نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٣

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار11%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 332

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 332 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 160632 / تحميل: 6924
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

ضعفه، بل رجح وضعه »(١) .

بعض كلماتهم في راويه: ابن البيلمانى

لقد اكتفى المناوى بقوله: « وابن البيلماني حاله معروف » ولا بأس بايراد كلمات اساطين الجرح والتعديل فيه وفي أبيه:

قال البخاري: محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه. منكر الحديث، كان الحميدي يتكلم فيه»(٢) .

وقال النسائي: « محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه. منكر الحديث »(٣) .

وقال المقدسي: « اذا كان آخر الزمان واختلف الاهواء فعليكم بدين البادية والنساء. فيه محمد بن عبد الرحمن البيلماني قال ابن معين: ليس بشيء »(٤) .

وقال عنه في مواضع عديدة بعد احاديث رواها « لا شيء في الحديث » و « لا شيء » و « ليس بشيء » و « كان يتهم » ( أنظر: ص ٢٦، ٤٢، ٤٦، ٤٩، ٨٢، ١١٢، ١٢٢، ١٢٣، ١٣٦، ١٤١ ).

وقال ابن الجوزي بعد الحديث المذكور: « قال المصنف: هذا حديث لا يصح عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال يحيى بن معين: محمد بن الحارث ومحمد بن عبد الرحمن ليسا بشيء، قال أبو حاتم: حدث محمد بن عبد الرحمن عن أبيه بنسخه شبيه بمائتي حديث كلها موضوعة، لا يحل الاحتجاج به ولا ذكره في الكتب الا تعجباً »(٥) .

__________________

(١). فيض القدير ١ / ٤٦٠.

(٢). الضعفاء والمتروكين للبخاري ١٠٣.

(٣). الضعفاء والمتروكين للنسائى ٩٣.

(٤). تذكرة الموضوعات للحافظ المقدسي ٢٥.

(٥). الموضوعات ١ / ٢٧١.

٨١

وهكذا قال فيه في حديث في « باب فضل جدة ».

وفي ( ميزان الاعتدال ): « د. ق محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه: ضعفوه، وقال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث، وقال الدارقطني وغيره: ضعيف، وقال ابن حبان: يحدث عن أبيه بنسخه شبيه بمائتي حديث كلها موضوعة قال ابن عدي: كلما يرويه ابن البيلماني البلاء فيه منه »(١) .

وفي [ المغني ]: « ضعفوه وقال ابن حبان: روى عن أبيه نسخة موضوعة »(٢) .

وقال الزين العراقي بعد حديث « اذا كان آخر الزمان »: « وابن البيلماني له عن ابيه عن ابن عمر نسخة كان يتهم بوضعها، وهذا اللفظ عن هذا الوجه رواه حب في الضعفاء في ترجمة ابن البيلماني والله اعلم »(٣) .

وقال الهيثمي في باب صلاة الخوف بعد حديث « رواه البزار وفيه محمد بن عبد الرحمن البيلماني، وهو ضعيف جداً »(٤) .

وقال سبط ابن العجمي: « ضعفه غير واحد، وقال خ وابو حاتم: منكر الحديث، وقال ابن حبان: حدث عن أبيه بنسخة شبيه بمائتي حديث كلها موضوعة، وقد ذكر الذهبي عدة أحاديث في ميزانه وفي آخرها: قال ابن عدي: كلما يرويه ابن البيلماني فالبلاء منه، ومحمد بن الحرث أيضاً ضعيف. انتهى، يعني: راوي غالب الاحاديث التي ذكرها والله اعلم. وفي ثقات ابن حبان في ترجمة أبيه: يضع على ابيه العجائب »(٥) .

__________________

(١). ميزان الاعتدال ٣ / ٦١٧.

(٢). المغني في الضعفاء ٢ / ٦٠٣.

(٣). المغني عن حمل الاسفار في الاسفار ١ / ٢٦٢.

(٤). مجمع الزوائد ٢ / ١٩٦.

(٥). الكشف الحثيث عمن رمى بوضع الحديث - مخطوط.

٨٢

وقال ابن حجر بعد حديث: « ورواه الدارقطني من طريق ابن البيلماني عن أبيه عن عثمان، وابن البيلماني ضعيف جداً وأبوه ضعيف أيضاً »(١) .

ونقل في ( تهذيب التهذيب ) كلمات البخاري وأبى حاتم والنسائي وابن معين وابن عدى. ثم قال: « قلت وقال ابن حبان: حدث عن أبيه نسخة شبيه بمائتي حديث كلها موضوعة لا يجوز الاحتجاج به ولا ذكره الا على وجه التعجب وقال الساجي: منكر الحديث، وقال العقيلي: روى عنه صالح بن عبد الجبار ومحمد بن الحارث مناكير، وقال الحاكم: روى عن أبيه عن ابن عمر المعضلات »(٢) .

وفي ( لسان الميزان ): « قال البخاري: منكر الحديث »(٣) .

وفي ( تقريب التهذيب ): « ضعيف وقد اتهمه ابن عدي وابن حبان، من السابعة »(٤) .

وقال ابن الهمام في مسألة تقدير المهر: « وحديث العلائق معلول بمحمد ابن عبد الرحمن ابن البيلماني، قال ابن القطان قال البخاري منكر الحديث »(٥) .

وقال السخاوي بعد حديث « اذا كان »: « وابن البيلماني ضعيف جداً »(٦) .

وقال الخزرجي: « قال البخاري منكر الحديث »(٧) .

وقال السندي: « محمد بن عبد الرحمن البيلماني، روى عن أبيه نسخة

__________________

(١). التلخيص الحبير ١ / ٨٤.

(٢). تهذيب التهذيب ٩ / ٢٩٤.

(٣). لسان الميزان ٦ / ٦٩٧.

(٤). تقريب التهذيب ٢ / ١٨٢.

(٥). فتح القدير ٢ / ٤٣٦.

(٦). المقاصد الحسنة ٢٩٠.

(٧). خلاصة التذهيب ٢ / ٤٢٩.

٨٣

كلها موضوعة »(١) .

ونقل القاري عن ابن القيم كلمات القوم المتقدمة(٢) .

وقال المناوي بعد حديث: « اذا كان آخر الزمان »: « وابن البيلماني ضعيف جداً، واورده السخاوي في المقاصد »(٣) .

وبمثله قال الزبيدي في ( شرح الاحياء ) بعد الحديث المذكور.

وقال الشوكاني: « وفيه ابن البيلماني وهو ضعيف جداً، عن أبيه وهو أيضاً ضعيف »(٤) .

و أما ابوه عبد الرحمن ابن البيلمانى

فقد ضعفه الدارقطني في ( المجتنى - مخطوط ).

والحاكم في ( المستدرك ٤ / ٤٨٥ ).

والذهبي في ( الميزان ٢ / ٥٥١ ) و ( المغني ٢ / ٣٧٧ ) و ( الكاشف ٢ / ١٥٨ ) و ( تلخيص المستدرك ٤ / ١٠٢ و ٤٨٥ ).

وابن حجر العسقلاني في ( تهذيب التهذيب ٦ / ١٥٠ ) و ( تقريب التهذيب ١ / ٤٧٤ ).

والخزرجي في ( خلاصة التذهيب ٢ / ١٢٧ ).

وابن امير الحاج في ( التقرير والتحبير ١ / ٢٢٤ ).

والمتقي في ( كنز العمال ٦ / ١٤٦ ).

والشوكاني في ( نيل الاوطار ١ / ١٩٧ ).

والمناوي في ( فيض القدير ١ / ١٦٣ ).

والزبيدي في ( تاج العروس - بلم ).

__________________

(١). مختصر تنزيه الشريعة عن الاحاديث الموضوعة - مخطوط.

(٢). الموضوعات ٤١٩.

(٣). فيض القدير ١ / ٤٢٤.

(٤). نيل الاوطار ١ / ١٩٧، ٦ / ٨٧.

٨٤

٧ - قدح المناوى أيضا ً

لقد قال المناوي في ( فيض القدير ) بشرح حديث « معاذ بن جبل أعلم الناس بحلال الله وحرامه »: « حل - عن أبي سعيد الخدري، وفيه زيد العمي وقد مر ضعفه، وسلام بن سليم قال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه ».

