نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار11%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 507

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 507 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 300813 / تحميل: 8134
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

أُطِيعَ فيما أَمرَ وانْتُهِيَ عمّا زَجَرَ، اللهًّ عزَّ وجلَّ المنشىءُ للأرواحِ والصُّورِ».

فقالَ له ابنُ أَبي العوجاءِ: ذكرتَ - أَبا عبدِاللهِّ - فأَحَلْتَ على غائِبٍ.

فقالَ الصّادقُعليه‌السلام : «كيفَ يكونُ - يا ويلَكَ - عَنَّا غائباً من هو معَ خلقِه شاهدٌ، وِاليهم أقربُ من حبلِ الوريدِ؟! يسمعً كلامَهم ويعلمُ اسرارَهم، لا يخلو منه مكانٌ، ولا يشتغل به مكانٌ، ولا يكونُ إِلى مكانٍ أَقربَ من مكانٍ، تشهدُ له بذلكَ آثارُه، وتدلُّ عليه أَفعالهُ، والّذي بعثَه بالآياتِ المُحكَمةِ والبراهينِ الواضحةِ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله جاءَنا بهذه العبادةِ، فإِن شككتَ في شيءٍ من أَمرِه فاسأَل عنه أُوْضِحْه لكَ ».

قالَ: فأَبلسَ ابنُ أَبي العوجاءِ ولم يَدرِ ما يقولُ، فانصرفَ من بينِ يديه، وقالَ لأصحابه: سأَلتكُم أَن تلتمسوا لي خُمرة فالقَيتموني على جَمرةٍ، قالوا له: اسكَتْ، فواللهِّ لقد فَضَحْتَنا بِحَيْرتِكَ وانقطاعِكَ، وما رأَيْنا أحقرَ مِنكَ اليومَ في مجلسِه ؛ فقالَ: أَلي تَقولونَ هذا؟! إِنه ابنُ من حلقَ رؤوسَ من تَرَوْنَ، وأَومأ بيدِه إِلى أَهلِ الموسم(١) .

وُرويَ: أنّ أبا شاكرِ الدّيصانيّ وقفَ ذاتَ يومٍ في مجلسِ أَبي عبدِاللهِعليه‌السلام فقالَ له: إِنّكَ لأحدُ النجُّومِ الزّواهرِ، وكانَ آباؤكَ بُدوراً بَواهِرَ، وأُمّهاتكَ عقيلاتٍ عَباهِرَ(٢) ، وعُنصرُكَ من أَكرمِ العناصرِ، وإذا

__________________

(١) روى الكليني قطعة منه في الكافي ٤: ١٩٧ / ١، والصدوق في الامالي: ٤٩٣ / ٤، والعلل: ٤٠٣ / ٤، والطبرسي في الاحتجاج: ٣٣٥، ونقله العلامة المجلسي في البحار ١٠: ٢٠٩ / ١١.

(٢) ألعبهرة:هي المرأة التى جمعت الحُسْن والجسم والخُلق «لسان العرب - عبهر - ٤: ٥٣٦».

٢٠١

ذُكِرَ العلماءُ فبكَ ثَنْيُ الخناصِرِ(١) خَبِّرنا أَيُّها البحرُ الزّاخرُ، ما الدّليل على حدوث(٢) العالم َ؟

فقالَ أَبو عبدِاللهِّعليه‌السلام : «مِنْ أقرب الدّليلِ على ذلكَ ما أَذكرهُ لكَ ؛ ثمّ دعا ببيضةٍ فوضعَها في راحتهِ وقالَ: هذا حصنٌ مَلمومٌ، داخله غِرْقيءٌ(٣) ، رقيقٌ، تُطيفُ به كالفضّةِ السّائلةِ والذّهبةِ المائعةِ، أَتشكُّ في ذلكَ؟

قالَ أَبو شاكرٍ: لا شكَّ فيه.

قالَ أَبوعبدِاللهِّعليه‌السلام : «ثمّ إِنّه يَنْفَلقُ عن صورةٍ كالطّاووسٍ، أَدَخَلَه شيءٌ غيرُما عرفتَ؟».

قالَ: لا.

قالَ: «فهذا الدّليلُ على حَدَثِ العالمِ ».

فقالَ أَبو شاكرٍ: دَلَلْتَ - أَبا عبدِاللهِّ - فأَوضحتَ، وقلتَ فأحسنتَ، وذكرتَ فأَوجزتَ، وقد علمتَ أَنّا لا نَقبلُ إِلّا ما أَدركْناه بأَبصارِنا، أَو سمعْناه بآذانِنا، أَوذقناه بأَفواهِنا، أَو شممنْاه بأُنوفِنا، أَو لمسْناه ببشرتِنا.

فقالَ أَبو عبدِاللهِّعليه‌السلام : «ذكرتَ الحواسَّ الخمسَ وهي لا

__________________

(١) ثني الخناصر: بفلان تثنى الخناصر أي تُبتدأ به اذا ذكر أشكاله. «لسان العرب - خنصر - ٤: ٢٦١ ».

(٢) في «ش» و «م»: حَدَثَ، وما في المتن من نسخة «ح ».

(٣) الغرقئ: قشر ألبيض الرقيق الذي تحت القشر الصلب «الصحاح - غرقا - ١: ٦١ ».

٢٠٢

تنفعُ فِى الاستنباطِ إِلّا بدليلٍ، كما لا تقطعُ الظُّلمةُ بغيرِ مصباح »(١) يُريدُعليه‌السلام أَنّ الحواسَّ بغيرِعقلٍ لا تُوصِلُ إِلى معرفةِ الغائباتِ، وأَنّ الّذي أراه من حُدوثِ الصُّورةِ معقولٌ ِبنيَ العلمُ به على محسوسٍ.

فصل

وممّا حُفِظَ عنهعليه‌السلام في وجوبِ المعرفةِ باللهِّ تعالى وبدينهِ، قولُه: «وجدتُ علمَ النّاسِ كلِّهم في أَربعٍ: أَوّلها: أَنْ تَعرفَ ربَّكَ ؛ والثّاني: أَن تَعرفَ ما صَنعَ بكَ ؛ والثّالثُ: أَن تَعرفَ ما أَرادَ منكَ ؛ والرّابعُ: أَن تعرفَ ما يُخرجًكَ عن دينكَ »(٢) .

وهذه أقسامٌ تُحيط بالمفروضِ منَ المعارفِ، لأنه أَوِّلُ ما يجبُ على العبدِ معرفةُ ربَه - جلَّ جلالُه - فإِذا علمَ أَنّ له إِلهاً، وجبَ أَن يَعرفَ صُنعَه إِليه، فإِذا عرفَ صُنعَه عرفَ به نعمتَه، فاذا عِرفَ نعمتَه وجبَ عليه شكرُه، فإِذا أَراد تأْديةَ شُكرِه، وجبَ عليه معرفةُ مُرادِه ليُطِيعَه بفعلِه، واذا وجبَ عليه طاعته، وجبَ عليه معرفةُ ما يخرجه من دينهِ ليجتنبَه فتَخْلُص له طاعة ربِّه وشُكرُ إِنعامِه.

__________________

(١) رواه الصدوق في التوحيد: ٢٩٢ / ١، باختلاف يسير، وروى الكليني قطعة منه في الكافي ١: ٦٣ / ذيل ح ٤، ونقله العلامة المجلسي في البحار ١٠: ٢١١ / ١٢.

(٢) الكافي ١: ٤٠ / ١١، الخصال: ٢٣٩ / ٨٧.

٢٠٣

فصل

وممّا حفظ عنهعليه‌السلام في التّوحيدِ ونفيِ التّشبيهِ قولهُ لهشام بنِ الحكمِرحمه‌الله : «إِنَّ اللهَّ لا يشبهُ شيئاً ولا يُشْبِهُه شيءٌ، وكلُّ ماوقعَ في الوهمِ فهو بخلافهِ »(١) .

فصل

وممّا حفِظُ عنهعليه‌السلام من موجزِ القولِ في العدلِ قولُه لزُرارة بن أَعْينَرحمه‌الله : «يا زرارةُ، أُعطيكَ جملةً في القضاءِ والقَدَرِ».

قالَ له زرارة: نعم، جُعِلْتُ فداكَ.

قالَ له: «إِنّه إِذا كانَ يومُ القيامةِ وجمعَ اللهُّ الخلائقَ سأَلهم عمّا عَهِدَ إِليهم ولم يسأَلْهم عمّا قضى عليهم »(٢) .

فصل

وممّا حُفِظَ عنهعليه‌السلام في الحكمةِ والموعظةِ قولُه: «ما كُلُّ مَنْ

__________________

(١) توحيد الصدوق: ٨٠ / ذح ٣٦، عن المفضل بن عمر.

(٢) توحيد الصدوق: ٣٦٥ / ٢، إعتقادات الصدوق: ٧١، وفيهما من قوله: اذا كان يوم

٢٠٤

نَوى شيئاً قَدرَعليه، ولا كل مَنْ قَدرَ على شيءٍ وُفقَ له، ولا كلّ مَنْ وُفِّقَ أصابَ له مَوْضِعاً، فإِذا اجتمعتِ النِّيّةُ والقُدرةُ والتّوفيق والإصابةُ فهنالكَ تمّتِ السّعادةُ»(١) .

فصل

وممّا حُفِظَ عنهعليه‌السلام في الحثِّ على النّظرِ في دينِ الله، والمعرفةِ لأولياءِ اللهِ، قولُهعليه‌السلام : «أحسِنوا النّظرَ فيما لا يَسَعُكم جَهْلهُ، وانْصَحُوا لأنفسِكم وجاهِدوها(٢) في طلب معرفةِ ما لا عُذْرَ لكم في جهلهِ، فإِنّ لدينِ اللهِ أركاناً لا يَنفعُ مَنْ جَهِلَهَا شِدّةُ اجتهادِه في طلب ظاهرِ عبادتِه، ولا يَضُرُّ مَنْ عَرفَها فدانَ بها حسنُ اقتصادِه، ولا سبيلَ لأحدٍ إِلى ذلكَ إِلا بعونٍ منَ اللهِّ عزَ وجلَّ »(٣) .

