نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار15%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 507

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 507 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 301176 / تحميل: 8150
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا كان العشر الأواخر اعتكف في المسجد ، وضُربت له قبّة من شعر ، وشمّر المئزر وطوى فراشه »(١) .

مسألة ١٦٩ : وقد أجمع أهل العلم كافة على أنّه ليس بفرض‌ في ابتداء الشرع ، وإنّما يجب بالنذر وشبهه.

روى العامة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( مَنْ أراد أن يعتكف فليعتكف العشر الأواخر )(٢) علّقه بالإِرادة ، ولو كان واجباً لما كان كذلك.

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا اعتكف يوماً ولم يك اشترط فله أن يخرج ويفسخ اعتكافه ، وإن أقام يومين ولم يك اشترط فليس له أن يخرج ويفسخ اعتكافه حتى تمضي ثلاثة أيام »(٣) .

وقد أجمع المسلمون على استحبابه ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يعتكف في كلّ سنة ويُداوم عليه.

وأفضل أوقاته العشر الأواخر من شهر رمضان.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( اعتكاف عشر في شهر رمضان يعدل حجّتين وعُمرتين )(٤) وداوَمَ على اعتكافها حتى قبضه الله تعالى.

فمَنْ رغب إلى المحافظة على هذه السنّة فينبغي أن يدخل المسجد قبل غروب الشمس يوم العشرين حتى لا يفوته شي‌ء من ليلة الحادي والعشرين ،

____________________

(١) الكافي ٤ : ١٧٥ / ١ ، الفقيه ٢ : ١٢٠ / ٥١٧ ، التهذيب ٤ : ٢٨٧ / ٨٦٩ ، الاستبصار ٢ : ١٣٠ - ١٣١ / ٤٢٦.

(٢) أوردها ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٣ ، وبتفاوت في صحيح مسلم ٢ : ٨٢٥ / ٢١٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ٣١٥.

(٣) الكافي ٤ : ١٧٧ / ٣ ، الفقيه ٢ : ١٢١ / ٥٢٦ ، التهذيب ٤ : ٢٨٩ - ٢٩٠ / ٨٧٩ ، الاستبصار ٢ : ١٢٩ / ٤٢١ ، وفي المصادر عن الإِمام الباقرعليه‌السلام .

(٤) الفقيه ٢ : ١٢٢ / ٥٣١.

٢٤١

ويخرج بعد غروب الشمس ليلة العيد ، وإن بات ليلة العيد فيه إلى أن يصلّي فيه العيد أو يخرج منه إلى المصلّى كان أولى.

المطلب الثاني : في شرائطه‌

مسألة ١٧٠ : إنّما يصح الاعتكاف من مكلّف مسلم‌ ؛ لأنّه عبادة وشرطه الصوم على ما يأتي(١) ، وإنّما يصحّ الصوم بالشرطين.

ويصحّ اعتكاف الصبي المميّز ، كما يصحّ صومه.

وهل هو مشروع أو تأديب؟ إشكال.

ولا يصحّ من المجنون المـُطبق ولا مَنْ يعتوره وقت جنونه ؛ لانتفاء التكليف عنه.

ولا ينعقد من الكافر الأصلي ؛ لفقدان الشرط ، وهو : النيّة المشروطة بالتقرّب.

مسألة ١٧١ : يشترط في الاعتكاف النية‌ ، فلو اعتكف من غير نية ، لم يعتدّ به ؛ لأنّه فعل يقع على وجوه مختلفة ، فلا يختص بأحدها إلّا بواسطة النية التي تخلص بعض الأفعال أو الوجوه والاعتبارات عن بعض.

ولأنّ الاعتكاف عبادة ، فلا يصحّ من دون النية ، لقوله تعالى :( وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٢) ولا معنى للإِخلاص إلّا النية.

ولأنّه عمل وقد قالعليه‌السلام : ( إنّما الأعمال بالنيّات )(٣) .

وتشترط نية الفعل ، والوجه من الوجوب أو الندب ، والتقرّب إلى الله تعالى ، لأنّ الفعل صالح للوجوب والندب والتقرّب واليمين أو منع النفس أو‌

____________________

(١) يأتي في المسألة ١٧٥.

(٢) البيّنة : ٥.

(٣) صحيح البخاري ١ : ٢ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ / ٢٢٠١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٤١٣ / ٤٢٢٧ ، سنن البيهقي ١ : ٢١٥ و ٧ : ٣٤١.

٢٤٢

الغضب ، فلا بدّ من التقرّب والوجه.

وإذا نوى الاعتكاف مدّةً لم تلزمه إجماعاً.

نعم يشترط استمرار النية حكماً ، فلو خرج لقضاء حاجة أو لغيره ، استأنف النية عند الرجوع إن بطل الاعتكاف بالخروج ، وإلّا فلا.

مسألة ١٧٢ : يشترط في الاعتكاف اللبث‌ عند علمائنا أجمع ، وهو قول أهل العلم ؛ لأنّ الاعتكاف في اللغة عبارة عن المقام ، يقال : عكف واعتكف ، أي : أقام.

وللشافعي وجهان : هذا أحدهما ، والثاني : أنّه لا يشترط اللبث ، بل يكفي مجرّد الحضور ، كما يكفي الحضور بعرفة في تحقيق ركن الحج.

ثم فرّع على الوجهين ، فقال : إن اكتفينا بالحضور حصل الاعتكاف بالعبور حتى لو دخل من باب وخرج من باب ونوى ، فقد اعتكف ، وإن اعتبرنا اللبث ، لم يكف ما يكفي في الطمأنينة في أركان الصلاة ، بل لا بدّ وأن يزيد عليه بما يسمّى إقامة وعكوفاً ، ولا يعتبر السكون ، بل يصح اعتكافه قائماً وقاعداً ومتردّداً في أرجاء المسجد(١) .

وهذا القول لا عبرة به عند المحصّلين.

مسألة ١٧٣ : لا يجوز الاعتكاف عند علمائنا أقلّ من ثلاثة أيام بليلتين متواليات‌ ، خلافاً للعامة كافة ؛ فإنّ الشافعي لم يقدّره بحدّ ، بل جوّز اعتكاف ساعة واحدة فأقلّ ، وهو رواية عن أحمد وأبي حنيفة(٢) .

ورواية اُخرى عن أبي حنيفة أنّه لا يجوز أقلّ من يوم واحد ، وهو رواية عن مالك(٣) .

____________________

(١) فتح العزيز ٦ : ٤٨٠.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٩١ ، الوجيز ١ : ١٠٦ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٠ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٤.

(٣) المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٢. =

٢٤٣

وعن مالك رواية اُخرى أنّه لا يكون أقلّ من عشرة أيام(١) .

لنا : ما رواه العامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( لا اعتكاف إلّا بصوم )(٢) والصوم لا يقع في أقلّ من يوم ، فبطل قول الشافعي ومَنْ وافقه.

وأمّا التقدير بالثلاثة : فلأنّ الاعتكاف في اللغة هو اللبث المتطاول وفي الشرع قيّد بالعبادة ، ولا يصدق ذلك بيوم واحد ؛ لأنّ التقدير بيوم لا مُماثل له في الشرع ، والتقدير بعشرة سيأتي إبطاله ، فتتعيّن الثلاثة ، كصوم كفّارة اليمين وكفّارة بدل الهدي وغير ذلك من النظائر.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا يكون الاعتكاف أقلّ من ثلاثة أيام ومن اعتكف صام »(٣) .

واحتجاج الشافعي : بأنّ الاعتكاف لبث ، وهو يصدق في القليل والكثير(٤) . وأبو حنيفة : بأنّ من شرطه الصوم ، وأقلّه يوم(٥) . ومالك : بأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يعتكف العشر الأواخر(٦) ، باطل : بأنّ الاعتكاف في اللغة هو اللبث الطويل ، والأصل بقاء الوضع ، وقد بيّنّا أنّه لا‌

____________________

= الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٩١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨١.

(١) بداية المجتهد ١ : ٣١٤ ، التفريع ١ : ٣١٢ - ٣١٣ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣١.

(٢) أوردها ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٥ ، وفي سنن الدارقطني ٢ : ١٩٩ - ٢٠٠ / ٤ وسنن البيهقي ٤ : ٣١٧ ( بصيام ) بدل ( بصوم ).

(٣) الكافي ٤ : ١٧٧ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٢١ / ٥٢٥ ، التهذيب ٤ : ٢٨٩ / ٨٧٦ ، الاستبصار ٢ : ١٢٨ - ١٢٩ / ٤١٨.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٨٩ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٠.

(٥) المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٢.

(٦) كما في المعتبر للمحقق الحلي : ٣٢٢ ، كما أنّ فيه أيضا التعرض لاحتجاج الشافعي وأبي حنيفة.

٢٤٤

يكون أقلّ من ثلاثة أيام عن أهل البيتعليهم‌السلام . وفعل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا يدلّ على تحديد الأقلّ.

مسألة ١٧٤ : ويشترط في الاعتكاف أن يكون في مكان خاص‌ ، وقد أجمع علماء الأمصار على اشتراط المسجد في الجملة ، لقوله تعالى :( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ ) (١) ولو صحّ الاعتكاف في غير المسجد ، لم يكن للتقييد فائدة ؛ لأنّ الجماع في الاعتكاف مطلقاً حرام.

ولأنّ الاعتكاف لبث هو قربة ، فاختصّ بمكان كالوقوف.

