نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٢

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار10%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 373

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 373 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 298614 / تحميل: 6688
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

وفي لفظ : ( إلى عشرين ومائة ، فإذا زادت واحدة ففي كلّ أربعين بنت لبون ، وفي كلّ خمسين حقه )(١) .

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « فإذا زادت واحدة على عشرين ومائة ففي كلّ خمسين حقّة ، وفي كلّ أربعين بنت لبون »(٢) .

ولأنّ سائر ما جعله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله غايةً للفرض إذا زاد عليه واحدة تغيّر الفرض.

وقال أحمد - في الرواية الاُخرى - وأبو عبيد : لا يتغيّر الفرض حتى تبلغ مائة وثلاثين فيكون فيها حقّة وبنتا لبون ، لأنّ الفرض لا يتغيّر بزيادة الواحدة كسائر الفروض ، ولو سلّم فكذا هنا ، لأنّ الواحدة إنّما ( تغيّر )(٣) بها مع ما قبلها فأشبهت الواحدة الزائدة على الستين ( والتسعين )(٤) (٥) .

وقال مالك في الرواية الاُخرى : إذا زادت تغيّر الفرض إلى تخيير الساعي بين الحِقّتين وثلاث بنات لبون(٦) .

وقال ابن مسعود والنخعي والثوري وأبو حنيفة : إذا زادت الإِبل على عشرين ومائة استؤنفت الفريضة في كلّ خمسٍ شاةٌ إلى مائة وأربعين ففيها‌

____________________

(١) سنن الدارقطني ٢ : ١١٥ / ٣.

(٢) الكافي ٣ : ٥٣١ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٢ / ٥٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٠ / ٥٩.

(٣) أي : تغيّر الفرض. وورد بدل ما بين القوسين في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق : يعتبر. وفي الطبعة الحجرية : يعتد. وما أثبتناه من المغني والشرح الكبير. لاحظ : المصادر في الهامش (٥) الآتي.

(٤) ورد بدل ما بين القوسين في النسخ الخطية والطبعة الحجرية : السبعين. وما أثبتناه من المغني والشرح الكبير. لاحظ : الهامش التالي.

(٥) المغني ٢ : ٤٤٥ - ٤٤٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨٧ ، والمجموع ٥ : ٤٠٠ ، وفتح العزيز ٥ : ٣٢٠.

(٦) التفريع ١ : ٢٨٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٩ ، الشرح الصغير ١ : ٢٠٨ ، المجموع ٥ : ٤٠٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٦.

٦١

حقّتان وأربع شياه إلى خمس وأربعين ومائة ، فيكون فيها حقّتان وبنت مخاض إلى مائة وخمسين ، ففيها ثلاث حقاق ، ثم تستأنف الفريضة أيضاً بالغنم ، ثم بنت مخاض ، ثم بنت لبون ، ثم حقّة ، فيكون في كلّ خمسٍ شاةٌ إلى مائة وسبعين ، فيكون فيها ثلاث حقاق وأربع شياه ، فإذا بلغت خمساً وسبعين ففيها ثلاث حقاق وبنت مخاض إلى مائة وخمس وثمانين ، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث حقاق وبنت لبون إلى مائة وخمس وتسعين ، فإذا زادت واحدة ففيها أربع حقاق إلى مائتين ، ثم يعمل في كلّ خمسين ما عمل في الخمسين التي بعد مائة وخمسين إلى أن ينتهي إلى الحقاق ، فإذا انتهى إليها انتقل إلى الغنم ، ثم بنت مخاض ، ثم بنت لبون ، ثمّ حقّة ، وعلى هذا أبداً(١) .

لما روي أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كتب لعمرو بن حزم كتاباً ذكر فيه الصدقات والديات وغيرها ، فذكر فيه : ( إن الإِبل إذا زادت على مائة وعشرين استؤنفت الفريضة في كلّ خمسٍ شاةٌ ، وفي عشر شاتان )(٢) .

وقد روي عن عمرو بن حزم(٣) مثل قولنا وإذا اختلفت روايته سقطت ، أو تزاد إذا زادت في أثناء الحول ، فإنّ الزيادة لها حكم نفسها ، أو نقول : استؤنفت بمعنى استقرّت على هذين الشيئين.

وقوله : ( في كلّ خمس شاة ) يحتمل أن يكون تفسير الراوي على ظنّه.

ولأنّ ما قلناه موافق للقياس ، فإن الجنس إذا وجب فيه من جنسه لا يجب فيه من غير جنسه ، وإنّما جاز ذلك في الابتداء ، لأنّه لم يحتمل أن يجب فيه‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٤٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٣٧ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٥١ ، اللباب ١ : ١٣٩ - ١٤٠ ، المجموع ٥ : ٤٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٦.

(٢) المراسيل - لأبي داود - : ١١١ / ١ ، سنن البيهقي ٤ : ٩٤ بتفاوت.

(٣) سنن البيهقي ٤ : ٨٩ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٣٩٦.

٦٢

من جنسه وقد زال هذا المعنى.

وروى الجمهور عن عليعليه‌السلام وعبد الله مثل قول أبي حنيفة(١) ولم يثبت عنهما.

وقال ابن جرير : هو مخيّر بين مذهب الشافعي وأبي حنيفة(٢) .

مسألة ٣٨ : لو كانت الزيادة على عشرين ومائة بجزء من بعير لم يتغيّر به الفرض‌ إجماعاً ، لأنّ الأحاديث تضمّنت اعتبار الواحدة ، ولأنّ الأوقاص كلّها لا يتغيّر فرضها بالجزء كذا هنا.

وقال أبو سعيد الإِصطخري : يتغيّر الفرض به ، لأنّ الزيادة مطلقة عامّة(٣) . وما ذكرناه أخص.

مسألة ٣٩ : إذا اجتمع في نصابٍ الفريضتان كمائتين وكاربعمائة تخيّر المالك‌ بين إخراج الحقاق وبنات اللبون عند علمائنا ، وبه قال أحمد في إحدى الروايتين(٤) .

لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كتاب الصدقات : ( فإذا كانت مائتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون أيّ السنين وجدت أخذت )(٥) .

ولأنّه قد اجتمع عددان كلّ واحد منهما سبب في إيجاب ما تعلّق به الفرض ، والجمع باطل ، وتخصيص أحدهما ترجيح من غير مرجِّح فوجب التخيير.

____________________

(١) مصنّف ابن أبي شيبة ٣ : ١٢٥ ، سنن البيهقي ٤ : ٩٢.

(٢) المجموع ٥ : ٤٠٠ - ٤٠١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧.

(٣) المهذّب للشيرازي ١ : ١٥٢ ، المجموع ٥ : ٣٩٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧.

(٤) المغني ٢ : ٤٤٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨٩.

(٥) المستدرك - للحاكم - ١ : ٣٩٣ - ٣٩٤ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٨ - ٩٩ / ١٥٧٠ ، وسنن البيهقي ٤ : ٩١.

٦٣

وقال الشافعي في القديم : تجب الحقاق لا غير ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد في رواية(١) ، لأنّ الفرض يتغيّر بالسنّ في فرائض الإِبل أكثر من تغيّره بالعدد ، فإنّ في مائة وستين أربع بنات لبون ، ثمّ كلّما زاد عشراً زاد سنّاً فيكون في مائة وتسعين ثلاث حقاق.

وليس بشي‌ء ، لأنّ كلّ عدد تغيّر الفرض فيه بالسنّ فإنّما تغيّر لقصوره عن إيجاب عدد الفرض.

فروع :

أ - الخيار إلى المالك عندنا ، وبه قال أحمد في رواية(٢) .

لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمعاذ : « إيّاك وكرائم أموالهم »(٣) .

ولأنّها زكاة ثبت فيها الخيار فكان ذلك لربّ المال ، كالخيار في الجبران بين شاتين أو عشرين درهماً وبين النزول والصعود وتعيين المخرج.

وقال الشافعي في الجديد : يتخيّر الساعي فيأخذ أحظّهما للفقراء ، فإن أخرج المالك لزمه أعلى الفرضين(٤) ، لقوله تعالى( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) (٥) .

ولأنّه وجد سبب الفرضين فكانت الخيرة إلى مستحقّه أو نائبه كقتل العمد الموجب للقصاص أو الدية.

ولا دلالة في الآية ، لأنّه إنّما يأخذ الفرض بصفة المال فيأخذ من الكرائم‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٤ ، المجموع ٥ : ٤١١ ، فتح العزيز ٥ : ٣٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٤٧ ، المغني ٢ : ٤٤٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨٩ - ٤٩٠.

(٢) المغني ٢ : ٤٤٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٩٠.

(٣) صحيح مسلم ١ : ٥٠ / ٢٩ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠٤ / ١٥٨٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٢١ / ٦٢٥ ، مسند أحمد ١ : ٢٣٣ ، ومصنّف ابن أبي شيبة ٣ : ١٢٦.

(٤) المغني ٢ : ٤٤٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٩٠‌

(٥) البقرة : ٢٦٧.

٦٤

مثلها ، والأدنى ليس بخبيث ، ولهذا لو لم يوجد إلّا سببه وجب إخراجه ، ونمنع الأصل ، ويبطل بشاة الجبران ، وقياس الزكاة على الزكاة أولى من قياسها على الدية.

