نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٣

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار17%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 332

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 332 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 155067 / تحميل: 6496
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

الى الخمسين ومائة »(١) .

و أما الضحاك بن مزاحم

فقد قال ابن الجوزي في ( الموضوعات ): « أما الضحاك فقال شعبة: لا يحدث عنه، وينكر أن يكون لقي ابن عباس، وقال يحيى بن سعيد: هو عندنا ضعيف ».

وقد ذكرنا انكار شعبة هذا: الذهبي في ( ميزان الاعتدال ٢ / ٣٢٦ ) وابن التركماني بعد أن قال: « لم يلق ابن عباس ». وكذا بمعناه في ( تهذيب التهذيب ٤ / ٤٥٣ - ٤٥٤ ) عنه وعن مشاش وعبد الملك.

وفي ( الميزان ): « قال ابن عدي: الضحاك بن مزاحم انما عرف بالتفسير، فأما رواياته عن ابن عباس وأبي هريرة وجميع من روى عنه ففي ذلك كله نظر »(٢) .

وفي ( المغني ): « ضعفه يحيى القطان وشعبة أيضاً »(٣) .

وقال محمد بن طاهر: « ضعيف مجروح ولم يسمع عن ابن عباس ».

وكذا في ( اللالي المصنوعة ) عن ابن الجوزي.

حول حديث اختلاف أصحابى لكم رحمة

ولا يخفى أن سياق حديث النجوم في كتاب ( المدخل ) للبيهقي - الذي استدل به ( الدهلوي ) - يشتمل على حديث « اختلاف أصحابي لامتي - او لكم - رحمة » وقد نص الحفاظ على ضعفه، فثبت ضعف الحديثين كليهما لضعف الاسناد المشتمل عليهما

ومن هنا كان على ( الدهلوي ) الاعراض عن هذا السياق بجملته، لا

__________________

(١). تهذيب التهذيب ٢ / ١٢٣.

(٢). ميزان الاعتدال ٢ / ٣٢٦.

(٣). المغني في الضعفاء ١ / ٣١٢.

١٤١

الاستناد اليه في مقابلة حديث الثقلين، ولكن « إذا لم تستح فاصنع ما شئت ».

واليك كلمات بعضهم في تضعيف هذا الحديث:

قال الحافظ العراقي: « حديث اختلاف أمتي رحمة. البيهقي في المدخل من حديث ابن عباس: بلفظ أصحابي، ورواه آدم بن أبي أياس في كتاب العلم والحلم بلفظ اختلاف أصحابي لامتي رحمة.

وهو مرسل ضعيف، ذكره البيهقي في رسالته الاشعرية بهذا اللفظ بغير اسناد »(١) .

وقال في ( المغني ): « حديث اختلاف أمتي رحمة، ذكره البيهقي في رسالته الاشعرية تعليقاً، واسنده في المدخل من حديث ابن عباس بلفظ: اختلاف أصحابي لكم رحمة. واسناده ضعيف»(٢) .

وقال ابن امام الكاملية: « الوجه [ الخامس ] لهم [ انه ] أي العمل بالقياس [ يؤدي الى الخلاف والمنازعة ] بين المجتهدين للاستقراء لانه تابع للأمارات وهي مختلفة، فكيف يجوز العمل به [ وقد قال الله تعالى: ولا تنازعوا فتفشلوا ] فوجب أن يكون ممنوعاً [ قلنا: الاية ] انما وردت [ في الآراء والحروب ] لقرينة قوله: فتفشلوا وتذهب ريحكم، فأما التنازع في الاحكام فجائز [ لقوله عليه الصلاة والسلام: اختلاف أمتي رحمة ] قال الخطابي والبيهقي: روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو يدل على أنه له أصلا، قال الشيخ زين الدين العراقي: وأسنده في المدخل من حديث ابن عباس بلفظ اختلاف أصحابي لكم رحمة واسناده ضعيف »(٣) .

و قال محمد بن طاهر: « في المقاصد اختلاف أمتي رحمة للبيهقي عن الضحاك عن ابن عباس رفعه في حديث طويل بلفظ: واختلاف أصحابي

__________________

(١). تخريج احاديث المنهاج - مخطوط.

(٢). المغني عن حمل الاسفار. هامش احياء العلوم ١ / ٣٤.

(٣). شرح المنهاج - مخطوط.

١٤٢

لكم رحمة، وكذا الطبراني والديلمي، والضحاك عن ابن عباس منقطع، وقال العراقي: مرسل ضعيف »(١) .

و قال المناوي: « وأسنده البيهقي ( في المدخل ) وكذا الديلمي في مسند الفردوس كلاهما من حديث ابن عباس مرفوعاً بلفظ اختلاف أصحابي رحمة، واختلاف الصحابة في حكم اختلاف الامة كما مر.

لكن هذا الحديث قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف »(٢) .

وقال العزيزي: « أسنده البيهقي في المدخل وكذا الديلمي في الفردوس من حديث ابن عباس، لكن بلفظ اختلاف أصحابي رحمة. قال الشيخ: حديث ضعيف »(٣) .

ومن هنا تعرف: أنه ليس اسناده في المدخل ضعيفاً عند البيهقي فحسب، بل قد نصّ على ضعفه جمع من نقّاد الاخبار وصيارفة الحديث كالعراقي والسخاوي ومحمد بن طاهر والمناوي والحجازي - وهو المراد من الشيخ » في كلام العزيزي كما صرح في صدر كتابه - والعزيزي.

٢٢ - ابن ابى شريف

لقد طعن ابن أبي شريف في حديث النجوم تبعاً لشيخه الحافظ ابن حجر كما ستعرف ذلك من عبارة المناوى في ( فيض القدير ) إن شاء الله.

ترجمة ابن ابى شريف

وقد ترجم السخاوي لابن أبي شريف ترجمة مطولة، هذا ملخصها: « ارتحل الى القاهرة غير مرة، منها في سنة تسع وثلاثين، وأخذ في بعضها عن ابن الهمام والعز عبد السلام البغدادي والعلاء القلقشندي والقاياني وشيخنا

__________________

(١). تذكرة الموضوعات ٩٠ - ٩١.

(٢). فيض القدير ١ / ٢١٢.

(٣). السراج المنير ١ / ٦٦.

١٤٣

- ولازمه ( يعني شيخه وهو ابن حجر ) في أشياء رواية ودراية وسماعاً وقراءة - في آخرين بالقاهرة وببلده ممن أخذ عنهم العلم حتى تميز، واذن له كلهم أو جلهم في الاقراء وعظمه جداً، منهم ابن الهمام وعبد السلام وشيخنا حيث قال: انه شارك في المباحث الدالة على الاستعداد، وتأهل أن يفتي بما يعلمه ويتحققه من مذهب الامام الشافعي من أراد، ويفيد في العلوم الحديثية من المتن والاسناد علماً بأهليته لذلك وتولجه في مضائق تلك المسالك.

وترجم له البقاعي و وصفه بالذهن الثاقب والحافظة الضابطة والقريحة الوقادة والفكر القويم والنظر المستقيم، وسرعة الفهم وبديع الانتقال وكمال المروة، مع عقل وافر وأدب ظاهر وخفة روح ومجد على سمته يلوح، وانه شديد الانقباض عن الناس غير أصحابه، قال: وهو الآن صديقي، وبيننا من المودة ما يقصر الوصف فيه.

ودرس وأفتى وحدث ونظم ونثر وصنف، وبالجملة فهو علامة متين التحقيق حسن الفكر والتأمل فيما ينظره ويقرب عهده، وكتابه أمتن من تقريره ورويته أحسن من بديهته، مع وضاءته وتأنيه وضبطه وقلة كلامه وعدم ذكره للناس »(١) .

وقال القاضي مجير الدين العليمي الحنبلي - وهو من تلامذته - بترجمته: « هو شيخ الإسلام، ملك العلماء الاعلام، حافظ العصر والزمان، بركة الامة، علامة الأئمة، شيخنا الامام الحبر الهمام العالم العلامة الرحالة، القدوة المجتهد العمدة، مولده في ليلة يسفر صباحها عن يوم السبت خامس شهر ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة بمدينة القدس ونشأ بها في عفة وصيانة وتقوى وديانة، لم يعلم له صبوة ولا ارتكاب محظور وجد ودأب ولازم الاشتغال والاشغال الى أن برع وتميز وأشير اليه في حياة شيخه الزين

__________________

(١). الضوء اللامع ٩ / ٦٤ - ٦٧.

