نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار16%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 347

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 347 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 292079 / تحميل: 6837
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

قالابن حجر العسقلاني: « روى عن: روح بن عبادة، وأبي هاشم المخزومي، ومحمد بن بكر البرساني، وأبي عامر العقدي، وأبي عاصم، ويعقوب ابن إسحاق الحضرمي، ومحمد بن كثير العبدي. وغيرهم.

روى عنه: الجماعة، وأحمد بن منصور الرمادي، وابن أبي عاصم، وأبو حاتم والبزار، وابن ناجية وآخرون.

قال أبو داود: ليس به بأس، صدوق وقال النسائي: ثقة. وقال مرة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال البزار: ثنا محمد بن معمر وكان من خيار عباد الله، وقال الخطيب: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: مات بعد سنة خمسين ومائتين.

قلت: وقال مسلمة: لا بأس به، وقال ابن عروبة: كبير من أهل الصناعة، ذكره ابن عدي في الزهرة، روى عنه خ أربعة وم ثمانية »(١) .

وقالالذهبي: « ع - محمد بن معمر القيسي البصري البحراني، عن أبي أسامة وروح، وعنه ع والبزار وابن صاعد »(٢) .

وقالالخزرجي: « وثّقه النسائي. وكان صالحاً خيّراً، مات بعد الخمسين ومائتين »(٣) .

(٩)

رواية أبي داود

ستعلم روايته من عبارة الشيخ محمد الكافي الآتية.

___________________

(١). تهذيب التهذيب ٩ / ٤٦٦ - ٤٦٧.

(٢). الكاشف ٣ / ٩٩.

(٣). خلاصة تهذيب تهذيب الكمال ٣٦٠.

١٤١

ترجمته:

هو: سليمان بن الأشعث بن إسحاق السجستاني المتوفى سنة ٢٧٥:

قالالسمعاني: « أحد أئمة الدنيا فقهاً وعلماً وحفظاً ونسكاً وورعاً وإتقاناً، ممّن جمع وصنف وذبّ عن السنن وقمع من خالفها وانتحل ضدّها، توفي بالبصرة في شوال ٢٧٥ »(١) .

وقالابن خلكان: « قال إبراهيم الحربي لما صنف أبو داود كتاب السنن: ألين لأبي داود الحديث كما ألين لداود الحديد »(٢) .

وقالالذهبي: « أبو داود الامام الثبت سيّد الحفّاظ »(٣) .

وقال: « ثبت حجة إمام عامل »(٤) .

وقال: « كان رأساً في الفقه، ذا جلالة وحرمة وصلاح وورع، حتى كان يشبّه بشيخه الامام أحمد بن حنبل »(٥) .

وقالالسبكي: « قال أحمد بن محمد بن ياسين الهروي في تاريخ هراة: أبو داود كان أحد حفاظ الإِسلام لحديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلله وسنده، في أعلى درجة النسك والعفاف والصلاح والورع، من فرسان الحديث.

وقال الحاكم أبو عبد الله: أبو داود إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة.

وقال أبوبكر الخلال: أبو داود الامام المتقدم في زمانه، لم يسبق إلى معرفته بتخريج العلوم وبصره بمواضعه، رجل ورع مقدّم »(٦) .

___________________

(١). الانساب - السجستاني.

(٢). وفيات الأعيان ٢ / ١٣٨.

(٣). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٩١.

(٤). الكاشف ١ / ٣٩٠.

(٥).. العبر ٢ / ٥٤.

(٦). طبقات الشافعية ٢ / ٢٩٥.

١٤٢

(١٠)

رواية الفسوي

رواه بسنده عن سيدنا أبي ذر حيث قال: « حدثنا عبد الله عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل حدّثه عن حنش قال: رأيت أباذر آخذاً بحلقة باب الكعبة وهو يقول: يا أيها الناس أنا أبوذر فمن عرفني؟ ألا وأنا أبوذر الغفاري، لا أحدّثكم إلّا ما سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: سمعته وهو يقول: أيها الناس إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل، وعترتي أهل بيتي، وأحدهما أفضل من الآخر، كتاب الله عز وجل، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، وإن مثلهما كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق »(١) .

ترجمته:

هو: يعقوب بن سفيان بن جوان الفسوي المتوفي سنة ٢٧٧:

قالابن حجر: « يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي، أبو يوسف بن أبي معاوية الفسوي، الحافظ.

روى عنه الترمذي والنسائي وابن خزيمة وابو عوانة الاسفرائني وابن أبي داود وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان ممن جمع وصنف مع الورع والنسك والصلابة في السنة. وقال النسائي: لا بأس به. وقال الحاكم: إمام أهل الحديث بفارس وقال أبو زرعة الدمشقي: قدم علينا رجلان من نبلاء الناس أحدهما أو أرحلهما يعقوب بن سفيان، يعجز أهل العراق أن يروا مثله

___________________

(١). المعرفة والتاريخ ٢ / ٤٢.

١٤٣

رجلاً، وكان يحيى في التاريخ ينتخب منه، وكان نبيلاً جليل القدر »(١) .

وقالالذهبي: « وفيها: الامام يعقوب بن سفيان الفسوي الحافظ، أحد أركان الحديث، وصاحب المشيخة والتاريخ، في وسط السّنة، وله بضع وثمانون سنة، سمع أبا عاصم وعبيد الله بن موسى وطبقتهما فأكثر »(٢) .

وقالابن الأثير في الفسوي: « خرج منها جماعة من العلماء، منهم أبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان الفسوي الفارسي الكبير الامام المشهور، رحل من الشرق إلى الغرب، وسمع أكثر وصنّف، مع الورع والنسك »(٣) .

(١١)

رواية روح بن الفرج

وستعلم روايته من عبارة الدولابي الآتية.

ترجمته:

هو: روح بن الفرج القطان أبو الزنباع المصري المتوفى سنة ٢٨٢:

قالابن حجر العسقلاني: « روى عن: يوسف بن عدي، وعمرو بن خالد الحراني، وسعيد بن عفير، وأبي صالح كاتب الليث عبد الله بن صالح، ويحيى بن بكير، وغيرهم.

وعنه: المحاملي، والطحاوي، وعلي بن محمد المصري، وعبد الله بن إسحاق، وأبو العباس الأصم، والطبراني.

___________________

(١). تهذيب التهذيب ١١ / ٣٨٥.

(٢). العبر ٢ / ٥٨.

(٣). اللباب ٢ / ٤٣٢.

١٤٤

وكان من الثقات.

قال الكندي في الموالي: كان منّ أوثق الناس. وقال ابن قديد: ذاك رجل ثقة رفعه الله بالعلم والصدق، وقال الخطيب: كان ثقة »(١) .

وقالالخزرجي: « روح بن الفرج المصري أبو الزنباع، ثقة »(٢) .

وقالابن حجر: « روح بن الفرج القطان أبو الزنباع: بكسر الزاي وسكون النون بعدها موحدة، المصري، ثقة من الحادية عشرة، مات سنة اثنتين وثمانين [ ومائتين ] وله أربع وثمانون »(٣) .

(١٢)

رواية داود بن سليمان

تعلم روايته من سند رواية العاصمي، صاحب زين الفتى بتفسير سورة هل أتى.

ترجمته:

هو: أبو أحمد داود بن سليمان بن يوسف الغازي القزويني:

قالالرافعي: « داود بن سليمان بن يوسف الغازي، أبو أحمد القزويني، شيخ اشتهر بالرواية عن علي بن موسى الرضا، ويقال: إن علياً كان مستخفياً في داره مدّة مكثه بقزوين. وله نسخة عنه يرويها أهل قزوين عن داود، كإسحاق بن محمد وعلي بن محمد بن مهرويه وغيرهما »(٤) .

___________________

(١). تهذيب التهذيب ٣ / ٢٩٧.

(٢). الخلاصة ١١٨.

(٣). تقريب التهذيب ١ / ٢٥٤.

(٤). التدوين ٣ / ٣.

١٤٥

(١٣)

رواية النسائي

تعلم روايته من سند رواية العاصمي. فراجع.

ترجمته:

هو: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي الشافعي المتوفى سنة ٣٠٣.

قالالذهبي: « النسائي، الحافظ شيخ الاسلام أبو عبد الرحمن القاضي صاحب السنن، برع في هذا الشأن، وتفرّد بالمعرفة والاتقان وعلوّ الإِسناد »(١) .

وقالابن الجوزي : « أبو عبد الرحمن النسائي الامام وكان إماماً في الحديث، ثقة ثبتاً حافظاً فقيهاً »(٢) .

وقالالسيوطي: « أبو عبد الرحمن النسائي القاضي، الحافظ الامام شيخ الاسلام، أحد الأئمة المبرزين والحافظ المتقنين والأعلام المشهورين »(٣) .

وقالالسبكي: « الامام الجليل أحد أئمة الدنيا في الحديث »(٤) .

___________________

(١). تذكرة الحفاظ ٢ / ٢٤٢.

(٢). المنتظم ٦ / ١٣١.

(٣). حسن المحاضرة ١ / ١٤٧.

(٤). طبقات الشافعية ٢ / ٨٤.

١٤٦

(١٤)

رواية الباغندي

تعلم روايته للحديث من عبارة ابن المغازلي المتقدمة في الكتاب.

ترجمته:

هو: محمد بن محمد بن سليمان أبوبكر الأزدي الواسطي المتوفى سنة ٣١٢ أو ٣١٣:

قالالخطيب: « كان كثير الحديث، رحل فيه إلى الأمصار البعيدة وعني به العناية العظيمة، وأخذ عن الحفاظ والأئمة، وسكن بغداد وحدّث بها وكان فهماً حافظاً عارفاً، وبلغني أن عامة ما حدّث به كان يرويه من حفظه ورأيت كافة شيوخنا يحتجون بحديثه ويخرجونه في الصحيح »(١) .

وقالابن الجوزي: « رجل في طلب الحديث إلى الأمصار البعيدة وعني به العناية العظيمة، وأخذ عن الحفاظ والأئمة، وكان حافظاً فهماً »(٢) .

وقالالذهبي: « الباغندي: الحافظ الأوحد محدّث العراق قال محمد ابن أحمد بن زهير: هو ثقة، لو كان بالموصل لخرجتم إليه ولكنه ينطرح عليكم »(٣) .

وقالالسمعاني: « كان حافظاً في الحديث »(٤) .

___________________

(١). تاريخ بغداد ٣ / ٢٠٩ - ٢١٣.