أقول: واليك بعض أقوال أساطين علمائهم في كل من الرجلين:

اما زيد العمى

فقد قال النسائي: « زيد العمي ضعيف »(١) .

وقال ابن أبي حاتم عن أبيه في حديث: « زيد العمي ضعيف الحديث »(٢) .

وقال ابن الجوزي بعد أحاديث: « هذه أحاديث ليس فيها صحيح

والثاني والثالث: فيهما زيد العمي، قال ابن حبان، يروي أشياء موضوعة لا أصل لها حتى يسبق الى القلب انه المتعمد لها »(٣) .

وقال الذهبي: « فيه ضعف، قال ابن عدي: لعل شعبة لم يرو عن اضعف منه »(٤) .

وقال العراقي في ( المغني ) بعد حديث: « وفيه زيد العمي وهو ضعيف ».

وقال ابن حجر: « ضعيف »(٥) .

__________________

(١). الضعفاء والمتروكين للنسائى: ١٨٠.

(٢). العلل ١ / ٤٥.

(٣). الموضوعات ٣ / ٢١٥.

(٤). الكاشف ١ / ٣٣٨.

(٥). تقريب التهذيب ١ / ٢٧٤.

٨٥

وفي ( تهذيب التهذيب ): « وقال اسحاق بن منصور عن ابن معين: صالح الحديث، وقال غير مرة: لا شيء، وقال أبو الوليد بن أبي الجارود عن ابن معين: زيد العمي وأبو المتوكل يكتب حديثهما وهما ضعيفان، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال أبو زرعة: ليس بقوي واه الحديث، ضعيف، وقال الجوزجاني: متماسك، وقال الاجري عن أبي داود حدث عن شعبة وليس بذلك ولكن ابنه عبد الرحيم لا يكتب حديثه، وقال الاجري أيضاً: سألت أبا داود عنه فقال: زيد بن مرة، قلت: كيف هو؟ قال: ما سمعت منه الا خيراً. وقال النسائي: ضعيف، وقال الدارقطني: صالح، وقال ابن عدى: عامة ما يرويه ضعيف، على ان شعبة قد روى عنه، ولعل شعبة لم يرو عن اضعف منه، وقال على بن مصعب: سمى العمي، لانه كان كلما سئل عن شيء، قال: حتى اسأل عمي.

قلت: وقال الرشاطي: هو منسوب الى بني العم من تميم، وقال ابن سعد: كان ضعيفاً في الحديث، وقال ابن المديني: كان ضعيفاً عندنا، وقال أبو حاتم: كان شعبة لا يحمد حفظه، وقال العجلي: بصرى ضعيف الحديث ليس بشيء، وقال ابن عدى: هو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم »(١) .

واما سلام بن سليم

فقد قال البخاري: « تركوه »(٢) .

وقال النسائي في ( الضعفاء والمتروكين ٤٧ ) وابن أبي حاتم في ( العلل ١ / ٦٣ ) عن أبيه: « متروك الحديث ».

__________________

(١). تهذيب التهذيب ٣ / ٤٠٨.

(٢). الضعفاء للبخاري ٥٥.

٨٦

وقال أبو نعيم بترجمة الشعبي بعد حديث: « متروك باتفاق »(١) .

وقال ابن الجوزي بعد حديث: « فيه سلام الطويل قال يحيى: ليس بشيء لا يكتب حديثه، وقال البخاري: تركوه، وقال النسائي والدار قطني: متروك وقال ابن حبان: يروى عن الثقات الموضوعات وكأنه كان المعتمد لها »(٢) .

وقال الذهبي: « تركوه » ثم نقل كلماتهم فيه(٣) .

وفي ( المغني ): « متروك، وقال ابو زرعة: ضعيف »(٤) .

وفي ( الكاشف ): « قال البخاري: تركوه »(٥) .

وقال ابن التركماني عن البيهقي: « متروك »(٦) .

وقال الهيثمي: « قد أجمعوا على ضعفه »(٧) .

وقال سبط ابن العجمي في ( الكشف الحثيث ): « جرحه جماعة ».

وقال ابن حجر: « متروك من السابعة »(٨) .

وقال أيضاً: « زيد وسلام ضعيفان »(٩) .

وهكذا ضعفه آخرون كالخزرجي ( خلاصة التذهيب ١ / ٤٣٣ ) والسندي في ( مختصر تنزيه الشريعة ) ومحمد بن طاهر في ( قانون الموضوعات ٢٥٩ ).

__________________

(١). حلية الاولياء ٤ / ٣٣٦.

(٢). الموضوعات ٢ / ٨٩.

(٣). ميزان الاعتدال ١ / ١٧٥.

(٤). المغني ١ / ٢٧٠.

(٥). الكاشف ١ / ٤١٣.

(٦). الجوهر النقي ١ / ٢١.

(٧). مجمع الزوائد ١ / ٢١٢.

(٨). تقريب التهذيب ١ / ٣٤٢.

(٩). تلخيص الحبير ١ / ٢٢٢.

٨٧

٨ - قدح المناوى أيضا ً

قال المناوى: « حل - عن ابى سعيد. واسناده ضعيف »(١) .

٩ - قدح العزيزي فيه

قال العزيزي: « حل - عن أبى سعيد واسناده ضعيف »(٢) .

١٠ - تصرف معاذ في ما ليس له

ان من مبطلات احاديث اعلمية معاذ بن جبل تصرفه في ما ليس له من الاموال، واليك من ذلك روايتين:

الاولى:

ما اخرجه جماعة مهم ابن سعد بترجمة معاذ، قال: « أخبرنا عبيد الله بن موسى، أنا شيبان، عن الاعمش عن شقيق قال: استعمل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معاذاً على اليمن، فتوفى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستخلف ابو بكر وهو عليها، وكان عمر عامئذ على الحج، فجاء معاذ الى مكة ومعه رقيق ووصفاء على حدة، فقال له عمر: يا ابا عبد الرحمن لمن هؤلاء الوصفاء؟ قال: هم لي، قال: من أين هم لك؟ قال: أهدوا لي. قال: اطعني وأرسل بهم الى أبي بكر فان طيبهم لك فهم لك، قال: ما كنت لاطيعك في هذا، شيء أهدي لي ارسل بهم الى ابي بكر؟ قال: فبات ليلا [ ليلته ] ثم أصبح فقال: يا ابن الخطاب ما أراني الا مطيعك، اني رأيت الليلة في المنام كأنى أجر - او: أقاد او كلمة تشبهها - الى النار وأنت آخذ بحجزتي، فانطلق [ بى و ] بهم الى أبي بكر، فقال: أنت احق بهم، [ فانطلق بهم الى أبي بكر ] فقال ابو بكر: هم

__________________

(١). التيسير ٢ / ٣٧٦.

(٢). السراج المنير ٣ / ٢٨٢.

٨٨

لك، فانطلق بهم الى أهله فصفوا خلفه يصلون قال: لمن تصلون؟ قالوا: لله تبارك وتعالى. قال: فانطلقوا فأنتم له »(١) .

و الثانية:

أخرجها جماعة منهم ابن عبد البر في ( الاستيعاب ٣ / ١٤٠٤ ) بترجمة معاذ والمتقى في ( كنز العمال ٥ / ٣٤٢ ) في كتاب الخلافة، وهذا لفظ المتقي: « أخبرنا معمر عن الزهري عن كعب بن عبد الرحمن [ ابن كعب ] بن مالك عن ابيه قال: كان معاذ بن جبل رجلا سمحاً شاباً جميلا من افضل شباب قومه، وكان لا يمسك شيئاً، فلم يزل يدان حتى اغلق ما له كله من الدين، فأتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يطلب له ان يسأل له غرماءه ان يضعوا له، فأبوا، فلو تركوا لاحد من اجل أحد تركوا لمعاذ من اجل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فباع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كل ما له في دينه حتى قام معاذ بغير شيء، حتى اذا كان عام فتح مكة بعثه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على طائفة من اليمن أميراً ليجبره، فمكث معاذ باليمن أميراً وكان اول من اتجر في مال الله هو، ومكث حتى اصاب وحتى قبض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلما قدم قال عمر لابي بكر: ارسل الى هذا الرجل فدع له ما يعيشه وخذ سائره، فقال ابو بكر: انما بعثه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليجبره ولست بآخذ منه شيئاً الا ان يعطيني، فانطلق عمر الى معاذ اذ لم يطعه ابو بكر، فذكر ذلك عمر لمعاذ، فقال [ معاذ ]: انما ارسلني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليجبرنى ولست بفاعل، ثم لقي معاذ عمر فقال: قد اطعتك وانا فاعل ما امرتني به، انى رأيت في المنام أنى في حومة ماء قد خشيت الغرق، فخلصتني منه يا عمر، فأتى معاذ أبا بكر فذكر ذلك له وحلف له انه لم يكتمه شيئاً حتى بين له سوطه، فقال ابو بكر: والله لا آخذه منك، قد وهبته لك، فقال عمر: هذا حين طاب لك وحل، فخرج معاذ

__________________

(١). الطبقات ٣ / ٥٨٥.

