تذكرة الفقهاء الجزء ٦

تذكرة الفقهاء17%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-46-9
الصفحات: 333

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 333 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 234834 / تحميل: 5712
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٦

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٤٦-٩
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

كلمة في تاريخ بغداد

قال ابن جزلة حول تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ما نصه:

« ولمـّا كان الحديث والعناية به ومعرفة الرجال الناقلين له من أجلّ العلوم الشرعية وأشرفها، إستحق من صرف إليه زمانه ووفّر عليه تعبه الثناء والمدح والترحم على السلف الماضين منهم.

وقد صنّف الناس في ذلك وأوغلوا وبالغوا، وميّزوا الثقة من المتهم والضعيف من القوي، وما أعظم فائدة ذلك وأجل موقعه، لكثرة ما دسَّ الملاحدة والزنادقة من الأحاديث الموضوعة البشعة المنفردة التي فسد بسماعها خلق من الناس، واعتقد الغر عند سماعها أنها من قول صاحب الشرع فهلك وتسرع إلى التكذيب ومال إلى الخلاعة، نعوذ بالله من الشقاء والبلاء.

وهذا الكتاب الذي صنّفه الشيخ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ البغداديرحمه‌الله ، وسماه تاريخ بغداد، كتاب جليل في هذا العلم نفيس، قد تعب وسهر فيه، وأطال الزمان، والله تعالى يثيبه ويحسن إليه »(١) .

ترجمته:

وللنقل بعض كلمات كبار العلماء في حقه:

١ - السمعاني : « صنّف قريباً من مائة مصنف صارت عمدة لأصحاب الحديث، منها التاريخ الكبير لمدينة السّلام بغداد »(٢) .

٢ - ابن خلكان : « صاحب تاريخ بغداد وغيره من المصنفات المفيدة، كان من الحفاظ المتقنين والعلماء المتبحرين، ولو لم يكن له سوى التاريخ لكفاه، فإنه

____________________

(١). المختصر المختار من تاريخ بغداد / مقدمة المؤلف.

(٢). الأنساب / البغدادي.

٦١

يدل على اطلاع عظيم »(١) .

٣ - الذهبي : « قال الحافظ ابن عساكر: سمعت الحسين بن محمّد يحكى عن ابن خيرون أو غيره: أن الخطيب ذكر أنه لما حجّ شرب ماء زمزم ثلاث شربات، وسأل الله تعالى ثلاث حاجات: أن يحدّث بتاريخ بغداد بها، وأن يملي الحديث بجامع المنصور، وأن يدفن عند بشر الحافي. فقضيت له الثلاث »(٢) .

وممن ترجم له كذلك السبكي و ( الدهلوي ) في ( بستان المحدثين ).

(٧)

رواية ابن المغازلي

روى هذا الحديث بطرقٍ عديدة حيث قال:

« قولهعليه‌السلام : كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن أحمد بن سهل النحويرحمه‌الله ، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن منصور الحلبي الأخباري، قال: حدثنا علي بن محمد العدوي الشمشاطي قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا، قال: حدثنا أحمد بن المقدام العجلي، قال: حدثنا الفضيل بن عياض، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن زاذان عن سلمان الفارسي قال: سمعت حبيبي محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عز وجل، يسبح الله ذلك النور ويقدّسه قبل أن يخلق آدم بألف عام، فلما خلق الله آدم ركّب ذلك النور في صلبه، فلم يزل في شيء واحداً حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، ففيّ النبوة وفي علي الخلافة.

____________________

(١). وفيات الاعيان ١ / ٩٢.

(٢). سير أعلام النبلاء ١٨ / ٢٧٠.

٦٢

وأخبرنا أبو طالب محمّد بن أحمد بن عثمان قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن سليمان، قال: حدّثنا عبد الله بن محمد البكري، قال: حدّثنا عبد الله بن محمد ابن حسان الهروي، قال: حدّثنا جابر بن سهل بن عمر بن جعفر، حدّثني أبي عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن أبي ذر، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: كنت أنا وعلي نوراً عن يمين العرش، يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف عام، فلم أزل أنا وعلي في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب.

و أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي نا: أبو عبد الله محمّد بن علي بن مهدي السقطي الواسطي إملاء قال: أخبرنا أحمد بن علي القواريري الواسطي، نا محمّد بن عبد الله بن ثابت، نا محمّد بن مصفا، نا بقية بن الوليد عن سعيد بن عبد العزيز، عن جابر بن عبد الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إن الله عز وجل؟؟؟ أول قطعة من نور فأسنها في صلب آدم، فساقها حتى قسمها جزءين: جزءاً في صلب عبد الله وجزءاً في صلب أبي أبي طالب، فأخرجني نبياً وأخرج علياً وصياً »(١) .

فائدة:

لقد جاء في آخر النسخة التي بأيدينا ما يلي بنصه: « قال في النسخة التي نقلت منها هذه: قال في الأم: قال في نسخة الفقيه بهاء الدين علي بن أحمد الأكوع: فرغ من نسختها أبو الحسن علي بن محمد بن الحسن بن أبي نزار ابن الشرفية بواسط العراق، في ثاني عشر من شوال من سنة خمس وثمانين وخمسمائة، والله ولي التوفيق.

ثم قال في أم الأم: وفرغت من نسخها في جمادى الآخرة من سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وكتب عمر بن الحسن بن ناصر بن يعقوب. ختم الله له بخير.

____________________

(١). مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ٨٧ - ٨٩.

٦٣

وقال في أم هذه النسخة: فرغت أنا من هذه النسخة، يوم تاسع عشر من شهر المحرم الحرام من سنة إحدى وتسعين وتسعمائة سنة بمدينة ثلا حماه الله بالصالحين من عباده، وكتب مالكه مملوك آل محمد سعيد بن عبد الله بن صالح عفا الله عنه وحشره في زمرتهم.

وفرغت أنا من تحصيل هذه النسخة المباركة - وأنا الفقير إلى مغفرة الله وكرمه، والعائذ به من أليم عذابه ونقمه: الحسين بن عبد الهادي بن أحمد صلاح، ثبته الله بالقول الثابت في الدنيا والآخرة - آخر نهار الخميس خامس شهر جمادى الآخرة، سنة سبع وثلاثين وألف سنة بمدينة ثلا حرسها الله تعالى بصالحين من عباده، والحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين، وأنا أسال من اطلع على هذا الكتاب واستوصيه أن يدعو لي بما أمكن من الدعاء لا سيما لحسن الخاتمة والعقبي، وبالله التوفيق والاعانة وهو حسبي ونعم الوكيل ».

وجاء في آخر النسخة أيضاً:

« قال في آخر النسخة التي نقلت منها هذه ما لفظه: حكاية حسنة من المناقب مسموعة في فضائل أهل البيت: قال أبو الحسن علي بن محمّد بن الشرفية: حضر عندي في دكاني بالوراقين بواسط يوم الجمعة خامس ذي القعدة من سنة ثمانين وخمسمائة: القاضي العدل جمال الدين نعمة الله بن علي بن أحمد العطار، وحضر أيضاً عندي الأمير شرف الدين أبو شجاع بن العبري الشاعر، فسأل شرف الدين القاضي جمال الدين أن يسمعه المناقب، فابتدأ بالقراءة عليه من نسختي التي بخطّي في دكاني يومئذ، وهو يرويها عن جدّه العلّامة المعمّر محمّد بن علي المغازلي عن أبيه المصنف، فهمّا في القراءة وقد اجتمع عليهما جماعة، إذ اجتاز أبو مصر قاضي العراق وأبو العباس ربيعة وهما ينبزان بالعدالة، فوقفا يغوغيان وينكران عليه قراءة المناقب، وأطنب قاضي العراق في التهزء والمجون، وقال في جملة مقالته على طريق الاستهزاء: أي قاضي اجعل لنا وظيفة كلّ يوم جمعة بعد الصلاة تسمعنا شيئاً من هذه المناقب في المسجد الجامع، فقال لهما القاضي نعمة

٦٤

الله بن العطار: ما أنتما من أهلها، أنتما قد حضرتما في درب الخطيب وذكرتما أن علياً ما كان يحفظ سورة واحدة من كتاب الله تعالى، والمناقب تتضمّن أنه ما كان في الصحابة أقرأ من علي بن أبي طالب، فما أنتما من أهلها، فأكثرا الغوغاء والتهزّء، فضجر القاضي نعمة الله بن العطار، وقال بمحضر جماعة كانوا وقوفاً:

أللهم إنْ كان لأهل بيت نبيّك عندك حرمة ومنزلة فاخسف به داره وعجّل نكايته، فبات في ليلته تلك وفي صبيحة يوم السبت من سنة ثمانين وخمسمائة خسف الله تعالى بداره، فوقعت هي والقنطرة وجميع المسنّاة إلى دجلة، وتلف منه فيها جميع ما كان يملك من مال وأثاث وقماش، فكانت هذه المنقبة من أطرف ما شوهد يومئذ من مناقب آل محمّد صلوات الله عليهم.

فقال علي بن محمد بن الشرفية في ذلك اليوم في هذا المعنى:

يا أيّها العدل الذي

هو عن طريق الحق عادل

متجنباً سبل الهدى

وإلى سبيل الغيّ مائل

أبمثل أهل البيت يا

مغرور ويحك أنت هازل

دع عنك أسباب الخلا

عة واستمع مني الدلائل

بالأمس حين جحدت

من أفضالهم بعض الفضائل

وجريت في سنن السخر

ولست تسمع عذل عاذل

نزل القضاء على ديار

ك في صباحك شرّ نازل

أضحت ديارك سابحات في

الثرى خسف الزلازل

وبقيت يا مغرور في الد

ارين لم تحظ بطائل

هذا الجزاء بهذه الدنيا فعد

لهم غداً ما أنت قائل

قال علي بن محمّد الشرفية: وقرأت المناقب التي صنّفها ابن المغازلي بمسجد الجامع بواسط، الذي بناه الحجاج بن يوسف الثقفي لعنه الله ولقّاه ما عمل، في مجالس ستة، أوّلها الأحد رابع صفر وآخرهنّ عاشر صفر سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، في أممٍ لا يحصى عديدهم، وكتب قاريها بالمسجد الجامع علي بن محمّد

٦٥

ابن الشرفية ».

