تذكرة الفقهاء الجزء ٥

تذكرة الفقهاء8%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-45-0
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 191510 / تحميل: 6296
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٤٥-٠
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

ويحرم بيع الترياق ؛ لاشتماله على الخمر ولحوم الأفاعي. ولا يجوز شربه للتداوي إلّا مع خوف التلف ، والسمّ من الحشائش.

والنبات يجوز بيعه إن كان ممّا ينتفع به ، كالسقمونيا ، وإلّا فلا.

والأقرب : المنع من بيع لبن الآدميّات.

ولو باعه داراً لا طريق لها مع علم المشتري ، جاز ، ومع جهله يتخيّر.

الرابع : ما نصّ الشارع على تحريمه عيناً ، كعمل الصُّور المجسّمة ، والغناء وتعليمه واستماعه ، وأجر المغنّية.

قال الصادقعليه‌السلام وقد سأله رجل عن بيع الجواري المغنّيات ، فقال : « شراؤهنّ حرام ، وبيعهنّ حرام ، وتعليمهنّ كفر ، واستماعهنّ نفاق »(١) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « المغنّية ملعونة ، ملعون مَنْ أكل كسبها »(٢) .

وأوصى إسحاق بن عمر عند وفاته بجوارٍ له مغنّيات أن يُبعن ويُحمل ثمنهنّ إلى أبي الحسنعليه‌السلام ، قال إبراهيم بن أبي البلاد : فبعت الجواري بثلاثمائة ألف درهم ، وحملت الثمن إليه ، فقلت له : إنّ مولىً لك يقال له : إسحاق بن عمر أوصى عند وفاته ببيع جوار له مغنّيات وحَمْل الثمن إليك ، وقد بعتهنّ وهذا الثمن ثلاثمائة ألف درهم ، فقال : « لا حاجة لي فيه ، إنّ هذا سحت ، وتعليمهنّ كفر ، والاستماع منهنّ نفاق ، وثمنهنّ سحت »(٣) .

أمّا المغنّية في الأعراس فقد ورد رخصة بجواز كسبها إذا لم تتكلّم بالباطل ولم تلعب بالملاهي ولم يدخل الرجال عليها.

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٢٠ / ٥ ، التهذيب ٦ : ٣٥٦ / ١٠١٨ ، الاستبصار ٣ : ٦١ / ٢٠١.

(٢) الكافي ٥ : ١٢٠ / ٦ ، التهذيب ٦ : ٣٥٧ / ١٠٢٠ ، الاستبصار ٣ : ٦١ / ٢٠٣.

(٣) الكافي ٥ : ١٢٠ / ٧ ، التهذيب ٦ : ٣٥٧ / ١٠٢١ ، الاستبصار ٣ : ٦١ / ٢٠٤.

١٤١

روي عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال : « أجر المغنّية التي تزفّ العرائس ليس به بأس وليست بالتي يدخل عليها الرجال »(١) .

إذا ثبت هذا ، فإن أدخلت الرجال أو غنّت بالكذب ، كان حراماً ؛ لما تقدّم.

ولما رواه أبو بصير عن الباقرعليه‌السلام ، قال : سألته عن كسب المغنّيات ، فقال : « التي يدخل عليها الرجال حرام ، والتي تدعى إلى الأعراس ليس به بأس ، وهو قول الله عزّ وجلّ :( وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) (٢) »(٣) .

مسالة ٦٤٦ : القمار حرام وتعلّمه واستعماله وأخذ الكسب به حتى لعب الصبيان بالجوز والخاتم.

قال الله تعالى :( وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ) (٤) وقال تعالى :( وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ ) (٥) .

قال الباقرعليه‌السلام : « لمـّا أنزل الله تعالى على رسوله( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ ) (٦) قيل : يا رسول الله ما الميسر؟ قال : كلّ ما يقمروا به حتى الكعاب والجوز ، فقيل : وما الأنصاب؟ قال : ما ذبحوا لآلهتهم ، قيل : والأزلام؟ قال : قداحهم‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٢٠ / ٣ ، الفقيه ٣ : ٩٨ / ٣٧٦ ، التهذيب ٦ : ٣٥٧ / ١٠٢٢ ، الاستبصار ٣ : ٦٢ / ٢٠٥.

(٢) سورة لقمان : ٦.

(٣) الكافي ٥ : ١١٩ / ١ ، التهذيب ٦ : ٣٥٨ / ١٠٢٤ ، الاستبصار ٣ : ٦٢ / ٢٠٧.

(٤) المائدة : ٣.

(٥ و ٦ ) المائدة : ٩٠.

١٤٢

التي كانوا يستقسمون بها »(١) .

وسأل إسحاق بن عمّار الصادقَعليه‌السلام : الصبيان يلعبون بالجوز والبيض ويقامرون ، فقال : « لا تأكل منه فإنّه حرام »(٢) .

وكان الصادقعليه‌السلام ينهى عن الجوز يجي‌ء به الصبيان من القمار أن يؤكل ، وقال : « هو سحت »(٣) .

مسالة ٦٤٧ : الغشّ والتدليس محرَّمان‌ ، كشوب اللبن بالماء ، وتدليس الماشطة ، وتزيين الرجل بالحرام.

قال الصادقعليه‌السلام : « ليس منّا مَنْ غشّنا »(٤) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لرجل يبيع التمر : « يا فلان أما علمت أنّه ليس من المسلمين مَنْ غشّهم »(٥) .

ونهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يشاب اللبن بالماء للبيع(٦) .

ولا بأس بكسب الماشطة إذا لم تفعل التدليس.

قال [ عليّ ](٧) : سألته عن امرأة مسلمة تمشط العرائس ليس لها معيشة غير ذلك وقد دخلها تضيّق ، قال : « لا بأس ، ولكن لا تصل الشعر بالشعر »(٨) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٢٢ - ١٢٣ / ٢ ، الفقيه ٣ : ٩٧ / ٣٧٤ ، التهذيب ٦ : ٣٧١ / ١٠٧٥ ، بتفاوت يسير في بعض الألفاظ.

(٢) الكافي ٥ : ١٢٤ / ١٠ ، التهذيب ٦ : ٣٧٠ / ١٠٦٩.

(٣) الكافي ٥ : ١٢٣ / ٦ ، التهذيب ٦ : ٣٧٠ / ١٠٧٠.

(٤) الكافي ٥ : ١٦٠ / ١ ، التهذيب ٧ : ١٢ / ٤٨.

(٥) الكافي ٥ : ١٦٠ / ٢ ، التهذيب ٧ : ١٢ / ٤٩.

(٦) الكافي ٥ : ١٦٠ / ٥ ، الفقيه ٣ : ١٧٣ / ٧٧١ ، التهذيب ٧ : ١٣ / ٥٣.

(٧) بدل ما بين المعقوفين في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « سماعة ». ولقد ورد في المصدر لفظ « سماعة » في الحديث السابق بسطرٍ واحد. وما أثبتناه من المصدر.

(٨) التهذيب ٦ : ٣٥٩ / ١٠٣٠ ، وفيه : « وقد دخلها ضيق ».

١٤٣

وإذا لم يحصل تدليس بالوصل ، لم يكن به بأس.

سُئل [ الباقر ](١) عليه‌السلام عن القرامل التي يضعها النساء في رؤوسهن يصلنه بشعورهنّ ، فقال : « لا بأس به على المرأة ما تزيّنت به لزوجها » فقيل له : بلغنا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعن الواصلة والموصولة ، فقال : « ليس هناك ، إنّما لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله [ الواصلة ](٢) التي تزني في شبابها ، فإذا كبرت قادت النساء إلى الرجال ، فتلك الواصلة والموصولة »(٣) .

مسالة ٦٤٨ : وتحرم معونة الظالمين على الظلم.

قال ابن أبي يعفور : كنت عند الصادقعليه‌السلام إذ دخل عليه رجل من أصحابنا ، فقال له : أصلحك الله إنّه ربما أصاب الرجل منّا الضيق أو(٤) الشدّة فيدعى إلى البناء يبنيه ، أو النهر يكريه ، أو المسنّاة يصلحها ، فما تقول في ذلك؟ فقال الصادقعليه‌السلام : « ما أحبّ أنّي(٥) عقدت لهم عقدة أو وكيت لهم وكاء وإنّ لي ما بين لابتيها لا ولا مدّة بقلم ، إنّ أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار حتى يحكم الله بين العباد »(٦) .

مسالة ٦٤٩ : يحرم حفظُ كتب الضلال ونسخُها لغير النقض أو الحجّة وتعلُّمُها ، ونسخُ التوراة والإنجيل ؛ لأنّهما منسوخان محرَّفان ، وتعليمهما وتعلّمهما حرام ، وأخذُ الاُجرة على ذلك.

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « الصادق ». وما أثبتناه هو الموافق لما في المصدر ، وفيه : « أبو جعفر ».

(٢) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٣) الكافي ٥ : ١١٩ / ٣ ، التهذيب ٦ : ٣٦٠ / ١٠٣٢.

(٤ و ٥ ) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « والشدّة إن عقدت ». وما أثبتناه كما في المصدر.

(٦) الكافي ٥ : ١٠٧ / ٧ ، التهذيب ٦ : ٣٣١ / ٩١٩.

١٤٤

وكذا يحرم هجاء المؤمنين والغيبة.

قال الله تعالى :( وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً ) (١) .

