تذكرة الفقهاء الجزء ٦

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-46-9
الصفحات: 333

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-5503-46-9
الصفحات: 333
المشاهدات: 217820
تحميل: 4906


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 333 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 217820 / تحميل: 4906
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 6

مؤلف:
ISBN: 964-5503-46-9
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الصوم ، وفات محلّ تجديد النيّة.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « صوم النافلة لك أن تفطر ما بينك وبين الليل ومتى ما شئت ، وصوم قضاء الفريضة لك أن تفطر إلى زوال الشمس ، فإذا زالت الشمس ، فليس لك أن تفطر»(١) .

إذا ثبت هذا ، فإن أفطر بعد الزوال لعذر ، لم يكن عليه شي‌ء ، وإن كان لغير عذر ، وجب عليه القضاء وإطعام عشرة مساكين ، فإن عجز ، صام ثلاثة أيّام - وبه قال قتادة(٢) ، خلافاً لباقي العامة(٣) - لأنّه بعد الزوال يحرم عليه الإِفطار على ما تقدّم ، والكفّارة تتعلّق بارتكاب الإِثم بالإِفطار في الزمان المتعيّن للصوم ، وهو متحقّق هنا.

ولأنّ بريد العجلي سأل الباقرعليه‌السلام ، في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان ، قال: « إن كان أتى أهله قبل الزوال ، فلا شي‌ء عليه إلّا يوماً مكان يوم ، وإن كان أتى أهله بعد الزوال ، كان عليه أن يتصدّق على عشرة مساكين »(٤) .

وقد روي : « أنّ عليه كفّارة رمضان »(٥) .

وحملها الشيخ -رحمه‌الله - على من أفطر متهاوناً بالفرض ومستخفّاً به(٦) .

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٧٨ / ٨٤١ ، الاستبصار ٢ : ١٢٠ / ٣٨٩.

(٢ و ٣ ) المغني ٣ : ٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٨ ، المجموع ٦ : ٣٤٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٤ ، المحلّى ٦ : ٢٧١.

(٤) الكافي ٤ : ١٢٢ / ٥ ، الفقيه ٢ : ٩٦ / ٤٣٠ ، التهذيب ٤ : ٢٧٨ - ٢٧٩ / ٨٤٤ ، الاستبصار ٢ : ١٢٠ / ٣٩١.

(٥) التهذيب ٤ : ٢٧٩ / ٨٤٦ ، الاستبصار ٢ : ١٢١ / ٣٩٣ ، والنهاية للشيخ الطوسي : ١٦٤.

(٦) التهذيب ٤ : ٢٧٩ ذيل الحديث ٨٤٦ ، والاستبصار ٢ : ١٢١ ذيل الحديث ٣٩٣ ، والنهاية : ١٦٤.

١٨١

وروي أيضاً : « أنّه لا شي‌ء »(١) .

وحملها الشيخ –رحمه‌الله - على العاجز(٢) .

مسألة ١١٥ : من أجنب في شهر رمضان‌ ، وترك الاغتسال ساهياً من أول الشهر إلى آخره ، قال الشيخرحمه‌الله : عليه قضاء الصلاة والصوم معاً(٣) .

ومنع ابن إدريس قضاء الصوم(٤) .

والوجه : ما قاله الشيخ ، لما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه سئل عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتى خرج شهر رمضان ، قال : « عليه أن يقضي الصلاة والصيام »(٥) .

ولأنّه مفرّط بتركه الغسل.

مسألة ١١٦ : يستحب التتابع في قضاء شهر رمضان‌ وليس واجباً عند أكثر علمائنا(٦) - وبه قال ابن عباس وأنس بن مالك وأبو هريرة ومجاهد وأبو قلابة وأهل المدينة والحسن البصري وسعيد بن المسيّب ومالك وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحاق(٧) - لما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال في قضاء رمضان : ( إن شاء فرّق وإن شاء تابع )(٨) .

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٨٠ / ٨٤٧ ، الاستبصار ٢ : ١٢١ - ١٢٢ / ٣٩٤ ، والنهاية : ١٦٤.

(٢) النهاية : ١٦٤.

(٣) النهاية : ١٦٥ ، المبسوط للطوسي ١ : ٢٨٨.

(٤) السرائر : ٩٣.

(٥) التهذيب ٤ : ٣١١ / ٩٣٨.

(٦) منهم : الشيخ الطوسي في النهاية : ١٦٣ ، والمبسوط ١ : ٢٨٧ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي : ١٨٤ ، والقاضي ابن البراج في المهذب ١ : ٢٠٣ ، وابن إدريس في السرائر : ٩٣.

(٧) المغني ٣ : ٩١ ، الشرح الكبير ٣ : ٨٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩٤ ، المجموع ٦ : ٣٦٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٣ - ٤٣٤ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٦.

(٨) سنن الدار قطني ٢ : ١٩٣ / ٧٤.

١٨٢

وسئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن تقطيع قضاء رمضان ، فقالعليه‌السلام : ( لو كان على أحدكم دَيْنٌ فقضاه من الدرهم والدرهمين حتى يقضي ما عليه من الدين هل كان ذلك قاضياً دَيْنَه؟ ) قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : ( فالله أحقّ بالعفو والتجاوز منكم )(١) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا كان على الرجل شي‌ء من صوم شهر رمضان فليقضه في أيّ الشهور شاء أيّاماً متتابعة ، فإن لم يستطع فليقضه كيف شاء ، ولْيُحْص الأيّام ، فإن فرّق فحسن ، وإن تابع فحسن »(٢) .

