نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار16%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 347

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 347 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 292760 / تحميل: 6868
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الأنصاري وغيرهما.

ولد في شعبان سنة ٣٦٣ وتوفي في ذي القعدة سنة ٤٥٤ »(١) .

وقالالخطيب بعد أن ذكر شيوخه: « كتبنا عنه وكان ثقة أميناً كثير السماع، وهو شيرازي الأصل »(٢) .

وقالابن الجوزي: « وكان ثقة أميناً »(٣) .

وقالالذهبي: « وأبو محمد الجوهري الحسن بن علي الشيرازي ثم البغدادي المقنعي - لأنه كان يتطيلس ويلفّها من تحت حنكه -: إنتهت إليه علوّ الرواية في الحديث، وأملى مجالس كثيرة، وكان صاحب حديث »(٤) .

(٢٩)

رواية القضاعي

رواه بقوله: « أخبرنا عبد الرحمن بن أبي العبّاس المالكي، أنبأ أحمد بن إبراهيم بن جامع، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا الحسن بن أبي جعفر عن أبي الصهباء، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق.

وبهذا الإِسناد عن الحسن بن أبي جعفر عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومن قاتلنا في آخر الزمان

___________________

(١). اللباب ١ / ٣١٣.

(٢). التاريخ ٧ / ٣٩٣.

(٣). المنتظم ٨ / ١٢٧.

(٤). العبر ٣ / ٢٣١.

١٦١

فكأنما قاتل مع الدجال.

وأناه أبو علي الحسن بن خلف الواسطي، نا أبو حفص عمر بن إبراهيم الكناني المقري، نا أبو محمد عبد الله بن سليمان القاضي، نا محمد بن علي الوراق نا مسلم - هو ابن ابراهيم - بإسناده مثله.

أنا محمد بن الحسين النيسابوري، أنا القاضي أبو طاهر، نا محمد بن عثمان - هو ابن أبي سويد - نا مسلم بن إبراهيم، نا الحسن بن أبي جعفر، عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق »(١) .

ترجمته:

هو: القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي، الفقيه قاضي مصر، المتوفى سنة ٤٥٤.

وثّقه السلفي وغيره. وأثنى عليه مترجموه. أنظر:

١ - طبقات السبكي ٤ / ١٥٠.

٢ - حسن المحاضرة ١ / ٢٢٧.

٣ - العبر ٣ / ٢٣٣.

٤ - وفيات الأعيان ٣ / ٣٤٩.

(٣٠)

رواية أبي غالب النحوي

علم روايته من عبارة ابن المغازلي المتقدمة في محلّها.

___________________

(١). مسند الشهاب ٢ / ٢٧٣ - ٢٧٥.

١٦٢

ترجمته:

هو: أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي المتوفى سنة ٤٦٢:

قالاليافعي: « وفيها توفي الامام اللغوي أبو غالب بن بشران الواسطي الحنفي، ويعرف بابن الخالة »(١) .

وقالالذهبي: « وأبو غالب بن بشران الواسطي صاحب اللغة محمد بن أحمد بن سهل المعدل الحنفي، ويعرف بابن الخالة، وله اثنتان وثمانون سنة، ولم يكن بالعراق أعلم منه باللغة، روى عن أحمد بن عبيد بن بيري وطبقته »(٢) .

وقالابن الجوزي: « وكان عالماً بالأدب وانتهت إليه الرحلة في اللغة »(٣) .

وقالالسيوطي: « قال ياقوت: أحد الأئمة المعروفين، جامع أشتات العلوم، قرن بين الدراية والفهم والرواية وشدّة العناية، صاحب نحو ولغة وحديث وأخبار ودين وصلاح، وإليه كانت الرحلة في زمانه وهو عين وقته وأوانه، وكان مع ذلك ثقة ضابطاً محرّراً حافظاً وكان مكثراً حسن المحاضرة إلّا أنّه لا ينتفع به أحد، وكان معتزلياً »(٤) .

(٣١)

رواية أبي الوليد الباجي

تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.

___________________

(١). مرآة الجنان ٣ / ٨٦.

(٢). العبر ٣ / ٢٥٠.

(٣). المنتظم ٨ / ٢٥٩.

(٤). بغية الوعاة ١ / ٢٦.

١٦٣

ترجمته:

هو: أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعيد القرطبي المتوفى سنة ٤٧٤:

قالالذهبي: « الباجي الحافظ العلامة ذو الفنون، أبو الوليد سليمان بن خلف روى عنه الحافظان أبوبكر الخطيب وأبو عمرو بن عبد البر - وهما أكبر منه - وأبو عبد الله الحميدي وقال أبو علي بن سكرة: ما رأيت مثل أبي الوليد الباجي »(١) .

وقالابن خلكان: « كان من علماء الأندلس وحفّاظها وهو أحد أئمة المسلمين »(٢) .

وقالالقاضي عياض: « كان أبو الوليدرحمه‌الله فقيهاً نظاراً محققاً روايةً محدّثاً يفهم صيغة الحديث ورجاله، متكلماً أصولياً فصيحاً شاعراً مطبوعاً حسن التأليف متقن المعارف سألت عنه شيخنا قاضي قضاة الشرق أبا علي الصدفي الحافظ صاحبه فقال لي: هو أحمد أئمة المسلمين لا يسئل عن مثله، ما رأيت مثله »(٣) .

(٣٢)

رواية أبي العباس العذري

تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.

___________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٧٨.

(٢). وفيات الأعيان ٢ / ٤٠٨.

(٣). ترتيب المدارك ٤ / ٨٠٢.

١٦٤

ترجمته:

هو: أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري المعروف بالدلائي المتوفى سنة ٤٧٨:

قالابن العماد: « كان حافظاً محدثاً متقناً، مات في شعبان وله خمس وثمانون سنة، حج سنة ثمان وأربعمائة مع أبويه فجاوروا ثمانية أعوام وصحب هو أباذر فتخرج به، وروى عن أبي الحسن بن جهضم وطائفة. ومن جلالته أن إمامي الاندلس ابن عبد البر وابن حزم رويا عنه، وله كتاب دلائل النبوة »(١) .

وقالاليافعي: « وفيها: توفي الحافظ المتقن أبو العباس أحمد بن عمر الاندلسي »(٢) .

وقالالذهبي: « كان حافظاً محدّثاً متقناً »(٣) .

وقالمحمد بن محمد مخلوف: « الامام الفقيه المحدث الرواية العالم الجليل القدر الشهير الذكر، سمع من أبي ذر الهروي البخاري مرّات وعنه من لا يعدّ كثرة، منهم ابن عبد البر وروى عنه أبو علي الصدفي صحيح مسلم »(٤) .

(٣٣)

رواية شيرويه الديلمي

رواه في ( الفردوس ) باللفظ الآتي:

___________________

(١). شذرات الذهب ٣ / ٣٥٧.

(٢). مرآة الجنان ٣ / ١٢٢.

(٣). العبر ٣ / ٢٩٠.

(٤). شجرة النور الزكية في طبقات المالكية / ١٢١.

١٦٥

« مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومثل باب حطة في بني إسرائيل »(١) .

ترجمته:

هو: أبو شجاع شيرويه بن شهردار الديلمي الهمداني المتوفى سنة ٥٠٩:

قالاليافعي في حوادث ٥٠٩: « وفيها توفي أبو شجاع الديلمي الهمداني الحافظ صاحب كتاب الفردوس وتاريخ همدان »(٢) .

وقالالسبكي: « شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فنا خسرو، الحافظ أبو شجاع الديلمي مؤرخ همدان ومصنف كتاب الفردوس، ولد سنة خمس وأربعين وأربعمائة مات في تاسع شهر رجب سنة تسع وخمسمائة »(٣) .

وقالالذهبي: « المحدّث الحافظ، مفيد همدان ومصنف تاريخها، ومصنف كتاب الفردوس ...»(٤) .

وقال أيضاً: « وأبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي الهمداني الحافظ، صاحب كتاب الفردوس وتاريخ همدان وغير ذلك وكان صلباً في السنّة »(٥) .

وقالابن العماد: « الهمداني الحافظ ذكره ابن الصلاح فقال: كان محدّثاً واسع الرحلة حسن الخلق والخلق، ذكياً صلباً في السنة قليل الكلام صنّف تصانيف اشتهرت عنه، منها كتاب الفردوس »(٦) .

___________________

(١). فردوس الأخبار ٤ / ٤٢٣.

(٢). مرآة الجنان ٣ / ١٩٨.

(٣). طبقات الشافعية ٧ / ١١١ - ١١٢.

(٤). تذكرة الحفاظ ٤ / ٥٣.

(٥).. العبر ٤ / ١٨ - ١٩.

(٦). شذرات الذهب ٤ / ٢٤.

١٦٦

(٣٤)

رواية أبي علي بن سكرة الصدفي

تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.