ترجمته:

وأبو الحسن علي بن محمّد المعروف بابن المغازلي، من أعلام الفقهاء والمحدّثين من أهل السنة. قال السمعاني: « كان فاضلاً عارفاً برجالات واسط وحديثهم، وكان حريصاً على سماع الحديث وطلبه، رأيت له ذيل التاريخ بواسط وطالعته وانتخبت منه روى لنا عنه ابنه بواسط ».

(٨)

رواية شيرويه الديلمي

لقد روى هذا الحديث في ( فردوس الأخبار ) حيث قال:

« سلمان: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله مطيعاً يسبّح الله ويقدس قبل أن يخلق آدم بأربع عشر ألف سنة، فلما خلق الله آدم ركّب ذلك النور في صلبه، ولم نزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، فجزء أنا وجزء علي بن أبي طالب ».

و قال: « سلمان: قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بخلقت أنا وعلي من نور واحد قبل أن يخلق آدم بأربعة آلاف عام، فلما خلق الله تعالى آدم ركّب ذلك النور في صلبه، فلم نزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، ففيّ النبوة وفي علي الخلافة ».

ترجمته:

وقد أثنى على شيرويه الديلمي وأطراه كل من ترجم له، كالذهبي في ( تذكرة الحفاظ ) وغيره والرافعي في ( التدوين ) واليافعي في ( مرآة الجنان ) والأسنوي

٦٦

في ( طبقات الشافعية ) وغيرهم من أعلام أهل السنة أصحاب السير والتواريخ وسنورد نصوص عبائرهم في قسم ( حديث التشبيه ) إنْ شاء الله تعالى.

(٩)

رواية العاصمي

لقد رواه بطرق عديدة مستدلاً به على شبه أمير المؤمنينعليه‌السلام لآدمعليه‌السلام في الخلق، ثم أيّده بأحاديث أخر، قال:

« ذكر مشابه نبينا آدمعليه‌السلام ، فإنه قد وقعت المشابهة بين المرتضى وبينهعليه‌السلام بعشرة أشياء: أوّلها الخلق والطينة، والثاني بالمكث والمدة، والثالث بالصاحبة والزوجة، والرابع بالتزويج والخلعة، والخامس بالعلم والحكمة، والسادس بالذهن والفطنة، والسابع بالأمر والخلافة، والثامن بالأعداء والمخالفة، والتاسع بالعرفاء والوصية، والعاشر بالأولاد والعترة.

أما الخلق والطينة فإن آدمعليه‌السلام خلق من الطين وخلط طينه بنور الثقلين، فكان طيناً دينيّاً، وكذلك المرتضى خلق من الطينة الطاهرة والتربة الزكية الزاهرة، ولذلك قال المصطفى: خلقت من أطيب الطين وخلق محبي من أسفلها ثم خلطت العليا بالسفلى، فلو لا النبوة والرسالة لكنت رجلاً من أمتي.

والذي يؤيد ما قلنا: ما أخبرني به محمّد بن أبي زكريا الثقة قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا إسحاق بن محمّد بن علي بن خالد الهاشمي بالكوفة قال: حدّثنا أحمد بن زكريا بن طهمان، قال: حدّثنا محمّد بن خالد الهاشمي قال: حدّثنا الحسن بن إسماعيل بن حماد بن أبي خليفة، عن أبيه عن زياد بن المنذر، عن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جدّه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله

٦٧

عز وجل من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلمّا خلق الله آدم نقل ذلك النور من صلبه، فلم يزل ينقله من صلب إلى صلب حتى أقرّه في صلب عبد المطلب فقسّمه قسمين، فصيّر قسمي في صلب عبد الله وقسم علي في صلب أبي طالب، فعلي مني وأنا منه، لحمه لحمي ودمه من دمي، فمن أحبه فبحبي أحبه ومن أبغضه فببغضي أبغضه ».

ثم روى أربعة أحاديث أخرى، وهذه ألفاظ ثلاثة منها:

« عن أبي الحمراء عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: لمـّا اسري بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش الأيمن، فاذا عليه مكتوب: لا إله إلّا الله محمّد رسول الله أيّدته بعلي ونصرته به ».

« عن نافع عن ابن عمر قال: بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس ذات يوم ببطحاء مكة، إذ هبط عليه جبرئيل الروح الأمين قال: يا محمد إنّ رب العرش يقرأ عليك السلام ويقول: لما أخذ ميثاق النبيين أخذ ميثاقك في صلب آدم، فجعلك سيّد الأنبياء وجعل وصيك سيّد الأوصياء علي بن أبي طالب ويقول: يا محمد وعزتي لو سألتني أن أزيل السماوات والأرض لأزلتها لكرامتك عليّ ».

« عن أنس بن مالك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: كل مولود يولد فهو في سرته من التربة التي خلق منها، وأنا وعلي بن أبي طالب خلقنا من تربة واحدة ».

وهذا لفظ رابعها بسنده: « أخبرنا الحسين بن محمّد قال: حدّثنا عبد الله بن أبي منصور قال: حدّثنا محمّد بن بشر قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله بن المثنى قال: حدثني حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من نور واحد يسبح الله عز وجل في يمنة العرش قبل خلق الدنيا، ولقد سكن آدم الجنة ونحن في صلبه، ولقد ركب نوح السفينة ونحن في صلبه، ولقد قذف إبراهيم في النار ونحن في صلبه، فلم يزل يقلبنا الله عز وجل في أصلاب طاهرة إلى أرحام طاهرة، حتى انتهى بنا إلى عبد

٦٨

المطلب، فجعل ذلك النور بنصفين، فجعلني في صلب عبد الله وجعل علياً في صلب أبي طالب، وجعل فيَّ النبوة والرسالة وجعل في علي الفروسية والفصاحة، واشتق لنا اسمين من أسمائه، فربّ العرش محمود وأنا محمّد، وهو الأعلى وهذا علي ».

قال العاصمي: « فهذه الأحاديث تدلّ على صحّة ما أشرنا إليه ورجحان ما دلّلنا عليه »(١) .

(١٠)

رواية أبي الفتح النطنزي

لقد روى هذا الحديث قائلاً: « أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد قال: حدثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ قال: حدثنا أحمد ابن يوسف بن خلاد النصيبي ببغداد، قال: حدثنا الحارث بن أبي أُسامة التميمي قال: حدّثنا داود بن المحبر بن محمد قال: حدّثنا قيس بن الربيع، عن عباد بن كثير عن أبي عثمان الرازي عن سلمان الفارسي قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من نور عن يمين العرش، نسبّح الله ونقدّسه من قبل أن يخلق الله عز وجل آدم بأربع عشرة آلاف سنة، فلما خلق الله آدم نقلنا إلى أصلاب الرجال وأرحام النساء الطاهرات، ثم نقلنا إلى صلب عبد المطلب وقسمنا بنصفين، فجعل النصف في صلب أبي عبد الله وجعل النصف في صلب أبي طالب، فخلقت من ذلك النصف وخلق علي من النصف الآخر، واشتق الله لنا من أسمائه اسما، والله محمود وأنا محمّد، والله الأعلى وأخي علي، والله فاطر وابنتي فاطمة، والله محسن وابناي الحسن والحسين. فكان اسمي

____________________

(١). زين الفتى في تفسير هل أتى - مخطوط.

٦٩

في الرسالة والنبوة، وكان اسمه في الخلافة والشجاعة، فأنا رسول الله وعلي سيف الله »(١) .

و روى النطنزي حديث الأشباح بسنده عن ابن عباسرضي‌الله‌عنه قال: « لما خلق الله عز وجل آدم ونفخ فيه من روحه عطس فألهمه الله « الحمد لله رب العالمين »، فقال له ربّه: يرحمك الله، فلما سجد له الملائكة تداخله العجب فقال: يا رب خلقت خلقا هو أحب إليك منّي؟ فلم يجب، ثم قال الثانية، فلم يجب.ثم قال الثالثة، فلم يجب. ثم قال الرابعة فقال الله عز وجل له: نعم ولولاهم ما خلقتك. فقال: فأرنيهم، فأوحى الله عز وجل إلى ملائكة الحجب أنه ارفعوا الحجب، فلما رفعت إذا آدم بخمسة أشباح قدّام العرش، فقال يا رب من هؤلاء؟ قال: يا آدم هذا نبيي، وهذا علي أمير المؤمنين ابن عم النبي، وهذه فاطمة بنت نبيي، وهذان الحسن والحسين ابنا علي وولدا نبيي. ثم قال: يا آدم هم الأول. ففرح بذلك. فلما اقترف الخطيئة قال: يا رب أسألك بمحمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين لما غفرت لي فغفر الله له، فهذا الذي قال الله عز وجل:( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ ) . فلما أهبط إلى الأرض صاغ خاتماً نقش عليه: محمّد رسول الله. ويكنى آدم بأبي محمد »(٢) .

ترجمته:

وسنورد ترجمة النطنزي مفصّلة في قسم ( حديث التشبيه ) ونذكر كلمة تلميذه السمعاني في حقه، ومدح ابن النجار له، وإطراء الصفدي في الوافي بالوفيات فانتظر.

____________________

[ ١ - ٢ ] الخصائص العلوية - مخطوط.

٧٠

(١١)

رواية شهردار الديلمي

قال الحمويني ما نصه: « أنبأني أبو طالب بن أنجب الخازن، عن ناصر بن أبي المكارم إجازة قال: أنبأنا أبو المؤيد الموفق بن أحمد إجازة إنْ لم يكن سماعاً.