٨٩

عند ذلك الى الشام.

قال معمر: فأخبرنى رجل من قريش قال: سمعت الزهري يقول: لما باع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مال معاذ أوقفه للناس فقال: من باع هذا شيئاً فهو باطل. عب وابن راهويه ».

أقول: فمن كان هذا حاله من الجهل بحكم الله والتصرف في مال الله ولم يؤده حتى رأى في منامه ما رأى لا يكون أعلم بحلال الله وحرامه من غيره!.

قوله : وأمثال ذلك كثيرة.

اقوال : نعم أمثال هذه الموضوعات في كتبهم كثيرة، وعلى ألسنتهم شهيرة، والوقوف على حال ما ذكر منها كاف لمعرفة حال تلك عند من له ادنى بصيرة، والحمد لله الذي وفقنا لاحقاق الحق واعلانه، ودحض الباطل وازهاقه، وهو سبحانه نعم المولى ونعم النصير.

٩٠

دحض المعارضة

بحديث: اقتدوا باللّذين من بعدي

٩١

٩٢

قوله : خصوصاً قوله « اقتدوا باللذين من بعدي ابى بكر وعمر » حيث بلغ درجة الشهرة والتواتر بالمعنى.

اقول : ان دعوى صحة هذا الحديث كاذبة، لما ذكرنا في مجلد ( حديث الطير ) من الوجوه الرصينة والبراهين المتينة على وهنه وسقوطه عن درجة الاعتبار، بحيث لو ركن أهل السنة الى انواع التلبيس، واعتمدوا على اشكال التدليس، وتشبثوا بمختلف طرق التسويل لما تمكنوا من اثبات صحته فضلا عن تواتره ونحن ذاكرون هنا وجوهاً على فساد هذا الحديث وبطلانه لاقتضاء المقام ذلك، فنقول:

١ - لقد أعله أبو حاتم

لقد كشف أبو حاتم الرازي النقاب عن سقم هذا الحديث، فقد قال المناوي: « وأعله ابو حاتم، وقال البزار كابن حزم: لا يصح، لان عبد الملك لم يسمعه من ربعي، وربعي لم يسمعه من حذيفة، لكن له شاهد »(١) .

__________________

(١). فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٢ / ٥٦.

٩٣

أقول: قد ذكرنا ما في سند الشاهد في مجلد ( حديث الطير ).

ترجمة أبى حاتم

قال السمعاني: « وأبو حاتم، كان اماماً حافظاً فهماً من مشاهير العلماء توفي سنة سبع وسبعين ومائتين »(١) .

وقال: « امام عصره والمرجوع اليه في مشكلات الحديث كان من مشاهير العلماء المذكورين الموصوفين بالفضل والحفظ والرحلة وكان اول من كتب الحديث وكان احمد بن سلمة يقول: ما رأيت بعد اسحاق - يعني ابن راهويه - ومحمد بن يحيى أحفظ للحديث ولا اعلم بمعانيه من ابي حاتم محمد بن ادريس.

قال أبو حاتم: قال لي هشام بن عمار يوماً: أي شيء تحفظ من الاذواء؟ قلت له: ذو الاصبع وذو الجوشن وذو الزوائد وذو اليدين وذو اللحية الكلابي وعددت له ستة، فضحك وقال: حفظنا نحن ثلاثة وزدت أنت ثلاثة مات أبو حاتم بالري في شعبان سنة سبع وسبعين ومائتين »(٢) .

وذكره ابن الاثير وقال: « وهو من أقران البخاري ومسلم »(٣) .

وقال الذهبي: « ابو حاتم الرازي الامام الحافظ الكبير محمد بن ادريس ابن المنذر الحنظلي أحد الاعلام، ولد سنة خمس وتسعين ومائة، قال: كتبت الحديث سنة تسع ومائتين.

قلت: رحل وهو أمرد فسمع عبيد الله بن موسى ومحمد بن عبد الله الانصاري والاصمعي وابا نعيم وهوذة بن خليفة وعفان وابا مسهر وأمماً سواهم، وبقي في الرحلة زماناً، فقال: أول ما رحلت أقمت سبع سنين

__________________

(١). الانساب - الجزى.

(٢). المصدر - الحنظلي.

(٣). الكامل في التاريخ ٦ / ٦٧.

٩٤

أحصيت ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ، ثم تركت العدد، وخرجت من البحرين الى مصر ماشياً ثم الى الرملة ماشياً ثم الى طرسوس ولي عشرون سنة قلت ألحق عبيد الله فأتيته قبل موته بشهرين، قال: وكتبت عن النفيلى نحو أربعة عشر ألفاً، وسمع مني محمد بن المصفى أحاديث.

قلت: وحدث عنه يونس بن عبد الاعلى ومحمد بن عون الطاعي وابو داود والنسائي وابو عوانة الاسفرايني وابو الحسن علي بن ابراهيم القطان وابو عمر واحمد بن محمد بن حكيم وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب وعبد المؤمن بن خلف النسفي وخلق كثير.

قال محمد بن اسحاق الانصاري القاضي: ما رأيت احفظ من ابي حاتم، وقال محمد بن سلمة الحافظ: ما رأيت بعد محمد بن يحيى أحفظ للحديث ولا أعلم بمعانيه من ابي حاتم، وقال النسائي ثقة، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: قلت على باب أبي الوليد الطيالسي: من اغرب علي حديثاً صحيحاً فله درهم - وكان ثم خلق ابو زرعة فمن دونه، وانما كان مرادي ان يلقى علي ما لم اسمع به لا ذهب به الى راويه فأسمعه - فلم يتهيأ لاحد أن يغرب علي »(١) .

وترجم له الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٤٧ ) و ( الكاشف ٣ / ١٨ ) و ( دول الاسلام ١ / ١٣٢ ) و ( العبر ٢ / ٥٨ ) قال في الاخير حوادث ٢٧٧ -:

« فيها توفي حافظ المشرق أبو حاتم محمد بن ادريس الحنظلي الرازي في شعبان وهو في عشر التسعين، وكان بارع الحفظ، واسع الرحلة، من أوعية العلم، سمع محمد بن عبد الله الانصاري وابا مسهر وخلقاً لا يحصون، وكان جارياً في مضمار البخاري وابي زرعة الرازي ».

وكذا جاء في ( مرآة الجنان ) في حوادث السنة المذكورة.

__________________

(١). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٦٧.

٩٥

وقال الحافظ ابن حجر: « أحد الحفاظ، من الحادية عشر »(١) .

وقال السيوطي: « أحد الائمة الحفاظ، روى عن احمد وآدم بن أبي أياس وأبي خيثمة وقتيبة وخلق، وعنه أبو داود والنسائي وابن ماجة وآخرون، قال الخطيب: كان أحد الائمة الحفاظ الاثبات، مشهوراً بالعلم مذكوراً بالفضل، وثقه النسائي وغيره، وقال ابن يونس: قدم مصر قديماً وكتب بها وكتب عنه. مات بالري سنة خمس وقيل سبع وسبعين ومائتين »(٢) .