ثم اختلف العلماء بعد ذلك في أنّه هل يشترط مسجد معيّن أم لا؟ فالذي عليه أكثر علمائنا(٢) أنّه يشترط أن يكون في مسجد جمّع فيه نبي أو وصي نبي ، وهي أربعة مساجد : المسجد الحرام ومسجد النبيعليه‌السلام ، جمّع فيهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومسجد الكوفة ومسجد البصرة جمّع فيهما عليعليه‌السلام .

وقد روي في بعض الأخبار بدل « مسجد البصرة » : « مسجد المدائن » رواه الصدوق(٣) .

وقال ابن أبي عقيل منّا : إنّه يصح الاعتكاف في كلّ مسجد.

قال : وأفضل الاعتكاف في المسجد الحرام ومسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومسجد الكوفة ، وسائر الأمصار مساجد الجماعات(٤) . وبه قال الشافعي ومالك(٥) .

____________________

(١) البقرة : ١٨٧.

(٢) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٢٨٩ ، والقاضي ابن البراج في المهذب ١ : ٢٠٤ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٨٦ ، وسلّار في المراسم : ٩٩.

(٣) الفقيه ٢ : ١٢٠ / ٥٢٠.

(٤) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٣٢٣.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٧ ، المجموع ٦ : ٤٨٠ و ٤٨٣ ، فتح العزيز ٦ : ٥٠١ ، بداية =

٢٤٥

وللشافعي قول قديم - كقول الزهري - إنّه يصحّ في كلّ جامع وغير جامع(١) .

وقال المفيدرحمه‌الله : لا يكون الاعتكاف إلّا في المسجد الأعظم ، وقد روي : أنّه لا يكون إلّا في مسجد جمّع فيه نبي أو وصي ، والمساجد التي جمّع فيها نبي أو وصي هي أربعة مساجد(٢) . وعدَّ ما اخترناه.

وقال أبو حنيفة وأحمد : لا يجوز إلّا في مسجد يجمّع فيه(٣) .

وعن حذيفة : أنّه لا يصحّ الاعتكاف إلّا في أحد المساجد الثلاثة : المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد الرسولعليه‌السلام (٤) .

لنا : أنّ الاعتكاف عبادة شرعية ، فيقف على مورد النصّ ، والذي وقع عليه الاتّفاق ما قلناه.

ولأنّ عمر بن يزيد سأل الصادقعليه‌السلام : ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟ فقال : « لا اعتكاف إلّا في مسجد جماعة قد صلّى فيه إمام عدل صلاة جماعة ، ولا بأس أن يعتكف في مسجد الكوفة‌

____________________

= المجتهد ١ : ٣١٣ ، مقدمات ابن رشد : ١٩٠ ، المغني ٣ : ١٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٠.

(١) كذا ، ولكن المنسوب إلى الشافعي في القديم ، والزهري ، هو : اختصاص الاعتكاف بالمسجد الجامع. راجع المهذب للشيرازي ١ : ١٩٧ ، والمجموع ٦ : ٤٨٠ ، وفتح العزيز ٦ : ٥٠١ - ٥٠٢ ، وحلية العلماء ٣ : ٢١٧ ، والمغني ٣ : ١٢٨ ، والشرح الكبير ٣ : ١٣٠.

(٢) المقنعة : ٥٨.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ١١٣ ، الحجة على أهل المدينة ١ : ٤١٥ ، تحفة الفقهاء ١ : ٣٧٢ ، المغني ٣ : ١٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٧ ، المجموع ٦ : ٤٨٣.

(٤) حلية العلماء ٣ : ٢١٧ ، المجموع ٦ : ٤٨٣ ، المغني ٣ : ١٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٠.

٢٤٦

ومسجد المدينة ومسجد مكّة ومسجد البصرة »(١) .

ولأنّ الاعتكاف يتعلّق به أحكام شرعية من أفعال وتروك ، والأصل عدم تعلّقها بالمكلّف إلّا مع ثبوت المقتضي ولم يُوجد.

احتجّ المفيد : بقول أمير المؤمنينعليه‌السلام : « لا أرى الاعتكاف إلّا في المسجد الحرام أو مسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو في مسجد جامع »(٢) .

واحتجّ ابن أبي عقيل : بقوله تعالى( وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ ) (٣) .

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا اعتكاف إلّا بصوم وفي المصر(٤) الذي أنت فيه »(٥) .

واحتجّ أبو حنيفة : بقولهعليه‌السلام : ( كلّ مسجد له إمام ومؤذّن يعتكف فيه )(٦) .

ولأنّه قد يأتي عليه الجمعة ، فإن خرج ، أبطل اعتكافه ، وربما كان واجباً ، وإن لم يخرج ، أبطل جمعته ، فحينئذٍ يجب المسجد الذي يصلّي فيه جمعة.

والجواب : أنّ قول أمير المؤمنينعليه‌السلام : « أو في مسجد جامع » مطلق ، وما قلناه مقيّد ، فيحمل عليه ؛ جمعاً بين الأدلّة.

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٩٠ / ٨٨٢ و ٨٨٣ ، الاستبصار ٢ : ١٢٦ / ٤٠٩ و ٤١٠ ، الكافي ٤ : ١٧٦ ( باب المساجد التي يصلح الاعتكاف فيها ) الحديث ١ ، والفقيه ٢ : ١٢٠ / ٥١٩.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٩١ / ٨٨٥ ، الاستبصار ٢ : ١٢٧ / ٤١٢ ، وراجع المعتبر : ٣٢٣.

(٣) البقرة : ١٨٧.

(٤) في المصدر : وفي مسجد المصر.

(٥) أورده المحقق في المعتبر : ٣٢٣ نقلاً عن جامع البزنطي.

(٦) أورده المحقق في المعتبر : ٣٢٣. وفي سنن الدار قطني ٢ : ٢٠٠ / ٥ بتفاوت. وراجع : بدائع الصنائع ٢ : ١١٣.

٢٤٧

ولا دلالة في الآية ؛ لأنّ اللام قد تقع للعهد.

وقول الصادقعليه‌السلام ، محمول على المسجد الذي هو أحد الأربعة. ولا بدّ من التأويل ؛ لأنّه يقتضي تحريم الاعتكاف إلّا في مصره ، وهو خلاف الإِجماع.

وحجّة أبي حنيفة لنا.

تذنيب : ليس للمرأة الاعتكاف في مسجد بيتها‌ - وهو الذي عزلته وهيّأته للصلاة فيه - لأنّه ليس له حرمة المساجد ، وليس مسجداً حقيقةً ، ولهذا يجوز تبديله وتوسيعه وتضييقه ، فلم يكن مسجداً حقيقةً ، فأشبه سائر المواضع ، وهو الجديد للشافعي ، وبه قال مالك وأحمد(١) .

وقال في القديم : يجوز لها ذلك - وهذا التفريع على رأي مَنْ يعمَم الأماكن. وأبو حنيفة قال بالجواز(٢) أيضاً - لأنّه مكان صلاتها ، كما أنّ المسجد مكان صلاة الرجل(٣) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كُنّ يعتكفن في المسجد(٤) ، ولو جاز اعتكافهنّ في البيوت ، لأشبه أن يلازمنها.

____________________

(١) المجموع ٦ : ٤٨٠ و ٤٨٤ ، الوجيز ١ : ١٠٧ ، فتح العزيز ٦ : ٥٠٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٧ ، مقدمات ابن رشد : ١١٩ ، المغني ٣ : ١٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٢ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٩.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ١١٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٢ ، المجموع ٦ : ٤٨٤ ، فتح العزيز ٦ : ٥٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٨ ، المغني ٣ : ١٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٢ ، مقدمات ابن رشد : ١٩١.

(٣) فتح العزيز ٦ : ٥٠٣ ، المجموع ٦ : ٤٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٧.

(٤) صحيح البخاري ٣ : ٦٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٣١ / ١١٧٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٦٣ / ١٧٧١.

٢٤٨

وعلى الجواز ففي جواز الاعتكاف للرجل وجهان للشافعية ؛ لأنّ(١) تنفّل الرجل في البيت أفضل ، والاعتكاف ملحق بالنوافل(٢) .

وكلّ امرأة يكره لها حضور الجماعات يكره لها الاعتكاف في المساجد.

مسألة ١٧٥ : يشترط في الاعتكاف الصوم عند علمائنا أجمع‌ - وبه قال ابن عمر ، وابن عباس وعائشة والزهري وأبو حنيفة ومالك والليث والأوزاعي والحسن بن صالح بن حي وأحمد في إحدى الروايتين(٣) - لما رواه العامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( لا اعتكاف إلّا بصوم )(٤) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « لا اعتكاف إلّا بصوم »(٥) .

ولأنّه لبث في مكان مخصوص ، فلم يكن بمجرّده قربةً ، كالوقوف بعرفة.

وقال الشافعي : لا يشترط الصوم ، بل يجوز من غير صوم - وبه قال ابن مسعود وسعيد بن المسيّب وعمر بن عبد العزيز والحسن وعطاء وطاوس وإسحاق وأحمد في الرواية الاُخرى - لأنّ عمر سأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنّي نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلةً في المسجد الحرام ، فقال النبي صلّى الله‌

____________________

(١) هذا وجه الجواز.

(٢) فتح العزيز ٦ : ٥٠٣ ، المجموع ٦ : ٤٨٠.

(٣) المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٥ ، المجموع ٦ : ٤٨٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٨ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٠٩ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٥ ، مقدّمات ابن رشد : ١٩١ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣١.