ب - التخيير إذا وجد الفرضان عنده ، فإن وجد أحدهما احتمل تعيّن الفرض فيه ، لعدم الآخر ، وهو قول الشافعي(١) بناءً على التخيير ، وتخيير المالك في إخراجه وشراء الآخر ، لأنّ الزكاة لا تجب في العين ، وهو قول بعض الجمهور(٢) ، وهو أقوى.

ولو عدمهما تخيّر في شراء أيّهما كان ، لاستقلال كلّ منهما بالإِبراء ، ولأنّه إذا اشترى أحدهما تعيّن الفرض فيه ، لعدم الآخر ، وبه قال الشافعي(٣) .

ج - لو أراد إخراج الفرض من النوعين ، فإن لم يحتج إلى تشقيص جاز مثل أن يخرج عن أربعمائة أربع حقاق وخمس بنات لبون ، وبه قال أكثر الشافعية(٤) .

وقال أبو سعيد الإِصطخري : لا يجوز ، لما فيه من تفريق الفريضة(٥) .

وهو غلط لأنّ كلّ واحدة من المائتين منفردة بفرضها.

وإن احتاج بأن يخرج عن المائتين حِقّتين وبنتي لبون ونصف جاز بالقيمة لا بدونها ، لعدم ورود الشرع بالتشقيص إلّا من حاجة ، ولهذا جعل لها أوقاصاً دفعاً للتشقيص عن الواجب فيها ، وعدل فيما نقص عن ستّ وعشرين من الإِبل عن إيجاب الإِبل إلى إيجاب الغنم ، فلا يصار إليه مع إمكان العدول عنه إلى إيجاب فريضة كاملة ، أمّا بالقيمة فيجوز ، لتسويغ إخراجها.

____________________

(١) الاُم ٢ : ٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٤ ، المجموع ٥ : ٤١١.

(٢) قال به ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٤٩ ، والشرح الكبير ٢ : ٤٩١.

(٣) المجموع ٥ : ٤١١ ، فتح العزيز ٥ : ٣٥٢.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٥٧ ، حلية العلماء ٣ : ٤٩.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٤٩.

٦٥

د - لو أخذ الساعي الأدنى جاز ، ولا يخرج ربّ المال الفضل وجوباً ، لما بيّنا من تخيير المالك.

وقال الشافعي : يخرج الفضل وجوباً - في أحد الوجهين - لأنّه أخرج دون الواجب فكان عليه الإِكمال ، وفي الآخر : مستحب(١) ، كما بيّنّاه.

فعلى الأول لو كان يسيراً لا يمكن شراء جزء حيوان به أخرجه دراهم ، وإن أمكن فوجهان(٢) : الشراء ، لعدم جواز إخراج القيمة عنده ، وإخراج الدراهم ، لمشقّة شراء الجزء وإخراجه وعدم النص فيه ، بخلاف الكلّ.

وقال بعض الشافعية : إن كان المأخوذ باقياً ردّه الساعي وأخذ الأعلى وإلّا ردّ قيمته وأخذ الأعلى(٣) .

وقال بعضهم : يخرج الفضل مع التلف(٤) .

مسألة ٤٠ : لو وجد أحد الفرضين ناقصاً والآخر كاملاً أخذ الكامل‌ ، مثل : أن يجد في المائتين خمس بنات لبون وثلاث حقاق تعيّن أخذ الفريضة الكاملة ، لأنّ الجبران بدل يشترط له عدم المبدل ، نعم لو ساوت قيمته جاز.

ولو كانا ناقصين بأن كان فيه ثلاث حقاق وأربع بنات لبون تخيّر ، إن شاء أخرج بنات اللبون وحقّة وأخذ الجبران ، وإن شاء أخرج الحقاق وبنت اللبون مع الجبران.

ولو قال : خُذ منّي حقّة وثلاث بنات لبون مع الجبران لكلّ واحدة لم يجز إلّا على القيمة.

وللشافعي وجهان : المنع ، لأنّه يعدل عن الفرض مع وجوده إلى‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٤ ، المجموع ٥ : ٤١٢ - ٤١٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٥٤ ، حلية العلماء ٣ : ٤٧ - ٤٨.

(٢ و ٣ ) فتح العزيز ٥ : ٣٥٤.

(٤) حلية العلماء ٣ : ٤٨.

٦٦

الجبران ، والجواز ، لأنّه لا بدّ من الجبران ، فكما جاز مع واحدة جاز مع أكثر(١) .

ولو لم يجد إلّا حقّة وأربع بنات لبون أدّاها وأخذ الجبران ، وهل له دفع الحِقّة وثلاث مع الجبران؟ إشكال.

مسألة ٤١ : من وجب عليه سنّ وليست عنده ، وعنده أعلى بمرتبة‌ كان له دفعها واستعادة الجبر بينهما وهو شاتان أو عشرون درهما.

وإن كان عنده أدون بمرتبة دفعها ودفع معها شاتين أو عشرين درهماً ، كمن وجب عليه بنت مخاض وعنده بنت لبون دفعها واستعاد ، وبالعكس يدفع بنت المخاض والجبران.

وكذا لو وجب عليه بنت لبون وعنده حقّة ، أو بالعكس ، أو وجب عليه حقّة وعنده جذعة ، أو بالعكس عند علمائنا أجمع ، وبه قال النخعي والشافعي وابن المنذر وأحمد(٢) .

لقولهعليه‌السلام : ( ومن بلغت عنده من الإِبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقّة فإنّها تقبل منه الحقّة ، ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له ، أو عشرين درهماً ، ومن بلغت عنده صدقة الحقّة وليست عنده وعنده الجذعة فإنّها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدّق عشرين درهماً أو شاتين )(٣) وساق الحديث إلى باقي المراتب.

ومن طريق الخاصة قول أمير المؤمنينعليه‌السلام في كتابه الذي كتبه بخطّه لعامله على الصدقة : « من بلغت عنده من إبل الصدقة الجذعة وليست‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٥ ، المجموع ٥ : ٤١٤ ، فتح العزيز ٥ : ٣٥٥ ، حلية العلماء ٣ : ٤٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٩٢.

(٢) المجموع ٥ : ٤١٠ ، حلية العلماء ٣ : ٤٥ - ٤٦ ، المغني ٢ : ٤٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٩٤.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٥ ، سنن الدارقطني ٢ : ١١٣ / ٢ ، سنن البيهقي ٤ : ٨٥.

٦٧

عنده وعنده حقّة فإنّها تقبل منه ، ويجعل معها شاتين أو عشرين درهماً ، ومن بلغت عنده صدقة الحقّة وليست عنده وعنده جذعة قبلت منه ويعطيه المصدّق شاتين أو عشرين درهماً ، ومن بلغت صدقته الحقّة وليست عنده وعنده ابنة لبون قبلت منه ويعطي معها شاتين أو عشرين درهماً ، ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده وعنده حقّة قبلت منه ويعطيه المصدّق شاتين أو عشرين درهماً ، ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده وعنده بنت مخاض قبلت منه ، ويعطي معها شاتين أو عشرين درهماً ، ومن بلغت صدقته بنت مخاض وليست عنده وعنده بنت لبون قبلت منه ويعطيه المصدّق شاتين أو عشرين درهماً »(١) .

وحكي عن الثوري وأبي عبيد وإسحاق في إحدى الروايتين ، أنهم قالوا : الجبران شاتان أو عشرة دراهم.

لأنّ عليّاًعليه‌السلام قال : « إذا أخذ الساعي في الإِبل سنّاً فوق سنّ أعطى شاتين أو عشرة دراهم»(٢) .

ولأنّ الشاة مقوَّمة في الشرع بخمسة دراهم ، لأنّ نصابها أربعون ونصاب الدراهم مائتان(٣) .

والحديث ضعيف السند عندهم ، ولا اعتبار بما ذكروه في النُصب ، فإنّ نصاب الإِبل خمسة ، والذهب عشرون ، وليس البعير مقوَّماً بأربعة.

وقال أصحاب الرأي : يدفع قيمة ما وجب عليه أو دون السنّ الواجبة وفضل ما بينهما دراهم احترازاً من ضرر المالك أو الفقراء(٤) .

وليس بمعتمد ، فإنّ التخريج لا يصار إليه مع وجود النصّ.

إذا ثبت هذا ، فإنّ ابن اللبون يجزئ عن بنت المخاض وإن كان قادراً

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٣٩ / ٧ ، التهذيب ٤ : ٩٥ / ٢٧٣ ، والمقنعة : ٤١.

(٢) مصنّف عبد الرزاق ٤ : ٣٩ / ٦٩٠٢.

(٣) المغني ٢ : ٤٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٩٤ ، المجموع ٥ : ٤١٠.

(٤) المغني ٢ : ٤٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٩٥ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٠١.

٦٨

على شراء بنت المخاض ، ولا جبران إجماعاً.

لقولهعليه‌السلام : ( فإن لم تكن فيها بنت مخاض فابن لبون )(١) .

ومن طريق الخاصة قول عليعليه‌السلام : « ومن لم تكن عنده ابنة مخاض على وجهها وعنده ابن لبون فإنّه يقبل منه وليس معه شي‌ء »(٢) ولأنّ علوّ السنّ جبر نقص الذكورة.