ويحرم سبّ المؤمنين والكذب عليهم والنميمة(٢) ومدح مَنْ يستحقّ الذمّ وبالعكس ، والتشبيب بالمرأة المعروفة المؤمنة ، بلا خلافٍ في ذلك كلّه.

مسالة ٦٥٠ : تعلّم السحر وتعليمه حرام.

وهو كلام يتكلّم به أو يكتبه أو(٣) رقية أو يعمل شيئاً [ يؤثّر ](٤) في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة.

وهل له حقيقة؟ قال الشيخ : لا ، وإنّما هو تخييل(٥) .

وعلى كلّ تقدير لو استحلّه قُتل.

ويجوز حلّ السحر بشي‌ء من القرآن أو الذكر والأقسام ، لا بشي‌ء منه.

روى إبراهيم بن هاشم قال : حدّثني شيخ من أصحابنا الكوفيّين ، قال : دخل عيسى بن سيفي(٦) على الصادقعليه‌السلام - وكان ساحراً يأتيه الناس‌

____________________

(١) الحجرات : ١٢.

(٢) في الطبعة الحجريّة : « التهمة » بدل « النميمة ».

(٣) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « و» بدل « أو ». والظاهر ما أثبتناه.

(٤) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

(٥) الخلاف ٥ : ٣٢٧ - ٣٢٨ ، المسألة ١٤ من كتاب كفّارة القتل ، المبسوط - للطوسي - ٧ : ٢٦٠.

(٦) في الكافي : « شفقي » بدل « سيفي ». وفي التهذيب - تحقيق السيّد حسن الخرسان - وكذا الفقيه : « شقفي». وفي التهذيب - تحقيق علي أكبر الغفاري - كما في المتن.

١٤٥

ويأخذ على ذلك الأجر - فقال له : جعلت فداك أنا رجل كانت صناعتي السحر وكنت آخذ عليه الاُجرة وكان معاشي ، وقد حججت ومَنَّ الله عليَّ بلقائك وقد تبت إلى الله تعالى ، فهل لي في شي‌ء منه مخرج؟ قال : فقال :الصادقعليه‌السلام : « حُلّ ولا تعقد »(١) .

وكذا يحرم تعلّم الكهانة وتعليمها ، والكاهن هو الذي له رئيٌّ(٢) من الجنّ يأتيه بالأخبار. ويقتل ما لم يتب.

والتنجيم حرام ، وكذا تعلّم النجوم مع اعتقاد تأثيرها في عالم العنصريّات على ما يقوله الفلاسفة.

والشعبذة حرام. وهي الحركات السريعة جدّاً بحيث يخفى على الحسّ الفرقُ بين الشي‌ء وشبهه لسرعة(٣) انتقاله من الشي‌ء إلى شبهه.

والقيافة حرام عندنا.

مسالة ٦٥١ : يحرم بيع المصحف‌ ، لما فيه من الابتذال له وانتفاء التعظيم ، بل ينبغي أن يبيع الجلد والورق.

قال سماعة : سألته عن بيع المصاحف وشرائها ، فقال : « لا تشتر كتاب الله ، ولكن اشتر الحديد والجلود(٤) والدفَّتين(٥) ، وقُلْ : أشتري هذا منك بكذا وكذا »(٦) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ١١٥ / ٧ ، التهذيب ٦ : ٣٦٤ / ١٠٤٣ ، وانظر : الفقيه ٣ : ١١٠ / ٤٦٣.

(٢) يقال للتابع من الجنّ : رئيٌّ ، بوزن كمِيّ ، سُمّي به لأنّه يتراءى لمتبوعه. النهاية - لابن الأثير - ٢ : ١٧٨ « رأي».

(٣) في الطبعة الحجريّة : « بسرعة ».

(٤) في المصدر : « والورق » بدل « والجلود ».

(٥) في الطبعة الحجريّة : « والدفين ». وفي « س ، ي » : « والدفتر ». وما أثبتناه من المصدر.

(٦) الكافي ٥ : ١٢١ ( باب بيع المصاحف ) الحديث ٢.

١٤٦

وسأل جرّاح المدائني الصادقَعليه‌السلام : عن بيع المصاحف ، فقال(١) : « لا تبع الكتاب ولا تشتره ، وبع الورق والأديم والحديد »(٢) .

ولا بأس بأخذ الأجرة على كِتْبة القرآن.

قال الصادقعليه‌السلام وقد سأله روح بن عبد الرحيم(٣) ، فقال له : ما ترى أن أُعطي على كتابته أجراً؟ قال : « لا بأس »(٤) .

مسالة ٦٥٢ : يحرم تعشير المصاحف بالذهب وزخرفتها.

قال سماعة : سألته عن رجل يعشّر المصاحف بالذهب ، فقال : « لا يصلح » فقال : إنّها معيشتي ، فقال : « إنّك إن تركته لله جعل الله لك مخرجاً »(٥) .

والأولى عندي الكراهة دون التحريم ؛ عملاً بالأصل ، واستضعافاً للرواية ؛ لأنّها غير مستندة إلى إمام ، والرواة ضعفاء.

ويكره كِتْبة القرآن بالذهب.

قال محمّد الورّاق(٦) : عرضت على الصادقعليه‌السلام كتاباً فيه قرآن مختّم معشّر بالذهب ، وكتب في آخره سورة بالذهب ، فأريته إيّاه ، فلم يَعِبْ منه شيئاً إلّا كتابة القرآن بالذهب ، فإنّه قال : « لا يعجبني أن يكتب القرآن إلّا بالسواد كما كتب أوّل مرّة »(٧) .

____________________

(١) في « س ، ي » : « قال ».

(٢) التهذيب ٦ : ٣٦٦ / ١٠٥١.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « عبد الرحمن ». وما أثبتناه من المصدر.

(٤) الكافي ٥ : ١٢١ - ١٢٢ / ٣ ، التهذيب ٦ : ٣٦٦ / ١٠٥٣.

(٥) التهذيب ٦ : ٣٦٦ ، ١٠٥٥.

(٦) في الكافي : « محمّد بن الورّاق ».

(٧) الكافي ٢ : ٤٦٠ / ٨ ، التهذيب ٦ : ٣٦٧ / ١٠٥٦.

١٤٧

مسالة ٦٥٣ : السرقة والخيانة حرام بالنصّ والإجماع‌ ، وكذا بيعهما.

ولو وجد عنده سرقة ، ضمنها ، إلّا أن يقيم البيّنة بشرائها ، فيرجع على بائعها مع جهله.

روى جرّاح عن الصادقعليه‌السلام قال : « لا يصلح شراء السرقة والخيانة إذا عرفت »(١) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « من اشترى سرقة وهو يعلم فقد شرك في عارها وإثمها »(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام في الرجل يوجد عنده سرقة ، فقال : « هو غارم إذا لم يأت على بائعها بشهود(٣) »(٤) .

ولو اشترى بمال السرقة جاريةً أو ضيعةً ، فإن كان بالعين ، بطل البيع ، وإلّا حلّ له وطؤ الجارية ، وعليه وزر المال.

روى السكوني عن الصادق عن الباقر عن آبائهعليهم‌السلام : « لو أنّ رجلاً سرق ألف درهم فاشترى بها جاريةً أو أصدقها امرأة فإنّ الزوجة(٥) له حلال ، وعليه تبعة المال »(٦) .

ولو حجّ به مع وجوب الحجّ بدونه ، برئت ذمّته إلّا في الهدي.

ولو طاف أو سعى في الثوب المغصوب أو على الدابّة المغصوبة ،

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢٢٨ / ٤ ، التهذيب ٦ : ٣٧٤ / ١٠٨٩.

(٢) الكافي ٥ : ٢٢٩ / ٦ ، التهذيب ٦ : ٣٧٤ / ١٠٩٠.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « شهود ». وفي التهذيب : « شهوداً ». وما أثبتناه من الكافي.

(٤) الكافي ٥ : ٢٢٩ / ٧ ، التهذيب ٦ : ٣٧٤ / ١٠٩١.

(٥) في المصدر : « الفرج » بدل « الزوجة ».

(٦) التهذيب ٦ : ٣٨٦ / ١١٤٧ ، و ٨ : ٢١٥ / ٧٦٧.

١٤٨

بطل.

مسالة ٦٥٤ : التطفيف في الكيل والوزن حرام بالنصّ والإجماع.

قال الله تعالى :( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ) (١) .

ويحرم الرشا في الحكم وإن حكم على باذله بحقّ أو باطل.

الخامس : ما يجب على الإنسان فعله يحرم أخذ الأجر عليه ، كتغسيل الموتى وتكفينهم ودفنهم.

نعم ، لو أخذ الأجر على المستحبّ منها(٢) ، فالأقرب : الجواز.

وتحرم الاُجرة على الأذان ، وقد سبق(٣) ، وعلى القضاء ؛ لأنّه واجب.

ويجوز أخذ الرزق عليهما من بيت المال.

ويجوز أخذ الاُجرة على عقد النكاح والخطبة في الإملاك(٤) .

ويحرم الأجر على الإمامة والشهادة وقيامها.

مسالة ٦٥٥ : لو دفع إنسان إلى غيره مالا ليصرفه في المحاويج أو في قبيل وكان هو منهم ، فإن عيّن ، اقتصر على ما عيّنه ، ولا يجوز له إعطاء غيرهم ، فإن فَعَل ، ضمن.

وإن أطلق ، فالأقرب : تحريم أخذه منه ؛ لأنّ الظاهر أنّ الشخص هنا لا يتولّى طرفي القبض والإقباض.