(٢). المنتظم ٦ / ١٩٣.

(٣). تذكرة الحفاظ. وانظر العبر ٢ / ١٥٣.

(٤). الأنساب - الباغندي.

١٤٧

(١٥)

رواية الدولابي

رواه باسناده عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، حيث قال ما نصه: « حدثني روح بن الفرج، قال: حدثنا يحيى بن سليمان أبو سعيد الجعفي قال: ثنا عبد الكريم بن هلال الجعفي، أنه سمع أسلم المكي قال: أخبرني أبو الطفيل عامر بن واثلة قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق »(١) .

ترجمته:

هو: أبو بشر محمد بن أحمد الأنصاري الدولابي المتوفى سنة ٣٢٠:

قالالسمعاني: « روى عنه: أبوبكر محمد بن إبراهيم المقري، وأبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، وأبو محمد الحسن بن رشيق العسكري، وأبو حاتم محمد بن حبان التميمي البستي، وأبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني وغيرهم »(٢) .

وقالابن خلكان: « كان عالماً بالحديث والأخبار والتواريخ وله تصانيف مفيدة في التاريخ ومواليد العلماء ووفياتهم، واعتمد عليه أرباب هذا الفن في النقل، وأخبروا عنه في كتبهم ومصنفاتهم المشهورة، وبالجملة، فقد كان من الأعلام في هذا الشأن ممن يرجع إليه، وكان حسن التأليف »(٣) .

___________________

(١). الكنى والأسماء ١ / ٧٦.

(٢). الأنساب - الدولابي.

(٣). وفيات الأعيان ٣ / ٤٧٤.

١٤٨

(١٦)

رواية أبي القاسم البجلي

تعلم روايته من رواية ابن الأبار.

ترجمته:

هو: الحسن بن محمد بن بشر داود بن يحيى بن سالم أبو القاسم البجلي الكوفي. قدم بغداد وحدّث بها عن أحمد بن موسى بن إسحاق الحمار، وعلي بن الحسين بن عبيد بن كعب، وعبد السلام بن الحسين بن مالك الكوفيين.

روى عنه محمد بن المظفر، والدارقطني، وأبو القاسم بن الثلّاج. وذكر ابن الثلاج أنه نزل باب المحول وسمع منه في سنة ٣٢٢ »(١) .

(١٧)

رواية ابن مهرويه

تعلم روايته من سند رواية العاصمي في زين الفتى.

ترجمته:

هو: أبو الحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني المتوفى سنة ٣٥٥:

___________________

(١). تاريخ بغداد ٧ / ٤١٨.

١٤٩

قالالسمعاني: « وأبو الحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني، حدّث في القرية ببغداد والجبال عن يحيى بن عبدك القزويني وداود بن سليمان الغازي

ذكره أبو الفضل صالح بن محمد أحمد الحافظ في طبقات أهل همدان وقال

كان يأخذ على نسخة علي بن موسى الرضا، وكان شيخاً مسناً ومحلّه الصدق »(١) .

وذكرهالرافعي في تاريخ قزوين، قال: « وذكر أبوبكر الخطيب أنه حدّث ببغداد سنة ٣٢٣ مسند علي بن موسى الرضا عن داود بن سليمان الغازي، وتوفي سنة ٣٣٥ وقد نيف على المائة ولم يكن له ولد ذكر »(٢) .

(١٨)

رواية ميمون بن إسحاق

علم روايته من عبارة الحاكم النيسابوري السّالفة في محلها.

ترجمته:

هو: ميمون بن إسحاق أبو محمد الصواف المتوفي سنة ٣٥١:

قالالخطيب: « ميمون بن إسحاق بن الحسن بن علي بن سليمان بن منصور بن عيسى، أبو محمد الصوّاف مولى محمد بن الحنفية، سمع أحمد بن عبد الجبار العطاردي، والحسن بن الفضل بن السمج البوصرائي، وأحمد بن هارون البرديجي.

حدثنا عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وعلي بن أحمد بن الحمامي المقرئ، وأبو الحسين بن الفضل، وعلي وعبيد الله ابنا أحمد بن محمد الرزاز، وأبو علي بن

___________________

(١). الأنساب - القزويني.

(٢). التدوين في ذكر علماء قزوين ٣ / ٤١٦.

١٥٠

شاذان. وكان صدوقاً »(١) .

(١٩)

رواية المقدسي

ورواه مطهّر بن طاهر المقدسي في تاريخه مرسلاً حيث قال:

« روى أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(٢) .

ترجمته:

هو: مطهر بن طاهر المقدسي المؤرّخ المتوفى سنة ٣٥٥.

قالعمر رضا كالة: « مطهر بن طاهر المقدسي: مؤرخ، من آثاره البدء والتاريخ، في ستة أجزاء»(٣) .

(٢٠)

رواية ابن عدي

قال الذهبي بترجمة « الحسن بن أبي جعفر الجفري »:

« وذكره ابن عدي فأورد له جملة عن أبي الزبير وغيره، فمن ذلك: عمرو بن

___________________

(١). تاريخ بغداد ١٣ / ٢١١.

(٢). البدء والتاريخ ٣ / ٢٢.

(٣). معجم المؤلفين ١٢ / ٢٤٩، وانظر: الاعلام للزركلي ٨ / ١٥٩.

١٥١

سفيان، حدثنا الحسن بن أبي جعفر عن أيوب، عن أبي قلابة عن أنس: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: نحن خير من أبنائنا، وأبناؤنا خير من أبنائهم، وأبناء أبنائنا خير من أبناء أبنائهم.

مسلم بن إبراهيم، حدثنا الحسن بن أبي جعفر، حدثنا ابن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن أبي ذر مرفوعا: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق ومن قاتلنا - وفي لفظ ومن قاتلهم - فكأنّما قاتل مع الدجال

وقال ابن عدي: وهو عندي ممن لا يتعمّد الكذب »(١) .

ترجمته:

وهو: أبو أحمد عبد الله علي بن محمد الجرجاني، المعروف بابن القطان، المتوفى سنة ٣٦٥.

وقالالسمعاني: « كان حافظ عصره، رحل إلى الإِسكندرية وسمرقند ودخل البلاد وأدرك الشيوخ، كان حافظاً متقناً لم يكن في زمانه مثله »(٢) .

وقال الذهبي: « ابن عدي الامام الحافظ الكبير أبو أحمد كان أحمد الأعلام وهو المصنّف في الكلام على الرجال عارفاً بالعلل، قال أبو القاسم ابن عساكر: كان ثقة على لحن فيه. قال حمزة السهمي: سألت الدار قطني أن يصنّف كتاباً في الضعفاء فقال: أليس عندك كتاب ابن عدي؟ فقلت: بلى، قال: فيه كفاية يزاد عليه قال حمزة السهمي: كان حافظاً متقناً لم يكن في زمانه أحد مثله قال الخليلي: كان عديم النظير حفظاً وجلالة.

سألت عبد الله بن محمد الحافظ: أيّهما أحفظ: ابن عدي أو ابن قانع؟ فقال: زر قميص ابن عدي أحفظ من عبد الباقي بن قانع.

___________________

(١). ميزان الاعتدال ٤٨٢١.

(٢). الانساب - الجرجاني.

١٥٢

قال الخليلي: وسمعت أحمد بن أبي مسلم الحافظ يقول: لم أر أحداً مثل أبي أحمد بن عدي وكيف فوقه في الحفظ؟ وكان أحمد قد لقي الطبراني وأبا أحمد الحاكم وقد قال لي: كان حفظ هؤلاء تكلفاً وحفظ ابن عدي طبعاً، زاد معجمه على ألف شيخ »(١) .

وقالابن العماد: « ابن عدي الحافظ الكبير قال ابن قاضي شهبة: هو أحد الأئمة الأعلام وأركان الإِسلام، طاف البلاد في طلب العلم، وسمع الكبار »(٢) .

(٢١)

رواية القطيعي

علم روايته لحديث السفينة من عبارة الحاكم وغيره.

ترجمته:

وهو: أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي المتوفى سنة ٣٦٨.

قال الخطيب: « سمع إبراهيم بن إسحاق وإسحاق بن الحسن الحربيين، وبشر بن موسى، وأبا العباس الكديمي، وأبا مسلم الكجّي، وعبد الله بن أحمد ابن حنبل. وكان كثير الحديث.

روى عن عبد الله بن أحمد المسند والزهد والتاريخ والمسائل وغير ذلك، لم نر أحداً امتنع من الرواية عنه ولا ترك الاحتجاج به »(٣) .

___________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ١٤٣.

(٢). شذرات الذهب ٣ / ٥١.

(٣). تاريخ الخطيب ٤ / ٧٣ - ٧٤ باختصار.

١٥٣

وقالالسمعاني: « والمحدّث المشهور أبوبكر أحمد بن جعفر وكان مكثراً »(١) .

وقالالذهبي: « مسند العراق وكان شيخاً صالحاً »(٢) .

(٢٢)

رواية ابن السقاء

علم روايته لحديث السفينة من عبارة ابن المغازلي.

ترجمته:

هو: عبد الله بن محمد بن السّقاء الواسطي المتوفى سنة ٣٧١ أو سنة ٣٧٣:

قالالذهبي: « ابن السقاء الحافظ الامام محدّث واسط أبو محمد روى عنه: الدارقطني، وأبو الفتح يوسف القواس، وأبو العلاء محمد بن علي القاضي وأبو نعيم الاصفهاني، وآخرون.

قال العلاء: سمعت ابن المظفر والدارقطني يقولان: لم تر مع ابن السقّاء كتاباً وإنما حدّثنا حفظاً. وقال علي بن محمد الطيب الجلّابي في تاريخه: ابن السقّاء من أئمة الواسطيين والحفاظ المتقنين، توفي في جمادى الآخرة سنة ٣٧٣.

قال السلفي: سألت الحافظ خميساً الجوزي عن ابن السقاء فقال: هو من مزينة مضر ولم يكن سقّاءً بل لقب له، من وجوه الواسطيين وذوي الثروة والحفظ، رحل به أبوه فأسمعه من أبي خليفة وأبي يعلى وابن زيدان البجلي والمفضل بن الجندي، وبارك الله في سنّه وعلمه.

___________________

(١). الأنساب - القطيعي.

(٢). العبر - حوادث سنة ٣٦٨.

