نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار11%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 507

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 507 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 301157 / تحميل: 8150
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

( والثاني ) في الأحاديث التي تعرض لها الدهلوي، وهي اثنا عشر حديثاً، ذكرنا نصوصها على الترتيب سابقاً.

وقد كمل البحث عن الأحاديث التالية منها:

١ - حديث الغدير.

٢ - حديث المنزلة.

٣ - حديث الولاية.

٤ - حديث الطير.

٥ - حديث الباب.

٦ - حديث التشبيه.

٧ - حديث المناصبة.

٨ - حديث النور.

٩ - حديث الثقلين - ومعه حديث السفينة.

١٠ - حديث خيبر. المجلد الاول منه(١) .

وقد وقع البحث عن كل واحد هذه الأحاديث في جهتين:

( الاولى ): في سند الحديث، فأثبت تواتره من كتب العامة، بأسلوب لطيف، إذ يورد الحديث ثم يذكر رواته من الصحابة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن رواه عنهم من التابعين، ثم من رواه عن التابعين من تابعيهم ثم من أخرجه في كتابه كل ذلك حسب سني وفياتهم، مع ترجمة كل واحد منهم مثبتاً وثاقته وجلالته لدى تلك الطائفة.

( الثانية ): في دلالة الحديث: فأثبت دلالته على امامة أمير المؤمنينعليه‌السلام بالادلة العقلية والنقلية من مختلف كتب العامة المعتبرة وإذا ثبتت إمامته بلا فصل ثبتت لولده الأحد عشرعليهم‌السلام كما هو واضح.

____________________

(١). ذكر ذلك لنا الحجة المرحوم السيد محمد سعيد حفيد المؤلف.

١٢١

٦ - مؤلفو هذه المجلدات وما طبع منها

ثم انه قد اشترك في انجاز البحث في تلك المجلدات السيد حامد حسين وولده وحفيده، فأنجز السيد المؤلف - السيد حامد حسين - من هذه المهمة البحث عن:

١ - حديث الغدير، سنداً ودلالة.

٢ - حديث المنزلة، سنداً ودلالة.

٣ - حديث الولاية، سنداً ودلالة.

٤ - حديث التشبيه، سنداً ودلالة.

٥ - حديث النور، سنداً ودلالة.

وهذه المجلدات كلها مطبوعة.

ولما لم يمهله الأجل لإكمال سائر الأحاديث، أخذ ولده - السيد ناصر حسين - يكمل هذا المنهج متبعا أسلوب والده المرحوم وخطته المرسومة فكتب:

١ - حديث الطير، سنداً ودلالة.

٢ - حديث الباب، سنداً ودلالة.

٣ - حديث الثقلين - ومعه حديث السفينة، سنداً ودلالة.

وقد طبعت هذه أيضاً، وأعيد طبع المجلد الاول من مجلدتي حديث الغدير للمرة الثانية في ايران، وكذا حديث الثقلين في ستة أجزاء مع فهارس باهتمام العلامة الروضاتي وزملائه في أصفهان.

وجاء حفيده - السيد محمد سعيد - فأكمل:

١ - حديث المناصبة، سنداً ودلالة.

٢ - حديث خيبر، سنداً فقط.

ولم يطبع منهما شيء، فالمجلدات المطبوعة من هذه الموسعة هي (١٦) مجلداً حول (٨). أحاديث باعتبار أن كل حديث في مجلدين أحدهما للسند والآخر للدلالة، ولم يكتب من الأحاديث الاثني عشر:

١٢٢

١ - حديث الحق.

٢ - حديث خيبر، القسم الثاني منه(١) .

والجدير بالذكر: ان السيد ناصر حسين وولده قد جعلا ما ألفاه وأكملاه من ( العبقات ) باسم السيد حامد حسين تجليلا له وتقديراً لجهوده، ولأنه رحمة الله تعالى عليه قد رسم الخطوط لجميع هذه الأحاديث الاثني عشر، وفهرس رءوس اقلامها وأمهات مطالبها، وأشر على المصادر الموجودة لديه في أوائلها تسهيلا لإخراج ما يريد منها

٧ - استفادة المؤلفين من الكتاب

وقد أصبح هذا الكتاب من أهم الموسوعات العلمية، وأمهات مصادر الامامة والكلام والعلوم الإسلامية، منذ صدوره حتى يومنا هذا، إذ اعتمد عليه كبار العلماء الاعلام ومشاهير المؤلفين والكتاب، من معاصري المؤلف فمن بعدهم بين ناقل عنه ومحيل اليه، في شتى بحوثهم ومختلف مؤلفاتهم، ومنهم:

١ - العلامة المحدث الكبير الحاج ميرزا حسين النوري في ( مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل ) وبعض مؤلفاته الأخرى.

٢ - آية الله المولى أحمد الكوزكنانى في ( هداية الموحدين ).

٣ - آية الله الشيخ محمد جواد البلاغى في ( آلاء الرحمن ).

٤ - آية الله الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في ( أصل الشيعة وأصولها ).

٥ - العلامة المحقق الميرزا أبو الفضل الطهراني في ( شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور ).

٦ - العلامة المحدث الشيخ عباس القمي في بعض تآليفه.

____________________

(١). أخذنا هذا من العلامة الحجة السيد محمد سعيد، وذكر ان ما كتبه هو باللغة العربية.

١٢٣

٧ - العلامة الشيخ نجم الدين العسكري في جملة من مؤلفاته.

٨ - العلامة الشيخ قوام الدين الوشنوي في ( حديث الثقلين ).

٩ - العلماء الأفاضل المؤلفون لكتاب ( جامع أحاديث الشيعة ) تحت اشراف زعيم الطائفة في عصره السيد حسين الطباطبائي البروجرديرحمه‌الله .

١٠ - العلامة السيد سبط الحسن الهندي اللكهنويرحمه‌الله في كتاب ( حديث الغدير ) بلغة أردو.

١١ - العلامة السيد مرتضى حسين الفتحپوري في كتاب ( تفسير التكميل ) في آية:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) النازلة في واقعة غدير خم.

١٢ - العلامة السيد صديق حسن خان القنوجي، من مشاهير المؤلفين من أهل السنة، المعاصرين لصاحب العبقات في الهند، في كتابه ( أبجد العلوم ).

١٣ - العلامة الحجة المجاهد الشيخ عبد الحسين الاميني في أثره الخالد ( الغدير ) فقد قالرحمه‌الله : « السيد مير حامد حسين ابن السيد محمد قلي الموسوي الهندي اللكهنوي المتوفى سنة ١٣٠٦ عن ٦٠ سنة. ذكر حديث الغدير وطرقه وتواتره ومفاده في مجلدين ضخمين، في ألف وثمان صحائف وهما من مجلدات كتابه الكبير العبقات.

وهذا السيد الطاهر العظيم - كوالده المقدس - سيف من سيوف الله المشهورة على أعدائه، وراية ظفر الحق والدين، وآية كبرى من آيات الله سبحانه، قد أتم به الحجة وأوضح المحجة.

وأما كتابه العبقات فقد فاح أريجه بين لابتي العالم، وطبق حديثه المشرق والمغرب، وقد عرف من وقف عليه انه ذلك الكتاب المعجز المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

وقد استفدنا كثيراً من علومه المودعة في هذا السفر القيم، فله ولوالده

١٢٤

٨ - ترجمته الى اللغات

لم ينتشر الى الآن - حسبما نعلم - كتاب بعنوان ترجمة كتاب عبقات الأنوار بلغة من اللغات، وان كنا وجدنا بعض المؤلفات باللغة العربية كل مطالبه أو جلّها من كتاب العبقات لكن لا ريب في تصدي بعض العلماء والفضلاء لتعريب الكتاب او ترجمته الى اللغة الاردوية ملخصاً أو غير ملخص في خلال هذه المدة المديدة ومن ذلك:

١ - فيض القدير في حديث الغدير. للعلامة المحدث الشيخ عباس القميرحمه‌الله فانه ملخص من مجلد حديث الغدير من عبقات الأنوار وهو موجود لدى نجل المؤلف حفظه الله، وقد نشرته مؤسسة ( در راه حق ) في قم المقدّسة.

٢ - الثمرات للسيد محسن نواب بن السيد أحمد النواب اللكهنوي فانه تعريب وتلخيص لمجلدات من كتاب العبقات. ذكره صاحب الذريعة.

٣ - حديث مدينة العلم. لحفيد المؤلف السيد محمد سعيد - وسنترجم له - لخص فيه مجلد حديث مدينة العلم. وهذا مطبوع بالنجف الأشرف.

٩ - فشل القوم في الرّد عليه

قد أشرنا سابقاً الى أن نشاط الامام السيد دلدار على النقوي هو السبب في تأليف « التحفة الاثني عشرية »، وأن ذلك كان بداية فصل جديد للصراع العقائدي بين الطائفتين على صعيد المؤلفات في الردود والمناقشات فأول من رد على « التحفة » هو السيد دلدار علي نفسه، حيث رد عليها بكتاب « الصوارم الإلهيات في قطع شبهات عابدي العزى واللات » وكتاب « صارم الإسلام ». فرد عليه رشيد الدين الدهلوي تلميذ صاحب التحفة بكتاب « الشوكة العمرية ». فرد عليه حكيم باقر علي خان بكتاب « الحملة الحيدرية ».

١٢٥

الطاهر منا الشكر المتواصل، ومن الله تعالى لهما أجزل الأجور »(١) .