(٤) أوردها ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٥ ، وفي سنن الدار قطني ٢ : ١٩٩ - ٢٠٠ / ٤ ، وسنن البيهقي ٤ : ٣١٧ : ( بصيام ) بدل ( بصوم ).

(٥) الكافي ٤ : ١٧٦ ( باب أنه لا يكون الاعتكاف إلا بصوم ) الأحاديث ١ - ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٨٨ / ٨٧٣.

٢٤٩

عليه وآله : ( أوْف بنذرك )(١) ولو كان الصوم شرطاً لم يصح اعتكاف الليل.

ولقول ابن عباس : ( ليس على معتكف صوم )(٢) .

ولأنّه عبادة تصح في الليل ، فلا يشترط لها الصيام ، كالصلاة(٣) .

والجواب : الليلة قد تطلق مع إرادة النهار معها ، كما يقال : أقَمْنا ليلتين أو ثلاثاً ، والمراد : الليل والنهار

ونمنع صحة الاعتكاف ليلاً خاصة. والفرق بينه وبين الصلاة ظاهر ؛ لأنّه بمجرّده لا يكون عبادةً ، فاشترط فيه الصوم.

وقول ابن عباس لا يكون حجّةً.

مسألة ١٧٦ : لا يشترط صوم معيّن ، بل أيّ صوم اتّفق صحّ الاعتكاف معه ، سواء كان الصوم واجباً أو ندباً ، وسواء كان الاعتكاف واجباً أو ندباً ، فلو نذر اعتكاف ثلاثة أيام مثلاً ، وجب الصوم بالنذر ؛ لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به يكون واجباً.

فلو اعتكف في شهر رمضان ، صحّ اعتكافه ، وكان الصوم واقعاً عن رمضان ، وأجزأ عن صوم اعتكافه الواجب.

وكذا لو نذر صوم شهر ونذر اعتكاف شهر ، وأطلق النذرين ، أو جعل زمانهما واحداً ، صحّ أن يعتكف في شهر صومه المنذور ، وتقع نية الصوم عن النذر المعيّن أو غير المعيّن.

وكذا لو نذر اعتكافاً وأطلق ، فاعتكف في أيّام أراد صومها مستحبّاً ،

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٦٣ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٩٨ - ١٩٩ / ١ و ٢ ، سنن البيهقي ٤ : ٣١٨.

(٢) المستدرك للحاكم ١ : ٤٣٩ بتفاوت يسير عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٨٥ و ٤٨٧ - ٤٨٨ ، الوجيز ١ : ١٠٦ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٤ - ٤٨٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٨ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٥ - ١٢٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٠٩ ، مقدمات ابن رشد : ١٩١ - ١٩٢.

٢٥٠

جاز.

والقائلون بعدم اشتراط الصوم من العامة حكموا باستحبابه ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يعتكف وهو صائم(١) . ولا خلاف فيه ، وجوّزوا اعتكاف بعض يوم أو بعض ليلة(٢) .

ومن اشترطه منهم لم يسوّغوا اعتكاف بعض يوم ولا اعتكاف ليلة منفردة ولا بعضها ؛ لأنّ الصوم المشترط لا يصح في أقلّ من يوم(٣) .

ويحتمل عندهم صحة اعتكاف بعض يوم إذا صام اليوم بأسره ؛ لأنّ الصوم المشروط وُجد في زمن الاعتكاف ، ولا يعتبر وجود المشروط في زمن كلّ زمان الشرط(٤) .

وعلى مذهبنا من اشتراط الصوم لا يصح اعتكاف زمان لا يصح فيه الصوم ، كيومي العيدين وأيام التشريق والمرض المضر والسفر الذي يجب فيه القصر ، خلافاً للشافعي ؛ فإنّه جوّز الاعتكاف في يومي العيدين وأيام التشريق(٥) .

مسألة ١٧٧ : يشترط في صحة اعتكاف الزوجة المندوب : إذن زوجها‌ ، وكذا السيد في حق عبده ؛ لأنّ منافع الاستمتاع والخدمة مملوكة للزوج والسيد ، فلا يجوز صرفهما إلى غيرهما إلّا بإذنهما ، وكذا المدبَّر واُمّ الولد ومن انعتق بعضه إلّا مع المهايأة وإيقاع الاعتكاف في أيام نفسه.

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٨٥ و ٤٨٧ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٦.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٨٩ - ٤٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٠ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٠.

(٣) المغني ٣ : ١٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٦ ، المجموع ٦ : ٤٩١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٤.

(٤) المغني ٣ : ١٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٦.

(٥) الاُم ٢ : ١٠٧ ، المجموع ٦ : ٤٨٥ و ٤٨٩ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٤ ، مختصر المزني : ٦٠.

٢٥١

أمّا المكاتب فإنّه كالعبد إذا كان مشروطاً ، لأنّه لم يخرج عن الرقّ بالكتابة ، فتوابع الرقّ لا حقة به.

وقال الشافعي : يجوز ؛ لأنّ منافعه لا حقّ للمولى فيها(١) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الرقّ لم يزل عنه ، وإطلاق الإِذن منصرف إلى الاكتساب دون غيره.

مسألة ١٧٨ : لو أذن لعبده في الاعتكاف أو لزوجته ، جاز له الرجوع‌ ومنعهما ما لم يجب - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّه فعل مندوب يجوز الرجوع فيه ؛ لأنّ التقدير أنّه لم يجب ؛ لأنّ الشروع غير ملزم عندنا على ما يأتي(٣) ، كما لو اعتكف بنفسه ثم بدا له في الرجوع.

ولأنّ مَنْ مَنَع غيره من الاعتكاف إذا أذن فيه وكان تطوّعاً ، كان له إخراجه منه ، كالسيد مع عبده.

وقال أبو حنيفة : له منع العبد وليس له منع الزوجة - وقال مالك : ليس له منعهما(٤) - لأنّ المرأة تملك بالتمليك ، فإذا أذن لها ، أسقط حقّه عن منافعها ، وأذن لها في استيفائها ، فصار كما لو ملّكها عيناً ، بخلاف العبد الذي لا يملك البتة ، وإنّما يتلف منافعه على ملك السيد ، فإذا أذن له في إتلافها ، صار كالمـُعير(٥) .

____________________

(١) المجموع ٦ : ٤٧٨ ، فتح العزيز ٦ : ٤٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٧.

(٢) المجموع ٦ : ٤٧٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٦ ، المغني ٣ : ١٥١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٧.

(٣) يأتي في المسألة ٢٠٥.

(٤) المدونة الكبرى ١ : ٢٣٠ ، المغني ٣ : ١٥١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٧ ، المجموع ٦ : ٤٧٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٦.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ١٠٩ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٢٥ ، المغني ٣ : ١٥١ - ١٥٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٧ ، المجموع ٦ : ٤٧٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٦.

٢٥٢

قال مالك : إنّ السيّد قد عقد على نفسه تمليك منافع كان يملكها لحقّ الله تعالى ، فلم يكن له الرجوع فيه ، كصلاة الجمعة(١) .

والجواب : أنّ منافع المرأة لزوجها ، ولهذا يجب عليها بذلها ، فإذا أذن لها في إتلافها ، جرى مجرى المـُعير.

والجمعة تجب بالدخول فيها ، بخلاف الاعتكاف.

مسألة ١٧٩ : لا ينعقد نذر المرأة للاعتكاف إلّا بإذن زوجها‌ ، وكذا العبد إلّا بإذن مولاه ، فإذا أذنا فإن كان النذر لأيّام معيّنة ، لم يجز للمولى ولا للزوج المنع ولا الرجوع ، وإن كان لأيّام غير معيّنة ، جاز المنع ما لم يجب بأن يمضي يومان ؛ لأنّه ليس على الفور.

ولو دخلا في المندوب بإذنه ، جاز الرجوع أيضاً.

وقال الشيخرحمه‌الله : يجب عليه الصبر ثلاثة أيّام هي أقلّ الاعتكاف(٢) .

وليس بجيّد ؛ لأنّا لا نوجب المندوب بالشروع.

ولو نذرا نذراً غير معيّن بإذن الزوج والمولى ، لم يجز لهما الدخول فيه إلّا بإذنهما ؛ لأنّ منافعهما حقّ مضيّق يفوت بالتأخير ، بخلاف الاعتكاف.

وإذا أذن لعبده في الاعتكاف فاعتكف ثم أعتق ، وجب عليه إتمام الواجب ، واستحبّ إتمام المندوب.

ولو دخل في الاعتكاف بغير نذر(٣) فاُعتق في الحال ، قال الشيخ رحمه‌

____________________

(١) راجع : المغني ٣ : ١٥٢ ، والشرح الكبير ٣ : ١٢٧.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٩٠ ، وحكاه عنه أيضاً المحقق في المعتبر : ٣٢٢.

(٣) كذا في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق وفي الطبعة الحجرية ، إلّا أنّ سياق العبارة يدلّ على أنّ المراد : الإِذن لا النذر. ويؤكّد ذلك ما أثبتته المصادر المذكورة في الهامش التالي ، فراجع.

٢٥٣

الله : يلزمه(١) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الدخول منهي عنه ، فلا ينعقد به الاعتكاف ، فلا يجب إتمامه.

تذنيب : لا يجوز للأجير أن يعتكف زمان إجارته إلّا بإذن المستأجر‌ ؛ لأنّ منافعه مملوكة له. وكذا ينبغي في الضيف ؛ لافتقار صومه تطوّعاً إلى الإِذن.

المطلب الثالث : في تروك الاعتكاف‌

مسألة ١٨٠ : يحرم على المعتكف الجماع بالنصّ والإِجماع‌.