وقالعليه‌السلام : « مَنْ أفطر شيئاً من رمضان في عذر ، فإن قضاه متتابعاً أفضل ، وإن قضاه متفرّقاً فحسن »(٣) .

ولأنّ التتابع يشبه الأصل ، وينبغي المشابهة بين القضاء والأداء.

وقال بعض علمائنا : الأفضل التفريق(٤) ؛ للفرق ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام ، سئل عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان كيف يقضيها؟ فقال : « إن كان عليه يومان فليفطر بينهما يوماً ، وإن كان عليه خمسة فليفطر بينها أيّاماً »(٥) .

والطريق ضعيف ، ويحمل على التخيير.

وقال بعض علمائنا : إن كان الذي فاته عشرة أيام أو ثمانية ، فليتابع بين ثمانية أو بين ستة ، ويفرّق الباقي(٦) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٨٥ - ٨٦ نقلاً عن الأثرم.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٧٤ / ٨٢٩ ، الاستبصار ٢ : ١١٧ / ٣٨٠ ، والكافي ٤ : ١٢٠ - ١٢١ / ٤ ، والفقيه ٢ : ٩٥ / ٤٢٧.

(٣) الكافي ٤ : ١٢٠ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٧٤ / ٨٢٩ ، الاستبصار ٢ : ١١٧ / ٣٨١.

(٤) كما في السرائر : ٩٣.

(٥) التهذيب ٤ : ٢٧٥ / ٨٣١ ، الاستبصار ٢ : ١١٨ / ٣٨٣.

(٦) الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٢٨٠ - ٢٨١.

١٨٣

وقال داود والنخعي والشعبي : إنّه يجب التتابع - ونقله العامّة عن عليعليه‌السلام ، وابن عمر - لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( مَنْ كان عليه صوم شهر رمضان فليسرده ولا يقطعه )(١) (٢) .

ويحمل على الاستحباب ، مع ضعفه ؛ فإنّه لم يذكره أهل السير ، وقد بيّنّا أنّ الأفضل التتابع.

وقال الطحاوي : التفريق والتتابع سواء(٣) ؛ لأنّه لو أفطر يوماً من شهر رمضان لم يستحب له إعادة جميعه ؛ لزوال التفريق ، فكذا إذا أفطر جميعه.

وهو خطأ ؛ لأنّ فعله في وقته يقع أداءً ، فإذا صامه ، لم يكن صوم الفرض ، فلم تستحب إعادته.

مسألة ١١٧ : لا يجوز لمن عليه صيام من شهر رمضان أو غيره من الواجبات أن يصوم تطوّعاً حتى يأتي به‌ - وهو إحدى الروايتين عن أحمد(٤) - لما رواه العامة : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( مَنْ صام تطوّعاً وعليه من رمضان شي‌ء لم يقضه فإنّه لا يقبل منه حتى يصومه )(٥) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه الحلبي - في الحسن - أنّه سأل الصادقعليه‌السلام ، عن الرجل عليه من شهر رمضان طائفة أيتطوّع؟ فقال : « لا ، حتى يقضي ما عليه من شهر رمضان »(٦) .

ولأنّه عبادة يدخل في جبرانها المال ، فلم يصح التطوّع بها قبل أداء‌

____________________

(١) سنن الدار قطني ٢ : ١٩١ / ٥٨ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٥٩.

(٢) المغني ٣ : ٩١ ، الشرح الكبير ٣ : ٨٥ ، المجموع ٦ : ٣٦٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٨.

(٣) المجموع ٦ : ٣٦٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٨.

(٤) المغني ٣ : ٨٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٩٠.

(٥) مسند أحمد ٢ : ٣٥٢.

(٦) الكافي ٤ : ١٢٣ ( باب الرجل يتطوّع بالصيام ) الحديث ٢ ، التهذيب ٤ : ٢٧٦ / ٨٣٥.

١٨٤

فرضها ، كالحجّ.

وقال أحمد في الرواية الاُخرى بالجواز ؛ لأنّها عبادة تتعلّق بوقت موسّع ، فجاز التطوّع في وقتها قبل فعلها ، كالصلاة(١) .

والأصل ممنوع.

مسألة ١١٨ : يجوز القضاء في جميع أيّام السنة ، إلّا العيدين مطلقاً ، وأيّام التشريق لمن كان بمنى ناسكاً ، وأيام الحيض والنفاس والسفر الذي يجب فيه القصر.

وقد أجمع العلماء كافة على العيدين ، لنهي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن صومهما(٢) .

وأمّا أيام التشريق : فعلماؤنا عليه ، وكذا أكثر أهل العلم(٣) - وعن أحمد روايتان(٤) - لأنّ(٥) صومها منهي عنه ، فأشبهت العيدين.

واحتجّ أحمد : بجواز صومها لمن لا يجد الهدي ، فيقاس كلّ فرض عليه ، والقضاء مشابه له(٦) .

ونمنع حكم الأصل ، والفرق : أنّه في محلّ الضرورة للفاقد(٧) .

وأيّام الحيض والنفاس إجماع.

وأيام السفر ؛ لقول الصادقعليه‌السلام ، في رجل مرض في شهر‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٨٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٩١.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٧٩٩ / ١١٣٧ و ١١٣٨ ، سنن أبي داود ٢ : ٣١٩ - ٣٢٠ / ٢٤١٦ و ٢٤١٧ ، سنن الدار قطني ٢ : ١٥٧ / ٦ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٦٠ ، الموطّأ ١ : ٣٠٠ / ٣٦ و ٣٧.

(٣) اُنظر : المجموع ٦ : ٣٦٧.

