نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار11%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 507

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 507 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 300784 / تحميل: 8132
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

بعض أحفاده »(١) .

٢ - شذور العقيان في تراجم الأعيان(٢) .

٣ - القول السديد(٣) .

٤ - مناظرته مع المولى محمد جان اللاهوري(٤) .

٥ - رسالة في أحوال الميرزا محمد الدهلويمؤلف ( النزهة الاثني عشرية )(٥) .

وفاته:

توفيرحمه‌الله عليه بلكنهو في ١٧ شوال سنة ١٢٨٦(٦) .

*(٤)*

ترجمة السيد سراج حسين

هو السيد سراج حسين ابن السيد محمد قلى.

كلمات العلماء في حقه:

١ - قال شيخنا الحجة الطهراني: « عالم كبير، وحكيم فاضل »(٧) .

٢ - وقال صاحب نجوم السماء « الفاضل الجليل، حكيم عصره

____________________

(١). اعلام الشيعة ( الكرام البررة ) ٣٠٢.

(٢). المصدر.

(٣). الذريعة ١٧ / ٢١٠.

(٤). أعلام الشيعة ( الكرام البررة ) ترجمته.

(٥). المصدر.

(٦).ريحانة الأدب ٤ / ٥٥، الكرام البررة ٢ / ١٤٨.

(٧). الكرام البررة - الترجمة رقم ١٠٧٢.

١٤١

وفيلسوف دهره »(١) .

٣ - وقال عبد الحي: « الشيخ الفاضل أحد علماء الشيعة برع وفاق أقرانه في كثير من العلوم والفنون، وولى التدريس في المدرسة الانجليزية »(٢) .

اساتذته:

قرأ على والده المرحوم، واخيه الاكبر السيد حامد حسين، والسيد حسين ابن دلدار علي.

ولم يذكر له فيما نعلم شيء من الاثار والمؤلفات.

وفاته:

توفىرحمه‌الله في سنة ١٢٨٢.

*(٥)*

ترجمة السيد ناصر حسين

هو: السيد ناصر حسين ابن السيد حامد حسين ابن محمد قلى المولود في ١٩ جمادى الثانية سنة ١٢٨٤.

بعض الكلمات في حقه:

١ - قال السيد الحجة الامين:

____________________

(١). نجوم السماء.

(٢). نزهة الخواطر ٧ / ١٩٥.

١٤٢

امام في الرجال والحديث، واسع التتبع، كثير الاطلاع، قوي الحافظة لا يكاد يسأله أحد عن مطلب الا ويحيله الى مظانه من الكتب مع الاشارة الى عدد الصفحات، وكان احد الاساطين والمراجع في الهند، وله وقار وهيبة في قلوب العامة واستبداد في الرأي ومواظبة على العبادات، وهو معروف بالادب بالفارسية والعربية معدود من اساتذتهما واليه يرجع في مشكلاتهما، وخطبه مشتملة على عبارات جزلة وألفاظ مستطرفة، وله شعر جيد »(١) .

٢ - وقال العلامة المحدث القمي - في ذيل ترجمة السيد حامد حسين - ما تعريبه:

« وجناب السيد مير ناصر حسين خلفه في جميع الملكات والآثار ووارث ذاك البحر الزخار، وهو مصداق قوله:

ان السري اذا سرى فبنفسه

وابن السرى اذا سرى أسراهما

ولم يترك جهود والده تذهب سدى، بل اشتغل بتتميم عبقات الانوار واخرج الى البياض حتى الان عدة مجلدات وطبعت، أدام الباري بركات وجوده الشريف وأعانه لنصرة الدين الحنيف »(٢) .

٣ - وقال المحقق العلامة الشيخ التبريزي ما تعريبه ملخصاً:

« السيد ناصر حسين الملقب بـ ( شمس العلماء ) - كان عالماً متبحراً فقيهاً أصولياً محدثاً رجالياً كثير التتبع واسع الاطلاع دائم المطالعة، من اعاظم علماء الامامية في الهند والمرجع في الفتيا لاهالى تلك البلاد »(٣) .

٤ - وقال المحقق الشيخ محمد هادى الاميني:

« امام في الفقه والحديث والرجال والادب »(٤) .

____________________

(١). أعيان الشيعة ٤٩ / ١٠٧ - ١٠٨.

(٢). هدية الاحباب ١٧٧.

(٣). ريحانة الادب ٤ / ١٤٤ - ١٤٥.

(٤). معجم رجال الفكر والادب ٣٩٠.

١٤٣

٥ - وقال العلامة السيد محمد مهدي الاصفهاني:

« شمس العلماء السيد ناصر حسين. عارف بالرجال والحديث، واسع التتبع، كثير الاطلاع، دائم المطالعة، وهو أحد مراجع أهالي هند. ولد سلمه الله في ١٩ جمادى الثانية ١٢٨٤ »(١) .

٦ - وقال العلامة السيد مرتضى حسين اللاهوري:

« هذا السيد العظيم شبل من ذاك الاسد، آية من آيات الله، قد أتم به الحجة وأوضح المحجة، كان فقيهاً محدثاً رجالياً متضلعاً، أديباً متطلعاً، خطيباً مفوهاً عالي الهمة، نبيه المنزلة، واسع العطاء، كريم الاخلاق، لين الجانب، ذا فكرة وقادة، حصيف الرأي، مرجع الامور، نافذ الامر، ومع أعمال المرجعية وأشغاله الكثيرة كان ضابطاً للاوقات، مثابراً على التحقيق والبحث، عاكفاً على التصنيف والتأليف، حتى في أضيق الاحوال والمرض والاسقام، يروح ويغدو دائماً في المكتبة ويجلس طول النهار، فكتب وأكثر وصنف وأفاض، فأتم قسماً هاماً من تأليف عبقات الانوار. ونشر كتب والده، ووسع في المكتبة، الى ان صارت تلك الخزانة من اكبر خزائن الكتب للشيعة واشهرها في العالم »(٢) .

اساتذته:

قرأ العلوم الدينية على والده المرحوم والمفتي محمد عباس، وغيرهما.

مؤلفاته:

ذكر مترجموه الكتب التالية له ( عدا ما كتبه من عبقات الانوار ):

____________________

(١). أحسن الوديعة: ١٠٤.

(٢). الفضل الجلى. طبع مقدمةً لتشييد المطاعن.

١٤٤

١ - نفحات الازهار في فضائل الأئمة الاطهارعليهم‌السلام .

٢ - ديوان شعر(١) .

٣ - كتاب المواعظ.

٤ - ديوان الخطب(٢) .

٥ - كتاب الانشاء(٣) .

٦ - اسباغ النائل بتحقيق المسائل(٤) .

٧ - مسند فاطمة بنت الحسينعليهما‌السلام (٥) .

٨ - ما ظهر من الفضائل لامير المؤمنينعليه‌السلام يوم خيبر(٦) .

٩ - نفحات الانس في وجوب السورة(٧) .

١٠ - اثبات رد الشمس لامير المؤمنينعليه‌السلام ودفع ما أورد عليه من الشبهات(٨) .

١١ - سبائك الذهبان في الرجال والأعيان(٩) .

١٢ - فهرست أنساب السمعاني(١٠) .

هذا وقد طبع له أخيراً كتاب « افحام الاعداء والخصوم » في نفي تزويج عمر بأم كلثوم، حققه وقدم له العلامة الشيخ محمد هادي الاميني، وهو كتاب قيّم يحوي مطالب جليلة، لكن لا أدري لماذا لم يذكر له فيما كان

____________________

(١). الذريعة ٩ / ١١٥٤.

(٢). المصدر ٧ / ١٨٦.

(٣). المصدر ٢ / ٣٩٥.

(٤). الذريعة ٢ / ٣.

(٥). الفضل الجلى.

(٦). الذريعة ١٩ / ٢٢.

(٧). الفضل الجلى.

(٨). الذريعة ١ / ٩٥.

(٩). الفضل الجلى في حياة السيد محمد قلى.

(١٠). المصدر.

١٤٥

بأيدينا من المصادر بل لم يذكره له الاميني حيث ترجم للسيد ناصر حسين في مجلة المكتبة الصادرة عن مكتبة أمير المؤمنينعليه‌السلام بالنجف الاشرف.

وفاته:

توفي - كما الفضل الجلى - في غرة رجب سنة ١٣٦١، ودفن عند مرقد القاضي التستري الشهيدقدس‌سره بمدينة ( آگره ) بالهند حسب وصيته.

*(٦)*

ترجمة السيد ذاكر حسين

هو: السيد ذاكر حسين ابن السيد حامد حسين، وكان من كبار العلماء البارزين في بلاد الهند، وكان أديباً شاعراً(١) .

اساتذته:

لم نقف له الا على السيد ناصر حسين، ولعله قرأ على غيره ايضاً.

مؤلفاته:

قال شيخنا العلامة الطهراني:

« له آثار: منها: ( الادعية المأثورة )، طبع في الهند وعليه تقريظ اخيه العلامة السيد ناصر حسين المتوفى سنة ١٣٦١ وتصديقه باعتبارها كما ذكرناه في الذريعة ١ / ٣٩٩.

وكان معين اخيه المذكور في تتميم مجلدات ( العبقات ).

____________________

(١). ريحانة الادب ٤ / ١٤٤.

١٤٦

وله ( ديوان شعر ) بالفارسية والعربية معاً.

وله ( حواشي على عبقات ) والده »(١) .

*(٧)*

ترجمة السيد محمد سعيد

هو: السيد محمد سعيد ابن السيد ناصر حسين، وكان عالماً فاضلا مجتهداً متكلماً محققاً مؤلفاً.