ولما رواه عبد الرحمن بن الحجّاج عن الصادقعليه‌السلام في رجل أعطاه‌

____________________

(١) المطفّفين : ١ - ٣.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « منهما » بدل « منها ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) في ج ٣ ص ٨١ ، المسألة ١٨٤.

(٤) الإملاك : التزويج. الصحاح ٤ : ١٦١٠ « ملك ».

١٤٩

رجل مالاً ليقسمه في المساكين وله عيال محتاجون ، أيعطيهم منه من غير أن يستأذن(١) صاحبه؟ قال : « نعم »(٢) .

وقال بعض علمائنا : يجوز له أن يأخذ مثل ما يعطي غيره ، ولا يفضّل نفسه عليهم(٣) .

وهو عندي جيّد إن علم بقرينة الحال تسويغ ذلك.

إذا عرفت هذا ، فإن كان الأمر بالدفع إلى قوم معيّنين ، لم تُشترط عدالة المأمور ، وإلّا اشترطت.

مسالة ٦٥٦ : يجوز أكل ما ينثر في الأعراس مع علم الإباحة إمّا لفظاً أو بشاهد الحال. ويكره انتهابه.

فإن لم يعلم قصد الإباحة ، حرم ؛ لأنّ الأصل عصمة مال المسلم.

قال إسحاق بن عمّار : قلت للصادقعليه‌السلام : الإملاك يكون والعرس فينثر على القوم ، فقال: « حرام ، ولكن كل ما أعطوك منه »(٤) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « لا بأس بنثر الجوز والسُّكّر »(٥) .

وعن الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن النثار من السّكّر واللوز وأشباهه أيحلّ أكله؟ قال : « يكره أكل ما انتهب »(٦) .

مسالة ٦٥٧ : الولاية من قبل العادل مستحبّة. وقد تجب إذا ألزمه بها ، أو كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتمّ إلّا بولايته.

____________________

(١) في المصدر : « يستأمر » بدل « يستأذن ».

(٢) التهذيب ٦ : ٣٥٢ - ٣٥٣ / ١٠٠١.

(٣) المحقّق الحلّي في شرائع الإسلام ٢ : ١٢.

(٤) التهذيب ٦ : ٣٧٠ / ١٠٧١ ، الاستبصار ٣ : ٦٦ / ٢٢٠.

(٥) التهذيب ٦ : ٣٧٠ / ١٠٧٣ ، الاستبصار ٣ : ٦٦ - ٦٧ / ٢٢٢.

(٦) الكافي ٥ : ١٢٣ / ٧ ، التهذيب ٦ : ٣٧٠ / ١٠٧٢.

١٥٠

وتحرم من الجائر ، إلّا مع التمكّن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أو مع الإكراه بالخوف على النفس أو المال أو الأهل أو بعض المؤمنين ، فيجوز حينئذٍ اعتماد ما يأمره إلّا القتل الظلم ، فإنّه لا يجوز له فعله وإن قُتل.

ولو خاف ضررا يسيرا بترك الولاية ، استحبّ له تحمّله ، وكرهت له الولاية.

روى عمّار قال : سئل الصادقعليه‌السلام : عن عمل السلطان يخرج فيه الرجل ، قال : « لا ، إلّا أن لا يقدر على شي‌ء [ ولا ](١) يأكل ولا يشرب ولا يقدر على حيلة ، فإن فعل فصار في يده شي‌ء فليبعث بخُمْسه إلى أهل البيت »(٢) .

وعن الوليد بن صبيح قال : دخلت على الصادقعليه‌السلام فاستقبلني زرارة خارجاً من عنده ، فقال لي الصادقعليه‌السلام : « يا وليد أما تعجب من زرارة سألني عن أعمال هؤلاء أيّ شي‌ء كان يريد؟ [ أيريد ](٣) أن أقول له : لا ، فيروي ذلك عليّ؟ » ثمّ قال : « يا وليد متى كانت الشيعة تسأل عن أعمالهم؟ إنّما كانت الشيعة تقول : يؤكل من طعامهم ، ويشرب من شرابهم ، ويستظلّ بظلّهم ، متى كانت الشيعة تسأل عن هذا؟ »(٤) .

وروى حمّاد عن حميد قال : قلت للصادقعليه‌السلام : إنّي(٥) ولّيت عملا‌

____________________

(١) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٢) التهذيب ٦ : ٣٣٠ / ٩١٥.

(٣) ما بين المعقوفين من الكافي.

(٤) الكافي ٥ : ١٠٥ ، ٢ ، التهذيب ٦ : ٣٣٠ - ٣٣١ ، ٩١٧.

(٥) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « أن » بدل « إنّي ». وما أثبتناه كما في المصدر.

١٥١

فهل لي من ذلك مخرج؟ فقال : « ما أكثر مَنْ طلب [ من ](١) ذلك المخرج فعسر عليه » قلت : فما ترى؟ قال : « أرى أن تتّقي الله عزّ وجلّ ولا تعود »(٢) .

وكان النجاشي - وهو رجل من الدهاقين - عاملاً على الأهواز وفارس ، فقال بعض أهل عمله للصادقعليه‌السلام : إنّ في ديوان النجاشي عليَّ خراجاً وهو ممّن يدين بطاعتك ، فإن رأيت أن تكتب إليه كتاباً ، قال : فكتب إليه كتاباً : بسم الله الرحمن الرحيم ، سرّ أخاك يسرّك الله » فلمـّا ورد عليه الكتاب وهو في مجلسه وخلا ناوله الكتاب وقال : هذا كتاب الصادقعليه‌السلام ، فقبّله ووضعه على عينيه وقال : ما حاجتك؟ فقال : عليّ خراج في ديوانك ، قال له : كم هو؟ قال : عشرة آلاف درهم ، قال : فدعا كاتبه فأمره بأدائها عنه ، ثمّ أخرج مثله فأمره أن يثبتها له لقابل ، ثمّ قال : هل سررتك؟ قال : نعم ، قال : فأمر له بعشرة آلاف درهم أخرى ، فقال : هل سررتك؟ فقال : نعم ، جعلت فداك ، قال : فأمر له بمركب ثمّ أمر له بجارية وغلام وتخت ثياب في كلّ ذلك يقول : هل سررتك؟ فكلّما قال : نعم ، زاده حتى فرغ قال له : احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالسا فيه حين دفعت إليّ كتاب مولاي فيه ، وارفع إليّ جميع حوائجك ، قال : ففعل ، وخرج الرجل فصار إلى الصادقعليه‌السلام بعد ذلك ، فحدّثه بالحديث على جهته ، فجعل يستبشر بما فعله ، قال له الرجل : يا بن رسول الله فإنّه قد سرّك ما فعل بي؟ قال : « إي والله لقد سرّ الله ورسوله »(٣) .

____________________

(١) ما بين المعقوفين من التهذيب. وفي الكافي : « مَنْ طلب المخرج من ذلك ».

(٢) الكافي ٥ : ١٠٩ / ١٥ ، التهذيب ٦ : ٣٣٢ / ٩٢٢.

(٣) الكافي ٢ : ١٥٢ ( باب إدخال السرور على المؤمنين ) الحديث ٩ ، التهذيب ٦ : ٣٣٣ - ٣٣٤ / ٩٢٥.

١٥٢

مسالة ٦٥٨ : جوائز الجائر إن علمت حراماً لغصبٍ وظلم وشبهه حرم أخذها‌ ، فإن أخذها، وجب عليه ردّها على المالك إن عرفه. وإن لم يعرفه ، تصدّق بها عنه ويضمن ، أو احتفظها أمانةً في يده ، أو دفعها إلى الحاكم. ولا يجوز له إعادتها إلى الظالم ، فإن أعادها ، ضمن، إلّا أن يقهره الظالم على أخذها ، فيزول التحريم.

أمّا الضمان فإن كان قد قبضها اختياراً ، لم يزل عنه بأخذ الظالم لها كرهاً. وإن كان قد قبضها مكرهاً ، زال الضمان أيضاً.

وإن لم يعلم تحريمها ، كانت حلالاً بناءً على الأصل.

قال محمّد بن مسلم وزرارة : سمعناه يقول : « جوائز العمّال ليس بها بأس »(١) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « إنّ الحسن والحسين ٨ كانا يقبلان جوائز معاوية »(٢) .

ولو علم أنّ العامل يظلم ولم يعلم أنّ المبيع بعينه ظلم ، جاز شراؤه.

قال معاوية بن وهب : قلت للصادقعليه‌السلام : أشتري من العامل الشي‌ء وأنا أعلم أنّه يظلم ، فقال : « اشتر منه »(٣) .

قال أبو المغراء : سأل رجلٌ الصادقَعليه‌السلام وأنا عنده ، فقال : أصلحك الله أمرّ بالعامل فيجيزني بالدراهم آخذها؟ قال : « نعم » قلت : وأحجّ بها؟ قال : « نعم »(٤) .

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٣٦ / ٩٣١.

(٢) التهذيب ٦ : ٣٣٧ / ٩٣٥.

(٣) التهذيب ٦ : ٣٣٨ / ٩٣٨.

(٤) الفقيه ٣ : ١٠٨ / ٤٥٠ ، التهذيب ٦ : ٣٣٨ / ٩٤٢.