( ح ) وأنبأني العزيز محمد بن أبي القاسم، عن والده أبي القاسم بن أبي الفضل بن عبد الكريم إجازة قالا: أخبرنا شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي إجازة، أنبأنا عبدوس بن عبد الله الهمداني كتابة، حدّثنا أبو الحسن علي ابن عبد الله، أنبأنا أبو علي محمد بن أحمد العطشي، حدثنا أبو سعيد العدوي الحسن بن علي، حدثنا أحمد بن المقدام العجلي أبو الأشعث، حدثنا الفضيل بن عياض عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان عن زاذان عن سلمان قال: سمعت حبيبي المصطفى محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عز وجل مطيعاً، يسبّح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف سنة، فلما خلق الله تعالى آدم ركّب ذلك النور في صلبه، فلم نزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، فجزء أنا وجزء علي »(١) .

كما ويستفاد رواية شهردار الديلمي من سند رواية الخوارزمي الآتية أيضاً.

ترجمته:

وشهردار الديلمي من أعلام حفاظ أهل السنة كأبيه، فقد قال الذهبي نقلاً عن السمعاني: « كان حافظاً عارفاً بالحديث فهماً عارفاً بالأدب ظريفاً. سمع أباه وعبدوس بن عبد الله ومكي السلّار وطائفة. وأجاز له أبو بكر ابن خلف

____________________

(١). فرائد السمطين - ١ / ٤٢.

٧١

الشيرازي، وعاش خمساً وسبعين سنة »(١) .

وكذا ترجم له كلّ من السبكي والأسنوي وابن قاضي شهبة الأسدي في كتبهم في ( طبقات الشافعية ).

(١٢)

رواية الخوارزمي

روى هذا الحديث بقوله: « أخبرني شهردار هذا إجازة، أخبرنا عبدوس بن عبد الله الهمداني كتابة، حدّثنا أبو الحسن علي بن عبد الله، حدثنا أبو علي محمّد ابن أحمد العطشي

و أخبرني شهردار هذا إجازة، أخبرنا عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة، حدثنا الشريف أبو طالب الجعفري، حدثنا ابن مردويه الحافظ، حدثنا إسحاق بن محمد بن علي بن خالد، حدثنا أحمد بن زكريا، حدثنا ابن طهمان، حدثنا محمد بن خالد الهاشمي، حدثنا الحسين بن إسماعيل بن حماد، عن أبيه عن زياد بن المنذر عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم سلك النور في صلبه، فلم يزل الله يقلبه من صلب إلى صلب، حتى أقره في صلب عبد المطلب، فقسّمه نصفين قسماً في صلب عبد الله وقسماً في صلب أبي طالب، فعلي مني وأنا منه، لحمه لحمي، ودمه دمي، فمن أحبه فبحبي أحبه ومن أبغضه فببغضي أبغضه »(٢) .

وقال الخوارزمي: « أخبرني سيد الحافظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن

____________________

(١). العبر في خبر من ٣ / ٢٩.

(٢). مناقب امير المؤمنين - ٨٨.

٧٢

شهردار الديلمي الهمداني - فيما كتب الي من همدان - أخبرني أبو الفتح عبدوس ابن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة، أخبرني الشيخ الخطيب أبو الحسن صاعد ابن محمّد بن الغياث الدامغاني بدامغان، حدثني أبو يحيى محمّد بن عبد العزيز البسطامي، حدّثنا أبو بكر القرشي، حدّثني أبو سعيد الحسن بن علي بن زكريا، حدّثني هدبة بن خالد القيسي، عن حماد بن ثابت البناني عن عبيد بن عمير الليثي عن عثمان بن عفان قال قال عمر بن الخطاب: إن الله تعالى خلق ملائكة من نور وجه علي بن أبي طالب »(١) .

ترجمته:

وللخوارزمي تراجم في عدةٍ من المصادر المعتبرة، ومن ذلك ما جاء في ( العقد الثمين في تاريخ بلد الله الأمين ) للحافظ تقي الدين الفاسي حيث عنونه بقوله: « الموفق بن أحمد بن محمّد المكي، أبو المؤيد، العلامة خطيب خوارزم، كان أديباً فصيحاً مفوهاً، خطب بخوارزم دهرا وأنشأ الخطب وأقرأ الناس وتخرّج به جماعة، وتوفي بخوارزم في صفر سنة ٥٦٨. ذكره هكذا الذهبي في ( تاريخ الإسلام ). وذكره الشيخ محيي الدين عبد القادر الحنفي في ( طبقات الحنفية ) وقال: ذكره القفطي في ( أخبار النحاة ) ».

(١٣)

رواية ابن عساكر

لقد قال الحافظ الكنجي ما نصه: « وأخبرنا أبو إسحاق الدمشقي، أخبرنا أبو القاسم الحافظ، أخبرنا ابو غالب بن البنا، أخبرنا أبو محمّد الجوهري، أخبرنا

____________________

(١). مناقب أمير المؤمنين ٢٣٦.

٧٣

أبو علي بن محمد بن أحمد بن يحيى، حدثنا أبو سعيد العدوي، حدثنا أبو الأشعث، حدثنا الفضيل بن عياض، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن زاذان عن سلمان قال: سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله مطيعاً، يسبح الله ذلك النور ويقدّسه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم ركّب ذلك النور في صلبه، فلم نزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، فجزء أنا وجزء علي.

قلت: هكذا أخرجه محدّث الشام في تاريخه في الجزء الخمسين بعد الثلاث مائة قبل نصفه، ولم يطعن في سنده، ولم يتكلّم عليه، وهذا يدل على ثبوته »(١) .

ترجمته:

وقد ذكرنا في قسم ( حديث الثقلين ) عدةً من مصادر ترجمة الحافظ ابن عساكر الدمشقي، مثل ( وفيات الاعيان ٢ / ٤٧١ ) و ( طبقات السبكي ٧ / ٢١٥ ) و ( طبقات الحفاظ ٤٧٤ ) وغيرها.

وفي ( تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢٨ ) ما ملخصه: « ابن عساكر - الامام الحافظ الكبير، محدّث الشام، فخر الأئمة، ثقة الدين، أبو القاسم، صاحب التصانيف عدد شيوخه ١٣٠٠ ونيف شيخ و٨٠ امرأة. قال السمعاني: أبو القاسم حافظ ثقة متقن ديّن خيّر حسن السمت. قال ابن النجار: أبو القاسم إمام المحدثين في وقته، إنتهت إليه الرياسة في الحفظ والاتقان والنقل والمعرفة التامة، وبه ختم هذا الشأن ».

(١٤)

رواية النور الصالحاني

لقد روى الشهاب أحمد: « عن علي بن حسين عن أبيه عن جدّه قال: قال

____________________

(١). كفاية الطالب ٣١٥.

٧٤

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى من قبل أن يخلق الله تعالى آدم بأربعة آلاف عام، فلما خلق الله تعالى آدم سلك ذلك النور في صلبه، فلم يزل الله ينقله من صلب إلى صلب، حتى أقرّه في صلب عبد المطلب فقسم قسمين: قسماً في صلب عبد الله وقسماً في صلب أبي طالب، فعلي مني وأنا منه، لحمه لحمي، ودمه دمي، ومن أحبه فبحبي أحبه ».

ثم إنه روى حديث ( الشجرة ) ثم قال: « روى الحديث الأول الامام الصالحاني نور الدين أبو الرجاء محمود بن محمّد، الذي سافر ورحل وأدرك المشايخ وسمع وأسمع، وصنّف في كلّ فن، وروى عنه خلق كثير، وصحب بالعراق أبا موسى المديني الامام ومن في طبقته، باسناده إلى الامام الحافظ ابن مردويه، باسناده مسلسلاً مرفوعاً »(١) .

ومن هذه العبارة يظهر جانب من عظمة الصالحاني ومناقبه الشامخة.

(١٥)

رواية أبي الفتح ناصر المطرزي

لقد قال الحمويني: « أنبأني أبو طالب ابن أنجب الخازن عن ناصر بن أبي المكارم إجازة ».

كما قال أيضاً: « أنبأني الشيخ أبو طالب ابن أنجب بن عبيد الله، عن محب الدين محمد بن محمود بن الحسن بن النجار إجازة، عن برهان الدين أبي الفتح ناصر بن أبي المكارم المطرزي إجازة عن محمد بن علي بن الحسين بن أبيه عن جده ( صلوات الله عليهم ) قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما

____________________

(١). توضيح الدلائل - مخطوط.

٧٥

خلق الله تعالى آدم سلك ذلك النور في صلبه، فلم يزل الله تعالى ينقله من صلب إلى صلب حتى أقرّه في صلب عبد المطلب، ثم أخرجه من صلب عبد المطلب فقسمه قسمين: قسماً في صلب عبد الله وقسماً في صلب أبي طالب، فعلي مني وأنا منه، لحمه لحمي، ودمه دمي، فمن أحبه فبحبي أحبه، ومن أبغضه فببغضي أبغضه »(١) .

١٦

رواية صدر الأفاضل الخوارزمي

لقد رواه في شرح قول المعري:

[ له الجوهر الساري يوهم شخصه

يجوب إليه محتداً بعد محتد ]

قائلاً ما نصه: « هذا من قولهعليه‌السلام : كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عز وجل من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلمّا خلق الله آدم نقل ذلك النور إلى صلبه، فلم يزل ينقله من صلب إلى صلب حتى أقرّه في صلب عبد المطلب فقسمه قسمين: فصير قسمي في صلب عبد الله، وقسم علي في صلب أبي طالب فعلي مني وأنا منه »(٢) .

ترجمته:

وفضائل صدر الأفاضل لا تخفى على من راجع المعاجم الرجالية وكتب

____________________

(١). فرائد السمطين ١ / ٤٤.

