نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار16%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 347

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 347 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 292443 / تحميل: 6858
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

للمراوضة على الأمان أمّنوهم ، ولهذا لو لم يتّفق بينهم أمر ، كان عليهم أن يردّوهم إلى مأمنهم.

مسألة ٥٨ : لو قالوا : أمِّنوا على ذرّيّتنا ، فأمّنوهم على ذلك ، فهم آمنون‌ وأولادهم وأولاد أبنائهم وإن سفلوا ؛ لعموم اسم الذرّيّة جميع هؤلاء.

والأقرب : دخول أولاد البنات ؛ لقوله تعالى :( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ - إلى قوله -وَعِيسى ) (١) .

ولأنّ الذرّيّة اسم للفرع المتولّد من الأصل ، والأب والاُمّ أصلان في إيجاد الولد ، بل التولّد والتفرّع في جانب الاُمّ أرجح ؛ لأنّ ماء الفحل يصير مستهلكاً في الرحم وإنّما يتولّد منها بواسطة ماء الفحل.

ولو قالوا(٢) : أمِّنونا على أولادنا ، ففي دخول أولاد البنات إشكال.

مسألة ٥٩ : لو قالوا : أمِّنونا على إخوتنا ولهم إخوة وأخوات ، فهم آمنون ، لتناول اسم الإخوة الذكر والاُنثى عند الاجتماع.

قال الله تعالى :( وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً ) (٣) .

ولا تدخل الأخوات بانفرادهنّ ؛ لأنّ اسم الذكور لا يتناولهنّ منفردات.

وكذا لو قالوا : أمِّنونا على أبنائنا ، دخل فيه الذكور والإناث ولا يتناول الإناث بانفرادهنّ إلّا إذا كان المضاف إليه أبا القبيلة ، والمراد به النسبة إلى القبيلة.

ولو تقدّم من المستأمن لفظ يدلّ على طلب الأمان(٤) لهنّ ، انصراف‌

____________________

(١) الأنعام : ٨٤ و ٨٥.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « قال ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٣) النساء : ١٧٦.

(٤) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « الإناث » بدل « الأمان ». وما أثبتناه هو الصحيح.

١٠١

الأمان إليهنّ وإن كان بلفظ الذكور ، مثل : ليس لي إلّا هؤلاء البنات والأخوات وأمّنوني على بنيّ و(١) إخوتي.

ولو قالوا(٢) : أمّنونا على آبائنا ، ولهم آباء واُمّهات ، دخلوا جميعاً في الأمان ؛ لتناول اسم الآباء لهما.

قال الله تعالى :( وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ) (٣) .

وكذا لو كان لهم(٤) أب واحد واُمّهات شتّى ؛ لتناول الاسم للجميع من حيث الاستعمال.

وهل يدخل الأجداد في الآباء؟ الأولى ذلك ؛ لأنّ الأب يطلق عليه من حيث إنّه أب الأب ، ويكفي في الإضافة أدنى ملابسة.

وقال أبو حنيفة : لا يدخلون(٥) ؛ لأنّ اسم الأب لا يتناول الأجداد حقيقةً ولا بطريق التبعيّة؛ لأنّهم اُصول الآباء يختصّون باسم خاصّ ، فلا يتناولهم اسم الآباء على وجه التبعيّة لفروعهم.

ولو قالوا : أمّنونا على أبنائنا ، دخل فيه أبناء الأبناء أيضاً ؛ لأنّ اسم الابن يتناول ابن الابن ؛ لأنّه طلب الأمان لمن يضاف إليه بالنبوّة ، إلّا أنّه ناقص في الإضافة والنسبة إليه ؛ لأنّه يضاف إليه بواسطة الابن ، لأنّه متفرّع عنه ومتولّد بواسطة الابن ؛ والإضافة الناقصة كافية في إثبات الأمان ؛ لأنّه يحتاط في إثباته ؛ لأنّ موجبه حرمة الاسترقاق ، والشبهة ملحقة بالحقيقة في موضع الاحتياط ، بخلاف الوصيّة ؛ فإنّ الشبهة فيها غير كافية في‌

____________________

(١) في « ق » : « أو » بدل « و ».

(٢) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : قال. وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٣) النساء : ١١.

(٤) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « له » بدل « لهم ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٥) الفتاوى الهنديّة ٢ : ١٩٩ - ٢٠٠‌

١٠٢

الاستحقاق ؛ لثبوت مزاحمة الوارث(١) .

وهذا كلّه إنّما هو بلسان العرب ، فالحكم متعلّق به مع استعماله ، لكنّا قد بيّنّا أنّ صيغة الأمان يكفي فيها أيّ لغة كانت ، فلو كان بعض اللغات يتناول ما أخرجناه في بعض هذه الصور وطلب الأمان بتلك اللغة ، دخل فيه ما أخرجناه.

وكذا لو اعتقد المشرك دخول مَنْ أخرجناه في الأمان حتى خرج بهم ، لم يجز التعرّض لهم ؛ لأنّهم دخلوا إلينا بشبهة الأمان ، فيردّون إلى مأمنهم ثمّ يصيرون حَرْباً.

مسألة ٦٠ : يصحّ عقد الأمان للمرأة على قصد العصمة عن الاسترقاق‌ - وهو أحد وجهي الشافعي(٢) - للأصل ، ولأنّه غرض مقصود ، ويصحّ على سبيل التبعيّة فجاز على سبيل الاستقلال.

والثاني : لا يصحّ ؛ لأنّه تابع(٣) .

وإذا أمَّن الأسير مَنْ أسره ، فهو فاسد ؛ لأنّه كالمكرَه ، إلّا أن يعلم اختياره في ذلك.

ولو أمّن غيره ، جاز - وللشافعيّة وجهان(٤) - ويلزمه حكمه وإن لم يلزم غيره ، فلو أمّنهم وأمّنوه بشرط أن لا يخرج من دارهم ، لزمه الخروج مهما قدر ، قالت الشافعيّة : و(٥) إن حلف بالطلاق والعتاق والأيمان المغلّظة ، لكن يكفّر عن يمينه ودعه يقع طلاقه وعتاقه ، فلا رخصة في المـُقام حيث‌

____________________

(١) في « ق » : الورّاث.

(٢ و ٣) الوجيز ٢ : ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٦٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٧٢.

(٤) الوجيز ٢ : ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٦٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٧٤.

(٥) الواو وصليّة.

١٠٣

يذلّ(١) المسلم ولكن عند الخروج لا يغتالهم إن أمّنهم(٢) .

ولو اتبعه قوم ، فله دفعهم وقتالهم دون غيرهم. ولو شرطوا عليه الرجوع ، لم يلزمه. ولو شرط إنفاذ مال ، لم يلزمه. وإن كان قد اشترى منهم شيئاً ولزمه الثمن ، وجب إنفاذه.

وإن أكره على الشراء ، فعليه ردّ العين ، قاله الشافعي في الجديد.

وقال في القديم : يتخيّر بين ردّ العين أو الثمن ؛ إذ يقف العقد على إجازته(٣) .

مسألة ٦١ : لو قال : اعقدوا الأمان على أهل حصني على أن أفتحه لكم ، فأمّنوه على ذلك ، فهو آمن وأهل الحصن آمنون.

وقال الحنفيّة : أموالهم كلّها في‌ءٌ ؛ لأنّ الأمان بشرط فتح الباب لا تدخل فيه الأموال لا بالتنصيص ولا التبعيّة للنفوس ؛ لأنّه لم تبق للمسلمين حينئذٍ فائدة في فتح الباب ، وإنّما قصدوا بذلك التوسل(٤) إلى استغنام أموالهم(٥) .

ولو قال : اعقدوا لي الأمان على أهل حصني على أن أدلّكم على طريق موضع كذا ، ففَعَلوا ففتحوا الباب ، فجميع النفوس والأموال تدخل في الأمان ؛ لأنّ شرط الأمان هنا جرى على الدلالة لا على فتح الباب ، فيكون كلامه بياناً أنّه يدلّهم ليتمكّنوا في الدار في حصنه مع أهل الحصن ، فتدخل الأموال تبعاً للنفوس ؛ لأنّه لا يمكنهم المقام فيه إلّا بالمال ، بخلاف الصورة‌

____________________

(١) في المصدر : يبذل. وفي « ق » : بذل.

(٢) الوجيز ٢ : ١٩٥.

(٣) الوجيز ٢ : ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٦٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٧٦.

(٤) كذا ، ولعلّها : التوصّل.

(٥) لم نعثر عليه في مظانّه من المصادر المتوفرة لدينا.

١٠٤

الاُولى ؛ لأنّ في اشتراط فتح الباب دلالةً على أنّ الذين يتناولهم(١) الأمان غير مقرّين بالسكنى في الحصن ، وإنّما تدخل الأموال في الأمان ؛ لأنّ التمكّن من المقام يكون بالأموال ، وإذا انعدم السكنى لم تدخل الأموال في الأمان.

ولو قال : اعقدوا لي الأمان على أن تدخلوا فيه فتصلّوا ، دخل الأموال في الأمان ؛ لأنّ فيه تصريحاً بفائدة فتح الباب ، وهو الصلاة فيه دون إزعاج أهله ، وقد يرغب المسلمون في الصلاة في ذلك المكان إمّا لينتقل الخبر بأنّ المسلمين صلّوا جماعةً في الحصن الفلاني فيدخل الرعب في قلوب باقي المشركين ، أو ليكونوا قد عبدوا الله في مكان لم يعبده في ذلك المكان أهله ، ومكان العبادة شاهدة للمؤمن يوم القيامة.

