نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٣

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار17%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 332

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 332 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 155149 / تحميل: 6505
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

باب

الطواف واستلام الأركان

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال طف بالبيت سبعة أشواط وتقول في الطواف : اللهم إني أسألك باسمك الذي يمشى به على طلل الماء كما يمشى به على جدد الأرض وأسألك باسمك الذي يهتز له عرشك وأسألك باسمك الذي تهتز له أقدام ملائكتك وأسألك باسمك الذي دعاك به موسى من جانب الطور فاستجبت له وألقيت عليه محبة منك وأسألك باسمك الذي غفرت به لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأتممت عليه نعمتك أن تفعل بي كذا وكذا ما أحببت من الدعاء وكلما انتهيت إلى باب الكعبة فصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وتقول فيما بين الركن اليماني والحجر الأسود : «رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ » وقل في الطواف : اللهم إني إليك فقير وإني خائف مستجير فلا تغير جسمي ولا تبدل اسمي.

باب الطواف واستلام الأركان

الحديث الأول : حسن كالصحيح. يقال : مشى على طلل الماء بالتحريك أي على ظهره ، والجدد محركة الأرض الغليظة المستوية.

قوله عليه‌السلام : « ما أحببت » بيان لكذا وكذا وفي التهذيب لما أحببت.

قوله عليه‌السلام : « ولا تغير جسمي » أي لا تبتلين في الدنيا ببلاء يشوه خلقي أو في الآخرة بذلك في القيامة وفي النار ، وإما تبديل الاسم بأن يكتبه من الأشقياء أو يسمى كافرا بعد ما كان مؤمنا وفاسقا بعد ما كان صالحا.

وقيل : بأن يبتلي ببلاء يشتهر ويلقب به كان يقال فلان الأعمى وفلان الأعرج ، ولا يخفى ما فيه.

٢١

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن سنان ، عن عبد الله بن مسكان قال حدثني أيوب أخو أديم ، عن الشيخ قال قال لي أبي كان أبي عليه‌السلام إذا استقبل الميزاب قال : اللهم أعتق رقبتي من النار وأوسع علي من رزقك الحلال وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس وأدخلني الجنة برحمتك.

٣ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن عبد السلام بن عبد الرحمن بن نعيم قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام دخلت طواف الفريضة فلم يفتح لي شيء من الدعاء إلا الصلاة على محمد وآل محمد وسعيت فكان كذلك فقال ما أعطي أحد ممن سأل أفضل مما أعطيت.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن يعقوب بن شعيب قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ما أقول إذا استقبلت الحجر فقال كبر وصل على محمد وآله قال وسمعته إذا أتى الحجر يقول الله أكبر السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن عاصم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان علي بن الحسين عليه‌السلام إذا بلغ الحجر قبل أن يبلغ الميزاب يرفع رأسه ثم يقول : اللهم أدخلني الجنة برحمتك وهو ينظر إلى الميزاب وأجرني برحمتك من النار وعافني من السقم وأوسع علي من الرزق الحلال وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس وشر فسقة العرب والعجم.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول لما انتهى إلى ظهر الكعبة حين يجوز الحجر : يا ذا المن والطول والجود والكرم إن عملي ضعيف فضاعفه لي وتقبله مني «إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ».

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : حسن.

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : مجهول.

الحديث السادس : حسن.

٢٢

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال يستحب أن تقول بين الركن والحجر : اللهم «آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ » وقال إن ملكا موكلا يقول آمين.

٨ ـ أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام قال كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يستلم إلا الركن الأسود واليماني ثم يقبلهما ويضع خده عليهما ورأيت أبي يفعله.

٩ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كنت أطوف بالبيت فإذا رجل يقول ما بال هذين الركنين يستلمان ولا يستلم هذان فقلت إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله استلم هذين ولم يعرض لهذين فلا تعرض لهما إذا لم يعرض لهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال جميل ورأيت أبا عبد الله عليه‌السلام يستلم الأركان كلها.

١٠ ـ أحمد بن محمد ، عن البرقي رفعه ، عن زيد الشحام أبي أسامة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كنت أطوف مع أبي عبد الله عليه‌السلام وكان إذا انتهى إلى الحجر مسحه بيده وقبله وإذا انتهى إلى الركن اليماني التزمه فقلت جعلت فداك تمسح الحجر بيدك وتلتزم

الحديث السابع : صحيح. والمراد بالركن : اليماني.

الحديث الثامن : موثق. ويدل على عدم تأكد استحباب استلام الشامي والمغربي. واختلف الأصحاب في استلام الأركان فذهب الأكثر إلى استحباب استلام الأركان كلها وإن تأكد استحباب استلام العراقي واليماني ، وأسنده العلامة في المنتهى إلى علمائنا ، ومنع ابن الجنيد من استلام الشامي والمغربي والمعتمد الأول.

الحديث التاسع : صحيح. وقال في المنتهى : الشيخ حمل ما تضمنه صدر هذا الحديث من ترك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله استلام الركنين على عدم تأكد استحباب الاستلام فيهما كما في الآخرين فلا ينافي أصل الاستحباب المستفاد من العجز.

الحديث العاشر : صحيح. وفي بعض النسخ رفعه عن أبي أسامة زيد الشحام

٢٣

اليماني؟ فقال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما أتيت الركن اليماني إلا وجدت جبرئيل قد سبقني إليه يلتزمه.

١١ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسين بن علي ، عن ربعي ، عن العلاء بن المقعد قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إن الله عز وجل وكل بالركن اليماني ملكا هجيرا يؤمن على دعائكم.

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن العلاء بن المقعد قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إن ملكا موكلا بالركن اليماني منذ خلق الله السماوات والأرضين ليس له هجير إلا التأمين على دعائكم فلينظر عبد بما يدعو فقلت له ما الهجير فقال كلام من كلام العرب أي ليس له عمل وفي رواية أخرى ليس له عمل غير ذلك.

١٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن

فيكون مرفوعا. ويدل على أن التزام اليماني أكد من التزام ركن الحجر.

الحديث الحادي عشر : موثق :

قوله عليه‌السلام : « هجيرا » لعله كان هجيراه فسقطت الهاء من النساخ أو هجيرة فصحف الهاء بالألف يقال : هذا هجيراه وهجيرة بالكسر ، وتشديد الجيم أي دأبه وديدنه وعادته ، ويحتمل أن يكون فعيلا من الهجرة أي هجر السماوات ولزم الركن وأن يكون ظرفا بمعنى الهاجرة نصف النهار أي يلازم الركن حتى هذا الوقت والأول أظهر :

وقيل : فعيل مبالغة في هجر ككتف وهو الفائق الفاضل على غيره أي ملكا عظيما فائقا فاضلا ولا يخفى بعده كما ستعرف.

الحديث الثاني عشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « أي ليس له عمل » بيان لحاصل المعنى ويرجع إلى ما ذكرنا ويؤيد الوجه الأول.

الحديث الثالث عشر : حسن وآخره مرسل. ولعل تشبيهه بالباب لأن

٢٤

أبي عبد الله عليه‌السلام قال الركن اليماني باب من أبواب الجنة لم يغلقه الله منذ فتحه.

وفي رواية أخرى بابنا إلى الجنة الذي منه ندخل.

١٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن علي بن النعمان ، عن إبراهيم بن سنان ، عن أبي مريم قال كنت مع أبي جعفر عليه‌السلام أطوف فكان لا يمر في طواف من طوافه : بالركن اليماني إلا استلمه ثم يقول اللهم تب علي حتى أتوب واعصمني حتى لا أعود.

١٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن أبي الفرج السندي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كنت أطوف معه بالبيت فقال أي هذا أعظم حرمة فقلت جعلت فداك أنت أعلم بهذا مني فأعاد علي فقلت له داخل البيت فقال : الركن اليماني على باب من أبواب الجنة مفتوح لشيعة آل محمد مسدود عن غيرهم وما من مؤمن يدعو بدعاء عنده إلا صعد دعاؤه حتى يلصق بالعرش ما بينه وبين الله حجاب.

١٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن في هذا الموضع يعني حين يجوز الركن اليماني ملكا أعطي سماع أهل الأرض فمن صلى على

باستلامه والدعاء عنده يستحقون دخول الجنة.

الحديث الرابع عشر : ضعيف على المشهور.

قوله : « تب على » أي ارجع إلى باللطف والتوفيق حتى أتوب ، والتوبة منه تعالى يعدى بعلى ومن العبد بإلى.

الحديث الخامس عشر : ضعيف على المشهور.

الحديث السادس عشر : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « حين » كأنه استعمل بمعنى حيث.

قوله عليه‌السلام : « سماع أهل الأرض » أي قوة سماع كلام أهل الأرض ، والضمير

٢٥

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين يبلغه أبلغه إياه.

١٧ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي أو غيره ، عن حماد بن عثمان قال كان بمكة رجل مولى لبني أمية يقال له ابن أبي عوانة له عنادة وكان إذا دخل إلى مكة ـ أبو عبد الله عليه‌السلام أو أحد من أشياخ آل محمد عليهم‌السلام يعبث به وإنه أتى أبا عبد الله عليه‌السلام وهو في الطواف فقال يا أبا عبد الله ما تقول في استلام الحجر فقال استلمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له ما أراك استلمته قال أكره أن أوذي ضعيفا أو أتأذى قال فقال قد زعمت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله استلمه قال نعم ولكن كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا رأوه عرفوا له حقه وأنا فلا يعرفون لي حقي.

١٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام أن عليا صلوات الله عليه سئل كيف يستلم الأقطع الحجر قال يستلم الحجر من حيث القطع فإن كانت مقطوعة من المرفق استلم الحجر بشماله.

١٩ ـ محمد بن يحيى عمن ذكره ، عن محمد بن جعفر النوفلي ، عن إبراهيم بن عيسى ، عن أبيه ، عن أبي الحسن عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طاف بالكعبة حتى إذا بلغ الركن اليماني رفع رأسه إلى الكعبة ثم قال : الحمد لله الذي شرفك وعظمك والحمد لله الذي بعثني نبيا وجعل عليا إماما اللهم أهد له خيار خلقك وجنبه شرار خلقك.

في يبلغه راجع إلى الموضع ، وفي أبلغه إلى الصلاة بتأويل الدعاء والقول.

الحديث السابع عشر : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « وأنا » أي وأما أنا بقرينة الفاء.

الحديث الثامن عشر : ضعيف على المشهور. وعليه الأصحاب.

الحديث التاسع عشر : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « اللهم اهد له » الضمير راجع إلى علي عليه‌السلام ، أو إلى الركن أو البيت والأوسط أظهر.

٢٦

(باب)

(الملتزم والدعاء عنده)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قلت له من أين أستلم الكعبة إذا فرغت من طوافي قال من دبرها.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن استلام الكعبة فقال من دبرها.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام إذا كنت في الطواف السابع فائت المتعوذ وهو إذا قمت في دبر الكعبة حذاء الباب فقل : اللهم البيت بيتك والعبد عبدك وهذا مقام العائذ بك من النار اللهم من قبلك الروح والفرج ثم استلم الركن اليماني ثم ائت الحجر فاختم به.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن

باب الملتزم والدعاء عنده

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « إذا فرغت من طوافي » أي في الشوط الأخير على مجاز المشارفة ، والمراد بدبرها المستجار ، ويحتمل الركن اليماني والأول أظهر.

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « فائت المتعوذ » اسم مكان سمي الملتزم به لأنه يتعوذ عنده من النار ، وبالمستجار لأنه يطلب عنده الإجارة من العذاب ، والروح الراحة والرحمة.

الحديث الرابع : حسن

٢٧

أبي عبد الله عليه‌السلام أنه كان إذا انتهى إلى الملتزم قال لمواليه أميطوا عني حتى أقر لربي بذنوبي في هذا المكان فإن هذا مكان لم يقر عبد لربه بذنوبه ثم استغفر الله إلا غفر الله له.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى ، عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام إذا فرغت من طوافك وبلغت مؤخر الكعبة وهو بحذاء المستجار دون الركن اليماني بقليل فابسط يديك على البيت وألصق بطنك وخدك بالبيت وقل اللهم البيت بيتك والعبد عبدك وهذا مكان العائذ بك من النار ثم أقر لربك بما عملت فإنه ليس من عبد مؤمن يقر لربه بذنوبه في هذا المكان إلا غفر الله له إن شاء الله وتقول اللهم من قبلك الروح والفرج والعافية اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي واغفر لي ما اطلعت عليه مني وخفي على خلقك ثم تستجير بالله من النار وتخير

قوله عليه‌السلام : « أميطوا عني » أي تنحوا عني ، أو نحوا الناس عني فإنه جاء لازما ومتعديا ، والإماطة إما لعدم سماعهم ، أو الفراغ البال والله أعلم بحقيقة الحال.

الحديث الخامس : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « بحذاء المستجار » قال السيد صاحب المدارك : يستفاد من هذه الرواية أن موضع الالتزام حذاء المستجار وقد عرفت أنه حذاء الباب فيكون المستجار نفس الباب وكيف كان فموضع الالتزام حذاء الباب والأمر في التسمية هين انتهى.

أقول : يحتمل أن يكون المراد إذا بلغت الموضع الذي يحاذي المستجار من المطاف.

ويحتمل أيضا أن يكون المراد بالمستجار الحطيم فإنه أيضا محل الاستجارة والدعاء بتوسع في المحاذاة وسيأتي إطلاق المستجار عليه وصحف بعض الأفاضل بعد حمل المستجار على المعنى الأخير تارة معنى بأن حمل المحاذاة على المشابهة في

٢٨

لنفسك من الدعاء ثم استلم الركن اليماني ثم ائت الحجر الأسود.

(باب)

(فضل الطواف)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن الحسن بن يوسف ، عن زكريا المؤمن ، عن علي بن ميمون الصائغ قال قدم رجل على علي بن الحسين(١) عليهما‌السلام فقال قدمت حاجا فقال نعم فقال أتدري ما للحاج قال لا قال من قدم حاجا وطاف بالبيت وصلى ركعتين كتب الله له سبعين ألف حسنة ومحا عنه سبعين ألف سيئة ورفع له سبعين ألف درجة وشفعه في سبعين ألف حاجة وكتب له عتق سبعين ألف رقبة قيمة كل رقبة عشرة آلاف درهم.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان أبي يقول من طاف بهذا البيت أسبوعا وصلى ركعتين في أي جوانب المسجد شاء كتب الله له ستة آلاف حسنة ومحا عنه ستة آلاف سيئة ورفع له ستة آلاف درجة وقضى له ستة آلاف حاجة فما عجل منها فبرحمة الله وما أخر منها فشوقا إلى دعائه.

الشرف وأخرى لفظا ومعنى فقرأ بحد المستجار بدال المهملة وإسقاط الألف أي بمنزلته.

باب فضل الطواف

الحديث الأول : ضعيف.

الحديث الثاني : حسن أو موثق. ولعل اختلاف الثواب لاختلاف الطائفتين فيما يرعونه من الشرائط والآداب والنيات مع أنه يحتمل أن يكون الأول محمولا على ما إذا وقع في الحج كما هو الظاهر ، وهذا على غيره والأول أظهر كما يدل عليه الخبر الآتي.

__________________

(١) في المحاسن على أبي الحسن.

٢٩

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى عمن أخبره ، عن العبد الصالح عليه‌السلام قال دخلت عليه وأنا أريد أن أسأله عن مسائل كثيرة فلما رأيته عظم علي كلامه فقلت له ناولني يدك أو رجلك أقبلها فناولني يده فقبلتها فذكرت قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فدمعت عيناي فلما رآني مطأطئا رأسي قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما من طائف يطوف بهذا البيت حين تزول الشمس حاسرا عن رأسه حافيا يقارب بين خطاه ويغض بصره ويستلم الحجر في كل طواف من غير أن يؤذي أحدا ولا يقطع ذكر الله عز وجل عن لسانه إلا كتب الله عز وجل له بكل خطوة سبعين ألف حسنة ومحا عنه سبعين ألف سيئة ورفع له سبعين ألف درجة وأعتق عنه سبعين ألف رقبة ثمن كل رقبة عشرة آلاف درهم وشفع في سبعين من أهل بيته وقضيت له سبعون ألف حاجة إن شاء فعاجله وإن شاء فآجله.

(باب)

(أن الصلاة والطواف أيهما أفضل)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من أقام بمكة سنة فالطواف أفضل له من الصلاة ومن أقام سنتين خلط من ذا ومن ذا ومن أقام ثلاث سنين

الحديث الثالث : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « فذكرت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » وفي بعض النسخ قول رسول الله فالمعنى أنه ذكر ما ذكره النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من فضائلهم أو من مظلوميتهم أو من شهادته عليه‌السلام خصوصا كما روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله وقيل : المراد بقول رسول الله نهيه عن كثرة السؤال وفيه ما ترى.

قوله عليه‌السلام : « إن شاء » أي إن شاء الله تعالى ، ويحتمل العبد على بعد.

باب أن الصلاة والطواف أيهما أفضل

الحديث الأول : حسن كالصحيح. وهذا التفصيل مشهور بين الأصحاب.

٣٠

كانت الصلاة أفضل له من الطواف.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال الطواف لغير أهل مكة أفضل من الصلاة والصلاة لأهل مكة أفضل.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن فضال ، عن ابن القداح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال طواف قبل الحج أفضل من سبعين طواف بعد الحج.

(باب)

(حد موضع الطواف)

١ ـ محمد بن يحيى وغيره ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن ياسين الضرير ، عن حريز بن عبد الله ، عن محمد بن مسلم قال سألته عن حد الطواف بالبيت الذي من خرج منه لم يكن طائفا بالبيت قال كان الناس على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يطوفون بالبيت والمقام وأنتم اليوم تطوفون ما بين المقام وبين البيت فكان الحد موضع المقام اليوم فمن جازه فليس بطائف والحد قبل اليوم واليوم واحد قدر ما بين المقام وبين البيت

الحديث الثاني : حسن. ويستفاد منه ومما تقدم أن المجاور في السنة الثالثة يصير من أهل مكة.