ترجمته:

هو: أبو علي حسين بن محمد بن خيرة بن حيون القاضي، المعروف بابن سكرة الصدفي المتوفى سنة ٥١٤:

قالاليافعي: « والحافظ الكبير أبو علي بن سكرة برع في الحديث وفنونه وصنف التصانيف »(١) .

وقالابن فرحون: « إمام عصره في علم الحديث وآخر أئمته في الأندلس، كان حافظا للحديث وأسماء رجاله وعلله، وكان إماماً في الفقه وسمع من خلائق من الأئمة يطول ذكرهم وكان موصوفاً بالعلم والدين والعفّة والصّدق »(٢) .

وقالالذهبي: « وأبو علي بن سكرة الحافظ الكبير برع في الحديث وفنونه وصنف التصانيف »(٣) .

___________________

(١). مرآة الجنان ٣ / ٢١٠.

(٢). الديباج المذهب ١ / ٣٣٠.

(٣). العبر ٤ / ٣٢.

١٦٧

(٣٥)

رواية أحمد بن أبي جمرة

تعلم روايته من سند رواية الحافظ ابن الأبار.

ترجمته:

هو: أبو العباس أحمد بن عبد الملك بن أبي جمرة المرسي، المتوفى سنة ٥٣٣:

قالالذهبي: « أبو العباس أحمد بن عبد الملك بن أبي جمرة المرسي.

روى عن جماعة وانفرد بالإِجازة عن أبي عمرو الداني »(١) .

وانظر:

شذرات الذهب ٤ / ١٠٢.

ومرآة الجنان ٣ / ٢٦١ وغيرهما.

(٣٦)

رواية زاهر بن طاهر

علم روايته من عبارة صدر الدين الحموئي المتقدمة.

ترجمته:

هو: زاهر بن طاهر بن محمد أبو القاسم الشحامي المستملي المتوفى سنة ٥٣٣:

___________________

(١). العبر ٤ / ٩١.

١٦٨

قالابن الجوزي: « رجل في طلب الحديث وعمّر، وكان مكثراً متيقظاً صحيح السماع، وكان يستملي على شيوخ نيسابور، وسمع منه الكثير بإصبهان والري وهمدان والحجاز وبغداد وغيرها، وأجاز لي جميع مسموعاته، وأملى في جامع نيسابور قريباً من ألف مجلس، وكان صبوراً على القراءة عليه، وكان يكرم الغرباء الواردين عليه ويمرضهم ويداويهم ويعيرهم الكتب »(١) .

وقالابن الجزري: « ثقة صحيح السماع، كان مسند نيسابور »(٢) .

وقالالذهبي: « وزاهر بن طاهر أبو القاسم الشحامي النيسابوري المحدّث المستملي الشروطي، مسند خراسان »(٣) .

(٣٧)

رواية القاضي الأنصاري

رواه في ( مشيخته ) حيث قال: « حدثنا الجوهري قال: أخبرنا أبوبكر أحمد ابن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي قال: حدثنا العباس بن إبراهيم القراطيسي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، قال: حدثنا المفضل بن صالح عن أبي إسحاق عن حنش الكناني قال: سمعت أباذررضي‌الله‌عنه يقول - وقد أخذ بباب الكعبة -: من عرفني فأنا من قد عرفني ومن أنكرني فأنا أبوذر سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(٤) .

___________________

(١). المنتظم ١٠ / ٧٩.

(٢). طبقات القراء ١ / ٢٨٨.

(٣). العبر ٤ / ٩١.

(٤). مشيخة القاضي الأنصاري - عن نسخته المخطوطة.

١٦٩

ترجمته:

هو: محمد بن عبد الباقي الأنصاري المتوفى سنة ٥٣٥:

قالالذهبي: « محمد بن عبد الباقي بن محمد القاضي أبوبكر الأنصاري البغدادي الحنبلي البزاز، مسند العراق، ويعرف بقاضي المارستان، حضر أبا إسحاق البرمكي، وسمع من علي بن عيسى الباقلاني وأبي محمد الجوهري وأبي الطيب الطبري وطائفة وتفقه على القاضي أبي يعلى، وبرع في الحساب والهندسة، وشارك في علوم كثيرة، وانتهى إليه علوم الإِسناد في زمانه، توفي في رجب وله ثلاث وتسعون سنة وخمسون أشهر.

قالابن السمعاني: ما رأيت أجمع للفنون منه، نظر في كلّ علم، وسمعته يقول: تبت من كل علم تعلّمته إلّا الحديث وعلمه »(١) .

وقالابن العماد بترجمته: « قال ابن الخشاب: كان مع تفرده بعلم الحساب والفرائض وافتتانه في علوم عديدة، صدوقا ثبتا في الرواية متحريا فيها، وقال ابن ناصر: لم يخلف بعده أن يقوم مقامه في علمه، وقال ابن شافع: ما رأيت ابن الخشاب يعظم أحداً من مشايخه تعظيمه له »(٢) .

وقالابن الجوزي بترجمته: « كان فهماً ثبتاً حجة متقناً في علوم كثيرة، منفرداً في علم الفرائض»(٣) .

___________________

(١). العبر ٤ / ٩٦.

(٢). شذرات الذهب ٤ / ١٠٨.

(٣). المنتظم ١٠ / ٩٢.

١٧٠

(٣٨)

رواية ابن القزاز

تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.

ترجمته:

هو: أبو عمرو الخضر بن عبد الرحمن القيسي المعروف بابن القزاز المتوفى سنة ٥٤٠:

قالابن الأبار: « الخضر بن عبد الرحمن بن سعيد بن علي بن بقي بن غاز ابن إبراهيم القيسي، أبو عمرو المعروف بابن القزاز من أهل المرية، أحد المكثرين عن أبي علي والمتقدمين في أصحابه، وأكثر أيضاً عن أبي علي الغساني، وكان يكتب الشروط، حدّث وأخذ عنه، وكان أهلاً لذلك لعدالته وضبطه وكتب بخطه علماً كثيراً، وتوفي سنة أربعين وخمسمائة »(١) .

(٣٩)

رواية الخوارزمي

رواه: « عن الامام الحافظ الصدر أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمداني باسناده عن الطبراني، حدّثنا علي بن عبد العزيز، حدّثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا الحسن بن أبي جعفر، حدثنا علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن

___________________

(١). المعجم في أصحاب أبي علي الصدفي / ٨٧.

١٧١

المسيب عن أبي ذر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومن قاتلنا في آخر الزمان فكأنما قالت مع(١) الدجال »(٢) .

ترجمته:

هو: الموفق بن أحمد بن محمد الملكي، أبو المؤيد الخوارزمي، المتوفى سنة ٥٦٨:

قالالتقي الفاسي: « الموفق بن أحمد بن محمد المكي أبو مؤيد، العلامة خطيب خوارزم، كان أديباً فصيحاً مفوهاً، خطب بخوارزم دهراً، وأنشأ الخطب، وأقرأ الناس، وتخرّج به جماعة، وتوفي بخوارزم في سنة ٥٧٨. ذكره هكذا الذهبي في تاريخ الاسلام.

... وذكره محيي الدين عبد الباقي الحنفي في طبقات الحنفية وقال: ذكره القفطي في أخبار النحاة »(٣) .

وقالالسيوطي: « الموفق بن أحمد بن سعيد بن إسحاق أبو المؤيد المعروف بأخطب خوارزم، قال الصفدي: كان متمكناً من العربية، غزير العلم، فقيهاً، فاضلاً، أديباً، شاعراً قرأ على الزمخشري، وله خطب وشعر، قال القفطي: وقرأ عليه ناصر المطرزي »(٤) .

___________________

(١). كذا.

(٢). مقتل الحسين ١ / ١٠٤.

(٣). العقد الثمين ٧ / ٣١٠.

(٤). بغية الوعاة ٢ / ٣٠٨.

١٧٢

(٤٠)

رواية أبي العلاء الهمداني

علم روايته لحديث السفينة من عبارة الخوارزمي.

ترجمته:

هو: الحسن بن أحمد أبو العلاء الهمداني المتوفى سنة ٥٦٩:

قالالذهبي: « أبو العلاء الهمداني الحافظ العلامة المقرئ شيخ الإسلام، الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن سهل العطار شيخ همدان، قال أبو سعد السمعاني: حافظ متقن ومقرئ فاضل، حسن السيرة، مرضي الطريقة عزيز النفس، سخي بما يملكه مكرم للغرباء، يعرف القراءات والحديث والأدب معرفة حسنة، سمعت منه.

وقال عبدالقادر الحافظ: شيخنا أبو العلاء أشهر من أن يعرف، بل تعذّر وجود مثله في أعصار كثيرة على ما بلغنا من السّير، أربى على أهل زمانه في كثرة السماعات مع تحصيل أصول ما سمع، وجودة النسخ وإتقان ما كتبه بخطه »(١) .

وقالابن العماد: « الحافظ أبو العلاء العطار الحسن بن أحمد الهمداني المقري الحنبلي الاستاذ، شيخ همدان وقارئها وحافظها، رحل وحمل القراءات والحديث »(٢) .