قال الله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها ) (٢) .

وأجمع العلماء كافّة على تحريم الوطء للمعتكف ، فإن اعتكف وجامع فيه متعمّداً ، فسد اعتكافه إجماعاً ؛ لأنّ الوطء إذا حرم في العبادة أفسدها ، كالحجّ والصوم.

وإن كان ناسياً ، لم يبطل - وبه قال الشافعي(٣) - لقولهعليه‌السلام : ( رُفع عن اُمّتي الخطأ والنسيان )(٤) .

ولأنّها مباشرة لا تُفسد الصوم فلا تُفسد الاعتكاف ، كالمباشرة فيما دون‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٩٠ ، وراجع : أيضاً المعتبر للمحقّق الحلّي : ٣٢٢ ، والمختلف - للمصنّف - : ٢٥٢.

(٢) البقرة : ١٨٧.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ٢٠١ ، المجموع ٦ : ٥٢٤ و ٥٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٥ ، المغني ٣ : ١٣٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٥.

(٤) الفتح الكبير ٢ : ١٣٥ ، كنز العُمّال ٤ : ٢٣٣ / ١٠٣٠٧ نقلاً عن الطبراني في المعجم الكبير.

٢٥٤

الفرج.

وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد : يبطل الاعتكاف ، لأنّ ما حرم في الاعتكاف استوى عمده وسهوه ، كالخروج من المسجد(١) .

ونمنع الأصل. والفرق : أنّ الخروج ترك المأمور به ، وهو مخالف لفعل المحظور فيه ؛ فإنّ مَنْ ترك النية في الصوم لا يصح صومه وإن كان ناسياً ، بخلاف ما لو جامع سهواً.

ولا فرق في التحريم بين الوطء في القُبُل والدُّبُر ، ولا بين الإِنزال وعدمه ، وكما يحرم الوطء نهاراً يحرم ليلاً ؛ لأنّ المقتضي للتحريم الاعتكاف فيهما ، ولا نعلم فيه خلافاً.

ويجوز أن يلامس بغير شهوة بالإِجماع ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يلامس بعض نسائه في الاعتكاف(٢) .

مسألة ١٨١ : القُبْلة حرام يبطل بها الاعتكاف‌ ، وكذا اللمس بشهوة والجماع في غير الفرجين ؛ لقوله تعالى( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ ) (٣) وهو عام في كلّ مباشرة ، وبه قال مالك(٤) .

وقال أبو حنيفة : إن أنزل ، أفسد اعتكافه ، وإن لم ينزل ، لم يفسد‌

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٢٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٣ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٢٢٦ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٦ ، المغني ٣ : ١٣٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٥ ، المجموع ٦ : ٥٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٥.

(٢) كما في المعتبر للمحقّق الحلّي : ٣٢٥ ، وراجع : صحيح البخاري ٣ : ٦٢ ، سنن أبي داود ٢ : ٣٣٢ - ٣٣٣ / ٢٤٦٧ - ٢٤٦٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٦٥ / ١٧٧٨ ، سنن الترمذي ٣ : ١٦٧ / ٨٠٤.

(٣) البقرة : ١٨٧.

(٤) بداية المجتهد ١ : ٣١٦ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٦ ، المجموع ٦ : ٥٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المغني ٣ : ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧.

٢٥٥

- وللشافعي كالقولين(١) - لأنّه لا يفسد الصوم فلا يفسد الاعتكاف ، كما لو كان بغير شهوة(٢) .

والفرق : أنّ هذه المباشرة لم تحرم في الصوم لعينها ، بل إذا خاف الإِنزال ، وأمّا في الاعتكاف فإنّها محرّمة لعينها - كما ذهب إليه أبو حنيفة في وطء الساهي(٣) - فلا يفسد الصوم ويفسد الاعتكاف.

فروع :

أ - لا فرق في تحريم الجماع بين أن يجامع في المسجد أو خارجه ؛ لعموم الآية(٤) .

والتقييد بالفيئية(٥) في المساجد راجع إلى الاعتكاف لا المباشرة.

ب - لا فرق بين جماع وجماع.

وروى المزني عن الشافعي أنّه لا يفسد الاعتكاف من الوطء إلّا ما يوجب الحدّ(٦) .

قال الجويني : قضية هذا أنّه لا يفسد بإتيان البهيمة إذا لم يوجب به الحدّ(٧) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ٢٠١ ، المجموع ٦ : ٥٢٥ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٦ ، المغني ٣ : ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧.

(٢ و ٣ ) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٢٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٣ ، المغني ٣ : ١٤١ - ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧ ، المجموع ٦ : ٥٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٦.

(٤) البقرة : ١٨٧.

(٥) ورد في هامش نسخة « ن » هكذا : أي تقييده تعالى في الآية بقوله :( فِي الْمَساجِدِ ) فالياء في « بالفيئية » ياء النسبة كالياء في « زيدي ».

(٦) مختصر المزني : ٦١ ، المجموع ٦ : ٥٢٤ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢.

(٧) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المجموع ٦ : ٥٢٤ - ٥٢٥.

٢٥٦

ج - قد بيّنّا(١) أنّ القُبْلة بشهوة واللمس كذلك متعمّداً مُفْسدان للاعتكاف‌ - خلافاً(٢) لأحد قولي الشافعي(٣) - لأنّها مباشرة محرّمة في الاعتكاف ، فأشبهت الجماع.

والثاني(٤) : لأنّها مباشرة لا تبطل الحج فلا تبطل الاعتكاف ، كالقبلة بغير شهوة(٥) .

وما موضع القولين؟ للشافعية ثلاث طرق :

أحدها : أنّ القولين فيما إذا أنزل ، فأمّا إذا لم ينزل لم يبطل الاعتكاف بلا خلاف ، كالصوم.

وثانيها : أنّ القولين فيما إذا لم ينزل ، أمّا إذا أنزل بطل اعتكافه بلا خلاف ؛ لخروجه عن أهلية الاعتكاف بالجنابة.

وثالثها - وهو الأظهر عندهم - : طرد القولين في الحالين.

والفرق على أحد القولين فيما إذا لم ينزل بين الاعتكاف والصوم : أنّ هذه الاستمتاعات في الاعتكاف محرّمة لعينها ، وفي الصوم ليست محرّمةً لعينها ، بل لخوف الإِنزال ، ولهذا يترخّص فيها إذا أمن أن لا تُحرّك القُبْلة شهوَته.

فحصل من هذا للشافعي ثلاثة أقوال :

أحدها : أنّها لا تفسد الاعتكاف ، أنزل أو لم ينزل.

____________________

(١) في « ط ، ف » : ثبت. بدل بيّنّا.

(٢) كذا في النسخ المعتمدة في التحقيق وفي الطبعة الحجرية. والصحيح : وفاقاً ؛ لتستقيم العبارة.

(٣) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المجموع ٦ : ٥٢٥.

(٤) أي : القول الثاني للشافعي ، وهو : عدم الإِفساد.

(٥) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المجموع ٦ : ٥٢٥.

٢٥٧

والثاني : تفسده ، أنزل أو لم ينزل ، وبه قال مالك(١) .

والثالث - وبه قال أبو حنيفة(٢) - أنّ ما أنزل منها أفسد الاعتكاف ، وما لا فلا(٣) .

د - الاستمناء باليد حرام مُبْطل للاعتكاف إذا وقع نهاراً قطعاً ؛ لإِفساده الصوم.

وبالجملة استدعاء المني مطلقاً نهاراً وليلاً حرام.

وعند أكثر(٤) الشافعية أنّ الاستمناء باليد مرتّب على ما إذا لمس فأنزل ، إن قلنا : إنّه لا يبطل الاعتكاف فهذا أولى ، وإن قلنا : إنّه يبطله فوجهان.

والفرق : كمال الاستمتاع والالتذاذ ثَمَّ باصطكاك السوأتين(٥) .

ه- يجوز للمعتكف أن يُقبِّل على سبيل الشفقة والإِكرام ، ولا بأس أن يلمس بغير شهوة.

مسألة ١٨٢ : يحرم على المعتكف البيع والشراء‌ - وبه قال مالك وأحمد(٦) - لما رواه العامة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى عن البيع والشراء في المسجد(٧) .

ومن طريق الخاصة : قول الباقرعليه‌السلام : « المعتكف لا يشمّ‌

____________________

(١) بداية المجتهد ١ : ٣١٦ ، المغني ٣ : ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٦.

(٢) الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٢٣ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٦ ، المغني ٣ : ١٤١ - ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٦.

(٣) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المجموع ٦ : ٥٢٥ - ٥٢٦.

(٤) وفي المصادر : عند البغوي والرافعي.

(٥) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ - ٤٨٣ ، المجموع ٦ : ٥٢٦.

(٦) التفريع ١ : ٣١٤ ، المغني ٣ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٩.

(٧) سنن الترمذي ٢ : ١٣٩ / ٣٢٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٧ / ٧٤٩ ، سنن النسائي ٢ : ٤٧ - ٤٨.

٢٥٨

الطيب ، ولا يتلذّذ بالريحان ، ولا يماري ، ولا يشتري ، ولا يبيع »(١) .

ولأنّ الاعتكاف لبث للعبادة ، فينافي ما غايرها.

وللشافعي قولان : أحدهما : الجواز - وبه قال أبو حنيفة(٢) - للأصل ، والثاني: الكراهة(٣) .

والأصل يُعْدَلً عنه ، للدليل ، وقد بيّنّاه.