فصل

وممّا حُفِظَ عنهعليه‌السلام في الحثِّ على التّوبةِ قولُه: «تاْخيرُ التّوبةِ اغترارٌ، وطولُ التّسويفِ حَيْرَةٌ، والاعتلالُ على اللهِ هلكة، والإصرارُ على الذّنبِ أَمن لمكرِ اللهِ، ولا يأْمنُ مكرَ الله إلا القومُ

__________________

القيامة ...

(١) الفصول المهمة لابن الصباغ: ٢٢٨.

(٢) في هامش «ش» و «م»: وجاهدوا.

(٣) كنز الفوائد ٢: ٣٣.

٢٠٥

الخاسرون »(١) .

والأخبارُ فيما حُفِظَ عنهعليه‌السلام منَ العلمِ والحكمةِ والبيانِ والحجّةِ والزهدِ والموعظةِ وفنونِ العلمِ كلِّه، أكثرُمن أَن تُحصى بالخطاب أَو تُحْوى بالكتاب، وفيما أَثبتْناه منه كفايةٌ في الغرضِ الّذي قصدْناه، واللهُ الموفِّقُ للصّوابِ.

فصل

وفيهعليه‌السلام يقولُ السّيِّدُ ابنُ محمّدٍ الحِمْيرَيّرحمه‌الله وقد رجعَ عن قولهِ بمذهب الكيْسانيةِ(٢) ، لمّا بلغَه إِنكارُ أبي عبدِاللهعليه‌السلام مقالَه، ودعاؤه له إِلى القولِ بنظام الإمامةِ:

يَا رَاكِباً نَحْوَ المَدِيْنَةِ جَسْرَةً(٣)

عُذَافِرَةً(٤) (يَطويْ بهَا)(٥) كُلّ سَبْسَب(٦)

إِذا مَا هَدَاكَ اللهُ عَايَنْت جَعْفَراً

فَقُلْ لِوَليِّ اللهِ وابْنِ المُهَذَّبِ

أَلا يَا وَليّ اللهِّ وابْنَ وَلِيِّه

أَتُوْبُ إِلَى الرحْمانِ ثُم تأوّبيْ

إِلَيْكَ مِنً الذَّنْبِ الّذِيْ كُنْتُ مُطْنِبَاً

أجَاهِدُ فِيْهِ دَائِبَاً كُلّ مُعْرِبِ

__________________

(١) الفصول المهمة: ٢٢٨.

(٢) الكيسانية: هم القائلون بامامة محمد بن الحنفية، وانه وصي الامام علي بن أبي طالبعليه‌السلام . «فرق الشيعة: ٢٣ ».

(٣) الجسرة: العظيمة من الابل. «الصحاح - جسر - ٢: ٦١٣».

(٤) العذافرة: العظيمة الشديدة من الابل. «الصحاح - عذفر - ٢: ٧٤٢».

(٥) في هامش «ش»: تطوي له.

(٦) السبسب: المفازة أو البادية «الصحاح - سبب - ١: ١٤٥ ».

٢٠٦

وَمَا كانَ قَوليْ في (ابْنِ خَوْلَة)(١) دَائِبَاً

مُعَانَدَةً مِنِّيْ لِنَسْلِ المُطيّبِ

وَلكِنْ رَوَيْنَاَ عَنْ وَصِيِّ مُحمَّدٍ

وَلَمْ يَكُ فِيْمَا قَالَ بالْمُتَكَذّبِ

بِأنَّ وَليَّ الأمْرِ يُفْقدُ لا يُرى

سنِيْنَ كَفِعْلِ الخائف المُتَرَقًّب

فَتُقْسَمُ اَمْوَالُ الْفَقِيْد كأنَّمَا

تَغَيُّبَه(٢) بَيْنَ الصفيح المُنَصَّبَ

فَإِنْ قُلْتَ: لا، فَالْحَقُّ قوْلُكَ وَالَّذِيْ

تَقُوْلُ فَحَتْمٌ غَيْرُ مَا مُتَغَضّبِ(٣)

وُأشْهِد رَبِّيْ أَنَ قوْلَكَ حُجَّةٌ

عَلَى الْخَلقِ طُرَّاً مِنْ مُطِيْعٍ وُمُذْنِبِ

بأَنَّ وَلِيَّ الأمْرِ وَالْقَائِمَ الَّذِيْ

تَطَلُّعُ نَفْسِيْ نَحْوَهُ وَتَطَربيْ

لهُ غَيْبَةٌ لا بُد أَنْ سيغيبها

فَصلَّى عَلَيْهِ اللهُّ مِنْ مُتَغَيِّب

فَيَمْكُثُ حِيْنَاً ثُمّ يَظْهَرُ أَمْرُهُ

فَيَمْلأ عَدْلا كُلَّ شرقٍ وَمَغْرِبِ(٤)

وفي هذا الشَعرِ دليلٌ على رجوعِ السّيِّدِرحمه‌الله عن مذهبِ

__________________

(١) في هامش «ش»: محمد بنِ الحنفية - رحمة الله عليه -.

(٢) في هامش «ش» و «م»: نغيّبه.

(٣) في هامش «ش»: متعصّب.

(٤) روى الصدوق هذه القصيدة في إكمال الدين: ٣٤، باضافة خمسة ابيات بعد قوله: تغيبه بين الصفيح المنصب:

فيمكث حيَناً ثم ينبع نبعةً

كنبعة جدي من الافق كوكب

يسير بنصر الله من بيت ربه

على سؤدد منه وأمر مسبب

يسير الى اعدائه بلوائه

فيقتلهم قتلاً كحران مغضب

فلما رَوى ان ابن خولة غائب

صرفنا اليه ‌قولنا لم نكذب

وقلنا هوالمهدي والقائم الذي

يعيش به من عدله كل مجدب

وفي اخر القصيدة زاد آخر:

بذاك أدين الله سراً وجهرة

ولست وان عوتبت فيه بمعتب

٢٠٧

الكَيْسانيّةِ، وقولهِ بإِمامةِ الصّادقِعليه‌السلام ووجودِ الدّعوةِ ظاهرةً منَ الشَيعةِ في أَيّام أَبي عبدِاللهِعليه‌السلام إِلى إِمامتهِ والقولِ بغيبةِ صاحب الزّمانِعليه‌السلام ، وأنّها إِحدى علاماتهِ، وهو صريحُ قولِ الإماميّةَ الأثنَى عشريّة.

٢٠٨

باب ذكر أَولادِ أَبي عبدِاللهِ عليه السلامُ

وعددِهم وأَسمائهم وطرفٍ من أَخبارِهم

وكان لأبي عبدِاللهِّعليه‌السلام عشرةُ أَولادٍ: إسماعيلُ وعبدُاللهِّ وأُمُّ فَرْوَةَ، أُمّهم فاطمةُ بنت الحسينِ بنِ عليِّ بنِ الحسينِ بنِ عليِّ بنِ أبي طالبٍعليهم‌السلام (١) .

وموسى واسحاقُ ومحمّدٌ، لأمِّ ولدٍ.

والعبّاسُ وعليٌّ وأَسماءُ وفاطمةُ، لأمّهاتِ أَولادٍ شتّى.

وكانَ إِسماعيلُ أَكبرَ إِخوتهِ، وكانَ أَبوهعليه‌السلام شديدَ المحبّةِ له والبرِّ به والإشفاقِ عليه، وكانَ قومٌ منَ الشِّيعةِ يظَنُون أَنّه القائمُ بعدَ أبيه والخليفةُ له من بعدِه، إِذْ كانَ أكبرَ إِخوتهِ سِنّاً، ولميلِ أَبيه إِليه وِاكرامِه له ؛ فماتَ في حياةِ أَبيه بالعُرَيْض(٢) ، وحُمِلَ على رقاب الرِّجال إِلى أَبيه بالمدينةِ حتّى دُفِنَ بالبقيع.

ورُويَ:أَنّ أَبا عبدِاللهِّعليه‌السلام جَزعَ عليه جَزَعاً شديداً، وحَزِنَ عليه حُزْناً عظيما، وتقدم سريره بلا(٣) ، حِذاءٍ ولارِداءٍ، وأمَرَ بوضع سريرِه على الأرضِ قبلَ دفنهِ مِراراً كثيرةً، وكان يَكْشِفُ عن وجهِه وينَظُرُ إِليه،

__________________

(١) ذكر في عمدة الطالب (ص ٢٣٣) انها: فاطمة بنت الحسين الاثرم بن الامام الحسن بن علي ابن ابي طالبعليهم‌السلام ، والظاهر انه هو الصواب.

(٢) العريض: واد بالمدينة فيه بساتين نخل، انظر «معجم البلدان ٤: ١١٤ ».

(٣) في «م» وهامش «ش»: بغير.

٢٠٩

يُريدعليه‌السلام بذلكَ تحقيقَ أمر وفاتهِ عندَ الظّانِّينَ خلافتَه له من بعدِه، وازالةَ الشُّبهةِ عنهم في حياتهِ(١) .

ولمّا ماتَ إِسماعيلُ رضيَ الله عنه انصرفَ عنِ القولِ بإِمامتهِ بعدَ أبيه من كانَ يَظُنُّ ذلكَ فيعتقدُه من أصحاب أبيهعليه‌السلام ، وأقامَ على حياتِه شِرذمةٌ لم تكنْ من خاصّةِ أبيه ولا منَ الرُّواةِ عنَه، وكانوا منَ الأباعدِ والأطرافِ.

فلمّا ماتَ الصّادقُعليه‌السلام انتقلَ فريقٌ منهم إِلى القولِ بإِمامةِ موسى بن جعفرٍعليه‌السلام بعدَ أبيه، وافترقَ الباقونَ فريقينِ: فريقٌ منهم رجعوا عن حياةِ إِسماعيلَ وقالوا بإِمامةِ ابنهِ محمّدِ بنِ إِسماعيلَ، لظنِّهم أَنّ الإمامةَ كانتْ في أَبيه وأَنّ الابنَ أَحقًّ بمقامِ الإمامةِ منَ الأخ ؛ وفريقٌ ثبتوا على حياةِ إِسماعيلَ، وهم اليومَ شُذّاذٌ لا يُعرَفُ منهم أحدٌ يومَأُ إِليه. وهذان الفريقانِ يُسَمَّيانِ بالإسماعيليّةِ، والمعروفُ منهم الانَ من يزعمُ أَنّ الأمامةَ بعدَ إِسماعيلَ في ولدِه وولدِ ولدِه إِلى اخرِ الزّمانِ.