٢ - طعن الترمذي فيه

لقد طعن أبو عيسى الترمذي في سند هذا الحديث برواية ابن مسعود - وان رواه عن حذيفة وحسن رجاله - وذلك حيث قال: « حدثنا ابراهيم ابن اسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، ثنى ابي عن أبيه سلمة بن كهيل عن ابي الزعراء عن ابن مسعود قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي من اصحابي ابي بكر وعمر، واهتدوا بهدى عمار، وتمسكوا بعهد ابن مسعود.

هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود، لا نعرفه الا من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل، ويحيى بن سلمة يضعف في الحديث، وأبو الزعراء اسمه عبد الله بن هاني، وابو الزعراء الذي روى عنه شعبة والثوري وابن عيينة اسمه عمرو بن عمرو، وهو ابن أخي أبي الاحوص صاحب ابن مسعود »(٣) .

أقول: لقد اكتفى الترمذي بهذا المقدار في تضعيفه، ونحن نضيف الى كلامه بعض كلماتهم في رجاله:

__________________

(١). تقريب التهذيب ٢ / ١٤٢.

(٢). طبقات الحفاظ ٢٥٥.

(٣). صحيح الترمذي ٥ / ٦٧٢.

٩٦

أما ابراهيم بن اسماعيل

فقد قال الذهبي: « لينه أبو زرعة وتركه أبو حاتم، يروي عن أبيه، تأخر »(١) .

وفي ( المغني ): « غمزه أبو زرعة وتركه أبو حاتم »(٢) .

وأضاف ابن حجر العسقلاني: « وقال العقيلي عن مطين: كان ابن نمير لا يرضاه ويضعفه، وقال: روى أحاديث مناكير. قال العقيلي ولم يكن ابراهيم هذا بقيم الحديث وذكره ابن حبان في الثقات فقال: في روايته عن ابيه بعض المناكير »(٣) .

وقال الخزرجي: « اتهمه أبو زرعة »(٤) .

و أما اسماعيل بن يحيى

فقد قال الذهبي: « قال الدار قطني متروك »(٥) .

وقال ابن حجر: « قال الدارقطني متروك، وتقدم الكلام عليه في ترجمة ابنه. قلت: ونقل ابن الجوزي عن الازدي انه قال: متروك »(٦) .

و أما يحيى بن سلمة بن كهيل

فقد قال البخاري: « منكر الحديث »(٧) .

وقال أيضاً: « في حديثه مناكير »(٨) .

__________________

(١). ميزان الاعتدال ١ / ٢٠.

(٢). المغني في الضعفاء ١ / ١٠.

(٣). تهذيب التهذيب ١ / ١٠٦.

(٤). خلاصة تهذيب الكمال ١ / ١٤.

(٥). ميزان الاعتدال ١ / ٢٥٤، المغني في الضعفاء ٨٩.

(٦). تهذيب التهذيب ١ / ٣٣٦.

(٧). التاريخ الصغير للبخاري ١ / ٣٤٧.

(٨). الضعفاء للبخاري ١١٩.

٩٧

وقال النسائي: « متروك الحديث »(١) .

وقال المقدسي: « ضعفه ابن معين، وقال ابو حاتم: ليس بالقوى، وقال البخاري: في حديثه مناكير، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الترمذي: ضعيف، أما ابن حبان فذكره في الثقات »(٢) .

وقال الذهبي: « ضعيف، مات سنة ١٧٢ »(٣) .

وقال ابن حجر بعد الاقوال المتقدمة:

« قلت: وذكره ابن حبان أيضاً في الضعفاء فقال منكر الحديث جداً لا يحتج به، وقال النسائي في الكنى: متروك الحديث، وقال ابن نمير ليس ممن يكتب حديثه، وقال الدارقطني: متروك، وقال مرة: ضعيف وقال العجلي: ضعيف الحديث وكان يغلو في التشيع، وقال ابن سعد: كان ضعيفاً جداً، وقال البخاري في الاوسط: منكر الحديث، وذكره يعقوب بن سفيان في باب من يرغب عن الرواية عنهم، وكنت أسمع اصحابنا يضعفونه، وقال الاجري عن ابي داود: ليس بشيء»(٤) .

و أما أبو الزعراء

فقد مر قدحه عن البخاري في الكلام على حديث: وتمسكوا بعهد ابن ام عبد، فليكن منك على ذكر

٣ - ابطال البزار اياه

لقد أنصف البزار اذ قال « لا يصح » كما عرفته بنص المناوي في [ فيض القدير ] ومن العجيب: ان ( الدهلوي ) يستدل في حاشية ( التحفة )

__________________

(١). الضعفاء والمتروكين للنسائى ١٠٩.

(٢). الكمال في اسماء الرجال - مخطوط.

(٣). الكاشف ٣ / ٢٥١.

(٤). تهذيب التهذيب ١١ / ٢٢٥.

٩٨

بحديث أخرجه البزار في ( مسنده ) على أن أبا بكر أشجع من أمير المؤمنينعليه‌السلام . ولكنه لا يلتفت في المقام الى طعن البزار في حديث الاقتداء فيدعى شهرته وتواتره على أنه قد وصفه في موضع آخر بـ « عمدة محدثي أهل السنة » فهل يجوز له الاستدلال بحديث ضعفه « عمدة المحدثين » فضلا عن دعوى شهرته وتواتره؟

ولا بأس بذكر كلمات لهم في الثناء على البزار:

ترجمة البزار

قال أبو نعيم: « أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري أبو بكر البزار الحافظ، قدم اصبهان مرتين »(١) .

وقال السيوطي: « البزار - الحافظ العلامة الشهير أبو بكر صاحب المسند الكبير المعلل، رحل بآخر عمره الى اصبهان ونشر علمه، مات بالرملة سنة ٢٩٢ »(٢) .

وقال الازهري في ( اسانيده ): « قال ابن أبي خيثمة، هو ركن من أركان الاسلام، وكان يشبه بابن حنبل في زهده وورعه ».

٤ - إبطال العقيلي إياه

لقد أورد العقيلي حديث الاقتداء في كتاب ( الضعفاء ) وأنكره كما ستعرف ذلك من عبارة ابن حجر العسقلاني.

ترجمة العقيلي

ولقد أثنى على العقيلي علماء الرجال ووصفوه بكل جميل راجع

__________________

(١). تاريخ اصبهان ١ / ١٠٤.

(٢). طبقات الحفاظ ٢٨٥.

٩٩

( تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٣٣ ) و ( العبر في خبر من غبر ٢ / ١٩٨ ) و ( طبقات الحفاظ ٣٤٦ ).

وهذه خلاصة ما جاء في ( تذكرة الحفاظ ): « العقيلي، الحافظ الامام صاحب كتاب الضعفاء الكبير. قال سلمة بن القاسم: كان العقيلي جليل القدر عظيم الخطر ما رأيت مثله وكان كثير التصانيف، فكان من أتاه من المحدثين قال: اقرأ من كتابك ولا تخرج أصله، فتكلمنا في ذلك وقلنا اما ان يكون احفظ الناس واما أن يكون من أكذب الناس واجتمعنا عليه، فلما أتيت بالزيادة والنقص فطن لذلك، فأخذ مني الكتاب وأخذ القلم فأصلحها من حفظه، فانصرفنا من عنده وقد طابت أنفسنا وعلمنا انه من أحفظ الناس.

وقال الحافظ أبو الحسن بن سهل القطان: أبو جعفر ثقة جليل القدر، عالم بالحديث، مقدم في الحفظ، توفي سنة ٣٢٢ ».

٥ - تضعيف النقاش اياه

لقد نص النقاش على أن هذا الحديث « واه » فقد قال الذهبي بترجمة أحمد ابن محمد بن غالب الباهلي: « ومن مصائبه قال: حدثنا محمد بن عبد الله العمري حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ». فهذا ملصق بمالك. وقال ابو بكر النقاش وهو واه »(١) .

وكلام النقاش هذا دليل متين على سقم هذا الحديث، اذ النقاش كان ممن ولع بجمع الموضوعات والاعتماد عليها، وتفسيره ملئ بها كما لا يخفى على من راجع ( طبقات الحفاظ للحافظ السيوطي ٣٧١ ).

__________________

(١). ميزان الاعتدال ١ / ١٤٢.