(٢). أنظر: شروح سقط الزند ١ / ٣٥٣ - القصيدة الثامنة.

٧٦

الأدب، فقد ترجم له:

١ - ياقوت الحموي : « القاسم بن الحسين بن محمّد بن محمّد الخوارزمي، صدر الأفاضل حقاً وواحد الدهر في علم العربية صدقاً، ذو الخاطر الوقّاد والطبع النقّاد والقريحة الحاذقة والنحيرة الصادقة، برع في علم الأدب وفاق في نظم الشعر ونثر الخطب، فهو إنسان عين الزمان وغرة جبهة هذا الأوان، سألته عن مولده فقال: مولدي في الليلة التاسعة من شعبان سنة خمس وخمسين وخمسمائة

وقلت له ما مذهبك؟ فقال: حنفي، ولكن لست خوارزمياً لست خوارزمياً يكررها، إنما اشتغلت ببخارا فأرى رأي أهلها. نفى عن نفسه أن يكون معتزلياً »(١) .

٢ - عبد القادر القرشي : « تفقّه على أبي الفتح ناصر بن عبد السيد المطرزي وأخذ عنه العربية، وله تصانيف: شرح المفصل سماه التحبير ثلاث مجلدات، وشرح سقط الزند قتلته التتار سنة عشرة وستمائة »(٢) .

٣ - السيوطي ، وأورد كلمة ياقوت المتقدمة أيضاً(٣) .

٤ - الكفوي : « الشيخ الكامل الفاضل »(٤) .

٥ - علي بن سلطان القاري المكي كذلك(٥) .

(١٧)

رواية أبي القاسم عبد الكريم الرافعي القزويني

قال العلّامة الحمويني ما نصه: « وأخبرني الشيخ الصالح جمال الدين أحمد

____________________

(١). معجم الأدباء ١٦ / ٢٣٨.

(٢). الجواهر المضية في طبقات الحنفية ١ / ٤١٠.

(٣). بغية الوعاة ٣٧٦.

(٤). كتائب أعلام الأخيار - مخطوط.

(٥). الأثمار الجنية - مخطوط.

٧٧

ابن محمد بن محمد المعروف بمذكويه القزويني وغيره إجازة، بروايتهم عن الشيخ الامام إمام الدين أبي القاسم عبد الكريم بن محمّد بن عبد الكريم الرافعي القزويني إجازة، أنبأنا الشيخ العالم عبد القادر بن أبي صالح الجيلي قال: أنبأنا أبو البركات هبة الله بن موسى السقطي قال: أنبأ القاضي أبو المظفر هناد بن إبراهيم النسفي قال: أنبأنا الحسن محمد بن موسى بتكريت قال: أنبأنا محمّد بن فرحان، حدّثنا محمّد بن يزيد القاضي، حدّثنا قتيبة، حدّثنا الليث بن سعد، عن العلاء ابن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال:

لما خلق الله تعالى أبا البشر ونفخ فيه من روحه، إلتفت آدم يمنة العرش، فإذا في النور خمسة أشباح سجّداً وركّعاً، قال آدم: يا رب هل خلقت أحداً من طين قبلي؟ قال: لا يا آدم. قال: فمن هؤلاء الخمسة الذين أراهم في هيئتي وصورتي؟ قال: هؤلاء خمسة من ولدك لولاهم ما خلقتك، هؤلاء خمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي، لولاهم ما خلقت الجنة ولا النار ولا العرش ولا الكرسي ولا السماء ولا الأرض ولا الملائكة ولا الإِنس ولا الجن، فأنا المحمود وهذا محمد وأنا العالي وهذا علي، وأنا الفاطر وهذه فاطمة، وأنا الإِحسان وهذا الحسن، وأنا المحسن وهذا الحسين.

آليت بعزتي أنّه لا يأتيني أحد بمثقال حبّة من خردل من بغض أحدهم إلّا أدخلته ناري ولا اُبالي. يا آدم هؤلاء صفوتي بهم أنجيهم وبهم أهلكهم، فإذا كان لك إليَّ حاجة فبهؤلاء توسل.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نحن سفينة النجاة من تعلّق بها نجا ومن حاد عنها هلك، فمن كان له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت »(١) .

ترجمته:

والرافعي القزويني من أعلام محدّثي أهل السنة ومؤرخيهم، وكتابه ( التدوين ) من أشهر الكتب المعتمدة وقد ترجم للرافعي وأثنى عليه علماؤهم

____________________

(١). فرائد السمطين ١ / ٣٦.

٧٨

كالسبكي في ( طبقاته ٥ / ١١٩ ) وابن شاكر الكتبي في ( فوات الوفيات ٢ / ٣ ) وابن الوردي في ( تاريخه ٢ / ١٨٤ ).

(١٨)

إثبات الشيخ فريد الدين العطّار

لقد أثبت هذا الحديث بقوله:

« تو نور أحمد وحيدر يكى دان

كه تا گردد بتو أسرار آسان »(١)

ترجمته:

وتوجد ترجمته في ( نفحات الأنس ) وغيره من تراجم العرفاء. وقد نصّ ( الدهلوي ) في كتابه على أنه من الأكابر المقبولين عند أهل السنة.

(١٩)

رواية أبي الربيع ابن سبع الكلاعي

لقد قال الوصابي: « وعنه - أي عن علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه - قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلقت أنا وعلي من نور واحد، يسبح الله على متن العرش من قبل أن يخلق أبونا آدم بألفي عام، فلمّا خلق آدم صرنا في صلبه، ثم نقلنا من كرام الأصلاب إلى مطهّرات الأرحام، حتّى صرنا في صلب عبد المطلب، ثم قسّمنا نصفين، فصيّرني في صلب عبد الله، وصار علي في صلب أبي طالب، فاختارني للنبوّة، واختار علياً للشجاعة والعلم والفصاحة، وشق لنا أسماء من أسمائه، فالله محمود وأنا محمد، والله الأعلى وهذا علي.

____________________

(١). أسرار نامه.

٧٩

أخرجه إبن الاسبوع الأندلسي في كتابه الشفا »(١) .

ترجمته:

وابن سبع صاحب كتاب ( شفاء الصدور ) من أجلّة حفاظ أهل السنة، وأعاظم علمائهم، كما يظهر من ترجمته، وإليك بعض الكلمات الواردة في حقّه:

١ - الذهبي: « الكلاعي - الامام العالم الحافظ البارع، محدّث الأندلس وبليغها أبو الربيع عني أتم عناية بالتقييد والرواية، وكان إماماً في صناعة الحديث، بصيراً به حافظاً حافلاً عارفاً بالجرح والتعديل، ذاكراً للمواليد والوفيات، يتقدّم أهل زمانه في ذلك وفي حفظه اسماء الرجال، خصوصاً من تأخر زمانه وعاصره، كتب الكثير، وكان خطّه لا نظير له في الاتقان والضبط، مع الاستبحار في الأدب والاستهتار بالبلاغة، فرداً في إنشاء الرسائل، مجيداً في النظم خطيباً فصيحاً مفوهاً مدركاً، حسن السرد والمساق لما ينقله، مع الشارة الأنيقة والزيّ الحسن، وهو كان المتكلّم عن الملوك في زمانه في المجالس، المبيّن عنهم لما يرومونه في المحافل على المنابر، ولي خطابة بلنسة في أوقات، وله تصانيف مفيدة في فنون عديدة وإليه كانت الرحلة للأخذ عنه، إنتفعت به في الحديث كلّ الانتفاع وأخذت عنه كثيراً.

قلت: حدّث عنه أبو العباس أحمد بن العماد قاضي تونس، وطائفة، قال ابن مندي: لم ألق مثله جلالة ونبلاً ورياسة وفضلاً، وكان إماماً مبرّزاً في فنون من منقول ومعقول وموزون ومنثور، جامعاً للفضائل، برع في علوم القرآن والتجويد، أما الأدب فكان ابن بجدته، وهو ختام الحفاظ

قال الأبّار وهو آخر الحفاظ والبلغاء بالأندلس، استشهد بكابية تنسيه على ثلاث فراسخ من مرسية مقبلاً غير مدبر، في العشر من ذي الحجة سنة ٦٣٤.

قال الحافظ المنذري: توفي شهيداً بيد العدو، وكان مولده بظاهر مرسية في

____________________

(١). الاكتفاء في فضائل الأربعة الخلفاء - مخطوط، وقد ذكر في كشف الظنون ٢ / ١٠٥٠ « كتاب شفاء الصدور ».

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا كان العشر الأواخر اعتكف في المسجد ، وضُربت له قبّة من شعر ، وشمّر المئزر وطوى فراشه »(١) .

مسألة ١٦٩ : وقد أجمع أهل العلم كافة على أنّه ليس بفرض‌ في ابتداء الشرع ، وإنّما يجب بالنذر وشبهه.

روى العامة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( مَنْ أراد أن يعتكف فليعتكف العشر الأواخر )(٢) علّقه بالإِرادة ، ولو كان واجباً لما كان كذلك.

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا اعتكف يوماً ولم يك اشترط فله أن يخرج ويفسخ اعتكافه ، وإن أقام يومين ولم يك اشترط فليس له أن يخرج ويفسخ اعتكافه حتى تمضي ثلاثة أيام »(٣) .

وقد أجمع المسلمون على استحبابه ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يعتكف في كلّ سنة ويُداوم عليه.

وأفضل أوقاته العشر الأواخر من شهر رمضان.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( اعتكاف عشر في شهر رمضان يعدل حجّتين وعُمرتين )(٤) وداوَمَ على اعتكافها حتى قبضه الله تعالى.

فمَنْ رغب إلى المحافظة على هذه السنّة فينبغي أن يدخل المسجد قبل غروب الشمس يوم العشرين حتى لا يفوته شي‌ء من ليلة الحادي والعشرين ،

____________________

(١) الكافي ٤ : ١٧٥ / ١ ، الفقيه ٢ : ١٢٠ / ٥١٧ ، التهذيب ٤ : ٢٨٧ / ٨٦٩ ، الاستبصار ٢ : ١٣٠ - ١٣١ / ٤٢٦.