إذا عرفت هذا ، فلو باع أو اشترى فَعَل مُحرَّماً ، ولم يبطل البيع ؛ للأصل.

وقال الشيخ : يبطل ؛ للنهي(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّه في المعاملات لا يدلّ على الفساد.

وينبغي المنع من كلّ ما يساوي البيع ممّا يقتضي الاشتغال ، كالإِجارة وشبهها.

قال السيد المرتضىرحمه‌الله : تحرم التجارة والبيع والشراء(٥) . والتجارة أعمّ.

ولا بأس بشراء ما يحتاج إليه ، كشراء غذائه ومائه وقميصه الذي يستتر به ويبيع شيئاً يشتري به قوته ؛ للضرورة.

وكذا الأقرب : تحريم الصنائع المـُشْغلة عن العبادة ، كالحياكة والخياطة وأشباهها ، إلّا ما لا بدّ له منه ؛ لأنّه يجري مجرى الاشتغال بلبس‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ١٧٧ - ١٧٨ / ٤ ، التهذيب ٤ : ٢٨٨ / ٨٧٢ ، الاستبصار ٢ : ١٢٩ / ٤٢٠ ، والفقيه ٢ : ١٢١ / ٥٢٧.

(٢) الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٣ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٦ ، المجموع ٦ : ٥٣٥.

(٣) المجموع ٦ : ٥٢٩ و ٥٣٠ و ٥٣٥ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٣ ، المغني ٣ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٩.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٩٥.

(٥) الانتصار : ٧٤.

٢٥٩

قميصه وعمامته.

نعم يجوز له النظر في أمر معاشه وصنعته ، ويتحدّث ما شاء من المباح ، ويأكل الطيّبات.

مسألة ١٨٣ : يحرم على المعتكف المماراة‌ ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « ولا يماري »(١) .

وكذا يحرم عليه الكلام الفحش. ولا بأس بالحديث حالة الاعتكاف بإجماع العلماء ، لما في منعه من الضرر.

ويحرم الصمت ؛ لما تقدّم(٢) من أنّ صوم الصمت حرام في شرعنا.

وقد روى العامّة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال : « حفظت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : لا صُمات يومٍ إلى الليل »(٣) .

ونهى [ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ](٤) عن صوم الصمت(٥) .

فإن نذر الصمت في اعتكافه ، لم ينعقد بالإِجماع.

قال ابن عباس : بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يخطب إذا هو برجل قائم ، فسأل عنه ، فقالوا : أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظلّ ولا يتكلّم ويصوم ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( مره فليتكلّم وليستظلّ ويقعد وليتمّ صومه )(٦) .

ولأنّه نذر في معصية فلا ينعقد. وانضمامه إلى الاعتكاف لا يخرج به عن كونه بدعةً.

____________________

(١) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في الهامش (١) من الصفحة السابقة.

(٢) تقدّم في المسألة ١٤٧.

(٣) سنن أبي داود ٣ : ١١٥ / ٢٨٧٣.

(٤) زيادة من المصدر.

(٥) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ١٤٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٦٠.

(٦) صحيح البخاري ٨ : ١٧٨.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

*(٦٩)*

رواية أبى الحسن الدارقطني

لقد ذكر روايته لحديث الثقلين، ابن باكثير المكي بعد ذكر هذا الحديث عن طريق أم سلمة، قال: « و أخرجه محمد بن جعفر البزاز عنها بلفظ: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه الذي قبض فيه وقد امتلأت الحجرة من أصحابه، قال: أيها الناس، يوشك أن أقبض قبضاً سريعاً فينطلق بي، وقد قدمت القول معذرة اليكم! الا اني مخلف فيكم كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي. ثم أخذ بيد علي فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض، فأسألهما عما خلفت فيهما - أخرجه الدارقطني »(١) .

أقول : و أخرجه في ( المؤتلف والمختلف ) عن أبي ذر وأبي سعيد حيث قال:

« حدّثنا أبو القاسم الحسن بن محمّد بن بشر الكوفي الخزاز في سنة إحدى وعشرين، حدثنا الحسين بن الحكم الحبري حدّثنا الحسن بن الحسين العرفي حدّثنا عليّ بن الحسين العبدي عن محمّد بن رستم أبو الصامت الضبي عن زاذان أبي عمر عن أبي ذر: إنّه تعلّق بأستار الكعبة وقال: أيّها الناس! من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب الغفاري وقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول:

إنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، سبب بيد الله تعالى وسبب بأيديكم، وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنّ إلهي عزّ وجلّ قد وعدني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض.

____________________

(١). وسيلة المآل - مخطوط.

٣٤١

و سمعته يقول: إنّ مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(١) .

و قال: « حدّثنا محمّد بن القاسم بن زكريا حدّثنا عباد بن يعقوب حدّثنا عليّ بن هاشم عن عمرو أبي محرز عن عطية عن أبي سعيد الخدري عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب وعترتي. الحديث. »(٢) .

ترجمته:

له ترجمة في كتب التراجم جميعها، ولكنا نقتصر هنا على ترجمته في بعضها:

١ - الذهبي : « الدارقطني أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد البغدادي الحافظ المشهور، صاحب التصانيف، في ذي القعدة وله ثمانون سنة، روى عنه البغوي وطبقته، ذكره الحاكم فقال: صار أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع، واماماً في القراء والنحاة صادفته فوق ما وصف لي، وله مصنفات يطول ذكرها. وقال الخطيب: كان فريد عصره، وفزيع دهره، ونسيج وحده، وامام وقته، انتهى اليه علم الاثر والمعرفة بالعلل وأسماء الرجال مع الصدق وصحة الاعتقاد والاضطلاع من علوم سوى علم الحديث، منها: القراءة وقد صنف فيها مصنفات، ومنها المعرفة بمذاهب الفقهاء، وبلغني أنه درس فقه الشافعي على أبي سعيد الاصطخري، ومنها المعرفة بالأدب والشعر فقيل: انه كان يحفظ دواوين جماعة. وقال أبو ذر الهروي: قلت للحاكم: هل رأيت مثل الدارقطني؟ فقال: هو امام لم ير مثل نفسه فكيف أنا! وقال البرقاني: كان الدارقطني يملي علي العلل من حفظه. وقال القاضي أبو الطيب

____________________

(١). المؤتلف والمختلف ٢ / ١٠٤٥.

(٢). المؤتلف والمختلف ٤ / ٢٠٦٠.

٣٤٢

الطبري: الدارقطني أمير المؤمنين في الحديث »(١) .

٢ - ابن قاضي شهبة : « قال ابن ماكولا: رأيت في المنام كأني أسأل عن حال الدارقطني في الاخرة، فقيل لي: ذاك يدعى في الجنة بالامام؟ نقل عنه في - الروضة - في أثناء كتاب القضاء في الكلام على الرواية بالاجازة »(٢) .

٣ - القنوجى : « كان عالماً حافظاً فقيهاً على مذهب الامام الشافعي وانفرد بالامامة في علم الحديث في عصره، ولم ينازعه في ذلك أحد من نظرائه وكان عارفاً باختلاف الفقهاء »(٣) .

وانظر: ( وفيات الاعيان ١ / ٣٣١ ) و ( تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٩١ ) و ( طبقات القراء ١ / ٥٥٨ ) و ( طبقات السبكي ٣ / ٤٦٢ ) و ( الكامل ٩ / ٤٣ ) و ( طبقات الحفاظ ٣٩٣ ) و ( الانساب - الدارقطني ) وغيرها.

*(٧٠)*

رواية محمد بن عبد الرحمن المخلص الذهبي

تظهر روايته لحديث الثقلين من مراجعة عبارة الحموي حيث يقول: « أخبرتنا الشيخة الصالحة زينب بنت القاضي عماد الدين أبي صالح نصر ابن عبد الرزاق ابن الشيخ قطب وقته عبد القادر، سماعاً عليها بمدينة السلام بغداد عصر يوم الجمعة السادس والعشرين من صفر سنة اثنتين وسبعين وستمائة. قيل لها: أخبرك الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن علي ابن السقاء، قراءة عليه وأنت تسمعين في خامس رجب سنة سبع عشرة وستمائة بالمدرسة القادرية؟ قالت: نعم؟ قال: أنبأنا أبو القاسم سعيد بن أحمد بن

____________________

(١). العبر ٣ / ٢٨.

(٢). طبقات الشافعية ١ / ١٤٧.

(٣). التاج المكلل ٨٢.

٣٤٣

البناء، وأبو محمد بن المبارك ابن أحمد بن بركة الكندي في جمادى الاولى سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. قالا: أنبأنا أبو نصر محمد بن محمد بن الريسى قال: أنبأنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص قال: أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، أنبأنا بشر بن الوليد الكندي، أنبأنا محمد بن طلحة، عن الاعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: انى أوشك أن أدعى فأجيب، واني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء الى الارض، وعترتي أهل بيتي، وان اللطيف الخبير أخبرنى أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا ما تخلفوني فيهما »(١) .

ترجمته:

قالالسمعاني : « وكان ثقة صدوقاً صالحاً مكثراً من الحديث »(٢) .

*(٧١)*

رواية محمد بن سليمان بن داود البغدادي

لقد روى حديث الثقلين بسنده: « عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قد تركت ما ان تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي »(٣) .

____________________

(١). فرائد السمطين ٢ / ٢٧٢.

(٢). الانساب - المخلص.

(٣). مناقب أهل البيت - مخطوط.