١٠٠

٦ - تضعيف الدارقطني اياه

لقد صرح الدارقطني بعدم ثبوت هذا الحديث المنقول عن ابن عمر وضعف راويه، كما ستعرف ذلك ان شاء الله من عبارة ابن حجر العسقلاني.

ترجمة الدارقطني

وكتب الرجال والتاريخ مشحونة بالثناء على الدارقطني واطرائه، واليك بعض مصادر ترجمته:

الانساب - الدارقطني.

الكامل في التاريخ، حوادث ٣٨٥.

وفيات الاعيان ٢ / ٤٥٩.

تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٩١.

العبر ٣ / ٢٨.

طبقات السبكي ٣ / ٤٦٢.

طبقات الاسنوي ١ / ٥٠٨.

طبقات القراء ١ / ٥٥٩.

طبقات الحفاظ ٣٩٣.

وقد أوردنا طرفاً من كلماتهم في مجلد ( حديث الطير ).

٧ - ابطال ابن حزم إياه

لقد صرح ابن حزم بعدم صحة حديث الاقتداء، فقد قال في استخلاف أبي بكر: « وأيضاً: فان الرواية قد صحت بأن امرأة قالت يا رسول الله: أرأيت ان رجعت ولم أجدك؟ كأنها تريد الموت قال: فأتي أبا بكر. وهذا نص جلي على استخلاف أبي بكر. وأيضاً: فان الخبر قد جاء من الطرق الثابتة ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعائشة رضي الله عنها في مرضه الذي توفي فيهعليه‌السلام : هممت أن أبعث الى أبيك وأخيك فأكتب

١٠١

كتاباً وأعهد عهداً لكيلا يقول قائل: أنا أحق، أو يتمنى متمن ويأبى الله والمؤمنون الا أبا بكر، و روي أيضاً ويأبى الله والنبيون الا أبا بكر. فهذا نص جلي على استخلافه عليه الصلاة والسلام أبا بكر على ولاية الامة بعده.

قال أبو محمد: ولو أننا نستجير التدليس والامر الذي لو ظفر به خصومنا طاروا به فرحاً أو أبلسوا أسفاً لاحتججنا بما روي: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. قال أبو محمد: ولكنه لم يصح، ويعيذنا الله من الاحتجاج بما لا يصح »(١) .

أقول: وفي هذا الكلام فوائد لا تخفى عليه النبيه.

ولقد ظهر أيضاً قدحه في هذا الحديث من عبارة ( فيض القدير ) كما تقدم.

ترجمة ابن حزم

قال السمعاني ما ملخصه: « الحافظ المعروف بابن حزم من أفضل أهل عصره بالاندلس وبلاد المغرب، له التصانيف والكتب المفيدة، وكان حافظاً في الحديث، وكان يميل الى مذهب أهل الظاهر »(٢) .

وقال الذهبي ما ملخصه: « وكان اليه المنتهى في الذكاء وحدة الذهن وسعة العلم بالكتاب والسنة والمذاهب والملل والنحل والعربية والادب والمنطق والشعر، مع الصدق والامانة والديانة والحشمة والسؤدد والرياسة والثروة وكثرة الكتب »(٣) .

وقال السيوطي: « ابن حزم الامام العلامة الحافظ الفقيه أبو محمد علي ابن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف الفارسي الاصل الترمذي الاموي مولاهم القرطبي الظاهري. كان أولا شافعياً ثم تحول

__________________

(١). الفصل في الملل والنحل ٤ / ٨٨.

(٢). الانساب - اليزيدي.

(٣). العبر ٣ / ٢٣٩، دول الاسلام ١ / ٢٠٧.

١٠٢

ظاهرياً وكان صاحب فنون وورع وزهد، واليه المنتهى في الذكاء والحفظ وسعة الدائرة في العلوم، أجمع أهل الاندلس قاطبة لعلوم الاسلام وأوسعهم معرفة مع توسعه في علوم اللسان والبلاغة والشعر والسير والاخبار، له ( المجلى ) على مذهبه واجتهاده، وشرحه ( المحلى ) و ( الملل والنحل ) و ( الايصال في فقه الحديث ) وغير ذلك. آخر من روى عنه بالاجازة أبو الحسن شريح بن محمد. مات في جمادى الاولى سنة سبع وخمسين وأربعمائة »(١) .

٨ - تنصيص العبرى على أنه موضوع

لقد صرح العبري الفرغاني بوضع حديث الاقتداء حيث قال: « وقيل: اجماع الشيخين حجة لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، فالرسول أمرنا بالاقتداء بهما، والامر للوجوب وحينئذ يكون مخالفتهما حراماً، ولا نعني بحجية اجماعهما سوى ذلك.

الجواب: ان الحديث موضوع لما بينا في شرح الطوالع »(٢) .

ترجمة الفرغاني

ولقد قال الاسنوي بترجمة الفرغاني ما نصه: « الشريف برهان الدين عبيد الله الهاشمي الحسيني المعروف بالعبري - بعين مكسورة ثم باء موحدة ساكنة - كان أحد الاعلام في علم الكلام والمعقولات، ذا حظ وافر من باقي العلوم، وله التصانيف المشهورة »(٣) .

وقال ابن حجر العسقلاني: « كان عارفاً بالاصلين وشرح مصنفات ناصر الدين البيضاوي وذكره الذهبي في المشتبه في العبري فقال: عالم كبير في وقتنا وتصانيفه سائرة، ومات في شهر رجب سنة ٧٤٣.

__________________

(١). طبقات الحفاظ ٤٣٦.

(٢). شرح المنهاج - مخطوط.

(٣). طبقات الشافعية ٢ / ٢٣٦.

١٠٣

قلت: رأيت بخط بعض فضلاء العجم انه مات في غرة ذي الحجة منها وهو أثبت، ووصفه فقال: هو الشريف المرتضى قاضي القضاة، كان مطاعاً عند السلاطين، مشهوراً في الافاق مشاراً اليه في جميع الفنون، ملاذ الضعفاء كثير التواضع والانصاف »(١) .

وقال اليافعي: « الامام العلامة قاضي القضاة عبيد الله بن محمد العبري الفرغاني الحنفي البارع العلامة المناظر، يضرب بذكائه ومناظرته المثل، كان اماماً بارعاً متفنناً، تخرج به الاصحاب، يعرف المذهبين الحنفي والشافعي وأقرأهما وصنف فيهما، وأما الاصول والمعقول فتفرد فيهما بالامامة، وله تصانيف وكان استاذ الاستاذين في وقته »(٢) .

وبمثل ما تقدم ترجمه الشوكاني في ( البدر الطالع ١ / ٤١١ ) وتقي الدين ابن قاضي شهبة الاسدي في ( طبقات الشافعية - ٢ / ١٨٣ ).

٩ - تغليط الذهبي اياه

لقد غلط الذهبي حديث الاقتداء المروي عن ابن عمر، وأظهر بطلانه مرة بعد أخرى، فقال: « أحمد بن صليح عن ذي النون المصري عن مالك عن نافع عن ابن عمر بحديث اقتدوا باللذين من بعدي. وهذا غلط، وأحمد لا يعتمد عليه »(٣) .

وقال: « أحمد بن محمد بن غالب الباهلي غلام خليل عن اسماعيل بن أبي أويس وشيبان وقرة بن حبيب، وعنه ابن كامل وابن السماك وطائفة، وكان من كبار الزهاد ببغداد، قال ابن عدي سمعت أبا عبد الله النهاوندي يقول قلت لغلام خليل: ما هذه الرقائق التي تحدث بها؟ قال: وضعناها لنرقق بها قلوب العامة.

__________________

(١). الدرر الكامنة ٢ / ٤٣٣.

(٢). مرآة الجنان ٤ / ٣٠٦.

(٣). ميزان الاعتدال ١ / ١٠٥.

١٠٤

وقال أبو داود: أخشى أن يكون دجال بغداد، وقال الدارقطني متروك.

ومن مصائبه قال: حدثنا محمد بن عبد الله العمري حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. فهذا ملصق بمالك، وقال أبو بكر النقاش وهو واه.