ولو قال : أمِّنوني على قلعتي أو مدينتي ، فأمَّنوه ، دخل المال والأنفس فيه وإن كان تنصيص الأمان إنّما هو عليهما لا غير ؛ لأنّ المقصود من هذا الأمان بقاء القلعة والمدينة على ما كانتا عليه عرفاً ويكون هو المتصرّف والمتغلّب ، وليس غرضه إبقاء عين القلعة أو المدينة مع إفناء أهلهما ونهب الأموال.

ولو قال : أمِّنوني على ألف درهم من مالي على أن أفتح لكم الحصن ، فهو آمن على ما طلب ، ويكون الباقي فيئاً. ولو لم يف ماله بالألف ، لم يكن له زيادة على ماله. ولو لم يكن له دراهم ولكنّه كان له عروض ، أعطى من ذلك ما يساوي ألفاً ؛ لأنّه شرط في الأمان جزءاً من ماله والأموال كلّها جنس واحد في صفة الماليّة.

أمّا لو قال : أمِّنوني على ألف درهم من مالي على أن أفتح لكم الحصن ، فهو آمن على ما طلب ، ويكون الباقي فيئاً. ولو لم يف ما له بالألف ، لم يكن له زيادة على ما له. ولو لم يكن له دراهم ولكنّه كان له عروض ، أعطى من ذلك ما يساوي ألفاً ، لأنّه شرط في الأمان جزءاً من ماله والأموال كلّها جنس واحد في صفة الماليّة.

أمّا لو قال : عليّ ألف درهم من دراهمي ، ولا دراهم له ، كان لغواً ؛ لأنّه شرط جزءاً من دراهمه ولا دراهم له ، فلا يصادف الأمان محلّاً ، فيكون لغواً.

____________________

(١) في « ق ، ك» : تناولهم.

١٠٥

البحث السادس : في الأحكام.

مسألة ٦٢ : قد بيّنا أنّ مَنْ عقد أماناً لكافرٍ ، وجب عليه الوفاء به ، ولا يجوز له الغدر ، فإن نقضه ، كان غادراً آثماً ، ويجب على الإمام منعه عن النقض إن عرف بالأمان.

إذا عرفت هذا فلو عقد لحربيّ(١) الأمان ليسكن دار الإسلام ، وجب الوفاء له ، ودخل مالُه تبعاً له في الأمان وإن لم يذكره ؛ لأن الأمان يقتضي الكفّ عنه ، وأخذ ماله يوجب دخول الضرر عليه ، فيكون نقضاً للأمان ، وهو حرام. ولو شرط الأمان لماله ، كان ذلك تأكيداً.

ولو دخل الحربيّ دار الإسلام بغير أمان ومعه متاع ، فهو حَرْبٌ لا أمان له في نفسه ولا في ماله ، إلّا أن يعتقد أنّ دخوله بمتاعه على سبيل التجارة أمان له ، فإنّه لا يكون أماناً ، ويردّ إلى مأمنه.

ولو ركب المسلمون في البحر فاستقبلهم فيه تجّار كفّار من أرض العدوّ يريدون بلاد الإسلام ، قال بعض العامّة : لم يقاتلوا ولم يعرّضوا(٢) . وفيه نظر.

مسألة ٦٣ : لو دخل الحربيّ دار الإسلام بتجارة معتقداً أنّه أمان ، فهو آمن حتى يرجع إلى مأمنه ، ويُعامل بالبيع والشراء ، ولا يُسأل عن شي‌ء ، وإن لم تكن معه تجارة وقال : جئت مستأمنا ، لم يقبل منه ، ويكون الإمام مخيّراً فيه. وبه قال الأوزاعي والشافعي(٣) .

ولو كان ممّن ضلّ الطريق أو حَمَلته الريح في المـَرْكب إلينا ، كان فيئاً.

وقيل : يكون لآخذه(٤) .

ولو دخل دار الإسلام بأمان ، دخل أمان ماله ، فلو عاد إلى دار الحرب‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : الحربيّ.

(٢ - ٤) المغني ١٠ : ٤٣٣ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٥٥.

١٠٦

بنيّة الرجوع إلى دار الإسلام ، فالأمان باقٍ ؛ لأنّه على نيّة الإقامة في دار الإسلام ، وإن كان للاستيطان في دار الحرب ، بطل في نفسه دون ماله ؛ لأنّه بدخوله دار الإسلام وأخذ الأمان ثبت الأمان في ماله الذي معه ، فإذا بطل في نفسه بمعنى لم يوجد في المال - وهو الدخول في دار الحرب - بقي الأمان في ماله ، لاختصاص المقتضي بالنفس. أمّا لو أخذه معه إلى دار الحرب ، فإنّه ينتقض الأمان فيه كما ينتقض في نفسه. ولو لم يأخذه فأنفذ في طلبه ، بعث به إليه تحقيقاً للأمان فيه. ويصحّ تصرّفه فيه ببيع وهبة وغيرهما.

ولو مات في دار الحرب أو قُتل ، انتقل إلى وارثه ، فإن كان مسلماً ، ملكه مستقرّاً ، وإن كان حربيّاً ، انتقل إليه وانتقض فيه الأمان - وبه قال أبو حنيفة(١) - لأنّه مال لكافر لا أمان بيننا وبينه في نفسه ولا في ماله ، فيكون كسائر أموال أهل الحرب.

وقال أحمد : لا يبطل الأمان ، بل يكون باقياً - وبه قال المزني ، وللشافعيّة قولان - لأنّ الأمان حقٌّ لازم متعلّق بالمال ، فإذا انتقل إلى الوارث ، انتقل بحقّه ، كسائر الحقوق من الرهن والضمان والشفعة(٢) .

ونمنع ملازمته للمال ؛ لأنّ الأمان تعلّق بصاحبه وقد مات ، فيزول الأمان المتعلّق به.

مسألة ٦٤ : إذا مات الحربيّ في دار الحرب وقد أخذ الأمان لإقامته‌

____________________

(١) المغني ١٠ : ٤٣٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٥٧.

(٢) المغني ١٠ : ٤٣٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٥٧ ، مختصر المزني : ٢٧٣ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢١٩ - ٢٢٠ ، الوجيز ٢ : ١٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٧٦ ، حلية العلماء ٧ : ٧٢٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٨١.

١٠٧

في دار الإسلام وأقام بها ، تبعه ماله ، وزوال الأمان عنه بموته كما قلناه ، فينتقل إلى الإمام خاصّة من الفي‌ء ؛ لأنّه لم يوجف عليه بخَيْلٍ ولا ركاب ، ولا اُخذ بالسيف ، فهو بمنزلة ميراث مَنْ لا وارث له.

ونقل المزني عن الشافعي أنّه يكون غنيمةً(١) .

وهو ممنوع ؛ لأنّه لم يؤخذ بالقهر والغلبة.

وينتقل المال إلى وارث الحربيّ ، سواء كان الوارث في دار الإسلام أو في دار الحرب ، فإن كان الوارث حربيّاً في الدارين ، صار فيئاً للإمام على ما قلناه.

وقال الشافعي في أحد الوجهين : لا ينتقل إلى وارثه في دار الإسلام ؛ لأنّه مع اختلاف الدارين يسقط الميراث(٢) . وليس بجيّد.

وكذا الذمّي إذا مات وله ولد في دار الإسلام وولد في دار الحرب ، كان ميراثه لهما.

ولو كان له ولد في دار الإسلام ، صار ماله له ، ولو كان في دار الحرب ، انتقل ماله إليه ، وصار فيئاً.

ولو دخل دار الإسلام فعقد أماناً لنفسه ثمّ مات في دار الإسلام وله مال ، فإن كان وارثه مسلماً ، ملكه ، وإن كان كافراً في دار الحرب ، انتقل المال إليه ، وصار فيئاً ؛ لأنّه مال لكافرٍ لا أمان بيننا وبينه ، فيكون فيئاً.

وقال بعض الشافعيّة : يردّ إلى وارثه. واختلفوا على طريقين ، منهم‌

____________________

(١) مختصر المزني : ٢٧٣ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٧٦.

(٢) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٧٦ - ٤٧٧ ، والمهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٦٥ ، وحلية العلماء ٧ : ٧٢٤.

١٠٨

مَنْ قال : فيه للشافعي قولان ، كما لو مات في دار الحرب. ومنهم مَنْ قال هنا : يردّ قولاً واحداً؛ لأنّه إذا رجع إلى دار الحرب فقد بطل أمانه ، وهنا مات وأمانه باقٍ ، وحينئذٍ ينتقل إلى الإمام ؛ لأنّه لم يوجف عليه بِخَيْلِ ولا ركاب. وكذا لو لم يكن له وارث(١) .

مسألة ٦٥ : لو كان للحربيّ أمان فترك ماله ونقض الأمان ولحق بدار الحرب ، فإنّ الأمان باقٍ في ماله ، فإن رجع ليأخذ ماله ، جاز سبيه.

