نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٣

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار17%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 332

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 332 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 155588 / تحميل: 6540
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

تعالى ، وإنّ العلوّ بالمسافة لا يجوز على القديم تعالى ، الذي ليس بجسم ولا جوهر ولا حال فيهما.

ولأنّ الخبر والآية التي تضمّنت أيضاً ذكر السماء خرجت مخرج المدح ، ولا مدح في العلوّ بالمسافة ، وإنّما التمدّح بالعلوّ في الشأن والسلطان ونفاذ الأمر ، ولهذا لا تجد أحداً من العرب مدح غيره في شعر أو نثر بمثل هذه اللفظة ، وأراد بها علوّ المسافة ، بل لا يريد إلاّ ما ذكرناه من معنى العلوّ في الشأن )(١) .

____________

١ ـ الأمالي للسيّد المرتضى ٤ / ٧٥.

٨١
٨٢

تحريف القرآن :

( علي ـ الدانمارك ـ )

الشيخ الطوسيّ ينفيه :

س : هل يذهب شيخ الطائفة إلى القول بنسخ الحكم والتلاوة؟

والذي شدّ انتباهي هو أنّه يدعم رأيه بروايات من البخاريّ ، وهو كما لا يخفى فيه من الروايات لا يقبل بها أيّ عقل ، ناهيك عن رجال البخاريّ من ناصبيّ إلى خارجيّ.

ج : إنّ الشيخ الطوسيّقدس‌سره من المصرّحين بنفي التحريف.

قال في التبيان : ( وأمّا الكلام في زيادته ونقصانه ، فممّا لا يليق به أيضاً ، لأنّ الزيادة فيه مجمع على بطلانها ، وأمّا النقصان منه ، فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه ، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا ، وهو الذي نصره المرتضى ، وهو الظاهر في الروايات.

غير أنّه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصّة والعامّة بنقصان كثير من آيات القرآن ، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع ، طريقها الآحاد التي لا تُوجِد علماً ولا عملاً ، فالأولى الإعراض عنها ، وترك التشاغل بها )(١) .

وأمّا ما أورده من تقسيم للنسخ ، وذكر المصاديق ، فإنّه مجرّد نقل الأقوال في المسألة ، ولا يوجد تصريح ، بل ولا تلميح بتبنّيه لمسألة نسخ الحكم والتلاوة ، أو مسألة نسخ التلاوة دون الحكم.

____________

١ ـ التبيان ١ / ٣.

٨٣

وما أورده في كتابه الخلاف من استدلاله بخبر ، فهو من باب الإلزام ، لأنّه بعد أن حكم بوجوب الرجم على الثيّب الزانية ، حكى عن الخوارج أنّهم قالوا : لا رجم في شرعنا ، فأجاب بقوله : ( دليلنا إجماع الفرقة ، وروي عن عمر أنّه قال : لولا أنّني أخشى أن يقال زاد عمر في القرآن لكتبت آية الرجم في حاشية المصحف )(١) .

( غانم النصّا ـ الكويت ـ )

المسلمون متّفقون على عدمه :

س : يقول الكثير من علماء الشيعة بتحريف ونقصان القرآن ، فما هو ردّكم على هذا الكلام؟

ج : إنّ مسألة تحريف القرآن من المسائل التي اتخذها أعداء التشيّع ذريعة في الطعن به ، مع أنّ الموجود في مصادر غير الشيعة ، ممّا هو صريح في التحريف ، أضعاف مضاعفة ممّا هو موجود في كتب الشيعة ؛ فهذه صحاح أهل السنّة مليئة بالأحاديث التي تثبت التحريف ، وبعض هذه الصحاح التزم مؤلّفوها بأن لا يرووا فيها إلاّ ما صحّ عندهم ، واعتقدوا به ، وكذلك تجد عدداً كبيراً من الصحابة ممّن كان يعتقد بالتحريف ، كما أنّ كتاب المصاحف للسجستانيّ ، وكتاب الفرقان لابن الخطيب من كتب أهل السنّة ، الذين أثبتوا التحريف فيها.

وعلى كلّ حال ، فالبحث في هذه المسألة ليس في نفع المسلمين ، لأنّ المسلمين في عصرنا الحاضر متّفقون على عدم التحريف ، والمنتفع الأوّل والأخير من طرح هذه المسألة هم أعداء الإسلام والقرآن ، بالأخصّ أعداء الدين المحمّديّ ، المتلبّسين باسم الإسلام ، الذين يسمّون بالوهابيّة.

____________

١ ـ الخلاف ٥ / ٣٦٦.

٨٤

( ـ السعودية ـ )

رواياته في كتب أهل السنّة :

س : هل من الممكن أن يزوّد الموقع بالروايات التي في كتب السنّة عن تحريف القرآن عندهم؟ جزاكم الله خير الجزاء ، مع ألف سلامة.

ج : نذكر لكم نماذج من روايات التحريف في كتب أهل السنّة ، وهي على طوائف :

الطائفة الأُولى : الروايات التي ذكرت سوراً أو آيات ، زُعِم أنّها كانت من القرآن وحُذِفت منه ، أو زعم البعض نسخ تلاوتها ، أو أكلها الداجن ، نذكر منها :

الأُولى : أنّ سورة الأحزاب تعدل سورة البقرة :

١ ـ روي عن عائشة : ( كانت سورة الأحزاب تعدل على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مائتي آية ، فلمّا كُتِب المصحف لم يُقدَر منها إلاّ على ما هي الآن )(١) .

٢ ـ روي عن عمر ، وأُبيّ بن كعب ، وعكرمة مولى ابن عباس : ( كانت سورة الأحزاب مثل سورة البقرة ، أو أطول ، وكان فيها آية الرجم )(٢) .

٣ ـ عن حذيفة : ( قرأت سورة الأحزاب على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنسيتُ منها سبعين آية ما وجدتها )(٣) .

الثانية : لو كان لابن آدم واديان …

روي عن أبي موسى الأشعريّ ، أنّه قال لقرّاء البصرة : ( وإنّا كنّا نقرأ سورة كنّا نشبّهها في الطول والشدّة ببراءة فأنسيتها ، غير أنّي حفظت منها :

____________

١ ـ الجامع لأحكام القرآن ١٤ / ١١٣ ، الدرّ المنثور ٥ / ١٨٠ ، فتح القدير ٤ / ٢٥٩.

٢ ـ الدرّ المنثور ٥ / ١٨٠ ، نيل الأوطار ٧ / ٢٥٤ ، المستدرك على الصحيحين ٢ / ٤١٥ ، صحيح ابن حبّان ١٠ / ٢٧٣ ، الجامع لأحكام القرآن ١٤ / ١١٣ ، مسند أحمد ٥ / ١٣٢ ، السنن الكبرى للبيهقيّ ٨ / ٢١١.

٣ ـ الدرّ المنثور ٥ / ١٨٠ ، فتح القدير ٤ / ٢٥٩ ، التاريخ الكبير ٤ / ٢٤١.

٨٥

لو كان لابن آدم واديان من مال ، لابتغى وادياً ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب )(١) .

الثالثة : سورتا الخلع والحفد.

روي أنّ سورتي الخلع والحفد كانتا في مصحف ابن عباس ، وأُبيّ بن كعب ، وابن مسعود ، وأنّ عمر بن الخطّاب قنت بهما في الصلاة ، وأنّ أبا موسى الأشعريّ كان يقرأهما ، وهما :

١ ـ اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك.

٢ ـ اللهم إيّاك نعبد ، ولك نصلّي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إنّ عذابك بالكافرين ملحق(٢) .

الرابعة : آية الرجم.

روي بطرق متعدّدة أنّ عمر بن الخطّاب قال : ( إيّاكم أن تهلكوا عن آية الرجم ، والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس : زاد عمر في كتاب الله لكتبتها : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة ، نكالاً من الله ، والله عزيز حكيم ، فإنّا قد قرأناها )(٣) .

الخامسة : آية الجهاد :

روي أنّ عمر قال لعبد الرحمن بن عوف : ( ألم تجد فيما أُنزل علينا : أن جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرّة ، فإنّا لم نجدها؟ قال : أُسقط فيما أسقط من القرآن )(٤) .

____________

١ ـ صحيح مسلم ٣ / ١٠٠ ، تهذيب الكمال ٣٣ / ٢٣٤.

٢ ـ المصنّف للصنعانيّ ٣ / ١١١ ، كنز العمّال ٨ / ٨٠ ، الدرّ المنثور ٦ / ٤٢٠.

٣ ـ السنن الكبرى للبيهقيّ ٨ / ٢١٣ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٦ / ٥٥٣ ، أحكام القرآن للجصّاص ٣ / ٣٣٦ ، الدرّ المنثور ٥ / ١٨٠ ، الطبقات الكبرى ٣ / ٣٣٤ ، الثقات ٢ / ٢٣٩.

٤ ـ كنز العمّال ٢ / ٥٦٧ ، الدرّ المنثور ١ / ١٠٦ ، تاريخ مدينة دمشق ٧ / ٢٦٦.

٨٦

السادسة : آية الرضاع :

روي عن عائشة أنّها قالت : ( كان فيما أُنزل من القرآن : عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثمّ نسخن بخمس معلومات ، فتوفّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهنّ ممّا يقرأ من القرآن )(١) .