(٢) أوردها ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٣ ، وبتفاوت في صحيح مسلم ٢ : ٨٢٥ / ٢١٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ٣١٥.

(٣) الكافي ٤ : ١٧٧ / ٣ ، الفقيه ٢ : ١٢١ / ٥٢٦ ، التهذيب ٤ : ٢٨٩ - ٢٩٠ / ٨٧٩ ، الاستبصار ٢ : ١٢٩ / ٤٢١ ، وفي المصادر عن الإِمام الباقرعليه‌السلام .

(٤) الفقيه ٢ : ١٢٢ / ٥٣١.

٢٤١

ويخرج بعد غروب الشمس ليلة العيد ، وإن بات ليلة العيد فيه إلى أن يصلّي فيه العيد أو يخرج منه إلى المصلّى كان أولى.

المطلب الثاني : في شرائطه‌

مسألة ١٧٠ : إنّما يصح الاعتكاف من مكلّف مسلم‌ ؛ لأنّه عبادة وشرطه الصوم على ما يأتي(١) ، وإنّما يصحّ الصوم بالشرطين.

ويصحّ اعتكاف الصبي المميّز ، كما يصحّ صومه.

وهل هو مشروع أو تأديب؟ إشكال.

ولا يصحّ من المجنون المـُطبق ولا مَنْ يعتوره وقت جنونه ؛ لانتفاء التكليف عنه.

ولا ينعقد من الكافر الأصلي ؛ لفقدان الشرط ، وهو : النيّة المشروطة بالتقرّب.

مسألة ١٧١ : يشترط في الاعتكاف النية‌ ، فلو اعتكف من غير نية ، لم يعتدّ به ؛ لأنّه فعل يقع على وجوه مختلفة ، فلا يختص بأحدها إلّا بواسطة النية التي تخلص بعض الأفعال أو الوجوه والاعتبارات عن بعض.

ولأنّ الاعتكاف عبادة ، فلا يصحّ من دون النية ، لقوله تعالى :( وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٢) ولا معنى للإِخلاص إلّا النية.

ولأنّه عمل وقد قالعليه‌السلام : ( إنّما الأعمال بالنيّات )(٣) .

وتشترط نية الفعل ، والوجه من الوجوب أو الندب ، والتقرّب إلى الله تعالى ، لأنّ الفعل صالح للوجوب والندب والتقرّب واليمين أو منع النفس أو‌

____________________

(١) يأتي في المسألة ١٧٥.

(٢) البيّنة : ٥.

(٣) صحيح البخاري ١ : ٢ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ / ٢٢٠١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٤١٣ / ٤٢٢٧ ، سنن البيهقي ١ : ٢١٥ و ٧ : ٣٤١.

٢٤٢

الغضب ، فلا بدّ من التقرّب والوجه.

وإذا نوى الاعتكاف مدّةً لم تلزمه إجماعاً.

نعم يشترط استمرار النية حكماً ، فلو خرج لقضاء حاجة أو لغيره ، استأنف النية عند الرجوع إن بطل الاعتكاف بالخروج ، وإلّا فلا.

مسألة ١٧٢ : يشترط في الاعتكاف اللبث‌ عند علمائنا أجمع ، وهو قول أهل العلم ؛ لأنّ الاعتكاف في اللغة عبارة عن المقام ، يقال : عكف واعتكف ، أي : أقام.

وللشافعي وجهان : هذا أحدهما ، والثاني : أنّه لا يشترط اللبث ، بل يكفي مجرّد الحضور ، كما يكفي الحضور بعرفة في تحقيق ركن الحج.

ثم فرّع على الوجهين ، فقال : إن اكتفينا بالحضور حصل الاعتكاف بالعبور حتى لو دخل من باب وخرج من باب ونوى ، فقد اعتكف ، وإن اعتبرنا اللبث ، لم يكف ما يكفي في الطمأنينة في أركان الصلاة ، بل لا بدّ وأن يزيد عليه بما يسمّى إقامة وعكوفاً ، ولا يعتبر السكون ، بل يصح اعتكافه قائماً وقاعداً ومتردّداً في أرجاء المسجد(١) .

وهذا القول لا عبرة به عند المحصّلين.

مسألة ١٧٣ : لا يجوز الاعتكاف عند علمائنا أقلّ من ثلاثة أيام بليلتين متواليات‌ ، خلافاً للعامة كافة ؛ فإنّ الشافعي لم يقدّره بحدّ ، بل جوّز اعتكاف ساعة واحدة فأقلّ ، وهو رواية عن أحمد وأبي حنيفة(٢) .

ورواية اُخرى عن أبي حنيفة أنّه لا يجوز أقلّ من يوم واحد ، وهو رواية عن مالك(٣) .

____________________

(١) فتح العزيز ٦ : ٤٨٠.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٩١ ، الوجيز ١ : ١٠٦ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٠ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٤.

(٣) المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٢. =

٢٤٣

وعن مالك رواية اُخرى أنّه لا يكون أقلّ من عشرة أيام(١) .

لنا : ما رواه العامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( لا اعتكاف إلّا بصوم )(٢) والصوم لا يقع في أقلّ من يوم ، فبطل قول الشافعي ومَنْ وافقه.

وأمّا التقدير بالثلاثة : فلأنّ الاعتكاف في اللغة هو اللبث المتطاول وفي الشرع قيّد بالعبادة ، ولا يصدق ذلك بيوم واحد ؛ لأنّ التقدير بيوم لا مُماثل له في الشرع ، والتقدير بعشرة سيأتي إبطاله ، فتتعيّن الثلاثة ، كصوم كفّارة اليمين وكفّارة بدل الهدي وغير ذلك من النظائر.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا يكون الاعتكاف أقلّ من ثلاثة أيام ومن اعتكف صام »(٣) .

واحتجاج الشافعي : بأنّ الاعتكاف لبث ، وهو يصدق في القليل والكثير(٤) . وأبو حنيفة : بأنّ من شرطه الصوم ، وأقلّه يوم(٥) . ومالك : بأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يعتكف العشر الأواخر(٦) ، باطل : بأنّ الاعتكاف في اللغة هو اللبث الطويل ، والأصل بقاء الوضع ، وقد بيّنّا أنّه لا‌

____________________

= الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٩١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨١.

(١) بداية المجتهد ١ : ٣١٤ ، التفريع ١ : ٣١٢ - ٣١٣ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣١.

(٢) أوردها ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٥ ، وفي سنن الدارقطني ٢ : ١٩٩ - ٢٠٠ / ٤ وسنن البيهقي ٤ : ٣١٧ ( بصيام ) بدل ( بصوم ).

(٣) الكافي ٤ : ١٧٧ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٢١ / ٥٢٥ ، التهذيب ٤ : ٢٨٩ / ٨٧٦ ، الاستبصار ٢ : ١٢٨ - ١٢٩ / ٤١٨.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٨٩ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٠.

(٥) المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٢.

(٦) كما في المعتبر للمحقق الحلي : ٣٢٢ ، كما أنّ فيه أيضا التعرض لاحتجاج الشافعي وأبي حنيفة.

٢٤٤

يكون أقلّ من ثلاثة أيام عن أهل البيتعليهم‌السلام . وفعل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا يدلّ على تحديد الأقلّ.

مسألة ١٧٤ : ويشترط في الاعتكاف أن يكون في مكان خاص‌ ، وقد أجمع علماء الأمصار على اشتراط المسجد في الجملة ، لقوله تعالى :( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ ) (١) ولو صحّ الاعتكاف في غير المسجد ، لم يكن للتقييد فائدة ؛ لأنّ الجماع في الاعتكاف مطلقاً حرام.

ولأنّ الاعتكاف لبث هو قربة ، فاختصّ بمكان كالوقوف.

ثم اختلف العلماء بعد ذلك في أنّه هل يشترط مسجد معيّن أم لا؟ فالذي عليه أكثر علمائنا(٢) أنّه يشترط أن يكون في مسجد جمّع فيه نبي أو وصي نبي ، وهي أربعة مساجد : المسجد الحرام ومسجد النبيعليه‌السلام ، جمّع فيهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومسجد الكوفة ومسجد البصرة جمّع فيهما عليعليه‌السلام .

وقد روي في بعض الأخبار بدل « مسجد البصرة » : « مسجد المدائن » رواه الصدوق(٣) .

وقال ابن أبي عقيل منّا : إنّه يصح الاعتكاف في كلّ مسجد.

قال : وأفضل الاعتكاف في المسجد الحرام ومسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومسجد الكوفة ، وسائر الأمصار مساجد الجماعات(٤) . وبه قال الشافعي ومالك(٥) .

____________________

(١) البقرة : ١٨٧.

(٢) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٢٨٩ ، والقاضي ابن البراج في المهذب ١ : ٢٠٤ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٨٦ ، وسلّار في المراسم : ٩٩.

(٣) الفقيه ٢ : ١٢٠ / ٥٢٠.

(٤) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٣٢٣.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٧ ، المجموع ٦ : ٤٨٠ و ٤٨٣ ، فتح العزيز ٦ : ٥٠١ ، بداية =

٢٤٥

وللشافعي قول قديم - كقول الزهري - إنّه يصحّ في كلّ جامع وغير جامع(١) .

وقال المفيدرحمه‌الله : لا يكون الاعتكاف إلّا في المسجد الأعظم ، وقد روي : أنّه لا يكون إلّا في مسجد جمّع فيه نبي أو وصي ، والمساجد التي جمّع فيها نبي أو وصي هي أربعة مساجد(٢) . وعدَّ ما اخترناه.

وقال أبو حنيفة وأحمد : لا يجوز إلّا في مسجد يجمّع فيه(٣) .