ولادته:

ولد السيد محمد سعيد في ٨ محرم ١٣٣٣ في لكهنو.

اساتذته:

شب وترعرع في أحضان العلماء في لكنهو، وعلى رأسهم والده العلامة ثم هاجر الى النجف الاشرف، وحضر على كبار العلماء حتى بلغ الدرجات العالية والمقامات السامية، وكان من أشهر اساتذته في المرحلة الاخيرة من دراساته: سيد الطائفة في عصره السيد ابو الحسن الاصفهانى، وشيخ المحققين الاستاذ الشيخ آغا ضياء الدين العراقي.

شخصيته العلمية والاجتماعية:

بعد ما فرغ من الدروس وبرزت شخصيته ولمع نجمه، عاد الى بلده ( لكنهو ) حيث تولى شؤون الرئاسة العلمية والدينية بجدارة، وكانت له هيبة في قلوب العامة ومكانة لدى جميع الطبقات.

____________________

(١). أعلام الشيعة ٧١٤.

١٤٧

زار العتبات المقدسة مراراً وحل ضيفاً بكربلاء في دار والدنا آية الله السيد نور الدين الميلاني، فكنا مسرورين مبتهجين بمجلسه، مستفيدين من علومه ومعلوماته، ومنه اخذنا جملة من معلوماتنا حول ( عبقات الانوار )، ولقد كان على جانب عظيم من الاخلاق الكريمة والسجايا الفاضلة.

مؤلفاته:

ألف كتباً تحقيقية كثيرة الفائدة، وهي ( عدا ما كتبه من أحاديث العبقات ):

١ - الامام الثاني عشر، ألفه حينما كان في النجف الاشرف رداً على كلمات جاءت في كتاب ( سبائك الذهب في معرفة انساب العرب للسويدى ) « وانما توجد كلماته المردودة في الطبع الاول من السبائك، فان الطبع الثاني اسقطت عنه تلك الكلمات »(١) وقد طبع بالنجف الاشرف سنة ١٣٤٥(٢) .

٢ - مسانيد الائمةعليهم‌السلام (٣) .

٣ - الايمان الصحيح « كتاب تحقيقي علمي يبحث فيه عن العقائد الصحيحة تحت اشعة القرآن الشريف »(٤) .

٤ - معراج البلاغة، جمع فيه خطب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٥ - مدينة العلم، بحث فيه حديث الباب(٥) .

____________________

(١). الذريعة ٢ / ٣١٩.

(٢). وفي سنة ١٣٩٣ للمرة الثانية مع تعليقات واضافات منا.

(٣). رأيناه في المكتبة الناصرية، وهو كتاب كبير.

(٤). الذريعة ٢ / ٥١٤.

(٥). الذريعة ٢٠ / ٢٥١. رد به على ( ابن عاشور ) شيخ الاسلام بتونس، وله مقدمة بقلم المرحوم الحجة السيد هبة الدين الشهرستاني.

١٤٨

٦ - آية التطهير(١) .

٧ - آية الولاية(٢) .

٨ - شرح خطبة الزهراءعليها‌السلام (٣) .

هذا بالاضافة الى ما كتبه من ( عبقات الانوار ).

وفاته:

توفىرحمه‌الله بالهند في ١٢جمادى الثانية سنة ١٣٨٧ وقد اقيمت مجالس الفاتحة على روحه الطاهرة، ودفن الى جنب والده المرحوم في صحن السيد التستري الشهيد، واعقب الخطيب الفاضل السيد على ناصر(٤) .

*(٨)*

ترجمة السيد محمد نصير

هو: السيد محمد نصير ابن السيد ناصر حسين المولود سنة ١٣١٧ كانرحمه‌الله عالماً كبيراً واستاذاً جليلا درس في النجف الاشرف وتخرج على كبار العلماء، ثم لما عاد الى بلاده اقتضت الظروف الخاصة والمصلحة العامة للمسلمين ان يدخل الحقل السياسى، فدخل المجلس النيابى منتخباً من قبل الشيعة الامامية.

____________________

(١). الفضل الجلى.

(٢). المصدر.

(٣). المصدر.

(٤). مصادر الترجمة: الذريعة، معجم رجال الفكر ٣٩٠، مؤلفين كتب چاپى ٣ / ٢٣ الفضل الجلى في حياة السيد محمد قلى، معلومات شخصية.

١٤٩

مؤلفاته:

١ - ديوان شعر.

٢ - مجمع الاداب.

٣ - التطهير.

٤ - ترجمة وجوب السورة في الصلاة الى الاردوية.

وفاته:

توفى في ( لكنهو ) سنة ١٣٨٦ وحمل نعشه الى العراق فدفن في كربلاء في الصحن الشريف بمقبرة شيخ الطائفة في عصره الزعيم المجاهد الميرزا الشيرازيقدس‌سره ، واقيمت على روحه مجالس الفاتحة في كل مكان(١) . منها: المجلس الذي اقامه سيدي الوالد آية الله السيد نور الدين الميلاني بكربلاء.

الباب السابع

المكتبة الناصرية

ومن آثار هذه الاسرة وخدماتهم للعلم والطائفة: المكتبة العظيمة التي خلفتها في مدينة لكهنو، هذه المكتبة التي كانت كتب العلامة السيد محمد قلي نواة لها، ثم ضم إليها نجله السيد حامد حسين كلما حصل اليه من الكتب، ولا سيما ما كان يفحص عنه وحصل عليه في البلاد المختلفة من امهات المصادر في مختلف العلوم والفنون لاجل كتابه عبقات الانوار ثم سعى نجله السيد ناصر حسين في تطويرها وتوسعتها فاشتهرت بالمكتبة الناصرية

لقد كانت في زمن السيد حامد حسين تحتوي على ثلاثين ألف

____________________

(١). مصادر الترجمة: معجم رجال الفكر ٣٩٠ الفضل الجلى - معلومات شخصية.

١٥٠

كتاب، قال شيخنا الطهراني بترجمته: « وللمترجم خزانة كتب جليلة وحيدة في لكهنو بل في بلاد الهند، وهي احدى مفاخر العالم الشيعي، جمعت ثلاثين ألف كتاب بين مخطوط ومطبوع، من نفائس الكتب وجلائل الاثار، ولا سيما تصانيف أهل السنة من المتقدمين والمتأخرين.

حدثني شيخنا العلامة الميرزا حسين النوري أن المترجم كتب اليه من لكهنو يطلب منه إرسال احد الكتب اليه، فأجابه الاستاذ بأنه من العجيب خلو مكتبتكم من هذا الكتاب على عظمها واحتوائها. فأجابه المترجم بأن من المتيقن لدي وجود عدة نسخ من هذا الكتاب، ولكن التفتيش عنه والحصول عليه أمر يحتاج الى متسع من الوقت، والكتاب الذي ترسله الي يصلني قبل وقوفي على الكتاب الذي هو في مكتبتى التي أسكنها. انتهى. فمن هذا يظهر عظم المكتبة واتساعها. وحدثني بعض فضلاء الهند أن أحد اهل الفضل حاول تأليف فهرس لها وفشل في ذلك.

وقد أهدى إليّ بعض أجلاء الأصدقاء صورة جانب واحد من جوانبها الأربع وهو كتب التفاسير، وقد زرناه فادهشنا. وبالجملة فان مكتبة هذا الامام الكبير من أهم خزائن الكتب في الشرق »(١) .

وقال السيد محسن الامين: « ومكتبته في لكهنو وحيدة في كثرة العدد من صنوف الكتب، ولا سيما كتب غير الشيعة. ويناهز عدد كتبها الثلاثين ألفاً ما بين مطبوع ومخطوط فيما كتبه الشيخ محمد رضا الشبيبي في مجلة العرفان ما صورته: من أهم خزائن الكتب الشرقية في عصرنا هذا: خزانة كتب المرحوم السيد حامد حسين اللكهنوي - نسبة الى لكهنو من بلاد الهند - صاحب كتاب عبقات الانوار الكبير في الامامة، من ذوي العناية بالكتاب والتوفر على جمع الاثار، أنفق الاموال الطائلة على نسخها ووراقتها، وفي كتابه عبقات الانوار المطبوع في الهند ما يشهد على ذلك.

____________________

(١). أعلام الشيعة - نقباء البشر ١ / ٣٤٨.

١٥١

وقد اشتملت خزانة كتبه على ألوف من المجلدات فيها كثير من نفائس المخطوطات القديمة»(١) .

وفي ( أحسن الوديعة ) بترجمته: « وله مكتبة كبيرة في لكهنو وحيدة في كثرة العدد من صنوف الكتب، ولا سيما كتب المخالفين ».

وجاء في ( صحيفة المكتبة ) الصادرة عن مكتبة أمير المؤمنينعليه‌السلام في النجف الاشرف في ذكر المكتبات التي زارها العلامة الحجة المجاهد صاحب الغدير في مدينة لكهنو بالهند ما نصه: « مكتبة الناصرية العامة. تزدهر هذه المكتبة العامرة بين الاوساط العلمية وحواضر الثقافة في العالم الاسلامي بنفائسها الجمة، ونوادرها الثمينة، وما تحوي خزانتها من الكتب الكثيرة في العلوم العالية من: الفقه وأصوله، والتفسير، والحديث، والكلام، والحكمة والفلسفة، والاخلاق، والتاريخ، واللغة، والادب. الى معاجم ومجاميع وموسوعات في الجغرافيا، والتراجم، والرجال، والدراية، والرواية.