١٤٤

ماهر، وكان يرشد الطلبة للقراءة عليه حين ترك هو الاقراء وكذلك المستفتين، ودرس وأفتى من سنة ست وأربعين وثمانمائة

ولم يزل حاله في ازدياد وعلمه في اجتهاد، فصار نادرة وقته وأعجوبة زمانه اماماً في العلوم، محققاً لما ينقله وصار قدوة بيت المقدس ومفتيه وعين أعيان المعيدين بالمدرسة الصلاحية ووقع له ما لم يقع لغيره ممن تقدمه من العلماء والأكابر، وبقي صدر المجالس وطراز المحافل، المرجع في القول اليه والتعويل في الأمور كلها عليه، وقلده أهل المذاهب كلها، وقبلت فتواه على مذهبه ومذهب غيره، ووردت الفتاوى اليه من مصر والشام وحلب وغيرها، وبعد صيته وانتشرت مصنفاته في سائر الأقطار، وصار حجة بين الأنام في سائر ممالك الإسلام

وأما سمته وهيبته فمن العجائب في الابهة والنورانية، رؤيته تذكر السلف الصالح، ومن رآه علم أنه من العلماء العاملين برؤية شكله وان لم يكن يعرفه، وأما خطه وعبارته في الفتوى فنهاية في الحسن.

وبالجملة فمحاسنه أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر، وهو أعظم من أن ينبه مثلي على فضله، ولو ذكرت حقه في الترجمة لطال الفصل، فان مناقبه وذكر مشايخه يحتمل الافراد بالتأليف، والمراد هنا الاختصار »(١) . وكذا ترجم له الشوكاني(٢) .

٢٣ - السيوطي

قال الحافظ جلال الدين السيوطي في ( إتمام الدراية ): « وليس قول صحابي حجة على غيره نعم لحديث: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. وأجيب بضعفه ».

__________________

(١). الانس الجليل بتاريخ القدس والخليل ٢ / ٢٨٨.

(٢). البدر الطالع ٢ / ٢٤٣ - ٢٤٤.

١٤٥

ووضع عليه « ض ». وهي علامة الضعف في ( الجامع الصغير )(١) .

و قال في ( جمع الجوامع ) ما نصه: « مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به لا عذر لاحد في تركه، فان لم يكن في كتاب الله فبسنة مني ماضية، فان لم تكن سنة مني فبما قال أصحابي، أن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء فبأيها أخذتم اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة. ق في المدخل وأبو نصر السجزى في الابانة وقال: غريب، والخطيب وابن عساكر والديلمي عن سليمان بن أبي كريمة عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس، وسليمان ضعيف وكذا جويبر ».

٢٤ - المتقى

لقد تبع المتقى شيخه السيوطي في الطعن في حديث النجوم حيث نقل عبارته السالفة بعين ألفاظها(٢) .

٢٥ - القاري

وقال القاري ما نصه: « قال ابن الديبع: اعلم ان حديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم أخرجه ابن ماجة. كذا ذكره الجلال السيوطي في تخريج أحاديث الشفاء، ولم أجده في سنن ابن ماجة بعد البحث عنه، وقد ذكره ابن حجر العسقلاني في تخريج أحاديث الرافعي في باب ادب القضاء ، وأطال الكلام عليه وذكر أنه ضعيف واه، بل ذكر عن ابن حزم: انه موضوع باطل، لكن ذكر عن البيهقي انه قال: ان حديث مسلم يؤدي بعضه معناه، يعنى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النجوم أمنة للسماء الحديث. قال ابن حجر: صدق البيهقي هو يؤدي صحة التشبيه للصاحبة بالنجوم، أما

__________________

(١). بشرح المناوى ٤ / ٧٦.

(٢). كنز العمال ٦ / ١٣٣.

١٤٦

في الاقتداء فلا يظهر، نعم يمكن ان يتلمح ذلك من معنى الاهتداء بالنجوم.

قلت: الظاهر ان الاهتداء فرع الاقتداء.

قال: وظاهر الحديث انما هو اشارة الى الفتن الحادثة بعد انقراض الصحابة من طمس السنن وظهور البدع وفشور الجور في أقطار الارض انتهى.

وتكلم على هذا الحديث ابن السبكى في شرح ابن الحاجب الاصلي في الكلام على عدالة الصحابة ولم بعزه لابن ماجة، و ذكره في جامع الأصول ولفظه عن ابن المسيب عن عمر بن الخطاب مرفوعاً: سألت ربي. الحديث الى قوله: اهتديتم. وكتب بعده: أخرجه. فهو من الأحاديث التي ذكرها رزين في تجريد الأصول ولم يقف عليها ابن الأثير في الأصول المذكورة، وذكره صاحب المشكاة وقال: أخرجه رزين »(١) .

أقول: وفي هذا الكلام فوائد لا تخفى.

و قال القاري في ( شرح الشفاء ) بشرح قول القاضي: « وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم » قال: « ثم اعلم ان قوله وقال: أصحابي حديث آخر، وقد أخرجه الدار قطني في الفضائل وابن عبد البر من طريقه من حديث جابر وقال: هذا اسناد لا تقوم به حجة، ورواه عبد بن حميد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال البزار: منكر لا يصح ورواه ابن عدي في الكامل بإسناده عن نافع عن ابن عمر بلفظ: فأيهم أخذتم بقوله بدل اقتديتم واسناده ضعيف، ورواه البيهقي في المدخل من حديث عمر ومن حديث ابن عباس بنحوه، ومن وجه آخر مرسلا وقال: متنه مشهور وأسانيده ضعيفة.

قال الحلبي: وكان ينبغي للقاضي أن لا يذكره بصيغة جزم لما عرف عند أهل الصناعة، وقد سبق له مثله مراراً.

أقول : يحتمل انه ثبت باسناده عنده أو حمل كثرة الطرق على ترقيه من

__________________

(١). المرقاة ٥ / ٥٢٣.

١٤٧

الضعيف الى الحسن بناءاً على حسن ظنه، مع أن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الاعمال، والله أعلم بحقيقة الاحوال ».

تنبيه

ان ما احتمله القاري في هذا المقام سخيف، وذلك:

أولا : ان احتمال ثبوت الحديث بإسناد عند القاضي. - من دون أكابر الحفاظ - بعيد جداً، ومجرد الاحتمال لا يصغى اليه في مثل هذا الموضوع، إذ لو ثبت ذلك لا ورده فلم يتعرض للطعن من أبى ذر الحلبي وغيره.

ثانياً : لقد علم من الوجوه السابقة سقوط حديث النجوم لدى أحمد والمزني والبزار وابن عدي والدارقطني وابن حزم والبيهقي وابن عبد البر وكل هؤلاء متقدمون على القاضي، فلو كان عثر على اسناد مثبت له لذكره حتى يدفع كلماتهم فيه، ولا يجوز - والحالة هذه - أن يعرض عن ذكر السند رأساً، ويورده بصيغة الجزم حائداً عن طريق الاحتياط والحزم.

ثالثاً : انه لو كان لهذا الحديث سند مثبت - لم يذكره القاضي لسبب من الأسباب - لذكره شراح كتابه ( الشفاء ) ومخرجو أحاديثه وهم علماء أعلام عاشوا قبل القاري بكثير، ولكان لهم بذلك منة على القاضي، وقد رأيناهم يعترضون عليه ذكره بصيغة الجزم.

ولقد علم آنفا من عبارة ( المرقاة ) عزو السيوطي حديث النجوم الى ابن ماجة، ولا أثر له في سننه، وهذا أدل دليل على خيبة الامل وضلال السعي في هذا الباب.

رابعاً : ان دعوى كثرة طرقه مردودة لتنصيص كبار الحفاظ على خلافها، وأما طرقه المعدودة فمقدوحة كما تقدم.

هذا، ولم يدع أحد منهم ترقي هذا الحديث الى الحسن، فكيف جاز للقاضي ان يحسن الظن به؟

خامساً : ان دعوى العمل بالحديث الضعيف في فضائل الاعمال

١٤٨

- على فرض التسليم بها - لا تجدي في المقام لوجوه:

١ - ان هذا الحديث موضوع وليس بضعيف، فلا يجوز العمل به مطلقاً.

٢ - انه ليس في فضل عمل من الاعمال، بل مفاده من أهم الأمور الدينية.

٣ - انه لو سلمنا ذلك كله فان أصل الاعتراض على ذكر القاضي إياه بصيغة الجزم باق على حاله.

وسيأتي مزيد كلام في بطلان تضليل القاري من كلام الخفاجي والشوكاني فانتظر.

٢٦ - المناوى

قال المناوي: « [ سألت ربي فيما تختلف فيه أصحابي ] أى: ما حكمه [ من بعدي ] أي: بعد موتي [ فأوحى الي يا محمد ان اصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء بعضها أضوء من بعض، فمن أخذ بشيء مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى ] لأنهم كنفس واحدة في التوحيد ونصرة الدين واختلافهم انما نشأ عن اجتهاد ولهم محامل، ولذلك كان اختلافهم رحمة كما في حديث [ السجزي في الابانة ] عن أصول الديانة و [ ابن عساكر عن عمر ] قال ابن الجوزي: لا يصح والذهبي: باطل »(١) .