١٥٤

واتفق أنه أملى حديث الطير(١) فلم نحتمله نفوسهم، فوثبوا به واقاموه وغسلوا موضعه، فمضى ولزم بيته، فكان لا يحدّث أحداً من الواسطيين، فلذا قلّ حديثه عندهم، توفي سنة ٣٧١. حدثني ذلك شيخنا أبو الحسن المغازلي »(٢) .

وقالابن الجوزي: « كان فهماً حافظاً، ورد بغداد فحدّث بها مجالسه كلّها من حفظه بحضرة ابن المظفر والدارقطني، وكانا يقولان: ما رأينا معه كتاباً إنما حدثنا حفظاً، وما أخذنا عليه خطأ في شيء، غير أنه حدّث عن أبي يعلى بحديثٍ في القلب منه شيء(٣) ، قال أبو العلاء الواسطي: فلما عدت إلى واسط أخبرته، فأخرج الحديث وأصله بخط الضبي »(٤) .

وقالابن العماد: « كان حافظاً من كبراء أهل واسط وأولي الحشمة »(٥) .

(٢٣)

رواية الدارقطني

وممّن رواه الحافظ الدارقطني، كما لا يخفى على من راجع بعض الأسانيد،

___________________

(١). وهوقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير، فجاء سيدنا عليعليه‌السلام فأكل معه » وهذا حديث صحيح لا مرية فيه، وممن أخرجه: أحمد والترمذي والنسائي والطبراني والدارقطني وأبو نعيم والحاكم والخطيب وهذا الحديث أيضاً من أحاديث موسوعتنا وسيقدّم إلى الطبع إن شاء الله.

(٢). تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٦٥.

(٣). الظاهر أن المراد من هذا الحديث هو حديث الطير الذي ذكرناه في الهامش المتقدم، وما ذا نفعل بقلب ابن الجوزي الذي طبع الله عليه، فلم يتمكن من قبول أحاديث فضائل أهل البيت عليهم الصلاة والسلام وحاول الطعن فيها، مهما وجد إلى ذلك سبيلاً؟! وقد تقدّم في مجلَّد حديث الثقلين ( قسم السند ) طعنه في حديث الثقلين وقد أخرجه مسلم وغيره.

(٤). المنتظم ٧ / ١٢٣.

(٥).. شذرات الذهب ٣ / ٨١.

١٥٥

كرواية الحافظ ابن الأبار، و قد جاء في ( علله ) ما لفظه:

« وسئل عن حديث حنش بن المعتمر عن أبي ذر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض، ومثلهما مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا.

فقال: يرويه أبو إسحاق السبيعي عن حنش، قال ذلك الأعمش ويونس ابن أبي إسحاق ومفضل بن صالح، وخالفهم إسرائيل فرواه عن أبي إسحاق عن رجل عن حنش، والقول عندي قول إسرائيل »(١) .

ترجمته:

وهو: أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني المتوفى سنة ٣٨٥:

قالابن كثير: « الحافظ الكبير، استاذ هذه الصناعة وقبله بمدة وبعده إلى زماننا هذا، سمع الكثير وجمع وصنّف وألّف وأجاد وأفاد وأحسن النظر والتعليل والانتقاد والاعتقاد، وكان فريد عصره ونسيج وحده وإمام دهره في أسماء الرجال وصناعة التعليل والجرح والتعديل وحسن التصنيف والتأليف قال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري: لم ير الدارقطني مثل نفسه »(٢) .

وقال ابن خلكان: « كان عالماً حافظاً فقيهاً إنفرد بالامامة في علم الحديث في عصره، ولم ينازعه في ذلك أحد من نظرائه »(٣) .

وقالالذهبي: « الحافظ المشهور صاحب التصانيف ذكره الحاكم فقال: صار أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع وإماماً في القرّاء والنحاة وقال الخطيب: كان فريد عصره وقريع دهره ونسيج وحده وإمام وقته وقال القاضي أبو الطيب الطبري: الدارقطني أمير المؤمنين في الحديث»(٤) .

___________________

(١). العلل للدارقطني ٦ / ٢٣٦.

(٢). تاريخ ابن كثير ١١ / ٣١٧.

(٣). وفيات الأعيان ٢ / ٤٥٩.

(٤). العبر - حوادث ٣٨٥.

١٥٦

(٢٤)

رواية محمد بن المظفر البغدادي

علم روايته لحديث السفينة من عبارة ابن المغازلي المتقدمة في الكتاب.

ترجمته:

هو: محمد بن المظفر بن موسى أبو الحسين البغدادي المتوفى سنة ٣٩٧:

قالالذهبي: « الحافظ الامام الثقة أبو الحسين البغدادي محدّث العراق قال الخطيب: كان ابن المظفر فهماً حافظاً صادقاً. وقال البرقاني: كتب الدارقطني عن ابن المظفر ألف حديث »(١) .

وقالالصفدي: « الحافظ البغدادي، رحل إلى الأمصار وبرع في علم الحديث ومعرفة الرجال إتفقوا على فضله وصدقه وثقته »(٢) .

وقالالسيوطي: « الحافظ الامام الثقة »(٣) .

وقالالخطيب: « كان حافظاً فهماً صادقاً مكثراً، أخبرني أحمد بن علي المحتسب، حدثنا محمد بن أبي الفوارس قال: كان محمد بن المظفر ثقة أميناً مأموناً حسن الحفظ، وإنتهى إليه الحديث وحفظه وعلمه وكان قديماً ينتقى على الشيوخ، وكان مقدماً عندهم، قال العتيقي: وكان ثقة مأموناً حسن الحفظ »(٤) .

___________________

(١). تذكرة الحفاظ ٤ / ٩٨٠.

(٢). الوافي بالوفيات ٥ / ٣٤.

(٣). طبقات الحفاظ: ٣٩٠.

(٤). تاريخ بغداد ٣ / ٢٦٢ - ٢٦٤.

١٥٧

(٢٥)

رواية أبي مليل الكوفي

وعلم رواية أبي مليل الكوفي حديث السفينة من عبارة الطبراني في المعجم الصغير المتقدمة سابقاً في الكتاب.

ترجمته:

هو: محمد بن عبد العزيز أبو مليل الكلابي الكوفي.

قالالخطيب: « قدم بغداد وحدّث بها عن أبيه وعن أبي كريب محمد بن العلاء، روى عنه عبد الصمد بن علي الطستي وجعفر الخلدي وأبوبكر الشافعي وعلي بن إبراهيم بن حمّاد القاضي

حدثني علي بن محمد بن نصر قال: سمعت حمزة بن يوسف قال: سألت الدارقطني عن محمد بن عبد العزيز بن محمد بن ربيعة الكلابي أبي مليل الكوفي فقال: ثقة »(١) .

وقالابن ماكولا: « أبو مليل محمد بن عبد العزيز بن محمد بن ربيعة الكلابي، عن أبيه عن الوليد بن عقبة الشيباني ويحيى بن آدم »(٢) .

___________________

(١). تاريخ بغداد ٢ / ٣٥٢ - ٣٥٣.

(٢). الاكمال ٧ / ٢٨٩.

١٥٨

(٢٦)

رواية سجادة البغدادي

علم روايته من عبارة الطبراني في المعجم الصغير السالفة الذكر في محلها من الكتاب.

ترجمته:

هو: الحسين بن أحمد بن منصور أبو عبد الله شيخ الحافظ الطبراني.

قالالخطيب: « حدّث عن إبراهيم الترجماني وعبيد الله بن عمر القواريري وأبي معمّر الهزلي وعبد الله بن داهر الرازي، روى عنه أبو القاسم الطبراني وكان لا بأس به »(١) .

(٢٧)

رواية أبي ذر الهروي

تعلم روايته من سند رواية الحافظ ابن الأبار.

ترجمته:

هو: عبد بن أحمد بن محمد الأنصاري المتوفى سنة ٤٣٤(٢) .

___________________

(١). تاريخ بغداد ٨ / ٣ - ٤.

(٢). تبعنا في الاسم وتاريخ الوفاة الذهبي في تذكرة الحفاظ.

١٥٩

قالالذهبي: « أبوذر الهروي الامام العلامة الحافظ قال الخطيب: كان ثقة ضابطاً ديّناً وقال عبد الغافر في تاريخ نيسابور: كان أبوذر زاهداً ورعاً عالماً سخياً لا يدّخر شيئاً، وصار من كبار مشيخة الحرم، مشاراً إليه في التصوف، خرّج على الصحيحين تخريجاً حسناً، وكان حافظاً كثير الشيوخ »(١) .

وقالابن الجوزي: « كان ثقة ضابطاً فاضلاً »(٢) .

وقالتقي الدين الفاسي: « الحافظ أبوذر الهروي المكي، شيخ الحرم »(٣) .

(٢٨)

رواية الجوهري

ستعلم روايته من عبارة القاضي الأنصاري.

ترجمته:

هو: أبو محمد الحسن بن علي الجوهري المتوفى سنة ٤٥٤:

قالابن الأثير: « بغدادي ثقة مكثر، أصله من شيراز وولد ببغداد، وسمع أبا بكر القطيعي وأبا عمرو بن حيويه وغيرهما.

روى عنه: أبوبكر الخطيب، والقاضي أبوبكر محمد بن عبد الباقي

___________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٠٣.

(٢). المنتظم ٨ / ١١٥.

(٣). العقد الثمين ٥ / ٥٣٩.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

ما وجب معه عليه الطلب والخروج. فلما انعكس ذلك وظهرت أمارات الغدر فيه وسوء الاتفاق ، رام الرجوع والمكافّة والتسليم كما فعل أخوه ، فمنع من ذلك وحيل بينه وبينه. فالحالان متفقان ، إلا أن التسليم والمكافّة عند ظهور أسباب الخوف لم يقبلا منه ، ولم يجب إلى الموادعة ، وطلبت نفسه فمنع منها بجهده ، حتّى مضى كريما إلى جنة الله ورضوانه ، وهذا واضح لمتأمله (انتهيكلام السيد المرتضى).

٢٨٧ ـ تعليق العلامة المجلسي :(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٢٦)

قال المحقق المحدث المجلسي بعد نقل كلام السيد المرتضى :

وقد مضى في كتابه (الإمامة) وكتاب (الفتن) أخبار كثيرة دالة على أن كلا منهمعليه‌السلام كان مأمورا بأمور خاصة ، مكتوبة في الصحف السماوية النازلة على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهم كانوا يعملون بها. ولا ينبغي قياس الأحكام المتعلقة بهم على أحكامنا. وبعد الاطلاع على أحوال الأنبياءعليهم‌السلام وأن كثيرا منهم كانوا يبعثون فرادى في ألوف من الكفرة ، ويسبّون آلهتهم ويدعونهم إلى دينهم ، ولا يبالون بما ينالهم من المكاره والضرب والحبس والقتل والإلقاء في النار ، ولا ينبغي الاعتراض على أئمة الدين في أمثال ذلك ، مع أنه بعد ثبوت عصمتهم بالبراهين والنصوص المتواترة ، لا مجال للاعتراض عليهم ، بل يجب التسليم لهم في كل ما صدر عنهم.