وقال بعض الشافعيّة : لا يجوز ، ويكون الأمان ثابتاً ؛ لأنّا لو سبيناه أبطلنا ملكه ، وأسقطنا حكم الأمان في ماله(٢) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ ثبوت الأمان لمالِه لا يثبت له الأمان ، كما لو دخل إلى دار الإسلام بأمان ثم خرج إلى دار الحرب ، فإنّ الأمان باقٍ في المال دونه ، وكما لو أدخل مالَه بأمانٍ وهو في دار الحرب ، فإنّ الأمان لا يثبت له لو دخل دار الإسلام ويثبت لمالِه.

ولو اُسر الحربي الذي لمالِه أمان ، لم يزل الأمان عن ماله.

ثمّ لا يخلو إمّا أن يمنّ عليه الإمام أو يسترقّه أو يفاديه أو يقتله ، فإن قتله ، انتقل إلى وارثه المسلم إن كان ، وإلّا فإلى الحربي وصار فيئاً ، فإن فاداه أو منّ عليه ، ردّ ماله إليه ، وإن استرقّه ، زال ملكه عنه ؛ لأنّ المملوك لا يملك شيئاً وصار فيئاً ، وإن اُعتق بعد ذلك ، لم يردّ إليه ، وكذا لو مات لم يردّ على ورثته ، سواء كانوا مسلمين أو كفّار ؛ لأنّه لم يترك شيئاً.

مسألة ٦٦ : إذا دخل المسلم أرض العدوّ بأمان فسرق شيئاً ، وجب‌

____________________

(١) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٧٦ - ٤٧٧ ، والمهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٦٥ ، وحلية العلماء ٧ : ٧٢٤.

(٢) لم نعثر عليه في المصادر المتوفّرة لدينا.

١٠٩

عليه ردّه على(١) أربابه ؛ لأنّهم أعطوه الأمان بشرط أن يترك خيانتهم وإن لم يكن ذلك مذكوراً صريحاً ، فإنّه معلوم من حيث المعنى.

ولو أسر المشركون مسلماً ثمّ أطلقوه بأمانٍ على أن يقيم في دارهم ويسلمون من خيانته ، حرمت عليه أموالهم بالشرط ، ولا يجوز عليه المـُقام مع القدرة على الهجرة.

ولو لم يؤمّنوه ولكن استرقّوه واستخدموه ، فله الهرب وأخذ ما أمكنه من مالهم ؛ لأنّهم قهروه على نفسه ولم يملكوه بذلك ، فجاز له قهرهم.

ولو أطلقوه على مال ، لم يجب الوفاء به ، لأنّ الحرّ لا قيمة له.

ولو دخل المسلم دار الحرب بأمان فاقترض من حربيّ مالاً وعاد إلينا ودخل صاحب المال بأمانٍ ، كان عليه ردّه إليه ؛ لأنّ مقتضى الأمان الكفّ عن أموالهم.

ولو اقترض حربيّ من حربيّ مالاً ثمّ دخل المقترض إلينا بأمان ، كان عليه ردّه إليه ، لأنّ الأصل وجوب الردّ ، ولا دليل على براءة الذمّة منه.

ولو تزوّج الحربيّ بحربيّة وأمهرها مهراً ، وجب عليه ردّه عليها.

وكذا لو أسلما معاً وترافعا إلينا ، فإنّا نُلزم الزوج المهر إن كان ممّا يصحّ للمسلمين تملّكه ، وإلّا وجب عليه قيمته خاصّة(٢) .

ولو تزوّج الحربيّ بحربيّة ثمّ أسلم الحربيّ خاصّة والمهر في ذمّته ، لم يكن للزوجة مطالبته به ، لأنّها أهل حرب ولا أمان لها على هذا المهر.

وكذا لو ماتت ولها ورثة كفّار ، لم يكن لهم أيضاً المطالبة به ؛ لما مرّ في الزوجة. ولو كان الورثة مسلمين ، كان لهم المطالبة به.

ولو ماتت الحربيّة ثمّ أسلم الزوج بعد موتها ، كان لوارثها المسلم‌

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « إلى » بدل « على ».

(٢) كلمة « خاصّة » لم ترد في « ق ، ك». وعليها في الطبعة الحجريّة علامة نسخة بدل.

١١٠

مطالبة الزوج بالمهر ، وليس للحربيّ(١) مطالبته به. وكذا لو أسلمت قبله ثمّ ماتت ، طالَبَه وارثها المسلم دون الحربيّ.

ولو دخل المسلم أو الحربيّ دار الحرب مستأمناً فخرج بمالٍ من مالهم اشترى به شيئاً ، لم يتعرّض له ، سواء كان مع المسلم أو الذميّ ؛ لأنّه أمانة معهم ، وللحربيّ أمان.

ولو دفع الحربيّ إلى الذمي في دار الإسلام شيئاً وديعةً ، كان في أمانٍ إجماعاً.

مسألة ٦٧ : إذا خلّى المشركون أسيراً مسلماً من أيديهم واستحلفوه على أن يبعث إليهم فداءً عنه ، أو يعود إليهم ، فإن كان كرهاً ، لم يلزمه الوفاء لهم برجوع ولا فدية إجماعاً ؛ لأنّه مكره ، وإن ( لم يكن مكرهاً )(٢) لم يجب الوفاء بالمال - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّه حُرُّ لا يستحقّون بدله ، فلا يجب الوفاء بشرطه.

وقال عطاء والحسن والزهري والنخعي والثوري والأوزاعي وأحمد : يجب الوفاء به ؛ لقوله تعالى :( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ ) (٤) (٥) .

وليس حجّةً ؛ لأنّه ليس على إطلاقه إجماعاً ، بل المعتبر فيه المصلحة الدينيّة.

ولو عجز عن المال ، لم يجز له الرجوع إليهم ، سواء كان رجلاً أو امرأةً.

أمّا المرأة : فأجمعوا على تحريم رجوعها إليهم.

____________________

(١) أي : الوارث الحربيّ.

(٢) بدل ما بين القوسين في « ق ، ك» : لم يكره.

(٣) الوجيز ٢ : ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٦٥ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٤٤ ، حلية العلماء ٧ : ٧٢٣ ، المغني ١٠ : ٥٣٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٦٠.

(٤) النحل : ٩١.

(٥) المغني ١٠ : ٥٣٩ - ٥٤٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٦٠ - ٥٦١.

١١١

وأمّا الرجل : فعندنا كذلك - وبه قال الحسن البصري والنخعي والثوري والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لأنّ الرجوع إليهم معصية ، فلا يلزمه بالشرط ، كما لو كان امرأةً.

وقال الزهري والأوزاعي وأحمد في رواية(٢) : يلزمه الرجوع ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عاهد قريشاً على ردّ مَنْ جاءه مسلماً(٣) (٤) . وهو ممنوع.

مسألة ٦٨ : المستأمن إذا نقض العهد ورجع إلى داره ، فما خلّفه عندنا من وديعة ودَيْنٍ فهو باقٍ في عهدة الأمان إلى أن يموت.

وللشافعي أربعة أوجه : أحدها : أنّه في‌ءٌ. والثاني : أنّه في أمانه إلى أن يموت ، فإن مات فهو في‌ءٌ. والثالث : أنّه في أمانه ، فإن مات فهو لوارثه. الرابع : أنّه في أمانه ؛ لأنّ عقد الأمان للمال مقصود ، وإلّا فينتقض أيضاً تابعاً لنفسه(٥) .

والرقّ كالموت في الرقيق ، فإن قلنا : يبقى أمانه بعد الرقّ ، فلو عتق ردّ عليه ، ولو مات رقيقاً ، فهو في‌ءٌ ؛ إذا لا إرث من الرقيق.

وفيه قول آخر لهم مخرَّجٌ : إنّه لورثته(٦) .

ومهما جعلناه للوارث فله أن يدخل بلادنا لطلبه من غير عقد أمان ، وهذا(٧) العذر يُؤمّنه ، كقصد(٨) السفارة.

____________________

(١) المغني ١٠ : ٥٤٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٦١ ، الوجيز ٢ : ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٦٥ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٧٦ ، حلية العلماء ٧ : ٧٢٣.

(٢) في الطبعة الحجريّة : في إحدى الروايتين.

(٣) سنن البيهقي ٩ : ١٤٤.

(٤) المغني ١٠ : ٥٤٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٦١.

(٥ و ٦) الوجيز ٢ : ١٩٦.

(٧) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : ولهذا. وما أثبتناه هو الصحيح.

(٨) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : لقصد. وما أثبتناه هو الصحيح‌.

١١٢

البحث السابع : في التحكيم.

مسألة ٦٩ : إذا حصر الإمام بلداً ، جاز أن يعقد عليهم أن ينزلوا على حكمه ، فيحكم فيهم بما يراه هو أو بعض أصحابه إجماعاً ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمـّا حاصر بني قريظة رضوا بأن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فأجابهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ذلك(١) .

وهل يجوز للإمام إنزالهم على حكم الله تعالى؟ قال علماؤنا بالمنع - وبه قال محمد بن الحسن(٢) - لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : « إذا حاصرتم حصنا أو مدينة فأرادوكم أن تنزلوهم على حكم الله فلا تنزلوهم ، فإنّكم لا تدرون ما حكم الله تعالى فيهم ، ولكن أنزلوهم على حكمكم ثم اقضوا فيهم ما رأيتم »(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام في وصيّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن ينزلوا على حكم الله فلا تنزلهم ولكن انزلهم على حكمي ثمّ اقض بينهم بعدُ بما شئتم فإنّكم إن أنزلتموهم على حكم الله لم تدروا تصيبوا حكم الله فيهم أم لا »(٤) .