وهي نتيجة فكرة ثلاثة من أبطال العلم والدين، جمعت يمنى كل منهم قسماً من هذه الثروة الاسلامية الطائلة في حياته السعيدة، فأسدى بها الى أمة القرآن الكريم خدمة كبيرة، تذكر وتشكر مع الأبد، ولم يكتف أولئك الفطاحل بذلك الى أن وقف كل منهم ما له عليه وقفاً. فغدت يقضي بها كل عالم مأربه، ويسد بها كل ثقافي حاجته.

وكانت النواة لها مكتبة السيد محمد قلي الموسوي ثم حذا حذوه وضم كتبه إليها نجله القدوة والاسوة السيد حامد حسين ثم شفعت تلك المكتبة بمكتبة شبله السيد ناصر حسين

وهذه المكتبة العامرة تسمى باسمه، يناهز عدد كتبها اليوم ثلاثين ألفاً من المطبوع والمخطوط، يقوم بادارة شئونها شقيقي الفضيلة: السيد محمد سعيد العبقاتي، والزعيم المحنك السيد محمد نصير العبقاتي، وقد شيدت لها

____________________

(١). أعيان الشيعة - بترجمة السيد حامد حسين.

١٥٢

حين كنا في تلكم الديار بهمتهما القعساء بناية فخمة تقع في أهدء مكان، قد خصصت لها الادارة المحلية لمتصرفية لكهنو، والادارة المركزية للشئون الثقافية للحكومة الهندية منحة مالية سنوية لادارة شئونها، وتسديد رواتب موظفيها، وهي وان كانت جل ذلك فضلا عن الكل، الا انها مساعدة تحمد عليها وتقدر ».

ثم ذكر الكاتب أسماء نفائس من هذه الحرّانة مما وقف عليه العلامة الاميني وغيره

ونحن نضيف الى تلك الاسماء قائمة بأسماء جملة من الكتب التي ذكرها صاحب العبقات في ثنايا الكتاب، ونص على وجود النسخ العتيقة الثمينة منها عنده:

١ - العلل المتناهية في الاحاديث الواهية لابن الجوزي.

٢ - بغية الطالبين - رسالة الاسانيد للشيخ أحمد النخلي.

٣ - قصص الانبياء لابي الحسن محمد بن عبد الله الكسائي.

٤ - نقاوة الملل وطراوة النحل لعبد الوهاب الروداوري.

٥ - ألف باء في المحاظرات للبلوي.

٦ - زاد المسير لجلال الدين السيوطي.

٧ - تهذيب الكمال في أسماء الرجال لابي الحجاج المزي.

٨ - العلل ( الجزء الثالث منه ) لابي الحسن علي بن عمر الدارقطني.

٩ - ميزان الاعتدال في نقد الرجال لشمس الدين الذهبي. عنده ثلاث نسخ منه.

١٠ - المنح المكية في شرح القصيدة الهمزية لابن حجر المكي. نسخة مستنسخة عن أصل نسخة الشارح.

١١ - الكوكب المنير في شرح الجامع الصغير للعلقمي.

١٢ - الضوء اللامع لاهل القرن التاسع لشمس الدين السخاوي. النسخة بخط عبد العزيز بن فهد المكي، عليها خط المصنف واجازته لابن

١٥٣

فهد المذكور.

١٣ - الفصول المهمة في معرفة الائمة لنور الدين ابن الصباغ المالكي. عنده منه نسختان.

١٤ - المقاصد الحسنة في الاحاديث المشتهرة على الالسنة لشمس الدين السخاوي. عنده منه نسخ عديدة.

١٥ - لواقح الانوار في طبقات السادة الاخيار لعبد الوهاب الشعراني. عنده منه ثلاث نسخ، واحدة منها محشاة بخط الميرزا محمد بن معتمد خان البدخشاني.

١٦ - النور السافر عن أخبار القرن العاشر. للعيدروس.

١٧ - غاية المرام بأخبار سلطنة البلد الحرام. لابن فهد المكي. نسخة مكتوبة في حياة مؤلفه.

١٨ - العرائس في قصص الانبياء لابي إسحاق الثعلبي.

١٩ - الاربعين في فضائل أمير المؤمنين لعطاء الله بن فضل الله المحدث الشيرازي.

٢٠ - ملحقات الابحاث المسددة في الفنون المتعددة لصالح بن مهدي المقبلي الصنعاني.

٢١ - التاريخ الصغير لمحمد بن اسماعيل البخاري.

٢٢ - الموضوعات لابن الجوزي.

٢٣ - شرح منهاج البيضاوي لبرهان الدين عبيد الله بن محمد العبري الفرغاني.

٢٤ - شرح منهاج البيضاوي لكمال الدين محمد بن محمد ابن امام الكاملية. نسخة مقروة على المصنف وعليها خطه.

٢٥ - الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد.

٢٦ - اقتصاد الاعتقاد لابي حامد الغزالي.

٢٧ - خصائص أمير المؤمنينعليه‌السلام للنسائي. عنده منه نسختان

١٥٤

احداهما مصححة من قبل بعض الافاضل.

٢٨ - المسند لاحمد بن حنبل.

٢٩ - المنمق لابن حبيب البغدادي.

٣٠ - الثقات لابن حبان البستي.

٣١ - نوادر الاصول للحكيم الترمذي.

٣٢ - المعجم الصغير للطبراني.

٣٣ - المفاتيح في شرح المصابيح لشمس الدين محمد بن المظفر الخلخالي.

٣٤ - المنتقى في سيرة المصطفى لسعيد الدين محمد بن مسعود الكازروني.

٣٥ - احياء الميت بفضائل أهل البيت لجلال الدين السيوطي. عنده منه نسختان في إحداهما أربعون حديثاً وفي الأخرى ستون حديثاً.

٣٦ - حلية الاولياء لابي نعيم الاصبهاني.

الباب الثامن

كتاب التحفة الاثنا عشرية

هو كتاب انتشر في أوائل القرن الثالث عشر الهجري في بلاد الهند باللغة الفارسية، وكان في طبعته الاولى عليه اسم مستعار هو « غلام حليم » وهذا الاسم هو مادة تاريخ ولادة مؤلفه عبد العزيز الدهلوي - ثم وضع اسمه الصريح في طبعته الثانية.

وموضوع هذا الكتاب استعراض عقائد الشيعة - ولا سيما الاثني عشرية - في التوحيد والنبوة والامامة والمعاد - وغيرها ثم نقدها والرد عليها، ولقد ذكر صاحبه في أوله ومواضع عديدة منه التزامه بنقل ما هو المسلم والمتفق عليه، الا أنه ملأ الكتاب بأشياء تخالف الواقع وتنافي الحقيقة، ولا سيما في باب الامامة، حيث انكر الاحاديث ودلالة الايات على امامة علي

١٥٥

أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وشحنه بأكاذيب ومفتريات لم يأت بها أحد من قبله.

وهذا ما دعاء علماء الشيعة - ولا سيما صاحب العبقات - الى الرد عليه وبيان ما هو الواقع والصحيح، فأثبتوا الاحاديث سنداً ودلالة، وظهور دلالة الآيات الكريمة في عقيدة الشيعة الامامية، على ضوء كتب العامة وكلمات علمائهم.

ولم يكن عبد العزيز الدهلوي يقصد من تأليف هذا الكتاب ونشره الا اشاعة الفتنة بين الطوائف الاسلامية وضرب بعضها ببعض.

والجدير بالذكر: انه قد ثبت لدى المحققين ان ( التحفة ) هذه مسروقة من كتاب ( الصواقع ) لنصر الله الكابلي، وقد ترجمه ( الدهلوي ) الى الفارسية.

أ - فهرس هذا الكتاب

ولقد جاء ذكر الاحاديث الاثني عشر التي أجاب عنها في الباب السابع حيث بحث فيه الامامة، وكان رد ( صاحب العبقات ) على حسب ترتيبه، ابتداءاً بحديث الغدير، وانتهاءاً بالثقلين.

هذا ولمزيد الفائدة نذكر عناوين أبواب التحفة:

الباب الاول: في ذكر فرق الشيعة وبيان كيفية حدوث مذهب التشيع.

الباب الثاني: في ذكر مكايد الشيعة.

الباب الثالث: في ذكر اسلاف الشيعة وعلمائهم وتصانيفهم.

الباب الرابع: في أخبار الشيعة ورواتهم.

الباب الخامس: في الالهيات.

الباب السادس: في النبوات.

الباب السابع: في الامامة.

الباب الثامن: في المعاد.

الباب التاسع: في مسائل فقهية.

١٥٦

الباب العاشر: في مطاعنهم في الخلفاء الثلاثة وغيرهم.

الباب الحادي عشر: في ما يختص به الشيعة ولم يوجد عند غيرهم من فرق الاسلام.

الباب الثاني عشر: في التولي والتبري.

ب - طبعاته:

والظاهر ان ( التحفة ) طبعت أكثر من مرة كما مر، وأما ترجمتها الى اللغة العربية فقد طبعت مراراً كما سيأتي.

ج - ترجمته الى مختلف اللغات:

لقد ترجم « الحافظ غلام محمد بن الشيخ محي الدين بن الشيخ عمر المدعو بالاسلمى » تلميذ المولوي عبد العلى بن نظام الدين التحفة الى العربية وسماها بالترجمة العبقرية والصولة الحيدرية للتحفة الاثنا عشرية »(١) وجاء في مقدمة كتاب ( المنحة الالهية في مختصر التحفة الاثني عشرية ) انه قد اختصره من ( ترجمة العالم العلامة والنحرير الفهامة الشيخ غلام محمد الاسلمي الهندي ). وعلى هذا فالترجمة الاولى ( للتحفة ) كانت الى اللغة العربية ومن قبل غلام محمد المذكور.