وقالاليافعي: « الحافظ أبو العلاء العطار الحسن بن أحمد الهمداني المقري، شيخ همدان وقاريها وحافظها برع على حفاظ زمانه في حفظ ما يتعلّق بالحديث من الأنساب والتواريخ والأسماء والكنى والقصص والسّير، وله

___________________

(١). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢٤.

(٢). شذرات الذهب ٤ / ٢٣١.

١٧٣

تصانيف في القراءات والحديث والرقائق في مجلدات كبيرة منها: كتاب زاد المسافر خمسون مجلداً، وكان إماماً في العربية وحفظ في اللغة كتاب الجمهرة قال ابن النجار: هو إمام في علوم القرآن والحديث والأدب والزهد والتمسك بالأثر »(١) .

(٤١)

رواية أبي بكر ابن خير

تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.

ترجمته:

وهو: أبوبكر محمد بن خير بن عمر بن خليفة اللمتوني الإشبيلي المتوفى سنة ٥٧٥.

قالالذهبي: « ابن خير الامام الحافظ شيخ القراء قال الأبار: كان مكثراً إلى الغاية وتصّدر بأشبيلية للإِقراء والإِسماع وحمل الناس عنه كثيراً، وكان مقرئاً مجوداً ومحدّثاً متقناً أديباً نحوياً لغوياً واسع المعرفة رضياً مأموناً »(٢) .

وقالابن العماد: « الحافظ صاحب شريح فاق الأقران في ضبط القراءات وبرع أيضاً في الحديث واشتهر بالاتقان وسعة المعرفة بالعربية، توفي في ربيع الأول عن ثلاث وسبعين سنة، قال ابن ناصر الدين: لم يكن له نظير في الاتقان »(٣) .

وقالابن الجزري: « الحافظ إمام مقرئ كامل بارع »(٤) .

___________________

(١). مرآة الجنان ٣ / ٣٨٩.

(٢). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٦٦.

(٣). شذرات الذهب ٤ / ٢٥٣.

(٤). طبقات القراء ٢ / ١٣٩.

١٧٤

(٤٢)

رواية محمد بن أبي جمرة

تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.

ترجمته:

هو: محمد بن أحمد بن عبد الملك بن موسى بن أبي جمرة المتوفى سنة ٥٩٩:

قالابن الجزري: « محمد بن أحمد بن عبد الملك بن موسى بن أبي جمرة بالجيم والراء، أبوبكر المرسي الأموي مولاهم، إمام كبير فقيه شهير وروى الكثير مع الثقة والعدالة »(١) .

وقالابن العماد: « وفيها - أبوبكر بن أبي جمرة القاضي أحد أئمة المذهب، عرض المدونة على والده وله منه إجازة كما لأبيه إجازة من أبي عمرو الداني، وأجاز له أبو بحر بن العاص وأفتى ستين سنة، وولي قضاء مرسية وشاطبة دفعات، وصنف التصانيف، وكان أسند من بقي بالأندلس، توفي في المحرم »(٢) .

وقالاليافعي: « وفيها توفي القاضي محمد بن أحمد الأموي المرسي المالكي، أحد أئمة المذهب، عرض المدونة على والده، وأجاز له الكبار، وأفتى ستين سنة، وولي قضاء مرسية وشاطبة، وصنف التصانيف »(٣) .

___________________

(١). طبقات القراء ٢ / ٦٩.

(٢). شذرات الذهب ٤ / ٣٤٢.

(٣). مرآة الجنان ٣ / ٤٩٦.

١٧٥

(٤٣)

رواية ابن اليتيم الأندلسي

تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.

ترجمته:

هو: أبو عبد الله محمد بن أحمد الحاكم، ويعرف بابن اليتيم المتوفى سنة ٦٢١:

قالالذهبي: « وابن اليتيم أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الأنصاري الأندرشي خطيب المريّة، رحل في الحديث وسمع من أبي الحسن ابن النعمة وابن هذيل والكبار، وبالاسكندرية من السلفي، وببغداد من شهدة، وبدمشق من الحافظ ابن عساكر، ولد سنة ٥٤٤ وتوفي في ربيع الأول »(١) .

وقالابن حجر: « يعرف بالأندلسي، المسند صدوق إنْ شاء الله، ليس بمتقن ولا يعتمد إلّا على ما رواه من أصل قال أبو عبد الله بن الأبار: كان مكثراً رحّالاً، نسبه بعض شيوخنا إلى الاضطراب، ومع ذلك إستند به الناس وأخذوا عنه »(٢) .

وقالابن الصابوني: « وحدّث عن الحافظين أبي طاهر السلفي وأبي القاسم ابن عساكر الدمشقي »(٣) .

___________________

(١). العبر ٥ / ٨٤ حوادث سنة ٦٢١.

(٢). لسان الميزان ٥ / ٥٠.

(٣). تكملة إكمال الاكمال ٣٣٤.

١٧٦

(٤٤)

رواية ابن خليل الدمشقي

علم روايته لحديث السفينة من عبارة الكنجي السابقة الذكر.

ترجمته:

هو: يوسف بن خليل بن عبد الله أبو الحجاج الدمشقي، المتوفى سنة ٦٤٨:

قالالذهبي: « ابن خليل: الحافظ المفيد الإِمام الرّحال مسند الشام شمس الدين، أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي الآدمي، محدّث حلب، سئل أبو إسحاق الصريفيني عنه فقال: حافظ ثقة عالم بما يقرأ عليه، لا يكاد يفوته اسم الرجل، وسئل الحافظ الضياء عنه فقال: حافظ سمع وحصل الكثير وهو صاحب رحلة وتطواف. قال عمر بن الحاجب الحافظ: هو أحد الرحالين بل أوحدهم فضلاً وأوسعهم رحلة، نقل بخطه المليح ما لا يدخل تحت الحصر، وهو طيّب الأخلاق مرضيّ الطريقة، متقن ثقة حافظ »(١) .

وقالابن العماد: « كان إماماً حافظاً ثقة نبيلاً متقناً واسع الرواية جميل السيرة متسع الرحلة، قال ابن ناصر الدين: كان من الأئمة الحافظ المكثرين الرحالين، بل كان أوحدهم فضلاً وأوسعهم رحلة وكتابة ونقلاً »(٢) .

وقالابن رجب: « استوطن في آخر عمره حلب وتصدّر بجامعها، وصار حافظاً والمشار إليه بعلم الحديث فيها »(٣) .

___________________

(١). تذكرة الحافظ ٤ / ١٤١٠.

(٢). شذرات الذهب ٥ / ٢٤٣.

(٣). ذيل طبقات الحنابلة ٢ / ٢٤٥.

١٧٧

(٤٥)

رواية ابن الأبار

روى حديث الثقلين وحديث السفينة في سياق واحد، بسندٍ له عن سيدنا أبي ذر الغفاري حيث قال: « حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الحاكم - ويعرف بابن اليتيم - في آخرين عن أبي بكر بن خير، أنا أبو عمرو الخضر بن عبد الرحمن، أنا أبو علي الصدفي قراءة عليه وأنا أسمع - في المسجد الجامع عمّره الله بحضرة المرية ذي الحجة سنة خمس وخمسمائة - أنا أبو الوليد الباجي وأبو العباس العذري.

وأنبأنا ابن أبي جمرة عن أبيه قالا: أنا أبوذر، أنا الدارقطني، نا أبو القاسم الحسن بن محمد بن بشر الكوفي الخزاز، في سنة إحدى وعشرين - يعني وثلاثمائة، نا الحسين بن الحبري، نا الحسن بن الحسين العرني، نا علي بن الحسن العبدري، عن محمد بن رستم أبي الصامت الضبي عن زاذان أبي عمر عن أبي ذر:

إنه تعلق بأستار الكعبة وقال: يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب الغفاري، ومن لم يعرفني فأنا أبوذر، أقسمت عليكم بحمد الله وبحق رسوله هل فيكم أحد سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ما أقلّت الغبراء ولا أظلّت الخضراء ذا لهجة أصدق من أبي ذر؟ فقامت طوائف من الناس فقالوا: أللهم إنّا قد سمعناه وهو يذكر ذلك. فقال: والله ما كذبت منذ عرفت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا أكذب حتى ألقى الله تعالى.

وقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنّي تارك فيكم خليفتين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، سبب بيد الله تعالى وسبب بأيديكم، وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهم، فإن إلهي عز وجل قد وعدني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

١٧٨

وسمعتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إن مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك»(١) .

ترجمته:

هو: أبو عبد الله محمد بن عبد الله القضاعي الأندلسي المتوفى سنة ٦٥٨:

قالابن العماد: « وفيها - ابن الأبار الحافظ العلامة أبو عبد الله محمد بن عبد الله القضاعي الأندلسي البلنسي الكاتب الأديب، أحد أئمة الحديث، قرأ القراءات وعني بالأثر، وبرع في البلاغة والنظم والنثر، وكان ذا جلالة ورياسة. قتله صاحب تونس ظلماً في العشرين من المحرّم وله ثلاث وستون سنة »(٢) .