فصل

وكانَ عبدُاللهِ بن جعفرٍ أكبرَ إِخوته بعدَ إِسماعيلَ، ولم تكنْ منزلتُه عندَ أَبيه منزلةَ غيرِه من ولدِه في الإكرام، وكانِ مُتّهَماً بالخلافِ على أَبيه في الاعتقادِ، ويُقالُ أَنّه كانَ يُخالِط الحًشْويّةَ(٢) ، ويَميلُ إِلى مذاهبِ

__________________

(١) حكاه الطبرسي في اعلام الورى: ٢٨٤، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٧: ٢٤٢.

(٢) الحشوية: هم القائلون ان علياً وطلحة والزبير لم يكونوا مصيبين في حربهم وأن المصيبين هم الذين قعدوا عنهم، وأنهم يتولونهم جميعاً ويتبرؤون من حربهم ويردون امرهم الى الله عز وجل

٢١٠

المُرْجِئةِ (١) ، وادّعى بعدَ أبيه الأمامة، واحتَجٌ بأَنّه أكبرُ إِخوته الباقينَ، فاتّبعه على قوله جماعةٌ من أَصحاب أَبي عبدِاللهِّعليه‌السلام ثمّ رجعَ أكثرُهم بعدَ ذلكَ إِلى القولِ بإِمامةَِ أخيه موسىعليه‌السلام لمّا تبيّنوا ضعفَ دعواه، وقوّةَ أمرِ أبي الحسنِعليه‌السلام ودلالة حَقِّه وبراهين إِمامتِه؛ وأقامَ نفرٌ يسير منهم على أَمرِهم ودانوا بإِمامةِ عبدِاللهِّ، وهم الطّائفةُ الملقّبةُ بالفطحِيّة، وأنّما لزمَهم هذا اللقبُ لقولهم بإِمامةِ عبدِاللهِ وكانَ أفَطحَ الرِّجْلين، ويُقالُ إِنّهم لُقِّبوا بذلكَ لأنّ داعِيَتَهم إِلى إِمامةِ عبدِاللهِ كانَ يُقالُ له عبدُاللهِّ بنَ أفطحَ.

وكانَ إِسحاقُ بنُ جعفرٍ من أَهلِ الفضلِ والصّلاحِ والوَرَع وِالاجتهادِ، وروى عنه النّاسُ الحديثَ والآثارَ، وكانَ ابن كاسبٍ إِذا حَدَّثَ عنه يقولُ: حدّثَني الثِّقةُ الرّضِيُ إِسحاقُ بنُ جعفرٍ. وكانَ إِسحاقُ يقولُ بإِمامةِ أَخيهِ موسى بن جعفرٍعليه‌السلام ، وروى عن أَبيه النّصَّ بالإمامةِ على أَخيه موسىعليه‌السلام (٢) .

وكانَ محمّدُ بنُ جعفرٍ شجاعاً سخيّاً، وكانَ يصومُ يوماً ويُفْطِرُ يوماً، ويَرى رأْيَ الزّيديّةِ في الخروجِ بالسّيفِ.

ورُوُيَ عن زوجتهِ خديجةَ بنتِ عبدِاللهِ بنِ الحسينِ أَنّها قالتْ: ما

__________________

«فرق الشيعة: ١١٥ ».

(١) المرجئة: هم القائلون بأن أهل القبلة كلهم مؤمنون باقرارهم الظاهر بالايمان، ويؤخرون العمل عن النية ويرجون المغفرة للمؤمن العاصي. «فرق الشيعة: ٦».

(٢) حكاه الطبرسي في اعلام الورى: ٢٩٠، وياتي هنا في باب النص على الامام موسى بن جعفرعليهما‌السلام .

٢١١

خَرجَ من عندِنا محمّدٌ يوماً قطُّ في ثوبٍ فرجعَ حتّى يكسُوَه(١) ، وكانَ يَذبَحَ في كل يومٍ كَبْشاً لأضيافِه.

وخرجَ على المأْمونِ في سنةِ تسع وتسعينَ ومائةٍ بمكّةَ، واتّبَعَتْه الزّيديّةُ الجاروديّةً، فخرجَ لقتالِه عيسى الجَلوديُّ ففرّقَ جمعَه وأَخذَه وأَنفذَه إِلى المأْمونِ، فلمّا وصلَ إِليه أكرمَه المأْمونُ وأَدنى مجلسَه منه ووَصَلَه وأَحسنَ جائزتَه، فكانَ مُقيماً معَه بخراسانَ يركبُ إِليه في موكبٍ من بني عمّه، وكانَ الماْمونُ يحَتملُ منه ما لا يَحتملُه السُلطان من رعيّتهِ.

وروي:أَنّ المأْمونَ أنكرَ ركوبَه إِليه في جماعةٍ منَ الطّالبيِّينَ الذينَ خرجوا على المأْمونِ في سنة المِائَتَيْنِ فآمَنَهم، فخرجَ التّوقيعُ إِليهم: لا تَركبوا معَ محمّدِ ابنِ جعفرٍ واركَبوا مع عُبَيْداللهِ بنِ الحسينِ، فاَبَوْا أَن يَركبوا ولزِموا منازلَهم، فخرجَ التّوقيعُ: اركَبوا معَ من أَحببتم ؛ فكانوا يَركبونَ معَ محمّدِ بنِ جعفرٍ إذا رَكِبَ إِلى المأْمونِ ويَنصرفونَ بانصرافِه(٢) .

وذُكِرَ عن موسى بن سَلمةَ أنّه قالَ: أُتِيَ إِلى محمّدِ بنِ جعفرفقيلَ له: إِنّ غلمانَ ذي الرٌئاستينِ قد ضَربوا غلمانَكَ على حَطَبِ اشترَوْه، فخرج مُؤتزِراً ببُردتينِ معَه هِراوة وهو يَرتجزُ ويقولُ:

الْمَوتُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ عَيْشٍ بِذلّ

__________________

(١) مقاتل الطالبيين: ٥٣٨، تاريخ بغداد ٢: ١١٣، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٧: ٢٤٣.

(٢) اشار الى ذلك ابو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين: ٥٣٧، وحكاه الطبرسي في اعلام الورى:٢٨٥.

٢١٢

وتَبِعَه النّاس حتّى ضَربَ غلمانَ ذي الرِّئاستينِ وأَخذَ الحَطَبَ منهم. فرُفِعَ الخبرُ إِلى المأْمونِ، فبَعثَ إِلى ذي الرِّئاستينِ فقالَ له: ائتِ محمّدَ بنِ جعفرٍ فاعْتَذِرْ إِليه، وحَكِّمْه في غِلمانِكَ. قالَ: فخرَجَ ذو الرئاستينِ إِلى محمّدِ بنِ جعفرِ. قال موسى بن سَلَمَةَ: فكنت عندَ محمّدِ بن جعفرٍ جالساً حتّى أُتيَ فقيلَ له: هذا ذو الرِّئاستينِ، فقالَ: لا يجلسُ إلّا على الأرض ؛ وتَناولَ بَساطاً كانَ في البيتِ فرَمى به هو ومن معَه ناحيةً، ولم يبق في البيتِ إِلّا وسادة جلسَ عليها محمّدُ بنُ جعفرٍ، فلمّا دخلَ عليه ذو الرِّئاستينِ وسّعَ له محمّدٌ على الوسادةِ فأَبى أَن يَجلسَ عليها وجلسَ على الأرضِ، فاعتذرَ إِليه وحَكَّمَه في غلمانِه(١) .

وتُوفِّي محمّدُ بنُ جعفرٍ بخُراسانَ معَ المأمونِ، فرَكِبَ المأمونُ ليَشْهَدَه فَلقِيَهم وقد خرجوا به، فلمّا نظرَ إِلى السّرير ِنزلَ فترجَّلَ ومشى حتّى دخلَ بينَ العمودَيْنِ، فلم يَزَلْ بينَهما حتّى وُضِعَ فتقدّمَ وصلّى ثمّ حملَه حتّى بلغَ به القبرَ، ثمّ دخلَ قبرَه فلم يَزَلْ فيه حتّى بُنيَ عليه، ثمّ خرجَ فقامَ على القبر حتّى دُفِنَ، فقال له عًبيدُالله بن الحسينِ ودعا له: يا أميرَالمؤمنينَ، إنّكَ قد تعبتَ فلو رَكِبْتَ ؛ فقالَ المأمونُ: إِنّ هذه رحم قُطِعَتْ من مِائَتَيْ سنةٍ.

ورُوِيَ عن إِسماعيلِ بنِ محمّدِ بنِ جعفرِأَنّه قالَ: قلتُ لأخي - وهو إِلى جنبي والمأمونُ قائم على القبر -: لو كلّمناه في دَينِ الشّيخِ، فلا نَجِدُه أقربَ منه في وقتِه هذا؛ فابتدأنَا المأمونُ فقالَ: كمْ تركَ أَبوجعفرمنَ الدَّينِ؟ فقلتُ: خمسةً وعشرينَ أَلفَ دينارٍ؛ فقالَ: قد قَضى اللهُ عنه دينَه ؛ إِلى مَنْ أَوصى؛ قلنا: إلى ابنٍ له يقالُ له يحيى بالمدينةِ؛ فقالَ: ليس

__________________

(١) نقله العلامة المجلسي في البحار ٤٧: ٢٤٤.

٢١٣

هوبالمدينةِ، وهوبمصرَ، وقد عَلِمْنا بكونه فيها، ولكنْ كَرِهْنا أَن نُعْلِمَه بخروجِه منَ المدينةِ لئلا يسوءه ذلكَ لعلمِه بكراهتِنا لخروجِه عنها(١) .

وكانَ عليُّ بنُ جعفرٍ - رضيَ اللهُ عنه - راويةً للحديثِ، سديدَ الطّريقِ، شديدَ الوِرَعَِ، كثيرَ الفضلِ؛ ولزمَ أَخاه موسىعليه‌السلام وروى عنه شيئاً كثيراً.