ثم جاء محمود شكري الالوسي فهذب ألفاظ تلك الترجمة واختصرها باسم ( المنحة الالهية تلخيص ترجمة التحفة الاثني عشرية ) وقدمه الى السلطان عبد الحميد العثماني قائلا:

« وقدمته لاعتاب خليفة الله في أرضه ونائب رسوله عليه الصلاة والسلام في سنته وفرضه، الذي راعى رعاياه بجميل رعايته ودبرهم بصائب تدبيره وواسع درايته، وسلك أحسن المسالك في استقامة أمورهم وصيانة

____________________

(١). هكذا جاء في عبقات الانوار، قسم حديث الغدير عند النقل عنه.

١٥٧

نفوسهم وحراسة جمهورهم، وخص من بينهم علماء دولته وصلحاء ملته بحسن ملاحظته وفضل محافظته، تمييزاً لهم بالعناية، وتخصيصاً بما يجب من الرعاية ووضعاً للامور مواضعها واصابة بها مواقعها، وهو أمير المؤمنين الواجب طاعته على الخلق أجمعين سلطان البرين وخاقان البحرين السلطان ابن السلطان، السلطان الغازي عبد الحميدخان ابن السلطان الغازي عبد المجيد خان.

اللهم أيده بنصرك وانصره لتأييد ذكرك، واطمس شر سويداء قلوب أعدائه وأعدائك، ودق أعناقهم بسيوف قهرك وسطوتك ».

وقسم الالوسي ترجمته هذه الى تسعة أبواب وهذا تفصيلها:

الباب الاول: في ذكر فرق الشيعة وبيان أسلافهم ونبذة من مكايدهم.

الباب الثاني: في بيان أقسام الشيعة وأحوال رجال أسانيدهم.

الباب الثالث: في الالهيات.

الباب الرابع: في النبوة.

الباب الخامس: في الامامة ( وفيه الايات والاحاديث والدلائل العقلية التي يستند اليها الشيعة على امامة الامير بلا فصل ).

الباب السادس: في بعض عقائد الامامية المخالفة لعقائد أهل السنة.

الباب السابع: في الاحكام الفقهية.

الباب الثامن: في المطاعن.

الباب التاسع: في ذكر ما اختص بهم ولم يوجد عند غيرهم من فرق الاسلام.

ولقد طبع هذا الكتاب في « بمبىء » سنة ١٣٠١، ثم طبع ثانية في مصر من قبل مدير مجلة ( الازهر )، وطبع مرة أخرى مع تعاليق المدعو بمحب الدين الخطيب.

هذا وقد جاء في بعض فهارس ( لاهور ) انه قد طبع مترجماً الى اللغة الاردوية أيضاً.

١٥٨

د - الردود عليه

لقد رد على ( التحفة ) جماعة من كبار علماء الشيعة، وهذه أسماؤهم ( عدا العبقات ):

١ - أبو أحمد محمد بن عبد النبي بن عبد الصانع الاخباري النيسابوري المقتول سنة ١٢٣٢، وقد سماه بـ ( السيف المسلول على مخربي دين الرسول )(١) .

٢ - السيد دلدار علي النقوي المتقدمة ترجمته، وهو في أربعة مجلدات رد بها على أبواب ( التحفة ) الخامس والسادس والسابع والثاني عشر، وقد سمى كل مجلد باسم وبعض هذه المجلدات مطبوع.

٣ - الميرزا محمد بن عناية أحمدخان الكشميري الملقب بـ ( الكامل ) والمتوفى سنة ١٢٣٥ مسموماً، وقد سماه بـ ( النزهة الاثنا عشرية )، وقد ترجم له السيد اعجاز حسين في رسالة خاصة كما تقدم، كما ذكره السيد محسن الامينرحمه‌الله (٢) .

٤ - السيد محمد قلي المتقدم ذكره، وقد سماه بـ ( الاجناد الاثنا عشرية المحمدية ) وهو في مجلدات رد بها على الابواب: الاول والثاني والسابع والعاشر والحادي عشر من ( التحفة ) وهذه كلها مطبوعة، وقد سمى رده على الباب العاشر بـ ( تشييد المطاعن ) وهو في ثلاثة أجزاء ضخام.

٥ - الشيخ سبحان علي خان الهندي المتوفى بعد عام ١٢٦٠، وقد سماه بـ ( الوجيزة في الاصول ).

٦ - السيد محمد ابن السيد دلدار علي النقوي المتوفى سنة ١٢٨٤ وقد سماه بـ ( الامامة )(٣) باللغة العربية، وهو رد على الباب السابع، كما ان له

____________________

(١). الذريعة ١٢ / ٢٨٨.

(٢). أعيان الشيعة ٤٦ / ٢٠٨.

(٣). الذريعة ٢ / ٣٣٥.

١٥٩

عليه رداً آخر بالفارسية سماه بـ ( البوارق الالهية )(١) .

٧ - السيد جعفر الموسوي الدهلوي، وقد رد على البابين: السابع والعاشر من ( التحفة ).

٨ - المولوي خير الدين محمد الاله آبادي، وقد سماه بـ ( هداية العزيز ) وهو رد على الباب الرابع من ( التحفة ).

٩ - السيد المفتي محمد عباس التستري المتوفى سنة ١٣٠٦، وقد سماه بـ ( الجواهر العبقرية ) وهو رد على ما ذكره في ( التحفة ) في الباب السابع حول غيبة المهديعليه‌السلام ، وهو مطبوع(٢) .

هذا ولقد رد على المنحة الالهية - تلخيص مختصر التحفة الاثني عشرية - المذكور سابقاً علمان من أعلام الطائفة الشيعية وهما:

١ - الحجة الكبير المجاهد الشيخ محمد مهدي الخالصي الكاظمي المتوفى سنة ١٣٤٣ وقد سماه بـ ( تصحيف المنحة الالهية عن النفثة الشيطانية ) في ثلاثة مجلدات(٣) .

٢ - العلامة الحجة الاية الشيخ ميرزا فتح الله شيخ الشريعة المتوفى سنة ١٣٣٩(٤) .

الباب التاسع

ترجمة صاحب التحفة

هو الشيخ المحدث عبد العزيز بن ولي الله بن عبد الرحيم العمري ( ينتهي نسبه الى عمر بن الخطاب ) الدهلوي.

____________________

(١). المصدر ٣ / ٩٧.

(٢). الذريعة ٥ / ٢٧١.

(٣). المصدر ٣ / ٦٣٣.

(٤). أعيان الشيعة ٤٢ / ٢٥٩.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

بعد ذلك من أدنى الحرم. وكذا لو أفرد عن غيره أو تمتّع أو قرن ثم اعتمر من أدنى الحِلّ ، كلّ هذا لا دم عليه ؛ لتركه الإحرام من الميقات بلا خلاف.

وأمّا إن أفرد عن غيره ثم اعتمر لنفسه من خارج الحرم دون الحِلّ ، قال الشافعي في القديم : عليه دم(١) .

وقال أصحابه : على هذا لو اعتمر عن غيره ثم حجّ عن نفسه فأحرم بالحجّ من جوف مكّة ، فعليه دم ؛ لتركه الإحرام من الميقات(٢) .

وعندنا أنّه لا دم عليه ؛ للأصل.

ولو اعتمر في أشهر الحجّ ولم يحج في ذلك العام بل حجَّ من العام المقبل مفرداً له عن العمرة ، لم يجب الدم ؛ لأنّه لا يكون متمتّعاً ، وهو قول عامّة العلماء ، إلّا قولاً شاذّاً عن الحسن البصري فيمن اعتمر في أشهر الحجّ فهو متمتّع حجَّ أو لم يحجّ(٣) .

وأهل العلم كافّة على خلافه ؛ لقوله تعالى :( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ) (٤) وهو يقتضي الموالاة بينهما.

ولأنّ الإجماع واقع على أنّ من اعتمر في غير أشهر الحجّ ثم حجَّ من عامه ذلك ، فليس بمتمتّع ، فهذا أولى ؛ لكثرة التباعد بينهما.

مسألة ٥٨٢ : قد بيّنّا أنّ المتمتّع بعد فراغه من العمرة لا ينبغي له أن يخرج من مكّة حتى يأتي بالحجّ ؛ لأنّه صار مرتبطاً به ؛ لدخولها فيه ؛ لقولهعليه‌السلام : ( دخلت العمرة في الحجّ هكذا ) وشبّك بين أصابعه(٥) .

____________________

(١ و ٢ ) حكاه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٢٨١ ، المسألة ٥٦.

(٣) المغني ٣ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٧.

(٤) البقرة : ١٩٦.

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٨ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٤ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٤ / ٣٠٧٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٦ - ٤٧.

٢٤١

وقال الله تعالى :( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ ) (١) .

فلو خرج من مكّة بعد إحلاله ثم عاد في الشهر الذي خرج منه ، صحّ له أن يتمتّع ، ولا يجب عليه تجديد عمرة ، وإن عاد(٢) في غير الشهر ، اعتمر اُخرى ، وتمتّع بالأخيرة ، ووجب عليه الدم بالأخيرة.

ولا يسقط عنه الدم ؛ لقوله تعالى :( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٣) وما تقدّم من الأحاديث الدالّة على صحّة العمرة إن رجع في الشهر الذي خرج فيه ، ووجوب إعادتها إن رجع في غيره ، وعلى التقديرين يجب الدم.

