدّم. وإن اختلفوا فحكم المعترف حكم المالك ، وحكم المنكر لأوّل مالك(٣) .

هذا إذا كان عليه أثر الإِسلام ، وإن لم يكن فللشيخ قولان : أحدهما : أنّه لقطة. والثاني : أنّه لواجده(٤) .

والثالث : يكون لربّ الأرض إن اعترف به ، وإلّا فلأول مالك - وبه قال أبو حنيفة ومحمد وأحمد في رواية(٥) - قضاءً لليد.

وفي الاُخرى لأحمد : أنّه للواجد ، وبه قال أبو ثور والحسن بن صالح ابن حي(٦) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٩ ، المجموع ٦ : ٩٧ ، الوجيز ١ : ٩٧ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٧ ، المغني ٢ : ٦١١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٩٢.

(٢) المغني ٢ : ٦١١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٩٢.

(٣) أي : فحكم المعترف حكم المالك بكون نصيبه له ، وحكم المنكر أن يكون نصيبه لأول مالك.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٣٦ ، وفيه القول الثاني. ولم نعثر على القول الأول له في مظانّه.

وقال المحقّق الحلّي في المعتبر : ٢٩٢ بعد بيان تفسير الركاز وحكمه : ويشترط لتملّكه أن يكون في أرض الحرب ، سواء كان عليه أثر الجاهلية أو أثر الإِسلام ، أو في أرض الإِسلام وليس عليه أثر الإِسلام ، كالسكّة الإِسلامية ، أو ذكر النبي صلى الله عليه وآله ، أو أحد وُلاة الإِسلام.

وإن كان عليه أثر الإِسلام ، فللشيخ قولان ، أحدهما : كاللقطة. والثاني : يخمّس إذا لم يكن عليه أثر ملك. انتهى.

(٥) المبسوط للسرخسي ٢ : ٢١٤ ، المغني ٢ : ٦١٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٩٣ ، المجموع ٦ : ١٠٢.

(٦) المغني ٢ : ٦١٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٩٣ ، المجموع ٦ : ١٠٢.

٤١٦

والرابع : يكون لواجده ، سواء كان عليه أثر الإِسلام أو لا ، ويخرج منه الخُمس ؛ لأنّه اُخذ من دار الحرب ، فكان غنيمةً ، كالظاهر.

وقال أبو حنيفة : إن كان في موات دار الحرب ، فغنيمة لواجده ، ولا يخمّس(١) .

وقال الشافعي : إن لم يكن عليه أثر الإِسلام ، فهو ركاز ، وإن كان عليه أثره ، كآية من القرآن أو اسم الله تعالى أو رسولهعليه‌السلام ، كان لقطةً تعرّف.

وإن كان عليه اسم أحد ملوك الشرك أو صورة أو صليب ، فهو ركاز ، وإن لم يكن مطبوعاً ولا أثر عليه فهو ركاز في أظهر القولين ، وفي الآخر : أنّه لقطة(٢) .

فروع :

أ - لو وجد الكنز في أرض مملوكة لحربي معيّن ، فهو ركاز فيه الخُمس - وبه قال أبو يوسف وأبو ثور(٣) - لأنّه من دفن الكفّار ، فأشبه ما لا يعرف صاحبه.

وقال الشافعي وأبو حنيفة : يكون غنيمة ، ولا يجب الخُمس(٤) .

ب - لو استأجر أجيراً ليحفر له في الأرض المباحة لطلب الكنز فوجده ، فهو للمستأجر لا للأجير ، فإن استأجره لغير ذلك ، فالكنز للواجد.

ج - لو استأجر داراً فوجد فيها كنزاً ، فللمالك - وبه قال أبو حنيفة‌

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ٦٦ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٢١٥ ، المجموع ٦ : ٩٤ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٨ ، حلية العلماء ٣ : ١١٥.

(٢) حلية العلماء ٣ : ١١٥ - ١١٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٦٩ - ١٧٠ ، المجموع ٦ : ٩٧ و ٩٨ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٥.

(٣) حلية العلماء ٣ : ١١٥.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٩ ، المجموع ٦ : ٩٤ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٨ ، حلية العلماء ٣ : ١١٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ٦٨ ، المغني ٢ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٩٤.

٤١٧

ومحمد(١) - لأنّ يده على الدار.

وقال بعض الجمهور : للمستأجر(٢) ؛ لأنّ الكنز لا يملك بملكية الدار.

د - لو اختلف المالك والمستأجر في ملكية الكنز ، فللشيخ قولان ، أحدهما : القول قول المالك(٣) - وبه قال المزني(٤) - لأنّ داره كيده.

والثاني : قول المستأجر(٥) ؛ وبه قال الشافعي(٦) - وعن أحمد روايتان(٧) كالقولين - لأنّه مال مودع في الأرض ، وليس منها ، فالقول قول من يده على الأرض كالأقمشة ، ولندور إيجاد دار فيها دفين.

ولو اختلفا في مقداره ، فالقول قول المستأجر قطعاً ؛ لأنّه منكر.

مسألة ٣١٣ : ويجب الخُمس في كلّ ما كان ركازاً ، وهو كلّ مال مذخور تحت الأرض ، على اختلاف أنواعه - وبه قال مالك وأحمد والشافعي في القديم(٨) - لعموم قولهعليه‌السلام : ( وفي الركاز الخُمس )(٩) .

وقول الباقرعليه‌السلام : « كل ما كان ركازاً ففيه الخُمس »(١٠) .