وكانَ العبّاسُ بنُ جعفرٍ - رضيَ اللهُّ عنه - فاضلاً نبيلاً.

وكانَ موسى بن جعفرٍعليه‌السلام أَجلَّ ولدِ أَبي عبدِاللهِعليه‌السلام قَدْراً وأَعظمهَم محلاً، وأَبعدَهم في النّاسِ صِيْتاً، ولم يرَ في زمانِه أسخى منه ولا أَكرمُ نفساً وعِشْرةً، وكانَ أَعبدَ أَهلِ زمانِه وأَورعَهم وأَجلَّهم وأفقهَهم، واجتمعَ جمهورُ شيعةِ أبيه على القولِ بامامتِه والتّعظيمِ لحقِّه والتسليمِ لأمرِه.

ورووا عن أَبيهعليه‌السلام نصوصاً عليه بالإمامةِ، واشاراتٍ إِليه بالخلافةِ، وأَخذوا عنه معالِمَ دينِهم، ورَوَوْا عنه منَ الآياتِ والمُعجزات ما يُقْطَعُ به على حجّتهِ وصوابِ القولِ بإِمامتِه.

__________________

(١) نقله العلامة المجلسي في البحار ٤٧: ٢٤٤.

٢١٤

باب ذكر الإمامِ القائمِ بعدَ أَبي عبدِاللهِ جعفرِ بنِ محمّد عليهما السّلامُ

من ولدِه، وتاريخ مولدِه، ودلالِ إمامتِه، ومبلغ سنِّه،

ومدّة خلافتهِ، ووقت وفاتِه وسببها، وموضع

قبرِه، وعدد أَولادِه، ومختصر من أَخبارِه

وكانَ الإمامُ - كما قَدّمْناه - بعدَ أَبي عبدِاللهِ ابنَه أَبا الحسنِ موسى ابنَ جعفرٍ العبدَ الصّالحَعليه‌السلام ، لاجتماع خِلالِ الفضلِ فيه والكمالِ، ولنصِّ أَبيه بالإمامةِ عليه وإشارتهِ بها إِليه.

وكانَ مولدهعليه‌السلام بالأبواء ِ(١) سنةَ ثمانٍ وعشرينَ ومائةٍ.

وقُبِضَعليه‌السلام ببغدادَ في حَبْسِ السِّنْديِّ بنِ شَاهَكَ لستٍّ خَلَوْنَ من رجبٍ سنةَ ثلاثٍ وثمانينَ ومائةٍ، وله يومئذٍ خمسٌ وخمسونَ سنةً.

وأُمًّه أُمُّ ولد يقالُ لها: حُمَيْدَةُ البَرْبَريّةُ.

وكانتْ مُدّةُ خلافتِه ومقامه في الإمامةِ بعدَ أبيهعليهما‌السلام خمساً وثلاثينَ سنةً.

وكان يُكنى أَبا إبراهيمَ وأَبا الحسنِ وأَبا عليٍّ، ويُعرَفُ بالعبدِ

__________________

(١) الأبواء: قرية من اعمال الفُرْع من المدينة، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً «معجم البلدان١: ٧٩».

٢١٥

الصّالحِ، وُينْعَتُ أَيضاً بالكاظِمِ.

فصل في النّصِّ عليه بالإمامةِ من أَبيه عليهما السّلامُ

فمِمَّن روى صريحَ النّصِّ بالإمامةِ من أَبي عبدِاللهِ الصّادقِعليه‌السلام على ابنهِ أَبي الحسنِ موسىعليه‌السلام من شيوخ أَصحاب أَبي عبدِاللهِ وخاصّتهِ وبطانتهِ وثِقاتِه الفقهاءِ الصّالحينَ - رضوانُ اللهِّ عليهم - المُفَضَّلُ بنُ عُمَرَ الجُعْفِيّ، ومَعاذُ بنُ كثيرٍ، وعبدُ الرحمن بن الحجّاجِ، والفَيْضُ بنُ المختارِ، ويعقوبُ السَرّاجُ، وسليمانُ بنً خالدٍ، وصَفْوانُ الجمّال، وغيرهم ممّن يطولُ بذكرِهم الكتابُ(١) .

وقد رَوى ذلكَ من إِخوتهِ إِسحاقُ وعليّ ابنا جعفرٍ وكانا منَ الفضلِ والوَرَعِ على ما لا يَختلفُ فيه اثنان.

فروى موسى الصّيْقلُ، عنِ المُفَضّلِ بنِ عُمَر َرحمه‌الله قالَ: كنتُ عندَ أَبي عبدِاللهِّعليه‌السلام فدخلَ أَبو إِبراهيمَ موسىعليه‌السلام - وهوغلامٌ - فقالَ لي أَبو عبدِاللهِّ: «استَوْصِ به، وضَعْ أَمرَه عندَ من تَثِقُ به من

__________________

(١) ياتي تفصيل روايات هؤلاء بنفس الترتيب المذكور هنا، لكن قد ذكر بعد رواية الفيض ابن المختار رواية منصور بن حازم وعيسى بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي بن ابي طالب وطاهربن محمد، ثم يذكر رواية يعقوب السراج وغيره ممن ذكروا هنا، والمناسب ذكر منصور بن حازم ومن بعده هنا كما هو المعهود في سائر الابواب، ولا يبعد وقوع سهو هنا في عدم ذكرهم.

٢١٦

أَصحابِكَ »(١) .

وروى ثُبيت، عن معاذِ بنِ كثيرٍ، عن أَبي عبدِاللهِعليه‌السلام قالَ: قلتُ: أَسأَل اللهَ الّذي رزقَ أَباكَ منكَ هذه المنزلَة، أَنْ يَرزُقَكَ من عَقِبكَ قبلَ المماتِ مثلَها، فقالَ: « قد فعلَ الله ذلكَ » قلتُ: من هوجُعِلْت فداكَ؟ فأَشارَ إِلى العبدِ الصّالحِ وهو راقدٌ، قالَ: « هذا الرّاقدُ» وهو يومئذٍ غلامٌ(٢) .

وروى أَبو عليٍّ الأرجانيُّ عن عبدِ الرحمن بنِ الحجّاجِ قالَ: دخلتُ على جعفرِ بنِ محمّدٍعليهما‌السلام في منزلِه، فإِذا هوفي بيتِ كذا من دارِه في مسجدٍ له، وهو يدعو وعلى يمينهِ موسى بن جعفرٍعليهما‌السلام يُؤَمِّنُ على دعائه، فقلتُ له: جعلَني اللهُّ فداكَ، قد عرفتَ انقطاعي إِليكَ وخدمتي لكَ، فمن وليًّ الأمرِ بعدكَ؟ قال: «يا عبدَ الرحمن، إِنّ موسى قد لبسَ الدِّرعَ واستوتْ عليه » فقلت له: لا أَحتاجُ بعدَها إِلى شيءٍ(٣) .

وروى عبدُ الأعلى، عنِ الفيضِ بنِ المختارِ قالَ: قلتُ لأبي عبدِاللهِعليه‌السلام : خُذْ بيدي منَ النّارِ، مَنْ لنا بعدَك؟ قالَ: فدخلَ أَبو إِبراهيمَ - وهو يومئذٍ غلامٌ - فقالَ: «هذا صاحبُكم فتمسك به »(٤) .

__________________

(١) الكافي ١: ٢٤٦ / ٤، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٨: ١٧ / ١٣.

(٢) الكافي ١: ٢٤٥ / ٢، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٨: ١٧ / ١٥.

(٣) الكافي ١: ٢٤٥ / ٣، الفصول المهمة: ٢٣١، ونقله المجلسي في البحار ٤٨: ١٧ / ١٧.

(٤) الكافي ١: ٢٤٥ / ١، الفصول المهمة: ٢٣١، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٨: ١٨ / ١٨.

٢١٧

وروى ابنُ أَبي نَجرانَ، عن منصورِ بنِ حازم قالَ: قلتُ لأبي عبدِاللهعليه‌السلام : بأَبي أَنتَ وأُمِّي، إِنّ الأنفسَ يُغدى عليها ويُراحُ، فإِذا كانَ ذلكَ فمَنْ؟ فقالَ أَبو عبدِاللهِعليه‌السلام : «إِذا كانَ ذلكَ فهو صاحبُكم » وضربَ على مَنْكِب أَبي الحسنِ الأيمن، وهو فيما أعلمُ يومئذٍ خماسيٌّ، وعبدُاللهِّ بن جعفرٍ جاَلسٌ معَنا(١) .

وروى ابن أَبي نَجرانَ، عن عيسى بن عبدِاللهِ بنِ محمّدِ بنِ عمر بن عليِّ بنِ أَبي طالبِ، عن أَبي عبدِاللهِعليه‌السلام ؛ قالَ: قلتُ له: إن كانَ كَوْنٌ - ولا أَراني اللهُ ذلكَ - فبمن أئتمُّ؟ قالَ: فأَوما إِلى ابنهِ موسى، قلتُ: فإِن حَدَثَ بموسى حَدَثٌ، فبمن أَئتمُّ؟ قالَ: «بولدِه » قلتُ: فإِن حَدَثَ بولدِه حَدَثٌ؟ قالَ: «بولدِه » قلتُ: وإن حَدَثَ به حَدَثٌ وتركَ أَخاً كبيراً وابناً صغيراً؟ قال: «بولدِه، ثمّ هكذا أَبداً»(٢) .

وروى الفضلُ، عن طاهرِ بنِ محمّدٍ، عن أَبي عبدِاللهِّعليه‌السلام ، قالَ: رأَيتُه يلومُ عبدَاللهِ ابنَه ويَعِظُه ويقولُ له: «ما يَمنعُكَ أَن تكونَ مثلَ أخيكَ؟! فواللهِ إِنِّي لأعرف النُّورَ في وجهِه » فقالَ عبدُاللهِ: وكيفَ؟ أَليس أَبي وأبوه واحداً، وأَصلي وأَصلهُ واحداً؟ فقالَ له أَبو عبدِاللهِعليه‌السلام : «إِنّه من نفسي وأَنتَ ابني »(٣) .