ورد الميرزا محمد الكامل على « التحفة » بكتاب « النزهة الاثنا عشرية » فرد عليه أحد العامة بكتاب أسماه « رجوم الشياطين »، فرد عليه السيد جعفر الموسوي بكتاب « معين الصادقين في رد رجوم الشياطين ».

ورد السيد محمد قلي والد صاحب العبقات على التحفة بـ « الأجناد الاثنا عشرية المحمدية ». فرد عليه محمد رشيد الدهلوي، فعاد السيد محمد قلي ورد عليه بكتاب « الاجوبة الفاخرة في الرد على الاشاعرة ».

اذن بقيت مواضيع كتاب « التحفة » موضع الأخذ والرد بين الطرفين، فان كلا من السيد دلدار علي وصاحب التحفة أسس لمذهبه مدرسة وقاد حركة وتزعم أسرة علمية وربى تلامذة

حتى جاء دور صاحب عبقات الأنوار، فألف كتابه العظيم في ظروف لا يصدر عن الشيعة شيء الا وقد رد عليه من قبل تلامذة الدهلوي والمدافعين عن تحفته، كحيدر علي الفيض آبادى، ومحمد رشيد الدين الدهلوي، وغيرهما من مشاهير المعاصرين له من علماء أهل السنة

ولكن لم نسمع حتى الآن صدور كتاب في الرد على عبقات الأنوار، مما يدل على عجز القوم عن الرد عليه فان عدم الرد هنا كاف في الدلالة على العجز.

أضف الى ذلك ما ذكره المحقق السني عبد الحي اللكهنوي المتوفى سنة ١٣٤١ في كتابه « نزهة الخواطر » بترجمة المولوي أمير حسن السهسواني المتوفى سنة ١٢٩١ قائلا: « واني سمعت بعض الفضلاء يقول: ان مولانا حيدر علي الفيض آبادي استقدمه الى حيدرآباد ورتب له ثلاثمائة ربية شهرياً ليعينه في الرد على « عبقات الأنوار ». لان أوقاته لا يفرغ لذلك لكثرة الخدمات السلطانية. فأبى قبوله وقال: اني لا أرضى بأن أحتمل هم ثلاثمائة ربية،

____________________

(١). الغدير ١ / ١٥٦.

١٢٦

أين أضعها؟ وفيهم أبذلها؟ »(١) .

أترى أن حيدر علي كان يهتم بالخدمات السلطانية أكثر من الرد على العبقات؟

أترى أن المانع للسهسواني عن قبول الدعوة عدم تمكنه من تحمل هم الربيات أين يضعها وفيم يبذلها؟

الحقيقة هي العجز عن الرد والا لترك الفيض آبادي الخدمات السلطانية حتى الانتهاء من الرد على « العبقات »، كما فعل السيد حامد حسين حيث اعتزل الناس والشئون الاجتماعية حتى وفق للرد على « التحفة ».

ولو كان السهسواني قادراً على الرد على العبقات للبى الدعوة وأخذ الربيات بل استحق الأكثر من الثلاثمائة بأضعاف مضاعفة

ولو كان صادقاً في العذر الذي ذكره لحضر الى حيدرآباد وأعان الفيض آبادي في تلك المهمة ثم اعتذر عن قبول الربيات

الحقيقة هي العجز عن الرد وكذلك كتاب العبقات لا يمكن الرد عليه فكان القول الفصل، والكلام الحاسم في النزاع والصراع بين أنصار « التحفة » والرادين عليها وهذا من خصائص هذا الكتاب لأنه الكتاب المعجز المبين، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فلا جرم أن أجمع علماء الشيعة على أنه لم يكتب مثله في بابه بين السلف والخلف فلله دره وعليه أجره.

____________________

(١). نزهة الخواطر ٧ / ٧٩.

١٢٧

الباب السادس

ترجمة مشاهير بيت صاحب العبقات (١).

*(١)*

ترجمة السيد محمد قلى

هو: السيد محمد قلي ابن السيد محمد حسين المعروف بالسيد الله كرم ابن السيد حامد حسين ابن السيد زين العابدين ابن السيد محمد المعروف بالسيد البولاقي ابن السيد محمد المعروف بالسيد مدا ابن السيد حسين المعروف بالسيد ميئهر ابن السيد جعفر ابن السيد علي ابن السيد كبير الدين ابن السيد شمس الدين ابن السيد جمال الدين ابن السيد شهاب الدين أبى المظفر حسين الملقب بسيد السادات المعروف بالسيد علاء الدين أعلى بزرك ابن السيد محمد المعروف بالسيد عز الدين ابن السيد شرف الدين أبي طالب المعروف بالسيد الأشرف ابن السيد محمد الملقب بالمهدي المعروف بالسيد محمد المحروق ابن حمزة ابن علي بن أبي محمد بن جعفر بن مهدي بن أبي طالب بن علي بن حمزة بن أبي القاسم حمزة ابن الامام أبي ابراهيم موسى الكاظم ابن الامام أبي عبد الله جعفر الصادق ابن الامام أبى جعفر محمد الباقر ابن الامام أبى محمد علي زين العابدين ابن السبط الشهيد الامام أبى عبد الله الحسين ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله

____________________

(١). قال شيخنا الحجة الطهراني ;: « ان هذا البيت الجليل من البيوت التي غمرها الله برحمته، فقد صب سبحانه وتعالى على أعلامه المواهب، وأمطر عليهم المؤهلات واسبل عليهم القابليات وغطاهم بالإلهام، واحاطهم بالتوفيق، فقد عرفوا قدر نعم الله عليهم فلم يضيعوها. بل كرسوا حياتهم وبذلوا جهودهم وأفنوا أعمارهم في الذب عن حياض الدين، وسعوا سعياً حثيثاً في تشييد دعائم المذهب الجعفري، فخدماتهم للشرع الشريف وتفانيهم دون إعلان كلمة الحق غير قابلة للحد والإحصاء، ولذا وجب حقهم على جميع الشيعة الامامية ممن عرف قدر نفسه واهتم لدينه ومذهبه » اعلام الشيعة - الكرام البررة - ٢ / ١٤٨.

١٢٨

وسلامه عليهم أجمعين(١) .

كان: متكلماً، محققاً، كثير التتبع، جامعاً بين المعقول والمنقول، جدلياً حسن المناظرة، ومن كبار علماء الامامية في بلاد الهند، وكان له الاهتمام البالغ في الرد على المخالفين، وقد قام بذلك أحسن قيام.

ولادته:

ولد السيد محمد قلي يوم الاثنين الخامس من شهر ذي القعدة سنة ١١٨٨ في بلدة كنتور(٢) .

أساتذته:

لم يذكر المترجمون له من أساتذته سوى: الامام الأكبر السيد دلدار علي النقوي، ولعله لم يأخذ الا منه ولم يحضر على غيره، إذ به الكفاية في جميع العلوم كما يظهر من تراجم العلماء له(٣) .

____________________

(١). تكملة نجوم السماء ٢ / ٢٥. الفضل الجلى ص ٢ عن تذكرة ناصر الملة.

(٢). الفضل الجلى.

(٣). هو: من أعاظم علماء الشيعة في عصره وكبار فحول علماء الهند، وهو الذي نشر عقائد الشيعة هناك، عبر عنه الشيخ صاحب الجواهر بكلمات قلما جاءت في حق أحد من الشيخرحمه‌الله ومن غيره، قرأ في الهند، وهاجر الى العراق فحضر في كربلاء المقدسة على الوحيد البهبهاني وصاحب الرياض والميرزا الشهرستاني، وفي النجف الأشرف على السيد بحر العلوم، ثم سافر الى مشهد الرضا، فحضر هناك على الشهيد السيد محمد مهدى ابن هداية الله الخراساني، ثم رجع الى بلاده حاملا الإجازات والشهادات الثمينة، وخلف آثاراً جليلة في الفقه والأصول والفلسفة والكلام، وأولاداً علماء أبرار ستأتى تراجم بعضهم ولد سنة ١١٦٦، وتوفى سنة ١٢٣٥.

ريحانة الأدب ٤ / ٢٣٠، اعلام الشيعة الترجمة رقم ٩٤٨

١٢٩

مؤلفاته:

١ - تطهير المؤمنين عن نجاسة المشركين(١) .

٢ - تكميل الميزان في علم الصرف(٢) .

٣ - رسالة في التقية(٣) .

٤ - تقريب الافهام في تفسير آيات الاحكام(٤) .

٥ - الشعلة الظفرية(٥) في الرد على الشوكة العمرية لرشيد الدين الدهلوي.

٦ - حكم أحاديث الصحيحين.

٧ - الفتوحات الحيدرية، في الرد على كتاب الصراط المستقيم لعبد الحق الدهلوي(٦) .

٨ - أحكام العدالة العلوية(٧) .

٩ - الحواشي والمطالعات(٨) .

١٠ - رسالة في الكبائر(٩) .

١١ - الاجوبة الفاخرة في رد الاشاعرة(١٠) .

وذكروا في مؤلفاته « نفاق الشيخين » لكن في نزهة الخواطر: « نفاق الشيخين بحكم أحاديث الصحيحين » فيكون كتاباً واحداً.

____________________

(١). الذريعة ٤ / ٢٠٢.

(٢). المصدر ٤ / ٤١٦.

(٣). المصدر ٤ / ٤٠٥.

(٤). المصدر ٤ / ٤٦٦.

(٥). المصدر ١٤ / ١٩٩.

(٦). المصدر ١٦ / ١١٦.

(٧). المصدر ١ / ٢٩٩.

(٨). القول الجلى.

(٩). الذريعة ١٧ / ٢٥٩.