ولو وجدهما لم يجزئ ابن اللبون وإن كانت بنت المخاض أعلى من صفة الواجب ، بل يخرجها أو يبتاع بنت مخاض مجزئة.

ولو كانت بنت المخاض مريضةً أجزأه ابن اللبون ، لأنّ المريضة غير مقبولة عن الصحاح فكانت كالمعدومة.

ولو عدمهما جاز أن يشتري مهما شاء ، وبه قال الشافعي(٣) ، لأنّه مع ابتياعه يكون له ابن لبون فيجزئه.

وقال مالك : يجب شراء بنت مخاض ، لأنّهما استويا في العدم فلا يجزئ ابن اللبون كما لو استويا في الوجود(٤) .

والفرق : وجود بنت المخاض هنا ، بخلاف العدم.

فروع :

أ - لو عدم السن الواجبة والتي تليها كمن وجبت عليه جذعة فعدمها وعدم الحقّة ووجد بنت لبون ، أو وجب عليه بنت مخاض فعدمها وعدم بنت اللبون ووجد الحقّة فالأقرب جواز الانتقال إلى الثالث مع الجبران فيخرج بنت اللبون عن الجذعة ، ويدفع معها أربع شياه أو أربعين درهماً ، ويخرج الحقّة عن بنت‌

____________________

(١) سنن الدارمي ١ : ٣٨٢.

(٢) الكافي ٣ : ٥٣٩ / ٧ ، التهذيب ٤ : ٩٥ / ٢٧٣ ، والمقنعة : ٤١.

(٣) فتح العزيز ٥ : ٣٤٩ ، حلية العلماء ٣ : ٤٣.

(٤) فتح العزيز ٥ : ٣٤٩ ، حلية العلماء ٣ : ٤٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦١ ، الشرح الصغير ١ : ٢٠٨.

٦٩

المخاض ويستردّ أربع شياه أو أربعين درهماً - وهو اختيار الشيخ(١) والشافعي(٢) - لأنّه قد جوّز الانتقال إلى السنّ الذي يليه مع الجبران ، وجوّز العدول عن ذلك أيضاً إذا عدم مع الجبران إذا كان هو الفرض ، وهنا لو كان موجوداً أجزأ ، فإذا عدم جاز العدول إلى ما يليه مع الجبران.

ولأنّ الأوسط يجزئ بدله ، لتساويهما في المصالح المطلوبة شرعاً ، وإلّا لقبح قيامه مقامه ، ومساوي المساوي مساو.

وقال ابن المنذر : لا يجوز الانتقال إلّا بالقيمة ، لأنّ النصّ ورد بالعدول إلى سنّ واحدة فيجب الاقتصار عليه(٣) . وهو ممنوع.

ب - يجوز العدول عن الجذعة إلى بنت المخاض ، وبالعكس مع عدم الأسنان المتوسطة بينهما ، فيؤدّي مع دفع الناقصة ستّ شياه أو ستّين درهماً ، ويستردّ مع دفع الكاملة ستّ شياه أو ستّين درهماً.

ج - إذا وجد السنّ الذي يلي الواجب لم يجز العدول إلى سنّ لا يليه ؛ لأنّ الانتقال عن السنّ التي تليه إلى السنّ الاُخرى بدل فلا يجوز مع إمكان الأصل ، فلو عدم الحقّة وبنت اللبون ، ووجد الجذعة وبنت المخاض ، وكان الواجب الحقّة لم يجز العدول إلى بنت المخاض ، وإن كان الواجب بنت اللبون لم يجز إخراج الجذعة.

د - لو أراد في الجبر أن يعطي شاةً وعشرةً ، فالأقرب عندي الجواز ، لتساوي كلّ من الشاتين والعشرين.

ومنعه الشافعي ، لأنّه تبعيض للجبران فلا يجوز ، كما لا يجوز تبعيض الكفّارة(٤) .

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ١٩٤ ، النهاية : ١٨٠ - ١٨١.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٣٦٦ - ٣٦٧ ، المغني ٢ : ٤٥٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٩٦.

(٣) المجموع ٥ : ٤٠٨ ، المغني ٢ : ٤٥٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٩٦ ، حلية العلماء ٣ : ٤٦.

(٤) المجموع ٥ : ٤٠٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣٦٩.

٧٠

والفرق : جواز إخراج قيمة المنصوص هنا ، بخلاف ثمّ.

ويجوز أن يُخرج عن أربع شياه جبراناً شاتين وعشرين درهماً ، لأنّهما جبرانان فهما كالكفّارتين.

ه- لو أراد في فرض المائتين أن يخرج عن خمس بنات لبون خمس بنات مخاض ، أو عن أربع حقاق أربع جذعات جاز أن يخرج بعض الجبران دراهم وبعضه شياهاً.

و - لو عدم الفريضة ووجد ما يليها من الطرفين تخيّر في إخراج أيّهما شاء ، ويدفع مع الناقص ويستعيد مع الزائد ، فلو وجب عليه بنت لبون وعنده بنت مخاض وحقّة تخيّر ، والأقرب إخراج ما فيه الغبطة للمساكين.

ز - لا اعتبار بالقيمة السوقية هنا ، فلو زاد الجبران الشرعي أو نقص عن التفاوت السوقي لم يعتدّ به ، لأنّه ساقط في نظر الشرع.

والأقرب عندي أنّ ذلك مع التقارب أو الاشتباه ، أمّا مع علم التفاوت الكثير فإشكال ، لأدائه إلى عدم الإِخراج بأن تكون بنت اللبون التي يدفعها عوضاً عن بنت المخاض تساوي شاتين أو عشرين درهما.

ح - الأقرب إجزاء بنت مخاض عن خمس شياه مع قصور القيمة عنها ، لأنّها تجزئ عن ستّ وعشرين فعن خمس وعشرين أولى.

ويحتمل عدمه ، لأنّ الواجب الفريضة أو قيمتها وليست إحداهما.

وكذا الإِشكال في إجزائها عن شاة في الخمس مع قصور القيمة ، لأنّها تجزئ عن ستّ وعشرين فعن خمس أولى.

ط - لا جبران بين ما نقص عن سنّ بنت المخاض وبينها ولا بين ما زاد عن سن الجذعة وبينها ، لأنّ الاُولى أقلّ أسنان الإِبل في الزكاة ، والثانية أعلاها ، نعم يجبر بالقيمة.

ي - الجبران مختص بالزكاة دون غيرها من المقادير ، فلا جبران في الديات ، ولا في المنذورات.

٧١

يا - لا مدخل للجبران في غير الإِبل اقتصاراً على مورد النص ، وليس غيرها في معناها ، ولا نعلم فيه خلافاً ، فمن عدم فريضة البقر أو الغنم ووجد الأدون أو الأعلى أخرجها مع التفاوت أو استردّه بالتقويم السوقي.

ومن منع من القيمة أوجب في الأدون شراءها ، فإن تطوّع بالأعلى جاز ، وإن وجب الأعلى كلّف شراؤه(١) .

يب - لو كان النصاب كلّه مراضاً وفريضته معدومة جاز له العدول إلى السفلى مع دفع الجبران المنصوص عليه ، وليس له الصعود مع أخذ الجبران ، لأنّ الجبران أكثر من الفضل الذي بين الفرضين ، وقد يكون الجبران خيراً(٢) من الأصل فإنّ قيمة الصحيحين أكثر من قيمة المريضين فكذلك قيمة ما بينهما.

يج - لو كان المخرج ولي اليتيم وقلنا بالوجوب ، فالأولى إخراج القيمة إن كان فيه الحظّ ، وإلّا أخرج الناقص مع الجبران ، أو دفع الزائد وأخذ الجبران ، ولو كان إخراج القيمة أولى لم يجز للولي دفع الناقص مع الجبران ، أمّا لو كان إخراج القيمة أولى من العين فإنّه يجوز إخراج العين.

يد - لو أخرج بدل الجذعة ثنيّة فالأقرب عدم إجابة أخذ الجبران لو طلبه ، لأنّ المؤدّى ليس من أسنان الزكاة فلا يؤخذ له الجبران ، كما لو أخرج فصيلاً مع الجبران ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والثاني : الجواز ، لزيادة السنّ(٣) .

مسألة ٤٢ : شرط سلّار منّا في زكاة الإِبل والبقر والغنم الاُنوثة‌ في‌

____________________

(١) اُنظر : المغني ٢ : ٤٥٣ ، والشرح الكبير ٢ : ٤٩٨.

(٢) ورد في النسخ الخطية « ط وف ون » : جزءاً. وهو تصحيف. وما أثبتناه من نسخة « م » وهو الصحيح كما ورد كذلك في المنتهى ١ : ٤٨٥ ومخطوطة نهاية الإِحكام ، كلاهما للمصنّف ، والكلمة ساقطة من مطبوعة النهاية ، راجع ج ٢ ص ٣٢٦.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٤ ، المجموع ٥ : ٤٠٧ ، فتح العزيز ٥ : ٣٦٥ - ٣٦٦.

٧٢

النصاب ، فلا زكاة في الذكران وإن بلغت النصاب(١) ، لدلالة الأحاديث على أنّ في خمس من الإِبل شاة(٢) ، وإنما يتناول الإِناث إذ مدلول إسقاط التاء من العدد ذلك ، ولأنّ الشرط اتّخاذها للدرّ والنسل وإنّما يتحقّق في الإِناث ، وللبراءة الأصلية.