ولأنّ حكم الله تعالى في الرجال : القتل أو المنّ أو المنّ أو الاسترقاق أو المفاداة ، وفي النساء : الاسترقاق أو المنّ ، فيكون مجهولاً ، فكان الإنزال‌

____________________

(١) المغازي - للواقدي - ٢ : ٥١٢ ، صحيح البخاري ٥ : ١٤٣ ، صحيح مسلم ٣ : ١٣٨٨ - ١٣٨٩ / ١٧٦٨ ، المصنّف - لابن أبي شيبة - ١٤ : ٤٢٥ / ١٨٦٧٧ ، مسند أحمد ٣ : ٤٠١ / ١٠٧٨٤ و ٤٨٤ - ١١٢٨٣ و ٧ : ٢٠٤ - ٢٠٥ / ٢٤٥٧٣ ، المغني ١٠ : ٥٣٧.

(٢) المبسوط - للسرخسي - ١٠ : ٧ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٠٧.

(٣) صحيح مسلم ٣ : ١٣٥٨ / ٣ ، سنن أبي داود ٣ : ٣٧ - ٢٦١٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٥٤ / ٢٨٥٨ ، مسند أحمد ٦ : ٤٩٢ / ٢٢٥٢١ نحوه.

(٤) الكافي ٥ : ٢٩ - ٣٠ / ٨ ، التهذيب ٦ : ١٣٩ / ٢٣٢.

١١٣

على حكم الله مجهولاً ، فكان باطلاً.

وقال أبو يوسف : يجوز ذلك ؛ لأنّ حكم الله تعالى معلوم ، لأنّه في حقّ الكفرة : القتل في المقاتلين ، والاسترقاق في ذراريهم ، والاستغنام في أموالهم(١) .

ونحن نقول : حكم الله تعالى معلوم في حقّ قوم ممتنعين ومع الظهور عليهم ، أمّا في حقّ قوم ممتنعين تركوا منعتهم باختيارهم فمجهول.

مسألة ٧٠ : يجوز أن ينزلوا على حكم الإمام أو بعض أصحابه فيحكم فيهم بما يرى بلا خلاف ، فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أجاب بني قريظة لمـّا رضوا بأن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فحكم بقتل الرجال وسبي الذراري ، فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لقد حكم بما حكم الله تعالى به فوق سبعة أرقعة »(٢) .

قال الخليل : الرقيع اسم سماء هذه الدنيا ، ويقال : كلّ واحدة رقيع للاُخرى ، فهي أرقعة(٣) .

مسألة ٧١ : يشترط في الحاكم سبعة : الحُرّيّة والإسلام والبلوغ والعقل والذكوريّة والفقه والعدالة. فالعبد ليس مظنّةً للفراغ في نظر اُمور الناس وكيفيّة القتال وما يتعلّق به من المصالح ؛ لاشتغال وقته بخدمة مولاه. والكافر لا شفقة له في حقّ المسلمين ولا يؤمن عليهم. والصبي جاهل بالاُمور الخفيّة المنوطة بالحرب ، وكذا المجنون. والمرأة قاصرة النظر قليلة المعرفة بمواقع الحروب ومصالحها(٤) . والجاهل قد يحكم بما لا يجوز شرعاً. والفاسق ظالم فيدخل تحت قوله تعالى :( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) (٥) .

____________________

(١) المبسوط - للسرخسي - ١٠ : ٧ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٠٧.

(٢) المغازي - للواقدي - ٢ : ٥١٢ ، المغني ١٠ : ٥٣٨.

(٣) العين ١ : ١٥٧.

(٤) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : مصالحه. والصحيح ما أثبتناه.

(٥) هود : ١١٣.

١١٤

ولا يشترط الفقه بجميع المسائل ، بل بما يتعلّق بالجهاد.

ويجوز أن يكون أعمى - وبه قال الشافعي وأحمد(١) - لأنّ المقصود رأيه دون بصره ، والرأي لا يفتقر إلى البصر.

وقال أبو حنيفة : لا يجوز(٢) ؛ لأنّه لا يصلح للقضاء.

والفرق : احتياج القاضي إلى معرفة المتداعين بالبصر ، مع أنّا نمنع الحكم في الأصل.

وكذا يجوز أن يكون محدوداً في القذف مع التوبة ؛ لاجتماعه الشرائط ، خلافاً لأبي حنيفة(٣) .

ويجوز على حكم أسير معهم مسلم ؛ لارتفاع القهر بالردّ إليه.

وقال أبو حنيفة : لا يجوز(٤) ؛ لأنّه مقهور. وهو ممنوع.

ولو كان المسلم عندهم أو عندنا حَسَن الرأي فيهم ، احتمل الجواز على كراهيّة ؛ لأنّه جامع للصفات ، والمنع ؛ للتهمة.

ولو نزلوا على حكم رجل غير معيّن ويتعيّن باختيارهم ، جاز ، فإن اختاروا مَنْ يجوز حكمه ، قبل ، وإلّا فلا ، وبه قال أبو حنيفة(٥) .

وقال الشافعي : لا يجوز إسناد الاختيار إليهم ، لأنّهم قد يختارون من لا يصلح للتحكيم ، أمّا لو جعلوا اختيار التعيين إلى الإمام ، جاز إجماعا ، لأنّه لا يختار إلاّ من يصلح للتحكيم(٦) .

ويجوز أن يكون الحاكم اثنين إجماعاً ، فإن اتّفقا ، جاز. ولو مات أحدهما ، لم يحكم الآخر إلّا بعد الاتّفاق عليه أو تعيين غيره. ولو اختلفا ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٧٩ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٣٩ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٨٢ ، المغني ١٠ : ٥٣٧ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٦.

(٢ - ٤) الفتاوى الهندية ٢ : ٢٠٢.

(٥) بدائع الصنائع ٧ : ١٠٨.

(٦) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٨٠ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٣٩ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٨٢.

١١٥

لم ينفذ حكم أحدهما إلّا أن يتّفقا.

ويجوز أن يكون الحاكم أكثر من اثنين إجماعاً.

ولو كان أحدهما كافراً ، لم يجز ؛ لأنّ الكافر لا يُركن إليه لا حالة الجمع ولا الانفراد.

ولو مات الحاكم الواحد قبل الحكم ، لم يحكم غيره إلّا أن يتّفقوا على مَنْ يقوم مقامه ، فإن اتّفقوا ، ردّوا إلى مأمنهم.

ولو رضوا بتحكيم فاقد أحد الشرائط ورضي به الجيش ونزلوا على ذلك إلينا ثمّ ظهر عدم صلاحيته ، لم يحكم ، وردّوا إلى مأمنهم ، ويكونون على الحصار كما كانوا.

مسألة ٧٢ : وينفذ ما يحكم به الحاكم(١) ما لم يخالف مشروعاً ، ويشترط أن يكون الحظّ للمسلمين. فإن حكم بقتل الرجال وسبي النساء والذرّيّة وغنيمة المال ، نفذ إجماعاً ، كقضيّة سعد(٢) ، وإن حكم باسترقاق الرجال وسبي النساء والولدان وأخذ الأموال ، جاز أيضاً ، وإن حكم بالمنّ وترك السبي بكلّ حال ، جاز أيضاً إذا رآه حظّاً ؛ لأنّه قد يكون مصلحة للمسلمين ، وكما يجوز للإمام أن يمنّ على الاُسارى مع المصلحة جاز للحاكم.

وإن حكم بعقد الذمّة وأداء الجزية ، جاز ؛ لأنّهم رضوا به ، فينفذ كغيره من الأحكام ، وهو أحد قولي الشافعي(٣) .

وفي الآخر : لا يلزم ؛ لأنّ عقد الذمّة عقد معاوضة ، فلا يثبت إلّا بالتراضي ، ولهذا لا يسوغ للإمام إجبار الأسير على إعطاء الجزية(٤) .

____________________

(١) في « ق » : الحَكَم.

(٢) تقدّمت الإشارة إلى مصادرها في ص ١١٣ ، الهامش (٢)

(٣ و ٤) الوجيز ٢ : ١٩٦ - ١٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٨١ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٤٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٨٣.

١١٦

والفرق : أنّ الأسير لم يرض بفعل الإمام وهؤلاء قد رضوا.

وإن حكم عليهم بالفداء ، جاز كما جاز للإمام.

ولو حكم بالمنّ على الذرّيّة ، قال بعض العامّة : لا يجوز ؛ لأنّ الإمام لا يملك المنّ على الذرّيّة إذا سبوا فكذا الحاكم(١) .

وقال بعضهم : يجوز ؛ لأنّهم لم يتعيّنوا للسبي ، بخلاف من سبي ، فإنّه يصير رقيقاً بنفس السبي(٢) .

وإن حكم على مَنْ أسلم بالاسترقاق ومَنْ أقام على الكفر بالقتل ، جاز. ولو أراد أن يسترقّ بعد ذلك مَنْ أقام على الكفر ، لم يكن له ذلك ؛ لأنّه لم يدخل على هذا الشرط. وإن أراد أن يمنّ عليه ، جاز ؛ لأنّه ليس فيه إبطال شي‌ء شرطهُ ، بل فيه إسقاط ما كان شرطاً من القتل.