على أنك لو تأملت حق التأمل علمت أنهعليه‌السلام فدى بنفسه المقدسة دين جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم تنزلزل أركان دولة بني أمية إلا بعد شهادته ، ولم يظهر للناس كفرهم وضلالتهم إلا عند فوزه بسعادته. ولو كان يسالمهم ويوادعهم كان يقوى سلطانهم ويشتبه على الناس أمرهم ، فتعود بعد حين أعلام الدين طامسة وآثار الهداية مندرسة. مع أنه قد ظهر لك من الأخبار السابقة أنهعليه‌السلام هرب من المدينة خوفا من القتل.

إلى مكة ، وكذا خرج من مكة بعد ما غلب على ظنه أنهم يريدون غيلته وقتله ، حتّى لم يتيسّر له أن يتمّ حجّه ، فتحلل وخرج منها خائفا يترقب. وقد كانوا ضيّقوا عليه جميع الأقطار ولم يتركوا له موضعا للفرار.

ولقد رأيت في بعض الكتب المعتبرة أن يزيد أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر عظيم ، وولاه أمر الموسم ، وأمّره على الحاج كلهم ، وكان قد أوصاه بقبض

٢٨١

الحسينعليه‌السلام سرا ، وإن لم يتمكن منه بقتله غيلة. ثم إنه دسّ مع الحاج في تلك السنة ثلاثين رجلا من شياطين بني أمية ، وأمرهم بقتل الحسينعليه‌السلام على أي حال اتفق. فلما علم الحسينعليه‌السلام بذلك حلّ من إحرام الحج وجعلها عمرة مفردة.

وقد روي بأسانيد معتبرة ، أنهعليه‌السلام لما منعه محمّد بن الحنفية عن الخروج

إلى الكوفة ، قال : «والله يا أخي لو كنت في جحر هامّة من هوام الأرض ، لاستخرجوني منه حتّى يقتلونني». بل الظاهر أنه لو كان يسالمهم ويبايعهم لا يتركونه ، لشدة عداوتهم وكثرة وقاحتهم ، بل كانوا يغتالونه بكل حيلة ويدفعونه بكل وسيلة. وإنما كانوا يعرضون البيعة عليه أولا لعلمهم بأنه لا يوافقهم في ذلك.ألا ترى مروان ابن الحكم كيف كان يشير على والي المدينة بقتله قبل عرض البيعة عليه؟. وكان عبيد الله بن زياد يقول : اعرضوا عليه فلينزل على أمرنا ، ثم نرى فيه رأينا؟.

ألا ترى كيف أمنّوا مسلم بن عقيل ، ثم قتلوه؟!.

فأما معاوية فإنه مع شدة عداوته وبغضه لأهل البيتعليهم‌السلام كان ذا دهاء ونكراء وحزم ، وكان يعلم أن قتلهم علانية يوجب رجوع الناس عنه وذهاب ملكه وخروج الناس عليه ، فكان يداريهم ظاهرا على كل حال. ولذا صالحه الحسنعليه‌السلام ولم يتعرض له الحسينعليه‌السلام . ولذا كان معاوية يوصي ولده اللعين بعدم التعرض للحسينعليه‌السلام لأنه كان يعلم أن ذلك يصير سببا لذهاب دولته (انتهى كلام العلامة المجلسي).

٢٨٨ ـ لماذا خرج الحسينعليه‌السلام بعياله إلى العراق؟ :(مقتل المقرم ص ١٢٥)

ان الكلمة السديدة الناضجة في وجه حمل الحسين عياله إلى العراق مع علمه بما يقدم عليه ومن معه على القتل ، هو أنهعليه‌السلام لما علم بأن قتلته سوف تذهب ضياعا لو لم يتعقبها لسان ذرب(١) وجنان ثابت ، يعرّفان الأمة ضلال ابن ميسون(يزيد) وطغيان ابن مرجانة (ابن زياد) ، باعتدائهما على الذرية الطاهرة الثائرة في وجه المنكر ، ودحض ما ابتدعاه في الشريعة المقدسة.

وعرف سيد الشهداءعليه‌السلام من حرائر الرسالةعليه‌السلام الصبر على المكاره وملاقاة

__________________

(١) ذرب اللسان : ذو لسان حادّ. ولسان ذرب : أي فصيح.

٢٨٢

الخطوب والدواهي بقلوب أرسى من الجبال ، فلا يفوتهن تعريف الملأ المغمور بالترّهات والأضاليل ، نتائج أعمال هؤلاء المضلين ، وما يقصدونه من هدم الدين ، وأن الشهداء أرادوا بنهضتهم مع إمامهم إحياء شريعة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وفي الحقيقة لقد أدت عقائل الوحي هذه الرسالة الجوهرية الخطيرة ، بجرأة وإخلاص ، وثبات ورباطة جأش ، رغم تفاقم الخطب وعظم المصيبة وقساوة المحنة فهاهي عقيلة الوحي زينبعليها‌السلام أخت الحسينعليه‌السلام تقف بجرأة وحزم أمام ابن زياد الجبار المتهور ، تفرغ عن لسان أبيها ، تقول له بكلام أنفذ من السهم ، وتلقمه حجرا وهي تقول :

«هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجّ وتخاصم ، فانظر لمن الفلج (أي الفوز) ثكلتك أمك يابن مرجانة».ثم لا ننسى خطبها في الكوفة ومواقفها في الشامعليها‌السلام .

وها هي فاطمة بنت الحسين وأم كلثوم وسكينةعليهم‌السلام يتحدثن بمثل ما تحدثت به عمتهن زينبعليها‌السلام ، في ذلك الموقف الرهيب المحفوف بسيوف الخسف والغدر والجور ، فما يستطيع أحد أن يتفوه بكلمة واحدة مهما أوتي من الجرأة والثبات والصمود ، ومهما بلغ من القوة والمنعة والمنزلة ، فكيف بهنّ وقد أعلنّ للملأ أجمع عن كل موبقات ابن ميسون وابن مرجانة.

هذا على أنه وإن وضع الله الجهاد ومكافحة الأعداء عن المرأة وأمرها بلزوم بيتها ، فذاك فيما إذا قام بتلك المكافحة غيرها من الرجال ، وأما إذا توقف إقامة الحق عليها فقط ، بحيث لولا قيامها لدرست أسس الشريعة وذهبت الغاية من تضحية الصفوة ، كان الواجب القيام به.

ينتج من هذا أن جهاد العقيلات في معركة كربلاء كان في طرف موازنة مع جهاد الشهداء.

وجاء في (اللهوف) ص ٤٧ : ومما يمكن أن يكون سببا لحمل الحسينعليه‌السلام عياله ، أنه إن تركها بالحجاز أو غيرها من البلاد ، كان يزيد بن معاوية قد أنفذ ليأخذهن إليه ، وصنع بهن من الاستئصال وسيّئ الأعمال ، ما يمنع الحسين من الجهاد والشهادة.

٢٨٣

٥ ـ هل ألقى الحسينعليه‌السلام بيده إلى التهلكة؟

٢٨٩ ـ هل عرّض الحسينعليه‌السلام نفسه للتهلكة؟ :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٩)

يقول السيد عبد الرزاق المقرّم عن استشهاد الأئمةعليهم‌السلام :

وليس في إقدامهم على الشهادة إعانة على إزهاق نفوسهم القدسية وإلقائها في التهلكة الممنوع منه بنص الذكر المجيد ، فإن الإبقاء على النفس والحذر من إيرادها مورد الهلكة إنما يجب إذا كان مقدورا لصاحبها أو لم يقابل بمصلحة أهمّ من حفظها. وأما إذا وجدت هنا لك مصلحة تكافىء تعريض النفس للهلاك ، كما في الجهاد والدفاع عن النفس ، مع العلم بتسرب القتل إلى فئة من المجاهدين ، فيجب عندها بذل النفس والتضحية بها. ولقد أمر الله الأنبياء والمرسلين والمؤمنين فمشوا إليه قدما موطّنين أنفسهم على القتل وكم فيهم سعداء ، وكم من نبي قتل في سبيل دعوته ولم يبارح قوله دعوته حتّى أزهقت نفسه الطاهرة!. وقد تعبّد الله طائفة من بني إسرائيل بقتل أنفسهم فقال :( إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ ) [البقرة : ٥٤].

وقد أثنى سبحانه على المؤمنين في إقدامهم على القتل والمجاهدة في سبيل تأييد الدعوة الإلهية ، فقال تعالى :( إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ) [التوبة : ١١١] وقال تعالى :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) [البقرة : ٢٠٧] وقال تعالى :( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (١٦٩) [آل عمران : ١٦٩].

٢٩٠ ـ التعبّد بالقتل أسمى درجات السعادة ، وليس هو إلقاء إلى التهلكة :

(اللهوف للسيد ابن طاووس ، ص ١٢)

يقول السيد ابن طاووس : ولعل بعض من لا يعرف حقائق شرف السعادة بالشهادة ، يعتقد أن الله لا يتعبّد بمثل هذه الحالة. أما سمع في القرآن الصادق المقال ، أنه تعبّد قوما بقتل أنفسهم ، فقال تعالى :( إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ ) [البقرة : ٥٤] أنه هو القتل ، وليس الأمر كذلك ، وإنما التعبد به من أبلغ درجات السعادة.

٢٨٤

ثم يعرض تفسير آية التهلكة بما ذكره الإمام الصادقعليه‌السلام ، وهو أن بعض الصحابة تخلّفوا عن نصرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقاموا في بيوتهم لإصلاح أحوالهم ، فنزلت الآية :( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) [البقرة : ١٩٥] ومعناه : إن تخلّفتم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقمتم في بيوتكم ألقيتم بأيديكم إلى التهلكة وسخط الله عليكم فهلكتم. وليست هذه الآية في رجل يحرّض على العدو أو يطلب الشهادة بالجهاد في سبيل الله رجاء الثواب والآخرة.