وقال عطاء والمغيرة وأحمد وإسحاق : إذا خرج إلى سفر بعيد تقصر الصلاة في مثله ، سقط عنه الدم ؛ لقول عمر : إذا اعتمر في أشهر الحجّ ثم أقام ، فهو متمتّع ، فإن خرج ورجع ، فليس بمتمتّع(٤) .

وهو محمول على مَنْ رجع في غير الشهر الذي خرج فيه ؛ جمعاً بين الأدلّة.

وقال الشافعي : إن رجع إلى الميقات ، فلا دم عليه(٥) .

وقال أصحاب الرأي : إن رجع إلى مصره ، بطلت متعته ، وإلّا فلا(٦) .

وقال مالك : إن رجع إلى مصره أو إلى غيره أبعد من مصره ، بطلت متعته ، وإلّا فلا(٧) .

____________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) في « ق ، ك ‍» : وإن دخل.

(٣) البقرة : ١٩٦.

(٤) المغني ٣ : ٥٠٢ و ٥٠٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٨.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٨ ، المجموع ٧ : ١٧٧ ، فتح العزيز ٧ : ١٤٧ ، المغني ٣ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٨.

(٦) المغني ٣ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٨.

(٧) المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٣٢ ، المغني ٣ : ٥٠٢ - ٥٠٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٨.

٢٤٢

وقال الحسن : هو متمتّع وإن رجع إلى بلده. واختاره ابن المنذر(١) .

مسألة ٥٨٣ : إنّما يجب الدم على مَنْ أحلّ من إحرام العمرة ، فلو لم يحلّ وأدخل إحرام الحجّ عليها ، بطلت المتعة ، وسقط الدم ، وبه قال أحمد(٢) .

قالت عائشة : خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عام حجّة الوداع ، فأهللنا بعمرة ، فقدمت مكّة وأنا حائض لم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ، فشكوت ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ( انقضى رأسك وامتشطي وأهلّي بالحجّ ودعي العمرة ) قالت : ففعلت فلمـّا قضينا الحجّ أرسلنا مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت معه ، فقال : هذا مكان عمرتك(٣) .

قال عروة : فقضى الله حجّها وعمرتها ولم يكن في شي‌ء من ذلك هدي ولا صوم ولا صدقة(٤) .

ولأنّ الهدي إنّما يجب على المتمتّع ، والتقدير بطلان متعته.

أمّا المكّي لو تمتّع وجوّزناه فإنّه يجب عليه الهدي.

ولو دخل الآفاقي متمتّعاً إلى مكّة ناوياً للإقامة بها بعد تمتّعه ، فعليه دم المتعة ، أجمع عليه العلماء ؛ للآية(٥) ، وبالعزم على الإقامة لا يثبت له حكمها.

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٠٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٨ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٣٢.

(٢) المغني ٣ : ٥٠٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٨.

(٣) صحيح البخاري ٥ : ٢٢١ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٧٠ / ١٢١١ ، سنن أبي داود ٢ : ١٥٣ / ١٧٨١ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٤٦ - ٣٤٧ ، المغني ٣ : ٥٠٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٨.

(٤) المغني ٣ : ٥٠٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٨ ، وانظر صحيح مسلم ٢ : ٨٧٢ ذيل الحديثين ١١٥ و ١١٧.

(٥) البقرة : ١٩٦.

٢٤٣

ولو كان مولده ومنشؤه بمكّة ، فخرج منتقلاً مقيماً بغيرها ثم عاد إليها متمتّعاً ناوياً للإقامة أو غير ناوٍ لها ، فعليه دم المتعة - وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق(١) - لأنّ حضور المسجد الحرام إنّما يحصل بنيّة الإقامة وفعلها ، وهذا إنّما نوى الإقامة إذا فرغ من أفعال الحجّ ؛ لأنّه إذا فرغ من عمرته فهو ناوٍ للخروج إلى الحجّ ، فكأنّه إنّما نوى أن يقيم بعد أن يجب الدم.

مسألة ٥٨٤ : الآفاقي إذا ترك الإحرام من الميقات ، وجب عليه الرجوع إليه والإحرام منه‌ مع القدرة ، فإن عجز ، أحرم من دونه لعمرته ، فإذا أحلّ ، أحرم بالحجّ من عامه وهو متمتّع ، وعليه دم المتعة ، ولا دم عليه لإحرامه من دون الميقات ؛ لأنّه تركه للضرورة.

قال ابن المنذر وابن عبد البرّ : أجمع العلماء على أنّ مَنْ أحرم في أشهر الحجّ بعمرة وأحلّ منها ولم يكن من حاضري المسجد الحرام ثم أقام بمكة حلالاً ثم حجّ من عامه أنّه متمتّع عليه دم المتعة(٢) .

وقال بعض العامّة : إذا تجاوز الميقات حتى صار بينه وبين مكّة أقلّ من مسافة القصر فأحرم منه ، فلا دم عليه للمتعة ؛ لأنّه من حاضري المسجد الحرام(٣) .

وليس بجيّد ، فإنّ حضور المسجد إنّما يحصل بالإقامة به ونيّة الإقامة ، وهذا لم تحصل منه الإقامة ولا نيّتها.

____________________

(١) المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٣١ ، فتح العزيز ٧ : ١٢٨ و ١٣٠ - ١٣١ ، المجموع ٧ : ١٧٥ ، المغني ٣ : ٥٠٤ - ٥٠٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥٠.

(٢) المغني ٣ : ٥٠٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥٠.

(٣) المغني ٣ : ٥٠٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥٠ - ٢٥١.

٢٤٤

ولقوله تعالى :( ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) (١) وهو يقتضي أن يكون المانع من الدم السكنى به ، وهذا ليس بساكن.

مسألة ٥٨٥ : الهدي إنّما يجب على المتمتّع‌ ، وهو المـُحْرم بالعمرة في أشهر الحجّ ، فإن أحرم بها في غيرها ، فليس بمتمتّع ، ولا دم عليه إجماعاً لا نعلم فيه خلافاً إلّا قولين نادرين :

أحدهما : قول طاوُس : إذا اعتمر في غير أشهر الحجّ ثم أقام حتى يحضر الحجّ ، فهو متمتّع(٢) .

والثاني : قول الحسن : من اعتمر بعد النحر فهي عمرة تمتّع(٣) .

قال ابن المنذر : لا نعلم أحداً قال بواحد من هذين القولين(٤) .

أمّا لو أحرم في غير أشهر الحجّ ثم أحلّ منها في أشهره ، فلذلك لا يصحّ له التمتّع بتلك العمرة ، وبه قال أحمد وجابر وإسحاق والشافعي في أحد القولين(٥) .

وقال في الآخر : عمرته في الشهر الذي يطوف فيه. وبه قال الحسن والحكم وابن شبرمة والثوري(٦) .

وقال طاوُس : عمرته في الشهر الذي يدخل فيه الحرم(٧) .

وقال عطاء : عمرته في الشهر الذي يحلّ فيه. وبه قال مالك(٨) .

____________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢ و٣ ) المغني ٣ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٧.

(٤) المغني ٣ : ٥٠١ - ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٧.

(٥ - ٧ ) المغني ٣ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٧.

(٨) المغني ٣ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٧ ، بداية المجتهد ١ : ٣٣٤ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٢٨.

٢٤٥

وقال أبو حنيفة : إن طاف للعمرة أربعة أشواط في غير أشهر الحجّ ، فليس بمتمتّع ، وإن طاف الأربعة في أشهر الحجّ ، فهو متمتّع(١) .

والحقّ ما قلناه ؛ لأنّه أتى بنسك لا تتمّ العمرة إلّا به في غير أشهر الحجّ ، فلا يكون متمتّعاً ، كما لو طاف في غير أشهر الحجّ أو طاف دون الأربعة فيها.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « مَنْ تمتّع في أشهر الحجّ ثم أقام بمكّة حتى يحضر الحجّ فعليه شاة ، ومَنْ تمتّع في غير أشهر الحجّ ثم جاور حتى يحضر الحجّ فليس عليه دم ، إنّما هي حجّة مفردة »(٢) .

مسألة ٥٨٦ : المملوك إذا حجّ بإذن مولاه متمتّعاً ، لم يجب عليه الهدي‌ ولا على مولاه إجماعاً ؛ لقوله تعالى :( عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ‌ءٍ ) (٣) .

وفي قول شاذّ للشافعي : يجب على مولاه أن يهدي عنه ؛ لتضمّن إذنه لذلك(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ فرض غير الواجد الصومُ ، ولا فاقد كالعبد.

ولأنّ الحسن العطّار سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل أمر مملوكه أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ أعليه أن يذبح عنه؟ قال : « لا ، لأنّ الله تعالى يقول :( عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ‌ءٍ ) (٥) »(٦) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٧.

(٢) الكافي ٤ : ٤٨٧ ( باب من يجب عليه الهدي ) الحديث ١ ، التهذيب ٥ : ٢٨٨ / ٩٨٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٥٩ / ٩١٣.

(٣) النحل : ٧٥.

(٤) المجموع ٧ : ٥٤.

(٥) النحل : ٧٥.

(٦) التهذيب ٥ : ٢٠٠ / ٦٦٥ ، و ٤٨٢ / ١٧١٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٢ / ٩٢٣.

٢٤٦

إذا ثبت هذا ، فإنّ المولى يتخيّر بين أن يذبح عنه أو يأمره بالصوم ، عند علمائنا - وهو إحدى الروايتين عن أحمد(١) - لقوله تعالى :( فَمَا اسْتَيْسَرَ ) (٢) وبتقدير تمليك المولى يصير موسراً.