(١٠). المصدر ٢ / ٦٧٧.

١٣٠

هذا بالاضافة الى كتبه التي رد بها على أبواب من ( التحفة الاثنا عشرية ) والتي سنوافيك بأسمائها.

وفاته:

وتوفي في ٤ محرم سنة ١٢٦٠ رحمة الله تعالى عليه(١) . وقد أرخه العلامة السيد محمد عباس التستري بقوله كما في ( أحسن الوديعة ): « لموته هو اقبال يوم عاشوراء ».

*(٢)*

ترجمة السيد حامد حسين

هو: السيد حامد حسين ابن السيد محمد قلي المذكور

كلمات العلماء في حقه:

١ - قال الحجة الامين العاملي:

« كان من أكابر المتكلمين الباحثين عن اسرار الديانة، والذابين عن بيضة الشريعة وحوزة الدين الحنيف، علامة نحريراً ماهراً بصناعة الكلام والجدل، محيطاً بالأخبار والآثار، واسع الاطلاع، كثير التتبع، دائم المطالعة، لم ير مثله في صناعة الكلام والإحاطة بالأخبار والآثار في عصره بل وقبل عصره بزمان طويل وبعد عصره حتى اليوم.

ولو قلنا: انه لم ينبغ مثله في ذلك بين الامامية بعد عصر المفيد والمرتضى لم نكن مبالغين، يعلم ذلك من مطالعة كتابه ( العبقات ) وساعده على ذلك ما في بلاده من حرية الفكر والقول والتأليف والنشر، وطار صيته

____________________

(١). مصادر الترجمة: ريحانة الأدب ٤ / ٥٥، أعيان الشيعة ٤٦ / ١٦١. الفضل الجلى في ترجمة السيد محمد قلى.

١٣١

في الشرق والغرب وأذعن لفضله عظماء العلماء.

وكان جامعاً لكثير من فنون العلم، متكلماً، محدثاً، رجالياً، أديباً، قضى عمره في الدرس والتصنيف والتأليف والمطالعة »(١) .

٢ - وقال شيخنا الحجة الطهراني ما ملخصه:

« من أكابر متكلمي الامامية وأعاظم علماء الشيعة المتبحرين في أوليات هذا القرن، كان كثير التتبع، واسع الاطلاع والإحاطة بالآثار والاخبار والتراث الإسلامي، بلغ في ذلك مبلغاً لم يبلغه أحد من معاصريه ولا المتأخرين عنه، بل ولا كثير من أعلام القرون السابقة، أفنى عمره الشريف في البحث عن اسرار الديانة والذب عن بيضة الإسلام وحوزة الدين الحنيف، ولا أعهد في القرون المتأخرة من جاهد جهاده وبذل في سبيل الحقائق الراهنة طارفه وتلاده، ولم تر عين الزمان في جميع الأمصار والاعصار مضاهياً له في تتبعه وكثرة اطلاعه ودقته وذكائه وشدة حفظه وضبطه.

قال سيدنا الحسن الصدر في ( التكملة ): كان من أكابر المتكلمين، وأعلام علماء الدين وأساطين المناظرين المجاهدين، بذل عمره في نصرة الدين وحماية شريعة سيد المرسلين والأئمة الهادين، بتحقيقات أنيقة وتدقيقات رشيقة، واحتجاجات برهانية، وإلزامات نبوية، واستدلالات علوية، ونقوض رضوية حتى عاد الباب من ( التحفة الاثني عشرية ) خطابات شعرية وعبارات هندية تضحك منها البرية، ولا عجب:

فالشبل من ذاك الهزبر وانما

تلد الأسود الضاريات أسودا »(٢) .

____________________

(١). أعيان الشيعة ١٨ / ٣٧١.

(٢). أعلام الشيعة ١ / ٣٤٧.

١٣٢

٣ - وقال المحقق الشيخ محمد على التبريزي ما تعريبه:

« حجة الإسلام والمسلمين، لسان الفقهاء والمجتهدين، ترجمان الحكماء والمتكلمين علامة العصر مير حامد حسين، من ثقات وأركان علماء الامامية، ووجوه وأعيان فقهاء الاثني عشرية، كان جامعاً للعلوم العقلية والنقلية، بل من آيات الله وحجج الفرقة المحقة، ومن مخافر الشيعة بل الامة الإسلامية، وبالاخص فانه يعد من أسباب افتخار قرننا على سائر القرون »(١) .

٤ - وقال العلامة المحدث القمي ما تعريبه:

« السيد الأجل العلامة والفاضل الورع الفهامة، الفقيه المتكلم المحقق والمفسر المحدث المدقق، حجة الإسلام والمسلمين آية الله في العالمين، وناشر مذهب آبائه الطاهرين، السيف القاطع والركن الدافع والبحر الزاخر والسحاب الماطر، الذي شهد بكثرة فضله العاكف والبادي، وارتوى من بحار علمه الضمآن والصادي:

هو البحر لا بل دون ما علمه البحر

هو البدر لا بل دون طلعته البدر

هو النجم لا بل دونه النجم طلعة

هو الدر لا بل دون منطقه الدر

هو العالم المشهور في العصر والذي

به بين أرباب النهى افتخر العصر

هو الكامل الأوصاف في العلم والنقي

فطاب به في كل ما قطر الذكر

محاسنه جلت عن الحصر وازدهى

بأوصافه نظم القصائد والنثر

____________________

(١). ريحانة الأدب ٣ / ٤٣٢.

١٣٣

وبالجملة: فان وجوده كان من آيات الله وحجج الشيعة الاثني عشرية، ومن طالع كتابه ( العبقات ) يعلم انه لم يصنف على هذا المنوال في الكلام - لا سيما في مبحث الامامة - من صدر الإسلام حتى الآن »(١) .

٥ - وقال عمر رضا كحالة:

« أمير، متكلم، فقيه، أديب »(٢) .

٦ - وقال صاحب تكملة نجوم السماء:

« آية الله في العالمين وحجته على الجاحدين، وارث علوم أوصياء خير البشر المجدد للمذهب الجعفري على رأس المائة الثالثة عشر، مولانا ومولى الكونين المقتفي لآثار آبائه المصطفين جناب السيد حامد حسين أعلى الله مقامه وزاد في الخلد إكرامه.

بلغ في علو المرتبة وسمو المنزلة مقاماً تقصر عقول العقلاء وألباب الالباء عن دركه، وتعجز ألسنة البلغاء وقرائح الفصحاء عن بيان أيسر فضائله »(٣) .

٧ - وقال صاحب المآثر والآثار:

« مير حامد حسين اللكهنوي آية من الآيات الالهية، وحجة من حجج الشيعة الاثني عشرية، جمع الى الفقه التضلع في علم الحديث والإحاطة بالأخبار والآثار وتراجم رجال الفريقين، فكان في ذلك المتفرد بين الامامية، وهو صاحب المقام المشهود والموقف المشهور بين المسلمين في فن

____________________

(١). الفوائد الرضوية ٩١ - ٩٢.

(٢). معجم المؤلفين.

(٣). تكملة نجوم السماء ٢ / ٢٤.

١٣٤

الكلام - ولا سيما مبحث الامامة - ومن وقف على كتابه عبقات الأنوار علم انه لم يصنف على منواله في الشيعة من الأولين والآخرين ومن الأمارات على كونه مؤيداً من عند الله ظفره بكتاب الصواقع لنصر الله الكابلي الذي انتحل الدهلوي كله »(١) .

٨ - وقال صاحب احسن الوديعة:

« لسان الفقهاء والمجتهدين، وترجمان الحكماء والمتكلمين، وسند المحدثين مولانا السيد حامد حسين كانرحمه‌الله من أكابر المتكلمين الباحثين في الديانة، والذابين عن بيضة الشريعة وحوزة الدين الحنيف، وقد طار صيته في الشرق والغرب، وأذعن بفضله صناديد العجم والعرب، وكان جامعاً لفنون العلم، واسع الإحاطة، كثير التتبع، دائم المطالعة، محدثاً رجالياً أديباً أريباً، وقد قضى عمره الشريف في التصنيف والتأليف، فيقال انه كتب بيمناه حتى عجزت بكثرة العمل، فأضحى يكتب باليسرى.

وله مكتبة كبيرة في لكهنو، وحيدة في كثرة العدد من صنوف الكتب، ولا سيما كتب المخالفين.

وبالجملة، فهو في الديار الهندية سيد المسلمين حقاً وشيخ الاسلام صدقاً وأهل عصره كلهم مذعنون لعلو شأنه في الدين والسيادة وحسن الاعتقاد وكثرة الاطلاع وسعة الباع ولزوم طريقة السلف »(٢) .

أساتذته:

قرأقدس‌سره المقدمات ومبادئ العلوم والكلام على والده العلامة، وأخذ لفقه والاصول عن السيد حسين(٣) بن السيد دلدار علي المذكور سابقاً

____________________

(١). المآثر والآثار: ١٦٨.

(٢). أحسن الوديعة في تراجم علماء الشيعة: ١٠٣.

(٣). من مشاهير علماء الشيعة في الهند، لقب بـ ( سيد العلماء ) نشأ على أبيه واخوته بلع رتبة =

١٣٥

والمعقول عن السيد مرتضى(١) بن السيد محمد بن السيد دلدار علي، والادب عن المفتي السيد محمد عباس(٢) .

وهؤلاء كلهم من أعاظم الوقت وأشهر مشاهير ذلك العصر.