٢٩١ ـ دفع شبهة : هل ألقى الحسينعليه‌السلام بنفسه إلى التهلكة؟ :

(الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٣٦)

يقول السيد نعمة الله الجزائري :

واعلم أن جماعة من مخالفينا أورد واهنا شبهة ، بل وربما قاله بعض الجهال فينا ، وهو أن الحسينعليه‌السلام كان عالما بأن يجري عليه ما جرى قبل مسيره إلى العراق ، فلم سار إليها حتّى صار كالمعين على نفسه؟. وهذه شبهة ركيكة ، والجواب عنها من وجوه :

الوجه الأول : أن الإمام إذا وجد الأعوان وجب عليه القيام بأمر الجهاد ، ولا يجوز له التقاعد عنه لظنه بهم الخذلان له ، كما لم يجز للأنبياءعليهم‌السلام ترك الجهاد لهذه المظنّة ، بل قاموا بالدعوة حتّى أصيبوا من الأمة بالمصائب العظام ، كما وقع لأولي العزم وغيرهم ، استتماما لحجة الله تعالى على الخلائق.

الوجه الثاني : أنهعليه‌السلام لو لم يسر إلى العراق لما تركوه ، ولو ذهب إلى المكان البعيد ، مصداقا لقولهعليه‌السلام لأخيه محمّد بن الحنفية ، حين نصحه بأن يلحق بالرمال من اليمن حتّى ينظر بواطن أهل العراق ، فقال له : يا أخي نعم ما رأيت من الصلاح ، ولكن هؤلاء القوم ما يسكتون عن طلبي أينما ذهبت حتّى يسفكوا دمي ، فعند ذلك يلبسهم الله ذلّ الدنيا والآخرة.

الوجه الثالث : أن الأنبياء والأئمةعليهم‌السلام قد خصّهم الله تعالى بأنواع من التكاليف ، فلعل هذا ـ وهو الإلقاء إلى التهلكة ـ منها ، نظرا إلى الحكم والمصالح الإلهية.

فإن قلت : كيف لم يبايع ليزيد حتّى لا يصل إليه الضرر ، كما بايع أخوه الحسنعليه‌السلام ؟ قلت : هذا مجرد كلام ، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. وذلك

٢٨٥

أنهعليه‌السلام رأى أخاه الحسنعليه‌السلام لما سالم معاوية ، وكيف فعل به أولا ، وكيف غدر به آخرا ، حتّى قتله مسموما. فما كان يصنع ابنه يزيد مع الحسينعليه‌السلام إلا أسوأ من هذا ، لأن معاوية كان فيه الدهاء ، وما كان يتجرأ على قتل الحسينعليه‌السلام ظاهرا ، ولهذا أوصى عند موته ليزيد ، أنك [إن] تظفر بالحسينعليه‌السلام فلا تقتله ، واذكر فيه القرابة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢٩٢ ـ بين هجرة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهجرة السبطعليه‌السلام :

(من وحي الثورة الحسينية لهاشم معروف الحسني ، ص ٣١)

يقول السيد هاشم معروف الحسني :

هناك هجرتان من أجل الإسلام ورسالة الإسلام :

الأولى منهما : كانت فرارا من الموت الّذي استهدف رسالة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشخصه ، وقد نفّذها الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمر من ربه ، ليتابع رسالته وينقذها من مشركي مكة وجبابرة قريش وعلى رأسهم أبو سفيان.

والثانية : قام بها سبطه الزكي الحسين بن عليعليه‌السلام ولكنها كانت للشهادة ، بعد أن أدرك أن الأخطار المحدقة برسالة جده ، لا يمكن تفاديها وتجاوزها إلا بشهادته.

لقد هاجر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مكة إلى المدينة لأجل رسالته ، بعد أن تآمرت قريش على قتله لتتخلص منها ، لأن بقاءها وانتشارها مرهون بحياته ، وبعد أن وجدت أن جميع وسائل العنف التي استعملتها معه خلال ثلاثة عشر عاما لم تغير من موقفه شيئا ، كما لم تجدها جميع الاغراءات والعروض السخية. وكان ردّه الأخير على عروض أبي سفيان وأبي جهل ومغرياتهما أن قال : «والله لو وضعتم الشمس في يميني ، والقمر في شمالي ، على أن أترك هذا الأمر ما تركته ، حتّى يحكم الله أو أهلك دونه».

وظل الحزب الأموي بقيادة أبي سفيان وأبنائه يتحيّن الفرص ويستغل المناسبات ليجهض على الإسلام وعلى قادة الإسلام ، بعد أن عملوا بكل جهدهم لإفراغ الإسلام من مضمونه الحقيقي واتخاذه أداة ظاهرية للوصول إلى الحكم.

وحين عادت الجاهلية تعصف برياحها على بلاد الإسلام ، وتلقي بظلها على المسلمين ، سطع ضوء في الظلام ومن بين ركام الإسلام المتداعي ، وأضاءت للملأ

٢٨٦

ملامح أمل جديد في دياجي ذلك الظلام المطبق ، وبدا للعالم إنسان يخطّ على التراب بدمه هذه الكلمات :

«ألا وإني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا برما».

إنه الحسين ، ابن علي وفاطمة الزهراءعليهم‌السلام سبط ذلك الرسول الّذي هاجر [الهجرة الأولى] من مكة إلى المدينة ، لأجل رسالته ولا نقاذها من الشرك والوثنية.جاء يهاجر [الهجرة الثانية] لأجل نفس الرسالة ولانقاذها من الشذوذ والانحراف والجور والفساد. خرج من مدينة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى عاصمة أبيه الكوفة ، خرج مهاجرا لإحياء دين جده ورسالته ، وإيقاظ الآمال في نفوس الفقراء والمستضعفين ، الذين باتوا يساقون كالأنعام بيد الولاة والحكام.

ولقد رضي الحسينعليه‌السلام أن يقدّم نفسه وأهله قربانا لهذه الرسالة ، حين رأى الموت والشهادة أحلى إلى قلبه من العقد الّذي يزيّن جيد الفتاة ، وحين أدرك أن لا عزّة ولا كرامة إلا بالجهاد والفداء.

لقد هاجر الحسينعليه‌السلام من مدينة جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أرض الشهادة والخلود ، ليقدّم دمه الزكي ودماء إخوته وأنصاره ثمنا لإحياء شريعة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنقاذها من الضياع والاندثار.

وهكذا كانت نهضة الحسينعليه‌السلام الامتداد الطبيعي لرسالة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وجهاد الحسينعليه‌السلام امتدادا لجهاد جده وأبيهعليه‌السلام ، مصداقا لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«حسين مني وأنا من حسين». فعقيدة الحسين هي من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورسالة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحيى وتبقى بالحسينعليه‌السلام .

٦ ـ معالم النهضة المقدسة

٢٩٣ ـ ثلاثة مشاعل من رسالة الحسينعليه‌السلام :

(مجلة الإسلام في معارفه وفنونه للشيخ حبيب آل إبراهيم ، بعلبك ،

السنة العاشرة ، العدد الأول ، نيسان ١٩٦٨)

ماهي رسالة الحسينعليه‌السلام ؟

تعال نسأل عنها الإمام الحسين نفسه

في يوم شهادته بالذات رفع الشهيد شعارات ثلاثة ،

٢٨٧

كانت خير عنوان للرسالة التي خرج يؤديها بدمه ،

ودم الشهداء الذين معه.

هذه الشعارات هي : المسؤولية ـ التصميم ـ العزّة.

١ ـ المسؤولية :

قال الإمام الحسينعليه‌السلام : «إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ، ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يحكم الله وهو خير الحاكمين».

هذه الكلمات مشاعل ، تضيء الطريق للسالكين ، بها يحدد سيد الشهداء أغراض نهضته : إنه لم يخرج طمعا بمنصب ولا عن انحراف ، إنما خرج يطلب الإصلاح في دين جده خاتم الرسلصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يريد أمرا بمعروف ونهيا عن منكر.

ها هنا مشعل!. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إنه المسؤولية ؛ مسؤولية المسلم عن عقيدته وممارستها.

ولقد كان أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام حيثما سار وثار ، نموذجا مثاليا للمسلم حين تحيق بعقيدته الآفات والأخطار.

ثم قال الحسينعليه‌السلام : «فمن قبلني بقبول الحق ، فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر ، حتّى يحكم الله ، وهو خير الحاكمين».

إنه ينادي : أيها الناس لا يكن ميزان قبولكم إياي شخصي ، إنما اقبلوني لأني أمثّل حقا. فمن قبلني فإنما يقبل الحق ، ومن ردّ عليّ فإنما يردّ على الحق هكذا ترتفع المبادئ فوق الأشخاص. وحينذاك تضيع النفوس وحاجاتها ، ويبقى المبدأ هو القائم البارز. ونعم ، يبقى الشخص بمقدار ما يمثّل من مبدأ.

٢ ـ التصميم :

وقالعليه‌السلام : «ألا وإن الدعيّ ابن الدعيّ ، قد ركز بين اثنتين : بين السّلةّ والذلة ، وهيهات منا الذلة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ، وجدود طابت ، وحجور طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيّة ، لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام».

٢٨٨

ها هو الحسينعليه‌السلام يعلن تصميمه على أداء رسالته ، وأنه لن يتراجع. وأنه يؤثر أن يموت ميتة الكرام في سبيل الرسالة ، على أن يطيع اللئام ولكن لماذا؟. من أين ينبع هذا التصميم؟.

من الله ورسوله ، ومن تربيته ، ومن نفسه. فلا الله يرضى له التراجع ولا رسوله ، ولا حقّ من ربّوه ، ولا نفسه.

مزيج من الدوافع ، لا أشمل ولا أكمل : الدين والتربية والنفسية. كلها تدفعه لأن يعلنها صريحة مدوّية : أنه لن يتراجع عن أداء رسالته ، ولو كلّفه ذلك مصرعه ...والدين في المقدمة.

وهذا مشعل!. الدين حافز لا يرضى التراجع ، ولا يقبل بأنصاف الحلول.

٣ ـ العزّة :

ثم قالعليه‌السلام : «لا والله ، لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أقرّ إقرار العبيد».

كلمات تنضح بالعزة

إنه لن يسكت ذليلا ، ولن يسكت عبدا والمنحرفون يريدونه ذليلا وعبدا معا. ولو أنه ذل واستعبد لربما أنالوه ما يرضيه ؛ ولكنه عزّ ، وإذ عزّ ثار ولكم تكلّف.