__________________

(١) الكافي ١: ٦ / ٢٤٦، الفصول المهمة: ٢٣٢، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٨: ١٨ / ٢٠.

(٢) الكافي ١: ٢٤٦ / ٧، وباختلاف يسير في كمال الدين: ٣٤٩ / ٤٣، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٨: ١٦ / ١١.

(٣) الكافي ١: ٢٤٧ / ١٠، الامامة والتبصرة: ٢١٠ / ٦٣، وفيهما: فضيل، عن طاهر، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٨: ١٨ / ٢٢.

٢١٨

وروى محمّدُ بنُ سِنانٍ، عن يعقوبَ السّرّاجِ قالَ: دخلتُ على أَبي عبدِاللهِّعليه‌السلام وهو واقفٌ على رأْسِ أَبي الحسنِ موسى وهو في المهدِ، فجعلَ يُسارُّه طويلاً، فجلستُ حتّى فرغَ فقمتُ إِليه، فقالَ لي: «ادنُ إِلى مولاكَ فسلِّمْ عليه » فدنوتُ فسلّمتُ عليه، فردَّ عَلَيَّ بلسانٍ فصيحٍ ثمّ قالَ لي: «اذهَبْ فغيِّرِ اسمَ ابنتِكَ الّتي سمَّيْتَها أَمسِ، فإنّه اسمٌ يُبغضه اللهُ » وكانتْ وُلدتْ لي بنتٌ فسمّيْتُها بالحُمَيراءِ، فقالَ أَبو عبدِاللهِ: «انْتَهِ إِلى أَمره تَرْشدْ» فغيّرتُ اسمها(١) .

وروى ابنُ مًسْكانَ، عن سُليمان بن خالدٍ قالَ: دعا أَبو عبدِاللهِ أَبا الحسنِعليهما‌السلام يوماً ونحن عندَه فقالَ لنا: «عليكم بهذا بعدي، فهو واللهِ صاحبُكم بعدي »(٢) .

وروى الوَشاءُ، عن عليِّ بنِ الحسينِ، عن صَفوانَ الجّمالِ قالَ: سأَلتُ أَبا عبدِاللهِّعليه‌السلام عن صاحب هذا الأَمرِ فقالَ: «صاحبُ هذا الأمرِ لا يَلهو ولا يَلعبُ » فأَقبلَ أَبو الحسنَعليه‌السلام ومعَه بَهْمَةٌ(٣) له، وهو يقولُ لها: «اسجُدي لربِّكِ » فأَخذَه أَبو عبدِاللهِعليه‌السلام وضمَّه إِليه وقالَ: «بأَبي وأُمِّي، من لا يَلهو ولا يَلعبُ »(٤) .

وروى يعقوبُ بنُ جعفرٍ الجعفريّ قالَ: حدّثَني إِسحاقُ بنُ جعفر

__________________

(١) الكافي ١: ٢٤٧ / ١١، دلائل الامامة: ١٦١، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٨:١٩ / ٢٤.

(٢) الكافي ١: ٢٤٧ / ١٢، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٨: ١٩ / ٢٥.

(٣) يقال لأولاد الغنم ساعة تضعها - من الضان والمعز جميعاً، ذكراً كان أو أنثى -: سخلة ثم هيّ البَهْمة. «لسان العرب - بهم - ١٢: ٥٦ ».

(٤) الكافي ١: ٥٤٨ / ١٢، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٨: ١٩ / ٢٧.

٢١٩

الصّادقِ قالَ: كنتُ عندَ أبي يوماً فسأَلهَ عليُّ بنُ عمر بن عليٍّ فقالَ: جُعِلْتُ فِداكَ، إِلى مَنْ نَفْزَعُ ويَفزعُ النّاس بعدَك؟ فقالَ: «إِلى صاحب هذَيْنِ الثّوبينِ الأصفرينِ والغَدِيرتَينِ(١) ، وهو الطّالعُ عليكَ منَ الباب » قال: فما لَبِثْنا أَن طَلعَتْ علينا كفّانِ آخِذتانِ بالبابينِ حتّى انفتَحا، ودخَلَ علينا أبو إِبراهيمَ موسىعليه‌السلام وهو صبيٌّ وعليه ثوبانِ أَصفرانِ(٢) .

وروى محمّد بن الوَليدِ قالَ: سمعتُ عليَّ بنَ جعفرِ بنِ محمّدٍ الصّادقِعليه‌السلام يقولُ: سمعت أَبي - جعفرَ بنَ محمّدٍ - يقولُ لجماعةٍ من خاصتهِ وأَصحابِه: «استَوْصُوْا بابني موسى خيراً، فإِنّه أَفضلُ ولدي ومن أُخلِّفُ من بعدي، وهو القائمُ مَقامي، والحجّةُ للّهِ تعالى على كافّةِ خلقِه من بعدي »(٣) .

وكانَ عليُّ بنُ جعفرٍ شديدَ التّمسُّكِ بأَخيه موسى والانقطاعِ إِليه والتّوفّرِ على أَخْذِ معالمِ الدَينِ منه، وله مسائلُ مشهورةٌ عنه وجواباتٌ رواها سماعاً منه.

والأخبارُ فيما ذكرْناه أَكثرُ من أَن تُحصى على ما بيّنّاه ووصفْناه.

__________________

(١) الغديرة: الذؤابة التي تسقط على الصدر. «لسان العرب - غدر - ٥: ١٠ » والذؤابة: هي العقيصة والمضفور من شعر الرأس. «لسان العرب - ذأب - ١: ٣٧٩».

(٢) الكافي ١: ٢٤٦ / ٥، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٨: ٢٠ / ٢٩.

(٣) حكاه الطبرسي في إعلام الورى: ٢٩١، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٨: ٢٠ / ٣٠.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

مولاي وأنا ولي كل مؤمن. ثم أخذ بيد عليرضي‌الله‌عنه ، فقال: من كنت مولاه فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. فقلت لزيد: سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: ما كان في الدوحات أحد الا رآه بعينه وسمعه بأذنه.

قال الحافظ الذهبي: هذا حديث صحيح »(١) .

ترجمته:

١ - السمعاني : « فمن مشاهير المحدثين: أبو عوانة يعقوب بن اسحاق ابن ابراهيم بن يزيد الاسفراييني الحافظ، أحد حفاظ الدنيا ومن رحل في طلب الحديث وعنى بجمعه وتعب في كتابته، وكانت له رحل عدة الى العراق والشام والحجاز وديار مصر وفارس واليمن، وصنف: ( المسند الصحيح ) على ( صحيح مسلم بن الحجاج القشيري ) وأحسن، وكان زاهداً عفيفاً متعبداً متقللا»(٢) .

٢ - ابن خلكان : « كان أبو عوانة احد الحفاظ الجوادين والمحدثين المكثرين قال أبو عبد الله الحاكم: أبو عوانة من علماء الحديث وأثباتهم ومن الرحالة في أقطار الارض لطلب الحديث

قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر: حدثني الشيخ الصالح الاصيل أبو عبد الله محمد بن محمد بن عمر الصفار الاسفراييني: ان قبر أبي عوانة باسفراين مزار العالم ومتبرك الخلق

سمعت جدي الامام عمر بن الصفار رحمه الله تعالى ونظر الى القبور حول قبر الامام الاستاذ أبي اسحاق، وأشار الى المشهد، وقال: قد قيل هاهنا من الائمة والفقهاء على مذهب الامام الشافعيرضي‌الله‌عنه أربعون اماماً، كان

____________________

(١). الصراط السوى - مخطوط.

(٢). الانساب - الاسفراييني.

٣٢١

كل واحد منهم لو تصرف في المذهب وأفتى برأيه واجتهاده ( يعنى على مذهب الشافعي ) لكان حقيقاً بذلك.

وكان جدي اذا وصل الى مشهد الاستاذ لا يدخله احتراماً بل كان يقبل عتبة المشهد، وهي مرتفعة بدرجات ويقف ساعة على هيئة التعظيم والتوقير، ثم يعبر عنه كالمودع لعظيم الهيبة، واذا وصل الى مشهد أبي عوانة كان أشد تعظيماً له واجلالا وتوقيراً، ويقف أكثر من ذلك. رحمهم ‌الله تعالى أجمعين »(١) .

٣ - الذهبي بنحو ما تقدم(٢) .

٤ - وأيضاً في ( العبر في خبر من غبر ٢ / ١٦٥ ).

٥ - واليافعي في (مرآة الجنان ٢ / ٢٦٩ ).

٦ - السبكى : « وهو أول من أدخل مذهب الشافعي الى اسفراين، أخذه عن المزني والربيع. سمع محمد بن يحيى، ومسلم بن الحجاج، ويونس ابن عبد الاعلى، وعمر بن شبة، وعلي بن حرب، وعلي بن أشكاب، وسعدان ابن نصر وخلقاً سواهم »(٣) .

٧ - الاسنوى : « كان اماماً كبيراً عالماً حافظاً رحلا الى الافاق »(٤) .

٨ - الثعالبي : « صحيح أبي عوانة الاسفراييني وهو مستخرج على صحيح مسلم، وزاد فيه طرقاً في الاشارة، وقليلا من المتون »(٥) .

٩ - القنوجى بنحو ما تقدم(٦) .

____________________

(١). وفيات الاعيان ٥ / ٤٣٦.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٧٧٩.

(٣). طبقات الشافعية ٣ / ٤٨٧.

(٤). طبقات الشافعية ١ / ٢٠٣.

(٥). مقاليد الاسانيد للثعالبي.

(٦). التاج المكلل: ١٥٠.

٣٢٢

*(٥٨)*

رواية عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي

روى حديث الثقلين في ( الجعديّات ) حيث قال:

« حدّثنا بشر بن الوليد نا محمّد بن طلحة عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد: أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إنّي أوشك أنْ أدعى فأُجيب، وإنّي تارك فيكم الثقلين، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض. فانظروا بما تخلفوني فيهما »(١) .