(٤) المغني ٣ : ١٠٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١١١ و ١١٢.

(٥) في النسخ الخطية والطبعة الحجرية بدل لأنّ : انّ. والصحيح ما أثبتناه.

(٦) المغني ٣ : ١٠٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١١٢.

(٧) أي : فاقد الهدي.

١٨٥

رمضان ، فلمـّا برئ أراد الحجّ ، كيف يصنع بقضاء الصوم؟ قال : « إذا رجع فليقضه »(١) .

مسألة ١١٩ : لا يكره القضاء في عشر ذي الحجة عند علمائنا‌ - وبه قال سعيد بن المسيّب والشافعي وإسحاق وأحمد في إحدى الروايتين(٢) - لعموم قوله تعالى( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ ) (٣) .

وما رواه العامة : أنّ عمر كان يستحب قضاء رمضان في العشر(٤) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه الحلبي - في الصحيح - أنّه سأل الصادقعليه‌السلام : أرأيت إن بقي عليّ شي‌ء من صوم شهر رمضان أقضيه في ذي الحجة؟ قال : « نعم »(٥) .

وقال أحمد في الرواية الاُخرى : إنّه مكروه. ورواه العامة عن عليعليه‌السلام ، والزهري والحسن البصري(٦) ، لقول عليعليه‌السلام : « لا يقضى صوم(٧) رمضان في عشر ذي الحجة »(٨) . والطريق ضعيف.

مسألة ١٢٠ : لو أصبح جنباً في يوم يقضيه من شهر رمضان ، أفطر ذلك اليوم‌ ، ولم يجز له صومه ؛ لما رواه ابن سنان - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه سأله عن الرجل يقضي رمضان فيجنب من أول الليل ولا يغتسل حتى آخر الليل وهو يرى أنّ الفجر قد طلع ، قال : « لا يصوم ذلك اليوم ويصوم‌

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٧٦ / ٨٣٤ ، الاستبصار ٢ : ١٢٠ / ٣٨٨.

(٢) المجموع ٦ : ٣٦٧ ، المغني ٣ : ٨٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٩١.

(٣) البقرة : ١٨٤ و ١٨٥.

(٤) المغني ٣ : ٨٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٩١ ، وسنن البيهقي ٤ : ٢٨٥.

(٥) التهذيب ٤ : ٢٧٤ / ٨٢٨ ، الاستبصار ٢ : ١١٧ / ٣٨٠.

(٦) المغني ٣ : ٨٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٩١ - ٩٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ٢٨٥.

(٧) في « ن » بدل صوم : شهر.

(٨) سنن البيهقي ٤ : ٢٨٥ بتفاوت.

١٨٦

غيره »(١) .

قال الشيخرحمه‌الله : وكذا كلّ ما لا يتعيّن صومه وكذا صوم النافلة(٢) .

أمّا لو أكل أو شرب ناسياً في قضاء رمضان ، فالوجه : أنّه يُتمّ على صومه ؛ لما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه سئل عن رجل نسي فأكل وشرب ثم ذكر ، قال : « لا يفطر ، إنّما هو شي‌ء رزقه الله ، فليتم صومه »(٣) وهو يتناول صورة النزاع.

وسأل أبو بصير ، الصادقعليه‌السلام ، عن رجل صام يوماً نافلة ، فأكل وشرب ناسياً ، قال : « يُتمّ يومه ذلك ، وليس عليه شي‌ء »(٤) .

وللشيخ -رحمه‌الله - قول آخر.

المطلب الثاني : في باقي أقسام الواجب‌

مسألة ١٢١ : صوم كفّارة قتل الخطأ واجب بالإِجماع والنصّ :

قال الله تعالى :( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ ) (٥) .

وإنّما يجب بعد العجز عن العتق. وهو : شهران متتابعان.

ويجب صوم كفّارة الظهار بالإِجماع والنصّ :

قال الله تعالى :( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ ) (٦) .

وهو يجب مرتّباً على العتق ، مثل كفّارة قتل الخطأ صفةً وقدراً.

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٧٧ / ٨٣٧ ، والفقيه ٢ : ٧٥ / ٣٢٤.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٨٧.

(٣) الكافي ٤ : ١٠١ ( باب مَنْ أكل أو شرب ناسياً في شهر رمضان ) الحديث ١ ، الفقيه ٢ : ٧٤ / ٣١٨ ، التهذيب ٤ : ٢٧٧ / ٨٣٨.

(٤) التهذيب ٤ : ٢٧٧ / ٨٤٠.

(٥) النساء : ٩٢.

(٦) المجادلة : ٤.

١٨٧

وأمّا كفّارة قتل العمد : فهي كفّارة الجمع يجب فيه العتق وصيام شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكيناً.

مسألة ١٢٢ : وصوم كفّارة مَنْ أفطر يوماً من شهر رمضان واجب على التخيير بينه وبين العتق والصدقة‌ ، وقدره شهران متتابعان ، ولا خلاف في قدره وإن وقع الخلاف في صفته.

وصوم كفّارة مَنْ أفطر يوماً من قضاء شهر رمضان : إطعام عشرة مساكين على ما تقدّم(١) .

وقال بعض أصحابنا : يجب فيه كفّارة يمين(٢) . وليس بجيّد.

ويجب صوم بدل الهدي للمتمتّع إذا لم يجد الهدي ولا ثمنه بالنصّ والإِجماع.

قال الله تعالى( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ) (٣) .

فإن أقام بمكّة ، انتظر وصول أهل بلده أو شهراً ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « إنّه إن كان له مقام بمكّة فأراد أن يصوم السبعة ترك الصيام بقدر سيره إلى أهله أو شهرا ثم صام »(٤) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه لا يكفي مقام عشرة أيام وإن نواها.