تصانيفه:

قال شيخنا العلامة الطهراني: « وله تصانيف جليلة نافعة، تموج بمياه التحقيق والتدقيق، وتوقف على ما لهذا الحبر من المادة الغزيرة وتعلم الناس بأنه بحر طام لا ساحل له »(٣) وهي ( عدا العبقات ):

١ - استقصاء الافحام واستيفاء الانتقام في رد منتهى الكلام لحيدر على الفيض آبادي، كتبه في الرد على الامامية(٤) .

٢ - اسفار الانوار عن حقائق أفضل الاسفار، شرح فيه وقائع سفره

____________________

= الاجتهاد في سن الشاب، نبغ نبوغاً باهراً وذاع صيته وقصده الطلاب. وله خدمات جليلة في العتبات المقدسة، ومصنفات ثمينة منها.

(١). مناهج التحقيق ومعارج التدقيق، فقه.

(٢). روضة الاحكام في مسائل الحلال والحرام.

(٣). الافادات الحسينية في تصحيح العقائد الدينية، في الرد على مقالات الشيخ أحمد الاحسائى.

(٤). طرد المعاندين.

ولد سنة ١٢١١ - وتوفى سنة ١٢٧٣. أعلام الشيعة ( الكرام البررة ) الترجمة رقم ٧٩٣.

(١). كان عارفاً بالعلوم العقلية وتوفى شاباً في حياة والده، وكان عالماً كاملا أريباً، وأما والده ( السيد محمد ) فكان من كبار مجتهدى الشيعة ومن أعاظم متكلميهم في الهند، لقب بـ ( سلطان العلماء ) أحسن الوديعة ١ / ٤٣، ريحانة الادب، وغيرهما.

(٢). هو العالم الشقير أديب الهند الكبير المفتي محمد عباس التستري من العلماء الاعلام ( الكرام البررة في ترجمة السيد حسين النقوى ).

(٣). اعلام الشيعة - ترجمته.

(٤). الذريعة ٢ / ٣١.

١٣٦

الى بيت الله الحرام وزيارة الائمة الطاهرينعليهم‌السلام (١). والظاهر انه ( الرحلة المكية والسوانح السفرية ) الذي ذكره كحالة(٢) .

٣ - الشريعة الغراء، فقه كامل(٣) .

٤ - الشعلة الجوالة، بحث فيه إحراق المصاحف على عهد عثمان(٤) .

٥ - شمع المجالس، قصائد له في رثاء الحسين سيد الشهداءعليهم‌السلام (٥) .

٦ - الطارف، مجموعة ألغاز ومعميات(٦) .

٧ - صفحة الالماس في أحكام الارتماس(٧) .

٨ - العشرة الكاملة، حل فيه عشرة مسائل مشكلة(٨) .

٩ - افحام أهل المين في رد ازالة الغين(٩) وهو لحيدر علي الفيض آبادي.

١٠ - شمع ودمع، شعر فارسي(١٠) .

١١ - الظل الممدود والطلح المنضود(١١) .

____________________

(١). الذريعة ٢ / ٦٠.

(٢). معجم المؤلفين ٣ / ١٧٨.

(٣). الذريعة ١٤ / ١٨٧.

(٤). المصدر ١٤ / ١٩٨.

(٥). المصدر ١٤ / ٢٣١.

(٦). المصدر ١٥ / ١٣٣.

(٧). المصدر ١٥ / ٤٧.

(٨). ولعله نفس كتاب كشف المعضلات في حل المشكلات الذي جاء في تكملة نجوم السماء ٢ / ٣١.

(٩). الذريعة ٢ / ٢٥٧.

(١٠). المصدر ١٤ / ٢٣٣.

(١١). المصدر ١٥ / ٢٠١.

١٣٧

١٢ - العضب البتار في مبحث آية الغار(١) .

١٣ - الدرر السنية في المكاتيب والمنشآت العربية(٢) .

١٤ - الذرائع في شرح الشرائع(٣) .

١٥ - شوارق النصوص(٤) .

١٦ - درة التحقيق(٥) .

قال المحقق التبريزي: « وقد صرح بعض الاكابر ببلوغ مؤلفاته المائتين مجلداً »(٦) .

وفي ( أعلام الشيعة ): « الامر العجيب أنه ألف هذه الكتب النفائس والموسوعات الكبار وهو لا يكتب الا بالحبر والقرطاس الاسلاميين، لكثرة تقواه وتورعه، وأمر تحرزه عن صنائع غير المسلمين مشهور متواتر »(٧) .

وفاته:

توفى بلكهنو في ١٨ صفر سنة ١٣٠٦ ودفن في حسينية له هناك.

وقد كانت ولادته سنة ١٢٤٦.

رثاؤه:

وقد رثاه جماعة من شعراء عصره بقصائد طبعت في مجموعة باسم ( القصائد المشكلة في المرائي المثكلة ). احتوت هذه المجموعة على قصائد من:

____________________

(١). المصدر ١٥ / ٢٧٧.

(٢). تكملة نجوم السماء ٢ / ٣١.

(٣). المصدر.

(٤). ذكره في مجلد حديث الطير.

(٥). ذكره في مجلد حديث مدينة العلم كما في ترجمة المؤلف في حديث الثقلين طبعة أصفهان.

(٦). ريحانة الادب ٣ / ٤٣٢.

(٧). اعلام الشيعة ( نقباء البشر ) ١ / ٣٤٧.

١٣٨

١ - الشيخ محمد سعيد ابن الشيخ محمود سعيد نائب سادن الروضة الحيدرية.

٢ - السيد حسين الواعظ اليزدي الطباطبائي الحائري.

٣ - الشيخ جعفر العرب.

٤ - السيد كلب مهدي الجائسي الهندي.

٥ - قصيدة أخرى للسيد كلب مهدي.

٦ - قصيدة أخرى للشيخ محمد سعيد.

٧ - قصيدة أخرى للسيد حسين الواعظ.

٨ - قصيدة ثالثة للسيد حسين الواعظ.

٩ - قصيدة للسيد محمد حسين ابن السيد جعفر آل بحر العلوم الطباطبائي.

١٠ - قصيدة السيد مهدي ابن السيد طاهر القزويني.

١١ - قصيدة الشيخ محمد حسين ابن الشيخ محسن الحائري.

١٢ - قصيدة للسيد حسن اليزدي الحائري.

١٣ - قصيدة أخرى للشيخ محمد حسين الحائري.

١٤ - قصيدة أخرى للسيد كلب مهدي الهندي.

١٥ - قصيدة أخرى للشيخ محمد سعيد.

١٦ - قصيدة أخرى للسيد محمد حسين آل بحر العلوم.

١٧ - قصيدة أخرى للسيد كلب مهدي.

*(٣)*

ترجمة السيد اعجاز حسين

هو: السيد اعجاز حسين ابن السيد محمد قلي المذكور، وكان عالماً متبحراً خبيراً بالعلوم والاخبار، ومن كبار رجالات الشيعة في الهند ومن أعاظم علمائهم.

١٣٩

ولع - بالوراثة عن والده - بالتتبع والتنقيب والبحث والتحقيق، ولا سيما فيما يعود الى مسائل الخلاف بين الطائفتين الشيعة والسنة، وكان من جلالة القدر وعظم الشأن بمكان.

قال عبد الحي بترجمته: « أحد العلماء المشهورين في مذهب الشيعة الامامية ولد بمدينة ميرته لتسع بقين من رجب سنة ١٢٤٠ »(١) .

اساتذته:

نشأ على أبيه وأخيه السيد حامد حسين وناهيك بها نشأة علمية عالية.

مؤلفاته:

له تآليف ثمينة وآثار جليلة منها:

١ - كشف الحجب والاستار عن وجه الكتب والاسفار(٢) قال شيخنا الحجة الطهراني: « فهرس لمؤلفات الشيعة، لم يحتو الا على نزر قليل، فانه لم يزد فيه على ما في خزانة كتبهم الجليلة الا قليلا، ولذا منعه شيخنا العلامة الاكبر الحجة الميرزا حسين النوري المتوفى ١٣٢٠ من طبعه ونشره، مخافة ان يظن الا جانب انحصار مؤلفات الشيعة بذلك المقدار، وقد اهدى نسخته بخطه لشيخنا المذكور، وذلك حين تشرفه للزيارة في النجف الأشرف مع أخيه العلامة السيد حامد حسين مؤلف عبقات الانوار، وقد كان عازماً على طبعه، ولما منعه الاستاذ اهداه اليه، وهو الان في مكتبة سبط الاستاذ المذكور. وقد طبع في الهند أخيراً في سنة ١٣٣٣ باشراف

____________________

(١). نزهة الخواطر ٧ / ٦٦ - ٣١.

(٢). الذريعة ١٨ / ٢٧.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

فقرائنا وكنت غلاماً يتيماً لا مال لي فأعطاني قلوصاً(١) (٢) .

ولا دلالة فيه ؛ لاحتمال الدفع إلى وليّه أو من يقوم بأمره ، ولأنّه لا حجّة في فعل الساعي.

ب - لا فرق بين أن يكون يتيماً أو غيره ؛ فإنّ الدفع إلى الولي ، فإن لم يكن له ولي جاز أن يدفع إلى من يقوم بأمره ويعتني بحاله.

ج - حكم المجنون حكم الصبي غير المميّز ، أمّا السفيه فإنّه يجوز الدفع اليه لكن يحجر عليه الحاكم.

د - إنّما يعطى أطفال المؤمنين ؛ لأنّهم بحكم آبائهم ، ولا يجوز إعطاء أولاد المشركين إلحاقاً بآبائهم ، وكذا أولاد غير المؤمنين. ولو أسلم أحد أبوي الطفل لحق به سواء الأب والاُم ، ويأخذ الزكاة حينئذٍ.