قال أبو جعفر بن الشعيري: لما حدث غلام خليل عن بكر بن عيسى عن أبي عوانة قلت له: يا أبا عبد الله ما هذا الرجل؟ هذا حدث عنه أحمد بن حنبل وهو قديم لم تدركه، ففكر في هذا، فقلت: لعله آخر اسمه ذلك؟ فسكت، فلما كان من الغد قال لي يا أبا جعفر، علمت اني نظرت البارحة في من سمعت عليه بالبصرة ممن يقال له بكر بن عيسى، فوجدتهم ستين رجلا »(١) .

وقال: « محمد بن عبد الله بن عمر بن القاسم بن عبد الله بن عبيد الله ابن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي العمري، ذكره العقيلي وقال لا يصح حديثه ولا يعرف بنقل الحديث.

حدثنا أحمد بن الخليل حدثنا ابراهيم بن محمد الحلبي حدثني محمد ابن عبد الله بن عمر بن القاسم أنا مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً: اقتدوا باللذين من بعدي.

فهذا لا أصل له من حديث مالك، بل هو معروف من حديث حذيفة ابن اليمان وقال الدارقطني: البصري هذا يحدث عن مالك بأباطيل، وقال ابن مندة: له مناكير »(٢) .

فظهر أن هذا الحديث مصنوع موضوع.

و قال الذهبي: « عن يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبي الزعراء عن ابن مسعود مرفوعاً: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا

__________________

(١). ميزان الاعتدال ١ / ١٤١.

(٢). ميزان الاعتدال ٣ / ٦١٠.

١٠٥

بهدى عمار، وتمسكوا بعهد ابن مسعود.

قلت: سنده واه جداً »(١) .

وقال المناوي بشرح الحديث برواية ابن مسعود: « ورواه ك‍ عن ابن مسعود باللفظ المذكور. قال الذهبي وسنده واه جدا »(٢) .

١٠ - ابطال ابن حجر اياه

لقد قال ابن حجر العسقلاني - مقتفياً أثر الذهبي - « أحمد بن صليح عن ذي النون المصري عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: بحديث « اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر » وهذا غلط، وأحمد لا يعتمد عليه »(٣) .

وقال بعد كلام الذهبي المتقدم حول غلام خليل:

« وقال الحاكم سمعت الشيخ أبا بكر بن اسحاق يقول: أحمد بن محمد بن غالب ممن لا أشك في كذبه، وقال أبو أحمد الحاكم: أحاديثه كثيرة لا تحصى كثرة وهو بيّن الامر في الضعف، وقال أبو داود: قد عرض علي من حديثه فنظرت في أربعمائة حديث أسانيدها ومتونها كذب كلها، وروى عن جماعة من الثقات أحاديث موضوعة على ما ذكره لنا القاضي أحمد بن كامل مع زهده وورعه، ونعوذ بالله من ورع يقين صاحبه ذلك المقام »(٤) .

وقال بعد كلام الذهبي في محمد بن عبد الله العمرى: « وقال العقيلي بعد تخريجه: هذا ديث منكر لا اصل له، وأخرجه الدارقطني من رواية أحمد الخليلي الضمري بسنده، وساق بسند كذلك ثم قال: لا يثبت، والعمري هذا

__________________

(١). تلخيص المستدرك ٣ / ٧٥.

(٢). فيض القدير ٢ / ٥٧.

(٣). لسان الميزان ١ / ١٨٨.

(٤). لسان الميزان ١ / ٢٧٢.

١٠٦

ضعيف »(١) .

١١ - ابطال الهروي إياه

لقد قال شيخ الاسلام الهروي ما نصه: « من موضوعات أحمد الجرجاني: اقتدوا باللذين من بعدي ابي بكر وعمر. باطل »(٢) .

والخلاصة: قد ثبت بطلان حديث « اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر » وبان وضعه، وظهر كذب ( الدهلوي ) في زعمه شهرته وتواتره، والحمد لله رب العالمين.

__________________

(١). لسان الميزان ٥ / ٢٣٧.

(٢). الدر النضيد ٩٧.

١٠٧

ثم ان ( الدهلوي ) لم يكتف بايراد حديث الاقتداء في متن ( التحفة ) فأضاف في حاشيتها:

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر فانهما حبل الله الممدود، من تمسك بهما فقد تمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها. أخرجه الطبراني عن أبي الدرداء ، وله طرق أخرى.

أقول: وهذا أيضاً باطل لوجوه:

الاول: انه لم يعرف سنده حتى ينظر فيه، فلا يجوز الاستدلال به.

الثاني: انه غير مخرج في الكتب الملتزم فيها الصحة، فلا يصغى اليه.

الثالث: لقد أخرجه الطبراني في ( المعجم الكبير ) على ما في ( كنز العمال ١٢ / ١٧١ )، ولكن الطبراني لم يلتزم فيه الصحة كالبخاري ومسلم وأمثالهما، ولم يصرح بصحة هذا الحديث بالخصوص، كما لم يقل بصحته أحد من مشاهير حفاظهم الثقات، بل لم يدع ذلك حتى غير الثقات من علمائهم.

الرابع: لقد جعل ( الدهلوي ) في ( أصول الحديث ) - تبعا لوالده -

١٠٨

تصانيف الطبراني من جملة الكتب التي لم يلتزم فيها بالصحة، ونص على أنها لم تبلغ المرتبة الاولى ولا الثانية من مراتب الشهرة والقبول، واعترف بأنها تضم الاحاديث الضعيفة بل فيها ما رمي بالوضع، وأن في رواتها المستورين والمجاهيل، وذكر أن أكثر أحاديث معاجمه غير معمول بها لدى الفقهاء، بل فيها ما انعقد الاجماع على خلافه.

فاذا كان هذا حال كتب الطبراني حسب تصريحه، فان مجرد وجود حديث أبي الدرداء في كتاب منها لا يدل على اعتباره ولا يجوز الاعتماد عليه، والاستناد اليه(١) فما الذي دعاه الى أن يحتج بهذا السياق اذن؟

ان الذي دعاه الى ذلك وصف الشيخين فيه بـ « حبل الله الممدود » نعم هذا ما دعاه اليه، وانخدع به، فأتى به معارضاً لحديث « الثقلين ».

ثم قال ( الدهلوي ) قالت الشيعة هذا خبر واحد، فلا يجوز التمسك به فيما يطلب فيه اليقين.

قلنا: ليس أقل من خبر الطير ولا من خبر المنزلة، وهم يدعون فيما يوافق مذهبهم التواتر وفيما يخالفه الاحاد تحكماً، فلا يكون هذا الادعاء مقبولا شرح المواقف.

أقول: لا يخلو نقله عن تصرف ما، وهذا نص ما جاء في ( شرح المواقف ): « السادس: قولهعليه‌السلام اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، أقل مراتب الامر الجواز. قالت الشيعة: هذا خبر واحد فلا يجوز أن يتمسك به فيما يطلب فيه اليقين. قلنا: ليس أقل من خبر الطير الذي يعولون به على

__________________

(١). بل اعترف الحافظ الهيثمي بضعف هذا الحديث من هذا الوجه خاصة حيث قال ( مجمع الزوائد ٩ / ٥٣ ): وعن ابى الدرداء قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي ابى بكر وعمر، فانهما حبل الله المدود ومن تمسك بهما فقد تمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها. رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم. وقد بحثنا عن هذا الحديث سنداً ودلالة في العدد الثاني من سلسلتنا في الاحاديث الموضوعة.

( الميلاني )

١٠٩

الافضلية كما سيأتي ان شاء الله تعالى، ولا من خبر المنزلة الذي مر، وهم يدعون فيما يوافق مذهبهم التواتر، وفيما يخالفه الاحاد تحكماً، فلا يكون ذلك الادعاء مقبولا.

أقول: وهذا فاسد.

فأما قوله: « قالت الشيعة: هذا خبر واحد فلا يجوز أن يتمسك به فيما يطلب فيه اليقين » فلا يخلو من تلبيس، لان من راجع كتب الشيعة علم أنهم يعتبرون هذا الحديث من موضوعات أهل السنة، ويثبتون فساده وبطلانه سنداً ومتناً كما في ( الشافي لعلم الهدى ) و ( منهاج الكرامة للعلامة الحلي ) وكيف لا يكون كذلك؟ وقد اعترف بوضعه كبار حفاظ أهل السنة، ولو جاء في كلام أحد منهم انه خبر واحد فانما كان على سبيل التنزل وعلى فرض تسليم الصحة.