العزة غاليا( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) [المنافقون : ٨].

وهذا مشعل!. الإيمان عزّ ، ولا ذلّ مع الإيمان.

٧ ـ أهداف نهضة الحسينعليه‌السلام

* مدخل :

قبل أن يسير الحسينعليه‌السلام من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة ، دعا بدواة وبياض وكتب وصية تاريخية لأخيه محمّد بن الحنفية. وهذه الوصية هي أفضل وثيقة صادرة عن صاحب النهضة ، يوضح فيها بجلاء أهداف نهضته المباركة ، يقول فيها :

«إني لم أخرج أشرا (أي فرحا) ولا بطرا ، ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن

٢٨٩

المنكر ، وأسير بسيرة جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسيرة أبي علي بن أبي طالبعليه‌السلام .فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق ، ويحكم بيني وبينهم وهو خير الحاكمين».

ففي هذه الوثيقة يبيّن الحسينعليه‌السلام ما يلي :

١ ـ أن نهضته ليس غرضها السلطان والدنيا وما يلازمها من الفرح والبطر ، ولا الإفساد والظلم.

٢ ـ أن نهضته تنطلق من مبدأ وجوب الإصلاح لكل فاسد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

٣ ـ أن غايته الأولى والأخيرة إحقاق الحق الّذي أبطله المتحكمون والمبطلون ، المتمثل بسيرة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبيه عليعليه‌السلام .

٤ ـ أنه سوف يعمل جاهدا لتطبيق مبادئه السامية مستعينا بأنصار الحق ، وسوف يبذل في سبيل ذلك كل غال ورخيص ، ويصبر على تنفيذ ذلك ولو ضحّى بنفسه وما يملك.

والحسينعليه‌السلام رغم علمه بمصيره وشهادته ، التي وصلت حدّ الاشتهار ، إلا أنه كان يعمل وفق تكليفه الشرعي المبني على ظواهر الأمور.

٢٩٤ ـ هدفان رئيسيان للنهضة :

(الوثائق الرسمية لثورة الحسين لعبد الكريم الحسيني القزويني ، ص ١٢)

لو تصفحنا الوثائق الأولى لقائد هذه الثورة ـ الحسينعليه‌السلام ـ لرأيناها تحمل الهدفين التاليين :

١ ـ الثورة على حكم يزيد ، أي تغيير الجهاز الحاكم.

٢ ـ إقامة الشريعة الاسلامية وتطبيقها ، في مقابل المخالفات التي أشاعها الحكام آنذاك.

٢٩٥ ـ الحسينعليه‌السلام فاتح وليس مغامرا :(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٥٦)

كان الحسينعليه‌السلام يعتقد في نهضته أنه فاتح منصور ، لما في شهادته من إحياء دين الرسول وإماتة البدعة وتفظيع أعمال المناوئين وتفهيم الأمة أنه أحق بالخلافة من غيره ، وإليه يشير في كتابه إلى بني هاشم :

٢٩٠

«من لحق بي منكم استشهد ، ومن تخلفّ لم يبلغ الفتح»(١) .

فإنهعليه‌السلام لم يرد بالفتح إلا ما يترتب على نهضته وتضحيته من نقض دعائم الضلال وكسح أشواك الباطل عن الشريعة المطهرة ، وإقامة أركان العدل والتوحيد ، وأن الواجب على الأمة القيام في وجه المنكر.

وهذا معنى كلمة الإمام زين العابدينعليه‌السلام لإبراهيم بن طلحة بن عبيد الله

لما سأله حين رجوعه إلى المدينة : «من الغالب؟». فقال السجّادعليه‌السلام : إذا دخل وقت الصلاة فأذّن وأقم ، تعرف الغالب!(٢) .

فإنه يشير إلى تحقّق الغاية التي ضحّى سيد الشهداء بنفسه القدسية من أجلها ، وفشل يزيد بما سعى له من إطفاء نور الله تعالى ومحو ذكر أهل البيتعليهم‌السلام ، وما أراده أبوه من نقض مساعي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإمائة الشهادة له بالرسالة ، بعد أن كان الواجب على الأمة في أوقات الصلوات الخمس الإعلان بالشهادة لنبي الإسلام ، ذلك الّذي هدم صروح الشرك وأبطل عبادة الأوثان. كما وجب على الأمة الصلاة على النبي وعلى آله الطاهرين في التشهدين ، وأن الصلاة عليه بدون الصلاة على آله : بتراء(٣) .

كما أن العقيلة زينبعليها‌السلام أشارت إلى هذا الفتح بقولها ليزيد : «فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فو الله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا تدرك أمدنا ، ولا يرحض عنك عارها وشنارها».

تصريحات الفيلسوف الألماني ماربين

٢٩٦ ـ أسرار شهادة الحسينعليه‌السلام للفيلسوف الألماني (ماربين):

(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ج ٨ ص ٥٢)

قال الحكيم الألماني ماربين في كتابه (السياسة الإسلامية) من جملة كلام طويل :

لا يشك صاحب الوجدان إذا دقّق النظر في أوضاع ذاك العصر ، وكيفية نجاح بني

__________________

(١) كامل الزيارات ، ص ٧٥ ؛ وبصائر الدرجات للصفار ، ج ١٠ ص ١٤١.

(٢) أمالي الشيخ الطوسي.

(٣) الصواعق المحرقة ، ص ٨٧.

٢٩١

أمية في مقاصدهم واستيلائهم على جميع طبقات الناس وتزلزل المسلمين ، أن الحسين قد أحيا بقتله دين جده وقوانين الإسلام. ولو لم تقع تلك الواقعة ، ولم تظهر تلك الحسّيات الصادقة بين المسلمين لأجل قتل الحسين ، لم يكن الإسلام على ماهو عليه الآن قطعا ، بل كان من الممكن ضياع رسومه وقوانينه حيث كان يومئذ حديث العهد.

عزم الحسينعليه‌السلام على إنجاح هذا المقصد وإعلان الثورة ضد بني أمية من يوم توفي والده ، فلما قام يزيد مقام معاوية خرج الحسينعليه‌السلام من المدينة ، وكان يظهر مقصده العالي ، ويبث روح الثورة في المراكز الإسلامية المهمة كمكة والعراق وأينما حل ، فازدادت نفرة قلوب المسلمين ، التي هي مقدمة الثورة على بني أمية ، ولم يكن يجهل يزيد مقاصد الحسينعليه‌السلام ، وكان يعلم أن الثورة إذا أعلنت في جهة والحسين قائدها مع تنفر المسلمين عموما من حكومة بني أمية وميل القلوب وتوجه الانظار إلى الحسينعليه‌السلام ، عمّت جميع البلدان ، وفي ذلك زوال ملكهم وسلطانهم ، فعزم يزيد قبل كل شيء من يوم بويع على قتل الحسينعليه‌السلام . ولقد كان هذا أعظم خطأ سياسي صدر من بني أمية ، فجعلهم نسيا منسيا ولم يبق منهم أثر ولا خبر.

وأعظم الأدلة على أن الحسينعليه‌السلام أقدم على قتل نفسه ولم تكن من غرضه سلطنة ولا رئاسة ، هو أنه مضافا إلى ما كان عليه من العلم والسياسة والتجربة التي وقف عليها زمن أبيه وأخيه في قتال بني أمية ، كان يعلم أنه مع عدم تهيئة الأسباب له واقتدار يزيد ، لا يمكنه المقاومة والغلبة.

وكان يقول من يوم توفي والده إنه يقتل وأعلن يوم خروجه من المدينة أنه يمضي إلى القتل ، وأظهر ذلك لأصحابه والذين أتبعوه من باب إتمام الحجة ، حتى يتفرق الذين التفوا حوله طمعا بالدنيا ، وطالما كان يقول «وخير لي مصرع أنا لاقيه». ولو لم يكن قصده ذلك ولم يكن عالما عامدا ، لجمع الجنود ولسعى في تكثير أصحابه وزيادة استعداده ، لا أن يفرق الذين كانوا معه. ولكن لما لم يكن له قصد إلا القتل مقدمة لذلك المقصد العالي ، وإعلان الثورة المقدسة ضد يزيد ، رأى أن خير الوسائل إلى ذلك (الانفراد والمظلومية) ، فإنّ أثر هذه المصائب أشد وأكثر في القلوب.

من الظاهر أن الحسينعليه‌السلام مع ما كانت له من المحبوبية في قلوب المسلمين

٢٩٢

في ذلك الزمان ، لو كان يطلب قوة واستعدادا لأمكنه أن يخرج إلى حرب يزيد جيشا جرارا ، ولكنه لو صنع ذلك لكان قتله في سبيل السلطة والإمارة ، ولم يفز (بالمظلومية) التي انتجت تلك الثورة العظيمة. هذا هو الذي جعله لا يبقي معه إلا الذين لا يمكن انفكاكهم عنه ، كأولاده وإخوانه وبني أخوته وبني أعمامه وجماعة من خواص أصحابه ، حتى أنه أمر هؤلاء أيضا بمفارقته ، ولكنهم أبوا عليه ذلك ، وهؤلاء أيضا كانوا من المعروفين بين المسلمين بجلالة القدر وعظم المنزلة وقتلهم معه مما يزيد في عظم المصيبة وأثر الوقعة. نعم إن الحسينعليه‌السلام بمبلغ علمه وحسن سياسته بذل كمال جهده في إفشاء ظلم بني أمية وإظهار عداوتهم لبني هاشم وسلك في ذلك كل طريق.

ولما كان يعلم الحسينعليه‌السلام عداوة بني أمية له ولبني هاشم ، ويعرف أنهم بعد قتله يأسرون عياله وأطفاله ـ وذلك يؤيد مقصده ويكون له أثر عظيم في قلوب المسلمين سيما العرب كما قد وقع ـ حملهم معه وجاء بهم من المدينة.

نعم إن ظلم بني أمية وقساوة قلوبهم في معاملاتهم مع حرم محمد وصباياه أثّر في قلوب المسلمين تأثيرا عظيما لا ينقص عن أثر قتله وأصحابه. ولقد أظهر في عمله هذا عقيدة بني أمية في الإسلام وسلوكهم مع المسلمين سيما ذراري نبيهم. لهذا كان الحسين يقول في جواب أصحابه والذين كانوا يمنعونه عن هذا السفر : «إني أمضي إلى القتل» ولما كانت أفكار المانعين محدودة وأنظارهم قاصرة لا يدركون مقاصد الحسينعليه‌السلام العالية ، لم يألوا جهدهم في منعه ، وآخر ما أجابهم به أن قال لهم «شاء الله ذلك وجدي أمرني به». فقالوا إن كنت تمضي إلى القتل فما وجه حملك النسوة والأطفال ، فقال : «إن الله شاء أن يراهن سبايا». ولما كان الحسين بينهم رئيسا روحانيا لم يكن لهم بدّ من السكوت.