وقالابن شاكر الكتبي: « الحافظ العلامة أبو عبد الله القضاعي البلنسي الكاتب الأديب المعروف بابن الأبّار، ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة، عني بالحديث، وحال في الأندلسي وكتب العالي والنازل، وكان بصيراً بالرجال، عالماً بالتاريخ، إماماً في العربية، فقيهاً مفنناً أخبارياً فصيحاً »(٣) .

وقالالصفدي: « ابن الأبّار الحافظ العلامة سمع من أبيه وأبي عبد الله محمد بن نوح الغافقي وأبي الربيع سليمان بن موسى بن سالم الكلاعي الحافظ، وبه تخرج »(٤) .

(٤٦)

رواية الذهبي

روى حديث السفينة حيث نقل في ترجمة الحسن بن أبي جعفر تعديل ابن

___________________

(١). المعجم في أصحاب القاضي الامام أبي علي الصدفي ٨٧ - ٨٩.

(٢). شذرات الذهب ٥ / ٢٩٥.

(٣). فوات الوفيات ٢ / ٤٥٠.

(٤). الوافي بالوفيات ٣ / ٣٥٥.

١٧٩

عدي إيّاه وروايته للحديث عنه، وقد تقدم نص عبارته في ( ابن عدي ).

ترجمته:

هو: محمد بن أحمد بن عثمان شمس الدين الذهبي المتوفى سنة ٧٤٨:

قالابن تغري بردي: « الشيخ الامام الحافظ المؤرخ، صاحب التصانيف المفيدة، شمس الدين أبو عبد الله، الذهبي الشافعيرحمه‌الله تعالى، أحد الحفاظ المشهورة، سمع الكثير ورحل البلاد وكتب وألّف وصنّف وأرخ وصحح وبرع في الحديث وعلومه، وحصّل الأصول وانتقى، وقرأ القراءات السبع على جماعة من مشايخ القراءات »(١) .

وقالالشوكاني: « الحافظ الكبير المؤرخ، صاحب التصانيف السائرة في الأقطار. قال ابن حجر: كان أكثر أهل عصره تصنيفاً قال البدر النابلسي في مشيخته: كان علامة زمانه في الرجال وأحوالهم، حديد الفهم، ثاقب الذهن، وشهرته تغني عن الإِطناب فيه »(٢) .

وقالالجزري: « الذهبي الحافظ، أُستاذ ثقة كبير، ولد سنة ٦٧٣ وعني بالقراءات من صغره وكتب كثيرة وألّف وجمع وأحسن في تأليف طبقات القراء، وأخّر بأخرى، وكان قد ترك القراءات واشتغل بالحديث وأسماء الرجال فبلغت شيوخه في الحديث وغيره ألفاً. توفي في ذي القعدة سنة ٧٤٨ بدمشق »(٣) .

وقالالصفدي: « الشيخ الامام العلامة الحافظ شمس الدين أبو عبد الله الذهبي، حافظ لا يجارى ولا فظ لا يبارى، أتقن الحديث ورجاله ونظر علله وأحواله وعرف تراجم الناس وأزال الإِبهام في تواريخهم والإلباس »(٤) .

وقالابن حجر: « الحافظ أبو عبد الله شمس الدين الذهبي مهر في فنّ الحديث وجمع فيه المجاميع المفيدة الكثيرة، حتى كان أكثر أهل عصره

___________________

(١). النجوم الزاهرة ١٠ / ١٨٢.

(٢). البدر الطالع ٢ / ١١٠.

(٣). غاية النهاية في طبقات القراء ٢ / ٧١.

(٤). الوافي بالوفيات ٢ / ١٦٣ - ١٦٨.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا كان العشر الأواخر اعتكف في المسجد ، وضُربت له قبّة من شعر ، وشمّر المئزر وطوى فراشه »(١) .

مسألة ١٦٩ : وقد أجمع أهل العلم كافة على أنّه ليس بفرض‌ في ابتداء الشرع ، وإنّما يجب بالنذر وشبهه.

روى العامة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( مَنْ أراد أن يعتكف فليعتكف العشر الأواخر )(٢) علّقه بالإِرادة ، ولو كان واجباً لما كان كذلك.

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا اعتكف يوماً ولم يك اشترط فله أن يخرج ويفسخ اعتكافه ، وإن أقام يومين ولم يك اشترط فليس له أن يخرج ويفسخ اعتكافه حتى تمضي ثلاثة أيام »(٣) .

وقد أجمع المسلمون على استحبابه ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يعتكف في كلّ سنة ويُداوم عليه.

وأفضل أوقاته العشر الأواخر من شهر رمضان.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( اعتكاف عشر في شهر رمضان يعدل حجّتين وعُمرتين )(٤) وداوَمَ على اعتكافها حتى قبضه الله تعالى.

فمَنْ رغب إلى المحافظة على هذه السنّة فينبغي أن يدخل المسجد قبل غروب الشمس يوم العشرين حتى لا يفوته شي‌ء من ليلة الحادي والعشرين ،

____________________

(١) الكافي ٤ : ١٧٥ / ١ ، الفقيه ٢ : ١٢٠ / ٥١٧ ، التهذيب ٤ : ٢٨٧ / ٨٦٩ ، الاستبصار ٢ : ١٣٠ - ١٣١ / ٤٢٦.

(٢) أوردها ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٣ ، وبتفاوت في صحيح مسلم ٢ : ٨٢٥ / ٢١٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ٣١٥.

(٣) الكافي ٤ : ١٧٧ / ٣ ، الفقيه ٢ : ١٢١ / ٥٢٦ ، التهذيب ٤ : ٢٨٩ - ٢٩٠ / ٨٧٩ ، الاستبصار ٢ : ١٢٩ / ٤٢١ ، وفي المصادر عن الإِمام الباقرعليه‌السلام .

(٤) الفقيه ٢ : ١٢٢ / ٥٣١.

٢٤١

ويخرج بعد غروب الشمس ليلة العيد ، وإن بات ليلة العيد فيه إلى أن يصلّي فيه العيد أو يخرج منه إلى المصلّى كان أولى.

المطلب الثاني : في شرائطه‌

مسألة ١٧٠ : إنّما يصح الاعتكاف من مكلّف مسلم‌ ؛ لأنّه عبادة وشرطه الصوم على ما يأتي(١) ، وإنّما يصحّ الصوم بالشرطين.

ويصحّ اعتكاف الصبي المميّز ، كما يصحّ صومه.

وهل هو مشروع أو تأديب؟ إشكال.

ولا يصحّ من المجنون المـُطبق ولا مَنْ يعتوره وقت جنونه ؛ لانتفاء التكليف عنه.

ولا ينعقد من الكافر الأصلي ؛ لفقدان الشرط ، وهو : النيّة المشروطة بالتقرّب.

مسألة ١٧١ : يشترط في الاعتكاف النية‌ ، فلو اعتكف من غير نية ، لم يعتدّ به ؛ لأنّه فعل يقع على وجوه مختلفة ، فلا يختص بأحدها إلّا بواسطة النية التي تخلص بعض الأفعال أو الوجوه والاعتبارات عن بعض.

ولأنّ الاعتكاف عبادة ، فلا يصحّ من دون النية ، لقوله تعالى :( وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٢) ولا معنى للإِخلاص إلّا النية.

ولأنّه عمل وقد قالعليه‌السلام : ( إنّما الأعمال بالنيّات )(٣) .

وتشترط نية الفعل ، والوجه من الوجوب أو الندب ، والتقرّب إلى الله تعالى ، لأنّ الفعل صالح للوجوب والندب والتقرّب واليمين أو منع النفس أو‌

____________________

(١) يأتي في المسألة ١٧٥.

(٢) البيّنة : ٥.

(٣) صحيح البخاري ١ : ٢ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ / ٢٢٠١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٤١٣ / ٤٢٢٧ ، سنن البيهقي ١ : ٢١٥ و ٧ : ٣٤١.

٢٤٢

الغضب ، فلا بدّ من التقرّب والوجه.

وإذا نوى الاعتكاف مدّةً لم تلزمه إجماعاً.

نعم يشترط استمرار النية حكماً ، فلو خرج لقضاء حاجة أو لغيره ، استأنف النية عند الرجوع إن بطل الاعتكاف بالخروج ، وإلّا فلا.

مسألة ١٧٢ : يشترط في الاعتكاف اللبث‌ عند علمائنا أجمع ، وهو قول أهل العلم ؛ لأنّ الاعتكاف في اللغة عبارة عن المقام ، يقال : عكف واعتكف ، أي : أقام.

وللشافعي وجهان : هذا أحدهما ، والثاني : أنّه لا يشترط اللبث ، بل يكفي مجرّد الحضور ، كما يكفي الحضور بعرفة في تحقيق ركن الحج.