وأما قوله: « ليس أقل من خبر الطير ولا من خبر المنزلة » فظاهر الفساد كما لا يخفى على من راجع المجلدين المختصين بهما، حيث أثبتنا هناك تواترهما على ضوء كلمات أئمة الحديث من أهل السنة.

وأما قوله: « وهم يدعون فيما يوافق مذهبهم التواتر، وفيما يخالفه الاحاد تحكماً » فباطل، لانهم لا يدعون تواتر حديث من الاحاديث في الامامة والكلام الا بالاستناد الى كلمات علماء الخصم كما لا يخفى على من راجع كتبهم الكلامية.

ويتجلى للمتتبع عكس ذلك لدى أهل السنة، فانهم يدعون التواتر فيما يذكرونه لمعارضة براهين أهل الحق، وهو لم يبلغ أدنى مراتب الثبوت فضلا عن التواتر.

فنسبة التحكم الى أهل الحق مكابرة ومصادمة للواقع والحقيقة.

وأما قوله: « فلا يكون ذلك الادعاء مقبولا » فمكابرة واضحة: لان الشيعة يبطلون حديث الاقتداء من أصله، وأما أهل السنة فمنهم من يصرح ببطلانه ووضعه ومنهم من يصرح بأنه من الاحاد، فليس ادعاء كونه من

١١٠

الاحاد من علماء الشيعة، ونحن وان كنا في غنى عن ذكر كلمات القائلين بذلك منهم - بعد ثبوت وضعه من كلمات كبار أئمتهم وحفاظهم - لكنا ننقل في المقام بعض عباراتهم الزاماً لشارح المواقف و ( الدهلوي ) وتبييناً لكذبهما

قال الامدي في الجواب عن مطاعن عمر: « وقد ورد في حقه من النصوص والاخبار ما يدرء عنه ما قيل من الترهات، وهي وان كانت أخبار آحاد غير أن مجموعها ينزل منزلة التواتر، فمن ذلك قولهعليه‌السلام : ان في أمتي لمحدثين، وان عمر منهم، و قولهعليه‌السلام : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر »(١) .

وقال ابن الهمام في مبحث الاجماع بعد أن ذكر حديث الاقتداء و حديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء « أجيب: يفيدان أهلية الاقتداء لا منع الاجتهاد وعليه ان ذلك مع ايجابه، الا أن يدفع بأنه آحاد »(٢) .

وقرره ابن أمير الحاج(٣) .

وقال نظام الدين السهالوي في ( الصبح الصادق ) في المبحث المذكور بعد الحديثين المذكورين « والجواب: انهما من أخبار الاحاد فلا يثبت به حجية الاجماع القطعي الحجية ».

وفيه أيضاً: ويمكن أن يجاب أيضاً بأنهما من الاحاد، وأدلتنا الدالة على حجية الاجماع معممة وهي قطعية، فلا يعارضانها ».

وكذا قال عبد العلي(٤) .

هذا، ولم يجد الفخر الرازي بداً من الاعتراف بذلك، فقد قال في الجواب عن الاحاديث المستدل بها على امامة أمير المؤمنينعليه‌السلام :

__________________

(١). ابكار الافكار للامدي ٢ / ١١٢.

(٢). التحرير لابن الهمام بشرح ابن أمير الحاج ٣ / ٩٨.

(٣). التقرير والتحبير في شرح التحرير ٣ / ٩٨.

(٤). فواتح الرحموت في شرح مسلم الثبوت ٢ / ٥٠٩.

١١١

« الطريقة الخامسة لهم: التمسك بأخبار آحاد رووها منها قولهعليه‌السلام سلموا على علي بامرة المؤمنين، ومنها قولهعليه‌السلام : انه سيد المسلمين وامام المتقين وقائد الغر المحجلين، و قالعليه‌السلام : هذا ولي كل مؤمن ومؤمنة، وقالعليه‌السلام لعلي: أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي وقاضي ديني.

والاعتراض: انها بأسرها معارضة بما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال: ايتوني بدواة وقلم أكتب لابي بكر كتاباً لا يختلف عليه اثنان، ثم قال يأبى الله والمسلمون الا أبا بكر. وأيضاً عيّنه للامامة في الصلاة وما عزله عنها فوجب أن يبقى اماماً على الصلاة، وكل من ثبت امامته في الصلاة بعد الرسول أثبت امامته مطلقاً، فوجب القول بامامته. وروي عن أنس بعد الرسول أثبت امامته مطلقاً، فوجب القول بامامته. وروي عن أنسرضي‌الله‌عنه : ان النبي أمره عند اقبال أبي بكر أن يبشره بالجنة وبالخلافة بعده وبما روي انهعليه‌السلام قال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.

والكلام على صحة هذه الاحاديث من الجانبين وفي دلالتها على المطلوب طويل، ولكنها عن افادة اليقين بمعزل، لكونها من أخبار الاحاد عند التحقيق وان كان كل واحد من الفريقين يدعي في خبره كونه متواتراً ويطعن فيما يرويه مخالفه ».

أقول: فمن القائل بكون هذا الحديث من أخبار الاحاد اذن؟!

وقد ثبت أن القائلين بوضعه منهم أكثر عدداً وأجل قدراً

قوله : « فاللازم أن يكون هؤلاء كلهم أئمة ».

أقول: انما يلزم ذلك لو كان قد صح ما استدل به شيء من الاحاديث، ولكن قد ظهر سقوط جميع ما زعمه معارضاً لحديث الثقلين سنداً ودلالة ومتناً فدعوى لزوم امامة الحميراء وعمار وابن مسعود ومعاذ بن جبل وأبي بكر بن أبي قحافة وعمر بن الخطاب باطلة.

١١٢

دحض المعارضة

بحديث: أصحابى كالنّجوم

١١٣

١١٤

هذا وكأن ( الدهلوي ) يعلم بعدم نهوض تلك الاحاديث الموضوعة حجة في مقابلة حديث الثقلين، فاضاف اليها حديثاً آخر، وهو « حديث النجوم » فقال في حاشية [ التحفة ]: « وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به، لا عذر لاحد في تركه، فان لم يكن في كتاب الله فبسنة مني ماضية، فان لم يكن مني سنة ماضية فما قال أصحابي، ان أصحابي بمنزلة النجوم في السماء، فايما اخذتم به اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة. أخرجه البيهقي بسنده في المدخل عن ابن عباس ».

حديث النجوم موضوع سنداً عند الائمة

أقول: لكنه أيضاً موضوع باطل كما نص على ذلك كبار الائمة والحفاظ:

١ - احمد بن حنبل

لقد كذب أحمد بن حنبل حديث النجوم وحكم بوضعه، قال ابن أمير

١١٥

الحاج « قال أحمد: لا يصح »(١) .

وقال نظام الدين في ( الصبح الصادق في شرح المنار ) وعبد العلي في ( فواتح الرحموت ٢ / ٥١٠ ): « قال ابن حزم في رسالته الكبرى: مكذوب موضوع باطل، وبه قال أحمد والبزار ».

٢ - المزني

لم يصحح أبو ابراهيم المزني - صاحب الشافعي - هذا الحديث، وقد ذكر له - ان صح - معنى هو بعيد عن الصواب بكثير، قال ابن عبد البر: قال المزنيرحمه‌الله في قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصحابي كالنجوم، قال: ان صح هذا الخبر فمعناه فيما نقلوا عنه وشهدوا به عليه: فكلهم ثقة مؤتمن على ما جاء به، لا يجوز عندي غير هذا، وأما ما قالوا فيه برأيهم فلو كان عند أنفسهم كذلك ما خطأ بعضهم بعضاً ولا انكر بعضهم على بعض ولا رجع منهم احد الى قول صاحبه، فتدبر »(٢) .

ترجمة المزني

وترجم له ابن خلكان بما ملخصه: « أبو ابراهيم اسماعيل بن يحيى المزني صاحب الامام الشافعي هو من أهل مصر، كان زاهداً عالماً مجتهداً محجاجاً غواصاً على المعاني الدقيقة، وهو امام الشافعيين وأعرفهم بطرقه وفتاواه وما ينقله عنه، صنف كتباً كثيرة في مذهب الامام الشافعي، وقال الشافعي في حقه: المزني ناصر مذهبي.