وعن حذيفة : أنّه لا يصحّ الاعتكاف إلّا في أحد المساجد الثلاثة : المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد الرسولعليه‌السلام (٤) .

لنا : أنّ الاعتكاف عبادة شرعية ، فيقف على مورد النصّ ، والذي وقع عليه الاتّفاق ما قلناه.

ولأنّ عمر بن يزيد سأل الصادقعليه‌السلام : ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟ فقال : « لا اعتكاف إلّا في مسجد جماعة قد صلّى فيه إمام عدل صلاة جماعة ، ولا بأس أن يعتكف في مسجد الكوفة‌

____________________

= المجتهد ١ : ٣١٣ ، مقدمات ابن رشد : ١٩٠ ، المغني ٣ : ١٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٠.

(١) كذا ، ولكن المنسوب إلى الشافعي في القديم ، والزهري ، هو : اختصاص الاعتكاف بالمسجد الجامع. راجع المهذب للشيرازي ١ : ١٩٧ ، والمجموع ٦ : ٤٨٠ ، وفتح العزيز ٦ : ٥٠١ - ٥٠٢ ، وحلية العلماء ٣ : ٢١٧ ، والمغني ٣ : ١٢٨ ، والشرح الكبير ٣ : ١٣٠.

(٢) المقنعة : ٥٨.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ١١٣ ، الحجة على أهل المدينة ١ : ٤١٥ ، تحفة الفقهاء ١ : ٣٧٢ ، المغني ٣ : ١٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٧ ، المجموع ٦ : ٤٨٣.

(٤) حلية العلماء ٣ : ٢١٧ ، المجموع ٦ : ٤٨٣ ، المغني ٣ : ١٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٠.

٢٤٦

ومسجد المدينة ومسجد مكّة ومسجد البصرة »(١) .

ولأنّ الاعتكاف يتعلّق به أحكام شرعية من أفعال وتروك ، والأصل عدم تعلّقها بالمكلّف إلّا مع ثبوت المقتضي ولم يُوجد.

احتجّ المفيد : بقول أمير المؤمنينعليه‌السلام : « لا أرى الاعتكاف إلّا في المسجد الحرام أو مسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو في مسجد جامع »(٢) .

واحتجّ ابن أبي عقيل : بقوله تعالى( وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ ) (٣) .

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا اعتكاف إلّا بصوم وفي المصر(٤) الذي أنت فيه »(٥) .

واحتجّ أبو حنيفة : بقولهعليه‌السلام : ( كلّ مسجد له إمام ومؤذّن يعتكف فيه )(٦) .

ولأنّه قد يأتي عليه الجمعة ، فإن خرج ، أبطل اعتكافه ، وربما كان واجباً ، وإن لم يخرج ، أبطل جمعته ، فحينئذٍ يجب المسجد الذي يصلّي فيه جمعة.

والجواب : أنّ قول أمير المؤمنينعليه‌السلام : « أو في مسجد جامع » مطلق ، وما قلناه مقيّد ، فيحمل عليه ؛ جمعاً بين الأدلّة.

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٩٠ / ٨٨٢ و ٨٨٣ ، الاستبصار ٢ : ١٢٦ / ٤٠٩ و ٤١٠ ، الكافي ٤ : ١٧٦ ( باب المساجد التي يصلح الاعتكاف فيها ) الحديث ١ ، والفقيه ٢ : ١٢٠ / ٥١٩.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٩١ / ٨٨٥ ، الاستبصار ٢ : ١٢٧ / ٤١٢ ، وراجع المعتبر : ٣٢٣.

(٣) البقرة : ١٨٧.

(٤) في المصدر : وفي مسجد المصر.

(٥) أورده المحقق في المعتبر : ٣٢٣ نقلاً عن جامع البزنطي.

(٦) أورده المحقق في المعتبر : ٣٢٣. وفي سنن الدار قطني ٢ : ٢٠٠ / ٥ بتفاوت. وراجع : بدائع الصنائع ٢ : ١١٣.

٢٤٧

ولا دلالة في الآية ؛ لأنّ اللام قد تقع للعهد.

وقول الصادقعليه‌السلام ، محمول على المسجد الذي هو أحد الأربعة. ولا بدّ من التأويل ؛ لأنّه يقتضي تحريم الاعتكاف إلّا في مصره ، وهو خلاف الإِجماع.

وحجّة أبي حنيفة لنا.

تذنيب : ليس للمرأة الاعتكاف في مسجد بيتها‌ - وهو الذي عزلته وهيّأته للصلاة فيه - لأنّه ليس له حرمة المساجد ، وليس مسجداً حقيقةً ، ولهذا يجوز تبديله وتوسيعه وتضييقه ، فلم يكن مسجداً حقيقةً ، فأشبه سائر المواضع ، وهو الجديد للشافعي ، وبه قال مالك وأحمد(١) .

وقال في القديم : يجوز لها ذلك - وهذا التفريع على رأي مَنْ يعمَم الأماكن. وأبو حنيفة قال بالجواز(٢) أيضاً - لأنّه مكان صلاتها ، كما أنّ المسجد مكان صلاة الرجل(٣) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كُنّ يعتكفن في المسجد(٤) ، ولو جاز اعتكافهنّ في البيوت ، لأشبه أن يلازمنها.

____________________

(١) المجموع ٦ : ٤٨٠ و ٤٨٤ ، الوجيز ١ : ١٠٧ ، فتح العزيز ٦ : ٥٠٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٧ ، مقدمات ابن رشد : ١١٩ ، المغني ٣ : ١٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٢ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٩.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ١١٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٢ ، المجموع ٦ : ٤٨٤ ، فتح العزيز ٦ : ٥٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٨ ، المغني ٣ : ١٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٢ ، مقدمات ابن رشد : ١٩١.

(٣) فتح العزيز ٦ : ٥٠٣ ، المجموع ٦ : ٤٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٧.

(٤) صحيح البخاري ٣ : ٦٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٣١ / ١١٧٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٦٣ / ١٧٧١.

٢٤٨

وعلى الجواز ففي جواز الاعتكاف للرجل وجهان للشافعية ؛ لأنّ(١) تنفّل الرجل في البيت أفضل ، والاعتكاف ملحق بالنوافل(٢) .

وكلّ امرأة يكره لها حضور الجماعات يكره لها الاعتكاف في المساجد.

مسألة ١٧٥ : يشترط في الاعتكاف الصوم عند علمائنا أجمع‌ - وبه قال ابن عمر ، وابن عباس وعائشة والزهري وأبو حنيفة ومالك والليث والأوزاعي والحسن بن صالح بن حي وأحمد في إحدى الروايتين(٣) - لما رواه العامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( لا اعتكاف إلّا بصوم )(٤) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « لا اعتكاف إلّا بصوم »(٥) .

ولأنّه لبث في مكان مخصوص ، فلم يكن بمجرّده قربةً ، كالوقوف بعرفة.

وقال الشافعي : لا يشترط الصوم ، بل يجوز من غير صوم - وبه قال ابن مسعود وسعيد بن المسيّب وعمر بن عبد العزيز والحسن وعطاء وطاوس وإسحاق وأحمد في الرواية الاُخرى - لأنّ عمر سأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنّي نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلةً في المسجد الحرام ، فقال النبي صلّى الله‌

____________________

(١) هذا وجه الجواز.

(٢) فتح العزيز ٦ : ٥٠٣ ، المجموع ٦ : ٤٨٠.

(٣) المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٥ ، المجموع ٦ : ٤٨٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٨ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٠٩ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٥ ، مقدّمات ابن رشد : ١٩١ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣١.

(٤) أوردها ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٥ ، وفي سنن الدار قطني ٢ : ١٩٩ - ٢٠٠ / ٤ ، وسنن البيهقي ٤ : ٣١٧ : ( بصيام ) بدل ( بصوم ).

(٥) الكافي ٤ : ١٧٦ ( باب أنه لا يكون الاعتكاف إلا بصوم ) الأحاديث ١ - ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٨٨ / ٨٧٣.

٢٤٩

عليه وآله : ( أوْف بنذرك )(١) ولو كان الصوم شرطاً لم يصح اعتكاف الليل.

ولقول ابن عباس : ( ليس على معتكف صوم )(٢) .

ولأنّه عبادة تصح في الليل ، فلا يشترط لها الصيام ، كالصلاة(٣) .

والجواب : الليلة قد تطلق مع إرادة النهار معها ، كما يقال : أقَمْنا ليلتين أو ثلاثاً ، والمراد : الليل والنهار

ونمنع صحة الاعتكاف ليلاً خاصة. والفرق بينه وبين الصلاة ظاهر ؛ لأنّه بمجرّده لا يكون عبادةً ، فاشترط فيه الصوم.

وقول ابن عباس لا يكون حجّةً.

مسألة ١٧٦ : لا يشترط صوم معيّن ، بل أيّ صوم اتّفق صحّ الاعتكاف معه ، سواء كان الصوم واجباً أو ندباً ، وسواء كان الاعتكاف واجباً أو ندباً ، فلو نذر اعتكاف ثلاثة أيام مثلاً ، وجب الصوم بالنذر ؛ لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به يكون واجباً.

فلو اعتكف في شهر رمضان ، صحّ اعتكافه ، وكان الصوم واقعاً عن رمضان ، وأجزأ عن صوم اعتكافه الواجب.

وكذا لو نذر صوم شهر ونذر اعتكاف شهر ، وأطلق النذرين ، أو جعل زمانهما واحداً ، صحّ أن يعتكف في شهر صومه المنذور ، وتقع نية الصوم عن النذر المعيّن أو غير المعيّن.

وكذا لو نذر اعتكافاً وأطلق ، فاعتكف في أيّام أراد صومها مستحبّاً ،

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٦٣ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٩٨ - ١٩٩ / ١ و ٢ ، سنن البيهقي ٤ : ٣١٨.