ولو حكم بالقتل وأخذ الأموال وسبي الذرّيّة ورأى الإمام أن يمنّ على الرجال أو على بعضهم ، جاز ؛ لأنّ سعداً حكم على بني قريظة بقتل الرجال ، ثمّ إنّ ثابت بن قيس الأنصاري سأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يهب له الزبير ابن باطا اليهودي من بني قريظة ففَعَل(٣) ، بخلاف مال الغنيمة إذا حازه المسلمون ؛ فإنّ ملكهم قد استقرّ عليه.

مسألة ٧٣ : إذا نزلوا على حكم الحاكم فأسلموا قبل حكمه ، عصموا أموالهم ودماءهم وذراريهم من الاستغنام والقتل والسبي ؛ لأنّهم أسلموا وهُمْ أحرار لم يسترقّوا وأموالهم لم تغنم.

ولو أسلموا بعد الحكم عليهم ، فإن حكم بقتل الرجال وسبي الذراري ونهب الأموال ، نفذ الحكم إلّا القتل ؛ فإنّهم لا يُقتلون ؛ لقولهعليه‌السلام :

____________________

(١ - ٣) المغني ١٠ : ٥٣٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٧.

١١٧

« أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلّا الله ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم »(١) .

ولو أراد الإمام استرقاقهم بعد الإسلام ، لم يجز ؛ لأنّهم ما نزلوا على هذا الحكم ، بل وجب القتل بالحكم وسقط بالإسلام.

وقال بعض العامّة : يجوز استرقاقهم كما لو أسلموا بعد الأسر(٢) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الأسير قد ثبت للإمام استرقاقه.

ويكون المال على ما حكم به من الاستغنام ، وتسترقّ الذرّيّة.

وإذا حكم بقتل الرجال وسبي النساء والذرّيّة وأخذ المال ، كان المال غنيمةً ، ويجب فيه الخُمْس ؛ لأنّه اُخذ بالقهر والسيف.

مسألة ٧٤ : لو دخل حربيٌّ إلينا بأمانٍ فقال له الإمام : إن رجعت إلى دار الحرب ، وإلّا حكمت عليك حكم أهل الذمّة ، فأقام سنة ، جاز أن يأخذ منه الجزية.

وإن قال له : اخرج إلى دار الحرب ، فإن أقمت عندنا صيّرت نفسك ذميّاً ، فأقام سنة ، ثمّ قال : أقمت لحاجة ، قُبِل قوله ، ولم يجز أخذ الجزية منه ، بل يردّ إلى مأمنه ، لأصالة براءة الذمّة.

قال الشيخ : وإن قلنا : إنّه يصير ذمّيّاً ، كان قويّاً ؛ لأنّه خالف الإمام(٣) .

ولو حكم الحاكم بالردّ ، لم يجز ؛ لأنّه غير مشروع وقد قلنا : إنّ حكم الحاكم يشترط فيه المشروعيّة.

____________________

(١) المغني ١٠ : ٥٣٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٢ ، ونحوه في صحيح البخاري ٢ : ١٣١ ، وسنن أبي داوُد ٣ : ٤٤ / ٢٦٤٠ ، وسنن النسائي ٥ : ١٤ ، وسنن الدارمي ٢ : ٢١٨.

(٢) المغني ١٠ : ٥٣٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٧.

(٣) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١٦.

١١٨

ولو اتّفقوا على حاكم جامع للشرائط ، جاز أن يحكم إجماعا ، كما تقدّم ، ولا يجب عليه الحكم سواء قبل التحكيم أو لم يقبله ، بل يجوز له أن يخرج نفسه من الحكومة ، لأنّه دخل باختياره ، فجاز أن يخرج باختياره.

ولو حكم الحاكم بغير السائغ ، لم ينفذ ، فإن رجع وحكم بالسائغ ، فالوجه نفوذه ، لأنّ الأوّل لا اعتبار به في نظر الشرع ، فلا يخرجه عن الحكومة ، كما لو وكّله المالك في بيع سلعة بألف فباعها بخمسمائة ثمّ باعها بألف.

وقال أبو حنيفة : لا يجوز حكمه استحساناً(١) .

وينفذ حكم الحاكم على الإمام ، فليس للإمام أن يقضي بما فوقه ، وله أن يقضي بما دونه ، فإنه قضى بغير القتل ، فليس للإمام القتل ، وإن قضى بالقتل ، فهل له الاسترقاق وفيه ذلّ مؤبّد؟ للشافعيّة وجهان(٢) .

وكذا الوجهان لو حكم بقبول الجزية فهل يجبرون وهو عقد مراضاة؟ فإن قلنا : يلزمهم ، فمنعهم كمنع أهل الذمّة الجزية(٣) .

ولو حكم بالإرقاق فأسلم واحد منهم قبل الإرقاق ، ففي جواز إرقاقه للشافعيّة وجهان(٤) .

وكذا الخلاف في كلّ كافر لا يرقّ بنفس الأسر إذا أسلم قبل الإرقاق(٥) .

ولو شرط أن يسلّم إليه مائة نفر فعدّ مائةً ، قتلناه ؛ لأنّه وفّى المائة.

____________________

(١) الفتاوى الهندية ٢ : ٢٠١ - ٢٠٢.

(٢) الوجيز ٢ : ١٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٨١ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٨٣.

(٣) الوجيز ٢ : ١٩٦ - ١٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٨١.

(٤) الوجيز ٢ : ١٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٨٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٨٣.

(٥) الوجيز ٢ : ١٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٨٣ - ٤٨٤.

١١٩

الفصل الرابع

في الغنائم‌

وفيه بابانَ :

الأوّل : في أقسامها.

الغنيمة هي الفائدة المكتسبة سواء اكتسبت برأس مال وشبهه ، كأرباح التجارات والزراعات والصناعات وغيرها ، أو اكتسبت بالقتال والمحاربة ، وقد مضى(١) حكم الأوّل ، والبحث هنا في القسم الثاني.

وأقسامه ثلاثة : ما يُنقل ويُحوّل ، كالأمتعة والأقمشة والدوابّ والنقدين وغيرها ، وما لا يُنقل ولا يُحوّل ، كالأراضي ، وما هو سبي ، كالنساء والأطفال.

البحث الأوّل : فيما يُنقل ويُحوّل.

مسألة ٧٥ : الغنيمة من دار الحرب ما اُخذت بالغلبة والحرب وإيجاف الخيل والركاب.

وأمّا الفي‌ء فهو مشتقّ من « فاء يفي‌ء » إذا رجع ، والمراد به في قوله تعالى :( ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ ) (٢) ما حصل ورجع عليه من غير قتالٍ ولا إيجافٍ بخيل ولا ركاب ، وما هذا حكمه فهو للرسولعليه‌السلام خاصّةً ولمن قام بعده من الأئمّةعليه‌السلام دون غيرهم.

وما يؤخذ بالفزع ، مثل أن ينزل المسلمون على حصنٍ أو قلعةٍ

____________________

(١) مضى في ج ٥ ص ٤٢٠.

(٢) الحشر : ٦.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

قالابن حجر العسقلاني: « روى عن: روح بن عبادة، وأبي هاشم المخزومي، ومحمد بن بكر البرساني، وأبي عامر العقدي، وأبي عاصم، ويعقوب ابن إسحاق الحضرمي، ومحمد بن كثير العبدي. وغيرهم.

روى عنه: الجماعة، وأحمد بن منصور الرمادي، وابن أبي عاصم، وأبو حاتم والبزار، وابن ناجية وآخرون.

قال أبو داود: ليس به بأس، صدوق وقال النسائي: ثقة. وقال مرة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال البزار: ثنا محمد بن معمر وكان من خيار عباد الله، وقال الخطيب: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: مات بعد سنة خمسين ومائتين.

قلت: وقال مسلمة: لا بأس به، وقال ابن عروبة: كبير من أهل الصناعة، ذكره ابن عدي في الزهرة، روى عنه خ أربعة وم ثمانية »(١) .

وقالالذهبي: « ع - محمد بن معمر القيسي البصري البحراني، عن أبي أسامة وروح، وعنه ع والبزار وابن صاعد »(٢) .

وقالالخزرجي: « وثّقه النسائي. وكان صالحاً خيّراً، مات بعد الخمسين ومائتين »(٣) .

(٩)

رواية أبي داود

ستعلم روايته من عبارة الشيخ محمد الكافي الآتية.

___________________

(١). تهذيب التهذيب ٩ / ٤٦٦ - ٤٦٧.

(٢). الكاشف ٣ / ٩٩.

(٣). خلاصة تهذيب تهذيب الكمال ٣٦٠.

١٤١

ترجمته:

هو: سليمان بن الأشعث بن إسحاق السجستاني المتوفى سنة ٢٧٥:

قالالسمعاني: « أحد أئمة الدنيا فقهاً وعلماً وحفظاً ونسكاً وورعاً وإتقاناً، ممّن جمع وصنف وذبّ عن السنن وقمع من خالفها وانتحل ضدّها، توفي بالبصرة في شوال ٢٧٥ »(١) .

وقالابن خلكان: « قال إبراهيم الحربي لما صنف أبو داود كتاب السنن: ألين لأبي داود الحديث كما ألين لداود الحديد »(٢) .