وباقي الأصحاب لم يشترطوا ذلك ، لعموم قول الصادقعليه‌السلام : « ليس فيما دون الأربعين من الغنم شي‌ء ، فإذا كانت أربعين ففيها شاة »(٣) .

ولا دلالة في الحديث ، إذ ليس فيه منع من الوجوب في الذكورة فيبقى ما قلناه سالماً عن المعارض ، ونمنع الشرط ، بل السوم وأن لا تكون عوامل ، والبراءة معارضة بالاحتياط خصوصاً مع ورود العمومات.

* * *

____________________

(١) المراسم : ١٢٩.

(٢) اُنظر على سبيل المثال : الكافي ٣ : ٥٣١ / ١ ، والتهذيب ٤ : ٢٢ / ٥٥ ، والاستبصار ٢ : ٢٠ / ٥٩.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٥ / ٥٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٣ / ٦٢.

٧٣

الفصل الثاني

في زكاة البقر‌

مسألة ٤٣ : زكاة البقر واجبة‌بالسنّة والإِجماع.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدّي زكاتها إلّا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمن تنطحه بقرنها وتطؤه بأخفافها ، كلّما نفدت اُخراها عادت عليه اُولاها حتى يقضى بين الناس )(١) .

وقد أجمع المسلمون كافّة على وجوب الزكاة فيها ، ولأنّها أحد أصناف بهيمة الأنعام فوجبت الزكاة في سائمتها كالإِبل.

مسألة ٤٤ : وشروطها أربعة كالابل : الملك ، والنصاب ، والسوم ، والحول‌ ، وهما متساويان فيها إلّا النصاب فإنّ في البقر نصابين.

الأوّل : ثلاثون ، فلا زكاة فيما نقص عن ثلاثين من البقر بإجماع علمائنا ، وهو قول عامّة أهل العلم ، لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث معاذاً إلى اليمن وأمره أن يأخذ من البقر من كلّ ثلاثين تبيعاً أو تبيعةً ، ومن كلّ أربعين مسنّةً(٢) .

____________________

(١) سنن ابن ماجة ١ : ٥٦٩ / ١٧٨٥ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩ ، مسند أحمد ٥ : ١٥٧ - ١٥٨ ، وسنن البيهقي ٤ : ٩٧.

(٢) سنن الترمذي ٣ : ٢٠ / ٦٢٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٦ / ١٨٠٣ ، سنن النسائي ٥ : ٢٥ - ٢٦ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠١ / ١٥٧٦.

٧٤

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « في البقر في كلّ ثلاثين بقرة تبيع حولي ، وليس في أقلّ من ذلك شي‌ء ، وفي أربعين بقرة بقرة مسنّة »(١) .

وحكي عن سعيد بن المسيب والزهري أنهما قالا : في كلّ خمس من البقر شاة إلى أن تبلغ ثلاثين ، فإذا بلغت ففيها تبيع(٢) ، لأنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سوّى بين البقرة والبدنة في الهدي ، وجعل كلَّ واحدة منهما بسبع شياه(٣) ، فينبغي أن يقاس البقر عليها في إيجاب الشاة.

وهو غلط ، لأنّ خمساً من الإِبل تقوم مقامها خمس وثلاثون من الغنم ، ولا تجب فيها الشاة الواجبة في الإِبل.

النصاب الثاني : أربعون ، وعليه الإِجماع فإنّا لا نعلم فيه مخالفاً.

مسألة ٤٥ : والسوم شرط هنا كما تقدّم في الإِبل‌عند علمائنا أجمع ، وهو قول أكثر الجمهور(٤) .

لقول عليعليه‌السلام : « ليس في العوامل شي‌ء »(٥) .

وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ليس في البقر العوامل صدقة )(٦) .

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « وليس على النيّف شي‌ء ، ولا على الكسور شي‌ء ، ولا على العوامل شي‌ء ، إنّما الصدقة على السائمة الراعية »(٧) .

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٣٤ باب صدقة البقر الحديث ١ ، التهذيب ٤ : ٢٤ / ٥٧.

(٢) المغني ٢ : ٤٥٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠١ ، المجموع ٥ : ٤١٦ ، حلية العلماء ٣ : ٥١.

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٩٥٥ / ٣٥٠ - ٣٥٢ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٤٨ / ٩٠٤.

(٤) المغني ٢ : ٤٥٦.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ٩٩ - ١٠٠ / ١٥٧٢.

(٦) المعجم الكبير للطبراني ١١ : ٤٠ / ١٠٩٧٤ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٠٣ / ٢.

(٧) راجع : الهامش (١) من هذه الصفحة.

٧٥

ولأنّ صفة النماء معتبرة في الزكاة ولا توجد إلّا في السائمة.

وقال مالك : إنّ في العوامل والمعلوفة صدقة(١) . كقوله في الإِبل ، وقد تقدّم(٢) .

مسألة ٤٦ : والفريضة في الثلاثين تبيع أو تبيعة‌ يتخيّر المالك في إخراج أيّهما شاء ، وفي الأربعين مسنّة ، ثم ليس في الزائد شي‌ء حتى تبلغ ستّين ، فإذا بلغت ذلك ففيها تبيعان أو تبيعتان إلى سبعين ، ففيها تبيع أو تبيعة ومسنّة ، فإذا زادت ففي كلّ ثلاثين تبيع أو تبيعة ، وفي كلّ أربعين مسنّة عند علمائنا أجمع ، وهو قول الشعبي ، والنخعي ، والحسن ، ومالك ، والليث ، والثوري ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي عبيد ، وأبي يوسف ، ومحمد ، وأبي ثور ،(٣) لأنّ معاذاً قال : بعثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اُصدّق أهل اليمن ، فعرضوا عليَّ أن آخذ ممّا بين الأربعين والخمسين ، وبين الستّين والسبعين ، وما بين الثمانين والتسعين ، فأبيت ذلك وقلت لهم : حتى أسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقدمت وأخبرته فأمرني أن آخذ من كلّ ثلاثين تبيعاً ، ومن كلّ أربعين مسنّةً ، ومن الستّين تبيعين ، ومن السبعين مسنّة وتبيعاً ، ومن الثمانين مسنّتين ، ومن التسعين ثلاثة أتباع ، ومن المائة مسنّة وتبيعين ، ومن العشرة ومائة مسنّتين وتبيعاً ، ومن العشرين ومائة ثلاث مسنّات أو أربعة أتباع ، وأمرني أن لا آخذ فيما بين ذلك شيئاً إلّا أن تبلغ مسنّةً أو جذعاً يعني تبيعاً(٤) .

____________________

(١) المدوّنة الكبرى ١ : ٣١٣ ، بلغة السالك ١ : ٢٠٧ ، المغني ٢ : ٤٥٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢.

(٢) تقدّم في المسألة ٢٩.

(٣) الكافي في فقه أهل المدينة : ١٠٦ ، الشرح الصغير ١ : ٢٠٩ ، حلية العلماء ٣ : ٥٠ ، المجموع ٥ : ٤١٦ ، المغني ٢ : ٤٥٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠١ - ٥٠٢.

(٤) مسند أحمد ٥ : ٢٤٠.

٧٦

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « وليس فيما بين الأربعين إلى الستّين شي‌ء ، فإذا بلغت الستّين ففيها تبيعان »(١) .

وعن أبي حنيفة ثلاث روايات : إحداها هذا ، والثانية : أنّ فيما زاد على الأربعين بحسابه في كلّ بقرة ربع عشر مسنّة ، لأنّه لا يمكن أن يجعل الوقص تسعة عشر فإنّ جمع أوقاصها تسعة تسعة ، ولا يمكن أن يجعل تسعة ، لأنّه يكون إثباتاً للوقص بالقياس ، فيجب في الزيادة بحصّتها.

والثالثة : أنّه لا شي‌ء فيها حتى تبلغ خمسين فيكون فيها مسنّة وربع ، لأنّ سائر الأوقاص لا يزيد على تسعة كذا هنا(٢) .

وكلاهما في مقابلة النص فلا يسمع ، على أنّ الزيادة لا يتمّ بها أحد العددين فلا يجب بها شي‌ء ، كما لو زاد على الثلاثين ولم يبلغ الأربعين.

مسألة ٤٧ : لا يخرج الذكر في الزكاة إلّا في البقر‌ فإنّ ابن اللبون ليس بأصل ، إنّما هو بدل عن بنت مخاض ، ولهذا لا يجزئ مع وجودها ، وإنّما يجزئ الذكر في البقر عن الثلاثين وما تكرّر منها كالستّين والتسعين ، وما تركّب من الثلاثين وغيرها كالسبعين فيها تبيع أو تبيعة ومسنّة ، والمائة فيها مسنّة وتبيعان أو تبيعتان ، ولا يجزئ في الأربعين وما تكرّر منها كالثمانين إلّا الإِناث ، وكذا في الإِبل غير ابن اللبون ، فلو أخرج عن الحقّة حقّاً ، أو عن الجذعة جذعاً ، أو عن بنت المخاض ابن مخاض لم يُجزئ.