(٢) المستدرك للحاكم ١ : ٤٣٩ بتفاوت يسير عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٨٥ و ٤٨٧ - ٤٨٨ ، الوجيز ١ : ١٠٦ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٤ - ٤٨٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٨ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٥ - ١٢٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٠٩ ، مقدمات ابن رشد : ١٩١ - ١٩٢.

٢٥٠

جاز.

والقائلون بعدم اشتراط الصوم من العامة حكموا باستحبابه ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يعتكف وهو صائم(١) . ولا خلاف فيه ، وجوّزوا اعتكاف بعض يوم أو بعض ليلة(٢) .

ومن اشترطه منهم لم يسوّغوا اعتكاف بعض يوم ولا اعتكاف ليلة منفردة ولا بعضها ؛ لأنّ الصوم المشترط لا يصح في أقلّ من يوم(٣) .

ويحتمل عندهم صحة اعتكاف بعض يوم إذا صام اليوم بأسره ؛ لأنّ الصوم المشروط وُجد في زمن الاعتكاف ، ولا يعتبر وجود المشروط في زمن كلّ زمان الشرط(٤) .

وعلى مذهبنا من اشتراط الصوم لا يصح اعتكاف زمان لا يصح فيه الصوم ، كيومي العيدين وأيام التشريق والمرض المضر والسفر الذي يجب فيه القصر ، خلافاً للشافعي ؛ فإنّه جوّز الاعتكاف في يومي العيدين وأيام التشريق(٥) .

مسألة ١٧٧ : يشترط في صحة اعتكاف الزوجة المندوب : إذن زوجها‌ ، وكذا السيد في حق عبده ؛ لأنّ منافع الاستمتاع والخدمة مملوكة للزوج والسيد ، فلا يجوز صرفهما إلى غيرهما إلّا بإذنهما ، وكذا المدبَّر واُمّ الولد ومن انعتق بعضه إلّا مع المهايأة وإيقاع الاعتكاف في أيام نفسه.

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٨٥ و ٤٨٧ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٦.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٨٩ - ٤٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٠ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٠.

(٣) المغني ٣ : ١٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٦ ، المجموع ٦ : ٤٩١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٤.

(٤) المغني ٣ : ١٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٦.

(٥) الاُم ٢ : ١٠٧ ، المجموع ٦ : ٤٨٥ و ٤٨٩ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٤ ، مختصر المزني : ٦٠.

٢٥١

أمّا المكاتب فإنّه كالعبد إذا كان مشروطاً ، لأنّه لم يخرج عن الرقّ بالكتابة ، فتوابع الرقّ لا حقة به.

وقال الشافعي : يجوز ؛ لأنّ منافعه لا حقّ للمولى فيها(١) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الرقّ لم يزل عنه ، وإطلاق الإِذن منصرف إلى الاكتساب دون غيره.

مسألة ١٧٨ : لو أذن لعبده في الاعتكاف أو لزوجته ، جاز له الرجوع‌ ومنعهما ما لم يجب - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّه فعل مندوب يجوز الرجوع فيه ؛ لأنّ التقدير أنّه لم يجب ؛ لأنّ الشروع غير ملزم عندنا على ما يأتي(٣) ، كما لو اعتكف بنفسه ثم بدا له في الرجوع.

ولأنّ مَنْ مَنَع غيره من الاعتكاف إذا أذن فيه وكان تطوّعاً ، كان له إخراجه منه ، كالسيد مع عبده.

وقال أبو حنيفة : له منع العبد وليس له منع الزوجة - وقال مالك : ليس له منعهما(٤) - لأنّ المرأة تملك بالتمليك ، فإذا أذن لها ، أسقط حقّه عن منافعها ، وأذن لها في استيفائها ، فصار كما لو ملّكها عيناً ، بخلاف العبد الذي لا يملك البتة ، وإنّما يتلف منافعه على ملك السيد ، فإذا أذن له في إتلافها ، صار كالمـُعير(٥) .

____________________

(١) المجموع ٦ : ٤٧٨ ، فتح العزيز ٦ : ٤٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٧.

(٢) المجموع ٦ : ٤٧٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٦ ، المغني ٣ : ١٥١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٧.

(٣) يأتي في المسألة ٢٠٥.

(٤) المدونة الكبرى ١ : ٢٣٠ ، المغني ٣ : ١٥١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٧ ، المجموع ٦ : ٤٧٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٦.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ١٠٩ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٢٥ ، المغني ٣ : ١٥١ - ١٥٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٧ ، المجموع ٦ : ٤٧٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٦.

٢٥٢

قال مالك : إنّ السيّد قد عقد على نفسه تمليك منافع كان يملكها لحقّ الله تعالى ، فلم يكن له الرجوع فيه ، كصلاة الجمعة(١) .

والجواب : أنّ منافع المرأة لزوجها ، ولهذا يجب عليها بذلها ، فإذا أذن لها في إتلافها ، جرى مجرى المـُعير.

والجمعة تجب بالدخول فيها ، بخلاف الاعتكاف.

مسألة ١٧٩ : لا ينعقد نذر المرأة للاعتكاف إلّا بإذن زوجها‌ ، وكذا العبد إلّا بإذن مولاه ، فإذا أذنا فإن كان النذر لأيّام معيّنة ، لم يجز للمولى ولا للزوج المنع ولا الرجوع ، وإن كان لأيّام غير معيّنة ، جاز المنع ما لم يجب بأن يمضي يومان ؛ لأنّه ليس على الفور.

ولو دخلا في المندوب بإذنه ، جاز الرجوع أيضاً.

وقال الشيخرحمه‌الله : يجب عليه الصبر ثلاثة أيّام هي أقلّ الاعتكاف(٢) .

وليس بجيّد ؛ لأنّا لا نوجب المندوب بالشروع.

ولو نذرا نذراً غير معيّن بإذن الزوج والمولى ، لم يجز لهما الدخول فيه إلّا بإذنهما ؛ لأنّ منافعهما حقّ مضيّق يفوت بالتأخير ، بخلاف الاعتكاف.

وإذا أذن لعبده في الاعتكاف فاعتكف ثم أعتق ، وجب عليه إتمام الواجب ، واستحبّ إتمام المندوب.

ولو دخل في الاعتكاف بغير نذر(٣) فاُعتق في الحال ، قال الشيخ رحمه‌

____________________

(١) راجع : المغني ٣ : ١٥٢ ، والشرح الكبير ٣ : ١٢٧.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٩٠ ، وحكاه عنه أيضاً المحقق في المعتبر : ٣٢٢.

(٣) كذا في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق وفي الطبعة الحجرية ، إلّا أنّ سياق العبارة يدلّ على أنّ المراد : الإِذن لا النذر. ويؤكّد ذلك ما أثبتته المصادر المذكورة في الهامش التالي ، فراجع.

٢٥٣

الله : يلزمه(١) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الدخول منهي عنه ، فلا ينعقد به الاعتكاف ، فلا يجب إتمامه.

تذنيب : لا يجوز للأجير أن يعتكف زمان إجارته إلّا بإذن المستأجر‌ ؛ لأنّ منافعه مملوكة له. وكذا ينبغي في الضيف ؛ لافتقار صومه تطوّعاً إلى الإِذن.

المطلب الثالث : في تروك الاعتكاف‌

مسألة ١٨٠ : يحرم على المعتكف الجماع بالنصّ والإِجماع‌.

قال الله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها ) (٢) .

وأجمع العلماء كافّة على تحريم الوطء للمعتكف ، فإن اعتكف وجامع فيه متعمّداً ، فسد اعتكافه إجماعاً ؛ لأنّ الوطء إذا حرم في العبادة أفسدها ، كالحجّ والصوم.

وإن كان ناسياً ، لم يبطل - وبه قال الشافعي(٣) - لقولهعليه‌السلام : ( رُفع عن اُمّتي الخطأ والنسيان )(٤) .

ولأنّها مباشرة لا تُفسد الصوم فلا تُفسد الاعتكاف ، كالمباشرة فيما دون‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٩٠ ، وراجع : أيضاً المعتبر للمحقّق الحلّي : ٣٢٢ ، والمختلف - للمصنّف - : ٢٥٢.

(٢) البقرة : ١٨٧.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ٢٠١ ، المجموع ٦ : ٥٢٤ و ٥٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٥ ، المغني ٣ : ١٣٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٥.

(٤) الفتح الكبير ٢ : ١٣٥ ، كنز العُمّال ٤ : ٢٣٣ / ١٠٣٠٧ نقلاً عن الطبراني في المعجم الكبير.

٢٥٤

الفرج.

وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد : يبطل الاعتكاف ، لأنّ ما حرم في الاعتكاف استوى عمده وسهوه ، كالخروج من المسجد(١) .

ونمنع الأصل. والفرق : أنّ الخروج ترك المأمور به ، وهو مخالف لفعل المحظور فيه ؛ فإنّ مَنْ ترك النية في الصوم لا يصح صومه وإن كان ناسياً ، بخلاف ما لو جامع سهواً.

ولا فرق في التحريم بين الوطء في القُبُل والدُّبُر ، ولا بين الإِنزال وعدمه ، وكما يحرم الوطء نهاراً يحرم ليلاً ؛ لأنّ المقتضي للتحريم الاعتكاف فيهما ، ولا نعلم فيه خلافاً.

ويجوز أن يلامس بغير شهوة بالإِجماع ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يلامس بعض نسائه في الاعتكاف(٢) .

مسألة ١٨١ : القُبْلة حرام يبطل بها الاعتكاف‌ ، وكذا اللمس بشهوة والجماع في غير الفرجين ؛ لقوله تعالى( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ ) (٣) وهو عام في كلّ مباشرة ، وبه قال مالك(٤) .

وقال أبو حنيفة : إن أنزل ، أفسد اعتكافه ، وإن لم ينزل ، لم يفسد‌

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٢٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٣ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٢٢٦ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٦ ، المغني ٣ : ١٣٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٥ ، المجموع ٦ : ٥٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٥.