السابعة : آية رضاع الكبير عشراً :

روي عن عائشة أنَّها قالت : ( نزلت آية الرجم ، ورضاع الكبير عشراً ، ولقد كانت في صحيفة تحت سريري ، فلمّا مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتشاغلنا بموته ، دخل داجن فأكلها )(٢) .

الثامنة : آية الصلاة على الذين يصلّون في الصفوف الأُول!

عن حميدة بنت أبي يونس قالت : ( قرأ عليّ أبي ، وهو ابن ثمانين سنة في مصحف عائشة : إنّ الله وملائكته يصلّون على النبيّ يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً ، وعلى الذين يصلّون في الصفوف الأُول.

قالت : قبل أن يغيّر عثمان المصاحف )(٣) .

التاسعة : عدد حروف القرآن.

أخرج الطبرانيّ عن عمر بن الخطّاب قال : ( القرآن ألف ألف ، وسبعة وعشرون ألف حرف )(٤) ، بينما القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار.

وفي الختام : نوجّه لكم نصيحة ، وذلك تقديساً للقرآن الكريم ، بأنّ البحث عن هذا الموضوع لا يخدم الشيعة ولا السنّة ، بل يخدم أعداء الإسلام ، فعليكم أوّلاً أن تنصحوا من يفتح باب البحث حول هذا الموضوع ، وتُذكِّروه

____________

١ ـ سنن الدارمي ٢ / ١٥٧ ، صحيح مسلم ٤ / ١٦٧ ، سنن النسائيّ ٦ / ١٠٠ ، السنن الكبرى للبيهقيّ ٧ / ٤٥٤ السنن الكبرى للنسائيّ ٣ / ٢٩٨ ، صحيح ابن حبّان ١٠ / ٣٦.

٢ ـ مسند أبي يعلى ٨ / ٦٤ ، سنن الدارقطنيّ ٤ / ١٠٥ ، المعجم الأوسط ٨ / ١٢.

٣ ـ الإتقان في علوم القرآن ٢ / ٦٧.

٤ ـ المعجم الأوسط ٦ / ٣٦١ ، الجامع الصغير ٢ / ٢٦٤ ، كنز العمّال ١ / ٥١٧ و ٥٤١ ، فيض القدير ٤ / ٧٠٠ ، الدرّ المنثور ٦ / ٤٢٢.

٨٧

بهذه المسألة ، فإن ارتدع فهو المقصود ، وإلاّ فاذكروا له هذه الروايات عندهم ليلقم حجراً.

( عباس أحمد عبد الله ـ الكويت ـ )

مردود عند الشيعة :

س : يدّعي الكثير من المنتسبين للمذهب السنّي : أنّ الشيعة يعتقدون بتحريف القرآن الكريم ، وأنّ هناك آيات ناقصة أيضاً ، ويؤكّدون مزاعمهم هذه ، من أنّ الكثير من الكتب المشهورة ، والتي يعتقد بها الشيعة كمراجع ، قد أيّدت ذلك ، منها على سبيل المثال : الكافي ، وبحار الأنوار ، وفصل الخطاب ، وغيرها.

وقد كان ردّي على هذه الأسئلة الاستنكارية : بأنّه قد تمّ الدسّ والتلفيق في مثل هذه الكتب الجليلة ، وأصحابها من هذا الكذب براء ، فكانت إجابتهم : أن لو كان ما أقوله صحيحاً فأين الأصل من هذه الكتب؟ التي لم تذكر التحريف.

ثمّ أين ردّ علمائكم على مثل هذا؟ واقبلوا خالص الشكر والدعاء.

ج : إعلم أنّ ردّك بأنّه قد تمّ الدسّ والتلفيق لمثل هذه الكتب ليس جواباً صحيحاً ، والجواب الصحيح هو :

أنّ الشيعة لا تعتقد بوجود كتاب صحيح من أوّله إلى آخره غير القرآن المجيد ـ وهذا من مختصّات الشيعة ـ حيث كلّ كتاب سوى القرآن تُجرِي الشيعة عليه قواعد الجرح والتعديل ، والمباني الرجالية ، فما كان سنده صحيحاً عَمِلَت به ، وما كان سنده ضعيفاً لم تعمل به.

وأمّا بالنسبة إلى مسألة التحريف ، فإنّ البحث عن هذه المسألة ليس بنفع الشيعة ، ولا بنفع السنّة ، لأنّ النتيجة تؤدّي إلى تضعيف القرآن ، والمستفيد الوحيد من هذا البحث هو اليهود والنصارى وأعداء الإسلام.

إنّ مسألة تحريف القرآن موجودة في كتب السنّة أضعاف مضاعفة من

٨٨

الأحاديث الصحيحة والصريحة بالقياس إلى كتب الشيعة ، فلا نعلم لماذا التصقت هذه التهمة بالشيعة فقط؟

وأمّا ما ورد في كتب الشيعة من أحاديث فهو على أقسام :

١ ـ أكثره محمول على التأويل.

٢ ـ الذي لا يمكن حمله على التأويل أكثره ضعيف السند غير قابل للاعتماد عليه.

٣ ـ والصحيح المرويّ في كتب الشيعة غير القابل للحمل على التأويل ، فهو قليل جدّاً ، أعرض عنه علماء الشيعة ، لمعارضته مع القرآن الكريم ، وما خالف القرآن الكريم فالشيعة لا تعمل به ، وكذلك لمعارضته للأحاديث الصحيحة الكثيرة الصريحة بعدم التحريف.

( أبو الزين ـ الأردن ـ )

رواياته في نظر الفريقين :

س : أُريد أن أعرف مسألة تحريف القرآن عند المسلمين ، ودمتم في رعاية الله.

ج : إنّ مسألة التحريف تبحث من زاويتين :

الأُولى : التحريف بالزيادة ، والحمد لله لا يوجد قائل من المسلمين بالزيادة ، إلاّ ما روي في مصادر أهل السنّة عن ابن عباس القول بزيادة المعوّذتين.

الثانية : التحريف بالنقيصة ، والروايات الواردة في مصادر الشيعة ، وأهل السنّة ، ممّا يحتمل من معناها النقيصة كثيرة جدّاً ، وأؤكد القول بأنّ ما روي في مصادر أهل السنّة أكثر بكثير ممّا روي في مصادر الشيعة ، ولو شئت وافيتك بكلّ ما روي في مصادر أهل السنّة من روايات التحريف بالنقيصة ، ويكفيك مطالعة كتاب المصاحف لابن أبي داود السجستانيّ من كبار أعلام أهل السنّة ، وحتّى كتاب فصل الخطاب للمحدّث النوريّ ، الذي جمع فيه

٨٩

روايات التحريف بالنقيصة ، ترى أكثر من ثلثي الكتاب أخذه ورواه من مصادر أهل السنّة.

والبحث العلميّ يستدعينا لأن نضع النقاط على الحروف ، والبحث في هذه المسألة بحثاً موضوعيّاً ، مع ابتعادنا عن كلّ تعصّب ، فنقول :

أوّلاً : ما روي في مصادر الشيعة ، وهنا نذكر عدّة نقاط :

أ ـ أنّ الشيعة لا تعتقد بصحّة كتاب من أوّله إلى آخره غير القرآن الكريم ، وكلّ كتاب فهو خاضع للبحث في السند والدلالة ، إلاّ قسم ضئيل منهم ـ كالإخباريّين ـ كانوا يعتقدون بصحّة بعض الكتب ، وهم بالطبع لا يمثّلون الفكر الشيعيّ في جميع جوانبه.

ب ـ ممّا امتازت به الشيعة هو القول بمسألة عرض الأحاديث على الكتاب العزيز ، فما وافقه يأخذون به ، وما خالفه يضربون به عرض الجدار.

ت ـ الروايات المروية في التحريف بالنقيصة عند الشيعة أكثرها ضعيفة السند.

ث ـ الروايات صحيحة السند المروية في التحريف بالنقيصة عند الشيعة ، أكثرها قابلة للحمل على التأويل والتفسير.

ج ـ الروايات الصحيحة السند المروية في التحريف بالنقيصة عند الشيعة ، والتي هي غير قابلة للحمل على التأويل والتفسير قليلة جدّاً ، وحملها علماء الشيعة على محامل ، منها : أنّ جبرائيلعليه‌السلام لمّا كان ينزل القرآن على النبيّ الأمينصلى‌الله‌عليه‌وآله كان ينزلها في بعض الأحيان مع التأويل والتفسير ، فكان ينزل بالقرآن ، ثمّ يذكر التفسير ابتداءً ، أو بطلب من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فحمل الشيعة هذه الروايات على التفسير من قبل جبرائيلعليه‌السلام .

وإذا لم نقل بهذا المحمل وسائر المحامل ، فإنّ هذه الروايات ساقطة بأصل العرض الذي يقبله الشيعة ، وهو الحديث المروي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : (إنّ على كلّ حقّ حقيقة ، وعلى كلّ صواب نوراً ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف

٩٠

كتاب الله فدعوه )(١) ، حيث تعرض الشيعة أحاديث التحريف على قوله تعالى :( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (٢) ، فلا تعمل بهذه الأحاديث.