وقال بشرحه: « قال ابن الجوزي في العلل: هذا لا يصح، نعيم مجروح، وعبد الرحيم قال ابن معين كذاب، وفي الميزان هذا الحديث باطل، وقال ابن حجر في تخريج المختصر: حديث غريب سئل عنه البزار فقال: لا يصح هذا الكلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال الكمال ابن أبي شريف، كلام شيخنا - يعنى ابن حجر - يقتضى انه مضطرب، قال ابن عساكر: رواه عن

__________________

(١). التيسير في شرح الجامع الصغير ٢ / ٤٨.

١٤٩

سعيد زيد العمى أبو الحوارى وكان ضعيفاً في الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه ومن يروي عنه ضعفاء »(١) .

٢٧ - الخفاجي

وقال شهاب الدين الخفاجي: « وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث آخر رواه الدارقطني وابن عبد البر في العلم من طريق أسانيد كلها ضعيفة حتى جزم ابن حزم بأنه موضوع، وقال الحافظ العراقي: كان ينبغي للمصنفرحمه‌الله أن لا يورده بصيغة الجزم.

وما قيل: من انه ليس بوارد لان المصنفرحمه‌الله ساقه في فضل الصحابة وقد استقروا على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الاعمال فضلا عن فضائل الرجال، لا وجه له، لان قول أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم فيه العمل بما فعلوه وقالوه من الاحكام، وليس هذا من قبيل الفضائل التي يجوز العمل فيها بالضعيف »(٢) .

اقول:

هذا كلام الخفاجي، ثم جعل يدافع عن القاضي بوجه آخر فقال: فلو قال انه بمعنى الحديث الذي قبله - وهو حديث صحيح يعمل به - ولذا ساقه بعده كالمتابعة له، ولذا جزم به كان أقوى وأحسن.

الا أنه واه بل أوهن من بيت العنكبوت لوجوه:

الاول : ان حديث الاقتداء موضوع لغرض لم يوضع لأجله حديث النجوم، فان الاول وضع للشيخين والثاني لجميع الصحابة، ولذا ذهب جماعة من الأصوليين الى انهما متعارضان، كما لا يخفى على من راجع ( احكام

__________________

(١). فيض القدير - شرح الجامع الصغير ٤ / ٧٦.

(٢). نسيم الرياض - شرح الشفاء ٤ / ٤٢٣ - ٤٢٤.

١٥٠

الاحكام ) و ( مختصر الاصول ) و ( شرح المختصر ) و ( حاشية التفتازاني على شرح المختصر ) و ( شرح المنهاج للعبري ) و ( معراج الأصول للايكي ) و ( التحرير ) و ( شروح التحرير ) و ( مسلم الثبوت ) و ( شروح مسلم الثبوت ) وغيرها.

فجعل الثاني بمعنى الاول غير صحيح.

الثاني : دعوى صحة حديث الاقتداء وانه معمول به باطلة، لأنه حديث موضوع قطعاً، كما ذكرنا في هذا الكتاب وفي مجلد ( حديث الطير ).

الثالث : قوله « ولذا ساقه بعده كالمتابعة له » باطل، لان « المتابعة » تكون في الحديث الواحد بتعدد رواته، و « الشاهد » هو الحديث الذي يؤدي معنى حديث آخر. ( راجع كلمات: ابن الصلاح والنووي والعراقي وغيرهم في هذا الموضوع ).

ومن المعلوم: ان حديثي الاقتداء والنجوم متغايران، وليس معناهما واحداً - بل هما متعارضان كما أشرنا آنفاً - فلا يتحقق في المقام معنى « المتابعة » ولا « الشاهد ».

الرابع : ان دعوى « المتابعة » في هذا المقام ممنوعة من جهة أخرى: لان روايات الوضاعين والكذابين لا شأن لها حتى في المتابعات والشواهد. وقد نص على ذلك علماء الفن كما لا يخفى على من راجع كلماتهم. نعم قد تذكر روايات شر ذمة معينة من الضعفاء لغرض المتابعة والاستشهاد

ولقد ثبت وضع حديث النجوم، وان رواته وضاعون كذابون في جميع أسانيده، فلا يليق لان يساق متابعة أيضاً.

الخامس : لو سلم ذلك كله فانه لا يصح جزم القاضي بحديث النجوم.

وهنا نكتة يجب ذكرها: وهي انه لو كان القاضي يقصد المتابعة لذكر حديث الاقتداء بصيغة الجزم، ثم ذكر حديث النجوم مع الاعتراف بالضعف لتتم المتابعة، ولكنه فعل العكس فذكر حديث الاقتداء الصحيح

١٥١

- بزعم الخفاجي - غير جازم به، وحديث النجوم - الذي اعترف الخفاجي بضعفه - بصيغة الجزم.

ولقد حاول الخفاجي الدفاع عن القاضي بوجه - زعم أنه أقوى وأحسن - وغفل عما يترتب عليه ويتوجه اليه - وعلى القاضي - من وجوه النقد والاشكال.

وبما ذكرنا ظهر: سقوط دفاع القاري والخفاجي عن القاضي، وبقاء اعتراض العراقي وغيره على حاله.

٢٨ - السندي

قال السندي بعد أن ذكر حديث الثقلين ودلالته: « فان قلت:

قد ورد أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، و ورد: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - و ورد: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين الحديث.

فقد ثبت الحث باقتداء غيرهم واهتداء من اقتدى بهم. قلت [ فلنا ]: الحديث الاول موضوع، والا لكان قوله « اهتديتم » فيه خاصة مما يدل على عدم خطئهم »(١) .

٢٩ - البهارى

وقال القاضي محب الله البهاري عند نفي حجية اجماع الشيخين او الخلفاء الأربعة: « قالوا: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، وعليكم بسنتي الحديث.

قلنا: خطاب للمقلدين وبيان لاهلية الاتباع، لان المجتهدين كانوا يخالفونهم والمقلدين قد يقلدون غيرهم، وأما المعارضة بأصحابي كالنجوم، وخذوا شطر دينكم عن الحميراء كما في المختصر فتدفع بأنهما ضعيفان »(٢) .

__________________

(١). دراسات اللبيب في الاسوة الحسنة بالحبيب ٢٤٠.

(٢). مسلم الثبوت بشرح عبد العلى ٢ / ٥١٠.

١٥٢

ترجمة البهارى

وقد ترجم غلام على آزاد القاضي البهاري بقوله: « هو بحر من العلوم وبدر بين النجوم، جاب ديار الفورب في عنفوان الشباب، وقرع في طلب العلم كثيراً من الابواب، وأخذ أوائل الكتب الدرسية من مواضع شتى، ثم انقطع برمته الى حوزة درس المولوي قطب الدين الشمس آبادي، وبدلالة هذا القطب قطع مسافة الاغتراب وانتهى الى أقصى حدود الاكتساب، وبعد ما تحلى بالفضائل، وبرع في الأماثل، قصد الديار الجنوبية من الهند المعبر عنها بالدكن، ولازم السلطان عالم گير، فولاه قضاء لكهنو من بلاد الفورب ومن مصنفاته سلم العلوم في المنطق، ومسلم الثبوت في اصول الفقه - وتاريخ تأليفه هذا الاسم - والجوهر الفرد، وهي رسالة في مسألة الجزء الذي لا يتجزأ والتصانيف الثلاثة مقبولة متداولة في مدارس العلماء »(١) .

٣٠ - السهالوي

وقال نظام الدين السهالوي في مبحث الإجماع، في الكلام على الاحتجاج بحديث الاقتداء وحديث عليكم بسنتي:

« وأجيب أيضاً بأنهما معارضان بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء. فتقاعد الاحتجاج.

وأجيب بأن الحديث الاول - وان روي عن المعتبرات - لم يعرف. قال ابن حزم في رسالته الكبرى: مكذوب موضوع باطل، وبه قال احمد والبزار »(٢) .

__________________

(١). سبحة المرجان بذكر آثار هندوستان ٧٧.

(٢). الصبح الصادق - شرح المنار.

١٥٣

٣١ - المولوى عبد العلى

وقال المولوى عبد العلي - بحر العلوم - في المبحث المذكور: « وأما المعارضة بأصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم، رواه ابن عدي وابن عبد البر وخذوا شطر دينكم عن الحميراء ، أي أم المؤمنين عائشة الصديقة، كما في المختصر، فتدفع بأنهما ضعيفان لا يصلحان للعمل فضلا عن معارضة الصحاح.

أما الحديث الاول فلم يعرف، قال ابن حزم في رسالته الكبرى: مكذوب موضوع باطل وبه قال أحمد والبزار »(١) .

٣٢ - الشوكانى

وقال الشوكانى في مبحث الاجماع: « وهكذا حديث اصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهديتم، يفيد حجية قول كل واحد منهم وفيه مقال معروف، لان في رجاله عبد الرحيم العمي عن أبيه، وهما ضعيفان جداً بل قال ابن معين: ان عبد الرحيم كذاب، وقال البخاري: متروك، وكذا قال أبوحاتم، وله طريق أخرى فيها حمزة النصيبي وهو ضعيف جداً قال البخاري منكر الحديث، وقال ابن معين: لا يساوي فلساً، وقال ابن عدي: عامة مروياته موضوعة، وروى أيضاً من طريق جميل بن زيد وهو مجهول »(٢) .