ه- لا يجوز إعطاء المملوك ؛ لأنّه لا يملك ، فيكون العطاء لمولاه.

ولأنّه غني بمولاة فلا يستحقّ الزكاة.

مسألة ١٩٤ : لا يشترط في الغازي الفقر‌ - وبه قال الشافعي(٣) - للعموم ، ولأنّه كالاُجرة، وكذا الغارم لإِصلاح ذات البين.

وقال أبو حنيفة : يشترط ، لقولهعليه‌السلام : ( اُمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردّها في فقرائكم )(٤) .

وهو لا يقتضي اختصاصها بالفقراء. وينتقض بابن السبيل ؛ فإنّه يعطى وإن كان غنيّاً في بلده قادراً على الاستدانة في سفره.

____________________

(١) القلوص : الناقة الشابة. النهاية لابن الأثير ٤ : ١٠٠.

(٢) المغني ٢ : ٥٠٩ ، وانظر : سنن الدارقطني ٢ : ٣٦ / ٧.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٠ ، المجموع ٦ : ٢١٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٦١ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ٤٦.

(٤) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ٤٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٦١ ، وانظر : تفسير القرطبي ٣ : ٣٣٧ و ٨ : ١٦٨ و ١٧٢.

٢٨١

ومعارض بعموم( وَفِي سَبِيلِ اللهِ ) (١) وبما رووه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا تحلّ الصدقة لغني إلّا لثلاثة ) وذكر من جملتهم الغازي(٢) .

مسألة ١٩٥ : يشترط في المكاتب الإِسلام‌ ، فلو كان كافراً لم يجز دفع الزكاة إليه ، وبه قال الشافعي(٣) .

ويشترط فيه الحاجة إلى ما يدفعه في الكتابة ، فلو كان معه وفاء بما عليه لم يدفع إليه ، وبه قال الشافعي(٤) ، لأنّها جعلت إرفاقا بالمساكين وإعانة للفقراء ، فإن كان قد حلّ عليه النجم وليس معه وفاء دفع إليه.

وإن لم يكن قد حلّ اُعطي أيضاً ؛ لوجود الحاجة ، فإنّه قد يحلّ عليه وليس معه فيفسخ الكتابة ، وللعموم ، وهو أحد وجهي الشافعي ، وفي الآخر : لا يجوز ، لانتفاء الحاجة في الحال(٥) . وهو ممنوع.

إذا ثبت هذا ، فإذا ادّعى المكاتب الكتابة ، فإن صدّقه مولاه قبل ، لأنّ الحقّ في العبد له ، فإذا أقرّ بالكتابة قبل ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

والثاني : لا يقبل ؛ لإِمكان التواطؤ(٦) .

وليس بجيّد ؛ لأصالة العدالة.

وإن كذَّبه السيد لم يقبل قوله إلّا بالبيّنة.

وإن تجرَّد عنهما إمّا لبُعده أو لغير ذلك احتمل قبول قوله ؛ لأنّه مسلم أخبر عن أمر ممكن فقُبل قوله كالفقير ، والعدم ؛ لإِمكان إقامة البيّنة عليه ، وبه قال الشافعي(٧) .

____________________

(١) التوبة : ٦٠.

(٢) مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٢١٠ ، مسند أحمد ٣ : ٣١ و ٩٧.

(٣) المجموع ٦ : ٢٠٥.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ٢٠١.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ٢٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٧.

(٦) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ٢٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٨.

(٧) اُنظر : المجموع ٦ : ٢٠٣.

٢٨٢

مسألة ١٩٦ : لو ادّعى الغارم الغُرم‌ ، فإن كان لإِصلاح ذات البين فالأمر فيه ظاهر ، فإذا علمه الإِمام دفع إليه ، وإن كان لخاص نفسه قُبل قوله إن صدّقه المالك ، وهو احد وجهي الشافعي ؛ لأنّه مسلم أخبر عن أمر ممكن.

وفي الآخر : لا يقبل ، لجواز التواطؤ(١) .

ولو كذَّبه لم يقبل قوله ؛ لظنّ كذبه. وإن تجرَّد عن الأمرين قُبل ؛ لما تقدَّم.

وقال الشافعي : لا يقبل إلّا بالبيّنة ؛ لأنّه مُدّعٍ ، فلا يقبل إلّا بالبيّنة(٢) .

مسألة ١٩٧ : إذا قال الغازي : اُريد الغزو ، قُبل قوله‌ ودفع إليه دفعاً مراعىً ، وإنّما يدفع إليه قدر كفايته لذهابه وعوده ، وهو يختلف بكونه فارساً أو راجلاً ، وقُرب المسافة وبُعدها ، وأحواله من كونه له صاحب أو لا ، وغير ذلك.

وإذا جعلنا سبيل الله أعمّ من الغزو في الجهاد - كما اخترنا أوّلاً - دخل فيه معونة الزوّار والحجيج.

وهل يشترط حاجتهم؟ إشكال ينشأ من اعتبار الحاجة كغيره من أهل السُّهمان ، ومن اندراج إعانة الغني تحت سبيل الخير.

ولا فرق بين قضاء الدين عن الحي والميت ، وسواء كان الميت الذي يقضى عنه - إذا لم يخلِّف شيئاً - ممّن تجب عليه نفقته في حال حياته أو لا ، ولو خلَّف ما يقضى به الدّين لم يجز القضاء عنه كالحي.

مسألة ١٩٨ : ابن السبيل إذا كان مجتازاً وكان محتاجاً دفعنا إليه الزكاة‌ وإن كان غنيّاً في بلده؛ لوجود الحاجة حال الدفع ، وبه قال الشافعي(٣) .

____________________

(١ و ٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ - ١٨٠ ، المجموع ٦ : ٢٠٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٠.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٠ ، المجموع ٦ : ٢١٤ - ٢١٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٦١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٩٩.

٢٨٣

وإن كان مُنشئاً للسفر من بلده ، فإن كان غنيّاً لم يدفع إليه ، وإن كان فقيراً دفعنا إليه لسفره وعوده.

وإن أراد لعوده ، فإن ادّعى ابن السبيل الحاجة ولم يعلم له أصل مال قُبل قوله.

وإن علم له أصل مال في مكانه فادّعى ذهابه قُبل قوله ، سواء ادّعى سبباً ظاهراً أو خفيّاً ، من غير يمين - خلافاً للشافعي(١) - لما تقدّم في الفقير.

ولو علم أنّ له ببلده مالاً ولا يعلم له في موضعه قُبل قوله إجماعاً.

والحاصل : أنّ الذي يأخذ مع الغنى خمسة : العامل والمؤلَّفة قلوبهم والغارم لإِصلاح ذات البين والغازي وابن السبيل إذا كان محتاجاً في مكانه.

مسألة ١٩٩ : يأخذ ابن السبيل إذا كان سفره واجباً كالحج والعمرة ، أو ندباً كزيارة النبي والأئمةعليهم‌السلام ، ولا يعطى إذا كان معصيةً كقطع الطريق وما أشبه ذلك إجماعاً.

وإن كان مباحاً كسفر التنزّه جاز له الأخذ أيضاً ؛ لأنّه فعل سائغ غير معصية ، فأشبه سفر الطاعة ، ولهذا يترخّص في القصر كسفر الطاعة ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والثاني : لا يعطي؛ لأنّه لا حاجة به إليه ، فأشبه الغني(٢) . والعلّة ممنوعة.

مسألة ٢٠٠ : مستحقّو الزكاة ينقسمون‌ ، فمنهم من يأخذ أخذاً مستقرّاً وهُم أربعة : الفقراء والمساكين والعاملون عليها والمؤلَّفة قلوبهم بمعنى أنّ لهم صرف ما يأخذونه في أيّ شي‌ء أرادوا ، سواء صرفوه في السبب الذي أخذوا لأجله أو لا.

ومنهم من يأخذ أخذاً مراعىً بمعنى أنّه إن صرفه في السبب الذي أخذ لأجله استقرّ ملكه وإلّا استعيد منه على خلاف ، وهُم أربعة : الغارم والمكاتب‌

____________________

(١) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٠ ، المجموع ٦ : ٢١٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٦١.

٢٨٤

وابن السبيل والغازي ؛ لأنّ الله تعالى أضاف إلى الأربعة الاُولى بلام التمليك ، وعطف الأربعة الباقية بحرف ( في ) المقتضي للظرفية.

والفرق : أنّ هؤلاء أخذوا لمعنى لم يحصل بأخذهم للزكاة ، والأوّلون حصل المقصود بأخذهم وهو ( غنى )(١) الفقير والمسكين وتأليف المؤلَّفين وأداء أجر العاملين.

إذا عرفت هذا فنقول : إذا دفع المكاتب المال في الكتابة وعتق فلا بحث ، فإن عجز نفسه بأن يقصر ما معه عن مال الكتابة ، فإن كان ما أخذه من الزكاة باقياً استردّ منه ؛ لأنّه دفع إليه ليؤدّيه في العتق ، فإذا لم يحصل المقصود استرجع ، وبه قال الشافعي وأحمد في رواية(٢) .

وقال الشيخ : لا يسترجع منه ؛ لأنّه أخذه باستحقاقه ، فارتجاعه يفتقر إلى دليل ، وليس هنا ما يدلّ عليه(٣) .

وهو ممنوع ؛ لأنّه دُفع إليه ليصرفه في الكتابة فيرتجع بالمخالفة ؛ لأنّ الخيار إلى المالك في صرف الزكاة في الأصناف.