ولأنّ جميل بن دراج قال - في الصحيح - : سأل رجلٌ الصادقعليه‌السلام : عن رجل أمر مملوكه أن يتمتّع ، قال : « فمُرْه فليصم وإن شئت فاذبح عنه »(٣) .

وفي الرواية الاُخرى عن أحمد : لا يجزئه الذبح عنه ، ويلزمه الصوم عيناً - [ وبه ](٤) قال الثوري والشافعي وأصحاب الرأي - لأنّه غير مالك ، ولا سبيل له إلى التملّك ، لأنّه لا يملك بالتمليك ، فصار كالعاجز الذي يتعذّر عليه الهدي ، فيلزمه الصوم(٥) .

مسألة ٥٨٧ : الواجب على المملوك من الصوم ثلاثة أيّام في الحجّ وسبعة إذا رجع إلى أهله‌ ، كالحُرّ - وبه قال الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين(٦) - لعموم قوله تعالى :( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ ) (٧) ولأنّه صوم وجب لحلّه من إحرامه قبل إتمامه ، فكان عشرة أيّام ، كصوم الحُرّ.

وقال أحمد في الرواية الاُخرى : يصوم عن كلّ مدّ من قيمة الشاة‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٧٠ - ٥٧١ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٩.

(٢) البقرة : ١٩٦.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٠٠ - ٢٠١ / ٦٦٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٢ / ٩٢٥.

(٤) أضفناها لأجل السياق.

(٥) المغني ٣ : ٥٧٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٨ - ٥٢٩ ، مختصر المزني : ٧٠ ، المجموع ٧ : ٥٤.

(٦) المغني ٣ : ٥٧١ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٩.

(٧) البقرة : ١٩٦.

٢٤٧

يوماً ، والمعسر في الصوم كالعبد يجب عليه ثلاثة في الحجّ وسبعة إذا رجع(١) .

وقال بعض العامّة : يجب لكل مدّ من قيمة الشاة يوم(٢) .

ويبطل بالآية(٣) . وبقول عمر لهبّار بن الأسود : فإن وجدت سعةً فاهد ، وإن لم تجد سعةً فصُمْ ثلاثة أيّام في الحجّ وسبعة إذا رجعت(٤) .

ولو لم يذبح مولى المملوك عنه ، تعيّن عليه الصوم ، ولا يجوز لمولاه منعه عن الصوم ؛ لأنّه صوم واجب ، فلا يحلّ له منعه عنه ، كرمضان.

ولو اُعتق المملوك قبل الوقوف بالموقفين ، أجزأ عن حجّة الإسلام ، ووجب عليه الهدي إن تمكّن ، وإلّا الصوم.

ولو لم يصم العبد إلى أن تمضي أيّام التشريق ، فالأفضل لمولاه أن يهدي عنه ، ولا يأمره بالصوم ، ولو أمره به ، لم يكن به بأس.

مسألة ٥٨٨ : إنّما يجب الهدي على المتمكّن منه أو من ثمنه‌ إذا وجده بالشراء ، ولا يجب بيع ثياب التجمّل في الهدي على المتمكّن منه أو من ثمنه إذا وجده بالشراء ، ولا يجب بيع ثياب التجمّل في الهدي ، بل ينتقل إلى الصوم ؛ لأنّ رجلاً سأل الرضاعليه‌السلام : عن رجل تمتّع بالعمرة إلى الحجّ وفي عيبته ثياب ، له أن يبيع من ثيابه شيئاً ويشتري بدنة؟ قال : « لا ، هذا يتزيّن به المؤمن ، يصوم ولا يأخذ من ثيابه شيئاً »(٥) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ القدرة تعتبر في موضعه ، فمتى عدمه في‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٧١ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٩.

(٢) الشرح الكبير ٣ : ٥٢٩.

(٣) البقرة : ١٩٦.

(٤) المغني ٣ : ٥٧١ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٩.

(٥) الكافي ٤ : ٥٠٨ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٢٣٨ / ٨٠٢ بتفاوت يسير.

٢٤٨

موضعه ، جاز له الانتقال إلى الصيام وإن كان قادراً عليه في بلده ، ولا نعلم فيه خلافاً ، لأنّ وجوبه موقّت ، وما كان وجوبه موقّتاً اعتبرت القدرة عليه في موضعه ، كالماء في الطهارة إذا عدم في مكانه انتقل إلى التراب.

ولو تمتّع الصبي ، وجب على وليّه أن يذبح عنه ؛ للعموم ، فإن لم يجد ، فليصم عنه عشرة أيّام ؛ للآية(١) .

ولقول أبي نعيم : تمتّعنا فأحرمنا ومعنا صبيان ، فأحرموا ولبّوا كما لبّينا ولم يقدروا(٢) على الغنم، قال : « فليصم عن كلّ صبي وليُّه »(٣) .

البحث الثاني : في كيفية الذبح.

مسألة ٥٨٩ : يجب في الذبح والنحر النيّة ؛ لأنّه عبادة ، وكلّ عبادة بنيّة ، لقوله تعالى :( وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ ) (٤) .

ولأنّ جهات إراقة الدم متعدّدة ، فلا يتخلّص المذبوح هدياً إلّا بالقصد.

ويجب اشتمالها على جنس الفعل وجهته من كونه هدياً أو كفّارة أو غير ذلك ، وصفته من وجوب أو ندب ، والتقرّب إلى الله تعالى.

ويجوز أن يتولّاها عنه الذابح ؛ لأنّه فعل تدخله النيابة ، فيدخل في شرطه كغيره من الأفعال.

مسألة ٥٩٠ : وتختصّ الإبل بالنحر ، فلا يجوز ذبحها ، والبقر والغنم بالذبح ، فلا يجوز نحرها‌؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « كلّ منحور مذبوح حرام ،

____________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) في المصدر : ولم نقدر.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٣٧ - ٢٣٨ / ٨٠١ وفيه : عن أبي نعيم عن عبد الرحمن بن أعين قال : تمتّعنا ، إلى آخره.

(٤) البيّنة : ٥.

٢٤٩

وكلّ مذبوح منحور حرام »(١) .

ويستحب أن يتولّى الحاجّ بنفسه الذبح أو النحر ؛ لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نحر هديه بنفسه(٢) .

ولما رواه العامّة عن غرفة بن الحارث الكندي ، قال : شهدت مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجّة الوداع واُتي بالبُدْن ، فقال : ( ادع لي أبا حسن ) فدُعي له عليعليه‌السلام ، فقال : ( خُذْ بأسفل الحربة ) وأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأعلاها ، ثم طعنا بها البُدْن(٣) . وإنّما فعلا ذلك ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أشرك عليّاًعليه‌السلام في هديه(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام في صفة حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : « وكان الهدي الذي جاء به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أربعاً وستّين أو ستّاً وستّين ، وجاء عليعليه‌السلام بأربع وثلاثين أو ستّ وثلاثين ، فنحر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منها ستّاً وستّين ، ونحر عليعليه‌السلام أربعاً وثلاثين »(٥) .

وفي رواية : « ساق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مائة بدنة ، فجعل لعليُّعليه‌السلام منها أربعاً وثلاثين ولنفسه ستّاً وستّين ، ونحرها كلّها بيده ، ثم أخذ من كلّ بدنة جذوةً طبخها في قدر ، وأكلا منها وتحسّيا من المرق ، وافتخر عليعليه‌السلام على أصحابه وقال : مَنْ فيكم مثلي وأنا شريك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في هديه؟ مَنْ فيكم مثلي وأنا الذي ذبح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هديي بيده؟ »(٦) .

____________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٩٩ / ١٤٨٥.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٨٩٢ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٦ - ١٠٢٧ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٦ / ١٩٠٥ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٩.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ١٤٩ / ١٧٦٦.

(٤) المصادر في الهامش (٢).

(٥) التهذيب ٥ : ٤٥٧ / ١٥٨٨ ، وفي الكافي ٤ : ٢٤٧ / ٤ بتفاوت يسير.

(٦) الفقيه ٢ : ١٥٣ - ١٥٤ / ٦٦٥.

٢٥٠

ولو لم يُحسن الذباحة ، ولّاها غيره ، واستحبّ له أن يجعل يده مع يد الذابح ، وينوي الذابح عن صاحبها ؛ لأنّه فعل تدخله النيابة ، فيدخل في شرطه. ويستحب له أن يذكره بلسانه ، فيقول بلسانه : أذبح عن فلان بن فلان ، عند الذبح ، والواجب القصد بالنيّة.

ولو نوى بقلبه عن صاحبها وأخطأ فتلفّظ بغيره ، كان الاعتبار بالنيّة ؛ لأنّ علي بن جعفر سأل أخاه الكاظمعليه‌السلام - في الصحيح - عن الضحيّة يخطئ الذي يذبحها فيسمّي غير صاحبها ، أتجزئ عن صاحب الضحيّة؟ فقال : « نعم إنّما له ما نوى »(١) .

مسألة ٥٩١ : يستحب نحر الإبل قائمة من الجانب الأيمن‌ قد رُبطت يدها ما بين الخفّ إلى الركبة ثم يطعن في لبَّتها ، وهي الوهدة التي بين أصل العنق والصدر - وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر(٢) - لقوله تعالى :( فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها ) (٣) .

وقال المفسّرون في قوله تعالى :( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ ) (٤) : أي قياماً(٥) .

وما رواه العامّة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى قائمة على ما بقي من قوائمها(٦) .