ح ـ إنّ الأحاديث المروية في كتب الشيعة لم يلتزم مؤلّفوها على الأغلب ، بأن لا يرووا إلاّ ما اعتقدوا به ، لذا لا يمكن نسبة القول بالتحريف إلى من روى هذه الأحاديث.

خ ـ وأخيراً : لا ننكر وجود بعض الأقوال الشاذّة عند علماء الشيعة ممّن ذهبوا إلى التحريف ، وليس من الإنصاف حمل الأقوال الشاذّة على المذهب.

ثانياً : ما روي في مصادر أهل السنّة ، وهنا نذكر عدّة نقاط أيضاً :

أ ـ أنّ أهل السنّة تعتقد بصحّة بعض الكتب من أوّلها إلى آخرها ، وإن اختلفوا في تحديدها.

ب ـ أكثر أهل السنّة لم يقبلوا مسألة عرض الأحاديث على الكتاب ، إلاّ الظاهريّة ، وقسم نادر منهم.

ت ـ الروايات المروية في التحريف بالنقيصة عند أهل السنّة ، كثير منها مروي في الصحاح التي اعترفوا بصحّتها.

ث ـ الروايات المروية بالنقيصة عند أهل السنّة ، كثير منها قابلة للحمل على التأويل والتفسير.

ج ـ الروايات المروية في التحريف عند أهل السنّة ، غير القابلة للحمل على التأويل والتفسير ، حملها علماء أهل السنّة على نسخ التلاوة ، ومعنى نسخ التلاوة : هو نسخ تلاوة الآية مع بقاء حكمها.

وبحث نسخ التلاوة بحث مفصّل ، ويرد عليه إشكالات كثيرة ، خلاصتها : أنّ القول بنسخ التلاوة هو عين القول بالتحريف ، إذ أنّ نسخ الحكم وبقاء التلاوة واضح ومعلوم ، أمّا نسخ التلاوة وبقاء الحكم ما فائدته؟ وما هي

____________

١ ـ بحار الأنوار ٩٦ / ٢٦٢.

٢ ـ الحجر : ٩.

٩١

حكمته؟ أضف إلى ذلك ، فإنّ بعض الأحاديث غير قابلة للحمل على نسخ التلاوة قطعاً.

ح ـ إنّ الأحاديث المروية في كتب أهل السنّة ، التزم بعض مؤلّفيها بأن لا يرووا إلاّ ما اعتقدوا به ، لذا يمكن نسبة القول بالتحريف إلى من روى هذه الأحاديث.

خ ـ وأخيراً : لا يمكن أيضاً إنكار وجود بعض الأقوال عند علماء أهل السنّة ممّن ذهب إلى القول بالتحريف ، كابن أبي داود السجستانيّ ، وابن الخطيب ، بالأخص إذا أضفنا من روى أحاديث التحريف ، والتزم بأن لا يروي إلاّ ما صحّ عنده سنده ، واعتقد به.

وعلى كلّ حال ، فإنّ الدفاع عن القرآن الكريم واجب حتمي على الكلّ ، لا يفرّق فيه بين الشيعيّ والسنّي ، لذا نرى أنّ علماء الشيعة ألّفوا الكثير من المصنّفات في الدفاع عن القرآن ، ونفي التحريف عنه ، حتّى ردّوا ما ورد في مصادر أهل السنّة من التحريف ، وحاولوا أن يوجدوا لها المخارج.

وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر : تفسير البيان للسيّد الخوئيّ ، وتفسير آلاء الرحمن للشيخ البلاغيّ ، وكتاب التحقيق في نفي التحريف للسيّد الميلانيّ ، وكتاب أكذوبة تحريف القرآن للشيخ رسول جعفريان ، وبحث في التحريف لمركز الرسالة.

( عبد الله ـ قطر ـ ١٨ سنة. طالب ثانوية )

ردّ على من يتّهمنا به :

س : لقد قرأت كتاب ( لله ثمّ للتاريخ ) للسيّد حسين الموسويّ ، ولم اقتنع به ، لكن هناك نقطة لم استطع تفسيرها ، أو الردّ عليها ، وإليكم هذه النقطة نقلاً عن الكتاب :

٩ ـ القرآن :

٩٢

والقرآن لا يحتاج لإثباته نصّ ، ولكن كتب فقهائنا وأقوال جميع مجتهدينا تنصّ على أنّه محرّف ، وهو الوحيد الذي أصابه التحريف من بين كلّ تلك الكتب.

وقد جمع المحدّث النوريّ الطبرسيّ في إثبات تحريفه كتاباً ضخم الحجم ، سمّاه : ( فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربّ الأرباب ) ، جمع فيه أكثر من ألفي رواية تنصّ على التحريف ، وجمع فيه أقوال جميع الفقهاء ، وعلماء الشيعة في التصريح بتحريف القرآن ـ الموجود بين أيدي المسلمين ـ حيث أثبت أنّ جميع علماء الشيعة وفقهائهم المتقدّمين منهم والمتأخّرين يقولون : إنّ هذا القرآن الموجود اليوم بين أيدي المسلمين محرّف.

قال السيّد هاشم البحرانيّ : وعندي في وضوح صحّة هذا القول ـ أي القول بتحريف القرآن ـ بعد تتبع الأخبار ، وتفحّص الآثار ، بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيّع ، وأنّه من أكبر مقاصد غصب الخلافة ، فتدبّر.

وقال السيّد نعمة الله الجزائريّ رداً على من يقول بعدم التحريف : إنّ تسليم تواتره عن الوحي الإلهيّ ، وكون الكلّ قد نزل به الروح الأمين ، يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة ، مع أنّ أصحابنا قد أطبقوا على صحّتها ، والتصديق بها ، ولهذا قال أبو جعفر ـ كما نقل عنه جابر ـ : ( ما أدّعى أحد من الناس أنّه جمع القرآن كلّه إلاّ كذّاب ، وما جمعه وحفظه كما نزل إلاّ علي بن أبي طالب ، والأئمّة من بعده ).

ولاشكّ أنّ هذا النصّ صريح في إثبات تحريف القرآن الموجود اليوم عند المسلمين ، والقرآن الحقيقيّ هو الذي كان عند علي ، والأئمّة من بعده ، حتّى صار عند القائمعليه‌السلام .

فأرجو منكم تفسير هذه النقطة ، أو إرشادي إلى كتاب يحتوي الردّ على هذا الكلام ، وجزاكم الله خيراً.

ج : لابدّ لنا من الإشارة إلى أنّ الكتاب المذكور ( لله ثمّ للتاريخ ) تأليف موضوع ومختلق ، اصطنعته أيدي خبيثة للنيل من سمعة الشيعة ، وهو من

٩٣

مكائد الوهابيّة في الكويت ، ولا علاقة للمؤلِّف والمؤلَّف بالشيعة وتراثهم ، بل هو كرّ على فرّ ، من تهمٍ وشبهات قد أُثيرت من قبل ، والمايز أنّ المؤلّف قد أوردها بشكل قصصيّ وروائيّ ، حتّى يتمكّن من تأثير أكبر في نفوس السذّج ، وإلاّ فليس فيه من جديد يعبأ به.

وأمّا ما ذكرتموه من مسألة التحريف ، فلا نرى مصلحة في الخوض فيها ، بعدما نكون على قطع ويقين ، بأن لا يستفيد منها إلاّ أعداء الدين ، فالذين يثيرون هذا الموضوع بين حينٍ وآخر ، إمّا أنّهم جهلة ، وإمّا لهم أغراض ودوافع سيّئة.

وعلى أيّ حال ، فنحن نكتفي بذكر إشارات في هذا المجال ، ريثما يتنبّه الغافلون ، ولا ينسبون إلى الشيعة شيئاً هم أنسب به.

أوّلاً : إنّ القول بالتحريف كان موجوداً عند أعلام أهل السنّة ، بل وإنّ أكثر الروايات في هذا الموضوع عامّية السند ، ولمعرفة الحال لابأس بمراجعة كتاب ( المصاحف ) لابن أبي داود السجستانيّ ، وكتاب ( الفرقان ) لابن الخطيب.

ثانياً : إنّ كتاب ( فصل الخطاب ) للشيخ النوريّ الطبرسيّقدس‌سره أكثر أحاديثه من مصادر أهل السنّة! فلا يكون له دلالة على الشيعة.

ثالثاً : نحن وإن لم ننكر وجود آراء شاذّة في هذه المسألة لبعض علماء الطائفة ـ كالنوريّ ـ ولكن هذا لا يعني أن ننسب رأي هذا البعض إلى كلّ الشيعة ؛ أفهل يعقل أن نعتمد على آراء وأحاديث كتاب المصاحف في تبيين وجهة نظر أهل السنّة في التحريف؟

رابعاً : الأحاديث الواردة في مجامعنا الروائية حول هذا الموضوع ، منها ما هو صحيح ومعتبر ، ومنها غير ذلك.

ومجمل الكلام : أنّه لا توجد حتّى رواية واحدة معتبرة سنداً لها دلالة واضحة على التحريف ، نعم هناك ما يوهم هذا الأمر ، ولكن مع الإمعان في معناه

٩٤

ومقابلته مع باقي روايات المقام ، يعطينا الاطمئنان واليقين بعدم حدوث التحريف.