وكان في غاية الورع، وبلغ من احتياطه انه كان يشرب في جميع فصول السنة من كوز نحاس، فقيل له في ذلك، فقال: بلغني انهم يستعملون

__________________

(١). التقرير والتحبير في شرح التحرير ٣ / ٩٩.

(٢). جامع بيان العلم ٢ / ٨٩ - ٩٠.

١١٦

السرجين في النيران والنار لا تطهرها، وكان من الزهد على طريقة صعبة شديدة، وكان مجاب الدعوة، ولم يكن أحد من أصحاب الشافعي يحدث نفسه في شيء من الاشياء بالتقدم عليه، وهو الذي تولى غسل الامام الشافعي، وقيل: كان معه أيضاً حينئذ الربيع.

وذكره ابن يونس في تاريخه ثم قال: صاحب الشافعي، وقال: كانت له عبادة وفضل، ثقة في الحديث لا يختلف فيه، حاذق من أهل الفقه، وكان أحد الزهاد في الدنيا، وكان من خير خلق الله عز وجل.

ومناقبه كثيرة. وتوفي لست بقين من شهر رمضان سنة اربع وستين ومأتين بمصر، ودفن بالقرب من تربة الامام الشافعي »(١) .

وقال السبكي: « الامام الجليل أبو ابراهيم المزني ناصر المذهب وبدر سمائه كان جبل علم، مناظراً محجاجاً، قال الشافعيرضي‌الله‌عنه في وصفه: لو ناظر الشيطان لغلبه، وكان زاهداً ورعاً متقللا من الدنيا، مجاب الدعوة، وكان اذا فاتته صلاة في جماعة صلاها خمساً وعشرين مرة، ويغسّل الموتى تعبداً واحتساباً ويقول: افعله ليرق قلبي قال الشافعي: المزني ناصر مذهبي. »(٢) .

وانظر: ( حسن المحاضرة ١ / ٣٠٧ ) و ( مرآة الجنان ٢ / ١٦٧ - ١٧٨ ) و ( العبر ٢ / ٢٨ ) وغيرها.

٣ - البزار

لقد طعن الحافظ البزار في حديث النجوم، فقد قال ابن عبد البر: « وعن محمد بن أيوب الرقى قال قال لنا أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار: سألتم عما يروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مما في أيدي

__________________

(١). وفيات الاعيان ١ / ١٩٦.

(٢). طبقات الشافعية ٢ / ٩٣.

١١٧

العامة يروونه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال: أصحابي كمثل النجوم، أو أصحابي كالنجوم فبأيها اقتدوا اهتدوا. قال:

وهذا الكلام لا يصح عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . رواه عبد الرحيم بن زيد العمى عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وربما رواه عبد الرحيم عن ابيه عن ابن عمر. وانما أنى ضعف هذا الحديث من قبل عبد الرحيم بن زيد، لان أهل العلم قد سكتوا عن الرواية لحديثه.

والكلام أيضاً منكر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و قد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باسناد صحيح: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي فعضوا عليها بالنواجذ ، وهذا الكلام يعارض حديث عبد الرحيم لو ثبت فكيف ولم يثبت، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يبيح الاختلاف بعده من اصحابه، والله أعلم. هذا آخر كلام البزار »(١) .

وفيه وجوه عديدة في قدح حديث النجوم تقدم بيانها في القسم الثاني من مجلد ( حديث مدينة العلم )

وقد نقل هذا الكلام عن البزار واعتمده جماعة كبيرة من علمائهم منهم: ابن حزم في ( رسالته ) وابن تيمية في ( منهاجه ) وأبو حيان في ( تفسيريه ) وابن مكتوم في ( الدر اللقيط ) وابن القيم في ( اعلام الموقعين ) والزين العراقي في ( تخريج المنهاج ) وابن حجر في ( تخريج المختصر ) و ( تخريج الرافعي الكبير ) وابن أمير الحاج في ( التقرير والتحبير ) والقاري في ( شرح الشفاء ) والمناوي في ( شرح الجامع الصغير ) ونظام الدين في ( الصبح الصادق ) وعبد العلي في ( فواتح الرحموت).

__________________

(١). جامع بيان العلم ٢ / ٩٠.

١١٨

٤ - ابن القطان

لقد أورد الحافظ ابن عدي المعروف بابن القطان هذا الحديث في ( الكامل ) وموضوعه الضعفاء والمقدوحون وموضوعاتهم، بترجمة جعفر بن عبد الواحد، وحمزة النصيبي، كما ستعرف ذلك من كلام الزين العراقي.

ترجمة ابن عدى

وترجم له السمعاني بما ملخصه: « وأبو أحمد عبد الله ابن عدي بن عبد الله ابن محمد الجرجاني المعروف بابن القطان الحافظ، حافظ عصره، صنف في معرفة ضعفاء المحدثين كتاباً مقدار ستين جزءاً سماه ( الكامل ) وكان حافظاً متقناً لم يكن في زمانه مثله، تفرد بأحاديث، وقد كان وهب أحاديث تفرد بها لبنيه وأبي زرعة ومنصور، تفردوا بروايتها عن أبيهم.

قال حمزة بن يوسف السهمي: سألت الدارقطني أن يصنف كتاباً في ضعفاء المحدثين فقال: أليس عندك كتاب ابن عدي؟ قلت: نعم، قال: فيه كفاية، لا يزاد عليه.

وكانت وفاته يوم السبت غرة ذي القعدة سنة سبع وسبعين ومائتين »(١) .

وقال الذهبي: « قال الخليلي: « كان عديم النظير حفظاً وجلالة، سألت عبد الله بن محمد الحافظ: أيهما احفظ ابن عدي او ابن قانع؟ فقال: زر قميص ابن عدي احفظ من عبد الباقي بن قانع.

قال الخليلي: وسمعت احمد بن أبي مسلم الحافظ يقول: لم أر أحداً مثل أبي احمد ابن عدي، وكيف فوقه في الحفظ؟. وكان أحمد قد لقي الطبراني وأبا احمد الحاكم وقد قال لي: كان حفظ هؤلاء تكلفاً وحفظ ابن عدي طبعاً،

__________________

(١). الانساب - الجرجاني.

١١٩

زاد معجمه على ألف شيخ »(١) .

وكذا ترجم له في ( العبر ٦ / ٣٣٧ ) واليافعي في ( مرآة الجنان ٢ / ٣٨١ ) وجلال الدين السيوطي في ( طبقات الحفاظ ).

٥ - الدارقطني

لقد قدح الدارقطني في حديث النجوم، فقد قال ابن حجر العسقلاني ما نصه: « جميل بن يزيد عن مالك عن جعفر بن محمد عن ابيه عن جابر رفعه: ما وجدتم في كتاب الله فالعمل به، ولا يسعكم تركه الى غيره، الحديث، وفيه: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. اخرجه الدارقطني في غرائب مالك، والخطيب في الرواة عن مالك من طريق الحسن بن مهدي عن عبدة المروزي عن محمد بن احمد السكوني عن بكر بن عيسى المروزي عن أبي يحيى عن جميل به.

قال الدارقطني: لا يثبت عن مالك، ورواته مجهولون »(٢) .

وسيأتي ذلك عن ( تخريج أحاديث الكشاف لابن حجر ) أيضاً.

٦ - ابن حزم

لقد كذب ابن حزم هذا الحديث وأبطله وحكم بوضعه، فقد قال أبو حيان ما نصه: « قال الحافظ أبو محمد علي بن أحمد بن حزم في رسالته في ابطال الرأي والقياس والاستحسان والتعليل والتقليد ما نصه: وهذا خبر مكذوب موضوع باطل لم يصح قط »(٣) .

وتجد كلام ابن حزم هذا في ( النهر الماد ) و ( الدر اللقيط ) و ( تخريج

__________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٤٠.

(٢). لسان الميزان ٢ / ١٣٧.

(٣). البحر المحيط ٥ / ٥٢٨.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332