وصوم كفّارة اليمين وباقي الكفّارات كالنذر والعهد. وكفّارات الإِحرام واجب إجماعاً.

مسألة ١٢٣ : وصوم الاعتكاف الواجب واجب عندنا‌ ؛ لما يأتي من‌

____________________

(١) المراد من العبارة أنّ صوم كفّارة من أفطر هو ثلاثة أيام بشرط عدم التمكن من إطعام عشرة مساكين كما تقدّم في المسألتين ٣١ و ١١٤.

(٢) القاضي ابن البراج في المهذب ١ : ٢٠٣.

(٣) البقرة : ١٩٦.

(٤) التهذيب ٤ : ٣١٥ / ٩٥٥ ، والفقيه ٢ : ٣٠٣ / ١٥٠٧.

١٨٨

اشتراط الصوم في الاعتكاف ، فإذا نذر اعتكافاً وجب عليه صوم أيامه ؛ لأنّ شرط الواجب واجب ، ولو كان الاعتكاف مندوباً ، كان الصوم كذلك.

وصوم كفّارة مَنْ أفاض من عرفات قبل مغيب الشمس عامداً واجب مرتّب على مقدار الجزور ، وقدره ثمانية عشر يوماً.

وكذا يجب صوم اليمين والنذر والعهد ، وسيأتي بيانه في مواضعه إن شاء الله تعالى.

المطلب الثالث : في الصوم المندوب‌

مسألة ١٢٤ : الصوم المندوب قد لا يختصّ وقتاً بعينه‌ ، وهو جميع أيام السنة ، إلّا الأيام التي نهي عن الصوم فيها.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الصوم جُنّة من النار )(١) .

وقالعليه‌السلام : ( الصائم في عبادة وإن كان نائماً على فراشه ما لم يغتب مسلماً )(٢) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( قال الله تعالى : الصوم لي وأنا اُجزي به ، وللصائم فرحتان : حين يفطر وحين يلقى ربّه عزّ وجلّ ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك )(٣) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « نوم الصائم عبادة ، وصمته تسبيح ، وعمله متقبّل ، ودعاؤه مستجاب »(٤) .

ومنه ما يختصّ وقتاً بعينه نحن نذكره إن شاء الله تعالى ، في المسائل‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٦٢ / ١ ، الفقيه ٢ : ٤٤ / ١٩٦ ، التهذيب ٤ : ١٥١ / ٤١٨ ، سنن النسائي ٤ : ١٦٧ ، ومسند أحمد ٢ : ٤١٤.

(٢) الفقيه ٢ : ٤٤ / ١٩٧ ، الكافي ٤ : ٦٤ / ٩ ، التهذيب ٤ : ١٩٠ / ٥٣٨.

(٣) الفقيه ٢ : ٤٤ / ١٩٨.

(٤) الفقيه ٢ : ٤٦ / ٢٠٧ ، ثواب الأعمال : ٧٥ / ٣.

١٨٩

الآتية.

مسألة ١٢٥ : يستحب صيام ثلاثة أيام من كلّ شهر‌ - وهي أول خميس في الشهر ، وأول أربعاء في العشر الثاني ، وآخر خميس من الشهر - لقول الصادقعليه‌السلام : « صام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتى قيل : ما يفطر ؛ ثم أفطر حتى قيل : ما يصوم ؛ ثم صام صوم داودعليه‌السلام ، يوماً ويوماً لا ، ثم قبضعليه‌السلام ، على صيام ثلاثة أيام في الشهر. وقال : يعدلن صوم الشهر ويذهبن بوحر الصدر - وهو الوسوسة - وإنّما خصّت هذه الأيام ؛ لأنّ من قبلنا من الاُمم كانوا إذا نزل على أحدهم العذاب ، نزل في هذه الأيام المخوفة »(١) .

ويجوز تأخيرها من الصيف إلى الشتاء للمشقّة ؛ لأنّ أبا حمزة الثمالي سأل الباقرعليه‌السلام ، عن صوم ثلاثة أيام في كلّ شهر اُؤخّرها إلى الشتاء ثم أصومها؟ فقال : « لا بأس »(٢) .

وإذا أخّرها إلى الشتاء ، قضاها متواليةً ومتفرّقةً وكيف شاء ، لقول الصادقعليه‌السلام ، وقد سئل عن قضائها متواليةً أو متفرّقةً ، قال : « ما أحبَّ ، إن شاء متواليةً وإن شاء فرّق بينها »(٣) .

ولو عجز عن(٤) صيامها ، تصدّق عن كلّ يوم بمُدّ من طعام ؛ لأنّه فداء يوم من رمضان.

ولأنّ عيص بن القاسم سأل الصادقعليه‌السلام ، عمّن لم يصم الثلاثة الأيام وهو يشتدّ عليه الصيام هل من فداء؟ قال : « مُدٌّ من طعام في كلّ‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٨٩ / ١ ، الفقيه ٢ : ٤٩ / ٢١٠ ، التهذيب ٤ : ٣٠٢ / ٩١٣.

(٢) الكافي ٤ : ١٤٥ / ٢ ، التهذيب ٤ : ٣١٣ - ٣١٤ / ٩٥٠.

(٣) الكافي ٤ : ١٤٥ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٣١٤ / ٩٥١.

(٤) في « ط ، ف » والطبعة الحجرية : من.

١٩٠

يوم »(١) .

مسألة ١٢٦ : يستحب صوم أيام البيض‌ - وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كلّ شهر - بإجماع العلماء.