خامساً : إنّ آراء أمثال السيّد نعمة الله الجزائريّ ، والسيّد هاشم البحرانيّ ، والمحدّث النوريّ ، لا تعتبر حاكية عن وجهة نظر الشيعة ، بل كان رأيهم الخاصّ في المسألة ، خصوصاً أنّهم جميعاً من الإخباريّين لا الأُصوليّين ، فلا يُؤخذ برأيهم في المقام ، إذ كانوا يرون كافّة الأحاديث الواردة صحيحة السند ، فلا يعتنون بموضوع اعتبارها.

( عبدو الترحيني ـ سلوفاكيا ـ )

نصيحتنا لأهل السنّة أن لا يبحثوا فيه :

س : ما مدى ذكر الاختلاف في القرآن بمصادر الشيعة ـ مع العلم أنّه غير مختلف والعياذ بالله ـ إلاّ أنّي لاحظت تكرار المدّعين والمفترين الناصبين لهذا ، ويذكرونه عن أعلام كبار كالمجلسيّ والكاشانيّ.

ج : قد ورد في مصادر أهل السنّة والشيعة قديماً روايات تدلّ على التحريف ، بل ما ورد في مصادر أهل السنّة من روايات أكثر بكثير ممّا ورد في مصادر الشيعة ، ولكن علماء الفرق الإسلاميّة ناقشوا في هذه الروايات سنداً ودلالة ، والتزموا بالقول بعدم تحريف القرآن الكريم.

إن قيل : إنّ بعض علماء الشيعة ألّف كتاباً في التحريف.

قلنا : إنّ بعض أعلام الأزهر بل غيره ألّف في التحريف ، أمثال كتاب المصاحف للسجستانيّ ، وكتاب الفرقان لابن الخطيب.

وفي صحاح أهل السنّة توجد روايات كثيرة صريحة بالتحريف ، وبعض هذه الصحاح التزم مؤلّفوها بأن لا يرووا إلاّ الصحيح ، أو لا يرووا إلاّ بما يعتقدون به.

وعلى كلّ حال ، فنصيحتنا لأهل السنّة أن لا يبحثوا في هذا المسألة ، ولا يتّهموا الشيعة ، لأنّ ما ورد في مصادرهم في التحريف كثير جدّاً.

٩٥

فإنّ البحث في مسألة التحريف اتخذه بعض الجهلة المغرضين من أهل السنّة ذريعة للطعن بالشيعة.

ولكن الشيعة تقديساً منهم للقرآن العظيم لم يجيبوا بالمثل ، وإلاّ فبإمكانهم استخراج كلّ ما ورد في مصادر أهل السنّة ، وتنظيمه في كتاب تحت عنوان ( أهل السنّة وتحريف القرآن ) ، ولكن لم يقدم الشيعة على تأليف مثل هكذا كتاب ، وتحمّلوا أنواع الطعن من قبل أهل السنّة ، كلّ ذلك تقديساً للقرآن ، لأنّ البحث في هذا الموضوع لا يستفيد منه إلاّ أعداء الإسلام للطعن في القرآن.

ومع كلّ هذا ، بادر أعلام الشيعة إلى تأليف عدّة كتب لنفي التحريف عند الشيعة والسنّة ، فتناولوا كلّ ما دلّ على التحريف في مصادر الشيعة والسنّة ، وناقشوه وردّوه بالأدلّة العلميّة.

( ـ ـ )

المفيد والصدوق والعامليّ والمجلسيّ لا يقولون به :

س : هل صحيح قول الشيخ المفيد ، وأبي الحسن العامليّ ، والسيّد نعمة الله الجزائريّ ، والمجلسيّ وغيرهم ـ مع ما لهم من الفضل ، والدرجة العلميّة الرفيعة ـ بتحريف القرآن؟

ج : إنّ نسبة التحريف إلى الشيخ المفيدقدس‌سره وغيره ، هي نسبة لابدّ من التحقيق عنها ، فلربما يروي المحدّث العالم حديثاً ، ولكن لا يعتقد بمضمونه ، مثلا الشيخ الصدوققدس‌سره ـ الذي يلقّب برئيس المحدّثين ـ له كتاب ( من لا يحضره الفقيه ) ، وكتب أُخرى في الحديث ، قد ذكر في تلك الكتب بعض الروايات الدالّة في ظاهرها على نقصان القرآن ، لكنّه في كتابه ( الاعتقادات ) ـ الذي هو كتاب مطبوع موجود ـ يصرّح : بأنّ القرآن الموجود الآن لا زيادة فيه ولا نقصان ، ممّا يدلّ على أنّ الرواية أعمّ من الاعتقاد.

٩٦

أمّا الشيخ المفيد فيصرّح بعدم نقصان القرآن في كتابه ( الاعتقادات ) ، وكذلك العلماء الآخرون ، الذين ذكرتم أسمائهم ، إلاّ السيّد نعمة الله الجزائريّ ، فالظاهر أنّه من القائلين بنقصان القرآن ، ولكن قوله لا يمثّل قول الطائفة.

( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

الزيادة في آية الكرسيّ زيادة توضيحية :

س : وجدت في كتاب مفاتيح الجنان : أنّ آية الكرسيّ على التنزيل ـ الآية مكتوبة في الهامش : ٦٦ ـ كالآتي : قال العلاّمة المجلسيّ : آية الكرسيّ على التنزيل على رواية علي ابن إبراهيم ، والكلينيّ ، هي كما يلي : الله لا اله إلاّ هو الحيّ القيّوم ، لا تأخذه سنّة ولا نوم ، له في ما في السماوات والأرض وما بينهما ، وما تحت الثرى ، عالم الغيب والشهادة ، الرحمن الرحيم ، من ذا الذي إلى هم فيها خالدون.

بحثت عن الرواية في السي دي الذي عندي عن الكتب الأربعة لم يظهر لي إلاّ حديث واحد لعلي بن إبراهيم ، فيه هذه الآية المزعومة ، فما هو القول في ضعف الحديث من ناحية السند والمتن؟

وما هي أقوال العلماء الآخرين فيه؟ علماً بأنّ أحد النواصب أتى بهذا للتشهير علينا ، وإثارة الفتنة ، ولكم منّا جزيل الشكر والامتنان.

ج : إنّ الحديث المشتمل على هذه الزيادة قد ورد في تفسير القمّيّ ، وروضة الكافي ، وكتاب العروس ؛ ولكن لا سبيل لإثبات سنده في كافّة هذه المصادر ؛ فأمّا سند التفسير فقد ورد فيه الحسين بن خالد ، الذي لم تثبت وثاقته ، بل ثبت أنّه قد خالف قول الإمام الرضاعليه‌السلام في مورد(١) .

وأمّا سند الكافي ، فيحتوي على محمّد بن سنان ، وهو غير موثوق ، بل

____________

١ ـ معجم رجال الحديث ٦ / ٢٥٠.

٩٧

ضعيف عند الرجاليّين ؛ وأمّا كتاب العروس فلم نعثر على سنده ، وأغلب الظنّ إنّه من المراسيل ، وعلى أيّ حال فلا حجّية لسنده ، ثمّ على تقدير التنزّل وفرض صحّة السند ، فهذه العبارة الموهمة هي فقرة توضيحية جاءت لتوضيح المزيد من معاني مفردات الآية بصورة مزجية ، كما نرى في بعض الشروح المتداولة ، إذ يأتي البيان والتوضيح متعاقباً للنصّ من دون فصل ظاهري ، ثمّ يستمرّ سرد النصّ كما هو عليه.

ويؤيّد ما قلنا : أنّ الرواية المذكورة في تفسير علي بن إبراهيمقدس‌سره في المقام ، قد اشتملت على موارد من هذا القبيل ـ أي الشرح المزجيّ ـ فلا يبعد أن يكون موردنا أيضاً قد كان هكذا ، ولكن حذفت أدوات الفصل والتوضيح بتناقل الحديث عند الرواة.

وبالجملة : فلابدّ إمّا من طرحها سنداً ، وإمّا تأويلها على الوجه المذكور نظراً للنصوص الصريحة ، والصحيحة ، والمستفيضة ، والأدلّة الواضحة على عدم نقص أو زيادة حتّى كلمة واحدة في القرآن الموجود بين أيدينا.

وهذا ما يتّفق عليه جميع علماء الطائفة فعلاً ، فكلّ الأقاويل التي ترد بخلاف هذا الإجماع مردودة ، وتفسير بما لا يرضى صاحبه.

( سلمان ـ ـ )

موضوع يثيره أعداء الدين :

س : هل صحيح بأنّ القرآن محرّف؟ وما الدليل على أنّه محرّف؟ مع العلم أنّني على استعداد لاتّباع الحقّ.

ج : إنّ القرآن والسنّة ـ الصحيحة عند الفريقين ـ والعقل وإجماع الأُمّة والطائفة كلّها تدلّ على عدم التحريف ، وهذا الموضوع ممّا يثيره أعداء الدين بلسان بعض المتلبّسين بالإسلام لكسر شوكة العقيدة ، بإثارة الشبهات حول كتابهم المعصوم.

٩٨

وأمّا ما ورد في هذا المجال من أقوال وروايات تخالف هذا المبنى ، فأمّا مطروحة سنداً ، أو مؤوّلة مدلولاً بما لا يخالفه.