ويجوز أن يخرج عن الذكر اُنثى أعلى أو مساوياً ، فيجوز إخراج المسنّة عن التبيع ، ويجوز أن يخرج تبيعين ذكرين عن المسنّة ، لأنّهما يجزيان عن الستّين فعن الأربعين أولى ، ولو أخرج أكبر من المسنّة جاز.

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٣٤ باب صدقة البقر ، الحديث ١ ، التهذيب ٤ : ٢٤ / ٥٧.

(٢) حلية العلماء ٣ : ٥١ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٨ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٧ ، اللباب ١ : ١٤١ ، المغني ٢ : ٤٥٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠٢.

٧٧

ولا مدخل للجبران هنا فلو وجبت عليه مسنّة ولم تكن عنده فأراد النزول إلى التبيع وإعطاء الجبران لم يجز إلّا بالقيمة السوقية ، لأنّ الزكاة لا يعدل فيها عن النصوص إلى غيره بقياس ولا نصّ هنا.

ولو أخرج مسنّاً عن المسنّة لم يجز إلّا مع ضمّ قيمة التفاوت ، لأنّ الاُنثى خير من الذكر ، لفضيلتها بالدرّ والنسل.

مسألة ٤٨ : لو اجتمع الفرضان تخيّر المالك‌ كمائة وعشرين إن شاء أخرج ثلاث مسنّات أو أربعة أتبعة ، لأنّ الواجب أحدهما فيتخيّر ، والخيرة إلى ربّ المال كما قلنا في زكاة الإِبل ، وهذا إنّما يكون لو كانت إناثاً ، فإن كانت كلّها ذكوراً أجزأ الذكر بكلّ حال ، لأنّ الزكاة مواساة فلا يكلّف المواساة من غير ماله.

وقال بعض الجمهور : لا يجزئه في الأربعينيّات إلّا الإِناث ، لأنّهعليه‌السلام نصّ على المسنّات(١) .

وليس بجيّد ، لأنّا أجزنا الذكر في الغنم ، مع أنّه لا مدخل له في زكاتها مع وجود الإِناث فالبقر أولى ، لأنّ للذكر فيها مدخلاً.

مسألة ٤٩ : الجواميس كالبقر‌ بإجماع العلماء ، لأنّها من نوعها ، كما أنّ البخاتي من نوع الإِبل ، فإن اتّفق النصاب كلّه جواميس وجبت فيه الزكاة ، وإن اتّفق الصنفان أخرج الفرض من أحدهما على قدر المالين ، فلو كان عنده عشرون بقرة عراباً ، وعشرون جواميس ، وقيمة المسنّة من أحدهما اثنا عشر ، ومن الآخر خمسة عشر أخرج من أحدهما ما قيمته ثلاثة عشر ونصف.

ولو كان ثُلث بقرة سوسيّاً ، وثُلثه نبطيّاً ، وثُلثه جواميس ، وقيمة التبيع السوسي أربعة وعشرون ، والنبطي ثلاثون ، والجاموس اثنا عشر ، أخرج تبيعاً

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٥٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠٤.

٧٨

قيمته اثنان وعشرون ثُلث قيمة كلّ واحد ، اختاره الشيخ(١) ، وبه قال أحمد(٢) ، لأنّها أنواع جنس من الماشية فجاز الإِخراج من أيّها شاء.

وقال الشافعي : القياس أن يؤخذ من كلّ نوع ما يخصّه ، واختاره ابن المنذر ، لأنّها أنواع تجب فيها الزكاة فتجب زكاة كلّ نوع منه كأنواع الثمرة والحبوب(٣) .

ويشكل بأدائه إلى تشقيص الفرض ، وقد عدل إلى غير الجنس فيما دون ستّ وعشرين لأجل التشقيص فالعدول إلى النوع أولى.

وقال عكرمة ومالك وإسحاق والشافعي في قول : يخرج من أكثر العددين ، فإن استويا أخرج من أيّهما شاء كالغلّات(٤) .

وكذا البحث في الضأن والمعز والإِبل البخاتي والعراب ، والسمان والمهازيل ، والكرام واللئام.

وأما الصحاح مع المراض ، والذكور مع الإِناث ، والكبار مع الصغار فيتعيّن صحيحة كبيرة اُنثى على قدر قيمة المالين إلّا أن يتطوّع بالفضل.

ولو أخرج عن النصاب من غير نوعه ممّا ليس في ماله منه شي‌ء أجزأ إن ساوى القيمة ، لأنّه أخرج من جنسه فجاز ، كما لو كان المال نوعين فأخرج من أحدهما.

وكذا ( من منعه )(٥) من إخراج القيمة ، ويحتمل عنده العدم ، لأنّه‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٠١.

(٢) المغني ٢ : ٤٧٤ و ٤٧٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٢ - ٥١٣ ، كشاف القناع ٢ : ١٩٣.

(٣) المغني ٢ : ٤٧٤ و ٤٧٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٢ ، الاُم ٢ : ١٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٦ ، المجموع ٥ : ٤٢٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٥ ، وحلية العلماء ٣ : ٥٦.

(٤) المغني ٢ : ٤٧٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٢ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٣٣ ، الشرح الصغير ١ : ٢٠٩ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٦ ، المجموع ٥ : ٤٢٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٥ ، وحلية العلماء ٣ : ٥٦.

(٥) كذا في النسخ الخطية والطبعة الحجرية ، وحقّ العبارة أن تكون هكذا : وكذا عند من منع من =

٧٩

أخرج من غير نوع ماله ، فأشبه ما لو أخرج من غير الجنس(١) .

مسألة ٥٠ : ولا زكاة في بقر الوحش ، ولا يجبر بها النصاب‌ ، وهو قول أكثر العلماء(٢) ، لأنّ اسم البقر يطلق عليه مجازاً ، ولا يفهم منه عند الإِطلاق ، ولا يحمل عليه إلّا مع القيد ، فيقال : بقر الوحش.

ولعدم تحقّق نصاب منها سائماً حولاً.

ولأنّه حيوان لا يجزئ نوعه في الأضحية والهدي فلا تجب فيه الزكاة كالظباء.

ولأنّها ليست من بهم الأنعام فلا تجب فيها الزكاة كسائر الوحوش.

والأصل أنّ وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام لكثرة النماء فيها من الدرّ والنسل وكثرة الانتفاع بها لكثرتها وخفّة مؤونتها.

وعن أحمد رواية بوجوب الزكاة في بقر الوحش ، لتناول اسم البقر لها فيدخل في مطلق الخبر(٣) .

وقد بيّنا أنّه مجاز ، ولا خلاف في أنّه لا زكاة في الظباء.

مسألة ٥١ : المتولّد من الوحشي والانسي تجب الزكاة فيه‌ إن اُطلق عليه اسم الانسي من غير حاجة إلى قيد وإلّا فلا ، كالمتولّد من بقر الوحش والانس ، وكذا المتولّد من الظباء والغنم.

وقال أحمد : تجب فيه الزكاة سواء كانت الوحشية الفحول أو الاُمّهات ، لأنّها متولّدة ممّا تجب فيه الزكاة وما لا تجب ، فوجبت فيها الزكاة كالمتولّد من السائمة والمعلوفة ، ولأنّ غنم مكّة يقال : إنّها متولّدة من الظباء والغنم ، وفيها الزكاة إجماعاً(٤) .

____________________

= إخراج القيمة.

(١) راجع المغني ٢ : ٤٧٥ ، والشرح الكبير ٢ : ٥١٣.

( ٢ و ٣ ) المغني ٢ : ٤٥٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٣٦.

(٤) المغني ٢ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٣٥.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

تلك الخطبة فيما تقدم، وهذا موضع الحاجة هنا: « نحن حزب الله المفلحون، وعترة رسوله المطهرون، وأهل بيته الطيبون الطاهرون، وأحد الثقلين الذين خلفهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيكم »(١) .

٧ - اعتراف أهل السنة باختصاص حديث الثقلين بالائمة عليهم‌السلام :

لقد ثبت اختصاص حديث الثقلين بأئمة أهل البيتعليهم‌السلام ووضح وبان حتى اعترف به أعلام أهل السنة:

فمنهم: الحكيم الترمذي اذ قال: « فقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، قوله: ما ان اخذتم به لن تضلوا. واقع على الائمة منهم السادة، لا على غيرهم »(٢) .

ومنهم : سبط ابن الجوزي، اذ أورد هذا الحديث تحت عنوان « ذكر الائمة »(٣) .

ومنهم : الكنجي الشافعي حيث قال بعد الحديث -: « قلت: ان تفسير زيد « اهل البيت » غير مرضي، لانه قال أهل البيت من حرم الصدقة. [ بعده، يعني بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وحرمان الصدقة يعم زمان حياة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعده ] وهم [ ولان الذين حرموا الصدقة ] لا ينحصرون في المذكورين، فان بنى المطلب يشاركونهم في الحرمان، ولان آل الرجل غيره على الصحيح، فعلى قول زيد يخرج امير المؤمنينعليه‌السلام عن ان يكون من أهل البيت، بل الصحيح: ان أهل البيت علي وفاطمة والحسنانعليهم‌السلام ، كما رواه مسلم بإسناده عن عائشة ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج ذات غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي

__________________

(١). تذكرة خواص الامة ١٩٨.

(٢). نوادر الاصول ٦٩.