وقال في مسألة عدم حجية قول الصحابي: « وأما تمسك بعض القائلين بحجية قول الصحابي بما روي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، فهذا مما لم يثبت قط، والكلام فيه معروف عند أهل الشأن بحيث لا يصح العمل بمثله في أدنى حكم من أحكام الشرع، فكيف مثل هذا الأمر العظيم والخطب الجليل ».

__________________

(١). فواتح الرحموت - شرح مسلم الثبوت ٢ / ٥١٠.

(٢). ارشاد الفحول ٨٣.

١٥٤

وقال الشوكاني في ( القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد ): « ومما استدلوا به حديث: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، والجواب: ان هذا الحديث قد روى من طرق عن جابر وابن عمر رضي الله عنهما، وصرح أئمة الجرح والتعديل بأنه لم يصح منها شيء، وان هذا الحديث لم يثبت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد تكلم عليه الحفاظ بما يشفي ويكفي، فمن رام البحث عن طرقه وعن تضعيفها فهو ممكن بالنظر في كتاب من كتب هذا الشأن وبالجملة: فالحديث لا تقوم به حجة ».

٣٣ - ولى الله اللكهنوى

قال ولي الله بن حبيب الله اللكهنوى في ( شرح مسلم الثبوت ) بعد كلام له: « وأما المعارضة للحديثين المذكورين بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم رواه ابن عدي وابن عبد البر ، و بقوله خذوا شطر دينكم عن الحميراء ، أي عائشة رضي الله عنها، فإنهما يدلان على جواز الأخذ بقول كل صحابي وقول عائشة وان خالف قول الشيخين أو الأربعة، فتقاعد احتجاجكم كما في المختصر لابن الحاجب.

فتدفع بأنهما ضعيفان. في الحاشية على أن الثاني يتبادر منه الرواية، أما ضعف الاول فلما قال أحمد لم يصح، والبزار: لا يصح مثل هذا الكلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ....

اعلم أن الحديث الاول وان روي في المعتبرات ولكن لم يصح منها شيء قاله احمد والبزار، قال ابن حزم في رسالته الكبرى: مكذوب موضوع باطل. نعم الحديث يؤدي بعض معناه، وهو حديث أبو موسى المرفوع ».

ترجمة ولى الله اللكهنوى

وقد ترجم ولي الله لنفسه في كتابه ( الاغصان الاربعة ) واستدرك عليه

١٥٥

ولده محمد انعام الله في ( ضميمة الاغصان الأربعة ) فليراجع.

٣٤ - صديق حسن خان

قال صديق حسن القنوجي في مسألة عدالة الصحابة، « والبحث عن عدالة الراوي انما هو في غير الصحابة وأما فيهم فلا، لان الأصل فيهم العدالة قال القاضي: هو قول السلف وجمهور الخلف، وقال الجويني: بالإجماع.

و وجه هذا القول ما ورد من العمومات المقتضية لتعديلهم كتاباً وسنة، كقوله سبحانه:( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ) ، وقوله:( جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ) ، أى: عدلا، وقوله:( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ ) ، وقوله:( وَالسَّابِقُونَ ) ، وقوله:( وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ) .

و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خير القرون قرني، و قوله في حقهم: لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه وهما في الصحيح، وقوله: أصحابي كالنجوم على مقال فيه معروف »(١) .

حول ما زعموا أنه يفيد بعض معنى حديث النجوم

لقد أشير في بعض الكلمات الى حديث مسلم، والصحيح أنه ليس بمعنى حديث النجوم، وهذا لفظه: « حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة وإسحاق بن ابراهيم وعبد الله بن عمرو بن أبان كلهم عن حسين، قال أبوبكر: ثنا حسين بن علي الجعفي عن مجمع بن يحيى عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه قال: صلينا المغرب مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلى معه العشاء، قال: فجلسنا، فخرج علينا فقال: ما زلتم هاهنا؟ قلنا: يا رسول الله صلينا معك المغرب ثم قلنا نجلس حتى نصلى معك العشاء، قال: أحسنتم - أو اصبتم - قال: فرفع رأسه الى السماء - وكان كثيراً ما يرفع رأسه الى

__________________

(١). حصول المأمول ٥٦.

١٥٦

السماء - فقال: النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لاصحابي فاذا ذهبت أتى أصحابى ما يوعدون، وأصحابي أمنة لامتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون »(١) .

أقول : ومع ذلك نتكلم عليه سنداً ودلالة.

١ - في سنده ابوموسى وهو متهم في الحديث

أما سنداً فان مداره على « أبي موسى الأشعري » وقد كان أبوموسى متهماً بالاضافة الى مخازيه ومساويه التي لا تحصى، وقد ورد بعضها في كتاب ( استقصاء الافحام في رد منتهى الكلام ).

أما حديث اتهامه في الرواية فقد أخرجه الشيخان - في أكثر من موضع - وأحمد بن حنبل كذلك وأبو داود والدارمي والطحاوي والبغوي وغيرهم، وإليك نصوص رواياتهم في ذلك:

قال أبوداود سليمان بن داود الطيالسي في ( مسنده ): « حدثنا وهب ابن خالد عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري أن الاشعري استأذن على عمر ثلاثا ولم يؤذن له فرجع فأرسل اليه فقال: اني استأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إذا استأذن المستأذن فلم يؤذن له فليرجع. فقال: لتأتينّي بمن يعلم هنا ( هذا. ظ ) أو لافلعنّ بك ولا فعلن!. قال أبو سعيد: جاءني الاشعري يرعد قد اصفر لون وجهه فقام على حلقة من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: أنشد الله رجلا علم من هذا علماً الا قام به، فاني قد خفت هذا الرجل على نفسي! فقلت أنا معك فقال آخر: وأنا معك، فسرى عنه ».

و قال أحمد في ( مسنده ): « ثنا سفيان، ثنا يزيد بن خصيفة عن بسر ابن سعيد عن أبي سعيد الخدري، قال: كنت في حلقة من حلق الأنصار

__________________

(١). صحيح مسلم ٢ / ٢٧٠.

١٥٧

فجاءنا أبوموسى كأنه مذعور فقال: ان عمر أمرني أن آتيه فأتيته فاستأذنت ثلاثاً فلم يؤذن فرجعت، وقد قال ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من استأذن ثلاثاً ولم يؤذن له فليرجع. فقال: لتجيئن ببيّنة على الذي تقول والا أوجعتك. قال أبو سعيد: فأتانا أبو موسى مذعورا - أو قال: فزعا - فقال: أستشهدكم، فقال ابيّ بن كعب: لا يقوم معك الا أصغر القوم. قال أبوسعيد: وكنت أصغرهم فقمت معه وشهدت أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من استأذن ثلاثاً وفلم يؤذن له فليرجع»(١) .

و قال أيضاً: « ثنا يزيد: أنبأنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري، قال: استأذن أبو موسى على عمر ثلاثاً فلم يؤذن له فرجع فلقيه عمر فقال: ما شأنك رجعت؟ قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من استأذن ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع، قال: لتأتين على هذا ببيّنة أو لافعلنّ. ولأفعلن فأتى مجلس قومه فناشدهم الله عز وجل، فقلت: أنا معك فشهدا له بذلك فخلّى سبيلهم».

و قال أيضاً: « ثنا زيد بن هارون قال: أنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: استأذن أبو موسى على عمر (رض) ثلاثاً فلم يؤذن له فرجع فلقيه عمر (رض) فقال: ما شأنك رجعت؟ قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من استأذن ثلاثاً ولم يؤذن له فليرجع. فقال: لتأتينّ على هذه ببيّنة أو لافعلنّ ولافعلنّ فأتى مجلس قومه فناشدهم الله تعالى، فقلت: أنا معك، فشهدوا له فخلّى سبيله ».

و قال أبومحمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي السمرقندي في ( مسنده ): « أخبرنا أبو النعمان ثنا يزيد بن زريع ثنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري أن أباموسى الاشعري استأذن على عمر ثلث مرات فلم يؤذن له فرجع فقال: ما رجعك؟ قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١). مسند أحمد بن حنبل ٣ / ٦.

١٥٨

يقول: اذا استأذن المستأذن ثلث مرات فان أذن له والا فيرجع، فقال: لتأتينّ بمن يشهد معك أو لافعلنّ ولافعلنّ. قال أبوسعيد: وأتانا وأنا في قوم من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المسجد وهو فزع من وعيد عمر إياه فقام علينا فقال: أنشد الله منكم رجلا سمع ذلك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الا شهد لي به، قال: فرفعت رأسي فقلت: أخبره أني معك على هذا، وقال ذاك آخرون فسرى عن أبي موسى ».