(٢) كما في المعتبر للمحقّق الحلّي : ٣٢٥ ، وراجع : صحيح البخاري ٣ : ٦٢ ، سنن أبي داود ٢ : ٣٣٢ - ٣٣٣ / ٢٤٦٧ - ٢٤٦٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٦٥ / ١٧٧٨ ، سنن الترمذي ٣ : ١٦٧ / ٨٠٤.

(٣) البقرة : ١٨٧.

(٤) بداية المجتهد ١ : ٣١٦ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٦ ، المجموع ٦ : ٥٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المغني ٣ : ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧.

٢٥٥

- وللشافعي كالقولين(١) - لأنّه لا يفسد الصوم فلا يفسد الاعتكاف ، كما لو كان بغير شهوة(٢) .

والفرق : أنّ هذه المباشرة لم تحرم في الصوم لعينها ، بل إذا خاف الإِنزال ، وأمّا في الاعتكاف فإنّها محرّمة لعينها - كما ذهب إليه أبو حنيفة في وطء الساهي(٣) - فلا يفسد الصوم ويفسد الاعتكاف.

فروع :

أ - لا فرق في تحريم الجماع بين أن يجامع في المسجد أو خارجه ؛ لعموم الآية(٤) .

والتقييد بالفيئية(٥) في المساجد راجع إلى الاعتكاف لا المباشرة.

ب - لا فرق بين جماع وجماع.

وروى المزني عن الشافعي أنّه لا يفسد الاعتكاف من الوطء إلّا ما يوجب الحدّ(٦) .

قال الجويني : قضية هذا أنّه لا يفسد بإتيان البهيمة إذا لم يوجب به الحدّ(٧) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ٢٠١ ، المجموع ٦ : ٥٢٥ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٦ ، المغني ٣ : ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧.

(٢ و ٣ ) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٢٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٣ ، المغني ٣ : ١٤١ - ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧ ، المجموع ٦ : ٥٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٦.

(٤) البقرة : ١٨٧.

(٥) ورد في هامش نسخة « ن » هكذا : أي تقييده تعالى في الآية بقوله :( فِي الْمَساجِدِ ) فالياء في « بالفيئية » ياء النسبة كالياء في « زيدي ».

(٦) مختصر المزني : ٦١ ، المجموع ٦ : ٥٢٤ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢.

(٧) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المجموع ٦ : ٥٢٤ - ٥٢٥.

٢٥٦

ج - قد بيّنّا(١) أنّ القُبْلة بشهوة واللمس كذلك متعمّداً مُفْسدان للاعتكاف‌ - خلافاً(٢) لأحد قولي الشافعي(٣) - لأنّها مباشرة محرّمة في الاعتكاف ، فأشبهت الجماع.

والثاني(٤) : لأنّها مباشرة لا تبطل الحج فلا تبطل الاعتكاف ، كالقبلة بغير شهوة(٥) .

وما موضع القولين؟ للشافعية ثلاث طرق :

أحدها : أنّ القولين فيما إذا أنزل ، فأمّا إذا لم ينزل لم يبطل الاعتكاف بلا خلاف ، كالصوم.

وثانيها : أنّ القولين فيما إذا لم ينزل ، أمّا إذا أنزل بطل اعتكافه بلا خلاف ؛ لخروجه عن أهلية الاعتكاف بالجنابة.

وثالثها - وهو الأظهر عندهم - : طرد القولين في الحالين.

والفرق على أحد القولين فيما إذا لم ينزل بين الاعتكاف والصوم : أنّ هذه الاستمتاعات في الاعتكاف محرّمة لعينها ، وفي الصوم ليست محرّمةً لعينها ، بل لخوف الإِنزال ، ولهذا يترخّص فيها إذا أمن أن لا تُحرّك القُبْلة شهوَته.

فحصل من هذا للشافعي ثلاثة أقوال :

أحدها : أنّها لا تفسد الاعتكاف ، أنزل أو لم ينزل.

____________________

(١) في « ط ، ف » : ثبت. بدل بيّنّا.

(٢) كذا في النسخ المعتمدة في التحقيق وفي الطبعة الحجرية. والصحيح : وفاقاً ؛ لتستقيم العبارة.

(٣) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المجموع ٦ : ٥٢٥.

(٤) أي : القول الثاني للشافعي ، وهو : عدم الإِفساد.

(٥) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المجموع ٦ : ٥٢٥.

٢٥٧

والثاني : تفسده ، أنزل أو لم ينزل ، وبه قال مالك(١) .

والثالث - وبه قال أبو حنيفة(٢) - أنّ ما أنزل منها أفسد الاعتكاف ، وما لا فلا(٣) .

د - الاستمناء باليد حرام مُبْطل للاعتكاف إذا وقع نهاراً قطعاً ؛ لإِفساده الصوم.

وبالجملة استدعاء المني مطلقاً نهاراً وليلاً حرام.

وعند أكثر(٤) الشافعية أنّ الاستمناء باليد مرتّب على ما إذا لمس فأنزل ، إن قلنا : إنّه لا يبطل الاعتكاف فهذا أولى ، وإن قلنا : إنّه يبطله فوجهان.

والفرق : كمال الاستمتاع والالتذاذ ثَمَّ باصطكاك السوأتين(٥) .

ه- يجوز للمعتكف أن يُقبِّل على سبيل الشفقة والإِكرام ، ولا بأس أن يلمس بغير شهوة.

مسألة ١٨٢ : يحرم على المعتكف البيع والشراء‌ - وبه قال مالك وأحمد(٦) - لما رواه العامة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى عن البيع والشراء في المسجد(٧) .

ومن طريق الخاصة : قول الباقرعليه‌السلام : « المعتكف لا يشمّ‌

____________________

(١) بداية المجتهد ١ : ٣١٦ ، المغني ٣ : ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٦.

(٢) الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٢٣ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٦ ، المغني ٣ : ١٤١ - ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٦.

(٣) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المجموع ٦ : ٥٢٥ - ٥٢٦.

(٤) وفي المصادر : عند البغوي والرافعي.

(٥) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ - ٤٨٣ ، المجموع ٦ : ٥٢٦.

(٦) التفريع ١ : ٣١٤ ، المغني ٣ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٩.

(٧) سنن الترمذي ٢ : ١٣٩ / ٣٢٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٧ / ٧٤٩ ، سنن النسائي ٢ : ٤٧ - ٤٨.

٢٥٨

الطيب ، ولا يتلذّذ بالريحان ، ولا يماري ، ولا يشتري ، ولا يبيع »(١) .

ولأنّ الاعتكاف لبث للعبادة ، فينافي ما غايرها.

وللشافعي قولان : أحدهما : الجواز - وبه قال أبو حنيفة(٢) - للأصل ، والثاني: الكراهة(٣) .

والأصل يُعْدَلً عنه ، للدليل ، وقد بيّنّاه.

إذا عرفت هذا ، فلو باع أو اشترى فَعَل مُحرَّماً ، ولم يبطل البيع ؛ للأصل.

وقال الشيخ : يبطل ؛ للنهي(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّه في المعاملات لا يدلّ على الفساد.

وينبغي المنع من كلّ ما يساوي البيع ممّا يقتضي الاشتغال ، كالإِجارة وشبهها.

قال السيد المرتضىرحمه‌الله : تحرم التجارة والبيع والشراء(٥) . والتجارة أعمّ.

ولا بأس بشراء ما يحتاج إليه ، كشراء غذائه ومائه وقميصه الذي يستتر به ويبيع شيئاً يشتري به قوته ؛ للضرورة.

وكذا الأقرب : تحريم الصنائع المـُشْغلة عن العبادة ، كالحياكة والخياطة وأشباهها ، إلّا ما لا بدّ له منه ؛ لأنّه يجري مجرى الاشتغال بلبس‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ١٧٧ - ١٧٨ / ٤ ، التهذيب ٤ : ٢٨٨ / ٨٧٢ ، الاستبصار ٢ : ١٢٩ / ٤٢٠ ، والفقيه ٢ : ١٢١ / ٥٢٧.

(٢) الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٣ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٦ ، المجموع ٦ : ٥٣٥.

(٣) المجموع ٦ : ٥٢٩ و ٥٣٠ و ٥٣٥ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٣ ، المغني ٣ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٩.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٩٥.

(٥) الانتصار : ٧٤.

٢٥٩

قميصه وعمامته.

نعم يجوز له النظر في أمر معاشه وصنعته ، ويتحدّث ما شاء من المباح ، ويأكل الطيّبات.

مسألة ١٨٣ : يحرم على المعتكف المماراة‌ ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « ولا يماري »(١) .

وكذا يحرم عليه الكلام الفحش. ولا بأس بالحديث حالة الاعتكاف بإجماع العلماء ، لما في منعه من الضرر.

ويحرم الصمت ؛ لما تقدّم(٢) من أنّ صوم الصمت حرام في شرعنا.

وقد روى العامّة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال : « حفظت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : لا صُمات يومٍ إلى الليل »(٣) .

ونهى [ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ](٤) عن صوم الصمت(٥) .

فإن نذر الصمت في اعتكافه ، لم ينعقد بالإِجماع.

قال ابن عباس : بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يخطب إذا هو برجل قائم ، فسأل عنه ، فقالوا : أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظلّ ولا يتكلّم ويصوم ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( مره فليتكلّم وليستظلّ ويقعد وليتمّ صومه )(٦) .

ولأنّه نذر في معصية فلا ينعقد. وانضمامه إلى الاعتكاف لا يخرج به عن كونه بدعةً.

____________________

(١) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في الهامش (١) من الصفحة السابقة.

(٢) تقدّم في المسألة ١٤٧.

(٣) سنن أبي داود ٣ : ١١٥ / ٢٨٧٣.

(٤) زيادة من المصدر.

(٥) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ١٤٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٦٠.

(٦) صحيح البخاري ٨ : ١٧٨.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333