٣٤٤

*(٧٢)*

رواية الحاكم النيسابوري

أخرج حديث الثقلين في كتابه في باب مناقب الامام أمير المؤمنينعليه‌السلام بقوله: « حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي ببغداد، ثنا: أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، ثنا: يحيى بن حماد. وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، وأبو بكر أحمد بن جعفر البزاز. قالا: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبى، ثنا: يحيى بن حماد، وثنا: أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى، ثنا: صالح بن محمد الحافظ البغدادي، ثنا: خلف بن سالم المخرمي، ثنا: يحيى بن حماد، ثنا: أبو عوانة، عن سليمان الاعمش، قال: حدثنا حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه ، قال: لما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن فقال: كأني قد دعيت فأجبت، انّي [ قد ] تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الاخر، كتاب الله تعالى وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما فانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: الله عز وجل مولاي وأنا ولى [ مولى ] كل مؤمن، ثم أخذ بيد عليّرضي‌الله‌عنه ، فقال: من كنت وليه [ مولاه ] فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله، شاهده: حديث سلمة بن كهيل »(١) .

كما أخرج الحديث من طريق آخر(٢) .

ترجمته:

١ - الذهبي : « الحاكم الحافظ الكبير، امام المحدثين أبو عبد الله محمد

____________________

(١). المستدرك ٣ / ١٠٩.

(٢). المصدر ٣ / ١٧٤.

٣٤٥

ابن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع صاحب التصانيف.

ولد سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة في ربيع الاول، طلب الحديث من الصغر باعتناء أبيه وخاله فسمع سنة ثلاثين، ورحل الى العراق وهو ابن عشرين وحج ثم جال في خراسان وما وراء النهر فسمع بالبلاد من ألفي شيخ أو نحو ذلك »(١) .

٢ - القنوجى : « امام أهل الحديث في عصره، والمؤلف فيه الكتب التي لم يسبق الى مثلها. كان عالماً عارفاً واسع العلم، تفقه ثم طلب الحديث وغلب عليه فاشتهر به وسمعه من جماعة لا يحصون كثرة، فان معجم شيوخه يقرب من ألفي رجل، حتى روى عمن عاش بعده لسعة روايته وكثرة شيوخه. وصنف في علومه ما يبلغ ألفاً وخمسمائة جزء ناظر الحفاظ وذاكر الشيوخ وكتب عنهم أيضاً وباحث الدارقطني فرضيه، وتقلد القضاء بنيسابور في سنة ٣٥٩ في أيام الدولة السامانية »(٢) .

٣ - البدخشي : « الحاكم لقب به جماعة من اهل الحديث، فمنهم من لقب به لاجل رياسة دنيوية كالحاكم الشهيد ومنهم من لقب به لاجل الرياسة في الحديث، وهما رجلان فاقا أهل عصرهما في معرفة الحديث، أحدهما الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري وليس له ذكر في هذا الكتاب وهو الاكبر. والثاني: الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه النيسابوري صاحب ( المستدرك على الصحيحين ) و ( تاريخ نيسابور ) وغير ذلك من المصنفات وهو الاشهر »(٣) .

وانظر: ( وفيات الاعيان ٣ / ٤٠٨ ) و ( المختصر ٢ / ١٤٤ ) و ( تتمة المختصر ١ / ٤٥٣ ) و ( مرآة الجنان ٣ / ١٤ ) و ( طبقات الاسنوى ١ / ٤٠٥ ) و

____________________

(١). تراجم الحفاظ - مخطوط.

(٢). تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٣٩.

(٣). التاج المكلل ١١٤.

٣٤٦

( طبقات السبكى ٤ / ١٥٥ ) و ( العبر ٣ / ٩١ ).

*(٧٣)*

رواية عبد الملك الخركوشي

أخرج حديث الثقلين في كتابه المسمى بـ ( شرف النبوة ) على ما جاء في ( مناقب السادات ): « الحديث الثالث في ( المشارق ) و ( المصابيح ) و ( شرف النبوة ) و ( الدرر ) و ( تاج الاسامي ) وغير ذلك: انّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي فان تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي »(١) .

ترجمته:

وتوجد ترجمة الخركوشي في كثير من كتب التراجم والتواريخ مثل ( الانساب - الخركوشي ) و ( تذكرة الحفاظ ٣ / ٢٥٣ ) و ( العبر ٣ / ٩٦ ) و ( طبقات السبكى ٥ / ٢٢٢ ) و ( طبقات الاسنوى ١ / ٤٧٧ ) ونقتصر هنا بخلاصة ما وصفه به السبكى، قال:

« وكان فقيهاً زاهداً من أئمة الدين وأعلام المؤمنين، ترتجى الرحمة بذكره قال فيه الحاكم: انه الواعظ الزاهد ابن الزاهد، وانه تفقه في حداثة سنّه وتزهد وجالس الزهاد والمجردين الى أن جعله الله خلف الجماعة ممن تقدمه من العباد المجتهدين والزهاد القانعين »(٢) .

*(٧٤)*

رواية ابى اسحاق الثعلبي

لقد أورد حديث الثقلين في تفسيره عند تفسير قوله تعالى( وَاعْتَصِمُوا

____________________

(١). مناقب السادات لشهاب الدين الدولت آبادي.

(٢). طبقات الشافعية ٥ / ٢٢٢.

٣٤٧

بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً ) فقال:« حدثنا الحسن بن محمد بن حبيب المفسر، قال: وجدت في كتاب جدي بخطه نا: أحمد بن الاحجم القاضي المرندى، نا، الفضل بن موسى الشيباني، أنا عبد الملك بن أبى سليمان، عن عطية العوفى عن أبى سعيد الخدري، قال: قال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: يا أيها الناس اني قد تركت فيكم خليفتين ان اخذتم بهما لن تضلوا بعدي، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي أهل بيتي، ألا وانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض »(١) .

كما ذكر الحديث عند تفسير قوله تعالى:( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ ) .

ترجمته:

١ - السبكى : « وكان أوحد زمانه في علم القرآن وله كتاب ( العرائس ) في قصص الانبياءعليهم‌السلام »(٢) .

٢ - الاسنوى : « ذكره ابن الصلاح والنووي من الفقهاء الشافعية، وكان اماماً في اللغة والنحو »(٣) .

٣ - الداودي : « كان أوحد أهل زمانه في علم القرآن حافظاً للغة، بارعاً في العربية، واعظاً، موثقاً »(٤) .

وانظر ( وفيات الاعيان ١ / ٦١ ) و ( الوافي بالوفيات ٧ / ٣٠٧ ) و ( العبر ٣ / ١٦١ ) و ( مرآة الجنان ٣ / ٤٦ ) و ( تتمة المختصر ١ / ٤٧٧ ) و ( المختصر ٢ / ١٦٠ ) و ( بغية الوعاة ١٥٤ ) وغيرها.

____________________

(١). الكشف والبيان - مخطوط.

(٢). طبقات الشافعية ٤ / ٥٨.

(٣). طبقات الشافعية ١ / ٤٢٩.

(٤). طبقات المفسرين ١ / ٦٥.

٣٤٨

*(٧٥)*

رواية أبى نعيم الاصبهانى

١ - أخرج حديث الثقلين في كتاب ( منقبة المطهرين ) بطرق عديدة وألفاظ كثيرة، عن أبي سعيد الخدري وزيد بن أرقم وأنس بن مالك والبراء ابن عازب وعن جبير بن مطعم.

٢ - كما أخرج الحديث في ( حلية الاولياء ١ / ٣٥٥ ) وفي كلام العلامة السخاوي في ( استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط ) وكذلك في كلام العلامة السمهودي في ( جواهر العقدين - مخطوط ):

« عن حذيفة بن اسيد الغفاريرضي‌الله‌عنه ، أو زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه قال: لما صدر رسول الله من حجة الوداع نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا تحتهن، ثم بعث اليهن فقم ما تحتهن من الشوك وعمد اليهن فصلى تحتهن. ثم قام فقال: يا أيها الناس: اني قد نبأني اللطيف الخبير أنه لن يعمر نبي الا نصف عمر الذي يليه من قبله، واني لا ظن أن يوشك أن أدعى فأجيب واني مسؤول وانكم مسؤولون، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وجهدت ونصحت فجزاك الله خيراً. فقال: أليس تشهدون أن لا اله الا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأن جنته حق، وناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث حق بعد الموت، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وان الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك؟ قال: اللهم اشهد؟ ثم قال: يا أيها الناس ان الله مولاي وأنا ولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه - يعنى عليّاً - اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. ثم قال: يا أيها الناس انى فرطكم وانكم واردون علي الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى الى صنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، واني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما؟ الثقل الاكبر كتاب الله عز وجل سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به لا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي فانه قد نبأني اللطيف

٣٤٩

الخبير انهما لن ينقضيا حتى يردا علي الحوض.

أخرجه الطبراني في ( الكبير ) والضياء في ( المختارة ) من طريق سلمة ابن كهيل عن أبى الطفيل وهما من رجال ( الصحيح ) عنه بالشك في صحابيته، وأخرجه أبو نعيم في الحلية ».

ترجمته:

١ - الذهبي : « قال أحمد بن محمد بن مردويه: كان ابو نعيم في وقته مرحولا اليه، لم يكن في افق من الافاق احد احفظ منه ولا أسند منه، كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده وكل يوم نوبة واحد منهم يقرأ ما يريد الى قريب الظهر، فاذا قام الى داره ربما كان يقرأ عليه في الطريق جزء، لم يكن له غذاء سوى التسميع والتصنيف.