وقالالذهبي: « أبو داود الامام الثبت سيّد الحفّاظ »(٣) .

وقال: « ثبت حجة إمام عامل »(٤) .

وقال: « كان رأساً في الفقه، ذا جلالة وحرمة وصلاح وورع، حتى كان يشبّه بشيخه الامام أحمد بن حنبل »(٥) .

وقالالسبكي: « قال أحمد بن محمد بن ياسين الهروي في تاريخ هراة: أبو داود كان أحد حفاظ الإِسلام لحديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلله وسنده، في أعلى درجة النسك والعفاف والصلاح والورع، من فرسان الحديث.

وقال الحاكم أبو عبد الله: أبو داود إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة.

وقال أبوبكر الخلال: أبو داود الامام المتقدم في زمانه، لم يسبق إلى معرفته بتخريج العلوم وبصره بمواضعه، رجل ورع مقدّم »(٦) .

___________________

(١). الانساب - السجستاني.

(٢). وفيات الأعيان ٢ / ١٣٨.

(٣). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٩١.

(٤). الكاشف ١ / ٣٩٠.

(٥).. العبر ٢ / ٥٤.

(٦). طبقات الشافعية ٢ / ٢٩٥.

١٤٢

(١٠)

رواية الفسوي

رواه بسنده عن سيدنا أبي ذر حيث قال: « حدثنا عبد الله عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل حدّثه عن حنش قال: رأيت أباذر آخذاً بحلقة باب الكعبة وهو يقول: يا أيها الناس أنا أبوذر فمن عرفني؟ ألا وأنا أبوذر الغفاري، لا أحدّثكم إلّا ما سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: سمعته وهو يقول: أيها الناس إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل، وعترتي أهل بيتي، وأحدهما أفضل من الآخر، كتاب الله عز وجل، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، وإن مثلهما كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق »(١) .

ترجمته:

هو: يعقوب بن سفيان بن جوان الفسوي المتوفي سنة ٢٧٧:

قالابن حجر: « يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي، أبو يوسف بن أبي معاوية الفسوي، الحافظ.

روى عنه الترمذي والنسائي وابن خزيمة وابو عوانة الاسفرائني وابن أبي داود وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان ممن جمع وصنف مع الورع والنسك والصلابة في السنة. وقال النسائي: لا بأس به. وقال الحاكم: إمام أهل الحديث بفارس وقال أبو زرعة الدمشقي: قدم علينا رجلان من نبلاء الناس أحدهما أو أرحلهما يعقوب بن سفيان، يعجز أهل العراق أن يروا مثله

___________________

(١). المعرفة والتاريخ ٢ / ٤٢.

١٤٣

رجلاً، وكان يحيى في التاريخ ينتخب منه، وكان نبيلاً جليل القدر »(١) .

وقالالذهبي: « وفيها: الامام يعقوب بن سفيان الفسوي الحافظ، أحد أركان الحديث، وصاحب المشيخة والتاريخ، في وسط السّنة، وله بضع وثمانون سنة، سمع أبا عاصم وعبيد الله بن موسى وطبقتهما فأكثر »(٢) .

وقالابن الأثير في الفسوي: « خرج منها جماعة من العلماء، منهم أبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان الفسوي الفارسي الكبير الامام المشهور، رحل من الشرق إلى الغرب، وسمع أكثر وصنّف، مع الورع والنسك »(٣) .

(١١)

رواية روح بن الفرج

وستعلم روايته من عبارة الدولابي الآتية.

ترجمته:

هو: روح بن الفرج القطان أبو الزنباع المصري المتوفى سنة ٢٨٢:

قالابن حجر العسقلاني: « روى عن: يوسف بن عدي، وعمرو بن خالد الحراني، وسعيد بن عفير، وأبي صالح كاتب الليث عبد الله بن صالح، ويحيى بن بكير، وغيرهم.

وعنه: المحاملي، والطحاوي، وعلي بن محمد المصري، وعبد الله بن إسحاق، وأبو العباس الأصم، والطبراني.

___________________

(١). تهذيب التهذيب ١١ / ٣٨٥.

(٢). العبر ٢ / ٥٨.

(٣). اللباب ٢ / ٤٣٢.

١٤٤

وكان من الثقات.

قال الكندي في الموالي: كان منّ أوثق الناس. وقال ابن قديد: ذاك رجل ثقة رفعه الله بالعلم والصدق، وقال الخطيب: كان ثقة »(١) .

وقالالخزرجي: « روح بن الفرج المصري أبو الزنباع، ثقة »(٢) .

وقالابن حجر: « روح بن الفرج القطان أبو الزنباع: بكسر الزاي وسكون النون بعدها موحدة، المصري، ثقة من الحادية عشرة، مات سنة اثنتين وثمانين [ ومائتين ] وله أربع وثمانون »(٣) .

(١٢)

رواية داود بن سليمان

تعلم روايته من سند رواية العاصمي، صاحب زين الفتى بتفسير سورة هل أتى.

ترجمته:

هو: أبو أحمد داود بن سليمان بن يوسف الغازي القزويني:

قالالرافعي: « داود بن سليمان بن يوسف الغازي، أبو أحمد القزويني، شيخ اشتهر بالرواية عن علي بن موسى الرضا، ويقال: إن علياً كان مستخفياً في داره مدّة مكثه بقزوين. وله نسخة عنه يرويها أهل قزوين عن داود، كإسحاق بن محمد وعلي بن محمد بن مهرويه وغيرهما »(٤) .

___________________

(١). تهذيب التهذيب ٣ / ٢٩٧.

(٢). الخلاصة ١١٨.

(٣). تقريب التهذيب ١ / ٢٥٤.

(٤). التدوين ٣ / ٣.

١٤٥

(١٣)

رواية النسائي

تعلم روايته من سند رواية العاصمي. فراجع.

ترجمته:

هو: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي الشافعي المتوفى سنة ٣٠٣.

قالالذهبي: « النسائي، الحافظ شيخ الاسلام أبو عبد الرحمن القاضي صاحب السنن، برع في هذا الشأن، وتفرّد بالمعرفة والاتقان وعلوّ الإِسناد »(١) .

وقالابن الجوزي : « أبو عبد الرحمن النسائي الامام وكان إماماً في الحديث، ثقة ثبتاً حافظاً فقيهاً »(٢) .

وقالالسيوطي: « أبو عبد الرحمن النسائي القاضي، الحافظ الامام شيخ الاسلام، أحد الأئمة المبرزين والحافظ المتقنين والأعلام المشهورين »(٣) .

وقالالسبكي: « الامام الجليل أحد أئمة الدنيا في الحديث »(٤) .

___________________

(١). تذكرة الحفاظ ٢ / ٢٤٢.

(٢). المنتظم ٦ / ١٣١.

(٣). حسن المحاضرة ١ / ١٤٧.

(٤). طبقات الشافعية ٢ / ٨٤.

١٤٦

(١٤)

رواية الباغندي

تعلم روايته للحديث من عبارة ابن المغازلي المتقدمة في الكتاب.

ترجمته:

هو: محمد بن محمد بن سليمان أبوبكر الأزدي الواسطي المتوفى سنة ٣١٢ أو ٣١٣:

قالالخطيب: « كان كثير الحديث، رحل فيه إلى الأمصار البعيدة وعني به العناية العظيمة، وأخذ عن الحفاظ والأئمة، وسكن بغداد وحدّث بها وكان فهماً حافظاً عارفاً، وبلغني أن عامة ما حدّث به كان يرويه من حفظه ورأيت كافة شيوخنا يحتجون بحديثه ويخرجونه في الصحيح »(١) .

وقالابن الجوزي: « رجل في طلب الحديث إلى الأمصار البعيدة وعني به العناية العظيمة، وأخذ عن الحفاظ والأئمة، وكان حافظاً فهماً »(٢) .

وقالالذهبي: « الباغندي: الحافظ الأوحد محدّث العراق قال محمد ابن أحمد بن زهير: هو ثقة، لو كان بالموصل لخرجتم إليه ولكنه ينطرح عليكم »(٣) .

وقالالسمعاني: « كان حافظاً في الحديث »(٤) .

___________________

(١). تاريخ بغداد ٣ / ٢٠٩ - ٢١٣.

(٢). المنتظم ٦ / ١٩٣.

(٣). تذكرة الحفاظ. وانظر العبر ٢ / ١٥٣.

(٤). الأنساب - الباغندي.

١٤٧

(١٥)

رواية الدولابي

رواه باسناده عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، حيث قال ما نصه: « حدثني روح بن الفرج، قال: حدثنا يحيى بن سليمان أبو سعيد الجعفي قال: ثنا عبد الكريم بن هلال الجعفي، أنه سمع أسلم المكي قال: أخبرني أبو الطفيل عامر بن واثلة قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق »(١) .

ترجمته:

هو: أبو بشر محمد بن أحمد الأنصاري الدولابي المتوفى سنة ٣٢٠:

قالالسمعاني: « روى عنه: أبوبكر محمد بن إبراهيم المقري، وأبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، وأبو محمد الحسن بن رشيق العسكري، وأبو حاتم محمد بن حبان التميمي البستي، وأبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني وغيرهم »(٢) .