الحديث الثالث : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « قبل الحج » أي بعد الإحلال عن عمرة التمتع وقبل التلبس بحجة ، وفيه ترغيب بالمبادرة إلى الحج وعدم تأخيره إلى ضيق الوقت.

باب حد موضع الطواف

الحديث الأول : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « ما بين المقام » هذا هو المعروف من مذهب الأصحاب ، ونقل عن ابن الجنيد : أنه جوز الطواف خارج المقام عند الضرورة.

قوله عليه‌السلام : « والحد قبل اليوم » أي لم يتغير الحكم بتغيير المقام بل المعتبر

٣١

من نواحي البيت كلها فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعد من مقدار ذلك كان طائفا بغير البيت بمنزلة من طاف بالمسجد لأنه طاف في غير حد ولا طواف له.

(باب)

(حد المشي في الطواف)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن البرقي ، عن عبد الرحمن بن سيابة قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الطواف فقلت أسرع وأكثر أو أبطئ قال مشي بين المشيين.

(باب)

(الرجل يطوف فتعرض له الحاجة أو العلة)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبان بن تغلب

الموضع الذي فيه المقام اليوم وهذا القدر من البعد ، ثم اعلم أن الأصحاب اختلفوا في أنه هل يحسب المسافة من جهة الحجر من البيت أو منه. والأشهر الثاني ، والأحوط بل الأظهر الأول.

باب حد المشي في الطواف

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « مشي بين المشيين » هذا هو المشهور. وذهب الشيخ في المبسوط إلى أنه يستحب في طواف القدوم الرمل في الثلاثة الأول. والمشي في الأربعة الباقية وفي دليله ضعف.

باب الرجل يطوف فتعرض له الحاجة أو العلة

الحديث الأول : حسن. وما تضمن من الفرق بين الفريضة والنافلة في البناء

٣٢

عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل طاف شوطا أو شوطين ثم خرج مع رجل في حاجة فقال إن كان طواف نافلة بنى عليه وإن كان طواف فريضة لم يبن عليه.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما عليهما‌السلام في الرجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه قال يخرج فيتوضأ فإن كان جاز النصف بنى على طوافه وإن كان أقل من النصف أعاد الطواف.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن فضال ، عن حماد بن عيسى ، عن عمران الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل طاف بالبيت ثلاثة

وعدمه هو المشهور بين الأصحاب ، وقيدوا الاستئناف في الفريضة بعدم تجاوز النصف.

قال في الدروس : لو قطعه في أثنائه ولما يطف أربعة أعاد سواء كان لحدث أو خبث ، أو دخول البيت أو صلاة فريضة على الأصح أو نافلة أو لحاجة له أو لغيره أم لا ، أما النافلة فيبني فيها مطلقا ، وجوز الحلبي البناء على شوط إذا قطعه لصلاة فريضة وهو نادر ، كما ندر فتوى النافع بذلك ، وإضافته إلى الوتر وإنما يباح القطع لفريضة أو نافلة وخاف فوتها ، أو دخول البيت أو ضرورة أو قضاء حاجة مؤمن ، ثم إذا عاد بين من موضع القطع ، وفي مراسيل ابن أبي عمير إذا قطعه لحاجة أو لغيرة أو لراحة جاز وبنى وإن نقص عن النصف.

الحديث الثاني : حسن وموافق للمشهور.

الحديث الثالث : موثق كالصحيح. ويدل على وجوب الاستئناف إن كان القطع لدخول البيت قبل مجاوزة النصف. وقال سيد المحققين في المدارك المتجه الاستئناف مطلقا إن كان القطع لدخول البيت وأما القطع لقضاء الحاجة فقد اختلف الروايات فيه ، ويمكن الجمع بحمل روايات البناء على النافلة ، أو تخصيص رواية أبان بن تغلب(١) بالطواف الواجب إذا كان قد طاف منه شوطين خاصة ،

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ٤٤٨ ح ٥.

٣٣

أشواط من الفريضة ثم وجد خلوة من البيت فدخله كيف يصنع فقال يقضي طوافه وقد خالف السنة فليعد طوافه.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا طاف الرجل بالبيت أشواطا ثم اشتكى أعاد الطواف يعني الفريضة.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسن عليه‌السلام في رجل طاف طواف الفريضة ثم اعتل علة لا يقدر معها على تمام الطواف فقال إن كان طاف أربعة أشواط أمر من يطوف عنه ثلاثة أشواط فقد تم طوافه وإن كان طاف ثلاثة أشواط ولا يقدر على الطواف فإن هذا مما غلب الله عليه فلا بأس بأن يؤخر الطواف يوما ويومين فإن خلته العلة عاد فطاف أسبوعا وإن طالت علته أمر من يطوف عنه أسبوعا ويصلي هو ركعتين ويسعى

وبعض الروايات صريحة في جواز قطع طواف الفريضة لقضاء الحاجة والبناء عليه مطلقا ، ولعل الاستئناف في طواف الفريضة مطلقا أحوط ، وأما القطع لصلاة الفريضة فقد صرح في النافع بجوازه بذلك وإن لم يبلغ النصف ، وربما ظهر من كلام العلامة في المنتهى دعوى الإجماع على ذلك ، وإطلاق كلامه يقتضي عدم الفرق بين بلوغ النصف وعدمه ، فما ذكره الشهيد في الدروس من نسبة هذا القول إلى الندرة عجيب وقد ورد بجواز القطع والبناء في هذه الصورة روايات ، والحق الشيخ والمحقق في النافع ، والعلامة في جملة من كتبه بصلاة الفريضة صلاة الوتر إذا خاف فوت وقتها.

الحديث الرابع : حسن. ويدل ظاهرا على وجوب الاستئناف وإن جاز النصف والمقطوع به في كلام الأصحاب وجوب البناء بعد مجاوزة النصف ولعل الأحوط الإتمام ثم الاستئناف.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور ، ويدل على المشهور.

٣٤

عنه وقد خرج من إحرامه وكذلك يفعل في السعي وفي رمي الجمار.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن عبد العزيز ، عن أبي عزة قال مر بي أبو عبد الله عليه‌السلام وأنا في الشوط الخامس من الطواف فقال لي انطلق حتى نعود هاهنا رجلا فقلت له إنما أنا في خمسة أشواط فأتم أسبوعي قال اقطعه واحفظه من حيث تقطع حتى تعود إلى الموضع الذي قطعت منه فتبني عليه.

٧ ـ أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن أبي إسماعيل السراج ، عن سكين بن عمار ، عن رجل من أصحابنا يكنى أبا أحمد قال كنت مع أبي عبد الله عليه‌السلام في الطواف يده في يدي إذ عرض لي رجل له إلي حاجة فأومأت إليه بيدي فقلت له كما أنت حتى أفرغ من طوافي فقال لي أبو عبد الله عليه‌السلام ما هذا قلت أصلحك الله رجل جاءني في حاجة فقال لي مسلم هو قلت نعم فقال لي اذهب معه في حاجته فقلت له أصلحك الله فأقطع الطواف فقال نعم قلت وإن كنت في المفروض قال نعم وإن كنت في المفروض قال وقال أبو عبد الله عليه‌السلام من مشى مع أخيه المسلم في حاجته كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة.

الحديث السادس : مجهول ، وموافق للمشهور لمجاوزة النصف.

الحديث السابع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « أو يدي في يده » الترديد من أبي أحمد أو من راويه والثاني لا يحتاج إلى تكلف ويمكن توجيه الأول كما لا يخفى ثم إن الخبر يدل على جواز قطع طواف الفريضة والنافلة مطلقا ولا يدل على البناء والاستئناف ،

٣٥

(باب)

(الرجل يطوف فيعيي أو تقام الصلاة أو يدخل عليه وقت الصلاة)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن شهاب ، عن هشام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال في رجل كان في طواف فريضة فأدركته صلاة فريضة قال يقطع طوافه ويصلي الفريضة ثم يعود ويتم ما بقي عليه من طوافه.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال سألته عن الرجل يكون في الطواف قد طاف بعضه وبقي عليه بعضه فيطلع الفجر فيخرج من الطواف إلى الحجر أو إلى بعض المسجد إذا كان لم يوتر فيوتر ثم يرجع إلى مكانه فيتم طوافه أفترى ذلك أفضل أم يتم الطواف ثم يوتر وإن أسفر بعض الإسفار قال ابدأ بالوتر واقطع الطواف إذا خفت ذلك ثم أتم الطواف بعد.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل كان في طواف الفريضة فأقيمت الصلاة قال يصلي معهم الفريضة فإذا فرغ بنى من حيث قطع.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن

باب الرجل يطوف فيعيى أو تقام الصلاة أو يدخل عليه وقت صلاة

الحديث الأول : صحيح. وظاهره جواز القطع والبناء للفريضة مطلقا.

الحديث الثاني : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « فيطلع الفجر » لعل المراد به الفجر الأول ، ويدل على ما تقدم من جواز القطع للوتر.

الحديث الثالث : حسن. ويدل أيضا على جواز القطع للفريضة مطلقا.