وقال حمزة بن العباس العلوي: كان أصحاب الحديث يقولون: بقي الحافظ أربع عشرة سنة بلا نظير، لا يوجد لا شرقاً ولا غرباً أعلى اسناداً منه ولا أحفظ منه »(١) .

٢ - الصفدي : « تاج المحدثين وأحد اعلام الدين، له العلو في الرواية والحفظ والفهم والدراية، وكانت الرحال تشد اليه. أملى في فنون الحديث كتباً سارت في البلاد وانتفع به العباد وامتدت أيامه حتى لحق الاحفاد بالاجداد وتفرد بعلو الاسناد »(٢) .

٣ - القنوجى : « الحافظ المشهور صاحب كتاب حلية الاولياء. كان من الاعلام المحدثين واكابر الحفاظ، أخذ عن الافاضل واخذوا عنه وانتفعوا به وكتابه الحلية من أحسن الكتب »(٣) .

وانظر ( العبر ٣ / ١٧٠ و ( وفيات الاعيان ١ / ٧٥ ) و ( طبقات السبكى

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٩٦.

(٢). الوافي بالوفيات ٧ / ٨١.

(٣). التاج المكلل ٣١.

٣٥٠

٣ / ٧ ) و ( مرآة الجنان ٣ / ٥٢ ) و ( طبقات الاسنوى ٢ / ٤٧٤ ) و ( طبقات الحفاظ ٤٢٣ ) و ( طبقات ابن قاضي شهبة ١ / ٣٠١ ) و ( المختصر ٢ / ١٦٢ ) و ( تتمة المختصر ١ / ٤٨٠ ) و ( البداية والنهاية ١٢ / ٤٥ ) و ( النجوم الزاهرة ٥ / ٣٠ ) و ( شذرات الذهب ٣ / ٢٤٥ ) وغيرها.

*(٧٦)*

رواية ابى نصر العتبى

لقد أشار الى حديث الثقلين في صدر كتابه ( التاريخ اليمينى ) حيث يقول « الى أن قبضه الله جل ذكره اليه مشكور السعي والاثر، ممدوح النصر والظفر، مرضي السمع والبصر، محمود العيان والخبر، فاستخلف في أمته الثقلين كتاب الله وعترته اللذين يحميان الاقدام أن تزل، والاحلام أن تضل، والقلوب أن تمرض، والشكوك أن تعرض، فمن سلك بهما فقد سلك الخيار وأمن العثار وربح اليسار، ومن صدف عنهما فقد أساء الاختيار وركب الخسار وارتدف الادبار، أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى، فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ».

ترجمته:

قالالثعالبي : « أبو نصر محمد بن عبد الجبار العتبى، هو لمحاسن الادب وبدائع النثر ولطائف النظم ودقائق العلم كالينبوع للماء والزند للنار، يرجع معها الى أصل كريم وخلق عظيم. وكان فارق وطنه الري في اقتبال شبابه وقدم خراسان على خاله أبي نصر العتبي وهو من وجوه المال بها وفضلائهم، فلم يزل عنده كالولد العزيز عند الوالد الشفيق الى أن مضى أبو نصر لسبيله، وتنقلت بأبى النصر أحوال واسفار في الكتابة للامير أبى على، ثم للامير أبى منصور سبكتكين مع أبى الفتح البستي، ثم النيابة بخراسان لشمس المعالي

٣٥١

واستوطن نيسابور واقبل على خدمة الاداب والعلوم »(١) .

*(٧٧)*

رواية أبى بكر البيهقي

ذكر روايته لحديث الثقلين الخوارزمي في مناقبه بقوله « وبهذا الاسناد عن احمد بن الحسين هذا [ هو أبو بكر البيهقي، حيث قال قبل ذلك: و أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي، أخبرنى شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرنى أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ].

قال: أخبرنا أبو عبد الله، قال: حدثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى قال: حدثنا صالح بن محمد الحافظ، قال: حدثنا خلف بن سالم، قال: حدثنا يحيى بن حماد، قال: حدثنا أبو عوانة عن سليمان الأعمش، قال: حدثنا حبيب بن أبى ثابت، عن أبى الطفيل، عن زيد بن أرقم، قال: لما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ثم قال: كأني قد دعيت فأجبت، انى قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: ان الله عز وجل مولاي وأنا مولى كل مؤمن. ثم أخذ بيد عليّ فقال: من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقلت: أنت سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقال: ما كان في الدوحات احد الا قد رآه بعينه وسمعه بأذنه »(٢) .

كما تظهر روايته لهذا الحديث من عبارة الحموئي نقلا عن ابن عمه

____________________

(١). يتيمة الدهر ٤ / ٣٩٧.

(٢). المناقب ٩٣.

٣٥٢

نظام الدين الحموي، والقاضي البتاكشي(١) .

أقول : وأخرجه في ( سننه ) في غير موضع منه، ففي « باب بيان اهل بيته الذين هم آله » أخرجه عن الحاكم بسنده عن زيد بن أرقم قال: « قام فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بماء يدعى خمّاً بين مكّة والمدينة »(٢) .

وبسنده عن زيد بن أرقم كذلك في « باب بيان آل محمّد الذين تحرم عليهم الصدقة المفروضة»(٣) .

وبسنده عنه أيضاً كذلك في « كتاب آداب القاضي » وقال: « أخرجه مسلم في الصحيح من حديث أبي حيان التيمي »(٤) .

ترجمته:

قالالذهبي: « البيهقي الامام الحافظ العلامة شيخ خراسان ابو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخسروجردي البيهقي، صاحب التصانيف قال عبد الغافر في تاريخه: كان البيهقي على سيرة العلماء قانعاً باليسير متجملا في زهده وورعه. وعن امام الحرمين أبى المعالي قال: ما من شافعي الا وللشافعي عليه منة الا أبا بكر البيهقي فان له المنة على الشافعي لتصانيفه في نصرة مذهبه قال أبو الحسن عبد الغافر في ( ذيل تاريخ نيسابور ): أبو بكر البيهقي الفقيه الحافظ الأصولي الدين الورع، واحد زمانه في الحفظ وفرد أقرانه في الإتقان والضبط، من كبار أصحاب الحاكم ويزيد عليه بأنواع من العلوم، كتب الحديث وحفظه من صباه وتفقه وبرع وأخذ في الأصول، وارتحل الى العراق والجبال والحجاز، ثم صنف وتواليفه تقارب ألف جزء لم يسبقه اليه أحد، جمع بين علم الحديث والفقه وبيان علل

____________________

(١). فرائد السمطين ٢ / ٢٣٣.

(٢). سنن البيهقي ٢ / ١٤٨.

(٣). سنن البيهقي ٧ / ٣٠.

(٤). سنن البيهقي ١٠ / ١١٤.

٣٥٣

الحديث ووجه الجمع بين الاحاديث »(١) .

وانظر: ( الانساب - البيهقي ) و ( معجم البلدان ٢ / ٣٤٦ ) و ( وفيات الاعيان ١ / ٥٧ ) و ( الكامل ١٠ / ١٨ ) و ( مرآة الجنان ٣ / ٨١ ) و ( طبقات السبكي ٤ / ٨ ) و ( طبقات الاسنوى ١ / ١٩٨ ) و ( طبقات ابن قاضي شهبة ١ / ٢٢٦ ) و ( المختصر ٢ / ١٨٥ ) و ( تتمة المختصر ١ / ٥١٦ ) و ( طبقات الحفاظ ٤٣٣ ) و ( التاج المكلل ٢٨ ) وغيرها.

*(٧٨)*

رواية ابى غالب النحوي

لقد أخرج روايته لحديث الثقلين، ابن المغازلي في [ المناقب ] بالسند الاتي: « أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي، ثنا: أبو عبد الله محمد بن علي السقطي، ثنا أبو محمد عبد الله بن شوذب، ثنا: محمد بن أبى العوام الرياحي ثنا: أبو عامر العقدى عبد الملك بن عمر، ثنا: محمد بن طلحة، عن الاعمش، عن عطية بن سعيد، عن أبى سعيد الخدري ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: اني أوشك أن أدعى فأجيب، وانّي قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي أهل بيتي، وان اللطيف أخبرني انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا ما ذا تخلفوني فيهما ».

ترجمته:

توجد في كثير من الكتب المعتبرة كما أوردنا ترجمته في مجلد حديث الطير عن ( العبر ٤ / ٢٥٠ ) و ( الجواهر المضية ٢ / ١١ - ١٢ ) و ( مرآة الجنان ٣ / ٨٦ ) وغيرها.

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٣٢.

٣٥٤

*(٧٩)*

رواية ابن عبد البر القرطبي

ذكر الشاه ولي الله في ( ازالة الخفا ) خطبة الغدير المتضمنة لفضائل الامام أمير المؤمنين عليّ بن ابى طالب فقال: « أخرج الحاكم، وأبو عمرو وغيرهما - وهذا لفظ الحاكم - عن زيد بن أرقم: لما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن فقال: كأنى قد دعيت فأجبت، انّي قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله تعالى وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، وانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، ثم قال: ان الله عز وجل مولاي وانا ولي كل مؤمن، ثم اخذ بيد علي فقال: من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ».

