تذكرة الفقهاء الجزء ٦

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-46-9
الصفحات: 333

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-5503-46-9
الصفحات: 333
المشاهدات: 217944
تحميل: 4906


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 333 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 217944 / تحميل: 4906
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 6

مؤلف:
ISBN: 964-5503-46-9
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

إحدى الروايتين(١) - لأنّ الصوم عبادة تختلف بالسفر والحضر ، فإذا اجتمعا فيها غلب حكم الحضر كالصلاة.

والفرق : أنّ الصلاة يلزمه إتمامها بنيته ، بخلاف الصوم.

والثاني : أنّه يفطر - وهو قول الشعبي وإسحاق وداود وابن المنذر وأحمد في الرواية الثانية(٢) - للرواية(٣) .

ولأنّ السفر معنى لو وجد ليلاً واستمرّ في النهار ، لأباح الفطر ، فإذا وجد في أثنائه أباحه كالمرض.

مسألة ٩٦ : ولا يجوز له الفطر حتى يتوارى عنه جدران بلده ويخفى عنه أذان مصره‌ ؛ لأنّه إنّما يصير ضارباً في الأرض(٤) بذلك ، وهو قول أكثر العامة(٥) .

وقال الحسن البصري : يفطر في بيته إن شاء يوم يريد أن يخرج(٦) . وروي نحوه عن عطاء(٧) .

روى محمد بن كعب قال : أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفراً وقد رُحِلَت له راحلته ولبس ثياب السفر ، فدعا بطعام فأكل ، فقلت له : سنّة؟ فقال : سنّة ؛ وركب(٨) .

مسألة ٩٧ : لو نوى المسافر الصوم في سفره ، لم يجز عندنا‌ ؛ لأنّه محرّم ، وعند العامة يجوز(٩) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٣٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢.

(٢) المغني ٣ : ٣٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢.

(٣) وهي - على ما في المغني ٣ : ٣٤ والشرح الكبير ٣ : ٢٣ - ما أورده أبو داود في سننه ج ٣ ص ٣١٨ ، الحديث ٢٤١٢.

(٤) إشارة الى الآية ١٠١ من سورة النساء.

(٧-٥) المغني ٣ : ٣٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٣.

(٨) سنن الترمذي ٣ : ١٦٣ / ٧٩٩.

(٩) راجع : المغني ٣ : ٣٥ ، والشرح الكبير ٣ : ١٩ ، والمجموع ٦ : ٢٦٤ ، وفتح العزيز ٦ : ٤٢٨.

١٦١

وعندنا إنّما يجوز إذا نوى المقام عشرة أيام ، فلو نوى المقام ، لزمه الصوم.

فإن نوى المقام قبل الزوال ولم يكن قد تناول المفطر ، وجب عليه تجديد نية الصوم وإتمامه ، وأجزأ عنه.

ولو نوى بعد الزوال أو كان قد تناول ، أمسك مستحباً ، وكان عليه القضاء.

ومن سوّغ الصوم في السفر - وهم العامّة - لو نوى الصوم في سفره ثم بدا له أن يفطر ، فله ذلك عند أحمد(١) (٢) .

وللشافعي قولان ، فقال مرة : لا يجوز له الفطر. وقال اُخرى : إن صحّ حديث الكديد ، لم أر به بأساً أن يفطر(٣) .

وعنى بحديث الكديد ، الحديث الذي رواه ابن عباس ، قال : خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عام الفتح في شهر رمضان فصام حتى بلغ الكديد فأفطر وأفطر الناس(٤) .

وقال مالك : إن أفطر ، فعليه القضاء والكفّارة ؛ لأنّه أفطر في صوم(٥) رمضان فلزمه ذلك ، كما لو كان حاضراً(٦) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ له أن يفطر عندهم بالأكل والشرب وغيرهما ، إلّا الجماع ففيه قولان : أحدهما : ليس له ذلك. والثاني : الجواز.

وعلى القول الأول هل تجب الكفّارة؟ عن أحمد روايتان : إحداهما : أنّه لا كفّارة عليه - وهو مذهب الشافعي - لأنّه صوم لا يجب المضيّ فيه ، فلم‌

____________________

(١) ورد في الطبعة الحجرية بدل عند أحمد : عنده. و : عند أحمد خ ل.

(٢) المغني ٣ : ٣٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢.

(٣) المغني ٣ : ٣٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢ ، المجموع ٦ : ٢٦٤ ، فتح العزيز ٦ : ٤٢٨.

(٤) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في صفحة ١٥٩ ، الهامش (٦).

(٥) ورد في الطبعة الحجرية بدل صوم : شهر. و : صوم. خ ل.

(٦) المغني ٣ : ٣٥ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٢.

١٦٢

تجب الكفّارة بالجماع فيه ، كالتطوّع.

والثانية : أنّه تجب عليه الكفّارة ؛ لأنّه أفطر بجماع ، فلزمته الكفّارة ، كالحاضر.

والفرق : أنّ الحاضر يجب عليه المضيّ في الصوم ، ولأنّ حرمة الجماع وغيره بالصوم ، فتزول بزواله ، كما لو زالت بمجي‌ء الليل(١) .

مسألة ٩٨ : وليس للمسافر أن يصوم في رمضان عن غيره كالنذر والقضاء‌ ؛ لأنّ الفطر اُبيح رخصةً وتخفيفاً عنه ، فلا يجوز له الإِتيان بما خُفّف عنه ، كالتمام والقصر في الصلاة.

وكذا ليس للحاضر أن يصوم غير رمضان فيه ؛ لأنّه زمان لا يقع فيه غيره.