الحديث الرابع : صحيح. ويدل على جواز الاستراحة في أثناء الطواف

٣٦

رئاب قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام الرجل يعيي في الطواف أله أن يستريح قال نعم يستريح ثم يقوم فيبني على طوافه في فريضة أو غيرها ويفعل ذلك في سعيه وجميع مناسكه.

٥ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن الرجل يستريح في طوافه فقال نعم أنا قد كانت توضع لي مرفقة فأجلس عليها.

(باب)

(السهو في الطواف)

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل طاف طواف الفريضة فلم يدر ستة طاف أم سبعة قال فليعد طوافه قلت ففاته قال ما أرى عليه شيئا

والسعي وأنها لا توجب قطع الطواف ، و « الإعياء » الكلال.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

باب السهو في الطواف

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « ما أرى عليه شيئا » لا خلاف بين الأصحاب في أنه لا عبرة بالشك بعد الفراغ من الطواف مطلقا ، والمشهور أنه لو شك في النقصان في أثناء الطواف يعيد طوافه إن كان فرضا ، وذهب المفيد وعلي بن بابويه ، وأبو الصلاح ، وابن الجنيد وبعض المتأخرين إلى أنه يبني على الأقل وهو قوي ولا يبعد حمل أخبار الاستئناف على الاستحباب بقرينة قوله عليه‌السلام « ما أرى عليه شيئا » بأن يحمل على أنه قد أتى بما شك فيه أو على أن حكم الشك غير حكم ترك الطواف رأسا ، وربما يحمل على أنه لا يجب عليه العود بنفسه بل يبعث نائبا ، وعوده بنفسه أفضل

٣٧

والإعادة أحب إلي وأفضل.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل لم يدر ستة طاف أو سبعة قال يستقبل.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى ، عن معاوية بن عمار قال سألته عمن طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر ستة طاف أو سبعة قال يستقبل قلت ففاته ذلك قال ليس عليه شيء.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة.

ولا يخفى بعده.

قال المحقق الأردبيلي « قدس‌سره » لو كانت الإعادة واجبة لكان عليه شيء ولم يسقط بمجرد الخروج وفوته ، فالحمل على الاستحباب حمل جيد.

وقوله عليه‌السلام : « والعبادة(١) أحب إلى » مشعر بذلك ، ويمكن الجمع أيضا بأن يقال : إن كان الشك بعد تيقن التجاوز عن النصف تجب الإعادة وإلا فلا ، ولكن لا يمكن الجمع بين الكل.

ثم إنه على تقدير وجوب الإعادة فالظاهر من الأدلة أن ذلك مع الإمكان وعدم الخروج عن مكة والمشقة في العود لا مطلقا ولا استبعاد في ذلك ، وحمل الأخبار على وقوع الشك بعد ذلك كما فعله في التهذيب بعيد جدا ، انتهى كلامه المتين حشره الله مع أئمة الدين.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « يستقبل » يمكن حمله على استقبال ما شك فيه لكنه بعيد.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح. وهو مثل الحديث الأول.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) هكذا في الأصل ولكن في الكافي « الإعادة ».

٣٨

عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل شك في طواف الفريضة قال يعيد كلما شك قلت جعلت فداك شك في طواف نافلة قال يبني على الأقل.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط المفروض قال يعيد حتى يثبته.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي بصير قال قلت رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر ستة طاف أم سبعة أم ثمانية قال يعيد طوافه حتى يحفظ قلت فإنه طاف وهو متطوع ثماني مرات وهو ناس قال فليتمه طوافين ثم يصلي أربع ركعات فأما الفريضة فليعد حتى

قوله عليه‌السلام : « كلما شك فيه »(١) أي في أي وقت شك أو كل شوط شك فيه ، وآخر الخبر يؤيد الأول.

قوله عليه‌السلام : « يبني على الأقل » هذا هو المشهور بين الأصحاب ، وجوز الشهيد الثاني (ره) البناء على الأكثر وفيه إشكال.

الحديث الخامس : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « حتى يثبته » أي يأتي به من غير سهو ، وفي بعض النسخ حتى يتبينه من التبين وهو الظهور فيرجع إلى الأول ، وفي التهذيب حتى يستتمه فعلى ما في التهذيب موافق للمشهور من أنه إذا زاد شوطا سهوا أو أكثر أكمل أسبوعين ، وعلى ما في الكتاب من النسختين يدل على ما نسب إلى الصدوق في المقنع أنه أوجب الإعادة لمطلق الزيادة وإن وقعت سهوا بل يمكن أن يقال : نسخة التهذيب أيضا ظاهرة في ذلك ثم على المشهور الإكمال على الاستحباب ومقتضاه أن الطواف الأول هو الفريضة ، ونقل عن ابن الجنيد ، وعلي بن بابويه : الحكم بكون الفريضة هو الثاني فيكون الإتمام واجبا.

الحديث السادس : مجهول. والخبر الأول موافق للمشهور في الشك ،

__________________

(١) هكذا في الأصل ولكن في الكافي « كلّما شكّ ».

٣٩

يتم سبعة أشواط.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ما تقول في رجل طاف فأوهم فقال طفت أربعة أو طفت ثلاثة فقال أبو عبد الله عليه‌السلام أي الطوافين كان طواف نافلة أم طواف فريضة قال إن كان طواف فريضة فليلق ما في يده وليستأنف وإن كان طواف نافلة فاستيقن ثلاثة وهو في شك من الرابع أنه طاف فليبن على الثلاثة فإنه يجوز له.

٨ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام رجل طاف بالبيت ثم خرج إلى الصفا فطاف بين الصفا والمروة فبينا هو يطوف إذ ذكر أنه قد ترك بعض طوافه بالبيت قال يرجع إلى البيت فيتم طوافه ثم يرجع إلى الصفا والمروة فيتم ما بقي.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسن بن عطية قال سأله سليمان بن خالد وأنا معه عن رجل طاف بالبيت ستة أشواط قال أبو عبد الله عليه‌السلام : وكيف يطوف ستة أشواط قال استقبل الحجر وقال الله أكبر وعقد واحدا فقال

والثاني موافق لما ذهب إليه الصدوق في السهو ويمكن حمله على الاستحباب.

الحديث السابع : موثق. وقد مر الكلام فيه.

الحديث الثامن : موثق. ويدل على البناء في الطواف والسعي وإن لم يتجاوز النصف وهو أحد القولين في المسألة ذهب إليه الشيخ في التهذيب ، والمحقق في النافع ، والعلامة في جملة من كتبه ، والقول الآخر وهو الأشهر بين المتأخرين إنه إن تجاوز النصف في الطواف يبني عليهما وإلا يستأنفهما.

ثم إن ظاهر الخبر أنه لا يعيد ركعتي الطواف مع البناء ، وكلام الأكثر في ذلك مجمل.

الحديث التاسع : حسن.

قوله عليه‌السلام : « استقبل الحجر » أي كان منشأ غلطه أنه حين ابتداء الشوط

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

كما أنه كتم الشهادة عند ما ناشده امير المؤمنينعليه‌السلام في جماعة عن حديث الغدير، فكتم الشهادة، معتذراً بالنسيان كاذباً، فدعا عليه الامامعليه‌السلام وسرعان ما ظهر عليه اثر دعوته.

و في كتاب ( الأربعين ) لا سعد بن ابراهيم الاربلي عن شيخه ابن دحية الكلبي، عن سالم بن أبي الجعد قال: « حضرت مجلس انس بن مالك - وهو مكفوف البصر وفيه وضح - فقام اليه رجل من القوم - وكأنه كان بينه وبين انس إحنة - وقال له: يا صاحب رسول الله، ما هذه السمة التي أراها بك؟ فو الذي بعث محمداً نبياً لقد حدّثني ابي عن النبي ان الله قد بين ان البرص والجذام ما يبتلى به مؤمناً ونرى بك وضحاً، فأطرق انس بن مالك الى الأرض وعيناه تذرفان بالدمع وقال: أما الوضح فإنها من دعوة دعاها امير المؤمنين علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه ، فقام اليه جماعة فسألوه ان يحدثهم بالحديث قال:

لما أنزلت سورة الكهف سأل الصحابة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان يريهم اصحاب الكهف فوعدهم ذلك، فبينما هو جالس في بعض الأيام وقد اهدي له بساط من قرية يقال لها هندف من قرى الشام وحضرت الصحابة وذكروه بوعدهم فقال: احضروا علياً، فلما حضر قال لي: يا انس أبسط البساط وأمر أصحابه ان يجلسوا عليه. فلما جلسوا رفع يديه الى السماء ساعة وسأل الله تعالى وأمر علياً ان يكنف القوم ويسأل الله معه كما يسأل ان يبعث له ملائكة أربعة يحملون البساط وعليه الصحابة لان ينظروا اهل الكهف، فما كان الّا ساعة وارتفع البساط قال انس: وانا معهم وسرنا في الهواء الى الظهر فوقف البساط ثم وقعنا على الأرض، فشاهدنا اهل الكهف.