روى العامة عن أبي ذر ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( يا أبا ذر إذا صُمْت من الشهر ثلاثة فصُمْ ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة )(٢) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه الزهري عن زين العابدين علي بن الحسينعليهما‌السلام ، في حديث طويل : « وصوم أيّام البيض »(٣) .

وسمُيّت أيّام البيض ؛ لابيضاض ليلها كلّه بضوء القمر. والتقدير : أيّام الليالي البيض.

ونقل الجمهور : أنّ الله تعالى تاب على آدم فيها ، وبيّض صحيفته(٤) .

مسألة ١٢٧ : يستحب صوم أربعة أيام في السنة : يوم مبعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - وهو السابع والعشرون من رجب - ويوم مولد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - وهو السابع عشر من ربيع الأول - ويوم دحو الأرض - وهو الخامس والعشرون من ذي القعدة - ويوم الغدير - وهو الثامن عشر من ذي الحجة ، وهو اليوم الذي نصب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاًعليه‌السلام خليفةً وإماماً للناس - لأنّها أيام شريفة أنعم الله تعالى بأعظم البركات ، فاستحب شكره بالصوم فيها.

____________________

(١) الفقيه ٢ : ٥٠ / ٢١٧ ، والكافي ٤ : ١٤٤ / ٤ ، والتهذيب ٤ : ٣١٣ / ٩٤٧ ، وفي الأخيرين مضمراً.

(٢) سنن الترمذي ٣ : ١٣٤ / ٧٦١ ، سنن النسائي ٤ : ٢٢٣ ، مسند أحمد ٥ : ١٦٢.

(٣) الكافي ٤ : ٨٣ - ٨٦ / ١ ، الفقيه ٢ : ٤٦ - ٤٨ / ٢٠٨ ، التهذيب ٤ : ٢٩٤ - ٢٩٦ / ٨٩٥.

(٤) المغني ٣ : ١١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٩٧.

١٩١

روى محمد بن عبد الله الصيقل ، قال : خرج علينا أبو الحسن الرضاعليه‌السلام بمَرْو في خمسة وعشرين من ذي القعدة ، فقال : « صوموا فإنّي أصبحت صائماً » قلنا : جعلنا الله فداك أيّ يوم هو؟ قال : « يوم نُشرت فيه الرحمة ودُحيت فيه الأرض ونُصبت فيه الكعبة »(١) .

وسأل الحسن بن راشد ، الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : جعلت فداك ، للمسلمين عيد غير العيدين؟ قال : « نعم يا حسن أعظمهما وأشرفهما » قلت : فأيّ يوم هو؟ قال : « يوم نُصب أمير المؤمنينعليه‌السلام فيه علماً للناس - إلى أن قال - ولا تدع صوم سبعة وعشرين من رجب ، فإنّه اليوم الذي نزلت فيه النبوة على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله »(٢) .

قال إسحاق(٣) بن عبد الله العريضي العلوي : وجل في صدري ما الأيام التي تُصام ، فقصدت مولانا أبا الحسن علي بن محمد الهاديعليهما‌السلام ، وهو بـ « صريا »(٤) ولم اُبْد ذلك لأحد من خلق الله ، فدخلت عليه ، فلمـّا بَصُر بي قالعليه‌السلام : « يا إسحاق جئت تسألني عن الأيام التي يصام فيهنّ وهي أربعة : أوّلهنّ يوم السابع والعشرين من رجب يوم بعث الله تعالى محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى خلقه رحمةً للعالمين ، ويوم مولدهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو السابع عشر من شهر ربيع الأول ، ويوم الخامس والعشرين من ذي القعدة ، فيه دُحيت الكعبة ، ويوم الغدير ، فيه أقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أخاه عليّاًعليه‌السلام ، علماً للناس وإماماً من بعده » قلت : صدقت‌

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٣٠٤ / ٩٢٠ ، والكافي ٤ : ١٤٩ - ١٥٠ / ٤.

(٢) الكافي ٤ : ١٤٨ - ١٤٩ / ١ ، التهذيب ٤ : ٣٠٥ / ٩٢١ الفقيه ٢ : ٥٤ - ٥٥ / ٢٤٠ ، ثواب الأعمال : ٩٩ / ١.

(٣) في المصدر : أبو إسحاق. وكذا في قوله الآتي : يا أبا إسحاق.

(٤) صريا : قرية أسّسها الإِمام موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، على ثلاثة أميال من المدينة.

مناقب آل أبي طالب - لابن شهر آشوب - ٤ : ٣٨٢.

١٩٢

جُعلت فداك لذلك قصدت ، أشهد أنك حجّة الله على خلقه(١) .

مسألة ١٢٨ : يستحب صوم يوم عرفة باتّفاق العلماء.

روى العامة أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( صيام يوم عرفة كفّارة سنة والسنة التي تليها )(٢) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « صوم يوم التروية كفّارة سنة ويوم عرفة كفّارة سنتين »(٣) .

ولا يكره صومه للحاج ، إلّا أن يضعفهم عن الدعاء ، ويقطعهم عنه - وبه قال أبو حنيفة وابن الزبير وإسحاق وعطاء(٤) - لأنّ محمد بن مسلم سأل الباقرعليه‌السلام ، عن صوم يوم عرفة ، قال : « مَنْ قوي عليه فحسن إن لم يمنعك عن الدعاء فإنّه يوم دعاء ومسألة فصُمْه ، وإن خشيت أن تضعف عن ذلك فلا تُصمْه »(٥) .

وقال باقي العامة : إنّه مكروه ؛ لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم يصمه(٦) (٧) .