ترجمته:

قالالذهبي : « كان فقيهاً عابداً متهجداً، قال الحميدي: أبو عمر فقيه حافظ مكثر عالم بالقراءات وبالخلاف وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع يميل في الفقه الى أقوال الشافعي. وقال أبو علي الغساني: لم يكن أحد ببلدنا في الحديث مثل قاسم بن محمد، وأحمد بن خالد الجبّاب، ثم قال أبو علي: ولم يكن ابن عبد البر بدونهما ولا متخلفاً عنهما.

قلت: كان اماماً ديناً ثقة متقناً علامة متبحراً صاحب سنة واتباع، وكان أولا أثرياً ظاهرياً فيما قيل، ثم تحول مالكياً مع ميل بين الى فقه الشافعي في مسائل ولا ينكر له ذلك فانه ممن بلغ رتبة الائمة المجتهدين. ومن نظر في مصنفاته بان له منزلته من سعة العلم وقوة الفهم وسيلان الذهن، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك الا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولكن اذا اخطأ امام في اجتهاده لا ينبغي لنا أن ننسى محاسنه ونغطي معارفه بل نستغفر الله له ونعتذر عنه.

٣٥٥

قال أبو القاسم ابن بشكوال: ابن عبد البر امام عصره، وواحد دهره يكنى أبا عمر.

قال أبو علي بن سكرة: سمعت ابا الوليد الباجى يقول: لم يكن بالاندلس مثل ابى عمر بن عبد البر في الحديث، وهو أحفظ اهل المغرب »(١) .

وانظر: ( الانساب - القرطبي ) و ( وفيات الاعيان ٢ / ٣٤٨ ) و ( تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٢٨ ) و ( العبر ٣ / ٢٥٥ ) و ( المختصر ٢ / ١٨٧ ) و ( تتمة المختصر ١ / ٥٢١ ) و ( طبقات الحفاظ ٤٣٦ ) و ( التاج المكلل ١٥٣ ) وغيرها.

*(٨٠)*

رواية الخطيب البغدادي

تظهر روايته لحديث الثقلين من مراجعة عبارة البدخشاني حيث يقول: « أخرجه ابن ابى شيبة، والخطيب في ( المتفق والمتفرق ) عنه - اى عن جابر - بلفظ: انّي تركت فيكم ما لن تضلوا بعدي ان اعتصمتم به، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ».

أقول: وهو بسنده عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ( تاريخ بغداد ٨ / ٤٤٢ ) لكن بتره الأمناء على الحديث.

ترجمته:

قالالذهبي : « الخطيب الحافظ الكبير الامام محدث الشام والعراق كان من كبار الشافعية، تفقه بأبى الحسن بن المحاملي وبالقاضي أبى الطيب قال ابن ماكولا: كان أبو بكر الخطيب آخر الأعيان ممن شاهدناه معرفة وحفظاً واتقاناً وضبطاً لحديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

____________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٨ / ١٥٣ ملخصاً.

٣٥٦

وتفنناً في علله وأسانيده وعلماً بصحيحه وغريبه وفرده ومنكره ومطروحة

قال أبو سعد السمعاني: كان الخطيب مهيباً وقوراً ثقة متحريا، حسن الخط، كثير الضبط، فصيحاً ختم به الحفاظ

قال أبو الحسن الهمذاني: مات هذا العلم بوفاة الخطيب، وقد كان رئيس الرؤساء، تقدم الى الوعاظ والخطاب أن لا يرووا حديثاً حتى يعرضوه على أبي بكر، وأظهر بعض اليهود كتابا بإسقاط النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الجزية عن الخيابرة، وفيه شهادة الصحابة. فعرضه الوزير على أبي بكر، فقال: هذا مزور؟ قيل من أين قلت هذا؟ قال: فيه شهادة معاوية وهو أسلم عام الفتح بعد خيبر؟ وفيه شهادة سعيد بن معاذ ومات قبل خيبر بسنين.

قال شباع الذهلي: والخطيب امام مصنف حافظ لم يدرك مثله »(١) .

وانظر: ( الانساب - الخطيب ) و ( الكامل ١٠ / ٢٥ ) و ( وفيات الاعيان ١ / ٢٧ ) و ( العبر ٣ / ٢٥٣ ) و ( دول الاسلام ١ / ٢١١ ) و ( المختصر ٢ / ١٨٧ ) و ( تتمة المختصر ١ / ٥٢٠ ) و ( مرآة الجنان ٣ / ٨٧ ) و ( طبقات السبكي ٤ / ٢٩ ) و ( طبقات الاسنوي ١ / ٢٠١ ) و ( طبقات الحفاظ ٤٣٤ ) و ( التاج المكلل ٣٢ ) وغيرها من المصادر التاريخية والرجالية.

*(٨١)*

رواية ابى محمد الحسن الغندجاني

أورد الحديث ابن المغازلي في كتاب المناقب بالسند الآتي: « أخبرنا الحسن بن أحمد بن موسى الغندجاني ثنا: أحمد بن محمد، ثنا: علي بن محمد المصري، ثنا: محمد بن عثمان، ثنا: مصرف بن عمر، ثنا: عبد الرحمن بن محمد بن طلحة، عن أبيه، عن الاعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٣٥.

٣٥٧

قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوشك أن ادعى فأجيب وانّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي، فانظروا ما ذا تخلفوني فيهما »(١) .

ترجمته:

قالالسمعاني : « أبو محمد الحسن بن موسى الغندجاني، كان شيخاً ثقة صدوقاً سكن واسط بآخره، سمع ببغداد مع ابن عمه أبا طاهر المخلص، وأبا حفص الكناني وأبا أحمد الفرضي وأبا عبد الله بن دوست العلاف.

روى لي عنه أبو عبد الله محمد بن علي بن الجلابي الثقة، وكانت ولادته في شوال سنة ٢٨٢، ووفاته في جمادى الاولى سنة ٤٦٧ »(٢) .

*(٨٢)*

رواية على بن محمد الطيب - ابن المغازلي

أخرج حديث الثقلين في كتابه بعدة طرق نقتصر هنا على واحد منها:

« أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان المعروف بابن الصيرفي البغدادي قدم علينا واسطاً سنة أربعين وأربعمائة، قال: نا أبو الحسين عبيد الله بن أحمد بن يعقوب بن البواب، نا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، نا: وهبان - وهو ابن بقية الواسطي - ثنا: خالد بن عبد الله، عن الحسن بن عبد الله، عن أبي الضحى، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض »(٣) .

____________________

(١). المناقب: ٢٣٥.

(٢). الانساب - الغندجاني.

(٣). المناقب ٢٣٤ - ٢٣٦.

٣٥٨

ترجمته:

ترجم له كبار علماء أهل السنة في كتبهم المعتمدة، وقد ذكرنا ترجمته في بعض مجلدات هذا الكتاب.

*(٨٣)*

رواية محمد بن فتوح الحميدي

لقد أخرج حديث الثقلين بالسند الاتي: « عن يزيد بن حيان، قال: انطلقت أنا وحصين بن سيرة، وعمرو بن مسلم الى زيد بن أرقم، فلما جلسنا اليه قال حصين: لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال: يا ابن أخي؟ والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فما حدثتكم فاقبلوه، ومالا فلا تكلفونيه. ثم قال: قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد، أيها الناس؟ فانما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. وزاد في حديث جرير: كتاب الله فيه الهدى والنور، من استمسك به وأخذ به كان على الهدى ومن أخطأه ضل.

و في حديث سعيد بن مسروق عن يزيد بن حيان، نحوه غير أنه قال: ألا واني تارك فيكم ثقلين أحدهما كتاب الله وهو حبل الله، من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة. وفيه فقلنا: من أهل بيته؟ نساؤه؟ قال: لا، أيم الله ان المرأة تكون مع الرجل العصر ثم الدهر ثم يطلقها

٣٥٩

فترجع الى أبيها وقومها. أهل بيته: أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده »(١) .

ترجمته:

١ - السمعاني : « أحد حفاظ عصره، صنف التصانيف وجمع الجموع، فنسب الى جده الاعلى »(٢) .

٢ - ابن خلكان : « الحافظ المشهور كان موصوفاً بالنباهة والمعرفة والإتقان والدين والورع، وكانت له نغمة حسنة في قراءة الحديث »(٣) .

٣ - الذهبي : « الحميدي الحافظ الثبت القدوة حدث عن ابن حزم فأكثر، وعن أبي عبد الله القضاعي، وأبى عمرو بن عبد البر، وأبى زكريا عبد الرحيم البخاري وأبى القاسم الجيانى الدمشقي وعبد الصمد بن المأمون وأبى بكر الخطيب وأبي جعفر بن مسلمة وأبي غالب بن بشران اللغوي، ولم يزل يسمع ويكثر ويجد حتى كتب عن أصحاب الجوهري وابن المذهب

قال الامير ابن ماكولا: لم أر مثل صديقنا الحميدي في نزاهته وعفته وتشاغله بالعلم

وقال يحيى بن ابراهيم السلماسي قال أبى: لم تر عيناي مثل الحميدي في فضله ونبله وغزارة علمه وحرصه على نشر العلم. قال: وكان ورعاً ثقة اماماً في الحديث وعلله ورواته، متحققاً في علم التحقيق والأصول على مذهب أصحاب الحديث بموافقة الكتاب والسنة، فصيح العبارة، متبحراً في علم الادب والعربية والترسل »(٤) .

____________________

(١). الجمع بين الصحيحين - مخطوط.

(٢). الانساب - الحميدي.

(٣). وفيات الاعيان ٣ / ٤١٠.

(٤). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢١٨.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507