ومما يدل على أنه لم يكن له غرض إلا ذلك المقصد العالي الذي كان في نفسه ، ولم يتحمل تلك المصائب لسلطنة وإمارة ولم يقدم على هذا الخطر من غير علم ودارية ـ كما تصوره بعض المؤرخين منا ـ أنه قال لبعض ذوي النباهة قبل الواقعة بأعوام كثيرة ، على سبيل السلوة : إنه بعد قتلي وظهور تلك المصائب المحزنة ، يبعث الله رجالا يعرفون الحق من الباطل ، يزورون قبورنا ، ويبكون على مصابنا ، ويأخذون بثأرنا من أعدائنا ، أولئك جماعة ينشرون دين الله وشريعة جدي ، وأنا وجدي نحبهم وهو يحشرون معنا يوم القيامة. وليتأمل المتأمل في كلام

٢٩٣

الحسينعليه‌السلام وحركاته يرى أنه لم يترك طريقا من السياسة إلا سلكه في إظهار شنائع بني أمية وعداوتهم القلبية لبني هاشم ومظلومية نفسه ، وهذا مما يدل على حسن سياسته وقوة قلبه وتضحية نفسه ، في طريق الوصول إلى المقصد الذي كان في نظره ، حتى أنه في آخر ساعات حياته عمل عملا حير عقول الفلاسفة ، ولم يصرف نظره عن ذلك المقصد العالي مع تلك المصائب المحزنة والهموم المتراكمة وكثرة العطش والجراحات ، وهو قصة (عبد الله الرضيع). فلما كان الحسينعليه‌السلام يعلم أن بني أمية لا يرحمون له صغيرا رفع طفله الصغير تعظيما للمصيبة على يده أمام القوم وطلب منهم أن يأتوه بشربة من الماء فلم يجيبوه إلا بالسهم.

ويغلب على الظن أن غرض الحسينعليه‌السلام من هذا العمل تفهيم العالم بشدة عداوة بني أمية لبني هاشم وأنها إلى أي درجة بلغت. ولا يظن أحد أن يزيد كان مجبورا على تلك الأعمال المفجعة لأجل الدفاع عن نفسه ، لأن قتل الطفل الرضيع في تلك الحال بتلك الكيفية ، ليس هو إلا توحش وعداوة سبعية ، منافية لقواعد كل دين وشريعة ، ويمكن أن تكون هذه الفاجعة كافية لافتضاح بني أمية ورفع الستار عن قبائح أعمالهم ونياتهم السيئة بين العالم ، سيما المسلمين ، وأنهم يخالفون الإسلام في حركاتهم بل يسعون بعصبية جاهلية إلى إبادة آل محمد وجعلهم أيدي سبأ.

ونظرا لتلك المقاصد العالية التي كانت في نظر الحسينعليه‌السلام مضافا إلى وفور علمه وسياسته التي كان لا يشك فيها اثنان لم يرتكب أمرا يوجب إجبار بني أمية للدفاع عن أنفسهم ، حتى أنه مع ذلك النفوذ والاقتدار الذي كان له في ذلك العصر لم يسع في تسخير البلاد الإسلامية وضمها إليه ولا هاجم ولاية من ولايات يزيد إلى أن حاصروه في واد غير ذي زرع ، قبل أن تبدو منه أقل حركة عدائية أو تظهر منه ثورة ضد بني أمية لم يقل الحسينعليه‌السلام سأكون ملكا أو سلطانا أو أصبح صاحب سلطة. نعم كان يبث روح الثورة في المسلمين بنشره شنائع بني أمية واضمحلال الدين إن دام ذلك الحال ، وكان يخبر بقتله ومظلوميته وهو مسرور. ولما حوصر في تلك الأرض القفراء أظهر لهم من باب إتمام الحجة بأنهم لو تركوه لرحل بعياله وأطفاله وخرج من سلطة يزيد ، ولقد كان لهذا الإظهار الدال على سلامة نفس الحسينعليه‌السلام في قلوب المسلمين غاية التأثير.

لقد قتل قبل الحسينعليه‌السلام ظلما وعدوانا كثير من الرؤساء الروحانيين وأرباب

٢٩٤

الديانات وقامت الثورة بعد قتلهم بين تابعيهم ضد الأعداء ، كما وقع مكررا في بني إسرائيل ، وقصة يحيى من أعظم الحوادث التاريخية ، ومعاملة اليهود مع المسيح لم ير نظيرها إلى ذلك العهد ، ولكن واقعة الحسينعليه‌السلام فاقت الجميع لم يرشدنا التاريخ إلى أحد من الروحانيين وأرباب الديانات أنه أقدم على قتل نفسه عالما عامدا لمقاصد عالية لا تنجح إلا بقتله ، فإن كل واحد من أرباب الديانات الذين قتلوا ، ثار عليهم أعداؤهم وقتلوهم ظلما ، وبمقدار مظلوميتهم قامت الثورة بعدهم ، ومقاصد الحسينعليه‌السلام كانت على علم وحكمة وسياسة وليس لها نظير في التاريخ ، فإنه لم يزل يوالي السعي في تهيئة أسباب قتله نظرا لذلك المقصد العالي ، ولم نجد في التاريخ رجلا ضحّى بحياته عالما عامدا لترويج ديانته من بعده إلا الحسينعليه‌السلام .

المصائب التي تحمّلها الحسينعليه‌السلام في طريق إحياء دين جده تفوق على مصائب أرباب الديانات السابقين ، ولم ترد على أحد منهم. نعم إن هناك رجالا قتلوا في طريق إحياء الدين ولكنهم لم يكونوا كالحسين ، فإنه ضحّى بنفسه العزيزة في طريق إحياء دين جده وفداه بأولاده وإخوانه وأقربائه وأحبابه وأمواله وعياله ، ولم تقع هذه المصائب دفعة واحدة حتى تكون في حكم مصيبة واحدة ، بل وقعت متوالية واحدة بعد أخرى ، ويختص الحسينعليه‌السلام دون غيره بتواتر أمثال هذه المصائب كما يشهد له التاريخ.

لم تنته المصائب التي وردت على الحسينعليه‌السلام من قتله وقتل أصحابه وتسيير نسائه وبناته ، إلا وانكشف الغطاء عن سرائر بني أمية وقبائح أعمالهم ، وظهرت بين المسلمين الحسيات السياسية ، وتوطدت أسباب الثورة ضد سلطنة يزيد وبني أمية ، وعلم الجميع أن بني أمية مخربو الإسلام ، وصار الجميع يرفض بدعهم وتقولاتهم ، وعرفوا بالظلم والغصب ، بالعكس من بني هاشم فإنهم عرفوا بالمظلومية وأن لهم الرئاسة الروحانية بالاستحقاق ، وإليهم تنمى الحقيقة الروحانية.

كأن المسلمين بعد قتل الحسينعليه‌السلام قد دخلوا في دور جديد وظهرت الروحانية الإسلامية بأجلى مظاهرها وتجددت بعد أن كانت مندرسة غائبة عن أذهان المسلمين وكما أنه لا يشك اثنان في تفوق مصائب الحسينعليه‌السلام على جميع مصائب روحاني السلف ، فكذلك لا يشك في الثورة التي حدثت بعده بأنها فاقت جميع الثورات السالفة وأن امتدادها وأثرها أكثر ، وأن بها ظهرت للعالم (مظلومية

٢٩٥

آل محمد) فكانت أولى نتائج هذه الثورة اختصاص الرئاسة الروحانية التي لها أهمية عظمى في عالم السياسة ببني هاشم ، وخصوصا في أولاد الحسينعليه‌السلام (فكان منهم أئمة الشيعة) ونظرة عموم المسلمين إلى بني هاشم سيما أولاد الحسين نظرهم إلى الروحانيين. ولم يطل العهد حتى نزعت تلك السلطة من بني أمية وزالت السلطة والقدرة من آل يزيد في أقل من قرن ، واندرست آثارهم على وجه لم يبق منهم عين ولا أثر. وأينما ذكرت أسماؤهم في متون الكتب قرنها المسلمون بكلمة الشماتة ، وكل ذلك نتيجة سياسة الحسين الذي يمكن أن يقال إنه لم يأت في أرباب الديانات والروحانيين رجل عرف عواقب الأمور مع بعد نظر وحسن سياسة كالحسينعليه‌السلام .

قبل أن تصل سبايا الحسين إلى الشام قامت الثورة ضد يزيد وظهرت بمظلومية الحسين سرائر بني أمية ، وكشف الغطاء عن نياتهم وتوجه اللوم على يزيد حتى من أهل بيته وحرمه(١) . وصار يزيد يسمع تقديس الحسينعليه‌السلام وأولاد علي وعظمتهم ومظلوميتهم بعد أن لم يكن يمكن ذكرهم عنده بخير. وكان يصعب عليه ذلك إلا أنه لم يكن له بدّ غير السكوت ، ولما أراد تبرئة نفسه من تلك الأعمال ألقى المسؤولية على عماله ولم يزل يسمع محامد الحسينعليه‌السلام . قال يزيد ذات يوم : إن سلطنة الحسين كانت أهون عليّ من هذا المقام العالي الذي فاز به آل علي وبنو هاشم.

وأخيرا فشيعة الحسينعليه‌السلام لم يزالوا يستفيدون من هذه الثورات ، وتزيد قوة بني هاشم وعظمتهم حتى لم يمض أقل من قرن إلا وصارت السلطنة الإسلامية الوسيعة في بني هاشم من دون مزاحم ، وأبادوا بني أمية على وجه لم يبق منهم اسم ولا رسم. (انتهى كلام ماربين).