( يعقوب يوسف حمّود ـ الكويت ـ ١٧ سنة ـ طالب )

عدم ثبوت اعتقاد الكلينيّ به :

س : ما حقيقة ما يقال عن اعتقاد الشيخ الكلينيّ قدس‌سره بالتحريف؟

ج : إنّ الشيخ الكلينيّقدس‌سره روى في كتابه ( الكافي ) ما يستظهر منه تحريف القرآن ، لكنّ الرواية شيء ، والاعتقاد بها شيء آخر.

ونحن لا دليل عندنا على اعتقاده بكلّ ما رواه فيه ، كما هو الحال بالنسبة إلى كتاب البخاريّ ومسلم عند أهل السنّة ، وإن شئتم التفصيل فارجعوا إلى كتاب ( التحقيق في نفي التحريف ).

( عبد الرحمن ـ الأردن ـ أشعريّ ـ ٢٤ سنة ـ طالب ثانوية )

معانيه :

س : ما هو معنى تحريف القرآن؟ وما يراد منه؟

ج : إنّ للتحريف معنيين :

١ ـ تحريف بالزيادة ، ولا أحد يقول به ، وإن وردت بعض الروايات في مصادر أهل السنّة تنسب القول بالتحريف بالزيادة إلى بعض الصحابة.

٢ ـ التحريف بالنقصان ، وهذا القسم هو محلّ البحث ، فالروايات الواردة في معنى التحريف بالنقصان رويت في صحاح ومسانيد أهل السنّة أضعاف مضاعفة ممّا هي في كتب حديث الشيعة ، وهذه الروايات أكثرها قابلة للحمل على التأويل ، وبعضها ضعيفة السند ، والقليل من الروايات الصحيح الصريح في التحريف لا يعمل به ، وذلك بناءً على مبنى الشيعة في عرض الأخبار على القرآن ، فما وافقه يأخذون به ، وما خالفه يضربون به عرض الجدار.

٩٩

فإن قيل : في مصادر الشيعة توجد هناك روايات في التحريف.

قلنا : بعض كبار الصحابة ، وعلماء أهل السنّة أيضاً قالوا بالتحريف ، بالأخصّ أصحاب الصحاح والمسانيد ، الذين ذكروا أنّهم لا يروون إلاّ ما صحّ عندهم ، وما يعتقدونه ، وهم قد رووا عشرات الأحاديث في التحريف.

إن قيل : بعض علماء الشيعة ألّف في التحريف.

قلنا : بعض علماء السنّة أيضاً ألّف في التحريف ، كابن أبي داود السجستانيّ في كتابه ( المصاحف ) المطبوع في بيروت ، وابن الخطيب في كتابه ( الفرقان ) المطبوع في القاهرة.

إن قيل : ما ورد في مصادر أهل السنّة محمول على نسخ التلاوة.

قلنا : كثير من الأحاديث المروية عند أهل السنّة غير قابلة الحمل على نسخ التلاوة ، وثمّ ما ورد عند الشيعة أيضاً قابل للحمل على نسخ التلاوة.

وفذلكة القول : أنّ البحث في هذا الموضوع لا يخدم القرآن ، والمنتفع الأوّل والأخير هم أعداء القرآن والإسلام ، ومن هذا المنطلق وتقديساً للقرآن الكريم ألّف علماء الشيعة عشرات الكتب لردّ القول بالتحريف عند الشيعة والسنّة ، حفاظاً على القرآن الكريم ، ولم يردّ علماء الشيعة بالمثل على ما ألّفه علماء السنّة ضدّ الشيعة في مسألة التحريف ، ولو أرادوا ذلك لكتبوا عشرات الكتب في إثبات التحريف عند أهل السنّة ، ولكن تقديس القرآن يمنعهم للخوض في أمثال هذه الأبحاث.

( أحمد العنزي ـ الكويت ـ )

من قال به وحكم من يعتقد به :

س : أنا اعلم أنّكم لن تجيبوا على سؤالي ، ولن تضعوه في الأسئلة ، لذلك أردت أن اكتب السؤال لأتيقّن أكثر من الذي سمعت.

سؤالي كالتالي : من يقول أنّ القرآن ناقص ومحرّف ، هل هو مسلم أم كافر؟

١٠٠

٦ - تضعيف الدارقطني اياه

لقد صرح الدارقطني بعدم ثبوت هذا الحديث المنقول عن ابن عمر وضعف راويه، كما ستعرف ذلك ان شاء الله من عبارة ابن حجر العسقلاني.

ترجمة الدارقطني

وكتب الرجال والتاريخ مشحونة بالثناء على الدارقطني واطرائه، واليك بعض مصادر ترجمته:

الانساب - الدارقطني.

الكامل في التاريخ، حوادث ٣٨٥.

وفيات الاعيان ٢ / ٤٥٩.

تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٩١.

العبر ٣ / ٢٨.

طبقات السبكي ٣ / ٤٦٢.

طبقات الاسنوي ١ / ٥٠٨.

طبقات القراء ١ / ٥٥٩.

طبقات الحفاظ ٣٩٣.

وقد أوردنا طرفاً من كلماتهم في مجلد ( حديث الطير ).

٧ - ابطال ابن حزم إياه

لقد صرح ابن حزم بعدم صحة حديث الاقتداء، فقد قال في استخلاف أبي بكر: « وأيضاً: فان الرواية قد صحت بأن امرأة قالت يا رسول الله: أرأيت ان رجعت ولم أجدك؟ كأنها تريد الموت قال: فأتي أبا بكر. وهذا نص جلي على استخلاف أبي بكر. وأيضاً: فان الخبر قد جاء من الطرق الثابتة ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعائشة رضي الله عنها في مرضه الذي توفي فيهعليه‌السلام : هممت أن أبعث الى أبيك وأخيك فأكتب

١٠١

كتاباً وأعهد عهداً لكيلا يقول قائل: أنا أحق، أو يتمنى متمن ويأبى الله والمؤمنون الا أبا بكر، و روي أيضاً ويأبى الله والنبيون الا أبا بكر. فهذا نص جلي على استخلافه عليه الصلاة والسلام أبا بكر على ولاية الامة بعده.

قال أبو محمد: ولو أننا نستجير التدليس والامر الذي لو ظفر به خصومنا طاروا به فرحاً أو أبلسوا أسفاً لاحتججنا بما روي: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. قال أبو محمد: ولكنه لم يصح، ويعيذنا الله من الاحتجاج بما لا يصح »(١) .

أقول: وفي هذا الكلام فوائد لا تخفى عليه النبيه.

ولقد ظهر أيضاً قدحه في هذا الحديث من عبارة ( فيض القدير ) كما تقدم.

ترجمة ابن حزم

قال السمعاني ما ملخصه: « الحافظ المعروف بابن حزم من أفضل أهل عصره بالاندلس وبلاد المغرب، له التصانيف والكتب المفيدة، وكان حافظاً في الحديث، وكان يميل الى مذهب أهل الظاهر »(٢) .

وقال الذهبي ما ملخصه: « وكان اليه المنتهى في الذكاء وحدة الذهن وسعة العلم بالكتاب والسنة والمذاهب والملل والنحل والعربية والادب والمنطق والشعر، مع الصدق والامانة والديانة والحشمة والسؤدد والرياسة والثروة وكثرة الكتب »(٣) .

وقال السيوطي: « ابن حزم الامام العلامة الحافظ الفقيه أبو محمد علي ابن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف الفارسي الاصل الترمذي الاموي مولاهم القرطبي الظاهري. كان أولا شافعياً ثم تحول

__________________

(١). الفصل في الملل والنحل ٤ / ٨٨.

(٢). الانساب - اليزيدي.

(٣). العبر ٣ / ٢٣٩، دول الاسلام ١ / ٢٠٧.

١٠٢

ظاهرياً وكان صاحب فنون وورع وزهد، واليه المنتهى في الذكاء والحفظ وسعة الدائرة في العلوم، أجمع أهل الاندلس قاطبة لعلوم الاسلام وأوسعهم معرفة مع توسعه في علوم اللسان والبلاغة والشعر والسير والاخبار، له ( المجلى ) على مذهبه واجتهاده، وشرحه ( المحلى ) و ( الملل والنحل ) و ( الايصال في فقه الحديث ) وغير ذلك. آخر من روى عنه بالاجازة أبو الحسن شريح بن محمد. مات في جمادى الاولى سنة سبع وخمسين وأربعمائة »(١) .

٨ - تنصيص العبرى على أنه موضوع

لقد صرح العبري الفرغاني بوضع حديث الاقتداء حيث قال: « وقيل: اجماع الشيخين حجة لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، فالرسول أمرنا بالاقتداء بهما، والامر للوجوب وحينئذ يكون مخالفتهما حراماً، ولا نعني بحجية اجماعهما سوى ذلك.

الجواب: ان الحديث موضوع لما بينا في شرح الطوالع »(٢) .

ترجمة الفرغاني

ولقد قال الاسنوي بترجمة الفرغاني ما نصه: « الشريف برهان الدين عبيد الله الهاشمي الحسيني المعروف بالعبري - بعين مكسورة ثم باء موحدة ساكنة - كان أحد الاعلام في علم الكلام والمعقولات، ذا حظ وافر من باقي العلوم، وله التصانيف المشهورة »(٣) .