وهو ممنوع ، ولو سلّم فللضعف ، أو لكونه مسافراً ، أو أصابه عطش.

ولو شكّ في هلال ذي الحجة ، كره صومه ؛ لجواز أن يكون العيد.

مسألة ١٢٩ : يستحب صوم يوم عاشوراء حزناً لا تبرّكاً ؛ لأنّه يوم قُتِل‌

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٣٠٥ / ٩٢٢.

(٢) سنن البيهقي ٤ : ٢٨٣ ، ومسند أحمد ٥ : ٢٩٦ ، بتفاوت.

(٣) الفقيه ٢ : ٥٢ / ٢٣١ ، ثواب الأعمال : ٩٩ / ٣.

(٤) المغني ٣ : ١١٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠١ ، المجموع ٦ : ٣٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢١١ ، تحفة الفقهاء ١ : ٣٤٣.

(٥) التهذيب ٤ : ٢٩٩ / ٩٠٤ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ / ٤٣٦.

(٦) صحيح البخاري ٣ : ٥٥ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٩١ / ١١٢٣ و ١١٢٤ ، سنن الترمذي ٣ : ١٢٤ / ٧٥٠ و ١٢٥ / ٧٥١.

(٧) المجموع ٦ : ٣٨٠ ، المغني ٣ : ١١٤ - ١١٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠١.

١٩٣

أحد سيدي شباب أهل الجنة الحسين بن علي صلوات الله عليهما ، وهُتِك حريمه وجرت فيه أعظم المصائب على أهل البيتعليهم‌السلام ، فينبغي الحزن فيه بترك الأكل والملاذ.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « صُوموا العاشوراء التاسع والعاشر ، فإنّه يكفّر ذنوب سنة »(١) .

وقول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « لا تصُمْ يوم عاشوراء »(٢) محمول على التبرّك به.

إذا عرفت هذا ، فإنّه ينبغي أن لا يُتمّ صوم ذلك اليوم ، بل يفطر بعد العصر ؛ لما روي عن الصادقعليه‌السلام : « إنّ صومه متروك بنزول شهر رمضان ، والمتروك بدعة »(٣) .

والمراد بيوم عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرّم ، وبه قال سعيد بن المسيّب والحسن البصري(٤) .

وروي عن ابن عباس : أنّه التاسع من المحرّم(٥) . وليس بمعتمد.

وقد اختلف في صوم عاشوراء - ولنا روايتان - هل كان واجباً أم لا؟ قال بعضهم : إنّه كان واجباً(٦) . وبه قال أبو حنيفة(٧) .

وقال آخرون : إنّه لم يكن واجباً(٨) . وللشافعي قولان(٩) . وعن أحمد‌

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٩٩ / ٩٠٥ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ / ٤٣٧.

(٢) الكافي ٤ : ١٤٦ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٣٠٠ / ٩٠٩ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ / ٤٤٠.

(٣) الكافي ٤ : ١٤٦ / ٤ ، التهذيب ٤ : ٣٠١ / ٩١٠ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ - ١٣٥ / ٤٤١.

(٤) المغني ٣ : ١١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٩٩.

(٥) المجموع ٦ : ٣٨٣ ، المغني ٣ : ١١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٩٩.

(٦) المجموع ٦ : ٣٨٣.

(٧) المجموع ٦ : ٣٨٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢١١.

(٨) المغني ٣ : ١١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠٠ ، المجموع ٦ : ٣٨٣.

(٩) المجموع ٦ : ٣٨٣.

١٩٤

روايتان(١) .

مسألة ١٣٠ : يستحب صوم يوم المباهلة‌ ، وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة - أمر الله تعالى رسوله بأن يباهل بأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، نصارى نجران. وفيه تصدّق أمير المؤمنينعليه‌السلام بخاتمه في ركوعه(٢) ، ونزلت فيه الآية ، وهي : قوله تعالى( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (٣) - لأنّه يوم شريف أظهر الله تعالى فيه نبيّناعليه‌السلام على خصومه ، وحصل فيه التنبيه على قُرْب أمير المؤمنينعليه‌السلام من ربّه واختصاصه وعظم منزلته وثبوت ولايته واستجابة الدعاء به ، وذلك نعمة عظيمة يستحب مقابلتها بالشكر بالصوم.

مسألة ١٣١ : يستحب صوم أول يوم من ذي الحجة‌ ، وهو يوم ولد فيه إبراهيم خليل الله تعالى(٤) ، لعظم النعمة فيه بولادتهعليه‌السلام .

قال الكاظمعليه‌السلام : « مَنْ صام أول يوم من ذي الحجة كتب الله له صوم ثمانين شهراً ، فإن صام التسعة كتب الله له صوم الدهر »(٥) .

وقيل : إنّ فاطمةعليها‌السلام تزوّجت في ذلك اليوم(٦) .

وقيل : في السادس من ذي الحجّة(٧) .

ويستحب صوم عشر ذي الحجة إلّا يوم العيد بالإِجماع ، لما روى العامة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( ما من أيّامٍ العملُ الصالح فيهنّ‌

____________________

(١) المغني ٣ : ١١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠٠.

(٢) مصباح المتهجد : ٧٠٤.

(٣) المائدة : ٥٥.

(٤) مصباح المتهجد : ٦١٢ - ٦١٣.

(٥) الفقيه ٢ : ٥٢ / ٢٣٠ ، ثواب الأعمال : ٩٨ - ٩٩ / ٢.

(٦ و ٧ ) مصباح المتهجد : ٦١٣.

١٩٥

أحبّ إلى الله من هذه الأيام العشر )(١) .