____________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٩٦ / ١٤٦٩ ، التهذيب ٥ : ٢٢٢ / ٧٤٨ بتفاوت يسير.

(٢) أحكام القرآن - لابن العربي - ٣ : ١٢٨٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٥٩ ، المجموع ٩ : ٨٥ ، المغني ٣ : ٤٦٢ و ١١ : ٤٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥١ و ١١ : ٥٤.

(٣ و ٤ ) الحجّ : ٣٦.

(٥) تفسير الطبري ١٧ : ١١٨ ، مجمع البيان ٤ : ٨٦ ، تفسير القرطبي ١٢ : ٦١.

(٦) سنن أبي داود ٢ : ١٤٩ / ١٧٦٧.

٢٥١

ومن طريق الخاصّة : قول أبي الصباح الكناني : سألت الصادقعليه‌السلام : كيف تُنحر البدنة؟ قال : « تُنحر وهي قائمة من قِبَل اليمين »(١) .

وعن أبي خديجة قال : رأيت الصادقعليه‌السلام وهو ينحر بدنة معقولة يدها اليسرى ، ثم يقوم من جانب يدها اليمنى ويقول : « بسم الله والله أكبر ، هذا منك ولك ، اللّهم تقبّل منّي » ثم يطعن في لبَّتها ثم يخرج السكّين بيده ، فإذا وجبت جنوبها قطع موضع الذبح بيده(٢) .

وهذا القيام مستحب لا واجب إجماعاً.

ولو خاف نفورها ، أناخها ونحرها باركةً.

مسألة ٥٩٢ : يجب توجيه الذبيحة إلى القبلة ، خلافاً للعامّة(٣) ، وسيأتي في موضعه. ويستحب الدعاء بالمنقول. ويمرّ السكّين ، ولا ينخعها حتى تموت.

وتجب التسمية عند علمائنا ؛ لقوله تعالى :( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ ) (٤) وقوله تعالى :( وَلا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ ) (٥) .

ولو نسي التسمية ، حلّ أكله ؛ لرواية ابن سنان - الصحيحة - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : « إذا ذبح المسلم ولم يسمّ ونسي فكُلْ من ذبيحته وسمّ الله على ما تأكل »(٦) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٩٧ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٩٩ / ١٤٨٨ ، وفي التهذيب ٥ : ٢٢١ / ٧٤٤ بتفاوت يسير.

(٢) الكافي ٤ : ٤٩٨ / ٨ ، التهذيب ٥ : ٢٢١ / ٧٤٥ بتفاوت يسير.

(٣) المغني ٣ : ٤٦٣ ، المجموع ٨ : ٤٠٨ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٨٠.

(٤) الحجّ : ٣٦.

(٥) الأنعام : ١٢١.

(٦) التهذيب ٥ : ٢٢٢ / ٧٤٧.

٢٥٢

مسألة ٥٩٣ : يجب النحر أو الذبح في هدي التمتّع بمنى‌ ، عند علمائنا ؛ لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( منى كلّها منحر )(١) والتخصيص بالذكر يدلّ على التخصيص في الحكم.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام في رجل قدم بهديه مكّة في العشر ، فقال : « إن كان هدياً واجباً فلا ينحره إلّا بمنى ، وإن كان ليس بواجب فلينحره بمكّة إن شاء ، وإن كان قد أشعره أو قلّده فلا ينحره إلّا يوم الأضحى »(٢) .

وقال أكثر العامّة : إنّه مستحب ، وإنّ الواجب نحره بالحرم - وقال بعض العامّة : لو ذبحه في الحِلّ وفرّقه في الحرم ، أجزأه(٣) - لقولهعليه‌السلام : ( كلّ منى منحر ، وكلّ فجاج مكّة منحر وطريق)(٤) (٥) .

ونحن نقول بموجبه ؛ لأنّ بعض الدماء ينحر بمكّة ، وبعضها ينحر بمنى.

ولو ساق هدياً في الحجّ ، نحره أو ذبحه بمنى ، وإن كان قد ساقه في العمرة ، نحره أو ذبحه بمكّة قبالة الكعبة بالموضع المعروف بالحزورة ؛ لأنّ‌

____________________

(١) سنن أبي داود ٢ : ١٩٣ / ١٩٣٥ و ١٩٣٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٣٩ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠١٣ / ٣٠٤٨ ، مسند أحمد ٣ : ٣٢٦.

(٢) الكافي ٤ : ٤٨٨ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٢٠١ - ٢٠٢ / ٦٧٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٣ / ٩٢٨.

(٣) فتح العزيز ٨ : ٨٦.

(٤) سنن أبي داود ٢ : ١٩٣ - ١٩٤ / ١٩٣٧ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠١٣ / ٣٠٤٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٣٩ ، مسند أحمد ٣ : ٣٢٦ بتفاوت يسير ، ونصّه في المغني والشرح الكبير. اُنظر الهامش التالي.

(٥) المغني ٣ : ٤٦٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٢ ، فتح العزيز ٨ : ٨٦ ، المجموع ٨ : ١٩٠.

٢٥٣

شعيب العقرقوفي سأل الصادقَعليه‌السلام : سُقْتُ في العمرة بدنةً فأين أنحرها؟ قال : « بمكّة » قلت: فأيّ شي‌ء اُعطي منها؟ قال : « كُلْ ثلثاً واهد ثلثاً وتصدّق بثلث »(١) .

وأمّا ما يلزم المـُحْرم من فداءٍ عن صيدٍ أو غيره ، يذبحه أو ينحره بمكّة إن كان معتمراً ، وبمنى إن كان حاجّاً ؛ لقوله تعالى :( ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) (٢) وقال تعالى :( هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ ) (٣) في جزاء الصيد.

وقال أحمد : يجوز في موضع السبب - وقال الشافعي : لا يجوز إلّا في الحرم(٤) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر كعب بن عجرة بالفدية بالحديبيّة(٥) ، ولم يأمره ببعثه إلى الحرم(٦) .

وروى الأثرم وأبو إسحاق الجوزجاني في كتابيهما عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر ، قال : كنت مع عليّ والحسين بن عليّعليهما‌السلام ، فاشتكى حسين بن عليّعليهما‌السلام بالسقيا ، فأومأ بيده إلى رأسه ، فحلقه عليعليه‌السلام ، ونحر عنه جزوراً بالسقيا(٧) .

وأمْرُ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في الحديبيّة لا يستلزم الذبح بها. ونمنع الرواية الثانية.

وما وجب نحره بالحرم وجب تفرقة لحمه به ، وبه قال الشافعي‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٨٨ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٢٠٢ / ٦٧٢.

(٢) الحجّ : ٣٣.

(٣) المائدة : ٩٥.

(٤) فتح العزيز ٨ : ٨٧ - ٨٨ ، المغني ٣ : ٥٨٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٧.

(٥) صحيح البخاري ٣ : ١٣ ، سنن أبي داود ٢ : ١٧٢ / ١٨٥٦.

(٦) المغني ٣ : ٥٨٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٧.

(٧) المغني ٣ : ٥٨٧ - ٥٨٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٧.

٢٥٤

وأحمد(١) .

وقال مالك وأبو حنيفة : إذا ذبحها في الحرم ، جاز تفرقة لحمها في الحِلّ(٢) .

وهو ممنوع ؛ لأنّه أحد مقصودي النسك ، فلم يجز في الحِلّ ، كالذبح. ولأنّ المقصود من ذبحه بالحرم التوسعةُ على مساكينه ، وهذا لا يحصل بإعطاء غيرهم. ولأنّه نسك يختصّ بالحرم ، فكان جميعه مختصّاً به ، كالطواف وسائر المناسك.

مسألة ٥٩٤ : وقت استقرار وجوب الهدي إحرام المتمتّع بالحجّ‌ - وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين(٣) - لقوله تعالى :( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٤) .

ولأنّ المجعول غاية يكفي وجود أوّله ؛ لقوله تعالى :( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ ) (٥) .

وقال مالك : يجب إذا وقف بعرفة - وهو قول أحمد في الرواية الاُخرى - لأنّ التمتّع بالعمرة إلى الحجّ إنّما يحصل بعد وجود الحجّ منه ، ولا يحصل ذلك إلّا بالوقوف ؛ لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الحجّ عرفة )(٦) .

____________________

(١) فتح العزيز ٨ : ٨٦ ، المغني ٣ : ٥٨٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٦.

(٢) المغني ٣ : ٥٨٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٦ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٧٥.

(٣) المغني ٣ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥١ ، فتح العزيز ٧ : ١٦٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٩ ، المجموع ٧ : ١٨٣.

(٤) البقرة : ١٩٦.

(٥) البقرة : ١٨٧.

(٦) سنن الترمذي ٣ : ٢٣٧ / ٨٨٩ ، سنن النسائي ٥ : ٢٥٦ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٤٠ - ٢٤١ / ١٩ ، سنن البيهقي ٥ : ١٧٣ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٦٤ و ٢ : ٢٧٨.

٢٥٥

ولأنّه قبل ذلك معرَّض للفوات ، فلا يحصل التمتّع(١) .

وقال عطاء : يجب إذا رمى جمرة العقبة - وهو مروي عن مالك - لأنّه وقت ذبحه فكان وقت وجوبه(٢) .

ونمنع كون التمتّع إنّما يحصل بالوقوف ، بل بالإحرام يتلبّس بالحجّ.

على أنّ قولهعليه‌السلام : ( دخلت العمرة في الحجّ هكذا ) وشبّك بين أصابعه(٣) ، يُعطي التلبّس به من أوّل أفعال العمرة.