فإذا نوى المسافر الصوم في شهر رمضان للنذر أو القضاء ، لم يصح صومه عن رمضان ولا عمّا نواه ، لأنّه أبيح له الفطر للعذر ، فلم يجز له أن يصومه عن غير رمضان كالمريض ، وهذا قول أكثر العلماء(٢) .

وقال أبو حنيفة : يقع ما نواه إذا كان واجباً ؛ لأنّه زمن اُبيح له الفطر فيه ، فكان له صومه عن واجب عليه كغير رمضان(٣) .

وينتقض : بصوم التطوّع.

مسألة ٩٩ : لو قدم المسافر أو بري‌ء المريض وكانا قد أفطرا ، استحب لهما الإِمساك بقية النهار‌ ، وليس واجباً عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي ومالك وأبو ثور وداود(٤) - لأنّه اُبيح له الإِفطار باطناً وظاهراً في أول النهار ، فإذا أفطر ، كان له أن يستديمه الى آخر النهار ، كما لو بقي العذر.

____________________

(١) المغني ٣ : ٣٦.

(٢) المغني ٣ : ٣٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١ - ٢٢ ، المجموع ٦ : ٢٦٣.

(٣) المغني ٣ : ٣٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢ ، المجموع ٦ : ٢٦٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٧ ، وبدائع الصنائع ٢ : ٨٤.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٥ ، المجموع ٦ : ٢٦٢ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٥ ، المغني ٣ : ٧٤ - ٧٥ ، بداية المجتهد ١ : ٢٩٧.

١٦٣

ولأنّ الصوم غير قابل للتبعيض وقد أفطر في أول النهار فلا يصح صوم الباقي.

وإنّما استحب الإِمساك تشبّهاً بالصائمين ؛ لأنّ محمد بن مسلم سأل الصادقعليه‌السلام عن الرجل يقدم من سفره بعد العصر في شهر رمضان فيصيب امرأته حين طهرت من الحيض أيُواقعها؟ قال : « لا بأس به »(١) .

وأمّا استحباب الإِمساك : فلأنّ سماعة سأله عن مسافر دخل أهله قبل زوال الشمس وقد أكل ، قال : « لا ينبغي له أن يأكل يومه ذلك شيئاً ، ولا يواقع في شهر رمضان إن كان له أهل»(٢) .

وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي : لا يجوز لهم أن يأكلوا في بقية النهار - وعن أحمد روايتان(٣) - لأنّه معنى لو طرأ قبل طلوع الفجر لوجب الصوم ، فإذا طرأ بعد الفجر وجب الإِمساك كقيام(٤) البيّنة أنّه من رمضان(٥) .

والفرق : جواز الإِفطار باطناً وظاهراً هنا ، فإذا أفطر كان له استدامته ، بخلاف البيّنة ؛ لأنّه لم يكن له الفطر باطناً ، فلمّا انكشف له خطأه حرم عليه الإِفطار.

وكذا البحث في كلّ مفطر كالحائض إذا طهرت ، والطاهر إذا حاضت ، والصبي إذا بلغ ، والكافر إذا أسلم.

مسألة ١٠٠ : لو قدم المسافر قبل الزوال أو برئ المريض كذلك ولم يكونا قد تناولا شيئاً‌ ، وجب عليهما الإِمساك بقية اليوم ، وأجزأهما عن‌

____________________

(١) الاستبصار ٢ : ١٠٦ / ٣٤٧ و ١١٣ / ٣٧٠ ، التهذيب ٤ : ٢٤٢ / ٧١٠ و ٢٥٤ / ٧٥٣.

(٢) الكافي ٤ : ١٣٢ / ٨ ، التهذيب ٤ : ٢٥٣ - ٢٥٤ - ٧٥١ ، الإستبصار ٢ : ١١٣ / ٣٦٨.

(٣) المغني ٣ : ٧٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧ ، و ٦٥ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٥.

(٤) ورد في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، وفي الطبعة الحجرية بدل كقيام : لقيام.

والصحيح - كما هو موافق لما في المغني - ما أثبتناه.

(٥) المغني ٣ : ٧٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٠٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٩٧ ، المجموع ٦ : ٢٦٢ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٥. حلية العلماء ٣ : ١٧٦.

١٦٤

رمضان ، ولو كان بعد الزوال أمسكا استحباباً ، وقضيا عند علمائنا ؛ لأنّه قبل الزوال يتمكّن من أداء الواجب على وجه يؤثّر النية في ابتدائه فوجب الصوم ، والإِجزاء مُخرج عن العهدة ، وأمّا بعد الزوال : فلفوات محل النية ، فلا يجب بالصوم ، لعدم شرطه ؛ واستحباب الإِمساك لحرمة الزمان.

ولأنّ أحمد بن محمد سأل أبا الحسنعليه‌السلام عن رجل قدم من سفره في شهر رمضان ولم يطعم شيئاً قبل الزوال ، قال : « يصوم »(١) .

وسأله أبو بصير عن الرجل يقدم من سفره في شهر رمضان ، فقال : « إن قدم قبل زوال الشمس فعليه صوم ذلك اليوم ويعتدّ به »(٢) .

مسألة ١٠١ : لو علم المسافر أنّه يصل الى بلده أو موضع إقامته قبل الزوال ، جاز له الإِفطار‌ - ولو أمسك حتى يدخل ويتم صومه كان أفضل ، وأجزأه - لأنّ السفر المبيح للإِفطار موجود ، والمانع مفقود بالأصل.

ولما رواه رفاعة - في الحسن - أنّه سأل الصادقعليه‌السلام عن الرجل يصل(٣) في شهر رمضان من سفر حتى يرى أنّه سيدخل أهله ضحوة أو ارتفاع النهار ، قال : « إذا طلع الفجر وهو خارج لم يدخل فهو بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر »(٤) .