و لقد أخرج روايته لحديث الثقلين الحموي بقوله: « أخبرتنا الشيخة الصالحة زينب بنت القاضي عماد الدين أبي صالح نصر بن عبد الرزاق بن الشيخ قطب وقته عبد القادر، سماعاً عليها بمدينة السلام بغداد عصر يوم الجمعة السادس والعشرين من صفر سنة اثنتين وسبعين وستمائة، قيل لها: أخبرك الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن السقاء، قراءة عليه وانت تسمعين في خامس رجب سنة سبع عشرة وستمائة بالمدرسة القادرية؟ قالت: نعم؟ قال: أنبأنا أبو القاسم سعيد بن احمد بن البناء، وأبو محمد المبارك بن أحمد بن بركة الكندي في جمادى الاولى سنة اثنتين واربعين وخمسمائة، قالا: أنبأنا أبو نصر محمد بن محمد الريسى [ الزينبي ]، قال: أنبأنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس بن المخلص، قال: أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، أنبأنا بشر بن الوليد الكندي، أنبأنا محمد بن طلحة عن الاعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: اني أوشك أن أدعى فأجيب واني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي أهل بيتي، وان اللطيف الخبير أخبرنى أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا ما

____________________

(١). مسند ابن الجعد ٢ / ٩٧٢.

٣٢٣

تخلفوني فيهما »(١) .

ترجمته:

وقد ترجم لابي القاسم البغوي المذكور كبار علماء وحفاظ أهل السنة، ذكرنا طرفاً من ترجمته في مجلد حديث الطير نقلا عن:

١ - تذكرة الحفاظ ٢ / ٧٣٧.

٢ - العبر ٢ / ١٠٧.

٣ - طبقات الحفاظ ٣١٢.

*(٥٩)*

رواية ابن عبد ربه القرطبي

لقد أخرج حديث الثقلين في ( العقد الفريد ) ضمن خطبة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما سيأتي ان شاء الله تعالى.

ترجمته:

وتوجد ترجمة ابن عبد ربه في كثير من كتب التاريخ والرجال المشهورة، وقد ذكرنا له ترجمة مفصلة في مجلد حديث الطير عن:

١ - وفيات الأعيان ١ / ٩٢.

٢ - المختصر ٢ / ٨٧.

٣ - تتمة المختصر ١ / ٣٧٧.

٤ - مرآة الجنان ٢ / ٢٩٥.

٥ - بغية الوعاة ١٦١.

____________________

(١). فرائد السمطين ٢ / ٢٧٢.

٣٢٤

*(٦٠)*

رواية ابن الانباري

١ - لقد أخرج حديث الثقلين في كتاب ( المصاحف ) على ما ينقله السيوطي قائلا: « وأخرج الترمذي وحسنه وابن الأنباري في ( المصاحف ) عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما اعظم من الاخر كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي اهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما »(١) .

٢ - و أخرجه برواية زيد بن ثابت أيضاً، على ما ينقله البدخشاني عند ذكر طرق هذا الحديث الشريف بقوله: « ولفظه عند الحافظين أبي محمد عبد الله بن حميد الكشي وأبي بكر محمد بن القاسم المعروف بابن الانباري، عن زيد بن ثابت: انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض »(٢) .

ترجمته:

١ - السمعاني : « كان صدوقاً فاضلا ديناً خيراً من اهل السنة، وصنف كتباً كثيرة في علم القرآن وغريب الحديث والمشكل والوقف والابتداء والرد على من خالف مصحف العامة. وكان يملي وأبوه حي، يملي هو في ناحية من المسجد وأبوه في ناحية اخرى، وكان يحفظ ثلاثمائة الف بيت شاهد في القرآن، وكان يملى من حفظ، وما كتب عنه الاملاء قط الا من حفظه »(٣) .

____________________

(١). الدر المنثور ٦ / ٧.

(٢). مفتاح النجا - مخطوط.

(٣). الانساب - الانباري.

٣٢٥

٢ - ابن خلكان : « وكان صدوقاً ثقة ديناً خيراً من أهل السنة ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وأثنى عليه. قيل: انه كان يحفظ مائة وعشرين تفسيراً للقرآن بأسانيدها.

وحكى أبو الحسن الدارقطني انه حضر في مجلس املائه يوم جمعة، فصحف اسماً أورده في اسناد حديث، اما كان ( حيان ) فقال ( حبان ) أو ( حبان ) فقال ( حيان ). قال الدارقطني: فأعظمت أن يحمل عن مثله في فضله وجلالته وهم، وهبت أن أوقفه على ذلك، فلما انقضى الاملاء تقدمت الى المستملي فذكرت له وهمه وعرفته صواب القول فيه وانصرفت، ثم حضرت الجمعة الثانية في مجلسه، فقال أبو بكر: عرف جماعة الحاضرين انا صحفنا الاسم الفلاني لما أملينا حديث كذا في الجمعة الماضية، ونبهنا ذلك الشاب على الصواب، وهو كذا، وعرف ذلك الشاب انا رجعنا الى الاصل فوجدناه كما قال »(١) .

٣ - اليافعي كما تقدم(٢) .

*(٦١)*

رواية ابى عبد الله الضبي المحاملي

لقد أخرج حديث الثقلين في ( أماليه ) وصرح بصحته، كما ينقل ذلك الملا على المتقى حيث يقول: « عن عليّعليه‌السلام ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حضر الشجرة بخم، ثم خرج آخذاً بيد علي فقال: ايها الناس ألستم تشهدون ان الله ورسوله أولى بكم من أنفسكم وان الله ورسوله مولاكم؟ قالوا: بلى! قال: فمن كان الله ورسوله مولاه فان هذا مولاه، وقد تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله سببه بيده وسببه بأيديكم وأهل بيتي.

____________________

(١). وفيات الاعيان ٣ / ٤٦٣.

(٢). مرآة الجنان ٢ / ٢٩٤.

٣٢٦

ابن جرير، وابن أبي عاصم، والمحاملي في أماليه وصحح »(١) .

ترجمته:

وترجم المحاملي أكثر أصحاب الكتب الرجالية والمؤرخين، أنظر:

١ - الانساب - المحاملي.

٢ - الكامل ٨ / ١٣٩.

٣ - العبر ٢ / ٢٢٢.

٤ - مرآة الجنان ٢ / ٢٩٧.

٥ - طبقات الحفاظ ٣٤٣.

٦ - تاريخ بغداد ٨ / ١٩.

قالالذهبي : « المحاملي، القاضي الامام العلامة الحافظ، شيخ بغداد ومحدثها أبو عبد الله الحسين بن اسماعيل بن محمد الضبي البغدادي قال الخطيب: كان فاضلا ديناً صادقاً شهد عند القضاة وله عشرون سنة، ولي قضاء الكوفة ستين سنة، وقال ابن جميع الغساني: عند المحاملي سبعون نفساً من أصحاب سفيان بن عيينة، وقال أبو بكر الداودي: كان يحضر مجلس المحاملي عشرة آلاف رجل، واستعفى من القضاء قبل عشرين وثلاثمائة وكان محموداً في ولايته »(٢) .

*(٦٢)*

رواية احمد بن محمد بن سعيد ( ابن عقدة )

لقد أخرج حديث الثقلين في ( كتاب الولاية ) المعروف بـ ( كتاب الموالاة ) أيضاً بثمان طرق، كما ينقل ذلك السخاوي في ( استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط ).

____________________

(١). كنز العمال ١٥ / ١٢٢ - ١٢٣.

(٢). تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٢٤.

٣٢٧

ولقد أوردها السمهودي في ( جواهر العقدين - مخطوط ) وابن باكثير المكي في ( وسيلة المآل - مخطوط ) ايضاً.

أما الشيخاني القادري فقد أورد في ( الصراط السوي - - مخطوط ) روايتين منها فقط.

ترجمته:

ترجم له أرباب المعاجم الرجالية مع الاجلال والتكريم، وقد ذكرنا له ترجمة مفصلة في مجلد حديث الغدير

*(٦٣)*

رواية دعلج السجزى

أخرج روايته لحديث الثقلين الحاكم بعد ذكر الحديث عن طريق زيد بن أرقم، حيث قال: « شاهده: حديث سلمة بن كهيل، عن أبي الطفيل أيضاً صحيح على شرطهما. حدثنا [ ه‍ ] أبو بكر بن اسحاق، ودعلج ابن أحمد السجزى، قالا: أنبأ محمد بن أيوب، ثنا الازرق بن علي، ثنا حسان ابن ابراهيم الكرماني، ثنا محمد بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبى الطفيل عامر بن واثلة أنه سمع زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه يقول: نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين مكة والمدينة عند سمرات [ شجرات ] خمس دوحات عظام، فكنس الناس ما تحت السمرات [ الشجرات ]، ثم راح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشية فصلى ثم قام خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر ووعظ فقال ما شاء الله أن يقول، ثم قال: أيها الناس، انّي تارك فيكم أمرين لن تضلوا ان اتبعتموهما، وهما كتاب الله واهل بيتي عترتي، ثم قال: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ثلاث مرات، قالوا: نعم، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعليّ مولاه »(١) .

____________________

(١). المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٠٩ - ١١٠.

٣٢٨

ترجمته:

١ - الذهبي : « كان من أوعية العلم وبحور الرواية، روى عنه: الدارقطني، والحاكم، وابن زرقويه، وأبو إسحاق الاسفراييني، وأبو القاسم بن بشران وعدد كثير، قال الحاكم: أخذ دعلج عن ابن خزيمة المصنفات، قال: وكان يفتي بمذهبه وكان شيخ أهل الحديث، وله صدقات جارية على أهل الحديث بمكة والعراق وسجستان. قال الحاكم: سمعت الدارقطني يقول: صنف دعلج ( المسند الكبير ) ولم أر في مشايخنا أثبت منه. وسمعت عمر البصري يقول: ما رأيت ببغداد من انتخبت عليهم أصح كتباً منه ولا أحسن سماعاً »(١) .

٢ - وأيضاً في العبر في خبر من غبر ( ٦ / ٢٩١ ) بمثل ما مر.

٣ - وكذااليافعي في مرآة الجنان ( ٢ / ٣٤٧ ).