ولأنّه مال يجب تخميسه ، فيستوي فيه جميع أصنافه كالغنيمة.

وقال الشافعي في الجديد : لا يؤخذ الخُمس إلّا من الذهب والفضة ؛

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ٢ : ٢١٤.

(٢) المغني ٢ : ٦١٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٩٣.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٢٣٧.

(٤) المجموع ٦ : ٩٦ ، حلية العلماء ٣ : ١١٦.

(٥) الخلاف ٢ : ١٢٣ ، المسألة ١٥١.

(٦) المجموع ٦ : ٩٦ ، فتح العزيز ٦ : ١١٠ ، حلية العلماء ٣ : ١١٦.

(٧) المغني ٢ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٩٣.

(٨) المدوّنة الكبرى ١ : ٢٩٠ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٠٤ ، المغني ٢ : ٦١٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٦٩ ، المجموع ٦ : ٩١ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ١١٥.

(٩) تقدّمت الإِشارة الى مصادره في صفحة ٤١٢ ، الهامش (٥)

(١٠) التهذيب ٤ : ١٢٢ / ٣٤٧.

٤١٨

لأنّه زكاة ، فيجب الخُمس في بعض أجناسه كالحبوب(١) .

والاُولى ممنوعة.

مسألة ٣١٤ : لا يعتبر فيه الحول‌ إجماعاً وإن اختلفوا في المعدن ، لعموم ( وفي الركاز الخُمس).

ويجب على كلّ مَن وجده من مسلم وكافر وحرّ وعبد وصغير وكبير وذكر وأنثى وعاقل ومجنون، إلّا أنّ العبد إذا وجده ، كان لسيده ، وهو قول عامة العلماء(٢) ، إلّا الشافعي ، فإنّه قال : لا يجب إلّا على من تجب عليه الزكاة ؛ لأنّه زكاة(٣) .

وهو ممنوع ، والعموم حجّة عليه.

فروع :

أ - ما يجده العبد لمولاه ، يُخرج خُمسه والباقي يملكه ؛ لأنّه اكتساب.

ب - المكاتب يملك الكنز ؛ لأنّه اكتساب ، فكان كغيره.

ج - الصبي والمجنون يملكان الكنز ، ويُخرج الولي الخمس عنهما ، وكذا المرأة ؛ للعموم.

وحكي عن الشافعي : أنّ الصبي والمرأة لا يملكان الكنز(٤) .

وهو غلط ؛ لأنّه اكتساب ، وهما من أهله.

د - يجب إظهار الكنز على واجده - وبه قال الشافعي(٥) - لقولهعليه‌السلام : ( وفي الركاز الخُمس ).

____________________

(١) فتح العزيز ٦ : ١٠٣ ، المجموع ٦ : ٩٩.

(٢) المغني ٢ : ٦١٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٩٠.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٩ ، المجموع ٦ : ٩١ ، المغني ٢ : ٦١٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٩٠ - ٥٩١.

(٤) كما في المغني ٢ : ٦١٥ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٩١.

(٥) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ١٢٤ ، المسألة ١٥٤.

٤١٩

وإذا استحقّ الغير فيه حقّاً ، وجب دفعه اليه.

وقال أبو حنيفة : هو مخيّر بين إظهاره وإخراج خمسه ، وبين كتمانه(١) .

الصنف الرابع : الغوص‌ ؛ وهو : كلّ ما يستخرج من البحر ، كاللؤلؤ والمرجان والعنبر وغيرها.

ويجب فيه الخُمس عند علمائنا - وبه قال الزهري والحسن وعمر بن عبد العزيز(٢) - لأنّ المخرج من البحر مخرج من معدن ، فيثبت فيه حكمه.

وسئل الصادقعليه‌السلام عن العنبر وغوص اللؤلؤ ، فقال : « عليه الخُمس »(٣) .

وسئل الكاظمعليه‌السلام عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد ، وعن معادن الذهب والفضة هل فيها زكاة؟ فقال : « إذا بلغ قيمته ديناراً ففيه الخُمس »(٤) .

وقال الشافعي وأبو حنيفة ومالك والثوري وابن أبي ليلى والحسن بن صالح بن حي ومحمد بن الحسن وأبو ثور : لا شي‌ء في الغوص(٥) - وعن أحمد روايتان : هذه إحداهما ، والاُخرى : فيه الزكاة(٦) - لقول ابن عباس : ليس في العنبر شي‌ء ، إنّما هو شي‌ء ألقاه البحر(٧) . وليس بحجّة.

____________________

(١) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ١٢٤ ، المسألة ١٥٤.

(٢) المغني ٢ : ٦٢٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٧.

(٣) الكافي ١ : ٤٦١ / ٢٨ ، التهذيب ٤ : ١٢١ / ٣٤٦.

(٤) الكافي ١ : ٤٥٩ / ٢١ ، الفقيه ٢ : ٢١ / ٧٢ ، التهذيب ٤ : ١٢٤ / ٣٥٦ و ١٣٩ / ٣٩٢.

(٥) الاُم ٢ : ٤٢ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٢١٢ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٢٩٢ ، المغني ٢ : ٦١٩ - ٦٢٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٧.

(٦) المغني ٢ : ٦١٩ و ٦٢٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٧.

(٧) الأموال - لأبي عبيد - : ٣٥٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٤٦ ، والمغني ٢ : ٦٢٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٨٧.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460