وقال البخاري في ( الصحيح ): « حدثنا محمد بن سلام: أخبرنا مخلد بن يزيد أخبرنا ابن جريح قال: أخبرني عطاء عن عبيد بن عمير أنّ أبا موسى الاشعري استأذن على عمر بن الخطاب فلم يؤذن وكأنه كان مشغولا فرجع أبو موسى ففرغ عمر فقال: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس، ائذنوا له، قيل: قد رجع فدعاه فقال: كنا نؤمر بذلك فقال تأتيني على ذلك بالبينة فانطلق الى مجلس الأنصار فسألهم فقالوا: لا يشهد لك على هذا الا أصغرنا أبو سعيد الخدري فذهب بأبي سعيد الخدري فقال عمر: أخفى هذا عليّ من أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ألهاني الصفق بالأسواق. يعني الخروج الى التجارة ».

و قال أيضاً: « حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا يزيد بن خصيفة عن بسر بن سعيد عن أبي سعيد الخدري قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبوموسى كأنه مذعور فقال: استأذنت على عمر ثلاثاً فلم يؤذن لي فرجعت فقال: ما منعك؟ قلت استأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي فرجعت وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع فقال: لتقيمنّ عليه بيّنة، أمنكم أحد سمعه من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقال ابيّ بن كعب والله لا يقوم معك الا أصغر القوم، فكنت أصغر القوم فقمت معه، فأخبرت عمر أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ذلك. وقال ابن المبارك: أخبرني ابن عيينة حدثني يزيد عن بسر بن سعيد قال: سمعت أبا سعيد بهذا. قال أبو عبد الله: أراد عمر التثبت لا أن لا يجيز خبر

١٥٩

الواحد ».

وقال: « حدثنا مسدّد حدثنا يحيى عن ابن جريح حدثني عطاء عن عبيد بن عمير قال: استأذن أبو موسى على عمر فكأنه وجده مشغولا فرجع فقال عمر: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس ائذنوا له، فدعى له فقال: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: انا كنا نؤمر بهذا قال: فأتني على هذا ببينة أو لأفعلن بك. فانطلق الى مجلس من الأنصار فقالوا: لا يشهد الا أصاغرنا ( أصغرنا. ظ ) فقام أبوسعيد الخدري فقال: قد كنا نؤمر بهذا، فقال عمر: خفي عليّ هذا من أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ألهاني الصفق بالأسواق ».

و قال مسلم في ( الصحيح ): « حدّثني أبو الطاهر أخبرني عبد الله بن وهب، ثني عمرو بن الحرث عن بكير بن الأشجع أن بسر بن سعيد حدّثه أنّه سمع أبا سعيد الخدري يقول: كنّا في مجلس عند أبي بن كعب فأتى أبو موسى الاشعري مغضبا حتى وقف فقال: أنشدكم الله هل سمع أحد منكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: الاستيذان ثلاث فان أذن لك والا فارجع، قال أبي: وما ذاك؟ قال: استأذنت على عمر بن الخطاب أمس ثلاث مرّات فلم يؤذن لي فرجعت ثم جئته اليوم فدخلت عليه فأخبرته أني جئت أمس فسلمت ثلاثاً ثم انصرفت. قال: قد سمعناك ونحن حينئذ على شغل فلو ما استأذنت حتى يؤذن لك؟ قال: استأذنت كما سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: فو الله لاوجعن ظهرك وبطنك أو لتأتين بمن يشهد لك على هذا، فقال أبي بن كعب: فو الله لا يقوم معك الا أحدثنا سناً، قم يا أبا سعيد! فقمت حتى أتيت عمر فقلت: قد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول هذا ».

و قال: « حدّثنا حسين بن حريث أبوعمار ثنا الفضل بن موسى أخبرنا طلحة بن يحيى عن أبي بردة عن أبي موسى الاشعري قال: جاء أبوموسى الى عمر بن الخطاب فقال: السلام عليكم، هذا عبد الله بن قيس، فلم يأذن له، فقال: السلام عليكم، هذا أبوموسى، السلام عليكم هذا

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

٦ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عثمان ، عن حريز عمن ذكره ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إذا صحبت فاصحب نحوك ولا تصحبن من يكفيك فإن ذلك مذلة للمؤمن.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن محمد بن سنان ، عن حذيفة بن منصور ، عن شهاب بن عبد ربه قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام قد عرفت حالي وسعة يدي وتوسعي على إخواني فأصحب النفر منهم في طريق مكة فأتوسع عليهم قال لا تفعل يا شهاب إن بسطت وبسطوا أجحفت بهم وإن أمسكوا أذللتهم فاصحب نظراءك.

٨ ـ أحمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام يخرج الرجل مع قوم مياسير وهو أقلهم شيئا فيخرج القوم النفقة ولا يقدر هو أن يخرج مثل ما أخرجوا فقال ما أحب أن يذل نفسه ليخرج مع من هو مثله.

(باب)

(الدعاء في الطريق)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن حذيفة بن منصور قال صحبت أبا عبد اللهعليه‌السلام وهو متوجه إلى مكة فلما صلى

الحديث السادس : مرسل. والأصوب حماد بن عيسى لما ذكره الصدوق (ره) في آخر أسانيد الفقيه ولأن الشائع روايته عن حريز لا رواية ابن عثمان عنه.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

باب الدعاء في الطريق

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

١٨١

قال ـ اللهم خل سبيلنا وأحسن تسييرنا وأحسن عافيتنا وكلما صعد أكمة قال ـ اللهم لك الشرف على كل شرف.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في سفره إذا هبط سبح وإذا صعد كبر.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن قاسم الصيرفي ، عن حفص بن القاسم قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن على ذروة كل جسر شيطان فإذا انتهيت إليه فقل ـ بسم الله يرحل عنك.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن عيسى بن عبد الله القمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قل اللهم إني أسألك لنفسي اليقين والعفو والعافية في الدنيا والآخرة اللهم أنت ثقتي وأنت رجائي وأنت عضدي وأنت ناصري بك أحل وبك أسير قال ومن يخرج في سفر وحده فليقل «ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ » اللهم آنس وحشتي وأعني على وحدتي وأد غيبتي.

قولهعليه‌السلام :(١) « وقال الفيروزآبادي »« الأكمة » محركة التل من القف من حجارة واحدة أو هي دون الجبال ، أو الموضع يكون أشد ارتفاعا مما حوله وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجرا ، وقال : ـ الشرف محركة ـ العلو والمكان العالي فأريد هنا بالأول الأول وبالثاني الثاني.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « شيطان » لعله بتقدير ضمير الشأن والأظهر شيطانا كما في الفقيه.

الحديث الرابع : حسن أو موثق.

قوله عليه‌السلام : « أحل » هو بكسر الحاء أي أنزل.

قوله عليه‌السلام : « وأد غيبتي » الإسناد مجازي أي أدنى عن غيبتي.

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن الصحيح أنّ هنا سقط ولعله من النسّاخ « كما صعد أكمّة ».

١٨٢

٥ ـ أحمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن علي ، عن علي بن حماد ، عن رجل ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي عبد الله قال إذا خرجت في سفر فقل ـ اللهم إني خرجت في وجهي هذا بلا ثقة مني بغيرك ولا رجاء آوي إليه إلا إليك ولا قوة أتكل عليها ولا حيلة ألجأ إليها إلا طلب فضلك وابتغاء رزقك وتعرضا لرحمتك وسكونا إلى حسن عادتك وأنت أعلم بما سبق لي في علمك في سفري هذا مما أحب أو أكره فإنما أوقعت عليه يا رب من قدرك فمحمود فيه بلاؤك ومنتصح عندي فيه قضاؤك وأنت تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب اللهم فاصرف عني مقادير كل بلاء ومقضي كل لاواء وابسط علي كنفا من رحمتك ولطفا من عفوك وسعة من رزقك وتماما من نعمتك وجماعا من معافاتك وأوقع علي فيه جميع قضائك على موافقة جميع هواي في حقيقة أحسن أملي وادفع ما أحذر فيه وما لا أحذر على نفسي وديني ومالي مما أنت أعلم به مني واجعل ذلك خيرا لآخرتي ودنياي مع ما أسألك يا رب

الحديث الخامس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « إلى حسن عادتك » وفي مصباح الزائر : عائدتك.

قوله عليه‌السلام : « متنصح » مبالغة في النصح أي خالص عن الغش« والأوار » الشدة.

وقال في القاموس :الكنف محركة الجانب والظل والحرز والستر والناحية يقال انهزموا فما كانت لهم كأنفه أي حاجز يحجز العدو عنهم.

وقال :« جماع » الشيء جمعه يقال : جماع الخباء والأخبية أي جمعها لأن الجماع ما جمع عددا.