٤ - السبكى : « قال الحاكم: سمعت الدارقطني يقول: صنفت لدعلج ( المسند الكبير ) فكان اذا شك في حديث ضرب عليه، ولم أر في مشايخنا أثبت منه. قال الحاكم اشترى دعلج بمكة دار العباسية بثلاثين الف دينار قال: ويقال: لم يكن في الدنيا من التجار أيسر من دعلج، وقال الخطيب: بلغني أنه بعث بالمسند الى ابن عقدة لينظر فيه وجعل في الاجزاء بين كل ورقتين دينارا»(٢) .

٥ - السيوطي : « دعلج بن احمد بن دعلج، الامام الفقيه محدث بغداد سمع البغوي ومنه الدارقطني والحاكم، وكان من أوعية العلم وبحور الرواية وشيخ أهل الحديث. صنف ( المسند الكبير ) ومات في جمادى الآخرة سنة ٣٥١ وخلف ثلاثمائة الف دينار »(٣) .

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٨١.

(٢). طبقات الشافعية ٣ / ٢٩١.

(٣). طبقات الحفاظ: ٣٦٠.

٣٢٩

*(٦٤)*

رواية ابن الجعابي

١ - أخرج روايته لحديث الثقلين، العلامة السخاوي بقوله: « ورواه الجعابي من حديث عبد الله بن موسى، عن أبيه عن عبد الله بن حسن، عن أبيه، عن جده، عن عليّرضي‌الله‌عنه ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: اني مخلف فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله عز وجل طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم وعترتي اهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض »(١) .

٢ - السمهودي حيث قال: « ورواه الجعابي في الطالبيين من حديث عبد الله بن موسى الخ»(٢) .

ترجمته:

ترجم له اعلام المؤرخين، وقد ذكرنا ترجمة مفصلة له في مجلد حديث مدينة العلم، فلا حاجة الى اعادتها هنا

*(٦٥)*

رواية سليمان بن احمد الطبراني

لقد أخرج حديث الثقلين في معاجمه الثلاثة بطرق عديدة، وألفاظ مختلفة:

١ - ففي ( المعجم الصغير ) برواية أبي سعيد الخدري: « حدثنا الحسن ابن محمد بن مصعب الاشانى [ الاشناني ] الكوفي، حدثنا عباد بن يعقوب الاسدي، حدثنا عبد الرحمن المسعودي، عن كثير النواء، عن عطية العوفي، عن أبى سعيد الخدري، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّى تارك

____________________

(١). استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط.

(٢). جواهر العقدين - مخطوط.

٣٣٠

فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الاخر، كتاب الله جل وعز، حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يتفرقا [ يفترقا ] حتى يردا علي الحوض.لم يروه عن كثير النواء الا المسعودي ».

٢ - وأيضاً في ( المعجم الصغير ) برواية ابى سعيد بسند آخر(١) .

٣ - وأخرجه في ( المعجم الاوسط ) كما ذكر السخاوي والسمهودي.

٤ - و في ( المعجم الكبير ) حيث قال:

« حدثنا احمد بن مسعود المقدسي، ثنا: الهيثم بن سليمان الخزاز ( ح )، وثنا: ابو حصين القاضي، ثنا: يحيى الحماني قالوا: ثنا: شريك، عن الركين ابن الربيع، عن القاسم بن حسان، عن زيد بن ثابت، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: انّي قد تركت فيكم خليفتين، كتاب الله واهل بيتي، وانهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض »(٢) .

« حدثنا عبيد بن غنام، ثنا ابو بكر بن ابى شيبة، ثنا شريك، عن الركين بن الربيع، عن القاسم بن حسان، عن زيد بن ثابت يرفعه قال: انّي قد تركت فيكم الخليفتين، كتاب الله وعترتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض »(٣) .

« حدثنا عبيد بن غنام، ثنا: ابو بكر بن ابى شيبة، ثنا: عمر بن سعد ابو داود الحضري، ثنا: شريك، عن الركين بن الربيع، عن القاسم بن حسان، عن زيد بن ثابت قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم الثقلين من بعدي، كتاب الله عز وجل وعترتي اهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض »(٤) .

____________________

(١). المعجم الصغير ١ / ١٣٥.

(٢). المعجم الكبير ٥ / ١٧٠.

(٣). المعجم الكبير ٥ / ١٧١.

(٤). المعجم الكبير ٥ / ١٧١.

٣٣١

« حدثنا محمد بن حيان المازني، حدثنا كثير بن يحيى، ثنا: ابو كثير بن يحيى، ثنا: ابو عوانة وسعيد بن عبد الكريم بن سليط الحنفي، عن الاعمش، عن حبيب بن ابي ثابت، عن عامر بن واثلة، عن زيد بن أرقم قال: لما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقمت ثم قال فقال: كأني قد دعيت فأجبت، انّي تارك فيكم الثقلين أحدهما اكبر من الآخر، كتاب الله وعترتي اهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: ان الله مولاي وانا ولي كل مؤمن، ثم أخذ بيد عليّ فقال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه

فقلت لزيد: أنت سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

فقال: ما كان في الدوحات احد الّا قد رآه بعينيه وسمعه بأذنيه »(١) .

« حدثنا احمد بن عمرو القطراني، ثنا: محمد بن الطفيل ( ح ) وحدثنا ابو حصين القاضي، ثنا: يحيى الحماني قالا: ثنا: شريك، عن الاعمش، عن حبيب بن ابي ثابت، عن ابي الطفيل، عن زيد بن ثابت، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثله »(٢) .

« حدثنا محمد بن عبد الله الضرمي، ثنا: جعفر بن حميد، وحدثنا محمد ابن عثمان بن ابى شيبة، حدثنا النصر بن سعيد ابو صهيب، قالا: عبد الله بن بكير، عن حكيم بن جبير، عن ابى الطفيل، عن زيد بن أرقم، قال: نزل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الجحفة، ثم اقبل على الناس فحمد الله واثنى عليه ثم قال: انى لا اجد لنبيّ الّا نصف عمر الذي قبله وانى اوشك ان ادعى فاجيب فما أنتم قائلون؟ قالوا: نصحت. قال أليس تشهدون ان لا اله الّا الله وان محمدا عبده ورسوله، وان الجنّة حق، والنّار حق، وان البعث بعد

____________________

(١). المعجم الكبير ٥ / ١٨٥.

(٢). المعجم الكبير ٥ / ١٨٦.

٣٣٢

الموت حق؟ قالوا: نشهد. قال: فرفع يديه فوضعهما على صدره، ثم قال: وانا اشهد معكم. ثم قال: ألا تسمعون؟ قالوا: نعم، قال: فاني فرطكم على الحوض وأنتم واردون علي الحوض وان عرضه ابعد ما بين صنعاء وبصرى، فيه اقداح عدد النجوم من فضة، فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين. فنادى مناد: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: كتاب الله طرف بيد الله ( عز وجل ) وطرف بأيديكم، فاستمسكوا به لا تضلوا، والآخر عترتي. وان اللطيف الخبير نبأني انهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. وسألت ذلك لهما ربي، فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ولا تعلموهم فانهم اعلم منكم.

ثم اخذ بيد عليرضي‌الله‌عنه فقال: من كنت اولى به من نفسي فعليّ وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

« حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا: عمرو بن عون الواسطي، ثنا: خالد ابن عبد الله، عن الحسن بن عبيد الله، عن ابى الضحى، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي اهل بيتي، وانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض »(٢) .

« حدثنا معاذ بن المثنى، ثنا: على بن المديني، ثنا: جرير بن عبد الحميد، عن الحسن بن عبيد الله، عن ابى الضحى، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي اهل بيتي، وانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض »(٣) .

« حدثنا ابو حصين القاضي، ثنا: يحيى الحماني، ثنا: جرير بن عبد الحميد، عن الحسن بن عبيد الله، عن ابى الضحى عن زيد بن أرقم، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثله »(٤) .

____________________

(١). المعجم الكبير ٥ / ١٨٦ - ١٨٧.

(٢). المعجم الكبير ٥ / ١٩٠.

(٣). المعجم الكبير ٥ / ١٩٠.

(٤). المعجم الكبير ٥ / ١٩٠.

٣٣٣

« حدثنا على بن عبد العزيز، ثنا: أبو نعيم، ثنا: كامل أبو العلاء، قال: سمعت حبيب بن أبي ثابت يحدث، عن يحيى بن جعدة، عن زيد بن أرقم، قال: خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى انتهينا إلى غدير خم أمر بدوح فكسح في يوم ما اتى علينا يوم كان أشد حراً منه، فحمد الله واثنى عليه وقال: يا ايها الناس: انه لم يبعث نبى قط الّا عاش نصف ما عاش الذين كانوا قبله وانى اوشك ان أدعى فاجيب وانّي تارك فيكم ما لن تضلوا بعده، كتاب الله. ثم قام واخذ بيد عليّرضي‌الله‌عنه فقال: يا ايها الناس: من اولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: الله ورسوله اعلم. قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه »(١) .

٥ - وتجد روايته لحديث الثقلين في ( الدر المنثور ٢ / ٦٠ ) و ( احياء الميت ٢٧، ٣٠ ) وفي ( كنز العمال ) و ( الصواعق ) و ( السيرة الحلبية ) وغيرها.

ترجمته:

وقد ترجم الطبراني وأثنى عليه كبار الائمة وكافة أرباب الكتب الرجالية، مثل:

ابن خلكان في وفيات الاعيان ( ٢ / ٢١٥ ).

والسمعاني في الانساب ( الطبراني ).

والذهبي في تذكرة الحفاظ ( ٣ / ٩١٢ ) والعبر ( ٢ / ٣١٥ ).

واليافعي في مرآة الجنان ( ٢ / ٣٧٢ ).

وابن الجزري في ( طبقات القراء ).

والقنوجي في التاج المكلل (٥٤).

ولغرض الاختصار نقتصر على ما ورد من ترجمته في طبقات الحفاظ

____________________

(١). المعجم الكبير ٥ / ١٩٢.

٣٣٤

للسيوطي حيث يقول:

« الطبراني - الامام العلامة الحجة، بقية الحفاظ أبو القاسم سليمان ابن أحمد ابن أيوب بن مطير اللخمي الشامي. مسند الدنيا وأحد فرسان هذا الشأن. ولد بعكا في صفر سنة ٢٦٠، وسمع في سنة ٢٧٣، بمدائن الشام والحجاز واليمن ومصر وبغداد والكوفة والبصرة وأصبهان والجزيرة وغير ذلك، وحدث عن ألف شيخ أو يزيدون.