١٥٣

مسالة ٦٥٩ : ما يأخذ الجائر من الغلّات باسم المقاسمة‌ ، ومن الأموال باسم الخراج عن حقّ الأرض ، ومن الأنعام باسم الزكاة يجوز شراؤه واتّهابه ، ولا تجب إعادته على أصحابه وإن عُرفوا ؛ لأنّ هذا مال لا يملكه الزارع وصاحب الأنعام والأرض ، فإنّه حقّ لله أخذه غير مستحقّه ، فبرئت ذمّته ، وجاز شراؤه.

ولأنّ أبا عبيدة سأل الباقرَعليه‌السلام : عن الرجل منّا يشتري من السلطان من إبل الصدقة وغنمها وهو يعلم أنّهم يأخذون منهم أكثر من الحقّ الذي يجب عليهم ، فقال : « ما الإبل والغنم إلّا مثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه » قيل له : فما ترى في مصدّقٍ يجيئنا فيأخذ صدقات أغنامنا(١) ، نقول : بعناها ، فيبيعناها ، فما ترى في شرائها منه؟ قال : « إن كان قد أخذها وعزلها فلا بأس » قيل له : فما ترى في الحنطة والشعير يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظّنا ويأخذ حظّه فيعزله بكيل ، فما ترى في شراء ذلك الطعام منه؟ فقال : « إن كان قبضه بكيل وأنتم حضور ذلك فلا بأس بشرائه منه بغير كيل »(٢) .

روى عبد الرحمن بن الحجّاج - في الصحيح - عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال : قال لي : « ما لك لا تدخل مع عليّ في شراء الطعام؟ إنّي أظنّك ضيّقاً » قال : قلت : نعم ، فإن شئت وسّعت عليَّ ، قال : « اشتره »(٣) .

مسالة ٦٦٠ : إذا كان له مال حلال وحرام ، وجب عليه تمييزه منه‌ ، ودفع الحرام إلى أربابه ، فإن امتزجا ، أخرج بقدر الحرام ، فإن جهل أربابه ،

____________________

(١) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « أغنيائنا » بدل « أغنامنا ». وما أثبتناه من المصدر.

(٢) الكافي ٥ : ٢٢٨ / ٢ ، التهذيب ٦ : ٣٧٥ / ١٠٩٤.

(٣) التهذيب ٦ : ٣٣٦ / ٩٣٢.

١٥٤

تصدّق به عنهم ، فإن جهل المقدار ، صالح أربابه عليه ، فإن جهل أربابه ومقداره ، أخرج خُمْسه، وحلّ له الباقي.

قال الصادقعليه‌السلام : « أتى رجل أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال : إنّي كسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا وحراما وقد أردت التوبة ولا أدري الحلال منه والحرام وقد اختلط عليَّ ، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : تصدّق بخُمْس مالك ، فإنّ الله عزّ وجلّ رضي من الأشياء بالخمس ، وسائر المال لك »(١) .

مسالة ٦٦١ : تكره معاملة مَنْ لا يتحفّظ من الحرام‌ ، فإن دفع إليه من الحرام ، لم يجز له أخذه ولا شراؤه ، فإن أخذه ، ردّه على صاحبه. وإن بايعه بمال يعلم أنّه حلال ، جاز. وإن اشتبه، كان مكروهاً.

قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الحلال بيّن ، والحرام بيّن ، وبين ذلك اُمور متشابهات لا يعلمها كثير من الناس ، فمَن اتّقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه ، ألا إنّ لكلّ ملك حمىً ، وحمى الله محارمه »(٢) .

وروى الحسن بن عليّعليهما‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه كان يقول : « دَعْ ما يُريبك إلى ما لا يُريبك»(٣) .

مسالة ٦٦٢ : الأجير إمّا عامّ أو خاصّ‌ ، فالعامّ هو الذي يستأجر للعمل‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٢٥ / ٥ ، التهذيب ٦ : ٣٦٨ - ٣٦٩ / ١٠٦٥.

(٢) صحيح البخاري ١ : ٢٠ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢١٩ / ١٥٩٩ ، سنن الترمذي ٣ : ٥١١ / ١٢٠٥ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٤٥ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٦٤ باختلاف في بعض الألفاظ.

(٣) سنن الترمذي ٤ : ٦٦٨ / ٢٥١٨ ، سنن النسائي ٨ : ٣٢٧ - ٣٢٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٣٥ ، مسند أحمد ١ : ٣٢٩ / ١٧٢٤ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ١٣ ، المعجم الكبير - للطبراني - ٣ : ٧٥ / ٢٧٠٨ ، شرح السنّة - للبغوي - ٥ : ١٣ / ٢٠٣٢.

١٥٥

المطلق ، فيجوز له فعله مباشرةً وتسبيباً. والخاصّ هو الذي يشترط عليه العمل مباشرة مدّة معيّنة ، فلا يجوز أن يعمل لغير من استأجره إلّا بإذنه.

و(١) لما رواه إسحاق بن عمّار عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يستأجر الرجل بأجر معلوم فيعينه في صنعته(٢) فيعطيه رجل آخر دراهم فيقول : اشتر لي كذا وكذا ، فما ربحت فبيني وبينك ، قال : « إذا أذن له الذي استأجره فليس به بأس »(٣) .

ويجوز للمطلق.

وثمن الكفن حلال ، وكذا ماء تغسيل الميّت واُجرة البدرقة.

مسالة ٦٦٣ : يجوز لمن مرَّ بشي‌ء من الثمرة في النخل أو الفواكه الأكلُ منها إن لم يقصد ، بل وقع المرور اتّفاقاً. ولا يجوز له الإفساد ولا الأخذ والخروج به ، ولا يحلّ له الأكل أيضاً مع القصد. ولو أذن المالك مطلقاً ، جاز.

روى محمّد بن مروان قال : قلت للصادقعليه‌السلام : أمرّ بالثمرة فآخذ(٤) منها ، قال : « كُلْ ولا تحمل » قلت : فإنّهم قد اشتروها ، قال : « كُلْ ولا تحمل » قلت : جعلت فداك إنّ التجّار قد اشتروها ونقدوا أموالهم ، قال : « اشتروا ما ليس لهم »(٥) .

وعن يونس عن بعض رجاله عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن‌

____________________

(١) كذا ، والظاهر زيادة الواو حيث إنّها غير مسبوقة بذكر دليل حتى يتمّ العطف عليه.

(٢) كذا في النسخ الخطّيّة والحجريّة المعتمدة في التحقيق ، وفي المصدر : « فيبعثه في ضيعته » بدل « فيعينه في صنعته».

(٣) التهذيب ٦ : ٣٨١ - ٣٨٢ / ١١٢٥.

(٤) في المصدر : « فآكل » بدل « فآخذ ».

(٥) التهذيب ٦ : ٣٨٣ / ١١٣٤.

١٥٦

الرجل يمرّ بالبستان وقد حِيط عليه أو لم يحط ، هل يجوز له أن يأكل من ثمره وليس يحمله على الأكل من ثمره إلّا الشهوة وله ما يغنيه عن الأكل من ثمره؟ وهل له أن يأكل منه من جوع؟ قال : « لا بأس أن يأكل ، ولا يحمله ولا يفسده »(١) .

وهل حكم الزرع ذلك؟ إشكال أقربه : المنع ؛ لما رواه مروك بن عبيد عن بعض أصحابنا عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : الرجل يمرّ على قراح الزرع يأخذ منه السنبلة ، قال : « لا » قلت : أيّ شي‌ء سنبلة؟ قال : « لو كان كلّ من يمرّ به يأخذ سنبلة كان لا يبقى منه شي‌ء »(٢) .

وكذا الخضراوات والبقول.

ولو مَنَعه المالك ، فالوجه : أنّه يحرم عليه التناول مطلقاً إلّا مع خوف التلف.

مسالة ٦٦٤ : روي أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيعتين في بيعة(٣) .

وفُسّر بأمرين :

أحدهما : أن يبيع الشي‌ء بثمن نقداً وبآخَر نسيئةً. وقد بيّنّا بطلان هذا البيع.

والثاني : أن يكون المراد به أن يقول : بعتك بكذا على أن تبيعني أنت كذا بكذا.

والثاني عندنا صحيح ، خلافاً للشافعي ؛ لأنّه شرط بيع ماله ، وذلك‌

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٨٣ - ٣٨٤ / ١١٣٥.

(٢) التهذيب ٦ : ٣٨٥ / ١١٤٠.

(٣) سنن الترمذي ٣ : ٥٣٣ / ١٢٣١ ، سنن النسائي ٧ : ٢٩٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٣ ، مسند أحمد ٢ : ٣٦٦ / ٦٥٩١ ، و ٣ : ٢٤٦ / ٩٧٩٥ ، و ٢٩٧ / ١٠١٥٧ ، الموطّأ ٢ : ٦٦٣ / ٧٢.

١٥٧

غير واجب بالشرط(١) .

وهو ممنوع ؛ لقولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(٢) وقد تقدّم(٣) .

مسالة ٦٦٥ : النجش حرام‌ ؛ لأنّهعليه‌السلام نهى عنه(٤) ، وهو خديعة ، وليس من أخلاق أهل الدين.

ومعناه أن يزيد الرجل في ثمن سلعة لا يريد شراءها ليقتدي به المشترون بمواطاة البائع.

وروي أنّهعليه‌السلام قال : « لا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا»(٥) .