وقال في النهاية : ومنه الحديث « الخمر جماع الإثم » أي مجمعة ومظنة(١) قوله عليه‌السلام : « وادفع » في مصباح الزائر : وادفع عني ما أحذر وما لا أحذر.

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ١ ص ٢٩٥.

١٨٣

أن تحفظني فيمن خلفت ورائي من ولدي وأهلي ومالي ومعيشتي وحزانتي وقرابتي وإخواني بأحسن ما خلفت به غائبا من المؤمنين في تحصين كل عورة وحفظ من كل مضيعة وتمام كل نعمة وكفاية كل مكروه وستر كل سيئة وصرف كل محذور وكمال كل ما يجمع لي الرضا والسرور في جميع أموري وافعل ذلك بي بحق محمد وآل محمد وصل على محمد وآل محمد والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته.

(باب)

(أشهر الحج)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن مثنى الحناط ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ » ـ شوال وذو القعدة وذو الحجة ليس لأحد أن يحج فيما سواهن.

وفي القاموس :« حزانتك » عيالك الذين تتحزن لأمرهم.

وفي المغرب :المضيعة والمضيعة وزن المعيشة والمطيبة كلاهما بمعنى الضياع.

يقال : ترك عيال بمضيعة.

باب أشهر الحج

الحديث الأول : ضعيف. ويدل على أن تمام ذي الحجة داخل في أشهر الحج كما هو ظاهر الآية فيكون المعنى الأشهر التي يمكن إيقاع أفعال الحج فيها لا إنشاء الحج وهذا أقرب الأقوال في ذلك.

وقال العلامة في التحرير : للشيخ أقوال في أشهر الحج : ففي النهاية شوال وذو القعدة وذو الحجة.

وفي المبسوط : شوال وذو القعدة إلى قبل الفجر من عاشر ذي الحجة.

وفي الخلاف : إلى طلوع الفجر.

وفي الجمل : وتسعة من ذي الحجة.

والأقرب : الأول ، ولا يتعلق بهذا الاختلاف حكم للإجماع على فوات الحج

١٨٤

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ » والفرض التلبية والإشعار والتقليد فأي ذلك فعل فقد فرض الحج ولا يفرض الحج إلا في هذه الشهور التي قال الله عز وجل : «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ » وهو شوال وذو القعدة وذو الحجة.

٣ ـ علي بن إبراهيم بإسناده قال أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وأشهر السياحة عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع

بفوات الموقفين وصحة بعض أفعال الحج فيما بعد العاشر.

الحديث الثاني : حسن كالصحيح.

الحديث الثالث : مرسل. وقال في المنتقى : لا يخلو حال طريق هذا الخبر من نظر لأنه يحتمل أن يكون قوله بإسناده إشارة إلى طريق غير مذكور فيكون مرسلا.

ويحتمل كون : الإضافة إليه للعهد ، والمراد إسناده الواقع في الحديث الذي قبله وهذا أقرب لكنه لقلة استعماله ربما يتوقف فيه.

قوله عليه‌السلام : « وعشر من ذي الحجة » هذا مبني على أن أشهر الحج هي الأشهر التي يمكن إنشاء الحج فيها ، أو إدراك الحج فيها فإنه يمكن إدراكه في اليوم العاشر بإدراك اختياري المشعر أو اضطرارية على قول قوي فيكون إطلاق الأشهر عليها مجازا وقد مر أن أشهر السياحة هي الأشهر التي أمر الله تعالى المشركين أن يسيحوا في الأرض في تلك المدة آمنين بعد أن نبذ إليهم عهودهم ببعث سورة البراءة إليهم مع أمير المؤمنينعليه‌السلام فقرأها عليهم يوم النحر وفيه قرأ عليهم«فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ »(١) فكان ابتداء السياحة من اليوم الحادي عشر

__________________

(١) سورة التوبة : ٢.

١٨٥

الأول وعشر من شهر ربيع الآخر.

(باب)

(الحج الأكبر والأصغر)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن يوم «الْحَجِّ الْأَكْبَرِ » فقال هو يوم النحر والحج الأصغر العمرة.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن ذريح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحج الأكبر يوم النحر.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن فضيل بن عياض قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن «الْحَجِّ الْأَكْبَرِ » فإن ابن عباس كان يقول ـ يوم عرفة فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه الحج الأكبر يوم النحر ويحتج بقوله عز وجل : «فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ

إلى تمام أربعة أشهر.

باب الحج الأكبر والأصغر

الحديث الأول : حسن. وقد مر الكلام فيه في باب فرض الحج والعمرة.

الحديث الثاني : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « الحج الأكبر » أي يوم الحج الأكبر ، والمراد أن اليوم الذي قال الله تعالى : «وَأَذانٌ مِنَ اللهِ » إلى الناس «يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ »(١) أي يوم هو الأذان في أي يوم وقع ، وقالعليه‌السلام الأذان وقع في يوم النحر وهو المراد بيوم الحج الأكبر وأما القول في الحج الأكبر فقد مر الكلام فيه.

الحديث الثالث : ضعيف.

__________________

(١) سورة التوبة : ٣.

١٨٦

أَشْهُرٍ » وهي عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر من ربيع الآخر ولو كان الحج الأكبر يوم عرفة لكان أربعة أشهر ويوما.

(باب)

(أصناف الحج)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول الحج ثلاثة أصناف حج مفرد وقران وتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » وبها أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والفضل فيها ولا نأمر الناس إلا بها.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، عن منصور الصيقل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام الحج عندنا على ثلاثة أوجه حاج متمتع وحاج مفرد سائق للهدي وحاج مفرد للحج.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام أي أنواع الحج أفضل فقال التمتع وكيف يكون شيء أفضل منه ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت مثل ما فعل الناس

قوله عليه‌السلام : « لكان أربعة أشهر ويوما » لعل الاستدلال مبني على أنه كان مسلما عندهم إن آخر أشهر السياحة كان عاشر ربيع الآخر.

باب أصناف الحج

الحديث الأول : حسن وما يدل عليه من انقسام الحج إلى الأقسام الثلاثة وحصره فيها مما أجمع عليه العلماء ، وأما إنكار عمر : التمتع فقد ذكر المخالفون أيضا أنه قد تحقق الإجماع بعده على جوازه.

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : حسن.

١٨٧

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ما نعلم حجا لله غير المتعة إنا إذا لقينا ربنا قلنا ربنا عملنا بكتابك وسنة نبيك ويقول القوم عملنا برأينا فيجعلنا الله وإياهم حيث يشاء.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام قال كان أبو جعفرعليه‌السلام يقول المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أفضل من المفرد السائق للهدي وكان يقول ليس يدخل الحاج بشيء أفضل من المتعة.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن معاوية

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « أفضل » فإن قيل : هذا لا يستقيم في الآفاقي ولا في المكي لأن الآفاقي يجب عليه التمتع ولا يجزيه القرآن والإفراد فكيف يكون أفضل بالنسبة إليه والأفضلية لا تتحقق إلا بتحقق الفضل في المفضل عليه وأما في المكي لأنه مخير بين الإفراد والقران لا يجزيه التمتع فكيف يكون له أفضل.

قلنا : يمكن توجيهه بوجهين.

الأول : أن نخصه بالآفاقي ويكون التعبير بالأفضلية على سبيل المماشاة أي لو كان فيهما فضل كان التمتع خيرا منهما ومثله في الأخبار كثير كقولهمعليهم‌السلام قليل في سنة خير من كثير من بدعة.

والثاني : أن نحمله على غير حج الواجب ولا يستبعد كون التمتع في غير الواجب للمكي أيضا أفضل إن لم نقل : في حجة الإسلام له بذلك كما ذهب إليه جماعة.

والثالث : أن يكون المراد أن من يجوز له الإتيان بالتمتع ثوابه أكثر من ثواب القارن وإن لم يكونا بالنسبة إلى واحد ، وفيه بعد.

الحديث السادس : مجهول.

١٨٨

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من حج فليتمتع إنا لا نعدل بكتاب الله عز وجل وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم وابن أبي نجران ، عن صفوان الجمال قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن بعض الناس يقول جرد الحج وبعض الناس يقول اقرن وسق وبعض الناس يقول تمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » فقال لو حججت ألف عام لم أقرنها إلا متمتعا.

٨ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد قال كتب إليه علي بن ميسر يسأله عن رجل اعتمر في شهر رمضان ثم حضر له الموسم أيحج مفردا للحج أو يتمتع أيهما أفضل فكتب إليه يتمتع أفضل.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحج فقال تمتع ثم قال إنا إذا وقفنا بين يدي الله عز وجل قلنا يا رب أخذنا بكتابك وسنة نبيك وقال الناس رأينا برأينا.

قوله عليه‌السلام : « لا نعدل » أي لا نعادل ولا نساوي بهما شيئا كما قال : تعالى «ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ »(١) .