وأما أولوية الصوم : فلحرمة الوقت ، ولاشتماله على المسارعة إلى فعل الواجب.

مسألة ١٠٢ : الخلوّ من الحيض والنفاس شرط في الصوم بإجماع العلماء‌.

ولو زال عذرهما في أثناء النهار ، لم يصح لهما صوم وإن كان بعد الفجر‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ١٣٢ / ٧ ، التهذيب ٤ : ٢٥٥ / ٧٥٥.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٥٥ / ٧٥٤.

(٣) في الكافي : يقدم ، بدل يصل. وفي الفقيه والتهذيب : يقبل.

(٤) الكافي ٤ : ١٣٢ / ٥ ، الفقيه ٢ : ٩٣ / ٤١٤ ، التهذيب ٤ : ٢٥٥ - ٢٥٦ / ٧٥٦.

١٦٥

بزمان يسير جدّاً ، لكن يستحب لهما الإِمساك ويجب عليهما القضاء - وهو قول عامة أهل العلم(١) - لأنّ الوجوب سقط عنهما ظاهراً وباطناً ، فلا يجب الإِمساك.

وقال أبو حنيفة : يجب كما لو قامت البيّنة(٢) ؛ وقد سلف(٣) .

ولو تجدّد عذرهما بعد طلوع الفجر وإن كان قبل الغروب بزمان يسير جدّاً وجب عليهما الإِفطار والقضاء بالإِجماع.

تنبيهٌ :

قيل : الصوم يجب على الحائض والنفساء‌ ، ولهذا وجب القضاء عليهما مع أنّه محرَّم(٤) .

وهو خطأ ؛ للتنافي بين الحكمين ، نعم سبب الوجوب قائم في حقهما ولم يثبت الوجوب لمانع ، والقضاء بأمر جديد.

القسم الثاني : في شرائط وجوب القضاء(٥) .

مسألة ١٠٣ : يشترط في وجوب القضاء : الفوات حالة البلوغ‌ ، فلو فات الصبي الذي لم يبلغ في شهر رمضان ، لم يجب عليه القضاء بعد بلوغه ، سواء كان مميّزاً أو غير مميّز ، بإجماع العلماء ، لأنّ الصبي ليس محلّ الخطاب بالأداء ، فلا يجب عليه القضاء ، ولا نعلم فيه خلافاً ، إلّا من الأوزاعي ؛ فإنّه‌

____________________

(١) راجع : الشرح الكبير ٣ : ١٧ ، والمجموع ٦ : ٢٥٧.

(٢) الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٠٢ ، المجموع ٦ : ٢٥٧ ، المغني ٣ : ٧٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٦.

(٣) سلف في المسألة ٩٩.

(٤) راجع : المجموع ٢ : ٣٥٥ ، وفتح العزيز ٢ : ٤٢٠.

(٥) في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق : شرائط القضاء.

١٦٦

قال : يقضيه إن كان قد أفطر وهو قادر على الصوم(١) .

وكذا اليوم الذي بلغ فيه لا يجب عليه قضاؤه ؛ لمضيّ جزء منه لا يصح تكليفه بالصوم فيه ، فيكون الباقي كذلك ؛ لعدم قبوله للتجزّي ، ولا فرق بين أن يصوم اليوم الذي بلغ فيه أو لا ، وبه قال أبو حنيفة(٢) .

وللشافعي قولان ، أحدهما : أنّه يجب قضاؤه وإن كان صائماً. والثاني: لا يجب قضاؤه إذا(٣) كان مفطراً ؛ لأنّه يجب عليه صوم باقية لبلوغه ، وتعذّر عليه صومه ؛ للإِفطار ، وقضاؤه منفرداً ، فوجب أن يكمل صوم يوم ليتوصّل إلى صوم ما وجب عليه ، كما إذا عدل الصوم بالإِطعام ، فبقي نصف مُدّ ، فإنّه يصوم يوماً كاملاً(٤) .

وهو غلط ؛ لأنّا نمنع وجوب صوم باقية.

مسألة ١٠٤ : كمال العقل شرط في القضاء‌ ، فلو فات المجنون شهر رمضان ثم أفاق ، لم يجب عليه قضاؤه عند علمائنا - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(٥) - لأنّه ليس محلّاً للتكليف ، فلا يجب عليه الأداء ، فلا يجب عليه تابعه ، وهو : القضاء.

وقال مالك : يجب عليه القضاء. وبه قال بعض الشافعية - وعن أحمد‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧.

(٢) المبسوط للسرخسي ٣ : ٩٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٣ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٨.

(٣) في الطبعة الحجرية : وإن ، بدل إذا.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٤ ، المجموع ٦ : ٢٥٦ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٣.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٤ ، المجموع ٦ : ٢٥٤ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٨ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٨٨ ، المغني ٣ : ٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦.

١٦٧

روايتان(١) - لأنّ الجنون معنى يزيل العقل ، فلا ينافي وجوب الصوم ، كالإِغماء(٢) .

ونمنع حكم الأصل ، والفرق : أنّ الإِغماء مرض قد يلحق الأنبياء ، بخلاف الجنون المزيل للتكليف لنقص فيه.

فإن أفاق في أثناء الشهر ، لم يقض ما فاته حال جنونه ولا اليوم الذي يفيق فيه ، إلّا أن يكون أفاق قبل الفجر - وبه قال الشافعي في أحد الوجهين(٣) - لأنّ الجنون مزيل للخطاب والتكليف ، فسقط قضاء ما فات من بعض الشهر ، كما لو فات جميعه.