ومن طريق الخاصة : ما تقدّم(٢) في حديث الكاظمعليه‌السلام .

ويستحب صوم يوم الخامس والعشرين من ذي الحجة ، وهو يوم نزل في علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام( هَلْ أَتى ) (٣) .

وفي السادس والعشرين منه طُعن عمر بن الخطاب سنة ثلاث وعشرين من الهجرة(٤) . وفي التاسع والعشرين منه قُبض عمر بن الخطاب(٥) .

ويوم الثامن عشر منه هو يوم الغدير ، وهو يوم قتل عثمان بن عفّان ، وبايع المهاجرون والأنصار عليّاًعليه‌السلام ، طائعين مختارين عدا أربعة أنفس منهم : عبد الله بن عمر ومحمد بن مَسْلَمَةَ(٦) وسعد بن أبي وقاص واُسامة ابن زيد(٧) .

مسألة ١٣٢ : يستحب صوم رجب بأسره عند علمائنا‌ ؛ لأنّه شهر شريف معظّم في الجاهلية والإِسلام ، وهو أحد الأشهر الحُرُم.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( مَنْ صام شهر رجب كلّه كتب الله تعالى له رضاه ، ومن كتب له رضاه لم يعذّبه )(٨) .

وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام يصومه ويقول : « رجب شهري ، وشعبان شهر رسول الله ، ورمضان شهر الله »(٩) .

____________________

(١) سنن الترمذي ٣ : ١٣٠ / ٧٥٧.

(٢) تقدم في صدر المسألة.

(٣ - ٥ ) مسارّ الشيعة : ٢٣ - ٢٤ ، السرائر لابن إدريس : ٩٦.

(٦) ورد في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق وفي الطبعة الحجرية بدل مسلمة : مسلم.

والصحيح ما أثبتناه. راجع : تاريخ الخلفاء ( الإِمامة والسياسة ) لابن قتيبة الدينوري ١ : ٥٣ ، والإِرشاد للشيخ المفيد ١ : ٢٤٣.

(٧) الإِمامة والسياسة ١ : ٥٣ ، الإِرشاد ١ : ٢٤٣ ، مسارّ الشيعة : ٢٠ - ٢٢ ، السرائر : ٩٦.

(٨) المقنعة : ٥٩ ، مصباح المتهجّد : ٧٣٤.

(٩) مسارّ الشيعة : ٣٢ - ٣٣ ، مصباح المتهجد : ٧٣٤.

١٩٦

وقال أحمد : يكره صومه كلّه ، إلّا لصائم السنة فيدخل ضمناً ؛ لأنّ خرشة بن الحرّ قال : رأيت عمر يضرب أكف المترجّبين حتى يضعوها في الطعام ، ويقول : كُلُوا فإنّما هو شهر كان تعظّمه الجاهلية(١) .

وفعله ليس حجّةً.

ويتأكّد استحباب أوّله وثانية وثالثة.

وفي اليوم الأول منه وُلد مولانا الباقرعليه‌السلام يوم الجمعة سنة سبع وخمسين(٢) .

وفي الثاني منه كان مولد أبي الحسن الثالثعليه‌السلام (٣) . وقيل : الخامس منه(٤) .

ويوم العاشر وُلد أبو جعفر الثانيعليه‌السلام (٥) .

ويوم الثالث عشر منه وُلد مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام في الكعبة قبل النبوّة باثنتي عشرة سنة ، ذكره الشيخ - عن ابن عيّاش من علمائنا(٦) .

وفي اليوم الخامس عشر خرج فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من الشعب(٧) .

وفي هذا اليوم لخمسة أشهر من الهجرة عقد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، على ابنته فاطمةعليها‌السلام ، عقدة النكاح(٨) .

وفيه حُوّلت القبلة من بيت المقدس وكان الناس في صلاة العصر(٩) .

مسألة ١٣٣ : ويستحب صوم شعبان بأسره‌.

____________________

(١) المغني ٣ : ١٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠٣.

(٢) مصباح المتهجد : ٧٣٧.

(٣ - ٥ ) مصباح المتهجد : ٧٤١.

(٦ - ٩ ) مصباح المتهجد : ٧٤١ - ٧٤٢‌

١٩٧

قال الصادقعليه‌السلام : « صوم شعبان وشهر رمضان متتابعين توبة من الله »(١) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ألا إنّ شعبان شهري ، فرحم الله مَنْ أعانني على شهري )(٢) .

ويتأكّد صوم أول يوم منه.

قال الصادقعليه‌السلام : « مَنْ صام أول يوم من شعبان وجبت له الجنّة البتة ، ومَنْ صام يومين نظر الله إليه في كلّ يوم وليلة في دار الدنيا ودام نظره إليه في الجنّة ، ومَنْ صام ثلاثة أيام زار الله في عرشه في جنته في كلّ يوم »(٣) .

وفي الثالث منه وُلد الحسينعليه‌السلام (٤) . وليلة النصف منه ولد القائمعليه‌السلام (٥) . وهي إحدى الليالي الأربعة : ليلة الفطر وليلة الأضحى وليلة النصف من شعبان وأول ليلة من رجب.

مسألة ١٣٤ : يستحب صوم التاسع والعشرين من ذي القعدة‌.

روى ابن بابويه : إن الله أنزل فيه الكعبة فمن صام ذلك اليوم كان كفّارة سبعين سنة(٦) .