ثم فرّع على الوجهين ، فقال : إن اكتفينا بالحضور حصل الاعتكاف بالعبور حتى لو دخل من باب وخرج من باب ونوى ، فقد اعتكف ، وإن اعتبرنا اللبث ، لم يكف ما يكفي في الطمأنينة في أركان الصلاة ، بل لا بدّ وأن يزيد عليه بما يسمّى إقامة وعكوفاً ، ولا يعتبر السكون ، بل يصح اعتكافه قائماً وقاعداً ومتردّداً في أرجاء المسجد(١) .

وهذا القول لا عبرة به عند المحصّلين.

مسألة ١٧٣ : لا يجوز الاعتكاف عند علمائنا أقلّ من ثلاثة أيام بليلتين متواليات‌ ، خلافاً للعامة كافة ؛ فإنّ الشافعي لم يقدّره بحدّ ، بل جوّز اعتكاف ساعة واحدة فأقلّ ، وهو رواية عن أحمد وأبي حنيفة(٢) .

ورواية اُخرى عن أبي حنيفة أنّه لا يجوز أقلّ من يوم واحد ، وهو رواية عن مالك(٣) .

____________________

(١) فتح العزيز ٦ : ٤٨٠.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٩١ ، الوجيز ١ : ١٠٦ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٠ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٤.

(٣) المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٢. =

٢٤٣

وعن مالك رواية اُخرى أنّه لا يكون أقلّ من عشرة أيام(١) .

لنا : ما رواه العامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( لا اعتكاف إلّا بصوم )(٢) والصوم لا يقع في أقلّ من يوم ، فبطل قول الشافعي ومَنْ وافقه.

وأمّا التقدير بالثلاثة : فلأنّ الاعتكاف في اللغة هو اللبث المتطاول وفي الشرع قيّد بالعبادة ، ولا يصدق ذلك بيوم واحد ؛ لأنّ التقدير بيوم لا مُماثل له في الشرع ، والتقدير بعشرة سيأتي إبطاله ، فتتعيّن الثلاثة ، كصوم كفّارة اليمين وكفّارة بدل الهدي وغير ذلك من النظائر.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا يكون الاعتكاف أقلّ من ثلاثة أيام ومن اعتكف صام »(٣) .

واحتجاج الشافعي : بأنّ الاعتكاف لبث ، وهو يصدق في القليل والكثير(٤) . وأبو حنيفة : بأنّ من شرطه الصوم ، وأقلّه يوم(٥) . ومالك : بأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يعتكف العشر الأواخر(٦) ، باطل : بأنّ الاعتكاف في اللغة هو اللبث الطويل ، والأصل بقاء الوضع ، وقد بيّنّا أنّه لا‌

____________________

= الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٩١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨١.

(١) بداية المجتهد ١ : ٣١٤ ، التفريع ١ : ٣١٢ - ٣١٣ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣١.

(٢) أوردها ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٥ ، وفي سنن الدارقطني ٢ : ١٩٩ - ٢٠٠ / ٤ وسنن البيهقي ٤ : ٣١٧ ( بصيام ) بدل ( بصوم ).

(٣) الكافي ٤ : ١٧٧ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٢١ / ٥٢٥ ، التهذيب ٤ : ٢٨٩ / ٨٧٦ ، الاستبصار ٢ : ١٢٨ - ١٢٩ / ٤١٨.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٨٩ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٠.

(٥) المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٢.

(٦) كما في المعتبر للمحقق الحلي : ٣٢٢ ، كما أنّ فيه أيضا التعرض لاحتجاج الشافعي وأبي حنيفة.

٢٤٤

يكون أقلّ من ثلاثة أيام عن أهل البيتعليهم‌السلام . وفعل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا يدلّ على تحديد الأقلّ.

مسألة ١٧٤ : ويشترط في الاعتكاف أن يكون في مكان خاص‌ ، وقد أجمع علماء الأمصار على اشتراط المسجد في الجملة ، لقوله تعالى :( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ ) (١) ولو صحّ الاعتكاف في غير المسجد ، لم يكن للتقييد فائدة ؛ لأنّ الجماع في الاعتكاف مطلقاً حرام.

ولأنّ الاعتكاف لبث هو قربة ، فاختصّ بمكان كالوقوف.

ثم اختلف العلماء بعد ذلك في أنّه هل يشترط مسجد معيّن أم لا؟ فالذي عليه أكثر علمائنا(٢) أنّه يشترط أن يكون في مسجد جمّع فيه نبي أو وصي نبي ، وهي أربعة مساجد : المسجد الحرام ومسجد النبيعليه‌السلام ، جمّع فيهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومسجد الكوفة ومسجد البصرة جمّع فيهما عليعليه‌السلام .

وقد روي في بعض الأخبار بدل « مسجد البصرة » : « مسجد المدائن » رواه الصدوق(٣) .

وقال ابن أبي عقيل منّا : إنّه يصح الاعتكاف في كلّ مسجد.

قال : وأفضل الاعتكاف في المسجد الحرام ومسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومسجد الكوفة ، وسائر الأمصار مساجد الجماعات(٤) . وبه قال الشافعي ومالك(٥) .

____________________

(١) البقرة : ١٨٧.

(٢) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٢٨٩ ، والقاضي ابن البراج في المهذب ١ : ٢٠٤ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٨٦ ، وسلّار في المراسم : ٩٩.

(٣) الفقيه ٢ : ١٢٠ / ٥٢٠.

(٤) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٣٢٣.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٧ ، المجموع ٦ : ٤٨٠ و ٤٨٣ ، فتح العزيز ٦ : ٥٠١ ، بداية =

٢٤٥

وللشافعي قول قديم - كقول الزهري - إنّه يصحّ في كلّ جامع وغير جامع(١) .

وقال المفيدرحمه‌الله : لا يكون الاعتكاف إلّا في المسجد الأعظم ، وقد روي : أنّه لا يكون إلّا في مسجد جمّع فيه نبي أو وصي ، والمساجد التي جمّع فيها نبي أو وصي هي أربعة مساجد(٢) . وعدَّ ما اخترناه.

وقال أبو حنيفة وأحمد : لا يجوز إلّا في مسجد يجمّع فيه(٣) .

وعن حذيفة : أنّه لا يصحّ الاعتكاف إلّا في أحد المساجد الثلاثة : المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد الرسولعليه‌السلام (٤) .

لنا : أنّ الاعتكاف عبادة شرعية ، فيقف على مورد النصّ ، والذي وقع عليه الاتّفاق ما قلناه.

ولأنّ عمر بن يزيد سأل الصادقعليه‌السلام : ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟ فقال : « لا اعتكاف إلّا في مسجد جماعة قد صلّى فيه إمام عدل صلاة جماعة ، ولا بأس أن يعتكف في مسجد الكوفة‌

____________________

= المجتهد ١ : ٣١٣ ، مقدمات ابن رشد : ١٩٠ ، المغني ٣ : ١٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٠.

(١) كذا ، ولكن المنسوب إلى الشافعي في القديم ، والزهري ، هو : اختصاص الاعتكاف بالمسجد الجامع. راجع المهذب للشيرازي ١ : ١٩٧ ، والمجموع ٦ : ٤٨٠ ، وفتح العزيز ٦ : ٥٠١ - ٥٠٢ ، وحلية العلماء ٣ : ٢١٧ ، والمغني ٣ : ١٢٨ ، والشرح الكبير ٣ : ١٣٠.

(٢) المقنعة : ٥٨.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ١١٣ ، الحجة على أهل المدينة ١ : ٤١٥ ، تحفة الفقهاء ١ : ٣٧٢ ، المغني ٣ : ١٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٧ ، المجموع ٦ : ٤٨٣.

(٤) حلية العلماء ٣ : ٢١٧ ، المجموع ٦ : ٤٨٣ ، المغني ٣ : ١٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٠.

٢٤٦

ومسجد المدينة ومسجد مكّة ومسجد البصرة »(١) .

ولأنّ الاعتكاف يتعلّق به أحكام شرعية من أفعال وتروك ، والأصل عدم تعلّقها بالمكلّف إلّا مع ثبوت المقتضي ولم يُوجد.

احتجّ المفيد : بقول أمير المؤمنينعليه‌السلام : « لا أرى الاعتكاف إلّا في المسجد الحرام أو مسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو في مسجد جامع »(٢) .

واحتجّ ابن أبي عقيل : بقوله تعالى( وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ ) (٣) .

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا اعتكاف إلّا بصوم وفي المصر(٤) الذي أنت فيه »(٥) .

واحتجّ أبو حنيفة : بقولهعليه‌السلام : ( كلّ مسجد له إمام ومؤذّن يعتكف فيه )(٦) .

ولأنّه قد يأتي عليه الجمعة ، فإن خرج ، أبطل اعتكافه ، وربما كان واجباً ، وإن لم يخرج ، أبطل جمعته ، فحينئذٍ يجب المسجد الذي يصلّي فيه جمعة.