وقال ابن حجر العسقلاني: « كان عارفاً بالاصلين وشرح مصنفات ناصر الدين البيضاوي وذكره الذهبي في المشتبه في العبري فقال: عالم كبير في وقتنا وتصانيفه سائرة، ومات في شهر رجب سنة ٧٤٣.

__________________

(١). طبقات الحفاظ ٤٣٦.

(٢). شرح المنهاج - مخطوط.

(٣). طبقات الشافعية ٢ / ٢٣٦.

١٠٣

قلت: رأيت بخط بعض فضلاء العجم انه مات في غرة ذي الحجة منها وهو أثبت، ووصفه فقال: هو الشريف المرتضى قاضي القضاة، كان مطاعاً عند السلاطين، مشهوراً في الافاق مشاراً اليه في جميع الفنون، ملاذ الضعفاء كثير التواضع والانصاف »(١) .

وقال اليافعي: « الامام العلامة قاضي القضاة عبيد الله بن محمد العبري الفرغاني الحنفي البارع العلامة المناظر، يضرب بذكائه ومناظرته المثل، كان اماماً بارعاً متفنناً، تخرج به الاصحاب، يعرف المذهبين الحنفي والشافعي وأقرأهما وصنف فيهما، وأما الاصول والمعقول فتفرد فيهما بالامامة، وله تصانيف وكان استاذ الاستاذين في وقته »(٢) .

وبمثل ما تقدم ترجمه الشوكاني في ( البدر الطالع ١ / ٤١١ ) وتقي الدين ابن قاضي شهبة الاسدي في ( طبقات الشافعية - ٢ / ١٨٣ ).

٩ - تغليط الذهبي اياه

لقد غلط الذهبي حديث الاقتداء المروي عن ابن عمر، وأظهر بطلانه مرة بعد أخرى، فقال: « أحمد بن صليح عن ذي النون المصري عن مالك عن نافع عن ابن عمر بحديث اقتدوا باللذين من بعدي. وهذا غلط، وأحمد لا يعتمد عليه »(٣) .

وقال: « أحمد بن محمد بن غالب الباهلي غلام خليل عن اسماعيل بن أبي أويس وشيبان وقرة بن حبيب، وعنه ابن كامل وابن السماك وطائفة، وكان من كبار الزهاد ببغداد، قال ابن عدي سمعت أبا عبد الله النهاوندي يقول قلت لغلام خليل: ما هذه الرقائق التي تحدث بها؟ قال: وضعناها لنرقق بها قلوب العامة.

__________________

(١). الدرر الكامنة ٢ / ٤٣٣.

(٢). مرآة الجنان ٤ / ٣٠٦.

(٣). ميزان الاعتدال ١ / ١٠٥.

١٠٤

وقال أبو داود: أخشى أن يكون دجال بغداد، وقال الدارقطني متروك.

ومن مصائبه قال: حدثنا محمد بن عبد الله العمري حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. فهذا ملصق بمالك، وقال أبو بكر النقاش وهو واه.

قال أبو جعفر بن الشعيري: لما حدث غلام خليل عن بكر بن عيسى عن أبي عوانة قلت له: يا أبا عبد الله ما هذا الرجل؟ هذا حدث عنه أحمد بن حنبل وهو قديم لم تدركه، ففكر في هذا، فقلت: لعله آخر اسمه ذلك؟ فسكت، فلما كان من الغد قال لي يا أبا جعفر، علمت اني نظرت البارحة في من سمعت عليه بالبصرة ممن يقال له بكر بن عيسى، فوجدتهم ستين رجلا »(١) .

وقال: « محمد بن عبد الله بن عمر بن القاسم بن عبد الله بن عبيد الله ابن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي العمري، ذكره العقيلي وقال لا يصح حديثه ولا يعرف بنقل الحديث.

حدثنا أحمد بن الخليل حدثنا ابراهيم بن محمد الحلبي حدثني محمد ابن عبد الله بن عمر بن القاسم أنا مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً: اقتدوا باللذين من بعدي.

فهذا لا أصل له من حديث مالك، بل هو معروف من حديث حذيفة ابن اليمان وقال الدارقطني: البصري هذا يحدث عن مالك بأباطيل، وقال ابن مندة: له مناكير »(٢) .

فظهر أن هذا الحديث مصنوع موضوع.

و قال الذهبي: « عن يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبي الزعراء عن ابن مسعود مرفوعاً: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا

__________________

(١). ميزان الاعتدال ١ / ١٤١.

(٢). ميزان الاعتدال ٣ / ٦١٠.

١٠٥

بهدى عمار، وتمسكوا بعهد ابن مسعود.

قلت: سنده واه جداً »(١) .

وقال المناوي بشرح الحديث برواية ابن مسعود: « ورواه ك‍ عن ابن مسعود باللفظ المذكور. قال الذهبي وسنده واه جدا »(٢) .

١٠ - ابطال ابن حجر اياه

لقد قال ابن حجر العسقلاني - مقتفياً أثر الذهبي - « أحمد بن صليح عن ذي النون المصري عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: بحديث « اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر » وهذا غلط، وأحمد لا يعتمد عليه »(٣) .

وقال بعد كلام الذهبي المتقدم حول غلام خليل:

« وقال الحاكم سمعت الشيخ أبا بكر بن اسحاق يقول: أحمد بن محمد بن غالب ممن لا أشك في كذبه، وقال أبو أحمد الحاكم: أحاديثه كثيرة لا تحصى كثرة وهو بيّن الامر في الضعف، وقال أبو داود: قد عرض علي من حديثه فنظرت في أربعمائة حديث أسانيدها ومتونها كذب كلها، وروى عن جماعة من الثقات أحاديث موضوعة على ما ذكره لنا القاضي أحمد بن كامل مع زهده وورعه، ونعوذ بالله من ورع يقين صاحبه ذلك المقام »(٤) .

وقال بعد كلام الذهبي في محمد بن عبد الله العمرى: « وقال العقيلي بعد تخريجه: هذا ديث منكر لا اصل له، وأخرجه الدارقطني من رواية أحمد الخليلي الضمري بسنده، وساق بسند كذلك ثم قال: لا يثبت، والعمري هذا

__________________

(١). تلخيص المستدرك ٣ / ٧٥.

(٢). فيض القدير ٢ / ٥٧.

(٣). لسان الميزان ١ / ١٨٨.

(٤). لسان الميزان ١ / ٢٧٢.

١٠٦

ضعيف »(١) .

١١ - ابطال الهروي إياه

لقد قال شيخ الاسلام الهروي ما نصه: « من موضوعات أحمد الجرجاني: اقتدوا باللذين من بعدي ابي بكر وعمر. باطل »(٢) .

والخلاصة: قد ثبت بطلان حديث « اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر » وبان وضعه، وظهر كذب ( الدهلوي ) في زعمه شهرته وتواتره، والحمد لله رب العالمين.

__________________

(١). لسان الميزان ٥ / ٢٣٧.

(٢). الدر النضيد ٩٧.

١٠٧

ثم ان ( الدهلوي ) لم يكتف بايراد حديث الاقتداء في متن ( التحفة ) فأضاف في حاشيتها:

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر فانهما حبل الله الممدود، من تمسك بهما فقد تمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها. أخرجه الطبراني عن أبي الدرداء ، وله طرق أخرى.

أقول: وهذا أيضاً باطل لوجوه:

الاول: انه لم يعرف سنده حتى ينظر فيه، فلا يجوز الاستدلال به.

الثاني: انه غير مخرج في الكتب الملتزم فيها الصحة، فلا يصغى اليه.

الثالث: لقد أخرجه الطبراني في ( المعجم الكبير ) على ما في ( كنز العمال ١٢ / ١٧١ )، ولكن الطبراني لم يلتزم فيه الصحة كالبخاري ومسلم وأمثالهما، ولم يصرح بصحة هذا الحديث بالخصوص، كما لم يقل بصحته أحد من مشاهير حفاظهم الثقات، بل لم يدع ذلك حتى غير الثقات من علمائهم.

الرابع: لقد جعل ( الدهلوي ) في ( أصول الحديث ) - تبعا لوالده -

١٠٨

تصانيف الطبراني من جملة الكتب التي لم يلتزم فيها بالصحة، ونص على أنها لم تبلغ المرتبة الاولى ولا الثانية من مراتب الشهرة والقبول، واعترف بأنها تضم الاحاديث الضعيفة بل فيها ما رمي بالوضع، وأن في رواتها المستورين والمجاهيل، وذكر أن أكثر أحاديث معاجمه غير معمول بها لدى الفقهاء، بل فيها ما انعقد الاجماع على خلافه.

فاذا كان هذا حال كتب الطبراني حسب تصريحه، فان مجرد وجود حديث أبي الدرداء في كتاب منها لا يدل على اعتباره ولا يجوز الاعتماد عليه، والاستناد اليه(١) فما الذي دعاه الى أن يحتج بهذا السياق اذن؟

ان الذي دعاه الى ذلك وصف الشيخين فيه بـ « حبل الله الممدود » نعم هذا ما دعاه اليه، وانخدع به، فأتى به معارضاً لحديث « الثقلين ».