وإن كان قد دفعه إلى السيد لم يستردّ ، وهو اختيار الشيخ(٤) وأحد وجهي الشافعية ؛ لأنّه دُفع إليه ليدفعه إلى سيده وقد فعل. والثاني : يستردّ(٥) ؛ لأنّ القصد به تحصيل العتق ، فإذا لم يحصل به وجب استرجاعه ، كما لو كان في يد المكاتب.

____________________

(١) ورد بدل ما بين القوسين في الطبعة الحجرية والنسخ الخطية المعتمدة في التحقيق : ( عين ) وهو تصحيف ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ٢٠١ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٧ ، المغني ٢ : ٥٣٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٧٠٢ - ٧٠٣.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٠.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٤.

(٥) المجموع ٦ : ٢٠١ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٧.

٢٨٥

والفرق ظاهر ؛ لأنّ السيد ملك المدفوع بالدفع من المكاتب.

ولو تطوّع إنسان بالقضاء عنه أو أبرأه المالك من مال الكتابة فكالأول.

مسألة ٢٠١ : لو صرف الغارم السهم المدفوع إليه في غير قضاء الدَّين‌ ، قال الشيخ : لا يرتجع سواء اُبرئ من الدّين أو تطوَّع غيره بالقضاء عنه(١) ، خلافاً للشافعي(٢) ، وقد سلف مثله في المكاتب.

أمّا لو قضاه من ماله أو قضاه من غيره فلا يجوز له أن يأخذ عوضه من مال الصدقة.

مسألة ٢٠٢ : لو دفع الإِمام إلى الغازي السهم ولم يَغْزُ استردّ منه‌ ، وهو اختيار الشيخ(٣) أيضاً ، وبه قال الشافعي(٤) ؛ لأنّه أخذه لذلك فكان كالاُجرة. وكذا لو غزا ورجع من الطريق قبل الغزو.

أمّا لو غزا وعاد وقد فضل معه شي‌ء من الصدقة فإنّه لا يستردّ منه قولاً واحداً ، وبه قال الشافعي(٥) ؛ لأنّا دفعنا كفايته ، وإنّما فضل بما ضيَّق على نفسه فلا يستردّ منه.

أمّا ابن السبيل فإذا دفع إليه مؤونة السفر فلم يسافر ، ردّها ، وإن سافر وعاد وفضل معه شي‌ء لم يستردّ ؛ لأنّه ملكه بسبب السفر وقد وجد ، فلا يحكم عليه فيما يدفع إليه.

وقال الشافعي : يستردّ ، بخلاف الغازي ؛ لأنّا دفعنا إليه الكفاية لأجل الغزو ، لحاجتنا إليه ، فصار كالمعاوضة ، وقد أتى به فلم يردّ ، وهنا دفعنا إليه ، لحاجته إلى سفره وقد حصل ، فما فضل يردّه ، لزوال حاجته إليه ، ولأنّه‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥١.

(٢) المجموع ٦ : ٢٠٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٠.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٢.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٠ ، المجموع ٦ : ٢١٤.

(٥) المجموع ٦ : ٢١٤.

٢٨٦

غني في بلده ، ولا فرق بين أن يضيّق على نفسه أو يستعين بغيره(١) .

أمّا لو صرف ما دفع إليه في غير مؤونة السفر ففيه إشكال ينشأ من أنّه دفع إليه في هذا الوجه ولم يصرفه فيه فيستردّ منه كالغارم ، ومن منع الحكم في الأصل.

والوجه : الأول ؛ لأنّه دفع إليه لقصد الإِعانة فيستردّ اقتصاراً على قصد الدافع.

هذا في حقّ المجتاز عند الشيخ(٢) ، وهو الأظهر من مذهبنا ، وعلى قول ابن الجنيد والشافعي(٣) فإنّ الحكم ينسحب عليه وعلى منشئ السفر من بلده.

قال الشيخ : لو كان المنشئ للسفر من بلده فقيراً اُعطي من سهم الفقراء لا من سهم أبناء السبيل(٤) .

ولو قال : لا مال لي ، اُعطي ولم يكلّف بيّنةً ، كما تقدّم.

ولو قال : كان لي مال وتلف ، قال الشيخ : لا يقبل إلّا بالبيّنة(٥) .

والوجه : القبول ؛ لأنّه قد يتعذّر عليه البيّنة فيؤدّي المنع إلى إضراره ، ولأنّه مسلم أخبر بأمر ممكن ، والأصل فيه الصدق ، فيبني عليه إلى أن يظهر المنافي.

إذا ثبت هذا ، فلو تلف المال المدفوع إلى من أخذه مراعىً بغير تفريط قبل صرفه في وجهه لم يرجع عليهم بشي‌ء.

____________________

(١) المجموع ٦ : ٢١٦.

(٢) اُنظر : المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٢.

(٣) حيث قالا بإطلاق ابن السبيل على المجتاز والمنشئ للسفر. اُنظر : المهذب للشيرازي ١ : ١٨٠ ، والمجموع ٦ : ٢١٤ ، وحلية العلماء ٣ : ١٦١ ، والمعتبر للمحقّق الحلّي : ٢٨١ حيث فيه حكاية قول ابن الجنيد.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٢.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٤.

٢٨٧

مسألة ٢٠٣ : لا يجب إعلام المدفوع إليه أنّها زكاة‌ ، فلو استحيي الفقير من أخذها علانيةً استحبّ إيصالها إليه على وجه الهدية ، ولا يُعلِم أنّها زكاة ؛ لما في الإِعلام من إذلال المؤمن والاحتقار به.

ولأنّ أبا بصير سأل الباقرعليه‌السلام : الرجل من أصحابنا يستحي أن يأخذ من الزكاة فاُعطيه من الزكاة ولا اُسمّي له أنّها من الزكاة؟ قال : « أعطه ولا تسمّ له ولا تذلّ المؤمن »(١) ولا نعلم في ذلك خلافاً.

* * *

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٦٣ - ٥٦٤ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٨ / ٢٥ ، التهذيب ٤ : ١٠٣ / ٢٩٤.

٢٨٨

٢٨٩

الفصل الثاني

في وقت الإخراج‌

وفيه بحثان :

الأول

في التأخير‌

مسألة ٢٠٤ : الأموال قسمان : ما يراعى فيه الحول وهو الحيوان والأثمان ، ولا تجب الزكاة فيها حتى يحول عليها الحول ، وهو : أن يمضي لها في ملكه أحد عشر شهراً ثم يهلّ الثاني عشر في ملكه ، وتكون الشرائط موجودةً طول الحول كلّه ، وهي : النصاب وإمكان التصرف وزيادة السوم في الماشية والنقش في النقدين ، وقد تقدّم بيان ذلك كلّه.

وما لا يعتبر فيه الحول وهو : الثمار والغلّات ، ولا تجب الزكاة فيها حتى يبدو صلاحها ، وأمّا الإِخراج منها فلا يجب حتى تجذّ الثمرة ، وتشمّس وتجفّف ، وتحصد الغلّة ، وتصفي من التبن والقشر بلا خلاف.

إذا عرفت هذا ، فإذا حال الحول أو صُفّت الغلّة وجُذّت الثمار وجب الإِخراج على الفور ، ولا يجوز تأخيرها ، وبه قال الشافعي وأحمد وأبو الحسن‌

٢٩٠

الكرخي من الحنفية(١) ؛ لقوله تعالى :( وَآتُوا الزَّكاةَ ) (٢) والأمر على الفور عند بعض علمائنا(٣) ، وعند الحنفي على الفور(٤) .

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا وجد لها موضعاً فلم يدفعها فهو لها ضامن حتى يدفعها »(٥) .

ولأنّ المستحقّ مطالب بشاهد الحال فيجب التعجيل كالدَّين الحالّ والوديعة.

ولأنّ العبادة التي لا تتكرر لا يجوز تأخيرها إلى وجوب مثلها كالصلاة والصوم.

وقال أبو بكر الرازي من الحنفية : إنّها على التراخي ، وبه قال أبو حنيفة ما لم يطالب بها ؛ لأنّ الأمر ورد بها مطلقاً ، فلا يختص زماناً كما لا يختص مكاناً. ولأنّها لو هلكت لم تضمن(٦) .

ونمنع الإِطلاق ، بل الأمر بها معجَّل ، والزمان يخالف المكان في الانتفاع بالتعجيل دون التخصيص بالمكان. ونمنع عدم الضمان مع التفريط بالتأخير.

مسألة ٢٠٥ : لو أخَّر الإِخراج مع إمكان الأداء وحضور الوقت أثم وضمن‌ ، لأنّه أخَّر الواجب المضيَّق عن وقته ، وفرَّط بالتأخير فكان آثماً ضامناً ،

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١١ ، المغني ٢ : ٥٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ٣.

(٢) الحج : ٤١ ، المزّمّل : ٢٠.

(٣) وهو : الشيخ الطوسي في العدّة : ٨٥ - ٨٦.

(٤) الظاهر أنّ المراد بـ ( الحنفي ) هو : أبو الحسن الكرخي. وانظر : اُصول السرخسي ١ : ٢٦.

(٥) الكافي ٣ : ٥٥٣ / ١ ، الفقيه ٢ : ١٥ - ١٦ / ٤٦ ، التهذيب ٤ : ٤٧ / ١٢٥.

(٦) بدائع الصنائع ٢ : ٣ ، المجموع ٥ : ٣٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١١ ، المغني ٢ : ٥٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٦.