وفي أول يوم من المحرّم دعا زكريا ربّه عزّ وجلّ ، فمن صام ذلك اليوم استجاب الله له كما استجاب لزكرياعليه‌السلام (٧) . ونحوه قال الشيخ(٨)

____________________

(١) الكافي ٤ : ٩١ - ٩٢ / ١ ، التهذيب ٤ : ٣٠٧ / ٩٢٥ ، الاستبصار ٢ : ١٣٧ / ٤٤٩ ، الفقيه ٢ : ٥٧ / ٢٤٨ ، ثواب الأعمال : ٨٤ / ٣.

(٢) مصباح المتهجد : ٧٥٧.

(٣) الفقيه ٢ : ٥٦ / ٢٤٧ ، ثواب الأعمال : ٨٤ / ٤.

(٤) مسارّ الشيعة : ٣٧ ، مصباح المتهجد : ٧٥٨.

(٥) مسارّ الشيعة : ٣٧ ، الارشاد ٢ : ٣٣٩ ، تاج المواليد : ٦١.

(٦) الفقيه ٢ : ٥٤ / ٢٣٩.

(٧) الفقيه ٢ : ٥٥ ذيل الحديث ٢٤١.

(٨) مصباح المتهجد : ٧١٢ - ٧١٣.

١٩٨

رحمه‌الله .

قال : وفي اليوم الثالث من المحرّم كان عبور موسى بن عمرانعليه‌السلام ، على جبل طور سيناء. وفي اليوم السابع منه أخرج الله سبحانه ، يونسعليه‌السلام ، من بطن الحوت. وفي اليوم العاشر كان مقتل سيّدنا الحسينعليه‌السلام . ويستحب في هذا اليوم زيارته. ويستحب صوم هذا العشر ، فإذا كان يوم عاشوراء أمسك عن الطعام والشراب إلى بعد العصر ثم تناول شيئاً من التربة(١) .

قال الشيخرحمه‌الله : وفي اليوم السابع عشر من المحرّم انصرف أصحاب الفيل عن مكّة وقد نزل عليهم العذاب. وفي اليوم الخامس والعشرين منه سنة أربع وتسعين كانت وفاة زين العابدينعليه‌السلام (٢) .

قال الشيخرحمه‌الله : يستحب صوم النصف من جمادى الاُولى ، ففي ذلك اليوم من سنة ست وثلاثين كان فتح البصرة لأمير المؤمنينعليه‌السلام . وفي ليلته من هذه السنة بعينها كان مولد مولانا أبي محمد علي بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام (٣) .

مسألة ١٣٥ : يستحب صوم ستة أيّام من شوّال بعد يوم الفطر‌ - وبه قال الشافعي وأحمد وأكثر العلماء(٤) - لما رواه العامة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : ( مَنْ صام رمضان وأتبعه بستٍّ من شوّال فكأنّما صام الدهر )(٥) .

____________________

(١) مصباح المتهجد : ٧١٣.

(٢) مصباح المتهجد : ٧٢٩.

(٣) مصباح المتهجد : ٧٣٣.

(٤) المغني ٣ : ١١٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٩٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩٤ ، المجموع ٦ : ٣٧٩ ، الوجيز ١ : ١٠٥ ، فتح العزيز ٦ : ٤٦٩ - ٤٧٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٠.

(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٥٤٧ / ١٧١٦ ، سنن الترمذي ٣ : ١٣٢ / ٧٥٩ ، سنن أبي داود ٢ : ٣٢٤ / ٢٤٣٣ ، سنن الدارمي ٢ : ٢١ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٩٢.

١٩٩

ومن طريق الخاصة : ما رواه الزهري عن زين العابدينعليه‌السلام « وصوم ستة أيّام من شوّال »(١) .

وقال أبو يوسف : كانوا يكرهون أن يتبعوا رمضان صياماً خوفاً أن يلحق ذلك بالفريضة(٢) . وحكي مثل ذلك عن محمد بن الحسن(٣) .

وقال مالك : يكره ذلك. قال : وما رأيت أحداً من أهل المدينة(٤) يصومها ، ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف ، وأنّ أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته ، وأن يُلحق الجُهّال برمضان ما ليس منه(٥) .

مسألة ١٣٦ : يستحب صوم كلّ خميس وكلّ اثنين‌ ؛ لأنّ أعمال الخلائق ترفع فيهما ، فيستحب رفع هذه العبادة الشريفة.

روى العامّة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يصوم يوم الاثنين والخميس ، فسئل عن ذلك ، فقال : ( إنّ أعمال الناس تعرض يوم الاثنين والخميس )(٦) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه الزهري عن زين العابدينعليه‌السلام : « والخميس »(٧) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٨٣ - ٨٦ / ١ ، الفقيه ٢ : ٤٦ - ٤٨ / ٢٠٨ ، التهذيب ٤ : ٢٩٤ - ٢٩٦ / ٨٩٥.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ٧٨ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٠.

(٣) اُنظر : حلية العلماء ٣ : ٢١٠ ، فإنّ فيه بعد نقل قول أبي يوسف قال : وحكى مثل ذلك محمد ابن الحسن عن مالك.

(٤) في المصادر التالية : أهل العلم والفقه ، بدل أهل المدينة.

(٥) الموطّأ ١ : ٣١١ ذيل الحديث ٦٠ ، المغني ٣ : ١١٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٩٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٧٠ ، المجموع ٦ : ٣٧٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٨ ، تحفة الفقهاء ١ : ٣٤٤.

(٦) سنن أبي داود ٢ : ٣٢٥ / ٢٤٣٦ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٩٣.

(٧) الكافي ٤ : ٨٣ - ٨٦ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٩٤ - ٢٩٦ / ٨٩٥ ، الفقيه ٢ : ٤٦ - ٤٨ / ٢٠٨.

٢٠٠