وقال أبو حنيفة : يجب قضاء ما فات ؛ لأنّ الجنون لا ينافي الصوم(٤) .

وهو ممنوع بخلاف الإِغماء.

وقال محمد بن الحسن : إذا بلغ مجنوناً ثم أفاق في أثناء الشهر ، فلا قضاء عليه ، أمّا إذا كان عاقلاً بالغاً ثم جُنّ ، قضى ما فاته حالة الجنون ؛ لأنّ بلوغه في الأول لم يتعلّق به التكليف(٥) . ونمنع الأصل.

مسألة ١٠٥ : اختلف علماؤنا في المغمى عليه هل يجب عليه القضاء؟ فالذي نصّ عليه الشيخ –رحمه‌الله - أنّه لا قضاء عليه ، سواء كان مفيقاً في أول الشهر ناوياً للصوم ثم اُغمي عليه ، أو لم يكن مفيقاً ، بل اُغمي‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٩٥ - ٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٣ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٣.

(٢) الكافي في فقه أهل المدينة : ١١٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٩٨ ، المغني ٣ : ٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٣ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٣.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٤ ، المجموع ٦ : ٢٥٤ و ٢٥٦ ، الوجيز ١ : ١٠٣ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٣ ، المغني ٣ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦.

(٤) الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٨ ، الكتاب بشرح اللباب ١ : ١٧٣ ، بدائع الصنائع ٢ : ٨٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٣ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٣ ، المغني ٣ : ٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦.

(٥) الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٨ - ١٢٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٨٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٣.

١٦٨

عليه من أول الشهر(١) .

وهو المعتمد ؛ لأنّ مناط التكليف العقل ، والتقدير زواله ، فيسقط التكليف.

ولأنّ أيوب بن نوح كتب إلى الرضاعليه‌السلام ، يسأله عن المغمى عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته أم لا؟ فكتب : « لا يقضي الصوم ولا يقضي الصلاة »(٢) .

وللشيخ قول آخر : إنّه إن سبقت منه النيّة ، صحّ صومه ، ولا قضاء عليه ، وإن لم تسبق ، بأن كان مغمى عليه من أول الشهر ، وجب القضاء(٣) - وبه قال المفيد والسيد المرتضى(٤) - لأنّه مريض ، فوجب عليه القضاء كغيره من المرضى ، لأنّ مدّته لا تتطاول غالباً.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « يقضي المغمى عليه ما فاته »(٥) .

ونمنع مساواته للمرض الذي يبقى فيه العقل.

والرواية محمولة على الاستحباب.

وقال الشافعي وأبو حنيفة : يقضي زمان إغمائه مطلقاً. واختلفا في يوم إغمائه ، فقال أبو حنيفة : لا يقضيه ؛ لحصول النية فيه. وقال الشافعي : يقضيه(٦) .

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٨٥.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٤٣ / ٧١١ ، الاستبصار ١ : ٤٥٨ / ١٧٧٥ ، والفقيه ١ : ٢٣٧ / ١٠٤١ ، وفيها عن أبي الحسن الثالثعليه‌السلام .

(٣) الخلاف ٢ : ١٩٨ ، المسألة ٥١ ، وحكاه عنه المحقّق في المعتبر : ٣١٣.

(٤) المقنعة : ٥٦ ، جُمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٥٧ ، وحكاه عنهما المحقّق في المعتبر : ٣١٣.

(٥) التهذيب ٤ : ٢٤٣ / ٧١٦.

(٦) حكى هذه الأقوال عنهما ، المحقّق في المعتبر : ٣١٣ ، وانظر : المهذب للشيرازي ١ : ١٨٤ و ١٩٢ ، والمجموع ٦ : ٢٥٥ و ٣٤٧ ، والوجيز ١ : ١٠٣ ، وفتح العزيز ٦ : =

١٦٩

مسألة ١٠٦ : الإِسلام شرط في وجوب القضاء‌ ، فلو فات الكافر الأصلي شهر رمضان ثم أسلم ، لم يجب عليه قضاؤه بإجماع العلماء ؛ لقولهعليه‌السلام : ( الإِسلام يجبّ ما قبله )(١) .

ولو أسلم في أثناء الشهر ، فلا قضاء عليه لما فات ، عند علمائنا أجمع ، وهو قول عامة العلماء(٢) ، لما تقدّم.

ولقوله تعالى( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ ) (٣) .

وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، في رجل أسلم في نصف شهر رمضان : « ليس عليه قضاء إلّا ما يستقبل »(٤) .

ولأنّ ما مضى عبادة خرجت في حال كفره ، فلا يجب قضاؤها ، كالرمضان الماضي.

وقال عطاء : عليه القضاء(٥) . وعن الحسن كالمذهبين(٦) .

وأمّا اليوم الذي أسلم فيه ، فإن كان قبل طلوع الفجر ، وجب عليه صيامه ، ولو أفطر ، قضاه وكفّر ، وإن كان بعد الفجر ، أمسك استحباباً ، ولا قضاء عليه ، ولا يجب عليه صيامه ؛ لما تقدّم من أنّ الصوم لا يتبعّض. وكذا كلّ ذي عذر.

وللشافعي وجهان(٧) . وبقولنا أفتى مالك وأبو ثور وابن المنذر(٨) .

____________________

= ٤٣٢ ، والهداية للمرغيناني ١ : ١٢٨ ، والكتاب بشرح اللباب ١ : ١٧٢.

(١) مسند أحمد ٤ : ١٩٩ ، مشكل الآثار ١ : ٢١١ - ٢١٢ بتفاوت يسير‌

(٢) المغني ٣ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٦.