٢٩١

وبه قال الزهري والحكم وحمّاد والثوري وأبو عبيد وأحمد والشافعي(١) ؛ لما تقدّم.

ولأنّه حقّ على رب المال تلف قبل وصوله إلى مستحقّه فلا يبرأ منه ، كدَيْن الآدمي.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا وجد لها موضعاً فلم يدفعها فهو لها ضامن حتى يدفعها »(٢) .

وقال أصحاب الرأي : يزكّي الباقي إلّا أن يقصر عن النصاب فتسقط الزكاة فرَّط أو لم يفرّط(٣) .

أمّا لو كان عليه ضرر في تعجيل الإِخراج مثل أن يحول عليه الحول قبل مجي‌ء الساعي ، ويخاف إن أخرجها بنفسه أخذها الساعي منه مرّة اُخرى ، أو خشي في إخراجها ضرراً في نفسه أو مال له سواها ، فله تأخيرها ؛ لقولهعليه‌السلام : ( لا ضرر ولا ضرار )(٤) .

فروع :

أ - لو أخَّر مع إمكان الأداء كان عاصياً على ما قلناه ، ولا تقبل منه صلاته في أول الوقت ، وكذا جميع العبادات الموسَّعة ؛ لأنّ المضيَّق أولى بالتقديم ، وكذا مَن عليه دَيْن حالّ طولب به مع تمكّنه من دفعه ، أو خُمس أو صدقة مفروضة.

ب - يجوز التأخير لعذر كعدم المستحقّ أو منع الظالم ؛ لأنّ الزكاة معونة‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٤٢ - ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٧ ، المجموع ٦ : ١٧٥.

(٢) الكافي ٣ : ٥٥٣ - ١ ، الفقيه ٢ : ١٥ - ١٦ - ٤٦ ، التهذيب ٤ : ٤٧ - ١٢٥.

(٣) المغني ٢ : ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٧.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٨٤ / ٢٣٤٠ و ٢٣٤١ ، سنن الدارقطني ٣ : ٧٧ / ٢٨٨ و ٤ : ٢٢٧ / ٨٣ ، سنن البيهقي ٦ : ٧٠ ، ١٥٧ و ١٠ : ١٣٣ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥٧ - ٥٨.

٢٩٢

وإرفاق فلا تكون سبباً لضرر المالك ، ولا يضمن لو تلفت.

وهل يجوز لغير عذر مع العزل؟ سوّغه الشيخان شهراً وشهرين(١) ؛ لأنّ معاوية بن عمار قال للصادقعليه‌السلام : الرجل تحلّ عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخّرها إلى المحرَّم ، قال : « لا بأس »(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين »(٣) .

والوجه : أنّ التأخير إنّما يجوز للعذر ، وتحمل الرواية عليه فلا يتقدّر بوقت ، بل بزوال العذر ، فإنّه مع زوال العذر يكون مأموراً بالتسليم ، والمستحق مطالب ، فلا يجوز له التأخير.

ويدلّ عليه قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله عبد الله بن سنان في الرجل يخرج زكاته فيقسّم بعضها ويبقى بعض يلتمس لها الموضع فيكون بين أوله وآخره ثلاثة أشهر ، قال : « لا بأس »(٤) .

ولو أخَّر مع إمكان التسليم ضمن على ما قلناه أوّلاً.

ج - لو أخَّرها ليدفعها إلى من هو أحقّ بها من ذي قرابة أو حاجة شديدة ، فالأقرب : المنع وإن كان يسيراً.

وقال أحمد : يجوز اليسير دون العكس(٥) .

د - الأقرب : أنّ التأخير لطلب بسطها على الأصناف الثمانية أو الموجودين منهم عذر مع دفع نصيب الموجودين.

مسألة ٢٠٦ : يستحب له حال حؤول الحول عزل الزكاة عن ماله‌ ؛ لأنّه‌

____________________

(١) النهاية : ١٨٣ ، وانظر : المقنعة : ٣٩.

(٢) التهذيب ٤ : ٤٤ / ١١٢ ، الاستبصار ٢ : ٣٢ / ٩٤.

(٣) التهذيب ٤ : ٤٤ / ١١٤ ، الإستبصار ٢ : ٣٢ / ٩٦.

(٤) الكافي ٣ : ٥٢٣ / ٧ ، التهذيب ٤ : ٤٥ / ١١٨.

(٥) المغني ٢ : ٥٤٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٦.

٢٩٣

نوع إخراج وشروع في الدفع.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا حال الحول فأخرجها عن ( ملكك )(١) ولا تخلطها بشي‌ء ، وأعطها كيف شئت »(٢) .

إذا ثبت هذا ، فإنّ للمالك الاستقلال بالعزل من دون إذن الساعي ؛ لأنّ له ولاية الإِخراج ، فله ولاية التعيين. ولأنّ الزكاة تجب في العين وهو أمين على حفظها فيكون أميناً على إفرادها. ولأنّ له دفع القيمة. ولقول الصادقعليه‌السلام (٣) .

إذا عرفت هذا ، فلو تلفت بعد العزل من غير تفريط احتمل سقوط الزكاة - وبه قال مالك(٤) - لتعيّنها بتعيينه ؛ إذ التعيين منوط به فيصير أميناً ، كما لو دفعها إلى الساعي.

وعدمه ، وبه قال الشافعي وأحمد ، إلّا أنّ الشافعي قال : إن لم يكن فرَّط في إخراج الزكاة وفي حفظ ذلك يرجع إلى ماله ، فإن كان فيما بقي زكاة أخرج وإلّا فلا(٥) .

وقال أبو حنيفة : يزكّي ما بقي إلّا أن ينقص عن النصاب فتسقط الزكاة فرَّط أو لم يفرَّط ؛ لأنّه كالدَّين ، فلا يسقط بالتعيين قبل دفعه(٦) .

ولو دفع إلى فقير زكاته فقَبْل أن يقبضها قال : اشتر لي بها ثوباً أو غيره ؛ فذهبت الزكاة ، أو اشترى ما قال(٧) ثم ضاع فعليه الزكاة على الثاني ؛ لأنّ‌

____________________

(١) في المصدر : مالك.

(٢) الكافي ٣ : ٥٢٢ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٤٥ - ٤٦ / ١١٩.

(٣) نفس المصدر.

(٤) الكافي في فقه أهل المدينة : ٩٩ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٨ ، المغني ٢ : ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٧.

(٥) الاُم ٢ : ٥٢ ، المغني ٢ : ٥٤٢ - ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٧.

(٦) المغني ٢ : ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٧.

(٧) في « ف » : قاله.

٢٩٤

الفقير لا يملك إلّا بالقبض ، فإذا وكّله في الشراء قبله كان التوكيل باطلاً ؛ لأنّه وكَّله في الشراء بثمن لا يملكه ، وبقيت على ملك المالك ، فإذا تلفت كانت من ضمانه.

ولا فرق بين أن يعزل الزكاة وينوي أنّها زكاة أو لا.

مسألة ٢٠٧ : لو أخَّر الإِخراج مع التمكّن منه ثم أخرجها أجزأت عنه‌ إجماعاً وإن كان قد أثم بالتأخير ؛ لأنّه دفع الحقّ إلى مستحقّه. ولأنّه في كلّ آنٍ مخاطب بالإِخراج ، فيحصل بالامتثال الخروج عن العهدة.

البحث الثاني

في التعجيل‌

مسألة ٢٠٨ : المشهور عند علمائنا عدم جواز تقديم الزكاة‌ سواء وجد سبب الوجوب - وهو النصاب - أو لا - وبه قال ربيعة ومالك وداود والحسن البصري في رواية(١) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( لا تؤدّى زكاة قبل حلول الحول )(٢) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله عمر بن يزيد : الرجل يكون عنده المال أيزكّيه إذا مضى نصف السنة؟ قال : « لا ، ولكن حتى يحول عليه الحول وتحلّ عليه ، إنّه ليس لأحد أن يصلّي صلاة إلّا لوقتها فكذلك الزكاة ، ولا يصوم أحد شهر رمضان إلّا في شهره إلّا قضاء ، وكلّ فريضة إنّما تؤدّى إذا حلّت »(٣) .

وسأل زرارةُ الباقرَعليه‌السلام : أيزكّي الرجل ماله إذا مضى ثُلث السنة؟

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٩٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٣.

(٢) أورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٩٥ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٧٨.

(٣) الكافي ٣ : ٥٢٣ / ٨ ، التهذيب ٤ : ٤٣ / ١١٠ ، الاستبصار ٢ : ٣١ / ٩٢.

٢٩٥

قال : « لا ، أيصلّي الاُولى قبل الزوال؟ »(١) .

ولأنّ الحول أحد شرطي الزكاة فلا يجوز تقديم الزكاة عليه كالنصاب.

ولأنّ الزكاة عبادة مؤقتة فلا يجوز تقديمها عليه كالصلاة.

وقال الحسن البصري وسعيد بن جبير والزهري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وابو عبيد : يجوز إذا وجد سبب الوجوب وهو النصاب(٢) ؛ لأنّ عليّاًعليه‌السلام قال : « سأل العباس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن تعجيل صدقته قبل أن تحلّ فرخص له في ذلك »(٣) .

وعن عليعليه‌السلام أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعمر : ( إنّا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام )(٤) .

ولأنّه تعجيل لمال وجد سبب وجوبه قبل وجوبه فجاز ، كتعجيل قضاء الدَّين قبل الأجل ، وأداء كفّارة اليمين قبل الحنث وكفّارة القتل بعد الجرح قبل الموت.