(٣). تذكرة خواص الامة ٣٢٢.

٣٤١

فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله [ معه ]، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله ثم قال: إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

[ و ] هذا دليل على ان أهل البيت هم الذين ناداهم الله بقوله: « أهل البيت » وأدخلهم الرسول [ رسول الله ]صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المرط. و أيضا روى مسلم بإسناده انه لما نزلت آية المباهلة دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسيناعليهم‌السلام وقال: « اللهم هؤلاء أهل بيتي [ أهلي ] »(١) .

ومنهم : سعيد الدين الكازروني، فانه قال: « ومن طعن في نسب شخص من أولاد فاطمة رضي الله عنها بأن قال: أفنى الحجاج بن يوسف ذريتها ولم يبق أحد منها وليس في الدنيا أحد يصح نسبه إليها فقد ظلم وكذب وأساء، فان تعمد ذلك بعد ما نشأ في بلاد علماء الدين كاد يكون كافراً، لأنه يخالف ما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، على ما ثبت في الترمذي عن زيد بن أرقم انه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا يف تخلفوني فيهما.

وقد تقدم في حديث المباهلة قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهم هؤلاء أهل بيتي.

قال مؤلف هذا الكتاب سعيد بن مسعود الكازروني - جعله الله ممن دخل في العلم من طريق الباب حتى يفوز بالسداد والصواب - فما دام القرآن باقياً فأولاد فاطمة باقون، لظاهر الحديث الصحيح »(٢) .

__________________

(١). كفاية الطالب ٥٤.

(٢). المنتقى في سيرة المصطفى - مخطوط.

٣٤٢

أقول: ومن قرآن الكازروني حديث المباهلة بحديث الثقلين يستنتج أنه لا يريد من أولاد فاطمة الا المعصومين منهم.

ومنهم : شهاب الدين ملك العلماء الدولت آبادي حيث عبر عن « العترة » في مواضع عديدة من كتابه بـ « الاولاد » فليراجع(١) .

ومنهم : الكاشفي فقد روي حديث الثقلين في « فضيلة أهل البيت الكرام الذين هم أئمة الدين والمقتدون في العلم واليقين » ثم قال: « واهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هم علي وفاطمة والحسن والحسين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، بدليل الحديث الوارد في الصحيحين انه لما نزلت هذه الآية « ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم » دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي »(٢) .

ومنهم: السمهودي حيث قال في تنبيهات حديث الثقلين -: « ثالثها ان ذلك يفهم وجود من يكون أهلا للتمسك به من أهل البيت والعترة الطاهرة في كل زمان وجدوا فيه الى قيام الساعة، حتى يتوجه الحث المذكور الى التمسك به، كما ان الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا - كما سيأتي - اماناً لاهل الارض واذا ذهبوا ذهب أهل الارض.

وأخرج أبو الحسن ابن المغازلي من طريق موسى بن القاسم عن علي ابن جعفر: سألت الحسن عن قوله الله تعالى:( كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ) ، قال: المشكاة فاطمة، والشجرة المباركة ابراهيم، لا شرقية ولا غربية، لا يهودية ولا نصرانية، يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور، قال: منها امام بعد امام يهدي الله لنوره من يشاء.

وقوله « منها امام بعد امام » يعنى أئمة يقتدى بهم في الدين ويتمسك

__________________

(١). هداية السعداء - مخطوط.

(٢). الرسالة العلية في الاحاديث النبوية ٢٩ - ٣٠.

٣٤٣

بهم فيه ويرجع إليهم »(١) .

هذا، وللسمهودي كلمات أخرى - لا سيما في تنبيهات حديث الثقلين - كلها صريحة في ذلك، وقد سبق في مواضع من الكلمات ذكر بعض تلك الكلمات.

ومنهم : ابن حجر المكي، فقد قال: « فاذا ثبت هذا لعموم قريش فأهل البيت أولى منهم بذلك، لانهم امتازوا عنهم بخصوصيات لا يشاركهم فيها بقية قريش.

ثم أحق من يتمسك به منهم امامهم وعالمهم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لما قدمناه من مزيد علمه ودقائق مستنبطاته، ومن ثم قال ابو بكر: علي عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أي: الذين حث على التمسك بهم فخصه لما قلناه، لذلك خصهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما مرّ يوم غدير خم »(٢) .

ومنهم : بدر الدين الرومي حيث قال بشرح قوله البوصيري:

دعا الى الله فالمستمسكون به

مستمسكون بحبل غير منفصم

« معتصمون بسبب من الله تعالى متصل الى رضوانه الاكبر من غير أن يطرأ عليه انفصام أصلا، وذلك السبب ليس الا كتاب الله تعالى وعترة نبيه من أهل العصمة والطهارة، الواجب على غيرهم مودتهم بعد معرفتهم، ايماناً بقوله تعالى:( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) وتصديقاً لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تركت فيكم الثقلين

وهذا نص في المقصود، فمن تمسك بكتاب الله تمسك بهم، ومن عدل عنهم عدل عن كتاب الله من حيث لا يدرى »(٣) .

ومنهم : القاري، فقد قال بشرح حديث الثقلين ما نصه:

« وأقول: الاظهر هو انّ أهل البيت غالباً يكونون اعرف بصاحب

__________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

(٢). الصواعق المحرقة ١٣٦.

(٣). شرح البردة.

٣٤٤

البيت وأحواله، فالمراد بهم أهل العلم منهم المطلعون على سيرته، الواقفون على طريقته، العارفون بحكمه وحكمته، وبهذا يصلح ان يكونوا مقابلا لكتاب الله سبحانه كما قال: وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ، ويؤيده ما اخرجه احمد في المناقب عن حميد بن عبد الله بن زيد ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكر عنده قضاء قضى به على بن أبى طالب فأعجبه وقال: الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة اهل البيت. و اخرج ابن ابى الدنيا في كتاب اليقين عن محمد بن مسعر اليربوعي قال قال علي للحسن: كم بين الايمان واليقين؟ قال: أربع اصابع، قال: بين، قال: اليقين ما رأته عينك والايمان ما سمعته اذنك وصدقت به، قال: أشهد انك ممن أنت منه ذرية بعضها من بعض. وقارف الزهري [ ذنباً، ظ ] فهام على وجهه، فقال له زين العابدين: قنوطك من رحمة الله التي وسعت كل شيء اعظم عليك من ذنبك، فقال الزهري: الله أعلم حيث يجعل رسالته، فرجع الى أهل وماله »(١) .

ومنهم : المناوي فقد قال بشرح الحديث: « وعترتي اهل بيتي تفصيل بعد اجمال بلاد او بياناً، وهم اصحاب الكساء الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً »(٢) .

ومنهم : الشيخ عبد الحق الدهلوي، فقد قال « قوله: والعترة رهط الرجل وأقرباؤه وعشيرته الادنون، وفسرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله - وأهل بيتي - للاشارة الى أن مراده هنا من العترة أخص عشيرته وأقاربه وهم أولاد الجد القريب أي أولاده وذريتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(٣) .

وكذا قال في ( اللمعات ) فراجعه.

ومنهم : الشيخاني القادري حيث صرح باختصاص حديث الثقلين

__________________

(١). المرقاة ٥ / ٦٠٠.

(٢). فيض القدير ٣ / ١٤. التيسير ١ / ٣٦٧.

(٣). أشعة اللمعات ٤ / ٦٨١.

٣٤٥

بالائمة المعصومين، واستدلال لذلك بوجوه من الكتاب والسنة(١) .

ومنهم: الزرقانى في ( شرح المواهب ) اذ نقل كلام الحكيم المتقدم، وكلام السمهودي الصريحين في المطلوب.

ومنهم : السهارنپورى حيث نقل في ( المرافض ) عبارة القاري الصريحة في المقام.

ومنهم : الشبراوي في ( الاتحاف بحب الاشراف ) حيث نقل كلاماً لابن حجر في معنى الحديث.

ومنهم: السندي حيث بين ذلك في ( دراسات اللبيب ) بالتفصيل، وقد أوردنا عبارته سابقاً.

ومنهم : العجيلي حيث قال في ( ذخيرة المآل - مخطوط ) في بيان معنى حديث الثقلين: « ومحصله ما تقدم في محصل حديث السفينة من الحث على اعظامهم والتعلق بحبلهم وعلمهم والاخذ بهدى علمائهم ومحاسن اخلاقهم شكراً لنعمة مشرفهم صلوات الله عليه وعليهم، ويستفاد من ذلك بقاء الكتاب والسنة والعترة الى يوم القيامة.

والذين وقع الحث عليهم انما هم العارفون منهم بالكتاب والسنة، اذ هم لا يفارقون الكتاب الى ورود الحوض، ويؤيده حديث: تعلموا منهم ولا تعلموهم فانهم أعلم منكم، وتميزوا بذلك عن بقية العلماء، لان الله أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وشرفهم بالكرامات الباهرات والمزايا المتكاثرات ».

ومنهم: محمد مبين اللكهنوي، إذ قال في ( وسيلة النجاة ) بعد الحديث: « أي لن يفترق كتاب الله وآل العبا حتى يردا علي الحوض ».

ومنهم : « ولي الله اللكهنوي في ( مرآة المؤمنين - مخطوط ) فقد قال مثل قول العجيلي المتقدم.