وقالابن خلكان: « كان عالماً بالحديث والأخبار والتواريخ وله تصانيف مفيدة في التاريخ ومواليد العلماء ووفياتهم، واعتمد عليه أرباب هذا الفن في النقل، وأخبروا عنه في كتبهم ومصنفاتهم المشهورة، وبالجملة، فقد كان من الأعلام في هذا الشأن ممن يرجع إليه، وكان حسن التأليف »(٣) .

___________________

(١). الكنى والأسماء ١ / ٧٦.

(٢). الأنساب - الدولابي.

(٣). وفيات الأعيان ٣ / ٤٧٤.

١٤٨

(١٦)

رواية أبي القاسم البجلي

تعلم روايته من رواية ابن الأبار.

ترجمته:

هو: الحسن بن محمد بن بشر داود بن يحيى بن سالم أبو القاسم البجلي الكوفي. قدم بغداد وحدّث بها عن أحمد بن موسى بن إسحاق الحمار، وعلي بن الحسين بن عبيد بن كعب، وعبد السلام بن الحسين بن مالك الكوفيين.

روى عنه محمد بن المظفر، والدارقطني، وأبو القاسم بن الثلّاج. وذكر ابن الثلاج أنه نزل باب المحول وسمع منه في سنة ٣٢٢ »(١) .

(١٧)

رواية ابن مهرويه

تعلم روايته من سند رواية العاصمي في زين الفتى.

ترجمته:

هو: أبو الحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني المتوفى سنة ٣٥٥:

___________________

(١). تاريخ بغداد ٧ / ٤١٨.

١٤٩

قالالسمعاني: « وأبو الحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني، حدّث في القرية ببغداد والجبال عن يحيى بن عبدك القزويني وداود بن سليمان الغازي

ذكره أبو الفضل صالح بن محمد أحمد الحافظ في طبقات أهل همدان وقال

كان يأخذ على نسخة علي بن موسى الرضا، وكان شيخاً مسناً ومحلّه الصدق »(١) .

وذكرهالرافعي في تاريخ قزوين، قال: « وذكر أبوبكر الخطيب أنه حدّث ببغداد سنة ٣٢٣ مسند علي بن موسى الرضا عن داود بن سليمان الغازي، وتوفي سنة ٣٣٥ وقد نيف على المائة ولم يكن له ولد ذكر »(٢) .

(١٨)

رواية ميمون بن إسحاق

علم روايته من عبارة الحاكم النيسابوري السّالفة في محلها.

ترجمته:

هو: ميمون بن إسحاق أبو محمد الصواف المتوفي سنة ٣٥١:

قالالخطيب: « ميمون بن إسحاق بن الحسن بن علي بن سليمان بن منصور بن عيسى، أبو محمد الصوّاف مولى محمد بن الحنفية، سمع أحمد بن عبد الجبار العطاردي، والحسن بن الفضل بن السمج البوصرائي، وأحمد بن هارون البرديجي.

حدثنا عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وعلي بن أحمد بن الحمامي المقرئ، وأبو الحسين بن الفضل، وعلي وعبيد الله ابنا أحمد بن محمد الرزاز، وأبو علي بن

___________________

(١). الأنساب - القزويني.

(٢). التدوين في ذكر علماء قزوين ٣ / ٤١٦.

١٥٠

شاذان. وكان صدوقاً »(١) .

(١٩)

رواية المقدسي

ورواه مطهّر بن طاهر المقدسي في تاريخه مرسلاً حيث قال:

« روى أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(٢) .

ترجمته:

هو: مطهر بن طاهر المقدسي المؤرّخ المتوفى سنة ٣٥٥.

قالعمر رضا كالة: « مطهر بن طاهر المقدسي: مؤرخ، من آثاره البدء والتاريخ، في ستة أجزاء»(٣) .

(٢٠)

رواية ابن عدي

قال الذهبي بترجمة « الحسن بن أبي جعفر الجفري »:

« وذكره ابن عدي فأورد له جملة عن أبي الزبير وغيره، فمن ذلك: عمرو بن

___________________

(١). تاريخ بغداد ١٣ / ٢١١.

(٢). البدء والتاريخ ٣ / ٢٢.

(٣). معجم المؤلفين ١٢ / ٢٤٩، وانظر: الاعلام للزركلي ٨ / ١٥٩.

١٥١

سفيان، حدثنا الحسن بن أبي جعفر عن أيوب، عن أبي قلابة عن أنس: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: نحن خير من أبنائنا، وأبناؤنا خير من أبنائهم، وأبناء أبنائنا خير من أبناء أبنائهم.

مسلم بن إبراهيم، حدثنا الحسن بن أبي جعفر، حدثنا ابن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن أبي ذر مرفوعا: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق ومن قاتلنا - وفي لفظ ومن قاتلهم - فكأنّما قاتل مع الدجال

وقال ابن عدي: وهو عندي ممن لا يتعمّد الكذب »(١) .

ترجمته:

وهو: أبو أحمد عبد الله علي بن محمد الجرجاني، المعروف بابن القطان، المتوفى سنة ٣٦٥.

وقالالسمعاني: « كان حافظ عصره، رحل إلى الإِسكندرية وسمرقند ودخل البلاد وأدرك الشيوخ، كان حافظاً متقناً لم يكن في زمانه مثله »(٢) .

وقال الذهبي: « ابن عدي الامام الحافظ الكبير أبو أحمد كان أحمد الأعلام وهو المصنّف في الكلام على الرجال عارفاً بالعلل، قال أبو القاسم ابن عساكر: كان ثقة على لحن فيه. قال حمزة السهمي: سألت الدار قطني أن يصنّف كتاباً في الضعفاء فقال: أليس عندك كتاب ابن عدي؟ فقلت: بلى، قال: فيه كفاية يزاد عليه قال حمزة السهمي: كان حافظاً متقناً لم يكن في زمانه أحد مثله قال الخليلي: كان عديم النظير حفظاً وجلالة.

سألت عبد الله بن محمد الحافظ: أيّهما أحفظ: ابن عدي أو ابن قانع؟ فقال: زر قميص ابن عدي أحفظ من عبد الباقي بن قانع.

___________________

(١). ميزان الاعتدال ٤٨٢١.

(٢). الانساب - الجرجاني.

١٥٢

قال الخليلي: وسمعت أحمد بن أبي مسلم الحافظ يقول: لم أر أحداً مثل أبي أحمد بن عدي وكيف فوقه في الحفظ؟ وكان أحمد قد لقي الطبراني وأبا أحمد الحاكم وقد قال لي: كان حفظ هؤلاء تكلفاً وحفظ ابن عدي طبعاً، زاد معجمه على ألف شيخ »(١) .

وقالابن العماد: « ابن عدي الحافظ الكبير قال ابن قاضي شهبة: هو أحد الأئمة الأعلام وأركان الإِسلام، طاف البلاد في طلب العلم، وسمع الكبار »(٢) .

(٢١)

رواية القطيعي

علم روايته لحديث السفينة من عبارة الحاكم وغيره.

ترجمته:

وهو: أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي المتوفى سنة ٣٦٨.

قال الخطيب: « سمع إبراهيم بن إسحاق وإسحاق بن الحسن الحربيين، وبشر بن موسى، وأبا العباس الكديمي، وأبا مسلم الكجّي، وعبد الله بن أحمد ابن حنبل. وكان كثير الحديث.

روى عن عبد الله بن أحمد المسند والزهد والتاريخ والمسائل وغير ذلك، لم نر أحداً امتنع من الرواية عنه ولا ترك الاحتجاج به »(٣) .

___________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ١٤٣.

(٢). شذرات الذهب ٣ / ٥١.

(٣). تاريخ الخطيب ٤ / ٧٣ - ٧٤ باختصار.

١٥٣

وقالالسمعاني: « والمحدّث المشهور أبوبكر أحمد بن جعفر وكان مكثراً »(١) .

وقالالذهبي: « مسند العراق وكان شيخاً صالحاً »(٢) .

(٢٢)

رواية ابن السقاء

علم روايته لحديث السفينة من عبارة ابن المغازلي.

ترجمته:

هو: عبد الله بن محمد بن السّقاء الواسطي المتوفى سنة ٣٧١ أو سنة ٣٧٣:

قالالذهبي: « ابن السقاء الحافظ الامام محدّث واسط أبو محمد روى عنه: الدارقطني، وأبو الفتح يوسف القواس، وأبو العلاء محمد بن علي القاضي وأبو نعيم الاصفهاني، وآخرون.

قال العلاء: سمعت ابن المظفر والدارقطني يقولان: لم تر مع ابن السقّاء كتاباً وإنما حدّثنا حفظاً. وقال علي بن محمد الطيب الجلّابي في تاريخه: ابن السقّاء من أئمة الواسطيين والحفاظ المتقنين، توفي في جمادى الآخرة سنة ٣٧٣.

قال السلفي: سألت الحافظ خميساً الجوزي عن ابن السقاء فقال: هو من مزينة مضر ولم يكن سقّاءً بل لقب له، من وجوه الواسطيين وذوي الثروة والحفظ، رحل به أبوه فأسمعه من أبي خليفة وأبي يعلى وابن زيدان البجلي والمفضل بن الجندي، وبارك الله في سنّه وعلمه.

___________________

(١). الأنساب - القطيعي.

(٢). العبر - حوادث سنة ٣٦٨.