و كان علي يأمر البساط ان يمضي كما يريد، فكأنه كان يعرف الكهف وقال انزلوا نصلي، فنزلنا وأم بنا وصلينا وتقدمنا إليهم فرأينا قوماً نياماً تضيء وجوههم كالقناديل وعليهم ثياب بيض وكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ فملئنا منهم رعباً فتقدم علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه فقال: السلام

٢٤١

عليكم، فردواعليه‌السلام فتقدمت الجماعة فسلموا فلم يردواعليهم‌السلام ، فقال لهم علي: لم لم تردوا على اصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقال أحدهم: سل ابن عمك ونبيك ثم قال علي للجماعة: خذوا مجالسكم، فلما أخذوا قال عليرضي‌الله‌عنه : يا ملائكة الله ارفعوا البساط، فرفع فسرنا في الهواء ما شاء الله، ثم قال: ضعونا لنصلي الظهر، فاذا بأرض ليس بها ماء يشرب ولا يتوضأ، فركض برجله الارض فنبع ماء عذب، فتوضأنا وصلينا وشربنا فقال: ستدركون صلاة العصر مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسار بنا الى العصر فإذا نحن على باب مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلما رآنا هنأنا بالسلم وأقبل يحدثنا كأنه كان معنا وقال: يا علي لـمّا سلمت عليهم ردّوا السلام وسلّم اصحابي فلم يردّوا، فسألتهم عن ذلك قالوا: سل ابن عمك ونبيك ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يردّون السلام الّا على نبي أو وصي نبي، ثم قال: اشهد لعلي يا انس.

فلما كان يوم السقيفة استشهدني علي وقال: يا أنس اشهد لي بيوم البساط قلت له: اني نسيت، قال: فان كنت كتمتها بعد وصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرماك الله ببياض في عينك ووجهك ولظى في جوفك وأعمى بصرك فبصرت وعميت.

وكان أنس لا يطيق الصيام في شهر رمضان ولا في غيره من حرارة بطنه، ومات بالبصرة، وكان يطعم كل يوم مسكيناً ».

وفي ( شرح نهج البلاغة ): « وذكر جماعة من شيوخنا البغداديين أنّ عدة من الصحابة والتابعين والمحدثين كانوا منحرفين عن عليعليه‌السلام قائلين فيه السوء، ومنهم من كتم مناقبه وأعان أعداءه ميلا مع الدنيا وايثاراً للعاجلة، فمنهم أنس بن مالك، ناشد عليعليه‌السلام الناس في رحبة القصر - أو قال: رحبة الجامع - بالكوفة من [ أيكم ] سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه [ فعلي مولاه ]؟ فقام اثنا عشر رجلا فشهدوا بها وأنس بن مالك في القوم لم يقم فقال له: يا أنس ما يمنعك أن تقوم فتشهد

٢٤٢

فلقد حضرتها؟! فقال: يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت، فقال: اللهم ان كان كاذباً فارمه بها بيضاء لا تواريها العمامة. قال طلحة بن عمير: فو الله لقد رأيت الوضح به بعد ذلك أبيض بين عينيه.

وروى عثمان بن مطرف: ان رجلا سأل أنس بن مالك في آخر عمره عن علي بن أبي طالب فقال: [ اني ] آليت ان لا أكتم حديثاً سئلت عنه في علي بعد يوم الرحبة، ذلك [ ذاك ] رأس المتقين يوم القيامة، سمعته والله من نبيكم »(١) .

ولقد علم فيما تقدم طعن أبي حنيفة في جماعة من الصحابة منهم أنس ابن مالك.

٧ - زيد بن ارقم

وزيد بن أرقم أيضاً ممن كتم الشهادة بحديث الغدير، قال ابن المغازلي « أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن عبد الله بن شوذب قال حدثني [ أبي قال حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني حدثني ] أحمد بن يحيى بن عبد الحميد حدثني [ أبو ] إسرائيل الملائي عن الحكم بن [ عن ] أبي سليمان المؤذن عن زيد بن أرقم قال: نشد علي الناس في المسجد [ قال ]: انشد [ الله ] رجلا سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فكنت [ وكنت ] انا فيمن كتم، فذهب بصري »(٢) .

و رواه الحلبي في ( السيرة ٣ / ٣٣٧ ).

و الجامي في ( شواهد النبوة ) في كرامات الامامعليه‌السلام .

__________________

(١). شرح النهج ٤ / ٧٤.

(٢). مناقب أميرالمؤمنين: ٢٣.

٢٤٣

٨ - البراء بن عازب

وهو أيضاً ممن كتم الشهادة بذلك، قال المحدث الشيرازي في حديث الغدير: « ورواه زر بن حبيش فقال: خرج علي من القصر فاستقبله ركبان متقلدي السيوف عليهم العمائم حديثي عهد بسفر، فقالوا: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا مولانا.

فقال علي بعد ما رد السلام: من هاهنا من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقام اثنا عشر رجلا منهم خالد بن زيد أبوأيوب الانصاري وخزيمة ابن ثابت ذو الشهادتين وثابت بن قيس بن شماس وعمار بن ياسر وأبو الهيثم ابن التيهان وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص وحبيب بن بديل بن ورقاء، فشهدوا انهم سمعوا رسول الله يوم غدير خم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه الحديث.

فقال علي لانس بن مالك والبراء بن عازب: ما منعكما أن تقوما فتشهدا، فقد سمعتما كما سمع القوم؟ فقال: اللهم ان كانا كتماها معاندة فأبلهما، فأما البراء فعمي، فكان يسأل عن منزله فيقول كيف يرشد من أدركته الدعوة، وأما أنس فقد برصت قدماه »(١) .

وسيأتي هذا عن البلاذري أيضاً.

٩ - جرير بن عبد الله

وهو أيضاً ممن كتمها، قال البلاذري: « قال علي على المنبر: أنشد الله رجلا سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، إلا قام فشهد، وتحت المنبر أنس بن مالك والبراء بن عازب وجرير بن عبد الله [ البجلي ]، فأعادها فلم يجبه احد، فقال: اللهم من كتم هذه الشهادة - وهو يعرفها - فلا نخرجه من الدنيا حتى تجعل به آية

__________________

(١). الاربعين للمحدث الشيرازي - مخطوط.

٢٤٤

يعرف بها قال: فبرص أنس وعمي البراء ورجع جرير أعرابياً بعد هجرته، فأتى السراة فمات في بيت أمه [ بالسراة ] »(١) .

١٠ - سمرة بن جندب

وقد باع سمرة بن جندب دينه بدنياه وآثر العاجلة على الآخرة، إذ ارتكب الكذب الصريح وأتى بالبهتان العظيم، قال ابن أبي الحديد « قال أبو جعفر: وقد روي أن معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم حتى يروي ان هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ * وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ ) وان الآية الثانية [ ا ] نزلت في ابن ملجم وهي [ قوله تعالى ]( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاةِ اللهِ ) فلم يقبل.

فبذل له مائتي ألف [ درهم ] فلم يقبل.

فبذل له ثلاثمائة ألف فلم يقبل.

فبذل له أربعمائة ألف فقبل وروى ذلك »(٢) .

و في ( شرح النهج ) أيضاً: « وروى شريك قال أخبرنا عبيد [ عبد ] الله ابن معد [ سعد ] عن حجر بن عدي قال: قدمت المدينة فجلست الى أبي هريرة فقال ممن أنت؟ قلت: من أهل البصرة، قال: فما فعل سمرة بن جندب؟ قلت: هو حي، قال: ما [ احد ] أحب الي طول حياة منه، قلت: ولم ذاك؟ قال: ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لي وله ولحذيفة بن اليمان: آخركم موتاً في النار فسبقنا حذيفة، واني الآن اتمنى ان أسبقه، قال: فبقي سمرة بن جندب حتى شهد مقتل الحسين [ بن علي ].

__________________

(١). انساب الاشراف ٢ / ١٥٦.

(٢). شرح النهج ٤ / ٧٣.

٢٤٥

وروى احمد بن بشير عن مسعر بن كدام قال: كان سمرة [ ابن جندب ] أيام مسير الحسينعليه‌السلام الى الكوفة على شرطة عبيد الله بن زياد، وكان يحرض الناس على الخروج الى الحسينعليه‌السلام وقتاله »(١) .

ولقد علم فيما تقدم طعن أبي حنيفة في سمرة بن جندب.

١١ - المغيرة بن شعبة

لقداتهم أبوبكر المغيرة بن شعبة إذ ردّ خبره في ميراث الجدة حتى أخبره معه محمد بن مسلمة، ذكر ذلك جماعة منهم الغزالي في ( المستصفى ١ / ١٥٣ ).

وتقدم عن أبي جعفر الاسكافي: ان المغيرة كان يضع الأحاديث القبيحة في أمير المؤمنينعليه‌السلام بترغيب من معاوية بن أبي سفيان.

واتهمه عمر بن الخطاب إذ رد خبره في دية الاملاص فقد جاء في [ تذكرة الحفاظ ]: « وروى هشام عن أبيه المغيرة بن شعبة: ان عمر استشارهم في املاص المرأة - يعني السقط - فقال له المغيرة: قضى فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغرة، فقال له عمر: ان كنت صادقاً فآت أحداً يعلم ذلك. قال: فشهد محمد بن مسلمة ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قضى به »(٢) .