إذا ثبت هذا ، فإذا اشترى(٦) المشتري مع النجش ، كان البيع صحيحاً - وبه قال الشافعي(٧) - لأصالة صحّة البيع. وقوله تعالى :( وَأَحَلَّ اللهُ

____________________

(١) مختصر المزني : ٨٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٤١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٤ ، الوسيط ٣ : ٧٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٤ ، المجموع ٩ : ٣٣٨.

(٢) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٣) في ج ١٠ ص ٢٢٤ و ٢٥٠ ، المسألتان ١١٢ و ١١٨.

(٤) صحيح البخاري ٣ : ٩١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٤ / ٢١٧٣ ، مسند أحمد ٢ : ١٧١ / ٥٢٨٢ ، و ٢٤٩ / ٥٨٢٨ ، و ٣٣٤ / ٦٤١٥.

(٥) المعجم الصغير - للطبراني - ٢ : ٨٩ ، تاريخ بغداد ٢ : ٢٧٣ ، وبتفاوت في المعجم الأوسط - للطبراني - ٧ : ١٥٧ / ٧٠٢١ ، والمصنّف - لابن أبي شيبة - ٦ : ٥٧١ / ٢٠٧٤ ، وسنن البيهقي ٦ : ٩٢ ، ومسند أحمد ٢ : ٥٤١ / ٧٦٧٠.

(٦) في « س ، ي » : « اشتراه ».

(٧) الحاوي الكبير ٥ : ٣٤٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٨ ، حلية العلماء ٤ : ٣٠٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٢ ، بداية المجتهد ٢ : ١٦٧ ، المغني ٤ : ٣٠٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٨٨.

١٥٨

الْبَيْعَ ) (١) السالم عن معارضة النهي ؛ لأنّه لمعنى في غير البيع ، وإنّما هو الخديعة.

وقال مالك : يكون مفسوخاً لأجل النهي عنه(٢) .

ويثبت للمشتري الخيار إذا علم بالنجش ، سواء كان ذلك بمواطاة البائع وعلمه أو لا إن اشتمل على الغبن ، وإلّا فلا.

وقال الشافعي : إذا علم أنّه كان نجشاً ، فإن لم يكن بمواطأة البائع وعلمٍ ، فلا خيار. وإن كان ، فقولان.

أظهرهما : عدم الخيار ؛ لأنّه ليس فيه أكثر من الغبن ، وذلك لا يوجب(٣) الخيار ؛ لأنّ التفريط من المشتري حيث اشترى ما لا يعرف قيمته ، فهو بمنزلة من اشترى ما لا يعرف قيمته ، وغبنه بائعه.

ونحن لمـّا أثبتنا الخيار بالغبن سقط هذا الكلام بالكلّيّة.

والثاني : أنّه يثبت الخيار - كما قلناه - لأنّه تدليس من جهة البائع ، فأشبه التصرية(٤) .

ولو قال البائع : أعطيت في هذه السلعة كذا وكذا ، فصدّقه المشتري فاشتراها بذلك ، ثمّ ظهر له كذبه ، فإنّ البيع صحيح ، والخيار على هذين‌

____________________

(١) البقرة : ٢٧٥.

(٢) بداية المجتهد ٢ : ١٦٧ ، حلية العلماء ٤ : ٣٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣١ ، المغني ٤ : ٣٠٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٨٨.

(٣) ظاهر الطبعة الحجريّة : « لا يجيز » بدل « لا يوجب ». وظاهر « س ، ي » : « لا يعيّن ».

وما أثبتناه من نسخة بدل في هامش الطبعة الحجريّة.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٨ ، حلية العلماء ٤ : ٣٠٧ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٢ ، المغني ٤ : ٣٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٨٨.

١٥٩

الوجهين(١) .

والأقرب عندي : انتفاء الخيار هنا ؛ لأنّ التفريط من المشتري.

مسالة ٦٦٦ : نهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع البعض على البعض‌ ، فقال : « لا يبيع(٢) بعضكم على بيع بعض »(٣) .

ومعناه أنّ المتبايعين إذا عقدا البيع وهُما في مجلس الخيار ، فجاء آخَر إلى المشتري فقال له : أنا أبيعك مثل هذه السلعة بدون ثمنها الذي اشتريت به ، أو أنا أبيعك خيراً منها بثمنها ، أو عرض عليه سلعة حسب ما ذكره.

والأقرب : أنّه مكروه.

وقال الشافعي : إنّه محرَّم ؛ عملاً بظاهر النهي ؛ لأنّ الحديث وإن كان ظاهره ظاهر الخبر إلّا أنّ المراد به النهي. ولأنّه إضرار بالمسلم(٤) وإفساد عليه ، فكان حراماً(٥) .

ويُمنع ذلك.

فإن خالَف وفَعَل ذلك وبائع المشتري ، صحّ البيع ؛ لأنّ النهي لمعنى في غير البيع ، فأشبه البيع حالة النداء.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٢.

(٢) كذا ، وفي بعض المصادر : « لا يبع ».

(٣) صحيح البخاري ٣ : ٩٢ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٥٤ / ١٤١٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٣ / ٢١٧١ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٨٧ / ١٢٩٢ ، سنن النسائي ٧ : ٢٥٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٤ ، مسند أحمد ٢ : ١٧١ / ٥٢٨٢ ، و ٢٤٩ / ٥٨٢٨.

(٤) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « بالمسلمين ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ٣٤٣ - ٣٤٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٨ ، الوسيط ٣ :

٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٠ - ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٨١ ، المغني ٤ : ٣٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٨.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

فروع :

أ - العنبر إن اُخذ بالغوص ، كان له حكمه في اعتبار النصاب ، وإن ( جُبي )(١) من وجه الماء ، كان له حكم المعادن.

ب - قال الشيخ : العنبر نبات من البحر(٢) .

وقيل : هو من عين في البحر(٣) .

وقيل : العنبر يقذفه البحر إلى جزيرة ، فلا يأكله شي‌ء إلّا مات ، ولا ينقله طائر بمنقاره إلّا نصل(٤) منقاره ، وإذا وضع رجله عليه ، نصلت أظفاره ويموت(٥) .

ج - قال الشيخ : الحيوان المصاد من البحر لا خمس فيه ، فإن اُخرج بالغوص أو اُخذ قُفّيّاً(٦) ففيه الخُمس(٧) .

وفيه بُعد ، والوجه : إلحاقه بالأرباح التي تعتبر فيها مؤونة السنة.

د - السمك لا شي‌ء فيه - وهو قول العلماء(٨) . إلّا في رواية عن أحمد وعمر بن عبد العزيز(٩) - لأنّه من صيد فلا شي‌ء فيه.

الصنف الخامس : أرباح التجارات والزراعات والصنائع وسائر الاكتسابات‌ بعد إخراج مؤونة السنة له ولعياله على الاقتصاد من غير إسراف ولا‌

____________________

(١) في « ط وف » : جُني.

(٢) حكاه عنه ابن إدريس في السرائر : ١١٣.

(٣) حكاه عن كتاب منهاج البيان لابن جزلة ، ابن إدريس في السرائر : ١١٣.

(٤) أي : خرج. الصحاح ٥ : ١٨٣٠.

(٥) حكاه عن كتاب الحيوان للجاحظ [ ٥ : ٣٦٢ ] ابن إدريس في السرائر : ١١٣.

(٦) أي : يصطاد بالقفّة ، وهي زبيل يعمل من الخوص ، اُنظر لسان العرب ٩ : ٢٨٧.

(٧) المبسوط للطوسي ١ : ٢٣٧ - ٢٣٨.

(٨) المغني ٢ : ٦٢٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٧.

(٩) المغني ٢ : ٦٢٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٧ - ٥٨٨.

٤٢١

تقتير ، عند علمائنا كافة - خلافاً للجمهور كافة(١) - لعموم( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ) (٢) وقوله( أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ) (٣) .

وللتواتر المستفاد من الأئمةعليهم‌السلام .

قال الصادقعليه‌السلام : « على كلّ امرئ غنم أو اكتسب الخُمس ممّا أصاب لفاطمةعليها‌السلام ولمن يلي أمرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس ، فذلك لهم خاصة يضعونه حيث شاؤوا ، وحرم عليهم الصدقة ، حتى الخيّاط ليخيط قميصاً بخمسة دوانيق ، فلنا منه دانق ، إلّا من أحللناه من شيعتنا ؛ لتطيب لهم الولادة ، إنّه ليس عند الله شي‌ء يوم القيامة أعظم من الزنا ، إنّه يقوم صاحب الخُمس يقول : يا رب سل هؤلاء بما اُبيحوا(٤) »(٥) .

وكتب بعض أصحابنا الى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام أخبرني عن الخُمس ، هل على جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الصناع وكيف ذلك؟ فكتب بخطّه : « الخمس بعد المؤونة »(٦) .

إذا عرفت هذا ، فالميراث لا خمس فيه ، سواء كان محتسباً كالأب والابن ، أو غير محتسب كالنسب المجهول ؛ لبُعده.

وعن بعض علمائنا : يجب فيه الخُمس مطلقاً وفي الهبة والهدية(٧) .

والمشهور خلاف ذلك في الجميع.

____________________

(١) كما في المعتبر : ٢٩٣.

(٢) الأنفال : ٤١.

(٣) البقرة : ٢٦٧.

(٤) في الاستبصار : بما نكحوا.

(٥) التهذيب ٤ : ١٢٢ / ٣٤٨ ، الاستبصار ٢ : ٥٥ / ١٨٠.