ثم قال ( الدهلوي ) قالت الشيعة هذا خبر واحد، فلا يجوز التمسك به فيما يطلب فيه اليقين.

قلنا: ليس أقل من خبر الطير ولا من خبر المنزلة، وهم يدعون فيما يوافق مذهبهم التواتر وفيما يخالفه الاحاد تحكماً، فلا يكون هذا الادعاء مقبولا شرح المواقف.

أقول: لا يخلو نقله عن تصرف ما، وهذا نص ما جاء في ( شرح المواقف ): « السادس: قولهعليه‌السلام اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، أقل مراتب الامر الجواز. قالت الشيعة: هذا خبر واحد فلا يجوز أن يتمسك به فيما يطلب فيه اليقين. قلنا: ليس أقل من خبر الطير الذي يعولون به على

__________________

(١). بل اعترف الحافظ الهيثمي بضعف هذا الحديث من هذا الوجه خاصة حيث قال ( مجمع الزوائد ٩ / ٥٣ ): وعن ابى الدرداء قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي ابى بكر وعمر، فانهما حبل الله المدود ومن تمسك بهما فقد تمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها. رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم. وقد بحثنا عن هذا الحديث سنداً ودلالة في العدد الثاني من سلسلتنا في الاحاديث الموضوعة.

( الميلاني )

١٠٩

الافضلية كما سيأتي ان شاء الله تعالى، ولا من خبر المنزلة الذي مر، وهم يدعون فيما يوافق مذهبهم التواتر، وفيما يخالفه الاحاد تحكماً، فلا يكون ذلك الادعاء مقبولا.

أقول: وهذا فاسد.

فأما قوله: « قالت الشيعة: هذا خبر واحد فلا يجوز أن يتمسك به فيما يطلب فيه اليقين » فلا يخلو من تلبيس، لان من راجع كتب الشيعة علم أنهم يعتبرون هذا الحديث من موضوعات أهل السنة، ويثبتون فساده وبطلانه سنداً ومتناً كما في ( الشافي لعلم الهدى ) و ( منهاج الكرامة للعلامة الحلي ) وكيف لا يكون كذلك؟ وقد اعترف بوضعه كبار حفاظ أهل السنة، ولو جاء في كلام أحد منهم انه خبر واحد فانما كان على سبيل التنزل وعلى فرض تسليم الصحة.

وأما قوله: « ليس أقل من خبر الطير ولا من خبر المنزلة » فظاهر الفساد كما لا يخفى على من راجع المجلدين المختصين بهما، حيث أثبتنا هناك تواترهما على ضوء كلمات أئمة الحديث من أهل السنة.

وأما قوله: « وهم يدعون فيما يوافق مذهبهم التواتر، وفيما يخالفه الاحاد تحكماً » فباطل، لانهم لا يدعون تواتر حديث من الاحاديث في الامامة والكلام الا بالاستناد الى كلمات علماء الخصم كما لا يخفى على من راجع كتبهم الكلامية.

ويتجلى للمتتبع عكس ذلك لدى أهل السنة، فانهم يدعون التواتر فيما يذكرونه لمعارضة براهين أهل الحق، وهو لم يبلغ أدنى مراتب الثبوت فضلا عن التواتر.

فنسبة التحكم الى أهل الحق مكابرة ومصادمة للواقع والحقيقة.

وأما قوله: « فلا يكون ذلك الادعاء مقبولا » فمكابرة واضحة: لان الشيعة يبطلون حديث الاقتداء من أصله، وأما أهل السنة فمنهم من يصرح ببطلانه ووضعه ومنهم من يصرح بأنه من الاحاد، فليس ادعاء كونه من

١١٠

الاحاد من علماء الشيعة، ونحن وان كنا في غنى عن ذكر كلمات القائلين بذلك منهم - بعد ثبوت وضعه من كلمات كبار أئمتهم وحفاظهم - لكنا ننقل في المقام بعض عباراتهم الزاماً لشارح المواقف و ( الدهلوي ) وتبييناً لكذبهما

قال الامدي في الجواب عن مطاعن عمر: « وقد ورد في حقه من النصوص والاخبار ما يدرء عنه ما قيل من الترهات، وهي وان كانت أخبار آحاد غير أن مجموعها ينزل منزلة التواتر، فمن ذلك قولهعليه‌السلام : ان في أمتي لمحدثين، وان عمر منهم، و قولهعليه‌السلام : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر »(١) .

وقال ابن الهمام في مبحث الاجماع بعد أن ذكر حديث الاقتداء و حديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء « أجيب: يفيدان أهلية الاقتداء لا منع الاجتهاد وعليه ان ذلك مع ايجابه، الا أن يدفع بأنه آحاد »(٢) .

وقرره ابن أمير الحاج(٣) .

وقال نظام الدين السهالوي في ( الصبح الصادق ) في المبحث المذكور بعد الحديثين المذكورين « والجواب: انهما من أخبار الاحاد فلا يثبت به حجية الاجماع القطعي الحجية ».

وفيه أيضاً: ويمكن أن يجاب أيضاً بأنهما من الاحاد، وأدلتنا الدالة على حجية الاجماع معممة وهي قطعية، فلا يعارضانها ».

وكذا قال عبد العلي(٤) .

هذا، ولم يجد الفخر الرازي بداً من الاعتراف بذلك، فقد قال في الجواب عن الاحاديث المستدل بها على امامة أمير المؤمنينعليه‌السلام :

__________________

(١). ابكار الافكار للامدي ٢ / ١١٢.

(٢). التحرير لابن الهمام بشرح ابن أمير الحاج ٣ / ٩٨.

(٣). التقرير والتحبير في شرح التحرير ٣ / ٩٨.

(٤). فواتح الرحموت في شرح مسلم الثبوت ٢ / ٥٠٩.

١١١

« الطريقة الخامسة لهم: التمسك بأخبار آحاد رووها منها قولهعليه‌السلام سلموا على علي بامرة المؤمنين، ومنها قولهعليه‌السلام : انه سيد المسلمين وامام المتقين وقائد الغر المحجلين، و قالعليه‌السلام : هذا ولي كل مؤمن ومؤمنة، وقالعليه‌السلام لعلي: أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي وقاضي ديني.

والاعتراض: انها بأسرها معارضة بما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال: ايتوني بدواة وقلم أكتب لابي بكر كتاباً لا يختلف عليه اثنان، ثم قال يأبى الله والمسلمون الا أبا بكر. وأيضاً عيّنه للامامة في الصلاة وما عزله عنها فوجب أن يبقى اماماً على الصلاة، وكل من ثبت امامته في الصلاة بعد الرسول أثبت امامته مطلقاً، فوجب القول بامامته. وروي عن أنس بعد الرسول أثبت امامته مطلقاً، فوجب القول بامامته. وروي عن أنسرضي‌الله‌عنه : ان النبي أمره عند اقبال أبي بكر أن يبشره بالجنة وبالخلافة بعده وبما روي انهعليه‌السلام قال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.

والكلام على صحة هذه الاحاديث من الجانبين وفي دلالتها على المطلوب طويل، ولكنها عن افادة اليقين بمعزل، لكونها من أخبار الاحاد عند التحقيق وان كان كل واحد من الفريقين يدعي في خبره كونه متواتراً ويطعن فيما يرويه مخالفه ».

أقول: فمن القائل بكون هذا الحديث من أخبار الاحاد اذن؟!

وقد ثبت أن القائلين بوضعه منهم أكثر عدداً وأجل قدراً

قوله : « فاللازم أن يكون هؤلاء كلهم أئمة ».

أقول: انما يلزم ذلك لو كان قد صح ما استدل به شيء من الاحاديث، ولكن قد ظهر سقوط جميع ما زعمه معارضاً لحديث الثقلين سنداً ودلالة ومتناً فدعوى لزوم امامة الحميراء وعمار وابن مسعود ومعاذ بن جبل وأبي بكر بن أبي قحافة وعمر بن الخطاب باطلة.

١١٢

دحض المعارضة

بحديث: أصحابى كالنّجوم

١١٣

١١٤

هذا وكأن ( الدهلوي ) يعلم بعدم نهوض تلك الاحاديث الموضوعة حجة في مقابلة حديث الثقلين، فاضاف اليها حديثاً آخر، وهو « حديث النجوم » فقال في حاشية [ التحفة ]: « وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به، لا عذر لاحد في تركه، فان لم يكن في كتاب الله فبسنة مني ماضية، فان لم يكن مني سنة ماضية فما قال أصحابي، ان أصحابي بمنزلة النجوم في السماء، فايما اخذتم به اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة. أخرجه البيهقي بسنده في المدخل عن ابن عباس ».

حديث النجوم موضوع سنداً عند الائمة

أقول: لكنه أيضاً موضوع باطل كما نص على ذلك كبار الائمة والحفاظ:

١ - احمد بن حنبل

لقد كذب أحمد بن حنبل حديث النجوم وحكم بوضعه، قال ابن أمير

١١٥

الحاج « قال أحمد: لا يصح »(١) .

وقال نظام الدين في ( الصبح الصادق في شرح المنار ) وعبد العلي في ( فواتح الرحموت ٢ / ٥١٠ ): « قال ابن حزم في رسالته الكبرى: مكذوب موضوع باطل، وبه قال أحمد والبزار ».