١٢ - عمرو بن العاص

وكان عمرو بن العاص من الصحابة الذين حرضهم معاوية بن أبي سفيان على وضع الاحاديث القبيحة في مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، كما مر فيما سبق في عبارة الاسكافي.

__________________

(١). شرح النهج ٤ / ٨٧.

(٢). تذكرة الحفاظ - ترجمة عمر بن الخطاب.

٢٤٦

وكان قد تعود الكذب، حتى أنه كذب في خطبة له على رؤوس الاشهاد، الامر الذي اضطر بعضهم الى تكذيبه علانية فيما رواه البخاري في ( التاريخ الصغير ) وأحمد في ( المسند ) والطبري في ( التاريخ ).

قال الطبري: « لما اشتعل الوجع قام ابو عبيدة في الناس خطيباً فقال: ايها الناس ان هذا الوجع رحمة ربكم ودعوة نبيكم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وموت الصالحين قبلكم، وان أباعبيدة يسأل الله ان يقسم له منه حظه، فطعن فمات.

واستخلف على الناس معاذ بن جبل قال: فقام خطيباً بعده فقال: اما أيها الناس ان هذا الوجع رحمة ربكم ودعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم، وان معاذاً يسأل الله أن يقسم لان معاذ منه حظهم، فطعن ابنه عبد الرحمن بن معاذ فمات، ثم قام فدعا به لنفسه فطعن في راحته، فلقد رأيته ينظر اليها ثم يقبل ظهر كفه ثم يقول: ما أحب ان لي بما فيك شيئاً من الدنيا.

فلما مات استخلف [ على ] الناس عمرو بن العاصي، فقام خطيباً في الناس فقال: ايها الناس ان هذا الوجع إذا وقع فإنما يشتعل اشتعال النار فتجبّلوا منه في الجبال. فقال أبوواثلة الهذلي: كذبت والله لقد صحبت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنت شر من حماري هذا، قال: والله ما أرد عليك ما تقول وأيم الله لا نقيم عليه »(١) .

١٣ - معاوية بن أبى سفيان

ولقد كان معاوية بن أبي سفيان يحمل أصحابه الذين باعوه دينهم بدنياه على الكذب والافتراء ووضع الاحاديث، وقد كتب نسخة الى عماله بعد ما يسمى بـ « عام الجماعة » يأمرهم بقتل شيعة أميرالمؤمنينعليه‌السلام

__________________

(١). تاريخ الطبري ٣ / ١٦٢ - ١٦٣.

٢٤٧

ورواة فضائله، وبلعنه على المنابر ووضع الأحاديث في ذمه والثناء على مناوئيه ذكر ذلك كافة المؤرخين.

على ان معاوية نفسه كان يكذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد أخرج أحمد وأبوداود باسنادهما عن أبي شيخ الهنائي - واللفظ للاول: « ان معاوية قال لنفر من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أتعلمون ان رسول الله نهى عن لباس الذهب الا مقطعا؟ قالوا: اللهم نعم، قال: وتعلمون انه نهى عن جلود النمور أن يركب عليها؟ قالوا: اللهم نعم، قال وتعلمون انه نهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة؟ قالوا: اللهم نعم، قال: وتعلمون انه نهى عن المتعة - يعني متعة الحج -؟ قالوا: اللهم لا »(١) .

وكذب معاوية على قيس بن سعد، روى ذلك المؤرخون كالطبري وابن الأثير وابن تغرى بردي، قال ابن الأثير:

« فلما قرأ قيس كتابه ورأى انه لا يفيد معه المدافعة والمماطلة أظهر له مات في نفسه، فكتب اليه: أما بعد فالعجب من اغترارك بي وطمعك في واستسقاطك إياي، أتسومني الخروج عن طاعة أولى الناس بالامارة، وأقولهم بالحق، وأهداهم سبيلا، وأقربهم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيلة، وتأمرني بالدخول في طاعتك طاعة أبعد الناس من هذا الأمر، وأقولهم بالزور، وأضلهم سبيلا، وأبعدهم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيلة، ولد ضالين مضلين، طاغوت من طواغيت إبليس؟!

وأمّا قولك « اني مالئ عليك مصر خيلا ورجالا » فو الله ان لم أشغلك بنفسك حتى تكون أهم اليك انك لذو جد. والسلام.

فلما رأى معاوية كتابه أيس منه وثقل عليه مكانه ولم تنجع حيلة فيه، فكاده من قبل علي فقال لأهل الشام: لا تسبوا قيس بن سعد ولا تدعوا الى غزوة فانه لنا شيعة، قد تأتينا كتبه ونصيحته سراً، ألا ترون ما يفعل

__________________

(١). المسند ٤ / ٩٥.

٢٤٨

باخوانكم الذين عنده من أهل خربتا؟ يجري عليهم اعطياتهم وأرزاقهم ويحسن إليهم.

وافتعل كتاباً عن قيس اليه بالطلب بدم عثمان والدخول معه في ذلك وقرأ على أهل الشام.

فبلغ ذلك علياً - ابلغه ذلك محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر بن أبي طالب وأعلمته عيونه بالشام - فأعظمه وأكبره، فدعا ابنيه وعبد الله بن جعفر فأعلمهم ذلك، فقال ابن جعفر: يا أمير المؤمنين دع ما يريبك الى مالا يريبك، اعزل قيساً عن مصر. فقال علي: اني والله ما أصدق بهذا عنه »(١) .

* ولقد كذب على جماعة فيهم سيدنا الامام الحسين السبطعليه‌السلام وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر وعائشة، في قضية إقامة يزيد ابنه مقامه وأخذ البيعة له، إذ وكل بكل رجل منهم رجلين - بعد أن سبهم وهدّدهم بالقتل - وقام خطيباً فقال: « ان عبد الله بن عمر وابن الزبير والحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر بايعوا له ».

فكذبوه قائلين « لا والله ما بايعنا ولكن فعل بنا معاوية ما فعل »(٢) .

* ولقد ذمه وطعن فيه جماعة من أصحاب عليعليه‌السلام في وجهه، روى المسعودي بإسناده قال: « حبس معاوية صعصعة بن صوحان العبدي وعبد الله ابن الكواء اليشكري ورجالا من أصحاب عليعليه‌السلام مع رجال من قريش فدخل عليهم معاوية يوماً فقال: نشدتكم بالله الا [ ما ] قلتم حقاً وصدقاً، أي الخلفاء رأيتموني؟

فقال ابن الكواء: لو لا انك عزمت علينا ما قلنا، لأنك جبار عنيد، لا تراقب الله في قتل الاخيار، ولكنا نقول: انك ما علمنا واسع الدنيا، ضيق الآخرة قريب الثرى، بعيد المرعى، تجعل الظلمات نوراً والنور

__________________

(١). الكامل ٣ / ١٣٨.

(٢). تاريخ الاسلام للذهبي ١ / ٣٦، تاريخ الخلفاء للسيوطي ١٩٧ وغيرهما.

٢٤٩

ظلمات. فقال معاوية ان الله أكرم هذا الامر بأهل الشام الذابين عن بيضته التاركين لمحارمه، ولم يكونوا كأمثال اهل العراق المنتهكين لمحارم الله المحلين ما حرم الله والمحرمين ما أحل الله، فقال عبد الله بن الكواء: يا ابن أبي سفيان، ان لكل كلام جواباً، ونحن نخاف جبروتك، فان كنت تطلق ألسنتنا ذببنا عن أهل العراق بألسنة حداد لا يأخذها في الله لومة لائم، والا فانا صابرون حتى يحكم الله ويضعنا على فرجه، قال: والله لا يطلق لك لسان.

ثم تكلم صعصعة فقال: تكلمت يا ابن أبي سفيان فأبلغت، ولم تقصرعما اردت، وليس الامر على ما ذكرت، انى يكون الخيفة من ملك الناس قهراً ودانهم كبراً واستولى بأسلوب الباطل كذباً ومكراً، أما والله مالك في يوم بدر مضرب ولا مرمى، وما كنت فيه الا كما قال القائل: « لا حلي ولا سيرى » ولقد كنت أنت وأبوك في العير والنفير ممن أجلب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وانما أنت طليق ابن طليق، اطلقكما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأنى تصلح الخلافة لطليق؟ فقال معاوية: لولا اني أرجع الى قول أبي طالب حيث يقول:

قابلت جهلهم حلماً ومغفرة

والعفو عن قدرة ضرب من الكرم

لقتلكم »(١) .

* ولقد وصفه سيدنا امير المؤمنينعليه‌السلام - وهو الصديق الأكبر - بـ « الكذاب » بصراحة، فقد جاء في ( ينابيع المودة ) ما نصه: « وفي المناقب عن الحسن بن ابراهيم بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن آبائه ان أمير المؤمنينعليه‌السلام كتب الى أهل مصر لما بعث محمد بن أبي بكر إليهم كتاباً فقال فيه: « وإياكم دعوة ابن هند الكذاب، واعملوا أنه لا سواء امام الهدى وامام الهوى و وصي النبي وعد والنبي »(٢) .

__________________

(١). مروج الذهب ٣ / ٤٠ - ٤١.

(٢). ينابيع المودة ٨٠.