ومنهم: القندوزي في ( ينابيع المودة ٤٤٦ ) وكلامه صريح في المقام،

__________________

(١). الصراط السوى - مخطوط.

٣٤٦

وقد تقدم.

ومنهم : حسن زمان في ( القول المستحسن ).

* * *

٣٤٧

تقرير الشبهة ببيان آخر

ثم ان ( الدهلوي ) قرر في حاشية ( التحفة ) شبهته في معنى « العترة » ببيان آخر فقال: والحاصل ان المراد بالعترة اما جميع اهل بيت السكنى او جميع بني هاشم او جميع اولاد فاطمة، وعلى كل تقدير فالتمسك المأمور به اما بكل منهم او بكلهم او بالبعض المبهم أو بالبعض المعين، والشقوق كلها باطلة.

اما الاول: فلانه يستلزم التمسك بالنقيضين في الواقع، لاختلاف العترة فيما بينهم في اصول الدين كما مر مفصلا.

وعلي الثاني يلغو الكلام، لان التمسك بما أجمع عليه كلهم بحيث لا يشذ عنه فرقة لا يجدي نفعاً، اذا لبحث في المسائل الخلافية.

وعلى الثالث: يلزم تصويب الطرفين المتخالفين ويلزم على الامامية تصويب الزيدية والكيسانية وبالعكس.

وعلى الرابع: يلزم التجهيل والتلبيس، اذ البعض المراد غير مذكور في الكلام، فيفضى الى النزاع كما هو الواقع.

٣٤٨

اقول:

وهذا الكلام سواء كان ( الدهلوي ) أو لاحد اسلافه لا طائل تحته، ولا ريب في بطلانه بعد تلك الوجوه السديدة من الكتاب والسنة وكلمات الاعلام، ولكننا نبين - مع ذلك - بطلانه اكمالا للفائدة وإتماماً للحجة فنقول:

أما قوله: « والحاصل ان المراد بالعترة اما جميع اهل بيت السكنى او جميع بني هاشم او جميع اولاد فاطمة ».

ففيه: انه تشقيق باطل، لان جميع أهل بيت السكنى لا يكونون مصداقاً لحديث الثقلين، ففيهم النساء البعيدات عن مقام العصمة كل البعد، فلا يجوز ان يقرنهن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالكتاب العزيز، وفيهم العبيد والجواري ولم يقل أحد بدخولهم في العترة.

على أن أحداً لم يقل بعصمة جميع بني هاشم وجميع اولاد فاطمةعليها‌السلام ، بل المراد بـ « العترة » من حاز مقام العصمة والاعلمية منهم، وهم الائمة الاثنا عشرعليهم‌السلام فحسب.

واما قوله: « وعلى كل تقدير فالتمسك المأمور به اما بكل منهم او بكلهم او بالبعض المبهم او بالبعض المعين والشقوق كلها باطلة ».

ففيه: انه فاسد كذلك، بل المراد من « العترة » هم المعصومون المطهرون من اهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دون غيرهم.

واما قوله: « اما الاول فلانه يستلزم التمسك بالنقيضين في الواقع لاختلاف العترة فيما بينهم في اصول الدين كما مر مفصلا ».

فباطل أيضاً، لان المراد من العترة هم الائمة الاثنا عشر، ولا اختلاف فيما بينهم لا في الاصول ولا في الفروع. كيف؟ وهم جميعاً معصومون في أقوالهم وأفعالهم كما اعترف به غير واحد من اكابر علماء اهل الخلاف.

واما قوله: « وعلى الثاني يلغو الكلام لان التمسك بما اجمع عليه كلهم بحيث لا يشذ عنه فرقة لا يجدي نفعاً، اذا لبحث في المسائل الخلافية ».

٣٤٩

فلا ريب في فساده، اذ لما ظهر المراد من « العترة » كان نفي الفائدة من التمسك بما اجمعوا عليه مكابرة، لان قول كل واحد منهم حجة قطعية فكيف بما اجمعوا عليه؟

ثم أين المسألة الواحدة التي وقع الاختلاف فيما بينهم فيها فضلا عن المسائل؟

واما قوله: « وعلى الثالث يلزم تصويب الطرفين المتخالفين ويلزم على الامامية تصويب الزيدية والكيسانية وبالعكس ».

فباطل أيضاً، اذ قد تقرر المراد من العترة، وهم - ولله الحمد - معروفون عند المخالفين أيضاً، واذ قد عرف الحق فلا ضرورة لتصويب مذهب الزيدية او غيرهم.

واما قوله: « وعلى الرابع يلزم التجهيل والتلبيس اذا لبعض المراد غير مذكور في الكلام فيفضى الى النزاع كما هو الواقع ».

فبطلانه اوضح من ان يذكر، لان المراد معين مذكور في بعض طرق الحديث - كما في رواية فرائد السمطين وغيرها - ووقوع النزاع بعد ذلك بين الامة لم يكن الا لاعراضها عن الحق وأهله، وبالله المستعان.

( تنبيه )

انه لما رأى بعض الوضاعين جلالة قدر العترة وعظم منزلتها كما تفيد الاحاديث المتواترة - ومنها حديث الثقلين - اراد ادخال أبي بكر بن ابي قحافة في عترة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فوضع حديثاً مفاده ان ابا بكر قال في السقيفة « نحن عترة رسول الله »صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الا أنا لم نجد لهذا الخبر في أخبار السقيفة عيناً ولا أثراً، ولم نعثر على سند له لا قوياً ولا ضعيفاً، ومن ادعى فعليه الاثبات بقول الاثبات.

ولو كان فلا ريب في بطلانه للادلة السالفة.

ومن هنا تصدى بعض علمائهم في اللغة لحمل الكلمة على معنى آخر

٣٥٠

فقد جاء في ( اليواقيت لابي عمرو الزاهد ) ما نصه: « حدثني أبو العباس ثعلب قال حدثني ابن الاعرابي، قال: العترة قطاع المسك الكبار في النافجة، وتصغيرها عتيرة، والعترة الريفة العذبة وتصغيرها عتيرة، والعترة شجرة تنبت على باب وجار الضب - وأحسبه أراد وجار الضبع، لان الذي للضب هو مكو وجحر وللضبع وجار - ثم قال: واذا خرجت الضب من وجارها تمرغت على تلك الشجرة وهي لذلك لا تنمو ولا تكبر، والعرب تضرب مثلا للذليل والذلة فتقول أذل من عترة الضب، قال وتصغيرها عتيرة.

والعترة: ولد الرجل وذريته من صلبه، ولذلك سميت ذرية محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من علي وفاطمة عترة محمدعليهم‌السلام .

قال ثعلب: فقلت لابن الاعرابي فما معنى قول أبى بكر في السقيفة نحن عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: أراد بذلك بلدته وبيضته، وعترة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا محالة ولد فاطمةعليها‌السلام ، والدليل على ذلك رد أبى بكر وانفاذ علىعليه‌السلام بسورة براءة و قوله صلّى الله عليه: أمرت أن لا يبلغها عني الا انا أو رجل مني، وأخذها منه ودفعها الى من كان منه، فلو كان أبو بكر من العترة نسباً دون تفسير ابن الاعرابي انه أراد البلدة لكان محالا أخذ سورة براءة ودفعها الى عليعليه‌السلام ».

أقول: وبالاضافة الى نفيهم كون ابى بكر من العترة، فانهم قد رووا عن أبي بكر نفسه قوله « علي عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » راجع: ( الصواعق ٩٠ ) و ( جواهر العقدين - مخطوط ) و ( الصراط السوي - مخطوط ) و ( ذخيرة المآل - مخطوط ) وغيرها.

قال ابن حجر: « ثم أحق من يتمسك به منهم امامهم وعالمهم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، لما قدمناه من مزيد علمه ودقائق مستنبطاته، ومن ثم قال أبو بكر: علي عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . أي الذين حث على التمسك بهم، فخصه لما قلناه ».

وبمثله قال السمهودي وأضاف: « ويشير الى هذا ما أخرجه الدارقطني

٣٥١

في الفضائل عن معقل بن يسار قال: سمعت أبا بكر يقول: علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه عترة رسول الله ».

٣٥٢

دحض المعارضة

بحديث: خذوا شطر دينكم عن الحميراء

٣٥٣

٣٥٤

قوله : « و قد ورد في الحديث الصحيح أيضاً « خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء » اشارة الى عائشة.

أقول: دعوى صحة هذا الحديث واضحة الفساد، وذكره معارضاً لحديث الثقلين الصحيح المتواتر لدى الفريقين من الصنائع الشنيعة، ( بالاضافة الى انه يتنافى مع التزامه النقل عن كتب الامامية فحسب )

ابطال الحفاظ لهذا الحديث

وذلك لان هذا الحديث واه وضعيف لدى علماء وحفاظ أهل السنة، واليك البيان:

١ - المزي

انه لم يعرفه الحافظ جمال الدين المزي، فقد قال ابن أمير الحاج في مقام الطعن في هذا الحديث: « وذكر الحافظ عماد الدين ابن كثير انه سأل

٣٥٥

الحافظين المزي والذهبي عنه فلم يعرفاه »(١) .