صنف ( المعجم الكبير ) وهو المسند، ولم يسبق فيه من مسند المكثرين الا ابن عباس وابن عمر، فأما أبو هريرة، وأنس، وجابر، وأبو سعيد، وعائشة فلا بد، ولا حديث جماعة من المتوسطين، لانه أفرد لكل مسنداً فاستغنى عن اعادته. وله ( المعجم الاوسط ) على شيوخه، فأتى عن كل شيخ بما له من الغرائب فهو نظير ( الافراد ) للدارقطني، وكان يقول: هذا الكتاب روحي، فانه تعب عليه. و ( المعجم الصغير ) وهو عن كل شيخ له حديث

قال أبو العباس الشيرازي: كتبت عن الطبراني ثلاثمائة ألف حديث، وهو ثقة.

قال الذهبي في ( الميزان ): ومع سعة روايته لم ينفرد بحديث »(١) .

*(٦٦)*

رواية أبي بكر القطيعي

أخرج روايته لحديث الثقلين الحاكم بالسند الآتي:

« حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي ببغداد، ثنا: أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، ثنا: يحيى بن حماد، وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، وأبو بكر أحمد بن جعفر البزاز، قالا: ثنا: عبد الله ابن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا: يحيى بن حماد، وثنا: أبو نصر أحمد

____________________

(١). طبقات الحفاظ: ٣٧٢.

٣٣٥

ابن سهل الفقيه ببخارى، ثنا: صالح بن محمد الحافظ البغدادي، ثنا: خلف ابن سالم المخرمي، ثنا: يحيى بن حماد، ثنا: أبو عوانة، عن سليمان الاعمش قال: ثنا حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم رضي‌الله‌عنه قال: لما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن، فقال: كأني قد دعيت فأجبت، اني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الاخر، كتاب الله تعالى وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما فانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: الله عز وجل مولاي وأنا ولي كل مؤمن، ثم أخذ بيد عليّرضي‌الله‌عنه ، فقال: من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه »(١) .

ترجمته:

١ - السمعاني : « المحدث المشهور أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك بن شبيب القطيعي - من قطيعة الدقيق محلة في أعلى غربي بغداد - يروى عن إسحاق وابراهيم الحربيين والكديمي وأبى مسلم الكشي، وكان يروي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ( المسند ) عن أبيه، وكان مكثراً، يروي عنه: أبو عبد الله الحافظ ابن البيع، وأبو نعيم الحافظ الاصبهاني، في جماعة كثيرة آخرهم أبو محمد الحسن بن علي الجوهري، ومات في ذي الحجة سنة ثمان وستين وثلاثمائة»(٢) .

٣ - الذهبي : « وكان شيخاً صالحاً »(٣) .

____________________

(١). المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٠٩.

(٢). الأنساب - القطيعي.

(٣). العبر ٢ / ٣٤٦.

٣٣٦

*(٦٧)*

رواية الازهري اللغوي

١ - لقد أورد حديث الثقلين في كتاب ( تهذيب اللغة ) في مادة ( عثرة ) على ما ذكر العلامة ابن منظور حيث قال:

« قال الازهريرحمه‌الله : وفي حديث زيد بن ثابت، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اني تارك فيكم الثقلين خلفي، كتاب الله وعترتي فانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. وقال: قال محمد بن اسحاق: وهذا حديث صحيح، ورفعه نحو زيد بن أرقم وأبو سعيد الخدري، و في بعضها: اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فجعل العترة أهل البيت »(١) .

٢ - و أورده في مادة ( ثقل ) من كتابه قائلا: « التهذيب: وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال في آخر عمره: اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، فجعلهما كتاب الله عز وجل وعترته. وقد تقدم ذكر العترة. وقال ثعلب: سمّيا ثقلين لان الاخذ بهما ثقيل، والعمل بهما ثقيل. قال: وأصل الثقل ان العرب تقول لكل شيء نفيس خطير مصون ثقل، فسماهما ثقلين إعظاما لقدرهما وتفخيماً لشأنهما، وأصله في بيض النعام المصون، وقال ثعلبة ابن صغير المازني يذكر الظليم والنعامة:

فتذكرا ثقلا رشيداً بعدما

ألقت ذكاء يمينها في كافر

ويقال للسيد العزيز ثقل من هذا، وسمى الله تعالى الجن والانس الثقلين سميا ثقلين، لتفضيل الله تعالى اياهما على سائر الحيوان المخلوق في

____________________

(١). لسان العرب ٤ / ٥٣٨.

٣٣٧

الارض بالتمييز والعقل الذي خصا به »(١) .

٣ - وأورده في مادة ( حبل ) قائلا: « وفي حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصيكم بكتاب الله وعترتي أحدهما أعظم من الاخر كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض. قال أبو منصور: وفي هذا الحديث اتصال كتاب الله عز وجل وان كان يتلى في الارض وينسخ ويكتب، ومعنى الحبل الممدود نور هداه، والعرب تشبه النور بالحبل والخيط. قال الله:( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ) . فالخيط الابيض هو نور الصبح اذا تبين للابصار وانفلق، والخيط الاسود دونه في الانارة لغلبة سواد الليل عليه، ولذلك نعت بالاسود ونعت الآخر بالأبيض، والخيط والحبل قريبان من السواء »(٢) .

ترجمته:

١ - ابن خلكان : « كان فقيهاً شافعى المذهب، غلبت عليه اللغة فاشتهر بها، كان متفقاً على فضله وثقته ودرايته وورعه وكان جامعاً لشتات اللغة مطلعاً على اسرارها ودقائقها، وصنف في اللغة كتاب ( التهذيب ) وهو من الكتب المختارة، يكون أكثر من عشر مجلدات، وله تصنيف في غريب الالفاظ التي استعملها الفقهاء في مجلد واحد، وهو عمدة الفقهاء في تفسير ما يشكل عليهم من اللغة المتعلقة بالفقه، وكتاب التفسير »(٣) .

٢ - الذهبي : « روى عن البغوي ونفطويه وأتى ابن السراج، وترك الاخذ عن ابن دريد تورعاً لأنه رآه سكران، وقد بقي الازهري في أسر القرامطة مدة طويلة »(٤) .

____________________

(١). المصدر نفسه ١١ / ٨٨.

(٢). لسان العرب ١١ / ١٣٧.

(٣). وفيات الاعيان ٣ / ٤٥٨.

(٤). العبر ٢ / ٣٥٦.

٣٣٨

٣ - اليافعي بنحو ما تقدم(١) .

٤ - وكذا ابن الوردي(٢) .

٥ - السبكى : « كان اماماً في اللغة، بصيراً بالفقه، عارفاً بالمذهب، عالى الاسناد، ثخين الورع، كثير العبادة والمراقبة، شديد الانتصار لالفاظ الشافعي، متحرياً في دينه »(٣) .

٦ - ابن قاضى شهبة : « كان فقيهاً صالحاً غلب عليه علم اللغة وصنف فيه كتاب ( التهذيب ) الذي جمع فيه فأوعى في عشر مجلدات توفي بهراة سنة ٣٧٠ نقل الرافعي عنه مواضع تتعلق باللغة في ضبط السنة »(٤) .

٧ - السيوطي : بنحو ما تقدم(٥) .

*(٦٨)*

رواية محمد بن المظفر البغدادي

لقد أخرج روايته لحديث الثقلين ابن المغازلي بقوله: « أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان، نا: أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى ابن عيسى الحافظ اذناً، نا: محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، نا: سويد، ثنا: علي بن مسهر، عن أبي حيان التيمي، حدثني يزيد بن حيان، قال: سمعت زيد بن أرقم يقول: قام فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فخطبنا فقال: أما بعد، أيها الناس! انما أنا بشر يوشك أن أدعى فأجيب، واني تارك فيكم الثقلين، وهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في

____________________

(١). مرآة الجنان ٢ / ٣٩٥.

(٢). تتمة المختصر ١ / ٤٢٣.

(٣). طبقات الشافعية ٣ / ٦٣.

(٤). طبقات الشافعية ١ / ١٢٣.

(٥). بغية الوعاة: ٨.

٣٣٩

أهل بيتي. قالها ثلاث مرات »(١) .

ترجمته:

١ - الذهبي : « محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ الامام الثقة أبو الحسين البغدادي محدث العراق قال الخطيب: كان ابن المظفر فهما حافظاً صادقاً، وقال البرقاني: كتب الدارقطني عن ابن المظفر ألوف حديث قال السلمي: سألت الدارقطني عن ابن المظفر، فقال ثقة مأمون. فقلت: يقال أنه يميل الى تشيع؟ فقال: قليلا بمقدار ما لا يضر ان شاء الله »(٢) .

٢ - وفي [ العبر في خبر من غبر ] بنحو ما تقدم(٣) .

٣ - الصفدي : « رحل الى الامصار وبرع في علم الحديث ومعرفة الرجال وتوفى في جمادى الاولى سنة ٢٧٩، وسمع الطبري وغيره. وروى عنه الدارقطني وغيره، واتفقوا على فضله وصدقه وثقته »(٤) .

٤ - السيوطي : « قال الخطيب: كان حافظاً صادقاً. قال ابن أبي الفوارس: سألت ابن المظفر من حديث الباغندي عن أبي زيد الحزازي عن عمرو بن عاصم فقال: ما هو عندي، قلت: لعله عندك! قال: لو كان عندي لكنت أحفظه، عندي عن الباغندي مائة ألف حديث ما هذا منها! وكان الدارقطني يجله ويعظمه ولا يستند بحضرته. وقال فيه: ثقة مأمون يميل الى التشيع قليلا. وقال أبو الوليد الباجي: حافظ فيه تشيع، مات يوم الجمعة في جمادى الاولى سنة ٣٧٩ »(٥) .

____________________

(١). المناقب: ٢٣٦.

(٢). تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٨٠.

(٣). العبر ٣ / ١٢.

(٤). الوافي بالوفيات ٥ / ٣٤.

(٥). طبقات الحفاظ: ٣٨٩.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507