والجواب : أنّ قول أمير المؤمنينعليه‌السلام : « أو في مسجد جامع » مطلق ، وما قلناه مقيّد ، فيحمل عليه ؛ جمعاً بين الأدلّة.

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٩٠ / ٨٨٢ و ٨٨٣ ، الاستبصار ٢ : ١٢٦ / ٤٠٩ و ٤١٠ ، الكافي ٤ : ١٧٦ ( باب المساجد التي يصلح الاعتكاف فيها ) الحديث ١ ، والفقيه ٢ : ١٢٠ / ٥١٩.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٩١ / ٨٨٥ ، الاستبصار ٢ : ١٢٧ / ٤١٢ ، وراجع المعتبر : ٣٢٣.

(٣) البقرة : ١٨٧.

(٤) في المصدر : وفي مسجد المصر.

(٥) أورده المحقق في المعتبر : ٣٢٣ نقلاً عن جامع البزنطي.

(٦) أورده المحقق في المعتبر : ٣٢٣. وفي سنن الدار قطني ٢ : ٢٠٠ / ٥ بتفاوت. وراجع : بدائع الصنائع ٢ : ١١٣.

٢٤٧

ولا دلالة في الآية ؛ لأنّ اللام قد تقع للعهد.

وقول الصادقعليه‌السلام ، محمول على المسجد الذي هو أحد الأربعة. ولا بدّ من التأويل ؛ لأنّه يقتضي تحريم الاعتكاف إلّا في مصره ، وهو خلاف الإِجماع.

وحجّة أبي حنيفة لنا.

تذنيب : ليس للمرأة الاعتكاف في مسجد بيتها‌ - وهو الذي عزلته وهيّأته للصلاة فيه - لأنّه ليس له حرمة المساجد ، وليس مسجداً حقيقةً ، ولهذا يجوز تبديله وتوسيعه وتضييقه ، فلم يكن مسجداً حقيقةً ، فأشبه سائر المواضع ، وهو الجديد للشافعي ، وبه قال مالك وأحمد(١) .

وقال في القديم : يجوز لها ذلك - وهذا التفريع على رأي مَنْ يعمَم الأماكن. وأبو حنيفة قال بالجواز(٢) أيضاً - لأنّه مكان صلاتها ، كما أنّ المسجد مكان صلاة الرجل(٣) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كُنّ يعتكفن في المسجد(٤) ، ولو جاز اعتكافهنّ في البيوت ، لأشبه أن يلازمنها.

____________________

(١) المجموع ٦ : ٤٨٠ و ٤٨٤ ، الوجيز ١ : ١٠٧ ، فتح العزيز ٦ : ٥٠٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٧ ، مقدمات ابن رشد : ١١٩ ، المغني ٣ : ١٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٢ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٩.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ١١٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٢ ، المجموع ٦ : ٤٨٤ ، فتح العزيز ٦ : ٥٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٨ ، المغني ٣ : ١٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٢ ، مقدمات ابن رشد : ١٩١.

(٣) فتح العزيز ٦ : ٥٠٣ ، المجموع ٦ : ٤٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٧.

(٤) صحيح البخاري ٣ : ٦٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٣١ / ١١٧٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٦٣ / ١٧٧١.

٢٤٨

وعلى الجواز ففي جواز الاعتكاف للرجل وجهان للشافعية ؛ لأنّ(١) تنفّل الرجل في البيت أفضل ، والاعتكاف ملحق بالنوافل(٢) .

وكلّ امرأة يكره لها حضور الجماعات يكره لها الاعتكاف في المساجد.

مسألة ١٧٥ : يشترط في الاعتكاف الصوم عند علمائنا أجمع‌ - وبه قال ابن عمر ، وابن عباس وعائشة والزهري وأبو حنيفة ومالك والليث والأوزاعي والحسن بن صالح بن حي وأحمد في إحدى الروايتين(٣) - لما رواه العامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( لا اعتكاف إلّا بصوم )(٤) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « لا اعتكاف إلّا بصوم »(٥) .

ولأنّه لبث في مكان مخصوص ، فلم يكن بمجرّده قربةً ، كالوقوف بعرفة.

وقال الشافعي : لا يشترط الصوم ، بل يجوز من غير صوم - وبه قال ابن مسعود وسعيد بن المسيّب وعمر بن عبد العزيز والحسن وعطاء وطاوس وإسحاق وأحمد في الرواية الاُخرى - لأنّ عمر سأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنّي نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلةً في المسجد الحرام ، فقال النبي صلّى الله‌

____________________

(١) هذا وجه الجواز.

(٢) فتح العزيز ٦ : ٥٠٣ ، المجموع ٦ : ٤٨٠.

(٣) المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٥ ، المجموع ٦ : ٤٨٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٨ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٠٩ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٥ ، مقدّمات ابن رشد : ١٩١ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣١.

(٤) أوردها ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٥ ، وفي سنن الدار قطني ٢ : ١٩٩ - ٢٠٠ / ٤ ، وسنن البيهقي ٤ : ٣١٧ : ( بصيام ) بدل ( بصوم ).

(٥) الكافي ٤ : ١٧٦ ( باب أنه لا يكون الاعتكاف إلا بصوم ) الأحاديث ١ - ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٨٨ / ٨٧٣.

٢٤٩

عليه وآله : ( أوْف بنذرك )(١) ولو كان الصوم شرطاً لم يصح اعتكاف الليل.

ولقول ابن عباس : ( ليس على معتكف صوم )(٢) .

ولأنّه عبادة تصح في الليل ، فلا يشترط لها الصيام ، كالصلاة(٣) .

والجواب : الليلة قد تطلق مع إرادة النهار معها ، كما يقال : أقَمْنا ليلتين أو ثلاثاً ، والمراد : الليل والنهار

ونمنع صحة الاعتكاف ليلاً خاصة. والفرق بينه وبين الصلاة ظاهر ؛ لأنّه بمجرّده لا يكون عبادةً ، فاشترط فيه الصوم.

وقول ابن عباس لا يكون حجّةً.

مسألة ١٧٦ : لا يشترط صوم معيّن ، بل أيّ صوم اتّفق صحّ الاعتكاف معه ، سواء كان الصوم واجباً أو ندباً ، وسواء كان الاعتكاف واجباً أو ندباً ، فلو نذر اعتكاف ثلاثة أيام مثلاً ، وجب الصوم بالنذر ؛ لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به يكون واجباً.

فلو اعتكف في شهر رمضان ، صحّ اعتكافه ، وكان الصوم واقعاً عن رمضان ، وأجزأ عن صوم اعتكافه الواجب.

وكذا لو نذر صوم شهر ونذر اعتكاف شهر ، وأطلق النذرين ، أو جعل زمانهما واحداً ، صحّ أن يعتكف في شهر صومه المنذور ، وتقع نية الصوم عن النذر المعيّن أو غير المعيّن.

وكذا لو نذر اعتكافاً وأطلق ، فاعتكف في أيّام أراد صومها مستحبّاً ،

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٦٣ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٩٨ - ١٩٩ / ١ و ٢ ، سنن البيهقي ٤ : ٣١٨.

(٢) المستدرك للحاكم ١ : ٤٣٩ بتفاوت يسير عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٨٥ و ٤٨٧ - ٤٨٨ ، الوجيز ١ : ١٠٦ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٤ - ٤٨٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٨ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٥ - ١٢٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٠٩ ، مقدمات ابن رشد : ١٩١ - ١٩٢.

٢٥٠

جاز.

والقائلون بعدم اشتراط الصوم من العامة حكموا باستحبابه ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يعتكف وهو صائم(١) . ولا خلاف فيه ، وجوّزوا اعتكاف بعض يوم أو بعض ليلة(٢) .

ومن اشترطه منهم لم يسوّغوا اعتكاف بعض يوم ولا اعتكاف ليلة منفردة ولا بعضها ؛ لأنّ الصوم المشترط لا يصح في أقلّ من يوم(٣) .

ويحتمل عندهم صحة اعتكاف بعض يوم إذا صام اليوم بأسره ؛ لأنّ الصوم المشروط وُجد في زمن الاعتكاف ، ولا يعتبر وجود المشروط في زمن كلّ زمان الشرط(٤) .

وعلى مذهبنا من اشتراط الصوم لا يصح اعتكاف زمان لا يصح فيه الصوم ، كيومي العيدين وأيام التشريق والمرض المضر والسفر الذي يجب فيه القصر ، خلافاً للشافعي ؛ فإنّه جوّز الاعتكاف في يومي العيدين وأيام التشريق(٥) .

مسألة ١٧٧ : يشترط في صحة اعتكاف الزوجة المندوب : إذن زوجها‌ ، وكذا السيد في حق عبده ؛ لأنّ منافع الاستمتاع والخدمة مملوكة للزوج والسيد ، فلا يجوز صرفهما إلى غيرهما إلّا بإذنهما ، وكذا المدبَّر واُمّ الولد ومن انعتق بعضه إلّا مع المهايأة وإيقاع الاعتكاف في أيام نفسه.