(٦) التهذيب ٤ : ١٢٣ / ٣٥٢ ، الاستبصار ٢ : ٥٥ / ١٨١.

(٧) أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٧٠.

٤٢٢

الصنف السادس : الحلال إذا اختلط بالحرام ولم يتميّز‌ ولا عُرف مقدار الحرام ولا مستحقّه ، أخرج خُمسه ، وحلّ له الباقي ؛ لأنّ منعه من التصرف في الجميع ينافي المالية ، ويستعقب ضرراً عظيماً بترك الانتفاع بالمال وقت الحاجة ، والتسويغ للجميع إباحة للحرام ، وكلاهما منفيان ، ولا مخلص إلّا إخراج الخُمس إلى الذرية.

قال الصادقعليه‌السلام : « إن أمير المؤمنينعليه‌السلام أتاه رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين إنّي أصبت مالاً لا أعرف حلاله من حرامه ؛ فقال : أخرج الخمس من ذلك المال ، فإنّ الله تعالى قد رضي من المال بالخمس ، واجتنب ما كان صاحبه يعمل(١) »(٢) .

ولو عرف مقدار الحرام ، وجب إخراجه ، سواء قلّ عن الخُمس أو كثر ، وكذا لو عرفه بعينه.

ولو عرف أنّه أكثر من الخُمس ، وجب إخراج الخمس وما يغلب على الظن في الزائد.

ولو عرف صاحبه وقدره ، وجب إيصاله اليه ، فإن جهل القدر ، صالحه ، أو أخرج ما يغلب على ظنّه ، فإن لم يصالحه مالكه ، أخرج خُمسه اليه ، لأنّ هذا القدر جعله الله تعالى مطهِّراً للمال.

الصنف السابع : الذمّي إذا اشترى أرضاً من مسلم‌ ، وجب عليه الخُمس عند علمائنا ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « أيّما ذمّي اشترى من مسلم أرضاً فإنّ عليه الخُمس »(٣) .

وقال مالك : إن كانت الأرض عُشريةً ، منع من شرائها - وبه قال أهل‌

____________________

(١) في الموضع الثاني من المصدر : « يعلم » بدل « يعمل » وهو الأنسب.

(٢) التهذيب ٤ : ١٢٤ / ٣٥٨ و ١٣٨ / ٣٩٠.

(٣) التهذيب ٤ : ١٢٣ - ١٢٤ / ٣٥٥ ، والفقيه ٢ : ٢٢ / ٨١.

٤٢٣

المدينة وأحمد في رواية(١) - فإن اشتراها ، ضُوعف العُشر عليه ، فوجب عليه الخمس(٢) .

وقال أبو حنيفة : تصير أرضَ خراج(٣) .

وقال الثوري والشافعي وأحمد في رواية اُخرى : يصح البيع ولا شي‌ء عليه ولا عُشر أيضاً(٤) .

وقال محمد بن الحسن : عليه العُشر(٥) .

* * *

____________________

(١ و ٢ ) المغني ٢ : ٥٩٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩.

(٣) المبسوط للسرخسي ٣ : ٦ ، المغني ٢ : ٥٩٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩.

(٤) المغني ٢ : ٥٩٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٨.

(٥) المبسوط للسرخسي ٣ : ٦ ، المغني ٢ : ٥٩٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩.

٤٢٤

٤٢٥

الفصل الثاني

في النصب‌

مسألة ٣١٥ : النصاب في الكنز عشرون مثقالاً ، فلا يجب فيما دونه خُمس‌ عند علمائنا - وبه قال الشافعي في الجديد(١) - لقولهعليه‌السلام : ( ليس فيما دون خَمس أواق صدقة )(٢) .

ومن طريق الخاصة : ما روي عن الرضاعليه‌السلام : أنّه سئل عمّا يجب فيه الخُمس من الكنز ، فقال : « ما تجب الزكاة في مثله ففيه الخُمس »(٣) .

ولأنّه حقٌّ مالي يجب فيما استخرج من الأرض ، فاعتبر فيه النصاب كالمعدن والزرع.

وقال الشافعي في القديم : لا يعتبر فيه النصاب ، بل يجب في قليله‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٠ ، المجموع ٦ : ٩٩ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ١١٨ ، المغني ٢ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٨.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ١٤٤ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٤ / ١٥٥٨ ، سنن النسائي ٥ : ١٨ ، مسند أحمد ٣ : ٦.

(٣) الفقيه ٢ : ٢١ / ٧٥.

٤٢٦

وكثيرة(١) - وبه قال مالك وأحمد وأبو حنيفة(٢) - لعموم ( وفي الركاز الخُمس )(٣) .

ولأنّه مال يخمّس ، فلا يعتبر فيه النصاب كالغنيمة.

والخبر ليس من صيغ العموم. سلّمنا ، لكنّه مخصَّص بما تقدّم.

وينتقض قياسهم بالمعدن.

فروع :

أ - ليس للركاز نصاب آخر ، بل يجب في الزائد مطلقاً.

ب - هذه العشرون معتبرة في الذهب ، وفي الفضة مائتا درهم ، وما عداهما يعتبر فيه قيمته بأحدهما.

ج - لو وجد ركازاً أقلّ من النصاب ، لم يجب عليه شي‌ء وإن كان معه مال زكوي ، وسواء كان قد استفاد الكنز آخر حول المال أو قبله أو بعده ، وسواء كان الزكوي نصاباً ، أو تمّ بالركاز ، خلافاً للشافعي(٤) ، فإنّه ضمّه إليه ، إذ جعل الواجب زكاة وإن أوجب الخُمس.

د - لو وجد ركازاً أقلّ ، ثم وجد آخر كمل به النصاب ، لم يجب شي‌ء ، كاللقطة المتعدّدة.

مسألة ٣١٦ : اختلف علماؤنا في اعتبار النصاب في المعادن‌ ، فقال الشيخ في بعض كتبه : يعتبر(٥) - وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق(٦) -

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٠ ، المجموع ٦ : ٩٩ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ١١٨ ، المغني ٢ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٨.

(٢) الشرح الصغير ١ : ٢٣٠ ، المغني ٢ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٨ ، حلية العلماء ٣ : ١١٨.

(٣) تقدّمت الإِشارة الى مصادره في صفحة ٤١٢ ، الهامش (٥)

(٤) الاُم ٢ : ٤٥ ، حلية العلماء ٣ : ١١٨.

(٥) النهاية : ١٩٧ ، المبسوط للطوسي ١ : ٢٣٧.

(٦) الاُم ٢ : ٤٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٦٩ ، المجموع ٦ : ٩٠ ، فتح العزيز ٦ : ٩٢ ، =

٤٢٧

لقولهعليه‌السلام : ( ليس عليكم في الذهب شي‌ء حتى يبلغ عشرين مثقالاً )(١) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه البزنطي ، أنّه سأل الرضاعليه‌السلام ، عمّا أخرج المعدن من قليل وكثير هل فيه شي‌ء؟ قال : « ليس فيه شي‌ء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين ديناراً »(٢) .

وقال الشيخ في بعض كتبه : لا يعتبر(٣) - وبه قال أبو حنيفة(٤) - لأنّه مال يجب تخميسه ، فلا يعتبر فيه النصاب كالفي‌ء والغنيمة.

والفرق : أنّهما لا يستحقّان على المسلم ، وإنّما يملكه أهل الخُمس من الكفّار بالاغتنام.

إذا ثبت هذا ، ففي قدر النصاب عند من اعتبره من علمائنا قولان : أحدهما : عشرون ؛ لما تقدّم.

والثاني : دينار واحد ؛ لأنّ الرضاعليه‌السلام سئل عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد ، وعن معادن الذهب والفضة هل فيه زكاة؟

فقال : « إذا بلغ قيمته ديناراً ففيه الخُمس »(٥) .

مسألة ٣١٧ : يعتبر النصاب بعد المؤونة‌ ؛ لأنّها وُصلة الى تحصيله ، وطريق الى تناوله فكانت منهما كالشريكين.

____________________

= حلية العلماء ٣ : ١١٢ ، المدونة الكبرى ١ : ٢٨٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٨ ، المغني ٢ : ٦١٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٤.

(١) أورده ابن قدامة في المغني ٢ : ٦١٨.

(٢) التهذيب ٤ : ١٣٨ / ٣٩١.

(٣) الخلاف ٢ : ١١٩ ، المسألة ١٤٢.

(٤) المبسوط للسرخسي ٢ : ٢١١ ، المجموع ٦ : ٩٠ ، فتح العزيز ٦ : ٩٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ١١٢ ، المغني ٢ : ٦١٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٤.

(٥) الكافي ١ : ٤٥٩ / ٢١ ، التهذيب ٤ : ١٢٤ / ٣٥٦.

٤٢٨

وقال الشافعي وأحمد : المؤونة على المخرج ، لأنّه زكاة(١) . وهو ممنوع.

ويعتبر النصاب فيما أخرجه دفعة واحدة أو دفعات لا يترك العمل بينها على سبيل الإِهمال ، فلو عمل ثم أهمل ثم عمل ، لم يضمّ أحدهما الى الآخر. ولو ترك للاستراحة أو لإِصلاح آلة أو لقضاء حاجة ، ضمّ الثاني الى الأول. ويعتبر النصاب في الذهب ، وما عداه قيمته.

ولو اشتمل على جنسين ، كذهب وفضة أو غيرهما ، ضُمّ أحدهما إلى الآخر ، خلافاً لبعض الجمهور ، حيث قال : لا يُضمّ مطلقاً(٢) .