والتعريض للفوات لا يقتضي عدم الإيجاب. وكون وقت الذبح بعد رمي جمرة العقبة لا يستلزم كون وقت وجوبه ذلك.

إذا عرفت هذا ، فوقت ذبحه أو نحره يوم النحر - وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية(٤) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نحر يوم النحر وكذا أصحابه(٥) ، وقالعليه‌السلام : ( خُذوا عنّي مناسككم )(٦) .

ولأنّ ما قبل يوم النحر لا يجوز فيه الاُضحية ، فلا يجوز فيه ذبح هدي التمتّع كقبل التحلّل من العمرة.

أمّا مَنْ ساق هدياً في العشر ، فإن كان قد أشعره أو قلّده ، فلا ينحره‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥١.

(٢) المغني ٣ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥٢ ، فتح العزيز ٧ : ١٦٨ ، المجموع ٧ : ١٨٤.

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٨ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٤ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٤ / ٣٠٧٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٦ - ٤٧.

(٤) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٤٦ ، بداية المجتهد ١ : ٣٧٨ ، المغني ٣ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥٢.

(٥) صحيح البخاري ٢ : ٢٠٩ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٩٢ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٦ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٦ - ١٠٢٧ / ٣٠٧٤ ، سنن البيهقي ٥ : ١٣٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٩.

(٦) سنن البيهقي ٥ : ١٢٥.

٢٥٦

إلّا بمنى يوم النحر ، وإن لم يكن قد أشعره ولا قلّده ، فإنّه ينحره بمكّة إذا قدم في العشر ؛ لما رواه مسمع - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « إذا دخل بهديه في العشر ، فإن كان أشعره وقلّده فلا ينحره إلّا يوم النحر بمنى ، وإن لم يقلّده ولم يشعره فينحره بمكّة إذا قدم في العشر »(١) .

وكذا لو كان تطوّعاً ، فإنّه ينحره بمكّة ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « إن كان واجباً نحره بمنى ، وإن كان تطوّعاً نحره بمكّة ، وإن كان قد أشعره وقلّده فلا ينحره إلّا يوم الأضحى »(٢) .

ولأنّا قد بيّنّا أنّ الذبح إنّما يجب بمنى ، وهو إنّما يكون يوم النحر.

وقال عطاء وأحمد في رواية : يجوز له نحره في شوّال ، وإن قدم في العشر ، لم ينحره إلّا بمنى يوم النحر(٣) .

وقال الشافعي : يجوز نحره بعد الإحرام قولاً واحداً ، وفيما قبل ذلك بعد حلّه من العمرة قولان:

أحدهما : المنع ؛ لأنّ الهدي يتعلّق به عمل البدن ، وهو تفرقة اللحم ، والعبادات البدنية لا تُقدّم على وقت وجوبها.

وأصحّهما عندهم : الجواز ؛ لأنّه حقٌّ ماليّ تعلّق بشيئين : الفراغ من العمرة والشروع في الحجّ ، فإذا وجد أحدهما ، جاز إخراجه ، كالزكاة.

ولا خلاف بين الشافعية في أنّه لا يجوز تقديمه على العمرة(٤) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٣٧ / ٧٩٩ بتفاوت يسير وتقديم وتأخير في بعض الألفاظ.

(٢) الكافي ٤ : ٤٨٨ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٢٠١ - ٢٠٢ / ٦٧٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٣ / ٩٢٨ بتفاوت.

(٣) المغني ٣ : ٥٠٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥٢.

(٤) فتح العزيز ٧ : ١٦٨ - ١٦٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٩ ، المجموع ٧ : ١٨٣ ، الحاوي الكبير ٤ : ٥١ - ٥٢ ، المغني ٣ : ٥٠٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥٢.

٢٥٧

مسألة ٥٩٥ : أيّام النحر بمنى أربعة أيّام : يوم النحر وثلاثة بعده ، وفي غيرها من الأمصار ثلاثة أيام : يوم النحر ويومان بعده - وبه قال عليعليه‌السلام ، والحسن وعطاء والأوزاعي والشافعي وابن المنذر(١) - لما رواه العامّة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( أيّام [ التشريق ](٢) كلّها منحر )(٣) .

ومن طريق الخاصّة : رواية علي بن جعفر - في الصحيح - عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن الأضحى كم هو بمنى؟ فقال : « أربعة أيّام » وسألته عن الأضحى في غير منى؟ فقال : « ثلاثة أيّام » فقلت : ما تقول في رجل مسافر قدم بعد الأضحى بيومين ، إله أن يضحّي في اليوم الثالث؟ قال : « نعم »(٤) .

وقال سعيد بن جبير وجابر بن زيد : في الأمصار يوم واحد ، وبمنى ثلاثة(٥) .

وقال أحمد : يوم النحر ويومان بعده - وبه قال مالك والثوري ، وروي عن ابن عباس وابن عمر - لأنّ اليوم الرابع لا يصلح للرمي ، فلا يصلح للذبح(٦) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٤ ، المجموع ٨ : ٣٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٠ ، بداية المجتهد ١ : ٤٣٦ ، المنتقى - للباجي - ٣ : ٩٩.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك » والطبعة الحجرية : « العشر » وما أثبتناه من المصدر ، وكما في منتهى المطلب - للمصنّفرحمه‌الله - ٢ : ٧٣٩.

(٣) سنن البيهقي ٥ : ٢٣٩ و ٩ : ٢٩٦ ، وفي الموضعين منه : « ذبح » بدل « منحر ».

(٤) التهذيب ٥ : ٢٠٢ - ٢٠٣ / ٦٧٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٤ / ٩٣٠.

(٥) المغني ٣ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٦ ، المجموع ٨ : ٣٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٠.

(٦) المغني ٣ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٠ ، المجموع ٨ : ٣٩٠ ، بداية المجتهد ١ : ٤٣٦ ، المنتقى - للباجي - ٣ : ٩٩.

٢٥٨

والملازمة ممنوعة.

فرعان :

أ : يجب تقديم الذبح على الحلق بمنى‌ ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « يبدأ بمنى بالذبح قبل الحلق ، وفي العقيقة بالحلق قبل الذبح »(١) .

ولو أخّره ناسياً ، فلا شي‌ء عليه ، ولو كان عامداً ، أثم وأجزأ ، وكذا لو ذبحه في بقية ذي الحجّة جاز.

ب : قال أكثر فقهاء العامّة : يجزئ ذبح الهدي في الليالي المتخلّلة‌ لأيّام النحر(٢) .

البحث الثالث : في صفات الهدي.

مسألة ٥٩٦ : يجب أن يكون الهدي من بهيمة الأنعام : الإبل أو البقر أو الغنم ، إجماعاً.

قال تعالى :( فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ ) (٣) .

وأفضله البُدْن ثم البقر ثم الغنم ؛ لما رواه العامّة عن أبي هريرة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنّما قرّب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنّما قرّب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنّما قرّب كبشاً أقرن ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنّما قرّب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنّما قرّب بيضة )(٤) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٩٨ / ٧ ، وفيه : « تبدأ » التهذيب ٥ : ٢٢٢ / ٧٤٩.

(٢) المغني ٣ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٧ - ٥٥٨ ، المجموع ٨ : ٣٩١.

(٣) الحجّ : ٢٨.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ٣ - ٤ ، صحيح مسلم ٢ : ٥٨٢ / ٨٥٠ ، الموطّأ ١ : ١٠١ / ١.

٢٥٩

ومن طريق الخاصّة : قول الباقرعليه‌السلام - في الصحيح - في المتمتّع : « وعليه الهدي » فقلت : وما الهدي؟ فقال : « أفضله بدنة ، وأوسطه بقرة وأخسّه شاة »(١) .

ولأنّ الأكثر لحما أكثر نفعا ، ولهذا أجزأت البدنة عن سبع شياه.

مسألة ٥٩٧ : ولا يجزئ في الهدي إلّا الجذع من الضأن والثنيّ من غيره‌. والجذع من الضأن هو الذي له ستة أشهر ، وثنيّ المعز والبقر ما لَه سنة ودخل في الثانية ، وثنيّ الإبل ما لَه خمس ودخل في السادسة - وبه قال مالك والليث والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي(٢) - لما رواه العامّة عن اُم بلال بنت هلال عن أبيها أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( يجوز الجذع من الضأن أضحية )(٣) .

وعن أبي بردة بن نيار(٤) ، قال : يا رسول الله إنّ عندي عناقاً جذعاً هي خيرٌ من شاتَيْ لحم؟ فقال : ( تجزئك ولا تجزئ عن أحد بعدك )(٥) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « يجزئ من الضأن الجذع ، ولا يجزئ من المعز إلّا الثنيّ »(٦) .

وسأل حمّادُ بن عثمان الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - عن أدنى ما‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٦ / ١٠٧ ، وفيه : « وأخفضه شاة ».

(٢) المغني ٣ : ٥٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٢ ، بداية المجتهد ١ : ٤٣٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٥ ، المجموع ٨ : ٣٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٢.

(٣) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٤٩ / ٣١٣٩ ، مسند أحمد ٦ : ٣٦٨.

(٤) في « ق ، ك » والطبعة الحجرية : أبي بردة بن يسار. وما أثبتناه هو الصحيح وكما في المصادر.

(٥) المغني ٣ : ٥٩٥ ، سنن أبي داود ٣ : ٩٦ / ٢٨٠٠ ، سنن النسائي ٧ : ٢٢٣ بتفاوت في اللفظ فيهما.

(٦) التهذيب ٥ : ٢٠٦ / ٦٨٩.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507