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٨٥ و ٤٨٧ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٦.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٨٩ - ٤٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٠ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٠.

(٣) المغني ٣ : ١٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٦ ، المجموع ٦ : ٤٩١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٤.

(٤) المغني ٣ : ١٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٦.

(٥) الاُم ٢ : ١٠٧ ، المجموع ٦ : ٤٨٥ و ٤٨٩ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٤ ، مختصر المزني : ٦٠.

٢٥١

أمّا المكاتب فإنّه كالعبد إذا كان مشروطاً ، لأنّه لم يخرج عن الرقّ بالكتابة ، فتوابع الرقّ لا حقة به.

وقال الشافعي : يجوز ؛ لأنّ منافعه لا حقّ للمولى فيها(١) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الرقّ لم يزل عنه ، وإطلاق الإِذن منصرف إلى الاكتساب دون غيره.

مسألة ١٧٨ : لو أذن لعبده في الاعتكاف أو لزوجته ، جاز له الرجوع‌ ومنعهما ما لم يجب - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّه فعل مندوب يجوز الرجوع فيه ؛ لأنّ التقدير أنّه لم يجب ؛ لأنّ الشروع غير ملزم عندنا على ما يأتي(٣) ، كما لو اعتكف بنفسه ثم بدا له في الرجوع.

ولأنّ مَنْ مَنَع غيره من الاعتكاف إذا أذن فيه وكان تطوّعاً ، كان له إخراجه منه ، كالسيد مع عبده.

وقال أبو حنيفة : له منع العبد وليس له منع الزوجة - وقال مالك : ليس له منعهما(٤) - لأنّ المرأة تملك بالتمليك ، فإذا أذن لها ، أسقط حقّه عن منافعها ، وأذن لها في استيفائها ، فصار كما لو ملّكها عيناً ، بخلاف العبد الذي لا يملك البتة ، وإنّما يتلف منافعه على ملك السيد ، فإذا أذن له في إتلافها ، صار كالمـُعير(٥) .

____________________

(١) المجموع ٦ : ٤٧٨ ، فتح العزيز ٦ : ٤٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٧.

(٢) المجموع ٦ : ٤٧٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٦ ، المغني ٣ : ١٥١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٧.

(٣) يأتي في المسألة ٢٠٥.

(٤) المدونة الكبرى ١ : ٢٣٠ ، المغني ٣ : ١٥١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٧ ، المجموع ٦ : ٤٧٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٦.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ١٠٩ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٢٥ ، المغني ٣ : ١٥١ - ١٥٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٧ ، المجموع ٦ : ٤٧٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٦.

٢٥٢

قال مالك : إنّ السيّد قد عقد على نفسه تمليك منافع كان يملكها لحقّ الله تعالى ، فلم يكن له الرجوع فيه ، كصلاة الجمعة(١) .

والجواب : أنّ منافع المرأة لزوجها ، ولهذا يجب عليها بذلها ، فإذا أذن لها في إتلافها ، جرى مجرى المـُعير.

والجمعة تجب بالدخول فيها ، بخلاف الاعتكاف.

مسألة ١٧٩ : لا ينعقد نذر المرأة للاعتكاف إلّا بإذن زوجها‌ ، وكذا العبد إلّا بإذن مولاه ، فإذا أذنا فإن كان النذر لأيّام معيّنة ، لم يجز للمولى ولا للزوج المنع ولا الرجوع ، وإن كان لأيّام غير معيّنة ، جاز المنع ما لم يجب بأن يمضي يومان ؛ لأنّه ليس على الفور.

ولو دخلا في المندوب بإذنه ، جاز الرجوع أيضاً.

وقال الشيخرحمه‌الله : يجب عليه الصبر ثلاثة أيّام هي أقلّ الاعتكاف(٢) .

وليس بجيّد ؛ لأنّا لا نوجب المندوب بالشروع.

ولو نذرا نذراً غير معيّن بإذن الزوج والمولى ، لم يجز لهما الدخول فيه إلّا بإذنهما ؛ لأنّ منافعهما حقّ مضيّق يفوت بالتأخير ، بخلاف الاعتكاف.

وإذا أذن لعبده في الاعتكاف فاعتكف ثم أعتق ، وجب عليه إتمام الواجب ، واستحبّ إتمام المندوب.

ولو دخل في الاعتكاف بغير نذر(٣) فاُعتق في الحال ، قال الشيخ رحمه‌

____________________

(١) راجع : المغني ٣ : ١٥٢ ، والشرح الكبير ٣ : ١٢٧.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٩٠ ، وحكاه عنه أيضاً المحقق في المعتبر : ٣٢٢.

(٣) كذا في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق وفي الطبعة الحجرية ، إلّا أنّ سياق العبارة يدلّ على أنّ المراد : الإِذن لا النذر. ويؤكّد ذلك ما أثبتته المصادر المذكورة في الهامش التالي ، فراجع.

٢٥٣

الله : يلزمه(١) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الدخول منهي عنه ، فلا ينعقد به الاعتكاف ، فلا يجب إتمامه.

تذنيب : لا يجوز للأجير أن يعتكف زمان إجارته إلّا بإذن المستأجر‌ ؛ لأنّ منافعه مملوكة له. وكذا ينبغي في الضيف ؛ لافتقار صومه تطوّعاً إلى الإِذن.

المطلب الثالث : في تروك الاعتكاف‌

مسألة ١٨٠ : يحرم على المعتكف الجماع بالنصّ والإِجماع‌.

قال الله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها ) (٢) .

وأجمع العلماء كافّة على تحريم الوطء للمعتكف ، فإن اعتكف وجامع فيه متعمّداً ، فسد اعتكافه إجماعاً ؛ لأنّ الوطء إذا حرم في العبادة أفسدها ، كالحجّ والصوم.

وإن كان ناسياً ، لم يبطل - وبه قال الشافعي(٣) - لقولهعليه‌السلام : ( رُفع عن اُمّتي الخطأ والنسيان )(٤) .

ولأنّها مباشرة لا تُفسد الصوم فلا تُفسد الاعتكاف ، كالمباشرة فيما دون‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٩٠ ، وراجع : أيضاً المعتبر للمحقّق الحلّي : ٣٢٢ ، والمختلف - للمصنّف - : ٢٥٢.

(٢) البقرة : ١٨٧.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ٢٠١ ، المجموع ٦ : ٥٢٤ و ٥٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٥ ، المغني ٣ : ١٣٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٥.

(٤) الفتح الكبير ٢ : ١٣٥ ، كنز العُمّال ٤ : ٢٣٣ / ١٠٣٠٧ نقلاً عن الطبراني في المعجم الكبير.

٢٥٤

الفرج.

وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد : يبطل الاعتكاف ، لأنّ ما حرم في الاعتكاف استوى عمده وسهوه ، كالخروج من المسجد(١) .

ونمنع الأصل. والفرق : أنّ الخروج ترك المأمور به ، وهو مخالف لفعل المحظور فيه ؛ فإنّ مَنْ ترك النية في الصوم لا يصح صومه وإن كان ناسياً ، بخلاف ما لو جامع سهواً.

ولا فرق في التحريم بين الوطء في القُبُل والدُّبُر ، ولا بين الإِنزال وعدمه ، وكما يحرم الوطء نهاراً يحرم ليلاً ؛ لأنّ المقتضي للتحريم الاعتكاف فيهما ، ولا نعلم فيه خلافاً.

ويجوز أن يلامس بغير شهوة بالإِجماع ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يلامس بعض نسائه في الاعتكاف(٢) .

مسألة ١٨١ : القُبْلة حرام يبطل بها الاعتكاف‌ ، وكذا اللمس بشهوة والجماع في غير الفرجين ؛ لقوله تعالى( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ ) (٣) وهو عام في كلّ مباشرة ، وبه قال مالك(٤) .

وقال أبو حنيفة : إن أنزل ، أفسد اعتكافه ، وإن لم ينزل ، لم يفسد‌

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٢٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٣ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٢٢٦ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٦ ، المغني ٣ : ١٣٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٥ ، المجموع ٦ : ٥٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٥.

(٢) كما في المعتبر للمحقّق الحلّي : ٣٢٥ ، وراجع : صحيح البخاري ٣ : ٦٢ ، سنن أبي داود ٢ : ٣٣٢ - ٣٣٣ / ٢٤٦٧ - ٢٤٦٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٦٥ / ١٧٧٨ ، سنن الترمذي ٣ : ١٦٧ / ٨٠٤.

(٣) البقرة : ١٨٧.

(٤) بداية المجتهد ١ : ٣١٦ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٦ ، المجموع ٦ : ٥٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المغني ٣ : ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧.

٢٥٥

- وللشافعي كالقولين(١) - لأنّه لا يفسد الصوم فلا يفسد الاعتكاف ، كما لو كان بغير شهوة(٢) .