١٥٤

واتفق أنه أملى حديث الطير(١) فلم نحتمله نفوسهم، فوثبوا به واقاموه وغسلوا موضعه، فمضى ولزم بيته، فكان لا يحدّث أحداً من الواسطيين، فلذا قلّ حديثه عندهم، توفي سنة ٣٧١. حدثني ذلك شيخنا أبو الحسن المغازلي »(٢) .

وقالابن الجوزي: « كان فهماً حافظاً، ورد بغداد فحدّث بها مجالسه كلّها من حفظه بحضرة ابن المظفر والدارقطني، وكانا يقولان: ما رأينا معه كتاباً إنما حدثنا حفظاً، وما أخذنا عليه خطأ في شيء، غير أنه حدّث عن أبي يعلى بحديثٍ في القلب منه شيء(٣) ، قال أبو العلاء الواسطي: فلما عدت إلى واسط أخبرته، فأخرج الحديث وأصله بخط الضبي »(٤) .

وقالابن العماد: « كان حافظاً من كبراء أهل واسط وأولي الحشمة »(٥) .

(٢٣)

رواية الدارقطني

وممّن رواه الحافظ الدارقطني، كما لا يخفى على من راجع بعض الأسانيد،

___________________

(١). وهوقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير، فجاء سيدنا عليعليه‌السلام فأكل معه » وهذا حديث صحيح لا مرية فيه، وممن أخرجه: أحمد والترمذي والنسائي والطبراني والدارقطني وأبو نعيم والحاكم والخطيب وهذا الحديث أيضاً من أحاديث موسوعتنا وسيقدّم إلى الطبع إن شاء الله.

(٢). تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٦٥.

(٣). الظاهر أن المراد من هذا الحديث هو حديث الطير الذي ذكرناه في الهامش المتقدم، وما ذا نفعل بقلب ابن الجوزي الذي طبع الله عليه، فلم يتمكن من قبول أحاديث فضائل أهل البيت عليهم الصلاة والسلام وحاول الطعن فيها، مهما وجد إلى ذلك سبيلاً؟! وقد تقدّم في مجلَّد حديث الثقلين ( قسم السند ) طعنه في حديث الثقلين وقد أخرجه مسلم وغيره.

(٤). المنتظم ٧ / ١٢٣.

(٥).. شذرات الذهب ٣ / ٨١.

١٥٥

كرواية الحافظ ابن الأبار، و قد جاء في ( علله ) ما لفظه:

« وسئل عن حديث حنش بن المعتمر عن أبي ذر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض، ومثلهما مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا.

فقال: يرويه أبو إسحاق السبيعي عن حنش، قال ذلك الأعمش ويونس ابن أبي إسحاق ومفضل بن صالح، وخالفهم إسرائيل فرواه عن أبي إسحاق عن رجل عن حنش، والقول عندي قول إسرائيل »(١) .

ترجمته:

وهو: أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني المتوفى سنة ٣٨٥:

قالابن كثير: « الحافظ الكبير، استاذ هذه الصناعة وقبله بمدة وبعده إلى زماننا هذا، سمع الكثير وجمع وصنّف وألّف وأجاد وأفاد وأحسن النظر والتعليل والانتقاد والاعتقاد، وكان فريد عصره ونسيج وحده وإمام دهره في أسماء الرجال وصناعة التعليل والجرح والتعديل وحسن التصنيف والتأليف قال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري: لم ير الدارقطني مثل نفسه »(٢) .

وقال ابن خلكان: « كان عالماً حافظاً فقيهاً إنفرد بالامامة في علم الحديث في عصره، ولم ينازعه في ذلك أحد من نظرائه »(٣) .

وقالالذهبي: « الحافظ المشهور صاحب التصانيف ذكره الحاكم فقال: صار أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع وإماماً في القرّاء والنحاة وقال الخطيب: كان فريد عصره وقريع دهره ونسيج وحده وإمام وقته وقال القاضي أبو الطيب الطبري: الدارقطني أمير المؤمنين في الحديث»(٤) .

___________________

(١). العلل للدارقطني ٦ / ٢٣٦.

(٢). تاريخ ابن كثير ١١ / ٣١٧.

(٣). وفيات الأعيان ٢ / ٤٥٩.

(٤). العبر - حوادث ٣٨٥.

١٥٦

(٢٤)

رواية محمد بن المظفر البغدادي

علم روايته لحديث السفينة من عبارة ابن المغازلي المتقدمة في الكتاب.

ترجمته:

هو: محمد بن المظفر بن موسى أبو الحسين البغدادي المتوفى سنة ٣٩٧:

قالالذهبي: « الحافظ الامام الثقة أبو الحسين البغدادي محدّث العراق قال الخطيب: كان ابن المظفر فهماً حافظاً صادقاً. وقال البرقاني: كتب الدارقطني عن ابن المظفر ألف حديث »(١) .

وقالالصفدي: « الحافظ البغدادي، رحل إلى الأمصار وبرع في علم الحديث ومعرفة الرجال إتفقوا على فضله وصدقه وثقته »(٢) .

وقالالسيوطي: « الحافظ الامام الثقة »(٣) .

وقالالخطيب: « كان حافظاً فهماً صادقاً مكثراً، أخبرني أحمد بن علي المحتسب، حدثنا محمد بن أبي الفوارس قال: كان محمد بن المظفر ثقة أميناً مأموناً حسن الحفظ، وإنتهى إليه الحديث وحفظه وعلمه وكان قديماً ينتقى على الشيوخ، وكان مقدماً عندهم، قال العتيقي: وكان ثقة مأموناً حسن الحفظ »(٤) .

___________________

(١). تذكرة الحفاظ ٤ / ٩٨٠.

(٢). الوافي بالوفيات ٥ / ٣٤.

(٣). طبقات الحفاظ: ٣٩٠.

(٤). تاريخ بغداد ٣ / ٢٦٢ - ٢٦٤.

١٥٧

(٢٥)

رواية أبي مليل الكوفي

وعلم رواية أبي مليل الكوفي حديث السفينة من عبارة الطبراني في المعجم الصغير المتقدمة سابقاً في الكتاب.

ترجمته:

هو: محمد بن عبد العزيز أبو مليل الكلابي الكوفي.

قالالخطيب: « قدم بغداد وحدّث بها عن أبيه وعن أبي كريب محمد بن العلاء، روى عنه عبد الصمد بن علي الطستي وجعفر الخلدي وأبوبكر الشافعي وعلي بن إبراهيم بن حمّاد القاضي

حدثني علي بن محمد بن نصر قال: سمعت حمزة بن يوسف قال: سألت الدارقطني عن محمد بن عبد العزيز بن محمد بن ربيعة الكلابي أبي مليل الكوفي فقال: ثقة »(١) .

وقالابن ماكولا: « أبو مليل محمد بن عبد العزيز بن محمد بن ربيعة الكلابي، عن أبيه عن الوليد بن عقبة الشيباني ويحيى بن آدم »(٢) .

___________________

(١). تاريخ بغداد ٢ / ٣٥٢ - ٣٥٣.

(٢). الاكمال ٧ / ٢٨٩.

١٥٨

(٢٦)

رواية سجادة البغدادي

علم روايته من عبارة الطبراني في المعجم الصغير السالفة الذكر في محلها من الكتاب.

ترجمته:

هو: الحسين بن أحمد بن منصور أبو عبد الله شيخ الحافظ الطبراني.

قالالخطيب: « حدّث عن إبراهيم الترجماني وعبيد الله بن عمر القواريري وأبي معمّر الهزلي وعبد الله بن داهر الرازي، روى عنه أبو القاسم الطبراني وكان لا بأس به »(١) .

(٢٧)

رواية أبي ذر الهروي

تعلم روايته من سند رواية الحافظ ابن الأبار.

ترجمته:

هو: عبد بن أحمد بن محمد الأنصاري المتوفى سنة ٤٣٤(٢) .

___________________

(١). تاريخ بغداد ٨ / ٣ - ٤.

(٢). تبعنا في الاسم وتاريخ الوفاة الذهبي في تذكرة الحفاظ.

١٥٩

قالالذهبي: « أبوذر الهروي الامام العلامة الحافظ قال الخطيب: كان ثقة ضابطاً ديّناً وقال عبد الغافر في تاريخ نيسابور: كان أبوذر زاهداً ورعاً عالماً سخياً لا يدّخر شيئاً، وصار من كبار مشيخة الحرم، مشاراً إليه في التصوف، خرّج على الصحيحين تخريجاً حسناً، وكان حافظاً كثير الشيوخ »(١) .

وقالابن الجوزي: « كان ثقة ضابطاً فاضلاً »(٢) .

وقالتقي الدين الفاسي: « الحافظ أبوذر الهروي المكي، شيخ الحرم »(٣) .

(٢٨)

رواية الجوهري

ستعلم روايته من عبارة القاضي الأنصاري.

ترجمته:

هو: أبو محمد الحسن بن علي الجوهري المتوفى سنة ٤٥٤:

قالابن الأثير: « بغدادي ثقة مكثر، أصله من شيراز وولد ببغداد، وسمع أبا بكر القطيعي وأبا عمرو بن حيويه وغيرهما.

روى عنه: أبوبكر الخطيب، والقاضي أبوبكر محمد بن عبد الباقي

___________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٠٣.

(٢). المنتظم ٨ / ١١٥.

(٣). العقد الثمين ٥ / ٥٣٩.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347