وقد جاء هذا في ( الدرر المنتثرة ) و ( الموضوعات ) و ( تذكرة الموضوعات ) و ( الفوائد المجموعة ) كما سيأتي.

وفي ( التقرير والتحبير ٣ / ٩٩ ) و ( الدرر المنتثرة ٧٩ ) عن الحافظ المزي أيضاً: « لم أقف له على سند الى الان ».

بل جاء في الاول ما نصه: « بل قال تاج الدين السبكى: وكان شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي يقول: كل حديث فيه لفظ « الحميراء » لا أصل له، الا حديثاً واحداً في النسائي ».

٢ - الذهبي

انه لم يعرفه الحافظ الذهبي، فقد قال الحافظ السخاوي في بيان قدح هذا الحديث: « وذكر الحافظ عماد الدين ابن كثير انه سأل الحافظين المزي والذهبي عنه فلم يعرفاه »(٢) .

وقد نقله ابن أمير الحاج كما سبق، والشيباني في ( تمييز الطيب من الخبيث ) والقاري في ( الموضوعات ) و ( المرقاة ) وغيرهما كما سيأتي.

وفي ( التقرير والتحبير ) عن ابن الملقن: « وقال الذهبي: هو من الاحاديث التي لا يعرف لها اسناد ».

وجاء هذا في ( الدرر المنتثرة ) عن ابن كثير عنه.

كما أنه جاء في غيره من الكتب كما سيأتي.

٣ - ابن قيم الجوزية

انه اعترف شمس الدين ابن قيم الجوزية بهوان هذا الحديث، اذ قال في جواب سؤال وجه اليه هو: « هل يمكن معرفة الحديث الموضوع بضابط من

__________________

(١). التقرير والتحبير في شرح التحرير ٣ / ٩٩.

(٢). المقاصد الحسنة في الاحاديث المشتهرة على الالسنة ١٩٨.

٣٥٦

غير أن ينظر في سنده؟ قال: فصل: ومنها أن يكون الحديث باطلا في نفسه، فيدل بطلانه على انه ليس من كلامه، كحديث: المجرة التي في السماء من عرق الافعاء التي تحت العرش، وحديث: اذا غضب الرب أنزل الوحي بالفارسية، واذا رضي انزله بالعربية وكل حديث فيه « يا حميراء » وذكر « الحميراء » فهو كذب مختلق، وكذا « يا حميراء لا تاكلي الطين، فانه يورث كذا وكذا » و حديث « خذوا شطر دينكم عن الحميراء ».

٤ - تاج الدين السبكى

لقد جرح تاج الدين السبكى هذا الحديث حيث نقل عن شيخه المزي - كما تقدم - قوله: « كل حديث فيه لفظ الحميراء لا أصل له الا حديثاً واحداً في النسائي ».

وسيأتي عن ( الصبح الصادق ) اعترافه بهذه الضابطة الكلية.

٥ - ابن كثير

لقد جرح الحافظ ابن كثير هذا الحديث في كتابه ( تخريج احاديث مختصر ابن الحاجب ) على ما نقل عنه الحافظ السيوطي حيث قال: « وقال الحافظ عماد الدين ابن كثير في تخريج احاديث مختصر ابن الحاجب هو غريب جداً، بل هو حديث منكر، سألت عنه شيخنا الحافظ ابا الحجاج المزي فلم يعرفه، قال: ولم اقف له على سند الى الآن، وقال شيخنا الذهبي: هو من الاحاديث الواهية التي لا يعرف لها اسناد »(١) .

٦ - ابن الملقن

لقد طعن ابن الملقن في صحته واستند في ذلك الى كلام الحافظين

__________________

(١). الدرر المنتشرة في الاحاديث المشتهرة ٧٩.

٣٥٧

المزي والذهبي، فقد جاء في ( التقرير والتحبير ) في مقام رد هذا الحديث:

« وقال الشيخ سراج الدين ابن الملقن: وقال الحافظ جمال الدين المزي لم أقف له على سند الى الان، وقال الذهبي: هو من الاحاديث الواهية التي لا يعرف لها اسناد ».

٧ - ابن حجر العسقلاني

لقد أنكر الحافظ ابن حجر العسقلاني هذا الحديث، فقد قال ابن امير الحاج: « واما الثاني: فقد قال شيخنا الحافظ - يعني ابن حجر - لا اعرف له اسناداً ولا رأيته في شيء من كتب الحديث الا في النهاية لابن الاثير، ذكره في « ح م ر » ولم يذكر من خرجه، ورأيته أيضاً في كتاب الفردوس لكن بغير لفظه، ذكره من حديث انس بغير اسناد ايضاً ولفظه: خذوا ثلث دينكم من بيت الحميراء، وبيض له صاحب مسند الفردوس فلم يخرج له اسناداً، وذكر الحافظ عماد الدين ابن كثير انه سأل الحافظين المزي والذهبي عنه فلم يعرفاه »(١) .

وسيأتي هذا من ( المقاصد الحسنة ) و ( الموضوعات الكبرى ) و ( تذكرة الموضوعات ) و ( الفوائد المجموعة ) وغيرها ايضاً.

و في ( فتح الباري ): « وفي رواية النسائي من طريق ابي سلمة عنها - اي عن عائشة - دخل الحبشة يلعبون، فقال لي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا حميراء أتحبين ان تنظري اليهم؟ فقلت: نعم.

اسناد صحيح، ولم أر في حديث صحيح ذكر « الحميراء » الا في هذا »(٢) :

__________________

(١). التقرير والتحبير ٣ / ٩٩.

(٢). فتح الباري في شرح البخاري ٣ / ٩٦.

٣٥٨

٨ - ابن امير الحاج

لقد اهتم ابن امير الحاج الحنفي بالقدح في هذا الحديث، فنقل كلمات العلماء الاعلام والمنقدين العظام والحفاظ الكبار كابن حجر وابن كثير والمزي والذهبي وابن الملقن والسبكي كما لا يخفى على من راجع كتابه ( التقرير والتحبير في شرح التحرير )، وقد نقلنا تلك الكلمات فيما مر.

٩ - امير بادشاه البخاري

لقد نقل محمد أمين المعروف بأمير بادشاه البخاري في ( التيسير في شرح التحرير ) أقوال العلماء الاكابر في ابطال هذا الحديث، كما سيأتي قريباً عن كتاب ( فواتح الرحموت ).

١٠ - السخاوي

لقد أورد السخاوي هذا الحديث في ( المقاصد الحسنة ) فقال: « حديث خذوا شطر دينكم عن الحميراء. قال شيخنا في تخريج ابن الحاجب من املائه: لا اعرف له اسناداً ولا رأيته في شيء من كتب الحديث الا في النهاية لابن الاثير، ذكره في مادة « ح م ر »، ولم يذكر من خرجه، ورأيته أيضاً في كتاب الفردوس لكن بغير لفظه، وذكره من حديث أنس بغير اسناد أيضاً، ولفظه: خذوا ثلث دينكم من بيت الحميراء، وبيض له صاحب مسند الفردوس فلم يخرج له اسناداً، وذكر الحافظ عماد الدين ابن كثير أنه سأله الحافظين المزي والذهبي عنه فلم يعرفاه »(١) .

١١ - جلال الدين السيوطي

لقد صرح الحافظ السيوطي ببطلان هذا الحديث حيث قال:

__________________

(١). القاصد الحسنة ١٩٨.

٣٥٩

« حديث « خذوا شطر دينكم عن الحميراء » لم اقف عليه. وقال الحافظ عماد الدين ابن كثير في تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب هو حديث غريب جداً، بل هو حديث منكر، سألت عنه شيخنا الحافظ ابا الحجاج المزي فلم يعرفه؟ قال: ولم اقف له على سند الى الان، وقال شيخنا الذهبي: هو من الاحاديث الواهية التي لا يعرف لها اسناد، لكن في الفردوس من حديث انس: خذوا ثلث دينكم من بيت عائشة، ولم يذكر له اسناداً »(١) .

١٢ - الشيباني

وذكره الشيباني في ( السعى الحثيث في تمييز الطيب من الخبيث ) قادحاً اياه، وهذا نص كلامه: « خذوا شطر دينكم عن الحميراء - يعني عائشة رضي الله عنها - قال ابن حجر: لا اعرف له اسناداً ولا رأيته في شيء من كتب الحديث الا في النهاية لابن الاثير، ذكره في مادة « ح م ر » ولم يذكر من خرجه وذكر الحافظ عماد الدين ابن كثير انه سأل المزي والذهبي عنه فلم يعرفاه ».

١٣ - الفتنى

لقد أدرجه محمد طاهر الفتنى في ( تذكرة الموضوعات ) قائلا: « خذوا شطر دينكم عن الحميراء. قال شيخنا: لا اعرف له اسناداً ولا رأيته في شيء من كتب الحديث الا في نهاية ابن الاثير والا في الفردوس بغير اسناد ولفظه « خذوا ثلث دينكم من بيت الحميراء »، وسئل المزي والذهبي فلم يعرفاه »(٢) .

كما نقل كلام السخاوي المتقدم آنفاً في كتابه ( مجمع البحار ) وأثبت

__________________

(١). الدرر المنتثرة ٧٩.

(٢). تذكرة الموضوعات ١٠٠.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373