والفرق : أنّ هذه المباشرة لم تحرم في الصوم لعينها ، بل إذا خاف الإِنزال ، وأمّا في الاعتكاف فإنّها محرّمة لعينها - كما ذهب إليه أبو حنيفة في وطء الساهي(٣) - فلا يفسد الصوم ويفسد الاعتكاف.

فروع :

أ - لا فرق في تحريم الجماع بين أن يجامع في المسجد أو خارجه ؛ لعموم الآية(٤) .

والتقييد بالفيئية(٥) في المساجد راجع إلى الاعتكاف لا المباشرة.

ب - لا فرق بين جماع وجماع.

وروى المزني عن الشافعي أنّه لا يفسد الاعتكاف من الوطء إلّا ما يوجب الحدّ(٦) .

قال الجويني : قضية هذا أنّه لا يفسد بإتيان البهيمة إذا لم يوجب به الحدّ(٧) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ٢٠١ ، المجموع ٦ : ٥٢٥ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٦ ، المغني ٣ : ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧.

(٢ و ٣ ) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٢٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٣ ، المغني ٣ : ١٤١ - ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧ ، المجموع ٦ : ٥٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٦.

(٤) البقرة : ١٨٧.

(٥) ورد في هامش نسخة « ن » هكذا : أي تقييده تعالى في الآية بقوله :( فِي الْمَساجِدِ ) فالياء في « بالفيئية » ياء النسبة كالياء في « زيدي ».

(٦) مختصر المزني : ٦١ ، المجموع ٦ : ٥٢٤ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢.

(٧) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المجموع ٦ : ٥٢٤ - ٥٢٥.

٢٥٦

ج - قد بيّنّا(١) أنّ القُبْلة بشهوة واللمس كذلك متعمّداً مُفْسدان للاعتكاف‌ - خلافاً(٢) لأحد قولي الشافعي(٣) - لأنّها مباشرة محرّمة في الاعتكاف ، فأشبهت الجماع.

والثاني(٤) : لأنّها مباشرة لا تبطل الحج فلا تبطل الاعتكاف ، كالقبلة بغير شهوة(٥) .

وما موضع القولين؟ للشافعية ثلاث طرق :

أحدها : أنّ القولين فيما إذا أنزل ، فأمّا إذا لم ينزل لم يبطل الاعتكاف بلا خلاف ، كالصوم.

وثانيها : أنّ القولين فيما إذا لم ينزل ، أمّا إذا أنزل بطل اعتكافه بلا خلاف ؛ لخروجه عن أهلية الاعتكاف بالجنابة.

وثالثها - وهو الأظهر عندهم - : طرد القولين في الحالين.

والفرق على أحد القولين فيما إذا لم ينزل بين الاعتكاف والصوم : أنّ هذه الاستمتاعات في الاعتكاف محرّمة لعينها ، وفي الصوم ليست محرّمةً لعينها ، بل لخوف الإِنزال ، ولهذا يترخّص فيها إذا أمن أن لا تُحرّك القُبْلة شهوَته.

فحصل من هذا للشافعي ثلاثة أقوال :

أحدها : أنّها لا تفسد الاعتكاف ، أنزل أو لم ينزل.

____________________

(١) في « ط ، ف » : ثبت. بدل بيّنّا.

(٢) كذا في النسخ المعتمدة في التحقيق وفي الطبعة الحجرية. والصحيح : وفاقاً ؛ لتستقيم العبارة.

(٣) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المجموع ٦ : ٥٢٥.

(٤) أي : القول الثاني للشافعي ، وهو : عدم الإِفساد.

(٥) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المجموع ٦ : ٥٢٥.

٢٥٧

والثاني : تفسده ، أنزل أو لم ينزل ، وبه قال مالك(١) .

والثالث - وبه قال أبو حنيفة(٢) - أنّ ما أنزل منها أفسد الاعتكاف ، وما لا فلا(٣) .

د - الاستمناء باليد حرام مُبْطل للاعتكاف إذا وقع نهاراً قطعاً ؛ لإِفساده الصوم.

وبالجملة استدعاء المني مطلقاً نهاراً وليلاً حرام.

وعند أكثر(٤) الشافعية أنّ الاستمناء باليد مرتّب على ما إذا لمس فأنزل ، إن قلنا : إنّه لا يبطل الاعتكاف فهذا أولى ، وإن قلنا : إنّه يبطله فوجهان.

والفرق : كمال الاستمتاع والالتذاذ ثَمَّ باصطكاك السوأتين(٥) .

ه- يجوز للمعتكف أن يُقبِّل على سبيل الشفقة والإِكرام ، ولا بأس أن يلمس بغير شهوة.

مسألة ١٨٢ : يحرم على المعتكف البيع والشراء‌ - وبه قال مالك وأحمد(٦) - لما رواه العامة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى عن البيع والشراء في المسجد(٧) .

ومن طريق الخاصة : قول الباقرعليه‌السلام : « المعتكف لا يشمّ‌

____________________

(١) بداية المجتهد ١ : ٣١٦ ، المغني ٣ : ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٦.

(٢) الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٢٣ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٦ ، المغني ٣ : ١٤١ - ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٦.

(٣) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المجموع ٦ : ٥٢٥ - ٥٢٦.

(٤) وفي المصادر : عند البغوي والرافعي.

(٥) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ - ٤٨٣ ، المجموع ٦ : ٥٢٦.

(٦) التفريع ١ : ٣١٤ ، المغني ٣ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٩.

(٧) سنن الترمذي ٢ : ١٣٩ / ٣٢٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٧ / ٧٤٩ ، سنن النسائي ٢ : ٤٧ - ٤٨.

٢٥٨

الطيب ، ولا يتلذّذ بالريحان ، ولا يماري ، ولا يشتري ، ولا يبيع »(١) .

ولأنّ الاعتكاف لبث للعبادة ، فينافي ما غايرها.

وللشافعي قولان : أحدهما : الجواز - وبه قال أبو حنيفة(٢) - للأصل ، والثاني: الكراهة(٣) .

والأصل يُعْدَلً عنه ، للدليل ، وقد بيّنّاه.

إذا عرفت هذا ، فلو باع أو اشترى فَعَل مُحرَّماً ، ولم يبطل البيع ؛ للأصل.

وقال الشيخ : يبطل ؛ للنهي(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّه في المعاملات لا يدلّ على الفساد.

وينبغي المنع من كلّ ما يساوي البيع ممّا يقتضي الاشتغال ، كالإِجارة وشبهها.

قال السيد المرتضىرحمه‌الله : تحرم التجارة والبيع والشراء(٥) . والتجارة أعمّ.

ولا بأس بشراء ما يحتاج إليه ، كشراء غذائه ومائه وقميصه الذي يستتر به ويبيع شيئاً يشتري به قوته ؛ للضرورة.

وكذا الأقرب : تحريم الصنائع المـُشْغلة عن العبادة ، كالحياكة والخياطة وأشباهها ، إلّا ما لا بدّ له منه ؛ لأنّه يجري مجرى الاشتغال بلبس‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ١٧٧ - ١٧٨ / ٤ ، التهذيب ٤ : ٢٨٨ / ٨٧٢ ، الاستبصار ٢ : ١٢٩ / ٤٢٠ ، والفقيه ٢ : ١٢١ / ٥٢٧.

(٢) الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٣ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٦ ، المجموع ٦ : ٥٣٥.

(٣) المجموع ٦ : ٥٢٩ و ٥٣٠ و ٥٣٥ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٣ ، المغني ٣ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٩.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٩٥.

(٥) الانتصار : ٧٤.

٢٥٩

قميصه وعمامته.

نعم يجوز له النظر في أمر معاشه وصنعته ، ويتحدّث ما شاء من المباح ، ويأكل الطيّبات.

مسألة ١٨٣ : يحرم على المعتكف المماراة‌ ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « ولا يماري »(١) .

وكذا يحرم عليه الكلام الفحش. ولا بأس بالحديث حالة الاعتكاف بإجماع العلماء ، لما في منعه من الضرر.

ويحرم الصمت ؛ لما تقدّم(٢) من أنّ صوم الصمت حرام في شرعنا.

وقد روى العامّة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال : « حفظت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : لا صُمات يومٍ إلى الليل »(٣) .

ونهى [ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ](٤) عن صوم الصمت(٥) .

فإن نذر الصمت في اعتكافه ، لم ينعقد بالإِجماع.

قال ابن عباس : بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يخطب إذا هو برجل قائم ، فسأل عنه ، فقالوا : أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظلّ ولا يتكلّم ويصوم ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( مره فليتكلّم وليستظلّ ويقعد وليتمّ صومه )(٦) .

ولأنّه نذر في معصية فلا ينعقد. وانضمامه إلى الاعتكاف لا يخرج به عن كونه بدعةً.

____________________

(١) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في الهامش (١) من الصفحة السابقة.

(٢) تقدّم في المسألة ١٤٧.

(٣) سنن أبي داود ٣ : ١١٥ / ٢٨٧٣.

(٤) زيادة من المصدر.

(٥) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ١٤٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٦٠.

(٦) صحيح البخاري ٨ : ١٧٨.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347