٢٥٠

ومن العجائب تكذيب معاوية بعض الاصحاب في خبر رواه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد أخرج مسلم والنسائي والطحاوي وابن الأثير وغيرهم عن عبادة بن الصامت انه قال: « انى سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواء بسواء عيناً بعين فمن زاد او ازداد فقد أربى، فرد الناس ما أخذوا.

فبلغ ذلك معاوية فقام خطيباً فقال: [ ألا ] ما بال رجال يتحدثون عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحاديث؟ قد كنا نشهده ونصحبه فلم نسمعها منه، فقام عبادة بن الصامت فأعاد القصة، ثم قال: لنحدثن بما سمعنا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وان كره معاوية - او قال وان رغم - ما أبالي ان لا أصحبه في جنده ليلة سوداء »(١) .

* وأخرج احمد في مسند معاوية والبخاري في « كتاب الاحكام » و « كتاب المناقب » عن الزهري قال: كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث انه بلغ معاوية - وهو عنده في وفد من قريش - ان عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث انه سيكون ملك من قحطان - فغضب معاوية فقام فأثنى على الله عز وجل بما هو أهله ثم قال: أما بعد فانه بلغني ان رجالا منكم يحدثون أحاديث ليست في كتاب الله ولا تؤثر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أولئك جهالكم، فإياكم والاماني التي تضل أهلها، فانى سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ان هذا في قريش لا ينازعهم أحد الا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين ».

١٤ - الذين جاؤا بالافك

قال الله تعالى:( ان الذين جاءوا بالافك عصبة منكم لاتحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم، لكل امرىء منهم ما اكتسب من الاثم والذبن

__________________

(١). صحيح مسلم ١ / ٤٦٥.

٢٥١

تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ * لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ * لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ * وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ * إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ * وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ * عَظِيمٌ * يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) (١) .

أليس « الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ » من الصحابة والصحابيات وتلك اسماؤهم مسجلة في الكتب؟ فهل كلهم ثقة مؤتمن؟.

١٥ - الوليد بن عقبة

لقد نص القرآن الكريم على فسق الوليد بن عقبة بن أبي معيط - أخي عثمان لامه - وعلى عدم جواز الاعتماد على خبره بقوله تعالى:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ) (٢) .

قال ابن عبد البر بترجمته: « ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن - فيما علمت - ان قوله عز وجل:( إِنْ جائَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَأً ) نزلت في الوليد بن عقبة »(٣) .

كما يشهد قوله تعالى:( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ) (٤) على فسقه كذلك، قال ابن عبد البر: « ومن حديث الحكم عن

__________________

(١). سورة النور ١٢ - ١٨.

(٢). سورة الحجرات ٦.

(٣). الاستيعاب ٤ / ١٥٥٣.

(٤). سورة السجدة ١٨.

٢٥٢

سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة في قصة ذكرها: افمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون »(١) .

وقد ذكر ابن طلحة الشافعي تلك القصة عن أبي الحسن الواحدي وأبي إسحاق الثعلبي، وأورد قصيدة حسان بن ثابت التي ضمنها اياها، وتكلم على القصة بالتفصيل، فليراجع(٢) .

ومن عجائب الأمور: ان يخرج له أبوداود في سننه، ويعدوه من رجال الصحاح ويروي جماعة عنه، كما لا يخفى على من راجع كتب رجال الحديث.

١٦ - بعض الاصحاب

لقد كذب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جماعة من الاصحاب في قصة أهل هجرة الحبشة فيما رواه المتقى: « عن الشعبي قال: لما أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قتل جعفر بن أبي طالب ترك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم امرأته اسماء بنت عميس حتى فاضت عبرتها فذهب بعض حزنها، ثم أتاها فعزاها ودعا بني جعفر فدعا لهم ودعا لعبد الله بن جعفر ان يبارك له في صفقة يده، فكان لا يشتري شيئاً الا ربح فيه، فقالت له اسماء: يا رسول الله ان هؤلاء يزعمون أنا لسنا من المهاجرين، فقال: كذبوا، لكم الهجرة مرتين، هاجرتم الى النجاشي وهاجرتم الي. ش »(٣) .

* وكذب جماعة منهم في قصة عمل عامر بن الأكوع في حديث أخرجه الشيخان في غزوة خيبر عن سلمة بن الاكوع - واللفظ لمسلم - قال: « فلما تصاف القوم كان سيف عامر فيه قصر فتناول به ساق يهودي ليضربه ويرجع ذباب سيفه فأصاب ركبة عامر فمات منه، قال: فلما قفلوا قال سلمة

__________________

(١). الاستيعاب ٤ / ١٥٥٤.

(٢). مطالب السؤل ٥٧.

(٣). كنز العمال ١٥ / ٢٩٤.

٢٥٣

- وهو آخذ بيدي - قال: فلما رآني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ساكناً قال: مالك؟ قلت له: فداك أبي وأمي زعموا ان عامراً حبط عمله. قال: من قاله؟ قلت: فلان وفلان وأسيد بن حضير الأنصاري، فقال: كذب من قاله، ان له لاجرين - وجميع بين إصبعيه - انه لجاهد مجاهد قل عربي مشي بها مثله ».

* و قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في خطبة له بعد نزول:( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ ... الآية) - رواها شهاب الدين أحمد « قال: اتقوا الله ايها الناس حتى تقاته ولا نموتن الا وانتم مسلمون، واعلموا ان الله بكل شيء محيط، وانه سيكون من بعدي أقوام يكذبون علي فيقبل منهم، ومعاذ الله ان أقول على الله الا الحق، أو انطق بأمره الا الصدق وما آمركم الا ما أمرني به، ولا ادعوكم الا الى الله، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

فقام اليه عبادة بن الصامت فقال: ومتى ذاك يا رسول الله؟ ومن هؤلاء؟ عرفناهم لنحذرهم.

قال: أقوام قد استعدوا لنا من يومهم وسيظهرون لكم إذا بلغت النفس مني هاهنا - وأومىء صلّى الله عليه وبارك وسلّم الى حلقه -.

فقال عبادة: اذا كان ذلك فإلى من يا رسول الله؟

فقال صلّى الله عليه وبارك وسلّم: عليكم بالسمع والطاعة للسابقين من عترتي والاخذين من نبوتي، فإنهم يصدونكم عن الغي ويدعونكم الى الخير وهم اهل الحق ومعادن الصدق، يحيون فيكم الكتاب والسنة يجنبونكم الإلحاد والبدعة ويقمعون الحق أهل الباطل، لا يميلون مع الجاهل »(١) .

فهل كلهم ثقة مؤتمن؟

* لقد صرح أميرالمؤمنينعليه‌السلام - في كلام له - بكذب بعض الاصحاب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، روى ذلك سبط ابن الجوزي

__________________

(١). توضيح الدلائل على تصحيح الفضائل - مخطوط.

٢٥٤

حيث قال: « ومن كلامه في أحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وبه قال الشعبي: حدثني من سمع علياًعليه‌السلام وقد سئل عن سبب اختلاف الناس في الحديث، فقالعليه‌السلام : الناس أربعة، منافق مظهر للايمان [ و ] مضيع للإسلام [ وقلبه يأبى الايمان ] لا يتأثم ولا يتحرج، كذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلو علم الناس [ حاله ] لما أخذوا عنه ولكنهم قالوا « صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !! » فأخذوا بقوله، وقد أخبر الله عن المنافقين بما اخبر ووصفهم بما وصف، ثم انهم عاشوا بعده فتقربوا الى أئمة الضلالة والدعاة الى النار بالزور والبهتان فولوهم الاعمال وجعلوهم على رقاب الناس فأكلوا بهم الدنيا، وانما الناس تبع للملوك الا من عصمه الله عز وجل

هذه رواية الشعبي، وفي رواية كميل بن زياد عنه انه قال:

ان في أيدى الناس حقاً وباطلا وصدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً وعاماً وخاصاً ومحكماً ومتشابهاً وحفظاً و وهماً، وقد كذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عهده حتى قام خطيباً فقال: من كذب على متعمداً فليتبوء مقعده من النار ، وانما يأتيك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس، وذكرهم.

قلت: وقد روى عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا الحديث - وهو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كذب على متعمداً فليتبوء مقعده من النار - مائة وعشرون من الصحابة ذكرتهم في كتابي المترجم بـ « حق اليقين »، وأما طريق علىعليه‌السلام فأخبرنا غير واحد عن عبد الاول الصوفي أنبا [ نا ] ابن المظفر الداودي، أنبأ [ نا ] ابن أعين السرخسي، أنبأ [ حدثنا ] الفربري ثنا البخاري ثنا علي بن الجعد ثنا شعبة عن منصور عن ربعي بن خراش قال: سمعت علياًعليه‌السلام يقول سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كذب علي متعمداً فليتبوء مقعده من النار.

اخرجاه في الصحيحين واخرجه احمد في المسند، والجماعة »(١) .

__________________

(١). تذكرة خواص الامة ١٤٢.

٢٥٥

فكيف يكون كلهم ثقة ..؟

* ولقد كان عمر بن الخطاب يخوف الناس في عهده في الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لذا لم يعتمد معاوية - مع كونه من أكذب الناس - على كثير من الأحاديث المروية عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الا ما كان منها في عهد عمر، قال الذهبي بترجمة عمر: « ابن علية عن رجاء ابن أبي سلمة: قال: بلغني ان معاوية كان يقول: عليكم من الحديث بما كان في عهد عمر، فانه قد اخاف الناس في الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(١) .