(٣) الأنفال : ٣٨.

(٤) أورده المحقق في المعتبر : ٣١٣ ، وبتفاوت يسير في الكافي ٤ : ١٢٥ / ٢ ، والتهذيب ٤ : ٢٤٦ / ٧٢٩ ، والاستبصار ٢ : ١٠٧ / ٣٥٠.

(٥و٦) المغني ٣ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٦.

(٧) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٤ ، المجموع ٦ : ٢٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٣.

(٨) المغني ٣ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٦.

١٧٠

وقال أحمد : يجب عليه الإِمساك ويقضيه(١) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ عيص بن القاسم روى - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن قوم أسلموا في شهر رمضان وقد مضى منه أيام ، هل عليهم أن يقضوا ما مضى منه أو يومهم الذي أسلموا فيه؟ قال : « ليس عليهم قضاء ولا يومهم الذي أسلموا فيه إلّا أن يكونوا أسلموا قبل طلوع الفجر »(٢) .

مسألة ١٠٧ : يجب القضاء على المرتدّ ما فاته زمان ردّته‌ - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّه ترك فعلاً وجب عليه مع علمه بذلك ، فوجب عليه قضاؤه ، كالمسلم.

وقال أبو حنيفة : لا يجب قضاؤه(٤) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( الإِسلام يجبّ ما قبله )(٥) .

والمراد به الأصلي ؛ لأنّه لا يؤخذ بالعبادات حال كفره.

ولا فرق بين أن تكون الردّة باعتقاد ما يوجب الكفر أو بشكّه فيما يكفر بالشك فيه.

ولو ارتدّ بعد عقد الصوم صحيحاً ثم عاد ، قال الشافعي : يفسد صومه(٦) . وهو جيد.

ولو غلب على عقله بشي‌ء من قِبَله ، كشُرْب المسكر والمرقد ، لزمه‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٦.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٤٥ - ٢٤٦ / ٧٢٨ ، الاستبصار ٢ : ١٠٧ / ٣٤٩.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٤ ، المجموع ٦ : ٢٥٣ ، الوجيز ١ : ١٠٣ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٤.

(٤) المجموع ٦ : ٢٥٣ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٢.

(٥) مسند أحمد ٤ : ١٩٩ ، مشكل الآثار ١ : ٢١١ - ٢١٢ بتفاوت يسير.

(٦) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٣١٣.

١٧١

القضاء ولو كان بشي‌ء من قِبَله تعالى ، لم يلزمه.

ولو طُرح في حلق المغمى عليه أو مَنْ زال عقله دواء ، لم يجب عليه القضاء إذا أفاق ، خلافاً للشيخ(١) .

ويستحب للمغمى عليه وللكافر القضاء.

البحث الثالث : في الأحكام‌

مسألة ١٠٨ : مَنْ وجب عليه قضاء ما فاته من أيام رمضان‌ يجب عليه القضاء في السنة التي فاته الصوم فيها ما بينه وبين الرمضان الثاني ، فلا يجوز له تأخيره إلى دخول الرمضان الثاني ، فإذا فاته شي‌ء من رمضان أو جميعه بمرض ، وجب عليه القضاء عند البُرْء وجوباً موسّعاً إلى أن يبقى إلى الرمضان الثاني عدد ما فاته من الأيام.

فإن أخّر القضاء بعد بُرئه وتمكّنه من القضاء حتى دخل الرمضان الثاني ، فإمّا أن يكون تأخيره على وجه التواني أو لا.

فإن كان على وجه التواني ، صام الرمضان الحاضر ، وقضى الأول بالإِجماع ، وكفّر عن كلّ يوم من الفائت بمُدَّيْن ، وأقلّه مُدٌّ ، قاله شيخنا المفيد(٢) رحمه‌الله - وبه قال الشافعي ومالك والثوري وأحمد وإسحاق والأوزاعي ، وهو قول ابن عباس وابن عمر ، وأبي هريرة ، ومجاهد وسعيد بن جبير(٣) - لما رواه العامة عن أبي هريرة ، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أوجب‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٦٦.

(٢) المقنعة : ٨٨.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٤ ، المجموع ٦ : ٣٦٦ ، الوجيز ١ : ١٠٥ ، فتح العزيز ٦ : ٤٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٩٩ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٧٧ ، المغني ٣ : ٨٥ - ٨٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٨٦ - ٨٧.

١٧٢

عليه إطعام مسكين عن كلّ يوم(١) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهماعليهما‌السلام ، عن رجل مرض فلم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر ، فقال : « إن كان بري‌ء ثم توانى قبل أن يدركه الصوم الآخر ، صام الذي أدركه ، وتصدّق عن كلّ يوم بمُدّ من طعام على مسكين ، وعليه قضاؤه ، وإن كان لم يتمكّن من قضائه حتى أدركه شهر رمضان ، صام الذي أدركه ، وتصدّق عن الأول لكلّ يوم مدّاً لمسكين ، وليس عليه قضاؤه »(٢) .

وقال ابن إدريس منّا : لا كفّارة عليه - وبه قال أبو حنيفة والحسن البصري والنخعي(٣) - لأصالة براءة الذمة(٤) ، ولأنّه تأخير صوم واجب ، فلا تجب به الكفّارة ، كما لو أخّر القضاء والنذر.

وأصالة البراءة حجّة إذا لم يقم دليل على شغلها ، والأخبار به كثيرة. والقياس باطل عندنا ، خصوصاً إذا عارض النصّ.