وتحمل الرواية على القرض على الصدقة ، لا أنّها زكاة معجَّلة ، أو على تخصيص العباس جمعاً بين الأخبار ، وصوناً للروايات عن التناقض.

ونمنع الحكم في الأصل في الكفّارات ، وإنّما هو لازم لمالك حيث جوَّز تقديمها(٥) ، والدَّين حقّ ثابت مستقر في الذمة فجاز تعجيله قبل وقته ، بخلاف الزكاة ، فإنّها لا تجب ولا تثبت في الذمة ولا في العين إلّا بعد الحول.

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٢٤ / ٩ ، التهذيب ٤ : ٤٣ - ٤٤ / ١١١ ، الاستبصار ٢ : ٣٢ / ٩٣.

(٢) المغني ٢ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٥٢ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٧٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٥ و ١٤٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣١.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ١١٥ / ١٦٢٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٢ / ١٧٩٥ ، سنن الدارمي ١ : ٣٨٥ ، سنن البيهقي ٤ : ١١١.

(٤) سنن الترمذي ٣ : ٦٣ / ٦٧٩.

(٥) المغني ٢ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣١.

٢٩٦

وعن بعض علمائنا جواز التقديم(١) ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين»(٢) .

قال الشيخ : وجه الجمع حمل رخصة التقديم على جواز القرض ، فيكون صاحبه ضامناً له ، متى جاء وقت الزكاة والآخذ على صفة الاستحقاق أجزأ عنه ، وإن لم يبق على صفته ضمن ، لا أنّه زكاة معجَّلة(٣) ، ومثله قال ابن الجنيد(٤) ؛ لرواية الأحول عن الصادقعليه‌السلام في رجل عجَّل زكاة ماله ثم أيسر المعطى قبل رأس السنة ، قال : « يعيد المعطي الزكاة »(٥) .

فروع :

أ - لمـّا منعنا من تعجيل الزكاة كان ما يدفعه المالك قرضاً على الفقير ، فإن دفعه على أنّه زكاة معجَّلة كان الدفع باطلاً ، وله استعادتها عندنا ، خلافاً للباقين(٦) .

ب - إذا دفع المالك قدر الزكاة فقد قلنا : إنّه قرض لا زكاة معجَّلة ، فللمالك المطالبة بالمدفوع ، وللفقير دفع العوض والامتناع من دفع العين وإن كانت باقية وكره المالك ؛ لأنّه ملكها بالقبض.

ج - لو كان المدفوع ممّا يتمّ به النصاب سقطت الزكاة على ما اخترناه ؛ لأنّه قرض خرج عن ملك المالك ، وليس زكاةً. وعلى قول الآخرين هو زكاة‌

____________________

(١) حكاه المصنّف في المختلف : ١٨٨ ، عن ابن أبي عقيل.

(٢) التهذيب ٤ : ٤٤ / ١١٤ ، الاستبصار ٢ : ٣٢ / ٩٦.

(٣) التهذيب ٤ : ٤٥ ذيل الحديث ١١٥.

(٤) كما في المعتبر : ٢٧٤.

(٥) الكافي ٣ : ٥٤٥ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٥ / ٤٤ ، التهذيب ٤ : ٤٥ / ١١٦ ، الاستبصار ٢ : ٣٣ / ٩٨.

(٦) منهم : ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٩٩ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

٢٩٧

ليس له استعادتها(١) .

مسألة ٢٠٩ : لا يجوز تعجيل الزكاة قبل ملك النصاب‌ إجماعاً ، ولو ملك بعض نصاب فعجَّل زكاته أو زكاة نصاب لم تجزئ إجماعاً ؛ لأنّه تعجيل للحكم قبل سببه.

ولو ملك نصاباً فعجَّل زكاته وزكاة ما يستفيده وما ينتج منه أو يربح فيه لم تجزئه عندنا.

وأمّا المجوّزون للتقديم فقالوا : تجزئه عن النصاب دون الزيادة عند الشافعي وأحمد وزفر ؛ لأنّه عجَّل زكاة ما ليس في ملكه فلم تجزئ كالنصاب الأول. ولأنّ الزائد من الزكاة على زكاة النصاب سببها الزائد في الملك وقد عجَّل الزكاة قبل وجود سببها ، فأشبه ما لو عجَّل الزكاة قبل ملك النصاب(٢) .

وقال أبو حنيفة : تجزئه عن النصاب والزيادة ، لأنّه تابع لما هو مالكه(٣) .

وهو ممنوع ، سلّمنا ، لكنّه يتبع في الحول ، أمّا الإِيجاب فلا ؛ فإنّ الوجوب ثبت بالزيادة لا بالأصل. ولأنّه إنّما يصير له حكم بعد الوجود لا قبله.

مسألة ٢١٠ : لو عجَّل زكاة ماشيته فتوالدت نصاباً ثم ماتت الاُمّهات وحال الحول على النتاج لم تجزئ‌ عندنا.

وللشافعية وجهان في إجزاء الشاة عن السخال : الإِجزاء - وبه قال أحمد(٤) - لأنّ السخال دخلت في حول الاُمّهات وقامت مقامها ، وعدمه ؛ لأنّه‌

____________________

(١) كابني قدامة في المغني ٢ : ٤٩٨ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٢ ، المغني ٢ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٠ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٧٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٥١.

(٣) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٧٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٥١ ، المغني ٢ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤.

(٤) المغني ٢ : ٤٩٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٠.

٢٩٨

عجّلها قبل ملكها مع تعلّق الزكاة بعينها(١) .

فلو أخرج شاةً عن أربعين معجّلة ، ثم توالدت أربعين سخلة ، وماتت الاُمّهات ، وحال الحول على السخال أجزأت على أحد وجهي الشافعية(٢) ، لأنّها كانت مجزئة عنها وعن أمّهاتها لو بقيت ، فلأن تجزئ عن إحداهما أولى.

ولا تجزئ عندنا ، وهو الآخر للشافعية(٣) .

ولو كان عنده ثلاثون من البقر فعجَّل عنها تبيعاً ، ثم توالدت ثلاثين عجلة وماتت الاُمّهات ، وحال الحول على العجول لم تجزئ عندنا.

وأمّا المـُجوّزون للتعجيل فقال بعضهم : بالإِجزاء ؛ لأنّها تابعة لها في الحول ، وبعضهم بعدمه ، لأنّه لو عجَّل تبيعاً عنها مع بقاء الاُمّهات لم تجزئ عنها فلأن لا تجزئ عنها اذا كان التعجيل عن غيرها أولى(٤) .

وكذا الحكم في مائة شاة إذا عجّل عنها شاة فتوالدت مائة ثم ماتت الاُمّهات وحال الحول على السخال(٥) .

وإن توالد بعضها ومات نصف الاُمّهات وحال الحول على الصغار ونصف الكبار ، فعلى الأول - وهو الإِجزاء عندهم - أجزأ المعجَّل عنهما معاً ، وعلى عدمه عليه في الخمسين سخلة شاة ؛ لأنّها نصاب لم يؤدّ زكاته ، وليس عليه في العجول إذا كانت خمس عشرة شي‌ء ؛ لأنّها لم تبلغ نصاباً ، وإنّما وجبت الزكاة فيها بناءً على اُمّهاتها التي عجّلت زكاتها(٦) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٧ - ١٤٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤.

(٢ و ٣ ) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤.

(٤ و ٥ ) المغني ٢ : ٤٩٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٠.

(٦) المغني ٢ : ٤٩٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨١.

٢٩٩

ولو ملك ثلاثين من البقر فعجَّل مسنّة زكاةً لها ولنتاجها ، فنتجت عشراً أجزأته عن الثلاثين دون العشر ، وهو مذهبنا ، ويجب عليه في العشر ربع مسنّة.

وقيل : بالإِجزاء ؛ لأنّ العشر تابعة للثلاثين في الوجوب والحول ، فإنّه لو لا ملكه للثلاثين لما وجب عليه في العشر شي‌ء(١) ؛ فصارت الزيادة على النصاب على أربعة أقسام :

أ - ما لا يتبع في وجوب ولا حول ، وهو المستفاد من غير الجنس ، فهذا لا يجزئ تعجيل زكاته قبل وجوده وكمال نصابه إجماعاً.

ب - ما يتبع في الوجوب دون الحول ، وهو المستفاد من الجنس بسبب مستقلّ ، فلا يجزئ تعجيل زكاته أيضاً قبل وجوده على الخلاف.

ج - ما يتبع في الحول دون الوجوب كالنتاج والربح إذا بلغ نصاباً ؛ فإنّه يتبع أصله في الحول ، فلا يجزئ التعجيل عنه قبل وجوده.

د - ما يتبع في الوجوب والحول وهو الربح والنتاج إذا لم يبلغ نصاباً ؛ فإنّه لا يجزئ التعجيل قبل وجوده على الخلاف.

مسألة ٢١١ : إذا عجّل الزكاة من ماله للفقراء كان ما عجّله في حكم الموجود في ماله‌ إن كانت عينه قائمةً ، وبه قال الشافعي وأحمد(٢) .

وقال أبو حنيفة : إنّه في حكم التالف الذي زال ملكه عنه(٣) .

ويترتّب على ذلك ثلاث مسائل :

الاُولى : لو كان معه أربعون فعجّل منها شاةً ، ثم حال الحول فإنّها‌

____________________

(١) راجع المغني ٢ : ٤٩٧ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨١.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٧ و ١٤٨ ، المغني ٢ : ٤٩٨ - ٤٩٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

(٣) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٧٦ - ١٧٧ ، المغني ٢ : ٤٩٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢ ، المجموع ٦ : ١٤٨.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507