وقال عمر لاصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - فيما رواه ابن عبد البر باسناده -: « أقلوا الرواية عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا شريككم. قال ابن عبد البر: وهذا يدل على ان نهيه عن الإكثار وأمره بالاقلال من الرواية عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انما كان خوف الكذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(٢) .

* وكذّب عوف بن مالك الصحابي قوماً من الصحابة فكذبهم عمر كذلك فقد روى ابن أبي الحديد في سيرة عمر: « حضر [ ت ] عند عمر قوم من الصحابة، فأثنوا عليه وقالوا: والله ما رأينا يا أمير المؤمنين رجلا أقضى منك بالقسط و [ لا ] أقول، ولا أشد على المنافقين منك، انك لخير الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال عوف بن مالك كذبتم والله، أبو بكر بعد رسول الله خير منه [ أمته ]، رأينا أبا بكر، فقال عمر صدق عوف والله وكذبتم، لقد كان أبو بكر والله أطيب من ريح المسك وأنا أضل من بعير أهلي »(٣) .

* وكذبت جماعة من الصحابيات في قضية زفاف عائشة، فقد أخرج

__________________

(١). تذكرة الحفاظ - ترجمة عمر.

(٢). جامع بيان العلم ٤٠٠.

(٣). شرح النهج ١٢ / ٣٦.

٢٥٦

أحمد قائلا: « ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن ابن أبي الحسين عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت: كنا فيمن جهز عائشة وزفها، قالت: فعرض علينا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لبناً، فقلنا: لا نريده، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تجمعن جوعاً وكذباً »(١) .

* ومما استفاض نقله: ان بعض نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علمن إحدى زوجاته - حسداً منهن لها وعناداً للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أن تستعيذ بالله منه حين يدخل عليها، كي ينتهي ذلك الى تطليق النبي إياها.

وممن روى ذلك ابن سعد والحاكم والطبري، وجماعة من شراح البخاري، وابن عبد البر وابن الأثير ونحن نكتفي برواية ابن سعد حيث قال: « أخبرنا هشام بن محمد بن السائب عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال: تزوج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسماء بنت النعمان وكانت من أجمل أهل زمانها وأشبّه ( أشبّهم. ظ )، قال: فلما جعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتزوج الغرائب قالت عائشة قد وضع يده في الغرائب، يوشكن أن يصرفن وجهه عنا، وكان خطبها حين وفدت كندة عليه الى أبيها فلما رآها نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حسدنها فقلن لها: ان أردت أن تحظي عنده فتعوذي بالله منه اذا دخل عليك، فلما دخل وألقى الستر مد يده اليها فقالت: أعوذ بالله منك، فقال: أمن عائذا لله، الحقي بأهلك.

أخبرنا هشام بن محمد، حدثني ابن الغسيل عن حمزة بن أبي أسيد الساعدي عن أبيه - وكان بدرياً - قال: تزوج رسول الله أسماء بنت النعمان الجونية، فأرسلني فجئت بها، فقالت حفصة لعائشة - أو عائشة لحفصة - اخضبيها أنت وأنا أمشطها، ففعلنا [ ففعلن ] ثم قالت لها إحداهما: ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول: أعوذ بالله منك، فلما دخلت عليه وأغلق الباب وأرخى الستر مديدة إليها، فقالت: أعوذ

__________________

(١). المسند ٦ / ٤٥٩.

٢٥٧

بالله منك، فقال بكمه على وجهه فاستتر به وقال: عذت معاذاً - ثلاث مرات -.

قال أبو أسيد: ثم خرج علي فقال: يا أبا أسيد ألحقها بأهلها ومتعها برازقيتين - يعني كرباستين - فكانت تقول: ادعوني الشقية.

أخبرنا هشام بن محمد السائب، حدثني زهير بن معاوية الجعفي: انها ماتت كمداً »(١) .

١٧ - معقل بن سنان

لقد رد أميرالمؤمنينعليه‌السلام خبر معقل بن سنان الأشجعي في المفوضة فيما رواه جماعة كالغزالي والآمدي وأبي الوليد الباجي وعبد العزيز البخاري وابن الهمام وغيرهم، قال المتقى: « عن علي انه قال في المتوفى عنها ولم يفرض لها صداقاً: لها الميراث وعليها العدة ولا صداق لها ، و قال: لا يقبل قول اعرابي من أشجع على كتاب الله. ص ق »(٢) .

١٨ - هشام بن حكيم

وكذّب عمر بن الخطاب هشام بن حكيم على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد أخرج البخاري قائلا: « حدثنا سعيد بن عفير [ قال ] حدثني الليث [ قال ] حدثني عقيل عن ابن شهاب قال: حدثني عروة بن الزبير ان المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القاري حدثاه أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرأنيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فكدت اساوره في الصلاة فتصبرت حتى

__________________

(١). الطبقات الكبرى ٨ / ١٤٥.

(٢). كنز العمال ١١ / ٢٩.

٢٥٨

سلم فلببته بردائه فقلت: من أقرئك هذه السورة التي [ سمعتك ] تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقلت كذبت، فان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت.

فانطلقت به أقوده الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلت: اني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أرسله، اقرأ يا هشام، فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذلك أنزلت. ثم قال اقرأ يا عمر، فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذلك أنزلت، ان هذا القرآن أنزل [ على ] سبعة أحرف، فاقرؤا ما تيسر منه »(١) .

١٩ - رجل من الصحابة

كذبه الشعبي - وهو من كبار التابعين - قال الذهبي: « قال الحاكم في ترجمة الشعبي: ثنا ابراهيم بن مضارب العمري [ القمري ] ثنا محمد بن اسماعيل ابن مهران نا عبد الواحد بن نجدة الحوطي نا بقية نا سعيد بن عبد العزيز حدثني ربيعة بن يزيد قال: قعدت الى الشعبي بدمشق في خلافة عبد الملك. فحدث رجل من الصحابة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال: اعبدوا ربكم ولا تشركوا به شيئاً وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الأمراء، فان كان خيراً فلكم، وان كان شراً فعليهم وأنتم منه براء.

فقال له الشعبي: « كذبت »(٢) .

٢٠ - طلحة والزبير وعبد الله بن الزبير

لقد كذب هؤلاء - وهم من مشاهير الصحابة - في حرب الجمل في

__________________

(١). صحيح البخاري ٦ / ٢٢٧.

(٢). تذكرة الحفاظ - ترجمة الشعبي -.

٢٥٩

قضية « الحوأب » وحملوا الناس على أن يشهدوا زوراً في قصة معروفة رواها المؤرّخون بأجمعهم، كابن قتيبة والطّبري وأبناء الأثير وخلدون والوردي والشحنة، وأبي الفداء والمسعودي والسمعاني والحموي

قال الطبري: « شراء الجمل لعائشة رضي الله عنها وخبر كلاب الحوأب:

حدثني اسماعيل بن موسى الفزاري قال: نا علي بن عابس الأزرق قال: ثنا ابو الخطاب الهجري عن صفوان بن قبيصة الاحمسي قال: حدثني العرني صاحب الجمل قال: بينما أنا أسير على جمل اذ عرض لي راكب فقال: يا صاحب الجمل [ أ ] تبيع جملك؟ قلت: نعم، قال: بكم؟ قلت: بألف درهم. قال: مجنون أنت؟ جمل يباع بألف درهم؟ قال قلت: نعم جمل [ جملي ] هذا. قال: ومم ذلك؟ قلت: ما طلبت عليه أحداً قط الا أدركته ولا طلبني وأنا عليه أحد قط إلا فته. قال: لو تعلم لمن نريده لا حسنت بيعنا. قال قلت: ولمن تريده؟ قال: لامك. قلت: لقد تركت أمي في بيتها قاعدة ما تريد براحا. قال: انما أريده لام المؤمنين عائشة، قلت: فهو لك، خذه بغير ثمن، قال: لا ولكن ارجع معنا الى البرحل فلنعطك ناقة مهريّة، وزادوني أربعمائة أو ستمائة درهم.

فقال لي: يا أخا عرينة هل لك دلالة بالطريق؟ قال قلت: نعم انا من ادرك [ أدل ] الناس قال: فسر معنا، فسرت معهم فلا امر على واد ولا ماء الا سألوني عنه حتى قرطنا ماء الحوأب، قال: فصرخت عائشة بأعلى صوتها ثم ضربت عضد بعيرها فأناخته، ثم قالت: وانا والله صاحبة كلاب الحوأب طروقاً، ردوني، تقول ذلك ثلاثاً، فأناخت وأناخوا حولها وهم على ذلك، وهي تأبى حتى كانت الساعة التي أناخوا فيها من الغد. قال: فجاءها ابن الزبير فقال: النجاء فقد أدرككم والله علي بن بي طالب. قال: فارتحلوا. وشتموني فانصرفت »(١) .

__________________

(١). تاريخ الطبري ٣ / ٤٧٥.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332