مسألة ١٠٩ : ولو ترك القضاء بعد بُرئه غير متهاون به‌ ، بل كان عازماً كلّ وقت على القضاء ويؤخّره لعذر من سفر وشبهه ، وعلى كلّ حال لم يتهاون به ، بل تركه لاُمور عرضت ، ثم عرض مع ضيق الوقت ما يمنعه من القضاء ، كان معذوراً يلزمه القضاء إجماعاً ، ولا كفّارة عليه ؛ لعدم التفريط منه.

ولو استمرّ به المرض من الرمضان الأول إلى الرمضان الثاني ولم يصحّ. فيما بينهما ، صام الحاضر ، وسقط عنه قضاء الأول ، وتصدّق عن كلّ يوم‌

____________________

(١) سنن الدار قطني ٢ : ١٩٧ / ٨٩.

(٢) الكافي ٤ : ١١٩ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٥٠ / ٧٤٣ ، الاستبصار ٢ : ١١٠ / ٣٦١ ، وفيها : سألتهما فقالا.

(٣) المبسوط للسرخسي ٣ : ٧٧ ، المغني ٣ : ٨٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٨٧ ، المجموع ٦ : ٣٦٦ ، فتح العزيز ٦ : ٤٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٩٩.

(٤) السرائر : ٩٠.

١٧٣

بمُدَّيْن أو بمُدّ ، عند أكثر علمائنا(١) ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « فإن كان لم يزل مريضاً حتى أدركه شهر رمضان ، صام الذي أدركه ، وتصدّق عن الأول لكلّ يوم مُدّاً لمسكين ، وليس عليه قضاؤه»(٢) .

ونحوه روى زرارة - في الصحيح - عن الباقرعليه‌السلام (٣) .

وقال الصدوق : يقضي الأول ولا كفّارة - وهو قول العامة(٤) - لعموم قوله تعالى( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ ) (٥) (٦) .

إذا عرفت هذا ، فحكم ما زاد على رمضانين حكم الرمضانين سواء ، ولو أخّره سنين ، تعدّدت الكفّارة بتعدّد السنين. وللشافعي وجهان(٧) .

ولو استمرّ به المرض إلى أن مات ، سقط القضاء وجوباً لا استحباباً ، ولا كفّارة عند جمهور العلماء(٨) ؛ لأصالة البراءة.

ولأنّ سماعة سأل الصادقعليه‌السلام ، عن رجل دخل عليه شهر رمضان وهو مريض لا يقدر على الصيام ، فمات في شهر رمضان أو في شهر شوّال ، قال : « لا صيام عليه ولا يقضى عنه »(٩) .

____________________

(١) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٢٨٦ ، والقاضي ابن البرّاج في المهذب ١ : ١٩٥ ، والمحقّق الحلّي في شرائع الإِسلام ١ : ٢٠٣.

(٢) الكافي ٤ : ١١٩ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٥٠ / ٧٤٣ ، الاستبصار ٢ : ١١٠ / ٣٦١.

(٣) الكافي ٤ : ١١٩ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٩٥ / ٤٢٩ ، التهذيب ٤ : ٢٥٠ / ٧٤٤ ، الاستبصار ٢ : ١١١ / ٣٦٢.

(٤) المغني ٣ : ٨٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٨٦ ، المجموع ٦ : ٣٦٦.

(٥) البقرة : ١٨٤.

(٦) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٣١٤.

(٧) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٤ ، المجموع ٦ : ٣٦٤ ، فتح العزيز ٦ : ٤٦٢ - ٤٦٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٧.

(٨) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٤ ، المجموع ٦ : ٣٧٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٨ ، المغني ٣ : ٨٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٨٧.

(٩) التهذيب ٤ : ٢٤٧ / ٧٣٣ ، الاستبصار ٢ : ١٠٨ / ٣٥٢.

١٧٤

وقال قتادة وطاوس : يجب أن يكفّر عنه عن كلّ يوم إطعام مسكين ؛ لأنّه صوم واجب سقط بالعجز عنه ، فوجب الإِطعام عنه ، كالشيخ الهِمّ إذا ترك الصيام لعجزه(١) .

والفرق ظاهر ؛ فإنّ الشيخ يجوز ابتداءً الوجوب عليه ، بخلاف الميت ، وقولهما مخالف للإِجماع ، فلا عبرة به.

ثم إذا عرفت هذا ، فإنّه يستحب القضاء عنه.

مسألة ١١٠ : لو برأ من مرضه زماناً يتمكّن فيه من القضاء ولم يقض حتى مات ، قُضي عنه عند علمائنا‌ - وبه قال الشافعي في القديم وأبو ثور(٢) - لما رواه العامة عن ابن عباس ، قال : جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يا رسول الله إنّ اُمّي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ قال : ( لو كان على اُمّك دَيْنٌ كنت قاضيه؟ ) قال : نعم ، قال : ( فدَيْن الله أحقّ أن يقضى)(٣) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام ، في الرجل يموت في شهر رمضان ، قال : « ليس على وليّه أن يقضي عنه ما بقي من الشهر ، وإن مرض فلم يصم رمضان ثم لم يزل مريضا حتى مضى رمضان وهو مريض ثم مات في مرضه ذلك ، فليس على وليّه أن يقضي عنه الصيام ، فإن مرض فلم يصم شهر رمضان ثم صحّ بعد ذلك فلم يقضه ثم مرض فمات ، فعلى وليّه أن يقضي عنه لأنّه قد صحّ فلم يقض ووجب »(٤) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٨٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٨٧ ، المجموع ٦ : ٣٧٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٨.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٤ ، المجموع ٦ : ٣٦٨ و ٣٧٢ ، فتح العزيز ٦ : ٤٥٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٨ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٨٩ ، المغني ٣ : ٨٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٨٨ - ٨٩.