٢ - المزني

لم يصحح أبو ابراهيم المزني - صاحب الشافعي - هذا الحديث، وقد ذكر له - ان صح - معنى هو بعيد عن الصواب بكثير، قال ابن عبد البر: قال المزنيرحمه‌الله في قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصحابي كالنجوم، قال: ان صح هذا الخبر فمعناه فيما نقلوا عنه وشهدوا به عليه: فكلهم ثقة مؤتمن على ما جاء به، لا يجوز عندي غير هذا، وأما ما قالوا فيه برأيهم فلو كان عند أنفسهم كذلك ما خطأ بعضهم بعضاً ولا انكر بعضهم على بعض ولا رجع منهم احد الى قول صاحبه، فتدبر »(٢) .

ترجمة المزني

وترجم له ابن خلكان بما ملخصه: « أبو ابراهيم اسماعيل بن يحيى المزني صاحب الامام الشافعي هو من أهل مصر، كان زاهداً عالماً مجتهداً محجاجاً غواصاً على المعاني الدقيقة، وهو امام الشافعيين وأعرفهم بطرقه وفتاواه وما ينقله عنه، صنف كتباً كثيرة في مذهب الامام الشافعي، وقال الشافعي في حقه: المزني ناصر مذهبي.

وكان في غاية الورع، وبلغ من احتياطه انه كان يشرب في جميع فصول السنة من كوز نحاس، فقيل له في ذلك، فقال: بلغني انهم يستعملون

__________________

(١). التقرير والتحبير في شرح التحرير ٣ / ٩٩.

(٢). جامع بيان العلم ٢ / ٨٩ - ٩٠.

١١٦

السرجين في النيران والنار لا تطهرها، وكان من الزهد على طريقة صعبة شديدة، وكان مجاب الدعوة، ولم يكن أحد من أصحاب الشافعي يحدث نفسه في شيء من الاشياء بالتقدم عليه، وهو الذي تولى غسل الامام الشافعي، وقيل: كان معه أيضاً حينئذ الربيع.

وذكره ابن يونس في تاريخه ثم قال: صاحب الشافعي، وقال: كانت له عبادة وفضل، ثقة في الحديث لا يختلف فيه، حاذق من أهل الفقه، وكان أحد الزهاد في الدنيا، وكان من خير خلق الله عز وجل.

ومناقبه كثيرة. وتوفي لست بقين من شهر رمضان سنة اربع وستين ومأتين بمصر، ودفن بالقرب من تربة الامام الشافعي »(١) .

وقال السبكي: « الامام الجليل أبو ابراهيم المزني ناصر المذهب وبدر سمائه كان جبل علم، مناظراً محجاجاً، قال الشافعيرضي‌الله‌عنه في وصفه: لو ناظر الشيطان لغلبه، وكان زاهداً ورعاً متقللا من الدنيا، مجاب الدعوة، وكان اذا فاتته صلاة في جماعة صلاها خمساً وعشرين مرة، ويغسّل الموتى تعبداً واحتساباً ويقول: افعله ليرق قلبي قال الشافعي: المزني ناصر مذهبي. »(٢) .

وانظر: ( حسن المحاضرة ١ / ٣٠٧ ) و ( مرآة الجنان ٢ / ١٦٧ - ١٧٨ ) و ( العبر ٢ / ٢٨ ) وغيرها.

٣ - البزار

لقد طعن الحافظ البزار في حديث النجوم، فقد قال ابن عبد البر: « وعن محمد بن أيوب الرقى قال قال لنا أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار: سألتم عما يروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مما في أيدي

__________________

(١). وفيات الاعيان ١ / ١٩٦.

(٢). طبقات الشافعية ٢ / ٩٣.

١١٧

العامة يروونه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال: أصحابي كمثل النجوم، أو أصحابي كالنجوم فبأيها اقتدوا اهتدوا. قال:

وهذا الكلام لا يصح عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . رواه عبد الرحيم بن زيد العمى عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وربما رواه عبد الرحيم عن ابيه عن ابن عمر. وانما أنى ضعف هذا الحديث من قبل عبد الرحيم بن زيد، لان أهل العلم قد سكتوا عن الرواية لحديثه.

والكلام أيضاً منكر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و قد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باسناد صحيح: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي فعضوا عليها بالنواجذ ، وهذا الكلام يعارض حديث عبد الرحيم لو ثبت فكيف ولم يثبت، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يبيح الاختلاف بعده من اصحابه، والله أعلم. هذا آخر كلام البزار »(١) .

وفيه وجوه عديدة في قدح حديث النجوم تقدم بيانها في القسم الثاني من مجلد ( حديث مدينة العلم )

وقد نقل هذا الكلام عن البزار واعتمده جماعة كبيرة من علمائهم منهم: ابن حزم في ( رسالته ) وابن تيمية في ( منهاجه ) وأبو حيان في ( تفسيريه ) وابن مكتوم في ( الدر اللقيط ) وابن القيم في ( اعلام الموقعين ) والزين العراقي في ( تخريج المنهاج ) وابن حجر في ( تخريج المختصر ) و ( تخريج الرافعي الكبير ) وابن أمير الحاج في ( التقرير والتحبير ) والقاري في ( شرح الشفاء ) والمناوي في ( شرح الجامع الصغير ) ونظام الدين في ( الصبح الصادق ) وعبد العلي في ( فواتح الرحموت).

__________________

(١). جامع بيان العلم ٢ / ٩٠.

١١٨

٤ - ابن القطان

لقد أورد الحافظ ابن عدي المعروف بابن القطان هذا الحديث في ( الكامل ) وموضوعه الضعفاء والمقدوحون وموضوعاتهم، بترجمة جعفر بن عبد الواحد، وحمزة النصيبي، كما ستعرف ذلك من كلام الزين العراقي.

ترجمة ابن عدى

وترجم له السمعاني بما ملخصه: « وأبو أحمد عبد الله ابن عدي بن عبد الله ابن محمد الجرجاني المعروف بابن القطان الحافظ، حافظ عصره، صنف في معرفة ضعفاء المحدثين كتاباً مقدار ستين جزءاً سماه ( الكامل ) وكان حافظاً متقناً لم يكن في زمانه مثله، تفرد بأحاديث، وقد كان وهب أحاديث تفرد بها لبنيه وأبي زرعة ومنصور، تفردوا بروايتها عن أبيهم.

قال حمزة بن يوسف السهمي: سألت الدارقطني أن يصنف كتاباً في ضعفاء المحدثين فقال: أليس عندك كتاب ابن عدي؟ قلت: نعم، قال: فيه كفاية، لا يزاد عليه.

وكانت وفاته يوم السبت غرة ذي القعدة سنة سبع وسبعين ومائتين »(١) .

وقال الذهبي: « قال الخليلي: « كان عديم النظير حفظاً وجلالة، سألت عبد الله بن محمد الحافظ: أيهما احفظ ابن عدي او ابن قانع؟ فقال: زر قميص ابن عدي احفظ من عبد الباقي بن قانع.

قال الخليلي: وسمعت احمد بن أبي مسلم الحافظ يقول: لم أر أحداً مثل أبي احمد ابن عدي، وكيف فوقه في الحفظ؟. وكان أحمد قد لقي الطبراني وأبا احمد الحاكم وقد قال لي: كان حفظ هؤلاء تكلفاً وحفظ ابن عدي طبعاً،

__________________

(١). الانساب - الجرجاني.

١١٩

زاد معجمه على ألف شيخ »(١) .

وكذا ترجم له في ( العبر ٦ / ٣٣٧ ) واليافعي في ( مرآة الجنان ٢ / ٣٨١ ) وجلال الدين السيوطي في ( طبقات الحفاظ ).

٥ - الدارقطني

لقد قدح الدارقطني في حديث النجوم، فقد قال ابن حجر العسقلاني ما نصه: « جميل بن يزيد عن مالك عن جعفر بن محمد عن ابيه عن جابر رفعه: ما وجدتم في كتاب الله فالعمل به، ولا يسعكم تركه الى غيره، الحديث، وفيه: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. اخرجه الدارقطني في غرائب مالك، والخطيب في الرواة عن مالك من طريق الحسن بن مهدي عن عبدة المروزي عن محمد بن احمد السكوني عن بكر بن عيسى المروزي عن أبي يحيى عن جميل به.

قال الدارقطني: لا يثبت عن مالك، ورواته مجهولون »(٢) .

وسيأتي ذلك عن ( تخريج أحاديث الكشاف لابن حجر ) أيضاً.

٦ - ابن حزم

لقد كذب ابن حزم هذا الحديث وأبطله وحكم بوضعه، فقد قال أبو حيان ما نصه: « قال الحافظ أبو محمد علي بن أحمد بن حزم في رسالته في ابطال الرأي والقياس والاستحسان والتعليل والتقليد ما نصه: وهذا خبر مكذوب موضوع باطل لم يصح قط »(٣) .

وتجد كلام ابن حزم هذا في ( النهر الماد ) و ( الدر اللقيط ) و ( تخريج

__________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٤٠.

(٢). لسان الميزان ٢ / ١٣٧.

(٣). البحر المحيط ٥ / ٥٢٨.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332