قوله عليه‌السلام : « لم أقرنها » (٢) وفي بعض النسخ بالباء الموحدة وفي بعضها بالنون ، وعلى الأول مبالغة في عدم الإتيان ، وعلى الثاني يحتمل أن يكون الاستثناء منقطعا ، ويحتمل أن يكون المراد أن القران يكون بسياق الهدي وبالقران بين الحج والعمرة فلو أتيت بالقرآن لم آت إلا بهذا النوع من القرآن ، وفي التهذيب ما قدمتها وهو أظهر.

الحديث الثامن : ضعيف.

الحديث التاسع : حسن.

__________________

(١) سورة الأنعام : ١.

(٢) هكذا في الأصل ولكن الصحيح أنّ هذا القول راجع إلى الحديث السابع وهو مخذوف ولعلّه من سهو النسّاخ.

١٨٩

١٠ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المتعة والله أفضل وبها نزل القرآن وجرت السنة.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام في السنة التي حج فيها وذلك في سنة اثنتي عشرة ومائتين فقلت جعلت فداك بأي شيء دخلت مكة مفردا أو متمتعا فقال متمتعا فقلت له أيما أفضل المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أو من أفرد وساق الهدي فقال كان أبو جعفرعليه‌السلام يقول المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أفضل من المفرد السائق للهدي وكان يقول ليس يدخل الحاج بشيء أفضل من المتعة.

١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن عبد الملك بن عمرو أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن التمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » فقال تمتع قال فقضى أنه أفرد الحج في ذلك العام أو بعده فقلت أصلحك الله سألتك فأمرتني بالتمتع وأراك قد أفردت الحج العام فقال أما والله إن الفضل لفي الذي أمرتك به ولكني ضعيف فشق علي طوافان بين الصفا والمروة فلذلك أفردت الحج.

١٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عمه عبيد الله أنه قال سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا حاضر فقال إني اعتمرت في الحرم وقدمت الآن متمتعا فسمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول نعم ما صنعت إنا لا نعدل ـ بكتاب الله عز وجل وسنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإذا بعثنا ربنا

الحديث العاشر : مجهول كالصحيح.

الحديث الحادي عشر : صحيح.

الحديث الثاني عشر : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث عشر : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « في الحرم » أي في الأشهر الحرم ، ويحتمل رجب وذو القعدة

١٩٠

أو وردنا على ربنا قلنا يا رب أخذنا بكتابك وسنة نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال الناس رأينا رأينا فصنع الله عز وجل بنا وبهم ما شاء.

١٤ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن درست ، عن محمد بن الفضل الهاشمي قال دخلت مع إخوتي على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقلنا إنا نريد الحج وبعضنا صرورة فقال عليكم بالتمتع فإنا لا نتقي في التمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » سلطانا واجتناب المسكر والمسح على الخفين.

١٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني اعتمرت في رجب وأنا أريد الحج أفأسوق الهدي وأفرد الحج أو أتمتع فقال في كل فضل وكل حسن قلت فأي ذلك أفضل فقال تمتع هو

قوله عليه‌السلام : « أو وردنا » الترديد من الراوي.

الحديث الرابع عشر : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « فإنا لا نتقي » قيل : إن عدم التقية في تلك الأمور من خصائصهمعليهم‌السلام ولذا قال : فإنا لا نتقي وهو بعيد من سياق هذا الخبر. وقيل : إنما كانت التقية في تلك الأمور موضوعة عنهم لكون مذهبهم معلوما فيها ، أو لكون بعض المخالفين موافقا لهم فيها.

وقيل المراد : إن الإنسان لا يحتاج فيها إلى التقية أما في الحج فلاشتراك الطواف والسعي بين الجميع لإتيانهم بهما استحبابا للقدوم والنية والإحرام للحج لا يطلع عليهما أحد ، والتقصير يمكن إخفاؤه وأما اجتناب المسكر فيمكن الاعتدال في الترك بالضرر وغير ذلك وأما المسح فلان غسل الرجلين أحسن منه ، وظاهر الخبر عدم التقية فيها مطلقا ، ولم أر قائلا به من الأصحاب إلا أن الصدوقين روياه في كتابيهما.

الحديث الخامس عشر : حسن.

١٩١

والله أفضل ثم قال إن أهل مكة يقولون إن عمرته عراقية وحجته مكية كذبوا أوليس هو مرتبطا بحجه لا يخرج حتى يقضيه ثم قال إني كنت أخرج لليلة أو لليلتين تبقيان من رجب فتقول ـ أم فروة أي أبه إن عمرتنا شعبانية وأقول لها أي بنية إنها فيما أهللت وليست فيما أحللت.

١٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من لم يكن معه هدي وأفرد رغبة عن المتعة فقد رغب عن دين الله عز وجل.

١٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن عمير ، عن معاوية قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إنهم يقولون في حجة المتمتع حجه مكية وعمرته عراقية فقال كذبوا أوليس هو مرتبطا بحجته لا يخرج منها حتى يقضي حجته.

قوله عليه‌السلام : « وحجته مكية » أي أنهم يقولون لما أحرم بحج التمتع من مكة فصارت حجته كحجة أهل مكة لأنهم يحجون من منزلهم(١) فأجابهمعليه‌السلام بأن حج التمتع لما كان مرتبطا بعمرته فكأنهما فعل واحد فلما أحرم بالعمرة من الميقات ، وذكر الحج أيضا في تلبية العمرة كانت حجته أيضا عراقية كأنه أحرم بها من الميقات ثم ذكرعليه‌السلام قصة أم فروة مؤيدا لكون المدار على الإهلال بعد ما مهدعليه‌السلام على أن الإهلال بالحج أيضا وقع من الميقات وأم فروة كنية لأم الصادقعليه‌السلام بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، ويظهر من هذا الخبر أنه كانت لهعليه‌السلام ابنة مكناة بها أيضا.

الحديث السادس عشر : ضعيف على المشهور.

الحديث السابع عشر : حسن.

__________________

(١) هكذا في الأصل : والأولى « من منازلهم ».

١٩٢

١٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن عبد الملك بن أعين قال حج جماعة من أصحابنا فلما قدموا المدينة دخلوا على أبي جعفرعليه‌السلام فقالوا إن زرارة أمرنا أن نهل بالحج إذا أحرمنا فقال لهم تمتعوا فلما خرجوا من عنده دخلت عليه فقلت جعلت فداك لئن لم تخبرهم بما أخبرت زرارة لنأتين الكوفة ولنصبحن به كذابا فقال ردهم فدخلوا عليه فقال صدق زرارة ثم قال أما والله لا يسمع هذا بعد هذا اليوم أحد مني.

(باب)

(ما على المتمتع من الطواف والسعي)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير وصفوان جميعا ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال على المتمتع

الحديث الثامن عشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « صدق زرارة » لعلهعليه‌السلام إنما أراد بما أخبر به زرارة الإهلال بالحج مع تلبية العمرة ولم يفهم عبد الملك ، أو كان مرادهعليه‌السلام الإهلال بالحج ظاهرا تقية مع نية العمرة باطنا ولما لم يكن التقية في هذا الوقت شديدة لم يأمرهم بذلك فلما علم أنه يصير سببا لتكذيب زرارة أخبرهم وبين أنه لا حاجة إلى ذلك بعد اليوم.

وقال في المنتقى : كأنهعليه‌السلام أراد للجماعة تحصيل فضيلة التمتع فلما علم أنهم يذيعون وينكرون على زرارة فيما أخبر به على سبيل التقية عدلعليه‌السلام من كلامه وردهم إلى حكم التقية.

باب ما على المتمتع من الطواف والسعي

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

١٩٣

«بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » ثلاثة أطواف بالبيت وسعيان بين الصفا والمروة وعليه إذا قدم مكة طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيمعليه‌السلام وسعي بين الصفا والمروة ثم يقصر وقد أحل هذا للعمرة وعليه للحج طوافان وسعي بين الصفا والمروة ويصلي عند كل طواف بالبيت ركعتين عند مقام إبراهيمعليه‌السلام .

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المتمتع عليه ثلاثة أطواف بالبيت وطوافان بين الصفا والمروة وقطع التلبية من متعته إذا نظر إلى بيوت مكة ويحرم بالحج يوم التروية ويقطع التلبية يوم عرفة حين تزول الشمس.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال على المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » ثلاثة أطواف بالبيت ويصلي لكل طواف ركعتين وسعيان بين الصفا والمروة.

قوله عليه‌السلام : « وعليه » الأولى عدم « الواو » وفي بعض نسخ الكتاب والتهذيب [ فعليه ] ولعله الصحيح لأنه تفصيل لما سبقة.