وقال بعضهم : لا يُضمّ في الذهب والفضة ، ويُضمّ في غيرهما(٣) .

مسألة ٣١٨ : النصاب في الغوص دينار واحد ، فما نقص عنه ، لم يجب فيه شي‌ء‌ ، عند علمائنا - خلافاً للجمهور كافة - لأنّ الرضاعليه‌السلام سئل عن معادن الذهب والفضّة هل فيه زكاة؟ فقال : « إذا بلغ قيمته ديناراً ففيه الخمس »(٤) .

ولا يعتبر في الزائد نصاب ، ولو أخرج النصاب في دفعتين ، فإن أعرض للإِهمال فلا شي‌ء ، وإلّا ضمّ أحدهما الى الآخر.

مسألة ٣١٩ : لا يجب في فوائد الاكتسابات والأرباح في التجارات والزراعات شي‌ء‌ إلّا فيما يفضل عن مؤونته ومؤونة عياله سنة كاملة ، عند علمائنا ، لقولهعليه‌السلام : ( لا صدقة إلّا عن ظهر غنى )(٥) .

ولقول أبي جعفر الثانيعليه‌السلام : « الخُمس بعد المؤونة »(٦) .

____________________

(١) المجموع ٦ : ٩١ ، حلية العلماء ٣ : ١١٣ ، المغني ٢ : ٦١٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٦ ، وحكى قولهما أيضاً المحقّق في المعتبر : ٢٩٣.

(٢ و ٣ ) المغني ٢ : ٦١٨ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٨٥.

(٤) التهذيب ٤ : ١٢٤ / ٣٥٦ ، والكافي ١ : ٤٥٩ / ٢١.

(٥) مسند أحمد ٢ : ٢٣٠.

(٦) التهذيب ٤ : ١٢٣ / ٣٥٢ ، الاستبصار ٢ : ٥٥ / ١٨١.

٤٢٩

وقولهعليه‌السلام : « عليه الخُمس بعد مؤونته ومؤونة عياله وبعد خراج السلطان »(١) .

مسألة ٣٢٠ : ولا يجب في الفوائد من الأرباح والمكاسب على الفور‌ ، بل يتربّص الى تمام السنة ، ويخرج خمس الفاضل ، لعدم دليل الفورية ، مع أصالة براءة الذمة.

ولأنّ تحقيق قدر المؤونة إنّما يثبت بعد المدّة ، لجواز تجديد ما لم يكن كتزويج بنت وعمارة منزل وغيرهما من المتجدّدات.

ولا يراعى الحول في غيره ، ولا فيه إلاّ على سبيل الرفق بالمكتسب.

ولا يجب النصاب في الغنائم في دار الحرب ، ولا في الممتزج بالحرام ، ولا أرض الذمي ، للعموم السالم عن المخصّص.

* * *

____________________

(١) التهذيب ٤ : ١٢٣ / ٣٥٤ ، الاستبصار ٢ : ٥٥ - ٥٦ / ١٨٣.

٤٣٠

٤٣١

الفصل الثالث

في قسمته وبيان مصرفه‌

مسألة ٣٢١ : يقسّم الخُمس ستة أقسام : سهم لله ، وسهم لرسوله ، وسهم لذي القربى ، وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لأبناء السبيل ، عند جمهور علمائنا - وبه قال أبو العالية الرياحي(١) - للآية(٢) المقتضية للتشريك.

وقول الكاظمعليه‌السلام : « يقسّم الخمس على ستة أسهم »(٣) .

وقال بعض علمائنا : يقسّم خمسة أقسام : سهم لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسهم لذي القربى ، إلى آخره(٤) ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ؛ لأنّهعليه‌السلام ، قسّم الخُمس خمسة أقسام(٥) .

____________________

(١) حكاه الشيخ الطوسي في الخلاف ، كتاب الفي‌ء وقسمة الغنائم ، المسألة ٣٧ ، والمحقق في المعتبر : ٢٩٤ ، وانظر : المغني ٧ : ٣٠٠ - ٣٠١ ، والشرح الكبير ١٠ : ٤٨٦.

(٢) الأنفال : ٤١.

(٣) التهذيب ٤ : ١٢٨ / ٣٦٦ ، الاستبصار ٢ : ٥٦ / ١٨٥.

(٤) حكاه أيضاً المحقّق في شرائع الإِسلام ١ : ١٨٢.

(٥) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٧ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٧ ، المغني ٧ : ٣٠٠ و ٣٠١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٨٦ و ٤٨٧ ، الهداية للمرغيناني ٢ : ١٤٨ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٢٤ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٧.

٤٣٢

وليس بذاك ؛ لجواز ترك بعض حقّه.

مسألة ٣٢٢ : سهم الله وسهم رسوله للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ‌ ، يصنع به في حياته ما شاء ، وبعده للإِمام القائم مقامه ، لأنّه حقٌّ له باعتبار ولايته العامة ، ليصرف بعضه في المحاويج ، فينتقل الى مَن يَنُويُه في ذلك.

وللروايات عن أهل البيتعليهم‌السلام (١) .

وقال الشافعي : ينتقل سهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الى المصالح ، كبناء القناطر وعمارة المساجد وأرزاق القضاة وشبهه(٢) .

وقال أبو حنيفة : يسقط بموتهعليه‌السلام (٣) . وليس بمعتمد.

مسألة ٣٢٣ : المراد بذي القُربى الإِمامعليه‌السلام خاصة‌ عند علمائنا ؛ لوحدته لفظاً ، فلا يتناول أكثر من الواحد حقيقةً ، والأصل عدم المجاز. وللرواية(٤) .

وقال الشافعي : المراد به قرابة النبيعليه‌السلام من ولد هاشم والمطّلب أخيه ، الصغير والكبير والقريب والبعيد سواءً ، للذكر ضِعفُ الاُنثى ؛ لأنّه ميراث(٥) .

وقال المزني وأبو ثور : يستوي الذكر والاُنثى ؛ لأنّه مُستَحقٌ بالقرابة(٦) .

____________________

(١) اُنظر على سبيل المثال : التهذيب ٤ : ١٢٨ / ٣٦٦.

(٢) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٧ ، الوجيز ١ : ٢٨٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٨ ، المغني ٧ : ٣٠٢ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٨٩.

(٣) الهداية للمرغيناني ٢ : ١٤٨ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٧ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٢٥ ، المغني ٧ : ٣٠١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٨٦ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٧.

(٤) التهذيب ٤ : ١٢٥ / ٣٦١ و ١٢٦ - ١٢٧ / ٣٦٤.

(٥) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، الوجيز ١ : ٢٨٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٨ ، المغني ٧ : ٣٠٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٩٢.

(٦) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٨ ، المغني ٧ : ٣٠٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٩٢.

٤٣٣

إذا عرفت هذا فسهم ذي القُربى للإِمام بعد الرسولعليه‌السلام ، فلا يسقط بموته ، وبعدم السقوط قال الشافعي(١) .

وقال أبو حنيفة : يسقط بموته(٢) .

وهو خطأ ؛ لأنّه تعالى أضاف السهم الى ذي القربى بلام التمليك.

مسألة ٣٢٤ : المراد باليتامى والمساكين وأبناء السبيل في آية الخُمس‌(٣) : مَن اتّصف بهذه الصفات من آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهُم ولد عبد المطّلب بن هاشم - وهم الآن أولاد أبي طالب - والعباس والحارث وأبي لهب خاصة دون غيرهم ، عند عامة علمائنا ؛ لأنّه عوض عن الزكاة ، فيصرف الى مَن مُنِعَ منها.

ولقول أمير المؤمنينعليه‌السلام( وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) (٤) منّا خاصة(٥) .

وقال الشافعي : سهم ذي القُربى لقرابة النبيعليه‌السلام ، وهُم أولاد هاشم وآل المطّلب(٦) .

وقال أبو حنيفة : إنّه لآل هاشم خاصة(٧) ؛ مع اتّفاقهما على أنّ اليتامى والمساكين وأبناء السبيل غير مختص بالقرابة ، بل هو عام في المسلمين(٨) .

وأطبق الجمهور كافّة على تشريك الأصناف الثلاثة من المسلمين في الأسهم الثلاثة(٩) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٢٥.

(٢) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٤ : ٢٠٧ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٨.

(٣) الأنفال : ٤١.

(٤) الحشر : ٧.

(٥) الكافي ١ : ٤٥٣ / ١.

(٦) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨.

(٧) أحكام القرآن - للجصّاص - ٣ : ٦٤ ، التفسير الكبير - للرازي - ١٥ : ١٦٦.

(٨ و ٩ ) الاُم ٤ : ١٤٧ ، المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، المغني ٧ : ٣٠٦ و ٣٠٧ ، الشرح =‌

٤٣٤

مسألة ٣٢٥ : ولا يستحقّ بنو المطّلب شيئاً من الخُمس‌ ، وتحلّ لهم الزكاة - وبه قال أبو حنيفة(١) - لتساوي بني المطّلب وبني نوفل وعبد شمس في القرابة ، فإذا لم يستحقّ بنو نوفل وعبد شمس فكذا مُساويهم.

ولقول الكاظمعليه‌السلام : « الذين جعل الله لهم الخُمس هُم قرابة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهُم بنو عبد المطّلب الذكر والاُنثى منهم ، ليس فيهم من أهل بيوتات قريش ، ولا من العرب أحد »(٢) .