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٨٠٤ / ١٥٥ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٥٥.

(٤) التهذيب ٤ : ٢٤٩ / ٧٣٩ ، الاستبصار ٢ : ١١٠ / ٣٦٠.

١٧٥

ولأنّ الصوم يدخل في جبرانه المال ، فتدخل النيابة فيه ، كالحج.

وقال الشافعي في الجديد : يطعم عنه كلّ يوم مدّاً ؛ وبه قال أبو حنيفة ومالك والثوري - إلّا أنّ مالكاً يقول : لا يلزم الولي أن يطعم عنه حتى يوصي بذلك - وهو مروي عن ابن عباس وعائشة ، لما رواه ابن عمر : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( مَنْ مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كلّ يوم مسكيناً )(١) .

ولأنّ الصوم لا تدخله النيابة في حال الحياة ، فكذا بعد الموت ، كالصلاة(٢) .

وحديثه موقوف ، ونقول بموجبه ؛ لأنّ الصدقة تجب إذا لم يكن ولي ، وقياسه ممنوع الأصل.

وقال أحمد : إن كان صوم نذر ، صام عنه الولي ، وإن كان صوم رمضان ، أطعم عنه ؛ لأنّ ابن عباس سئل عن رجل مات وعليه نذر صوم شهر ، أو عليه صوم رمضان ، قال : أمّا رمضان فليطعم عنه ، وأمّا النذر فيصام عنه(٣) .

وقول ابن عباس ليس حجّةً ، أو قاله في شخصين لأحدهما وليّ دون الآخر.

مسألة ١١١ : الذي يقضي عن الميت هو أكبر أولاده الذكور‌ ، ويقضي ما فاته من صيام بمرض وغيره إذا تمكّن من قضائه ولم يقضه ، وإن لم يكن له‌

____________________

(١) سنن ابن ماجة ١ : ٥٥٨ / ١٧٥٧ ، سنن الترمذي ٣ : ٩٦ / ٧١٨.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٤ ، المجموع ٦ : ٣٦٨ و ٣٧٢ - ٣٧٣ ، فتح العزيز ٦ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٨ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٨٩ ، بداية المجتهد ١ : ٢٩٩ - ٣٠٠ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٢٢ ، المغني ٣ : ٨٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٨٨.

(٣) المغني ٣ : ٨٤ - ٨٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٨٨ - ٨٩ و ٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٩.

١٧٦

ولد ذكر وكان له إناث ، تصدّق عنه من ماله عن كلّ يوم بمُدَّيْن ، قاله الشيخ(١) رحمه‌الله

وقال المفيدرحمه‌الله : إذا لم يكن إلّا اُنثى ، قضت عنه(٢) .

والوجه : قول الشيخ ؛ لأصالة البراءة.

ولما رواه حمّاد بن عثمان عمّن ذكره عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يموت وعليه دَيْن [ من ](٣) شهر رمضان مَنْ يقضي عنه؟ قال : « أولى الناس به » قلت : فإن كان أولى الناس به امرأة؟ قال : « لا إلّا الرجال »(٤) .

إذا عرفت هذا ، فلو لم يكن له ولي من الذكور ، قال الشيخرحمه‌الله : يتصدّق عنه عن كلّ يوم بمُدَّيْن ، وأقلّه مُدٌّ(٥) .

والسيد المرتضى -رحمه‌الله - عكس ، فأوجب الصدقة أوّلاً ، فإن لم يكن له مال ، صام عنه وليه(٦) ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « فإن صحّ ثم مرض حتى يموت وكان له مال ، تصدّق عنه ، فإن لم يكن له مال ، صام عنه وليه »(٧) .

والمعتمد : قول الشيخ ؛ لأنّ الواجب في الأصل الصوم.

فروع :

أ - لو لم يكن له إلّا ولد واحد ذكر ، وجب عليه القضاء ؛ لأنّه ولي له.

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٨٦.

(٢) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٣١٥.

(٣) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٤) الكافي ٤ : ١٢٤ / ٤ ، التهذيب ٤ : ٢٤٦ - ٢٤٧ / ٧٣١ ، الاستبصار ٢ : ١٠٨ / ٣٥٤.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ٢٨٦.

(٦) الانتصار : ٧٠ - ٧١.

(٧) الكافي ٤ : ١٢٣ - ١٢٤ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٩٨ / ٤٣٩ ، التهذيب ٤ : ٢٤٨ / ٧٣٥ الاستبصار ٢ : ١٠٩ / ٣٥٦.

١٧٧

ب - لو كان له أولاد ذكور في سنّ واحد ، قضوا بالحَصِص ، فإن قام بالجميع بعضهم ، سقط عن الباقين.

ج - لو لم يكن له ولد ذكر وكان له إناث ، سقط القضاء ، ووجب الصدقة ، وكذا لو لم يكن له ولي. ولو كان له أولاد ذكور وإناث ، وكان الأكبر اُنثى ، وجب القضاء على أكبر الذكور.

د - لو تعدّد الولي ، قضوا بالحصص ، فإن انكسر العدد ، فاليوم المنكسر واجب عليهم على الكفاية ، كما لو كانوا ثلاثة في سنّ واحد وعليه أربعة.

ه- يجوز اتّحادهم في الزمان ، فلو فاته يومان مثلاً وله ولدان فصاما معاً يوماً واحداً ، كفاهما عن اليومين.

و - لو صام أجنبي عن الميت بغير قول الولي ، سقط الصوم عن الميت والولي معاً ، وإن صام بأمر الولي ، فالأقرب : الإِجزاء.

وللشافعي فيه وجهان(١) .