ثم اعلم أن هذه الأخبار تدل على عدم طواف النساء في العمرة المتمتع بها كما هو المشهور ، وفيه قول نادر بالوجوب وهو ضعيف.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

١٩٤

(باب)

(صفة الإقران وما يجب على القارن)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يكون القارن إلا بسياق الهدي وعليه طوافان بالبيت وسعي بين الصفا والمروة كما يفعل المفرد ليس بأفضل من المفرد إلا بسياق الهدي.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال القارن لا يكون إلا بسياق الهدي وعليه طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيمعليه‌السلام وسعي بين الصفا والمروة وطواف بعد الحج وهو طواف النساء.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له إني سقت الهدي وقرنت قال ولم فعلت ذلك التمتع أفضل ثم

باب صفة الأقران وما يجب على القارن

الحديث الأول : حسن كالصحيح. وما دل عليه الخبر من عدم التفاوت بين القارن والمفرد إلا بسياق الهدي ، وهو المشهور بين الأصحاب.

وقال ابن أبي عقيل : القارن من ساق وجمع بين الحج والعمرة فلا يتحلل منها حتى يتحلل بالحج ونحوه قال الجعفي.

وحكي في المعتبر عن الشيخ في الخلاف أنه قال : إذا أتم المتمتع أفعال عمرته وقصر فقد صار محلا فإن كان ساق هديا لم يجز له التحلل وكان قارنا.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : حسن.

١٩٥

قال يجزئك فيه طواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة واحد وقال طف بالكعبة يوم النحر.

(باب)

(صفة الإشعار والتقليد)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني قد اشتريت بدنة فكيف أصنع بها فقال انطلق حتى تأتي مسجد الشجرة فأفض عليك من الماء والبس ثوبيك ثم أنخها مستقبل القبلة ثم ادخل المسجد فصل ثم افرض بعد صلاتك ثم اخرج إليها فأشعرها من الجانب الأيمن من سنامها ثم قل بسم الله اللهم منك ولك اللهم تقبل مني ثم انطلق حتى تأتي البيداء فلبه.

٢ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان ، عن

قوله عليه‌السلام : « طواف » لعله محمول على التقية ، أو المراد به جنس الطواف بقرينة عدم التقييد بالوحدة كما قيد في مقابله ، أو المراد بقوله « طف بالكعبة » طواف النساء وإن كان بعيدا ، أو كان طوافان فوقع التصحيف من النساخ أو الرواة.

باب صفة الإشعار والتقليد

الحديث الأول : موثق.

قوله عليه‌السلام : « ثم افرض » ظاهره التلبية ، ويحتمل نية الإحرام.

ثم اعلم : أن المشهور بين الأصحاب أن عقد الإحرام لغير القارن لا يكون إلا بالتلبية وأما القارن فيتخير في عقد إحرامه بينها وبين الإشعار والتقليد فبأيهما بدأ كان الثاني مستحبا.

وقال المرتضى ، وابن إدريس : لا عقد في الجميع إلا بالتلبية وهو ضعيف.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

١٩٦

محمد الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن تجليل الهدي وتقليدها فقال لا تبالي أي ذلك فعلت وسألته عن إشعار الهدي فقال نعم من الشق الأيمن فقلت متى نشعرها قال حين تريد أن تحرم.

٣ ـ أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله وزرارة قالا سألنا أبا عبد اللهعليه‌السلام عن البدن كيف تشعر ومتى يحرم صاحبها ومن أي جانب تشعر ومعقولة تنحر أو باركة فقال تنحر معقولة وتشعر من الجانب الأيمن.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نجران ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن البدن كيف تشعر قال تشعر وهي معقولة وتنحر وهي قائمة تشعر من جانبها الأيمن ويحرم صاحبها إذا قلدت وأشعرت.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا كانت البدن كثيرة قام فيما بين ثنتين ثم أشعر اليمنى ثم اليسرى ولا يشعر أبدا حتى يتهيأ للإحرام لأنه إذا أشعر وقلد وجلل وجب عليه الإحرام وهي بمنزلة التلبية.

قوله عليه‌السلام : « عن تجليل الهدي » أي إذا أردت أن أعلمها علامة لا تشتبه بغيرها ألبسها الجل أفضل ، أم أقلد في عنقها نعلا ، وتجويزهعليه‌السلام كلا منهما لا يدل على أنه ينعقد الإحرام بالتحليل ، وأما الإشعار من الجانب الأيمن فلا خلاف فيه مع وحدتها ، وأما مع التعدد فالمشهور بين الأصحاب أنه يدخل بينها ويشعرها يمينا وشمالا.

الحديث الثالث : ضعيف.

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « وجلل » يدل على أن التجليل كاف لعقد الإحرام ويشترط مع التقليد ولم أر بهما قائلا إلا أن يقال : ذكر استطرادا ، نعم اكتفى ابن الجنيد بالتقليد بسير أو خيط صلى فيه.

١٩٧

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله قال البدن تشعر من الجانب الأيمن ويقوم الرجل في جانب الأيسر ثم يقلدها بنعل خلق قد صلى فيها.

(باب الإفراد)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المفرد بالحج عليه طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيمعليه‌السلام وسعي بين الصفا والمروة وطواف الزيارة وهو طواف النساء وليس عليه هدي ولا أضحية قال وسألته عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة قال نعم ما شاء ويجدد التلبية بعد الركعتين والقارن بتلك المنزلة يعقدان ما أحلا من الطواف

الحديث السادس : حسن.

قوله عليه‌السلام : « قد صلى فيها » من الأصحاب من قرأه على بناء المعلوم فعين كون القارن صلى فيها ومنهم من قرأها على بناء المجهول فاكتفى بما إذا صلى فيه غيره أيضا.

باب الإفراد

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « وهو طواف النساء » تسمية طواف النساء بطواف الزيارة خلاف المشهور ، وقال في الدروس : روى معاوية بن عمار عنهعليه‌السلام تسمية طواف النساء بطواف الزيارة(١) .

قوله عليه‌السلام : « ويجدد التلبية » ذهب الشيخ في النهاية ، وموضع من المبسوط إلى أن القارن والمفرد إذا طافا قبل المضي إلى عرفات الطواف الواجب أو غيره جددا التلبية عند فراغهما من الطواف وبدونهما يحلان وينقلب حجهما عمرة. وقال

__________________

(١) الوسائل : ج ٨ ص ١٥٦ ح ١٣.

١٩٨

بالتلبية.

(باب)

(فيمن لم ينو المتعة)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ـ عن رجل لبى بالحج مفردا فقدم مكة وطاف بالبيت وصلى ركعتين عند مقام إبراهيمعليه‌السلام وسعى بين الصفا والمروة قال فليحل وليجعلها متعة إلا أن يكون ساق الهدي.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ابن

في التهذيب : إن المفرد يحل بترك التلبية دون القارن وقال المفيد ، والمرتضى : إن التلبية بعد الطواف يلزم القارن لا المفرد ولم يتعرضا للتحلل بترك التلبية ولا عدمه ، ونقل عن ابن إدريس : أنه أنكر ذلك كله ، وقال : إن التحلل إنما يحصل بالنية لا بالطواف والسعي وليس تجديد التلبية بواجب وتركها مؤثرا في انقلاب الحج عمرة واختاره المحقق في كتبه الثلاثة والعلامة في المختلف.

باب فيمن لم ينو المتعة

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فليحل » جواز عدول المفرد اختيارا إلى التمتع كما دل عليه الخبر مقطوع به في كلام الأصحاب ، بل ادعى في المعتبر عليه الإجماع لكن الأكثر خصوه بما إذا لم يتعين عليه الإفراد.

وذهب الشهيد الثاني :رحمه‌الله إلى جواز العدول مطلقا وكذا عدم جواز عدول القارن مجمع عليه بين الأصحاب.

الحديث الثاني : موثق.

١٩٩

بكير ، عن زرارة قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول من طاف بالبيت وبالصفا والمروة أحل أحب أو كره.

٣ ـ أحمد ، عن الحسن بن علي ، عن يونس بن يعقوب عمن أخبره ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال ما طاف بين هذين الحجرين ـ الصفا والمروة أحد إلا أحل إلا سائق الهدي.

(باب)

(حج المجاورين وقطان مكة)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن سعيد الأعرج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس لأهل سرف ولا لأهل مر ولا لأهل مكة متعة يقول الله عز وجل : «ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ».

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت لأهل مكة متعة قال لا ولا لأهل

ويدل على ما ذهب الشيخ مع الحمل على عدم التلبية كما سبق.

الحديث الثالث : مرسل.

باب حج المجاورين وقطان مكة

الحديث الأول : ضعيف على المشهور. وقال الفيروزآبادي :سرف ـ بالسين المهملة ككتف ـ : موضع قرب التنعيم ، وقال في النهاية : هو موضوع من مكة على عشرة أميال ، وقيل أقل وأكثر(١) ، وقال الجوهريالمر ـ بالفتح ـ الجبل وبطن مر أيضا وهو من مكة على مرحلة.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور. وقال في المغرب :بستان بني عامر موضع قرب مكة انتهى.

__________________

(١) نهاية ابن الأثير : ج ٢ ص ٣٦٢.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332