وقال الشافعي : إنّ بني المطّلب يستحقّون(٣) ؛ لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أنا وبنو المطّلب لم نفترق في جاهلية ولا إسلام )(٤) .

والمراد به النصرة لا استحقاق الخُمس.

مسألة ٣٢٦ : وإنّما يستحقّ من بني عبد المطّلب مَن انتسب اليه بالأب لا مَن انتسب اليه بالاُم‌ عند أكثر علمائنا - وهو قول الجمهور(٥) - لقول الكاظمعليه‌السلام : « ومَن كانت اُمّه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش فإنّ الصدقة تحلّ له ، وليس له من الخُمس شي‌ء ؛ لأنّ الله تعالى يقول( ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ ) (٦) »(٧) .

وقال السيد المرتضى : إنّ مَن انتسب اليهم بالاُم يستحقّ الخُمس(٨) ،

____________________

= الكبير ١٠ : ٤٩٣ و ٤٩٤ ، الاختيار لتعليل المختار ٤ : ٢٠٧.

(١) المغني ٢ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٧١٤.

(٢) التهذيب ٤ : ١٢٩ / ٣٦٦.

(٣) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، الوجيز ١ : ٢٨٨ ، الهداية للمرغيناني ٢ : ١٤٨.

(٤) سنن أبي داود ٣ : ١٤٦ / ٢٩٨٠.

(٥) الوجيز ١ : ٢٨٨ ، المغني ٧ : ٣٠٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٩١.

(٦) الأحزاب : ٥.

(٧) التهذيب ٤ : ١٢٩ / ٣٦٦.

(٨) حكاه عنه المحقّق في المعتبر : ٢٩٥.

٤٣٥

لقولهعليه‌السلام : ( هذان ولداي إمامان قاما أو قعدا )(١) يشير بذلك الى الحسن والحسينعليهما‌السلام ، وانتسابهما بالولادة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما هو بالاُم.

ونمنع كونه حقيقة.

مسألة ٣٢٧ : يعتبر في آخِذ الخُمس : الإِيمان‌ ، للنهي عن مودّة غير المؤمن ، وعمّن حادّ الله ورسوله(٢) . ولا تعتبر العدالة.

ولا يستحق الغني ؛ لأنّه وضع للإِرفاق ، كما وضعت الزكاة لمحاويج العوام. نعم يستحقّ الإِمام سهم ذي القُربى عندنا وإن كان غنيّاً.

واليتيم مَن لا أب له ممّن لم يبلغ الحُلُمَ ، وهو في آية الخُمس(٣) مختص بالذُرية من هاشم ، خلافاً للجمهور(٤) .

وهل يشترط فقره؟ قال الشيخ في المبسوط : لا يشترط ؛ عملاً بالعموم(٥) . وهو أحد قولي الشافعي ، وفي الآخر : يشترط(٦) .

ولا يعتبر الفقر في ابن السبيل ، بل الحاجة في بلد السفر.

مسألة ٣٢٨ : لا يُحمل الخُمس من بلد المال مع وجود المستحقّ فيه‌ ؛ لأنّ المستحق مطالب من حيث الحاجة والفقر ، فنقله يستلزم تأخير إيصال الحقّ إلى مستحقّه مع القدرة والطلب ، فإن نَقَله حينئذٍ ضمن ، ويبرأ مع التسليم.

____________________

(١) اعلام الورى : ٢٠٩ ، المناقب - لابن شهر آشوب - ٣ : ٣٦٧ ، كشف الغمة ١ : ٥٣٣ ، وعوالي اللآلي ٣ : ١٢٩ - ١٣٠ / ١٤.

(٢) المجادلة : ٢٢.

(٣) الأنفال : ٤١.

(٤) اُنظر : المصادر في الهامش ( ٨ و ٩ ) من صفحة ٤٣٣.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ٢٦٢.

(٦) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٩ ، الوجيز ١ : ٢٨٨ ، المغني ٧ : ٣٠٦ - ٣٠٧ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٩٣.

٤٣٦

ولو فقد المستحقّ جاز النقل ؛ للضرورة ، ولا ضمان.

ويعطى مَن حضر البلد ، ولا يتبع من غاب عند علمائنا ، وبه قال بعض الشافعية(١) .

وقال الشافعي : ينقل من البلد الى غيره ، ويقسَّم في البلدان ؛ لأنّه مستحقّ بالقرابة ، فاشترك الحاضر والغائب كالميراث(٢) .

وليس بجيّد ، وإلّا لاختصّ به الأقرب كالميراث.

مسألة ٣٢٩ : ظاهر كلام الشيخ : وجوب قسمته في الأصناف‌ ؛ عملاً بظاهر الآية(٣) (٤) .

ويُحتمل المنع ؛ لأنّ المراد بيان المصرف كالزكاة.

ويؤيّده : أنّ الرضاعليه‌السلام سُئل عن قوله تعالى( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ) (٥) ، قال : « فما كان لله فللرسول ، وما كان للرسول فهو للإِمام » قيل : أرأيت إن كان صنف أكثر من صنف أو أقلّ من صنف كيف يصنع؟

قال : « ذلك الى الإِمام ، أرأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كيف صنع؟

إنّما كان يعطي على ما يرى ، كذلك الإِمام »(٦) .

نعم الأحوط ما قاله الشيخ.

مسألة ٣٣٠ : مستحقّ الخُمس من الركاز والمعادن هو المستحقّ له من الغنائم‌ عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة(٧) - لأنّه غنيمة ، وكذا البحث في جميع‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٩.

(٢) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٨.

(٣) الأنفال : ٤١.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٦٢.

(٥) الأنفال : ٤١.

(٦) الكافي ١ : ٤٥٧ / ٧ ، التهذيب ٤ : ١٢٦ / ٣٦٣.

(٧) المغني ٢ : ٦١٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٩ ، المجموع ٦ : ١٠٢ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ١١٧.

٤٣٧

ما يجب فيه الخُمس.

وقال الشافعي : مصرفه مصرف الزكوات(١) - وعن أحمد روايتان(٢) - لأنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام أمر صاحب الكنز أن يتصدّق به على المساكين(٣) .

ويحتمل القسمة في المساكين من الذرية.

ولا يجوز صرف حقّ المعدن الى مَن وجب عليه - وبه قال الشافعي ومالك وأحمد(٤) - لأنّه مأمور بإخراجه ، ولا يتحقق مع الدفع الى نفسه. ولأنّه حقٌّ وجب عليه ، فلا يصرف اليه ، كعُشر الزرع.

وقال أبو حنيفة : يجوز(٥) . وليس بمعتمد.

مسألة ٣٣١ : الأسهم الثلاثة التي للإِمام يملكها ويصنع ما شاء‌ ، والثلاثة الباقية للأصناف الاُخر ، لا يختص بها القريب دون البعيد ، ولا الذكر دون الاُنثى ، ولا الكبير على الصغير ، بل يُفرّقها الإِمام على ما يراه من تفضيل وتسوية ، ويُفرّق بين الحاضرين ، ولا يتبع الأباعد.

ولو فضل عن كفاية الحاضرين جاز حمله الى بلد آخر ؛ لاستغنائهم بحصول قدر الكفاية ، ولا ضمان.

وإذا حضر الأصناف الثلاثة ، استحبّ التعميم.

ولو لم يحضر في البلد إلّا فرقة منهم ، جاز أن يُفرّق فيهم ، ولا ينتظر غيرهم ، ولا يحمل الى بلد آخر.

____________________

(١) المجموع ٦ : ١٠٢ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ١١٧ ، المغني ٢ : ٦١٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٩.

(٢) المغني ٢ : ٦١٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٩ ، المجموع ٦ : ١٠٢ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ١١٧.

(٣) سنن البيهقي ٤ : ١٥٦ - ١٥٧.

(٤و٥) المجموع ٦ : ٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ١١٣.

٤٣٨

٤٣٩

الفصل الرابع

في الأنفال‌

المراد بالأنفال كلّ ما يخصّ الإِمام ، فمنه : كلّ أرض انجلى أهلها عنها ، أو سلّموها طوعاً بغير قتال ، وكلّ أرض خربة باد أهلها إذا كانت قد جرى عليها ملك أحد ، وكلّ خربة لم يجر عليها ملك أحد ، وكلّ أرض لم يوجف عليها بِخَيلٍ ولا ركابٍ ؛ للرواية(١) .

ومنه : رؤوس الجبال والآجام والأرض الموات التي لا أرباب لها ؛ لقول الكاظمعليه‌السلام : « والأنفال كلّ أرض خربة قد باد أهلها ، وكلّ أرض لم يُوجَف عليها بِخَيل ولا ركاب ، ولكن صُولحوا عليها ، وأعطوا بأيديهم على غير قتال ، وله رؤوس الجبال وبطون الأودية والآجام ، وكلّ أرض ميتة لا ( وارث )(٢) لها »(٣) .

وأمّا المعادن ، فقال الشيخان : إنّها من الأنفال(٤) .

ومنعه ابن إدريس(٥) ؛ وهو الأقوى.

____________________

(١) اُنظر : الهامش (٣) من هذه الصفحة.

(٢) في المصدر بدل ( وارث ) : ( ربّ ).

(٣) الكافي ٣ : ٤٥٥ / ٤ ، التهذيب ٤ : ١٣٠ / ٣٦٦.

(٤) المقنعة : ٤٥ ، النهاية للطوسي ١ : ٤١٩.

(٥) اُنظر : السرائر : ١١٦.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460