__________________

(١) قال السيد عبد الرزاق المقرم في مقتله صفحة ٢٠ : ولقد فشا الانكار على يزيد حتى من حريمه وأهل بيته ، حتى أن زوجته هند بنت عمرو بن سهيل وكان زوجة عبد الله بن عامر بن كريز ، فأجبره معاوية على طلاقها لرغبة يزيد فيها فإنها لما أبصرت الرأس مصلوبا على باب دارها ، والأنوار النبوية تتصاعد منه إلى عنان السماء ، وشاهدت الدم يتقاطر طريا ويشم منه رائحة طيبة ، عظم مصابه في قلبها فلم تتمالك أن دخلت على يزيد في مجلسه مهتوكة الحجاب وهي تصيح : رأس ابن بنت رسول الله مصلوب على دارنا. فقام إليها وغطاها وقال لها : أعولي على الحسين فإنه صريخة بني هاشم ، عجّل عليه ابن زياد قصد بذلك تعمية الامر وإبعاد السبة عنه وذلك بإلقاء التبعة على عامله

٢٩٦

إنها لكلمات حرة صادقة جاءت على لسان رجل غربي مدقق مطّلع. ومن المؤسف أن نرى أمثال هذا الفيلسوف من الغربيين أشد إنصافا ودفاعا عن الحق ، حتى من علماء العرب أنفسهم (وإن تتولّوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) صدق الله العظيم.

٢٩٧ ـ مختصر ما حصل للحسينعليه‌السلام حتّى مقتله :

(تاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ٢٠٧)

يقول السيوطي : فأما ابن الزبير فلم يبايع ، ولا دعا إلى نفسه.

وأما الحسينعليه‌السلام فكان أهل الكوفة يكتبون إليه يدعونه إلى الخروج إليهم زمن معاوية ، وهو يأبى. فلما بويع يزيد أقام على ما هو مهموما ، يجمع الإقامة مرة ، ويريد المسير إليهم أخرى. فأشار عليه ابن الزبير بالخروج.

وكان ابن عباس يقول له : لا تفعل.

وقال له ابن عمر : «لا تخرج ، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيّره الله بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة. وإنك بضعة منه ، ولا تنالها (أي الدنيا).

(وفي رواية تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ، ج ٢ ص ٣٥٧) : «لا ينالها أحد منكم ، وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير ، فأبى».

واعتنقه [ابن عمر] وبكى ، وقال : أستودعك الله من قتيل!. فكان ابن عمر يقول :غلبنا حسين بالخروج ، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة.

وكلّمه في ذلك أيضا جابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري وأبو واقد الليثي وغيرهم ، فلم يطع أحدا منهم.

وصمم على المسير إلى العراق. فقال له ابن عباس : والله إني لأظنك ستقتل بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان ، فلم يقبل منه. فبكى ابن عباس وقال : أقررت عين ابن الزبير.

وبعث أهل العراق إلى الحسينعليه‌السلام الرسل والكتب يدعونه إليهم ، فخرج من مكة إلى العراق في عشر ذي الحجة ، ومعه طائفة من آل بيته ، رجالا ونساء وصبيانا.

فكتب يزيد إلى واليه بالعراق عبيد الله بن زياد بقتاله ، فوجّه إليه جيشا من أربعة آلاف ، عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص ، فخذله أهل الكوفة ، كما هو شأنهم مع

٢٩٧

أبيه من قبله. فلما رهقه السلاح عرض عليهم الاستسلام والرجوع ، والمضي إلى يزيد فيضع يده في يده [هذه الدعوى مغلوطة من وضع الإعلام الأموي] فأبوا إلا قتله!. فقتل وجيء برأسه في طست ، حتّى وضع بين يدي ابن زياد ؛ لعن الله قاتله ، وابن زياد معه ويزيد أيضا.

ويتابع السيوطي حديثه فيقول : وكان قتله بكربلاء. وفي قتله قصة فيها طول ، لا يحتمل القلب ذكرها ، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وقتل معه ستة عشر رجلا من أهل بيته

ولما قتل الحسينعليه‌السلام وبنو أمية ، بعث ابن زياد برؤوسهم إلى يزيد ، فسرّ بقتلهم أولا ، ثم ندم لمّا مقته المسلمون على ذلك ، وأبغضه الناس ، وحقّ لهم أن يبغضوه. اه

٨ ـ ثمرات النهضة الحسينية

٢٩٨ ـ نهضة الحسينعليه‌السلام تحقق أهدافها القريبة والبعيدة ، ثمرات نهضة الحسينعليه‌السلام :

(الأئمة الاثنا عشر لعادل الأديب ، ص ١٣٦)

لقد استطاعت ثورة الحسينعليه‌السلام أن تحقق من قيامها الثمرات التالية :

١ ـ وضع الحدّ الفاصل أمام الجماهير ، بين الإسلام الصحيح والحكم الأموي الخادع ، وتحطيم الإطار الديني المزيّف الّذي كان الأمويون يحيطون به سلطانهم ، وبيان مدى بعده عن الدين.

٢ ـ الشعور بالإثم : ولّد استشهاد الحسينعليه‌السلام المفجع في كربلاء في ضمير كل مسلم استطاع أن ينصره فلم ينصره ، بعد أن عاهده على الثورة ولّد فيهم الشعور بالإثم ، ولزوم التكفير عن ذلك التقصير.

ولقد قدّر لهذا الشعور بالإثم أن يظل دائم الأوار ، حافزا دائما إلى الثورة والانتقام ، من رؤوس الفتنة والانحراف ، وقدّر له أن يدفع الناس إلى الثورات على الأمويين والظالمين كلما سنحت الفرصة.

٣ ـ تنمية الروح النضالية في الإنسان المسلم ، وتحطيم كل الحواجز النفسية والاجتماعية التي حالت دون الثورة.

٢٩٨

ولكي نخرج بفكرة واضحة عن مدى تأثير ثورة الحسينعليه‌السلام في بعث روح الثورة والنضال في المجتمع الإسلامي ، يحسن بنا أن نلاحظ أن هذا المجتمع خلال عشرين عاما من مقتل الإمام عليعليه‌السلام وحتى ثورة الحسينعليه‌السلام أخلد إلى السكون ولم يقم بأي ثورة أو احتجاج جدّي جماعي على ألوان الاضطهاد والظلم والقتل وسرقة أموال الأمة ، التي كان يقوم بها الأمويون وأعوانهم ، بل خلد إلى الخنوع والنوم والتسليم.

أما بعد ثورة الحسينعليه‌السلام واستشهاده ، فقد اندلعت الثورات على يد الجماهير وتوثّبت الروح النضالية فيهم ، وبدؤوا يبحثون عن زعيم يقودهم لنزع قيد الخنوع والاستسلام ، وإرجاع الحياة والحركة للإسلام. ونلاحظ هذه الروح الثورية في كل الثورات التي حملت شعار الثأر لدم الحسينعليه‌السلام والتي هي في واقعها تثأر لكرامة الإسلام والمسلمين.

٢٩٩ ـ ثورات على خطّ الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ١٣٩)

ونجمل هنا ذكر بعض هذه الثورات :

١ ـ ثورة التوابين : التي اندلعت في الكوفة بقيادة الصحابي سليمان بن صرد الخزاعي ، وكانت ردّ فعل مباشر لمقتل الحسينعليه‌السلام ، وانطلقت من مبدأ الشعور بالإثم والتقصير في نصرة الحسينعليه‌السلام . وكانت سنة ٦٥ ه‍.

٢ ـ ثورة أهل المدينة : وكانت تهدف إلى تقويض سلطان الأمويين الظالم اللاإسلامي ، وقد بدأت هذه الثورة بطرد حاكم يزيد من المدينة ، ومعه كل الأمويين وعددهم ألف شخص. فكان من نتيجة ذلك أن بعث يزيد بالمجرم السفّاك مسلم بن عقبة المرّي ، الّذي اشتهر باسم (مسرف) من شدة ما أسرف في قتل أهل المدينة من أبناء الصحابة والتابعين. وقد سبى المدينة ثلاثة أيام ، حتّى أن جيشه افتضّ ألف فتاة عذراء من بنات الصحابة الأجلاء.

٣ ـ ثورة المختار الثقفي : الّذي خرج من العراق طالبا الأخذ بالثأر من قتلة الحسينعليه‌السلام ، وذلك سنة ٦٦ ه‍. فتتبّع المختار قتلة الحسينعليه‌السلام وآله ، وقتلهم ومثّل بهم. فقتل منهم في يوم واحد مائتين وثمانين رجلا ، حتّى قتل منهم الآلاف.ولم ينج منه أحد ، حتّى عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن وأضرابهم.

٢٩٩

٤ ـ ثورة ابن الأشعث : وفي سنة ٨١ ه‍ ثار عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث على الحجاج في العراق ، وخلع عبد الملك بن مروان. وقد استمرت ثورته إلى سنة ٨٣ ه‍ ، وأحرزت انتصارات عسكرية ، ثم قضى عليها الحجاج بمساعدة جيوش شامية.

٥ ـ ثورة الشهيد زيد بن علي : وفي سنة ١٢٢ ه‍ ثار في الكوفة على طغيان الأمويين زيد بن علي ، وهو ابن الإمام زين العابدينعليه‌السلام . ولكن سرعان ما أخمدت ثورته ، وقتل وصلبرحمه‌الله .

وكان من نتيجة هذه الثورات تقويض ملك بني أمية خلال تسعين سنة ، وقد كان يتوقع له أن يستمر مئات السنين.

فلسفة الابتلاء

٣٠٠ ـ الدنيا دار ابتلاء :

(الأنوار النعمانية للسيد نعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٣٦)

يقول السيد نعمة الله الجزائري : اعلم أيّدك الله أن البلاء إنما كتب على المؤمن ، وأن الدنيا ليست بدار ثواب ولا بدار عقاب ، لم يرض سبحانه بأن يجعل ثواب المؤمن فيها ولا عقاب الكافر فيها ، وذلك لقلة أيامها ونقصان الأعمار فيها ، ومن ثم بعث الدواهي والمصائب فيها إلى أحبابه وأقاربه.

ولا مصيبة مثل مصيبة مولانا الحسينعليه‌السلام ، فإنها هدّت أركان الدين وصدّعت قواعد الشرع المبين ، وأبكت الأجفان وأقرحت القلوب. ولعمري إنها المصيبة التي يتسلى بها المؤمن عن كل مصاب ، والداهية المنسية له مفارقة الخلان والأحباب.

٣٠١ ـ المؤمن أشدّ ابتلاء :

(المنتخب للطريحي ، ص ١٦٨)

روي أن رجلا جاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوقف بين يديه ، فقال : يا رسول الله إني أحب اللهعزوجل ، فقال : استعدّ للبلاء!. فقال : يا رسول الله وإني أحبك ، فقال له : استعدّ للفقر!. فقال : وإني أحبّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقال : استعدّ لكثرة الأعداء!.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347