وكذا يجوز للولي أن يستأجر عنه مَنْ يصوم.

ز - قال الشيخ : كلّ صوم واجب على المريض بأحد الأسباب الموجبة ، كاليمين والنذر والعهد ، إذا مات مَنْ وجب عليه مع إمكان القضاء ولم يقضه ، وجب على وليّه القضاء عنه أو الصدقة(٢) .

وكذا يجب عليه قضاء ما فاته من صلاة.

ح - قال الشيخرحمه‌الله : لو وجب عليه صيام شهرين متتابعين ثم مات ، تصدّق عنه من مال الميت عن شهر ، وقضى وليّه شهراً آخر(٣) ؛ تخفيفاً

____________________

(١) المجموع ٦ : ٣٦٨ ، فتح العزيز ٦ : ٤٥٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٩ ، والوجهان في الشرطية الاُولى لا الثانية.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٨٦.

(٣) النهاية : ١٥٨.

١٧٨

عن الوليّ.

ولو وجب عليه شهران على التعيين فكذلك ، خلافاً لبعض(١) علمائنا.

ولو كان على التخيير ، مثل كفّارة رمضان ، تخيّر الوليّ بين الصوم والصدقة من مال الميت من الأصل أو بعض من الأصل ؛ لأنّ الصوم وجب على التخيير ، وخرج الميت عن أهلية التخيير ، فيكون للولي.

ولا فرق بين أنواع المرض في ذلك.

مسألة ١١٢ : قال الشيخرحمه‌الله : حكم المرأة حكم الرجل‌ في أنّ ما يفوتها في زمن الحيض أو السفر أو المرض لا يجب على أحد القضاء عنها ولا الصدقة ، إلّا إذا تمكّنت من قضائه وأهملته؛ فإنّه يجب على وليّها القضاء أو الصدقة ، على ما مرّ في الرجل سواء(٢) . وهو قول أكثر العامّة(٣) .

وأنكر ابن إدريس ذلك(٤) .

وليس بشي‌ء ؛ لما رواه أبو بصير - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن امرأة [ مرضت في رمضان ](٥) وماتت في شوّال ، فأوصتني أن أقضي عنها ، قال : « هل برئت من مرضها؟ » قلت : لا ، ماتت ؛ قال : « لا تقض عنها ، فإنّ الله لم يجعله عليها » قلت : فإنّي أشتهي أن أقضي عنها وقد أوصتني بذلك ؛ قال : « وكيف تقضي شيئاً لم يجعله الله عليها!؟ فإن اشتهيت أن تصوم لنفسك فصُمْ »(٦) استفسرهعليه‌السلام عن حصول البرء أوّلاً ، ولو لم يجب القضاء مع البُرْء ، لم يكن للسؤال معنى.

لا يقال : إنّه قد حصلت الوصية ، فجاز أن يكون الوجوب بسببها.

____________________

(١) وهو ابن إدريس في السرائر : ٩١.

(٢) النهاية : ١٥٨ ، المبسوط للطوسي ١ : ٢٨٦.

(٣) المغني ٣ : ٨٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٩١ ، المجموع ٦ : ٣٦٨.

(٤) السرائر : ٩١.

(٥) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطية والحجرية : صامت. وما أثبتناه من المصدر.

(٦) التهذيب ٤ : ٢٤٨ / ٧٣٧ ، الإستبصار ٢ : ١٠٩ / ٣٥٨.

١٧٩

لأنّا نقول : الوصية لا تقتضي الوجوب ، أمّا مع عدم القبول : فظاهر ، وأمّا معه : فلأنّه راجع إلى الوعد.

مسألة ١١٣ : قد بيّنّا أنّ المسافر لا يجوز له صوم رمضان في السفر‌ ولا غيره من الواجبات إلّا ما استثني ، بل يجب عليه الإِفطار والقضاء مع حضور البلد ، أو نيّة الإِقامة عشرة أيام في غيره ، أو إقامة ثلاثين يوماً ، فإن مات المسافر بعد تمكّنه من القضاء ، وجب أن يقضى عنه ، كما تقدّم.

ولو مات في سفره ولم يتمكّن من القضاء ، فللشيخ في وجوب القضاء عنه قولان :

أحدهما : عدم الوجوب ؛ لأنّه لم يستقرّ في ذمته الأداء ولا القضاء ؛ لأنّ معنى الاستقرار فيه أن يمضي زمان يتمكّن فيه من القضاء ويُهْمِل(١) .

والثاني : وجوب القضاء(٢) ، لقول الصادقعليه‌السلام ، في الرجل يسافر في رمضان فيموت ، قال: « يقضى عنه ، وإن امرأة حاضت في رمضان فماتت ، لم يُقْض عنها ، والمريض في رمضان لم يصح حتى مات لا يقضى عنه »(٣) .

ولا بأس به. والفرق : أنّ المرض حصل العذر فيه من قِبَل الله تعالى ، وكذا الحيض ، أمّا السفر فمن المكلّف.

مسألة ١١٤ : يجوز الإِفطار قبل الزوال في قضاء رمضان‌ ، لعدم تعيين زمانه.

ولأنّه محلّ تجديد النيّة ، وكلّ وقت يجوز فيه تجديد نيّة الصوم يجوز فيه الإِفطار.

ولا يجوز بعد الزوال ؛ لأنّه قد استقرّ له الوجوب بمضيّ أكثر الزمان في‌

____________________

(١) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٣١٥ ، وراجع : ٢ الخلاف ٢ : ٢٠٧ - ٢٠٨ ، المسألة ٦٤.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٤٩ ذيل الحديث ٧٣٩.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٤٩ / ٧٤٠.

١٨٠